إمتاع
الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع فصل في ذكر سلاح رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم
اعلم أنه كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سلاح وآلات حرب، ما بين:
سيوف، ودروع، وقسىّ، وسهام، ومغفر، وألوية، ورايات، وعنزة.
[فأمّا سيوفه صلى اللَّه عليه وسلم]
فتسعة: مأثور [ (1) ] ، والعضب [ (2) ] ، وذو الفقار [ (3) ] ، والقلعي،
والبتّار [ (4) ] ، والحتف [ (5) ] ، والرسوب، والمخدم [ (6) ] ، والقضيب [
(7) ] ، وأشهرها ذو الفقار، ويقال: إن أصله من حديدة وجدت مدفونة عند
الكعبة فصنع منها، [وكان طوله سبعة أشبار وعرضه شبرا] [ (8) ] .
قال الواقدي: فحدثني عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن ذكوان عن أبيه، عن
__________
[ (1) ] وهو أول سيف ملكه، ورثه صلى اللَّه عليه وسلم من أبيه. (زاد
المعاد) : 1/ 130، فصل في ذكر سلاحه وأثاثه صلى اللَّه عليه وسلم.
[ (2) ] أعطاه إياه سعد بن عبادة (الوافي) : 1/ 91.
[ (3) ] بكسر الفاء، وبفتح الفاء، وكان لا يكاد يفارقه، وكانت قائمة
قبيعته، وحلقته، وذؤابته، وبكراته، ونعله من فضة. تنفّله يوم بدر من بنى
الحجاج السّهميين، ورأى في النوم في ذبابه ثلمة فأولها هزيمة، وكانت يوم
أحد. (زاد المعاد) : 1/ 130، (الوافي) : 1/ 91.
[ (4) ] في (خ) : «القلعي وهو البتار» ، وما أثبتناه من سائر المراجع وهو
الصحيح.
[ (5) ] وأصاب من سلاح بنى قينقاع ثلاثة أسياف: سيف قلعىّ بفتح اللام، وسيف
يدعى بتارا، وسيف يدعى الحتف. (الوافي) : 1/ 91.
[ (6) ] وكان له المخدم والرسوب، أصابهما من الفلس، وهو صنم لطيّئ،
(الوافي) : 1/ 91.
[ (7) ] والقضيب، وهو أول سيف تقلد به صلى اللَّه عليه وسلم. (الوافي) : 1/
91.
[ (8) ] ما بين الحاصرتين سقط من الناسخ في (ج) .
(7/134)
عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة، عن ابن
عباس [رضى اللَّه عنهما] ، حدثني محمد بن عبد اللَّه عن الزهري، عن سعيد بن
المسيب قالا: تنفل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سيفه ذا الفقار يومئذ-
يعنى يوم بدر- وكان لمنبه بن الحجاج، وكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم قد غزا إلى بدر بسيف وهبه له سعد بن عبادة يقال له:
العضب، ودرعه ذات الفضول [ (1) ] ، فسمعت ابن أبى سبرة يقول: سمعت صالح بن
كيسان يقول: خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم بدر وما معه سيف،
وكان أول سيف تقلده سيف منبه بن الحجاج، غنمه يوم بدر] [ (2) ] .
ولابن حيّان من حديث عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه، عن عبيد اللَّه بن
عبد اللَّه عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما [قال] إن رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم سل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الّذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد [
(3) ] .
ومن حديث يزيد بن أبى حبيب، عن مرثد بن عبد اللَّه، عن عبد اللَّه بن زرير،
عن [عمر] رضى اللَّه عنه قال: كان اسم سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم ذا الفقار [ (4) ] .
ومن حديث وكيع عن إسرائيل، عن جابر قال: أخرج إلينا عليّ بن الحسين سيف
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فإذا قبيعته والحلقتان اللتان فيهما
الحمائل فضة، قال: فسللته، فإذا هو [سيف] [ (5) ] قد نحل، كان سيفا لمنبه
بن
__________
[ (1) ] (مغازي الواقدي) : 1/ 103.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (3) ] (أخلاق النبي) : 139.
[ (4) ] أخرجه الحافظ العراقي في (المغنى عن حمل الأسفار) : 2/ 585، ضمن
حديث طويل للطبراني، وقال: وفيه على بن غررة الدمشقيّ، نسب إلى وضع الحديث،
ورواه أبو الشيخ من حديث الحسن مرسلا، وله من
حديث على بن أبى طالب: كان اسم سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذا
الفقار.
[ (5) ] زيادة للسياق من (طبقات ابن سعد) .
(7/135)
الحجاج السهمي، اتخذه [ (1) ] رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم يوم بدر [ (2) ] .
وعن الشعبي [قال] : أخرج إلينا على بن الحسين سيف رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم، فإذا قبيعته من فضة، وإذا حلقته التي تكون فيها الحمائل من فضة،
وسللته، وإذا هو سيف قد نحل، كان لمنبه بن الحجاج [و] أصابه يوم بدر [ (3)
] .
[وذكر الزبير بن بكار، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أعطى ذا الفقار
عليّ بن أبى طالب يوم أحد، ويقال إن ذا الفقار كان لنبيه بن الحجاج، وقال
الكلبي:
كان للعاص بن منبه بن الحجاج] [ (4) ] .
ويروى عن ابن عباس رضى اللَّه [عنهما] ، أن الحجاج بن علاط أهدى لرسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [سيفه] ذا الفقار، وأن دحية أهدى له بغلته
الشهباء.
وقال ابن سيرين: صنعت سيفي على سيف سمرة، وقال سمرة: صنعت سيفي على سيف
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وكان حتفيا.
وقال محمد بن حمير: أخبرنا أبو الحكم الصيقل، حدثني مرزوق الصيقل، أن صقل
سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذا الفقار كانت قبيعة من فضة وحلق في
قيده، وبكر في وسطه من فضة.
وفي رواية: كانت له قبيعة من فضة، وبكرة في وسطه من فضة، وحلقها من فضة.
قال ابن عبد البر: في إسناد حديثه لين.
ولأبى داود من حديث جرير بن حازم قال: أخبرنا قتادة عن أنس بن مالك رضى
اللَّه عنه قال: كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فضة [
(5) ] . ومن
__________
[ (1) ] في (المرجع السابق) : «أصابه يوم بدر» .
[ (2) ] (طبقات ابن سعد) : 1/ 486.
[ (3) ] راجع التعليق السابق.
[ (4) ] ما بين الحاصرتين زياد من (خ) وليست في (ج) .
[ (5) ] (سنن أبى داود) : 3/ 68- 69، كتاب الجهاد، باب (71) في السيف يحلى،
حديث رقم
(7/136)
حديث قتادة، عن سعيد بن أبى الحسن قال:
كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فضة [ (1) ] ، قال قتادة:
وما علمت أحدا تابعه [عليه] [ (2) ] .
ومن حديث يحيى بن كثير [أبو عثمان العنبري] [ (3) ] ، عن عثمان بن سعد [
(4) ] ، عن أنس [بن مالك] [ (4) ] قال: كانت [قبيعة سيف رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم فضة] [ (5) ] . قال أبو داود: أقواها حديث سعيد بن أبى
الحسن، والباقي كلها ضعاف [ (6) ] .
وخرّجه الترمذي من حديث جرير بن حازم، أخبرنا [ (7) ] أبى عن قتادة، عن أنس
[رضى اللَّه عنه قال] : كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
من فضة.
قال: هذا حديث حسن غريب [ (8) ] ، [وهكذا روى عن همام عن قتادة عن أنس] [
(9) ] وقد روى بعضهم عن قتادة، عن سعيد بن أبى الحسن قال:
كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من فضة [ (10) ] .
__________
[ () ] (2583) ، وقبيعة السيف هي الثومة التي فوق المقبض، ويستدل به على
جواز تحلية اللجام باليسير من الفضة، وسقوط الزكاة عنه على مذهب من يسقط
الزكاة عن الحلي.
وقد قيل: إنه لا يجوز ذلك لأنه من زينة الدابة، وإنما جاز ذلك في السيف،
لأنه من زينة الرجل وآلته، فيقاس عليه المنطقة ونحوها من أداة الفارس دون
أداة الفرس. (معالم السنن) 10/ 68.
[ (1) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (2584) .
[ (2) ] كذا في الأصلين (خ) ، (ج) ، وفي (المرجع السابق) : «تابعه على ذلك»
.
[ (3) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (4) ] عثمان هو أبو بكر التميمي البصري الكاتب- تكلم فيه غير واحد.
[ (5) ] كذا في الأصلين، وفي (المرجع السابق) : «قال: كانت فذكر مثله» .
[ (6) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (2585) .
[ (7) ] كذا في الأصلين، وفي (سنن الترمذي) : «حدثنا» .
[ (8) ] (سنن الترمذي) : 4/ 173- 174، كتاب الجهاد، باب (16) ما جاء في
السيوف وحليتها، حديث رقم (1691) .
[ (9) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (10) ] (المرجع السابق) : 174.
(7/137)
وخرّج الإمام أحمد من حديث عفّان قال: جاء
أبو جزى- واسمه نصر ابن طريف- إلى جرير بن حازم، يشفع لإنسان، فحدثه جرير،
فقال جرير:
أخبرنا قتادة عن أنس [رضى اللَّه عنه] قال: كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم من فضة، قال أبو جزى: كذب، واللَّه ما حدثناه قتادة الأغر
سعيد بن أبى الحسن. قال أحمد: وهو قول أبى جزى، يعنى أصاب وأخطأ جرير، قلت:
جرير بن حازم ثقة، وأبو جزى متروك الحديث، إلا أنه أصاب في هذا، وأخطأ جرير
بن حازم [ (1) ] .
قال ابن معين: أبو جزى ليس حديثه بشيء، وقال أبو حفص عمرو بن العلاد
الفلاس: أجمع أهل العلم من أهل الحديث أنه لا يروى عن جماعة سمّاهم، أحدهم
أبو جزى نصر بن طريف [ (1) ] .
وقال ابن أبى حاتم: سألت أبى عن أبى جزى نصر بن طريف فقال: ليس بشيء، وهو
متروك الحديث [ (1) ] .
__________
[ (1) ] نصر بن طريف أبو جزىّ الباهلي البصري، روى عن قتادة، وحماد بن أبى
سليمان، قال ابن المبارك:
كان قدريا، وقال أحمد: لا يكتب حديثه، وقال النسائي وغيره: متروك، وضعّفه
العجليّ، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال الخليلي في (الإرشاد) : ضعفوه.
عبد الرحمن بن مهدي: مرض أبو جزى فدخلنا عليه فقال: أسندوني، فسند وقال:
فأقبل علينا فقال: كل ما حدثتكم عن فلان وفلان الّذي قال ليس عندي عنهما،
[يعترف بأنه غيّر في الأسانيد] .
وهب بن زمعة عن عبد اللَّه بن المبارك أنه ترك حديث نصر بن طريف أبو جزى
قال أحمد بن حنبل: ولا يكتب حديث نصر بن طريف أبو جزى، ويحيى بن معين يقول:
ومن المعروفين بالكذب وبوضع الحديث أبو جزى نصر بن طريف.
وقال ابن عدي في (الكامل) بعد أن ذكر عدة أحاديث من مرويات أبى جزى: ولأبى
جزى غير ما ذكرت من الحديث من المناكير وغيره، وربما يحدث بأحاديث يشارك
فيها الثقات، إلا أن الغالب على راياته أنه يروى ما ليس محفوظا، وينفرد عن
الثقات بمناكير، وهو بيّن الضعف، وقد أجمعوا على ضعفه. له ترجمة في (الكامل
في الضعفاء) : 7/ 30- 35، ترجمة رقم (17/ 1970) ، (لسان الميزان) : 6/ 183،
ترجمة رقم (44/ 8777) ، (المغنى في الضعفاء) :
(7/138)
وللترمذي من حديث طالب بن حجير، عن هود بن
عبد اللَّه بن سعد [ (1) ] عن جده قال: دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم [مكة] [ (2) ] يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة، قال طالب: فسألته عن
الفضة، فقال: كان قبيعة السيف فضة [ (3) ] .
[قال أبو عيسى: وفي الباب عن أنس، وهذا حديث حسن غريب، وجدّ هود اسمه مزيدة
العصفري] [ (4) ] .
وللنسائى من حديث أنس رضى اللَّه عنه قال: كان نصل [سيف]
__________
[ () ] 2/ 696، ترجمة رقم (6613) ، (ميزان الاعتدال) : 4/ 254، ترجمة رقم
(9047) .
[ (1) ] في (سنن الترمذي) : «سعد» ، وفي (الأصلين) : «سعيد» .
