إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع

فصل في ذكر عترة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم
عترة الرجل أسرته وفصيلته، من قول اللَّه تعالى: وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ [ (1) ] .
وقيل: عترته- رهطه الأدنون، والعترة: أصل شجرة تبقى بعد القطع، فتنبت من أصولها وعروقها، وقيل: العترة: صخرة عظيمة يتخذ الضب عندها حجرا يأوى إليها ليهتدى، وذلك لقلة هدايته، فكأن عترة الرجل هم أسرته وقومه الذين يأوى إليهم ويعتمد عليهم، ومنه
قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللَّه وعترتي، ويروى: كتاب اللَّه وأهل بيتي،
وبادلوا في العترة هنا أهل بيته، قالوا: لأنهم أسرته وفصيلته التي تؤويه، ورهطه الأدنون [ (2) ] .
__________
[ (1) ] المعارج: 13.
[ (2) ] قال في (اللسان) : عترة الرجل: أقرباؤه من ولد وغيره، وقيل: هم قومه دنيا، وقيل: هم رهطه وعشيرته الأدنون، من مضى منهم ومن غبر، ومنه قول أبي بكر رضى اللَّه عنه: نحن عترة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، التي خرج منها، وبيضته التي تفقأت عنه، وإنما جيبت العرب عنا كما جيبت الرحى عن قطبها، قال ابن الأثير: لأنهم من قريش، والعامة تظن أنها ولد الرجل خاصة، وأن عترة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ولد فاطمة رضى اللَّه عنها قول ابن سيده،
وقال الأزهري رحمه اللَّه: وفي حديث زيد بن ثابت قال: قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين خلفي: كتاب اللَّه وعترتي، فإنّهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض. قال: وقال محمد بن إسحاق: وهذا حديث صحيح، ورفعه نحوه زيد بن أرقم، وأبو سعيد الخدريّ، وفي بعضها: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، فجعل العترة أهل البيت.
وقال أبو عبيد وغيره: عترة الرجل وأسرته، وفصيلته رهطه الأدنون. وقال ابن الأثير: عترة الرجل أخص أقاربه. وقال ابن الأعرابي: العترة ولد الرجل، وذريته، وعقبه من صلبه، قال: فعترة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم ولد فاطمة البتول عليها السلام.
وروى عن أبى سعيد قال: العترة ساق الشجرة، قال: وعترة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم عبد المطلب وولده، وقيل:
عترته أهل بيته الأقربون، وهم أولاده، وعلى، وقيل: عترته الأقربون والأبعدون منهم، وقيل: عترة الرجل أقرباؤه من ولد عمه دنيا، ومنه حديث أبي بكر رضى اللَّه عنه قال للنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم حين شاور أصحابه في أسارى بدر: عترتك وقومك، أراد بعترته العباس ومن كان فيهم من بنى هاشم، وبقومه قريشا.
والمشهور المعروف أن عترته أهل بيته، وهم الذين حرمت عليهم الزكاة والصدقة المفروضة، وهم ذوو القربى الذين لهم خمس الخمس المذكور في سورة الأنفال. (لسان العرب) : 4/ 538.

(6/13)


خرج الترمذي من حديث زيد بن الحسن- هو الأنماطي- عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد اللَّه رضى اللَّه عنه قال: رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في حجته يوم عرفه وهو على ناقته [القصواء] يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم [به] لن تضلوا، كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي.
قال: وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، قال: وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم [ (1) ] .
وخطّأ ابن قتيبة من يقتصر بالعترة على الذرية فقط، ومن يجعل عترة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم ولد فاطمة خاصة، ثم قال: وعترة الرجل ذريته وعشيرته الأدنون من مضى منهم ومن غبر، ويدلك على ذلك قول أبى
__________
[ (1) ]
(سلسلة الأحاديث الصحيحة للألبانى) : 4/ 355- 361، حديث رقم (1761) : يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا، كتاب اللَّه، وعترتي أهل بيتي.
أخرجه الترمذي: 2/ 308، والطبراني (2680) عن زيد بن الحسن الأنماطي، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر بن عبد اللَّه قال: رأيت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم في حجته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: ... فذكره
وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه، وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم.
قلت: قال أبو حاتم: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال الحافظ: ضعيف. قلت:
لكن الحديث صحيح، فإن له شاهدا من
حديث زيد بن أرقم قال: قام رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يوما خطيباً بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد اللَّه، وأثنى عليه، ووعظ وذكر. ثم قال:
أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب اللَّه، فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأ ضل، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به، فحث على كتاب اللَّه، ورغّب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي، أذكركم اللَّه في أهل بيتي.
أخرجه مسلم: 7/ 122- 123، والطحاوي في (مشكل الآثار) : 4/ 368، و (مسند أحمد) :
4/ 366- 367، وابن أبى عاصم في (السنة) : 1550، 1551، والطبراني: (5026) ، من طريق زيد بن حبان التميمي عنه.
ثم
أخرج أحمد: 4/ 371، والطبراني (5040) ، والطحاوي من طريق على بن ربيعة قال: لقيت زيد بن أرقم وهو داخل على المختار أو خارج من عنده، فقلت له: أسمعت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم

(6/14)


__________
[ () ] يقول: إني تارك فيكم الثقلين كتاب اللَّه وعترتي؟ قال: نعم.
وإسناده صحيح، ورجاله رجال الصحيح.
وله طرق أخرى عند الطبراني: 4969- 4971 و 4980 و 4980- 4982 و 5040، وبعضها عند الحاكم في (المستدرك) : 3/ 109، 148، 533، وصحيح هو والذهبي بعضها. وشاهد آخر من
حديث عطية العوفيّ، عن أبى سعيد الخدريّ مرفوعا: إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي، الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر، كتاب اللَّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض.
ثم قال الألباني: واعلم أيها القارئ الكريم، أن من المعروف أن الحديث مما يحتج به الشيعة، ويلهجون بذلك كثيرا، حتى يتوهم بعض أهل السنة أنهم مصيبون في ذلك، وهم جميعا واهمون في ذلك، وبيانه ومن وجهين:
الأول: أن المراد من الحديث في
قوله صلّى اللَّه عليه وسلم: «عترتي»
أكثر مما يريده الشيعة، ولا يرده أهل السنة، بل هم مستمسكون به، ألا وأن العترة فيه هم أهل بيته صلّى اللَّه عليه وسلم، وقد جاء ذلك موضحا في بعض طرقه، كحديث الترجمة:
«وعترتي أهل بيتي» ،
وأهل بيته في الأصل هم نساؤه صلّى اللَّه عليه وسلم، وفيهم الصديقة عائشة، رضى اللَّه عنهن جميعا، كما هو صريح في قوله تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً بدليل الآية التي قبلها والتي بعدها: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً* وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً* وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً.
وتخصيص الشيعة أهل البيت في الآية بعليّ وفاطمة والحسن والحسين رضى اللَّه تعالى عنهم دون نسائه صلّى اللَّه عليه وسلم، من تحريفهم لآيات اللَّه تعالى، انتصاراً لأهوائهم، كما هو مشروح في موضعه، وحديث الكساء وما في معناه، غاية ما فيه توسيع دلالة الآية، ودخول على وأهله فيها.
والوجه الآخر: أن المقصود من أهل البيت إنما هم العلماء الصالحون منهم، والمتمسكون بالكتاب والسنة، قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه اللَّه تعالى: «العترة» هم أهل بيته صلّى اللَّه عليه وسلم الذين هم على دينه وعلى التمسك بأمره. وذكر نحوه الشيخ على القاري في الموضع المشار إليه آنفا ثم استظهر أن الوجه في تخصيص أهل البيت بالذكر ما أفاده بقوله:
إن أهل البيت غالبا يكونون أعرف بصاحب البيت وأحواله، فالمراد بهم أهل العلم منهم المطلعون على سيرته، الواقفون على طريقته، العارفون بحكمه وحكمته، وبهذا يصلح أن يكون مقابلا لكتاب اللَّه سبحانه كما قال: وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ

(6/15)


بكر رضى اللَّه عنه: نحن عترة رسول اللَّه التي خرج منها وبيضته التي تفتات عنه، وإنما جيبت العرب منا كما جيبت الرحا عن قطبها، وما كان أبو بكر ليدعى بحضرة القوم جميعاً إلا يعرفونه. واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
__________
[ () ] وسماهما «ثقلين» ، لأن الأخذ بهما «يعنى الكتاب والسنة» ، والعمل بهما ثقيل، ويقال لكل خطير نفيس «ثقل» ، فسماهما «ثقلين» إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما» (سلسلة الأحاديث الصحيحة) : 4/ 355- 360 مختصرا، (مشكل الآثار) : 4/ 368، (النهاية) : 1/ 216.

