إمتاع
الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع فصل في ذكر خيل رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم
[اعلم أنه قد كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خيول يرتبطها، منها ما
أجمعوا عليه ومنها ما اختلفوا فيه، فأجمعوا على أن كان له صلى اللَّه عليه
وسلم سبعة أفراس، ويروى [أن] له عشرة أفراس- في بعضها خلاف- وهي: المرتجز [
(1) ] ، واللّحيف [ (2) ] ، واللّزاز [ (3) ] ، والظّرب [ (4) ] ، والسّكب
[ (5) ] ، وسبحة [ (6) ] ،
__________
[ (1) ] وكان أشهب وهو الّذي شهد فيه خزيمة بن ثابت فجعل شهادته شهادة
رجلين، وسمى بذلك لحسن صهيله، كأنه ينشد رجزا، وقيل: هو الطّرف- بكسر الطاء
المهملة- نعت المذكر خاصة، وقيل: هو النجيب، والطرف والنجيب: الكريم من
الخيل، وكان الأعرابي الّذي اشتراه منه النبي صلى اللَّه عليه وسلم من بنى
مرة. (زاد المعاد) : 1/ 133، (طبقات ابن سعد) : 1/ 490، (الوافي) : 1/ 90،
(عيون الأثر) :
2/ 320- 321.
[ (2) ] أهداه له ربيعة بن أبى البراء، فأثابه عليه فرائض من نعم بنى كلاب،
واللحيف: فعيل بمعنى فاعل، كأنه يلحف الأرض بذنبه، وقيل فيه: بضم اللام
وفتح الحاء على التصغير. (زاد المعاد) : 1/ 133، (طبقات ابن سعد) : 1/ 490،
(الوافي) : 1/ 90، (عيون الأثر) : 1/ 321.
[ (3) ] أهداه له المقوقس، ولزاز: من قولهم: لاززته أي لاصقته، كأنه يلتصق
بالمطلوب لسرعته، وقيل:
لاجتماع خلقه، والملزز: المجتمع الخلق. (المرجع السابق) .
[ (4) ] أهداه له فروة بن عمير الجذامي، والظّرب: واحد الظّراب، وهي
الروابي الصغار، سمى به لكبره وسمنه، وقيل: لقوته وصلابته. (المرجع السابق)
.
[ (5) ] كان اسمه قبل أن يشتريه: الضرس، اشتراه بعشرة أوراق، أول ما غزا
عليه أحدا، وكان أغرّ، طلق اليمين، محجّلا، كميتا، وقيل: كان أدهم، روى ذلك
عن ابن عباس، شبّه بفيض الماء وانسكابه، (المرجع السابق) .
[ (6) ] أخرج ابن سعد في (الطبقات) من حديث أنس بن مالك رضى اللَّه عنه
قال: راهن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على فرس يقال لها: سبحة، فجاءت
سابقة، فهشّ لذلك وأعجبه، وسبحه، من قولهم: فرس سابح، إذا كان حسن مد
اليدين في الجرى، وسبح الفرس جريه. (المرجع السابق) .
(7/191)
والورد [ (1) ] . وقاد صلى اللَّه عليه
وسلم في حروبه عدة أفراس] [ (2) ] .
__________
[ (1) ] أهداه له تميم الداريّ، فأعطاه عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه، فحمل
عليه في سبيل اللَّه، ثم وجده يباع برخص، فقال له: لا تشتره.
والورد: لون بين الكميت والأشقر: (المرجع السابق) .
قال ابن سيد الناس في (عيون الأثر) : قال شيخنا الحافظ أبو محمد الدمياطيّ
رحمه اللَّه: فهذه سبعة متفق عليها، وهي: السكب، والمرتجز، واللحيف، ولزاز،
والظرب، والورد، وسبحة، وكان الّذي يمتطى عليه ويركب: السكب. (عيون الأثر)
: 2/ 231.
وقيل: كانت له أفراس أخر غيرها، وهي: الأبلق، وذو العقال، وذو اللمة،
والمرتجل، والمراوح، والسرحان، واليعسوب، واليعبوب، والبحر، والأدهم،
والشحاء، والسجل، وملاوح، والطرف، والنجيب، هذه خمسة عشر مختلف فيها.
(المرجع السابق) .
وذكر السهيليّ في خيله صلى اللَّه عليه وسلم: الضريس، وذكر ابن عساكر فيها:
مندوبا، وذو العقال بضم العين، وبعضهم يشدد قافه، وبعضهم يخففها وهو ظلع
[أي عرج] في قوائم الدواب (المرجع السابق) .
والمرواح: من الرمح لسرعته، والسرحان: الذئب، وهذيل تسمى الأسد سرحانا،
واليعسوب:
طائر، وهو أيضا أمير النحل، والسيد: يعسوب قومه، واليعسوب: غرة تستطيل في
وجه الفرس.
واليعبوب: الفرس الجواد. وجدول يعبوب: شديد الجرى. والشحاء: من قولهم: فرس
بعيد الشحوة، أي بعيد الخطوة، ومندوب: من ندبه فانتدب، أي دعاه فاستجاب.
(المرجع السابق) .
