تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس

(ذكر عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب)
* يلتقى هو ورسول الله عند كعب وبين عمر وكعب ثمانية آباء وبين النبىّ صلى الله عليه وسلم وكعب سبعة لم يزل اسمه فى الجاهلية والاسلام عمر وكناه رسول الله ابا حفص والحفص ولد الاسد وكان ذلك يوم بدر ذكره ابن اسحاق* وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاروق يوم أسلم فى دار الارقم عند الصفا وبه تم المسلمون أربعين فخرجوا وأظهروا الاسلام فرق الله بعمر بين الحق والباطل كذا روى عن ابن عباس وكذا ذكر فى الرياض النضرة وأمّه خيثمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وقد قال طائفة فى أمّ عمر خيثمة بنت هشام بن المغيرة ومن قال ذلك فقد أخطأ ولو كانت كذلك لكانت أخت أبى جهل بن هشام والحارث بن هشام وليس كذلك وانما هى بنت هاشم بن المغيرة وانّ هاشم بن المغيرة وهشام بن المغيرة اخوان فهاشم والد خيثمة

(2/239)


أمّ عمر وهشام والد الحارث وأبى جهل وأمّ عمر ابنة عمهما وهاشم بن المغيرة هذا جدّ عمر لامّه وكان يقال له ذو الرمحين كذا فى الاستيعاب* وولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة*

(صفته)
* فى الرياض النضرة قال ابن قتيبة الكوفيون يرون انّ عمر آدم شديد الادمة وأهل الحجاز يرون انه أبيض أمهق* قال صاحب الصفوة كان عمر طوالا أصلع أجلح شديد حمرة العينين خفيف العارضين* وقال أبو عمرو كان كث اللحية أعسر يسر آدم شديد الادمة وهكذا وصفه رزين بن حبيش وغيره يعنى شديد الادمة وعليه الاكثر* وقال الواقدى لا يعرف انه كان آدم الا ان يكون تغير لونه من أكل الزيت عام الرمادة* فى الصحاح عام الرمادة أعوام تتابعت على الناس فى أيام عمر بن الخطاب فهلك فيه الناس والاموال من رمدت الغنم ترمد رمدا هلكت* قوله والادم من الناس الاسمر والجمع الادمان والادمة بضم الهمزة واسكان الدال السمرة الامهق الذى يشبه لونه لون الجص لا يكون له دم ظاهر الاصلع هو الذى انحسر شعر مقدم رأسه ويقال لموضع الصلع صلعة بالتحريك وصلعة بضم الصاد واسكان اللام والاجلح هو الذى انحسر الشعر من جانبى رأسه فوق الانزع وأوّله النزع ثم الجلح ثم الصلع واسم ذلك الموضع جلحة بالتحريك وأعسر يسر هو الذى يعمل بيديه جميعا ويقال له الاضبط* قال ابو رجاء العطاردى كان عمر طويلا جسيما أصلع شديد الصلع أبيض شديد حمرة العينين فى عارضيه خفة سبلته كثيرة الشعر فى أطرافها صهبة وزاد فى دول الاسلام اذا حزبه أمر فتلها وكان أحول* وعن سماك ابن حرب قال كان عمر أروح كأنه راكب والناس يمشون* وفى المختصر الجامع كأنه راكب جمل والناس مشاة كأنه من رجال سدوس خرجه الحافظ السلفى قال الاروح هو الذى تتدانى قدماه اذا مشى* وقال الجوهرى هو الذى تتباعد صدور قدميه وتتدانى عقباه وكل نعامة روحاء* وقال وهب صفته فى التوراة قرن من حديد أمين شديد* القرن الجبل الصغير وكان يختضب بالحناء والكتم وخرج القاضى أبو بكر بن الضحاك عن ابن عمر أن عمر كان لا يغير شيبه فقيل له يا أمير المؤمنين ألا تغير وقد كان أبو بكر يغير فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شاب شيبة فى الاسلام كانت له نورا يوم القيامة وما أنا بمغير والاوّل أصح* روى انه رضى الله عنه كان يأخذ أذنه اليسرى بيده اليمنى ويثب على فرسه كأنما خلق على صخرة* وقال ابن مسعود انى لا حسب عمر ذهب يوم توفى بتسعة اعشار العلم ولو أنّ علمه وضع فى كفة ميزان ووضع علم أحياء الارض فى كفة لرجح علمه عليهم* وقال قتادة كان عمر يلبس جبة صوف مرقعة بأدم ويطوف فى السوق معه الدرة يؤدّب الناس بها* وقال أنس رأيت بين كتفى عمر أربع رقاع فى قميصه* وقال طارق بن شهاب لما قدم عمر الشأم لقيه الجنود وعليه ازار فى وسطه وعمامة قد خلع خفيه وهو يخوض فى الماء آخذ بزمام راحلته وخفاه تحت ابطه فقالوا له يا أمير المؤمنين الان يلقاك الامراء وبطارقة الشأم وأنت هكذا فقال انا قوم أعزنا الله بالاسلام فلن نلتمس العز بغيره* وعن معاوية قال أمّا أبو بكر فلن يرد الدنيا ولن ترده الدنيا وأمّا عمر فأرادته الدنيا ولم يردها وأما عثمان فأصاب منها وأما نحن فتمر غنا فيها ظهر البطن قيل كان فى خدّى عمر خطان أسودان من البكاء وقد فتح الفتوحات وكثر المال فى دولته الى الغاية حتى عمل بيت المال ووضع الديوان ورتب لرعيته ما يكفيهم وفرض للاجناد وكان نوّابه باليمن وبأوائل المغرب الى العجم*

(ذكر خلافة عمر رضى الله عنه)
فى شرح العقائد العضديه للعلامة الدوانى انّ أبا بكر بعد ما انقضت على خلافته سنتان وأربعة أشهر مرض فلما أيس من حياته دعا عثمان وأملى عليه كتاب العهد لعمر فقال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهد أبو بكر بن أبى قحافة فى آخر عهده بالدنيا خارجا عنها وأوّل عهده بالاخرة داخلا فيها حين يؤمن الكافر ويوقن الفاجر أنى استخلفت* وفى الاكتفاء ولما انتهى أبو بكر الى

(2/240)


هذا الموضع ضعف ورهقته غشية فكتب عثمان وقد استخلف عمر بن الخطاب فأمسك حتى أفاق أبو بكر قال أكتبت شيئا قال نعم كتبت عمر بن الخطاب قال رحمك الله أما لو كتبت نفسك لكنت لها أهلا فاكتب قد استخلفت عمر بن الخطاب فان عدل فذلك ظنى به ورأيى فيه وذلك أردت وما توفيقى الا بالله وان بدّل فلكل نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت والخير أردت ولا علم لى بالغيب* وفى رواية ما أردت الا الخير ولا يعلم الغيب الا الله وسيعلم الذين ظلموا أىّ منقلب ينقلبون* وفى الاكتفاء والتوى عمر على أبى بكر فى قبول عهده وقال لا أطيق القيام بامر الناس فقال أبو بكر لابنه عبد الرحمن ارفعنى وناولنى السيف فقال عمر أو تعقبنى قال لا فعند ذلك قبل* ذكر هذا كله أبو الحسن المدائنى فلما كتب ختم الصحيفة وأخرجها الى الناس وأمرهم أن يبايعوا لمن فى الصحيفة حتى مرّت بعلىّ فقال بايعت لمن فيها وان كان عمر فوقع الاتفاق على خلافته* وفى الاكتفاء ولما استمرّ بابى بكر وجعه وثقل أرسل الى عثمان وعلىّ ورجال من أهل السابقة والفضل من المهاجرين والانصار فقال قد حضر ما ترون ولا بدّ من قائم بأمركم يجمع فئتكم ويمنع ظالمكم من الظلم ويردّ على الضعيف حقه فان شئتم اخترتم لانفسكم وان شئتم جعلتم ذلك الىّ فو الله لا آلوكم ونفسى خيرا* وفى رواية قال لهم أترضون بخلافة خليفة أعينه لكم والله ما أعين لكم أحدا من أقربائى قالوا قد رضينا من اخترت لنا فقال قد اخترت عمر فقال طلحة والزبير ما كنت قائلا لربك اذا وليته مع غلظته* وفى رواية قال طلحة أتولى علينا فظا غليظا ما تقول لربك اذا لقيته فقال أبو بكر ساندونى فأجلسوه فقال أبا لله تخوّفنى أقول استعملت عليهم خير أهلك وحلفت ما تركت أحدا أشدّ حبا له من عمر فستعلمون اذا فارقتموه وتنافستموها ودخل عثمان وعلىّ فاخبرهما أبو بكر فقال عثمان علمى به انه يخاف الله فوله فما فينا مثله وقال على يا خليفة رسول الله امض لرأيك فما نعلم به الا خيرا فقام عمر عشر سنين* وفى سيرة مغلطاى فاقام عشر سنين وستة أشهر وأربع ليال بامر الخلافة والامامة وأقامها على نهج العدل والاستقامة واستشهد فى ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة على يد أبى لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة كما سيجىء* وقال ابن اسحاق ومدّة خلافته عشر سنين وستة أشهر وخمس ليال وقال غيره ثلاثة عشر يوما كذا فى حياة الحيوان قال حمزة بن عمرو توفى أبو بكر مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الاخرة من السنة الثالثة عشر من الهجرة واستقبل عمر لخلافته يوم الثلاثاء صبيحة موت أبى بكر* وعن جامع بن شدّاد عن أبيه قال كان أوّل كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر أن قال اللهم انى شديد فلينى وانى ضعيف فقوّنى وانى بخيل فسخنى وهو أوّل خليفة دعى بأمير المؤمنين وبه تم المسلمون أربعين كما مرّ كذا فى الصفوة وأوّل من وضع التاريخ بعام الهجرة وضعه فى السنة السابعة عشر وهو أوّل من جمع الناس على امام واحد فى قيام رمضان وأوّل من أخر المقام الى موضعه اليوم وكان ملصقا بالبيت وقيل بل أوّل من أخره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوّل من حمل الدرّة لتأديب الناس وتعزيرهم وفتح الفتوح ووضع الخراج ومصر الامصار واستقضى القضاة ودوّن الديوان وفرض العطية وكان نقش خاتمه الذى اصطنعه لنفسه كفى بالموت واعظا يا عمر ذكره أبو عمرو وغيره وأمّا الخاتم الذى يختم به فهو خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان نقشه محمد رسول الله وهو الذى وقع فى بئر أريس وقد مرّ وحج بالناس عشر حجات متواليات آخرها سنة ثلاث وعشرين وحج بازواج رسول الله فى آخر حجج عشر حجها فى أيام خلافته* وفى البحر العميق عن محمد بن سعيد انّ عمر وهو خليفة استعمل على الحج أوّل سنة ولى عبد الرحمن بن عوف فحج بالناس ثم لم يزل عمر يحج بالناس فى خلافته كلها فحج عشر سنين وحج بازواج رسول الله صلى
الله عليه وسلم فى آخر حجة حجها واعتمر فى خلافته ثلاث عمر وعن ابن عباس قال حججت مع عمر احدى

