تاريخ
الخميس في أحوال أنفس النفيس (ذكر على بن أبى
طالب)
* أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وقد سبق ذكرها فى آخر الموطن
الرابع* وفى الرياض النضرة لم يزل اسمه فى الجاهلية والاسلام عليا وكان
يكنى أبا الحسن وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم صديقا* وعن أبى ليلى عن
النبىّ صلى الله عليه وسلم انه قال الصدّيقون ثلاثة حبيب بن مرى النجار
مؤمن آل ياسين الذى قال يا قوم اتبعوا المرسلين وحزقيل مؤمن آل فرعون الذى
قال أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وعلى بن أبى طالب الثالث وهو أفضلهم
خرجه أحمد فى المناقب وكناه رسول الله بأبى الريحانتين* وعن جابر ابن عبد
الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب سلام عليك يا
أبا الريحانتين فعن قليل يذهب ركناك والله خليفتى عليك فلما قبض رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال علىّ هذا أحد الركنين الذى قال صلى الله عليه وسلم
فلما ماتت فاطمة قال هذا الركن الاخر الذى قال صلى الله عليه وسلم خرجه
أحمد فى المناقب وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا تراب وما كان
لعلىّ اسم أحب اليه منه وقد سبق سبب التكنية به فى الموطن الثانى فى غزوة
العشيرة وقد جاء فى الصحيح من شعره* أنا الذى سمتنى أمى حيدره* وحيدرة اسم
الاسد وكانت فاطمة أمّه لما ولدته سمته باسم أبيها فلما قدم أبو طالب كره
الاسم فسماه عليا وكان يلقب ببيضة البلد وبالامين وبالشريف وبالهادى
وبالمهتدى وبذى الاذن الواعية* قال الخجندى وكان يكنى أبا قصم ويلقب بيعسوب
الامّة أى سيدهم ورئيسهم وأصله فحل النحل كذا فى الرياض النضرة* وفى
القاموس بيضة البلد واحده الذى يجتمع اليه ويقبل قوله وهو من الاضداد* وفى
شواهد النبوّة ولد بمكة بعد عام الفيل بسبع سنين ويقال كانت ولادته فى داخل
الكعبة ولم يثبت واختلف فى سنه وقت المبعث وهو تاريخ اسلامه* فى الصفوة
أسلم وهو ابن سبع ويقال تسع ويقال عشر ويقال خمس عشرة ويقال الاخير هو
الاصح* وفى ذخائر العقبى عن محمد بن عبد الرحمن انّ على بن أبى طالب
والزبير أسلما ولهما ثمان سنين* وقال ابن اسحاق أسلم على بن أبى طالب وهو
ابن عشر وقيل ابن ثلاث عشرة وقيل أربع عشرة وقيل خمس عشرة أو ست عشرة وشهد
المشاهد كلها ولم يتخلف الا فى تبوك فان رسول الله صلى الله عليه وسلم حلفه
فى أهله فقال يا رسول الله أتخلفنى فى النساء والصبيان قال أما ترضى ان
تكون منى بمنزلة هرون من موسى غير أنه لا نبى بعدى أخرجاه فى الصحيحين كذا
فى الصفوة*
(ذكر صفته)
* فى الصفوة كان آدم شديد الادمة ثقيل العينين عظيمهما أقرب الى القصر من
الطول ذا بطن كثير الشعر عريض اللحية أصلع أبيض الرأس واللحية لم يصفه أحد
بالخضاب الاسوادة بن حنظلة فانه قال رأيت عليا أصفر اللحية يشبه أن يكون
خضب مرّة ثم ترك* وفى ذخائر العقبى كان ربعة من الرجال أدعج العينين
عظيمهما حسن الوجه كانه قمر بدرى عظيم البطن الى السمن* وعن أبى سعيد
التيمى انه قال كنا نبيع الثياب على عواتقنا ونحن غلمان فى السوق فاذا
رأينا عليا قد أقبل علينا قلنا بزرك اشكم قال علىّ ما يقولون قال يقولون
عظيم البطن قال اجل أعلاه علم وأسفله طعام اشكم بالعجمية البطن وبزرك بضم
الباء والزاء وسكون الراء عظيم كذا فى الرياض النضرة* وكان عريض ما بين
المنكبين لمنكبه مشاش كمشاش السبع الضارى لا تبين عضده من ساعده قد
(2/275)
أدمج ادما جاشثن الكفين عظيم الكراديس أغيد
كانّ عنقه ابريق فضة أصلع ليس فى رأسه شعر الامن خلفه كثير شعر اللحية وكان
لا يخضب وقد جاء عنه الخضاب* فى أسد الغابة وكان ربما يخضب انتهى والمشهور
انه كان أبيض اللحية وكان اذا مشى تكفأ شديد الساعد واليد اذا مشى الى
الحروب هرول ثبت الجنان قوىّ ما صارع أحدا الاصرعه شجاع منصور على من
لاقاه* وفى أسد الغابة عن رزام بن سعد الضبى قال سمعت أبى ينعت عليا قال
كان رجلا فوق الربعة ضخم المنكبين طويل اللحية وان شئت قلت اذا نظرت اليه
قلت آدم وان تبينته من قرب قلت أن يكون أسمر أدنى من أن يكون آدم* وعن
قدامة بن عتاب قال كان علىّ ضخم البطن ضخم مشاش المنكب ضخم عضلة الذراع
دقيق مستدقها ضخم عضلة الساق دقيق مستدقها وقيل كانما كسر ثم جبر لا يغير
شيبه خفيف المشى ضحوك السنّ*
(ذكر خلافة على رضى الله عنه)
* فى ذخائر العقبى عن محمد بن الحنفية قال أتى رجل عليا وعثمان محصور فقال
ان أمير المؤمنين مقتول ثم جاء آخر فقال ان أمير المؤمنين مقتول الساعة
فقام علىّ قال محمد أخذت بوسطه تخوّفا عليه فقال خل لا أمّ لك فأتى على
الدار وقد قتل الرجل فأتى داره فدخلها وأغلق عليه بابه فأتاه الناس فضربوا
عليه الباب فدخلوا عليه فقالوا ان هذا الرجل قد قتل ولا بدّ للناس من خليفة
ولا نعلم أحدا أحق بها منك فقال لهم علىّ لا تريدونى فانى لكم وزير خير لكم
منى أمير فقالوا والله لا نعلم أحدا أحق بها منك قال فان أبيتم علىّ فان
بيعتى لا تكون سرا ولكن ائتوا المسجد فمن شاء أن يبايعنى بايعنى قال فخرج
الى المسجد فبايعه الناس أخرجه أحمد فى المناقب* قال ابن اسحاق ان عثمان
لما قتل بويع على بن أبى طالب بيعة العامة فى مسجد رسول الله صلى الله عليه
وسلم وبايع له أهل البصرة وبايع له بالمدينة طلحة والزبير* قال أبو عمرو
واجتمع على بيعته المهاجرون والانصار وتخلف عن بيعته نفر فلم يكرههم وسئل
عنهم فقال اولئك قوم قعدوا عن الحق ولم يقوموا مع الباطل وتخلف عنه معاوية
بالشأم وكان منه بصفين ما كان غفر الله لنا ولهم أجمعين* وفى دول الاسلام
لما قتل عثمان صبرا سعى الناس الى دار علىّ وأخرجوه وقالوا لا بدّ للناس من
امام فحضر طلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص والاعيان فأوّل من بايعه طلحة
والزبير ثم سائر الناس* وفى الرياض النضرة قال أبو عمرو بايع لعلى أهل
اليمن بالخلافة يوم قتل عثمان* وفى شرح العقائد العضدية للشيخ جلال الدين
الدوانى لما استشهد عثمان اجتمع كبار المهاجرين والانصار بعد ثلاثة أيام أو
خمسة أيام من موت عثمان على علىّ فالتمسوا منه قبول الخلافة فقبل بعد
مدافعة طويلة وامتناع كثير فبايعوه فقام بأمر الخلافة ست سنين واستشهد على
رأس ثلاثين سنة من وفاة النبىّ صلى الله عليه وسلم وقيل انّ الثلاثين انما
تتم بخلافة أمير المؤمنين حسن بن على ستة أشهر بعد وفاة أبيه* وفى الصفوة
استخلف علىّ بعد عثمان فى التاسع عشر من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين من
الهجرة ومدّة خلافته ست سنين وقيل خمس سنين وستة أشهر* وفى ذخائر العقبى
للمحب الطبرى وكانت خلافته أربع سنين وسبعة أشهر وستة أيام وقيل ثمانية
وقيل ثلاثة أيام وقيل أربعة عشر يوما وفى أوائل خلافته كانت وقعة الجمل
ونازعه معاوية الامر بأهل الشأم حتى بلغوا تسعين وقعة كذا فى سيرة مغلطاى*
وفى دول الاسلام طارت الاخبار الى النواحى بقتل الشهيد عثمان فحزن عليه
المسلمون ولا سيما أهل دمشق وأتى البريد بثوبه بالدماء فنصب على منبر دمشق
ونعاه معاوية الى أهلها فنعاقدوا على الطلب بدمه وكانوا ستين ألفا ثم ان
طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة ندموا وعظم عليهم قتله ورأوا أنهم قد
