إمتاع
الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع فصل في ذكر سرير رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم
خرج الإمام أحمد رحمه اللَّه من حديث الحسن، عن أنس [بن مالك] [ (1) ] قال:
دخلت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وهو على سرير مضطجع مرمل
بشريط، وتحت رأسه وسادة من آدم حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه، ودخل
عليه عمر رضى اللَّه عنه، فانحرف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
انحرافه، فلم ير عمر [ (2) ] بين جنبه وبين الشريط ثوبا، وقد أثّر الشريط
بجنب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فبكى عمر رضى اللَّه عنه، فقال له
رسول اللَّه [ (3) ] صلى اللَّه عليه وسلم ما يبكيك [يا عمر؟] [ (1) ] قال:
واللَّه [ما أبكى أن] [ (4) ] لا أكون أعلم أنك على اللَّه [عز وجل [ (1)
]] من كسرى وقيصر، وهما يعيشان [ (5) ] فيما يعيشان [ (5) ] فيه من الدنيا،
وأنت يا رسول اللَّه بالمكان الّذي أرى، فقال [النبي] [ (1) ] صلى اللَّه
عليه وسلم: أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قال [عمر] [ (1) ]
بلى، قال صلى اللَّه عليه وسلم: فإنه كذاك [ (6) ] .
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (المسند) .
[ (2) ] في الأصلين: «فرأى عمر» ، وما أثبتناه من (المسند) .
[ (3) ] في (المسند) : «فقال له النبي» .
[ (4) ] زيادة من الأصلين.
[ (5) ] في (المسند) : «يعبثان» ، وما أثبتناه من الأصلين.
[ (6) ] (مسند أحمد) : 3/ 601- 602، حديث رقم (12009) ، (دلائل البيهقي) :
1/ 337، باب ذكر أخبار رويت في زهده صلى اللَّه عليه وسلم في الدنيا وصبره
على القوت الشديد فيها، واختياره الدار الآخرة، وما أعد اللَّه تعالى له
فيها على الدنيا، ورواه الإمام مسلم بمعناه في صحيحه، كتاب الطلاق، باب (5)
في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهن، وقوله تعالى: وَإِنْ تَظاهَرا
عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ، حديث رقم (1479) .
(7/108)
ولابن حيّان من حديث يحى بن حسان، عن محمد
بن مهاجر، [قال:
كان متاع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عند عمر بن عبد العزيز، في بيت
ينظر إليه كل يوم [ (1) ]] وكان إذا اجتمعت إليه قريش، أدخلهم ذلك البيت،
ثم استقبل ذلك المتاع فيقول: هذا ميراث من أكرمكم اللَّه وأعزّكم به [ (2)
] ، قال: وكان سريرا مرمّلا بشريط، ومرفقة من آدم محشوة بليف، وجفنة،
وقدحا، وقطيفة، ورحى، وكنانة فيها أسهم، وكان في القطيفة أثر وسخ رأسه،
فأصيب رجل، فطلبوا أن يغسلوا بعض ذلك الوسخ فيسعط به، فذكر ذلك لهم، فسعط
فبرأ [ (3) ] .
وقال الواقدي: حدثني ابن أبى سيرة، عن محمد بن أبى حرملة، عن عطاء، عن
عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كانت قريش بمكة، وليس شيء أحب إلينا من السرير
ننام عليها، فلما قدم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم المدينة، ونزل منزل
أبى أيوب، قال صلى اللَّه عليه وسلم: يا أبا أيوب، أما لكم سرير؟ قال: لا
واللَّه، فبلغ أسعد بن زرارة ذلك، فبعث إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم بسرير له عمود وقوامه ساج مرسول بحزم- يعنى المسد- فكان ينام عليه حتى
تحول إلى منزلي،
وكان فيه فوهبه لي، فكان ينام عليه حتى توفى، فوضع عليه وصلّى عليه وهو
فوقه، فطلبه الناس منّا يحملون عليه موتاهم، فحمل عليه أبو بكر، وعمر،
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين سياقه مضطرب في (خ) ، وصوبناه من (ج) .
[ (2) ] إلى هنا ذكره أبو نعيم في (الحلية) : 5/ 326- 327، ضمن ترجمة عمر
بن عبد العزيز رقم (323) ، قال: حدثنا محمد على، حدثنا الحسين بن محمد بن
حماد، حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا أبى محمد بن مهاجر قال: كان عند عمر بن
عبد العزيز سرير النبي صلى اللَّه عليه وسلم، وعصاه، وقدح، وجفنة، ووسادة
حشوها ليف، وقطيفة، ورداء، فكان إذا دخل عليه النفر من قريش قال: هذا ميراث
من أكرمكم اللَّه به، ونصركم به، وأعزكم به، وفعل وفعل.
[ (3) ] الجزء الأخير من هذا الخبر تلوح عليه أمارات الوضع، لمنافاته لما
كان عليه النبي صلى اللَّه عليه وسلم من النظافة الظاهرة والباطنة مما سبق
شرحه وتخريجه من الأخبار، وإن كان فيه علما من أعلام النبوة.
(7/109)
رضى اللَّه عنهما، والناس بعد طلبا لبركته.
قال الواقدي: أجمع أصحابنا- لا اختلاف بينهم- في أن سرير النبي صلى اللَّه
عليه وسلم اشترى ألواحه، عبد اللَّه بن إسحاق الإسحاقي، من موالي معاوية بن
أبى سفيان بأربعة آلاف درهم، فلما كان مروان- يعنى على المدينة- منع أن
يحمل عليه إلا الرجل الشريف، وفرّق في المدينة سررا يحمل عليها الموتى.
قال: وكان وسطه بليف منسوج.
(7/110)
فصل في ذكر القدح الّذي كان يوضع تحت
السرير ليبول فيه
خرج البيهقي من حديث ابن جريج [قال] أخبرتنى حكيمة بنت أميمة، عن أميمة
أمها، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان، ثم يوضع [
(1) ] تحت سريره [فبال، فوضع تحت سريره] [ (2) ] ، فجاء فأراده، فإذا القدح
ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة- كانت تخدمه لأم حبيبة جاءت معها
من أرض الحبشة-: أين البول الّذي كان في هذا القدح؟ قالت: شربته يا رسول
اللَّه [ (3) ] !! وقد أخرجه أبو داود [ (4) ] والنسائي [ (5) ] ، من حديث
حجاج بن محمد
__________
[ (1) ] كذا في (خ) ، وفي (ج) ، و (سنن البيهقي) : «ثم وضع» .
[ (2) ] زيادة للسياق من المرجع السابق.
[ (3) ] (السنن الكبرى للبيهقي) : 7/ 67، باب تركه صلى اللَّه عليه وسلم
الإنكار على من شرب بوله وحجامته.
[ (4) ] (سنن أبى داود) : 1/ 28، كتاب الطهارة، باب (13) في الرجل يبول
بالليل في الإناء ثم يضعه عنده، حديث رقم (24) .
[ (5) ] (سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي) : 1/ 34- 35، كتاب الطهارة، باب
(28) ، البول في الإناء، حديث رقم (32) .
قال الحافظ السيوطي في قوله: «أخبرتنى حكيمة بنت أميمة عن أمها أميمة بنت
رقيقة» : الثلاثة بالتصغير، ورقيقة بقافين. قال الحاكم في (المستدرك) :
أميمة صحابية مشهورة، فخرج حديثها في الوحدان، وقال الحافظ جمال الدين
المزني في (التهذيب) : رقيقة أمها، وهي أميمة بنت عيد، ويقال:
بنت عبد اللَّه بن بجاد بن عمير، ورقيقة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد أم
المؤمنين رضى اللَّه عنها.
وقال الحافظ الذهبي: حكيمة لم ترو إلا عن أمها، ولم يرو عنها غير ابن جريج،
وقال غيره: ذكرها ابن حبان في (الثقات) ، وأخرج حديثها في صحيحه، قالت: كان
للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قدح من عيدان
(7/111)
الأعور عن ابن جرير، وليس فيه قصة بركة.