[ (2) ] زيادة من (الأصلين) ، وهي في رواية الترمذي في (الشمائل) .
[ (3) ] (سنن الترمذي) : 4/ 173، كتاب الجهاد، باب (16) ما جاء في السيوف
وحليتها، حديث رقم (1960) .
[ (4) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
وأخرج الترمذي في (الشمائل) : 98، باب (14) ما جاء في صفة سيف رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (106) من حديث وهب بن جرير، عن أبيه، عن
قتادة، عن أنس، قال: كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من
فضة، وهو حديث صحيح. والقبيعة- بفتح القاف-: ما على رأس مقبض السيف من فضة
أو حديد أو غيرهما، أو هي التي تكون على رأس قائم السيف، وقيل: هي ما تحت
شاربى السيف.
وهو حديث صحيح ورجال إسناده ثقات كلهم، غير أن جرير بن حازم في حديثه عن
قتادة ضعف، قاله ابن معين وغيره، وأيضا قتادة مدلس وقد عنعن، ولكن يخفف من
هذه العنعنة أن في إحدى الطرق الراويّ عنه همام، وهو ثبت في قتادة، ولكن
للحديث طرق عن أنس وشواهد يصح بها.
والحديث أخرجه الدارميّ في (السنن) : 2/ 221، كتاب السير، باب في قبيعة سيف
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن أنس قال: كان قبيعة سيف رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم فضة، قال عبد اللَّه: هشام الدستوائى خالفه، قال
قتادة عن سعيد بن أبى الحسن عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وزعم الناس أنه
هو المحفوظ.
وابن سعد في (الطبقات) : 1/ 487 من حديث قتادة عن أنس، في ذكر سيوف رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وأبو الشيخ في (أخلاق النبي) : 140، والطحاوي
في (مشكل الآثار) : 2/ 166- 167،
(7/139)
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فضة،
وقبيعة سيفه فضة، وما بين ذلك حلق فضّة [ (1) ] .
__________
[ () ] باب بيان مشكل ما روى عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في
إباحته تحلية السيف بالفضة، وابن عدي في (الكامل) : 2/ 126، في ترجمة جرير
بن حازم بن زيد الجهضمي رقم (8/ 333) ، والبيهقي في (السنن الكبرى) : 4/
143. كتاب الزكاة، باب ما ورد فيما يجوز للرجل أن يتحلى به من خاتمة وحلية
سيفه، ومصحفه، إذا كان من فضة، ثم قال: وهذا مرسل، وهو المحفوظ، وروى من
وجه آخر موصولا عن أنس.
وقد أعله أبو داود، والدارميّ، والبيهقي، بأن هشام الدستوائى رواه عن
قتادة، عن سعيد بن أبى الحسن البصري مرسلا، وهو الحديث رقم (107) من
(الشمائل المحمدية) : عن قتادة، عن سعيد ابن أبى الحسن البصري، قال: كانت
قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من فضة، وهو حديث مرسل.
وأما الحديث رقم (108) من (الشمائل المحمدية) : من حديث طالب بن حجير، عن
هود- وهو ابن عبد اللَّه بن سعيد- عن جده قال: دخل رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم مكة يوم الفتح، وعلى سيفه ذهب وفضة، وهو حديث ضعيف، وفي إسناده
هو بن عبد اللَّه، قال عنه ابن القطان: مجهول. وقال الذهبي في (الميزان) :
لا يكاد يعرف، وذكره ابن حبان في (الثقات) ، وقال عنه الحافظ في (التقريب)
: مقبول. يعنى عند المتابعة، وإلا فلين الحديث. وشيخ المصنف هو محمد بن
إبراهيم بن صدران المؤذن، وهو صدوق، وكذا طالب بن حجير صدوق، وجد هود هو
مزيدة- وهو جده لأمه، وهو صحابى قليل الحديث، والحديث أخرجه أبو الشيخ في
(أخلاق النبي) : 140.
وأما الحديث رقم (109) من (الشمائل المحمدية) : من حديث أبى عبيدة الحداد،
عن عثمان ابن سعد، عن ابن سيرين، قال: صنعت سيفي على سيف سمرة بن جندب،
وزعم سمرة بن جندب أنه صنع سيفه على سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.
وكان حنفيا، وهو حديث ضعيف، وفي إسناده عثمان بن سعد الكاتب، وقد تكلم فيه
يحى القطان من قبل حفظة، وضعفه غير واحد، ولذا قال عنه الحافظ في (التقريب)
ضعيف، وباقي رجال الإسناد ثقات. أبو عبيدة الحداد هو عبد الواحد بن واصل
السدوسي، وهو ثقة تكلم فيه الأزدي بغير حجة.
وللحديث طريق آخر، هو الحديث رقم (110) من (الشمائل المحمدية) : من حديث
عقبة بن مكرم البصري، حدثنا محمد بن بكر، عن عثمان بن سعد بهذا الإسناد
بنحوه، ويراجع في تخريجه ما جاء في الكلام على الحديث رقم (109) .
قوله: «وكان حنفيا» : أي وكان سيفه حنفيا، نسبة لبني حنيفة، وهم قبيلة
مسيلمة، لأنهم معروفون بحسن صنعة السيوف، فيحتمل أن صانعه كان منهم، ويحتمل
أنه أتى به من عندهم، وهذه الجملة من كلام سمرة فيما يظهر، ويحتمل أنها من
كلام ابن سيرين على الإرسال. (حاشية الباجوري على الشمائل المحمدية) : 111.
[ (1) ] (سنن النسائي) : 8/ 610، كتاب الزينة، باب (120) حلية السيف، حديث
رقم (5389) ،
(7/140)
وقال جعفر بن محمد الصادق: رأيت سيف رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قائمه من فضة، ونصله من فضة، وبين ذلك حلق من
فض، هو الآن عند هؤلاء، يعنى آل العباس [ (1) ] .
وقال الأصمعي: دخلت على الرشيد فقال: أريكم سيف رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم ذا الفقار؟ قلنا: نعم، فجاء به، فما رأيت سيفا قطّ أحسن منه، إذا
نصب لم تر فيه شيء، وإذا بطح عدّ فيه سبع فقر، وإذا صفيحة يمانية يحار فيه
الطرف من حسنه.
وفي رواية: أحضر الرشيد ذا الفقار يوما بين يديه، فاستأذنته في تقليبه،
فأذن لي فقلبته، واختلفت أنا والحاضرين في عدة فقاره، هل هي سبع عشرة؟
وذكر قاسم في كتاب (الدلائل) : أن ذلك كان يرى في رونقه شبيها بفقار
الحيّة، يراه الناظر فإذا التمس لم يوجد [لها أثر] .
[و] ذكر الواقدي أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قدم المدينة في
الهجرة بسيف كان لأبيه مأثور، والعضب، وبذات الفضول سعد بن عبادة رضى
اللَّه عنه إلى
__________
[ () ] وللنسائى أيضا من حديث عثمان بن حكيم عن أبى أمامة بن سهل، حديث رقم
(5388) .
كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من فضة، ومن حديث هشام عن
قتادة، عن سعيد بن أبى الحسن، حديث رقم (5390) : كانت قبيعة سيف رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من فضة.
[ (1) ] راجع التعليق السابق، وذكر ابن أبى حاتم في (علل الحديث) : 1/ 313،
حديث رقم (938) :
سألت أبى عن حديث رواه أبو معاوية الضرير، عن حجاج عن قتادة، عن سعيد بن
أبى الحسن عن عبد اللَّه بن عمرو، قال: كانت قبيعة سيف رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم من فضة، قال أبى: إنما هو سعيد بن أبى الحسن قال: «كان
قبيضة سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم» ، مرسل بلا عبد اللَّه بن
عمرو.
وفي ص 483، حديث رقم (1446) : سألت أبا زرعة عن حديث رواه يحيى بن كثير أبو
غسان، عن عثمان بن سعد، عن أنس قال: كان سيف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم حنفي وحليته فضة. قال أبو زرعة، رواه أبو عبيدة الحداد، عن عثمان بن
سعد، عن ابن سيرين، عن سمرة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قلت:
هو الصحيح؟ قال أبو زرعة: أبو عبيدة أحفظ، فقلت: الوهم ممن هو؟ قال: من
يحيى بن كثير.
(7/141)
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين سار
إلى بدر، فشهد بهما وقعة بدر [ (1) ] .
وأصاب صلى اللَّه عليه وسلم من سلاح بنى قينقاع ثلاثة أسياف: سيفا قلعيا،
وسيفا يدعى بتّار، وسيفا يدعى الحتف [ (2) ] .
وبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عليّ بن أبى طالب رضى اللَّه عنه [
(3) ] إلى الفلس صنم طيِّئ، فوجده مقلدا سيفين يقال لهما: مجذم ورسوب، وهما
سيفان كانا للحارث بن أبى شمر الغسّانى، يتقلدهما عن يمينه وشماله، فنذر
لئن ظفر ببعض أعاديه، ليهديهما إلى الفلس، فظفر به فأهداهما إليه، وهما
اللذان يقول فيهما علقمة بن عبدة التميمي:
مظاهر سربالى حديد عليهما ... عقيلا سيوف مجذم ورسوب
وصمصامة عمرو بن معديكرب، وهبها لخالد بن سعيد، وكانت مشهورة عند العرب [
(4) ] .
[وأما دروعه صلى اللَّه عليه وسلم]
فسبع: ذات الفضول، وذات الوشاح، وذات الحواشي، والسعدية، وفضة، والبتراء،
والخرنق. [ويقال: كانت عنده صلى اللَّه عليه وسلم درع داود التي لبسها لما
قتل جالوت] [ (5) ] .
__________
[ (1) ] سبق تخريج هذا الأثر.
[ (2) ] (مغازي الواقدي) 1/ 178- 179، غزوة بنى قينقاع، ولم يذكر اسم السيف
الثالث.
[ (3) ] كذا في (خ) ، (ج) ، وفي (المغازي) : «عليه السلام» .
[ (4) ] (مغازي الواقدي) : 3/ 988 باختلاف يسير، حيث يقول الواقدي: «ووجد
في بيته ثلاثة أسياف:
رسوب، والمخدم، وسيفا يقال له اليماني، ثم قال: وعزل النبي صلى اللَّه عليه
وسلم صفيا رسوبا، والمخذم، ثم صار له بعد السيف الآخر.
[ (5) ] ما بين الحاصرتين في (خ) سقط، (زاد المعاد) : 1/ 130، (طبقات ابن
سعد) 1/ 487.
(7/142)
فذات الفضول والسعدية، يقال إنهما كانتا
لعكين القينقاعي، وكان من أبطالهم، ويقال: إنه صلى اللَّه عليه وسلم أصاب
يوم بنى قينقاع من سلاحهم ثلاثة أرماح، وثلاثة قسىّ، ودرعين: درع يقال لها
السعدية، ودرع تسمى فضة [ (1) ] .
وقال محمد بن مسلمة: رأيت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [يوم] أحد
درعين، درعه ذات الفضول و [درعه فضة، ورأيت عليه يوم خيبر درعين: ذات
الفضول والسعدية [ (2) ] .]
وروى أن سعد بن عبادة بعث بذات الفضول وبالعضب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم لمّا توجّه لبدر، وسميت ذات الفضول لطولها، وهي الدرع التي رهنها
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عند أبى شحم اليهودىّ على شعير لعياله.
خرّج مسلم من حديث عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش قال: ذكرنا الرهن في
السّلم عند إبراهيم النخعي فقال: أخبرنا [ (3) ] الأسود بن يزيد عن عائشة
رضى اللَّه عنها، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم اشترى طعاما من
يهودي [ (4) ] إلى أجل، ورهنه درعا له من حديد [ (5) ] .
وذكره البخاري في السّلم، ولفظه: أخبرنا [ (6) ] الأعمش قال: تذاكرنا عند
إبراهيم الرهن في السّلف، فقال حدثني الأسود عن عائشة، أن النبي
__________
[ (1) ] (مغازي الواقدي) 1/ 178، غزوة بنى قينقاع وذكر الخبر مطولا.
[ (2) ] (المرجع السابق) : 179 بسياقه أتم.
[ (3) ] في (صحيح مسلم) : «حدثنا» .
[ (4) ] في (صحيح مسلم) : «من يهودىّ طعاما» .
[ (5) ] (مسلم بشرح النووي) : 11/ 43- 44، كتاب المساقاة، باب (24) الرهن
وجوازه في الحضر والسفر، حديث رقم (126) ، وقال ابن القيم: ذات الفضول: وهي
التي رهنها عند أبى الشحم اليهودي على شعير لعياله، وكانت ثلاثين صاعا،
وكان الدين إلى سنة، وكانت الدرع من حديد (زاد المعاد) : 1/ 130.
