الشمائل
المحمدية للترمذي ط إحياء التراث 42- باب ما جاء في
صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم
281- حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عبد الله بن شقيق
قال:
«سألت عائشة رضي الله تعالى عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم
قالت: كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد أفطر قال: وما صام رسول
الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلّا رمضان» «1» .
282- حدثنا عليّ بن حجر. حدثنا إسماعيل بن جعفر «2» عن حميد عن أنس بن مالك
أنه سئل عن صوم النّبي (صلى الله عليه وسلم) . حدثنا شعبة عن يزيد الرشق
قال:
«كان يصوم من الشهر حتى نرى أن «3» لا يريد أن يفطر منه، ويفطر حتى نرى أن
لا يريد أن يصوم منه شيئا. وكنت لا تشاء أن تراه من الليل مصليا إلّا رأيته
مصلّيا ولا نائما إلّا رأيته نائما» «4» .
283- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود. حدثنا شعبة عن أبي بشر قال
سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
«كان النّبي صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول ما يريد أن يفطر منه ويفطر
حتى نقول ما
__________
(1) أخرجه الترمذي برقم 768 وأبو داود برقم 2434 ومسلم والنسائي.
(2) إسماعيل بن جعفر: المدني، الزرقي؛ نسبة لبني زريق بطن من الانصار، ثقة
توفي سنة 180 هـ.
(3) كذا في أكثر النسخ وفي نسخة (انه)
(4) أخرجه الشيخان.
(1/175)
يريد أن يصوم منه، وما صام شهرا كاملا مذ
قدم المدينة إلّا رمضان» «1» .
284- حدثنا محمد بن بشّار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن
سالم بن أبي الجعد «2» عن أبي سلمة عن أمّ سلمة قالت:
«ما رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان
ورمضان» «3» .
قال أبو عيسى هذا اسناد صحيح وهكذا قال عن أبي سلمة عن أم سلمة وروى هذا
الحديث غير واحد عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النّبي صلى
الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون أبو سلمة بن عبد الرحمن قد روى هذا الحديث
عن عائشة وأم سلمة جميعا عن النّبي صلى الله عليه وسلم.
285- حدثنا هناد. حدثنا عبدة عن محمد بن عمرو. حدثنا أبو سلمة عن عائشة
قالت:
«لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر أكثر من صيامه لله في
شعبان، كان يصوم شعبان إلّا قليلا بل كان يصومه كلّه» «4» .
286- حدثنا القاسم بن دينار/ الكوفي. حدثنا عبيد بن موسى وطلق بن غنّام «5»
عن شيبان عن عاصم عن زر بن حبيش «6» عن عبد الله «7» قال:
__________
(1) أخرجه مسلم.
(2) سالم بن أبي الجعد: هو رافع الفطاني الأشجعي مولاهم، الكوفي، ثقة،
مرسل، خرج له الستة.
(3) أخرجه الترمذي. برقم 736 وأبو داود برقم 2336 والنسائي.
(4) الترمذي في الصوم برقم 737.
(5) طلق بن غنام: الكوفي، ثقة. توفي سنة 211 هـ. خرج له البخاري والأربعة.
(6) زر بن حبيش: أبو مريم الأسدي، أدرك الجاهلية، عاش 120 سنة، توفي سنة 82
هـ. خرج له الجماعة.
(7) عبد الله هو ابن مسعود لأنه هو المراد عند إطلاق اسم «عبد الله» .
(1/176)
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من
غرّة «1» كل شهر ثلاثة أيام، وقلّما كان يفطر يوم الجمعة» «2» .
287- حدثنا أبو حفص/ عمر بن علي. حدثنا عبد الله بن داود «3» عن ثور بن
يزيد عن خالد بن معدان عن ربيعة الجرشي «4» عن عائشة قالت:
«كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتحرّى صوم الاثنين والخميس» «5» .
288- حدّثنا محمد بن يحيى. حدّثنا أبو عاصم عن محمد بن رفاعة «6» عن سهيل
بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة:
«أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس
فأحبّ أن يعرض عملي وأنا صائم» «7» .
289- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو أحمد ومعاوية بن هشام. قالا:
حدثنا سفيان عن منصور عن خيثمة «8» عن عائشة قالت:
«كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصوم من الشّهر السّبت والأحد والاثنين
ومن الشّهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس» «9» .
__________
(1) الغرة: أول الشهر.
(2) الترمذي برقم 742 وأبو داود برقم 4250 والنسائي واحمد.
(3) عبد الله بن داود: الواسطي، قال البخاري: فيه نظر، قال عصام: تفرد
المصنف بالرواية عنه. وليس كما زعم.
(4) ربيعة الجرشي: اختلف في صحبته، ثقة، خرج له الأربعة.
(5) أخرجه الترمذي برقم 745 وابن ماجه برقم 739 والنسائي.
(6) محمد بن رفاعة: القرظي، ذكره ابن حبان في الثقات، من الطبقة السابعة،
خرج له الستة.