وللحاكم من حديث شبابه، حدثنا أبو مالك النخعي، عن الأسود بن قيس، عن نبيح
العنزي عن أم أيمن [رضى اللَّه عنها] قالت: قام النبي صلى اللَّه عليه وسلم
من الليل إلى فخّارة [من جانب البيت] [ (1) ] فبال فيها، فقمت من الليل
وأنا عطشى، فشربت ما [ (2) ] في الفخارة وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي صلى
اللَّه عليه وسلم قال: يا أم أيمن، قومي إلى تلك الفخارة فأهريقى [ (3) ]
ما فيها، قلت: قد واللَّه
__________
[ () ] يبول فيه ويضعه تحت السرير. هذا مختصر، وقد أتمه
ابن عبد البر في (الاستيعاب فقال: فبال ليلة فوضع تحت سريره فجاء، فإذا
القدح ليس فيه شيء، فسأل المرأة يقال لها بركة كانت تخدم أم حبيبة، جاءت
معها من الحبشة فقال: أين البول الّذي كان في القدح؟ فقالت: شربته يا رسول
اللَّه،
قال الحاكم في (المستدرك) : هذه سنة غريبة.
وقال الشيخ ولى الدين في (شرح أبى داود) . والحافظ ابن حجر في (تخريج
أحاديث الرافعي) :
عيدان بفتح العين المهملة ومثناة تحتية ساكنة، وقال الإمام بدر الدين
الزركشي في (تخريج أحاديث الرافعي) : عيدان مختلف في ضبطه: بالكسر والفتح،
واللغتان بإزاء معنيين، فالكسر جمع عود، والفتح جمع عيدانه بفتح العين: قال
أهل اللغة: هي النخلة الطويلة المتجردة، وهي بالكسر أشهر رواية.
وفي كتاب (تثقيف اللسان) : من كسر العين فقد أخطأ، يعنى لأنه أراد جمع عود،
وإذا اجتمعت الأعواد لا يتأتى منها قدح يحفظ الماء، بخلاف من فتح العين
فإنه يريد قدحا من خشب هذه صفته، ينقر ليحفظ ما يجعل فيه.
وقال الشيخ ولى الدين: يعارضه ما رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد، من
حديث عبد اللَّه بن يزيد مرفوعا: لا ينقع بول في طست البيت، فإن الملائكة
لا تدخل بيتا في بول منتقع. وروى ابن أبى شيبة في (المصنّف) عن ابن عمر
قال: لا تدخل الملائكة بيتا فيه بول.
والجواب: لعل المراد بانتقاعه طول مكثه، وما يجعل في الإناء لا يطول مكثه
غالبا. وقال مغلطاى:
يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة في البيت بخلاف القدح، فإنه لا يحصل به
نجاسة لمكان آخر.
(سنن النسائي بشرح الحافظ السيوطي) : 1/ 34- 35، كتاب الطهارة، باب (28)
البول في الإناء، حديث رقم (32) ، (المصنف) : 1/ 160، كتاب الطهارات، باب
(215) في الرجل يبول في بيته الّذي هو فيه، حديث رقم (1845) .
[ (1) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (2) ] كذا في الأصلين، وفي (المستدرك) : «من في» .
[ (3) ] في الأصلين: «فأهرقى» ، وما أثبتناه من (المستدرك) .
(7/112)
شربت ما فيها، قال: فضحك [رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم] [ (1) ] حتى بدت نواجذه، ثم قال: أما إنك لا يتجع [ (2)
] بطنك بعده أبدا [ (3) ] .
وخرّجه أبو نعيم بهذا السند أيضا [ (4) ] ثم قال: ورواه مسلم بن قتيبة، عن
عبد الملك بن حسين، عن أبى مالك النخعي [ (5) ] ، عن يعلى بن عطاء، عن
الوليد بن عبد الرحمن، عن أم أيمن نحوه.
وخرّج الطبرانىّ من حديث حجّاج بن محمد عن ابن جريج قال:
حدثتني حكيمة بنت أميمة بنت رقيقة قالت: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم
يبول في قدح عيدان ثم يدفع تحت سريره، فبال فيه، ثم جاء فإذا القدح ليس فيه
شيء، فقال لامرأة يقال لها: بركة- كانت تخدم أم حبيبة [رضى اللَّه عنها]
جاءت بها من أرض الحبشة-: أين البول الّذي كان في القدح؟ قالت:
فشربته، فقال [صلى اللَّه عليه وسلم] : لقد اختطرت من النار بخطار [ (6) ]
.
وقد اختلف في بركة هذه، فقال ابن عبد البر [ (7) ] : هي أم أيمن، وقال
غيره: هي بركة بنت يسار مولاة أبى سفيان بن حرب [رضى اللَّه عنه] امرأة
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (2) ] كذا في الأصلين، وفي المرجع السابق: «يفجع بطنك» .
[ (3) ] (المستدرك) : 4/ 70- 71، كتاب معرفة الصحابة، ذكر أم أيمن مولاة
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وحاضنته، حديث رقم (6912) ، وسكت عنه
الذهبي في (التخليص) .
[ (4) ] (دلائل أبى نعيم) : 2/ 444، بوله وغائطه صلى اللَّه عليه وسلم،
حديث رقم (365) .
[ (5) ] أبو مالك النخعي الواسطي، قال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وقال
عمرو بن على: ضعيف منكر الحديث، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف الحديث،
وقال أبو داود: ضعيف، وقال النسائي:
ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال الحافظ ابن حجر: وقال الأزدي والنسائي أيضا:
متروك الحديث، وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوى عندهم. (تهذيب التهذيب) :
12/ 240، ترجمة رقم (1006) .
[ (6) ] لم أجده، وهو بمعنى الّذي قبله.
[ (7) ] (الاستيعاب) : 4/ 1925، ترجمة رقم (4123) .
(7/113)
قيس بن عبد اللَّه، وأم حبيبة من الرضاعة،
[هاجرت إلى الحبشة] ووردت معها. قاله ابن هشام عن ابن إسحاق [ (1) ] .
[ولابن حبان في (صحيحه) ، من حديث حجاج بن محمد عن ابن جريج قال: حدثتني
حكيمة بنت أميمة، عن أمها أميمة بنت رقيقة، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم
كان يبول في قدح من عيدان، ثم يوضع تحت سريره] [ (2) ] .
__________
[ (1) ] قال الحافظ ابن حجر: بركة بنت يسار، مولاة أبى سفيان بن حرب، هاجرت
إلى الحبشة مع زوجها قيس بن عبد اللَّه الأسدي، ذكر ذلك ابن هشام، عن ابن
إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة، وكذلك ابن سعد.
وجوّز بعض المغاربة أنها بركة الحبشية المذكورة قبل هذه، وليس كما ظنّ، فإن
بركة بنت يسار من حلفاء بنى عبد الدار، وهي أخت أبى تجراة، وأصلهم من كندة،
وليست حبشية، وإن اشتركتا في كونهما في أرض الحبشة مع المهاجرين ثم قال ابن
حجر: بركة الحبشية: كانت مع أم حبيبة بنت أبى سفيان تخدمها هناك، ثم قدمت
معها، وهي التي شربت بول النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيما جاء في حديث
أميمة بنت رقيقة، وخلطها أبو عمر بأم أيمن،،
فأخرج في ترجمتها من طريق ابن جريج: أخبرتنى حكيمة بنت أميمة، عن أمها
أميمة بنت رقيقة، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يبول في قدح من عيدان
ويوضع تحت السرير، فجاء ليلة فإذا القدح ليس فيه شيء، فقال لامرأة يقال
لها: بركة- كانت تخدم أم حبيبة جاءت معها من أرض الحبشة-: البول الّذي كان
في هذا القدح ما فعل؟ قالت: شربته يا رسول اللَّه.
وقال عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج: أخبرت أن النبي صلى اللَّه عليه
وسلم كان يبول في قدح من عيدان يوضع تحت سريره، فجاء فأراده فإذا القدح ليس
فيه شيء، فقال لامرأة كان يقال لها بركة- كانت خادمة لأم حبيبة جاءت معها
من أرض الحبشة-: أين البول؟
قال أبو عمر: أظن بركة هذه أم أيمن.
وحمله على ذلك ما ذكر في صدد بركة أم أيمن أنها هاجرت الهجرتين إلى أرض
الحبشة والمدينة.
