دلائل
النبوة للبيهقي محققا بَابُ بَعْثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو
الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ
الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثُمَّ
بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي
شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ، أَوْ جمادى الأولى سَنَةَ عَشْرٍ إِلَى بَنِي
الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ
قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ، فَإِنِ اسْتَجَابُوا لَكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ،
وَأَقِمْ فِيهِمْ، وَعَلِّمْهُمْ كِتَابَ اللهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِمْ،
وَمَعَالِمَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَقَاتِلْهُمْ.
فَخَرَجَ خَالِدٌ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِمْ.
فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي إِسْلَامِهِمْ وَكِتَابَ خَالِدٍ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَجَوَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم [ (1) ] وأمره إياه بأن
__________
[ (1) ] جاء في كتاب خالد إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لمحمد النبي رسول الله صلى
الله عليه وسلم من خالد بن الوليد، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ
وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكِ اللهَ الَّذِي
لَا إِلَهَ إِلَّا هو. أما بعد يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم،
فإنك بعثتني إلى بني الحرث بن كعب، وأمرتني إذا أتيتهم أن لا أقاتلهم ثلاثة
أيام، وأن أدعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا (أقمت فيهم و) قبلت منهم
وعلّمتهم معالم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه، وإن لم يسلموا قاتلتهم، وإني
قدمت عليهم فدعوتهم إلى الإسلام ثلاثة أيام كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وبعثت فيهم ركبانا (قالوا) : يا بني الحرث،
أسلموا تسلموا، فأسلموا ولم يقاتلوا. وأنا مقيم بين أظهرهم آمرهم بما أمرهم
الله به، وأنهاهم عما نهاهم الله عنه، وأعلمهم معالم الإسلام وسنة النبي
صلى الله عليه وسلم حتى يكتب إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم.
والسلام عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ ورحمة الله وبركاته.
(5/411)
يُبَشِّرَهُمْ وَينْذِرَهُمْ وَيُقْبِلَ
مَعَهُ وَفْدُهُمْ وَأَنَّهُ أَقْبَلَ مَعَهُ وَفْدُهُمْ فِيهِمْ قَيْسُ
بْنُ الْحُصَيْنِ ذُو الْغُصَّةِ [ (2) ] فَلَمَّا قَدِمُوا قَالَ لَهُمْ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: اتتم الذين إذا زجروا استقدموا
ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثًا حَتَّى أَجَابَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ
الْمَدَانِ: نَعَمْ، فَقَالَ لَوْ أَنَّ خَالِدًا لَمْ يَكْتُبْ إِلَيَّ
أَنَّكُمْ أَسْلَمْتُمْ ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ،
فَقَالَ يَزِيدُ ابن عَبْدِ الْمَدَانِ: أَمَا وَاللهِ مَا حَمِدْنَاكَ،
وَلَا حَمِدْنَا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله
عليه وسلم: فممن حَمِدْتُمْ؟ قَالَ: ثُمَّ قَالُوا: حَمِدْنَا اللهَ- عَزَّ
وَجَلَّ- الَّذِي هَدَانَا بِكَ، فَقَالَ: صَدَقْتُمْ ثُمَّ قَالَ: بم
كُنْتُمْ تَغْلِبُونَ مَنْ قَاتَلَكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟
قَالُوا: كُنَّا نَغْلِبُ يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ قَاتَلَنَا أَنَّا كُنَّا
نَنْزِعُ عَنْ يَدٍ، وَكُنَّا نَجْتَمِعُ فَلَا نَفْتَرِقُ، وَلَا نَبْدَأُ
أَحَدًا بِظُلْمٍ، قَالَ: فَقَالَ صَدَقْتُمْ، ثُمَّ أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ قَيْسَ
بْنَ الْحُصَيْنِ، فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فِي بَقِيَّةِ شَوَّالٍ،
أَوْ فِي صَدْرِ ذِي الْقَعْدَةِ، فَلَمْ يَمْكُثُوا إِلَّا أَرْبَعَةَ
أَشْهُرٍ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم [ (3)
] .
__________
[ () ] جواب رسول الله على كتاب خالد فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ،
مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ الله إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ.
سَلَامٌ عَلَيْكِ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكِ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ
إلا هو. أما بعد، فإن كتابك جاءني مع رسولك تخبر أن بني الحرث بن كعب قد
أسلموا قبل أن تقاتلهم، وأجابوا إِلَى مَا دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ من الإسلام،
وشهدوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وأن محمدا عبد الله ورسوله، وأن قد
هداهم الله بهداه، فبشرهم وأنذرهم، وأقبل وليقبل معك وفدهم. والسلام عليك
ورحمة الله وبركاته» .
[ (2) ] سمي ذا الغصة لأنه كان إذا تكلم أصابه كالغصص» قال الشيخ أبو ذر:
«والغصص: الاختناق» ، قال: «ووقع في الرواية ههنا ذو الغصة وذي الغصة
بالرفع وبالخفض، والصواب ذي الغصة بالخفض، لأنه نعت للحصين لا لقيس.
[ (3) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 202- 204) .
