دلائل النبوة للبيهقي محققا

جُمَّاعُ أَبْوَابِ دَعَوَاتِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم الْمُسْتَجَابَةِ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَبَرَكَاتِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِيمَا دَعَا فِيهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ دَعَوَاتِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِصَارِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى نَقْلِ جَمِيعِهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِكْثَارِ.

(6/83)


بَابُ مَا جَاءَ فِي ظُهُورِ بَرَكَتِهِ فِي الشَّاةِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَبَنٌ حَتَّى نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ، وَقَدْ مَضَى ذَلِكَ في ذكر نزوله بمخيمتي أُمِّ مَعْبَدٍ [ (1) ] وَنُزُولِهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْأَغْنَامِ الَّتِي كَانَ يَرَعَاهَا ابْنُ أُمِّ مَعْبَدٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: [ (2) ] .
كُنْتُ غُلَامًا يَافِعًا فِي غَنَمٍ لِعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ أَرْعَاهَا فَأَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ هَلْ عِنْدَكَ لَبَنٌ» ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ، قال: «ائتني بِشَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الْفَحْلُ» ، فَأَتَيْتُهُ بِعَنَاقٍ جَذَعَةٍ، فَاعْتَقَلَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَعَلَ يَمْسَحُ ضَرْعَهَا وَيَدْعُو حَتَّى أَنْزَلَتْ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ بِصُحَيْفَةٍ فَاحْتَلَبَ فِيهَا ثُمَّ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: اشْرَبْ فَشَرِبَ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ شَرِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ، ثم قال للضرع: قلص فَقَلَصَ، فَعَادَ كَمَا كَانَ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَوْ قَالَ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ، فَمَسَحَ رَأْسِي وَقَالَ: «إِنَّكَ غُلَامٌ مُعَلَّمٌ» ، قَالَ: فَأَخَذْتُ عَنْهُ سَبْعِينَ
__________
[ (1) ] تقدمت القصة في السفر الثاني بَابُ اجْتِيَازِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بِالْمَرْأَةِ وَابْنِهَا ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ (2: 491) ، وهي عند ابن هشام في السيرة (2: 100) .
[ (2) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (1: 462) ، ورواه ابن سعد (3: 1: 106) عن عفان، عن حماد بهذا الإسناد، وأبو نعيم في الدلائل (114) من طريق الطيالسي.

(6/84)


سُورَةً مَا نَازَعَنِيهَا بَشَرٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ، قَالَ: جِئْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي قَدْ كَادَتْ تَذْهَبُ أَسْمَاعُنَا وَأَبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ [ (3) ] ، فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقْبَلُنَا أَحَدٌ [ (4) ] حَتَّى انْطَلَقَ بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَحْلِهِ وَلِآلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ أَعْنُزٍ يَحْتَلِبُونَهَا، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَزِّعُ اللَّبَنَ بَيْنَنَا، وَكُنَّا نَرْفَعُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم نصيبه فيجيء فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُ الْيَقْظَانَ، وَلَا يُوقِظُ النَّائِمَ، فَقَالَ لِي الشَّيْطَانُ لَوْ شَرِبْتَ هَذِهِ الْجَرْعَةَ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْتِي الْأَنْصَارَ فيحتفونه فَمَا زَالَ حَتَّى شَرِبْتُهَا، فَلَمَّا شَرِبْتُهَا نَدَمَنِي، وَقَالَ: مَا صَنَعْتَ يَجِيءُ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَلَا يَجِدُ شَرَابَهُ فَيَدْعُو عَلَيْكَ فَتَهْلَكَ، فَأَمَّا صَاحِبَايَ فَشَرِبَا شَرَابَهُمَا وَنَامَا، وَأَمَّا أَنَا فَلَمْ يَأْخُذْنِي النَّوْمُ وَعَلَيَّ شَمْلَةٌ لِي إِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى رَأْسِي بَدَتْ فِيهَا قَدَمَايَ، وَإِذَا وَضَعْتُهَا عَلَى قَدَمَيَّ بَدَا رَأْسِي، وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يَجِيءُ فَصَلَّى مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يُصَلِّيَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى شَرَابِهِ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ يَدْعُو الْآنَ عَلَيَّ فَأَهْلِكُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ أَطْعِمْ مَنْ أَطْعَمَنِي، وَاسْقِ مَنْ سَقَانِي، فَأَخَذْتُ الشَّفْرَةَ وَأَخَذْتُ الشَّمْلَةَ وَانْطَلَقْتُ إِلَى الْأَعْنُزِ أَجُسُّهُنَّ أَيُّهُنَّ أَسْمَنُ كَيْ أَذْبَحَهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ فَأَخَذْتُ إِنَاءً لِآلِ محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ، فَحَلَبْتُ حَتَّى عَلَتْهُ الرَّغْوَةُ، ثُمَّ أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ، ثُمَّ نَاوَلْتُهُ فَشَرِبَ، ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ، ثُمَّ ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الْأَرْضِ فَقَالَ لِي إِحْدَى سَوْآتِكَ [ (5) ] يَا مقداد، فأنشأت
__________
[ (3) ] (الجهد) : الجوع والمشقة.
[ (4) ] فقط كانوا مقلين أيضا ليس عندهم شيء يواسون به.
[ (5) ] أي أنك فعلت سوأة من الفعلات فما هي؟

(6/85)


أُخْبِرُهُ بِمَا صَنَعْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا كَانَتْ إِلَّا رَحْمَةً مِنَ اللهِ [ (6) ] لَوْ كُنْتَ أَيْقَظْتَ صَاحِبَيْكَ فَأَصَابَا مِنْهَا» فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أُبَالِي إِذَا أَصَبْتَهَا أَنْتَ وَأَصَبْتُ فَضْلَتَكَ مَنْ أَخْطَأْتُ مِنَ النَّاسِ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ من حديث شَبَابَةَ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ
[ (7) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ الاسفرائني، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْمُهَاجِرُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ:
بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَزْوَاجِهِ أَوْ إِلَى أَبْيَاتِهِ التِّسْعَةِ يَطْلُبُ طَعَامًا وَعِنْدَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يُوجَدْ فَنَظَرَ إِلَى عَنَاقٍ فِي الدَّارِ مَا نُتِجَتْ شَيْئًا قَطُّ، فَمَسَحَ مَكَانَ الضَّرْعِ: فَدَفَعْتُ بِضَرْعٍ مُدَلًّى بَيْنَ رِجْلَيْهَا، قَالَ: فَدَعَا بِقَعْبٍ فَحَلَبَ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى أَبْيَاتِهِ قَعْبًا ثُمَّ قَعْبًا، ثُمَّ حَلَبَ فَشَرِبَ وَشَرِبُوا، قَالَ عَلِيٌّ لَمْ يَذْكُرْ لَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَنَا به مرسلا.
__________
[ (6) ] أي إحداث هذا اللبن في غير وقته.
[ (7) ] صحيح مسلم في: 36- كتاب الاشربة، (32) باب إكرام الضيف، الحديث (174) صفحة (1625- 1626) .

(6/86)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِأَهْلِهِ وَهُوَ يُرِيدُ نَفْسَهُ وَمَنْ فِي نَفَقَتِهِ بِالْكَفَافِ مِنَ الرِّزْقِ فَرُزِقُوا ذَلِكَ وَصَبَرُوا عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رَجَاءٍ الْأَدِيبُ، قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ (ح) .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ: قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْأَشَجِّ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ [ (1) ] .
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ مَضَى فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ كَيْفَ كَانَ عيشهم.
__________
[ (1) ] تقدم، وانظر فهرس الأحاديث الملحق بآخر الكتاب وقد أخرجه الستة سوى أبي داود، صحيح مسلم (4: 2281) ، ومعناه: اللهم ارزق آل محمد كفايتهم من غير إسراف، وجاء في رواية أخرى: كفافا: أي سدّ الرمق.

(6/87)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دَعْوَةِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ظَهَرَ في طَعَامِهِ بِبَرَكَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ أَنْبَأَنَا مَالِكٌ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمَعْرُوفِ الْفَقِيهُ الإسفرائني بِهَا، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَيْهَقِيُّ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ:
قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ لَقَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ضَعِيفًا أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ [ (1) ] فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خمارا لها فلفّت الخبر بِبَعْضِهِ- زَادَ يَحْيَى: ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ ثَوْبِي.
وَرَدَّتْنِي [ (2) ] بِبَعْضِهِ، ثُمَّ اتَّفَقَا، قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
__________
[ (1) ] (ح) «اعرف فيه اثر الجوع» .
[ (2) ] (ردتني) اي جعلت بعضه رداء على رأسي.

(6/88)


فَذَهَبْتُ بِهِ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْسَلَكَ أَبُو طَلْحَةَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ مَعَهُ: «قُومُوا» ، قَالَ: فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقْتُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى جِئْتُ أَبَا طَلْحَةَ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ لَقَدْ جَاءَ رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ وَلَيْسَ عِنْدَنَا مَا نُطْعِمُهُمْ، فَقَالَتِ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو طَلْحَةَ حَتَّى لَقِيَ رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: «هَلُمِّي. مَا عِنْدَكِ. يَا أُمَّ سُلَيْمٍ» ! فَأَتَتْ بِذَلِكَ الْخُبْزِ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفُتَّ وَعَصَرَتْ عَلَيْهِ أُمُّ سُلَيْمٍ عُكَّةً لَهَا [ (3) ] فَأَدَمَتْهُ [ (4) ] ثُمَّ قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ قَالَ: ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فَأَذِنَ لَهُمْ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا- زَادَ قُتَيْبَةُ: ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ خَرَجُوا ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ:
ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، فَأَكَلَ الْقَوْمُ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ أَوْ ثَمَانُونَ رَجُلًا.
وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى: ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لِعَشَرَةٍ، حَتَّى أَكَلَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ وَشَبِعُوا وَالْقَوْمُ سَبْعُونَ رَجُلًا أَوْ ثَمَانُونَ وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَقُتَيْبَةَ وَحَدِيثُ الشَّافِعِيِّ مُخْتَصَرٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى [ (5) ] .
__________
[ (3) ] (العكة) وعاء صغير من جلد للسمن.
[ (4) ] (أدمته) أي جعلت فيه إداما.
[ (5) ] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عن قتيبة في: 83- كتاب الإيمان والنذور، (22) باب إذا حلف ان لا يأتدم فأكل تمرا بخبز، وما يكون منه الأدم، الحديث (6688) ، فتح الباري (11: 570) .
وأخرجه البخاري (أيضا) بطوله في: 61- كتاب المناقب: (25) باب علامات النبوة في الإسلام، الحديث (3578) ، فتح الباري (6: 586) ، ومختصرا في الصلاة باب (43) كلاهما عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يوسف.
وأخرجه مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يحيى، في: 36- كتاب الأشربة، (20) باب جواز استتباعه غيره إلى.

(6/89)


وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا [ (6) ] أَبُو الحسن: علي بن محمد ابن سَخْتَوَيْهِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ ثُمَّ دَسَّتْهُ تَحْتَ يَدَيَّ وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ وَزَادَ عِنْدَ قَوْلِهِ: أَأَرْسَلَكِ أَبُو طَلْحَةَ؟ فَقُلْتُ، نَعَمْ، فَقَالَ: بِطَعَامٍ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِيَ نَحْوَ حَدِيثِ يَحْيَى [بْنِ يَحْيَى] [ (7) ] .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ: عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَدْعُوَهُ وَقَدْ جَعَلَ لَهُ طَعَامًا، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيَّ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقُلْتُ: أَجِبْ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: قُومُوا، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّمَا صَنَعْتُ شَيْئًا لَكَ، فَقَالَ: فَمَسَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا فِيهَا بِالْبَرَكَةَ، وَقَالَ: أَدْخِلْ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِي عَشَرَةً [وَقَالَ كُلُوا وَأَخْرَجَ لَهُ شَيْئًا بَيْنَ أَصَابِعِهِ] [ (8) ] فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَخَرَجُوا وَقَالَ: أَدْخِلْ عَشَرَةً، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَخَرَجُوا، فَمَا زَالَ يَدْخُلُ عَشَرَةٌ وَيَخْرُجُ عَشَرَةٌ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَ، فَأَكَلَ حَتَّى شَبِعَ، قَالَ: ثُمَّ هَيَّأَهَا فَإِذَا هِيَ مِثْلُهَا حِينَ أَكَلُوا مِنْهَا.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ [ (9) ] عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي شيبة، وأخرجه أيضا من
__________
[ () ] دار من يثق برضاه، الحديث (142) ، ص (1612) .
وأخرجه الترمذي في: 50- كتاب المناقب، عن إسحاق بن موسى (5: 595- 596) .
[ (6) ] كذا في (أ) ، وفي بقية النسخ: «حدثني» .
[ (7) ] ليست في (ح) .
[ (8) ] ما بين الحاصرتين ليست في (ح) .
[ (9) ] صحيح مسلم (3: 1612) ، الحديث 143 من كتاب الأشربة.

(6/90)


حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى [ (10) ] ، وَيَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عبد الله ابن أَبِي طَلْحَةَ، وَعَمْرِو بْنِ عبد الله بن أبي طَلْحَةَ، ويَعْقُوبَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَفِي حَدِيثِ بَعْضِهِمْ ثُمَّ أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَأَفْضَلُوا مَا بَلَغَ جِيرَانَهُمْ
[ (11) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، وَأَبُو بَكْرٍ: أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، وأبو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ ابن يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يَعْنِي ابْنَ الْمُنَادِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ اذْهَبْ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَغَدَّا عِنْدَنَا فَافْعَلْ، فَقَالَ: وَمَنْ عِنْدِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَجِئْتُ فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ وَأَنَا مُدْهَشٌ لِمَنْ أَقْبَلَ مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: مَا صَنَعْتَ يَا أَنَسُ! فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ فَذَكَرْتُ لَهُ الَّذِي أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ وَهَذَا غَدَاؤُكَ، قَالَ:
هَلْ عِنْدَكِ سَمْنٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَدْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عُكَّةٌ، وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ سَمْنٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُهَا، قَالَ: فَجِئْتُهُ بِهَا، فَفَتَحَ رِبَاطَهَا، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ، اللهُمَّ عَظِّمْ فِيهِ الْبَرَكَةَ، فَقَالَ: اقْلِبِيهَا فاقلبتها فَعَصَرَهَا نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُسَمِّي، فَأَخَذَتْ تَقَعُ فَأَكَلَ مِنْهَا بِضْعٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا، فَفَضَلَ مِنْهَا فَضْلٌ فَدَفَعَهَا إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَقَالَ:
كُلِي وَأَطْعِمِي جِيرَانَكَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ [ (12) ] عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ، وَفِي الْبَابِ عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ، وعن هشام عن
__________
[ (10) ] صحيح مسلم (3: 1613) ، وكل هذه الروايات تتلو بعضها في صحيح مسلم.
[ (11) ] صحيح مسلم (3: 1614) .
[ (12) ] رواية مسلم عن حجاج في الصحيح (3: 1614) .

(6/91)


محمد بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ، وَعَنْ سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرِ فَحَبَسَتْهُ فَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فذكرت الْحَدِيثَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، وَفِي مِثْلِ هَذَا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ وَقَدْ مَضَى فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ.