(7) أخرجه الترمذي برقم 747.
(8) خيثمة: بن عبد الرحمن الكوفي، ثقة، خرج له الجماعة.
(9) أخرجه أحمد وأخرج ابن ماجه نحوه، وانظر ما كتب على هذا الحديث في سنن
الترمذي 3/ 94.
(1/177)
290- حدثنا أبو مصعب المديني «1» مالك بن
أنس عن أبي النّضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت:
«ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر أكثر من صيامه في شعبان»
«2» .
291- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود. حدثنا شعبة عن يزيد الرشك قال:
«سمعت معاذة قال: قلت لعائشة: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم
ثلاثة أيام من كلّ شهر قالت: نعم قلت: من أيّه كان يصوم قالت: كان لا يبالي
من أيّه صام»
قال أبو عيسى: يزيد الرشك هو يزيد الضبعي البصري وهو ثقة روى عنه شعبة وعبد
الوارث بن سعيد وحماد بن يزيد اسماعيل بن إبراهيم وغير واحد من الأئمة وهو
يزيد القاسم ويقال القسام. والرشك بلغة أهل البصرة هو القسّام.
292- حدثنا هارون بن إسحاق الهمذاني. حدثنا عبدة بن سليمان «3» عن هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
«كان عاشوراء «4» يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله
عليه وسلم
__________
(1) أبو مصعب المديني: وفي نسخة المدني، هو عبد السلام بن حفص، وثقه ابن
معين، من الطبقة السابعة. خرج له أبو داود والنسائي.
(2) وأخرجه الترمذي برقم 737 وقال الترمذي في سننه قال ابن المبارك في هذا
الحديث: هو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر ان يقال له صام الشهر
كله. وفي نيل الأوطار 4/ 345 أخرجه الشيخان أيضا.
(3) عبدة بن سليمان: أبو محمد الكلابي المقرىء، قال أحمد ثقة وزيادة مع
صلاحه وشدة فقره توفي سنة 188 هـ.
(4) عاشوراء: هو اليوم العاشر من المحرم. وليس في كلامهم فاعولاء بالمد
غيره وألحق به تاسوعاء.
(1/178)
يصومه، فلمّا قدم المدينة صامه «1» وأمر
بصيامه، فلمّا افترض رمضان «2» كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء فمن شاء
صامه ومن شاء تركه» «3» .
293- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن منصور
عن ابراهيم عن علقمة قال:
«سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصّ من
الأيام شيئا؟
قالت: كان عمله ديمة «4» ، وأيكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يطيق» «5» .
294- حدثنا هارون بن إسحاق. حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة
قالت:
«دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة «6» ، فقال: من هذه؟
قلت فلانة لا تنام الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم من
الأعمال ما تطيقون فو الله لا يملّ الله حتى تملّوا وكان أحبّ ذلك إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم الذي يدوم عليه صاحبه» «7» .
295- حدثنا أبو هشام/ محمد بن يزيد الرّفاعي. حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن
أبي صالح قال:
__________
(1) أخرجه الشيخان عن ابن عباس انه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجد
اليهود تصوم عاشوراء فسألهم عن ذلك فقالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وأغرق
فيه فرعون وقومه فصامه شكرا فنحن نصومه فقال صلى الله عليه وسلم نحن أحق
بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه.
(2) كان فرض رمضان في السنة الثانية للهجرة.
(3) أخرجه الترمذي برقم 753 والبخاري ومسلم.
(4) ديمة: أي دائما.
(5) وعند الترمذي في الادب برقم 2860 عن عائشة «كان أحب العمل إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما ديم عليه» .
(6) اسم هذه المرأة الحولاء بنت تويت بن حبيب من رهط خديجة.
(7) أشار اليه الترمذي في سننه في آخر حديث 2860.
(1/179)
«سألت عائشة وأمّ سلمة أيّ العمل كان أحبّ
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالتا:
ماديم عليه وان قلّ» «1» .
296- حدثنا محمد بن اسماعيل «2» . حدثنا عبد الله بن صالح «3» . حدثني
معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس أنه سمع عاصم بن حميد قال «4» : سمعت عوف بن
مالك «5» يقول:
«كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة «6» فاستاك ثمّ توضأ ثمّ قام
يصلّي فقمت معه، فبدأ فاستفتح البقرة فلا يمرّ بآية رحمة إلّا وقف فسأل ولا
يمرّ بآية عذاب إلّا وقف فتعوذ ثمّ ركع فمكث راكعا بقدر قيامه ويقول في
ركوعه سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة؛ ثم سجد بقدر ركوعه
ويقول في سجوده سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم قرأ آل
عمران ثم سورة سورة يفعل مثل ذلك» «7» .
__________
(1) أخرجه الترمذي في الادب برقم 2860
(2) هو البخاري صاحب الصحيح.