قصروا فى نصرته فخرجوا على وجوههم قاصدين البصرة للطلب بدمه من غير أمر
علىّ وذلك ان قتلة عثمان التقوا على علىّ وصاروا من رؤس الملأ وخاف علىّ من
ان ينتقض الناس
(2/276)
فسار بعسكر المدينة وبرؤس قتلة عثمان الى
العراق فجرت بينه وبين عائشة وقعة الجمل بلا علم ولا قصد والتحم القتال من
الغوغاء وخرج الامر عن على وعن طلحة والزبير وقتل من الفريقين نحو عشرين
ألفا وقتل طلحة والزبير فانا لله وانا اليه راجعون* وفى المختصر الجامع
بويع له يوم قتل عثمان وأقام بالمدينة بعد المبايعة أربعة أشهر ثم سار الى
العراق فى سنة ست وثلاثين فالتقى بطلحة والزبير وهو يوم الجمل بالبصرة
وكانا قد بايعاه بالمدينة وخلعاه بالبصرة فقتل طلحة وانهزم الزبير فلحقه
عمرو بن جرموز بوادى السباع فقتله وكان سنّ كل واحد من طلحة والزبير أربعا
وستين سنة يقال ان عدّة المقتولين من أصحاب الجمل ثمانية آلاف وقيل سبعة
عشر ألفا وذكر انه قطعت على خطام الجمل سبعون يدا كلهم من بنى ضبة كلما
قطعت يد رجل تقدّم آخر وقتل من أصحاب علىّ نحو ألف* وفى دول الاسلام ثم
تحرك جيش الشأم وامتنعوا من مبايعة علىّ فسار علىّ نحوهم فى سبعين ألفا من
أهل العراق وقيل فى تسعين ألفا وسار اليه معاوية من الشأم فى ستين ألفا
فالتقوا على صفين بناحية الفرات ودام الحرب والمصابرة أياما وليالى وقتل من
الفريقين أزيد من ستين ألفا وقتل من جند علىّ عمار بن ياسر من السابقين
الاوّلين البدريين وكان من نجباء الصحابة قال له النبىّ صلى الله عليه وسلم
يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية* وفى الصفوة قتله أبو معاوية ودفن هناك فى
سنة سبع وثلاثين وهو ابن ثلاث وقيل أربع وتسعين سنة* وفى أنوار التنزيل قال
عمار بصفين الان ألاقى الاحبة محمدا وحزبه* وفى عقائد الشيخ أبى اسحاق
الفيروزابادى وخلاصة الوفاء ان عمرو بن العاص كان وزير معاوية فلما قتل
عمار ابن ياسر أمسك عن القتال وتابعه على ذلك خلق كثير فقال له معاوية لم
لا تقاتل قال قتلنا هذا الرجل وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
تقتله الفئة الباغية فدل على انا نحن بغاة قال له معاوية أسكت فو الله ما
تزال تدحض فى بولك أنحن قتلناه انما قتله علىّ وأصحابه جاؤا به حتى ألقوه
بيننا* وفى رواية قال قتله من أرسله الينا يقاتلنا وانما دفعنا عن أنفسنا
فقتل فبلغ ذلك عليا فقال ان كنت أنا قتلته فالنبىّ صلى الله عليه وسلم قتل
حمزة حين أرسله الى قتال الكفار* وقتل مع علىّ خزيمة بن ثابت الانصارى ذو
الشهادتين وأويس القرنى زاهد التابعين* وفى المختصر الجامع قتل من أهل
العراق خمسة وعشرون ألفا منهم عمار بن ياسر وأويس القرنى وخمسة وعشرون
بدريا وقتل من عسكر معاوية خمسة وأربعون ألفا* وفى دول الاسلام وقد شهد
صفين مع على ومعاوية جماعة من الصحابة وتخلف عنها جماعة من سادات الصحابة
منهم سعد بن أبى وقاص الذى افتتح العراق وسعيد بن زيد وأبو اليسر السلمى
وزيد بن ثابت ومحمد بن مسلمة وابن عمرو أسامة بن زيد وصهيب الرومى وأبو
موسى الاشعرى وجماعة رأوا السلامة فى العزلة وقالوا اذا كان غزو الكفار
قاتلنا فأما قتال أهل الفتنة والبغى فلا نقاتل أهل القبلة روى ان عليا كتب
الى معاوية يناصحه* غرّك عزك فصار قصار ذلك ذلك فاخش فاحش فعلك فعلك تهدى
بهذا* وكتب معاوية فى جوابه* على قدرى غلى قدرى* وفى المختصر الجامع أقاما
بصفين مائة يوم وعشرة أيام وكانت بينهم تسعون وقعة وكان علىّ فى تسعين ألفا
وكان معاوية فى مائة وعشرين ألفا ولما سئم الفريقان القتال تداعيا الى
الحكومة فرضى علىّ وأهل الكوفة بأبى موسى الاشعرى ورضى معاوية وأهل الشأم
بعمرو بن العاص فاجمع الحكمان بدومة الجندل واتفقا على ان يخلعاهما معا
ويختار اللمسلمين خليفة رضوا به وقد عين للخلافة يومئذ يوم الحكمين عبد
الله بن عمر بن الخطاب كذا فى دول الاسلام ثم اجتمعا بالناس وحضر معاوية
ولم يحضر علىّ فبدأ أبو موسى وخلع عليا ثم قام عمرو وقال قد خلعت عليا كما
خلعه وأثبت خلافة معاوية فرضى أهل الشأم بذلك وكفره أهل النهروان وعاد علىّ
فى سنة تسع وثلاثين ولم يزل
علىّ فى حرب ولم يحج فى سنى خلافته لاشتغاله
(2/277)
بالحروب* وفى البحر العميق ما يعلم عدد حج
علىّ قبل ولايته وفى زمن ولايته اشتغل عن الحج بما وقع فى أيامه فلم يحج
لانه ولى الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر وأياما وكانت ولايته بعد انقضاء
الحج فى سنة خمس وثلاثين لان عثمان قتل يوم الجمعة لثمان عشرة ليلة خلت من
ذى الحجة من هذه السنة وكانت وقعة الجمل فى سنة ست وثلاثين فحج بالناس عبد
الله بن عباس ثم كانت وقعة صفين فى سنة سبع وثلاثين وحج عبد الله أيضا
بالناس وحج بالناس فى سنة ثمان وثلاثين قثم ابن عباس* وفى هذه السنة كان
التحكيم وبسببه كفر جماعة ممن يسمون الخوارج وقاتلهم علىّ فى مواضع وقتل
منهم المجدع الذى بشره النبىّ صلى الله عليه وسلم بقتله كذا فى سيرة
مغلطاى* ثم اصطلج الناس فى سنة تسع وثلاثين على شيبة بن عثمان فأقام لهم
الحج ثم قتل على بن أبى طالب رضى الله عنه فى رمضان سنة أربعين* وفى دول
الاسلام ثم تحاجز اهل صفين عن القتال واتفقوا على أن يحكموا بينهما حكما من
جهة على وحكما من جهة معاوية على ان من اتفق الحكمان على توليته الخلافة
فهو الخليفة وأتوا لميعاد الحكم بعد أشهر مع كل حكم طائفة كثيرة من أشراف
الناس فبعث علىّ أبا موسى الاشعرى وبعث معاوية عمرو بن العاص فاجتمع
الحكمان بدومة الجندل وهى مسيرة عشرة أيام عن دمشق وعشرة أيام عن الكوفة
وعشرة أيام عن المدينة فلم ينبرم أمر ورجع الشاميون فبايعوا معاوية وبقيت
مصر تارة يغلب عليها جند معاوية وتارة يغلب عليها جند علىّ ولما جرى
التحكيم غضب خلق أزيد من عشرة آلاف من جيش علىّ وقالوا لا حكم الا لله فان
الله تعالى يقول ان الحكم الا لله وكفروا عليا بفعله واعتزلوه وهم الخوارج
فعاتبهم علىّ فلم يفد فيهم ثم قاتلهم وظفر عليهم وقتل منهم نحو أربعة آلاف
وقد قال النبىّ صلى الله عليه وسلم الخوارج كلاب النار* وفى الرياض النضرة
ثم خرج الخوارج على علىّ فكفروه وكل من معه اذ رضى بالتحكيم فى دين الله
بينه وبين أهل الشأم وقالوا حكمت فى دين الله والله تعالى يقول ان الحكم
الا لله ثم اجتمعوا وشقوا عصا المسلمين ونصبوا راية الخلاف وسفكوا الدماء
وقطعوا السبيل فخرج علىّ اليهم بمن معه ورام رجعتهم فأبوا الا القتال
فقاتلهم بالنهروان فقتل واستأصل جمهورهم ولم ينج منهم الا القليل انتهى ولم
تهيأ فى هذه السنين جهاد ولا افتتح المسلمون شيئا بل اشتغلوا بالفتنة* وفى
الملل والنحل وظهر فى زمنه الخوارج عليه مثل الاشعث ابن قيس ومسعود بن فدكى
التيمى وزيد بن حصن الطائى وغيرهم* وكذلك ظهر فى زمانه الغلاة فى حقه مثل
عبد الله بن سيا وجماعة معه ومن الفريقين ابتدأت البدعة والضلالة صدق فيه
قول النبىّ صلى الله عليه وسلم لعلىّ يهلك فيك اثنان محب غال ومبغض قال*
ذكر من توفى فى خلافة على من مشاهير الصحابة
وتوفى فى أيام علىّ حذيفة بن اليمان من كبار الصحابة وكان فتح الدينور على
يده وولاه عمر المدائن فبقى بها الى حين وفاته وتوفى بعد عثمان بأربعين