(2/241)


عشرة حجة*

(ذكر كتابه وقضاته وأمرائه)
* أمّا كتابه فعبد الرحمن بن خلف الخزاعى وزيد بن ثابت وعلى بيت المال زيد بن أرقم* وأمّا قضاته فزيد بن أحب النمر بالمدينة وأبو أمية شريح بن الحارث الكندى بالكوفة ويقال انّ شريحا هذا قام قاضيا خمسا وسبعين سنة الى أيام الحجاج فعطل منها ثلاث سنين وامتنع عن الحكم فى فتنة ابن الزبير فلما تولى الحجاج استعفاه فاعفاه وتوفى سنة تسع وسبعين وله مائة وعشرون سنة* وكان القاضى بمصر قيس بن العاص السهمى ثم كعب بن يسار* وأما أمراؤه فكان أميره بمصر عمرو بن العاص السهمى ثم صرفه عن الصعيد وردّ أمره الى عبد الله بن ابى سرح العامرى وكان الامير بالشأم معاوية بن أبى سفيان* وفى المختصر الجامع وكان فى أيامه فتوح الامصار منها دمشق فتحت صالحا على يد أبى عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد ثم الروم طبرية وقيسارية وفلسطين وعسقلان وسار عمر بنفسه ففتح بيت المقدس صالحا وفتحت أيضا بعلبك وحمص وحلب وقنسرين وانطاكية وجلولا والرقة وحران والموصل والجزيرة ونصيبين وآمد والرها وفتحت قادسية والمدائن على يد سعد بن أبى وقاص وزال ملك الفرس وانهزم يزدجرد ملك الفرس ولجأ الى فرغانة والترك وفتحت أيضا كور دجلة والابلة على يد عتبة بن غزوان وفتحت كور الاهواز والجابية على يد أبى موسى وفتحت نهاوند واصطخر وأصفهان وبلاد فارس وتستر وشوش وهمدان والنوبة والبربر كذا ذكره فى الرياض النضرة وأذربيجان وبعض أعمال خراسان* وفتحت مصر على يد عمرو بن العاص غرة المحرم سنة عشرين وفتح عمر أيضا الاسكندرية وطرابلس الغرب وما يليها من الساحل وفى حياة الحيوان عدّ مما فتحت فى أيام عمر رأس العين وخابور وبيسان ويرموك والرى وما يليها وسيجىء تفصيل بعضها* وفى أيام عمر مصرت البصرة سنة سبع عشرة ومصرت الكوفة ونزلها سعد بن أبى وقاص وفى سنة ثمان عشرة كان عام الرمادة واستسقى عمر بالعباس فسقى وفيها كان طاعون عمواس مات فيه خمسة وعشرون ألفا منهم أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسيجىء* وفى بعض كتب التواريخ وقع فتوح البلاد فى زمان خلافة عمر على هذا الترتيب ففى السنة الاولى فتح بعض بلاد الشام وفى الثانية فتح القادسية واستخلص بلاد السودان وفى الثالثة فتح تمام بلاد الشام وفى الرابعة فتح تمام بلاد عراق العرب وهرب يزدجرد بن شهريار منها الى خراسان وفى الخامسة فتح بلاد ديار بكر ربيعة وفى السادسة وفاة أبى عبيدة ابن الجراح فى الشأم بالطاعون وفتح بلاد اذربيجان وايران وأرمن وبعض من بلاد خوزستان وبعض من فارس وفى السابعة فتح مصر واسكندرية وبحرين وبقية بلاد اليمن وفى الثامنة وقع غزو نهاوند وفتح بعض عراق العجم وفى التاسعة فتحت تتمة بلاد عراق العجم وقومس وبعض ماريدران وتتمة فارس وسادكاره وكرمان وخراسان وهرب يزدجرد بن شهريار من خراسان الى فرغانة اندجان وفى العاشرة فى ذى الحجة وقع قتله رضى الله عنه*

ذكر قصة النيل
وفى الرياض النضرة لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص وقالوا انّ هذا النيل يحتاج فى كل سنة الى جارية بكر من أحسن الجوارى فنلقيها فيه والا فلا يجرى وتخرب البلاد وتقحط فبعث عمرو الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يخبره بالخبر فبعث اليه عمر الاسلام يجب ما قبله ثم بعث اليه بطاقة فيها بسم الله الرحمن الرحيم الى نيل مصر من عبد الله عمر بن الخطاب أمّا بعد فان كنت تجرى بنفسك فلا حاجة بنا اليك وان كنت تجرى بامر الله فاجر على اسم الله* وأمره أن يلقيها فى النيل فألقاها فجرى فى تلك السنة ستة عشر ذراعا فزاد على كل سنة ستة أذرع* وفى رواية كتب بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله أمير المؤمنين عمر الى نيل مصر أمّا بعد فان كنت تجرى من قبلك فلا تجروان كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك* وفى رواية فلما ألقى كتابه فى النيل جرى ولم يعد يقف خرج الرواية الاولى والثانية الملافى سيرته*

كرامة فى نداء عمر لسارية وهو على المنبر
وعن عمرو بن

(2/242)


