ألفية
السيرة النبوية - نظم الدرر السنية الزكية ذكر مرضه ووفاته صلى
الله عليه وسلم
مَرِضَ فِي العشْرِ الأَخيرِ من صَفَرْ ... أَقَامَ فِي شَكْوَاهُ ذاكَ
اثْنَي عَشَرْ
أَو عَشْرًا، أو أقَامَ أَربعْ عَشْرهْ ... أَو فَثَلاثَ عشْرةٍ قَدْ
ذَكَرَهْ
كَذَا ابنُ عَبدِ البَرّ فِي ربيعِ ... فِي يومِ الاثْنينِ لَدى الجَمِيْع
وَفَاتُه إِمَّا بِثَانِي الشَّهْرِ ... أوْ مُسْتهَلّ، أَو بِثَانِي
عَشْرِ
وَهْوَ الذِي أَوْرَدَهُ الجُمهورُ ... لَكِن عَلَيْهِ نَظَرٌ كَبِيرُ
لأن وَقفَةَ الوَدَاعِ الجُمُعَهْ ... فَلا يصِحُّ كَونُها فِيه مَعَهْ
وَقِيْل: بَل في ثامِنٍ بالجَزْمِ ... وَهْو الذِي صَحَّحَه ابنُ حَزْمِ
وَكَانَ ذاكَ عِندما اشتدَّ الضُّحَى ... أَو حِينَ زَاغَ الشَّمسُ، خُلْفٌ
صرحَا
غَسَّلَهُ عَلِيُّ والعَباسُ ... وقُثَمٌ والفَضْلُ، ثُم نَاسُ
أُسامةٌ شَقْرَانُ يَصْبُبَانِ ... ألما، فأوس «1» حاضِرُ المَكَانِ
وَقِيلَ: كَان ينقُلُ الماءَ لهُ ... وأَنَّ عَمَّهْ لَم يشاهِدْ غَسْلَهُ
غَسِلَ مِن بئْرِهِ بئرِ غَرْسِ «2» ... وَلَم يُجَرّدْ مِن قَميصِ اللّبس
__________
(1) أي: أوس بن خولي بن عبد الله الخزرجي السالمي رضي الله عنه.
(2) بئر غرس- بفتح الغين وسكون الراء وسين مهملة-: بئر تقع بالمدينة
المنورة في المنطقة بين العوالي وقباء جوار مجمع مدارس الشاوي، ولا تزال
آثارها ظاهرة.
(1/153)
يَدْلُكُهُ بِخِرْقَةٍ عَلِيُّ ... مِنْ
تَحْتِه، وَهْو لَهُ وَلِيُّ
بِالمَاءِ والسّدرِ ثَلاثًا غُسِلا ... وفِي ثلاثةٍ ثِيَابًا جُعِلا
وتلكَ بيضٌ من سَحُولِ اليَمَنِ «1» ... وَلم يَكُن قَمِيصُهُ في الكَفَنِ
وقَد رَوى الحَاكمُ أنْ قد كُفّنَا ... في سَبعةٍ، وبالشُّذوذِ وُهّنَا
ثُمَّ أَتى الرّجالُ فَوجًا فَوجا ... صَلُّوا فرادى، ومضوا خروجا
ثمّ النّساء بعدهم، فالصّبية ... وَفِي حَدِيثٍ وَبِهِ جَهَالَةُ:
صَلَّى عَليه أَوَّلا جبريل ... ثمّت ميكال، فإسرافيل
ثُمَّ يَلِيهم مَلَكُ المَوْتِ، مَعَهْ ... جُنُودُهُ المَلائِكُ
المُجْتَمَعَهْ «2»
وَقِيْلَ: مَا صَلّوا عَلَيْه، بَل دَعَوْا ... وانصَرفُوا، وذَا ضعيفٌ «3»
، ورَوَوْا
عَن مالكٍ: أن عدد الصّلاة ... تسعون واثنان من المرّات «4»
__________
(1) سحول- بفتح السين وضمها- وهي قرية باليمن.
(2) أخرجه البيهقي في «الدلائل» (7/ 231) ، والبزار في «كشف الأستار» (9/
398) ، والطبري في «التاريخ» (3/ 191) ، قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9/
25) : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي
وهو ثقة. والله أعلم.
