المصباح المضي في كتاب النبي الأمي ورسله إلى ملوك الأرض من عربي وعجمي

حرف السِّين

وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذُو الكلاع الْحِمْيَرِي سميفع

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ كَانَ ذُو الكلاع من مُلُوك الطَّائِف واسْمه سميفع بن حَوْشَب وَكَانَ قد استعلى على ربه وَادّعى الربوبية فكاتبه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على يَد جرير بن عبد الله البَجلِيّ وَمَات رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قبل عود جرير وَأقَام ذُو الكلاع على مَا هُوَ عَلَيْهِ إِلَى أَيَّام عمر ثمَّ رغب فِي الْإِسْلَام فوفد على عمر رَضِي الله عَنهُ وَمَعَهُ ثَمَانِيَة آلَاف عبد فَأسلم على يَده وعبيده كلهم وَقَالَ لعمر لي ذَنْب مَا أَظن أَن الله يغفره قَالَ مَا هُوَ قَالَ تواريت مرّة عَمَّن يتعبد لي ثمَّ أشرفت عَلَيْهِم فَسجدَ لي زهاء مائَة ألف فَقَالَ عمر التَّوْبَة بالإخلاص يُرْجَى بهَا الغفران
وَرُوِيَ عَن دَاوُد عَن رجل من قومه قَالَ بَعَثَنِي قومِي بهدية إِلَى

(2/271)


ذِي الكلاع فِي الْجَاهِلِيَّة فَمَكثت سنة لَا أصل إِلَيْهِ ثمَّ إِنَّه أشرف بعد ذَلِك من الْقصر فَلم يره أحد إِلَّا خر لَهُ سَاجِدا ثمَّ رَأَيْته بعد ذَلِك فِي الْإِسْلَام قد اشْترى لَحْمًا بدرهم فسمطه على فرسه ثمَّ أنشأ يَقُول
(أُفٍّ للدنيا إِذا كَانَت كَذَا ... أَنا مِنْهَا كل يَوْم فِي أَذَى)
(وَلَقَد كنت إِذا مَا قيل من ... أنعم النَّاس معاشا قيل ذَا)
(ثمَّ بدلت بعيشي شقوة ... حبذا هَذَا شقاء حبذا)
قَالَ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات وَبعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جرير بن عبد الله البَجلِيّ إِلَى ذِي الكلاع بن ناكور بن حبيب بن مَالك بن حسان بن تبع وَإِلَى ذِي عَمْرو يدعوهما إِلَى الْإِسْلَام فَأَسْلمَا وَأسْلمت ضريبة بنت أَبْرَهَة بن الصَّباح امْرَأَة ذِي الكلاع وَتُوفِّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَجَرِير عِنْدهم فَأخْبرهُ ذُو عَمْرو بوفاته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرجع جرير إِلَى الْمَدِينَة
وروى الْوَاقِدِيّ فِي فتوح مصر أَن ذَا الكلاع حضر مَعَ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فتح مربوط بَلْدَة بِقرب الْإسْكَنْدَريَّة وَمَات وهم نزُول بهَا قَالَ وَكَانَ ملك حمير وَكَانَ قبل دُخُوله فِي الْإِسْلَام يركب

(2/272)


لَهُ اثْنَا عشر ألف مَمْلُوك من السودَان شري قَالَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ لقد رَأَيْته بعد تِلْكَ الحشمة يمشي فِي سوق الْمَدِينَة وَجلد شَاة على كتفه حِين قدم من الْيمن للْجِهَاد فِي أَيَّام أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فَلَمَّا مَاتَ رثاه وَلَده فرج بِمَا رثى بِهِ حمير لِأَبِيهِ سبأ بن يشجب حَيْثُ يَقُول
(عجبت ليومك مَاذَا فعل ... وسلطان عزك كَيفَ انْتقل)
(فَأسْلمت ملكك لَا طَائِعا ... وسلمت لِلْأَمْرِ لما نزل)
(فَلَا تبعدن فَكل امْرِئ ... سيدركه بالمنون الْأَجَل)
(بلغت من الْملك أقْصَى المنى ... نقلت وعزك لم ينْتَقل)
(صَحِبت الدهور فأفنيتها ... وَمَا شَاءَ سعيك فِيهَا فعل)
(بنيت الْقُصُور كَمثل الْجبَال ... ذهبت فَلم يبْق إِلَّا الطلل)
(نعمنا بأيامك الصَّالِحَات ... شربنا بسيحك وَبلا وطل)

