إمتاع
الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع سحر لبيد بن الأعصم لرسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه وسلّم
وفي محرم سنة سبع سحر لبيد بن الأعصم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
على مال جعله له من بقي بالمدينة من اليهود والمنافقين.
(1/305)
غزوة خيبر
وكانت غزوة خيبر في صفر سنة سبع، وبينها وبين المدينة ثمانية برد، مشى
ثلاثة أيام. وقيل: سميت بخيبر بن قانية بن هلال بن مهلهل بن عبيل بن عوض
ابن إرم بن سام بن نوح [ (1) ] : وكان عثمان بن عفان مصرّها.
أول الخروج إلى خيبر
ويقال: خرج رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لهلال ربيع الأول. ونقل عن
الإمام مالك أن خيبر كانت في سنة ست. وإليه ذهب أبو محمد بن حزم، والجمهور
على أنها كانت في سنة سبع، وأمر أصحابه بالتهيّؤ للغزو، واستنفر من حوله
يغزون معه. وجاءه المخلفون عنه في غزوة الحديبيّة ليخرجوا معه رجاء
الغنيمة،
فقال: لا تخرجوا معي إلا راغبين في الجهاد، وأما الغنيمة فلا.
وبعث مناديا فنادى: لا يخرجن معنا إلا راغب في الجهاد. واستخلف على المدينة
سباع بن عرفطة الغفاريّ، وقيل: أبا ذر، وقيل: نميلة بن عبد اللَّه الليثي.
ما كانت تفعله يهود قبل غزو المسلمين
وكان يهود خيبر لا يظنون أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يغزوهم،
لمنعتهم وحصونهم وسلاحهم وعددهم، كانوا يخرجون كل يوم عشرة آلاف مقاتل
صفوفا ثم يقولون:
محمد يغزونا!! هيهات هيهات [ (2) ] ! فعمى اللَّه عليهم، فخرج النبي صلّى
اللَّه عليه وسلّم حتى نزل بساحتهم ليلا.
دعاء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لما أشرف خيبر
ولما أشرف على خيبر قال لأصحابه: قفوا، ثم قال قولوا: اللَّهمّ ربّ السموات
السبع وما أظلت، وربّ الأرضين السبع وما أقلت، [ورب الشياطين وما أضللن] [
(1) ] ، ورب الرياح وما ذرت، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما
فيها، ونعوذ بك من شرها [وشر أهلها] [ (3) ] وشر ما فيها! ثم قال:
__________
[ (1) ] (معجم البلدان) ج 2 ص 409، 410.
[ (2) ] اسم فعل ماض بمعنى «بعد» .
[ (3) ] زيادة في بعض كتب السيرة، وفي (خ) و (الواقدي) ج 2 ص 642 بدون هذه
الزيادة، وذكره الإمام النووي في (الأذكار) ص 201 (باب ما يقول إذا رأى
قرية يريد دخولها أو لا يريد) .
(1/306)
ادخلوا على بركة اللَّه. وعرّس بمنزله
ساعة.
خبر يهود وغزو المسلمين
وكانت يهود يقومون كل ليلة قبل الفجر، ويصفون الكتائب، وخرج كنانة ابن أبي
الحقيق في أربعة عشر رجلا إلى غطفان، يدعوهم إلى نصرهم ولهم نصف ثم خيبر
سنة. فلما نزل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بساحتهم، لم يتحركوا تلك
الليلة، ولم يصح لهم ديك، حتى طلعت الشمس، فأصبحوا وأفئدتهم تخفق، وفتحوا
حصونهم، [وغدوا إلى أعمالهم] [ (1) ] ، معهم المساحي والكرازين والمكاتل،
فلما نظروا المسلمين قالوا: محمد والخميس [ (2) ] !! وولوا هاربين إلى
حصونهم،
ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم يقول: اللَّه أكبر! خربت خيبر! إنا
إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
قتال أهل النطاة
وقاتل يومه ذلك إلى الليل أهل النّطاة [ (3) ] ، فلما أمسى تحول بالناس إلى
الرجيع [ (4) ] . وكان يغدو [ (5) ] بالمسلمين على راياتهم. وكان شعارهم:
يا منصور أمت. وأمر بقطع نخلهم، فوقع المسلمون في قطعها حتى قطعوا أربعمائة
عذق [ (6) ] ، ثم نادى بالنهي عن قطعها. ويروى أن رسول اللَّه صلّى اللَّه
عليه وسلّم لما نزل خيبر أخذته الشّقيّقة [ (7) ] ، فلم يخرج إلى الناس.
__________
[ (1) ] زيادة من (ابن سعد) ج 2 ص 106.
[ (2) ] «يعنون بالخميس الجيش» المرجع السابق.
[ (3) ] حصن من حصون خيبر التي ذكرها (ابن سعد) ج 2 ص 106 «وهي: حصن الصعب
بن معاذ، وحصن ناعم، وحصن قامة الزبير والشقّ، وبه حصون منها حصن أبي وحصن
النزار، وحصون الكتيبة منها القموص والوطيح وسلالم، وهو حصن بني أبي
الحقيق» .
[ (4) ] الرجيع: «هو الموضع الّذي غدرت فيه عضل والقارة بالسبعة نفر الذين
بعثهم اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهذا غير ذلك، وذكر ابن إسحاق في
غزاة خيبر أنه عليه السلام حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر فبنى
له فيها مسجد ثم على الصهباء ثم أقبل حتى نزل بواد يقال له الرجيع ... وهذا
غير الأول لأن ذلك قرب الطائف وخيبر من ناحية الشام خمسة أيام عن المدينة،
فيكون بين الرجيعين أكثر من خمسة عشر يوما» (معجم البلدان) ج 3 ص 29.
[ (5) ] في (خ) «يغذو» .
[ (6) ] العذق: النخلة بحملها (ترتيب القاموس) ج 3 ص 179.
[ (7) ] الشقيقة: وجع يأخذ نصف الرأس والوجه (ترتيب القاموس) ج 2 ص 739،
(زاد المعاد) ج 4 ص 87 فصل هديه صلّى اللَّه عليه وسلّم في علاج الصداع
والشقيقة.
(1/307)
مقتل محمود بن مسلمة
قال الواقدي: وجلس محمود بن مسلمة الأنصاري تحت حصن ناعم يتبع فيئة [ (1) ]
، وقد قاتل يومئذ، وكان يوما صائفا [ (2) ] ، فدلّى عليه مرحب [اليهودي] [
(3) ] رحى فهشمت البيضة، وسقطت جلدة جبينه على وجهه، وندرت عينه [ (4) ] ،
فأتى به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فرد الجلدة كما كانت، وعصبها
بثوب، وتحوّل إلى الرجيع خشية على أصحابه من البيات. فكان مقامه بالرجيع
سبعة أيام، يغدو كل يوم للقتال، ويستخلف على العسكر عثمان بن عفان رضي
اللَّه عنه ويقاتل أهل النطاة يومه [ (5) ] ، فإذا أمسى رجع إلى الرجيع،
ومن جرح يحمل إلى العسكر ليداوى. فجرح أول يوم خمسون من المسلمين.