والسبعة المتفق عليها، جمعها الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إسحاق بن جماعة
الشافعيّ في بيت فقال:
والخيل: سكب لحيف سبحة ظرب ... لزاز مرتجز ورد لها أسرار
وقد جمع من أسماء خيله صلى اللَّه عليه وسلم في أبيات من قصيدة يمدحه بها
الشيخ الإمام الحافظ فتح الدين أبو الفتح محمد بن سيد الناس اليعمري،
[فقال] :
لم يزل في حربه ذا ... وثبات وثبات
كلفا بالطعن والضر ... ب وحبّ الصافنات
من لزاز ولحيف ... ومن السكب الموات
ومن المرتجز السابق ... سبق الذاريات
ومن الورد ومن ... سبحة قيد العاديات
(الوافي بالوفيات) : 1/ 90.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين من (ج) وليس في (خ) .
(7/192)
خرّج النسائىّ من حديث إبراهيم بن طهمان،
عن سعيد [بن أبى عروبة] [ (1) ] عن قتادة، عن أنس رضى اللَّه قال: لم يكن
شيء أحب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعد النساء من الخيل [ (2) ]
.
ورواه أبو هلال الراسى محمد بن سليم عن قتادة، عن معقل بن يسار قال: لم يكن
شيء أعجب إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من الخيل [ (3) ] ، ثم قال:
عفوا بل النساء، أبو هلال هذا ليس بشيء [ (4) ] .
ومن حديث إبراهيم بن الفضل، عن سعيد المقبري عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه
قال: كان أحب الخيل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الأشقر، الأدم،
الأقرح، المحجل في السبق، الأيمن [ (5) ] .
وقد اختلف في عدة خيول رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم التي ارتبطها،
فأجمعوا على أنه كان له سبعة أفراس، وروى أنه كان له عشرة أفراس، في بعضها
خلاف،
__________
[ (1) ] زيادة للنسب من (سنن النسائي) .
[ (2) ] (سنن النسائي) : 7/ 74، كتاب عشرة النساء، باب (1) حب النساء، حديث
رقم (3951) ، 6/ 527، كتاب الخيل، باب (2) حب الخيل، حديث رقم (3566) ،
انفرد به النسائي، قال الحافظ السندي في قوله: «من الخيل» : لعل ترك ذكرها
في حديث حبب إلى من دنياكم النساء والطيب ... لعدها من الدين لكونها آلة
الجهاد، واللَّه تعالى أعلم. (حاشية السندي على النسائي) .
[ (3) ] (مجمع الزوائد) : 4/ 258.
[ (4) ] هو محمد بن سليم أبو هلال الراسى البصري، مولى بنى سلمة بن لؤيّ
قال النسائي: ليس بالقوى، وقال ابن سعد: فيه ضعف، وقال أحمد بن حنبل: يحتمل
في حديثه، إلا أنه يخالف في قتادة، وهو مضطرب الحديث، وقال الساجي: روى عنه
حديث منكر، وقال البراز: احتمل الناس حديثه، وهو غير حافظ، وقال ابن عدي
بعد أن ذكر له أحاديث كلها أو عامّتها غير محفوظة، وله غير ما ذكرت، وفي
بعض رواياته ما لا يوافقه عليه الثقات، وهو ممن يكتب حديثه. توفى في خلافة
المهدي سنة تسع وستين. (تهذيب التهذيب) : 9/ 173- 174، ترجمة رقم (303) .
[ (5) ] (أخلاق النبي) : 149.
(7/193)
وهي: المرتجز، واللحيف، واللزاز، والظرب،
والسكب، وبهجة، والورد.
وقاد صلى اللَّه عليه وسلم في حروبه عدة أفراس [ (1) ] .
فأما المرتجز، فروى الواقدي عن الحسن بن عمارة بن الحكم بن مقسم، عن ابن
عباس رضى اللَّه عنه قال: كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فرس يدعى
المرتجز [ (1) ] .
وروى إدريس الأودي عن الحكم عن يحى بن الجزار، أن عليا رضى اللَّه عنه قال:
كان اسم فرس النبي صلى اللَّه عليه وسلم المرتجز، وبغلته دلدل، وناقته
القصواء، وحماره عفير، ودرعه ذات الفضول، وسيفه ذو الفقار، وإنما قيل له
المرتجز لحسن صهيله، وكان أبيض [ (2) ] .
وعن محمد بن يحى بن سهل قال: ابتاع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فرسه
المرتجز من أعرابى من بنى مرّة، فرأى الأعرابي فيه رغبة، فجحد أن يكون باعه
إياه، فشهد له على ابتياعه هذا الفرس خزيمة بن ثابت الأنصاري [ (3) ] رضى
اللَّه عنه، ولم يكن شاهدا شراءه، فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم: كيف
شهدت ولم تحضر؟ قال: لتصديقي إياك يا رسول اللَّه، وإن قولك كالمعاينة،
فقال: أنت
__________
[ (1) ] راجع تعليقات أول الفصل.
[ (2) ] سبق تخريج وشرح هذه الأشياء كل في فصله من هذا الجزء، فلتراجع.
[ (3) ] هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه- بالفاء وكسر الكاف- ابن ثعلبة بن
ساعدة بن عامر بن غيّان- بالمعجمة والتحتانية، وقيل: بالمهملة والنون- ابن
عامر بن خطمة- بفتح المعجمة وسكون المهملة- واسمه عبد اللَّه بن جشم- بضم
الجيم وفتح المعجمة- ابن مالك بن الأوس الأنصاريّ الأوسيّ، ثم الخطميّ،
وأمه: كبشة بنت أوس الساعدية، شهد بدرا وما بعدها، وقتل بصفين، وكان يكسر
أصنام بنى خطمة، وكانت راية خطمة بيده يوم الفتح. له ترجمة في: (الإصابة) :
2/ 278- 279، ترجمة رقم (2253) ، (الاستيعاب) : 2/ 448، ترجمة رقم (665) ،
(المستدرك) : 3/ 448، (طبقات ابن سعد) : 6/ 51.