[ (6) ] كذا في (خ) ، (ج) وفي (البخاري) : «حدثنا» .
(7/143)
صلى اللَّه عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما
إلى أجل [معلوم] [ (1) ] وارتهن منه درعا من حديد. ترجم عليه باب الرهن في
السّلم [ (2) ] .
وذكره في كتاب الرهن وقال: تذاكرنا عند إبراهيم الرهن والقبيل في السلف،
فقال إبراهيم: أخبرنا الأسود مثله، وقال: رهنه درعه. وترجم عليه باب من رهن
درعه [ (3) ] .
وخرّجاه من حديث حفص بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم قال:
حدثني الأسود عن عائشة رضى اللَّه عنها عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم
[مثله] ، ولم يذكر: من حديد.
ولفظ البخاري: أخبرنا [ (4) ] الأعمش، قال: ذكرنا عند إبراهيم الرهن في
السلف فقال: لا بأس به، ثم حدثنا عن الأسود عن عائشة رضى اللَّه عنها أن
النبي صلى اللَّه عليه وسلم اشترى طعاما من يهودي إلى أجل فرهنه درعه. ترجم
عليه باب: شراء الطعام إلى أجل [ (5) ] .
وخرّجاه من حديث أبى معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضى
اللَّه عنها قالت: اشترى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من يهودي طعاما
بنسيئة ورهنه درعه [ (6) ] . ولفظ مسلم: فأعطاه درعا له رهنا [ (7) ] .
ترجم عليه
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (2) ] (فتح الباري) : 4/ 545، كتاب السلم، باب (6) الرهن في السلم، حديث
رقم (2252) .
[ (3) ] (فتح الباري) : 5/ 177، كتاب الرهن، باب (2) من رهن درعة، حديث رقم
(2509) ، وإبراهيم هو النخعىّ.
[ (4) ] في (البخاري) : «حدثنا» .
[ (5) ] (فتح الباري) : 4/ 503، كتاب البيوع، باب (88) شراء الطعام إلى أجل
حديث رقم (2200) .
[ (6) ] (فتح الباري) 4/ 401، كتاب البيوع، باب (33) شراء الإمام الحوائج
بنفسه، حديث رقم (2096) ، وفائدة الترجمة رقع توهم من يتوهم أن تعاطى ذلك
يقدح في المروءة.
[ (7) ] (مسلم بشرح النووي) : 11/ 43، كتاب المساقاة، باب (24) الرهن
وجوازه في الحضر، حديث
(7/144)
البخاري باب: شراء الحوائج بنفسه.
وخرّجاه من حديث جرير عن الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة رضى
اللَّه عنها قالت: اشترى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من يهودي طعاما
ورهنه درعه. ترجم عليه باب: الرهن عند اليهود وغيرهم [ (1) ] .
وخرّجه مسلم من حديث عيسى بن يونس عن الأعمش بهذا الإسناد مثله، غير أنه
قال: درعا من حديد [ (2) ] .
وخرّجه البخاري من حديث سفيان عن الأعمش، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة،
رضى اللَّه عنها، قالت: توفى النبي صلى اللَّه عليه وسلم ودرعه مرهونة عند
يهودي بثلاثين [يعنى] [ (3) ] صاعا من شعير [ (4) ] .
__________
[ () ] رقم (124) ، وفيه جواز معاملة أهل الذمة، والحكم بثبوت أملاكهم على
ما في أيديهم، وفيه بيان ما كان عليه النبي صلى اللَّه عليه وسلم من التقلل
من الدنيا وملازمة الفقر.
وفيه جواز الرهن، وجواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة، وجواز الرهن في
الحضر، وبه قال الشافعيّ، ومالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والعلماء كافة، إلا
مجاهدا وداود، فقالا: لا يجوز إلا في السفر، تعلقا بقوله تعالى: وَإِنْ
كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ.
واحتج الجمهور بهذا الحديث، وهو مقدم على دليل خطاب الآية، وأما اشتراء
النبي صلى اللَّه عليه وسلم الطعام من اليهودي ورهنه عنده دون الصحابة،
فقيل: فعله بيانا لجواز ذلك، وقيل: لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة
صاحبه إلا عنده، وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه صلى اللَّه عليه وسلم،
ولا يقبضون منه الثمن، فعدل إلى معاملة اليهودي، لئلا يضيق على أحد من
أصحابه.
وقد أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة، وغيرهم من الكفار، إذا لم
يتحقق تحريم ما معه، لكن لا يجوز للمسلم أن يبيع أهل الحرب سلاحا وآلة حرب،
ولا يستعينون به في إقامة دينهم، ولا بيع مصحف، ولا عبد المسلم لكافر مطلقا
واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) :
11/ 43- 44.
[ (1) ] (فتح الباري) : 1/ 181، كتاب الرهن، باب (5) الرهن عند اليهود
وغيرهم، حديث رقم (2513) .
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) : 11/ 43، كتاب المساقاة، باب (24) الرهن
وجوازه في الحضر والسفر، حديث رقم (125) .
[ (3) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (4) ] (فتح الباري) : 8/ 191، كتاب المغازي، باب (87) بدون ترجمة، حديث
رقم (4467) .
(7/145)
وقال يعلى: حدثنا الأعمش: «درع من حديد» ،
وقال معلّى:
[حدثنا] عبد الواحد عن الأعمش وقال: رهنه درعا من حديد. ذكره في باب ما قيل
في درع النبي صلى اللَّه عليه وسلم والقميص في الحرب [ (1) ] .
وقال في آخر المغازي، من حديث سفيان عن الأعمش بهذا الإسناد:
توفى النبي صلى اللَّه عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا [من
شعير] [ (2) ] .
وذكره في باب: الكفيل في السّلم، من حديث يعلى، أخبرنا الأعمش عن إبراهيم
عن الأسود عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: اشترى رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم طعاما من يهودي بنسيئة، ورهنه درعا له من حديد [ (3) ] .
وخرّجه الترمذي من حديث هشام بن حسّان عن عكرمة، عن ابن عباس قال: توفى
النبي صلى اللَّه عليه وسلم ودرعه مرهونة بعشرين صاعا من طعام أخذه لأهله [
(4) ] . قال [أبو عيسى] : هذا حديث حسن صحيح.
[وخرّج ابن حبّان في صحيحه، من حديث آدم، حدثنا شيبان عن قتادة
__________
[ (1) ]
(فتح الباري) : 1/ 123، كتاب الجهاد والسير، باب (89) ما قيل في درع النبي
صلى اللَّه عليه وسلم والقميص في الحرب، وقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم:
أما خالد فقد احتبس أدراعه في سبيل اللَّه، حديث رقم (2916) .
[ (2) ] (فتح الباري) : 8/ 191، كتاب المغازي، باب (87) بدون ترجمة، حديث
رقم (4467) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (3) ] (فتح الباري) : 4/ 545، كتاب السلم، باب (5) الكفيل في السلم، حديث
رقم (2251) .
ذكر ابن الطلاع في الأقضية النبويّة) أن أبا بكر افتك الدرع بعد النبي صلى
اللَّه عليه وسلم. لكن روى ابن سعد عن جابر أن أبا بكر قضى عدات النبي صلى
اللَّه عليه وسلم وأن عليا قضى ديونه.
وروى إسحاق بن راهويه في مسندة عن الشعبي مرسلا: أن أبا بكر افتك الدرع
وسلمها لعلى ابن أبى طالب، وأما من أجاب بأنه صلى اللَّه عليه وسلم افتكها
قبل موته فمعارض بحديث عائشة رضى اللَّه عنها.
(فتح الباري) : 5/ 178، شرح الحديث رقم (2509) ، واليهودي اسمه: أبو الشحم،
(طبقات ابن سعد) : 1/ 488.
[ (4) ] (سنن الترمذي) : 3/ 519، كتاب البيوع، باب (7) ما جاء في الرخصة في
الشراء إلى أجل، حديث رقم (1214) .
(7/146)
عن أنس قال: رهن رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم درعا له عند يهودي على طعام بدينار فما وجد ما يفتكها به حتى مات
صلى اللَّه عليه وسلم] [ (1) ] .
وروى ابن حيّان من حديث جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان في درع النبي صلى
اللَّه عليه وسلم حلقتان من فضة، عند موضع الثندوة، وفي ظهرها حلقتان من
فضة أيضا، وقال لبستها فخطت الأرض [ (2) ] .
وفي (دلائل النبوة) للترمذي من حديث جابر الجعفي، عن عامر
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين في (خ) فقط وليس في (ج) . ولابن حبان في هذا
الباب ثلاثة أحاديث في كتاب الرهن من (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) :
13/ 262- 265.
* الحديث الأول في ذكر خبر قد شنع به بعض المعطلة على أهل الحديث، حيث
حرموا التوفيق لإدراك معناه، حديث رقم (5936) ، عن سفيان، عن الأعمش، عن
إبراهيم عن الأسود، عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: توفى رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير. إسناده
صحيح على شرط الشيخين.
* الحديث الثاني في ذكر ثمن الشعير الّذي كان لليهودي على المصطفى صلى
اللَّه عليه وسلم عند رهنه إياه، حديث رقم (5937) ، من حديث سفيان، عن
قتادة عن أنس، قال: رهن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم درعا له عند
يهودي بدينار، فما وجد ما يفتكها به حتى مات. اسناده صحيح.
* الحديث الثالث في ذكر البيان بأن الدرع الّذي كان عند اليهودي للمصطفى
صلى اللَّه عليه وسلم كان ذلك لأجل سبب معلوم، فمن أجله لم يسترد درعه منه،
حديث رقم (5938) ، من حديث الأعمش قال ذكر عند إبراهيم الرهن في السلم
فقال: أخبرنى الأسود عن عائشة رضى اللَّه عنها أن رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى سنة ورهنه درعا له من حديد. إسناده
صحيح ورجاله ثقات.
رجال الشيخين غير بشير بن معاذ العقدي، فقد روى له أصحاب السنن، وهو ثقة.
وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) : 6/ 36- 37، كتاب الرهن، باب جواز
الرهن، من طرق، والبيهقي أيضا في (دلائل النبوة) : 7/ 275، باب ما جاء في
تركة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، قال أنس: ولقد سمعت رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم يقول: والّذي نفس محمد بيده، ما أصبح عند آل محمد صاع
برّ ولا صاع تمر، وإن له يومئذ تسع نسوة، ولقد رهن درعا له عند يهودي
بالمدينة، أخذ منه طعاما، فما وجد لها ما يفتكها به حتى مات صلى اللَّه
عليه وسلم.
[ (2) ] (المغنى عن حمل الأسفار) : 2/ 586، بيان أخلاقه صلى اللَّه عليه
وسلم وآدابه في الناس [مختصرا] ، (طبقات ابن سعد) : 1/ 488، (دلائل النبوة
للبيهقي) : 7/ 275، باب ما جاء في تركة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
وفيه:
«فلبستها، فجعلت أخطها في الأرض شيئا» .
(7/147)
الشعبي قال: أخرج إلينا على بن الحسين درع
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فإذا هي يمانية رقيقة ذات زرافين، إذا
علقت بزرافيها تشمّرت، وإذا أرسلت مسّت الأرض. والزرافين: الإبزيم [ (1) ]
.
ويقال: أن السعدية درع داود عليه السلام التي لبسها يوم قتل جالوت، وأن
البتراء سميت بذلك لقصرها.
وذكر الواقدي أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لما أراد الشخوص إلى
أحد، دخل بيته ومعه أبو بكر وعمر رضى اللَّه عنهما، فعمّماه ولبّساه، وقد
صفّ الناس له، ما بين حجرته إلى منبره، ينتظرون خروجه، إذ خرج قد لبس
لأمته، وقد لبس الدرع فأظهرها، وحزم وسطها بمنطقه من خمائل سيفه من أدم
كانت عند آل أبى رافع، واعتم وتقلد السيف، ثم دعا بدابته فركب إلى أحد، ثم
عقد الألوية، ودعا بفرسه فركبه، وتقلد القوس وأخذ قناة بيده، فزج الرمح
يومئذ من شبه، والمسلمون متلبسون السلاح [ (2) ] .
قال: ولبس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من الشيخين [ (3) ]- وهما
أطمان ظاهران بالمدينة- درعا واحدة حتى انتهى إلى أحد، فلبس درعا أخرى،
ومغفرا، وبيضة فوق المغفر [ (2) ] .