اليهودي المستأمن
ونادى يهودي من أهل النطاة بعد ليل: أنا آمن وأبلغكم؟ فقالوا: نعم! فدخل
على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فدله على عورة يهود. فدعا أصحابه
وحضّهم على الجهاد.
فغدوا عليهم، فظفرهم اللَّه بهم، فلم يك في النطاة شيء من الذرية، فلما
انتهوا إلى الشق وجدوا فيه ذرية، فدفع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
إلى اليهودي زوجته.
حراسة المسلمين وفتح النطاة
وكانت الحراسة نوبا بين المسلمين، حتى فتح اللَّه حصن النطاة، فوجد فيها
منجنيق، فنصب على حصن النزار [ (6) ] ، ففتحه اللَّه، ونازل المسلمون حصن
ناعم في النطاة، فنهى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن القتال حتى
يأذن لهم. فعمد رجل من أشجع فحمل على يهود فقتله مرحب،
فنادى منادي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا تحل الجنة لعاص.
ثم أمر الناس بالقتال. وكان ليهود عبد حبشي اسمه يسار، في ملك عامر
اليهودي، يرعى له غنما، فأقبل بالغنم حتى أسلم، ورد الغنم لصاحبها، وقاتل
حتى قتل شهيدا.
__________
[ (1) ] في (خ) «فئة» والفيء: الظل.
[ (2) ] الصائف: شديد الحر.
[ (3) ] زيادة للإيضاح.
[ (4) ] ندر الشيء ندورا: سقط من جوف شيء، أو من بين أشياء تظهر (ترتيب
القاموس) ج 4 ص 347.
[ (5) ] في (خ) «قومه» .
[ (6) ] في (خ) «البراز» .
(1/308)
الألوية، وأول راية
في الإسلام
وفرق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم الرايات، ولم تكن راية قبل خيبر،
إنما كانت الألوية، فكانت راية النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم سوداء تدعى
العقاب: من برد لعائشة رضي اللَّه عنها، ولواؤه أبيض، ورفع راية إلى علي،
وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سعد ابن عبادة رضي اللَّه عنهم.
مدد عيينة بن حصن ليهود
وكان عيينة بن حصن قد أقبل مددا ليهود بغطفان في أربعة آلاف، فأرسل رسول
اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إليه أن يرجع وله نصف ثمر خيبر، فأبى أن
يتخلى عن حلفائه، فبعث اللَّه على غطفان الرعب، فخرجوا على الصعب والذلول [
(1) ] ، فذل عند ذلك عدو اللَّه كنانة بن أبي الحقيق، وأيقن بالهلكة.
حصن ناعم ورجوع المسلمين
وجثم [ (2) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على الحصون، وألحّ على
حصن ناعم بالرمي، ويهود تقاتل. ورسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على
فرس يقال له الظرب، وعليه درعان ومغفر وبيضة، وفي يده قناة وترس. وقد دفع
لواءه إلى رجل من المهاجرين فرجع ولم يصنع شيئا. فحث صلّى اللَّه عليه
وسلّم المسلمين على الجهاد، وسالت كتائب يهود: أمامهم الحارث أبو زينب يهذ
[ (3) ] الناس هذا. فساقهم صاحب راية الأنصار حتى انتهوا إلى الحصن فدخلوه،
وخرج أسير يقدم يهود، فكشف الأنصار حتى انتهى إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه
عليه وسلّم في موقفه، فاشتد ذلك على رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
وأمسى مهموما [ (4) ] .
[وخرج مع ذلك سعد بن عبادة] ،
فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: لأعطين الراية غدا رجلا يحبه اللَّه ورسوله،
يفتح اللَّه على يديه ليس بفرّار، أبشر يا محمد بن مسلمة! غدا- إن شاء
اللَّه تعالى- يقتل قاتل أخيك، وتولّي عادية يهود.
__________
[ (1) ] كناية عن شدة الرعب.
[ (2) ] جثم: لزم مكانه.
[ (3) ] في (خ) «بهذا» ، والهذّ: الإسراع.
[ (4) ] في (الواقدي) ج 2 ص 653 بعد قوله «مهموما» «وقد كان سعد بن عبادة
رجع مجروحا» فيستقيم بذلك السياق إذا قيل بعدها عبارة: [وخرج مع ذلك سعد بن
عبادة] .
(1/309)
بعثة علي لفتح حصن
ناعم
فلما أصبح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أرسل إلى علي رضي اللَّه
عنه- وهو أرمد- فقال [علي] [ (1) ] : ما أبصر سهلا ولا جبلا! فذهب إليه
فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: افتح عينيك! ففتحهما، فتفل فيهما، فما رمد
بعدها.
مقتل أبي زينب اليهودي
ثم دفع إليه اللواء، ودعا له ومن معه بالنصر. وكان أول من خرج إليه الحارث
أبو زينب- أخو مرحب- فانكشف المسلمون وثبت علي، فاضطربا ضربات فقتله عليّ،
وانهزم اليهود إلى حصنهم.
خبر مرحب اليهودي ومقتله
ثم خرج مرحب فحمل على عليّ وضربه، فاتقاه بالتّرس، فأطن ترس علي رضي اللَّه
عنه، فتناول بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه، فلم يزل في يده حتى فتح
اللَّه عليه الحصن، وبعث رجلا يبشر النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم بفتح حصن
مرحب.
ويقال: إن باب الحصن جرّب بعد ذلك، فلم يحمله أربعون رجلا. وروي- من وجه
ضعيف عن جابر: ثم اجتمع عليه سبعون رجلا، فكان جهدهم أن أعادوا الباب. وعن
أبي رافع: فلقد رأيتني في نفر مع سبعة- أنا ثامنهم- نجهد أن نقلب ذلك الباب
فما استطعنا أن نقلبه. وزعم بعضهم: أن حمل عليّ باب خيبر لا أصل له، وإنما
يروى عن رعاع الناس. وليس كذلك، فقد أخرجه ابن إسحاق في سيرته عن أبي رافع،
وأن سبعة لم يقلبوه. وأخرجه الحاكم من طرق منها: عن أبي علي الحافظ: حدثنا
الهيثم بن خلف الدوري، حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري [نسيب] [ (2) ]
السّدّي، حدثنا المطلب بن زياد، حدثنا الليث بن أبي سليم، حدثنا أبو جعفر
محمد بن علي بن حسين، عن جابر: أن عليا حمل الباب يوم خيبر، وأنه جرّب بعد
ذلك فلم يحمله أربعون رجلا.
__________
[ (1) ] زيادة للبيان.
[ (2) ] زيادة من نسبه (تهذيب التهذيب) ج 1 ص 325.