(5/412)
كتاب رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إِلَى الْيَمَنِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ،
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ،
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي بَكْرِ
بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: هَذَا كِتَابُ رَسُولِ
الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ عِنْدَنَا الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بْنِ
حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ يُفَقِّهُ أَهْلَهَا
وَيُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ، وَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ، فَكَتَبَ لَهُ
كِتَابًا وَعَهْدًا، وَأَمَرَهُ فِيهِ أَمْرَهُ فَكَتَبَ:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ الله ورسوله يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [ (1) ] ، عَهْدٌ مِنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ
بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ بِتَقْوَى اللهِ فِي أَمْرِهِ، فَإِنَّ
اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقُوا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ» ، وَأَمَرَهُ
أَنْ يَأْخُذَ الْحَقَّ كَمَا أَمَرَهُ وَأَنْ يُبَشِّرَ النَّاسَ
بِالْخَيْرِ، وَيَأْمُرَهُمْ وَيُعَلِّمَ النَّاسَ الْقُرْآنَ
وَيُفَقِّهَهُمْ فِيهِ وَيَنْهَى النَّاسَ، وَلَا يَمَسَّ أَحَدٌ
الْقُرْآنَ إِلَّا وَهُوَ طَاهِرٌ، وَيُخْبِرَ النَّاسَ بِالَّذِي لَهُمْ
وَالَّذِي عَلَيْهِمْ وَيَلِينَ لَهُمْ فِي الْحَقِّ، وَيَشُدَّ عَلَيْهِمْ
فِي الظُّلْمِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كَرِهَ الظُّلْمَ وَنَهَى
عَنْهُ، وَقَالَ: أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [ (2) ]
ويبشّر
__________
[ (1) ] أول سورة المائدة.
[ (2) ] الآية الكريمة (18) من سورة هود.
(5/413)
النَّاسَ بِالْجَنَّةِ وَبِعَمَلِهَا
وَيُنْذِرَ النَّاسَ النَّارَ وَعَمَلَهَا، وَيَسْتَأْلِفَ النَّاسَ حَتَّى
يُفَقَّهُوا فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَ النَّاسَ مَعَالِمَ الْحَجِّ،
وَسُنَنَهِ وَفَرَائِضَهُ، وَمَا أَمَرَ اللهُ بِهِ وَالْحَجَّ الْأَكْبَرَ
وَالْحَجَّ الْأَصْغَرَ فَالْحَجُّ الْأَصْغَرُ الْعُمْرَةُ، وَيَنْهَى
النَّاسَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ صَغِيرٍ إِلَّا أَنْ
يَكُونَ وَاسِعًا فَيُخَالِفُ بَيْنَ طَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقَيْهِ،
وَيَنْهَى أَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُغْضِيَ إِلَى
السَّمَاءِ بِفَرْجِهِ وَلَا يَعْقِدُ شَعْرَ رَأْسِهِ إِذَا عَفَا فِي
قَفَاهُ، وَيَنْهَى النَّاسَ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ هَيْجٌ أَنْ يَدْعُوا
إِلَى الْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِرِ، وَلْيَكُنْ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَمَنْ لَمْ يَدْعُ إِلَى اللهِ
عَزَّ وَجَلَّ وَدَعَا إِلَى الْعَشَائِرِ وَالْقَبَائِلِ فَلْيَعْطِفُوا
[فِيهِ] [ (3) ] بِالسَّيْفِ حَتَّى يَكُونَ دُعَاؤُهُمْ إِلَى اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ
الْوُضُوءِ وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ، وَأَرْجُلَهُمْ
إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وأن يمسحوا رؤوسهم كَمَا أَمَرَ [ (4) ] اللهُ
وَأُمِرُوا بِالصَّلَاةِ لِوَقْتِهَا وَإِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالْخُشُوعِ
وَأَنْ يُغَلِّسَ بِالصُّبْحِ وَيُهَجِّرَ بِالْهَاجِرَةِ حَتَّى [ (5) ]
تَمِيلَ الشَّمْسُ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ وَالشَّمْسُ فِي الْأَرْضِ
وَالْمَغْرِبُ حِينَ يقبل الليل ولا توخّر حَتَّى تَبْدُوَ النُّجُومُ فِي
السَّمَاءِ وَالْعِشَاءُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَمَرَهُ [ (6) ] بِالسَّعْيِ
إِلَى الْجُمُعَةِ إِذَا نُودِيَ بِهَا، وَالْغُسْلِ عِنْدَ الرَّوَاحِ
إِلَيْهَا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْمَغَانِمِ خُمُسَ اللهِ عَزَّ
وَجَلَّ، وَمَا كَتَبَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَةِ مِنَ
الْعَقَارِ فِيمَا سَقَى الْعَيْنُ، وَفِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرُ
وَمَا سَقَتِ الْقِرَبُ فَنِصْفُ الْعُشْرِ، وَفِي كُلِّ عَشْرٍ مِنَ
الْإِبِلِ شَاتَانِ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعٌ وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنَ
الْبَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ، وَفِي كُلِّ
أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ سَائِمَةٌ وَحْدَهَا شَاةٌ فَإِنَّهَا
فَرِيضَةُ اللهِ [عَزَّ وَجَلَّ] [ (7) ] الَّتِي افْتَرَضَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَةِ، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ،
وَأَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ يَهُوَدِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ إِسْلَامًا
__________
[ (3) ] الزيادة من (ف) .
[ (4) ] (ف) و (ك) : «أمرهم» .
[ (5) ] (ح) و (ف) : «حين» .
[ (6) ] في (ف) : «أمرهم» .
[ (7) ] ليست في (ك) ولا في (ف) .
(5/414)
خَالِصًا مِنْ نَفْسِهِ فَدَانَ دِينَ
الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ
مَا عَلَيْهِمْ، وَمَنْ كَانَ عَلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ يَهُوَدِيَّةٍ
فَإِنَّهُ لَا يُغَيَّرُ عَنْهَا، وَعَلَى كُلِّ حَالِمٍ ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ دِينَارٌ وَافٍ أَوْ عِوَضُهُ مِنَ الثِّيَابِ
فَمَنْ أَدَّى ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ ذِمَّةَ اللهِ عَزَّ وجل وذمة رسوله صلى
الله عليه وَسَلَّمَ، وَمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ عَدُوُّ اللهِ
وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ جَمِيعًا، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَالسَّلَامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ [ (8) ] .