وفي كون أم أيمن هاجرت إلى أرض الحبشة نظر، فإنّها كانت تخدم النبي صلى
اللَّه عليه وسلم، وزوجها مولاه زيد بن حارثة، وزيد لم يهاجر إلى الحبشة،
ولا أحد ممن كان يخدم النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذ ذاك، فظهر أنّ هذه
الحبشية غير أم أيمن، وإن وافقتها في الاسم. (الإصابة) : 7/ 531، ترجمة
بركة الحبشية، رقم (10916) ، (الاستيعاب) : 4/ 1793- 1795، ترجمة بركة بنت
ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك، وهي أم أيمن غلبت عليها كنيتها، رقم (3252)
، (سيرة ابن هشام) : 5/ 9، في ذكر مهاجرة الحبشة، 2/ 166، ذكر المهاجرين
إلى الحبشة من بنى أسد.
[ (2) ] (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) : 4/ 274، كتاب الطهارة، باب
(21) الاستطابة، حديث رقم (1426) ، وما بين الحاصرتين سقط من النسخة (ج) .
(7/114)
فصل في ذكر آلات بيت رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم
اعلم أنه قد ورد أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان له حصير، وفراش، ولحاف،
ووسادة، وقطيفة، وقبّة من أدم، وكرسي، وفروة يصلى عليها، وخمرة.
[فأما الحصير] [ (1) ]
فخرج ابن حيّان من حديث معتمر، عن عبد اللَّه بن عمر، عن سعيد بن أبى سعيد،
عن أبى سلمة عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم يحتجر حصيرا بالليل يصلى عليها، ويبسطه بالنهار فيجلس عليه للناس
[ (2) ] .
وأصله في مسلم من حديث الأعمش عن أبى سفيان عن جابر قال:
حدثني أبو سعيد الخدريّ [رضى اللَّه عنه] ، أنه دخل على النبي صلى اللَّه
عليه وسلم،
__________
[ (1) ] هذه العناوين في (ج) بياض لعدم ظهورها في التصوير لاختلاف لون
المداد، وفي (خ) مكتوبة بخط متميز في أوائل الفقرات لكن داخل السياق.
[ (2) ] أخلاق النبي: 164.
وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) : 3/ 110، كتاب الصلاة، باب صلاة المأموم
في المسجد، أو على ظهره، أو في راحلته، بصلاة الإمام في المسجد وإن بينهما
مقصورة، أو أساطين، أو غيرها شبيها بها، وتمامه: فجعل الناس يثوبون إلى
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيصلون بصلاته حتى كثروا، فأقبل عليهم
فقال: خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا، وأن أحب
الأعمال إلى اللَّه ما دام منها وإن قل، ثم قال: رواه البخاري في الصحيح،
عن محمد بن أبى بكر، وأخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب (30)
فضيلة العمل الدائم، حديث رقم (215) .
وأخرجه الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) : 3/ 243- 244 في ترجمة محمد بن
موسى المؤدب، رقم (1327) .
(7/115)
قال: فرأيته يصلى على حصير يسجد عليه [ (1)
] ، [قال: ورأيته يصلى في ثوب واحد متوشحا به] [ (2) ] .
[وأما الفرش]
وأما الفرش، فخرج البخاري من حديث هشام، أخبرنى أبى عن عائشة رضى اللَّه
عنها قالت: كان فراش رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من أدم [و] حشوه ليف
[ (3) ] .
وخرّجه مسلم ولفظه قالت: إنما كان فراش رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم
الّذي ينام عليه أدما حشوه ليف. وفي لفظ: إنما كان ضجاع رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم الّذي ينام عليه أدما حشوه ليف [ (4) ] .
ولابن حيّان من حديث مجالد عن الشعبىّ عن مسروق، عن عائشة رضى اللَّه عنها
قالت: دخلت عليّ امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم عباءة مثنيّة، فانطلقت، فبعثت إليّ بفراش حشوه صوف، فدخل عليّ رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: ما هذا؟ [يا عائشة] ؟ قلت: إن فلانة
الأنصارية
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 5/ 171، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب
(48) جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير، وخمرة، وثوب، وغيرها من
الطهارات، حديث رقم (271) .
[ (2) ] ما بين الحاصرتين ليس في (المرجع السابق) .
[ (3) ] (فتح الباري) : 11/ 340، كتاب الرقاق، باب (17) كيف كان عيش النبي
صلى اللَّه عليه وسلم وأصحابه، وتخليهم عن الدنيا، حديث رقم (6456) وما بين
الحاصرتين زيادة للسياق منه.
[ (4) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 302، كتاب اللباس والزينة، باب (6)
التواضع في اللباس، والاقتصار على الغليظ منه، واليسير في اللباس والفراش
وغيرها، وجواز لبس الثوب الشعر وما فيه أعلام، حديث رقم (38) والحديث الّذي
يليه، (دلائل البيهقي) : 1/ 344، باب ذكر أخبار رويت في زهده في الدنيا
وصبره صلى اللَّه عليه وسلم على القوت الشديد فيها، واختياره الدار الآخرة،
وما أعد اللَّه تعالى له فيها على الدنيا.
(7/116)
دخلت [عليّ] فرأت فراشك [فذهبت، فبعثت إليّ
بهذا، فقال [صلى اللَّه عليه وسلم] :
ردّيه، قلت: فلم أردّه وأعجبنى أن يكون في بيتي؟ حتى قالك ذلك ثلاث مرات،
يقول: ردّيه يا عائشة، فو اللَّه لو شئت لأجرى اللَّه عليّ جبال الذهب
والفضة [ (1) ] ، [قالت: فرددته] [ (2) ] .
وله من حديث أبان عن إبراهيم النخعي عن الربيع بن زياد الحارثي، قال: قدمت
على عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه في وفد من العراق، فأمر لكل رجل منا
بعباءة، فأرسلت إليه حفصة رضى اللَّه عنها فقالت يا أمير المؤمنين! أتاك
الباب [أهل] العراق ووجوه الناس فأحسن كرامتهم،
فقال:
ما أزيدهم على العباءة يا حفصة، أخبرينى بألين فراش فرشت لرسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم قالت: كان لنا كساء من هذه الملبّدة أصبناه يوم خيبر،
فكنت أفرشه لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كل ليلة فينام عليه، وإني
ربّعته ذات ليلة، فلما أصبح قال:
يا حفصة، أعيديه لمرته الأولى، ما كان فراشي البارحة؟ قلت: فراشك كل ليلة
إلا أنى ربّعته الليلة، قال: يا حفصة، أعيديه لمرته الأولى فإنه منعتني
وطأته البارحة من الصلاة،
فأرسل عمر رضى اللَّه عنه عينيه بالبكاء وقال:
واللَّه لا أزيدهم على العباءة.
وللترمذي من حديث عبد اللَّه بن ميمون قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه
قال: سألت عائشة رضى اللَّه عنها، ما كان فراش رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم في بيتك؟ قالت: من أدم حشوه ليف [ (3) ] .
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 156، (دلائل البيهقي) : 1/ 345، (تاريخ بغداد) :
11/ 102، ترجمة عباد بن عباد أبو معاوية المهلبي رقم (5798) ، (البداية
والنهاية) : 6/ 60.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين زيادة عن هذه المراجع، (طبقات ابن سعد) : 1/ 465.
[ (3) ] (سنن الترمذي) : 4/ 208، كتاب اللباس، باب (27) ما جاء في فراش
النبي صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (1761) : عن هشام بن عروة، عن أبيه،
عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: إنما كان فراش النبي صلى اللَّه عليه وسلم
(7/117)
وسئلت حفصة رضى اللَّه عنها، ما كان فراش
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قالت:
مسحا ثنيته ثنيتين فينام عليه، فلما كان ذات ليلة قلت: لو ثنيته بأربع
ثينات كان أوطأ له، فثنيناه بأربع ثنيات، فلما أصبح قال: ما فرشتموا لي
الليلة؟ قالت: قلنا هو فراشك، إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات، قلنا: هو أوطأ
لك، قال: ردوه لحاله الأولى، فإنه منعني وطاءته صلاتي الليلة [ (1) ] .
