المختصر
الكبير في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ذِكر كُتَّابِه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
أَبُو بكر، وعُمر، وَعُثْمَان، وعليّ، وَكَانَ الكاتبَ لعهوده إِذا عهد،
وصُلحه إِذا صَالح، وطَلحة، والزُّبير، وعامر بن فُهيرة، وخَالِد وأَبان
وَسَعِيد بَنو العَاصِي. وَقيل: إِن خَالِدا أولُ مَنْ كتب لرَسُول الله
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَقيل: إِنَّه أولُ مَنْ كتبَ: بِسم الله
الرَّحْمَن الرَّحِيم. وعبدُ الله بن الأَرْقَم الزُّهريّ، وحَنْظَلة بن
(1/111)
الرَّبيع الأُسَيْديّ: وَكَانَ خليفةَ كلِّ
كاتبٍ غابَ عَن عمله، وأُبيّ بن كَعْب / 32 ظ.
وَهُوَ أَوّلُ مَنْ كتب لرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من
الْأَنْصَار، وثابت بن قيس بن شمّاس، وزَيد بن ثَابت، وشُرَحْبيل بن
حَسَنَة، ومُعاوية بن أَبي سُفيان، وَأَخُوهُ يَزيد، والمُغيرة بن شُعْبة،
وَعبد الله بن زيد بن عبد ربّه، وجُهَيْم بن الصَّلْت، وخَالِد بن
الْوَلِيد، والْعَلَاء بن الحَضْرمي، وعَمرو بن الْعَاصِ، وَعبد الله بن
رَوَاحة، ومحمّد بن مَسْلَمة، وَعبد الله بن عبد الله بن أُبي، ومُعيْقيب
بن أبي فَاطِمَة، وَأَبُو أَيُّوب الأَنصاريّ، وجُهَيْم بن سَعد،
والأَرْقَم بن أبي الأَرْقَم، وحُذَيْفَة بن اليَمَان وَكَانَ يكْتب خَرْصَ
ثَمرِ الحِجاز، وَعبد الله بن سعد بن أبي سَرْح.
وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: إِنَّه أَوّل مَن كتب لَهُ من قُرَيْش ثمَّ ارتدَّ
وَرجع إِلَى مَكَّة، ثمَّ
(1/112)
أسلم، وَأَبُو سَلَمة بن عبد الأَسَد،
وحُويطب بن عَبد العُزَّى، وَأَبُو سَبْرة بن حَرب، وحاطب بن عَمْرو.
وَفِي سنَن أبي دَاوُد من حَدِيث أبي الجوزاء عَن ابْن عبّاس - رَضِي الله
عَنْهُمَا - قَالَ: السِّجلُّ كَاتب كَانَ لرَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] وَأنكر ذَلِك ابْن حَزم قَالَ: كَانَ مُعَاوِيَة وَزيد بن ثَابت دون
غَيرهمَا. يُلازمان للكتابة بَين يَدَيْهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فِي
الْوَحْي وَغَيره، لَا عمل لَهما غير ذَلِك.