(7/194)
ذو الشهادتين، فسمى ذا الشهادتين [ (1) ] .
وقد خرّج أبو داود حديث شهادة خزيمة من طريق الزهري، عن عمارة ابن خزيمة،
أن عمه حدّثه [وهو من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم] [ (2) ] أن النبي
صلى اللَّه عليه وسلم ابتاع فرسا من أعرابىّ، فاستتبعه النبي صلى اللَّه
عليه وسلم ليقضيه [ (3) ] ثمن فرسه، فأسرع النبي صلى اللَّه عليه وسلم
المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ولا
يشعرون أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ابتاعه، فنادى الأعرابيّ النبيّ صلى
اللَّه عليه وسلم: إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته، فقام النبي صلى
اللَّه عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال: أو ليس قد ابتعته منك؟ فقال:
[لا] [ (4) ] ، واللَّه ما بعتكه، فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: بلى قد
ابتعته منك. فطفق الأعرابي يقول: هلمّ شهيدا، فقال خزيمة [بن ثابت] : أنا
أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي صلى اللَّه عليه وسلم على خزيمة فقال:
بم تشهد؟ فقال بتصديقك يا رسول اللَّه، فجعل النبي صلى اللَّه عليه وسلم
شهادة خزيمة بشهادة رجلين [ (5) ] .
__________
[ (1) ] راجع التعليق رقم (5) .
[ (2) ] زيادة للسياق ليست في (سنن أبى داود) .
[ (3) ] في (الأصلين) : ليقبضه، وما أثبتناه من (المرجع السابق) .
[ (4) ] زيادة للسياق من (المرجع السابق) .
[ (5) ] (سنن أبى داود) : 4/ 31- 32، كتاب الأقضية، باب (21) إذا علم
الحاكم صدق الشاهد الواحد، يجوز له أن يحكم به، حديث رقم (3607) ، وأخرجه
النسائي في (السنن) : 8/ 347، كتاب البيوع، باب (81) التسهيل في ترك
الإشهاد على البيع، حديث رقم (4661) ، وخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) :
1/ 86- 87، ترجمة محمد بن زرارة بن عبد اللَّه بن خزيمة بن ثابت الأنصاري
الخطميّ الأوسي المديني، ذكره مختصرا جدا.
وأخرجه المتقى الهندي في (كنز العمال) : 13/ 379- 380، في ترجمة خزيمة بن
ثابت رضى اللَّه تعالى عنه، بسياقات مختلفة، بعضها مطول وبعضها مختصرا،
حديث رقم (37036) ، وعزاه إلى مصنف عبد الرزاق، وحديث رقم (37037) ، وعزاه
إلى الدار قطنى في (الأفراد) ، وابن عساكر في (التاريخ) ، وحديث رقم
(37038) ، وعزاه إلى أبى يعلى، وأبى نعيم، وابن عساكر،
(7/195)
وقد بين الحاكم في (المستدرك) اسم هذا
الأعرابي،
فخرج من حديث زيد بن الحباب قال: حدثني محمد بن زرارة بن عبد اللَّه بن
خزيمة بن ثابت قال: حدثني عمارة بن خزيمة عن أبيه خزيمة بن ثابت رضى اللَّه
عنه، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ابتاع من سواء بن الحارث
المحاربي فرسا فجحده، فشهد له خزيمة بن ثابت، فقال له رسول اللَّه صلى
اللَّه عليه وسلم: ما حملك على الشهادة ولم تكن معه؟ قال: صدقت يا رسول
اللَّه [ولكن صدّقتك] [ (1) ] [بما قلت] [ (1) ] ، وعرفت أنك لا تقول إلا
حقا، فقال: من شهد له خزيمة أو شهد عليه فحسبه [ (2) ] .
__________
[ () ] وعبد الرزاق، حديث رقم (37039) ، وعزاه في هامشه إلى ابن حجر في
(الإصابة) ، وقال: رواه الدار قطنى من طريق ...
قال الخطابي: هذا حديث يضعه كثير من الناس غير موضعه، وقد تذرع به قوم من
أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عرف عنده بالصدق على كل شيء ادعاه،
وإنما وجه الحديث ومعناه: أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم إنما حكم على
الأعرابي بعلمه، إذا كان صادقا بارا في قوله، وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى
له التوكيد لقوله، والاستظهار بها على خصمه، فصارت في التقدير شهادته له،
وتصديقه إياه على قوله، كشهادة رجلين في سائر القضايا. (معالم السنن) .
قال المنذري: وهذا الأعرابي: هو سواء بن الحارث، وقيل: سواء بن قيس
المحاربي، ذكره غير واحد من الصحابة، وقيل: إنه جحد البيع بأمر بعض
المنافقين، وقيل: إن هذا الفرس هو المرتجز المذكور في أفراس رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وسلم. (هامش أبى داود) .
قال الحافظ السندي في شرحه ل (سنن النسائي) : والمشهور أنه صلى اللَّه عليه
وسلم ردّ الفرس بعد ذلك على الأعرابي، فمات من ليلته عنده، واللَّه تعالى
أعلم.