(6/92)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَصْعَةِ الَّتِي كَانَتْ تُمَدُّ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنُ بِشْرَانَ، الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ هُوَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ فَتَعَاقَبُوهَا إِلَى الظُّهْرِ مُنْذُ غُدْوَةٍ، يَقُومُ قَوْمٌ وَيَقْعُدُ آخَرُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ لِسَمُرَةَ: هَلْ كَانَتْ تُمَدُّ، قال: قَالَ: فَمِنْ أَيْشِ تَعْجَبُ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا من ها هنا وَأَشَارَ إِلَى السَّمَاءِ. وَأَشَارَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ إِلَى السَّمَاءِ.
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ [ (1) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بن الحسين ابن نَصْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، أَنَّ قَصْعَةً كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ مِنْهَا قَالَ فَكُلَّمَا شَبِعَ قَوْمٌ قَامُوا وَجَلَسَ مَكَانَهَمْ أُنَاسٌ آخَرُونَ قَالَ كَذَلِكَ إِلَى صَلَاةِ الْأُولَى، قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ: أَمَا تُمَدُّ بِشَيْءٍ! فَقَالَ سَمُرَةُ: فَمِمَّ تَعْجَبُ لَوْ كَانَتْ تُمَدُّ بِشَيْءٍ لَمْ تَتَعَجَّبْ مَا كَانَتْ تُمَدُّ إِلَّا مِنْ ها هنا، فَأَوْمَأَ إِلَى السَّمَاءِ أَوْ كما قال [ (2) ] .
__________
[ (1) ] مسند أحمد (5: 18) .
[ (2) ] مسند أحمد (5: 12) .

(6/93)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دَعْوَةِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمَا ظهر في طعامه ببركة رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن محمد المقري، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بن إسحاق الاسفرايني، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْوَرْدِ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: صَنَعْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا وَلِأَبِي بَكْرٍ قَدْرَ مَا يَكْفِيهِمَا، فَأَتَيْتُهُمَا بِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي بِثَلَاثِينَ مِنْ أَشْرَافِ الْأَنْصَارِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيَّ وَقُلْتُ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ أَزِيدُهُ، فَكَأَنِّي تَغَافَلْتُ، قَالَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي بِثَلَاثِينَ مِنْ أشراف الأنصار، فدعوتهم فجاؤوا فَقَالَ اطْعَمُوا فَأَكَلُوا حَتَّى صَدَرُوا، ثُمَّ شَهِدُوا أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَبَايَعُوهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي سِتِّينَ قَالَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ [ (1) ] قَالَ فَأَكَلَ مِنْ طَعَامِي ذَلِكَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا كُلُّهُمْ مِنَ الأنصار [ (2) ] .
__________
[ (1) ] في (ح) : «ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ» ، فِي (ف) : «وذكر الحديث كالأصل» .
[ (2) ] نقله ابن كثير، (6: 111) ، وقال: «غريب متنا وإسنادا» .

(6/94)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَرَكَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الشَّاةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنَ الْأَعْرَابِيِّ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: «هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟» فَإِذَا مَعَ رَجُلٍ مِنْهُمْ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوِهِ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْعَانٌّ [ (1) ] طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: «أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ؟ أَوْ قَالَ: أَمْ هِبَةٌ؟ قَالَ: لَا بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً فَأَمَرَ بِهَا فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِسَوَادِ الْبَطْنِ [ (2) ] أَنْ يُشْوَى، قَالَ: وَايْمُ اللهِ مَا مِنَ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ إِلَّا وَقَدْ حَزَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ، قَالَ: وَجَعَلَ فِيهَا قَصْعَتَيْنِ فَأَكَلْنَا مِنْهَا أَجْمَعُونَ وَشَبِعْنَا وَفَضَلَ فِي الْقَصْعَتَيْنِ فَحُمِلَتَا عَلَى الْبَعِيرِ أَوْ كَمَا قال:
__________
[ (1) ] (مشعانّ) منتفش الشعر.
[ (2) ] اي الكبد.

(6/95)


رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ [ (3) ] بْنِ مُعَاذٍ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَارِمٍ، عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ [ (4) ] سُلَيْمَانَ.
__________
[ (3) ] أخرجه مُسْلِمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ معاذ في: 36- كتاب الأشربة (32) باب إكرام الضيف وفضل إيثاره، الحديث (175) ، ص (1626- 1627) .
[ (4) ] البخاري في الهبة فتح الباري (5: 230) .

(6/96)


بَابُ مَا ظَهْرَ فِي النَّخْلِ الَّتِي غَرَسَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَأَطْعَمَتْ مِنْ سَنَتِهِ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ، وَاسْتِبْرَائِهِ عِنْدَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ، وَمَا وَصَفَ لَهُ مِنْ حَالِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا موسى ابن إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنِ الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ سَلْمَانَ، لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَدِيَّةٍ عَلَى طَبَقٍ، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا سَلْمَانُ؟ قَالَ: صَدَقَةٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَصْحَابِكَ! قَالَ: إِنِّي لَا آكُلُ الصَّدَقَةَ، فَرَفَعَهَا، ثُمَّ جَاءَهُ مِنَ الْغَدِ بِمِثْلِهَا، فَوَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ:
هَدِيَّةٌ لَكَ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا. قَالُوا: لِمَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: لِقَوْمٍ، قَالَ: فَاطْلُبْ إِلَيْهِمْ أَنْ يُكَاتِبُوكَ، قَالَ فَكَاتَبُونِي عَلَى كَذَا وَكَذَا نَخْلَةٍ اغْرِسُهَا لَهُمْ وَيَقُومُ عَلَيْهَا سَلْمَانُ حَتَّى تُطْعِمَ، قَالَ: فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَرَسَ النَّخْلَ كُلَّهُ إِلَّا نَخْلَةً وَاحِدَةً غَرَسَهَا عُمَرُ، فَأَطْعَمَ نَخْلُهُ مِنْ سَنَتِهِ إِلَّا تِلْكَ النَّخْلَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ غَرَسَهَا؟ قَالُوا: عُمَرُ، فَغَرَسَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهَا [ (1) ] .
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: فَجَعَلَ يَغْرِسُ إِلَّا وَاحِدَةً
__________
[ (1) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9: 336- 337) وعزاه للإمام أحمد والبزار، وقال: «ورجاله رجال الصحيح» .

(6/97)


غَرَسْتُهَا بِيَدِي فَعَلِقْنَ جَمِيعًا إِلَّا وَاحِدَةً.
وَرُوِّينَا قِصَّةَ إِسْلَامِ سَلْمَانَ وَمَا سَمِعَ مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ فِي صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ [ (2) ] .
وَأَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ- رَحِمَهُ اللهُ- مِنْ أَصْلِهِ أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي قُرَّةَ الْكِنْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ:
كَانَ أَبِي مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ، وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى الْكُتَّابِ، وَكَانَ مَعِي غُلَامَانِ إِذَا رَجَعَا مِنَ الْكُتَّابِ دَخَلَا عَلَى قِسٍّ، فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا فَقَالَ لَهُمَا: [ (3) ] أَلَمْ أَنْهَكُمَا أَنْ لَا تَأْتِيَانِي بِأَحَدٍ؟ قَالَ: فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ حَتَّى كُنْتُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُمَا، فَقَالَ: يَا سَلْمَانُ! إِذَا سَأَلَكَ أَهْلُكَ مَنْ حَبَسَكَ؟ فَقُلْ: مُعَلِّمِي، وَإِذَا سَأَلَكَ مُعَلِّمُكَ مَنْ حَبَسَكَ فَقُلْ: أَهْلِي، فَقَالَ لِي يَا سَلْمَانُ! إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَحَوَّلَ فَقُلْتُ: أَنَا مَعَكَ.
قَالَ: فَتَحَوَّلَ وَأَتَى قَرْيَةً فَنَزَلَهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ فَلَمَّا حَضَرَ قَالَ:
يَا سَلْمَانُ احْتَفِرْ فَاحْتَفَرْتُ فَاسْتَخْرَجْتُ جَرَّةً مِنْ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: صُبَّهَا عَلَى صَدْرِي، فَصَبَبْتُهَا، فَجَعَلَ يَضْرِبُ بِهَا عَلَى صَدْرِهِ، وَيَقُولُ: وَيْلٌ لِلْقِسِ، فَمَاتَ.
قَالَ فَنَفَخْتُ فِي بُوقِهِمْ، ذَلِكَ، فَاجْتَمَعَ الْقِسِّيسُونَ وَالرُّهْبَانُ، فَحَضَرُوهُ، قَالَ: وَهَمَمْتُ بِالْمَالِ أَنْ أَحْتَمِلَهُ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ عَزَّ وجل صرفني عنه.
__________
[ (2) ] (2: 82) من هذا الكتاب باب ذكر سبب إسلام الفارسي.
[ (3) ] ليست في (ح) .

(6/98)


فَلَمَّا اجْتَمَعَ الْقِسِّيسُونَ قُلْتُ: إِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَالًا فَوَثَبَ شَبَابٌ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، فَأَخَذُوهُ، فَلَمَّا دُفِنَ قُلْتُ: يَا مَعْشَرَ الْقِسِّيسِينَ! دُلُّونِي عَلَى عَالِمٍ أَكُونُ مَعَهُ، قَالُوا: لَا نَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَعْلَمَ مِنْ رَجُلٍ كَانَ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَإِنِ انْطَلَقْتَ الْآنَ وَجَدْتَ حِمَارَهُ عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارٍ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ حَتَّى خَرَجَ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ: اجْلِسْ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ.
قَالَ: فَلَمْ أَرَهُ إِلَى الْحَوْلِ، وَكَانَ لَا يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ إِلَّا فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ، فَلَمَّا جَاءَ قُلْتُ مَا صَنَعْتَ لي؟ قال: وانك لها هنا بَعْدُ؟ قُلْتُ:
نَعَمْ، قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ يَتِيمٍ خَرَجَ فِي أَرْضِ ثُمَامَةَ، وَإِنْ تَنْطَلِقِ الْآنَ تُوَافِقْهُ وَفِيهِ ثَلَاثٌ: يَأْكُلُ الْهَدِيَّةِ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةِ، وَعِنْدَ غُضْرُوفِ كَتِفِهِ الْيُمْنَى خَاتَمُ نُبُوَّةٍ مِثْلُ بَيْضَةٍ لَوْنُهَا لَوْنُ جِلْدِهِ، وَإِنِ انْطَلَقْتَ الْآنَ تُوَافِقْهُ.
فَانْطَلَقْتُ تَرْفَعُنِي أَرْضٌ وَتَخْفِضُنِي أُخْرَى حَتَّى أَصَابَنِي قَوْمٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَاسْتَعْبَدُونِي فَبَاعُونِي حَتَّى وَقَعْتُ بِالْمَدِينَةِ،
فَسَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ الْعَيْشُ عَزِيزًا، فَسَأَلْتُ أَهْلِي أَنْ يَهَبُوا لِي يَوْمًا فَفَعَلُوا [ (4) ] ، فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ فَبِعْتُهُ بِشَيْءٍ يَسِيرٍ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقُلْتُ:
صَدَقَةٌ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ كُلُوا، وَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ، فَقُلْتُ: هَذِهِ وَاحِدَةٌ.
فَمَكَثْتُ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ اسْتَوْهَبْتُ أَهْلِي يَوْمًا فَوَهَبُوا لِي يَوْمًا، فَانْطَلَقْتُ فَاحْتَطَبْتُ فَبِعْتُهُ بِأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَصَنَعْتُ طَعَامًا فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا؟ قُلْتُ: هَدِيَّةٌ، فَقَالَ بِيَدِهِ: بِسْمِ اللهِ، خُذُوا، فَأَكَلَ وَأَكَلُوا مَعَهُ.
وَقُمْتُ إِلَى خَلْفِهِ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فَإِذَا خَاتَمُ النُّبُوَّةِ كَأَنَّهُ بَيْضَةٌ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ
__________
[ (4) ] في (ح) : «ففعلت» والضمير عائد الى المرأة التي اشترته.

(6/99)


أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: وَمَا ذَاكَ أَرَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! الْقِسُّ هَلْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّكَ نَبِيٌّ؟ قَالَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ. فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أَخْبَرَنِي أَنَّكَ نَبِيٌّ، قَالَ: لَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مسلمة
[ (5) ] .
__________
[ (5) ] مجمع الزوائد (9: 336) .

(6/100)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الصُّفَّةِ عَلَى لَبَنٍ يَسِيرٍ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَغْدَادِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، كَانَ يَقُولُ: وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الْأَرْضِ، مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ فِيهِ فَمَرَّ بِي أَبُو بَكْرٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي [ (1) ] فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيَسْتَتْبِعَنِي فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا هِرٍّ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ الْحَقْ، وَمَضَى فَاتَّبَعْتُهُ، فَدَخَلَ وَاسْتَأْذَنْتُ فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلْتُ فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟ قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ، قَالَ:
أَبَا هِرٍّ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: الْحَقْ بِأَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي، قَالَ:
وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الْإِسْلَامِ لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلَا مَالٍ، إِذَا أَتَتْهُ صدقة يبعث
__________
[ (1) ] في البخاري: «ليشبعني» .

(6/101)


بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ، أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ. قُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، وَإِنِّي لَرَسُولٌ، فَإِذَا جَاءُوا أَمَرَنِي أَنْ أُعْطِيَهُمْ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا حَتَّى اسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، فَقَالَ: يَا أَبَا هِرٍّ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: خُذْ فَأَعْطِهِمْ، فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ فَجَعَلْتُ أُعْطِيهُ الرَّجُلَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ، فَأَعْطِيهُ لِلْآخَرِ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ الْقَدَحَ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، وَنَظَرَ إِلَيَّ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: يَا أَبَا هِرٍّ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ، قُلْتُ:
صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: اقْعُدْ فَاشْرَبْ، فَقَعَدْتُ وَشَرِبْتُ فَقَالَ: اشْرَبْ، فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: اشرب فشربت، فما زال يَقُولُ فَاشْرَبْ فَأَشْرَبُ حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: فَأَرِنِي فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ [ (2) ] .
__________
[ (2) ] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، في: 81- كتاب الرقاق، (17) باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، الحديث (6452) ، فتح الباري (11: 281) .

(6/102)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَرَكَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الطَّعَامِ الَّذِي قُدِّمَ فِي دَارِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى أَضْيَافِهِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ:
مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ، وَأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ مَرَّةً: مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ [ (1) ] ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ وَسَادِسٍ، أَوْ كَمَا قَالَ. وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشَرَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ، قَالَ: فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي، وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ: وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ قَالَ ضَيْفِكَ؟ قال: أو ما عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ- تَعْنِي- فَغَلَبُوهُمْ، قَالَ:
فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، فَقَالَ يَا غُنْثَرُ! فَجَدَّعَ وَسَبَّ [ (2) ] وَقَالَ كُلُوا، وَقَالَ وَاللهِ لَا
__________
[ (1) ] كذا في مسلم، وعند البخاري: «فليذهب بثالث» ، وهو الموافق للسياق.
[ (2) ] (يَا غُنْثَرُ! فَجَدَّعَ وَسَبَّ) قيل: هو الثقيل الوخيم، وقيل: الجاهل، وجدع: اي دعا بالجدع وهو قطع الأنف، وغيره من الأعضاء والسب: الشتم.

(6/103)


أَطْعَمُهُ أَبَدًا، قَالَ: فَايْمُ اللهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا، قَالَ شَبِعْنَا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ! مَا هَذَا؟ قَالَتْ لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي [ (3) ] لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثُ مِرَارٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ يَعْنِي يَمِينَهُ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ، قَالَ: وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَمَضَى الْأَجَلُ فَعَرَّفْنَا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ نَاسٌ اللهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ غَيْرَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ:
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ مُعْتَمِرٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ معاذ
[ (4) ] .
__________
[ (3) ] (لا وقرة عيني) قال الأصمعي: أقر الله عينه أي: أبرد دمعته، لأن دمعة الفرح باردة، ودمعة الحزن حارة.
[ (4) ] أخرجه البخاري في: 61- كتاب المناقب، (25) باب علامات النبوة في الإسلام، ومسلم في:
36- كتاب الاشربة، (32) باب إكرام الضيف، الحديث (176) ، ص (1627) .