يوما وكان قد أسرّ النبىّ صلى الله عليه وسلم اليه أسماء المنافقين وعرفه
بالفتن التى تكون بين يدى الساعة وهو الذى ندبه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليلة الاحزاب ليأتيه بخبر القوم وله الجنة وفى خلافة علىّ قتل الزبير
بن العوام الاسدى كما مرّ وهو ابن عمة النبىّ صلى الله عليه وسلم وأحد
العشرة المبشرة بالجنة وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل نبى
حوارىّ وحوارىّ الزبير أى ناصرىّ أسلم وله ست عشرة سنة وقيل ثمان سنين وهو
أوّل من سل سيفه فى سبيل الله وكان طويلا بمرّة اذا ركب تخط رجلاه الارض
خفيف العارضين عينه عمر فيمن يصلح للخلافة وكان كثير المتاجر والاموال قيل
كان له ألف مملوك يؤدّون اليه الخراج فربما تصدق بذلك فى مجلسه وقد خلف
أملاكا بيعت بنحو أربعين ألف ألف درهم وهذا لم يسمع بمثله قط لحقه ابن
جرموز يوم الجمل فطعنه غيلة فقتله وله نيف وستون سنة وقد مرّ بعض أحواله فى
أولاد صفية بنت عبد المطلب فى الفصل الثانى فى النسب فى الطليعة الثالثة
(2/278)
وفيها قتل طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن
عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب التيمى أحد العشرة كما مرّ* روى
الصلت بن دينار عن أبى نصرة عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
من أراد أن ينظر الى شهيد يمشى على وجه الارض فلينظر الى طلحة* وعن النبىّ
صلى الله عليه وسلم انه قال يوم أحد أوجب طلحة وكان طلحة يردّ النبل بيده
عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى شلت يده* صفته* كان آدم كثير
الشعر ليس بالجعد القطط ولا بالسبط حسن الوجه دقيق العرنين لا يغير شيبه
وكان من الاجواد يقال له طلحة الفياض وطلحة الجود يقال انه فرق فى يوم واحد
سبعمائة ألف* ويروى ان اعرابيا من أقاربه قصده وتوسل اليه فوصله بثلثمائة
ألف* وروى عمرو بن دينار عن مولى لطلحة قال ان دخل طلحة كان كل يوم ألف
درهم ويقال خلف من المال ألفى ألف درهم ومائتى ألف دينار* وروى ابن سعد
باسناد له قوّمت أصول طلحة وعقاره بثلاثين ألف ألف درهم* قال ابن الجوزى
خلف طلحة ثلثمائة حمل ذهبا فتزوّج أم كلثوم بنت أبى بكر الصدّيق فولدت له
زكريا ويوسف وعائشة قال معاوية طلحة عاش سخيا حميدا وقتل فقيدا شهيدا وقد
مرّ بعض أحواله فى غزوة أحد فى الموطن التالث قال قيس بن أبى حزم رأيت
مروان حين رمى طلحة يوم الجمل بسهم فوقع فى ركبته فما زال يسيح حتى مات*
وقال مروان هذا أعان على قتل عثمان ولا أطلب بثارى بعد اليوم وكان طلحة ممن
عينه عمر للخلافة من بعده وعاش أزيد من ستين سنة* وفى الصفوة قتل طلحة يوم
الجمل وكان يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الاخرة سنة ست وثلاثين ويقال ان
سهما غربا أتاه فوقع فى حلقه فقال بسم الله وكان أمر الله قدرا مقدورا
ويقال ان مروان بن الحكم قتله كما مرّ ودفن بالبصرة وهو ابن ستين سنة كذا
فى الملل والنحل ويقال اثنتين وستين ويقال أربع وستين وفى سنة ست وثلاثين
مات سلمان الفارسى الاصبهانى وقيل الرامهرمزى من سادة الصحابة حضر غزوة
الاحزاب وأشار بحفر الخندق على المدينة قيل عاش مائتى سنة وقيل مائتين
وثلاثين سنة وقيل أكثر من ذلك وترجمته طويلة عجيبة وفيها مات نائب مصر عبد
الله بن سعد بن أبى سرح القرشى العامرى وكان بطلا شجاعا كان فارس بنى عامر
له غزوات وفتوحات ولما جاءه الموت قال اللهمّ اجعل آخر عملى الصلاة فلما
طلع الفجر توضأ وصلى فلما ذهب ليسلم عن يساره مات وتوفى حكيم بن جبلة
العبدى وكان شريفا مطاعا تولى امرة السند فغزاها ورجع واقام بالبصرة حتى
كان يوم الجمل فخرج حكيم فى سبعمائة فلم يزل حكيم يقاتل حتى قطعت رجله
فأخذها وضرب بها الذى قطعها فقتله ثم أخذ يقاتل ويقول* يا ساق لن تراعى* ان
معى ذراعى* أحمى بها كراعى حتى نزفه الدم فاتكأ على المقتول الذى قطع رجله
فمرّ به رجل فقال من قطع رجلك قال وسادتى وهذا ما لم يسمع للشجعان بمثله
وكان حكيم هذا ممن أكب على عثمان وفيها مات خباب بن الارت التميمى من
السابقين البدريين ونجباء الصحابة رضى الله عنهم وفى سنة ثمان وثلاثين مات
صهيب بن سنان المعروف بالرومى بالمدينة من المهاجرين البدريين الكبار*
(ذكر مقتل على رضى الله عنه)
* فى ذخائر العقبى عن علىّ قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا على
أتدرى من أشقى الاوّلين قلت الله ورسوله أعلم قال عاقر الناقة قال أتدرى من
أشقى الاخرين قلت الله ورسوله أعلم قال قاتلك أخرجه أحمد فى المناقب وخرجه
ابن الضحاك وقال فى أشقى الاخرين الذى يضربك على هذه فيبل منها هذه وأخذ
بلحيته* وعن صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلىّ من أشقى
الاوّلين يا علىّ قال الذى عقر ناقة صالح قال صدقت فمن أشقى الاخرين قال
الله ورسوله أعلم قال أشقى الاخرين قال الذى يضربك على هذه وأشار الى
يافوخه وكان علىّ يقول لاهله والله لوددت ان لو انبعث أشقاها أخرجه أبو
حاتم* وعن عكرمة عن ابن عباس قال على قلت له يعنى النبىّ صلى الله عليه
وسلم انك قلت لى يوم أحد حين أخرت عن الشهادة
(2/279)
واستشهد من استشهد ان الشهادة من ورائك
فكيف صبرك اذا خضبت هذه من هذه بدم وأومأ بيده الى لحيته ورأسه فقال على يا
رسول الله أما ان ثبتت لى شهادة ما أنبئت فليس ذلك من موطن الصبر ولكن موطن
البشرى والكرامة* وفى الصفوة عن زيد بن وهب قال قدم على على قوم من أهل
البصرة من الخوارج فيهم رجل يقال له الجعدة بن نعجة فقال له اتق الله يا
على انك ميت فقال علىّ بل مقتول بضربة على هذا تخضب هذه يعنى لحيته من رأسه
بعهد معهود وقضاء مقضى وقد خاب من افترى وعاتبه فى لباسه فقال مالك وللباس
هو أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدى بى المسلم* وعن أبى الطفيل قال دعا الناس
الى البيعة فجاء عبد الرحمن بن ملجم المرادى فردّه مرّتين ثم أتاه فقال ما
يحبس أشقاها لتخضبن أو لتصبغن هذه من هذه يعنى لحيته من رأسه ثم تمثل بهذين
البيتين
أشدد حياز يمك للموت ... فان الموت لاقيكا
ولا تجزع من الموت ... اذا حل بواديكا
وعن أبى مجلز قال جاء رجل من مراد الى على وهو يصلى فى المسجد فقال احترس
فان ناسا من مراد يريدون قتلك قال ان مع كل رجل ملكين يحفظانه ما لم يقدر
عليه فاذا جاء القدر خليا بينه وبينه وان الاجل جنة حصينة* وفى ذخائر
العقبى عن عبد الله بن سبع قال خطبنا علىّ فقال والذى فلق الحبة وبرأ
النسمة لتخضبن هذه من هذا قال الناس أعلمنا من هو لنبيدنّ عترته قال أنشدكم
أن يقتل بى غير قاتلى قال ان كنت قد علمت ذلك فاستخلف اذا قال لا ولكن
أكلكم الى من وكلكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجهما أحمد* وعن سكين
بن عبد العزى العبدى انه سمع أباه يقول جاء عبد الرحمن بن ملجم يستحمل عليا
فحمله ثم قال هذا قاتلى قال فما يمنعك منه قال انه لم يقتلنى بعد وقيل له
ان ابن ملجم سم سيفه ويقول انه سيقتلك به قتلة يتحدّث بها العرب فبعث اليه
لم تسم سيفك قال لعدوّى وعدوّك فخلى عنه وقال ما قتلنى بعد أخرجه أبو عمرو*
وعن الحسين بن كثير عن أبيه وكان أدرك عليا قال خرج علىّ الى الفجر فأقبل