وَقَدْ رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي
بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو ابن حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ
جَدِّهِ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْصُولًا بِزِيَادَاتٍ كَثِيرَةٍ وَفِي
الزَّكَاةِ وَالدِّيَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَنُقْصَانٌ عَنْ بَعْضِ مَا
ذَكَرْنَاهُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ السُّنَنِ [ (9) ] .
__________
[ (8) ] رواه ابن هشام في السيرة (4: 205- 206) .
[ (9) ] السنن الكبرى للبيهقي (1: 88، 309) و (8: 189) و (10: 128) .
(5/415)
بَابُ قُدُومِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِخْبَارِهِ إِيَّاهُ
بِأَمْرِ الْجَسَّاسَةِ [ (1) ] وَمَا سَمِعَ مِنَ الدَّجَّالِ فِي خُرُوجِ
النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَإِيمَانِ مَنْ آمَنَ بِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَضْرَوَيْهِ الْمَرْوَزِيُّ
بِنَيْسَابُورَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ ابن أَحْمَدَ بْنِ
حَبِيبٍ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ح) .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ
الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا:
أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلٍ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ
الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ:
أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ
غَيْلَانَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ
بِنْتِ قَيْسٍ، قَالَتْ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ فَأَخْبَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه
وسلم أَنَّهُ رَكِبَ الْبَحْرَ فَتَاهَتْ بِهِ سَفِينَتُهُ فَسَقَطُوا
إِلَى جَزِيرَةٍ فَخَرَجُوا إِلَيْهَا يَلْتَمِسُونَ الْمَاءَ فَلَقِيَ
إِنْسَانًا يَجُرُّ شَعْرَهُ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: أَنَا
الْجَسَّاسَةُ! قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا قَالَ لَا أُخْبِرُكُمْ وَلَكِنْ
عَلَيْكُمْ بِهَذِهِ الْجَزِيرَةِ، فَدَخَلْنَاهَا فَإِذَا رَجُلٌ
مُقَيَّدٌ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قُلْنَا:
نَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: مَا فَعَلَ هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي خَرَجَ
فِيكُمْ قُلْنَا قَدْ آمَنَ بِهِ النَّاسُ وَاتَّبَعُوهُ وَصَدَّقُوهُ
قَالَ: ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ، قَالَ: أَفَلَا تُخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ
زُغَرَ [ (2) ] ما
__________
[ (1) ] قيل سميت بالجساسة لتجسسها الأخبار للدجال، وجاء عَنْ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن.
[ (2) ] (عين زغر) بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام.
(5/416)
فَعَلَتْ؟ قَالَ: فَأَخْبَرْنَاهُ عَنْهَا
فَوَثَبَ وَثْبَةً كَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ، ثُمَّ
قَالَ:
مَا فَعَلَ نَخْلُ بَيْسَانَ هَلْ أَطْعَمَ بَعْدُ، فَأَخْبَرْنَاهُ
أَنَّهُ قَدْ أَطْعَمَ، فَوَثَبَ مِثْلَهَا، ثُمَّ قَالَ: أَمَا لَوْ
أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ لَوَطِئْتُ الْبِلَادَ كُلَّهَا غَيْرَ
طَيْبَةَ، قَالَتْ: فَأَخْرَجَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
فَحَدَّثَ النَّاسَ، فَقَالَ: هَذِهِ طَيْبَةُ، وَذَاكَ الدَّجَّالُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
الْحُلْوَانِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو طَارِقٍ: مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عفان حدثنا أسباط
ابن مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَامِرٍ عَنْ
فَاطِمَةَ بنت قيس فنكر هَذَا الْحَدِيثَ بِزِيَادَاتِ أَلْفَاظٍ فِيهِ،
قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَلَقِيتُ مُحَرَّرُ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ
فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ:
صَدَقَ أَشْهَدُ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَنِي بِهَذَا
الْحَدِيثِ، فَلَقِيتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ
فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: صَدَقْتَ وَأَشْهَدُ عَلَى عَائِشَةَ أَنَّهَا
حَدَّثَتْنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّهَا زَادَتْ فِيهِ: أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَمَكَّةُ مِثْلُهَا
[ (4) ] .
قُلْتُ: وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ فاطمة بنت قيس.
__________
[ (3) ] الحديث في مسلم عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الحلواني، في: 52-
كتاب الفتن، (24) باب قصة الجساسة، الحديث (121) ، ص (4: 2265) ، وأخرجه
مسلم قبله الحديث (119) مطوّلا.
[ (4) ] هذه الزيادة في مسلم في الحديث (119) من كتاب الفتن.
(5/417)
بَابُ مَا رُوِيَ فِي قُدُومِ هَامَةَ بْنِ
هَيْمَ بْنِ لَاقِيسَ بْنِ إِبْلِيسَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِسْلَامِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ
الْعَلَوِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ
حَمْدَوَيْهِ بن سهل الغازي الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ
حَمَّادٍ الْآمُلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ،
أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ قَالَ:
قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ تِهَامَةَ إِذْ
أَقْبَلَ شَيْخٌ بِيَدِهِ عَصًا، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله
عليه وَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ: نَغَمَةُ جِنٍّ
وغمعمتهم [ (1) ] مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا هَامَةُ بْنُ هَيْمَ بْنِ
لَاقِيسَ بْنِ إِبْلِيسَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: فَمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ إِبْلِيسَ إِلَّا أَبَوَانِ، فَكَمْ
أَتَى عَلَيْكَ مِنَ الدُّهُورِ؟ قَالَ: أَفْنَيْتُ الدُّنْيَا عُمُرَهَا
إِلَّا قَلِيلًا لَيَالِيَ قَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ كُنْتُ غُلَامًا ابْنَ
أَعْوَامٍ أَفْهَمُ الْكَلَامَ وَأَمُرُّ بِالْآكَامِ، وَآمُرُ بِفَسَادِ
الطَّعَامِ، وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِئْسَ عمل الشيخ المقوسّم وَالشَّابِّ
الْمُتَلَوِّمِ، قَالَ: ذَرْنِي مِنَ التِّرْدَادِ إِنِّي تَائِبٌ إِلَى
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنِّي كُنْتُ مَعَ نُوحٍ، فِي مَسْجِدِهِ مَعَ مَنْ
آمن به من قومك فَلَمْ أَزَلْ أُعَاتِبُهُ عَلَى دَعْوَتِهِ عَلَى قَوْمِهِ
حَتَّى بَكَى وَأَبْكَانِي وَقَالَ: لَا جرم أني على ذلك مِنَ
النَّادِمِينَ وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ، قَالَ:
قُلْتُ يَا نُوحُ إني ممن اشترك
__________
[ (1) ] كذا في الأصول، والبداية والنهاية، وجاء عند العقيلي وغيره:
«وغنتهم» .