وذكر أبو عبد اللَّه الحسين بن الحسن الحليمي، أن فراش النبي صلى اللَّه
عليه وسلم الّذي قبض عليه، كان محشوا وبر الإبل، طوله ذراعان أو نحوهما،
وعرضه ذراع وشبر أو نحوه.
__________
[ () ] الّذي ينام عليه أدم حشوه ليف، وفي (سنن أبى داود) : 4/ 381- 382،
كتاب اللباس، باب (45) في الفرش، حديث رقم (4147) : عن هشام بن عروة عن
أبيه، عن عائشة رضى اللَّه عنها، قالت:
كانت ضجعة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من أدم حشوها ليف، وأخرج ابن
ماجة في (سننه) : 2/ 1390، كتاب الزهد، باب (11) ضجاع آل محمد صلى اللَّه
عليه وسلم، حديث رقم (4151) : عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى
اللَّه عنها قالت: كان ضجاع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أدما حشوه
ليف.
قال ابن الأثير في (جامع الأصول) : 10/ 694: الضّجعة بكسر الضاد: من
الاضجاع، كالجلسة من الجلوس، وهي الهيئة، وبفتحها المرة الواحدة من النوم،
والمراد به ما كان يضطجع عليه، فيكون في الكلام مضاف محذوف، تقديره: كانت
ذات ضجعة، أو ذات اضطجاعه: فراش أدم حشوها ليف.
وأخرجه أيضا الترمذي في (الشمائل المحمدية) : 269، باب ما جاء في فراش رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (329) ، (طبقات ابن سعد) : 1/ 464
و، ذكر ضجاع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وافتراشه.
[ (1) ] صدر هذا الحديث صحيح كما في التعليق السابق، وباقي الحديث إسناده
ضعيف جدا، وقد تفرد به الترمذي دون باقي الستة، وفي سنده عبد اللَّه بن
ميمون بن داود القداح، وهو منكر الحديث متروك،
وقد أخرجه أبو الشيخ في (أخلاق النبي) : 157 من حديث حفصة نحوه مطولا وهو
ضعيف، والترمذي في (الشمائل) : 269- 270، حديث رقم (330) ، وابن سعد في
(الطبقات) :
1/ 465، مختصرا، عن أم شبيب عن عائشة رضى اللَّه عنهما، أنها كانت تفرش
للنّبيّ عباءة مثنية، فجاء ليلة وقد ربّعتها فنام عليها، فقال يا عائشة!!
ما لفراشى صلى اللَّه عليه وسلم الليلة ليس كما كان؟ قلت: يا رسول اللَّه
ربّعتها لك، قال: فأعيديه كما كان.
(7/118)
[وأما اللحاف]
فروى ابن حيّان من حديث يونس بن عمرو، عن العيزار بن حريث، عن عائشة رضى
اللَّه عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلى وعليه طرف
اللحاف وعليّ طرفه ثم يصلى [ (1) ] .
وروى أبو يعلى من حديث جبلة بن عطية، عن إسحاق بن عبد اللَّه، عن ابن عباس
رضى اللَّه عنه قال: تضيفت ميمونة وهي خالتي، فجاءت بكساء فطرحته وفرشته
للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم ثم جاءت بخرقة فطرحتها عند رأس الفراش، فجاء
رسول اللَّه وقد صلى العشاء الآخرة، فانتهى إلى الفراش، فأخذ خرقة عند رأس
الفراش فاستتر بها، وخلع ثوبيه فعلقهما، ثم دخل معها في لحافها.
ولمسلم من حديث وكيع، حدثنا طلحة بن يحيى قال: سمعت عائشة رضى اللَّه عنها
قالت: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يصلى من الليل وأنا إلى جانبه وأنا
حائض، وعليّ مرط وعليه بعضه [ (2) ] . [إلى جنبه] [ (3) ] .
[وأما الوسادة]
فخرج مسلم من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت:
كان وسادة [ (4) ] رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الّذي يتكئ عليها [
(4) ] ،
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 158.
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) : 4/ 477، كتاب الصلاة، باب (51) الاعتراض بين
يدي المصلى، حديث رقم (274) .
[ (3) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) ، وأخرجه ابن ماجة في سننه، كتاب
الطهارة وسننها، باب (131) في الصلاة في ثوب الحائض، حديث رقم (652) ،
(653) ، والمرط: كساء من صوف أو خز، ويكون إزارا ورداء.
[ (4) ] في الأصلين: «وساد» و «عليها» وما أثبتناه من صحيح مسلم.
(7/119)
من أدم حشوه ليف [ (1) ] .
ولأبى داود [ (2) ] [وابن حبان] [ (3) ] من حديث وكيع عن إسرائيل عن سماك،
عن جابر بن سمرة قال: دخلت على النبي صلى اللَّه عليه وسلم في بيته فرأيته
متكئا على وسادة على يساره [ (4) ] .
ولابن حيّان من حديث مبارك بن فضالة، عن الحسن عن أنس [رضى اللَّه عنه]
قال: دخلت على النبي صلى اللَّه عليه وسلم وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها
ليف.
وله من حديث يحيى بن سعيد، عن عبيد بن حنين، عن ابن عباس عن
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 14/ 302، كتاب اللباس والزينة باب (6)
التواضع في اللباس، والاقتصار على الغليظ منه، واليسير في اللباس والفراش
وغيرها، حديث رقم (37) .
[ (2) ] (سنن أبى داود) : 4/ 380، كتاب اللباس، باب (45) في الفرش، حديث
رقم (4143) ، وقال:
زاد ابن الجراح: على يساره.
[ (3) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ج) ، وأخرجه ابن حبان في (الصحيح) : 2/
350، كتاب البر والإحسان، باب (13) الصحبة والمجالسة، ذكر إباحة اتكاء
المرء على يساره إذا جلس، حديث رقم (589) ، وإسناده حسن، سماك: هو ابن حرب
الذهلي البكري الكوفي، صدوق إلا في روايته عن عكرمة خاصة ففيها اضطراب.
(هامش الإحسان) .
[ (4) ] وأخرجه ابن عدي في (الكامل) : 1/ 425، في ترجمة إسرائيل بن يونس بن
أبى إسحاق السبيعي الكوفي رقم (237) : حدثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل عن
سماك، عن جابر بن سمرة، قال:
رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم متكئا على وسادة على يساره.
قال الشيخ: وهذا الحديث يعرف بإسحاق بن منصور، عن إسرائيل، زاد في متنه:
«على يساره» ، حتى وجدناه في حديث حسين بن حفص عن إسرائيل مثله: حدثنا حسين
بن حفص، حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن جابر بن سمرة، قال: رأيت النبي صلى
اللَّه عليه وسلم متكئا على يساره قال الشيخ: وحديث وكيع حدثناه محمد بن
الحسن القصير، حدثنا عباس بن يزيد بن أبى حبيب، حدثنا وكيع، حدثنا إسرائيل
عن سماك، عن جابر بن سمرة: دخلت على النبي صلى اللَّه عليه وسلم في بيته
فرأيته متكئا على وسادة.
(7/120)
عمرو- وهو حديث الإيلاء الطويل- وفي بعض
طرقه، وأنه يعنى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لعلى حصير ما بينه وبينه
شيء، وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف.
وللترمذي في (الشمائل) ، من حديث إسحاق بن منصور، عن إسرائيل عن سماك بن
حرب، عن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم متكئا
على وسادة على يساره [ (1) ] .
ومن حديث وكيع، عن إسرائيل، عن سماك عن جابر بن سمرة قال:
رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم متكئا على وسادة. قال أبو عيسى: لم
يذكر وكيع فيه: على يساره. وهكذا رواه غير واحد عن إسرائيل نحو رواية وكيع،
ولا نعلم أحدا ذكر فيه على يساره إلا ما روى إسحاق بن منصور عن إسرائيل [
(2) ] .