الاوز يصحن فى وجهه فطردوهنّ فقال دعوهنّ فانهنّ نوائح فضربه ابن ملجم فقلت
له يا أمير المؤمنين خل بيننا وبين مراد فلا تقوم لهم ثاغية ولا راغية أبدا
قال لا ولكن احبسوا الرجل فان أنامت فاقتلوه وان أعش فالجروح قصاص أخرجه
أحمد فى المناقب* وفى رواية لما صاحت الاوز بين يدى علىّ قال هذه صائحة
تتبعها نائحة فلم يقدر أن يفتح باب داره ثم تكلف وفتح الباب فتعلق ازاره
بالباب فخرج الى المسجد* وعن الحسن البصرى انه سمع الحسن بن على يقول انه
سمع أباه فى سحر اليوم الذى قتل فيه يقول لهم يا بنى رأيت النبىّ صلى الله
عليه وسلم فى نومة نمتها فقلت يا رسول الله ما لقيت من أمّتك من اللواء
واللدد فقال ادع الله عليهم فقلت اللهمّ أبدلنى خيرا منهم وأبدلهم بى من هو
شرمنى ثم انتبه وجاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة فخرج فقتله ابن ملجم أخرجه أبو
عمرو*
(ذكر قاتله وما حمله على القتل وكيفية قتله
وأين قتل)
* عن الزبير بن بكار قال من بقى من الخوارج تعاقدوا على قتل على ومعاوية
وعمرو بن العاص* وعن محمد بن سعد قال قالوا انتدب ثلاثة نفر من الخوارج عبد
الرحمن بن ملجم المرادى وهو من حمير وعداده فى بنى مراد وحليف بنى جبلة من
كندة والبرك بن عبد الله التميمى وعمرو بن بكر التميمى فاجتمعوا بمكة
وتعاهدوا وتعاقدوا ليقتلنّ هذه الثلاثة على بن أبى طالب ومعاوية وعمرو بن
العاص ويريحوا العباد منهم فقال ابن ملجم انا لكم بعلى وقال البرك انا لكم
بمعاوية وقال عمرو بن بكر انا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا على ذلك
وتعاقدوا عليه وتواثقوا أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذى سمى له فتوجه له
حتى يقتله أو يموت دونه فاتعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من رمضان سنة أربعين
ثم توجه كل رجل منهم الى المصر الذى فيه صاحبه فخرج البرك لقتل معاوية وقدم
دمشق
(2/280)
وضرب معاوية فجرحه فى أليتيه فسلم منها*
وفى حياة الحيوان فأصاب اوراكه وكان معاوية كبير الاوراك فقطع منه عرق
النكاح فلم يولد له بعد ذلك فلما أخذ قال الامان والبشارة فقد قتل علىّ فى
هذه الليلة فاستبقاه حتى أتاه الخبر بذلك فقطع معاوية يده ورجله وأطلقه
فرحل الى البصرة وأقام بها حتى بلغ زياد بن أبيه أنه ولد له فقال أيولد له
وأمير المؤمنين لا يولد له فقتله قالوا وأمر معاوية باتخاذ المقصورة من ذلك
الوقت وأما عمرو بن بكر فسار الى مصر وكان يومئذ بعمرو بن العاص وجع الظهر
أو البطن فبعث مكانه سهلا العامرى ليصلى بالناس* وفى حياة الحيوان فصلى
بالناس رجل من بنى سهم يقال له خارجة فقتله عمرو بن بكر يحسبه عمرو بن
العاص وقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة عازما على قتل علىّ واشترى سيفا لذلك
بألف وسقاه السم فيما زعموا حتى نفضه وكان فى خلال ذلك يأتى عليا يسأله
ويستحمله فيحمله ويلقى أصحابه وكاتمهم ما يريد وكان يزورهم ويزورونه فزار
يوما نفرا من بنى تيم الرباب فوقعت عينه على امرأة منهم يقال لها قطام بنت
شحنة بن عدى بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب وكانت
امرأة رائقة جميلة وكانت ترى رأى الخوارج وكان علىّ قتل أباها وأخاها
بالنهروان فأعجبته فخطبها فقالت آليت أن لا أتزوّج الاعلى مهر لا أريد سواه
قال وما هو لا تسألينى شيئا الا أعطيتك فقالت ثلاثة آلاف دينار وقتل على بن
أبى طالب وعبد وقينة وفيه قال شاعرهم
ولم أرمهرا ساقه ذو شجاعة ... كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وقتل علىّ بالحسام المسمم
فلا مهر أعلى من علىّ وان علا ... ولا قتل الا دون قتل ابن ملجم
فقال والله ما جاء بى الى هذا المصر الا قتل على فقد أعطيتك ما سألت* وفى
رواية الزبير قال صدقت ولكنى لما رأيتك آثرت تزويجك فقالت ليس الا الذى قلت
لك قال وما يغنيك أو ما يغنينى منك قتل علىّ وأنا أعلم أنى ان قتلته لم أفت
قالت ان قتلته ونجوت فهو الدى أردت فيبلغ شفاء نفسى ويهنيك العيش معى وان
قتلت فما عند الله خير من الدنيا وما فيها فقال لها لك ما اشترطت فقالت له
سألتمس من يشدّ ظهرك فبعثت الى ابن عم لها يدعى ورد ان بن مجالد فأجابها
ولقى ابن ملجم شبيب بن بجرة الاشجعى بفتح الباء والجيم قاله ابن مأكولا
والذى ضبطه أبو عمر وبضم الباء وسكون الجيم فقال له يا شبيب هل لك فى شرف
الدنيا والاخرة قال وما هو قال تساعدنى على قتل على بن أبى طالب قال ثكلتك
أمك لقد جئت شيئا ادّا كيف تقدر على ذلك قال انه رجل لا حرس له ويخرج الى
المسجد منفردا دون من يحرسه فنكمن له فى المسجد فاذا خرج الى الصلاة قتلناه
فان نجونا نجونا وان قتلنا سعدنا بالذكر فى الدنيا وبالجنة فى الاخرة فقال
ويلك انّ عليا ذو سابقة فى الاسلام مع النبى صلى الله عليه وسلم ما تنشرح
نفسى لقتله قال ويلك انه حكم الرجال فى دين الله وقتل اخواننا الصالحين
فنقتله ببعض من قتل ولا تشكن فى دينك فأجابه وأقبلا حتى دخلا على قطام وهى
معتكفة فى المسجد الاعظم فى قبة ضربتها لنفسها فدعت لهم فقاما فأخذا
أسيافهما ثم جاآ حتى جلسا قبالة السدّة التى يخرج منها علىّ ودخل ابن
النباح المؤذن فقال الصلاة فقام علىّ يمشى وابن النباح بين يديه والحسن بن
علىّ خلفه فلما خرج من الباب نادى أيها الناس الصلاة الصلاة كذلك كان يصنع
كل يوم يخرج ومعه درّته يوقظ الناس فاعترضاه الرجلان فقال بعض من حضر ذلك
رأيت بريق السيف وسمعت قائلا يقول لله الحكم يا علىّ لا لك وفى رواية
الزبير قال الحكم لله يا علىّ لا لك ولا لاصحابك ثم رأيت سيفا ثانيا فضربا
جميعا فأما سيف شبيب فوقع فى الطاق* وفى مورد اللطافة فوقعت الضربة فى
السدة وأخطأ وأما سيف ابن ملجم فأصاب جبهته الى قرنه ووصل الى
(2/281)
دماغه* وفى حياة الحيوان ضربه ابن ملجم على
صلعته فقال علىّ فزت ورب الكعبة فسمع علىّ يقول لا يفوتنكم الرجل وفى رواية
لا يفوتنكم الكلب فشدّ الناس عليهما من كل جانب فأمّا شبيب فأفلت خارجا من
باب كندة وأمّا ابن ملجم فانه لما هم الناس به حمل عليهم بسيفه ففرّجوا له
فتلقاه المغيرة بن نوفل بقطيفة فرماها عليه واحتمله وضرب به الارض وقعد على
صدره وانتزع سيفه عنه وكان أيدا قويا كذا فى ذخائر العقبى وقد مرّ فى فصل
النسب فى أولاد عبد المطلب* وفى أسد الغابة فلما أخذ ابن ملجم ادخل على
علىّ فقال احبسوه وأطيبوا طعامه وألينوا فراشه فان أعش فأنا ولى دمى عفو أو
قصاص وان أمت فالحقوه بى أخاصمه عند ربّ العالمين* وفى ذخائر العقبى قال
علىّ احبسوه فان أمت فاقتلوه ولا تمثلوا به وان لم أمت فالامر الىّ فى
العفو والقصاص أحرجه أبو عمر وفقالت أم كلثوم يا عدوّ الله قتلت أمير
المؤمنين قال ما قتلت الا أباك قالت والله انى لارجو أن لا يكون على أمير
المؤمنين بأس قال فلم تبكين اذا ثم قال والله لقد سممته شهرا يعنى سيفه فان
أخلفنى أبعده الله وأسحقه* قال فمكث علىّ يوم الجمعة وليلة السبت وتوفى
ليلة الاحد لاحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان من سنة أربعين* وفى معجم
البغوى عن ليث بن سعد انّ عبد الرحمن بن ملجم ضرب عليا فى صلاة الصبح على
دهش بسيف كان سمه بسم ومات من يومه ودفن بالكوفة ليلا* وفى دول الاسلام