(3) عبد الله بن صالح: بن محمد بن مسلم، أبو صالح المصري، كاتب الليث ثقة
مكثر حسن الحديث، كذبه ابن جزرة. توفي سنة 223 هـ. خرج له البخاري في
التعليق وأبو داود.
(4) عاصم بن حميد: السكوني الحمصي، صدوق مخضرم، من الطبقة الثانية خرج له
ابو داود والنسائي.
(5) صحابي جليل من مسلمة الفتح. سكن دمشق.
(6) أي ليلة عظيمة كأنها ليلة القدر.
(7) أخرجه أبو داود في الصلاة والنسائي فيه.
(1/180)
43- باب ما جاء في
قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم
297- حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا الليث عن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك «1»
أنه:
«سأل أمّ سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت «2»
قراءة مفسّرة حرفا حرفا» «3» .
298- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا وهب بن جرير بن حازم. حدثنا أبي عن قتادة
قال:
«قلت لأنس بن مالك: كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال
مدّا» «4» .
299- حدثنا علي بن حجر. حدثنا يحيى بن سعيد الأموي «5» عن ابن جريج عن ابن
أبي مليكة عن أم سلمة قالت:
«كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقطّع «6» قراءته يقول: الحمد لله رب
العالمين ثم يقف ثم
__________
(1) يعلى بن مملك: روى عن أم الدرداء وأم سلمة، وقد وثق.
(2) تنعت: أي تصف، ومفسره/ بسين مشددة مفتوحة. من الفسر وهو البيان، أي
واضحة مرتلة مبينة. ومعنى حرفا: أي كلمة كلمة.
(3) الترمذي في ثواب القرآن برقم 2924 والنسائي وأبو داود برقم 1466.
(4) أخرجه البخاري في كتاب فضائل القرآن في باب الترتيل في القراءة وأبو
داود برقم 1465 والنسائي وابن ماجه في الصلاة. ومعنى (مدا) أي يمد الحرف
الذي يستحق المد/ أنظر القسطلاني على البخاري 7/ 535.
(5) يحيى بن سعيد الأموي: ثقة من الطبقة الثالثة خرج له البخاري في الادب
ومسلم.
(6) من التقطيع وهو جعل الشيء قطعا قطعا أي يقف على رؤوس الآي.
(1/181)
يقول الرحمن الرحيم ثم يقف وكان يقرأ مالك
«1» يوم الدين» «2» .
300- حدثنا قتيبة. حدثنا اللّيث عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس
قال:
«سألت عائشة رضي الله عنها عن قراءة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أكان يسرّ
بالقراءة أم يجهر قالت: كلّ ذلك قد كان يفعل، قد كان ربّما أسرّ وربّما
جهر. فقلت:
الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة» «3» .
301- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا وكيع. حدثنا مسعر عن أبي العلاء العبدي
«4» عن يحيى بن جعدة عن أم هانىء قالت:
«كنت أسمع قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم وأنا على عريشي» «5» .
302- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود. حدثنا شعبة، عن معاوية بن قرّة
قال سمعت عبد الله بن مغفّل يقول:
«رأيت النبيّ صلى الله عليه وسلم على ناقته يوم الفتح «6» وهو يقرأ إِنَّا
فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً «7» لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ
مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ قال «8» فقرأ ورجّع «9» قال «10» وقال
__________
(1) (مالك) بالألف، وقد أخرجه الترمذي في سننه في كتاب القراءات بلا ألف.
(2) أخرجه الترمذي برقم 2928 وأبو داود في الصلاة برقم 1466 وأخرجه أيضا
أبو داود في القراءات برقم 4001 والنسائي في الصلاة.
(3) أخرجه الترمذي في ثواب القرآن برقم 2925 وأبي داود في الصلاة برقم 1435
والبخاري والنسائي وابن ماجه ومسلم.
(4) أبو العلاء العبدي: هلال بن الخباب، صدوق، تغير آخرا، من الطبقة
الخامسة.
(5) أخرجه النسائي في الصلاة وابن ماجه فيه. وكان ذلك في مكة قبل الهجرة
وذلك في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل عند الكعبة، ومعنى قولها
وأنا على عريشي أي على سريري.
(6) أي فتح مكة.
(7) هذا الفتح هو فتح مكة، أو فتح خيبر، والأكثرون على أنه صلح الحديبية.
(8) أي قال عبد الله بن مغفل.
(9) رجع: بتشديد الجيم المفتوحة أي رد صوته بالقراءة، وقال بعض الشراح أراد
بالترجيع تحسين التلاوة.
(10) قال: أي شعبة لانه الراوي عن شعبة.
(1/182)
معاوية بن قرّة لولا أن يجتمع الناس عليّ
لأخذت لكم في ذلك الصوت أو قال اللحن «1» » «2» .
303- حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا نوح بن قيس «3» الحدّاني عن حسام ابن مصكّ
«4» عن قتادة «5» قال:
«ما بعث الله نبيا إلّا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيّكم صلى الله عليه
وسلم حسن الوجه حسن الصوت وكان لا يرجّع «6» » «7» .
304- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن. حدثنا يحيى بن حسان. حدثنا عبد الرحمن
بن أبي الزّناد. عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال:
«كانت قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم ربّما يسمعها من في الحجرة وهو في
البيت» «8» .
__________
(1) اللحن: بفتح اللام وسكون الحاء واحد اللحون، وهو التطريب والترجيع
وتحسين القراءة.
(2) أخرجه أبو داود في الصلاة برقم 1467 والبخاري في المغازي والتفسير وفي
فضائل القرآن التوحيد ومسلم في الصلاة وأبو داود فيه.
(3) نوح بن قيس الحداني: نسبة إلى (حدان) قبيلة من الازد، أبو روح البصري،
قال الذهبي: حسن الحديث وقد وثق. توفي سنة 83 هـ. خرج له مسلم والأربعة.
(4) حسام بن مصك: الأسدي، أبو سهل البصري، ضعيف متروك من الطبقة السابعة.
خرج له المصنف.
(5) قتادة: تابعي من أصحاب الحسن البصري ثقة ثبت ورد ذكره في الحديث رقم
26.
(6) أي لا يرجع ترجيع الغناء أو لا يرجع في بعض الاحيان. جمعا بين
الاحاديث.
(7) هذا الحديث مرسل لأنه من رواية التابعي الذي لم يذكر فيه الصحابي.
(8) أخرجه أبو داود في الصلاة باب رفع الصوت بالقراءة حديث رقم 1327 وهذا
الحديث يدل على توسطه (صلى الله عليه وسلم) في القراءة.
(1/183)
44- باب ما جاء في
بكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
305- حدثنا سويد بن نصر. حدثنا عبد الله بن المبارك عن حماد بن سلمة عن
ثابت عن مطرّف «1» وهو ابن الشّخّير عن أبيه «2» قال:
«أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل
«3» من البكاء» «4» .
306- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا معاوية بن هشام. حدثنا سفيان عن الأعمش
عن إبراهيم عن عبيد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:
«قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إقرأ عليّ. فقلت: يا رسول الله
أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحبّ أن أسمعه عن غيري «5» فقرأت سورة
النّساء حتى بلغت وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً «6» قال: فرأيت عيني
رسول الله تهملان» «7» .
__________
(1) مطرف: المصري، ثقة عابد، من الطبقة الثانية. خرج له الجماعة. وأبوه:
عبد الله بن عوف ابن كعب العامري البصري، صحابي من مسلمة الفتح. خرج له
الجماعة الا البخاري.
(2) وهو عبد الله بن الشخير صحابي أدرك الجاهلية والاسلام وهو من مسلمة
الفتح.
(3) أي غليان كغليان القدر. وهذا دليل على كمال خوفه (صلى الله عليه وسلم)
من ربه ومعلوم ان العمل على قدر العلم والمعرفة وهو (صلى الله عليه وسلم)
سيد العارفين بالله وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : «إني لأعلمكم بالله
وأشدكم له خشية» . وقال «إني لأخشاكم لله وأتقاكم لله» وقال «إني لأستغفر
الله في اليوم مائة مرة» .
(4) أخرجه أبو داود في الصلاة.
(5) يحتمل أن يكون هذا تشريعا لطريق العرض على الشيخ، عكس ما وقع لأبي حيث
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) «أمرت أن أقرأ عليك» .
(6) الآية 41.
(7) أخرجه الترمذي في التفسير برقم 3028 والشيخان وأبو داود والنسائي.
(1/184)
307- حدثنا قتيبة. حدثنا جرير عن عطاء بن
السائب «1» عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال:
«انكسفت الشّمس يوما على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) «2» فقام رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) يصلّي «3» حتى لم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع
رأسه ثم رفع رأسه فلم يكد أن يسجد ثم سجد فلم يكد أن يرفع رأسه فلم يكد أن
يسجد ثم سجد فلم يكد أن يرفع رأسه فجعل ينفخ ويبكي ويقول ربّ ألم تعدني أن
لا تعذبهم وأنا فيهم ربّ ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون «4» ونحن
نستغفرك فلمّا صلى ركعتين انجلت الشّمس فقام فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم
قال: إنّ الشّمس والقمر آيتان من آيات الله «5» لا ينكسفان لموت أحد ولا
لحياته فإذا انكسفا فافزعوا إلى ذكر الله» «6» .
308- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو أحمد. حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب
عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
«أخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ابنة له تقضي «7» فاحتضنها فوضعها بين
يديه
__________
(1) عطاء بن السائب: الثقفي الكوفي، صدوق، اختلط، من الطبقة الخامسة. خرج
له البخاري والأربعة. وأبوه: السائب بن مالك أو ابن زيد الكوفي، ثقة، من
الطبقة الثانية. خرج له البخاري في تاريخه والأربعة.
(2) زاد البخاري يوم مات إبراهيم فقال الناس، كسفت الشمس لموت إبراهيم. كان
ذلك في السنة العاشرة.