(6/104)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ الْمَرْأَةِ بِالرِّزْقِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُعَاءِ الْآخَرِ بِرَدِّ إِبِلِهِ وَابْنِهِ عَلَيْهِ، وَقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
[ (1) ]
أخبرنا أبو محمد: عبد اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ ابن مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ أَهْلَهُ فَرَأَى مَا بِهِمْ مِنَ الْحَاجَةِ، فَخَرَجَ إِلَى الْبَرِيَّةِ، فَقَالَتِ امْرَأَتَهُ: اللهُمَّ ارْزُقْنَا مَا نَعْتَجِنُ وَنَخْتَبِزُ، قَالَ: فَإِذَا الْجَفْنَةُ مَلْأَى خَمِيرًا، وَالرَّحَى تَطْحَنُ، وَالتَّنُّورُ مَلْأَى خُبْزًا وَشِوَاءً، فَجَاءَ زَوْجُهَا، فَقَالَ: عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ رِزْقٌ، فَرَفَعَ الرَّحَى فَكَنَسَ مَا حَوْلَهُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ تَرَكْتُهَا لَدَارَتْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
[ (2) ] .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ [عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ] [ (3) ] حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:
__________
[ (1) ] الآية الكريمة (3) من سورة الطلاق.
[ (2) ] نقله الحافظ ابن كثير في التاريخ (6: 119) عن المصنف.
[ (3) ] سقطت من (ح) .

(6/105)


أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ ذَا حَاجَةٍ، فَخَرَجَ يَوْمًا وَلَيْسَ عِنْدَ أَهْلِهِ شَيْءٌ، فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: لَوْ أَنِّي حَرَّكْتُ رَحَايَ وَجَعَلْتُ فِي تَنُّورِي سَعَفَاتٍ فَسَمِعَ جِيرَانِي صَوْتَ الرَّحَى وَرَأَوَا الدُّخَانَ، فَظَنُّوا أَنَّ عِنْدَنَا طَعَامًا وَلَيْسَ بِنَا خَصَاصَةٌ، فَقَامَتْ إِلَى تَنُّورِهَا فَأَوْقَدَتْهُ وَقَدْ تَحَرَّكَ الرَّحَى، فَاقْبَلَ زَوْجُهَا وَقَدْ سَمِعَ الرَّحَى، فقامت إليه أتَفْتَحُ لَهُ الْبَابَ، فَقَالَ: مَا كُنْتِ تَطْحَنِينَ؟ فَأَخْبَرَتْهُ، فَدَخَلَ وَإِنَّ رَحَاهُمَا لَتَدُورُ، وَتَصُبُّ دَقِيقًا، فَلَمْ يَبْقَ فِي الْبَيْتِ وِعَاءٌ إِلَّا مليء، ثُمَّ خَرَجَتْ إِلَى تَنُّورِهَا فَوَجَدْتُهُ مَمْلُوءًا خُبْزًا، فَاقْبَلَ زَوْجُهَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَمَا فَعَلَتِ الرَّحَى؟ قَالَ: رَفَعْتُهَا وَنَفَضْتُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تَرَكْتُمُوهَا مَا زَالَتْ كَمَا هِيَ لَكُمْ حَيَاتَكُمْ
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَحْبُوبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو وَهْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُرَاهُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ بَنِي فُلَانٍ أَغَارُوا عَلَيَّ فَذَهَبُوا بِابْنِي وَإِبِلِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لَكَذَا وَكَذَا أَهْلَ بَيْتٍ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: تِسْعَةَ أَبْيَاتٍ، مَا فِيهِنَّ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ، وَلَا مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ. فَسَلِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَرَجَعَ إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَتْ لَهُ: مَا رَدَّ عَلَيْكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَخْبَرَهَا، قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثِ الرَّجُلُ أَنْ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِ إِبِلَهُ وَابْنَهُ أَوْقَرَ مَا كَانَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَأَمَرَهُمْ بِمَسْأَلَةِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَالرَّغْبَةِ إِلَيْهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ: «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» .
__________
[ (4) ] نقله ابن كثير في «التاريخ» (6: 119) ، عن المصنف، وقال: «هذا الحديث غريب سندا ومتنا» .

(6/106)


وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ علي ابن بَذِيمَةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ بَنِي فُلَانٍ أَغَارُوا عَلَيَّ، فَذَهَبُوا بِإِبِلِي وَابْنِي، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِهِ دُونَ ذِكْرِ عَبْدِ اللهِ ابن مَسْعُودٍ فِي إِسْنَادِهِ، دُونَ قَوْلِهِ أُرَاهُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ، وَزَادَ فِيهِ: فَقَالَ: نِعِمَّا رَدَّ عَلَيْكَ.

(6/107)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَمَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ الْإِجَابَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ رَحِمَهُ اللهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ: أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَافِظُ بِهَمَذَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْكَيْسَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، حَدَّثَنَا مُسْهِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عُتْبَةَ أَبِي مُعَاذٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، وَقَدْ ذَهَبَ الدَّمُ مِنْ وَجْهِهَا، وَغَلَبَتِ الصُّفْرَةُ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ادْنِي يَا فَاطِمَةُ، ثُمَّ ادْنِي يَا فَاطِمَةُ، فَدَنَتْ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَوَضَعَهَا عَلَى صَدْرِهَا فِي مَوْضِعِ الْقِلَادَةِ وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ مُشْبِعَ الْجَاعَةِ، وَرَافِعَ الْوَضِيعَةِ، ارْفَعْ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، قَالَ عِمْرَانُ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا وَقَدْ ذَهَبَتِ الصُّفْرَةُ مِنْ وَجْهِهَا، وَغَلَبَ الدَّمُ كَمَا كَانَتِ الصُّفْرَةُ غَلَبَتْ عَلَى الدَّمِ، قَالَ عِمْرَانُ: فَلَقَيْتُهَا بَعْدُ فَسَأَلْتُهَا، فَقَالَتْ: مَا جعلت بَعْدَ ذَلِكَ، يَا عِمْرَانُ [ (1) ] ،
وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إِنَّمَا رَآهَا قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ والله، أعلم [ (2) ] .
__________
[ (1) ] ذكره الهيثمي في «الزوائد» (9: 203) ، وقال: «رواه الطبراني في الأوسط وفيه عتبة بن حميد، وثّقه ابن حبان وغيره، وضعّفه جماعة، وبقية رجاله وثقوا» .
[ (2) ] في (ح) : «والله تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ» .

(6/108)


بَابُ مَا جَاءَ فِي مِزْوَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وما ظَهْرَ فِيهِ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْمَعْرُوفِ الإسفرائيني الفقيه، أنبأنا بشر ابن أَحْمَدَ بْنِ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ نَصْرٍ الْحَذَّاءُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْمُهَاجِرُ مَوْلَى آلِ أَبِي بَكَرَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمَرَاتٍ فَقُلْتُ ادْعُ لِي فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةِ، قَالَ: فَقَبَضَهُنَّ ثُمَّ دَعَا فِيهِنَّ بِالْبَرَكَةَ، ثُمَّ قَالَ: خُذْهُنَّ فَاجْعَلْهُنَّ فِي مِزْوَدٍ أَوْ قَالَ: فِي مِزْوَدِكَ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُنَّ فَأَدْخِلْ يَدَكَ فَخُذْ وَلَا تَنْثِرْهُنَّ نَثْرًا، قَالَ: فَحَمَلَتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكُنَّا نَأْكُلُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ الْمِزْوَدُ [ (1) ] مُعَلَّقًا بِحَقْوِيَّ [ (2) ] لَا يُفَارِقُ حَقْوَيَّ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْقَطَعَ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ هِلَالُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحَفَّارُ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عباس الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ زياد ابو
__________
[ (1) ] (المزود) هو الوعاء من جلد وغيره يجعل فيه الزاد.
[ (2) ] (حقويّ) اي وسطي، والمراد موضع شد الإزار.
[ (3) ] أخرجه الترمذي في مناقب ابي هريرة (5: 585) ، وقال: «هذا حديث حسن غريب، وقد روي من غير هذا الوجه عن ابي هريرة» .

(6/109)


زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَهُمْ عَوَزٌ مِنَ الطَّعَامِ، فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! عِنْدَكَ شَيْءٌ؟ قَالَ: قُلْتُ: شَيْءٌ مِنْ تَمْرٍ فِي مِزْوَدٍ لِي، قَالَ جيء بِهِ.
قَالَ: فَجِئْتُ بِالْمِزْوَدِ، قَالَ: هَاتِ نِطْعًا، فَجِئْتُ بِالنِّطْعِ فَبَسَطْتُهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَقَبَضَ عَلَى التَّمْرِ فَإِذَا هُوَ إِحْدَى وَعِشْرُونَ تَمْرَةً، ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللهِ، فَجَعَلَ يَضَعُ كُلَّ تَمْرَةٍ وَيُسَمِّي، حَتَّى أَتَى عَلَى التَّمْرِ، فَقَالَ بِهِ هَكَذَا، فَجَمَعَهُ، فَقَالَ: ادْعُ فُلَانًا وَأَصْحَابَهُ، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا وَخَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ ادْعُ فُلَانًا وَأَصْحَابَهُ، فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَخَرَجُوا، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ فُلَانًا وَأَصْحَابَهُ، فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا وَخَرَجُوا، وَفَضَلَ تَمْرٌ، قَالَ: فَقَالَ لِي اقْعُدْ فَقَعَدْتُ، فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ، قَالَ: وَفَضَلَ تَمْرٌ، فَأَخَذَهُ فَأَدْخَلَهُ فِي الْمِزْوَدِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِذَا أَرَدْتَ شَيْئًا فَأَدْخِلْ يَدَكَ فَخُذْ وَلَا تَكْفَأْ فَيُكْفَأَ عَلَيْكَ، قَالَ: فَمَا كُنْتُ أُرِيدُ تَمْرًا إِلَّا أَدْخَلْتُ يَدِي فَأَخَذْتُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَسْقًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَانَ مُعَلَّقًا خَلْفَ رِجْلَيَّ فَوَقَعَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَذَهَبَ [ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ أَسْلَمَ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ محمد المقري، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا ابْنُ الخطاب، حدثنا سهل ابن اسلم العذري، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أُصِبْتُ بِثَلَاثِ مَصَائِبَ فِي الْإِسْلَامِ لَمْ أُصَبْ بِمِثْلِهِنَّ بِمَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَكُنْتُ صُوَيْحِبَهُ، وَقَتْلِ عُثْمَانَ، وَالْمِزْوَدِ، قَالُوا: وَمَا الْمِزْوَدُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قال: كنا
__________
[ (4) ] نقله ابن كثير (6: 117) عن المصنف.

(6/110)


مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَمَعَكَ شَيْءٌ؟، قَالَ: قُلْتُ تَمْرًا [فِي مِزْوَدٍ مَعِي قَالَ جيء بِهِ فَأَخْرَجْتُ مِنْهُ تَمْرًا فَأَتَيْتُهُ- قَالَ فَمَسَّهُ] [ (5) ] فَدَعَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ ادْعُ عَشَرَةً فَدَعَوْتُ عَشَرَةً فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى أَكَلَ الْجَيْشُ كُلُّهُ وَبَقِيَ مِنْ تَمْرِ الْمِزْوَدِ، قَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا فَأَدْخِلْ يَدَكَ وَلَا تَكُبَّهُ، قَالَ: فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ أَبِي بَكْرٍ كُلَّهَا، وَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ عُمَرَ كُلَّهَا وَأَكَلْتُ مِنْهُ حَيَاةَ عُثْمَانَ كُلَّهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ انْتُهِبَ مَا فِي بَيْتِي، وَانْتُهِبَ الْمِزْوَدُ، الا أخبركم أكلت أَكَلْتُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَتَيْ وَسْقٍ.
لَفْظُ حَدِيثِ المقرئ [ (6) ] .
__________
[ (5) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ح) .
[ (6) ] نقله ابن كثير (6: 117) عن المصنف.

(6/111)


بَابُ مَا جَاءَ فِي امْتِلَاءِ النِّحْيِ [ (1) ] الَّذِي أُهَرِيقَ مَا فِيهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الْهِلَالِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ طَعَامُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدُورُ عَلَى أَصْحَابِهِ عَلَى هَذَا لَيْلَةً، وَعَلَى هَذَا لَيْلَةً، فَدَارَ عَلَيَّ فَعَمِلْتُ طَعَامَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذَهَبْتُ بِهِ فَتَحَرَّكَ النِّحْيُ فَأُهْرِيقَ مَا فِيهِ فَقُلْتُ عَلَى يَدَيَّ أُهَرِيقُ طَعَامُ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْلِسْ فَقُلْتُ لَا أَسْتَطِيعُ يَا رَسُولَ اللهِ فَرَجَعْتُ فَإِذَا النِّحْيُ يَقُولُ قَبْ قَبْ فَقُلْتُ فَضْلَةٌ فَضَلَتْ فِيهِ فَاجْتَبَذَتُهُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مُلِئَ إِلَى يَدَيْهِ فَأَوْكَيْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ تركته لمليء الى فيه فأوكه
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] النحي: زق السمن.
[ (2) ] اخرج بعضه الحاكم في المستدرك (3: 520) .

(6/112)


بَابُ مَا ظَهَرَ فِيمَا خَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- مِنَ الشَّعِيرِ، وَفِيمَا أَعْطَى الرَّجُلَ مِنَ الشَّعِيرِ،
وَفِيمَا بَقِيَ عِنْدَ الْمَرْأَةِ مِنَ السَّمْنِ فِي الْعُكَّةِ، الَّتِي كَانَتْ تُهْدِي مِنْهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، وَفِيمَا أَهْدَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ الْأُخْرَى إِلَيْهِ مِنَ السَّمْنِ فِي الْعُكَّةِ، وَفِيمَا أَعْطَى أَبَا حُبَاشٍ مِنْ فَضْلَةِ الشَّاةِ، وَفِيمَا أَعْطَى فَضْلَةً مِنْ فَضْلِ شَرَابِهِ مِنَ الْبَرَكَةِ وَآثَارِ النُّبُوَّةِ [الشَّرِيفَةِ، وَالدَّلَالَاتِ الْعَظِيمَةِ] [ (1) ] أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ:
مَاتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا بَقِيَ فِي بَيْتِي إِلَّا شَطْرٌ مِنْ شَعِيرٍ فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ، ثم أكلته فَفَنِيَ، وَلَيْتَنِي لَمْ أَكِلْهُ.
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي بَيْتِي شَيْءٌ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلَّا شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي، فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ ثُمَّ أكلته فَفَنِيَ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) فقط.
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 81- كتاب الرقاق (16) باب فضل الفقر، فتح الباري (11: 274) ومسلم في: 53- كتاب الزهد، الحديث (27) ص (4: 2282- 2283) .

(6/113)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْدَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الحسن بن محمد ابن أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا مَعْقِلٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يَسْتَطْعِمُهُ فَأَطْعَمَهُ شَطْرَ وَسْقِ شَعِيرٍ، فَمَا زَالَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ مِنْهُ وَامْرَأَتُهُ وَمَنْ ضَيَّفَهُمَا حَتَّى كَالَهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ، وَلَقَامَ لَكُمْ.
وَبِإِسْنَادِهِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أُمَّ مَالِكٍ كَانَتْ تُهْدِي لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُكَّةٍ لَهَا سَمْنًا، فَيَأْتِيهَا بَنُوهَا فَيَسْأَلُونَ الْأُدْمَ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ، فَتَعْمِدُ إِلَى الَّذِي كَانَتْ تُهْدِي فِيهِ، إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَتَجِدُ فِيهِ سَمْنًا، فَمَا زَالَ يُقِيمُ لَهَا أُدْمَ بَنِيهَا حَتَّى عَصَرَتْهُ، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَعَصَرْتِيهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «لَوْ تَرَكْتِيهَا مَا زَالَ قَائِمًا» .
رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ، وَقَالَ: وَضَيْفُهُمَا
[ (3) ] .
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الْبَغْدَادِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ بْنِ حَسَّانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عِكْرِمَةَ، عَنْ جَدِّهِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ، بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ اسْتَعَانَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّزْوِيجِ فَأَنْكَحَهُ امْرَأَةً فَالْتَمَسَ شَيْئًا فَلَمْ يَجِدْهُ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبَا رَافِعٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ بِدِرْعِهِ فَرَهَنَاهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ، قَالَ: فَطَعِمْنَا مِنْهُ نِصْفَ سَنَةٍ ثُمَّ كِلْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَمَا أَدْخَلْنَاهُ. قَالَ نَوْفَلٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ لَمْ تَكِلْهُ لَأَكَلْتَ مِنْهُ مَا عشت
[ (4) ] .
__________
[ (3) ] كلاهما في صحيح مسلم (4: 1784) في كتاب الفضائل. (وما زال قائما) اي ما زال موجودا.
[ (4) ] نقله الحافظ ابن كثير في «البداية والنهاية» (6: 119) عن المصنف.