(5/418)
فِي دَمِ السَّعِيدِ الشَّهِيدِ هَابِيلَ
بْنِ آدَمَ فَهَلْ تَجِدُ لِي عِنْدَ رَبِّكَ تَوْبَةً؟ قَالَ: يَا هَامُ
هُمَّ بِالْخَيْرِ وَافْعَلْهُ قَبْلَ الْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ إِنِّي
قَرَأْتُ فِيمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ
تَابَ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بَالِغٌ أَمْرُهُ مَا بَلَغَ إِلَّا تَابَ
اللهُ عَلَيْهِ قُمْ فَتَوَضَّأْ وَاسْجُدْ لِلَّهِ [ (2) ] سَجْدَتَيْنِ،
قَالَ: فَفَعَلْتُ مِنْ سَاعَتِي مَا أَمَرَنِي بِهِ فَنَادَانِي: ارْفَعْ
رَأْسَكَ فَقَدْ نَزَلَتْ توْبَتُكَ مِنَ السَّمَاءِ، قَالَ: فَخَرَرْتُ
لِلَّهِ سَاجِدًا جَزْلًا.
وَكُنْتُ مَعَ هُوَدٍ فِي مَسْجِدِهِ مَعَ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِهِ فَلَمْ
أَزَلْ أُعَاتِبُهُ عَلَى دَعْوَتِهِ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى بَكَى
عَلَيْهِمْ وَأَبْكَانِي، فَقَالَ: لَا جَرَمَ إِنِّي عَلَى ذَلِكَ مِنَ
النَّادِمِينَ، وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ.
وَكُنْتُ مَعَ صَالِحٍ فِي مَسْجِدِهِ مَعَ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنْ قَوْمِهِ،
فَلَمْ أَزَلْ أُعَاتِبُهُ عَلَى دَعْوَتِهِ عَلَى قَوْمِهِ حَتَّى بَكَى
عَلَيْهِمْ وَأَبْكَانِي، فَقَالَ: أَنَا عَلَى ذَلِكَ مِنَ النَّادِمِينَ
وَأَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ.
وَكُنْتُ زَوَّارَ يَعْقُوبَ.
وَكُنْتُ مَعَ يُوسُفَ بِالْمَكَانِ الْأَمِينِ، وَكُنْتُ أَلْقَى
إِلْيَاسَ فِي الْأَوْدِيَةِ وَأَنَا أَلْقَاهُ الْآنَ.
وَإِنِّي لَقِيتُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فَعَلَّمَنِي مِنَ التَّوْرَاةِ،
وقال: اني لَقِيتَ عِيسَى يَعْنِي ابْنَ مَرْيَمَ فَأَقْرِئْهُ عَنْ مُوسَى
السَّلَامَ، وَإِنَّ عِيسَى قَالَ: إِنْ لَقِيتَ مُحَمَّدًا [صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [ (3) ] فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، قَالَ:
فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنَيْهِ
فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى عِيسَى السَّلَامُ مَا دَامَتِ الدُّنْيَا،
وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا هَامُ بِأَدَائِكَ الْأَمَانَةَ، قَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ افْعَلْ بِي مَا فَعَلَ مُوسَى: إِنَّهُ عَلَّمَنِي مِنَ
التَّوْرَاةِ، فَعَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ «وَالْمُرْسَلَاتِ» وَعَمَّ يَتَساءَلُونَ
وَإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وقُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ، وَقَالَ: ارفع إلينا
__________
[ (2) ] ليست في (ف) .
[ (3) ] ليست في (ح) ، ولا في (ك) .
(5/419)
حَاجَتَكَ يَا هَامَةُ، وَلَا تَدَعْ
زِيَارَتَنَا، قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله
عليه وسلم وَلَمْ يَنْعَهُ إِلَيْنَا، فَلَسْنَا نَدْرِي أَحَيٌّ أَمْ
مَيِّتٌ.
قُلْتُ أَبُو مَعْشَرٍ الْمَدَنِيُّ قَدْ رَوَى عَنْهُ الْكِبَارُ إِلَّا
أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يُضَعِّفُونَهُ.
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَقْوَى مِنْهُ وَاللهُ
اعلم [ (4) ] .
__________
[ (4) ] رَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ الإمام أحمد في زوائد الزهد، والعقيلي
في الضعفاء (1: 98) من تحقيقنا وقال:
«لا أصل له» ، وابن مردويه في التفسير من طريق ابي سلمة محمد بن عبد الله
الأنصاري أحد الضعفاء، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مشعر، عَنْ عَبْدِ
الْعَزِيزِ بْنِ أبي بجير احد المتروكين، ثلاثتهم عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ،
عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وابو نعيم، في الحلية والدلائل،
والمستنفري في الصحابة، والفاكهي في كتاب مكة، وطريق البيهقي أقوى الطرق،
وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، والسيوطي في اللآلي المصنوعة (1: 174) ،
والعقيلي في ترجمة إسحاق بن بشر الكاهلي الكذاب، وانظر اللآلئ المصنوعة في
الأحاديث الموضوعة، وبمجموع هذه الطرق يعلم ان الحديث ضعيف.