لمّا رَجَعَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] من الحُدَيبية كتب
إِلَى الرّوم، فَقيل لَهُ: إنّ كتابك لَا يُقرأ إِلَّا أنْ يكون مَخْتُومًا
- فاتّخذ خَاتمًا من فِضَّة، وَنقش عَلَيْهِ ثَلَاثَة أَسطُر: مُحَمَّد
سَطر، وَرَسُول سَطر، وَالله سَطر. وَختم بِهِ كُتبَه، وبعثَ ستِّة نفرٍ
فِي يَوْم وَاحِد، وَذَلِكَ فِي المحرَّم سنةَ سبعٍ. فأوّلهم عَمرو بن
أُميَّة الضَّمْري، بَعثه رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى
النَّجَاشي، واسْمه أَصْحَمة بن أَبجر، وَتَفْسِير / 33 و. أَصْحَمة
بالعربيّة عَطية. وَكتب إِلَيْهِ كتابين، يَدعُوهُ فِي أَحدهمَا إِلَى
الإِسلام، وَيَتْلُو عَلَيْهِ الْقُرْآن، فَأَخذه النَّجاشي وَوَضعه على
عَينيه، وَنزل عَن سَرِيره، فَجَلَسَ على الأَرْض، ثمَّ أسلَم وَشهد شهادةَ
الحقّ وَقَالَ: لَو كنتُ أَسْتَطِيع أَنْ آتيه لأَتيْتُه. وَفِي الْكتاب
الآخر يزوّجه أُمَّ حَبيبة، وأَمره أنْ يبْعَث إِلَيْهِ بمَن قِبلَه
(1/113)
من أَصْحَابه ويحملهم، فَفعل. ودعا بُحقٍّ
من عاجٍ، فَجعل فِيهِ كتابَي النبيّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَقَالَ: لن
تزَال الحبشَةُ بخيرٍ مَا كَانَ هَذَا الكتابان بَين أَظْهرها.
وَكَانَ النجاشيُّ أَصْحَمة كَمَا قَالَ الْوَاقِدِيّ: من أَعلم النَّاس
بالإِنجيل. وَكَانَ هِرَقْل يُرْسل إِلَيْهِ بشمامِسَةٍ يتعلَّمون مِنْهُ
ويقرؤون عَلَيْهِ، فَإِذا حَذقوا انصرفوا إِلَيْهِ ووجّه إِلَيْهِ آخَرين،
وصَلّى عَلَيْهِ النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِالْمَدِينَةِ يَوْم
مَاتَ بِالْحَبَشَةِ.
ويُروى أَنه كَانَ لَا يزَال يُرى النورُ على قَبره - رَضِي الله عَنهُ -
وَفِي صَحِيح مُسلم من طَرِيق قَتادة عَن أَنس قَالَ: كتبَ رَسُول الله
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى كسْرَى وَإِلَى قَيْصَر وَإِلَى النجاشيّ،
وَإِلَى كل جبّارٍ يَدعُوهُم إِلَى الله، وَلَيْسَ بالنجاشيّ الَّذِي صلّى
عَلَيْهِ النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .
وَقَالَ ابْن حَزم: إنّ النَّجَاشِيّ الَّذِي ذهب إِلَيْهِ عَمرو بن أُميّة
الضَّمْري لم
(1/114)
يُسلم. قَالَ: وَهُوَ غير الَّذِي هَاجر
إِلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَالْأول هُوَ
الْمَشْهُور، وَبِه جزم ابْن سعد وغيرُه. وَبعث دِحْيَة بن خَليفة الكلبيّ،
وَهُوَ أحد السِّتَّة إِلَى قَيْصَر ملك الرّوم، واسْمه هِرْقَل، ويدعوه
النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِلَى الإِسلام، فَقَرَأَ الْكتاب،
وهَمَّ بالإِسلام فَلم يُوَافقهُ الرّوم، فخافهم على مُلكه فأمسكَ. وبعثَ
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] أَبَا حُذَافة عبد الله بن حُذَافة السَّهمي،
وَهُوَ أحد السِّتَّة إِلَى كِسرى ملِك فَارس / 33 ظ. واسْمه أَبَرْويز بن
هُرْمُز بن ملك الْفرس أَنو شرْوَان، يَدعُوهُ إِلَى الإِسلام، وَكتب
إِلَيْهِ كتابا، فمزَّقَ كتابَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
فَقَالَ النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : مزّق اللهُ مُلكَه. فمزَّقَ
اللهُ مُلكَه ومُلكَ قومه.
وَرُوِيَ أَنه بعث إِلَى النبيّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بترابٍ.