(6/114)


أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ نَجِيحٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا خَلَفُ ابن خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أَوْسِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ أُمِّ أَوْسٍ الْبَهْزِيَّةِ، قَالَتْ: سَلَيْتُ سَمْنًا لِي فَجَعَلْتُهُ فِي عُكَّةٍ وَأَهْدَيْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ [ (5) ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَهُ وَتَرَكَ فِي الْعُكَّةِ قَلِيلًا، وَنَفَخَ فِيهِ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ ثُمَّ قَالَ:
رُدُّوا عَلَيْهَا عُكَّتَهَا، فَرَدُّوهَا عَلَيْهَا وَهِيَ مَمْلُوءَةٌ سَمْنًا، فَظَنَنْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ لَمْ يقْبَلْهَا فَجَاءَتْ وَلَهَا صُرَاخٌ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّمَا سَلَيْتُهُ لَكَ لِتَأْكُلَهُ، فَعَلِمَ أَنَّهُ قَدِ اسْتُجِيبَ لَهُ، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَقُولُوا لَهَا: فَلْتَأْكُلْ سمنها، وتدعو بِالْبَرَكَةِ، فَأَكَلْتُ بَقِيَّةَ عُمُرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، وَوَلَايَةَ أَبِي بَكْرٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَوَلَايَةَ عمر- رضي الله عنه- وَوَلَايَةَ عُثْمَانَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [وَمُعَاوِيَةَ] [ (6) ] مَا كَانَ
[ (7) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ شَاذَانَ بِبَغْدَادَ، قَالَ: [ (8) ] أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا سَلْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَلَامَةَ أَحَدُ بَنِي حَسَنٍ الْكَعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ (9) ] عَمِّي أَبُو مُصَرِّفٍ: سَعِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ مسعود ابن خَالِدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَلَامَةَ [ (10) ] أَنَّهُ أَجْزَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم شاة،
__________
[ (5) ] كذا في (أ) ، وفي (ك) : «لرسول الله» ، وفي (ف) : «إلى النبي» .
[ (6) ] ليست في (ح) .
[ (7) ] ذكره السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 54) وعزاه للطبراني، وللمصنف.
[ (8) ] (ح) ، (ك) ، (ف) : «قالا» .
[ (9) ] في (م) : «حدثنا» .
[ (10) ] ورد في «الاصابة» أن اسمه: «خالد بن عبد العزى بن سلامة بن مرة بن جعونة بن حبتر بن عدي ابن سلول بن كعب الخزاعي يكنى أبا خناس وكناه النسائي، أبا محرش وهو قوي فإن أبا خناس كنيه ابنه مسعود. قال ابن حبان: له صحبة» . «الإصابة» (1: 409) .

(6/115)


وَكَانَ عِيَالُ خَالِدٍ كَثِيرًا، يَذْبَحُ الشَّاةَ وَلَا يَبُدُّ عِيَالَهُ عَظْمًا عَظْمًا، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ أَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ: أَرِنِي دَلْوَكَ يَا أَبَا حُبَاشٍ، فَصَنَعَ فِيهَا فَضِيلَةَ الشَّاةِ، ثُمَّ قَالَ:
اللهُمَّ بَارِكْ لِأَبِي حُبَاشٍ، فَانْقَلَبَ بِهِ فَنَثَرَهُ لَهُمْ، وَقَالَ: تَوَاسُوا فِيهِ فَأَكَلَ مِنْهُ عِيَالُهُ وَأَفْضَلُوا
[ (11) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْنِ بْنِ نَضْلَةَ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْنٍ عَنْ جَدِّهِ نَضْلَةَ ابن عَمْرٍو (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَلِيٌّ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا حَامِدٌ، [حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ] [ (12) ] بْنُ مَعْنٍ أَنْبَأَنَا [ (13) ] جَدِّي مُحَمَّدَ بْنَ مَعْنِ بْنِ نَضْلَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَضْلَةَ بْنِ أَبِي نَضْلَةَ أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَحَلَبَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَاءً فَشَرِبَ، ثُمَّ شَرِبَ فَضْلَةَ إِنَائِهِ، قَالَ: فَامْتَلَأَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ فَأُكْثِرُ، وَفِي رِوَايَةِ حَامِدٍ: إِنِّي كُنْتُ لَأَشْرَبَ السَّبْعَةَ فَمَا أَمْتَلِئُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: أن الْمُؤْمِنَ لَيَشْرَبُ فِي مِعًى وَلَحَدٍ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يَشْرَبُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ. قُلْتُ وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، نَضْلَةَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ [ (14) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحسن المهوجاني أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن
__________
[ (11) ] ذكره ابن حجر في «الإصابة» (1: 409) وقال: «أخرجه يعقوب بن سفيان، وأخرجه الحسن بن سفيان في مسنده والنسائي في الكنى» ، و «مسند» الحسن بن سفيان مفقود.
[ (12) ] سقطت من (ح) .
[ (13) ] (ح) ، و (ك) : «أخبرني» .
[ (14) ] «مسند» أحمد (2: 21) ، وحديث: «إن المؤمن يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يَشْرَبُ فِي سبعة أمعاء» أخرجه البخاري في الأطعمة، ومسلم في الأشربة وغيرهما.

(6/116)


بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ضَافَهُ ضَيْفٌ كَافِرٌ فَأَمَرَ لَهُ بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أُخْرَى فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ، ثُمَّ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ، فَحُلِبَتْ لَهُ فَشَرِبَ حِلَابَهَا، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِأُخْرَى فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمُسْلِمَ يَشْرَبُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ.
أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكِ [ (15) ] .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا [ (16) ] مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الْأَوَّلِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ضَافَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ، قَالَ: قَالَ فَطَلَبَ لَهُ شَيْئًا فَلَا يَجِدُ إِلَّا كِسْرَةً فِي كُوَّةٍ، قَالَ: فَجَزَّأَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ أَجْزَاءً، وَدَعَا عَلَيْهَا وَقَالَ: كُلْ فَأَكَلَ وَأَفْضَلَ قَالَ: فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ لَرَجُلٌ صَالِحٌ [فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلِمْ قَالَ إِنَّكَ لَرَجُلٌ صَالِحٌ]
[ (17) ] .
وَحَدَّثَ أَبُو سَعَيدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبَى عُثْمَانَ الزَّاهِدُ أَنْبَأَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَطَرٍ، أَنْبَأَنَا سَهْلُ بْنُ مَرْدَوَيْهِ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ أَنْبَأَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: أَتَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَدَخَلَ فَلَمْ يَجِدْ إِلَّا كِسْرَةً قَدْ يبست
__________
[ (15) ] أخرجه مسلم في: 36- كتاب الأشربة (34) باب المؤمن يأكل في معى واحد، الحديث (186) (3: 1632) .
[ (16) ] كذا في (أ) وفي بقية النسخ: «حدثني» .
[ (17) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ح) .

(6/117)


فِي جُحْرٍ فَأَخْرَجَهَا فَفَتَّهَا أَجْزَاءً، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ: «كُلْ يَا أَعْرَابِيُّ» ، فَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يَأْكُلُ حَتَّى شَبِعَ وَفَضَلَ مِنْهُ فَضْلَةً، فَجَعَلَ الْأَعْرَابِيُّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: إِنَّكَ لَرَجُلٌ صَالِحٌ، وَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَقُولُ إِنَّكَ لَرَجُلٌ صَالِحٌ.

(6/118)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا لَا يَشْبَعُونَ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ وَتَسْمِيَةِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فَفَعَلُوا فَشَبِعُوا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ.
أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ، قَالَ:
«فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ» ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارِكْ لَكُمْ فيه»
[ (1) ] .
__________
[ (1) ] «مسند أحمد» (3: 501) .

(6/119)


بَابُ مَا ظَهَرَ فِي بَقِيَّةِ أَزْوَادِ الْقَوْمِ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الزِّيَادَةِ وآثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْمَاطِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ الأشجعي، عن مالك ابن مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم في مسير فنفذت أَزْوَادُ الْقَوْمِ، قَالَ: حَتَّى هَمَّ أَحَدُهُمْ بِنَحْرِ بَعْضِ حَمَائِلِهِمْ [ (1) ] ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوْ جَمَعْتَ مَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ فَدَعَوْتَ اللهَ عَلَيْهَا، قَالَ: فَفَعَلَ، قَالَ: فَجَاءَ ذُو الْبُرِّ بِبُرِّهِ، وَذُو التَّمْرِ بِتَمْرِهِ [قَالَ مُجَاهِدٌ وَذُو النَّوَى بِنَوَاهُ] ، قَالَ: وَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ بِالنَّوَى؟
قَالَ: يَمُصُّونَهُ، وَيَشْرَبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهَا حَتَّى مَلَأَ الْقَوْمُ أَزْوِدَتَهُمْ، قَالَ: فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةُ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ [النَّضْرِ بْنِ] أَبِي النضر
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] «حمائلهم» : جمع حمولة، وهي الإبل التي تحمل.
[ (2) ] أخرجه مسلم في: 1- كتاب الإيمان (10) بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا. الحديث (44) ، ص (1: 55- 56) .

(6/120)


أخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ، وأَبُو عَبْدِ اللهِ: إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ:
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى اللَّخْمِيُّ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ، فَأَصَابَ النَّاسَ مَخْمَصَةٌ فَاسْتَأْذَنَ بَعْضُ النَّاسِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِ ظُهُورِهِمْ، وَقَالُوا: يُبَلِّغْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِمْ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ هَمَّ بِأَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي نَحْرِ ظُهُورِهِمْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ بِنَا إِذَا نَحْنُ لَقِينَا الْعَدُوَّ غَدًا جِيَاعًا رِجَالًا وَلَكِنْ [إِنْ] [ (3) ] رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ تَدْعُوَ النَّاسَ بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَتَجْمَعَهَا ثُمَّ تَدْعُوَ اللهَ فِيهَا بِالْبَرَكَةِ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ سَيُبَلِّغُنَا بِدَعْوَتِكَ أَوْ قَالَ: سَيُبَارِكُ لَنَا فِي دَعْوَتِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [النَّاسَ] [ (4) ] بِبَقَايَا أَزْوَادِهِمْ فَجَعَلَ النَّاسُ يَجِيئُونَ بِالْحَفْنَةِ، [وَقَالَ] [ (5) ] بَعْضُهُمْ بِالْحَثْيَةِ مِنَ الطَّعَامِ وَفَوْقَ ذَلِكَ فَكَانَ أَعْلَاهُمْ مَنْ جَاءَ بِصَاعِ تَمْرٍ فَجَمَعَهَا، ثُمَّ قَامَ، فَدَعَا بِمَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْعُوَ، ثُمَّ دَعَا الْجَيْشَ بِأَوْعِيَتِهِمْ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحْبِسُوا، قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الجيش وعاء إلا ملؤوه وَبَقِيَ مِثْلُهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، وقَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يَلْقَى اللهَ عَبْدٌ مُؤْمِنٌ بِهِمَا إِلَّا حُجِبَ عَنِ النار»
[ (6) ] .
__________
[ (3) ] الزيادة من (ح) ، و (ك) .
[ (4) ] ليست في (ح) .
[ (5) ] سقطت من (ح) ، وفي (ك) ، و (ف) : «قال» .
[ (6) ] الحديث عن أبي عمرة الأنصاري أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» وفي اليوم والليلة، عن سويد ابن نصر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ المبارك، عَنِ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْطَبٍ الْمَخْزُومِيُّ، قَالَ:

(6/121)


وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ رَجَاءٍ، أَنْبَأَنَا سعيد ابن سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا خُنَيْسٍ الْغِفَارِيَّ يَقُولُ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فِي غَزْوَةِ تِهَامَةَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِعُسْفَانَ جَاءَهُ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! جَهَدَنَا الْجُوعُ، فَأْذَنْ لَنَا فِي الظَّهْرِ أَنْ نَأْكُلَهُ قَالَ نَعَمْ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ عُمَرُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ [ (7) ] اللهِ مَا صَنَعْتَ! أَمَرْتَ النَّاسَ أَنْ يَأْكُلُوا الظَّهْرَ، فَعَلَى مَاذَا يَرْكَبُونَ؟ قَالَ: فَمَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَأْمُرَهُمْ- وَأَنْتَ أَفْضَلُ رَأَيًا- فَيَجْمَعُوا أَفْضَلَ أَزْوَادِهِمْ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ تَدْعُوَ اللهَ لَهُمْ، فَإِنَّ اللهَ يَسْتَجِيبُ لَكَ، فَأَمَرَهُمْ فَجَمَعُوا فَضْلَ أَزْوَادِهِمْ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ دَعَا اللهَ لَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: ائْتُوا بِأَوْعِيَتِكُمْ فَمَلَأَ كُلُّ إِنْسَانٍ وِعَاءَهُ، ثُمَّ أَذِنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم [بِالرَّحِيلِ فَلَمَّا ارْتَحَلُوا مُطِرُوا مَا شَاءُوا وَنَزَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم] [ (8) ] ، وَنَزَلُوا مَعَهُ، وَشَرِبُوا مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ، وَهُمْ بِالْكُرَاعِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ بِهِ، فَجَاءَ نَفَرٌ ثَلَاثَةٌ فَجَلَسَ اثْنَانِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ الْآخَرُ مُعْرِضًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفْرِ الثَّلَاثَةِ:
أَمَّا وَاحِدٌ فَاسْتَحْيَا مِنَ اللهِ فَاسْتَحْيَى اللهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَقْبَلَ تَائِبًا إِلَى اللهِ فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عنه
[ (9) ] .
__________
[ () ] «حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حدثني ابي» كذا في تحفة الأشراف (9:
236) ، وللحديث شاهد أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، الحديث (45) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، شكّ الأعمش، ص (1: 56) .
[ (7) ] (ح) : «يَا رَسُولَ اللهِ» .
[ (8) ] مَا بين الحاصرتين سقط من (أ) . وثابت في بقية النسخ.
[ (9) ] جزأه الأخير أخرجه البخاري في كتاب العلم فتح الباري (1: 156) .

(6/122)


بَابٌ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الْكَرَامَاتِ عَلَى أُمِّ شَرِيكٍ فِي هِجْرَتِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ظَهَرَ مِنْ دَلَالَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الْعُكَّةِ الَّتِي أَهْدَتْهَا لَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ أَبِي الْمُسَاوِرِ الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ دَوْسٍ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ شَرِيكٍ أَسْلَمَتْ فِي رَمَضَانَ، فَأَقْبَلَتْ تَطْلُبُ مَنْ يَصْحَبُهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيَتْ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا أُمَّ شَرِيكٍ؟ قَالَتْ: أَطْلُبُ رَجُلًا يَصْحَبُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَتَعَالَيْ فَأَنَا أَصْحَبُكِ، قَالَتْ: فَانْتَظِرْنِي حَتَّى املأ سقاي مَاءً، قَالَ: مَعِي مَاءٌ لَا تُرِيدِينَ مَاءً، فَانْطَلَقَتْ مَعَهُمْ فَسَارُوا يَوْمَهُمْ حَتَّى أَمْسَوْا، فَنَزَلَ الْيَهُودِيُّ وَوَضَعَ سُفْرَتَهُ فَتَعَشَّى، فَقَالَ: يَا أُمَّ شَرِيكٍ! تَعَالَيْ إِلَى الْعِشَاءِ، فَقَالَتِ: اسْقِنِي مِنَ الْمَاءِ فَإِنِّي عَطْشَى وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آكُلَ حَتَّى أَشْرَبَ، فَقَالَ: لَا أَسْقِيكَ حَتَّى تَهَوَّدِي، فَقَالَتْ: لَا جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا [غَرَّبْتَنِي وَمَنَعْتَنِي أَحْمِلَ مَاءً فَقَالَ: لَا وَاللهِ لَا أَسْقِيكَ من قطرة حتى تهوّدين! فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ] [ (1) ] ، لَا أَتَهَوَّدُ أَبَدًا بَعْدَ إِذْ هَدَانِي اللهُ لِلْإِسْلَامِ، فَأَقْبَلَتْ إِلَى بَعِيرِهَا فَعَقَلَتْهُ، وَوَضَعَتْ رَأْسَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ فَنَامَتْ، قَالَتْ: فَمَا أَيْقَظَنِي إِلَّا بَرْدُ دَلْوٍ قَدْ وَقَعَ عَلَى جَبِينِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فنظرت إلى
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ح) .