(1/310)
خبر مرحب وأسير
وياسر ومقتلهم
ويقال: إن مرحبا برز كالفحل الصئول يدعو للبراز، فخرج إليه محمد بن مسلمة
فتجاولا ساعة، وضرب محمد مرحبا فقطع رجليه وسقط، فمر به عليّ رضي اللَّه
عنه فضرب عنقه وأخذ سلبه، فأعطى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم سلبه
محمد بن مسلمة. وبرز أسير، فخرج له محمد بن مسلمة فقتله محمد، ثم برز ياسر،
وكان من أشدائهم، فقال:
قد علمت خيبر أني ياسر ... شاكي السلاح بطل مغاور
إذا الليوث أقبلت تبادر ... وأحجمت من صولتي المخاطر [ (1) ]
إن حماي فيه موت حاضر
فقتله الزبير رضي اللَّه عنه وهو يقول:
قد علمت خيبر أني زبّار ... قرم لقوم غير نكس فرّار
وابن حماة المجد وابن الأخيار ... ياسر! لا يغررك جمع الكفار
فجمعهم مثل السراب الجرار [ (2) ]
(وفي رواية: «فإنّهم مثل السراب الموّار» )
فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: أبشروا! قد ترحبت خيبر وتيسرت.
وبرز عامر فقتله عليّ وأخذ سلاحه.
البشرى بقتل قاتل محمود بن مسلمة
ولما قتل مرحب بعث رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم جعيل بن سراقة
الغفاريّ يبشر محمود ابن مسلمة: أن اللَّه قد أنزل فرائض البنات، وأن محمد
بن مسلمة قد قتل قاتله، فسر بذلك، ومات في اليوم الّذي قتل فيه مرحب، بعد
ثلاث من سقوط الرحى عليه.
فتح حصن الصعب بن معاذ بعد الجوع والجهد
وكان الناس قد أقاموا على حصن النطاة عشرة أيام لا يفتح، وجهدهم الجوع،
__________
[ (1) ] في (الطبري) ج 3 ص 11 «وأحجمت عن صوتي المغاور» .
[ (2) ] في (خ) «فإنّهم مثل الشراب الجار» وما أثبتناه من (الطبري) ج 3 ص
11.
(1/311)
فبعثوا أسماء بن حارثة بن هند بن عبد
اللَّه بن غياث بن سعد بن عمرو بن عامر ابن ثعلبة بن مالك بن أفصى الأسلمي
إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: نشكو الجوع والضعف، فادع اللَّه
لنا! فقال: اللَّهمّ افتح عليهم أعظم حصن فيه، أكثره طعاما وأكثره ودكا.
ودفع اللواء إلى الحباب بن المنذر بن الجموح، وندب الناس. فما رجعوا حتى
فتح اللَّه عليهم حصن الصعب.
خبر أبي اليسر في إطعام المسلمين
فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: من رجل يطعمنا من هذه الغنم؟
فقال أبو اليسر كعب ابن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب بن
سلمة: أنا يا رسول اللَّه! وخرج يسعى مثل الظبي، فقال عليه السلام:
اللَّهمّ متعنا به!
فأدرك الغنم وقد دخل أولها الحصن، فأخذ شاتين من آخرها واحتضنهما، ثم أقبل
عدوا، فأمر بهما رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فذبحتا [ (1) ]
وقسمتا، فما بقي أحد من أهل العسكر المحاصرين الحصن إلا أكل منها، وكانوا
عددا [ (2) ] كثيرا.
نحر الحمر الإنسية وتحريم لحمها
وخرج من الحصن عشرون حمارا أو ثلاثون، فأخذها المسلمون وانتحروها، وطبخوا
لحومها، فمر بهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم وهم على تلك الحال،
فسأل، فأخبر خبرها، وأمر فنودي: إن رسول اللَّه نهاكم عن لحوم [الحمر] [
(3) ] الإنسية فأكفئوا القدور.
النهي عن متعة النساء وكل ذي ناب ومخلب
[نهاكم] [ (4) ] عن متعة النساء [ (5) ] ، وعن كل ذي ناب ومخلب. وذبح
المسلمون فرسين قبل فتح حصن الصعب فأكلوا.
__________
[ (1) ] في (خ) «قد لحقا» .
[ (2) ] في (خ) «عدادا» .
[ (3) ] زيادة للسياق.
[ (4) ] زيادة للسياق.
[ (5) ] يقول (ابن القيم) في (زاد المعاد) ج 3 ص 343 وما بعدها: «ولم تحرم
المتعة يوم خيبر وإنما كان تحريمها عام الفتح هذا هو الصواب» .
«وقال الشافعيّ: لا أعلم شيئا حرّم، ثم أبيح، ثم حرّم إلا المتعة، قالوا:
نسخت مرتين، وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: لم تحرم إلا عام الفتح» .
(1/312)
مقتل عامر بن سنان
الأنصاري
وقتل عامر بن سنان الأنصاري- عمّ سلمة [ (1) ] بن عمرو بن الأكوع [وسنان هو
الأكوع]- وقد لقي يهوديا فبدره بضربة، فاتقى عامر بدرقته، فنبا سيف اليهودي
عنه، وضرب عامر رجل اليهودي فقطعها، ورجع السيف عليه، فنزف فمات. فقال أسيد
بن حضير: حبط عمله.
فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: كذب من قال ذلك، إن له لأجرين،
إنه جاهد [ (2) ] مجاهد، وإنه ليعوم في الجنة عوم الدعموص [ (3) ] .
خبر حصن الصعب
ولما أقام المسلمون على حصن الصعب يومين، عدا بهم الحباب بن المنذر في
اليوم الثالث ومعه الراية، فقاتلهم أشد قتال. وبكر رسول اللَّه صلّى اللَّه
عليه وسلّم فتراموا بالنبل، وقد ترس المسلمون على رسول اللَّه. ثم حملت
اليهود حملة منكرة، فانكشف المسلمون حتى انتهوا إلى رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه وسلّم، وهو واقف قد نزل عن فرسه، ومدعم [ (4) ] يمسك الفرس،
وثبت الحباب برايته يراميهم على فرسه. فندب رسول اللَّه الناس وحضهم على
الجهاد فأقبلوا حتى زحف بهم الحباب، واشتد الأمر، فانهزمت يهود وأغلقوا
الحصن عليهم، ورموا من أعلى جدره بالحجارة رميا كثيرا فتباعد عنه المسلمون
ثم كروا. فخرجت يهود وقاتلوا أشد قتال، فقتل ثلاثة من المسلمين، ثم هزمهم
اللَّه تعالى.
غنائم حصن الصعب
واقتحم المسلمون الحصن يقتلون ويأسرون. فوجدوا فيه من الشعير والتمر والسمن
والعسل والزيت والودك كثيرا [ (5) ] فنادى منادي رسول اللَّه صلّى اللَّه
عليه وسلّم: كلوا
__________
[ (1) ] في (خ) «مسلمة» .