الحارث قال بينما عمر يخطب يوم الجمعة اذ ترك الخطبة ونادى يا سارية الجبل مرّتين أو ثلاثا ثم أقبل على خطبته فقال ناس من أصحاب رسول الله انه لمجنون ترك الخطبة ونادى يا سارية الجبل فدخل عبد الرحمن ابن عوف وكان يبسط عليه فقال يا أمير المؤمنين تجعل للناس عليك مقالا بينما أنت فى خطبتك اذ ناديت يا سارية الجبل أىّ شئ هذا فقال والله ما ملكت ذلك حين رأيت سارية وأصحابه يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم فلم أملك أن قلت يا سارية الجبل ليلحقوا بالجبل فلم يمض الا أيام حتى جاء رسول سارية بكتابه انّ القوم لا قونا يوم الجمعة فقاتلناهم من حين صلاة الصبح الى ان حضرت الجمعة وذر حاجب الشمس فسمعنا صوت مناد ينادى يا سارية الجبل مرّتين فلحقنا بالجبل فلم نزل قاهرين لعدوّنا حتى هزمهم الله كذا فى الرياض النضرة يقال فى جبل نهاوند غار سمع منه سارية نداء عمر والى الان يعظم ذلك الغار ويتبرك به ومناقبه الحسنة وسيرته المستحسنة وزهده وشجاعته وهيبته واخلاصه مشهورة وحسبك من كرامته انه كان وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم* وقال صلى الله عليه وسلم لو كان بعدى نبى لكان عمر وقال عليه السلام اللهم أعز الاسلام بعمر فاسلم عمر قال ابن مسعود مازلنا أعزة منذ أسلم عمر فانّ اسلامه فتح وما استطعنا أن نصلى حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر* وقال النبىّ صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر وقال عليه السلام وضع الحق على لسان عمر وقلبه* وقال علىّ خير هذه الامّة بعد نبيها أبو بكر وعمر كذا ذكره الذهبى فى دول الاسلام قام بعد أبى بكر عمر بن الخطاب بمثل سيرته وجهاده وثباته وصبره على العيش الخشن والخبز الشعير والثوب الخام المرقوع* وعن زيد بن ثابت قال رأيت على عمر مرقعة فيها سبع عشرة رقعة والقناعة باليسير ففتح الفتوحات الكبار والاقاليم الشاسعة الواسعة فافتتح عسكره وعليهم سعد ابن أبى وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة مملكة كسرى وكانت جيوش كسرى مائة ألف أو يزيدون فكسرهم المسلمون غير مرّة وغنموا أموالهم وسبوا نساءهم وأولادهم وكانوا يعبدون النار وبنى المسلمون حينئذ الكوفة والبصرة وأما عسكره الاخر الذين قصدوا الشام وعليهم سيف الله خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم من الامراء فافتتحوا مدائن الشام جميعها بعد أربع مصافات أكبرها وقعة اليرموك بحوران سنة خمس عشرة وما كان المسلمون أكثر من عشرين ألفا وكان جيوش قيصر ملك النصارى أزيد من مائة ألف فارس فقتل منهم يومئذ أزيد من النصف أو أقل واستشهد من المسلمين جماعة من الصحابة ثم قدم عمر بنفسه فافتتح بيت المقدس كما مرّ وكانت بالعراق وقعة جلولا فى أيامه وقتل خلائق من المجوس وبلغت الغنيمة فيما قيل ثلاثين ألف ألف درهم ثم افتتح جيش عمر الموصل والجزيرة وأرمينية وتلك الناحية الى توريز وسار عمرو بن العاص بطائفة من الجيش فيهم حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته الزبير بن العوّام فافتتحوا الديار المصرية بعضها بالسيف وبعضها صالحا وافتتح الاسكندرية وملك المسلمون بعض بلاد الروم ومدينة نهاوند من العجم ومدينة اصطخر وبلد الرى وهمدان وجرجان ودينور وافتتح المسلمون أوّل مدائن الغرب وهى طرابلس* وهذه الفتوحات العظيمة والممالك الواسعة تمت كلها فى ثلاث عشرة سنة وكان فتح بعضها فى خلافة أبى بكر ومات فى خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فى المحرم سنة أربع عشرة أبو قحافة والد أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهما كما مرّ فى الموطن الثامن وماتت هند بنت عتبة أمّ معاوية فى اليوم الذى مات فيه أبو فحافة فى محرم السنة المذكورة كذا فى حياة الحيوان ومات فى دولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أبو عبيدة بن الجرّاح أمين هذه الامّة وأحد العشرة الشهود لهم بالجنة مات بالغور وكان زاهدا عابدا مجاهدا كبيرا لقدر ما فى بيته الاسلاحه وجلد شاة وجرّة للماء وكان فتح دمشق على يده كذا فى

(2/243)


دول الاسلام*

صفة أبى عبيدة بن الجرّاح
وفى الصفوة أبو عبيدة عامر بن الجرّاح بن هلال بن أهيب بن منبه بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر أسلم مع عثمان بن مظعون وهاجر الى الحبشة الهجرة الثانية وشهد بدرا والمشاهد كلها وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ونزع يومئذ بفيه الحلقتين اللتين دخلتا وجنتى رسول الله من حلق المغفر فوقعت ثنيتاه فكان أحسن الناس هتما (صفته) كان طوالا نحيفا أجنى معروق الوجه أثرم الثنيتين خفيف اللحية وكان له من الولد يزيد وعمير أمّهما هند بنت جابر فدرجا ولم يبق له عقب* قال عمر بن الخطاب لو أدركنى أجلى وأبو عبيدة حىّ استخلفته فان سألنى الله عز وجل لم استخلفته على أمّة محمد قلت انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انّ لكل نبى أمينا وأمينى أبو عبيدة* ومن مناقبه انه قتل أباه عبد الله بن الجرّاح يوم بدر غيرة على الدين فانزل الله فيه لا تجد قوما يؤمنون بالله الاية كذا فى الكشاف توفى فى طاعون عمواس بالاردن بالشام وقبره فيها وصلى عليه معاذ بن جبل ونزل فى قبره هو وعمرو بن العاص والضحاك بن قيس وذلك سنة ثمان عشرة فى خلافة عمر وهو ابن ثمان وخمسين سنة ذكره أبو عمرو صاحب الصفوة كذا فى الرياض النضرة* وفى الصفوة أيضا روى انه استخلف أبا عبيدة بن الجرّاح بالشام بعد عزل خالد بن الوليد فمات بها بالطاعون ومات فى خلافة عمر أبو سفيان ابن الحارث بالمدينة بعد ان استخلف عمر بسنة وسبعة أشهر ويقال بل مات سنة عشرين وقيل توفى سنة خمس عشرة وقد مرّ ذكره فى فضل النسب فى الطليعة الثانية ومات فى خلافة عمر أبو قيس سعد بن عبادة سيد الانصار بارض حوران وكان من نجباء أصحاب محمد عليه السلام وقد اجتمعت حوله الانصار بعد موت النبىّ صلى الله عليه وسلم وعزموا أن يبايعوه بالخلافة فلم يتم ذلك لما علموا انّ الخلافة لا تكون الا فى عشيرة النبىّ صلى الله عليه وسلم لقوله عليه السلام لا يزال هذا الامر فى قريش ما بقى فى الناس اثنان* وفى الصفوة وكان سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة يكنى أبا ثابت وهو أحد النقباء شهد العقبة مع السبعين والمشاهد كلها ما خلا بدرا فانه تهيأ للخروج فلدغ فأقام وكان جوادا وكانت جفنته تدور مع رسول الله فى بيوت أزواجه* وعن يحيى بن أبى كثير قال كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم من سعد بن عبادة جفنة من ثريد فى كل يوم تدور معه أينما دار من نسائه وكان له من الولد سعيد ومحمد وعبد الرحمن وقيس وعبد العزيز وأمامة ومندوس وكان سعد يكتب فى الجاهلية بالعربية ويحسن العوم والرمى والعرب تسمى من اجتمعت فيه هذه الاشياء الكامل* وقال محمد بن سعد ابن عبادة توفى سعد بن عبادة بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف من خلافة عمر كأنه مات سنة خمس عشرة* قال عبد العزيز سعد بن عبادة ما علم بموته فى المدينة حتى سمع غلمان قد اقتحموا فى بئر نصف النهار فى حرّ شديد قائلا يقول من البئر
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة ... فرميناه بسهمين فلم تخط فؤاده
فذعر الغلمان فحفظ ذلك اليوم فوجدوه اليوم الذى توفى فيه سعد وانما جلس يبول فى نفق فافتلت فمات من ساعته فوجدوه قد اخضر جلده* ومات فى خلافة عمر عتبة بن غزوان المازنى وكان ممن شهد بدر اوله سبع وخمسون سنة وهو الذى بنى البصرة وكان من الرماة المذكورين ومعاذ بن جبل الانصارى بالغور شابا وكان من خيار الصحابة قال له النبىّ صلى الله عليه وسلم يا معاذ انى أحبك* وقال ابن مسعود كنا نشبه معاذا بابراهيم الخليل كان أمّة قانتا لله حنيفا وعن النبىّ صلى الله عليه وسلم انه قال اعلم أمّتى بالحلال والحرام معاذ بن جبل قال استخلف الناس معاذ بن جبل بعد أبى عبيدة فمات بالطاعون واستخلف على الناس عمرو بن العاص قال طعن معاذ فى ابهامه فجعل يمسها بفيه ويقول اللهم انها صغيرة فبارك فيها فانك تبارك فى الصغير حتى هلك* وعن الحارث بن عمير قال طعن

(2/244)


معاذ وأبو عبيدة وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك الاشعرى فى يوم واحد اتفق أهل التاريخ على انّ معاذا مات فى طاعون عمواس بناحية الاردن من الشام سنة ثمانى عشرة واختلفوا فى عمره على قولين* أحدهما اثنان وثلاثون والثانى ثلاث وثلاثون* وعن سعيد بن المسيب قال رفع عيسى ابن مريم وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ومعاذ وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة أو أربع وثلاثين ومات شرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبى سفيان وكانا من كبار أمراء الصحابة الذين فتحوا الشام وكان يزيد بن أبى سفيان هذا نائب عمر رضى الله عنه على دمشق فلما مات ولى النيابة بعده أخوه معاوية* ومات أبى بن كعب الانصارى سيد القراء بالمدينة وهو الذى قال له النبىّ صلى الله عليه وسلم انّ الله أمرنى أن أقرئك القرآن ولما توفى صلى عليه عمرو قال اليوم مات سيد المسلمين* ومات بداريا بلال بن رباح مؤذن رسول الله وهو ممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وكان من السابقين الاوّلين البدريين*