ضربه بخنجر على دماغه فمات بعد يومين* وفى مورد اللطافة فمكث علىّ جريحا
يوم الجمعة والسبت وتوفى ليلة الاحد لاحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة
أربعين واختلفوا فى انه هل ضربه بخنجر على دماغه فمات بعد يومين* وفى مورد
اللطافة فمكث علىّ جريحا يوم الجمعة والسبت وتوفى ليلة الاحد لاحدى عشرة
ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين واختلفوا فى انه هل ضربه فى الصلاة أو
قبل دخوله فيها وهل استخلف من أتم الصلاة أو هو أتمها والاكثر على انّ جعدة
ابن هبيرة صلى بهم تلك الصلاة*
(ذكر وصيته رضى الله عنه)
* روى انه لما ضربه ابن ملجم أوصى الى الحسن والحسين وصية طويلة فى آخرها
بابنى عبد المطلب لا تخوضوا دماء المسلمين خوضا تقولون قتل أمير المؤمنين
ألا لا تقتلوا بى الا قاتلى انظروا اذا أنامت من ضربته هذه فاضربوه ضربة
بضربة ولا تمثلوا به فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اياكم
والمثلة ولو بالكلب العقور أخرجه الفضائلى* وعن قثم مولى الفضل لما قتل ابن
ملجم عليا قال للحسن والحسين أحبستم الرجل فان مت فاقتلوه ولا تمثلوا به
فلما مات قام اليه الحسين ومحمد فقطعاه وحرقاه ونهاهم الحسن أخرجه الضحاك*
وفى دول الاسلام فقطعوه اربا اربا* وفى حياة الحيوان قتل الحسين بن على عبد
الرحمن بن ملجم واجتمع الناس وأحرقوا جثته* وروى عن عمرو ذى مرّ قال لما
أصيب علىّ بالضربة دخلت عليه وقد عصب رأسه قال قلت يا أمير المؤمنين أرنى
ضربتك قال فحلها فقلت خدش وليس بشئ قال انى مفارقكم انى مفارقكم فبكت أم
كلثوم من وراء الحجاب فقال لها اسكتى فلو ترين ما أرى لما بكيت فقلت يا
أمير المؤمنين ماذا ترى قال هذه الملائكة وفود والنبيون ومحمد صلى الله
عليه وسلم يقول يا على أبشر فما تصير اليه خير مما أنت فيه وأم كلثوم هذه
ابنة على بن أبى طالب زوج عمر بن الخطاب* قال ولما فرغ علىّ من وصيته قال
أقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ثم لم يتكلم الا لا اله الا الله حتى
قبضه الله رحمة الله ورضوانه عليه* قيل انّ عليا كان عنده مسك فضل من حنوط
رسول الله أوصى أن يحنط به* وفى أسد الغابة لما توفى غسله الحسن والحسين
وعبد الله بن جعفر وكفن فى ثلاثة أثواب ليس فيها قميص وصلى عليه الحسن ابنه
وكبر عليه أربعا ودفن فى السحر*
(ذكر موضع دفنه)
* اختلفوا فى موضع دفنه فقيل فى قصر الامارة بالكوفة وقيل فى رحبة الكوفة
وقيل بنجف الحيرة وهو موضع بطريق الحيرة قال الخجندى والاصح عندهم انه
مدفون وراء المسجد الذى يؤمه الناس اليوم وعن أبى جعفر انّ قبره جهل موضعه*
وقال الواقدى دفن ليلا وعفى قبره* وفى
(2/282)
مورد اللطافة وعمى قبره لئلا تنبشه
الخوارج* وقال شريك وغيره نقله ابنه الحسن الى المدينة وذكر المبرد عن محمد
بن حبيب قال أوّل من حوّل من قبر الى قبر كان على بن أبى طالب* وعن عائشة
لما بلغها موت علىّ قالت لتصنع العرب ما شاءت فليس لها أحد ينهاها قالوا
وكان عبد الرحمن بن ملجم فى السجن فلما مات علىّ ودفن بعث حسن بن على الى
ابن ملجم فأخرجه من السجن ليقتله فاجتمع الناس وجاؤا بالنفط والبوارى
والنار وقالوا نحرقه فقال عبد الله بن جعفر وحسين بن على ومحمد بن الحنفية
دعونا تشتف أنفسنا منه فقطع عبد الله بن جعفر يديه ورجليه فلم يجزع ولم
يتكلم ثم كحل عينيه بمسمار محمى فلم يجزع وجعل يقول انك لتكحل عينى عمك
بمكحول محمص وجعل يقرأ اقرأ بسم ربك الذى خلق حتى أتى على آخر السورة وانّ
عينيه لتسيلان على خدّيه ثم أمر به فعولج على لسانه ليقطعه فجزع فقيل له
قطعنا يديك ورجليك وسملنا عينيك يا عدوّ الله فلم تجزع فلما صرنا الى لسانك
جزعت قال ما ذاك من جزع الا انى أكره أن أكون فى الدنيا فوا قالا أذكر الله
فقطعوا لسانه ثم جعلوه فى قوصرة فأحرقوه بالنار وكان ابن ملجم اسمر ابلج فى
جبهته أثر السجود*
(ذكر تاريخ مقتله)
* وكان ذلك فى صبيحة يوم سبع عشرة من رمضان مثل صبيحة بدر وقيل ليلة الجمعة
لثلاث عشرة ليلة منه سنة أربعين ذكر ذلك كله أبو عمرو وابن عبد البرّ كذا
ذكره المحب الطبرى فى كتابه ذخائر العقبى والرياض النضرة* وفى الصفوة قال
العلماء بالسير ضربه عبد الرحمن بن ملجم بالكوفة يوم الجمعة لثلاث عشرة
ليلة بقيت من رمضان وقيل ليلة احدى وعشرين منه سنة أربعين فبقى الجمعة
والسبت ومات ليلة الاحد وقيل يوم الاحد وغسله ابناه وعبد الله بن جعفر وصلى
عليه الحسن ودفن فى السحر* وفى سيرة مغلطاى بويع علىّ فى اليوم الذى مات
فيه عثمان فأقام فى الخلافة أربع سنين وتسعة أشهر وثمانية أيام وتوفى شهيدا
على يد عبد الرحمن بن ملجم ليلة السابع والعشرين من رمضان سنة أربعين* وفى
تاريخ ابن عاصم سنة تسع وثلاثين وفيه غرابة وله ثلاث وستون سنة ودفن بمسجد
الكوفة وقيل حمل الى المدينة ودفن عند فاطمة وقيل غير ذلك* وفى الصفوة فى
سنه أربعة أقوال* أحدها ثلاث وستون قال الواقدى وهذا المثبت عندنا* والثانى
خمس وستون* والثالث سبع وخمسون* والرابع ثمان وخمسون والله أعلم* وعن على
ابن الحسين قال قتل على وهو ابن ثمان وخمسين* وفى ذخائر العقبى وقيل ثمان
وستين ذكر ذلك أبو عمرو وغيره وذكر أبو بكر أحمد بن الدرّاع ان سنه خمس
وستون ولم يذكر غيره وصحب النبىّ صلى الله عليه وسلم منها بمكة ثلاث عشرة
سنة وسنه يوم صحبه اثنتا عشرة سنة ثم هاجر فصحبه عشر سنين وعاش بعده ثلاثين
سنة* مروياته فى كتب الاحاديث خمسمائة وستة وثمانون حديثا وفى المختصر
الجامع وكان نقش خاتمه الملك لله الواحد القهار* وأما كاتبه فعبد الله بن
أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم* وأما قاضيه فشريح بن الحارث
الكندى* وأما حاجبه فقنبر مولاه وكان قبله بشر مولاه أيضا* وأما أميره بمصر
فقيس بن سعد بن عبادة وكان ذا رأى ودهاء واجتهد معاوية فى اخراجه بأن أظهر
انه من شيعته فبلغ ذلك عليا فعزله وولاها مالك بن الحارث الاشتر فأسقى السم
فى شربة من عسل يقال سمه عبد لعثمان فى الطريق فمات وولاها بعده محمد بن
أبى بكر ولما رجع علىّ بعد التحكيم الى العراق سار عمرو بن العاص ومعه
عساكر الشأم الى مصر فانهزم أهل مصر واستتر محمد بن أبى بكر فوجده معاوية
بن خديج فقتله وجعله فى جيفة حمار وأحرقه بالنار كما سبق فى أولاد أبى بكر
وكانت ولايته لمصر خمسة أشهر ووليها عمرو بن العاص من قبل معاوية وجعلها له
طعمة*
(ذكر أولاده)
* وكان له من الاولاد جماعة وردت فى عددهم روايات مختلفة ففى كتاب الانوار
لابى القاسم اسماعيل أولاد على اثنان وثلاثون عددا ستة عشر ذكرا وست عشرة
أنثى* وقال اليعمرى
(2/283)
تسع وعشرون نفسا اثنا عشر ذكرا وسبع عشرة
أنثى* وقال المحب الطبرى فى ذخائر العقبى والرياض النضرة كان له من الولد
أربعة عشر ذكرا وثمان عشرة أنثى* وفى الصفوة أربعة عشر ذكرا وتسع عشرة
أنثى* (ذكر الذكور) * الحسن والحسين وقد سبق ذكر ولادتهما وبعض أحوالهما فى
الموطن الثالث والرابع وسيجىء ذكر وفاتهما ولهما عقب* ومحسن مات صغيرا أمهم
فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم* ومحمد الاكبر أمه خولة بنت اياس
بن جعفر الحنفية ذكره الدارقطنى وغيره وقال وأخته لامّه عوانة بنت أبى مكمل
