المصباح
المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي حرف الْحَاء
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْمُلُوك الْحَارِث بن
أبي شمر الغساني
وَكَانَ بِدِمَشْق فَكتب إِلَيْهِ كتابا مَعَ شُجَاع بن وهب مرجعه من
الْمَدِينَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من مُحَمَّد رَسُول الله إِلَى الْحَارِث
بن أبي شمر سَلام على من اتبع الْهدى وآمن بِهِ وَصدق وَإِنِّي أَدْعُوك
إِلَى أَن تؤمن بِاللَّه وَحده لَا شريك لَهُ يبْقى لَك ملكك
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ روى الْوَاقِدِيّ عَن أشياخه قَالُوا بعث رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شُجَاع بن وهب الْأَسدي إِلَى الْحَارِث بن
أبي شمر يَدعُوهُ إِلَى الْإِسْلَام وَكتب مَعَه كتابا قَالَ شُجَاع
فانتهيت إِلَيْهِ وَهُوَ بغوطة دمشق مَشْغُول بتهيئة الْإِنْزَال والإلطاف
لقيصر وَهُوَ جَاءَ من حمص إِلَى
(2/261)
إيلياء فأقمت على بَابه يَوْمَيْنِ أَو
ثَلَاثَة فَقلت لحاجبه إِنِّي رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَقَالَ لَا تصل إِلَيْهِ حَتَّى يخرج فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا وَجعل
حَاجِبه وَكَانَ روميا يسألني عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَكنت أحدثه عَن صفته وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ فيرق حَتَّى يغلبه الْبكاء
وَيَقُول إِنِّي قَرَأت الْإِنْجِيل فأجد صفة هَذَا النَّبِي ونعته وَأَنا
أومن بِهِ وأصدقه وأخاف من الْحَارِث أَن يقتلني وَكَانَ يكرمني وَيحسن
ضيافتي
وَخرج الْحَارِث يَوْمًا فَجَلَسَ وَوضع التَّاج على رَأسه فَأذن لي
عَلَيْهِ فَدفعت إِلَيْهِ كتاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقرأه
ثمَّ رمى بِهِ فَقَالَ من ينْزع مني ملكي أَنا سَائِر إِلَيْهِ زَاد ابْن
سعد وَلَو كَانَ بِالْيمن جِئْته عَليّ بِالنَّاسِ فَلم يزل يعرض حَتَّى
قَامَ وَأمر بالخيول تنعل ثمَّ قَالَ أخبر صَاحبك بِمَا ترى وَكتب إِلَى
قَيْصر يُخبرهُ خبري وَمَا عزم عَلَيْهِ فَكتب إِلَيْهِ قَيْصر أَن لَا تسر
إِلَيْهِ واله عَنهُ وائتنى بايلياء فَلَمَّا جَاءَ جَوَاب كِتَابه دَعَاني
فَقَالَ مَتى تُرِيدُ أَن تخرج إِلَى صَاحبك فَقلت غَدا فَأمرنِي بِمِائَة
مِثْقَال ذَهَبا ووصلني حَاجِبه بِنَفَقَة وَكِسْوَة وَقَالَ اقْرَأ على
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مني السَّلَام
فَقدمت على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَخْبَرته فَقَالَ باد ملكه
زَاد ابْن سعد وَأَقْرَأْته من مرى السَّلَام وَهُوَ الْحَاجِب وأخبرته
بِمَا قَالَ فَقَالَ
(2/262)
رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صدق
وَمَات الْحَارِث بن أبي شمر عَام الْفَتْح
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ من الْمُلُوك الْحَارِث بن عبد كلال
قَالَ مُحَمَّد بن سعد فِي الطَّبَقَات عَن الزُّهْرِيّ قَالَ كتب رَسُول
الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْحَارِث ومسروح ونعيم بن عبد كلال من
حمير سلم أَنْتُم مَا آمنتم بِاللَّه وَرَسُوله وَإِن الله وَحده لَا شريك
لَهُ بعث مُوسَى بآياته وَخلق عِيسَى بكلماته قَالَت الْيَهُود عُزَيْر
ابْن الله وَقَالَت النصاري الله ثَالِث ثَلَاثَة عِيسَى ابْن الله
قَالَ وَبعث بِالْكتاب مَعَ عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي وَقَالَ