فَقَالَ: بعث إليَّ بترابٍ، أَما إِنَّكُم سَتملكون أَرضَه. وَبعث [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] حاطِب بن أبي بَلْتعة اللَّخْميّ، وَهُوَ أَحد
السِّتَّة، إِلَى المُقَوْقِس، واسْمه جريج بن ميناء، ملك الإِسكندرية
ومِصر، عَظِيم القبط. فَقَالَ خيرا، وقاربَ الأَمرَ وَلم يُسْلم، وأَهدى
للنبيِّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] مارِيَة فاتّخذها سُرية، وشيرين
فَوَهَبَهَا لحسّان بن ثَابت، فَولدت لَهُ عبد الرَّحْمَن، وَقيل: إِنَّه
أهْدى إِلَيْهِ جاريتين أَيْضا، إِحْدَاهمَا أُخْت مارِية، وَاسْمهَا
قَيْسَر، فَوَهَبَهَا لجَهْم بن قيس العَبدي، فَهِيَ أُمّ زَكَرِيَّا بن
جَهْم الَّذِي كَانَ خَليفَة عَمْرو بن الْعَاصِ على مِصر.
(1/115)
وَأهْدى إِلَيْهِ أَيْضا ألف مِثْقَال
ذَهَبا، وَعشْرين ثوبا من قباطيّ مصر، وطُرَفاً من طُرفهم، وَبغلة شَهباء
هِيَ دُلْدُل، وَحِمَارًا أَشهب هُوَ عُفَير، وخَصِيّاً يُقَال لَهُ:
مَأْبُور: قيل: إِنَّه ابْن عمّ مارِيَة، وفرساً وَهُوَ اللِّزَاز، وقدَحاً
من قَوَارِير، وعسَلاً من عَسل " بَنْها " فَقَالَ النبيُّ [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] : " ضَنَّ الخبيثُ بمُلْكِه، وَلَا بقاءَ لمُلكه " وأَعجب
النبيَّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] العسَلُ، ودعا فِيهِ بِالْبركَةِ.
وَبعث [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] شُجاع بن وَهْب الأسَديّ، وَهُوَ أحد
السِّتَّة إِلَى الحارِث بن أبي شَمِرِ الغَسَّاني، ملِك البلْقاء من أَرض
الشَّام، فَانْتهى إِلَيْهِ، وَهُوَ بغوطة دمشق، فَقَرَأَ الْكتاب ثمَّ رمى
بِهِ، وَقَالَ: أَنا سائرٌ إِلَيْهِ. وعزم على ذَلِك، فَمَنعه قَيصر.
قَالَه الْوَاقِدِيّ وَابْن إِسْحَاق وَغَيرهمَا.
قَالَ ابْن هِشَام: إِنَّمَا توجّه لجَبَلة بن الأَيْهم. وَقَالَ ابْن عبد
البرّ: لَهما مَعًا. وَقَالَ ابْن عَسَاكِر: إِنَّه تَوجَّه لهرقل مَعَ
دِحْية وَالله أعلم / 34 و. وَبعث
(1/116)
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] سَلِيط بن
عَمْرو العامريَّ، وَهُوَ أحد السِّتَّة، إِلَى هَوْذَة بن عليّ الحنفيّ
بِالْيَمَامَةِ، فَأكْرمه، وَبعث إِلَى النبيّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] :
مَا أحسنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وأجمله، وَأَنا خطيب قومِي وشاعرهم،
فَاجْعَلْ لي بعض الْأَمر. فَأبى النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ذَلِك.
فَلم يُسلم هَوْذَة، وَمَات زمن الْفَتْح.
وَذكر ابْن حزم: أنّ النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بعث سَليط بن
عَمْرو إِلَى هَوْذة، وَإِلَى ثُمَامَة بن أُثَال. وَأسلم ثُمامَة بعد
ذَلِك وَبعث [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عَمْرو بن الْعَاصِ فِي ذِي
الْقعدَة سنة ثَمَان إِلَى جَيْفَرٍ وَعبد، وَقيل: عِياذ ابْني
الجُلَنْدَى، وهما من الأَزْد بُعمان والملِك مِنْهُمَا جَيْفر، يدعوهما
إِلَى الإِسلام، وأسلما وصدَّقا وخلَّيا بَين عَمْرو وَبَين الصَدقة،
وَالْحكم فِيمَا بَينهم، وَلم يزل بَينهم حَتَّى بلغته وَفَاة النبيّ [صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم] .