وقال المدائني: عن هشام بن سعد عن عيسى بن عبد اللَّه بن مالك قال:
خاصم العباس عليا إلى أبى بكر، فقال: العم أولى أو ابن العم؟ قال: العم،
قال: ما بال درع النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وبغلته دلدل، وسيفه عند على؟
فقال أبو بكر رضى اللَّه عنه: هذا شيء وجدته في يده، فأنا أكره نزعه منه،
وتركه العباس رضى اللَّه عنه، [ويقال: كان عنده درع داود عليه السلام الّذي
__________
[ (1) ] (مصنف ابن أبى شيبة) : 5/ حديث رقم (25178) .
[ (2) ] (مغازي الواقدي) : 1/ 215- 216 بسياقة أتم.
[ (3) ] الشيخان: موضع بين المدينة وجبل أحد على الطريق الشرقية مع الحرة
إلى جيل أحد.
(7/148)
لبسه يوم قتل جالوت] [ (1) ] .
[وأما قسيّه صلى اللَّه عليه وسلم]
فقد خرج ابن حيّان من حديث الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مقسم عن ابن عباس
رضى اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم الجمعة في
السفر متوكئا على قوس قائما.
وذكر الواقدي أن قوس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كانت تدعى الكتوم،
وكانت من نبع، كسرت يوم أحد، فأخذها قتادة بن النعمان [ (2) ] .
وأخذ صلى اللَّه عليه وسلم من سلاح بنى قينقاع ثلاث قسىّ: قوسا اسمها
الروحاء، وقوسا من شوحط تسمى البيضاء، وقوسا من نبع تسمى الصفراء [ (3) ] .
ويقال: كانت له ست قسىّ: الزوراء، والروحاء، والصفراء، وهي من نبع،
والبيضاء، من شوحط، والكتوم، من نبع، وقيل لها ذلك لانخفاض صوتها إذا رمى
بها، وهي التي كسرت يوم أحد، [وقوس يقال لها السداد، من نبع] [ (4) ] .
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين في (خ) وليس في (ج) .
[ (2) ] (مغازي الواقدي) : 1/ 242.
[ (3) ] قال الواقدي في (المغازي) : 1/ 178، وقد ذكر غزوة قينقاع: وأخذ
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من سلاحهم ثلاث قسىّ:
1- قيس تدعى الكتوم، كسرت بأحد.
2- وقوس تدعى الروحاء.
3- وقوس تدعى البيضاء. (طبقات ابن سعد) : 1/ 489.
[ (4) ] (زاد المعاد) : 1/ 131، وما بين الحاصرتين من (ج) ، وليست في (خ) .
وقال صلاح الدين
(7/149)
[وأما المغفر]
المغفر: غطاء الرأس من السلاح كالبيضة وشبهها من حديد كان ذلك أو غيره.
فقد ثبت من حديث
مالك عن الزهري عن أنس [رضى اللَّه عنه] قال: دخل رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم يوم فتح مكة وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال له: ابن
خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه [ (1) ] .
وقد روى جماعة منهم بشر بن عمر الزهراني، ومنصور بن سلمة الخزاعي، عن مالك
هذا الحديث، وقالوا فيه: مغفر من حديد، وكذلك رواه أبو عبيد القاسم بن
سلام، عن أبى بكير عن مالك قال فيه: من حديد، وليس من حديد في الموطأ [ (2)
] .
__________
[ () ] الصفدي، وقد ذكر سلاحه صلى اللَّه عليه وسلم: وأربعة قسىّ:
1- قويس اسمها الروحاء. 2- وقوس شوحط. 3- وقوس صفراء يدعى الصفراء،
(الوافي) : 1/ 91، [ولم يذكر الرابعة] .
[ (1) ] (شرح السنة للبغوي) : 10/ 399.
[ (2) ]
(موطأ مالك) : 292، كتاب الحج، جامع الحج، حديث رقم (956) : عن أنس بن
مالك: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه
المغفر، فلما نزعه، جاءه رجل فقال له: يا رسول اللَّه، ابن خطل متعلق
بأستار الكعبة، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: اقتلوه.
قال مالك ولم يكن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يومئذ محرما، واللَّه
تعالى أعلم.
وأخرجه مسلم في كتاب الحج من (الصحيح) باب (84) جواز دخول مكة بغير إحرام،
حديث رقم (450) ، قوله: «وعلى رأسه المغفر» ، وفي رواية: «وعليه عمامة
سوداء بغير إحرام» ، وفي رواية: «خطب الناس وعليه عمامة سوداء» .
قال القاضي: وجه الجمع بينهما أن أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم بعد
ذلك كان على رأسه العمامة بعد إزالة المغفر، بدليل قوله: «خطب الناس وعليه
عمامة سوداء» ، لأن الخطبة إنما كانت عند باب الكعبة بعدم تمام فتح مكة.
وقوله: «دخل مكة بغير إحرام» هذا دليل لمن يقول بجواز دخول مكة بغير إحرام
لمن لم يرد نسكا، سواء كان دخوله لحاجة تكرر. كالحطاب، والحشاش، والسقاء،
والصياد، وغيرهم. أم لم
(7/150)
__________
[ () ] تتكرر، كالتاجر، والزائر وغيرهما، سواء كان آمنا أو خائفا، وهذا أصح
القولين للشافعي.
قوله: «اقتلوه» ، قال العلماء: إنما قتله لأنه كان قد ارتد عن الإسلام،
وقتل مسلما كان يخدمه، وكان يهجو النبي صلى اللَّه عليه وسلم ويسبه، وكانت
له قينتان تغنيان بهجاء النبي صلى اللَّه عليه وسلم والمسلمين.
فإن قيل: ففي الحديث الآخر: «من دخل المسجد فهو آمن» ، فكيف قتله وهو متعلق
بأستار الكعبة؟ فالجواب: أنه لم يدخل في الأمان، بل استثناه هو وابن أبى
سرح والقينتين، وأمر بقتله وإن وجد متعلقا بأستار الكعبة، كما جاء مصرحا به
في أحاديث أخر.
وقيل: لأنه لم يف بالشرط، بل قاتل بعد ذلك، وفي هذا الحديث حجة لمالك
والشافعيّ وموافقيهما في جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكة.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وتأوّلوا هذا الحديث على أنه قتله في الساعة التي
أبيحت له، وأجاب أصحابنا بأنها إنما أبيحت ساعة الدخول حتى استولى عليها،
وأذعن له أهلها، وإنما قتل ابن أخطل بعد ذلك، واللَّه تعالى أعلم.
واسم ابن أخطل: عبد العزى، وقال محمد بن إسحاق: اسمه عبد اللَّه وقال
الكلبي: اسمه غالب بن عبد اللَّه بن عبد مناف بن أسعد بن جابر بن كثير بن
تيم بن غالب.
وخطل بخاء معجمة وطاء مهملة مفتوحتين، قال أهل السير: وقيل سعد بن حريث،
واللَّه تعالى أعلم. (مسلم بشرح النووي) : 10/ 140- 141.
وأخرج البخاري في (الصحيح) : 6/ 203، كتاب الجهاد والسير، باب (169) ، قتل
الأسير، وقتل الصبر، حديث رقم (3044) ، وفيه أن الإمام يتخير- متبعا ما هو
الأحظ للإسلام والمسلمين- بين قتل الأسير، أو المن عليه بفداء- أو بغير
فداء، أو استرقاقه. (فتح الباري) .
و (المرجع السابق) : 8/ 18- 19، كتاب المغازي، باب (49) أين ركز الراية يوم
الفتح، حديث رقم (4286) .
و (المرجع السابق) : 10/ 338، كتاب اللباس، باب (17) المغفر، حديث رقم
(5808) ، قال الحافظ ابن حجر: وقد ذكرت في شرح الحديث أن بضعة عشر نفسا
رووه عن الزهري غير مالك.
و (سنن أبى داود) : 3/ 134- 135، كتاب الجهاد، باب (127) قتل الأسير ولا
يعرض عليه الإسلام، حديث رقم (2685) ، قال أبو داود: ابن خطل اسمه عبد
اللَّه، وكان أبو برزة الأسلمي قتله.
وأخرجه أيضا الترمذي في (السنن) : كتاب الجهاد، باب في المغفر، حديث رقم
(1357) ، والنسائي في (السنن) : كتاب المناسك، باب دخول مكة بغير إحرام،
حديث رقم (2870) ، وابن ماجة في (السنن) : كتاب الجهاد، باب السلاح، حديث
رقم (1805) ، والدارميّ في السير، باب كيف دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم مكة وعلى رأسه المغفر، حديث رقم (2460) ، وفي المناسك، باب
(7/151)
وذكر الواقدي أنه عليه السلام أصاب من سلاح
بنى قينقاع مغفرا موشحا، يقال: إنه من حديد وشح بالشّبه، ويقال: كان له
مغفر يقال له:
ذو الشبوع، وهو الّذي كان عليه يوم دخل مكة [ (1) ] .
[وأما الرماح]
فإنه صلى اللَّه عليه وسلم أصاب من سلاح بنى قينقاع ثلاثة أرماح، ويروى أنه
كانت له عليه السلام خمسة رماح: ثلاثة أصابها من بنى قينقاع [ (2) ] ، ورمح
يقال له:
المثوى، ورمح يقال له: الشنونى، وكان له وفضة- وهي الجعبة- ويقال لها:
الكافور، ويقال: اسم كنانته الجمع [ (3) ] .
__________
[ () ] دخول مكة بغير إحرام، حديث رقم (1944) .
[ (1) ] لم أجد هذا الخبر في غزوة بنى قينقاع من كتاب (المغازي) للواقدي:
1/ 178، وقد ذكر القسي، والدروع، والأسياف، والرماح، ولم يذكر المغفر.
وقال ابن القيم في (زاد المعاد) : 1/ 131، فصل في ذكر سلاحه وأثاثه صلى
اللَّه عليه وسلم: وكان له مغفر من حديد يقال له: الموشح، وشح بشبه، ومغفر
آخر يقال له: السبوغ، أو ذو السبوغ.
الشّبه والشبهان، بتحريك الشين والباء: النحاس الأصفر. وتكسر شينه.
[ (2) ] قال الواقدي وقد ذكر غزوة قينقاع: وأخذ رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم من سلاحهم ثلاث قسىّ، قوس تدعى الكتوم، كسرت بأحد، وقوس تدعى
الروحاء، وقوس تدعى البيضاء، وأخذ درعين من سلاحهم، درعا يقال لها الصفدية،
وأخرى فضة، وثلاث أسياف، سيف قلعى، وسيف يقال له بتار، وسيف آخر، وثلاثة
أرماح، قال: ووجدوا في حصونهم سلاحا كثيرا. وآلة الصياغة، وكانوا صاغة،
(مغازي الواقدي) : 1/ 178- 179.
[ (3) ] وقال الصفدي في (الوافي) : 1/ 91، وقد ذكر سلاح رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم: وأربعة رماح: المتثنى، وثلاثة من بنى قينقاع.
وقال ابن سعد في (الطبقات) : 1/ 489، ذكر أرماح رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم وقسيّه: أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا أبو بكر بن عبد اللَّه بن
أبى سبرة، عن مروان بن أبى سعيد بن المعلى، قال: أصاب رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم من سلاح بنى قينقاع ثلاثة أرماح.
(7/152)
[وأما الترس]
فروى عن مكحول أنه كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ترس فيه تمثال
رأس كبش، فكره مكانه، فأصبح وقد أذهبه اللَّه [ (1) ] .
وقال الأوزاعي: عن ابن شهاب أخبرنى القاسم بن محمد عن عائشة [رضى اللَّه
عنها قالت] أتانى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بترس فيه تمثال عقاب،
فوضع يده عليه، فأذهبه اللَّه عزّ وجل، ويقال: كان اسم الترس: الفتق، وترس
يقال له: الزلوق [ (2) ] .
[وأما العنزة]
فقد خرّج البخاري من حديث أبى جحيفة قال: رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم
بالأبطح [ (3) ] ، فجاءه بلال، فأذنه بالصلاة، ثم [خرج] بلال بالعنزة [حتى]
ركزها بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالأبطح وأقام الصلاة.
ذكره في باب: الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة [ (4) ] ، وفي باب: سترة
الإمام ستره من خلفه [ (5) ] ، وهو مما اتفقا عليه.
__________
[ (1) ] (الوافي) : 1/ 91، (طبقات ابن سعد) : 1/ 489.
[ (2) ] (زاد المعاد) : 1/ 131.
[ (3) ] الأبطح: موضع معروف خارج مكة.