__________
[ (1) ] (الشمائل المحمدية) : 118، باب (22) ما جاء في تكأة رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (131) ، وهو حديث صحيح، وأخرجه الترمذي
أيضا في (السنن) : 5/ 91، كتاب الأدب، باب (23) ما جاء في الاتكاء، حديث
رقم (2770) ، من حديث إسحاق بن منصور الكوفي، أخبرنا إسرائيل عن سماك ابن
حرب، عن جابر بن سمرة، قال: رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم متكئا على
وسادة على يساره. قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب، وروى غير واحد هذا
الحديث عن إسرائيل، عن سماك، عن جابر بن سمرة، قال: رأيت النبي صلى اللَّه
عليه وسلم متكئا على وسادة، ولم يذكر: على يساره.
وحديث رقم (2771) : حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك
بن حرب، عن جابر بن سمرة، قال: رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم متكئا على
وسادة. [قال أبو عيسى] : هذا حديث صحيح.
وأخرجه أيضا الدارميّ في (السنن) : 2/ 176، باب الاعتراف بالزنا، من طرق عن
إسرائيل به.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 6/ 114، حديث رقم (20468) ، من حديث جابر
بن سمرة، وابن سعد (الطبقات) : 1/ 465، ذكر ضجاع رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم وافتراشه.
[ (2) ] (الشمائل المحمدية) : 120، باب (22) ما جاء في تكأة رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (135) ، راجع التعليق السابق.
(7/121)
ولابن حيّان من حديث عبد الرحمن بن القاسم،
عن أبيه عن عائشة رضى اللَّه عنها قالت: رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم متكئا على وسادة فيها صور [ (1) ] .
وللحاكم من حديث أنس بن مالك قال: دخل سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب رضى
اللَّه عنه وهو متكئ على وسادة فألقاها له، فقال سلمان رضى اللَّه عنه:
[صدق اللَّه ورسوله، فقال عمر: حدثنا يا أبا عبد اللَّه، قال [ (2) ] :]
دخلت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاها إلى
ثم قال: يا سلمان، ما من مسلم يدخل على أخيه المسلم فيلقى له وسادة إكراما
له، إلا غفر اللَّه له [ (3) ] .
والوساد، والوسادة، بكسر الواو: هي المرفقة بكسر الميم، ويقال لها اليوم:
مخدّة [ (4) ] ، وكان صاحب وسادة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: عبد
اللَّه بن مسعود
__________
[ (1) ] (أخلاق النبي) : 246.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
[ (3) ] (المستدرك) : 3/ 692، كتاب معرفة الصحابة، حديث رقم (6542) وقد
حذفه الذهبي من (التلخيص) ، ومعلى بن مهدي الموصلي، قال أبو حاتم: يأتى
أحيانا بالمناكير. قال الذهبي: هو من العباد الخيرة، صدوق في نفسه.
(الميزان) : 4/ 151.
[ (4) ] الوساد والوسادة: المخدّة، والجمع وسائد ووسد. ابن سيده وغيره:
الوساد: المتكأ، وقد توسد ووسّده إياه فتوسد إذا جعله تحت رأسه.
وفي الحديث: قال لعدي بن حاتم: إن وسادك إذن العريض، كنى بالوساد عن النوم
لأنه مظنته، أراد أن نومك إذن كثير، وكنى بذلك عن عرض قفاه وعظم رأسه، وذلك
دليل الغباوة، ويشهد له الرواية الأخرى: لعريض القفا، وقيل: أراد أن من
توسد الخيطين المكنى بهما عن الليل والنهار لعريض الوساد.
وفي حديث أبى الدرداء: قال له رجل: إني أريد أن أطلب العلم وأخشى أن أضيعه،
فقال: لأن
(7/122)
رضى اللَّه عنه، وقد تقدم التعريف به.
[وأما القطيفة]
فروى ابن حبان من حديث الربيع بن صبيح، عن يزيد عن أنس [رضى اللَّه عنه]
قال: حج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على رحل رث، وقطيفة لا تساوى
أربعة دراهم [ (1) ] .
__________
[ () ] تتوسد العلم خير لك من أن تتوسد الجهل.
وفي الحديث: أن شريحا الحضرميّ ذكر عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم،
فقال: ذاك رجل لا يتوسد القرآن.
قال ابن الأعرابي: لقوله: لا يتوسد القرآن وجهان: أحدهما مدح والآخر ذم،
فالذي هو مدح: أنه لا ينام عن القرآن، ولكن يتجهد به، ولا يكون القرآن
متوسّدا معه، بل هو يداوم على قراءته ويحافظ عليها.
وفي الحديث: لا توسّدوا القرآن واتلوه حق تلاوته، والّذي هو ذم: أنه لا
يقرأ القرآن، ولا يحفظه، ولا يديم قراءته، وإذا نام لم يكن معه من القرآن
شيء.
وفي حديث آخر: من قرأ ثلاث آيات في ليلة لم يكن متوسّدا للقرآن. يقال: توسد
فلان ذراعه إذا نام عليه وجعله كالوسادة له، قال الليث: وسّد فلانا وسادة،
وتوسّد وسادة إذا وضع رأسه عليها، وجمع الوسادة وسائد، والوساد: كل ما يوضع
تحت الرأس وإن كان من تراب، أو حجارة. (لسان العرب) : 3/ 459- 460، مختصرا.
[ (1) ] (الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان) : 9/ 70، كتاب الحج، باب (5)
مقدمات الحج، ذكر إباحة الحج للرجل على الرحال وإن كان موسرا بغيرها، حديث
رقم (3754) ، ولم يذكر القطيفة،
وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 965، كتاب المناسك، باب (4) الحج على
الرحل، حديث رقم (2890) عن الربيع بن صبيح، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن
مالك، قال: حج النبي صلى اللَّه عليه وسلم على رحل رثّ وقطيفة تساوى أربعة
دراهم أو لا تساوى، ثم قال: اللَّهمّ حجة لا رياء فيها ولا سمعة.
لكن قال الحافظ في (الفتح) : 3/ 486: لكن إسناده ضعيف.
وأخرجه البيهقي في (دلائل النبوة) : 5/ 444، باب حجة الوداع، وأبو الشيخ في
(أخلاق النبي) : 161.
وأخرجه المتقى الهندي في (كنز العمال) : 5/ 188، فصل في وقوف عرفة، حديث
رقم (12559) : عن بشر بن قدامة الضبانى قال: أبصرت عيناي حبّى رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم واقفا بعرفات
(7/123)
__________
[ () ] مع الناس، على ناقة له حمراء قصواء، تحته قطيفة بولانية، وهو يقول:
اللَّهمّ اجعلها حجة غير رياء ولا رياء ولا سمعة،
والناس يقولون: هنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. وعزاه لابن خزيمة،
والباوردي، وابن مندة، وأبو نعيم.
وأخرجه أبو نعيم في (الحلية) : 3/ 54، في ترجمة يزيد بن أبان الرقاشيّ رقم
(205) ، 6/ 308، في ترجمة الربيع بن صبيح رقم (382) .
وأخرجه العقيلي في (الضعفاء) : 2/ 8، في ترجمة خالد بن عبد الرحمن
المخزومي- قال البخاري: ذاهب الحديث.
قال ابن أبى حاتم في (العلل) : 1/ 287، باب علل في أخبار المناسك. حديث رقم
(856) :
عن ابن عباس قال: غدا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من منى فلما انبعثت
به راحلته وعليها قطيفة قد اشتريت بأربعة دراهم قال: اللَّهمّ اجعلها حجة
مبرورة لا رياء فيها ولا سمعة.
قال أبى هذا حديث باطل، ليس هو من حديث ابن جريج.
وأخرجه البيهقي في (السنن الكبرى) : 4/ 333، كتاب الحج، باب من اختار
الركوب، وقال:
«تحته قطيفة بولانية» .
وأخرجه ابن عدي في (الكامل في ضعفاء الرجال) : 3/ 133، في ترجمة ربيع بن
صبيح أبو حفص السعدي رقم (2/ 652) ، وقال مرة: وقطيفة تساوى أو لا تساوى
أربعة دراهم، ومرة:
وقطيفة لا تساوى أربعة دراهم.
وعن الربيع بن صبيح أخرجه الترمذي في (الشمائل المحمدية) : 274- 275، باب
(48) ما جاء في تواضع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم (335) ،
وحديث رقم (341) .
قال ابن المديني: قلت ليحيى بن سعيد: ما أراك حدثت عن الربيع بن صبيح بشيء؟
قال: لا، ومبارك بن فضالة أحب إلى منه.