وَذكر ابْن فتحون فِي التذييل. أنّ النبيَّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بعث
عَمْرو بن الْعَاصِ إِلَى الجُلَنْدَى وَالِد جَيْفَر وَعبد، يَدعُوهُ
إِلَى الإِسلام، فَلَمَّا قدم عَلَيْهِ عَمْرو وَدعَاهُ إِلَى الإِسلام
قَالَ الجُلَنْدَى: وَالله لقد دلَّني على صدق هَذَا النبيِّ الأميِّ أَنه
لَا يَأْمر بخيرٍ إلاّ كَانَ أوَّلَ آخذٍ بِهِ، وَلَا ينْهَى عَن شَرٍّ
إِلَّا كَانَ أوّلَ تاركٍ لَهُ، وَأَنه يَغلبُ
(1/117)
فَلَا يبْطَر، ويُغَلب فَلَا يضجر، وَأَنه
يَفي بالعهد، وينُجز الْموعد، أشهد أنّه نبيٌّ. ثمَّ أنْشد أبياتاً، ذكرهَا
ابْن فتحون / 34 ظ.
وبعثَ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] العَلاء بن الحَضْرَميَّ إِلَى الْمُنْذر
بن سَاوى بن الأَخنس العَبديّ، ملك الْبَحْرين، مُنصَرفَه من الجِعْرَانَة،
وَقيل: قبل الْفَتْح، فأَسلم وصدَّق. وَبعث المُهاجِر بن أَبي أُميّة
المخزوميّ إِلَى الْحَارِث بن عبد كَلال الحِمْيَريّ باليَمَن، فَأَجَابَهُ
بِأَنَّهُ سينظر فِي أمره. وَبعث أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ومعاذ بن جَبل
إِلَى الْيمن عِنْد انْصِرَافه من تَبُوك، وَقيل: فِي شهر ربيعٍ الآخر سنة
عشر داعيَين إِلَى الإِسلام، فأَسلم عامةُ أَهلهَا، مُلُوكهمْ وسُوقتهم،
طَوْعاً من غير قتال.
وَبعث جَرير بن عبد الله البَجَليّ بعد خَثْعَم إِلَى ذِي الكُلاع وَذي
عَمرو يدعوهما إِلَى الإِسلام، وأسلما. وتُوفِّي رَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] وجَرير عِنْدهم.
(1/118)
وَبعث عَمْرو بن أُميّة إِلَى مُسيلمة
الكذّاب بكتابٍ، وَكتب إِلَيْهِ بكتابٍ آخر، وبعثَه مَعَ السَّائب بن
العَوَّام، أخي الزُّبير بن العَوّام. وَبعث إِلَى فَروة بن عَمْرو
الجُذاميّ يَدعُوهُ إِلَى الإِسلام. وَقيل: لم يبْعَث إِلَيْهِ، وَكَانَ
عَاملا لقيصر بمُعانٍ، فأسلَمَ، وَكتب بِإِسْلَامِهِ، وَبعث هديّةً مَعَ
مَسْعُود بن سعد، وَهِي بَغلة شَهباء، يُقال لَهَا: فِضَّة، وفَرس يُقَال
لَهُ الضَّرب وحِمار يُقَال لَهُ: يَعفور، وأثواب، وقَباء سُنْدُس مُخوَّص
بِالذَّهَب. فَقَرَأَ النبيُّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] كتابَه، وقِبل
هديته، وفرّق الأثواب فِي نِسَائِهِ، وَأعْطى القَباء مخرَمَة بن نَوْفَل.