[ (4) ] (فتح الباري) : 2/ 144، كتاب الأذان، باب (18) الأذان للمسافرين
إذا كانوا جماعة والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: «الصلاة في
الرحال» في الليلة الباردة أو المطيرة، حديث رقم (633) .
[ (5) ] (فتح الباري) : 1/ 751، كتاب الصلاة، باب (90) سترة الإمام سترة من
خلفه، حديث رقم (494) .
(7/153)
وخرّج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] وأبو
داود [ (3) ] ، من حديث عبيد اللَّه عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد، أمر بالحربة فتوضع بين يديه
فيصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك [في السّفر] ، فمن ثم اتخذها
الأمراء. لفظهم فيه سواء. ذكره البخاري في باب سترة الإمام سترة من خلفه.
وخرّج البخاري ومسلم من حديث عبيد اللَّه عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى
اللَّه عليه وسلم كان يركز- وفي لفظ يغرز- العنزة ويصلى إليها قال عبيد
اللَّه:
وهي الحربة. وفي لفظ للبخاريّ: كان تركز له الحربة فيصلي إليها. ترجم عليه
باب: الصلاة إلى الحربة [ (4) ] .
وقال الواقدي: في سنة ثنتين من مقدمه، صلى العيد وحملت له العنزة، وهو
يومئذ يصلى إليها في الفضاء، وكانت العنزة للزبير بن العوام أعطاه إياها
النجاشىّ، فوهبها للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم، وكان يخرج بها بين يديه
يوم العيد، وهي اليوم بالمدينة عند المؤذنين. حدثني بذلك إبراهيم بن محمد
بن عمار
__________
[ (1) ] وأخرجه بنحوه في كتاب العيدين، باب (13) الصلاة إلى الحربة يوم
العيد، حديث رقم (972) ، وفي باب (14) حمل العنزة أو الحربة بين يدي الإمام
يوم العيد، حديث رقم (973) .
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) : 4/ 464، كتاب الصلاة، باب (47) سترة المصلى،
حديث رقم (245) .
[ (3) ] (سنن أبى داود) : 1/ 442- 443، كتاب الصلاة، تفريع أبواب السترة،
باب (102) ، حديث رقم (687) ، وأخرجه أيضا النسائي في (السنن) : 2/ 394،
كتاب الصلاة، باب (4) سترة المصلى، حديث رقم (746) ، (سنن ابن ماجة) : 1/
303، كتاب الصلاة والسنة فيها، باب (36) ما يستر المصلى، حديث رقم (941) .
[ (4) ] (فتح الباري) : 1/ 751، كتاب الصلاة، باب (92) باب الصلاة إلى
الحربة، حديث رقم (498) ، باب (93) الصلاة إلى العنزة، حديث رقم (499) ،
وفيه: ... فصلى بنا الظهر والعصر، وبين يديه عنزة ... ، وحديث رقم (500) ،
وفيه: ... إذا خرج لحاجته تبعته أنا وغلام ومعنا عكازة، أو عصا، أو عنزة
... قال الحافظ ابن حجر: لكن قد قيل: إن الحربة إنما يقال لها عنزة إذا
كانت قصيرة، ففي ذلك جهة مغايرة، وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب (47)
سترة المصلى، حديث رقم (246) .
(7/154)
ابن سعد [ (1) ] القرظ عن أبيه عن جده [
(1) ] .
قال الواقدي: سألنا عن العنزة التي كانت لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
يصلى إليها في أسفاره وتحمل بين يديه، فحدثني أبو بكر بن عبد اللَّه بن
محمد بن أبى سبرة العامري، عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد اللَّه بن
الزبير، عن أسماء ابنة أبى بكر رضى اللَّه عنهما أنها قالت: لما هاجر
الزبير إلى أرض الحبشة، خرج مع النجاشي يقاتل عدوا له، فأعطاه النجاشي
يومئذ عنزة يقاتل بها، فطعن عدة حتى ظهر النجاشي على عدوّه، وقدم الزبير
رضى اللَّه عنه بها، فشهد بدرا وهي معه، وشهد بها يوم أحد ويوم خيبر، ثم
أخذها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والأمر على ذلك، وكان أبو بكر وعمر
وعثمان رضى اللَّه عنهم على ذلك، فهي اليوم تحمل بين يدي الأئمة، وتكون مع
المؤذنين [ (2) ] .
وقال محمد بن سعد عن إسماعيل بن عبد اللَّه بن أبى أويس، عن عبد الرحمن بن
سعد وغيره، أن النجاشىّ بعث إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم بثلاث عنزات،
فمسك واحدة، وأعطى عليا رضى اللَّه عنه واحدة [ (1) ] .
وذكر أبو زيد عمر بن شيبة، عن سعد القرظ قال: أهدى النجاشىّ للنّبيّ صلى
اللَّه عليه وسلم حربات، فوهب حربة لعمر بن الخطاب، ووهب حربة لعلى بن أبى
طالب رضى اللَّه عنه، وحبس لنفسه واحدة [ (2) ] .
قال: فأما حربة على فهلكت، وأما حربة عمر فصارت إلى أهله، وأما الحربة التي
أمسك لنفسه فهي يمشى بها مع الإمام يوم العيد
__________
[ (1) ] هذه الآثار بتمامها وبسياقه أتم ذكرها عن الواقدي: ابن سعد في
(الطبقات) : 3/ 235- 236، في ترجمة بلال بن رباح رضى اللَّه تعالى عنه.
[ (2) ] راجع التعليق السابق.
(7/155)
[والاستسقاء] [ (1) ] .
وذكر عن الليث بن سعد أنه بلغه أن العنزة التي كانت بين يدي النبي صلى
اللَّه عليه وسلم إذا صلى، كانت لرجل من المشركين، فقتله الزبير بن العوام
يوم أحد فأخذها في سلبه، فأخذها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من
الزبير، فكان ينصبها بين يديه إذا صلى.
وذكر الواقدي عن الزبير بن العوام أنه قال: لما كان يوم [ (2) ] بدر لقيت
عبيدة بن سعيد بن العاص على فرس عليه لأمة كاملة، لا يرى منه إلا عيناه وهو
يقول [- وقد كانت له صبية صغيرة يحملها، وكان لها بطين وكانت مسقمة-] [ (3)
] أنا أبو ذات الكرش، [أنا أبو ذات الكرش] [ (3) ] ، قال: وفي يدي عنزة
فأطعن بها في عينه ووقع وأطأ برجلي على خدّه، حتى أخرجت العنزة من حدقته،
وأخرجت حدقته، وأخذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم العنزة، فكانت تحمل
بين يديه، وأبى بكر، وعمر، وعثمان، رضى اللَّه عنهم [ (4) ] .
ويقال: إن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ابتاع عنزات، فأعطى الزبير
منها عنزة، وفرّقها في أصحابه، وكانت هذه العنزة منها تحمل بين يديه،
والأول أثبت.
ويقال: كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حربة يقال لها القبعة، وحربة
كبيرة اسمها البيضاء، وحربة صغيرة دون الرمح يقال لها: العنزة، يدعم عليها
ويمشى بها وهي في يده، وتحمل بين يديه في العيد حتى تركز أمامه فيتخذها
سترة يصلى إليها، قيل: إنه اتخذها من الزبير، وأخذها الزبير من النجاشي،
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (مغازي الواقدي) .
[ (2) ] في المرجع السابق: «يومئذ» .
[ (3) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (4) ] (مغازي الواقدي) : 1/ 85- 86.
(7/156)
وكانت له عنزة أخرى [ (1) ] .
وقال الواقدي: عن ابن أبى سبرة وغيره قالوا: كان بلال يحمل العنزة بين يدي
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الأعياد والمشاهد، فلما قبض اللَّه
نبيه صلى اللَّه عليه وسلم، سأل بلال أبا بكر رضى اللَّه عنهما، أن يشخص
إلى الشام، وكره المقام بالمدينة بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
فأذن له، فحمل العنزة بين يدي أبى بكر رضى اللَّه عنه [سعد القرظ- وكان
مؤذنه- وحملها بين يدي عمر رضى اللَّه عنه] وكان ولده يحملونها بين يدي
الولاة بالمدينة [ (1) ] .
قال البلاذري: وقد أمر المتوكل على اللَّه أمير المؤمنين بحمل هذه العنزة
إليه، فهي اليوم بسّر من رأى [ (2) ] .
وقال الواقدي: عن الثوري، عن إسماعيل بن أبى أمية، عن مكحول أنه قال: كانت
الحربة تحمل بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في أسفاره، لأنه كان
يصلى إليها، وهي العنزة.
وحدثني إبراهيم بن محمد بن عمار بن سعد القرظ، عن أبيه عن جده، أن بلالا
كان يحمل العنزة يوم العيد، ثم حملها سعد، ثم حملها عمّار، ثم حملها محمد
بن عمار بين يدي الولاة، ثم أنا هذا أحملها بين أيديهم [ (1) ] .
__________
[ (1) ] طبقات ابن سعد) : 1/ 235- 236، ترجمة بلال بن رباح، رضى اللَّه
تعالى عنه.
[ (2) ] سرّمن رأى: مدينة كانت بين بغداد وتكريت على شرقى دجلة، وقد خربت.
وفيها لغات: سامراء، ممدود، وسامرّا، مقصور، وسرّمن رأ، مهموز الآخر،
وسرّمن را، مقصور الآخر.
وقال أبو سعد: سامرّاء بلد على دجلة فوق بغداد بثلاثين فرسخا يقال لها
سرّمن رأى فخففها الناس وقالوا: سامراء. وبها السرداب المعروف في جامعها،
الّذي تزعم الشيعة أن مهديّهم يخرج منه. وقال حمزة: كانت سامراء مدينة
عتيقة من مدن الفرس تحمل إليها الإتاوة التي كانت موظفة لملك الفرس على ملك
الروم، ودليل ذلك قائم في اسم المدينة، لأن «سا» اسم الإتاوة، و «مرة» اسم
العدد، والمعنى أنه مكان قبض عدد جزية الرّوم.
(7/157)
ويقال: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم أخذ يوم أحد من الزبير الحربة التي دفعها إليه النجاشىّ، فقتل بها
أبىّ بن خلف [ (1) ] ، ثم مشى بها بلال من حينئذ بين يديه.
[وأما المنطقة]
فيذكر أنه كان له عليه السلام منطقة من أديم منشور فيها ثلاث حلق من فضة،
والإبزيم فضة، وخرج إلى أحد وقد حزم وسطه بمنطقة من حمائل سيف من أديم،
كانت عند أبى رافع مولى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم [ (2) ] .
__________
[ () ] وذكر محمد بن أحمد البشاري نكتة حسنة فيها، قال: لما عمرت سامراء
وكملت، واتسق خيرها، واحتفلت سميت: سرور من رأى، ثم اختصرت فقيل: سرّ من
رأى، فلما خربت وتشوهت خلقتها واستوحشت سميت: ساء من رأى، ثم اختصرت فقيل:
سامراء، فسبحان من لا يزول ولا يتحول. مختصرا من (معجم البلدان) : 3/ 195-
200، موضع رقم (6202) ، 243، موضع رقم (6392) .
[ (1) ] (مغازي الواقدي) 1/ 251، مختصرا.
[ (2) ] (المرجع السابق) : 1/ 214.
(7/158)
[وأما اللواءات
والرايات]
[ذكر ابن أبى شيبة في مصنفه أن أول من عقد الألوية إبراهيم الخليل عليه
السلام] [ (1) ] .
وخرج البخاري من حديث الليث، أخبرنى عقيل عن ابن شهاب، أخبرنى ثعلبة بن أبى
مالك القرظي، أن قيس بن سعد الأنصاري، وكان صاحب لواء رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم، لما أراد الحج فرجّل [ (2) ]- هكذا ذكر البخاري هذا
الحديث مختصرا محذوفا، وتمامه-: فرجّل أحد شقىّ رأسه، فقام غلام له فقلّد
هديه، فنظر قيس فإذا هديه قد قلّد، فأهل بالحج ولم يرجل شقّ رأسه الآخر [
(3) ] .
ولأبى داود [ (4) ] والترمذي من حديث عمار الدهني، عن أبى الزبير عن جابر،
يرفعه إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، أنه كان لواؤه يوم دخل مكة أبيض.
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين سقط من الناسخ في (ج) ، (مصنف ابن أبى شيبة) : 7/
273، كتاب الأوائل، باب (1) أوّل ما فعل ومن فعله، أثر رقم (36025) ،
وتمامه: بلغه أن قوما أغاروا على لوط فسبوه، فعقد لواء وسار إليهم بعبيده
ومواليه حتى أدركهم فاستنقذه وأهله.