(3) صلاة الكسوف والخسوف سنة عند الجميع والجماعة فيها سنة عند الأكثر،
وتفصيلها يرجع فيه لكتب الفقه.
(4) قال تعالى: في سورة الأنفال الآية رقم 33 وَما كانَ اللَّهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ، وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ.
(5) للدلالة على قدرته ووحدانيته أو على تخويف العباد من بأسه وسطوته قال
تعالى وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً الإسراء (59) .
(6) أخرجه النسائي في صلاة الكسوف.
(7) تشرف على الموت وفي رواية النسائي ابنة صغيرة وهي ابنة بنته زينب من
أبي العاص بن الربيع فإضافتها إليه مجازية وقيل غير ذلك انظر ما كتب في جمع
الوسائل للقاري 2/ 123 وفيه لعل الصواب ابنه فوقعت تحريف الخ..
(1/185)
فماتت وهي بين يديه وصاحت أمّ أيمن «1»
فقال يعني (صلى الله عليه وسلم) : أتبكين عند رسول الله فقالت ألست أراك
تبكي قال إنّي لست أبكي إنما هي رحمة «2» إن المؤمن بكل خير على كل حال إن
نفسه تنزع من بين جنبيه وهو يحمد الله عزّ وجلّ» «3» .
309- حدثنا محمد بن بشّار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. حدثنا سفيان عن عاصم
بن عبيد الله «4» عن القاسم بن محمد «5» عن عائشة رضي الله عنها.
«أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل عثمان بن مظعون «6» وهو ميت وهو
يبكي أو قال عيناه تهراقان» «7» .
310- حدثنا إسحاق بن منصور. أخبرنا أبو عامر «8» . حدثنا فليح وهو ابن
سليمان عن هلال بن علي «9» عن أنس بن مالك قال:
__________
(1) أم أيمن: حاضنته (صلى الله عليه وسلم) ومولاته الحبشية وماتت بعد عمر
بعشرين يوما وكان (صلى الله عليه وسلم) ورثها من أبيه وأعتقها حين تزوج
خديجة وزوجها لزيد مولاه فولدت له اسامة وقد شهدت أحدا وكانت تسقي وتداوي
الجرحى وشهدت خيبر.
(2) زاد في رواية الصحيحين (جعلها الله في قلوب عباده فإنما يرحم الله من
عباده الرحماء) .
(3) أخرجه النسائي في الجنائز باب في البكاء على الميت/ 4/ 11.
(4) عاصم بن عبيد الله: بن عمر بن الخطاب، ضعفه ابن معين، وقال البخاري
منكر الحديث. خرج له البخاري في الادب المفرد والاربعة.
(5) القاسم بن محمد: بن أبي بكر، أحد فقهاء المدينة السبعة، من الطبقة
الثانية، مناقبه لا تحصى. خرج له الجماعة.
(6) أبو السائب عثمان بن مظعون، كان من السابقين إلى الاسلام أسلم قبل دخول
رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الارقم وهو وأبو عبيدة بن الجراح وعبد
الرحمن بن عوف، وقد هاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وقد حرم على نفسه
الخمر في الجاهلية وقال- لا أشرب شيئا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني.
وقد آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين عثمان بن مظعون وأبي الهيثم بن
التيهان الانصاري. توفي بعد سنتين ونصف من الهجرة.
(7) أخرجه الترمذي برقم 989 وأبو داود برقم 3163 وابن ماجه برقم 1456. وفي
هذا الحديث جواز تقبيل الميت الصالح وقد قبل أبو بكر النبي صلى الله عليه
وسلم وهو ميت وقال: طبت حيا وميتا بأبي أنت وأمي ثم أبو بكر تلى قوله
تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ الخ.
(8) أبو عامر: عبد الملك بن عمرو البصري الحافظ. خرج له الستة.
(9) هلال بن علي: المدني، ثقة، من الطبقة الخامسة، خرج له الجماعة.
(1/186)
«شهدنا ابنة «1» لرسول الله صلى الله عليه
وسلم جالس على القبر فرأيت عينيه تدمعان فقال: أفيكم رجل لم يقارف «2»
الليلة قال أبو طلحة «3» أنا قال انزل فنزل في قبرها» .
__________
(1) هي أم كلثوم زوجة عثمان بن عفان.
(2) كنى بالمقارفة عن الجماع
(3) أبو طلحة هو زيد بن سهيل الانصاري الخزرجي النجاري عقبي بدري، شهد
المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عنه صلى الله عليه وسلم لصوت
ابي طلحة في الجيش خير من مائة رجل، قتل يوم حنين عشرين رجلا، وقد تصدق أبو
طلحة بحائط له اسمه بيرحاء/ عندها نزل قول الله تعالى لَنْ تَنالُوا
الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وهو عم أنس وزوج أمه أم
سليم، وقيل توفي في البحر غازيا/ أنظر تهذيب الاسماء للنووي.