(5/420)
بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْتِقَاءِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِلْيَاسَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ وَإِسْنَادُ حَدِيثِهِ ضَعِيفٌ وَاللهُ أَعْلَمُ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا [ (1) ]
أَبُو الْعَبَّاسِ: أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَغْدَادِيُّ ببخارا،
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَحْمُودٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ
سِنَانٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا
يَزِيدُ الْعَلَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ
الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ،
فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فَإِذَا رَجُلٌ فِي الْوَادِي يَقُولُ:
اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ الْمَرْحُومَةِ الْمَغْفُورَةِ
الْمُثَابِ لَهَا قَالَ: فَأَشْرَفْتُ عَلَى الْوَادِي، فَإِذَا رَجُلٌ
طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟
[قَالَ] : [ (2) ] قُلْتُ:
أَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ خَادِمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قُلْتُ: هُوَ [ (3) ] ذَا يَسْمَعُ
كَلَامَكَ، قَالَ: فَأْتِهِ فَأَقْرِئْهُ السلام وقل به: أَخُوكَ إِلْيَاسُ
يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَجَاءَ حَتَّى لَقِيَهُ فَعَانَقَهُ وَسَلَّمَ
عَلَيْهِ، ثُمَّ قَعَدَا يَتَحَدَّثَانِ [ (4) ] فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ
اللهِ اني مآكل فِي السَّنَةِ إِلَّا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمُ فِطْرِي
فَآكُلُ أنا وأنت،
__________
[ (1) ] في (ح) : «حدثني» .
[ (2) ] الزيادة من (ح) و (ف) .
[ (3) ] ليست في (ح) .
[ (4) ] في (ح) : «يتحادثان» .
(5/421)
قَالَ: فَنَزَلَتْ عَلَيْهِمَا مَائِدَةٌ
مِنَ السَّمَاءِ عَلَيْهَا خُبْزٌ وَحُوتٌ وَكَرَفْسٌ، فَأَكَلَا
وَأَطْعَمَانِي وَصَلَّيْنَا الْعَصْرَ، ثُمَّ وَدَّعَهُ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ
مَرَّ فِي السَّحَابِ نَحْوَ السَّمَاءِ.
قُلْتُ هَذَا الَّذِي رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي قُدْرَةِ اللهِ
تَعَالَى جَائِزٌ وَبِمَا خَصَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ يُشْبِهُ، إِلَّا أَنَّ
إِسْنَادَ هَذَا الحديث ضعيف [ (5) ] بتمرّة وَفِيمَا صَحَّ مِنَ
الْمُعْجِزَاتِ كِفَايَةٌ وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ.
__________
[ (5) ] رواه الحاكم، وفي سنده يزيد بن يزيد الموصلي ذكره الذهبي في
الميزان (4: 441) ، وقال:
«عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ بحديث باطل، خرجّه الحاكم في مستدركه
... فما استحيى الحاكم من الله يصحح مثل هذا» .
ثم قال الذهبيّ في تلخيص المستدرك: «هذا موضوع، قبح الله من وضعه، وما كنت
احسب ان الجهل يبلغ بالحاكم الى ان يصحح هذا، وهو مما افترى يزيد الموصلي»
. كما أورده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال: «إنه حديث باطل» .
(5/422)
بَابُ مَا رُوِيَ فِي سَمَاعِهِ كَلَامَ
الْخَضِرِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ
عَدِيٍّ الْحَافِظُ، [حَدَّثَنَا] [ (1) ] مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ
عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللهِ ابن نَافِعٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ،
عَنْ جَدِّهِ.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ
فَسَمِعَ كَلَامًا مِنْ زَاوِيَةٍ وَإِذَا هُوَ بِقَائِلٍ يَقُولُ اللهُمَّ
أَعِنِّي عَلَى مَا يُنَجِّينِي مِمَّا خَوَّفْتَنِي، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ: أَلَا تَضُمُّ
إِلَيْهَا أُخْتَهَا، فَقَالَ: اللهُمَّ ارْزُقْنِي شَوْقَ الصَّادِقِينَ
إِلَى مَا شَوَّقْتَهُمْ إِلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه
وَسَلَّمَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ مَعَهُ: اذْهَبْ يَا أَنَسُ
فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم.
اسْتَغْفِرْ لِي، فَجَاءَ أَنَسٌ فَبَلَّغَهُ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ:
يَا أَنَسُ أَنْتَ [رَسُولُ] [ (2) ] رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وَسَلَّمَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ: كَمَا أَنْتَ فَرَجَعَ وَاسْتَثْبَتَهُ
[فَقَالَ] [ (3) ] رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْ
لَهُ: نَعَمْ فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ فَقُلْ لَهُ فَضَّلَكَ
[اللهُ] [ (4) ] عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِمِثْلِ مَا فَضَّلَ رَمَضَانَ
عَلَى الشُّهُوَرِ، وَفَضَّلَ أُمَّتَكَ
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) ، وفي (ف) ، (ك) : «قال: حدثنا» .
[ (2) ] سقطت من (أ) .
[ (3) ] ليست في (ف) .
[ (4) ] الزيادة من (ح) ، (أ) .
