إمتاع الأسماع بما للنبي من الأحوال والأموال والحفدة والمتاع

فصل في ذكر أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم أذن بنفسه.
خرج الترمذي من طريق شبابه بن سوار، حدثنا عمر بن الرماح [البلخي] عن كثير بن زياد عن عمرو بن عثمان بن يعلى مرة [ (1) ] عن أبيه عن جده قال: «أنهم كانوا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم في مسير، فانتهوا إلى مضيق، وحضرت الصلاة، فمطروا، السماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فأذن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم وهو على راحلته فصلى بهم يومى إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع [ (2) ] » .
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب تفرد به عمر بن الرماح البلخي [ (3) ] لا يعرف إلا من حديثة.
وخرجه الدارقطنيّ من طريق ابن الرماح أيضا عن كثير بن زياد بن سهل البصري عن عمر بن عثمان بن يعلى بن أميه عن أبيه عن أبيه عن جده يعلى بن أمية صاحب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم قال: انتهينا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلّم إلى مضيق، السماء من فوقنا والبلة من أسفلنا وحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام أو أقام بغير أذان ثم تقدم النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فصلى بنا على راحلته وصلينا خلفه على رواحلنا وجعل
__________
[ (1) ] هو يعلى بن مرة الثقفي، صحابى، شهد مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم بيعة الرضوان وخيبر، وفتح مكة وغزوي الطائف، وحنينا، وله أحاديث مرفوعة، وأما ابنه عثمان وحفيده عمرو بن عثمان فليس لهما في الكتب الستة إلا هذا الحديث عند الترمذي، وعمرو بن عثمان ذكره ابن حبان في (الثقات) . وأبوه عثمان بن يعلى قال ابن القطان: مجهول.
[ (2) ] (سنن الترمذي) : 2/ 266، أبواب الصلاة، باب (186) ما جاء في الصلاة على الدابة في الطين والمطر، حديث رقم (411) .
[ (3) ] ثم قال أبو عيسى عقب ذلك: لا يعرف إلا من حديثه، وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم، وكذلك روى عن أنس بن مالك: أنه صلى في ماء وطين على دابته، والعمل على هذا عند أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق.

(10/139)


سجوده اخفض من ركوعه [ (1) ] قال السهيليّ: والمفصل يقضى على المجمل المجتهد.

فصل في ذكر من كان يقم المسجد على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم
قال ابن سيده: قم الشيء، يقمه قما كنسه، حجازية، والمقمة:
المكنسة، والقمامة: الكناسة [ (2) ] .
خرج البخاري [ (3) ] ومسلم [ (4) ] من حديث حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن أبى رافع، عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: أن رجلا أسود أو امرأة سوداء كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي صلى اللَّه عليه وسلّم عنه فقالوا:
مات. قال: أفلا كنتم آذنتموني به؟ دلوني على قبره، أو قال: قبرها، فصلى
__________
[ (1) ] (سنن الدارقطنيّ) : 1/ 380- 381، باب صلاة المريض لا يستطيع القيام، والفريضة على الراحلة، حديث رقم (6) .
قال في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدار قطنى) : 139، حديث رقم (335) :
إسناده فيه لين، وابن غزوان ضعيف.
[ (2) ] وقال اللحياني: قمامة البيت ما كسح منه، فألقى بعضه على بعض. الليث: القم ما يقم من قمامات القماش ويكنس. قال: قم بيته يقمه قما إذا كنسه.
وفي حديث فاطمة عليها السلام: أنها لما قمت البيت أغبرت ثيابها، أي كنسته.
(لسان العرب) : 12/ 493.
[ (3) ] (فتح الباري) : 1/ 727، كتاب الصلاة، باب (72) كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان، حديث رقم (458) .
وفي الحديث فضل تنظيف المسجد، والسؤال عن الخادم والصديق الخير، وندب الصلاة على الميت الحاضر عند قبره، لمن لم يصلى عليه، والإعلام بالموت. (فتح الباري) .
[ (4) ] (مسلم بشرح النووي) : 7/ 30، كتاب الجنائز، باب (23) الصلاة على القبر، حديث رقم (71) .

(10/140)


عليه. ذكره البخاري في كتاب الصلاة، وترجم عليه باب كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان. وذكره في كتاب الصلاة على القبر بعد ما يدفن بنحو منه. وفي كتاب الصلاة، باب الخدم للمسجد.
ولفظ مسلم أن: امرأة سوداء كانت تقم المسجد أو شابا، ففقدها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات قال: أفلا كنتم أذنتمونى؟ قال:
فكأنهم صغروا أمرها أو أمره، فقال: دلوني على قبره، فدلوه، فصلى عليها، ثم قال: إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن اللَّه عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم.
وخرجه قاسم بن أصبغ بهذا الإسناد، وقال: إن إنسانا أسودا، أو إنسانة سوداء كانت تقم أو يقم [المسجد] فمات أو ماتت، ففقدها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم فقال: ما فعل ذلك الإنسان؟.
... الحديث بنحو حديث مسلم. وهذه المرأة يقال اسمها محجنة، ويقال أم محجن [ (1) ]
***
__________
[ (1) ] محجنة، وقبل أم محجن، امرأة سوداء كانت تقم المسجد، وقع ذكرها في الصحيح بغير تسمية وسماها يحى بن أبى أنيسة، وهو متروك، عن علقمة بن مرثد، عن رجل من أهل المدينة،
قال: كانت امرأة من أهل المدينة يقال لها محجنة تقم المسجد، فتفقدها النبي صلى اللَّه عليه وسلّم فأخبر أنها قد ماتت، فقال: ألا آذنتموني بها؟ فخرج فصلى عليها، وكبر أربعا.
قال يحي: وحدثنا الزهري، عن أبى أمامة بن سهل، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم نحوه.
ومن طريق عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلّم مر على قبر حديث عهد بدفن، فقال: متى دفن هذا؟ فقيل: هذه أم محجن التي كانت مولعه بلقط القذى من المسجد، فقال:
أفلا أذنتمونى؟ قالوا: كنت نائما فكرهنا أن نوقظك.. الحديث. (الإصابة) : 8/ 116 ترجمة رقم (11742) .

(10/141)