(6/123)


مَاءٍ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ، ثُمَّ نَضَحْتُ عَلَى سِقَاءٍ حَتَّى ابْتَلَّ، ثُمَّ مَلَأْتُهُ، ثُمَّ رُفِعَ بَيْنَ يَدَيَّ وَأَنَا أَنْظُرُ حَتَّى تَوَارَى مِنِّي فِي السَّمَاءِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جَاءَ الْيَهُودِيُّ، فَقَالَ: يَا أُمَّ شَرِيكٍ! قُلْتُ: وَاللهِ قَدْ سَقَانِي اللهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَنْزَلَ عَلَيْكِ مِنَ السَّمَاءِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ وَاللهِ، لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ رَفَعَ بَيْنَ يَدَيَّ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ لَسْتُ أَرْضَى نَفْسِي لَكَ، وَلَكِنْ بُضْعِي لَكَ فَزَوِّجْنِي مَنْ شِئْتَ، فَزَوَّجَهَا زَيْدًا، وَأَمَرَ لَهَا بِثَلَاثِينَ صَاعًا، وَقَالَ كُلُوا وَلَا تَكِيلُوا، وَكَانَ مَعَهَا عُكَّةُ سَمْنٍ هَدِيَّةٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، فَقَالَتْ لِجَارِيَةٍ لَهَا: بَلِّغِي هَذِهِ الْعُكَّةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُولِي أُمُّ شَرِيكٍ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَقُولِي هَذِهِ عُكَّةُ سَمْنٍ أَهْدَيْنَاهَا لَكَ، فَانْطَلَقَتْ بِهَا فَأَخَذُوهَا فَفَرَّغُوهَا،
وقَالَ لَهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّقُوهَا ولا تأكلوها» ، فَعَلَّقُوهَا فِي مَكَانِهَا فَدَخَلَتْ أُمُّ شَرِيكٍ، فَنَظَرَتْ إِلَيْهَا مَمْلُوءَةً سَمْنًا، فَقَالَتْ: يَا فُلَانَةُ أَلَيْسَ أَمَرْتُكِ أَنْ تَنْطَلِقِي بِهَذِهِ الْعُكَّةِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقالت: قد وَاللهِ انْطَلَقْتُ بِهَا كَمَا قُلْتِ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ بِهَا أَصُوبُهَا مَا يَقْطُرُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: عَلِّقُوهَا ولا توكئوها، فَعَلَّقْتُهَا فِي مَكَانِهَا وَقَدْ أَوْكَتْهَا أُمُّ شَرِيكٍ حِينَ رَأَتْهَا مَمْلُوءَةً، فَأَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى فَنِيَتْ، ثُمَّ كَالُوا الشَّعِيرَ فَوَجَدُوهُ ثَلَاثِينَ صَاعًا لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ
[ (2) ] .
قُلْتُ وَرُوِيَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَلِحَدِيثِهِ فِي الْعُكَّةِ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَنْ جابر ابن عَبْدِ اللهِ فِي أُمِّ مَالِكٍ، وَقَدْ مَضَى ذِكْرُهُ والله أعلم.
__________
[ (2) ] نقله ابن كثير في التاريخ (6: 104) عن المصنف.

(6/124)


بَابُ مَا جَاءَ فِي مَا ظَهَرَ عَلَى أُمِّ أَيْمَنَ مَوْلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَحَاضِنَتِهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ فِي هِجْرَتِهَا.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ زِيَادٍ السَّمِذِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سِنَانٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ وَأَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، وَهِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، قَالُوا:
هَاجَرَتْ أُمُّ أَيْمَنَ مِنَ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ مَعَهَا زَادٌ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الرَّوْحَاءِ وَذَلِكَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ عَطِشَتْ عَطَشًا شَدِيدًا، قَالَتْ: فَتَسَمَّعْتُ حَفِيفًا شَدِيدًا فَوْقَ رَأْسِي [قَالَتْ] [ (1) ] فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا دَلْوٌ مُدَلًّى مِنَ السَّمَاءِ بِرِشَاءٍ أَبْيَضَ فَتَنَاوَلْتُهُ بِيَدَيَّ حَتَّى اسْتَمْسَكْتُ بِهِ، قَالَتْ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِيتُ، قَالَتْ: فَلَقَدْ أَصُومُ بَعْدَ تِلْكَ الشَّرْبَةِ فِي الْيَوْمِ الْحَارِّ الشَّدِيدِ، ثُمَّ أَطُوفُ فِي الشَّمْسِ كَيْ أَظْمَأَ فَمَا ظَمِئْتُ بَعْدَ تِلْكَ الشَّرْبَةِ [ (2) ] . [وَاللهِ تَعَالَى أَعْلَمُ] [ (3) ] .
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) .
[ (2) ] أخرجه ابن سعد، وابن السكن، قاله الحافظ ابن حجر في ترجمتها في الإصابة (4: 432) .
[ (3) ] الزيادة من (ح) فقط.

(6/125)


بَابُ مَا جَاءَ فِيمَا ظَهَرَ عَلَى أَبِي أُمَامَةَ حِينَ بُعِثَ رَسُولًا إِلَى قَوْمِهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: قَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ السَّيَّارِيُّ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ الْبُوزَنْجِرْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:
أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَظُنُّهُ قَالَ إِلَى أَهْلِهِ، فَأَتَيْتُهُمْ وَهُمْ عَلَى طَعَامٍ- يَعْنِي الدَّمَ فِي خُوَانٍ [ (1) ]- وَقَالُوا لِي: كُلْ، قَالَ قُلْتُ: إِنِّي لَأَنْهَاكُمْ عَنْ هَذَا الطَّعَامِ وأَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْكُمْ، فَكَذِّبُونِي وَزَبَرُونِي، قَالَ: فَانْطَلَقْتُ عَنْ ذَا وَأَنَا جَائِعٌ ظَمْآنُ، وَقَدْ نَزَلَ بِي جَهْدٌ، فَنِمْتُ فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي بِشَرْبَةٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَبِعْتُ وَرَوِيتُ وَعَظُمَ بَطْنِي، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَتَاكُمْ رَجُلٌ مِنْ خِيَارِكُمْ وَأَشْرَافِكُمْ فَرَدَدْتُمُوهُ، اذْهَبُوا إِلَيْهِ فَأَطْعِمُوهُ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مَا يَشْتَهِي، فَأَتَوْنِي بِطَعَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: لَا حَاجَةَ لِي فِي طَعَامِكُمْ وَشَرَابِكُمْ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَطْعِمْنِي وَسَقَانِي، فَانْظُرُوا إِلَى حَالَتِي الَّتِي أَنَا عَلَيْهَا، فَآمَنُوا بِي وَبِمَا جِئْتُهُمْ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ صَدَقَةُ بْنُ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي غَالِبٍ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: قُلْتُ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي فَأَرَيْتُهُمْ بَطْنِي فَأَسْلَمُوا عن آخرهم [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (ف) «خوان فرحبوا بي» .
[ (2) ] انظر الحاشية التالية.

(6/126)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الْحَافِظُ وَأَبُو صَادِقٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ:
مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ ابْنَ الْمُنَادِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا صدقة ابن هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:
بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم إلى قَوْمِي، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِمْ وَأَنَا طَاوٍ وَهُمْ يَأْكُلُونَ الدَّمَ، فَقَالُوا: هَلُمَّ فَقُلْتُ إِنَّمَا جِئْتُكُمْ لِأَنْهَاكُمْ عَنْ هَذَا، قال: فاستهزؤوا بِي وَكُنْتُ بِجَهْدٍ، فَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتَاكُمْ رَجُلٌ مِنْ سَرَاةِ قَوْمِكُمْ، فَمَا لَكُمْ بُدٌّ مِنْ أَنْ تَطْعَمُوهُ وَلَوْ مَذْقَةً، قَالَ: فَوَضَعْتُ رَأْسِي فَنِمْتُ فَأَتَانِي آتٍ فَنَاوَلَنِي إِنَاءً فَأَخَذْتُهُ فَشَرِبْتُهُ فَاسْتَفَقْتُ وَقَدْ كَظَّنِي بَطْنِي فَنَاوَلَونِي إِنَاءً قَالُوا خُذْ قُلْتُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ قَالُوا: قَدْ رَأَيْنَاكَ بِجَهْدٍ، قَالَ، قُلْتُ: إِنَّ اللهَ- عَزَّ وَجَلَّ- أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي، فَأَرَيْتُهُمْ بَطْنِي فَأَسْلَمُوا عَنْ آخِرِهِمْ [ (3) ] .
__________
[ (3) ] أخرجه الحاكم في المستدرك (3: 641) ، وقال الذهبي: «صدقة ضعفه ابن معين» وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9: 386- 387) وقال: «رواه الطبراني بإسنادين وإسناد الأول حسن فيها: أبو غالب وقد وثق» .

(6/127)


بَابُ مَا جَاءَ فِي إِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ضَافَهُ ضَيْفٌ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَيْءٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُقْرِئُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَامِرٍ- كَذَا فِي كِتَابِي- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى (ح) .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، قَالَ: وَفِيمَا ذَكَرَ عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدَ بْنَ زِيَادٍ الْبُرْجُمِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم ضَيْفًا فَأَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِهِ يَبْتَغِي عِنْدَهُنَّ طَعَامًا فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ [ (1) ] لَا يَمْلِكُهَا إِلَّا أَنْتَ، قَالَ، فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ [ (2) ] [وَفِي رِوَايَةِ الْمُقْرِئِ:
فَأَهْوَتْ إِلَيْهِ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَقَالَ] [ (3) ] : هَذِهِ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدَانَ الْأَهْوَازِيُّ عَنْهُ، والصحيح عن
__________
[ (1) ] في (ح) : «لا يملكها» .
[ (2) ] (مصلية) : مشوية.
[ (3) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ح) ، وسقطت من (ف) و (ك) وأثبتاها في الحاشية.

(6/128)


زُبَيْدٍ، قَالَ: أَضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. [مُرْسَلًا] مِنْ قَوْلِ زُبَيْدٍ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَانَ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَارِثِ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عن مسعد، عَنْ زُبَيْدٍ، قَالَ: أَضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَذَكَرَهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ بِشْرِ بْنِ سَرْحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي السائب، حدثنا وائلة بْنُ الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: حَضَرَ رَمَضَانُ وَنَحْنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ، فَصُمْنَا فَكُنَّا إِذَا أَفْطَرْنَا أَتَى كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَأَخَذَهُ فَانْطَلَقَ بِهِ فَعَشَّاهُ، فَأَتَتْ عَلَيْنَا لَيْلَةٌ لَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا، ثُمَّ أَتَتْ عَلَيْنَا الْقَائِلَةُ فَلَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ، فَانْطَلَقْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْنَاهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِنَا، فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ يَسْأَلُهَا هَلْ عِنْدَنَا شَيْءٌ؟ فَمَا بَقِيَتْ مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا أَرْسَلَتْ تُقْسِمُ: مَا أَمْسَى فِي بَيْتِهَا مَا يَأْكُلُ ذُو كَبِدٍ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْتَمَعُوا، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ:
«اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُمَا بِيَدِكَ لَا يَمْلِكُهُمَا أَحَدٌ غَيْرُكَ، فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا وَمُسْتَأْذِنٌ يَسْتَأْذِنُ فَإِذَا بِشَاةٍ مَصْلِيَّةٍ وَرُغُفٍ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوُضِعَتْ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا سَأَلْنَا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَهَذَا فَضْلُهُ، وَقَدْ ذَخَرَ لَنَا عنده رحمته
[ (4) ] .
__________
[ (4) ] رواه الطبراني وإسناده حسن.

(6/129)


بَابُ مَا ظَهَرَ فِي مَزَادَتَيِ الْمَرْأَةِ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ [ (1) ] صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الزِّيَادَةِ وَآثَارِ النُّبُوَّةِ. قَدْ مَضَى بَعْضُ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَقِيهُ، إِمْلَاءً سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حدثنا مسلم بْنُ زَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فِي مَسِيرٍ، فَأَدْلَجُوا [ (2) ] لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ عَرَّسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ لَا يُوقِظُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ مَنَامِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ وَالشَّمْسُ قَدْ بَزَغَتْ، فَقَالَ: ارْتَحِلُوا فَسَارَ بِنَا حَتَّى ابْيَضَّتِ الشَّمْسُ فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَلَمْ يُصِلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: يَا فُلَانُ! مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ ثُمَّ صَلَّى، وَعَجَّلَنِي رَسُولُ اللهِ فِي رُكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ أَطْلُبُ الْمَاءَ، وَكُنَّا قَدْ عَطِشْنَا شَدِيدًا فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ [ (3) ] رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ [ (4) ] قُلْنَا لَهَا: اين
__________
[ (1) ] في (ح) «ببركة دعائه» .
[ (2) ] (الإدلاج) : هو سير الليل كله، والادّلاج: هو سير آخر الليل.
[ (3) ] (سادلة) أي مرسلة، مدلية.
[ (4) ] (مزادتين) المزادة أكبر من القربة. والمزادتان حمل بعير. سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها.

(6/130)


الماء؟ قالت: أي هاه، أي هاه [ (5) ] لَا مَاءَ، فَقُلْنَا: كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟
قَالَتْ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، فَقُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، فَقَالَتْ: مَا رَسُولُ اللهِ؟
فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شَيْئًا [ (6) ] حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الذي حدّثنا غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُوتِمَةٌ [ (7) ] فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَجَّ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ [ (8) ] الْعُلْيَاوَيْنِ فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حَتَّى رَوِينَا، وَمَلَأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ، وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا [ (9) ] غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا وَهِيَ تَكَادُ تَنْضَرِجُ مِنَ الْمَاءِ [ (10) ] ، ثُمَّ قَالَ لَنَا:
«هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ» فَجَمَعْنَا لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ حَتَّى صُرَّ لَهَا صُرَّةً، فَقَالَ:
اذْهَبِي فَأَطْعِمِي هَذَا عِيَالَكِ وَاعْلَمِي أَنَّا لَمْ نَرْزَأْ مِنْ مَائِكِ شَيْئًا فَلَمَّا أَتَتْ أَهْلَهَا، قَالَتْ: لَقَدْ لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا فَهَدَى الله عَزَّ وَجَلَّ لِذَلِكَ الصِّرْمَ [ (11) ] بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلْمِ بْنِ زَرِيرٍ
[ (12) ] .
__________
[ (5) ] (أيهاه أيهاه) هكذا هو في الأصول، وهو بمعنى هيهات هيهات. ومعناه البعد عن المطلوب واليأس منه. كما كانت بعده: لا ماء لكم. أي ليس لكم ماء حاضر ولا قريب.
[ (6) ] (فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا شيئا) أي لم نخلها وشأنها حتى تملك أمرها.
[ (7) ] (موتمة) اي ذات أيتام. توفي زوجها وترك أولادا صغارا.
[ (8) ] (فَمَجَّ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ الْعُلْيَاوَيْنِ) المج زرق الماء بالفم. والعزلاء: بالمد، هو المثعب الأسفل للمزادة الذي يفرغ منه الماء علق أيضا على فمها الأعلى. وتثنيتها عزلاوان. والجمع العزالي بكسر اللام.
[ (9) ] (وغلسنا صاحبنا) يعني الجنب. اي أعطيناه ما يغتسل به.
[ (10) ] (تنضرج من الماء) اي تنشق- وروى تتضرج، وهو بمعناه. والأول هو المشهور.
[ (11) ] (الصرم) : أبيات مجتمعة.
[ (12) ] أخرجه مسلم في: 5- كتاب المساجد، (55) باب قضاء الصلاة الفائتة، الحديث (312) ، ص (1: 474- 476) .
وأخرجه البخاري في: 61- كتاب المناقب، (25) باب علامات النبوة في الإسلام، الحديث (3571) ، فتح الباري (6: 580) .