(5/423)
عَلَى الْأُمَمِ مِثْلَ مَا فَضَّلَ يَوْمَ
الْجُمُعَةِ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ فَإِذَا
هُوَ الْخَضِرُ عَلَيْهِ السَّلَامُ [ (5) ]
__________
[ (5) ] رَوَاهُ ابْنُ عدي عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر بْنِ
عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، ورواه الطبراني في الأوسط، وابن عساكر
من ثلاث طرق عن أنس، وأورده بطوله جلال الدين السيوطي في اللآلئ المصنوعة.
(1: 164) ، وختمه بقوله: عبد الله بن نافع ليس بشيء، متروك.
وجاء في حاشية النسخة (1) ما يلي: «جدّ كثير هذا هو عمرو بن عوف المزني،
وكثير لا يحتج بحديثه» قاله الحافظ أبو محمد عبد العظيم المنزلي.
وجاء في المجروحين (2: 221) في ترجمة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف
المزني: (منكر الحديث جدا) يروي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها
في الكتب، ولا الرواية عنه إلا جهة التعجب، وكان الشافعي رحمه الله يقول:
«كثير بن عبد الله المزني ركنّ من اركان الكذب» .
قال الذهبي في الميزان (3: 406) : «قاله له ابن عمران القاضي: يا كثير أنت
رجل بطّال، تخاصم فيما لا تعرف، وتدعي ما ليس لك، وما لك بينة، فلا تقربني
إلا أن تراني تفرغت لأهل البطالة» ، وتابع الذهبي قائلا: «وأما الترمذي
فروى من حديثه: «الصلح جائز بين المسلمين» ، وصححه! قال الذهبي: «فلهذا لا
يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي» .
(5/424)
بَابُ مَا جَاءَ فِي قِصَّةِ وَصِيِّ
عِيسَى بن مَرْيَمَ [ (1) ] عَلَيْهِ السَّلَامُ وَظُهُورِهِ فِي زَمَنِ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلٍ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرَوَيَهِ الْمَرْوَزِيُّ،
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ حُبَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو:
عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّمَّاكِ بِبَغْدَادَ إِمْلَاءً فِي
شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وثَلَاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ
نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلَى سَعْدِ بْنِ
أَبِي وَقَّاصٍ وَهُوَ بِالْقَادِسِيَّةِ أَنْ وَجِّهْ نَضْلَةَ بْنَ
مُعَاوِيَةَ الْأَنْصَارِيَّ إِلَى حُلْوَانَ الْعِرَاقِ، فَلْيُغِرْ عَلَى
ضَوَاحِيهَا، قَالَ: فَوَجَّهَ سَعْدٌ نَضْلَةَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ
فَخَرَجُوا حتى أتو حُلْوَانَ الْعِرَاقِ، فَأَغَارُوا عَلَى ضَوَاحِيهَا
فَأَصَابُوا غَنِيمَةً وَسَبْيًا، فَأَقْبَلُوا يَسُوقُونَ الْغَنِيمَةَ
وَالسَّبْيَ حَتَّى أَدْرَكَهُمُ الْعَصْرُ وَكَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ
تَغْرُبَ، فَأَلْجَأَ نَضْلَةُ الْغَنِيمَةَ وَالسَّبْيَ إِلَى سَفْحِ
جَبَلٍ ثُمَّ قَامَ، فَأَذَّنَ، فَقَالَ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ،
قَالَ: وَمُجِيبٌ مِنَ الْجَبَلِ يُجِيبُهُ: [قَالَ] [ (2) ] : كَبَّرْتَ
كَبِيرًا يَا نَضْلَةُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
__________
[ (1) ] ليست في (ح) .
[ (2) ] الزيادة من (ح) فقط.
(5/425)
إِلَّا اللهُ فَقَالَ كَلِمَةُ
الْإِخْلَاصِ يَا نَضْلَةُ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا
رَسُولُ اللهِ، قَالَ: هُوَ الدِّينُ وَهُوَ الَّذِي بَشَّرَنَا به عيسى بن
مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَلَى رَأْسِ أُمَّتِهِ تَقُومُ
السَّاعَةُ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: طُوبَى لِمَنْ
مَشَى إِلَيْهَا وَوَاظَبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى
الْفَلَاحِ، قَالَ: أَفْلَحَ مَنْ أَجَابَ مُحَمَّدًا، وَهُوَ الْبَقَاءُ
لِأُمَّتِهِ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: أَخْلَصْتَ
الْإِخْلَاصَ يَا نَضْلَةُ فَحَرَّمَ اللهُ جَسَدَكَ عَلَى النَّارِ،
قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ قُمْنَا فَقُلْتُ مَنْ أَنْتَ
يَرْحَمُكَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَمَلَكٌ أَنْتَ أَمْ سَاكِنٌ مِنَ
الْجِنِّ أَوْ مِنْ عِبَادِ اللهِ [الصَّالِحِينَ] ؟ [ (3) ] أَسْمَعْتَ
صَوْتَكَ فَأَرِنَا شَخْصَكَ، فَإِنَّا وَفْدُ اللهِ [وَوَفْدُ رسوله صلى
الله عليه وسلم] [ (4) ] ووفد عمر ابن الْخَطَّابِ، قَالَ: فَانْفَلَقَ
الْجَبَلُ عَنْ هَامَةٍ كَالرَّحَى أَبْيَضَ الرَّأْسِ [ (5) ]
وَاللِّحْيَةِ عَلَيْهِ طِمْرَانَ مِنْ صُوفٍ فَقَالَ: السَّلَامُ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقُلْنَا عَلَيْكُمُ
السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكُ اللهُ؟
فَقَالَ: أَنَا ذُرَيْبُ بْنُ بَرْثَمْلَا وَصِيُّ العبد الصالح عيسى بن
مَرْيَمَ أَسْكَنَنِي هَذَا الْجَبَلَ وَدَعَا لِي بِطُولِ الْبَقَاءِ [
(6) ] إِلَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَكْسِرُ
الصَّلِيبَ وَيَتَبَرَّأُ مِمَّا نَحَلْتَهُ النَّصَارَى، فَأَمَّا إِذْ
فَاتَنِي لِقَاءُ محمد صلى الله عليه وسلم فاقرؤوا عُمَرَ مِنِّي
السَّلَامَ وَقُولُوا له يا عمر سدّ وَقَارِبْ فَقَدْ دَنَا الْأَمْرُ
وَاخْتَبِرُوهُ بِهَذِهِ الْخِصَالِ الَّتِي أُخْبِرُكُمْ بِهَا يَا عُمَرُ
إذا ظهرت هذه الخصاب فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ إِذَا اسْتَغْنَى الرِّجَالُ
بِالرِّجَالِ، وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ، وَانْتَسَبُوا فِي غَيْرِ
مَنَاسِبِهِمْ وَانْتَمَوْا بِغَيْرِ مَوَالِيهِمْ وَلَمْ يَرْحَمْ
كَبِيرُهُمْ صَغِيرَهُمْ [وَلَمْ يُوَقِّرْ صَغِيرُهُمْ كَبِيرَهُمْ] [ (7)
] وَتُرِكَ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ فَلَمْ يُؤْمَرْ بِهِ وترك النهي على
الْمُنْكَرِ فَلَمْ يُنْتَهَ عَنْهُ وَتَعَلَّمَ عَالِمُهُمُ الْعِلْمَ
لِيَجْلِبَ به الدراهم والدنانير
__________
[ (3) ] الزيادة من (ح) وليست في بقية النسخ.