ترجمة بلال رضى الله عنه
وفى الصفوة عن قاسم بن عبد الرحمن أوّل من أذن بلال بن رباح مولى أبى بكر واسم أمّه حمامة أسلم قديما فعذبه قومه وجعلوا يقولون له ربك اللات والعزى وهو يقول أحد أحد فأتى عليه أبو بكر فاشتراه بسبع اواق وقيل بخمس وقيل بغلام أسود فأعتقه فشهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أوّل من أذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يؤذن له حضرا وسفرا وكان خازنه على بيت ماله*

(صفته)
* كان آدم شديد الادمة نحيفا طوالا اجنى له شعر كثير خفيف العارضين به شمط كثير لا يغيره* قال محمد بن اسحاق كان أمية بن خلف يخرج بلالا اذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره فى بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتوضع على صدره ثم يقول له لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد وتعبد اللات والعزى فيقول بلال وهو على ذلك أحد أحد ومرّ أبو بكر يوما على أمية بن خلف وهو يعذب بلالا فقال لامية ألا تتقى الله عز وجل فى هذا المسكين حتى متى فقال أنت أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أفعل عندى غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به قال أمية قد قبلت قال هو لك فأعطاه أبو بكر غلامه ذلك وأخذ بلالا* وفى معالم التنزيل اسم الغلام الذى اشترى به أبو بكر بلالا من أمية بن خلف نسطاس فاعتق أبو بكر بلالا ثم أعتق معه على الاسلام قبل أن يهاجر من مكة ست رقاب بلال سابعهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا وأمّ عميس وزنيرة فاصيب بصرها حين أعتقها قالت قريش ما أذهب بصرها الا اللات والعزى فقالت كذبوا وبيت الله ما تضرّانى اللات والعزى ولا تنفعانى فردّ الله اليها بصرها وأعتق الهندية وابنتها وكانتا لامراة من بنى عبد الدار فمرّ بهما أبو بكر وقد بعثتهما سيدتهما يطحنان لها وهى تقول والله لا أعتقكما أبدا فقال أبو بكر جلايا أمّ فلان فقالت جلا أنت أفسدتهما فاعتقهما قال أبو بكر فبكم قالت بكذا وكذا قال قد أخذتهما وهما حرتان ومرّ بجارية من بنى المؤمل وهى تعذب فابتاعها وأعتقها* وقال سعيد بن المسيب بلغنى انّ أمية بن خلف قال لابى بكر فى بلال حين قال أتبيعه قال نعم بنسطاس عبد أبى بكر وعشرة آلاف درهم وغلمان وجوار ومواش وكان نسطاس مشركا حمله أبو بكر على الاسلام على أن يكون ماله له فأبى فأبغضه أبو بكر فلما قال له أمية أبيعه بغلامك نسطاس اغتنمه أبو بكر وباعه منه فقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر ببلال الا ليد كانت لبلال عنده فانزل الله تعالى وما لأحد عنده من نعمة تجزى* وعن جابر قال قال عمر كان أبو بكر سيدنا واعتق سيدنا يعنى بلالا* قال ابراهيم التيمىّ لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن بلال ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبر فكان اذا قال أشهد أنّ محمدا رسول الله انتحب الناس فى المسجد فلما دفن قال له أبو بكر أذن قال ان كنت انما أعتقتنى لان أكون معك فسبيلى ذلك وان كنت انما أعتقتنى لله فخلنى ومن أعتقتنى له قال

(2/245)


ما أعتقك الا لله قال فانى لا أؤذن لاحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذلك اليك قال فأقام حتى خرجت بعوث الشام فخرج معهم حتى انتهى اليها* وعن سعيد بن المسيب قال لما كانت خلافة أبى بكر تجهز بلال ليخرج الى الشأم فقال له أبو بكر ما كنت أراك يا بلال تدعنا على هذه الحال فلو أقمت معنا فأعنتنا قال ان كنت انما أعتقتنى لله عز وجل فدعنى أذهب اليه وان كنت انما أعتقتنى لنفسك فاحبسنى عندك فأذن له فخرج الى الشأم فمات بها* وقد اختلف أهل السير اين مات قال بعضهم بدمشق وقال بعضهم بحلب سنة عشرين وقيل سنة ثمان عشرة وهو ابن بضع وستين سنة* وفى المنتقى قال أبو بكر لبلال أعتقتك وكنت مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبيدك أرزاق رسله ووفوده فكن مؤذنا لى كما كنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكن خازنا لى كما كنت خازنا له فقال له يا أبا بكر صدقت كنت مملوكك فأعتقتنى فان كنت أعتقتنى لتأخذ منفعتى فى الدنيا فخلنى أخدمك وان كنت أعتقتنى لتأخذ الثواب من الرّب فخلنى والرّب فبكى أبو بكر وقال اعتقتك لاخذ الثواب من المولى فلا أعجلها فى الدنيا فخرج بلال الى الشأم فمكث زمانا فرأى النبىّ صلى الله عليه وسلم فى المنام فقال له يا بلال جفوتنا وخرجت من جوارنا فاقصد الى زيارتنا فانتبه بلال وقصد المدينة وذلك بقريب من موت فاطمة فلما انتهى الى المدينة تلقاه الناس فأخبر بموت فاطمة فصاح وقال بضعة النبىّ ما أسرع ما لقيت بالنبىّ صلى الله عليه وسلم وقالوا له اصعد فأذن فقال لا أفعل بعد ما أذنت لمحمد صلى الله عليه وسلم فألحوا عليه فصعد فاجتمع أهل المدينة رجالهم ونساؤهم وصغارهم وكبارهم وقالوا هذا بلال مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يؤذن لنسمع الى أذانه فلما قال الله أكبر الله أكبر صاحوا وبكوا جميعا فلما قال أشهد أن لا اله الا الله ضجوا جميعا فلما قال أشهد أنّ محمدا رسول الله لم يبق فى المدينة ذو روح الابكى وصاح وخرجت العذارى والابكار من خدورهنّ يبكين وصار كيوم موت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فرغ من أذانه فقال أبشركم انه لا تمس النار عينا بكت على النبىّ محمد صلى الله عليه وسلم ثم انصرف الى الشأم وكان يرجع فى كل سنة مرّة فينادى بالاذان الى أن مات* مروياته فى كتب الاحاديث أربعة وأربعون حديثا*

ترجمة ابن أم مكتوم
ومات بالمدينة ابن أمّ مكتوم فى الصفوة عمرو بن امّ مكتوم هو عمرو بن قيس* وفى معالم التنزيل هو عمرو بن شريح بن مالك وقيل اسمه عبد الله وأمّه عاتكة تكنى أمّ مكتوم وهى أمّ أبيه وعبد الله هذا ابن خال خديجة بنت خويلد وقد استخلفه على الامامة فى المدينة فى ثلاث عشرة غزوة من غزواته واستخلفه عليها حين خرج الىّ تبوك وعلىّ رضى الله عنه بالمدينة لانه استخلف عليا فى أهله كيلا ينالهم عدوّ بمكروه فلم يستخلفه فى الصلاة لئلا يشغله شاغل عن حفظهم كذا قاله الزين العراقى أسلم بمكة وصار ضرير البصر وهاجر الى المدينة وكان يؤذن للنبىّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة مع بلال وكان رسول الله يستخلفه بالمدينة يصلى بالناس فى عامة غزواته* وعن البراء بن عازب قال أوّل من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير ثم قدم علينا ابن أمّ مكتوم الاعمى وفيه نزلت عبس وتولى أن جاءه الاعمى وغير أولى الضرر بعد لا يستوى القاعدون وكان بعد ذلك يغزو ويقول ادفعوا الىّ اللواء فانى أعمى لا أستطيع أن أفرّ وأقيمونى بين الصفين* وقال أنس بن مالك كان مع ابن أمّ مكتوم يوم القادسية راية ولواء* وقال الواقدى مات ابن أمّ مكتوم بالمدينة ولم يسمع له ذكر بعد عمر* وفى شعبان سنة عشرين توفى أسيد بن حضير الانصارى أحد النقباء كذا فى الصفوة وماتت ابنة عمة النبىّ صلى الله عليه وسلم أمّ المؤمنين زينب بنت جحش وكانت تفتخر على أمّهات المؤمنين وتقول زوّجكنّ أهاليكنّ وزوّجنى الله تعالى من فوق سبع سموات وكانت دينة عابدة ورعة كثيرة الصدقة والمعروف وهى التى قال الله تعالى فيها