[ (1) ] ما بين الحاصرتين مطموس في (خ) ، وأثبتناه من (ج) .
[ (2) ] (المستدرك) : 2/ 21- 22، حديث رقم (2187) من حديث محمد بن شهاب،
ولم يصرح فيه باسم الأعرابي، وقال في (التلخيص) صحيح، ورجاله ثقات باتفاق
وسمع عمارة من أبيه خزيمة أيضا.
وحديث رقم (2188) من حديث محمد بن زرارة وصححه الذهبي، وقد صرح الحاكم فيه
باسم الأعرابي، وهو سواء بن الحارث المحاربي.
(7/196)
ويقال: بل [اسمه] الطرف، بكسر الطاء،
والطرف: الكريم من الخيل، وقيل: هو النجيب، والنجيب: الكريم أيضا. وأما
اللحيف بالحاء المهملة المفتوحة اللام، وفعيل بمعنى فاعل، كأنه يلحف الأرض
بذنبه لطوله، أي يغطيها، وقيل فيه أيضا: بضم اللام وفتح الحاء مصغّرا،
والأكثر أنه اللخيف بالخاء المعجمة، وقيل فيه: النخيف بالنون وليس بشيء.
وهذا الفرس [أهداه لرسول اللَّه] صلى اللَّه عليه وسلم فروة بن عمرو من أرض
البلقاء، وقيل: أهداه ابن أبى البراء، وكان يركبه صلى اللَّه عليه وسلم [
(1) ] .
خرّج البخاري من حديث أبى بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال:
كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له: اللخيف [
(2) ] ، [بالخاء المعجمة، وبالحاء المهملة مع فتح اللام، فعيل بمعنى فاعل،
كأنه يحلف الأرض بذنبه لطوله] [ (3) ] .
وروى الواقدي وابن مندة من حديث عبد المهيمن بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده
قال: كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثلاثة أفراس يعلفهن عند ابن
سعد [ (4) ] ، أبى سهل بن سعد، فسمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يسميهن:
اللزاز، واللحيف، والظّرب [ (5) ] . هذه سياقة ابن مندة فهي أتم.
زاد الواقدي: فأما اللزاز، فأهداه له المقوقس صاحب الإسكندرية، وأما الظرب،
فأهداه له فروة بن عمرو الجذامي من عمان بالشام، وأما اللحيف،
__________
[ (1) ] راجع تعليقات أول الفصل.
[ (2) ] (فتح الباري) : 6/ 72، كتاب الجهاد والسير، باب (46) اسم الفرس
والحمار، حديث رقم (2855) .
[ (3) ] راجع تعليقات أول الفصل.
[ (4) ] في (خ) : «ابن سعد ابن سعد» .
[ (5) ] راجع تعليقات أول الفصل.
(7/197)
فأهداه له ربيعة بن أبى البراء الكلابي،
فأثابه فرائض من نعم بنى كلاب.
قال الواقدي: سمى اللحيف لأنه كان يلتحف بعرفة، ويقال: شبّه بلحيف الجبل
وصغّر، وسمى الظرب لتشوفه وحسن صهيله، وسمى لزاز لأنه كان ملززا موثقا،
ويقال: الظرب واحد الظراب، وهي الروابي الصغار، سمى به لسمنه، وقيل: لقوته
وصلابة حافرة، واللزاز قيل له ذلك لاجتماع خلقه، وقيل لشدة دموجه [ (1) ] .
وقال ابن سعد: كان مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم في غزوة المريسيع فرسان:
بثلاثة أفراس: اللزاز، والظرب، والحاجب، وستين وسقا من الشوط [ (2) ] .
وأما السّكب، فروى الواقدي عن محمد بن يحيى بن سهل بن أبى حثمة عن أبيه
قال: أول فرس ملكه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فرس ابتاعه بالمدينة
من رجل من بنى فزارة بعشر أواقي، وكان اسمه عند الأعرابي: الضريس، فسماه
رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم السكب، وكان أول ما غزا عليه أحدا، [و]
ليس مع المسلمين فرس غيره، وفرس لأبى بردة بن نيار يقال له: ملاوح، وكان
السكب أغرّ، محجلا، طلق اليمين، وقيل: كان كميتا، أغرّ، محجلا، مطلق
اليمين، وقيل: كان أدهم، وشبه بانسكاب الماء.
وأما سبحة، فإنّها فرس شقراء، ابتاعها صلى اللَّه عليه وسلم من أعرابى من
جهينة بعشر من الإبل، وسابق صلى اللَّه عليه وسلم عليه بوم خميس فأقبلت في
وجوه الخيل، فسميت سبحة من قولهم: فرس سابح، إذا كان حسن مد اليدين في
الجرى، وسبح الفرس: جريه [ (2) ] .
وأما الورد، فقال الواقدي: فأهدى تميم الداريّ لرسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم فرسا يقال
__________
[ (1) ] راجع تعليقات أول الفصل.
[ (2) ] راجع تعليقات أول الفصل.
(7/198)
له: الورد، فأعطاه عمر بن الخطاب رضى
اللَّه عنه، فحمل عليه عمر [رضى اللَّه عنه] في سبيل اللَّه، فوجد يباع
برخص [فأخذه] .
والورد: بين الكميت الأحمر والأشقر، ويروى أن الورد كانت لحمزة بن عبد
المطلب رضى اللَّه عنه [ (1) ] .