[ (4) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ح) .
[ (5) ] ليست في (ح) .
[ (6) ] في (ح) : «ودعا لي بطول الأمد.
[ (7) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ح) .
(5/426)
وَكَانَ الْمَطَرُ قَيْظًا وَالْوَلَدُ
غَيْظًا وَطَوَّلُوا الْمَنَابِرَ وَفَضَّضُوا الْمَصَاحِفَ وَزَخْرَفُوا
الْمَسَاجِدَ، وَأَظْهَرُوا الرُّشَا، وَشَيَّدُوا الْبِنَاءَ،
وَاتَّبَعُوا الْهَوَى وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَاسْتَخَفُّوا
الدِّمَاءَ، وَتَقَطَّعَتِ الْأَرْحَامُ وَبِيعَ الْحُكْمُ، وَأُكِلَ
الرِّبَا، وَصَارَ التَّسَلُّطُ فَخْرًا، وَالْغِنَى عِزًّا، وَخَرَجَ
الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ،
وَرَكِبَتِ النِّسَاءُ السُّرُوجَ،
قَالَ: ثُمَّ غَابَ عَنَّا وَكَتَبَ بِذَلِكَ نَضْلَةُ إِلَى سَعْدٍ
فَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ عُمَرُ ائْتِ [أَنْتَ] [ (8) ]
وَمَنْ مَعَكَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، حَتَّى تَنْزِلَ هَذَا
الْجَبَلَ فَإِذَا لَقِيتُهُ فَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ فَإِنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ بَعْضَ
أَوْصِيَاءِ عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَزَلَ ذَلِكَ الْجَبَلَ
بِنَاحِيَةِ الْعِرَاقِ، فَنَزَلَ سَعْدٌ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، حَتَّى نَزَلَ الْجَبَلَ أَرْبَعِينَ
يَوْمًا يُنَادِي بِالْأَذَانِ فِي كُلِّ وَقْتِ صَلَاةٍ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ كَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ الرَّاسِبِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَلَمْ يُتَابَعْ
عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا الْحَدِيثُ لِمَالِكِ بْنِ
الْأَزْهَرِ، عَنْ نَافِعٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مَجْهُوَلٌ لَا يُسْمَعُ
بِذِكْرِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ
الشَّعْرَانِيُّ حَدَّثَنِي [ (9) ] جَدِّي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
كَرَامَةَ مُسْتَمْلِي بن الحمامي الكوفة، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ
أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ الرَّمْلِيِّ، عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ،
عَنْ مَالِكِ بْنِ الْأَزْهَرِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
بَعَثَ عُمَرُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى الْعِرَاقِ فَسَارَ فِيهَا
حَتَّى إِذَا كَانَ بِحُلْوَانَ أَدْرَكَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَهُوَ فِي
سَفْحِ جَبَلِهَا فَأَمَرَ مُؤَذِّنَهُ نَضْلَةَ فَنَادَى بِالْأَذَانِ
فَقَالَ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ
__________
[ (8) ] سقطت من (ح) .
[ (9) ] كذا في (أ) ، وفي بقية النسخ حدّثنا.