(2/246)


فلما قضى زيد منها وطرا زوّجناكها* ومات فى دولة عمر رضى الله عنه بحمص الامير البطل الكرّار سيف الله أبو سليمان خالد بن الوليد المخزومى وله ستون سنة ومات على فراشه بعد ما باشر من الحروب العظيمة ولم يبق فى جسده نحو شبر الا وعليه طابع الشهداء وكان يضرب بشجاعته المثل سماه النبىّ صلى الله عليه وسلم سيف الله كذا فى دول الاسلام*

ترجمة خالد بن الوليد رضى الله عنه
وفى الصفوة ولما عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد واستعمل أبا عبيدة بن الجرّاح على الشأم لم يزل خالد مرابطا بحمص حتى مرض فدخل عليه أبو الدرداء عائدا فقال انّ خيلى وسلاحى على ما جعلته عليه فى سبيل الله تعالى ودارى بالمدينة صدقة قد كنت أشهدت عليها عمر بن الخطاب ونعم العون هو على الاسلام وجعلت وصيتى وانفاذ عهدى الى عمر فقدم بالوصية على عمر فقبلها وترحم عليه ومات خالد فقيرا فى بعض قرى حمص على ميل من حمص سنة احدى وعشرين وحكى من غسله انه ما كان فى جسده موضع صحيح من بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم* وعن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه انّ خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة بكى وقال لقد لقيت كذا وكذا زحفا وما فى جسدى شبر الا وفيه ضربة بسيف أورمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا أموت على فراشى حتف أنفى كما يموت العنز فلا نامت أعين الجبناء* وعن شقيق بن سلمة قال لما مات خالد بن الوليد اجتمع نساء بنى المغيرة فى دار خالد يبكين عليه فقيل لعمر انهض فقال عمر ما عليهنّ أن يرقن دموعهنّ على أبى سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة قال وكيع النقع الشق واللقلقة الصوت ومات فى خلافة عمر العلاء بن الحضرمى رضى الله عنه ولى امرة البحرين للنبىّ صلى الله عليه وسلم ثم للصديق وكان من سادة الصحابة وقد مرّ من أخباره فى خلافة أبى بكر وفى سنة احدى وعشرين فتحت نهاوند فاستشهد أمير الجيش النعمان بن مقرن المزنى وكان من كبار الصحابة كان معه يوم فتح مكة لواء مزينة* واستشهد يومئذ بنهاوند طليحة بن خويلد الاسدى أحد الابطال المذكورين وكان قد أسلم سنة تسع ثم بعد النبى صلى الله عليه وسلم ارتدّ وادّعى النبوّة بأرض نجد وحارب المسلمين مرّات ثم انهزم ولحق بنواحى دمشق ثم أسلم وحج وحسن اسلامه وكان يعدّ بألف فارس لشدّته وبأسه وقد مرّ فى أهل الردّة فى خلافة أبى بكر* ومات قتادة بن النعمان الانصارى من كبار أهل بدر وهو الذى وقعت عينه على خدّه يوم وقعة أحد فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فغمز حدقته فردّها الى موضعها فكانت أحسن عينيه وكان من الرماة المذكورين بالمدينة ونزل أمير المؤمنين عمر فى قبره وكان قتادة شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان معه يوم الفتج راية بنى ظفر وتوفى سنة ثلاث وعشرين فى خلافة عمر وهو ابن خمس وستين سنة وصلى عليه عمر*

(ذكر الخبر عن آخر أمر عمر رضى الله عنه ووفاته)
* فى الاكتفاء كان عمر رضى الله عنه ملازما للحج فى سنى خلافته كلها وكان من سيرته ان يأخذ عماله بموافاته كل سنة فى موسم الحج ليحجرهم بذلك عن الرعية ويحجر عليهم الظلم ويتعرّف أحوالهم فى قرب وليكون للرّعية وقت معلوم ينهون اليه شكاويهم فيه فلما كانت السنة التى قتل فى منسلخها خرج الى الحج على عادته وآذن لازواج النبىّ صلى الله عليه وسلم فخرجن معه فلما وقف يرمى الجمرة أتاه حجر فوقع على صلعته فأدماه وثمة رجل من بنى لهب قبيلة من الازد تعرف فيها القيافة والزجر فقال اللهبى عند ما أدمى عمر أشعر أمير المؤمنين لا يحج بعدها* ويروى عن عائشة انها حجت مع عمر تلك الحجة وانه لما ارتحل من المحصب أقبل رجل متلثم قالت فقال وانا أسمع أين كان منزل أمير المؤمنين فقال قائل هذا كان منزله فأناخ فى منزل عمر ثم رفع عقيرته يتغنى ويقول
عليك سلام من أمير وباركت ... يد الله فى ذاك الاديم الممزق
فمن يجر أو يركب جناحى نعامة ... ليدرك ما قدّمت بالامس يسبق

(2/247)


قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق فى أكمامها لم تفتق
قالت عائشة فقلت لبعض أهلى اعلموا الى من هذا الرجل فذهبوا فلم يجدوا فى مناخه أحدا قالت عائشة فو الله انى لا حسبه من الجنّ فلما قتل عمر نحل الناس هذه الابيات للشماخ بن ضرار ولاخيه مزرّد* قال سعيد بن المسيب لما صدر عمر بن الخطاب من منى أناخ بالابطح ثم كوّم كومة بطحاء ثم طرح عليها رداءه فاستلقى ثم مدّيده الى السماء فقال اللهمّ كبر سنى وضعفت قوّتى وانتشرت رعيتى فاقبضنى اليك غير مضيع ولا مفرّط ثم قدم المدينة فخطب الناس فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل* وروى أن عمر لما انصرف من حجته هذه التى لم يحج بعدها أتى ضجنان ووقف فقال الحمد لله ولا اله الا الله يعطى الله من يشاء ما يشاء لقد كنت بهذا الوادى أرعى ابلا للخطاب وكان فظا غليظا يتعبنى اذا عملت ويضربنى اذا قصرت وقد أصبحت وأمسيت وليس بينى وبين الله أحد أخشاه ثم تمثل بهذه الابيات
لا شئ مما ترى تبقى بشاشته ... يبقى الا له ويردى المال والولد
لم تغن عن هرمز يوما خزائنه ... والخلد قد حاولت عاد فما خلدوا
ولا سليمان اذ تجرى الرياح له ... والانس والجنّ فيما بينها ترد
أين الملوك التى كانت لعزتها ... من كل أوب اليها وافد يفد
حوض هنا لك مور ودبلا كذب ... لا بدّ من ورده يوما كما وردوا

(ذكر مقتله رضى الله عنه)
روى أنّ عمر كان لا يأذن لمشرك قد احتلم أن يدخل المدينة حتى كتب اليه المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يستأذنه فى غلام صنع اسمه فيروز أبو لؤلؤة فقال ان لديه أعمالا كثيرة حداد ونقاش ونجار ومنافع للناس فأذن له فأرسل به المغيرة وضرب عليه المغيرة مائة درهم فى كل شهر فجاء الغلام الى عمر واشتكى فقال له عمر ما تحسن من الاعمال فذكرها فقال له عمر ما خراجك بكثير* وعن عمرو بن ميمون قال كان أبو لؤلؤة أزرق نصرانيا خرجه أبو عمرو وقيل كان مجوسيا ذكره القلعى وغيره* وعن أبى رافع قال كان أبو لؤلؤة عبد اللمغيرة بن شعبة وكان يصنع الارحاء وكان المغيرة كل يوم يستغله أربعة دراهم فلقى أبو لؤلؤة عمر فقال يا أمير المؤمنين انّ المغيرة أثقل علىّ غلتى فكلمه لى يخفف عنى فقال له عمر اتق الله وأحسن الى مولاك فغضب العبد وقال وسع الناس كلهم عدله غيرى فأضمر على قتله فاصطنع خنجرا له رأسان وسمه ثم أتى به الهرمز ان فقال كيف ترى هذا فقال انك لا تضرب بهذا أحدا الا قتلته كذا فى الرياض النضرة* وروى انّ عمر بعد أن قدم المدينة من حجته خرج يوما يطوف بالسوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وكان نصرانيا فقال يا أمير المؤمنين أعدنى على المغيرة فانّ علىّ خراجا كثيرا قال وكم خراجك قال درهمان فى كل يوم قال وأيش صناعتك قال نجار نقاش حدّاد قال فما أرى خراجك كثيرا على ما تصنع من الاعمال قال بلغنى انك تقول لو أردت أعمل رحى تطحن بالريح لفعلت قال نعم قال فاعمل لى رحى قال لئن سلمت لا عملنّ لك رحى يتحدّث بها بالمشرق والمغرب ثم انصرف عنه فقال عمر لقد توعدنى العلج آنفا* وفى رواية قيل له ما يمنعك ان تأمر بدفعه قال لا قصاص قبل القتل ثم انصرف عمر الى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الاحبار فقال يا أمير المؤمنين اعهد فانك ميت فى ثلاثة أيام قال وما يدريك قال أجده فى كتاب الله التوراة فقال عمر آلله انك لتجد عمر ابن الخطاب فى التوراة قال اللهمّ لا ولكن أجد صفتك وحليتك بانه قد فنى أجلك وعمر لا يحس وجعا ولا ألما قبل فقال عمر رضينا بقضاء الله وقدره فلما أصيب تذكر قول كعب فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا فلما كان من الغد جاءه كعب فقال يا أمير المؤمنين ذهب يوم وبقى يومان ثم جاءه من بعد الغد فقال ذهب يومان وبقى يوم وليلة وهى لك الى صبحها* فلما كان الصبح خرج عمر الى الصلاة وكان