[ (2) ] الجاهد: الجاد في أمره.
[ (3) ] الدعموص: دويبة أو دودة تكون في الغدران إذا نشّت (ترتيب القاموس)
ج 2 ص 187. والغدران:
جمع غدير.
[ (4) ] مدعم: اسم عبد اسود.
[ (5) ] في (خ) «كبيرا» .
(1/313)
واعلفوا ولا تحتملوا [يعنى لا تخرجوا به
إلى بلادكم
] . فأخذوا من ذلك الحصن طعامهم، وعلف دوابهم، ولم يمنع أحد من شيء، ولم
يخمس. ووجدوا بزّا في عشرين عكما [ (1) ] محزمة من متاع المين [ (2) ] ،
ووجدوا خوابي سكر [ (3) ] ، فأمر بالسكر فكسر خوابيه. ووجدوا آنية من نحاس
وفخار كانت يهود تأكل فيها وتشرب،
فقال عليه السلام: اغسلوها واطبخوا، وكلوا فيها واشربوا.
وأخرجوا منها غنما وبقرا وحمرا، وآلة الحرب، ومنجنيقا، ودبابات وعدة،
وخمسمائة قطيفة، وعشرة أحمال خشب [ (4) ] فأحرق،
وشرب الخمر رجل من المسلمين يقال له: «عبد اللَّه الحمار» [ (5) ] ، فخفقه
رسول اللَّه بنعليه، وأمر من حضروه فخفقوه [ (6) ] بنعالهم.
ولعنه عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: فإنه يحب
اللَّه ورسوله!
ثم راح عبد اللَّه كأنه أحدهم، فجلس معهم.
فتح قلعة الزبير
وتحولت يهود إلى قلعة [ (7) ] الزبير، فزحف رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه
وسلّم إليهم وحصرهم- وكانوا في حصن منيع- مدة ثلاثة أيام حتى فتحه، وكان
آخر حصون النطاة.
فتح حصون الشق
ثم أمر رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالأنفال والعسكر أن يحول من
الرجيع إلى مكانه الأول بالشّق، وبه عدة حصون، فنازلها حتى فتحها. ووجد في
حصن منها صفية بنت حيي وابنة عمها، ونسيّات معها وذراري، يبلغ عدة الجميع
زيادة على ألفين.
مصالحة كنانة بن أبي الحقيق على أهل الكتيبة
وصالح كنانة بن أبي الحقيق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم [على] [ (8)
] أهل الكتيبة فأمن
__________
[ (1) ] العكم: من قوله: عكم المتاع يعكمه، شده بثوب (ترتيب القاموس) ج 2 ص
664.
[ (2) ] في (خ) «اليمين» .
[ (3) ] خوابي: جمع خابية وهي كالدق، والسّكر: كل ما يسكر.
[ (4) ] في (خ) ، (ط) «كشوب» وهو خطأ من الناسخ، وما أثبتناه من (الواقدي)
ج 2 ص 664.
[ (5) ] كذا في (خ) ، (ط) وفي المرجع السابق «عبد اللَّه الحمّار» .
[ (6) ] في (خ) «فخفوهم» .
[ (7) ] في (خ) «قطعة» .
[ (8) ] زيادة للسياق.
(1/314)
الرجال والذرية، ودفعوا إليه الأموال من
الذهب والفضة والحلقة والثياب إلا ثوبا على إنسان، بعد ما حصرهم أربعة عشر
يوما. وقال مالك، عن ابن شهاب:
والكتيبة أكثرها عنوة، وفيها صلح. وقال ابن وهب: قلت لمالك: وما الكتيبة؟
قال: من أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق. فوجد خمسمائة قوس عربية، ومائة درع،
وأربعمائة سيف، وألف رمح.
ما كتبه ابن أبي الحقيق من أموال يهود وما كان
فيه من الغنائم
وسأل [رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم] [ (1) ] كنانة بن أبي الحقيق عن
الأموال-
وكان قد قال صلّى اللَّه عليه وسلّم حين صالحه برئت منكم ذمة اللَّه وذمة
رسوله إن كتمتموني شيئا- فقال كنانة: يا أبا القاسم! أنفقناه في حربنا فلم
يبق منه شيء! وأكد الأيمان، فقال رسول اللَّه: برئت منكم ذمة اللَّه وذمة
رسوله إن كان عندكم؟ قال: نعم! ثم قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: وكل ما أخذت
من أموالكم، وأصبت من دمائكم، فهو حل لي ولا ذمة لكم؟ قال: نعم! وأشهد عليه
عدة من المسلمين ومن يهود.
فدله سعية [ (2) ] ابن سلام بن أبي الحقيق على خربة، فبعث عليه السلام
الزبير في نفر مع سعية [ (2) ] حتى حفر، فإذا كنز في مسك [ (3) ] جمل، فيه
حلي. فأتى به رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فأمر الزبير أن يعذب
كنانة حتى يستخرج كل ما عنده، فعذبه حتى جاءه بمال، ثم دفعه إلى محمد بن
مسلمة فقتله بأخيه محمود، وعذب ابن أبي الحقيق الآخر، ثم دفع إلى ولاة بشر
بن البراء فقتل به، وقيل ضرب عنقه، واستحل صلّى اللَّه عليه وسلّم بذلك
أموالهما، وسبي ذراريهما. ووجد في المسك: أسورة الذهب، ودمالج الذهب،
وخلاخل الذهب، وأقرطة ذهب، ونظم من جوهر وزمرّد، وخواتم ذهب، وفتخ بجزع
ظفار مجزع [ (4) ] بالذهب. [وذكر] [ (5) ] .
__________
[ (1) ] زيادة للبيان.
[ (2) ] كذا في (ط) ، وفي (خ) و (الواقدي) ج 2 ص 672 «ثعلبة» .
[ (3) ] مسك الدابة: جلدها بعد السلخ.
[ (4) ] في (خ) «وفتح بجرع ظفار مجرع» ، والفتح. الدبلة، وجزع الظفار: سبق
شرحه في حديث الإفك.
[ (5) ] كذا في (خ) ، والسياق مستقيم بدونها.
(1/315)
صفية بنت حيي: إسلامها، وزواج رسول اللَّه
صلّى اللَّه عليه وسلّم بها
وكانت صفية بنت حيي تحت كنانة بن أبي الحقيق، فسباها رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه وسلّم، وبعث بها مع بلال إلى رحله، فمر بها وبابنة عمها على
القتلى، فصاحت ابنة عمها صياحا شديدا،
فكره رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ما صنع بلال وقال: ذهبت منك
الرحمة؟
تمر بجارية حديثة السن على القتلى!!
فقال: يا رسول اللَّه! ما ظننت أنك تكره ذلك، وأحببت أن ترى مصارع قومها!
فدفع ابنة عم صفية إلى دحية الكلبي، وأعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها
صداقها.