وقال حرملة عن الشافعيّ: كان الربيع بن صبيح غزاء، وإذا مدح الرجل بغير
صنعته فقد وهض أي دق عنقه، وقال عفان بن مسلم: أحاديثه كلها مقلوبة.
وقال أبو الوليد: كان لا يدلس، وكان المبارك بن فضالة أكثر تدليسا منه،
وقال أبو داود عن أبى الوليد: ما تكلم أحد فيه إلا والربيع فوقه. وقال عبد
اللَّه بن أحمد عن أبيه: لا بأس به، رجل صالح.
قال عبد اللَّه: سألت يحيى بن معين عن المبارك بن فضالة فقال: ضعيف الحديث
مثل الربيع بن صبيح في الضعف. وقال عثمان الدارميّ: سألت ابن معين عنه
فقال: ليس به بأس. وقال ابن أبى خيثمة عن ابن معين: ضعيف الحديث.
وقال مسلم بن إبراهيم، عن شعبة: الربيع من سادات المسلمين، وقال يعقوب بن
شيبة: رجل صالح صدوق، ثقة ضعيف جدا.
(7/124)
[وأما القبة]
فذكر البخاري في الصلاة، من حديث أبى جحيفة [رأيت] النبي صلى اللَّه عليه
وسلم وهو في قبة حمراء من أدم. الحديث [ (1) ] .
وذكر في المغازي من حديث يونس عن ابن شهاب قال: أخبرنى أنس بن مالك [رضى
اللَّه عنه] قال: أرسل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى الأنصار
فجمعهم في قبة من أدم. الحديث [ (2) ] ، وذكره في كتاب اللباس مختصرا،
وترجم عليه باب القبة الحمراء من أدم [ (3) ] .
وخرّج أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النّسائى من حديث سماك،
__________
[ () ] وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة، ولم أر له حديثا منكرا جدا،
وأرجو أنه لا بأس به ولا برواياته، قال محمد بن المثنى وغيره: مات سنة
(160) بأرض السند. له ترجمة في (تهذيب التهذيب) : 3/ 214- 215، ترجمة رقم
(474) ، (الضعفاء الكبير) : 2/ 52، ترجمة رقم (483) ، (ميزان الاعتدال) :
2/ 41، ترجمة رقم (2741) وغير ذلك.
[ (1) ] (فتح الباري) : 1/ 639، كتاب الصلاة، باب (17) الصلاة في الثوب
الأحمر، حديث رقم (376) : عن أبى جحيفة عن أبيه قال: رأيت رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء، فمن أصاب منه شيئا
تمسح به، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه، ثم رأيت بلالا أخذ عنزة
فركزها، وخرج النبي صلى اللَّه عليه وسلم في حلة حمراء مشمرا صلى إلى
العنزة بالناس ركعتين، ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة.
[ (2، 3) ] (المرجع السابق) : 6/ 308، كتاب فرض الخمس، باب (19) ما كان
النبي صلى اللَّه عليه وسلم يعطى المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه،
حديث رقم (3147) ، 8/ 66، كتاب المغازي، باب (57) غزوة الطائف، حديث رقم
(4331) ، (4333) ، 10/ 384- 385، كتاب اللباس، باب (42) القبة الحمراء من
أدم، حديث رقم (5859) ، (5860) ، 13/ 520، كتاب التوحيد، باب (24) قول
اللَّه تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ، حديث
رقم (7441) ، وأخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب (47) سترة المصلى، حديث رقم
(249) .
(مسلم بشرح النووي) : 7/ 157، كتاب الزكاة، باب (46) إعطاء المؤلفة قلوبهم
على الإسلام وتصبر من قوى، حديث رقم (132) .
و (مسند أحمد) : 3/ 645، حديث رقم (12285) ، 4/ 133- 134 حديث رقم (13162)
.
(7/125)
عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، عن
أبيه قال: انتهيت إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهو في قبة حمراء،
في نحو أربعين رجلا، فقال: إنكم مفتوح لكم [وأنتم] [ (1) ] منصورون
[مصيبون] [ (1) ] فمن أدرك ذلك منكم. فليتق اللَّه، وليأمر بالمعروف ولينه
عن المنكر وليصل رحمه [ (2) ] . زاد الحاكم: ومثل الّذي يعين قومه على غير
الحق، كمثل البعير يتردى، فهو يمد بذنبه.
قال: هذا حديث صحيح الإسناد [ (3) ] [ولم يخرجاه] [ (1) ] .
[وأما الكرسي]
فخرج مسلم، والنسائي، وأحمد، وابن حبان من حديث إسحاق بن سويدان، أخبرنا
رفاعة قال: أتيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو على كرسيّ خلت قوائمه
حديد، ومن حديث حميد بن هلال عن أبى رفاعة العدوىّ قال: أتيت النبي صلى
اللَّه عليه وسلم وهو يخطب فقلت: رجل غريب جاء يسأل عن دينه، فأقبل إليّ
وترك خطبته حتى انتهى إليّ، فأتى بكرسي خلت قوائمه حديدا، فقعد عليه وجعل
يعلمني مما علمه اللَّه، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. وفي لفظ:
قال حميد أراه رأى خشبا أسود حسبه حديدا. انفرد بإخراجه مسلم [ (4) ] .
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (المستدرك) .
وفي (الإحسان) : 6/ 153، كتاب الصلاة، باب (16) ما يكره للمصلى وما لا
يكره، ذكر البيان بأن صلاة المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم بمنى كانت السترة
قدامه، حيث كان الأتان ترتع قدام المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم، حديث رقم
(2394) من حديث عون بن أبى جحيفة عن أبيه قال: أتيت النبي صلى اللَّه عليه
وسلم وهو بالأبطح في قبة له حمراء من أدم ... ، إسناده صحيح على شرطهما.
[ (2) ] لم أجده في (المجتبى) ، ولعله في (الكبرى) .
[ (3) ] (المستدرك) : 4/ 175- 176، كتاب البرّ والصلة، حديث رقم (7275) ،
وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : صحيح.
[ (4) ] (مسلم بشرح النووي) : 6/ 414، كتاب الجمعة، باب (15) حديث التعليم
في الخطبة، حديث رقم (60) ، هكذا هو في جميع النسخ «حسبت» ، ورواه ابن أبى
خيثمة في غير (صحيح
(7/126)
وذكر ابن قتيبة فقال: أتى بكرسي من خلب،
وقال: الخلب: الليف [ (1) ] .
وخرجه البخاري في الأدب المفرد، ولفظه: عن أبى رفاعة العدوي قال:
انتهيت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو يخطب، فقلت: يا رسول اللَّه!
رجل غريب جاء يسأل عن دينه، لا يدرى ما دينه، فأقبل عليّ وترك خطبته، فأتى
بكرسىّ خلت قوائمه حديدا، قال حميد: أراه خشبا أسود حسبه حديدا، فقعد عليه،
فجعل يعلمني مما علمه اللَّه عز وجل، ثم أتم خطبته آخرها [ (2) ] .
__________
[ () ] مسلم) : «خلت» بكسر الخاء وسكون اللام، وهو بمعنى حسبت.
قال القاضي: ووقع في نسخة ابن الحذاء: «خشب» بالخاء والشين المعجمتين، وفي
كتاب ابن قتيبة: «خلب» بضم الخاء وآخره باء موحدة، وفسّره بالليف، وكلاهما
تصحيف، والصواب:
«حسبت» بمعنى ظننت، كما هو في نسخ مسلم وغيره من الكتب المعتمدة.
وقوله: «رجل غريب يسأل عن دينه لا يدرى ما دينه» فيه استحباب تلطف السائل
في عبارته وسؤاله العالم.
وفيه تواضع النبي صلى اللَّه عليه وسلم ورفقه بالمسلمين وشفقته عليهم، وخفض
جناحه لهم صلى اللَّه عليه وسلم.
وفيه المبادرة إلى جواب المستفتي، وتقديم أهم الأمور فأهمها، ولعله كان سأل
عن الإيمان وقواعده المهمة. وقد اتفق العلماء على أن من جاء يسأل عن
الإيمان وكيفية الدخول في الإسلام وجب إجابته وتعليمه على الفور.