(2/248)


يوكل بالصفوف رجالا فاذا استوت أخبروه فكبر وكان دخل أبو لؤلؤة فى الناس وبيده خنجر فى كمه له رأسان نصابه فى وسطه فضرب عمر ست ضربات احداهنّ تحت سرته هى التى قتلته فلما وجد عمر حد السلاح سقط وقال دونكم الكلب فانه قتلنى وماج الناس وأسرعوا اليه فخرج منهم ثلاثة عشر رجلا حتى جاء رجل منهم فاحتضنه من خلفه وقيل ألقى عليه برنسا* وفى دول الاسلام وثب عليه أبو لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة وقد دخل عمر فى صلاة الصبح فطعنه بخنجر فى بطنه وجال الملعون وكان نصرانيا وقتل أيضا سبعة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجرح جماعة فأخذ عبد الرحمن ابن عوف بساطا ورماه عليه وقبضه ولما رأى الكلب انه قد أخذ قتل نفسه وحمل عمر الى منزله فمات بعد يوم وليلة* وفى المختصر الجامع جرحه أبو لؤلؤة فيروز المجوسى مولى المغيرة بن شعبة ثلاث جراحات وكان ذلك فى يوم الاربعاء لسبع بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين* وفى سيرة مغلطاى لاربع بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين* وقال ابن قانع غرّة المحرّم لتمام ثلاث وعشرين سنة وهو ابن ثلاث وستين وتوفى بعد ذلك بثلاثة أيام قاله الواقدى* قيل انّ أبا لؤلؤة جرح معه يوم جرحه أحد عشر رجلا من الصحابة مات منهم خمسة وانّ رجلين من بنى أسد لحقاه فألقى أحدهما عليه برنسا ثم ضمه فأدنى السكين الى حلقه فقتل نفسه ذكره الذولابى* وفى الصفوة عن عمرو بن ميمون قال انى لقائم ما بينى وبين عمر الا عبد الله بن عباس غداة أصيب وكان عمر اذا مرّ بين الصفين قال استووا حتى اذا لم يرفيهن خللا تقدّم وكبر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك فى الركعة الاولى حتى يجتمع الناس فما هو الاكبر فسمعته يقول قتلنى أو أكلنى الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذى طرفين لا يمرّ على أحد يمينا ولا شمالا الا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلا مات منهم سبعة وفى رواية تسعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسا فلما ظنّ العلج انه مأخوذ نحر نفسه وقال عمر عند ما سقط أفى الناس عبد الرحمن بن عوف قالوا نعم يا أمير المؤمنين هو ذا فتناوله بيده وقال تقدّم صلّ بالناس فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة وحمل عمر الى منزله* فلما نصرفوا قال عمر يا عبد الله بن عباس* وفى الاكتفاء عبد الله ابن عمر انظر من قتلنى فجال عبد الله ساعة ثم جاء فقال غلام المغيرة قال الصنع قال نعم قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا الحمد لله الذى لم يجعل منيتى بيد رجل يدّعى الاسلام وفى الاكتفاء بيد رجل سجد لله سجدة واحدة يحاجنى بلا اله الا الله وقال يا عبد الله ائذن للناس فجعل يدخل عليه المهاجرون والانصار فيسلمون عليه ويقول لهم أعن ملأ منكم كان هذا فيقولون معاذ الله ودخل فى الناس كعب فلما نظر اليه عمر أنشأ يقول
وواعدنى كعب ثلاثا أعدّها ... ولا شك انّ القول ما قاله كعب
وما بى حذار الموت انى لميت ... ولكن حذار الذنب يتبعه ذنب
فقيل له لو دعوت الطبيب فدعى له طبيب من بنى الحارث بن كعب فسقاه نبيذا فخرج من جوفه مشكلا فقال اسقوه لبنا فخرج من جوفه أبيض فعرفوا انه ميت فقال له الطبيب لا أرى أن تمسى فما كنت فاعلا فافعل* وفى رواية قيل له يا أمير المؤمنين اعهد قال قد فرغت* وفى دول الاسلام قالوا لعمرا عهد بالامر يا أمير المؤمنين فلم يعين أحدا بل جعل الامر شورى فى ستة وهم عثمان وعلى وابن عوف وسعد وطلحة والزبير ورجحوا عثمان فبايعوه بالخلافة وكان أسنّ الجماعة وأفضلهم وستجىء خلافة عثمان فقال لابنه يا عبد الله بن عمر انظر ما علىّ من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه فقال ان وفى له مال آل عمر فأدّه من أموالهم والافسل بنى عدى بن كعب وان لم تف أموالهم فسل فى قريش ولا تعدهم الى غيرهم فأدّعنى هذا المال انطلق الى عائشة أم المؤمنين فقل يقرأ عليك

(2/249)


عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فانى لست اليوم أميرا وقل يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه فمضى وسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكى فقال يقرأ عليك عمر السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه فقالت كنت أريد لنفسى ولأوثرنه اليوم على نفسى فلما أقبل قيل هذا عبد الله قد جاء وهو متطلع اليه قال ارفعونى فأسنده رجل اليه فقال ما لديك قال الذى تحب يا أمير المؤمنين أذنت قال الحمد لله ما كان شئ من الأمرأهم الىّ من ذلك فاذا انا قضيت فاحملونى وقل يستأذن عمر بن الخطاب فان أذنت لى فأدخلونى وان ردّتنى فردّونى* وعبارة الاكتفاء قال ما كان أمرأهم الىّ من هذا فاذا أنامت فاغسلنى ثم احملنى وأعد عليها الاستئذان فان أذنت والا فاصرفنى الى مقابر المسلمين* فلما توفى رضى الله عنه خرجوا به فصلى عليه صهيب بن سنان الرومى ودفن فى بيت عائشة رضى الله عنها* ويروى انه لما احتضر رضى الله عنه قال ورأسه فى حجر ابنه عبد الله
ظلوم لنفسى غير أنى مسلم ... أصلى صلاتى كلها وأصوم
وقال سعد بن أبى وقاص طعن عمر يوم الاربعاء لاربع ليال بقين من ذى الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة كذا فى التذنيب ودفن يوم الاحد صبيحة هلال المحرم وقيل لثلاث بقين منه وقيل ان وفاته كانت غرّة المحرم من سنة أربع وعشرين كما مرّ* ونزل فى قبره عثمان وعلى وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد بن أبى وقاص وقيل صهيب وابنه عبد الله بن عمر عوضا عن الزبير وسعد* واختلف فى مبلغ سنه يوم توفى وأشهر ما فى ذلك ما قال معاوية كان عمر ابن ثلاث وستين* وعن الشعبى انّ أبا بكر قبض وهو ابن ثلاث وستين وانّ عمر قبض وهو ابن ثلاث وستين* وفى دول الاسلام عاش عمر ثلاثا وستين سنة كصاحبيه ودفن معهما فى الحجرة النبوية* وعن سالم بن عبد الله أنّ عمر قبض وهو ابن خمس وستين سنة* وقال ابن عباس كان عمر ابن ست وستين سنة* وقال قتادة احدى وستين وصلى عليه صهيب كذا فى الصفوة* وفى المختصر الجامع خمس وخمسين سنة* مروياته فى كتب الاحاديث خمسمائة وسبعون حديثا*