وكانت له صلى اللَّه عليه وسلم فرس يقال له: الملاوح، وهو الضامر الّذي لا
يسمن، والسريع العطش، والعظيم الألواح [ (2) ] .
وفرس يقال له: البحر، اشتراه من تجار قدموا من اليمن، فسبق عليه مرات، فجثا
صلى اللَّه عليه وسلم على ركبتيه، ومسح وجهه وقال: ما أنت إلا بحر، فسمّي
بحرا، وكان كميتا، وقيل: هو الأدهم [ (2) ] .
وخرّج البخاري من حديث شعبة قال: سمعت قتادة عن أنس [قال] [ (3) ] : كان
فزع بالمدينة، فاستعار النبي صلى اللَّه عليه وسلم فرسا [لنا] [ (3) ] يقال
له:
مندوب، فقال: ما رأينا من فزع، وإن وجدناه لبحرا. ذكره البخاري في الجهاد [
(4) ] ، وفي كتاب الهبة [ (5) ] ، وفي باب مبادرة الإمام عند الفزع [ (5) ]
.
__________
[ (1) ] راجع تعليقات أول الفصل.
[ (2) ] راجع تعليقات أول الفصل.
[ (3) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (4) ] (فتح الباري) : 6/ 73، كتاب الجهاد والسير، باب (46) اسم الفرس
والحمارة، حديث رقم (2857) .
[ (5) ] (فتح الباري) : 5/ 300، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب
(33) من استعار من الناس الفرس، حديث رقم (2627) ، 6/ 151- 152، كتاب
الجهاد والسير، باب (116) مبادرة الإمام عند الفزع، حديث رقم (2968) ، باب
(117) السرعة والركض في الفزع، حديث رقم (2969) وذكره في كتاب الجهاد
والسير، باب (24) الشجاعة في الحرب والجبن، حديث رقم (2820) ، باب (50)
الركوب على الدابة الصعبة، والفحولة من الخيل، حديث رقم (2862) ، باب (55)
الفرس القطوف، حديث رقم (2867) ، باب (82) الحمائل وتعليق السيف، حديث رقم
(7/199)
وذكره مسلم من طرق [ (1) ] ،
وكان مندوب فرس أبى طلحة زيد بن سهل رضى اللَّه عنه.
ويروى أنه كانت لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثلاثا وعشرين فرسا، منها
الأبلق، وذو العقال، بضم العين وتشديد القاف، وسمع تخفيفها، ومسروح، وذو
اللمة، وكانت فرس عكاشة بن محصن، والمرتجل، والملاوح، ويقال:
مراوح، ومنها السرحان [والسرحان] [ (2) ] ، واليعبوب، واليعوب، والشحاء،
والبحر وهو كميت، والسجل، والطرف، والنجيب [ (3) ] .
__________
[ () ] (2908) ، باب (165) إذا فزعوا بالليل، حديث رقم (3040) ، وفي كتاب
الأدب، باب (39) حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، حديث رقم (6033) .
[ (1) ] (مسلم بشرح النووي) : 15/ 73- 75، باب (11) شجاعة النبي صلى اللَّه
عليه وسلم وتقدمه للحرب، حديث رقم (48) ، ومن طريق أخرى، حديث رقم (49) ،
ومن طريق ثالثة، آخر أحاديث الباب.
وأخرجه الترمذي في (السنن) : 4/ 171- 172، كتاب الجهاد، باب (14) ما جاء في
الخروج عند الفزع، حديث رقم (1685) ، وقال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عمرو
بن العاص، وهذا حديث حسن صحيح، وحديث رقم (1686) ، وقال أبو عيسى: هذا حديث
حسن صحيح، وحديث رقم (1687) ، وقال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
وأخرجه ابن ماجة في (السنن) : 2/ 926، كتاب الجهاد، باب (9) الخروج في
النفير، حديث رقم (2772) ، قال حماد: وحدثني ثابت أو غيره، قال: كان فرسا
لأبى طلحة يبطّأ، فما سبق بعد ذلك اليوم.
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند) : 3/ 614، من مسند أنس بن مالك رضى اللَّه
عنه، حديث رقم (12085) .
[ (2) ] بياض في (خ) ، وأثبتناه من (ج) .
[ (3) ] راجع تعليقات أول الفصل.
(7/200)
[فصل في تضمير خيل رسول اللَّه صلى اللَّه
عليه وسلم والسبق بينها]
التضمير: تقليل علفها، وإدخالها بيتا كنينا وتجليلها فيه لتعرق، ويجف
عرقها، فيصلب لحمها ويخف، وتقوى على الجرى. يقال: ضمّرت الفرس بتشديد الميم
وأضمرته [ (1) ] .
وذكر ابن [] [ (2) ] أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، كان يأمر بإضمار
خيله بالحشيش اليابس شيئا بعد شيء، ويقول: ارووها من الماء، واسقوها غدوة
وعشيا، وألزموها الجلال [ (3) ] ، فإنّها تلقى الماء عرقا، فتصفو ألوانها،
__________
[ (1) ] قال الإمام العلامة أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور
الإفريقي المصري: والمضمار:
الموضع الّذي تضمّر فيه الخيل، وتضميرها: أن أتعلف قوتا بعد سمنها، قال أبو
منصور: ويكون المضمار وقتا للأيام التي تضمر فيها الخيل للسباق أو للركض
إلى العدوّ.