(2/273)


(نؤمل فِي الدَّهْر أقْصَى المنى ... وَلم ندر بِالْأَمر حَتَّى نزل)
(فَزَالَتْ لعمرك شم الْجبَال ... وَلم يَك حزنك فِيهَا هُبل)
قَالَ وَحمله ابْن عَمه عجلَان بن مضاض الْحِمْيَرِي إِلَى مصر بعد أَن صبره وعول أَن يسير بِهِ إِلَى الْيمن
قَوْله بسيحك السيح المَاء الْجَارِي والوابل الْمَطَر الشَّديد وَقد وبلت السَّمَاء تبل وَالْأَرْض موبولة والطل أَضْعَف من الْمَطَر وَالْجمع الطلال تَقول طلت الأَرْض وطلها الندى فَهِيَ مطلولة قَالَه الْجَوْهَرِي
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعيد بن سُفْيَان الرعلي

قَالَ ابْن سعد وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لسَعِيد بن سُفْيَان الرعلي هَذَا مَا أعْطى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سعيد بن سُفْيَان الرعلي أعطَاهُ نَخْلَة السوارقية وقصرها لَا يحاقه فِيهَا أحد وَمن حاقه

(2/274)


فَلَا حق لَهُ وَحقه حق وَكتب خَالِد ابْن سعيد
وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمْعَان الراقع

قَالَ ابْن سعد كتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى سمْعَان ابْن عَمْرو بن قريط بن عبيد بن أبي بكر بن كلاب مَعَ عبد الله بن عَوْسَجَة العرني فرقع بكتابه دلوه فَقيل لَهُم بَنو الراقع ثمَّ أسلم سمْعَان وَقدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ
(أَقلنِي كَمَا أمنت وردا وَلم أكن ... بِأَسْوَأ ذَنبا إِذْ أَتَيْتُك من ورد)
وروى ابْن سعد بِسَنَدِهِ عَن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي أَن العرني أَتَاهُ بِكِتَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فرقع بِهِ دلوه فَقَالَت لَهُ ابْنَته مَا أَرَاك إِلَّا ستصيبك قَارِعَة أَتَاك كتاب سيد الْعَرَب فرقعت بِهِ دلوك فَمر بِهِ جَيش لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاستباحوا كل شَيْء لَهُ فَأسلم وأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأخْبرهُ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا أصبت من مَال قبل أَن تقسمه الْمُسلمُونَ فَأَنت أَحَق بِهِ

(2/275)


قَالَ ابْن عبد الْبر سمْعَان بن عَمْرو الْأَسْلَمِيّ إِسْنَاد حَدِيثه لَيْسَ بالقائم فَلَا أَدْرِي هُوَ الَّذِي ذكره ابْن سعد أَو غَيره فَالله أعلم
حرف الْعين

وَمِمَّنْ كتب إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عبد يَغُوث بن وَعلة الْحَارِثِيّ

قَالَ ابْن سعد وَكتب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعبد يَغُوث بن وَعلة الْحَارِثِيّ إِن لَهُ مَا أسلم عَلَيْهِ من أرْضهَا وأشائها يعْنى نخلها مَا أَقَامَ الصَّلَاة وَآتى الزَّكَاة وَأعْطى خمس الْمَغَانِم فِي الْغَزْو وَلَا عشر وَلَا حشر وَمن تبعه من قومه وَكتب الأرقم ابْن أبي الأرقم المَخْزُومِي

(2/276)