وَأَجَازَ مَسعود بن سعد اثْنَتَيْ عشرَة أوقيّة ونشا. وَبلغ ملِكَ الرّوم
ذَلِك؛ فأرسَل إِلَى فَروة يُخوّفُه فَلم يرجع عَن الْإِسْلَام. فحَبسَه /
35 و. وَمَات فِي الحَبس. وَقيل: صَلبه بفِلَسطين. وَبعث عيّاش بن أبي
ربيعَة المخزوميّ بِكِتَاب إِلَى الْحَارِث ومَسروح ونُعيم بني عَبْد
كَلَال من حِمْيَر يَدعُوهُم إِلَى الإِسلام، فقبلوا. وَبعث مُحَمَّد بن
بُدَيل بن وَرْقاء الخُزاعي وأخاه عبد الله إِلَى أهل الْيمن. وقُتلا
بصِفِّين، رَضِي الله عَنْهُمَا.
(1/119)
ذِكرُ مؤذِّنيه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
كَانَ لَهُ أَرْبَعَة مَؤذِّنين، اثْنَان بِالْمَدِينَةِ، بِلال بن رَباح
مولى أبي بكر الصدّيق، وَهُوَ أوّل من أذّن لرَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] ، وعَمرو بن أُمّ مَكتوم القرشيّ العامريّ الْأَعْمَى،
وَأَبُو مَحذورة أَوْس بن مِعْيَر الجُمحَي بمكَّة. وَسعد الْقرظ بن عَائِذ
مولى عمّار بن يَاسر بقُباء.
ذِكر أُمرائه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
باذَانُ، وَيُقَال: باذَام بن سَاسَان بن بلاش بن الْملك جَاما ساف بن
الْملك فَيْرُوز بن الْملك يزدجُرد بن الْملك بهْرَام جُور الفارسيّ،
أَمَّره رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بعد موت كسْرَى، على اليَمن
كلّها، فَهُوَ أول أميرٍ فِي الإِسلام على الْيمن، وأَول مَن أسلم مِن
مُلُوك العَجَم، وَمَات فِي حَيَاة النبيّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] فولّى
ابْنه شهْر بن باذان
(1/120)
صَنعاء وأَعمالها فَقَط.
وولّى المهاجرَ بن / 35 ظ. أَبي أميّة المخزوميّ كِنْدة والصَّدِف، فتوفِّي
رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَلم يَسِر إِلَيْهَا، فَبَعثه
أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - إِلَى قتال ناسٍ من الْمُرْتَدين. وولّى
زِيَاد بن لَبيد البياضيّ الأنصاريّ حَضْرَمَوْت، وولّى أَبَا مُوسَى
الأَشعريَّ زَبيدَ وعَدَن ورِمَع والساحِل. وولَّى مُعاذ بن جَبَل الجَنَد.
وأمّر عتَّاب بن أَسيد على مكّة، وإقامةِ المَوسم والحجِّ بِالْمُسْلِمين
سنة ثمانٍ، وَهُوَ دون الْعشْرين سنة فِي سِنِّه، وَقيل: ابْن إِحْدَى
وَعشْرين سنة. وأمّر أَبَا سُفيان صَخْر بن حَرب بن أُميّة بن عبد شمس على
نَجْران، وأمّر ابْنه يزِيد بن أبي سُفيان على تَيْماء.
وأمّر خَالِد بن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميّة بن عبد شمس على صَنعاء بعد قتل
شهر بن باذان، قَتله الأسودُ العَنسيّ الكذّاب. وأمّر أَخَاهُ عَمْرو بن
سعيد بن الْعَاصِ على وَادي الْقرى، وأمّر أخاهماالحكم بن سعيد بن الْعَاصِ
على قُرى عُرَيْنة، وَهِي فَدَك وَغَيرهمَا. وأمّر أَخَاهُم أَبان بن سعيد
على مدينَة الخَطّ بالبحرَين، وَهِي الَّتِي تُنسب إِلَيْهَا الرماح
الخطيّة / 36 و. وأمّر الْعَلَاء بن الحَضْرَمي على القَطِيف
بِالْبَحْرَيْنِ.