(5/427)
أَكْبَرُ، فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ مِنَ
الْجَبَلِ كَبَّرْتَ يَا نَضْلَةُ كَبِيرًا فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ، قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: بُعِثَ النَّبِيُّ، قَالَ: حَيَّ عَلَى
الصَّلَاةِ قَالَ كَلِمَةٌ مَقْبُولَةٌ، قَالَ: حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ،
قَالَ: الْبَقَاءُ لَأُمَّةِ أَحْمَدَ، قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ
أَكْبَرُ، قَالَ كَبَّرْتَ كَبِيرًا، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،
قَالَ: كَلِمَةُ حَقٍّ حُرِّمْتَ عَلَى النَّارِ، فَقَالَ لَهُ نَضْلَةُ
يَا هَذَا قَدْ سمعنا قَدْ سَمِعْنَا كَلَامَكَ فَأَرِنَا وَجْهَكَ، قَالَ:
فَانْفَلَقَ الْجَبَلُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ
هَامَتُهُ مِثْلُ الرَّحَى فَقَالَ لَهُ نَضْلَةُ: يَا هَذَا مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا ذُرَيْبُ بْنُ بَرْثَمْلَا وَصِيُّ الْعَبْدِ الصَّالِحِ
عِيسَى بن مَرْيَمَ، دَعَا لِي بِطُولِ الْبَقَاءِ، وَأَسْكَنَنِي هَذَا
الْجَبَلَ إِلَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ فأكسر الصليب وأقتل الخنزير
وأتبرأ مِمَّا عَلَيْهِ النَّصَارَى مَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْنَا: قُبِضَ فَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا حَتَّى
خُضِّلَتْ لِحْيَتُهُ بِالدُّمُوعِ، ثُمَّ قَالَ مَنْ قَامَ فِيكُمْ
بَعْدَهُ قُلْنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: مَا فَعَلَ، قُلْنَا: قُبِضَ،
قَالَ: فَمَنْ قَامَ فِيكُمْ بَعْدَهُ، قُلْنَا: عُمَرُ، قَالَ: قُولُوا
لَهُ يَا عُمَرُ سَدِّدْ، وَقَارِبْ، فَإِنَّ الْأَمْرَ قَدْ تَقَارَبَ
خِصَالًا إِذَا رَأَيْتَهَا فِي أُمَّةِ محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ
فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ إِذَا اكْتَفَى الرِّجَالُ بِالرِّجَالِ
وَالنِّسَاءُ بِالنِّسَاءِ وَكَانَ الْوَلَدُ غَيْظًا، وَالْمَطَرُ
قَيْظًا، وَزُخْرِفَتِ الْمَصَاحِفُ وَذُوِّقَتِ الْمَسَاجِدُ وَتَعَلَّمَ
عَالِمُهُمْ لِيَأْكُلَ بِهِ دِينَارَهُمْ وَدِرْهَمَهُمْ وَخَرَجَ
الْغَنِيُّ فَقَامَ إِلَيْهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ، وَكَانَ أَكْلُ
الرِّبَا فِيهِمْ شَرَفًا، وَالْقَتْلُ فِيهِمْ عِزًّا، فَالْهَرَبَ
الْهَرَبَ.
قَالَ: فَكَتَبَ سَعْدٌ بِهَا إِلَى عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ
صَدَقْتَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْجَبَلِ وصيّ عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
فَأَقَامَ سَعْدٌ بِذَلِكَ الْمَكَانِ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا يُنَادِي
بِالْأَذَانِ فَلَا يُسْتَجَابُ.
هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَشْبَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ بِمَرَّةٍ
وَاللهُ أَعْلَمُ
.
(5/428)
بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ [سَيِّدِنَا] [
(1) ] إِبْرَاهِيمَ بْنِ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَوَفَاتِهِ
وَذَلِكَ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ:
مُحَمَّدُ بْنُ السَّرَّاجِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ، حَدَّثَنَا
زُهَيْرُ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ
قَتَادَةَ، قَالَ: كَانَ الْمُقَوْقِسُ صَاحِبُ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ
وَمِصْرَ بَعَثَ بِمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ حِكَايَةً عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: كَانَ مولدُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ
الْهِجْرَةِ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو
الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ فَهِيمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الْوَاقِدِيُّ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاتَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ
خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ،
وَكَانَ وَفَاتُهُ فِي بَنِي مَازِنٍ عِنْدَ أُمِّ بُرْدَةَ بِنْتِ
الْمُنْذِرِ، مِنْ بَنِي النَّجَّارِ وَمَاتَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ
عَشَرَ شَهْرًا.
قُلْتُ: وَقَدْ قِيلَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَقِيلَ ابْنُ سَبْعِينَ
لَيْلَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ
بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ،
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) .
(5/429)
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ
الْأَيْلِيُّ، وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ،
أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصفار، حدثنا تمام، حَدَّثَنَا مُوسَى
بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ
ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم:
«وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِأَبِي إِبْرَاهِيمَ»
ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ يَعْنِي امْرَأَةَ قَيْنٍ [ (2) ] كَانَ
يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ فَانْطَلَقَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهِ وَانْطَلَقْتُ مَعَهُ،
فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا
بِالصَّبِيِّ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ،
قَالَ أَنَسٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَكِيدُ [ (3) ] بِنَفْسِهِ
فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَدْمَعُ الْعَيْنُ،
وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يُرْضِيَ الرَّبَّ، وَاللهِ
يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ» .
لَفْظُ حَدِيثِ مُوسَى وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ إِلَّا مَا يُرْضِي
رَبَّنَا إِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ.
رَوَاهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ
فَرُّوخَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، فَقَالَ: وَقَالَ مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ [ (4) ] : أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ،
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم:
__________
[ (2) ] (القين) الحداد
[ (3) ] (يكيد بنفسه) : اي يجود بها. ومعناه: وهو في النزع.
[ (4) ] أخرجه مسلم فِي: (43- كِتَابِ الْفَضَائِلِ (15) بَابُ رحمته صلى
الله عليه وسلم الصبيان والعيال ... الحديث رقم (62) ، صفحة (1807) ،
وأخرجه البخاري تعليقا عقيب حديث الحسن. في: 23- كتاب الجنائز، (43) بَابُ
قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: أنا بك لمحزونون. فتح الباري
(3: 173) . وأخرجه ابو داود في الجنائز عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ.
(5/430)
«إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا يُتِمُّ رَضَاعَهُ
فِي الْجَنَّةِ» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ [ (5) ]
.
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحفاظ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ
بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ ابن سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ
اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سليمان بن بلال، عن جعفر ابن
مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَّى عَلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ مَاتَ.
__________
[ (5) ] أخرجه الْبُخَارِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ في: 78- كتاب
الأدب (109) باب من سمى بأسماء الأنبياء الحديث (6195) فتح الباري (10:
577) ، كما أخرجه البخاري أيضا في الجنائز، عن أبي الوليد.
(5/431)
|