خبر الشاة المسمومة التي أكل منها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
وقتلت بشر بن البراء
ثم إن زينب ابنة الحارث اليهودية أخت مرحب [ (1) ] ، ذبحت عنزا لها وطبختها
وسمتها، فلما صلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم المغرب وانصرف إلى
منزله، وجد زينب عند رحله، فقدمت له الشاة هدية. فأمر بها فوضعت بين يديه،
وتقدم هو وأصحابه إليها ليأكلوا، فتناول الذراع، وتناول بشر بن البراء
عظما،
وانتهس رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم ثم ازدرد، وقال: كفّوا أيديكم،
فإن هذه الذراع تخبرني أنها مسمومة!
فقال بشر بن البراء: واللَّه يا رسول اللَّه، وجدت ذلك من أكلتي [ (2) ]
التي أكلت، فما منعني أن ألفظها إلا كراهية أنغّص عليك طعامك. فلم يرم [
(3) ] بشر من مكانه حتى تغير ثم مات.
ودعا رسول اللَّه زينب وقال: سممت الذراع؟ قالت: من أخبرك؟
قال: الذراع! قالت: نعم! قال: وما حملك على ذلك؟ قالت: قتلت أبي وعمي
وزوجي، ونلت من قومي ما نلت، فقلت: إن كان نبيا فستخبره الشاة، وإن كان
ملكا استرحنا منه! فقيل: أمر بها فقتلت ثم صلبت [ (4) ] ، كما رواه أبو
داود.
وقيل: عفا عنها [ (5) ] .
__________
[ (1) ] كذا في (خ) ، وفي سنن أبي داود ج 4 ص 648، ويرى بعض الرواة أن
«زينب بنت الحارث» هذه هي ابنة أخي مرحب اليهودي، راجع (مجمع الزوائد) ج 6
ص 153.
[ (2) ] أكلتي: لقمتي.
[ (3) ] لم يرم: لم يفارق مكانه.
[ (4) ] (مجمع الزوائد) ج 8 ص 296.
[ (5) ] (سنن أبي داود) ج 4 ص 647 وما بعدها، (باب من سقى رجلا سما أو
أطعمه فمات، أيقاد منه؟) الأحاديث أرقام: 5408، 5409، 5410، 5411، 5412،
5413، 5414 وقال الخطابي في
(1/316)
الاختلاف في قتل
صاحبة الشاة المسمومة
وقد اختلفت [ (1) ] الآثار في قتلها [ (2) ] : ففي صحيح مسلم أنه لم
يقتلها، وهو مروي عن أبي هريرة وجابر، وفي أبي داود أنه قتلها. وعن ابن
عباس: دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها،
فقتلوها. وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث أن رسول اللَّه قتلها. وكان نفر
ثلاثة قد وضعوا أيديهم في الطعام ولم يصيبوا منه شيئا، فأمرهم رسول اللَّه
صلّى اللَّه عليه وسلّم فاحتجموا أوساط رءوسهم.
احتجام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من سم الشاة
واحتجم صلّى اللَّه عليه وسلّم تحت كتفه اليسرى، وقيل: على كاهله، حجمه أبو
هند بالقرن والشفرة.
وقال صلّى اللَّه عليه وسلّم في مرض موته: ما زالت أكلة خيبر يصيبني منها
عداد [ (3) ] ، حتى كان هذا أوان أن تقطع أبهري [ (4) ] .
ويقال: الّذي مات مسموما من الشاة بشر بن البراء، وبشر أثبت.
مغانم خيبر
واستعمل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على مغانم خيبر فروة بن عمرو
بن وذفة [ (5) ] بن عبيد ابن عامر بن بياضة البياضي الأنصاري، فلم يخمس
الطعام والأدم والعلف، بل أخذ
__________
[ () ] (معالم السنن) ج 4 ص 649 «وفي الحديث دليل على إباحة أكل طعام أهل
الكتاب، وجواز مبايعتهم ومعاملتهم، مع إمكان أن يكون في أموالهم الربا
ونحوه من الشبهة» .
[ (1) ] في (خ) «اختلف» .
[ (2) ] وفي (الشفا) للقاضي عياض ج 1 ص 268، 269: « ... قال: فأمر بها
فقتلت،
وقد روى هذا الحديث أنس، وفيه قالت: أردت قتلك فقال: ما كان اللَّه ليسلطك
على ذلك، فقالوا: نقتلها، قال:
لا. وكذلك روى عن أبي هريرة من رواية غير وهب، قال: فما عرض لها، ورواه
أيضا جابر بن عبد اللَّه، وفيه: أخبرني به هذه الذراع، قال: ولم يعاقبها،
وفي رواية ابن إسحاق وقال فيه: فتجاوز عنها،
وقال ابن سحنون: أجمع أهل الحديث أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
قتل اليهودية التي سمته، وقد ذكرنا اختلاف الروايات في ذلك عن أبي هريرة
وأنس وجابر، وفي رواية ابن عباس رضي اللَّه عنه أنه دفعها لأولياء بشر بن
البراء فقتلوها» .
[ (3) ] العداد: اهتياج وجع اللديغ بعد سنة (ترتيب القاموس) ج 3 ص 170.
[ (4) ] الأبهر: وريد العنق (المرجع السابق) ج 1 ص 231.
[ (5) ] في (خ) «ودفة بن عميل» والصواب ما أثبتناه من كتب السيرة.
(1/317)
الناس منه حاجتهم. وكان من احتاج إلى سلاح
يقاتل به أخذه من صاحب المغنم ثم رده [ (1) ] إليه.
فلما اجتمعت المغانم كلها جزأها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خمسة
أجزاء، وكتب في سهم منها للَّه، وسائر السهمان أغفال. وكان أول سهم خرج سهم
النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، لم يتخير في الأخماس. ثم أمر ببيع الأخماس
الأربعة فيمن يزيد، فباعها فروة ابن عمرو، ودعا فيها صلّى اللَّه عليه
وسلّم بالبركة فقال: اللَّهمّ ألق عليها النّفاق! - فتداك الناس عليها حتى
نفق في يومين، وكان يظن أنهم لا يتخلصون منه حينا لكثرته. فأعطى رسول
اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من خمسه ما أراد اللَّه: فأعطى أهله، وأعطى
رجالا من بني عبد المطلب ونساء، وأعطى اليتيم والسائل.
وجمعت مصاحف فيها التوراة، ثم ردّت على يهود.
الغلول من الغنائم
ونادى منادي رسول اللَّه: أدّوا الخياط والمخيط [ (2) ] ، فإن الغلول عار
وشنار، ونار يوم القيامة!
فعصب فروة رأسه بعصابة ليستظل بها من الشمس، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه
عليه وسلّم: عصابة من نار عصبت بها رأسك! فطرحها.
وسأل رجل أن يعطى من الفيء شيئا فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: لا يحل من
الفيء خيط ولا مخيط لأحد، ولا معطي.