(6/131)


بَابُ حَدِيثِ الْمِيضَأَةِ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ وَدَلَالَاتِ الصِّدْقِ قَدْ مَضَى فِي ذَلِكَ حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ
وأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ بِبَغْدَادَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْبَخْتَرِيِّ الرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عبد الله ابن رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: «إِنْ لَا تُدْرِكُوا الْمَاءَ تَعْطَشُوا فَانْطَلَقَ سَرَعَانُ النَّاسِ يُرِيدُ الْمَاءَ، وَلَزِمَتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَمَالَتْ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاحِلَتُهُ فَنَعَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَالَ، فَدَعَمْتُهُ فَادَّعَمَ وَمَالَ، فَدَعَمْتُهُ فَادَّعَمَ ثُمَّ مَالَ، فَدَعَمْتُهُ فَادَّعَمَ ثُمَّ مَالَ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَنْجَفِلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَدَعَمْتُهُ فَانْتَبَهَ فَقَالَ مَنِ الرَّجُلِ؟ فَقُلْتُ: أَبُو قَتَادَةَ. فَقَالَ: حَفِظَكَ اللهُ بِمَا حَفِظْتَ بِهِ رَسُولَ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ عَرَّسْنَا» ، فَمَالَ إِلَى شَجَرَةٍ فَنَزَلَ فَقَالَ: انْظُرْ هَلْ تَرَى أَحَدًا؟
فَقُلْتُ: هَذَا رَاكِبٌ، هَذَا رَاكِبٌ، حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةً، فَقَالَ: احْفَظُوا عَلَيْنَا صَلَاتَنَا. قَالَ: فَنِمْنَا فَمَا يقظنا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَانْتَبَهْنَا فَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَارَ وَسِرْنَا هُنَيْهَةً، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: أَمَعَكُمْ مَاءٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ مِيضَأَةٌ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، قال: فأتيني بِهَا فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: سوّأ هيها فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ وَبَقِيَ فِي الْمِيضَأَةِ جَرْعَةٌ فَقَالَ ازْدَهِرْ بِهَا يَا أَبَا قَتَادَةَ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لَهَا شَأْنٌ ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى

(6/132)


الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْنَا فَقَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ: [ (1) ] فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا تَقُولُونَ؟ إِنْ كَانَ أَمْرَ دُنْيَاكُمْ فَشَأْنُكُمْ وَإِنْ كَانَ أَمْرَ دِينِكُمْ فَإِلَيَّ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ فَرَّطْنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ لَا تَفْرِيطَ فِي النَّوْمِ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ فِي الْيَقَظَةِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا مِنَ الْغَدِ لِوَقْتِهَا، ثُمَّ قَالَ: ظُنُّوا بِالْقَوْمِ، فَقُلْنَا: إِنَّكَ قُلْتَ بِالْأَمْسِ إِنْ لَا تُدْرِكُوا الماء غدا تعطشوا، فأتوا النَّاسُ الْمَاءَ فَقَالَ: أَصْبَحَ النَّاسُ وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَاءِ وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، قَالَا: أَيُّهَا النَّاسُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ ليسبقكم الى الماء ويخلّنكم، وَإِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا قَالَهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا اشْتَدَّتِ الظَّهِيرَةُ رَفَعَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولُ اللهِ! أُهْلِكْنَا، عَطِشْنَا، انْقَطَعَتِ الْأَعْنَاقُ. قَالَ: لَا هُلْكَ عَلَيْكُمُ [الْيَوْمَ] [ (2) ] ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا قَتَادَةَ ائْتِنِي بِالْمِيضَأَةِ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: حُلَّ لِي غُمْرِي يَعْنِي قَدَحَهُ فَحَلَلْتُهُ فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَجَعَلَ يَصُبُّ فِيهِ وَيَسْقِي النَّاسَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَحْسِنُوا الْمَلَأَ، فَكُلُّكُمْ سَيَصْدُرُ عَنْ رِيٍّ، فَشَرِبَ الْقَوْمُ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرِي وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَصَبَّ لِي، فَقَالَ: اشْرَبْ يَا أَبَا قَتَادَةَ، قُلْتُ: اشْرَبْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ سَاقِيَ الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا، فَشَرِبْتُ ثُمَّ شَرِبَ بَعْدِي، وَبَقِيَ مِنَ الْمِيضَأَةُ نَحْوٌ مِمَّا كَانَ فِيهَا وَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَلَاثُمِائَةٍ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَسَمِعَنِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَأَنَا أُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَبَاحٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: الْقَوْمُ أَعْلَمُ بِحَدِيثِهِمْ، انْظُرْ كَيْفَ تُحَدِّثُ فَإِنِّي أَحَدُ السَّبْعَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمَّا فَرَغْتُ قَالَ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنَّ أَحَدًا يَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ غيري
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] في (ح) : «لبعضنا» .
[ (2) ] الزيادة من (ف) .
[ (3) ] صحيح مسلم (1: 472) .

(6/133)


قَالَ حَمَّادٌ: وَحَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا عَرَّسَ وَعَلَيْهِ لَيْلٌ تَوَسَّدَ يَمِينُهُ، وَإِذَا عَرَّسَ قُرْبَ الصُّبْحِ وَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ الْيُمْنَى وَأَقَامَ سَاعِدَهُ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ [أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ] [ (4) ] الْمَالِينِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الله ابن عَدِيٍّ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَعْنِي الضُّبَعِيَّ، حَدَّثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم جَهَّزَ جَيْشًا إِلَى الْمُشْرِكِينَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُمْ:
أَجِدُّوا السَّيْرَ، فَإِنَّ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ مَاءً، إِنْ سَبَقَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ شَقَّ عَلَى النَّاسِ وَعَطِشْتُمْ عَطَشًا شَدِيدًا أَنْتُمْ وَدَوَابُّكُمْ، قَالَ: وَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَتَمَامُ الْحَدِيثِ فِيمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيِّ، عَنْ أَبِي يَعْلَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَمَانِيَةٍ أَنَا تَاسِعُهُمْ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَلْ لَكُمْ أَنْ نُعَرِّسَ قَلِيلًا ثُمَّ نَلْحَقَ بِالنَّاسِ؟ قَالُوا:
نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَعَرَّسُوا فَمَا أَيْقَظَهُمْ إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَيْقَظَ أَصْحَابُهُ فَقَالَ لَهُمْ: تَقَدَّمُوا وَاقْضُوا حَاجَتَكُمْ فَفَعَلُوا ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُمْ: مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ قَالَ (رَجُلٌ مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ مَعِي مِيضَأَةُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ. قال) [ (5) ] جيء بِهَا، فَجَاءَ بِهَا، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فَمَسَحَهَا بِكَفِّهِ، وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ فِيهَا، فَقَالَ لأصحابه: تعالوا فتوضؤا فجاؤوا فَجَعَلَ يَصُبُّ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] [ (6) ] حَتَّى تَوَضَّئُوا وَأَذَّنَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَأَقَامَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ الْمِيضَأَةِ: ازْدَهِرْ بِمِيضَأَتِكَ، فسيكون
__________
[ (4) ] سقطت من (ح) .
[ (5) ] ما بين الحاصرتين سقطت من (ح) .
[ (6) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ك) .

(6/134)


لَهَا نَبَأٌ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَبْلَ النَّاسِ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَرَوْنَ النَّاسَ، فَعَلُوا؟ قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ لَهُمْ: فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَسَيَرْشُدُ النَّاسَ، وَقَدْ سَبَقَ الْمُشْرِكُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَاءِ فَشَقَّ عَلَى النَّاسِ وَعَطِشُوا عَطَشًا شَدِيدًا رِكَابُهُمْ وَدَوَابُّهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ صَاحِبُ الْمِيضَأَةِ قَالَ: هُوَ ذَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: جِئْنِي بِمِيضَأَتِكَ، فَجَاءَ بِهَا وَفِيهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُمْ:
تَعَالَوْا فَاشْرَبُوا، فَجَعَلَ يَصُبُّ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى شَرِبَ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَسَقَوْا دَوَابَّهُمْ وَرِكَابَهُمْ وملأوا كُلَّ إِدَاوَةٍ وَقِرْبَةٍ وَمَزَادَةٍ، ثُمَّ نَهَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَبَعَثَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ رِيحًا فَضَرَبَ وجُوهَ الْمُشْرِكِينَ وَأَنْزَلَ اللهُ نَصْرَهُ وَأَمْكَنَ مِنْ أَدْبَارِهِمْ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً وَأَسَرُوا أُسَارَى وَاسْتَاقُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً فَرَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ وَافِرَيْنِ صَالِحَيْنِ.

(6/135)


بَابُ مَا ظَهَرَ فِي الْبِئْرِ الَّتِي كَانَتْ بِقُبَاءَ مِنْ بَرَكَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ الشَّرْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ (1) ] ، أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَتَاهُمْ بِقُبَاءَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ بِئْرٍ هُنَاكَ، قَالَ: فَدَلَلْتُهُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: لَقَدْ كَانَتْ هَذِهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْضَحُ عَلَى حِمَارِهِ فَيَنْزَحُ فَنَسْتَخْرِجُهَا لَهُ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ بِذَنُوبٍ [ (2) ] فَسُقِيَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ تَوَضَّأَ مِنْهُ أَوْ تَفَلَ فِيهِ ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُعِيدَ فِي الْبِئْرِ، قَالَ: فَمَا نُزِحَتْ بَعْدُ! قَالَ: فَمَا بَرِحْتُهُ فَرَأَيْتُهُ بَالَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى
[ (3) ] .
قُلْتُ: وَلِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ آثَارٌ ظَاهِرَةٌ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَتَبُوكَ وَغَيْرِهِمَا قَدْ مَضَى ذِكْرُهَا فِي مَوَاضِعِهَا بِحَمْدِ اللهِ تعالى.
__________
[ (1) ] في (أ) : «حدثنا» .
[ (2) ] هو الدلو.
[ (3) ] البداية والنهاية (6: 101) .

(6/136)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّاةِ الَّتِي ظَهَرَتْ فَحَلَبَتْ فَأَرْوَتْ ثُمَّ ذَهَبَتْ فَلَمْ تُوجَدْ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا عِصْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا خَلَفُ ابن خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ لَنَا كُنَّا أَرْبَعَمِائَةِ رَجُلٍ، فَنَزَلْنَا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ أَعْلَمُ، قَالَ:
فَجَاءَتْ شُوَيْهَةٌ لَهَا قَرْنَانِ، فَقَامَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فَحَلَبَهَا فَشَرِبَ حَتَّى رَوِيَ، وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى رَوَوْا، ثُمَّ قَالَ: يَا نَافِعُ! أَمْلِكْهَا اللَّيْلَةَ وَمَا أَرَاكَ تَمْلِكُهَا، قَالَ: فَأَخَذْتُهَا فَوَتَدَتْ لَهَا وَتِدًا، ثُمَّ قُمْتُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَلَمْ أَرَ الشَّاةَ، وَرَأَيْتُ الْحَبْلَ مَطْرُوحًا، فَجِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْأَلَنِي، فَقَالَ: يَا نَافِعُ! ذَهَبَ بِهَا الَّذِي جَاءَ بِهَا [ (1) ] .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ أَنْبَأَنَا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ أَبُو الْوَلِيدِ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ أَبَانَ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَنْ نَافِعٍ فَذَكَرَهُ.
__________
[ (1) ] نقله ابن كثير (6: 103) عن المصنف، وقال: «هذا حديث غريب جدا: متنا وإسنادا» .

(6/137)


أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الرِّيَاحِيُّ، حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ يَعْنِي مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْلِبْ لِيَ الْعَنْزَ، قَالَ: وَعَهْدِي بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا عَنْزَ فِيهِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ بِعَنْزٍ حَافِلٍ، قَالَ: فَاحْتَلَبْتُهَا وَاحْتَفَظْتُ بِالْعَنْزِ [وَأَوْصَيْتُ بِهَا] [ (2) ] قَالَ فَاشْتَغَلْنَا [ (3) ] بِالرِّحْلَةِ فَفَقَدْتُ الْعَنْزَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! فَقَدْتُ الْعَنْزَ! قَالَ: فَقَالَ: إِنَّ لَهَا رَبًّا
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنَةِ خَبَّابٍ، أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَاعْتَقَلَهَا وَحَلَبَهَا، النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: ائتني بِأَعْظَمَ إِنَاءٍ لَكُمْ، فَأَتَيْنَاهُ بِجَفْنَةِ الْعَجِينِ، فَحَلَبَ فِيهَا حَتَّى مَلَأَهَا ثُمَّ قَالَ: اشربوا وجيرانكم
[ (5) ] .
__________
[ (2) ] ليست في (ح) .
[ (3) ] (ح) : «فاشتغلت» .
[ (4) ] نقله ابن كثير عن المصنف. «البداية والنهاية» (6: 103) وقال: «هذا حديث غريب جدا اسنادا ومتنا، وفي إسناده من لا يعرف حاله» .
[ (5) ] نقله ابن كثير (6: 102) عَنْ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ.

(6/138)


بَابُ اسْتِسْقَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ فِي سُقْيَاهُ، ثُمَّ دُعَائِهِ بِالْكَشْفِ حِينَ شَكَوْا إِلَيْهِ كَثْرَةَ الْمَطَرِ، وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ فِيمَا دَعَاهُ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ وأَبُو عَبْدِ اللهِ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ السُّوسِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَنْبَأَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ [ (1) ] عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَبَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ النَّاسَ فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ فَادْعُ اللهَ لَنَا، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي يَدَيْهِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً، فو الذي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهُمَا حَتَّى ثَارَتْ سَحَابٌ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ وَمِنَ الْغَدِ وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَوْ قَالَ: رَجُلٌ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللهَ لَنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، قَالَ: فَمَا يُشِيرُ بِيَدَيْهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلَّا انْفَرَجَتْ حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ، وسال
__________
[ (1) ] (السنة) القحط.

(6/139)


الْوَادِي- وَادِي قَنَاةٍ- شَهْرًا!، ولم يجيء أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ مِنَ النَّوَاحِي إِلَّا حَدَّثَ بِالْجَوْدِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَوْجُهٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ
[ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرِ بْنِ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا [أَبُو دَاوُدَ] [ (3) ] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: قَدْ أَصَابَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ قَحْطٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا هُوَ يَخْطُبُنَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَ الْكُرَاعُ، هَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَهُ وَدَعَا، قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ سَحَابًا، ثُمَّ اجْتَمَعَتْ، ثُمَّ أَرْسَلْتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا فَلَمْ نَزَلْ نُمْطَرُ إِلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوْ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ فَادْعُ اللهَ أَنْ يَحْبِسَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ يَتَصَدَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكُوفَةِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَنْبَسَةَ، حَدَّثَنَا عُبَادَةُ بْنُ زِيَادٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خُثَيْمٍ الْهِلَالِيِّ (ح) .
__________
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 15- كتاب الاستسقاء (24) باب من تمطر في المطر حتى يتحادر على لحيته، فتح الباري (2: 519) ، ومسلم في: 9- كتاب صلاة الاستسقاء، (2) باب الدعاء في الاستسقاء، الحديث (9) ، ص (2: 614) .
[ (3) ] ليست في (ح) .
[ (4) ] فتح الباري (2: 508) .