(ذكر أولاده)
وكان له ثلاثة عشر ولدا تسعة بنين وأربع بنات على ما ذكر والله أعلم* ذكر البنين* عبد الله ويكنى أبا عبد الرحمن أسلم بمكة فى صغره مع اسلام أبيه وهاجر مع أبيه وأمّه وهو ابن عشر سنين ذكره الخجندى وشهد المشاهد كلها بعد بدر وأحد وكان يوم أحد ابن أربع عشرة سنة* قال الدار قطنى استصغر يوم أحد وشهد الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة وشهد المشاهد بعد الخندق مع النبىّ صلى الله عليه وسلم وقيل شهد بدرا فاستصغره النبىّ صلى الله عليه وسلم فلم يجزه وأجازه فى السنة الآخرى يوم أحد ذكره الطائى وقال والاوّل أصح وكان عالما مجتهدا عابدا لزوما للسنة فرورا من البدعة ناصحا للأمّة ويقال انه ما خرج من الدنيا حتى صار مثل أبيه* وقال سفيان الثورى كان عادة ابن عمر أنه اذا أعجبه شئ من ماله تصدّق به وكان رقيقه عرفوا ذلك منه فربما شمر أحدهم ولزم المسجد والاقبال على الطاعة فاذا رآه ابن عمر على تلك الحالة أعتقه فقيل له انهم يخدعونك فقال من خدعنا بالله انخد عنا له* وقال نافع ما مات ابن عمر حتى عتق ألف انسان أو زاد عليه ذكر ذلك كله الطائى وبقى الى زمان عبد الملك بن مروان وتوفى بمكة* قال أبو اليقظان زعموا انّ الحجاج دس له رجلا قد سم زج رمحه فزحمه فى الطريق وطعنه فى ظهر قدمه فدخل عليه الحجاج فقال يا أبا عبد الرحمن من أصابك فقال أنت أصبتنى قال ولم تقول هذا رحمك الله قال حملت السلاح فى بلد لم يكن يحمل فيها السلاح فمات فصلى عليه عند الردم ودفن فى حائط أم خرّمان* قلت هذا الحائط لا يعرف اليوم بمكة ولا حواليها وانما بالابطح موضع يقال له الخرمانية فلعله هو نسب الى أمّ خرمان* وقال غير أبى اليقظان مات بمكة ودفن بفخ بالفاء والخاء

(2/250)


المعجمة المشدّدة وهو موضع قريب من مكة وهو ابن أربع وثمانين سنة وله عقب* وقال الدار قطنى توفى سنة ثلاث وسبعين من الهجرة كذا فى الرياض النضرة* وفى سح السحابة قال سعيد بن حبير كنت مع ابن عمر اذ أصابه سنان الرمح فى أخمص قدمه فلزقت بالركاب فنزلت فنزعتها وذلك بمنى فبلغ الحجاج فجاء يعوده فقال الحجاج لو نعلم من أصابك فقال ابن عمر أنت أصبتنى قال وكيف قال حملت السلاح فى يوم لم يكن يحمل فيه وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم* وفى أسد الغابة انما فعل الحجاج ذلك لانه خطب يوما وأخر الصلاة فقال ابن عمران الشمس لا تنتظرك فقال الحجاج لقد هممت أن أضرب الذى فيه عيناك قال ان تفعل فانك سفيه مسلط وقيل انّ عبد الملك بن مروان كان أمر الحجاج أن يقتدى بابن عمر فكان ابن عمر يتقدّم الحجاج فى المواقف بعرفة وغيرها فكان ذلك يشق عليه* توفى وهو ابن ست وثمانين سنة وقيل أربع وثمانين فى المختصر وهو آخر من مات من الصحابة بمكة فصلى عليه الحجاج بالمحصب وقيل بذى طوى وقيل بفخ* وعن نافع دفن فى مقبرة المهاجرين بفخ نحو ذى طوى* وفى حياة الحيوان فخ واد بمكة وقيل اسم ماء* وفى نهاية ابن الاثير فخ موضع بمكة وقيل واد دفن فيه عبد الله بن عمر* وفى أسد الغابة قيل دفن بسرف* مروياته فى الكتب ألف وستمائة وثلاثون حديثا* وفى الرياض النضرة روى عبد الله عن النبىّ صلى الله عليه وسلم وعن أبى بكر وعمر وعثمان وعلى والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبى وقاص وسعيد بن زيد وزيد بن الخطاب وزيد بن ثابت وأبى أمامة الانصارى وأبى أيوب الانصارى وأبى ذرّ الغفارى وأبى سعيد الخدرى وزيد بن حارثة واسامة بن زيد وعامر بن ربيعة وبلال وصهيب وعثمان بن طلحة ورافع بن خديج وعبد الله بن مسعود وكعب بن عمرو وتميم الدارى وعبد الله ابن عباس* وروى أيضا عن عائشة وحفصة وامرأته صفية بنت أبى عبيدة* وروى عنه من الصحابة عبد الله بن عباس ذكر ذلك الدار قطنى* وعبد الرحمن الاكبر شقيقه أمّهما زينب بنت مظعون الجمحى أدرك النبىّ صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه* وزيد الاكبر أمّه أمّ كلثوم بنت على بن أبى طالب من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال انه رمى بحجر بين حيين فى حرب فمات ولا عقب له ويقال انه مات هو وامّه أمّ كلثوم فى ساعة واحدة فلم يرث أحدهما من الاخر وصلى عليهما عبد الله بن عمر فقدّم زيدا على أمّ كلثوم فجرت السنة بذلك فكان فيهما حكمان* وعاصم أمّه أمّ كلثوم جميلة بنت عاصم بن ثابت حمى الدبر وهى التى كان اسمها عاصية فسماها النبىّ صلى الله عليه وسلم جميلة وكان عاصم فاضلا خيرا توفى سنة سبعين وله عقب أخوه لامّه عبد الرحمن بن زيد بن حارثة الانصارى يروى عن ثوبان وعمر بن عبد العزيز ابن ابنة أمّ عاصم بنت عاصم* وعياض أمّه عاتكة بنت زيد* وزيد الاصغر وعبيد الله أمّهما مليكة بنت جرول الخزاعية* قال الدار قطنى أمّ كلثوم بنت جرول فلعلّ ذلك كنيتها وكان عبيد الله شديد البطش لما قتل عمر جرّد سيفه وقتل الهرمز ان وقتل جفينة وهو رجل نصرانى من أهل الحيرة وقتل بنتا صغيرة لابى لؤلؤة قاتل عمر فأخذ عبيد الله ليقتص فاعتذر بأنّ عبد الرحمن بن أبى بكر أخبره انه رأى أبا لؤلؤة والهرمز ان وجفينة يدخلون فى مكان يتشاورون وبينهم خنجر له رأسان مقبضه فى وسطه فقتل عمر صبيحة تلك الليلة فاستدعى عثمان عبد الرحمن فسأله فى ذلك فقال انظروا الى السكين فان كانت ذات طرفين فلا أرى القوم الا وقد اجتمعوا على قتله فنظروا اليها فوجدوها كما وصف عبد الرحمن* وقال عمرو بن العاص قتل أمير المؤمنين عمر بالامس ويقتل ابنه اليوم لا والله لا يكون هذا أبدا فترك عثمان قتل عبيد الله ثم لحق عبيد الله بمعاوية وقتل فى وقعة صفين معه وله عقب وأخو
زيد الاصغر وعبيد الله لامّهما عبد الله بن أبى جهم بن

(2/251)