وسأله رجل عقالا فقال: حتى تقسم الغنائم ثم أعطيك عقالا،
وقتل [ (3) ] كركرة يومئذ فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: إنه الآن ليحرق في
النار على شملة غلها. وتوفي رجل من أشجع فلم يصلّ عليه، وقال: إن صاحبكم
غلّ في سبيل اللَّه:
فوجد في متاعه خرز [ (4) ] لا يساوي درهمين. واشترى الناس يومئذ تبرأ بذهب
جزافا [ (5) ] ، فنهى [ (6) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم عن ذلك.
ووجد رجل في خربة مائتي درهم، فأخذ منها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه
وسلّم الخمس ودفعها إليه.
__________
[ (1) ] في (خ) «ردوه» .
[ (2) ] الخياط والمخيط: الخيط والإبرة، (راجع مسند الحميدي) ج 2 ص 396
حديث رقم 894.
[ (3) ] في (خ) «وقيل» .
[ (4) ] في (خ) «حزو» وما أثبتناه من (المغازي) ج 2 ص 681.
[ (5) ] في (خ) «وأسرى الناس يومئذ يذهب جزافا» وما أثبتناه من المرجع
السابق ج 2 ص 682.
[ (6) ] في (خ) «فانتهى» وفي (ط) «فهي» وفي (المغازي) «فلهى» .
(1/318)
النهي عن أشياء
وسمع [صلّى اللَّه عليه وسلّم] [ (1) ] يومئذ يقول: من كان يؤمن باللَّه
واليوم الآخر فلا يسق ماءه زرع غيره [ (2) ] ، ولا يبع شيئا من المغنم حتى
يعلم. ولا يركب دابة من المغنم حتى إذا أدبرها [ (3) ] ردّها. ولا يلبس
ثوبا من المغنم حتى إذا أخلقه ردّه، ولا يأت [ (4) ] امرأة من السبي حتى
تستبرأ بحيضة، وإن كانت حبلى حتى تضع الحمل.
ومرّ على امرأة مجح [ (5) ] فقال: لمن هذه؟ فقيل: لفلان. فقال: لعله يطؤها؟
قالوا: نعم! قال: كيف بولدها؟ يرثه وليس بابنه، ويسترقه، وهو يغذو [ (6) ]
في سمعه وبصره! لقد هممت أن ألعنه لعنة تتبعه في قبره.
قدوم أصحاب السفينتين
وقدم أهل السفينتين من عند النجاشي بعد أن فتحت خيبر، فيهم جعفر بن أبي
طالب وأبو موسى عبد اللَّه بن قيس الأشعري، في جماعة من [ (7) ] الأشعريين
يزيدون على سبعين. وذكر ابن سعد عن الواقدي بسنده [ (8) ] : أنهم لما سمعوا
خبر هجرة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى المدينة، رجع ثلاثة
وثلاثون رجلا وثماني نسوة، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس بمكة سبعة نفر. وشهد
بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا. فلما كان شهر ربيع الأول سنة سبع من الهجرة،
كتب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم إلى النجاشي يدعوه إلى الإسلام مع
عمرو بن أمية الضمريّ، فأسلم. وكتب إليه أيضا أن يزوجه أم حبيبة [بنت أبي
سفيان] [ (9) ]- وكانت فيمن هاجر إلى الحبشة- فزوجه إياها. وكتب إليه أيضا
أن يبعث بمن بقي عنده من أصحابه
__________
[ (1) ] زيادة للبيان.
[ (2) ] الماء: المنى، وزرع غيره، الحمل الّذي من غيره.
[ (3) ] في (الواقدي) «براها» وأدبر الدابة: أنقل عليها الحمل. والدبرة:
فرحة الدابة (ترتيب القاموس) ج 2 ص 146.
[ (4) ] في (خ) «ولا يأتي» .
[ (5) ] في (خ) «نجح» والمجح: الحامل المقرب التي دنا ولدها (النهاية) ج 1
ص 240.
[ (6) ] في (المغازي) «يعدو» ج 2 ص 683، وفي (ط) «يغزو» ، وفي سنن الدارميّ
ج 2 ص 227 باب النهي عن وطء الحبالي:
«عن أبي الدرداء أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم رأى امرأة مجحة يعنى حبلى
... فقال لعله قد ألمّ بها قالوا نعم، قال لقد هممت أن العنة لعنة تدخل معه
قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له؟ وكيف يستخدمه وهو لا يحل له؟» .
[ (7) ] في (خ) «في» .
[ (8) ] (المغازي) ج 2 ص 683.
[ (9) ] زيادة للبيان من (ط) .
(1/319)
ويحملهم، فحملهم في سفينتين مع عمرو بن
أمية، فأرسلوا بساحل بولا وهو الجار [ (1) ] . ثم ساروا حتى قدموا المدينة،
فوجدوا [ (2) ] رسول اللَّه بخيبر فأتوه، فقال صلّى اللَّه عليه وسلّم: ما
أدري بأيهما أنا أسر؟ قدوم جعفر، أو فتح خيبر!! ثم ضمّه وقبل بين عينيه.
إشراك القادمين في غنائم خيبر
وهمّ المسلمون أن يدخلوا جعفرا ومن قدم معه في سهمانهم ففعلوا، وقدم
الدوسيون، فيهم أبو هريرة والطفيل بن عمرو وأصحابهم، ونفر من الأشعريين،
فكلم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أصحابه [ (3) ] فيهم أن يشركوهم
في الغنيمة، فقالوا: نعم، يا رسول اللَّه.
الخمس وقسمته
وكان الخمس إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم من كل مغنم غنمه
المسلمون، شهده أو غاب عنه. وكان لا يقسم لغائب في مغنم لم يشهده، إلا أنه
في بدر ضرب لثمانية لم يشهدوا، وكانت خيبر لأهل الحديبيّة من شهدها أو غاب
عنها. قال اللَّه سبحانه:
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ
هذِهِ [ (4) ]- يعني خيبر، وقد تخلف عنها رجال، ومات رجلان وأسهم صلّى
اللَّه عليه وسلّم لمن تخلف منهم ومن مات، وأسهم لمن شهد خيبر ولم يشهد
الحديبيّة، وأسهم لرسل كانوا يختلفون إلى أهل فدك، وأسهم لثلاثة مرضى لم
يحضروا القتال، وأسهم للذين استشهدوا. وقيل: كانت خيبر لأهل الحديبيّة، لم
يشهدها غيرهم، ولم يسهم فيها لغيرهم، والأول أثبت.
وأسهم لعشرة من يهود المدينة- غزّاهم إلى خيبر- كسهمان المسلمين، ويقال:
أحذاهم [ (5) ] ولم يسهم لهم، وأعطى مماليك كانوا معه ولم يسهم.