(6/16)


فصل في ذكر سلالة النبي صلّى اللَّه عليه وسلم
قال ابن سيده: والسلالة والسليل: الولد، والأنثى سليلة، وقال غيره:
السلالة: الصفوة من كل شيء، قال ابن فارس في (المقاييس) : السليل:
الولد، كأنه سلّ من أمه سلّا، قالت امرأة في ابنها:
سل من قلبي ومن كبدي ... قمر أين دونه قمر
وقيل للحسن والحسين رضى اللَّه عنهما: سلالة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، أي هما الصفوة من ولده، وقيل: السليل: المنتوج، كأنه النقاح الخالص الصافي [ (1) ] .
واللَّه أعلم.
__________
[ (1) ] وسلالة الشيء: ما استل منه، والنطفة سلالة الإنسان، قال حسّان بن ثابت:
لجاءت به عضب الأديم غضنفرا ... سلالة فرج كان غير حصين
وفي التنزيل العزيز وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون:] قال الفراء السلالة الّذي سلّ من كل تربة. وقال أبو الهيثم: السلالة ما سلّ من صلب الرجل وترائب المرأة، كما يسلّ الشيء سلا، والسليل: الولد، سمّى سليلا لأنه خلق من السلالة، والسليل: الولد حين يخرج من بطن أمه، وروى عن عكرمة أنه قال في السلالة: إنه الماء يسلّ من الظهر سلا. وقال الأخفش: السلالة: الولد، والنطفة السلالة، وقد جعل الشماخ السلالة الماء في قوله:
طوت أحشاء مرتجة لوقت ... على مشج سلالته مهين
قال: والدليل على أنه الماء قوله تعالى: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ يعنى آدم، ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ ثم ترجم عنه فقال: مِنْ ماءٍ مَهِينٍ فقوله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ أراد بالإنسان ولد آدم، جعل الإنسان اسما للجنس، وقوله مِنْ طِينٍ، أراد أن تلك السلالة تولدت من طين خلق منه آدم في الأصل.
وإلى هذا ذهب الفراء، وقال الزّجاج: مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، سلالة، فعالة والسليل: الولد، والأنثى سليلة، وقال أبو عمرو: السليلة: بنت الرجل من صلبه. (لسان العرب) : 11/ 339.
وقال الفيروزآبادي: سلّ السيف من غمده، واستله فانسلّ منه نزعه فانتزع، وسلّ الشعرة من العجبين، فانسلت انسلالا، وانسلّ من المضيق والزحام، واستلّ وتسلّل، وسلّ الشيء من البيت على سبيل السرقة، وسلّ الولد من الأب، ومنه قيل للولد سليل، قال تعالى: يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً [النور: 63] ، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ [المؤمنون: 12] ، أي من الصفو الّذي يسلّ من الأرض، وقيل: السلالة كناية عن النطفة، تصور فيه صفو ما يحصل منه (بصائر ذوى التمييز) : 3/ 251، بصيرة رقم (38) .

(6/17)