(1/187)
45- باب ما جاء في
فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم
311- حدثنا علي بن حجر. حدثنا علي بن مسهر «1» عن هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة رضي الله عنها قالت:
«إنّما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينام عليه من أدم «2»
حشوه ليف» «3» .
312- حدثنا أبو الخطاب/ زياد بن يحيى البصري/ حدثنا عبد الله بن مهدي.
حدثنا جعفر بن محمد «4» عن أبيه قال:
«سئلت عائشة ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتك قالت: من
أدم حشوه من ليف، وسئلت حفصة ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم في
بيتك قالت مسحا «5» نثنيه ثنيّتين فينام عليه؛ فلمّا كان ذات ليلة قلت لو
ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له؛ فثنيناه له بأربع ثنيات، فلمّا أصبح قال:
ما فرشتموا لي الليلة؟ قالت قلنا هو فراشك، الا أنّا ثنيناه بأربع ثنيات،
قلنا هو أوطأ لك، قال: ردوه لحالته الأولى فإنّه منعتني وطاءته صلاتي
الليلة» «6» .
__________
(1) علي بن مسهر: القرشي الكوفي، الحافظ، كان فقيها محدثا، له غرائب. توفي
سنة 189 هـ خرج له الستة.
(2) الأدم بفتحتين، جمع أديم وهو الجلد المدبوغ أو مطلق الجلد والليف هو
ليف النخل.
(3) أخرجه مسلم في اللباس برقم 2082 وأخرجه الترمذي في اللباس برقم 1761
وأبو داود في اللباس برقم 4147 وابن ماجه بنحوه.
(4) أي الصادق بن الباقر.
(5) مسحا بكسر الميم وسكون السين وهو كساء خشن يعد للفراش من صوف.
(6) في الجامع الصغير (كان فراشه مسحا) أخرجه الترمذي في الشمائل عن حفصة
ولم يذكر غيره.
(1/188)
46- باب ما جاء في
تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم
313- حدثنا أحمد بن منيع وسعيد بن عبد الرحمن المخزوميّ «1» وغير واحد
قالوا- حدثنا سفيان بن عيينة عن الزّهريّ عن عبيد الله عن ابن عباس عن عمر
بن الخطاب قال-:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تطروني «2» كما أطرت النّصارى ابن
مريم إنّما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله» .
314- حدثنا عليّ بن حجر. حدثنا سويد بن عبد العزيز «3» عن حميد عن أنس بن
مالك رضي الله عنه:
«أن امرأة «4» جاءت الى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالت له: إنّ لي اليك
حاجة. فقال:
اجلسي في أيّ طريق المدينة شئت أجلس «5» إليك» «6» .
__________
(1) سعيد بن عبد الرحمن المخزومي: روى عن ابن عيينة وعدة، ثقة. توفي سنة
249 هـ خرج له النسائي.
(2) الاطراء هو حسن الثناء أي لا تبالغوا في مدحي كما بالغت النصارى في مدح
سيدنا عيسى فجعلوه إلها أو ابن إله.
(3) سويد بن عبد العزيز: أبو محمد الدمشقي، قاضي بعلبك، ثم نائب الحكم في
دمشق، قال البخاري: في حديثه نظر لا يحتمل. توفي سنة 194 هـ.
(4) من الأنصار كما في البخاري وفي رواية ومعها صبي لها. وفي بعض حواشي
الشفاء ان اسمها أم زفر ماشطة خديجة.
(5) في رواية مسلم زيادة «فخلا معها في بعض الطريق حتى فرغت من حاجتها،
والغرض من البعد حتى لا يسمع بشكواها أحد غيره صلى الله عليه وسلم.
(6) أخرجه البخاري ومسلم.
(1/189)
315- حدثنا عليّ بن حجر. حدثنا عليّ بن
مسهر عن مسلم الأعور «1» عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود المريض ويشهد الجنائز ويركب الحمار
ويجيب دعوة العبد. وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم «2» بحبل من ليف
وعليه إكاف «3» من ليف» «4» .
316- حدثنا واصل بن عبد الأعلى الكوفي. حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن
أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السّنخة «5»
فيجيب. ولقد كان له درع «6» عند يهوديّ فما وجد ما يفكّها حتى مات» «7» .
317- حدثنا محمود بن غيلان. حدثنا أبو داود الحفري «8» . عن سفيان عن
الربيع بن صبيح «9» عن يزيد بن أبان عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«حجّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رحل رثّ «10» وعليه قطيفة لا تساوي
أربعة
__________
(1) مسلم الأعور: هو ابن كيسان الكوفي، أبو عبد الله، روى عن أنس ومجاهد
وروى عنه شعبة وعلي بن مسهر. قال الذهبي: واه. خرج له البيهقي.
(2) أي ذي خطم وهو الزمام الحبل من ليف.
(3) الاكاف هو كالسرج للفرس.
(4) أخرجه الترمذي في الجنائز وابن ماجه في التجارات.