الغفارية وقيل بل كانت أمه من سبى اليمامة فصارت الى علىّ وانها كانت أمة
لبنى حنيفة سندية سوداء ولم تكن من أنفسهم وقيل انّ أبا بكر أعطى عليا
الحنفية أم محمد من سبى بنى حنيفة أخرجه السمان وكان سمى رسول الله صلى
الله عليه وسلم وكنيه وكانت الشيعة تسميه المهدى وهو يقول كل مؤمن مهدى
وكان صاحب راية أبيه يوم الجمل وكان شجاعا كريما فصيحا يقال انه مات
بالطائف منهزما عن عبد الله بن الزبير سنة احدى وثمانين* والعباس الاكبر
ويدعى السقا ويكنى أبا قربة وكان صاحب راية الحسين يوم كربلا وعثمان وجعفر
وعبد الله قتلوا مع الحسين أيضا أمهم أم البنين وايسى بنت حزام بن خالد
الوحيدية ثم الكلابية يقال قتل العباس يزيد بن زياد الحنفى وحكيم بن الطفيل
الطائى* ومحمد الاصغر قتل مع الحسين أيضا أمه أم ولد ويحيى مات صغيرا وعون
أمهما أسماء بنت عميس الخثعمية فهما أخوا بنى جعفر بن أبى طالب وأخوا محمد
بن أبى بكر لامهم وعمر الاكبر أمه أم حبيب الصهباء الثعلبية سبية سباها
خالد فى الردّة فاشتراها علىّ* ومحمد الاوسط أمه امامة بنت أبى العاص بن
الربيع وعبيد الله قتله المختار الثقفى فى حرب مصعب بن الزبير وأبو بكر قتل
مع الحسين أمهما ليلى بنت معوذ بن خالد النهشلية وقيل الدارمية وهى التى
تزوّجها عبد الله ابن جعفر خلف عليها بعد عمه جمع بين زوجة علىّ وابنته
زينب فولدت له صالحا وأم أبيها وأم محمد بنى عبد الله بن جعفر فهم اخوة
عبيد الله وأبى بكر ابنى علىّ لامهما ذكره الدار قطنى* (ذكر الاناث) * زينب
الكبرى عن ابن شهاب قال تزوّج زينب بنت على عبد الله بن جعفر فماتت عنده
وقد ولدت له عليا وعونا* وعن الحسن قال زينب الكبرى بنت على بن أبى طالب
أمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وولدت عليا وعونا وعباسا وأم
كلثوم بنى عبد الله بن جعفر* وقال الدار قطنى ولدت عليا وأم كلثوم ورقية
وأم كلثوم هما شقيقتا الحسن والحسين* قال أبو عمرو ولدت أم كلثوم قبل وفاة
رسول الله صلى الله عليه وسلم* قال ابن اسحاق حدّثنى عاصم بن عمرو بن قتادة
خطب عمر الى على ابنته أم كلثوم فأقبل علىّ عليه وقال انها صغيرة فقال عمر
والله ما ذاك بك ولكن أردت منعى فان كانت كما تقول فابعثها الىّ فرجع علىّ
فدعاها فأعطاها حلة وقال انطلقى بهذه الى أمير المؤمنين وقولى له يقول لك
أبى كيف ترى هذه الحلة فأتته بها وقالت له ذلك فأخذ عمر بذراعها فاجتبذتها
منه وقالت أرسلها فأرسلها وقال حصان كريم انطلقى فقولى له ما أحسنها
وأجملها وليست والله كما قلت فزوّجها اياه* وذكر أبو عمرو انّ عمر قال له
لما قال انها صغيرة زوّجنيها يا أبا الحسن فانى أرصد من كرامتها ما لا
يرصده أحد فقال له على أنا أبعثها اليك فان رضيتها فقد زوّجتكها فبعثها
اليه ببرد وقال لها قولى له هذا البرد الذى قلت لك فقالت ذلك لعمر فقال لها
قولى له قد رضيت رضى الله عنك ووضع يده على ساقها فكشفها فقالت أتفعل هذا
لولا انك أمير المؤمنين لكسرت انفك* وفى رواية لطمست عينيك ثم خرجت حتى أتت
أباها فأخبرته الخبر فقالت بعثتنى الى شيخ سوء قال يا بنية فانه زوجك فجاء
عمر الى مجلس المهاجرين فى الروضة وكان يجلس فيها المهاجرون الاوّلون فجلس
اليهم فقال رفونى فقالوا بمن يا أمير المؤمنين فقال تزوّجت بأم كلثوم بنت
على بن أبى طالب سمعت رسول
الله صلى الله عليه
(2/284)
وسلم يقول كل سبب ونسب وصهر منقطع يوم
القيامة الا سببى ونسبى وصهرى فرفوه* وعن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن
الخطاب خطب الى على أم كلثوم فقال انكحنيها فقال علىّ انى أرصدها لابن أخى
جعفر فقال عمر أنكحنيها فو الله ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصد
فأنكحه علىّ فأتى المهاجرين والانصار فقال ألا تهنؤنى فقالوا بم يا أمير
المؤمنين قال بأم كلثوم بنت علىّ ثم ذكر معنى ما تقدّم الى قوله الا سببى
ونسبى وزاد فأحببت أن يكون بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب
ونسب* وفى رواية ان عليا اعتل عليه بصغرها فقال عمرانى لم أرد الباءة ولكنى
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثم ذكر الحديث خرجهما أحمد فى
المناقب وخرج الاوّل ابن السمان مختصرا وزاد المستطيل وكل بنى أنثى فعصبتهم
لابيهم ما خلا ولد فاطمة فانى أبوهم وأنا عصبتهم خرجه ابن السمان* وعن واقد
بن محمد بن عبد الله بن عمر عن بعض أهله لما خطب عمر الى علىّ ابنته أم
كلثوم قال علىّ ان على أمراء حتى أستأذنهم فأتى ولد فاطمة فذكر ذلك لهم
فقالوا زوّجه فدعا أم كلثوم وهى يومئذ صبية فقال لها انطلقى الى أمير
المؤمنين فقولى له ان أبى يقرئك السلام ويقول لك قد قضى حاجتك التى طلبت
فأخذها عمر فضمها اليه وقال انى خطبتها الى أبيها فزوّجنيها قيل يا أمير
المؤمنين ما كنت تريد اليها انها صبية صغيرة قال انى سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول كل سبب منقطع يوم القيامة الا سببى فأردت أن يكون بينى
وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم سبب صهر خرجه الدولابى وخرج ابن السمان
معناه ولفظه مختصر ان عمر قال لعلىّ انى أحب أن يكون عندى عضو من أعضاء
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له على ما عندى الا أم كلثوم وهى صغيرة
فقال ان تعش تكبر فقال ان لها أميرين معى قال نعم فرجع علىّ الى أهله وقعد
عمر ينتظر ما يرد عليه فقال علىّ ادعو الى الحسن والحسين فجاآ فدخلا فقعدا
بين يديه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لهما ان عمر قد خطب الىّ أختكما فقلت
له ان لها معى أميرين وانى كرهت ان أزوّجها اياه حتى أوامر كما فسكت الحسين
وتكلم الحسن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا اباه من بعد عمر صحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم وتوفى وهو عنه راض ثم ولى الخلافة فعدل قال صدقت يا بنى
ولكن كرهت ان أقطع أمرا دونكما ثم ذكر معنى ما تقدّم* وعن أسلم أن عمر بن
الخطاب تزوّج أم كلثوم بنت على بن أبى طالب على أربعين ألف درهم خرجه أبو
عمرو والد ولابى وابن السمان* وعن أبى هريرة قال أم كلثوم بنت علىّ من
فاطمة تزوّجها عمر بن الخطاب فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب* وقال أبو عمرو
زيد بن عمر الاكبر ورقية بنت عمر* قال الزهرى ثم خلف على أم كلثوم بعد عمر
عون ابن جعفر بن أبى طالب فلم تلد له شيئا حتى مات فخلف عليها بعده محمد بن
جعفر فولدت له جارية ثم مات فخلف عليها بعده عبد الله بن جعفر فلم تلد له
شيئا وماتت عنده* قال ابن اسحاق فمات عنها ولم يصب منها ولدا كذا ذكره
الدار قطنى فى كتاب الاخوة والاخوات غير انه ذكر ان محمدا تزوّجها أوّلا ثم
عونا ثم عبد الله وحكى الدولابى وغيره القولين فى موتها عنده أو موته
عندها* قال أبو عمرو ماتت ام كلثوم وابنها زيد فى وقت واحد وكان زيد قد
أصيب فى حرب بين بنى عدىّ ليلا فخرج ليصلح بينهم فضربه رجل منهم فى الظلمة
فشجه وصرعه فعاش أياما ثم مات هو وأمّه فى وقت واحد وصلى عليهما ابن عمر
قدّمه الحسن بن على فكانت فيهما سنتان فيما ذكروا كما مرّ لم يورث أحدهما
من الاخر وقدّم زيد على أمّه مما يلى الامام وقيل صلى عليهما سعد بن أبى