[ (2) ] (فتح الباري) : 6/ 156، كتاب الجهاد والسير، باب (121) ، ما قيل في
لواء النبي صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (2974) .
[ (3) ] وقد أخرج الإسماعيلي هذا الحديث تاما من طريق الليث، التي أخرجها
المصنف منها فقال بعد قوله: فرجّل أحد شقي رأسه فقام غلام له فقلّده هديه،
فنظر قيس هديه وقد قلّد، فأهل بالحج ولم يرجل شق رأسه الآخر.
وأخرجه من طريق أخرى عن الزهري بتمامه نحوه، وفي ذلك ومصير من قيس بن سعد
إلى أن الّذي يريد الإحرام إذا قلد هديه يدخل في حكم المحرم.
وفي أحاديث الباب: استحباب اتخاذ الألوية في الحروب، وأن اللواء يكون مع
الأمير، أو من يقيمه لذلك عند الحرب (فتح الباري) : 6/ 157- 158.
[ (4) ] (سنن أبى داود) : 3/ 72، كتاب الجهاد، باب (76) في الرايات
والألوية، حديث رقم (2592) .
(7/159)
ولفظ الترمذي عن جابر رضى اللَّه عنه قال:
إن النبي صلى اللَّه عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض. قال: هذا حديث غريب،
لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك. قال: وسألت محمدا عن هذا الحديث
فلم يعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك وقال: حدثنا غير واحد عن شريك،
عن عمار عن أبى الزبير، عن جابر [رضى اللَّه عنه] ، أن النبي صلى اللَّه
عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء. قال محمد: والحديث هو هذا [ (1) ] .
[وخرّج ابن حبان في (صحيحه) ، من حديث شريك عن عمار الدهني، عن أبى الزبير
عن جابر، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم دخل عام الفتح مكة ولواؤه أبيض] [
(2) ] .
وللترمذي [ (3) ] من حديث يزيد بن حبّان قال: سمعت أبا مجلز لاحق ابن حميد،
يحدث عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما [ (4) ] ، قال: كانت راية رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب من
هذا الوجه من حديث ابن عباس رضى اللَّه عنهما [ (5) ] .
__________
[ (1) ] (سنن الترمذي) : 4/ 168، كتاب الجهاد، باب (9) ما جاء في الألوية،
حديث رقم (1679) ، قال أبو عيسى: والدّهن بطن من بجيلة، وعمار الدّهنى هو
عمار بن معاوية الدّهنى، ويكنى أبا معاوية، وهو كوفيّ، وهو ثقة عند أهل
الحديث.
[ (2) ] (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) : 11/ 47، كتاب السير، باب (13)
الخروج وكيفية الجهاد، ذكر وصف لواء المصطفى عند دخوله مكة يوم الفتح، حديث
رقم (4743) .
[ (3) ] (سنن الترمذي) : 4/ 169- 170، كتاب الجهاد، باب (10) ما جاء في
الرايات، حديث رقم (1681) .
[ (4) ] زيادة للسياق.
وأخرجه النسائي في (السنن) : 5/ 220، مناسك الحج، باب (106) دخول مكة
باللواء، حديث رقم (2866) .
[ (5) ] زيادة للسياق.
(7/160)
وذكر ابن إسحاق [ (1) ] أن لواء رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الأكبر في يوم بدر كان أبيض، يحمله مصعب بن
عمير [بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار] [ (2) ] ، ويذكر أنه كان له لواء
أغبر.
ولابن حيّان من حديث أبى مجلز، عن ابن عباس [رضى اللَّه عنهما] [ (3) ]
قال: كانت راية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سوداء ولواؤه أبيض، مكتوب
فيه: لا إله إلا اللَّه محمد رسول اللَّه [ (4) ] .
ولأبى داود من حديث يونس بن عبيد [مولى محمد بن القاسم] [ (5) ] قال: بعثني
محمد بن القاسم إلى البراء بن عازب، أسأله [ (6) ] عن راية رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم ما كانت؟ فقال: كانت سوداء مربّعة من نمرة [ (7) ] .
وخرجه الترمذي بهذا الإسناد مثله وقال: هذا حديث حسن غريب، لا تعرفه إلا من
حديث ابن أبى زائدة [ (8) ] .
وللبخاريّ من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن نافع بن جبير قال:
__________
[ (1) ] (سيرة ابن هشام) : 3/ 159، اللواء والرايتان، وباقي الحديث مرسل.
[ (2) ] زيادة للنسب من (المرجع السابق) .
[ (3) ] زيادة للسياق.
[ (4) ] (أخلاق النبي) : 144- 145.
[ (5) ] زيادة للسياق من (سنن أبى داود) .
[ (6) ] في المرجع السابق: «يسأله» .
[ (7) ] (سنن أبى داود) : 3/ 71- 72، كتاب الجهاد، باب (76) في الرايات
والألوية، حديث رقم (2591) ، نمرة- بفتح النون وكسر الميم-: بردة من صوف أو
غيره مخططة. (معالم السنن) .
[ (8) ] (سنن الترمذي) : 169، كتاب الجهاد، باب (10) ما جاء في الرايات،
حديث رقم (1680) . قال أبو عيسى: وفي الباب عن عليّ، والحارث بن حسان، وابن
عباس.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 5/ 381، حديث رقم (18153) من حديث البراء
بن عازب رضى اللَّه تعالى عنه.
(7/161)
سمعت العبّاس يقول للزبير رضى اللَّه
عنهما: ها هنا أمرك رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن تركز الراية [ (1)
] ، لم يذكر البخاري من هذا الحديث غير هذا [وقد ذكره] [ (2) ] بطوله في
غزوة الفتح.
ولأبى داود من حديث شعبة عن سماك، عن رجل من قومه عن آخر منهم قال: رأيت
راية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صفراء [ (3) ] .
وذكره ابن حيان، وذكره ابن عبد البر عن بريدة العبديّ، أن النبي صلى اللَّه
عليه وسلم عقد رايات الأنصار وجعلها صفراء [ (4) ] .
وذكر ابن إسحاق أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دفع الراية يوم خيبر
إلى عليّ رضى اللَّه عنه، وكانت بيضاء. وذكر أنه كان أمام رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم يوم بدر رايتان سوداوان، إحداهما مع على، والأخرى مع بعض
الأنصار، ذكر ابن هشام أنه
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 8/ 6، كتاب المغازي، باب (49) ، أين ركز النبي صلى
اللَّه عليه وسلم الراية يوم الفتح، حديث رقم (4280) ، ولم يذكر في سنده
نافع بن جبير في متن الحديث، بل ذكره الحافظ ابن حجر في الشرح والتعليق.
قوله: «عن هشام» هو ابن عروة، «عن أبيه» هكذا أورده مرسلا، قال الحافظ: ولم
أره في شيء من الطرق عن عروة موصولا، ومقصود البخاري منه ما ترجم به، وهو
آخر الحديث، فإنه موصول عن عروة، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن العباس بن
عبد المطلب، والزبير بن العوام.
قوله في آخر هذا الحديث الطويل: «قال عروة: فأخبرني نافع بن جبير بن مطعم
قال: سمعت العباس يقول للزبير بن العوام: يا أبا عبد اللَّه، هاهنا أمرك
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن تركز الراية؟» قال الحافظ ابن حجر:
وهذا السياق يوهم أن نافعا حضر المقالة المذكورة يوم فتح مكة، وليس كذلك،
فإنه لا صحبة له، ولكنه محمول عندي على أنه سمع العباس يقول للزبير ذلك بعد
ذلك في حجة اجتمعوا فيها، إما في خلافة عمر، أو في خلافة عثمان. (فتح
الباري) : 8/ 11- 12.
[ (2) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (3) ] (سنن أبى داود) : 3/ 72، كتاب الجهاد، باب (76) الألوية والريات،
حديث رقم (2593) ، قال الخطابي في (معالم السنن) : في إسناده رجل مجهول.
[ (4) ] راجع التعليق السابق.
(7/162)
سعد بن معاذ [ (1) ] .
وذكر ابن حيّان من حديث محمد بن إسحاق، عن عبد اللَّه بن أبى بكر، عن عمرة
عن عائشة رضى اللَّه عنها، كان لواء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
أبيض، وكانت رايته سوداء من مرط لعائشة مرحّل [ (2) ] .
ومن حديث وكيع، حدثنا سفيان عن أبى الفضل عن الحسن قال:
كانت راية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تسمى العقاب [ (3) ] ، ويقال:
إن العقاب كانت سوداء مربعة من نمرة مخمّلة، وقيل كانت من صوف أسود.
وللبخاريّ من حديث الحارث بن حسان قال: دخلت المسجد فرأيت رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم قائما على المنبر يخطب متقلدا السيف، وإذا رايات سود
[تخفق] ، فقلت: ما هذا؟ قالوا: عمرو بن العاص قدم من ذات السلاسل [ (4) ] .
__________
[ (1) ] (سيرة ابن هشام) : 3/ 159، اللواء والرايتان، في أحداث غزوة بدر،
4/ 297، ذكر المسير إلى خيبر، حامل الراية يوم خيبر.
[ (2) ] وأخرجه ابن أبى شيبة في (المصنف) : 6/ 537، باب (174) في الرايات
السود، حديث رقم (33592) .
[ (3) ] (المرجع السابق) ، حديث رقم (33593) .
[ (4) ] غزوة ذات السلاسل، كانت في جمادى الآخر سنة ثمان، وهي وراء وادي
القرى، وبينها وبين المدينة عشرة أيام، وقد نزلوا على ماء لجذام، يقال له
السلسل فيما قال ابن إسحاق، ولذلك سميت: ذات السلاسل.
والحديث أخرجه ابن أبى شيبة في (المصنف) : 6/ 537، باب (174) في الرايات
السود، حديث رقم (33591) . ولم يقل: «ذات السلاسل» .
والبيهقي في (السنن الكبرى) : 6/ 362- 363، باب ما جاء في عقد الألوية
والرايات، من حديث أبى بكر بن عياش، عن عاصم بن أبى النجود، قال: قال
الحارث بن حسان البكري: انتهيت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو على
المنبر، وبلال قائم متقلد السيف، وإذا رايات سود، والناس يقولون: هذا عمرو
بن العاص قد قدم.
(7/163)
وذكر ابن حيان وقاسم بن أصبغ من حديث أوس
بن عبد اللَّه بن بريدة، عن الحسين بن واقد، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن
أبيه بريدة بن الحصيب قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لا
يتطيّر، ولكن يتفأل، وكانت قريش جعلت مائة من الإبل لمن يأخذ نبي اللَّه
فيرده عليهم حين توجه إلى المدينة فأقبل بريدة في سبعين راكبا من أهل بيته
من بنى سهم، فلقوا نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ليلا، فقال له النبي
صلى اللَّه عليه وسلم: من أنت؟ قال: أنا بريدة، فالتفت إلى أبى بكر رضى
اللَّه عنه فقال: يا أبا بكر، برد أمرنا وصلح، قال: ثم من من؟ قال: من
أسلم، قال سلمنا، قال: ثم من من؟ قال: من بنى سهم، قال: خرج سهمك، فقال
بريدة: من أنت؟ قال: أنا محمد بن عبد اللَّه رسول اللَّه، قال بريدة: أشهد
أن لا إله إلا اللَّه وأنك عبده ورسوله، فأسلم بريدة، وأسلم الذين معه
جميعا.
فلما أصبح قال للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم: لا تدخل المدينة إلا ومعك
لواء، فحل عمامته ثم شدها في رمح، ثم مشى بين يديه حتى دخل المدينة، قال
بريدة: الحمد للَّه الّذي أسلمت بنو سهم طائعين [ (1) ] .
__________
[ () ] ورواه سلام بن المنذر، عن عاصم، عن أبى وائل، عن الحارث بن حسان.
وقال في متنه: فإذا راية سوداء تخفق، فقلت: ما شأن الناس اليوم، قالوا: هذا
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها. (السنن
الكبرى) .
وقال الحافظ الذهبي: عن الثوري، عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي،
قال: عقد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لواء لعمرو على أبى بكر وعمر
وسراة أصحابه قال الثوري: أراه قال: في غزوة ذات السلاسل. (سير أعلام
النبلاء) : 3/ 56- 57، ترجمة عمرو بن العاص رقم (15) .
[ (1) ] أخرجه ابن عدي في (الكامل) : 1/ 140، في ترجمة أوس بن عبد اللَّه
بن بريدة حصيب الأسلمي رقم (224/ 224) من طريق أوس بن عبد اللَّه بن بريدة
عن حسين بن واقد، عن عبد اللَّه بن بريدة عن أبيه.