__________
[ (1) ] الجار: «مدينة على ساحل بحر القلزم، بينها وبين المدينة يوم وليلة
... » وهي فرضة ترفأ إليها السفن من أرض الحبشة ومصر وعدن والصين وسائر
بلاد الهند (معجم البلدان) ج 2 ص 92، 93.
[ (2) ] في (خ) «فواجدوا» .
[ (3) ] في (خ) «وأصحابه» .
[ (4) ] الآية 20/ الفتح.
[ (5) ] في (خ) «أحداهم» وأحذى: منح ووهب.
(1/320)
من شهد خيبر من
النساء
وشهد خيبر عشرون امرأة، منهن: أم المؤمنين أم سلمة، وصفية بنت عبد المطلب،
وأم أيمن، وسلمى امرأة أبي رافع مولاة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وامرأة
عاصم بن عدي، [وولدت بخيبر سهلة بنت عاصم] ، وأم عمارة نسيبة بنت كعب، وأم
منيع وهي أم شباث، وكعيبة بنت سعد الأسلمية، وأم مطاوع الأسلمية، وأم سليم
بنت ملحان، وأم الضحاك بنت مسعود الحارثية، وهند بنت عمرو بن حرام، وأم
العلاء الأنصارية، وأم عامر الأشهلية، وأم عطية الأنصارية، وأم سليط، وأمية
بنت قيس الغفارية، فرضخ لهن [ (1) ] من الفيء ولم يسهم لهن. وولدت امرأة
عبد اللَّه بن أنيس فأحذاها ومن ولدته.
خبر أفراس المؤمنين وسهمانها
وقاد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في خيبر ثلاثة أفراس: لزار،
والظّرب، والسكب.
وقاد المسلمون مائتي فرس، وقيل: ثلاثمائة، والأول أثبت. فأسهم لمن له فرسان
خمسة أسهم: أربعة لفرسيه وسهما له [ (2) ] ، ولم يسهم لأكثر من فرسين لرجل
واحد. ويقال: إنه لم يسهم إلا لفرس واحد، وهذا أثبت. ويقال: إنه عرّب
العربيّ وهجّن الهجين [ (3) ] يوم خيبر، فأسهم للعربي دون الهجين. وقيل: لم
يكن في عهده عليه السلام هجين، إنما كانت العراب [ (4) ] حتى كان زمن عمر
بن الخطاب رضي اللَّه عنه وفتحت الأمصار، ولم يسمع أن رسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه وسلّم ضرب لما كان معه من الخيل لنفسه إلا لفرس واحد، فكان له
صلّى اللَّه عليه وسلّم ثلاثة أسهم: لفرسه سهمان وله سهم.
إحصاء الناس بخيبر
وولي إحصاء الناس بخيبر زيد بن ثابت، فقسم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه
وسلّم بينهم الغنائم:
__________
[ (1) ] رضخ له: أعطاه عطاء يسيرا.
[ (2) ] في (سنن الدارميّ) ج 2 ص 325، 326: «عن ابن عمر أن رسول اللَّه
صلّى اللَّه عليه وسلّم أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهمين» .
[ (3) ] الهجين من الخيل: ما كانت أمه غير عربية، وهو عيب يعاب به.
[ (4) ] العراب: من الخيل الأصيل.
(1/321)
وهم ألف وأربعمائة، والخيل مائتا فرس.
وكانت السهمان التي في النطاة والشق على ثمانية عشر سهما. وكان من كان
فارسا له في ذلك ثلاثة أسهم فوضى لم تحد ولم تقسم، إنما لها رءوس مسمون،
لكل مائة رأس يقسم على أصحابه ما خرج من غلتها.
مساقاة اليهود على زرع خيبر
ولما فتح رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خيبر، ساقى [ (1) ] يهود على
الشطر من الثمر والزرع، وكان يزرع تحت النخل، وكان يبعث عبد اللَّه بن
رواحة يخرص [ (2) ] عليهم النخل، ويقول إذا خرص، إن شئتم [فلكم] [ (3) ] ،
وتضمنون نصف ما خرصت، وإن شئتم فلنا، ونضمن لكم ما خرصت. وخرص عليهم أربعين
ألف وسق [ (4) ] . فلما قتل ابن رواحة بمؤتة «خرص عليهم أبو الهيثم بن
التّيهان، وقيل: جبار بن صخر، وقيل: فروة بن عمرو.
شكوى اليهود من المسلمين وإنصافهم
وجعل المسلمون يقعون [ (5) ] في حرثهم وبقلهم بعد المساقاة، فشكت يهود ذلك
إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فنادى عبد الرحمن بن عوف: الصلاة
جامعة، ولا يدخل الجنة إلا مسلم، فاجتمع المسلمون،
فقام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال:
إن يهود شكوا إليّ أنكم وقعتم في حظائرهم، وقد أمناهم على دمائهم،
__________
[ (1) ] المساقاة: «ما كان في النخل والكرم وجميع الشجر الّذي يثمر بجزء
معلوم من الثمرة للأجير، وإليه ذهب الجمهور، وخصها الشافعيّ في قوله الجديد
بالنخل والكرم، وخصها داود بالنخل، وقال مالك تجوز في الزرع والشجر، ولا
تجوز في البقول عند الجمع» . (نيل الأوطار للشوكاني) ج 6 ص 8.
[ (2) ] الخرص: الحرز (ترتيب القاموس) ج 2 ص 37، وحكى الترمذي عن بعض أهل
العلم أن تفسيره:
أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة، بعث الإمام خارصا
ينظر، فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيبا، وكذا تمرا فيحصيه، وينظر مبلغ
العشر فيه فيثبته عليهم ويخلي بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجذاذ، أخذ
منهم العشر، وهو قول مالك والشافعيّ وأحمد وإسحاق.
[ (3) ] زيادة للسياق، وفي (الواقدي) ج 2 ص 691: (إن شئتم فلكم وتضمنون نصف
ما خرصت، وإن شئتم فلنا ونضمن لكم ما خرصت) .
[ (4) ] الوسق: ستون صاعا أو حمل بعير (ترتيب القاموس) ج 4 ص 611.
[ (5) ] وقع في الحرث: ترك دوابه ترعى فيه.
(1/322)
وعلى أموالهم التي في أيديهم في أراضيهم،
وعاملناهم [ (1) ] وإنه لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها.
فكان [ (2) ] المسلمون لا يأخذون من بقولهم شيئا إلا بثمن.
خبر الكتيبة وأنها لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم خالصة
وقيل: إن الكتيبة كانت للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم خالصة، لأنهم لم
يوجفوا عليها [ (3) ] ، وقيل: هي خمسه من خيبر. وكان صلّى اللَّه عليه
وسلّم يطعم من الكتيبة من أطعم، وينفق على أهله منها، وكانت تخرص ثمانية
آلاف وسق تمرا، فليهود نصفها: أربعة آلاف.
وكان يزرع فيها الشعير، فيحصد منه ثلاثة آلاف صاع، لرسول اللَّه صلّى
اللَّه عليه وسلّم نصفه، وليهود نصفه. وربما اجتمع منها ألف صاع نوى [ (4)
] ، هي أيضا بينهما نصفين.