(5) والاهالة: (بكسر الهمزة) كل دهن يؤتدم به، أو الدسم الجامد والسنخة: هي
الدهن المتغير الرائحة من طول المكث.
(6) زاد البخاري درع من حديد، وهذه الدرع تسمى/ ذات الفضول/.
(7) أخرجه الترمذي في البيوع برقم 1215 والبخاري في البيوع برقم 1046
والرهن والنسائي في البيوع وابن ماجه في الاحكام.
(8) أبو داود الحفري: نسبة إلى محلة بالكوفة، ثقة عابد.
(9) الربيع بن صبيح: السعدي، قال أبو زرعة: صدوق. وضعفه النسائي. خرج له
البخاري في التاريخ والنسائي.
(10) الرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب عليه وهو القتب، وهو للبعير
كالسرج للفرس. والرث: أي البالي.
(1/190)
دراهم، فقال: اللهمّ اجعله حجّا لا رياء
فيه ولا سمعة» «1» .
318- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن. حدثنا عفّان. حدثنا حماد بن سلمة عن
حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«لم يكن شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وكانوا إذا
رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته «2» لذلك» «3» .
319- حدثنا سفيان بن وكيع. حدثنا جميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي أنبأنا
رجل من بني تميم من ولد «4» أبي هالة/ زوج خديجة «5» / يكنى أبا عبد الله
«6» عن ابن أبي هالة «7» عن الحسن بن علي «8» قال:
«سألت خالي «9» هند بن أبي هالة، وكان وصافا «10» عن حلية رسول الله صلى
الله عليه وسلم، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا فقال: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم فخما مفخّما،
__________
(1) البخاري في الحج وابن ماجه فيه.
(2) كان هذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم وحسن معاشرته لهم وهذا لا ينافي
القيام لأهل الفضل من الصالحين. ودليل عدم المنافاة ان النبي صلى الله عليه
وسلم كان لا يكره قيام بعضهم لبعض وأنه أمر أسرى بني قريظة فقال لهم: قوموا
لسيدكم يعني سعد بن معاذ، وقد قام صلى الله عليه وسلم لعكرمة بن أبي جهل
لما قدم عليه ليسلم وكان يقوم لعدي بن حاتم كلما دخل عليه وكان يقوم لعبد
الله بن أم مكتوم ويفرش له رداءه ليجلس عليه ويقول: أهلا بالذي عاتبني ربي
من أجله. وقد ورد أن الصحابة قاموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
(3) أخرجه الترمذي في الادب برقم 2755.
(4) من جهة الأمهات لأنه من أسباط أبي هالة، والسبط ولد البنت.
(5) أبو هالة تزوج خديجة في الجاهلية فولدت له ذكرين، هندا وهالة ثم مات،
فتزوجها عتيق بن خالد المخزومي فولدت له عبد الله وبنتا. وتزوجها بعد هما
رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(6) يكني ذلك الرجل التميمي، أبا عبد الله واسمه يزيد بن عمر.
(7) والمراد ابنه بواسطة لانه ابن ابنه، واسمه هند وهو ابن هند الذي أخذ
عنه الحسن، فقد اشترك مع ابيه في الاسم.
(8) سبط النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أكبر من الحسين بسنة، ولد في رمضان
سنة ثلاث هجرية.
(9) لان الحسن بن فاطمة التي هي ابنة خديجة وهند بن خديجة.
(10) لأنه أمعن النظر في ذات النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير مثل علي بن
أبي طالب لأن كلا منهما تربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، والصغير
يتمكن من التأمل والامعان بخلاف الكبير فانه تمنعه المهابة والحياء.
(1/191)
يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، فذكر
الحديث بطوله «1» . قال الحسن:
فكتمتها الحسين زمانا، ثم حدّثته فوجدته قد سبقني إليه. فسأله عما سألته
عنه، ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومخرجه وشكله فلم يدع منه شيئا.
قال الحسين: فسألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان
إذا أوى إلى منزله جزّأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله وجزءا لأهله، وجزءا
لنفسه. ثم جزّأ جزأه بينه وبين النّاس فيردّ ذلك بالخاصة على العامة «2» ،
ولا يدّخر عنهم شيئا، وكان من سيرته في جزء الأمّة إيثار أهل الفضل بإذنه،
وقسمه على قدر فضلهم في الدين، فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم
ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما يصلحهم والأمة من مساءلتهم عنه
وإخبارهم بالذي ينبغي لهم، ويقول: ليبلّغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني
حاجة من لا يستطع إبلاغها، فإنّه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطع إبلاغها
ثبّت الله قدميه يوم القيامة، لا يذكر عنده إلّا ذلك ولا يقبل من أحد غيره.
يدخلون روّادا «3» ولا يفترقون إلّا عن ذواق «4» ، ويخرجون أدلة «5» يعني
على الخير. قال فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؛ قال: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يخزن «6» لسانه إلا فيما يعنيه، ويؤلفهم ولا ينفرهم «7» ،
ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذّر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي
عن أحد منهم بشره وخلقه، ويتفقد أصحابه، ويسأل الناس عمّا في
__________
(1) وقد تقدم هذا الحديث في باب ما جاء في خلق رسول الله صلى الله عليه
وسلم حديث رقم 7.