وتضميرها أن تشدّ عليها سروجها، وتجلل بالأجلة حتى تعرق تحتها، فيذهب
رحلها، ويشتد لحمها، وتحمل عليها غلمان خفاف يجرونها، ولا يعنفون بها، فإذا
فعل ذلك بها أمن عليها البهر الشديد عند حضرها ولم يقطعها الشّدّ، قال:
فذلك التضمير الّذي شاهدت العرب تفعله، يسمون ذلك مضمارا وتضميرا.
وتضمير الفرس أيضا: أن تعلفه حتى يسمن، ثم تردّه إلى القوت، وذلك في أربعين
يوما، وهذه المدة تسمى المضمار. (لسان العرب) : 4/ 491.
[ (2) ] هذه الكلمة غير واضحة في (الأصلين) ولم أتبين لها توجيها.
[ (3) ] جلّ الدابة: الّذي تلبسه لتصان به، والجمع جلال وأجلال، وجلال كل
شيء غطاؤه، وتجليل الفرس أن تلبسه الجلّ.
وفي الحديث أنه صلى اللَّه عليه وسلم جلّل فرسا له سبق بردا عدنيا، أي جعل
البرد له جلا، وفي حديث ابن عمر:
أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يجلل بدنه القباطي (لسان العرب) : 11/ 119.
(7/201)
وتتسع جلودها.
وكان صلى اللَّه عليه وسلم يأمر أن يقودوها كل يوم مرتين، ويؤخذ منها من
الجرى الشوط والشوطان، ولا تركض حتى تنطوى.
وخرّج أبو داود من حديث المعتمر، عن عبيد اللَّه عن نافع، عن ابن عمر [رضى
اللَّه عنهما] قال: إن نبي اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، كان يضمّر الخيل
للمسابقة بها [ (1) ] .
وخرّج الدار قطنى من حديث سليم بن أخضر ومعتمر، عن عبيد اللَّه، عن نافع،
عن ابن عمر [رضى اللَّه عنهما] ، أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ضمّر
الخيل وسابق بينها، وقال معتمر: كان يضمّر ويسابق [ (2) ] .
وخرّج البخاري من حديث سفيان، عن عبيد اللَّه عن نافع، عن ابن عمر [رضى
اللَّه عنهما] [ (3) ] قال: أجرى النبي صلى اللَّه عليه وسلم ما ضمّر من
الخيل من الحفياء إلى ثنية الوداع، وأجرى ما لم يضمّر من الثنية إلى مسجد
بنى زريق [قال ابن عمر: وكنت فيمن أجرى] [ (3) ] .
قال ابن زريق- بتقديم الزاى على الراء-: آخر بياضه [ (4) ] ابنا عامر بن
زريق بن حارثة بن مالك بن غضب- بفتح الغين المعجمة- ابن جشم بن الخزرج، أخى
الأوس ابني حارثة، قال ابن عمر: وكنت فيمن أجرى.
__________
[ (1) ] (سنن أبى داود) : 3/ 65، كتاب الجهاد، باب (67) في السّبق، حديث
رقم (2576) ولفظه:
«كان يضمّر الخيل يسابق بها» .
[ (2) ] (سنن الدار قطنى) : 4/ 299، كتاب السبق بين الخيل، حديث رقم (1) .
[ (3) ] ما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (4) ] يعنى بياض في أصل (فتح الباري) ، وقد نبّه عليه في هامشه.
(7/202)
قال سفيان: من الحفياء [ (1) ] إلى ثنية
الوداع [ (2) ] خمسة أميال أو ستة، وبين ثنية ومسجد بنى زريق ميل. ترجم
عليه باب: السبق بين الخيل [ (3) ] .
وخرّج في باب غاية السباق [ (4) ] للخيل المضمرة، من حديث أبى إسحاق عن
موسى بن عقبة، عن نافع عن ابن عمر [رضى اللَّه عنهما] [ (5) ] قال:
سابق رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بين الخيل التي قد أضمرت [ (6) ] ،
فأرسلها من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، فقلت لموسى: فكم [ (7) ]
[كان] [ (8) ] بين ذلك؟ قال:
ستة أميال أو سبعة أميال، وسابق بين الخيل التي لم تضمّر، فأرسلها من ثنية
الوداع فكان أمدها مسجد بنى زريق، قلت: فكم بين ذلك؟
__________
[ (1) ] حفياء: بالفتح ثم السكون، وياء، وألف ممدودة: موضع قرب المدينة
أجرى منه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الخيل في السباق، قال الحازمي:
ورواه غيره بالفتح والقصر. وقال البخاري: قال سفيان: بين الحفياء إلى
الثنية خمسة أميال أو ستة، وقال ابن عقبة: ستة أو سبعة، وقد ضبطه بعضهم
بالضم والقصر، وهو خطأ، كذا قال عياض. (معجم البلدان) : 2/ 319، موضع رقم
(3825) .
[ (2) ] ثنية الوداع: بفتح الواو، وهو اسم من التوديع عند الرحيل: وهي ثنية
مشرفة على المدينة يطؤها من يريد مكة، واختلف في تسميتها بذلك، فقيل: لأنها
موضع وداع المسافرين من المدينة إلى مكة، وقيل: لأن النبي صلى اللَّه عليه
وسلم ودع بها بعض من خلّفه بالمدينة في آخر خرجاته، وقيل: في بعض سراياه
المبعوثة عنه. وقيل: الوداع اسم واد بالمدينة، والصحيح أنه اسم قديم جاهلى،
سمى لتوديع المسافرين. (المرجع السابق) : 100، موضع رقم (2846) .