إِذا جِئْت أَرضهم فَلَا تدخلن لَيْلًا حَتَّى تصبح ثمَّ تطهر فَأحْسن
طهورك وصل رَكْعَتَيْنِ وسل الله النجاح وَالْقَبُول واستعذ بِاللَّه وَخذ
كتابي بيمينك وادفعه بيمينك فِي أَيْمَانهم فانهم قابلون واقرأ عَلَيْهِم
{لم يكن الَّذين كفرُوا من أهل الْكتاب وَالْمُشْرِكين منفكين} فَإِذا فرغت
مِنْهَا فَقل آمن بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا أول
الْمُؤمنِينَ فَلَنْ تَأْتِيك حجَّة
(2/263)
إِلَّا دحضت وَلَا كتاب زخرف إِلَّا ذهب
نوره وهم قارئون عَلَيْك فَإِذا رطنوا فَقل ترجمو وَقل حسبي الله آمَنت
بِمَا أنزل الله من كتب وَأمرت لأعدل بَيْنكُم الله رَبنَا وربكم لنا
أَعمالنَا وَلكم أَعمالكُم لَا حجَّة بَيْننَا وَبَيْنكُم الله يجمع
بَيْننَا وَإِلَيْهِ الْمصير فاذا أَسْلمُوا فسلهم قضبهم الثَّلَاثَة
الَّتِي إِذا حَضَرُوا بهَا سجدوا وَهِي من الأثل قضيب ملمع ببياض وصفرة
وقضيب ذُو عجر كَأَنَّهُ خيزران والأسد البهيم كَأَنَّهُ من ساسم ثمَّ
أخرجهَا فحرقها بسوقهم
قَالَ عَيَّاش فَخرجت أفعل مَا أَمرنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم حَتَّى إِذا دخلت إِذا النَّاس قد لبسوا زينتهم قَالَ فمررت لأنظر
إِلَيْهِم حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى ستور عِظَام على أَبْوَاب دور ثَلَاث
فَكشفت الستور وَدخلت الْبَاب الْأَوْسَط فانتهيت إِلَى قوم فِي قاعة
الدَّار فَقلت أَنا رَسُول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفعلت مَا
أَمرنِي فقبلوا وَكَانَ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ السُّهيْلي وَأما الْمُهَاجِرين أبي أُميَّة فَقدم على
(2/264)
الْحَارِث ابْن عبد كلال فَقَالَ لَهُ يَا
حَارِث إِنَّك كنت أول من عرض عَلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم نَفسه فخطئت عَنهُ وَأَنت أعظم الْمُلُوك قدرا فَإِذا نظرت فِي
غَلَبَة الْمُلُوك فَانْظُر فِي غَالب الْمُلُوك فَإِذا سرك يَوْمك فخف غدك
وَقد كَانَ قبلك مُلُوك ذهبت آثارها وَبقيت أَخْبَارهَا عاشوا طَويلا
وأملوا بَعيدا وتزودوا قَلِيلا مِنْهُم من أدْركهُ الْمَوْت وَمِنْهُم من
أَكلته النقم وَإِنِّي أَدْعُوك إِلَى الرب الَّذِي إِن أردْت الْهدى لم
يمنعك وَإِن أرادك لم يمنعهُ مِنْك أحد وأدعوك إِلَى النَّبِي الْأُمِّي
الَّذِي لَيْسَ لَهُ شَيْء أحسن مِمَّا يَأْمر بِهِ وَلَا أقبح مِمَّا
يُنْهِي عَنهُ وَأعلم أَن لَك رَبًّا يُمِيت الْحَيّ ويحيي الْمَيِّت
وَيعلم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفي الصُّدُور فَقَالَ الْحَارِث قد
كَانَ هَذَا النَّبِي عرض نَفسه عَليّ فخطئت عَنهُ وَكَانَ ذخْرا لمن صَار
إِلَيْهِ وَكَانَ أمره أمرا بسق فحضره الْيَأْس وَغَابَ عَنهُ الطمع وَلم
يكن لي قرَابَة أحتمله عَلَيْهَا وَلَا لي فِيهِ هوى أتبعه لَهُ غير أَنِّي
أرى أمرا لم يوسوسه الْكَذِب وَلم يسْندهُ الْبَاطِل لَهُ بَدْء سَار
وعاقبة نافعة وسأنظر
قَوْله أمرا بسق أَي علا يُقَال بسق فلَان على أَصْحَابه أَي علاهم الوسواس
حَدِيث النَّفس قَالَه الْجَوْهَرِي
(2/265)
حرف الْخَاء
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَالِد بن ضماد
الْأَزْدِيّ
قَالَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
لخَالِد بن ضماد الْأَزْدِيّ إِن لَهُ مَا أسلم عَلَيْهِ من أرضه على أَن
يُؤمن بِاللَّه لَا شريك لَهُ وَيشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله
وعَلى أَن يُقيم الصَّلَاة وَيُؤْتى الزَّكَاة ويصوم شهر رَمَضَان ويحج
الْبَيْت وَلَا يؤوي مُحدثا وَلَا يرتاب وعَلى أَن ينصح لله وَلِرَسُولِهِ
وعَلى أَن يحب أحباء الله وَيبغض أَعدَاء الله وعَلى مُحَمَّد النَّبِي صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمنعهُ مِمَّا يمْنَع مِنْهُ نَفسه وَمَاله
وَأَهله وَأَن لخَالِد الْأَزْدِيّ ذمَّة الله وَذمَّة مُحَمَّد النَّبِي
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن وفى بِهَذَا وَكتب أبي
(2/266)
حرف الرَّاء
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ ربيعَة الْحَضْرَمِيّ
قَالَ ابْن سعد وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِرَبِيعَة بن
ذِي مرحب الْحَضْرَمِيّ وَإِخْوَته وأعمامه ان لَهُم أَمْوَالهم ونحلهم
ورقيقهم وآبارهم وشجرهم ومياههم وسواقيهم ونبتهم وشراجهم بحضرموت الشرج
مسيل مَاء من الْحرَّة إِلَى السهل وَالْجمع شراج وشروج وشرج الْوَادي
منفسحه وَالْجمع أشراج قَالَه الْجَوْهَرِي وكل مَال لآل ذِي مرحب وَإِن كل
رهن بأرضهم يحْسب ثمره وسدره وقضبه من رَهنه الَّذِي هُوَ فِيهِ القضب
الرّطبَة من القت وَهُوَ نوع من الْعلف للدواب يقطع والقضب الْقطع وَإِن كل
مَا كَانَ فِي ثمارهم من خير فَإِنَّهُ لَا يسْأَله أحد عَنهُ وَأَن الله
وَرَسُوله بُرَآء مِنْهُ وان نصر آل ذِي
(2/267)
مرحب على جمَاعَة الْمُسلمين وان أَرضهم
بريئة من الْجور وان أَمْوَالهم وأنفسهم زَافِر حَائِط الْملك الَّذِي
كَانَ يسيل إِلَى آل قيس وان الله وَرَسُوله جَار على ذَلِك وَكتب
مُعَاوِيَة
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رِفَاعَة بن زيد الجذامي
ثمَّ الضبيبي
قَالَ ابْن إِسْحَاق وَقدم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي
الْحُدَيْبِيَة هدنة قبل خَيْبَر رِفَاعَة بن زيد الجذامي ثمَّ الضبيبي
فأهدى لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم غُلَاما قَالَ ابْن الْبر
غُلَاما أسود الْمُسَمّى بمدعم الْمَقْتُول بِخَيْبَر وَأسلم رِفَاعَة
وَحسن أسلامه وَكتب لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتابا إِلَى
قومه وَفِي كِتَابه بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذَا كتاب من مُحَمَّد
رَسُول الله لِرفَاعَة بن زيد اني بعثته إِلَى قومه عَامَّة وَمن دخل فيهم
يَدعُوهُم إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله فَمن أقبل مِنْهُم فَفِي حزب الله
وحزب رَسُوله وَمن أدبر فَلهُ أَمَان شَهْرَيْن
(2/268)
فَلَمَّا قدم رِفَاعَة على قومه أجابوا
وَأَسْلمُوا ثمَّ سَار إِلَى الْحرَّة حرَّة الرجلاء فنزلها حرَّة الرجلاء
بِفَتْح أَوله مَمْدُود فِي ديار جذام قَالَه الْبكْرِيّ قَالَ ابْن عبد
الْبر أهل النّسَب يَقُولُونَ الضيني من بني ضين بالنُّون من جذام
(2/269)
حرف الزَّاي
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زرْعَة من أقيال حَضرمَوْت
قَالَ ابْن سعد وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أقيال
حَضرمَوْت وعظمائهم كتب إِلَى زرْعَة وقهد والبسي والبحيري وَعبد كلال
وَرَبِيعَة وَحجر وَقد مدح الشَّاعِر بعض أقيالهم فَقَالَ
(أَلا إِن خير النَّاس كلهم قهد ... وَعبد كلال خير سَائِرهمْ بعد)
وَقَالَ آخر يمدح زرْعَة
(أَلا إِن خير النَّاس بعد مُحَمَّد ... لزرعة إِن كَانَ الْبُحَيْرِي
أسلما)
(2/270)
|