وقعوده صلى اللَّه عليه وسلم على الكرسي ليسمع الباقون كلامه ويروا شخصه
الكريم، ويقال: كرسي بضم الكاف وكسرها، والضم أشهر ويحتمل أن هذه الخطبة
التي كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيها خطبة أمر غير الجمعة، ولهذا
قطعها بهذا الفصل الطويل.
ويحتمل أنها كانت الجمعة، واستأنفها، ويحتمل أنه لم يحصل فصل طويل ويحتمل
أن كلامه لهذا الغريب كان متعلقا بالخطبة فيكون منها، ولا يضر المشي في
أثنائها. (مسلم بشرح النووي) :
6/ 414- 415. (سنن النسائي) : 8/ 611، كتاب الزينة، باب (122) الجلوس على
الكراسي، حديث رقم (5392) .
[ (1) ] قال الإمام النووي: وفي كتاب ابن قتيبة طلب بضم الخاء وآخره باء
موحدة، وفسّره بالليف، وكلاهما تصحيف، والصواب حسبت بمعنى ظننت كما هو في
نسخ مسلم وغيره من الكتب المعتمدة.
(مسلم بشرح النووي) : 6/ 414.
[ (2) ] أخرجه الإمام أحمد من حديث أبى رفاعة العدوي مختصرا في (المسند) :
6/ 79، حديث رقم (20229) .
(7/127)
[و
روى إبراهيم بن يزيد العدوي البصري، عن إسحاق بن سويد العدوي، عن أبى رفاعة
عبد اللَّه بن الحارث العدوي قال: دخلت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم وهو على كرسي خلت أن قوائمه حديد، فسمعته يقول:
إنك لن تدع شيئا للَّه إلا بدلك اللَّه خيرا منه] [ (1) ] .
[قال الحافظ أبو بكر بن ثابت: كذا قال، واسم أبى رفاعة: تميم بن أسيد، لا
عبد اللَّه بن الحارث، حدّث عنه حميد بن هلال، ولا أعلم روى عنه إسحاق بن
سويد شيئا] [ (1) ] .
قال ابن الجوزي: ولولا ما ذكرناه عن حميد لكان الأليق أن تكون من ليف
قوائمه من حرير بالراء، والجريد: السعف.
وذكر المبرد في الكامل: أنه كان لعمر رضى اللَّه عنه كرسي يجلس عليه، وذكر
النسائي أنه كان لعلى رضى اللَّه عنه كرسي يجلس عليه [ (2) ] .
[وأما ما كان يصلى عليه]
فخرج البخاري من حديث عبد اللَّه بن شداد بن الهاد، عن ميمونة رضى اللَّه
عنها قالت: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلى وأنا حذاه وأنا
حائض،
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ج) وأثبتناه من (خ) ، والحديث أخرجه
الإمام أحمد في (المسند) :
6/ 499 بسند آخر ولم يذكر فيه الكرسي، حديث رقم (22565) .
[ (2) ] (سنن النسائي) : 1/ 73، كتاب الطهارة، باب (76) عدد غسل الوجه،
حديث رقم (93) : عن عليّ رضى اللَّه عنه أنه أتى بكرسىّ فقعد عليه، ثم دعا
بتور فيه ماء فكفأ على يديه ثلاثا ... ،
وباب (77) غسل اليدين، حديث رقم (94) : عن عبد خير قال: شهدت عليا دعا
بكرسىّ فقعد عليه، ثم دعا بماء في تور فغسل يديه ثلاثا ...
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 1/ 196، حديث رقم (992) عن عبد خير قال:
كنت عند عليّ فأتى بكرسي وتور، قال: فغسل كفيه ثلاثا ... » ونحوه باختلاف
يسير حديث رقم (1182) ، وكلاهما من مسند على بن أبى طالب.
(7/128)
وربما أصابنى ثوبه إذا سجد، وكان يصلى على
الخمرة. ترجم عليه باب:
إذا أصاب ثوب المصلى امرأته إذا سجد [ (1) ] ، وذكره في باب الصلاة على
الخمرة، ولفظه: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يصلى على الخمرة [ (2) ] .
وخرّجه مسلم في موضعين من كتاب الصلاة، وذكر في أحدهما: وأنا حائض [ (3) ]
، ولم يذكره في الآخر، وقال: على خمرة [ (4) ] ، وخرّجه أبو داود أيضا [
(5) ] .
ولمسلم من حديث الأعمش، عن أبى سفيان عن جابر قال: حدثني أبو سعيد الخدريّ
[رضى اللَّه عنه أنه] دخل على النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قال: فرأيته
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 1/ 643، كتاب الصلاة، باب (19) إذا أصاب ثوب المصلى
امرأته إذا سجد، حديث رقم (379) .
[ (2) ] (فتح الباري) : 1/ 647، كتاب الصلاة، باب (21) الصلاة على الخمرة،
حديث رقم (381) .
قال ابن بطال: لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخمرة، إلا
ما روى عن عمر بن عبد العزيز رضى اللَّه عنه أنه كان يؤتى بتراب فيوضع على
الخمرة، فيسجد عليه، ولعله كان يفعله على جهة المبالغة في التواضع والخشوع،
فلا يكون فيه مخالفة للجماعة.
وقد روى ابن أبى شيبة، عن عروة بن الزبير، أنه كان يكره الصلاة على شيء دون
الأرض، وكذا روى عن غير عروة، ويحتمل أن يحمل على كراهة التنزيه، واللَّه
تعالى أعلم. (المرجع السابق) :
643- 644.
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) : 4/ 477، كتاب الصلاة، باب (51) الاعتراض بين
يدي المصلى، حديث رقم (273) .
[ (4) ] (المرجع السابق) : حديث رقم (274) ، وفي هذا دليل على أن وقوف
المرأة بجنب المصلى لا يبطل صلاته، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وأبطلها أبو
حنيفة رضى اللَّه عنه.
وفيه أن ثياب الحائض طاهرة، إلا موضعا ترى عليه دما أو نجاسة أخرى.
وفيه جواز الصلاة بحضرة الحائض، وجواز الصلاة في ثوب بعضه على المصلى وبعضه
على حائض أو غيره، وأما استقبال المصلى وجه غيره فمذهبنا، ومذهب الجمهور
كراهته، ونقله القاضي عياض عن عامة العلماء رحمهم اللَّه تعالى. (مسلم بشرح
النووي) : 4/ 477.
[ (5) ] (سنن أبى داود) : 1/ 429، كتاب الصلاة، باب (91) الصلاة على
الخمرة، حديث رقم (656) .
(7/129)
يصلى على حصير يسجد عليه [ (1) ] . [قال:
ورأيته يصلى في ثوب واحد متوشحا به] [ (2) ] .
وفي رواية له قال: حدثني أبو سعيد أنه دخل على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم فوجده يصلى على حصير يسجد عليه [ (3) ] .
والخمرة بضم الخاء المعجمة وسكون الميم: هي كالحصير الصغير من سعف النخل
مضفّر بالسيور ونحوها، بقدر الوجه والكفين، وهي أصغر من أن يصلى عليها،
سميت بذلك لأنها تستر الوجه والكفين من برد الأرض وحرّها، فإن كبرت عن ذلك
فهي حصير. وفيه دليل على اتخاذ السجادة [ (4) ] .
__________
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 4/ 480، كتاب الصلاة، باب (52) الصلاة في ثوب
واحد وصفة لبسه، حديث رقم (284) .
[ (2) ] ما بين الحاصرتين تمام الحديث من (المرجع السابق) ، وفيه دليل على
جواز الصلاة على شيء يحول بينه وبين الأرض من ثوب، وحصير وصوف وغير ذلك،
وسواء نبت من الأرض أم لا، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور.
وقال القاضي رحمه اللَّه تعالى: أما ما نبت من الأرض فلا كراهة وأما البسط
واللبود وغيرها مما ليس من نبات الأرض، فتصح الصلاة فيه بالإجماع، لكن
الأرض أفضل منه، إلا لحاجة حرّ أو برد، أو نحوهما، لأن الصلاة سرّها
التواضع والخضوع. واللَّه عز وجل أعلم. (مسلم بشرح النووي) 4/ 480- 481.