فأطعم من الكتيبة كل امرأة من نسائه ثمانين وسقا تمرا، وعشرين وسقا شعيرا،
وللعباس بن عبد المطلب مائتي وسق، ولفاطمة وعلي عليهما السلام ثلاثمائة وسق
شعيرا وتمرا، ولأسامة بن زيد مائة وخمسين وسقا شعيرا وتمرا، وأطعم آخرين.
وقسم بين ذوي [ (5) ] القربى بخيبر: بين بني هاشم وبني عبد المطلب فقط.
شهداء خيبر
واستشهد بخيبر خمسة عشر رجلا: أربعة من المهاجرين، والبقية من الأنصار.
فقيل: صلى عليهم رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وقيل: لم يصل عليهم.
وقتل من يهود ثلاثة وتسعون رجلا، وأعطى صلّى اللَّه عليه وسلّم جبل [ (6) ]
بن جوال الثعلبي كل داجن بخيبر، وقيل: إنما أعطاه كل داجن [ (7) ] في
النطاة، ولم يعطه من الكتيبة ولا من الشق شيئا.
ما نهي عنه في خيبر
وفي غزاة خيبر نهى صلّى اللَّه عليه وسلّم: عن أكل الحمار الأهلي [ (8) ] ،
وعن أكل كل ذي
__________
[ (1) ] المعاملة: المساقاة في كلام فقهاء العراق.
[ (2) ] في (خ) «وكان» .
[ (3) ] وجف: ضرب من سير الخيل والإبل (ترتيب القاموس) ج 4 ص 578.
[ (4) ] نوى: جمع نواة.
[ (5) ] في (خ) «وقسم بينهم ذي القربى» .
[ (6) ] في (خ) جبلة.
[ (7) ] الداجن: الحمام والشاة وغيرها ألفت البيوت (ترتيب القاموس) ج 2 ص
152.
[ (8) ] (سنن أبي داود) ج 4 ص 164 حديث رقم 3811.
(1/323)
ناب من السباع [ (1) ] ، وأن توطأ الحبالى
حتى يضعن، وعن أن تباع السهام حتى تقسم [ (2) ] ، وأن تباع الثمرة حتى يبدو
صلاحها [ (3) ] . ولعن يومئذ الواصلة والموصلة [ (4) ] ، والواشمة
والموشومة [ (4) ] ، والخامشة وجهها [ (5) ] ، والشاقة جيبها [ (6) ] ،
وحرم لحوم البغال وكل ذي مخلب من الطيور، وحرم المجثّمة [ (7) ] والخليسة [
(8) ] ، والنّهبة [ (9) ] ، ونهى عن قتل النساء.
بلوغ خبر خيبر إلى أهل مكة
وقدم عباس بن مرداس السلمي مكة، فخبّر أن محمدا سار إلى خيبر، وأنه لا
يفلت. فقال صفوان بن أمية: أنا معك يا عباس. وضوى معه نفر، وقال حويطب بن
عبد العزّى: إن محمدا سيظهر [ (10) ] . ووافقه جماعة، فتخاطر [ (11) ] مائة
بعير. فلما جاء الخبر بظهور [ (10) ] رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم
أخذ حويطب وحيّزه [ (12) ] الرهن.
وكان الّذي جاءهم بذلك علاط السّلمي [بن ثويرة بن حنثر بن هلال بن عبيد ابن
ظفر بن سعد بن عمرو بن تيم بن بهز] [ (13) ] بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم
ابن منصور، وقد أسلم بخيبر. [وكان قد استأذن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه
وسلّم أن يأتي مكة،
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) ج 4 ص 159، 160 حديث رقم 3802، 3805.
[ (2) ] (سنن الدارميّ) ج 2 ص 226، 227.
[ (3) ] (سنن أبي داود) ج 3 ص 669 حديث رقم 3373.
[ (4) ]
(سنن أبي داود) ج 4 ص 396 باب صلة الشعر حديث رقم 4168 «لعن رسول اللَّه
صلّى اللَّه عليه وسلّم الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة» وأخرجه
البخاري في اللباس باب تحريم فعل الواصلة، والترمذي في اللباس حديث 1814
باب ما جاء في مواصلة الشعر، وسنن النسائي ص 145 في الواصلة والمستوصلة، ص
147 في المتوشمات.
[ (5) ] خمش وجهه: خدشه ولطمه وضربه (ترتيب القاموس) ج 2 ص 109.
[ (6) ] (سنن النسائي) ج 4 ص 2، 21 باب ضرب الخدود، وشق الجيوب.
[ (7) ] المجثمة: هي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل، إلا أنها تكثر في الطير
والأرانب وأشباه ذلك مما يجثم في الأرض: أي يلزمها ويلتصق بها. (النهاية) ج
1 ص 239.
[ (8) ] في (خ) «الخلسة» والخليسة: وهي ما يستخلص من السبع فيموت قبل أن
يذكى، من خلست الشيء واختلسته إذا سلبته، وهي فعيلة بمعنى مفعولة (النهاية)
ج 2 ص 61.
[ (9) ] النّهبة: ما ينهب من الشيء.
[ (10) ] من الظهور: وهو النصر والغلبة.
[ (11) ] تخاطرا: تراهنا.
[ (12) ] في (خ) «وجيزة» والحيزة: الناحية.
[ (13) ] في (خ) بعد «السلمي» ما نصه: «بن عمرو بن زهير بن امرئ القيس ...
» وصواب النسب ما بين القوسين.
(1/324)
وكان له بها مال وأهل، وتخوّف إن علمت قريش بإسلامه أن يذهبوا بماله، فأذن
له رسول اللَّه أن يأتي مكة] [ (1) ] ليجمع ماله.
مصالحة أهل فدك
وكان رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم لما أقبل أهل خيبر، بعث محيّصة بن
مسعود بن كعب ابن عامر بن عدي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج
الأنصاري إلى فدك، يدعوهم إلى الإسلام، فبعثوا معه بنفر منهم، حتى صالحهم
رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم على أن يخلّوا بينه وبين الأموال، وأن
لهم نصف الأرض: وصارت [ (2) ] فدك خالصة لرسول اللَّه أبدا، أخذها بغير
إيجاف خيل ولا ركاب.
إعراسه بصفية بنت حيي
وانصرف صلّى اللَّه عليه وسلّم من خيبر يريد وادي [ (3) ] القرى، فلما كان
بالصهباء أعرس بصفية بنت [ (4) ] حيي مساء، وأو لم عليها [ (5) ] بالحيس
والسّويق والتمر [ (6) ] . وبات أبو أيوب الأنصاري رضي اللَّه عنه قريبا من
قبته، آخذا بقائم السيف حتى أصبح، وهو يحرسه صلّى اللَّه عليه وسلّم. |