(6/140)


وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ الْفَقِيهُ الْأَصْبَهَانِيُّ، أنبأنا أبو محمد ابن حَيَّانَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ، حدثنا أحمد ابن رَشِيدِ بْنِ خُثَيْمٍ الْهِلَالِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ: سَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ عَمِّي، عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ أَتَيْنَاكَ وَمَا لَنَا بَعِيرٌ يُيَطُّ وَلَا صَبِيٌّ يَصِيحُ، وأنشده.
أَتَيْنَاكَ وَالْعَذْرَاءُ يَدْمَى لَبَانُهَا ... وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ
وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الصَّبِيُّ اسْتِكَانَةً ... مِنَ الْجُوعِ ضَعْفًا مَا يُمَرُّ وَلَا يُخْلِي
وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا ... سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَامِيِّ وَالْعِلْهِزِ الْفَسْلِ
وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا ... وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ
فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا، طَبَقًا عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ تَمْلَأُ بِهِ الضَّرْعَ وَتُنْبِتُ بِهِ الزَّرْعَ وَتُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ، فو الله مَا رَدَّ يَدَيْهِ إِلَى نَحْرِهِ حَتَّى أَلْقَتِ السَّمَاءُ بِأَبْرَاقِهَا، وَجَاءَ أَهْلُ الْبِطَانَةِ يَعْنِجُونَ يَا رَسُولَ اللهِ! الْغَرَقَ الْغَرَقَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ:
اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، فَانْجَابَ السَّحَابُ عَنِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَحْدَقَ بِهَا كَالْإِكْلِيلِ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ قَالَ: لِلَّهِ دَرُّ أَبِي طَالِبٍ لَوْ كَانَ حَيًّا قَرَّتَا عَيْنَاهُ مَنْ يُنْشِدُنَا قَوْلَهُ؟ فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله كأنك أردت:
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... ثِمَالُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّالُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ ... فَهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ
كَذَبْتُمْ وبيت الله يبزي محمدا ... وَلَمَّا نُقَاتِلْ دُونَهُ وَنُنَاضِلِ
وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنَذْهَلُ عَنْ أَبْنَائِنَا وَالْحَلَائِلِ

(6/141)


قَالَ وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ كنانة، وقال:
لَكَ الْحَمْدُ وَالْحَمْدُ مِمَّنْ شَكَرْ ... سُقِينَا بِوَجْهِ النَّبِيِّ الْمَطَرْ
دَعَا اللهَ خَالِقَهُ دَعْوَةً ... إِلَيْهِ وَأَشْخَصَ مِنْهُ الْبَصَرْ
فَلَمْ يَكُ إِلَّا كَإِلْقَاءِ الرِّدَاءِ ... أَوِ اسْرَعَ حَتَّى رَأَيْنَا الدُّرَرْ
رِقَاقُ الْعَوَالِي جَمُّ الْبُعَاقِ ... أَغَاثَ بِهِ اللهُ عَيْنَا مُضَرْ
وَكَانَ كَمَا قَالَ عَمُّهُ ... أَبُو طَالِبٍ أَبْيَضٌ ذُو غُرَرْ
بِهِ اللهُ يَسْقِي الْغَمَامَ ... وَهَذَا الْعَيَانُ لِذَاكَ الْخَبَرْ
وَمَنْ يَشْكُرِ اللهَ يَلْقَى الْمَزِيدَ ... وَمَنْ يَكْفُرِ اللهَ يَلْقَى الْغِيَرْ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ يَكُ شَاعِرٌ يُحْسِنُ فَقَدْ أَحْسَنْتَ [ (5) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ صَالِحٍ التَّمَّارُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رُشَيْدِ بْنِ خُثَيْمٍ الْكُوفِيُّ الْهِلَالِيُّ الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَمِّي سَعِيدُ بْنُ خُثَيْمٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْمُلَائِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ أَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: أَتَيْنَاكَ، فَذَكَرَهُ زَادَ فِيهِ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَزَادَ فِي الدُّعَاءِ سَرِيعًا.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، قال: رُبَّمَا ذَكَرْتُ قَوْلَ الشَّاعِرِ وأنا أنظر
__________
[ (5) ] نقله ابن كثير (6: 90- 91) عن المصنف، وقال: «هذا السياق فيه غرابة ولا يشبه ما قدمنا من الروايات الصحيحة المتواترة عن انس، فإن كان هكذا محفوظا فهو قصة اخرى غير ما تقدم والله اعلم» .

(6/142)


إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ يَسْتَسْقِي، فَمَا يَنْزِلُ حَتَّى يَجِيشُ كُلُّ مِيزَابٍ، فَأَذْكُرُ قَوْلَ الشَّاعِرِ:
وَأَبْيَضُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ... رَبِيعُ الْيَتَامَى عِصْمَةٌ لِلْأَرَامِلِ
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ فَقَالَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا سَالِمُ عَنْ أَبِيهِ [ (6) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ الْحَارِثِ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُصْعَبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا محمد ابن أَبِي ذِئْبٍ الْمَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ حَاطِبٍ الْجُمَحِيِّ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: لَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَتَاهُ وَفْدُ بَنِي فَزَارَةَ بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا فِيهِمْ خَارِجَةُ بْنُ حِصْنٍ، وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ وَهُوَ أَصْغَرُهُمْ، ابْنُ أَخِي عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ، فَنَزَلُوا فِي دَارِ رَمْلَةِ بِنْتِ الْحَارِثِ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقَدِمُوا عَلَى إِبِلٍ صِغَارٍ عِجَافٍ وَهُمْ مُسْنِتُونَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقِرِّينَ بِالْإِسْلَامِ، فَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم عَنْ بِلَادِهِمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَسْنَتَتْ بِلَادُنَا، وَأَجْدَبَ جَنَابُنَا، وَحَرِبَتْ عِيَالُنَا، وَهَلَكَتْ مَوَاشِينَا، فَادْعُ رَبَّكَ أَنْ يُغِيثَنَا وَتَشَفَّعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ وَيَشْفَعْ رَبُّكَ إِلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللهِ! وَيْلَكَ، أَنَا شَفَعَتُ إِلَى رَبِّي فَمَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ رَبُّنَا إِلَيْهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الْعَظِيمُ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَهُوَ يَئِطُّ مِنْ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ كَمَا يئط الرجل الْجَدِيدُ.
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ لَيَضْحَكُ مِنْ شَعَثِكُمْ وَأَذَاكُمْ وَقُرْبِ غِيَاثِكُمْ فقال الأعرابيّ أو يضحك رَبُّنَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: نَعَمْ،! فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: لن
__________
[ (6) ] فتح الباري (2: 494) ، وقال: «ثمال اليتامى» .

(6/143)


نَعْدِمَ يَا رَسُولَ اللهِ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ قَوْلِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَتَكَلَّمَ بِكَلِمَاتٍ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ وَكَانَ مِمَّا حُفِظَ مِنْ دُعَائِهِ: اللهُمَّ اسْقِ بَلَدَكَ وَبَهِيمَتَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ الْمَيْتَ، اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا مَرِيئًا مَرِيعًا، طَبَقًا وَاسِعًا عَاجِلًا غَيْرَ آجِلٍ نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، اللهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا هَدْمٍ وَلَا غَرْقٍ وَلَا مَحْقٍ. اللهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ وَانْصُرْنَا عَلَى الْأَعْدَاءِ، فَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ التَّمْرَ فِي الْمَرَابِدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ اسْقِنَا، فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ: التَّمْرُ فِي الْمَرَابِدِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ اسْقِنَا حَتَّى يَقُومَ أَبُو لُبَابَةَ عُرْيَانًا يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِهِ بِإِزَارِهِ، قَالَ فَلَا وَاللهِ مَا فِي السَّمَاءِ مِنْ قَزَعَةٍ وَلَا سَحَابٍ وَمَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَسَلْعٍ مِنْ بِنَاءٍ وَلَا دَارٍ، فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَاءِ سَلْعٍ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ثُمَّ أمطرت فو الله مَا رَأَوَا الشَّمْسَ سِتًّا وَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ عُرْيَانًا يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِهِ بِإِزَارِهِ لِئَلَّا يَخْرُجَ التَّمْرُ مِنْهُ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللهِ! يَعْنِي الَّذِي سَأَلَهُ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَهُمْ هَلَكَتِ الْأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَدَعَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا حَتَّى رؤي بَيَاضَ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، على الآكام والضراب وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ، فَانْجَابَتِ السَّحَابَةُ عَنِ الْمَدِينَةِ كَانْجِيَابِ الثَّوْبِ
[ (7) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الطِّهْرَانِيُّ، أَنْبَأَنَا سَهْلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَعْرُوفُ بِالسِّنْدِيِّ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ،
__________
[ (7) ] نقله ابن كثير في «البداية والنهاية» (6: 91- 92) عن المصنف.

(6/144)


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: اسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: اللهُمَّ اسْقِنَا، اللهُمَّ اسْقِنَا، فَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ التَّمْرَ فِي الْمَرَابِدِ، وَمَا فِي السَّمَاءِ سَحَابٌ نَرَاهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ اسْقِنَا، فَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ التَّمْرَ فِي الْمَرَابِدِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ اسْقِنَا حَتَّى يَقُومَ أَبُو لُبَابَةَ يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِهِ بِإِزَارِهِ، فَأَسْبَلَتِ السَّمَاءُ وَمَطَرَتْ، وصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَافَ الْأَنْصَارُ بِأَبِي لُبَابَةَ، يَقُولُونَ لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ إِنَّ السَّمَاءَ وَاللهِ لَنْ تُقْلِعَ حَتَّى تَقُومَ عُرْيَانًا تَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِكَ بِإِزَارِكَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَقَامَ أَبُو لُبَابَةَ عُرْيَانًا يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِهِ بِإِزَارِهِ فَأَقْلَعَتِ السَّمَاءُ
[ (8) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم يَوْمَ الضُّحَى [ (9) ] فِي الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ اسْقِنَا ثَلَاثًا، اللهُمَّ ارْزُقْنَا سَمْنًا وَلَبَنًا وَشَحْمًا وَلَحْمًا وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ سَحَابًا فَسَارَتْ رِيحٌ وَغَيْرُهُ ثُمَّ اجْتَمَعَ سَحَابٌ فَغَبَّتِ السَّمَاءُ، فَصَاحَ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفْتُ أَمْشِي بِمَشْيِهِ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا حَدَثُكُمْ عَهْدًا بِرَبِّهِ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ: أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ
__________
[ (8) ] نقله ابن كثير، في «البداية والنهاية» (6: 92) عن المصنف، وقال: «وهذا إسناد حسن، ولم يرده أحمد، ولا اهل الكتب، والله اعلم» .
[ (9) ] (ك) و (ف) : «يوما ضحى» .

(6/145)


الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ بْنِ السَّبْطِ، قَالَ: لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ، أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ البهري، حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّهِ أَبُوكَ، وَاحْذَرْ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مُضَرُ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا فَادْعُ اللهَ لَهُمْ، قَالَ شُعْبَةُ: وَزَادَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: «أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: إِنِّي آتِيكَ مِنْ عِنْدِ قَوْمٍ لَمْ يُخْطَمْ لَهُمْ فَحْلٌ، وَلَمْ يَتَزَوَّدُ لَهُمْ رَاعٍ» ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عَمْرٍو فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم:
اللهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا مُغِيثًا غَدَقًا طَبَقًا مَرِيعًا نَافِعًا غَيْرَ ضَارٍّ، عَاجِلًا غَيْرَ رَائِثٍ، قَالَ شُعْبَةُ وَزَادَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: فَمَا لَبِثْتُ إِلَّا جُمُعَةً حَتَّى مُطِرْنَا.

(6/146)


بَابُ اسْتِسْقَاءِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِعَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى فِي سُقْيَاهِمْ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الصَّبَّاحِ الزَّعْفَرَانِيُّ وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
كَانَ عُمَرُ إِذَا قَحَطُوا خَرَجَ فَاسْتَسْقَى وَأَخْرَجَ مَعَهُ الْعَبَّاسُ، وَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّا كُنَّا إِذَا قَحَطْنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قَالَ:
فَيُسْقَوْنَ.
وَفِي رِوَايَةِ الزَّعْفَرَانِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ الْيَوْمَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ.
سَقَطَ مِنْ كِتَابِ شَيْخِي «أَبِي مُحَمَّدٍ» ذِكْرُ أَنَسٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (1) ] عَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ [مَوْصُولًا] [ (2) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 15- كتاب الاستسقاء، (3) باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا الحديث (1010) ، فتح الباري (2: 494) .
[ (2) ] سقطت من (ك) .

(6/147)


بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِسْقَاءِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (1) ] خَادِمِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَرْضِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شُعَيْبٍ الْفَزَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، قَالَ:
جَاءَ قَيِّمُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي أَرْضِهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ أَعَطِشَتْ أَرْضُكَ، فَتَرَدَّا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، ثُمَّ صَلَّى مَا قَضَى اللهُ لَهُ، ثُمَّ دَعَا، فَثَارَتْ سَحَابَةٌ فَجَاءَتْ وَغَشِيَتْ أَرْضَهُ وَمَطَرَتْ حَتَّى مَلَأَتْ صِهْرِيجَهُ وَذَلِكَ فِي الصَّيْفِ، فَأَرْسَلَ بَعْضُ أَهْلِهِ فَقَالَ انْظُرُوا أَيْنَ بَلَغَتْ؟ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَعْدُ أَرْضَهُ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) فقط.
[ (2) ] ابن عساكر (3: 85) .

(6/148)


بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّمْرِ الْمَوْرُوثِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَتَّى قَضَى مِنْهُ دَيْنَهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْءٌ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنْ فِرَاسٍ، قَالَ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَحَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ أَبَاهُ اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ سِتَّ بَنَاتٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا كَثِيرًا، فلما حضر جذاذ النَّخْلِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ وَالِدِي اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ وترك عليه دين كثير، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ، قَالَ: اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرٍ عَلَى نَاحِيَةٍ، فَفَعَلْتُ، ثُمَّ دَعَوْتُهُ، فَلَمَّا نظروا إليه أعزوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ طَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَلَسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ أَصْحَابَكَ، فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَأَنَا وَاللهِ رَاضٍ أَنْ أَدَّى اللهُ أَمَانَةَ وَالِدِي، وَلَا أَرْجِعُ إِلَى أَخَوَاتِي بِتَمْرَةٍ، فَسَلِمَ وَاللهِ البيادر كلها، حتى أَنْظُرُ إِلَى الْبَيْدَرِ الَّذِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ تَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (1) ] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، أَوْ عَنِ الْفَضْلِ بن
__________
[ (1) ] هذه الرواية التي نقلها المصنف هي في: 55- كتاب الوصايا (36) باب قضاء الوصي ديون الميت الحديث، فتح الباري (5: 413) .