قال الألباني في (السلسلة الصحيحة) : وأوس هذا ضعيف جدا، لكن تفاؤله صلى
اللَّه عليه وسلم ثابت عنه في غير ما حديث.
(7/164)
قال الساجي في هذا الحديث: قال البخاري:
فيه نظر، وذكر غير واحد أن أول راية عقدها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم راية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عبد مناف، حين بعثه إلى بطن
رابغ. هذا قول ابن إسحاق [ (1) ] . وقال قومه: أول لواء عقده عليه السلام
لواء حمزة بن عبد المطلب حين بعثه يعترض عيرا لقريش [ (2) ] .
وقال الواقدي في غزاة بدر: وكان لواء رسول اللَّه [صلى اللَّه عليه وسلم
يومئذ] [ (3) ] الأعظم لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير، ولواء الخزرج مع
الحباب بن المنذر، ولواء الأوس مع سعد بن معاذ [ (4) ] .
وذكر في غزاة أحد أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دعي بثلاثة أرمح،
فعقد ثلاثة
__________
[ () ] ورواه عنه أيضا قاسم بن أصبغ، وسكت عليه عبد الحق مصححا له، قال ابن
القطان، وما مثله يصح فإن فيه أوس، منكر الحديث، وروى أبو داود قال ابن
القطان: وما مثله يصح فإن فيه أوس، منكر الحديث، وروى أبو داود عنه قوله:
«انه يتطير» قال وإسناده صحيح.
قلت: الصواب تصحيح عبد الحق، وليس هو تصحيحا لذاته حتى يرد ما تعقبه ابن
القطان، وإنما هو على التفصيل الّذي ذكرته، فتنبه ولا تكن من الغافلين.
(سلسلة الأحاديث الصحيحة) :
2/ 400، 401، حديث (762) ، (الكامل في ضعفاء الرجال) : 1/ 410.
[ (1) ] سرية عبيدة بن الحارث، وهي أول راية عقدها صلى اللَّه عليه وسلم،
وأول سهم رمى به في الإسلام، قال ابن إسحاق:
وبعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في مقامه ذاك بالمدينة عبيدة بن
الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي، في ستين أو ثمانين راكبا من
المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، فسار حتى بلغ ماء بالحجاز، بأسفل ثنية
المرة، فلقى بها جمعا عظيما من قريش. فلم يكن بينهم قتال، إلا أن سعد بن
أبى وقاص قد رمى يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمى به في الإسلام. (سيرة ابن
هشام) : 3/ 136.
[ (2) ] من قال إن أول راية كانت لحمزة رضى اللَّه عنه: وبعض الناس يقول:
كانت راية حمزة أول راية عقدها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأحد من
المسلمين. وذلك أن بعثه وبعث عبيدة كانا معا، فشبه ذلك على الناس. (المرجع
السابق) : 140، سرية حمزة إلى سيف البحر.
[ (3) ] زيادة للسياق من (مغازي الواقدي) .
[ (4) ] ومع قريش ثلاثة ألوية: لواء مع أبى عزيز، ولواء مع النضر بن
الحارث، ولواء مع طلحة بن أبى طلحة.
(المرجع السابق) : 1/ 58، 225.
(7/165)
ألوية، فدفع لواء الأوس إلى أسيد بن حضير،
ودفع لواء الخزرج إلى حباب ابن المنذر بن الجموح، ويقال: إلى سعد بن عبادة،
ودفع لواء المهاجرين إلى إلى على بن أبى طالب، ويقال: إلى مصعب بن عمير [
(1) ] .
قال: وسأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من يحمل لواء المشركين؟ فقيل:
بنو عبد الدار، فقال: نحن أحق بالوفاء منهم، أين مصعب بن عمير؟ قال: ها أنا
ذا، قال: خذ اللواء، فأخذ مصعب بن عمير فتقدم به بين يدي رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم [ (2) ] ، وهو اللواء الأعظم، ودفع لواء الأوس إلى أسيد
بن حضير، ولواء الخزرج مع سعد أو حباب [ (3) ] .
قال: وحدثني الزبير بن سعيد [ (4) ] ، عن عبد اللَّه بن الفضل قال: أعطى
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مصعب بن عمير اللواء، فقتل مصعب، فأخذه
ملك في صورة مصعب، فجعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بقول لمصعب في
آخر النهار: تقدم يا مصعب فالتفت إليه الملك فقال: لست بمصعب، فعرف رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه ملك أيّد به [ (5) ]
[وسمعت أبا معشر يقول مثل ذلك] [ (6) ] .
ولما قتل مصعب وسقط اللواء، ابتدره رجلان من بنى عبد الدار: سويبط ابن
حرملة، وأبو الروم، فأخذه أبو الروم، فلم يزل في يده حتى دخل به المدينة [
(7) ] .
__________
[ (1) ] المرجع السابق) : 1/ 215.
[ (2) ] المرجع السابق) : 1/ 221.
[ (3) ] راجع التعليق رقم (5) .
[ (4) ] في (خ) ، (ج) : «الزبير وسعيد» ، وما أثبتناه من (مغازي الواقدي) .
[ (5) ] (مغازي الواقدي) : 1/ 234.
[ (6) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (7) ] (المرجع السابق) : 1/ 239.
(7/166)
ولما خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
إلى حمراء الأسد، دفع لواءه إلى على بن أبى طالب رضى اللَّه عنه، ويقال:
دفعه إلى أبى بكر رضى اللَّه عنه.
ولما خرج إلى بدر الموعد، كان يحمل لواءه الأعظم يومئذ على رضى اللَّه عنه
[ (1) ] .
وفي غزوة المريسيع، دفع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، راية المهاجرين
إلى أبى بكر الصديق رضى اللَّه عنه، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة رضى
اللَّه عنه، ويقال كان مع عمار بن ياسر راية المهاجرين [ (2) ] .
ولما خرج إلى بنى قريظة، دفع عليه السلام لواءه إلى على، [رضى اللَّه عنه]
وكان اللواء على حاله، لم يحل [من] مرجعه من الخندق [ (3) ] . وحمل اللواء
في غزوة الغابة المقداد بن عمرو [ (4) ] ، وحمل راية رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم العقاب سعد بن عبادة [ (5) ] ، وكان له في خيبر ثلاث
رايات [ (6) ] .
قال الواقدي: ولم يكن راية قبل خيبر، إنما كانت الألوية، فكانت راية رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم السوداء من برد عائشة رضى اللَّه عنها تدعى
العقاب، ولواؤه أبيض، ودفع رايته إلى على بن أبى طالب رضى اللَّه عنه وراية
إلى الحباب ابن المنذر، وراية إلى سعد بن عبادة [ (7) ] .
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) : 1/ 388.
[ (2) ] (المرجع السابق) : 1/ 407.
[ (3) ] (المرجع السابق) : 2/ 797.
[ (4) ] (المرجع السابق) : 2/ 540.
[ (5) ] (المرجع السابق) : 2/ 542.
[ (6) ] قال الواقدي: وكانت راية النبي صلى اللَّه عليه وسلم السوداء من
برد لعائشة تدعى العقاب، ولواؤه أبيض، ودفع راية إلى عليّ عليه السلام،
وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سعد بن عبادة. (المغازي) : 2/ 649.
[ (7) ] راجع التعليق السابق.
(7/167)
ولما انتهى صلى اللَّه عليه وسلم من خيبر
إلى وادي القرى، وقد ضوى إليها ناس من العرب، استقبل يهود بالرمي المسلمين،
حيث نزلوا وهم على غير تعبئة، فعبأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
أصحابه لقتالهم، وصفّهم ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن
النذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر [ (1) ] .
وعقد صلى اللَّه عليه وسلم لما جهز لغزاة مؤتة لواء أبيض، ودفعه إلى زيد بن
حارثة [ (2) ] ، وعقد لعمرو بن العاص لما بعثه لغزوة ذات السلاسل لواء
أبيض، وجعل راية سوداء [ (3) ] .
ولما عسكر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ببئر أبى عنبة- وهو يريد فتح
مكة- عقد الألوية والرايات، وقيل: لم يعقد الألوية والرايات حتى انتهى إلى
قد يد، فكان في المهاجرين ثلاث رايات: راية مع الزبير سوداء، وراية مع
عليّ، وراية مع سعد بن أبى وقاص وكان في الأوس راية في بنى عبد الأشهل مع
أبى نائلة، وفي بنى ظفر راية مع قتادة بن النعمان، وفي بنى حارثة راية مع
أبى بردة بن نيار، وفي بنى معاوية راية مع جبر بن عتيك، وفي بنى خطمة راية
مع أبى لبابة بن المنذر [ (4) ] ، وفي بنى واقف راية مع هلال بن أمية [ (5)
] ، وفي بنى عمرو بن عوف راية مع أبى لبابة بن عبد المنذر، وفي بنى أمية
راية كذا، وفي بنى ساعدة راية مع أبى أسيد الساعدي، وفي بنى الحارث بن
الخزرج راية مع عبد اللَّه بن زيد، وفي بنى سلمة مع قطبة بن عامر بن
__________
[ (1) ] (المغازي للواقدي) : 2/ 710.
[ (2) ] (المراجع السابق) : 2/ 756.
[ (3) ] سبق الإشارة إلى هذا الخبر وتخريجه.
[ (4) ] في (خ) ، (ج) : «مع خزيمة بن ثابت» ، وما أثبتناه من الرجع السابق»
.
[ (5) ] كذا في الأصلين، وفي (المرجع السابق) : «وفي بنى أمية راية مع
مبيّض» .
(7/168)
حديدة، وفي بنى مالك بن النجار راية مع
عمارة بن حزم، وفي بنى مازن راية مع سليط بن قيس، وفي بنى دينار راية مع
كذا [ (1) ] .
وكانت في مزينة ثلاثة ألوية: لواء مع النعمان بن مقرّن، ولواء مع بلال ابن
الحارث، ولواء مع عبد اللَّه بن عمرو. وكان في أسلم لواءان أحدهما مع بريدة
بن الحصيب، والآخر مع ناجية بن الأعجم، وفي جهينة أربعة ألوية:
لواء مع سويد بن صخر، ولواء مع رافع بن مكيث، ولواء مع زرعة معبد بن خالد،
ولواء مع عبد اللَّه بن بدر [ (2) ] .
وكان مع بنى كعب بن عمرو ثلاثة ألوية: لواء مع بشر بن سفيان، ولواء مع ابن
شريح، ولواء مع عمرو بن سالم، وكانت راية أشجع مع عوف بن مالك [ (3) ] ،
[ولهم لواءان: لواء يحمله معقل بن سفيان، ولواء يحمله نعيم ابن مسعود] [
(4) ] .
ولقيه عليه السلام بقديد أسلم ومعها لواءان وخمس رايات سود، وقيل لم يكن
معها لواء ولا راية. فسألوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن يعقد لهم
راية، فعقد لهما لواءان: أحدهما حمله عباس بن مرداس، والآخر حمله خفاف بن
ندبه، وحمل آخر راية [ (5) ] [الحجاج بن علاط] .
وكانت راية غفار مع أبى ذرّ [ (6) ] ، وكان في كنانة بنى ليث، وضمرة، وسعد
بن بكر لواء مع أبى واقد الليثي، وكان مع بنى ليث لواء يحمله
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) : 2/ 800.
[ (2) ] (مغازي الواقدي) : 2/ 800- 801.
[ (3) ] المرجع السابق) : 2/ 801.
[ (4) ] ما بين الحاصرتين من الأصلين دون (مغازي الواقدي) .
[ (5) ] (المرجع السابق) : 2/ 819، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق والبيان
منه.
[ (6) ] ويقال إيماء بن رحضة (المرجع السابق) .
(7/169)
الصعب بن جثامة، وكان سعد بن عبادة يحمل
راية رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أمام كتيبته، ثم أمره عليه السلام
أن يدفعها إلى ابنه قيس بن سعد، وقيل بل أخذ عليّ رضى اللَّه عنه الراية من
سعد يأمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حتى دخل بها مكة، فغرزها عن
الركن [ (1) ] .