[ (3) ] (فتح الباري) : 6/ 88، كتاب الجهاد والسير، باب (56) السبق بين
الخيل، حديث رقم (2868) .
[ (4) ] في (الأصلين) : السبق، وما أثبتناه من (البخاري) .
[ (5) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
[ (6) ] في (الأصلين) : «أضمرت» ، وما أثبتناه من (البخاري) .
[ (7) ] في (الأصلين) : «وكم» .
[ (8) ] زيادة للسياق من (البخاري) .
(7/203)
قال: ميل أو نحوه، وكان ابن عمر ممن سابق
فيها [ (1) ] . وخرجه في باب:
إضمار [ (2) ] الخيل للسبق، من حديث الليث عن نافع بنحوه [ (3) ] .
وفي كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، من حديث جويرية عن نافع [ (4) ] ،
وأخرجه من حديث مالك عن نافع، فذكره البخاري في كتاب الصلاة [ (5) ] ،
__________
[ (1) ] (فتح الباري) : 6/ 89، كتاب الجهاد والسير، باب (58) غاية السباق
للخيل المضمّرة، حديث رقم (2870) ، وفي الحديث مشروعية المسابقة، وأنه ليس
من العبث، بل من الرياضة المحمودة الموصلة إلى تحصيل المقاصد في الغزو
والانتفاع بها عند الحاجة، وهي دائرة بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث
على ذلك.
قال القرطبي: لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب، وعلى
الأقدام، وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة، لما في ذلك من التدريب
على الحرب. وفيه جواز إضمار الخيل.
ولا يخفى اختصاص استحبابها بالخيل المعدة للغزو. وفيه مشروعية الإعلام
بالابتداء والانتهاء عند المسابقة، وفيه نسبة الفعل إلى الآمر به، لأن
قوله: «سابق» ، أي أمر أو أباح.
وفيه جواز إضافة المسجد إلى قوم مخصوصين، وهي إضافة تمييز لا إضافة ملك.
وفيه جواز.
معاملة البهائم عند الحاجة بما يكون تعذيبا لها في غير الحاجة، كالإجاعة،
والإجراء. وفيه تنزيل الخلق منازلهم، لأنه صلى اللَّه عليه وسلم غاير بين
منزلة المضمّر وغير المضمّر، ولو خلط بينهما لأتعب غير المضمّر.
(فتح الباري) : 6/ 90- 91.
[ (2) ] في (الأصلين) : «مضمار» .
[ (3) ] (فتح الباري) : 6/ 88- 89، كتاب الجهاد والسير، باب (57) إضمار
الخيل للسّبق، حديث رقم (2869) .
[ (4) ] (فتح الباري) : 13/ 376، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب (16)
ما ذكر النبي صلى اللَّه عليه وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم، وما اجتمع
عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بهما من مشاهد النبي صلى اللَّه عليه
وسلم والمهاجرين والأنصار، ومصلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم والمنبر
والقبر، حديث رقم (7336) .
[ (5) ] (فتح الباري) : 1/ 678، كتاب الصلاة، باب (41) هل يقال مسجد بنى
فلان؟ حديث رقم (420) ، ويستفاد منه جواز إضافة المساجد إلى بانيها أو
المصلى فيها، ويلتحق به جواز إضافة أعمال البر إلى أربابها، والمخالف في
ذلك إبراهيم النخعي فيما رواه ابن أبى شيبة عنه أنه كان يكره أن يقول مسجد
بنى فلان، ويقول مصلى بنى فلان، لقوله تعالى: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ
[الجن: 18] . وجوابه أن الإضافة في مثل هذا إضافة تمييز لا ملك. مختصرا من
(فتح الباري) : 1/ 678.
(7/204)
وذكره مسلم في الإمارة [ (1) ] من طرق
عديدة، عن نافع عن ابن عمر بمعنى حديث مالك عن نافع [ (2) ] .
وخرجه الترمذي من حديث سفيان عن عبيد اللَّه عن نافع، وقال:
حديث حسن صحيح غريب من حديث الثوري [ (3) ] .
وخرج أبو داود من حديث أحمد بن حنبل قال: أخبرنا عقبة بن خالد عن عبيد
اللَّه عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم سبق بين الخيل،
وفضّل [ (4) ] القرّح [ (5) ] في الغاية [ (6) ] . قال الدار قطنى [ (7) ]
: تفرد بهذه الألفاظ عقبة السكونيّ عن عبيد اللَّه.
وقال ابن عبد البر: لم يقل ذلك في هذا الحديث أحد غير عقبة بن خالد، وقد
وجدت له أصلا فيما رواه أبو سلمة التبوكي قال: أخبرنا
__________
[ (1) ] في (خ) : «في الجهاد» ، وصوبناه من (صحيح مسلم) .
[ (2) ] (مسلم بشرح النووي) : 13/ 17- 19، كتاب الإمارة، باب (25) المسابقة
بين الخيل وتضميرها، حديث رقم (95) ، والحديث الّذي يليه بدون رقم، من طرق
مختلفة، وزاد في حديث أيوب من رواية حماد وابن عليّة، قال عبد اللَّه:
«فجئت سابقا فطفّف بى الفرس المسجد» ، أي علا، ووثب إلى المسجد، وكان جداره
قصيرا، وهذا بعد مجاوزته الغاية، لأن الغاية هي هذا المسجد، وهو مسجد بنى
زريق، واللَّه تعالى أعلم (مسلم بشرح النووي) .