[ (3) ] راجع التعليق السابق.
[ (4) ] قال في (اللسان) : الخمرة: حصير أو سجادة صغيرة تنسج من سعف النخيل
وترمل بالخيوط.
وقيل: حصيرة أصغر من المصلى، وقيل: الخمرة الحصيرة الصغير الّذي يسجد عليه.
وفي الحديث أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يسجد على الخمرة، وهو حصير
صغير قدر ما يسجد عليه، ينسج من السعف.
قال الزجاج: سميت خمرة لأنها تستر الوجه من الأرض. وفي حديث أم سلمة، قال
لها وهي حائض: ناوليني الخمرة، وهي مقدار ما يضع الرجل على وجهه في سجوده
من حصير أو نسيجة خوص من النبات، قالك ولا تكون خمرة إلا في هذا المقدار،
وسميت خمرة لأنها خيوطها مستورة بسعفها.
(7/130)
ولمسلم من حديث عائشة رضى اللَّه عنها
قالت: قال لي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:
ناوليني الخمرة من المسجد، قالت: فقلت: أنا حائض، فقال: «إن حيضتك ليست في
يدك. ذكره من حديث أبى معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد القاسم بن محمد
عن عائشة [رضى اللَّه عنها] [ (1) ] .
وذكره من حديث يحيى بن سعيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبى حازم، عن أبى هريرة
قال: بينما رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوما في المسجد فقال:
يا عائشة، ناوليني الثوب [ (2) ] ، فقلت: إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في
يدك، فناولته [ (3) ] .
__________
[ () ] قال ابن الأثير: وقد تكررت في الحديث، وهكذا فسرت. وقد جاء في (سنن
أبى داود) ، عن ابن عباس قال: جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة، فجاءت بها
فألقتها بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على الخمرة التي كان
قاعدا عليها، فأحرقت منها مثل موضع درهم.
قال: وهذا صريح في إطلاق الخمرة على الكبير من نوعها. (لسان العرب) : 4/
258.
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 3/ 214، كتاب الحيض، باب (3) جواز غسل الحائض
رأس زوجها وترجيله، وطهارة سؤرها، والاتكاء في حجرها، وقراءة القرآن فيه،
حديث رقم (11) .
وأخرجه أيضا من حديث أبى غنية عن ثابت بن عبيد، عن القاسم بن محمد عن عائشة
قالت: أمرنى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن أناوله الخمرة من المسجد
فقلت: إني حائض، فقال: تناوليها فإن الحيضة ليست في يدك (المرجع السابق) :
حديث رقم (12) .
[ (2) ] في (خ) ، (ج) : «الخمرة» ، وصححناه من (صحيح مسلم) .
[ (3) ] (مسلم بشرح النووي) : 3/ 214- 215، حديث رقم (13) .
قال القاضي عياض رضى اللَّه عنه: معناه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال
لها ذلك من المسجد، أي وهو في المسجد لتناوله إياها من خارج المسجد، لأن
النبي صلى اللَّه عليه وسلم أمرها أن تخرجها له من المسجد، لأنه صلى اللَّه
عليه وسلم كان في المسجد معتكفا، وكانت عائشة في حجرتها وهي حائض
لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: «إن حيضتك ليست في يدك»
فإنما خافت من إدخال يدها المسجد، ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن
لتخصيص اليد معنى. واللَّه أعلم.
وأما
قوله صلى اللَّه عليه وسلم: «إن حيضتك ليست في يدك» ،
فهو يفتح الحاء، هذا هو المشهور في الرواية. وهو الصحيح. وقال الإمام أبو
سليمان الخطابي: المحدثون يقولونها بفتح الحاء، وهو خطأ، وصوابها
(7/131)
وخرجه أبو داود [ (1) ] والترمذي [ (2) ]
والنسائي ولفظه [ (3) ] : فقالت: إني لا أصلى [ (4) ] .
وللنسائى من حديث سفيان، عن منبوذ، عن أمه أن ميمونة قالت: كان رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم
إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض. ترجم عليه: بسط الحائض الخمرة
في المسجد [ (5) ] .
__________
[ () ] بالكسر، أي الحالة والهيئة.
وأنكر القاضي عياض هذا على الخطابي، وقال: الصواب هنا ما قاله المحدثون من
(الفتح) ، لأن المراد الدم، وهو الحيض بالفتح بلا شك،
لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: ليست في يدك، معناه أن النجاسة التي يصان
المسجد عنها، وهي دم الحيض ليست في يدك. (المرجع السابق) : 214- 215.
[ (1) ] (سنن أبى داود) : 1/ 179، كتاب الطهارة، باب (104) في الحائض تناول
من المسجد، حديث رقم (261) ، وفي الحديث من الفقه: أن للحائض أن تناول
الشيء بيدها من المسجد، وأن من حلف لا يدخل دارا أو مسجدا فإنه لا يحنث
بإدخال يده أو بعض جسده فيه، ما لم يدخل بجميع بدنه (معالم السنن للخطابى)
: 1/ 179.
[ (2) ] (سنن الترمذي) : 1/ 241- 242، أبواب الطهارة، باب (101) ما جاء في
الحائض تتناول الشيء من المسجد، حديث رقم (134) ، قال: وفي الباب عن ابن
عمر، وأبى هريرة. قال أبو عيسى:
حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو قول عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافا
في ذلك:
بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئا من المسجد.
[ (3) ] عن سفيان، عن منبوذ، عن أمه أن ميمونة قالت: كان رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم يضع رأسه في حجر إحدانا فيتلو القرآن وهي حائض، وتقوم
إحدانا بالخمرة إلى المسجد فتبسطها وهي حائض. (سنن النسائي) : 1/ 161، كتاب
الطهارة، باب (174) بسط الحائض الخمرة في المسجد، حديث رقم (272) .
[ (4) ] قولها: «لا أصلى» قالته لما
قال لها صلى اللَّه عليه وسلم: «يا عائشة ناوليني الثوب» ، ولم يذكر
الخمرة. (المرجع السابق) : كتاب الطهارة، باب (173) استخدام الحائض، حديث
رقم (270) .
[ (5) ] (سنن النسائي) : 1/ 210- 211، كتاب الحيض، باب (19) بسط الحائض
الخمرة في المسجد، حديث رقم (283) .
(7/132)
وخرجه قاسم بن أصبغ من حديث الحميدي،
أخبرنا سفيان، حدثني منبوذ المكيّ عن أمه قالت: كنا عند ميمونة، فدخل عليها
ابن عباس فقالت: أي بنى، ما لي أراك أشعث؟ فقال: إن مرجلتى أم عمار حائض،
فقالت: أي بنى، وأين الحيضة من اليد، إن كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم ليضع رأسه في حجر إحدانا وهي حائض، ثم يتلو القرآن، وإن كانت إحدانا
لتقوم إليه بخمرتها فتبسطها وهي حائض فيصلي عليها، أي بنى، وأين الحيضة من
اليد [ (1) ] ؟
وخرجه محمد بن أيمن ولفظه: وإن كانت إحدانا لتقوم إليه فتناوله الحصير
بيدها وهي حائض. الحديث. وفي لفظ له: قالت: كنت عند ميمونة، فذكر مثل حديث
الحميدي عن سفيان وقال: ثم تقوم إحدانا بخمرته فتضعها في مسجده [ (1) ] .
وللإمام أحمد من حديث محمد بن ربيعة، أخبرنا يونس بن الحارث الطائفي، عن
أبى عون عن أبيه، عن المغيرة بن شعبة قال: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم
يصلى-[أو يستحب أن يصلى [ (2) ]]- على فروة مدبوغة [ (3) ] . [وكانت له
عليه السلام جفنة يطعم فيها الناس، يحملها أربعة رجال تسمى الغرّاء] [ (4)
] .
__________
[ (1) ] راجع التعليق السابق.
[ (2) ] زيادة للسياق من (المسند) .
[ (3) ] (مسند أحمد) : 5/ 311، حديث رقم (17762) من حديث المغيرة بن شعبة.
[ (4) ] ما بين الحاصرتين ليس في (المسند) ، في (خ) ، (ج) فقط.
(7/133)
|