(3) أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (2/ 290) . والبيهقي في «الدلائل» (7/ 250)
،
(4) في هامش (ب) : (صوابه: سبعون، وكذا رأيته في ... السيرة، وهو كذلك في
كلام مغلطاي في «سيرته» ، ورأيته كذلك في «الروض الأنف» وعزاه عن مالك ابن
الماجشون وأنه كصلاة حمزة، والحديث فيه: أنه ص صلى على حمزة ثنتين وسبعين
صلاة، وهو حديث ابن عباس، رواه ابن إسحاق عمن لا يتهم عن مقسم عنه، وفي ابن
ماجه: عن ابن عباس من طريق مقسم عنه: أنه أتي بهم فجعل يصلي على عشرة عشرة
وحمزة هو كما هو، يرفعون وهو كما هو موضوع، والحديث فيه مقال أنه صلى عليه
ثنتين وسبعين صلاة، فهو في سنده مجهول، قيل: إنه الحسن بن عمارة، فهو
متروك، وحديث ابن ماجه
(1/154)
وليسَ ذَا متَّصِلَ الاسنَادِ ... عن مالكٍ
في كُتُبِ النُّقّادِ «1»
وَدفنُه في بقعةِ الوَفاةِ ... بِخَبرِ الصّدّيق بالإثبات
ودخل القبر الألى في الغسل ... وقيل: لا، أُسامةٍ وخوْلِي «2»
زَادَ ابنُ سعدٍ أيضًا: ابنَ عوفِ ... معَ عقيلٍ أَمِنُوا من خوفِ
وَفُرِشَت فِي قَبْرِه قُطَيْفَةُ ... وَقِيل: أُخْرِجَتْ، وَهَذَا أَثبَتُ
«3»
وَلحَدوا لحْدًا له، ونُصِبَتْ ... عَلَيْه تِسْعُ لَبِنَاتٍ أُطْبِقَتْ
وَسَطَّحُوا مَعْ رَشّهم بالماءِ ... واشتَركَ الأَنامُ فِي العَزَاءِ
وَذَاكَ فِي ليلةِ الاربعاءِ ... أَو قَبلَها بِليلةٍ لَيلاءِ «4»
وَقِيلَ: يومَ الموتِ بالتعجيلِ ... صحَّحهُ الحاكمُ في «الإكْلِيلِ»
وَفَسَّر الصّديقُ للصّديقَةِ ... منامها أن سقطت في الحجرة
__________
فيه يزيد بن أبي زياد، وفيه مقال كثير، وشهر أنهم كانوا سبعين، فإذا صلى
عليهم عشرة عشرة ومع كل عشرة حمزة.. فكيف نخصه بهذا العدد؟!) .
(1) ذكر مغلطاي في «الإشارة» (ص 357) : (قال ابن الماجشون لما سئل كم صلي
عليه صلاة؟ فقال: اثنتان وسبعون صلاة كحمزة، فقيل له: من أين لك هذا؟ فقال:
من الصندوق الذي تركه مالك بخطه عن نافع عن ابن عمر) .
(2) في هامش (ب) : (هو خولي بن أوس الأنصاري، زعم ابن جريج أنه ممن نزل في
قبر رسول الله ص مع علي والفضل. قاله ابن عبد البر في «الإستيعاب» ، لكن
قال الذهبي لما ذكر خولي: «في هذا تحريف» ، قال: «وإنما هو أوس بن خولي»
اهـ، فما نظمه الشيخ هو من زعم ابن جريج، والصواب خلافه، والله أعلم، وعلى
ما شرطه شيخنا يكون صوابه خولي، لا أوس، وفيه نظر) .
(3) ذكر ابن عبد البر تخريجها في «الإستيعاب» (1/ 20) .
(4) لبلاء: طويلة شديدة صعبة.
(1/155)
حجرتها ثلاثة أقمارا ... ها خير الاقمار
أتاك الدَّارَا «1»
صَلَّى عَليه رَبُّنا وسَلَّمَا ... وَصَاحِبَيْهِ نُعّمَا وَأَنعَمَا «2»
هُما الضَّجِيعانِ منَ الأَقْمارِ ... قَد جَاورا في اللَّحْدِ خَيرَ جَارِ
ثُمَّ عَلَى عثمانَ مع عليّ ... وسائر الأصحاب والوليّ
كتبها ناظمها عبد الرحيم بن الحسين ابن العراقي
بالمدينة الشريفة، وبعضها بالروضة بجوار الحجرة الشريفة «3»
__________
(1) في (د) وهامش (أ) : (ها خير أقمارك حلّ الدّارا) . وفي هامش (ب) :
(يحيى بن سعيد عن ابن المسيب قال: قالت عائشة رضي الله عنها: رأيت كأن
ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي، فسألت أبا بكر فقال: يا عائشة؛ إن تصدق رؤياك..
يدفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة، فلما قبض رسول الله ص ودفن.. قال: يا
عائشة؛ هذا خير أقمارك، قال الحاكم: «خ م» ، قال: وقد كتبناه من حديث أنس،
قال الذهبي: ثم ساقه مرفوعا من تعبيره عليه السلام، وقال «خ م» ، قلت: هو
من رواية عمر بن حماد بن سعيد الأبح أحد الضعفاء، تفرد به عنه موسى بن عبد
الله السلمي، لا أدري من هو. اهـ ما في «تلخيص المستدرك» للذهبي. وفي كتاب
الرؤيا من «التلخيص» عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: رأيت كأن
ثلاثة أقمار سقطن في حجرتي. الحديث صحيح لم يتعقبه الذهبي) .
(2) نعّما: نعّمهما الله بنعمته. أنعما: زادا فضلا، أو صارا إلى النعيم.
(3) جاء في آخر (أ) : (الحمد لله وحده، وصلى الله سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم، وبعد: فقد سمع جميع هذه الألفية في سيرة سيدنا رسول الله صلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على ناظمها سيدنا وشيخنا الإمام العلامة شيخ
الإسلام جمال الأنام عمدة الحفاظ والمحدثين قاضي قضاة المسلمين ... أبي
الفضل زين الدين عبد الرحيم، وسيدنا الإمام ... ) . وفي هامش (أ) : (بلغ
الحافظ نور الدين الهيثمي قراءة على ناظمها، والجماعة سماعا في الخامس
بالروضة الشريفة.
بلغ ابني محمد أبو حاتم قراءة علي في الثالث، والجماعة سماعا في الحجرة
الشريفة. كتبه مؤلفه. بلغ ضياء الدين عمر بن أبي بكر بن محمد البيضاوي
قراءة علي في ثمانية مجالس والجماعة سماعه في المسجد الشريف النبوي. ثم بلغ
أبو الفتح محمد بن العلامة زين الدين أبي بكر بن الحسين قراءة عليّ
والجماعة سماعا في الرابع بمسجد المدينة الشريف) . وفي هامش (ج) : (تمت
بحمد الله تعالى وحسن توفيقه جل وعلا في يوم الخميس «7» الحجة سنة «1335
هـ» ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم) . وفي
هامش (د) : (كملت «ألفية السيرة» بحمد الله وحسن عونه وتوفيقه، وصلى الله
على سيدنا محمد وسلم تسليما، ووافق الفراغ منه يوم الأحد أواخر الثاني من
شهر جمادى الثانية عام «1326 هـ» ست وعشرين وثلاث مئة وألف على يد كاتبه
محمد المنوي الفراتي، غفر الله له. آمين، والحمد لله رب العالمين) . وفي
آخر (ب) : (تمت الدرر السنية) . وفي هامشها: (علقتها في أوائل جمادى الأولى
من سنة إحدى عشرة وثمان مئة بالمدرسة الشرقية بحلب، إبراهيم بن محمد بن
خليل سبط ابن العجمي الحلبي، ولله الحمد والمنة، سبحانه، وصلى الله على
سيدنا محمد نبي الرحمة، وعلى آله وصحبه وسلم) . وفي هامشها أيضا: (بلغ
مقابلة على أصله) . وفي هامشها أيضا: (في هامش أصله في آخره ما صورته بخط
شيخنا المؤلف الناظم زين الدين العراقي: قابلت هذه النسخة بيدي وهو يقرأ من
النسخة التي بخطي بقراءة ابني أبي زرعة. كتبه ناظمها عبد الرحيم بن الحسين)
. وفي هامشها أيضا: (الحمد لله وحده، قرأت جميع هذه السيرة بحضرة شيخنا
الإمام الحافظ العلامة حافظ عصره، وواحد دهره، برهان الدين أبي الوفاء سبط
ابن العجمي كاتب هذا الأصل أمتعني الله تعالى والمسلمين بطول حياته على
الإمام قاضي القضاة صدر المدرسين شهاب الدين أبي جعفر محمد العجمي الشافعي،
أسبغ الله ظلاله إجازته لها ولغيرها من الناظم حافظ الإسلام زين الدين أبي
الفضل العراقي، وصح ذلك وثبت في خمسة مجالس معينة بهوامش نسختي، آخرها يوم
السبت سادس عشر ذي الحجة الحرام من سنة ست وعشرين وثمان مئة بمنزل شيخنا
بالمدرسة الشرقية بحلب وأجاز لنا ما يجوز له روايته في التاريخ المذكور،
قال ذلك من ذا خطه: محمد بن أبي الوليد بن الشحنة، عفا الله عنه ولطف به،
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم) .
(1/156)
|