[ (3) ] (سنن الترمذي) : 4/ 177- 178، كتاب الجهاد، باب (22) ما جاء في
الرّهان والسبق، حديث رقم (1699) ، وزاد فيه ابن عمر: «وكنت فيمن أجرى،
فوثب بى فرسي جدارا. قال أبو عيسى:
وفي الباب عن أبى هريرة، وجابر، وعائشة، وأنس، وهذا حديث صحيح حسن غريب من
حديث الثوري.
[ (4) ] في (الأصلين) : «وفرّق» وصوبناه من (سنن أبى داود) .
[ (5) ] القرّح- بضم القاف وفتح الراء المشددة-: جمع قارح، وهو من الخيل
الّذي دخل في السنة الخامسة.
[ (6) ] (سنن أبى داود) : 3/ 65، كتاب الجهاد، باب (67) في السبق، حديث رقم
(2577) .
[ (7) ] (سنن الدار قطنى) : 4/ 299، كتاب السبق بين الخيل، حديث رقم (1) .
(7/205)
عبد الملك بن حرب بن عبد الملك بن مجاشع بن
مسعود السلمي قال:
حدثني أبى وعمى عن جدي، أن ناسا من أهل البصرة ضمّروا خيولهم، فنهاهم
الأمير عتبة بن مروان أن يجروها، حتى كتب إلى عمر [رضى اللَّه عنه] ، فكتب
إليه عمر، أن أرسل القرّح من رأس مائة غلوة، ولا يركبها إلا أربابها، فجاء
مجاشع بن مسعود سابقا [على الغراء] [ (1) ] .
وخرّج الدار قطنى من حديث يزيد بن هارون وعفان بن مسلم قالا:
أخبرنا سعيد بن زيد، أخبرنا الزبير بن حريث، أخبرنا أبو لبيد لمازة بن زبار
[ (2) ] قال: أرسلت الخيل زمن الحجاج، والحكم بن أيوب على البصرة، فأتينا
الرهان، فلما جاءت الخيل قلنا: لو ملنا إلى أنس بن مالك [رضى اللَّه عنه]
فسألناه: أكانوا يراهنون على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، قال:
فملنا إليه وهو في قصره بالزاوية، فقلنا: يا أبا حمزة! أكنتم تراهنون على
عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، أو كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه
وسلم يراهن؟ قال نعم واللَّه، هو يراهن على فرس له يقال له: سبحة، فجاءت
سابقة، فأنهش لذلك وأعجبه [ (2) ] . [قال عبد اللَّه: أنهشه يعنى أعجبه] [
(3) ] .
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين من (ج) .
وللإمام مالك في (الموطأ) : 311، ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة
في الغزو، حديث رقم (1008) ، والدارميّ في (السنن) 2/ 212، باب في السبق،
وابن ماجة في (السنن) : 2/ 960، كتاب الجهاد، باب (44) السبق في الرهان،
حديث رقم (2877) ، والنسائي في (السنن) : 6/ 535، كتاب الخيل، باب (12)
غاية السبق للتي لم تضمر، حديث رقم (3585) ، باب (13) إضمار الخيل للسبق،
حديث رقم (3586) .
[ (2) ] لمازة بن زبار- بفتح الزاء والموحدة- أبو لبيد البصري، وحديثه
أخرجه أحمد، والدارميّ، والبيهقي. (التعليق المغنى على الدار قطنى) .
[ (3) ] (سنن الدار قطنى) : 4/ 301، حديث رقم (10) ، (سنن الدارميّ) : 2/
212- 213، باب في السبق، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق منه.
(7/206)
[و]
قال الواقدي: عن إبراهيم بن الفضل، عن أبى العلاء عن مكحول قال: طلعت الخيل
وفيها فرس للنّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم، فبرك على ركبتيه، وأطلع رسول
اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رأسه من الصف وقال: كأنه بحر.
وفي رواية: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سبق بين الخيل.، فجلس على
سلع، وطلعت الخيل، فطلعت له فيها ثلاثة أفراس يتلو بعضها بعضا، يتقدمها
لزاز، فلما رآه سرّ به، ثم فرسه الظرب، ثم السكب.
وعن أبى عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه عن جده [رضى اللَّه عنه] قال:
سبقت على فرس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الظرب، فكساني يردا يمانيا.
قال الواقدي: وسبق أبو أسيد الساعدي- وهو مالك بن ربيعة- على فرس النبي صلى
اللَّه عليه وسلم لزاز، فأعطاه حلّة يمانية.
وذكر الواقدي أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم سبق بين الخيل والإبل لما مرّ
بالنقيع، منصرفه من المريسيع، فسبقت القصواء الإبل، وسبق فرسه، وكان معه
فرسان: لزاز و [آخر يقال له] [ (1) ] الظرب، فسبق يومئذ على الظّرب، وكان
الّذي سبق عليه يومئذ أبو أسيد الساعدي، والّذي سبق على ناقته بلال [ (2) ]
[رضى اللَّه عنه] .
__________
[ (1) ] زيادة للسياق من (مغازي الواقدي) .
[ (2) ] (مغازي الواقدي) : 2/ 426.
(7/207)
|