فصل في ذكر سبط رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم
الأسباط: ولد يعقوب- وهو إسرائيل بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام- وكانوا اثنى عشر رجلا،
وفي الحديث المرفوع: الحسن والحسين سبطاي من هذه الأمة،
والقبائل في العرب كالأسباط في بنى إسرائيل، فكان الأسباط قبائل الأنبياء، فلذلك سمى الحسن والحسين: السبطان، لأن أولادهما قبيلتا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم من أجل أنهما ولد فاطمة الزهراء بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم.
قال ابن سيده: والسبط ولد الابن والابنة، ومنه الحسن والحسين سبطا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، والسبط من اليهود كالقبيلة من العرب، وهم الذين يرجعون إلى أب واحد سمى سبطا ليفرق بين ولد إسماعيل وولد إسحاق عليهما السلام، وجمعه أسباط [ (1) ] .
خرج أبو بكر بن أبى شيبة وأحمد بن حنبل من حديث عفان قال:
حدثنا وهيب، حدثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم، عن سعيد بن أبى راشد، عن يعلى العامري، أنه خرج مع رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم إلى طعام دعوا له، فإذا حسين مع غلام يلعب في طريق، فاستقبل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أمام القوم، [وحسين مع الغلمان يلعب فأراد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم أن يأخذه [ (2) ]] . فطفق الصبى يفرّها هنا مرة، وهاهنا مرة، فجعل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم يضاحكه حتى
__________
[ (1) ] قال في (المرجع السابق) : السّبط- بالكسر-: ولد الولد، كأنه امتداد الفروع، والجمع أسباط، والقبيلة من اليهود، والجمع الأسباط أيضا، وقوله تعالى: وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً بدل لا تميز، لأن تمييز العدد المركب مفردا لا جمعا (المرجع السابق) : 3/ 179، بصيرة رقم (5) .
[ (2) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .

(6/18)


أخذه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فوضع إحدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه يقبله وقال: حسين منى وأنا من حسين، أحب اللَّه من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط [ (1) ]
__________
[ (1) ] (المستدرك) : 3/ 194- 195، كتاب معرفة الصحابة، أول فضائل أبى عبد اللَّه الحسين بن عليّ الشهيد رضى اللَّه عنهما، ابن فاطمة بنت رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (4820/ 418) وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي في (التلخيص) : صحيح.

(6/19)


نبدة
اعلم أن أهل رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم وأحبته في الجملة قسمان: قسم اخترم فأجراه اللَّه تعالى فيهم، كعمه حمزة بن عبد المطلب، وابن عمه جعفر بن أبى طالب، وإبراهيم ابنه ومن أصيب به من خديجة أم المؤمنين، وسائر أصحابه رضى اللَّه عنهم.
وقسم أقرّ اللَّه بهم عينه صلّى اللَّه عليه وسلم، كعائشة أم المؤمنين، وزينب أم المؤمنين، وأم سلمة، وجويرية، وسائر أمهات المؤمنين رضى اللَّه عنهنّ، وكفاطمة الزهراء والحسن والحسين، وعلى بن أبى طالب، والعباس بن عبد المطلب، والفضل، وعبد اللَّه والقثم ابنا العباس، وأبى سفيان بن الحرث، وسائر أصحابه رضى اللَّه عنهم، ومنهم له الأحبة. وكل من القسمين يجب محبته وموالاته، وقبول رواياته، وتعظيم حقه، والترضى عنه، لأنه قد رضى اللَّه عنهم، [ووعدهم بالحسنى] .
خرج الحاكم من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، عن أبي سبرة النخعي، عن محمد بن كب [القرظي] ، عن العباس بن عبد المطلب رضى اللَّه عنه قال: كنا نلقى النفر من قريش وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم فقال: ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهلي قطعوا حديثهم، واللَّه لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم للَّه ولقرابتي [ (1) ] .
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) : 4/ 85، كتاب معرفة الصحابة، ذكر فضائل القبائل قريش، حديث رقم (6960/ 2558) ، وقال الحاكم: هذا حديث يعرف من حديث يزيد بن أبي زياد، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن العباس، فإذا حصل هذا الشاهد من حديث أبى فضيل عن الأعمش، حكمنا له بالصحة. وقد سكت عنه الذهبي في (التلخيص) .

(6/20)


وخرجه من حديث محمد بن إسحاق الصنعاني، حدثنا يعلى بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبى زياد، عن عبد اللَّه بن الحارث، عن العباس قال: قلت لرسول اللَّه: إذا لقي قريش بعضها بعضا لقوا بالبشارة، وإذا لقيناهم لقونا بوجوه لا نعرفها، قال: فغضبت غضبا شديدا، ثم قال: والّذي بعثني [بالحق] لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم للَّه ولرسوله [ (1) ] .
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (6961/ 2559) ، وقد سكت عنه الذهبي في (التلخيص) .

(6/21)