وقاص وخلفه الحسن والحسين وأبو هريرة رواه الدولابى عن عمار بن أبى عمار*
ورقية شقيقة عمر الاكبر وأم الحسن تزوّجها جعدة بن هبيرة المخزومى ورملة
الكبرى أمها
أم سعد بنت عروة بن مسعود الثقفى تزوّجها عبد الله بن أبى سفيان بن الحارث
بن عبد المطلب وأم هانى تزوّجها عبد الرحمن بن عقيل وميمونة تزوّجها عبد
الله الاكبر بن عقيل وزينب
(2/285)
الصغرى تزوّجها محمد بن عقيل ورملة الصغرى
وأم كلثوم الصغرى تزوّجها عبد الله الاصغر بن عقيل وفاطمة تزوّجها سعيد بن
الاسود من بنى الحارث وخديجة وأم الكرام وأم سلمة وأم جعفر وجمانة وأمامة
تزوّجها الصلت بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وفى الرياض النضرة لم يذكر
أمامة وذكر بدلها تقية ونفيسة لامّهات أولاد شتى ذكره ابن قتيبة وصاحب
الصفوة كذا فى ذخائر العقبى للمحب الطبرى والرياض النضرة له* وفى الصفوة
وابنة أخرى لم يذكر اسمها ماتت صغيرة وهى جارية كانت تخرج الى المسجد فيقال
لها من أخوالك فتقول أو أو* وقد يروى انها كانت تقول وه وه تعنى كلبا أمّها
المحياة بنت امرئ القيس بن عدى بن كلب كذا فى المختصر وعقبه من الحسن
والحسين ومحمد بن الحنفية والعباس وعمر* قال اليعمرىّ مات من أولاده تسعة
عشر نفرا فى حياته وورثه منهم ثلاثة عشر نفرا وقتل منهم بالطف ستة رجال كذا
فى التوضيح*
(ذكر الائمة الاثنى عشر على طريق الاختصار وهم علىّ وأولاده أوّلهم على بن
أبى طالب)
* وقد سبق ذكره* (الثانى) * الحسن بن على بن أبى طالب ويكنى أبا محمد ويلقب
بالتقى والسيد أمّه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد بالمدينة
فى منتصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة واستخلف ستة أشهر وتوفى بالمدينة لخمس
ليال خلون من ربيع الاوّل سنة خمسين وقيل سنة تسع وأربعين وكان عمره سبعا
وأربعين سنة ودفن بالبقيع* (الثالث) * الحسين بن على بن أبى طالب يكنى أبا
عبد الله ولقب بالشهيد والسيد أمّه فاطمة الزهراء ولد بالمدينة يوم
الثلاثاء الرابع من شعبان سنة أربع من الهجرة* وفى الصفوة استشهد يوم
الجمعة وقيل الثلاثاء يوم عاشوراء فى المحرم سنة احدى وستين من الهجرة وهو
ابن ست وخمسين سنة وخمسة أشهر كما سيجىء* (الرابع) * على بن الحسين بن على
بن أبى طالب ويكنى أبا الحسن وقيل أبا محمد وقيل أبا بكر ولقب بزين
العابدين والسجاد ولد بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة وقيل سنة ثمان
وثلاثين وقيل سنة ست وثلاثين أمّه أم ولد اسمها غزالة كذا فى الصفوة* وقال
فى شواهد النبوّة اسم أمّه شهر بانو بنت يزدجرد من أولاد أنو شروان العادل
انتهى* وفى حياة الحيوان قال ابن خلكان كانت أمّه سلامة بنت يزدجرد آخر
ملوك الفرس* وذكر الزمخشرى فى ربيع الابرار* ان يزدجرد كان له ثلاث بنات
سبين فى زمن عمر بن الخطاب فحصلت واحدة منهنّ لعبد الله بن عمر فأولدها
سالما والآخرى لمحمد بن أبى بكر فأولدها قاسما والآخرى للحسين بن على
فأولدها عليا زين العابدين فكلهم بنو خالة وهو علىّ الاصغر فأما علىّ
الاكبر فانه قتل مع الحسين وكان علىّ هذا أيضا مع أبيه وهو ابن ثلاث وعشرين
سنة الا أنه كان مريضا نائما على فراش فلم يقتل وفى حياة الحيوان استبقى
لصغر سنه لانهم قتلوا كل من أنبت كما يفعل بالكفار قاتل الله فاعل ذلك
وأخزاه ولعنه* وتوفى بالمدينة فى الثامن عشر من المحرم سنة أربع وتسعين
وقيل خمس وتسعين ودفن بالبقيع وهو ابن ثمان وخمسين سنة وضريحه هناك فى قبة
معروفة بقبة العباس روى الحديث عن أبيه وعمه الحسن وجابر وابن عباس والمسور
بن مخرمة وأبى هريرة وصفية وعائشة وأم سلمة أمّهات المؤمنين* (والخامس) *
محمد الباقر بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب أمّه أم عبد الله فاطمة
بنت الحسن ابن على بن أبى طالب يكنى أبا جعفر ولقب بالباقر لتبقره فى العلم
وهو توسعه فيه ولد بالمدينة يوم الجمعة ثالث صفر سنة سبع وخمسين من الهجرة
قبل قتل الحسين بثلاث سنين* وأولاده جعفر وعبد الله أمّهما فروة بنت القاسم
بن محمد بن أبى بكر الصدّيق وابراهيم وعلى وزينب وأم سلمة توفى بالمدينة
سنة سبع عشرة ومائة وقيل ثمان عشرة وقيل أربع عشرة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة
وقيل ثمان وخمسين وقيل سبع وخمسين سنة وقبره بالبقيع عند أبيه فى قبة
العباس كذا فى الصفوة* (السادس
(2/286)
جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن
أبى طالب) * ويكنى أبا عبد الله وقيل أبا اسمعيل وله القاب أشهرها الصادق
وأمّه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر الصدّيق وأمّ أمّ فروة أسماء
بنت عبد الرحمن بن أبى بكر ولذا قال الصادق لقد ولدنى أبو بكر مرّتين ولد
بالمدينة سنة ثمانين من الهجرة وقيل سنة ثلاث وثمانين يوم الاثنين لثلاث
عشرة ليلة بقين من ربيع الاوّل وتوفى بالمدينة يوم الاثنين للنصف من رجب
سنة ثمان وأربعين ومائة وقبره بالبقيع فى قبة العباس وهو القبر الذى فيه
أبوه الباقر وجدّه زين العابدين وعمه الحسن بن على فلله درّه من قبر ما
أكرمه وأشرفه وأعلى قدره عند الله كذا فى شواهد النبوّة* وفى الملل والنحل
وله خمسة أولاد محمد واسمعيل وعبد الله وموسى وعلىّ* (السابع موسى بن جعفر
بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب) * ويكنى أبا الحسن وأبا
ابراهيم وقيل غير ذلك ويلقب بالكاظم لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه
أمّه أمّ ولد اسمها حميدة البربرية ولد بالابواء بين مكة والمدينة يوم
الاحد لسبع ليال خلون من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة كذا فى شواهد النبوّة
وفى الصفوة ولد بالمدينة سنة ثمان وعشرين وقيل تسع وعشرين ومائة وأقدمه
المهدى بغداد ثم ردّه الى المدينة فأقام بها الى أيام الرشيد فلما قدم
الرشيد المدينة حمله معه وحبسه ببغداد الى ان توفى بها لخمس بقين من رجب
سنة ثلاث وثمانين ومائة* وفى شواهد النبوّة مات فى حبس هارون الرشيد ببغداد
يوم الخميس لخمس خلون من رجب سنة ست وثمانين ومائة من الهجرة وقبره ببغداد
ويقال ان يحيى بن خالد البرمكى سمه فى رطب بأمر هارون الرشيد* (الثامن على
بن موسى ابن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب) * يكنى أبا
الحسن ككنية ابيه موسى الكاظم ولقب بالرضا أمّه أم ولد لها أسماء منها أروى
ونجمة وسمانه وأم البنين واستقرّ اسمها على تكتم قيل كانت أمّه جارية
لحميدة أم موسى الكاظم فرأت فى المنام النبىّ صلى الله عليه وسلم أمرها ان
تهب نجمة لابنها موسى وقال سيولد له منها خير أهل الارض ولد بالمدينة يوم
الخميس الحادى عشر من ربيع الاخر سنة ثلاث وخمسين ومائة بعد وفاة جدّه
الصادق بخمس سنين وقيل غير ذلك ومات ببلاد طوس فى قرية سناباد من رستاق
قوجاز قبره فى قبلى قبر هارون الرشيد فى قبة فى دار حميد بن قحطبة الطائى
وذلك فى شهر رمضان لتسع بقين منه يوم الجمعة سنة ثمان ومائتين* (التاسع
محمد بن على بن موسى ابن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى
طالب) * يكنى أبا جعفر وهو موافق للباقر فى الكنية والاسم ولذا يقال له أبو