ويقال: كان لواء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم دخل مكة أسود، ولمّا
عبّأ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أصحابه بأوطاس وصفّهم، وضع الألوية
والرايات في أهلها، وكان مع المهاجرين لواء يحمله عليّ، وراية يحملها سعد
بن أبى وقّاص، وراية يحملها عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنهم، وكان مع الخزرج
لواء يحمله الحباب بن المنذر، ويقال: كان لواء الخزرج الأكبر مع سعد بن
عبادة، ولواء الأوس أسيد بن الحضير وفي كل بطن من بطون الأوس والخزرج لواء
أو راية، ففي بنى عبد الأشهل راية يحملها أبو نائلة، وفي بنى حارثة راية
يحملها أبو بردة بن نيار، وفي بنى ظفر راية يحملها قتادة بن النعمان، وراية
يحملها جبر بن عتيك في بنى معاوية، وراية يحملها هلال بن أمية في بنى واقف،
وراية يحملها أبو لبابة بن عبد المنذر في بنى عمرو بن عوف، وراية يحملها
أبو أسيد الساعدي في بنى ساعدة، وراية يحملها عمارة بن حزم في بنى مالك بن
النجار، وراية يحملها أبو سليط في بنى عدي بن النجار، وراية يحملها سليط بن
قيس في بنى مازن [ (2) ] .
وكانت رايات الأوس والخزرج في الجاهلية خضراء وحمراء، فلما كان الإسلام
أقروها على ما كانت عليه، وكانت رايات المهاجرين سوداء والألوية بيضاء،
وكان في أسلم رايتان: إحداهما مع بريدة بن الحصيب، والأخرى
__________
[ (1) ] (المرجع السابق) : 2/ 822.
[ (2) ] (مغازي الواقدي) : 2/ 818- 821.
(7/170)
مع جندب بن الأعجم، وكان في غفار راية مع
أبى ذر، وفي بنى ضمرة والليث، وسعد بن ليث راية مع أبى واقد الحارث بن مالك
الليثي، وفي كعب بن عمرو، رايتان: مع بسر بن سفيان وأبى شريح، وفي مزينة
ثلاث رايات: مع بلال بن الحارث، والنعمان بن مقرن، وعبد اللَّه بن عمرو بن
عوف [ (1) ] .
وفي جهينة أربع رايات: مع رافع بن مكيث، وعبد اللَّه بن بدر، وأبى زرعة
معبد بن خالد، وسويد بن صخر، وفي أشجع رايتان: مع نعيم بن مسعود، ومعقل بن
سنان، وفي سليم ثلاث رايات: مع العباس بن مرداس، وخفاف بن ندبة، وحجاج بن
علاط، وحمل راية الأزد [في] [ (2) ] حصار [أهل] [ (2) ] الطائف النعمان
المهلبي [ (3) ] .
ولما دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من ثنية الوداع يريد تبوك، وعقد
الألوية والرايات، فدفع لواءه الأعظم إلى أبى بكر الصديق رضى اللَّه عنه،
ورايته العظمى إلى الزبير رضى اللَّه عنه، ودفع راية الأوس إلى أسيد بن
الحضير، ولواء الخزرج إلى أبى دجانة، ويقال: إلى الحباب بن المنذر بن
الجموح [ (4) ] ، وراية بنى مالك بن النجار إلى عمارة بن حزم، ثم أعطاها
زيد بن ثابت، وراية بنى عمرو بن عوف إلى أبى زيد، وراية بنى سلمة إلى معاذ
بن جبل، رضى اللَّه عنهم [ (5) ] .
__________
[ (1) ] (مغازي الواقدي) : 2/ 818- 821.
[ (2) ] زيادة للسياق والبيان.
[ (3) ] (المرجع السابق) .
[ (4) ] (المرجع السابق) : 3/ 996.
[ (5) ] باقي الخير ليس في (المرجع السابق) .
(7/171)
ولما بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
على بن أبى طالب رضى اللَّه عنه في رمضان سنة عشر [ (1) ] ، عسكر بقباء حتى
تتام أصحابه، وعقد له يومئذ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لواء، أخذ
عمامة فلفّها مثنية مربعة، فجعلها في رأس الرمح، ثم دفعها إليه ثم قال:
هكذا [ (2) ] اللواء، وعمّمه عمامة ثلاثة أكوار، وجعل ذراعا بين يديه،
وشبرا من ورائه، ثم قال: هكذا العمة [ (3) ] .
وآخر لواء عقده رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لواء أسامة بن زيد في يوم
الخميس لليلة بقيت من صفر سنة إحدى عشرة، عقده بيده، وقد ابتدأ به مرضه
الّذي توفّاه اللَّه فيه، وقال له: يا أسامة: أغز باسم اللَّه، في سبيل
اللَّه، فقاتلوا من كفر باللَّه، اغزوا ولا تغدروا ولا تقتلوا وليدا ولا
امرأة، ولا تمنوا لقاء العدو، فإنكم لا تدرون لعلكم لا تبتلون بهم، ولكن
قولوا: اللَّهمّ اكفناهم، واكفف بأسهم عنا، فإن لقوكم قد أجلبوا وصيّحوا،
فعليكم بالسكينة والصمت، ولا تنازعوا [فتفشلوا] وتذهب ريحكم، وقولوا:
اللَّهمّ نحن عبادك وهم عبادك، نواصينا ونواصيهم بيدك، وإنما تغلبهم أنت،
واعلموا أن الجنة تحت البارقة [ (4) ] .
ثم قال: يا أسامة، شن [ (5) ] الغارة على أهل أبناء، ثم قال امض على اسم
اللَّه،
فخرج بلوائه معقودا، فدفعه إلى بريدة بن الحصيب فخرج به إلى بيت أسامة،
وعسكر أسامة بالجرف [ (6) ] .
__________
[ (1) ] هي سرية على بن أبى طالب رضى اللَّه عنه إلى اليمن.
[ (2) ] في (خ) : «هاك ذا» .
[ (3) ] (مغازي الواقدي) : 3/ 1079.
[ (4) ] (مغازي الواقدي) : 3/ 1117.
[ (5) ] شنّ الغارة عليهم: فرّقها عليهم من جميع جهاتهم. (النهاية) .
[ (6) ] (مغازي الواقدي) : 3/ 1118.
(7/172)
فلما توفى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم، ودخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة، ودخل بريدة بن
الحصيب بلواء أسامة معقودا، حتى أتى به باب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم فغرزه عنده [ (1) ] .
فلما بويع أبو بكر رضى اللَّه عنه، أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت
أسامة، وأن لا يحله أبدا حتى يغزوهم أسامة، فخرج بريدة باللواء إلى بيت
أسامة، ثم خرج به الشام معقودا مع أسامة، ثم رجع به إلى بيت أسامة، فما زال
معقودا في بيت أسامة حتى توفى أسامة حتى توفى أسامة رضى اللَّه عنه [ (1) ]
.
__________
[ (1) ] (مغازي الواقدي) : 3/ 1118.
(7/173)
[وأما القضيب
والعصا]
[فكان له صلى اللَّه عليه وسلم مخصرة تسمى العرجون، وقضيب يسمى الممشوق]
فخرج ابن حبان من حديث محمد بن عجلان، عن عياض عن أبى سعيد [رضى اللَّه
عنه] قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يستحب العراجين، فلا يزال
في يده منها شيء، فدخل يوما المسجد وفي يده العرجون، فرأى نخامة في القبلة
فحكها بالعرجون [ (1) ] .
ومن حديث ابن لهيعة، أخبرنا أبو الأسود عن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير،
عن أبيه، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يخطب وفي يده مخصرة [
(2) ] .
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 146، وما بين الحاصرتين من (خ) ، وليس في (ج) ،
وسيأتي شرحه.
[ (2) ] (مجمع الزوائد) : 2/ 187، (طبقات ابن سعد) : 1/ 250، (سلسلة
الأحاديث الضعيفة للألبانى) : حديث رقم (964) ، وقال العلّامة ابن القيم:
ولم يكن يأخذ بيده سيفا ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن
يتخذ المنبر، وكان في الحرب يعتمد على قوس، وفي الجمعة يعتمد على عصا. (زاد
المعاد) : 1/ 429، فصل في هديه صلى اللَّه عليه وسلم في خطبته.
ورواه أبو داود في (السنن) : 1/ 658- 659، كتاب الصلاة، باب (229) الرجل
يخطب على القوس، حديث رقم (1096) مطولا، وفيه: «فقام متكئا على عصا أو قوس
... » وسنده حسن، وصححه ابن خزيمة، وله شاهد من حديث يزيد بن البراء، في
(سنن أبى داود) : 1/ 679، كتاب الصلاة، باب (249) حديث رقم (1145) ، وله
شاهد آخر عند أبى الشيخ في (أخلاق النبي) :
155- 156، والنسائي في (السنن) : 8/ 551- 552، كتاب الزينة، باب (45) حديث
أبى هريرة والاختلاف على قتادة، حديث رقم (5204) ، وفيه «.... وفي يد رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مخصرة أو جريدة» ، وحديث رقم (5205) ، وفيه «
... فجعل يقرعه بقضيب معه» ، (مسند أحمد) :
6/ 501، حديث رقم (22576) ، وفيه: « ... فطعننى رجل بمخصرة ... فنظرت فإذا
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم» ،
(مسلم بشرح النووي) : 18/ 294، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب (24) قصة
الجساسة، حديث رقم (119) ، وفيه: « ... قالت: قال رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر:
هذه طيبة، هذه طيبة، يعنى المدينة» .
(7/174)
ومن حديث معمر بن سليمان قال: سمعت منصور
بن المعتمر، عن سعد بن عبيدة، عن عبد اللَّه بن حبيب، عن أبى عبد الرحمن
السّلميّ عن على رضى اللَّه عنه قال: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم ببقيع
الغرقد ومعه مخصرة، فنكس وجعل ينكت بها يده [ (1) ] .
قال ابن الجوزي: وكان له صلى اللَّه عليه وسلم قضيب هو اليوم عند الخلفاء.
ولابن حيّان من حديث ليث عن عامر الشعبىّ، عن ابن عباس رضى اللَّه عنهما
أنه قال: التوكؤ على العصا من أخلاق الأنبياء [ (2) ] [و] كان لرسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم عصا يتوكأ عليها، ويأمر بالتوكؤ على العصا [ (3) ] .
وقال مخول بن إبراهيم، حدثنا إسرائيل عن عاصم، عن محمد بن سيرين، عن أنس،
أنه كان عنده عصيّة لرسول اللَّه، فمات فدفنت معه بين جنبه وبين قميصه.
وخرج عمر بن شيبة من حديث عبد اللَّه بن رجاء قال: أخبرنا المسعودي عن
القاسم قال: كان عبد اللَّه بن مسعود [رضى اللَّه عنه] يلبس النبي صلى
اللَّه عليه وسلم
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 289، كتاب الجنائز، باب (82) موعظة المحدث عند
القبر، وقعود أصحابه حوله، حديث رقم (1362) .
[ (2) ] (الأسرار المرفوعة) : 167، حديث رقم (147) ، قال عنه: كلام صحيح،
وليس له أصل صريح، وإنما يستفاد من قوله تعالى: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا
مُوسى [طه: 17] ، ومن فعل نبينا عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان، (كشف
الخفا) : 1/ 321، حديث رقم (1025) ثم قال- بعد أن نقل قول القاري في
(الأسرار) -: وروى الديلميّ بسنده عن أنس رفعه، حديث: حمل العصا علامة
المؤمن وسنة الأنبياء، وروى أيضا: كانت للأنبياء كلهم مخصرة يختصرون بها
تواضعا للَّه عزّ وجلّ.
وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف حديث: أن اتخذ العصا فقد اتخذها أبى
إبراهيم. وأخرج ابن ماجة عن أبى أمامة: خرج إلينا رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم متوكئا على عصا.
[ (3) ] (سلسلة الأحاديث الضعيفة) : 916.
(7/175)
نعليه، ثم يأخذ العصا فيمشي أمامه، حتى إذا
جلس أعطاه العصا ونزع نعليه، فجعلهما في ذراعيه، ثم استقبله بوجهه، فإذا
أراد أن يقوم ألبسه نعليه، ثم أخذ العصا فمشى قدامه، حتى يلج الحجرة أمام
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، ويقال: إن اسم قضيبه على السلام الممشوق
[ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرج الطبراني من حديث ابن عباس: « ... وكان له قضيب شوحط يسمى
الممشوق» ، وفيه على بن عذرة الدمشقيّ، نسب إلى وضع الحديث.
قوله: قضيب شوحط، أي غصن مقطوع من شوحط، وهو من أشجار الجبال، تعمل منها
القسي والسهام، قيل: هو الّذي كان الخلفاء يتداولونه.
قال الزبيدي: ورواه من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن على بن عذرة، عن عبد
الملك بن أبى سليمان، عن عطاء وعمرو بن دينار، كلاهما عن ابن عباس. وعلى بن
عذرة قال الهيثمي: متروك.
ورواه ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: عبد الملك وعلى وعثمان متروكون
(إتحاف السادة المتقين) : 8/ 261- 262.
(7/176)
|