(1/121)
وأمّر عَمْرو بن الْعَاصِ على عُمان
وأعمالها. وأمّر عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ على الطَّائِف.
وأمّر مَحْمِيَة بن جَزْء بن عبد يَغُوث بن عُوَيْج بن عَمْرو بن زُبَيد
الزُّبيدي على الْأَخْمَاس الَّتِي تختصُّ بِهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
. وأمّر عَليّ بن أبي طَالب على الْأَخْمَاس بِالْيمن، وولاّه القضاءَ
بهَا. وأمّر عَديَّ بن حاتِم على صَدقات بني أَسد وطيء. وأمّر جمَاعَة
كَثِيرَة على الصَّدقَات، لِأَنَّهُ كَانَ على كل قَبيلَة والٍ يقبض
صدقاتها، وأمّر أَبَا بكر الصدِّيق على إِقَامَة موسم الحجّ سنة تسعٍ،
وَبعث على إثْره عليّاً يقْرَأ علىَ النَّاس سُورَة بَرَاءَة.
فصْل:
كَانَ عَمرو بن عَبَسَة السُّلميّ صديق رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] قبل النبوّة. قَالَه ابْن حزم، وَفِي صَحِيح مُسلم مَا يَقْتَضِي
خلاف ذَلِك. وحرَسَه [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَوْم بدرٍ
(1/122)
حِين نَام فِي العَريش سعد بن مُعاذ، وحرسَه يَوْم أُحد مُحَمَّد بن
مَسْلمة، وَيَوْم الخَنْدَق الزُّبير بن العوّام، وَلَيْلَة بني بصفيَّة
أَبُو أَيوب، وبوادي القُرى بلالٌ، وحرسَه سعد بن أبي وقّاص وذَكْوان بن
عبد قيس، وَكَانَ على حَرسِه عَبّاد بن بِشر، فَلَمَّا نزل قَوْله
تَعَالَى: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس} تركَ الحرسَ. وَالَّذين كَانُوا
يضْربُونَ الأَعناق بَين يديهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] عليٌّ بن أبي
طَالب، والزُّبير بن العوّام، والمقداد بن عَمْرو وَمُحَمّد بن مَسْلمة
وَعَاصِم بن ثَابت بن أبي الأَقْلح، والضّحاك بن سُفيان الْكلابِي.
وَكَانَ قيس بن سعد بن عُبادة مِنْهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
بِمَنْزِلَة صَاحب الشرطة من الْأَمِير. ووقف المُغيرة بن شُعْبة على رَأسه
بِالسَّيْفِ يَوْم الحُديبيّة. وَكَانَ بِلال المؤذِّن على نفقاته،
ومُعيقيب بن أبي فَاطِمَة الدَّوسيّ على خَاتمه، وَكَانَ ذُؤَيب بن
حَلْحَلَة بن / 36 ظ. عَمرو الخُزاعيّ، وَالِد الْفَقِيه قَبيصَة بن
ذُؤَيْب صاحبَ بُدْن رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] الَّتِي أَهدى،
والناظرَ عَلَيْهَا. وَقد أَذِنَ عَلَيْهِ رَباحٌ الْأسود وأنَسَة
موليَاهُ، وَأَبُو مُوسَى الأَشعري. وَكَانَ شعراؤه الَّذين يَذبُّون عَن
الإِسلام بألسنتهم: كَعْب بن مَالك السَّلِمي، وَعبد الله بن رَوَاحة،
وحسَّان بن ثَابت الأنصاريَّين، وخطيبهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] ثَابت
بن قيس بن شَمَّاس، وفارسُه أَبُو قَتَادة الْأنْصَارِيّ. |