جعفر الثانى ولقبه التقى والجواد أمه أم ولد اسمها خيزران وقيل ريحانة وقيل
كانت من أهل مارية القبطية ولد بالمدينة يوم الجمعة لعشرة أيام خلون من رجب
سنة خمس وتسعين ومائة وتوفى يوم الثلاثاء لستة أيام خلون من ذى الحجة سنة
عشرين ومائتين فى خلافة المعتصم وقيل مسموما ولكنه ما صح وقبره ببغداد خلف
قبر جدّه الكاظم ولكمال علمه وأدبه وفضله زوّجه المأمون فى صغر سنه ابنته
أم الفضل وأرسلها معه الى المدينة وكان يرسل الى المدينة فى كل سنة ألف ألف
درهم كذا فى شواهد النبوّة* (العاشر على بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن
محمد بن على بن الحسين بن على ابن أبى طالب) * يكنى أبا الحسن ويقال له أبو
الحسن الثالث ولقبه الهادى لكنه مشتهر بالتقى أمه أم ولد اسمها سمانة وقيل
أمه امّ الفضل بنت المأمون ولد بالمدينة فى الثالث عشر من رجب سنة أربع
عشرة ومائتين وتوفى فى زمان المستنصر فى سرّ من رأى من نواحى بغداد يوم
الاثنين من أواخر جمادى الاخرة سنة أربع وخمسين ومائتين وقبره فى داره التى
فى سرّ من رأى وقيل ان مشهد الهادى بقم وليس بصحيح وانما الصحيح انّ مشهد
فاطمة بنت موسى بن جعفر بن محمد
ببلدة قم وقد نقل عن الرضا انه قال من زارها دخل الجنة كذا فى شواهد
النبوّة* (الحادى عشر الحسن بن على بن محمد بن على بن موسى
(2/287)
ابن جعفر الصادق) * ويكنى أبا محمد ويلقب
بالزكى والخاص والسراج وهو أيضا مثل أبيه مشهور بالعسكرى وأمه أم ولد اسمها
سوسن وقيل غير ذلك ولد بالمدينة سنة احدى أو اثنتين وثلاثين ومائتين وتوفى
فى سرّ من رأى فى سنة ستين ومائتين وقبره بجنب ابيه* (الثانى عشر محمد بن
الحسن بن على بن محمد ابن على الرضا) يكنى أبا القاسم* ولقبه الامامية
بالحجة والقائم والمهدى والمنتظر وصاحب الزمان وهو عندهم خاتم للاثنى عشر
اماما ويزعمون انه دخل السرداب الذى فى سرّ من رأى وأمّه تنظر اليه ولم
يخرج اليها وذلك فى سنة خمس وستين ومائتين وقيل فى سنة ست وستين ومائتين
وهو الاصح واختفى الى الان فى زعمهم أمه أم ولد اسمها صقيل وقيل سوسن وقيل
نرجس وقيل غير ذلك ولد فى سرّ من رأى فى الثالث والعشرين من رمضان سنة ثمان
وخمسين ومائتين* وفى جامع الاصول فى أشراط الساعة وعلاماتها عن ابن مسعود
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد
لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا منى أو من أهل بيتى يواطئ
اسمه اسمى واسم أبيه اسم أبى يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا*
وفى رواية أخرى لا تنقضى الدنيا حتى يملك العرب من أهل بيتى رجل يواطئ اسمه
اسمى أخرجه أبو داود* وقال صاحب الفتوحات المكية فى ذكر المهدى انه يكون
معه ثلثمائة وستون رجلا من رجال الله الكاملين وهذا الخليفة يكون من عترة
رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد فاطمة اسمه اسم رسول الله صلى الله
عليه وسلم وكنيته كنية جدّه حسن بن على يبايع بين الركنين والمقام يبايعه
العارفون بالله من أهل الحقائق عن شهود وكشف بتعريف الهى رجال الهيون
يقيمون دعوته وينصرونه هم الوزراء يحملون أثقال المملكة ويعينون على ما
قلده الله تعالى ثم قال فانّ الله يستوزر له طائفة خبأهم فى مكنون غيبه
أطلعهم الله كشفا وشهودا على الحقائق وهذا الخليفة يفهم منطق الحيوان ويسرى
عدله فى الانس والجان وفى ذخائر العقبى عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال للعباس منك المهدى فى آخر الزمان وبه ينشر الهدى وبه تطفأ
نيران الضلالات انّ الله عز وجل فتح بنا هذا الامر وبذريتك يختمه وعن أبى
هريرة قال قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم الا أبشرك يا أبا
الفضل قال بلى يا رسول الله قال ان الله تعالى افتتح بى هذا الامر وبذريتك
يختمه خرجه الحافظ أبو القاسم السهمى* وعن عثمان قال سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول المهدى من ولد العباس* وعن عبد الصمد بن على عن أبيه
عن جدّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباس قال لبيك يا رسول
الله قال انّ الله عز وجل ابتدأ الاسلام بى وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذى
يتقدّم عيسى ابن مريم* وعن جابر ابن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم لا تزال طائفة من أمّتى يقاتلون على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم
عند طلوع الفجر ببيت المقدس ينزل على المهدى فيقال تقدّم يا نبى الله صل
بنا فيقول هذه الامّة أمراء بعضهم على بعض أخرجه الامام أبو عمرو عثمان بن
سعيد المقبرى فى سننه* وعن كعب الاحبار قال يحاصر الدجال المؤمنين ببيت
المقدس فيصيبهم فيها جوع شديد حتى يأكلوا أوتار قسيهم من الجوع فبينماهم
على ذلك اذ سمعوا صوتا فى الغلس فيقولون ان هذا الصوت صوت رجل شبعان قال
فينظرون فاذا عيسى ابن مريم عليه السلام قال فيقام فيرجع امام المسلمين
المهدى فيقول عيسى عليه السلام تقدّم فلك أقيمت الصلاة فيصلى بهم تلك قال
ثم يكون عيسى اماما أخرجه الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد فى كتاب الفتن*
وعن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج المهدى
وعلى رأسه غمامة فيها ملك ينادى هذا المهدى خليفة الله فاتبعوه أخرجه أبو
نعيم فى مناقب المهدى* وعن عون بن منبه قال كنا نتحدّث انما يكون فى هذه
الامّة خليفة لا
يفضل عليه
(2/288)
أبو بكر وعمر اخرجه الامام الدوانى فى سننه* وعن محمد بن سيرين قال قيل له
المهدى خير أم أبو بكر وعمر قال هو خير منهما* وفى رواية وذكر فتنة فقال
اذا كان ذلك فاجلسوا فى بيوتكم حتى تسمعوا على الناس بخير من أبى بكر وعمر
أخرجهما الحافظ أبو عبد الله نعيم بن حماد قال وفى زمن المهدى ترعى الشاة
والذئب ويلعب الصبيان بالحيات والعقارب* قال الشيخ علاء الدولة أحمد بن
محمد السمنانى قدس سره فى ذكر الا بدال وأقطابهم وقد وصل الى الرتبة
القطبية محمد بن الحسن العسكرى وهو انه اذا اختفى دخل فى دائرة الابدال
وترقى متدرجا طبقة طبقة الى أن صار سيد الافذاذ وكان القطب حينئذ على بن
الحسين البغدادى فلما جاد بنفسه ودفن فى الشونيزية صلى عليه محمد بن الحسن
العسكرى وجلس مجلسه وبقى فى الرتبة القطبية تسع عشرة سنة ثم توفاه الله
بروح وريحان وأقام مقامه عثمان بن يعقوب الجوينى الخراسانى وصلى عليه هو
وجميع أصحابه ودفنوه فى مدينة الرسول فلما جاد الجوينى بنفسه جلس أحمد كوجك
من أبناء عبد الرحمن بن عوف مجلسه وكان توفى فى العجم وصلى عليه وقبورهم
لاصقة بالارض غير مشرفة ولا مبنية لا يعرفها غيرهم وهم يزورونها كل سنة كذا
فى شواهد النبوّة* وفى زبدة الاعمال قال سراج الحرم أبو بكر الكتانى قدس
سره النقباء ثلثمائة والنجباء سبعون والابدال أربعون والاخيار سبعة والعمد
أربعة والغوث واحد ثم مسكن النقباء المغرب ومسكن النجباء مصر ومسكن الابدال
الشأم والاخيار سياحون فى الارض والعمد فى زوايا الارض ومسكن الغوث مكة
فاذا عرضت الحاجة من أمر العامّة ابتهل فيها النقباء ثم النجباء ثم الاخيار
ثم العمد فان أجيبوا والا ابتهل فيها الغوث فلا تتم مسئلته حتى تجاب دعوته* |