(2) المراد بالخاصة: الصحابة الذين يكثرون الدخول عليه كالخلفاء الأربعة
والمراد بالعامة الذين لم يعتادوا الدخول عليه. فالخواص يأخذون عنه وهم
يبلغونها بقية الناس.
(3) الرواد: جمع رائد، وهو في الأصل من يتقدم القوم لينظر اليهم الكلأ
ومساقط الماء والمراد هنا أكابر الصحابة.
(4) والمعنى لا يتفرقون من عنده الا بعد استفادة علم وفير.
(5) أي هداة للناس.
(6) أي يحبس.
(7) وقد وصفه ربه يقوله وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ. آل عمران 159.
(1/192)
الناس ويحسّن الحسن ويقوّيه، ويقبّح القبيح
ويوهّيه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا، لكلّ
حال عنده عتاد، لا يقصّر عن الحق ولا يجاوزه، الذين يلونه من الناس،
خيارهم؛ أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة
ومؤازرة. قال: فسألته عن مجلسه، فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يقوم ولا يجلس إلّا على ذكر وإذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس،
ويأمر بذلك، يعطي كلّ جلسائه بنصيبه، لا يحسب جليسه أنّ أحدا أكرم عليه
منه. من جالسه أو فاوضه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله
حاجة لم يردّه إلّا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار
لهم أبا وصاروا عنده في الحقّ سواء مجلسه مجلس علم وحلم وحياء، وأمانة وصبر
لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تثنى «1» فلتاته، متعادلين؛ بل
كانوا يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين، يوقّرون فيه الكبير ويرحمون فيه
الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغريب» «2» .
320- حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع «3» . حدثنا بشر بن المفضل. حدثنا
سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أهدي إليّ كراع لقبلت ولو دعيت عليه
لأجبت» «4» .
321- حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن. حدثنا سفيان عن محمد بن
المنكدر عن جابر رضي الله عنه قال:
«جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس براكب بغل ولا برذون» «5» .
__________
(1) لا تثنى: لا تذاع ولا تشاع.
(2) انظر تخريج الحديث رقم 7. ولا تؤبن: أي لا تعاب.
(3) محمد بن عبد الله بن بزيع: البصري. توفي سنة 257 هـ.
(4) أخرجه الترمذي في الاحكام برقم 1338.
(5) أخرجه البخاري عن جابر «أتاني رسول الله يعودني وأبو بكر وهما ماشيان»
. ويفيد الحديث تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه كان يزور أصحابه
ماشيا. لما في ذلك من كثرة الثواب. والبرذون: ضرب من الدواب يخالف الخيل،
عظيم الخلقة.
(1/193)
322- حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن. حدثنا
أبو نعيم. أنبأنا يحيى بن أبي الهيثم العطار «1» قال:
«سمعت يوسف بن عبد الله بن سلام «2» قال: سمّاني: رسول الله صلى الله عليه
وسلم يوسف وأقعدني في حجره ومسح على رأسي» «3» .
323- حدثنا إسحاق بن منصور. حدثنا أبو داود الطيالسيّ. حدثنا الربيع وهو
ابن صبيح. حدثنا يزيد الرّقاشيّ عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
«أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجّ على رحل رث وقطيفة كنّا نرى ثمنها
أربعة دراهم، فلمّا استوت به راحلته قال: لبّيك بحجة لا سمعة فيها ولا
رياء» «4» .
324- حدثنا إسحاق بن منصور. حدثنا عبد الرزاق. حدثنا معمر عن ثابت
البنانيّ. وعاصم الأحول عن أنس بن مالك:
«أنّ رجلا خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم فقرب منه ثريدا
عليه دبّاء «5» قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الدّباء وكان
يحبّ الدّباء. قال ثابت: فسمعت أنسا يقول فما صنع لي طعام أقدر على أن يصنع
فيه دباء إلا صنع» «6» .
325- حدثنا محمد بن إسماعيل. حدثنا عبد الله بن صالح. حدثنا معاوية بن صالح
عن يحي بن سعيد عن عمرة قالت:
«قيل لعائشة ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته، قالت:
كان بشرا من البشر: يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه» «7» .
__________
(1) يحيى بن أبي الهيثم العطار: كوفي ثقة، خرج له البخاري في الادب.
(2) صحابي صغير، وأبوه مبشر بالجنة.
(3) زاد الطبراني ودعا له بالبركة.
(4) انظر تخريج حديث رقم 323.
(5) وهو القرع.
(6) انظر تخريج حديث رقم 163
(7) عند الترمذي برقم 2491 (يكون في مهنة أهله) والبخاري في الأدب والصلاة
والنفقات.
(1/194)
|