حذيفة وحارثة بن وهب الخزاعى وله صحبة* وعبد الرحمن الاوسط أمّه لهبة أمّ ولد*

قصة عبد الرحمن بن عمر وهو المجلود فى الحدّ
وعبد الرحمن الاصغر أمّه أمّ ولد ويكنى أحد الثلاثة أبا شحمة ويلقب آخر مجبرا فامّا أبو شحمة فهو الذى ضربه عمر فى الحدّ حتى مات فلا عقب له وأمّا مجبر فكان له عقب فبادوا ولم يبق منهم أحد ذكره ابن قتيبة كذا فى الرياض النضرة* وفى أسد الغابة عبد الرحمن الاصغر هو أبو المجبر والمجبر أيضا اسمه عبد الرحمن وانما قيل له المجبر لانه وقع وهو غلام فتكسر فأتى به الى عمته حفصة أمّ المؤمنين فقيل لها انظرى الى ابن أخيك المكسر فقالت ليس بالمكسر ولكنه المجبر قاله أبو عمرو* وفى الرياض النضرة قال الدار قطنى عبد الرحمن الاوسط هو أبو شحمة المجلود فى الحدّ وقطع به* وعن عمرو بن العاص قال بينا أنا بمنزلى بمصر اذ قيل لى هذا عبد الرحمن بن عمرو أبو سروعة يستأذنان عليك وفى رواية غيره عبد الرحمن ورجل يعرف بعقبة بن الحارث فقلت يدخلان فدخلا وهما منكسران فقالا أقم علينا حدّ الله فانا أصبنا البارحة شرابا وسكرنا قال فزبرتهما وطردتهما فقال عبد الرحمن ان لم تفعله أخبرت والدى اذا قدمت عليه فعلمت أنى ان لم أقم عليهما الحدّ غضب علىّ عمر وعزلنى فأخرجتهما الى صحن الدار فضربتهما الحدّ ودخل عبد الرحمن ناحية الى بيت فى الدار فحلق رأسه وكانوا يحلقون مع الحدود والله ما كتبت الى عمر بحرف مما كان حتى اذا كتابه جاءنى فيه بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر الى عمرو بن العاص عجبت لك وجراءتك علىّ وخلافك عهدى فما أرانى الا عازلك تضرب عبد الرحمن فى بيتك وتحلق رأسه فى بيتك وقد عرفت انّ هذا يخالفنى انما عبد الرحمن رجل من رعيتك تصنع به ما تصنع بغيره من المسلمين ولكن قلت هو ابن أمير المؤمنين وعرفت ان لا هوادة لاحد من الناس عندى فى حق فاذا جاءك كتابى هذا فابعث به فى عباءة على قتب حتى يعرف سوء ما صنع فبعث به كما قال أبوه* وكتب عمرو الى عمر يعتذر اليه انى ضربته فى صحن دارى وبالله الذى لا يحلف بأعظم منه انى لأقيم الحدود فى صحن دارى على المسلم والذمى وبعث بالكتاب مع عبد الرحمن بن عمر فقدم به عبد الرحمن على أبيه فدخل وعليه عباءة ولا يستطيع المشى من سوء مركبه فقال يا عبد الرحمن فعلت وفعلت فكلمه عبد الرحمن بن عوف وقال يا أمير المؤمنين قد أقيم عليه الحدّ فلم يلتفت اليه فجعل عبد الرحمن يصيح ويقول انى مريض وأنت قاتلى قال فضربه الحدّ ثانية وحبسه فمرض ثم مات* وعن مجاهد عن ابن عباس قال لقد رأيت عمر وقد أقام الحدّ على ولده فقتله فيه فقيل له يا ابن عم رسول الله حدّثنا كيف أقام الحدّ على ولده فقتله فيه فقال كنت ذات يوم فى المسجد وعمر جالس والناس حوله اذ أقبلت جارية فقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال عمرو عليك السلام ورحمة الله ألك حاجة قالت نعم خذ ولدك هذا منى فقال عمر انى لا أعرفه فبكت الجارية وقالت يا أمير المؤمنين ان لم يكن من ظهرك فهو ولد ولدك فقال أىّ أولادى قالت أبو شحمة فقال أبحلال أم بحرام فقالت من قبلى بحلال ومن جهته بحرام قال عمر وكيف ذلك اتقى الله ولا تقولى الا حقا قالت يا أمير المؤمنين كنت مارّة فى بعض الايام اذ مررت بحائط بنى النجار اذ أتانى ولدك أبو شحمة يتمايل سكرا وكان شرب عند نسيكة اليهودى قالت ثم راودنى عن نفسى وجرّنى الى الحائط ونال منى ما ينال الرجل من المرأة وقد أغمى علىّ فكتمت أمرى عن عمى وجيرانى حتى أحسست بالولادة فخرجت الى موضع كذا وكذا فوضعت هذا الغلام وهممت بقتله ثم ندمت على ذلك فاحكم بحكم الله بينى وبينه فأمر عمر مناديا فنادى فأقبل الناس يهرعون الى المسجد ثم قام عمر فقال لا تفرّقوا حتى آتيكم ثم خرج فقال يا ابن عباس أسرع معى فلم يزل حتى أتى منزله فقرع الباب وقال هاهنا ولدى أبو شحمة قيل له انه على الطعام فدخل عليه وقال كل يا بنىّ فيوشك أن يكون آخر زادك من الدنيا قال ابن عباس فلقد رأيت الغلام وقد تغير لونه وارتعد وسقطت اللقمة

(2/252)


من يده فقال له عمر يا بنى من أنا فقال أنت أبى وأمير المؤمنين فقال فلى حق طاعة أم لا قال لك طاعتان مفترضتان لانك والدى وأمير المؤمنين قال عمر بحق نبيك وبحق أبيك هل كنت ضيفا لنسيكة اليهودى فشربت الخمر عنده فسكرت قال قد كان ذلك وقد تبت قال رأس مال المؤمنين التوبة قال يا بنى أنشدك بالله هل دخلت حائط بنى النجار فرأيت امرأة فواقعتها فسكت وبكى قال عمر لا بأس اصدق يا بنى فانّ الله يحب الصادقين قال قذ كان ذلك وأنا تائب نادم فلما سمع ذلك عمر منه قبض على يده ولببه وجرّه الى المسجد فقال يا أبت لا تفضحنى وخذ السيف واقطعنى اربا اربا قال أما سمعت قوله تعالى وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ثم جرّه الى بين يدى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد وقال صدقت المرأة واقرّ أبو شحمة بما قالت وكان له مملوك يقال له أفلح فقال يا أفلح خذا بنى هذا اليك واضربه مائة سوط ولا تقصر فى ضربه فقال لا أفعل وبكى فقال يا غلام انّ طاعتى طاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فافعل ما آمرك به قال فنزع ثيابه وضج الناس بالبكاء والنحيب وجعل الغلام يشير الى أبيه يا أبت ارحمنى فقال له عمر وهو يبكى وانما أفعل هذا كى يرحمك الله ويرحمنى ثم قال يا أفلح اضرب فضربه وهو يستغيث وعمر يقول اضربه حتى بلغ سبعين فقال يا أبت اسقنى شربة من ماء فقال يا بنى ان كان ربك يطهرك فيسقيك محمد صلى الله عليه وسلم شربة لا تظمأ بعدها أبدا يا غلام اضربه فضربه حتى بلغ ثمانين فقال يا أبت السلام عليك فقال وعليك السلام ان رأيت محمدا فأقرئه منى السلام وقل له خلفت عمر يقرأ القرآن ويقيم الحدود يا غلام اضربه فلما بلغ تسعين انقطع كلامه وضعف فرأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا عمر انظر كم بقى فأخره الى وقت آخر فقال كما لم تؤخر المعصية لا تؤخر العقوبة وجاء الصريخ الى أمّه فجاءت باكية صارخة وقالت أحج بكل سوط حجة ماشية وأتصدّق بكذا وكذا درهما فقال انّ الحج والصدقة لا ينوبان عن الحدّ فضربه فلما كان آخر سوط سقط الغلام ميتا فصاح وقال يا بنى محص الله عنك الخطايا ثم جعل رأسه فى حجره وجعل يبكى ويقول يا بنى من قتله الحق بأبى من مات عند انقضاء الحدّ بأبى من لم يرحمه أبوه وأقار به فنظر الناس اليه فاذا هو قد فارق الدنيا فلم نر يوما أعظم منه وضج الناس بالبكاء والنحيب فلما كان بعد أربعين يوما أقبل حذيفة بن اليمان صبيحة يوم الجمعة فقال انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام واذا الفتى معه وعليه حلتان خضرا وان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرئ عمر منى السلام وقل هكذا أمرك الله أن تقرأ القرآن وتقيم الحدود وقال الغلام يا حذيفة أقرئ أبى منى السلام وقل له طهرك الله كما طهرتنى أخرجه شيرويه الديلمى فى كتاب المنتقى كذا ذكره فى الرياض النضرة وخرجه غير الديلمى مختصرا بتغييرا للفظ وقال فيه وكان لعمر ابن يقال له أبو شحمة فأتاه يوما فقال انى زنيت فأقم علىّ الحدّ قال زنيت قال نعم حتى كرّر ذلك عليه أربعا قال وما عرفت التحريم قال بلى قال معاشر المسلمين خذوه فقال أبو شحمة معاشر المسلمين من فعل فعلى فى جاهلية أو اسلام فلا يأخذنى فقام على بن أبى طالب فقال لولده الحسن فأخذ بيمينه وقال لولده الحسين فأخذ بيساره ثم ضربه ستة عشر سوطا فاغمى عليه ثم قال اذا وافيت ربك فقل ضربنى الحدّ من ليس لك فى جنبيه حدّ ثم قام عمر حتى أقام عليه تمام مائة سوط فمات من ذلك فقال انا أوثر عذاب الدنيا على عذاب الاخرة فقيل يا أمير المؤمنين ندفنه من غير غسل ولا كفن قتل فى سبيل الله قال بل نغسله ونكفنه وندفنه فى مقابر المسلمين فانه لم يمت قتيلا فى سبيل الله وانما مات فى حدّ* (ذكر البنات) وهنّ أربع حفصة زوجة النبىّ صلى الله عليه وسلم وهى شقيقة عبد الله وعبد الرحمن
الاكبر ورقية وهى شقيقة زيد الاكبر تزوّجها ابراهيم بن نعيم بن عبد الله بن النحام فماتت عنده ولم تلد له وفاطمة أمّها أمّ حكيم

(2/253)


بنت الحارث بن هشام بن المغيرة تزوّجها ابن عمها عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب فولدت له عبد الله ذكره الدار قطنى وزينب أمّها فكيهة تزوّجها عبد لله بن عبد الله بن سراقة العدوى وروت عن أختها حفصة ذكر ذلك كله ابن قتيبة وصاحب الصفوة كذا فى الرياض النضرة*