(6/149)


يَعْقُوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ
[ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا محمد ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنْبَأَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، أنه أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ عَلَيْهِ ثَلَاثِينَ وَسْقًا لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَاسْتَنْظَرَهُ جَابِرٌ، فَأَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ، فَكَلَّمَ جَابِرٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَشْفَعَ إِلَيْهِ، فَجَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَكَلَّمَ الْيَهُودِيَّ لِيَأْخُذَ تَمْرَ نَخْلَهِ بِالَّذِي لَهُ، فَأَبَى، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا جَابِرُ جِدَّ لَهُ فَأَوْفِهِ الَّذِي لَهُ فَجَدَّ بعد ما رَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْفَاهُ ثَلَاثِينَ وَسْقًا، وَفَضَلَتْ لَهُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَسْقًا فَجَاءَ جَابِرٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُخْبِرَهُ بِالَّذِي فَعَلَ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ فأخبره أنه قد وقّاه، وَأَخْبَرَهُ بِالْفَضْلِ الَّذِي فَضَلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبِرْ ذَلِكَ ابْنَ الْخَطَّابِ، فَذَهَبَ جَابِرٌ إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَقَدْ عَلِمْتُ حَيْثُ مَشَى فِيهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيُبَارِكَنَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا [ (3) ] .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِي سَائِرِ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ حَضَرُوا وَحَضَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَوْفَاهُمْ دُيُونَهُمْ وَهَذَا فِي الْيَهُودِيِّ الَّذِي أَتَاهُ بَعْدَهُمْ وَطَالَبَ بِدَيْنِهِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَدِّ مَا بَقِيَ عَلَى النَّخْلَاتِ وَإِيفَائِهِ حَقَّهُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
__________
[ (2) ] هكذا وقع الشك هنا، وقد روى البخاري عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: مُحَمَّدِ بن سابق البغدادي مولى بني تميم بواسطة في أول حديث الجهاد، وفي المغازي، والنكاح والأشربة، ولم يرو عنه بغير واسطة إلا في هذا الموضع مع التردد في ذلك.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في البيوع عن عبدان، عن جرير، وفي الاستقراض عن موسى عن أبي عوانة، كلاهما عن مغيرة، وفي المغازي عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي سريج، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ موسى، وفي علامات النبوة في الإسلام من كتاب المناقب عن أبي نعيم.
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 43- كتاب الاستقراض (9) باب إذا قاصّ أو جازفه في الدّين تمرا بتمر وغيره، فتح الباري (5: 60) .

(6/150)


بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعِيرِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ وَقَدْ أَعْيَا حَتَّى صَارَ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ فِي أَوَّلِ الرَّكْبِ، وَمَا ظَهَرَ فِيهِ وَفِي فَرَسِ أَبِي طَلْحَةَ بِرُكُوبِهِ وَفِي دَابَّةِ جُعَيْلٍ الْأَشْجَعِيِّ، وَفِي نَاقَةِ الْفَتَى بِبَرَكَتِهِ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْعَتَكِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، قَالَ: سَمِعْتُ عَامِرًا، يَقُولُ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ قَدْ أَعْيَا فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ، فَقَالَ: فَلَحِقَنِي رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَرَبَهُ وَدَعَا لَهُ، فَسَارَ سَيْرًا لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ، ثُمَّ قَالَ: «بِعْنِيهِ بِأُوقِيَةٍ» ، قُلْتُ: لَا قَالَ: «بِعْنِيهِ بِأُوقِيَتَيْنِ» فَبِعْتُهُ، وَاشْتَرَطْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ، فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ، فَأَرْسَلَ عَلَى أَثَرِي وَقَالَ: أَتَرَى أَنِّي مَاكَسْتُكَ لِآخُذَ جَمَلَكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ وهمالك.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ [ (1) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا [ (2) ] أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ مغيرة، عن
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 54- كتاب الشروط (4) باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة، ومسلم في:
22- كتاب المساقاة، (21) باب بيع البعير واستثناء ركوبه.
[ (2) ] كذا في (أ) ، وفي بقية النسخ: «أخبرني» .

(6/151)


الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَلَاحَقَ بِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْتِي نَاضِحٌ لِي، قَدْ أَعْيَا وَلَا يَكَادُ يَسِيرُ، فَقَالَ لِي: مَا لِبَعِيرِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: عَلِيلٌ، قَالَ: فَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَزَجَرَهُ وَدَعَا لَهُ، فَمَا زَالَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِبِلِ قُدَّامَهَا يَسِيرُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَرَى بَعِيرَكَ؟ قُلْتُ بِخَيْرٍ قَدْ أَصَابَتْهُ بَرَكَتُكَ. قَالَ: «أَفَتَبِيعُنِيهِ» وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ
[ (3) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ [ (4) ] الْمُقْرِئُ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَعْيَا بَعِيرِي فَنَخَسَهُ فَوَثَبَ فَكُنْتُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحْبِسُ خِطَامَهُ فَمَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: بِعْنِيهِ، فَبِعْتُهُ مِنْهُ بِخَمْسِ أَوَاقٍ. قُلْتُ: عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: «وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ» [ (5) ] ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ أَتَيْتُ فَزَادَنِي أُوقِيَةً، ثُمَّ وَهَبَهُ لِي.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ
[ (6) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
__________
[ (3) ] مسلم في الموضع السابق (3: 1222) .
[ (4) ] في (ح) : «عبد الله» .
[ (5) ] ليست في (ح) .
[ (6) ] مسلم في الموضع السابق (3: 1223) .

(6/152)


فَزِعَ النَّاسُ، فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ بَطِيئًا، ثُمَّ خَرَجَ يَرْكُضُ وَحْدَهُ، فَرَكِبَ النَّاسُ يَرْكُضُونَ خَلْفَهُ، فَقَالَ: لَنْ تُرَاعُوا إِنَّهُ لبحر، قال: فو الله مَا سُبِقَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ سَهْلٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ
[ (7) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَامِدٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ جُعَيْلٍ [الْأَشْجَعِيِّ] [ (8) ] قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ] [ (9) ] وَأَنَا عَلَى فَرَسٍ لِي جَعْفَاءَ ضَعِيفَةٍ، قَالَ: فَكُنْتُ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ، فَلَحِقَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَ: «سريا صَاحِبَ الْفَرَسِ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! جَعْفَاءُ ضَعِيفَةٌ، قَالَ:
فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم مِخْفَقَةً مَعَهُ فَضَرَبَهَا بِهَا، وَقَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِيهَا» ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي مَا أَمْسِكُ رَأْسَهُ إِنْ تَقَدَّمَ النَّاسُ، قَالَ: فَلَقَدْ بِعْتُ مِنْ بَطْنِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا [ (10) ] .
__________
[ (7) ] أخرجه البخاري في: 56- كتاب الجهاد (116) باب مبادرة الإمام عند الفزع، فتح الباري (6:
122) .
[ (8) ] الزيادة من (ف) و (ك) فقط.
[ (9) ] الزيادة من (ك) فقط.
[ (10) ] أخرجه النسائي في السير الكبرى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ رافع ابن سلمة، عن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي الجعد، أخي سالم، عنه، تابعة زيد بن الحباب- كما سيأتي- عن رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَشْجَعِيُّ، وقال البخاري في تاريخه (1: 2: 248) : «وقال رافع ابن زياد بن الجعد بن أبي الجعد: حدثني أبي، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي الجعد أخي سالم، عن جعيل، فالله أعلم» . تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للمزي (2: 437) .

(6/153)


وَأَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْبُسْتِيُّ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُظَفَّرٍ الْبَكْرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا رَافِعُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَشْجَعِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ ومَعْنَاهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ علي، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ قَالَ: فَتًى، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَقَالَ:
«هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» . قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا، قَالَ:
«عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا» ؟ فَذَكَرَ شَيْئًا، قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ تَنْحِتُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذِهِ الْجِبَالِ مَا عِنْدَنَا الْيَوْمَ شَيْءٌ نَعْطِيكَهُ، وَلَكِنْ سَأَبْعَثَكَ فِي وَجْهٍ تُصِيبُ فِيهِ، فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ، وَبَعَثَ الرَّجُلَ فِيهِمْ فَأَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْيَتْنِي نَاقَتِي أَنْ تَنْبَعِثَ، قَالَ: فَنَاوَلَهُ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالْمُعْتَمِدِ عَلَيْهِ لِلْقِيَامِ، فَأَتَاهَا فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ رَأَيْتُهَا تَسْبِقُ الْقَائِدَ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ مَرْوَانَ
[ (11) ] [ (12) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عوف، قَالَ:
أَنْبَأَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى بَعِيرًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:
إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَعِيرًا فَادْعُ اللهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي فِيهِ، فَقَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِيهِ» ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا أَنْ نَفَقَ، ثُمَّ اشْتَرَى بَعِيرًا آخَرَ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فقال: يا
__________
[ (11) ] صحيح مسلم في: 16- كتاب النكاح،
[ (12) ] باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد النكاح، (2: 1040) ، الحديث (75) .

(6/154)


رَسُولَ اللهِ! إِنِّي اشْتَرَيْتُ بَعِيرَيْنِ فَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُبَارِكَ لِي فِيهِمَا، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَحْمِلَنِيَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ: «اللهُمَّ! احْمِلْهُ عَلَيْهِ» ، قَالَ: فَمَكَثَ عِنْدَهُ عِشْرِينَ سَنَةً.
هَذَا مُرْسَلٌ وَدُعَاؤُهُ صَارَ إِلَى أَمْرِ الْآخِرَةِ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، ثُمَّ سَأَلَهُ صَاحِبُ الْبَعِيرِ الدُّعَاءَ بِأَنْ يَحْمِلَهُ عَلَيْهِ، وَقَعَتِ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ زَكَاةٍ وَأَطْيَبَهَا وَأَنْمَاهَا.

(6/155)


بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تُصْرَعُ وَتَنْكَشِفُ بِالْعَافِيَةِ إِنْ لَمْ تَصْبِرْ أَوْ بِأَنْ لَا تَنْكَشِفَ إِنْ صَبَرَتْ وَلَهَا الْجَنَّةُ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ [الْمَالِينِيُّ] [ (1) ] (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ هَذَا الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَأَنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ لِي، فَقَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكَ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُعَافِيَكِ» ، فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. قَالَتْ: فَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفُ فَدَعَا لَهَا.
لَفْظُ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُسَدَّدٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الْقَوَارِيرِيِّ عَنْ يَحْيَى
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) فقط.
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 75- كتاب المرضى (6) باب فضل من يصرع من الريح، فتح الباري (10: 114) ، ومسلم في (45) كتاب البر والصلة (14) باب ثواب المؤمن فيما يصيبه، حديث (54) ، ص (1994) ، وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (1: 347) . وراجع الطب النبوي لابن قيم الجوزية ص (190) من تحقيقنا ففيه شرح موضوع الصّرع وعلاجه وكلام ابن القيم حوله.

(6/156)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، حدثنا حماد ابن شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، أَنْبَأَنَا مَخْلَدٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ: أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ [ (3) ] تِلْكَ الْمَرْأَةَ طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى ستر الكعبة.
__________
[ (3) ] ذكرها ابن حجر في الإصابة (4: 453) ، وقال: «ثبت ذكرها في صحيح البخاري في حديث ابن جريج، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أم زفر..» .

(6/157)


بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِئْذَانِ الْحُمَّى عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَإِرْسَالِهِ إِيَّاهَا إِلَى أَهْلِ قُبَاءَ لِتَكُونَ لَهُمْ كَفَّارَةً، وَظُهُورِ مَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أُمِّ طَارِقٍ مَوْلَاةِ سَعْدٍ، قَالَتْ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ فَسَكَتَ سَعْدٌ، ثُمَّ أَعَادَ فَسَكَتَ سَعْدٌ [ثُمَّ أَعَادَ فَسَكَتَ سَعْدٌ] [ (1) ] فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قَالَتْ: فَأَرْسَلَنِي سَعْدٌ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنَا أَنْ تَأْذَنَ لَكَ إِلَّا أَنَّا أَرَدْنَا أَنْ تَزِيدَنَا، فَسَمِعْتُ صَوْتًا عَلَى الْبَابِ يَسْتَأْذِنُ وَلَا أَرَى شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «مَنْ أَنْتِ» ؟ قَالَتْ: أَنَا أُمُّ مِلْدَمٍ، قَالَ:
«لَا مَرْحَبًا بِكِ وَلَا أَهْلًا! تَهْدِينَ إِلَى أَهْلِ قُبَاءَ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي إِلَيْهِمْ»
[ (2) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ الْحُمَّى قَدِ اشْتَدَّتْ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «إن
__________
[ (1) ] ليست في (ح) .
[ (2) ] أخرجه ابن سعد، وعنه وعن المصنف نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 86) .

(6/158)


شِئْتُمْ أَنْ تُرْفَعَ عَنْكُمْ رُفِعَتْ، وَإِنْ شِئْتُمْ كَانَ طَهُورًا!» قَالُوا: بَلْ تَكُونَ لَنَا طَهُورًا
[ (3) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو النَّضْرِ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَتَتِ الْحُمَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ مَنْ أَنْتِ، قَالَتْ: أُمُّ مِلْدَمٍ، قَالَ: «أَتُرِيدِينَ أهل قباء؟» قالت نعم، قَالَ:
فَحُمُّوا وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَاشْتَكَوْا إِلَيْهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ لَقِينَا مِنَ الْحُمَّى. قَالَ:
«إِنْ شِئْتُمْ دَعَوْتُ اللهَ فَكَشَفَهَا عَنْكُمْ، وَإِنَّ شِئْتُمْ كَانَتْ لَكُمْ طَهُورًا» ، قَالُوا: بَلْ تَكُونَ لَنَا طَهُورًا
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ لَاحِقٍ، أَبُو عُثْمَانَ الْمَدَائِنِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمُ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّ أَهْلَ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ» ، وَبِهِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ:
اسْتَأْذَنَتِ الْحُمَّى عَلَى رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لها: «من أن؟» قَالَتْ: أَنَا الْحُمَّى أُبَرِئُ اللَّحْمَ، وَأَمُصُّ الدَّمَ، قَالَ: «اذْهَبِي إِلَى أَهْلِ قُبَاءَ» ، فَأَتَتْهُمْ فجاؤوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَدِ اصْفَرَّتْ وُجُوهُهُمْ، فَشَكَوَا الْحُمَّى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا شِئْتُمْ؟ إِنْ شِئْتُمْ دَعَوْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فكشفها عنكم، وإن
__________
[ (3) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 87) ، وجاء في أوله: «أَتَتِ الْحُمَّى النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم فاستأذنت عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أُمُّ مِلْدَمٍ، قَالَ: أَتُرِيدِينَ أَهْلَ قُبَاءَ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَحُمُّوا وَلَقُوا مِنْهَا شِدَّةً، فَاشْتَكَوْا إِلَيْهِ، فقالوا.. وسيأتي في الحديث التالي.
[ (4) ] انظر (3) .

(6/159)


شِئْتُمْ تَرَكْتُمُوهَا فَأَسْقَطَتْ ذُنُوبَكُمْ» ، قَالُوا: بَلْ نَدَعُهَا يَا رَسُولَ اللهِ
[ (5) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ الْغَنَوِيُّ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَتِ الْحُمَّى إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! ابْعَثْنِي إِلَى أَحَبِّ قَوْمِكَ، أَوْ إِلَى أَحَبِّ أَصْحَابِكَ إِلَيْكَ- شَكَّ قُرَّةُ- فَقَالَ:
«اذْهَبِي إِلَى الْأَنْصَارِ» ، قَالَ: فَذَهَبَتْ فَصُبَّتْ عَلَيْهِمْ فصرعتهم، فجاؤوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: قَدْ أَتَتْ عَلَيْنَا، فَادْعُ اللهَ لَنَا بِالشِّفَاءِ، قَالَ:
فَدَعَا لَهُمْ فَكُشِفَتْ عَنْهُمْ، قَالَ فَاتَّبَعَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ [اللهَ] [ (6) ] لِي إِنِّي لَمِنَ الْأَنْصَارِ، وَإِنَّ أَبِي لَمِنَ الْأَنْصَارِ فَادْعُ اللهَ لِي كَمَا دَعَوْتَ لَهُمْ، فَقَالَ: «أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكِ أَنْ أَدْعُوَ لَكَ فَيُكْشَفُ عَنْكِ أَوْ تَصْبِرِينَ و [تجب] [ (7) ] لَكِ الْجَنَّةُ» ، فَقَالَتْ: لَا وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ بَلْ أَصْبِرُ ثَلَاثًا، وَلَا أَجْعَلْ مِنَ اللهِ بِجَنَّتِهِ خَطَرًا أَبَدًا.
قُلْتُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي قَوْمٍ آخَرِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ وَاللهُ أَعْلَمُ [ (8) ] .
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ صُبَيْحٍ أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرَوَيْهِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُبَيْدٍ، مِنْ أَهْلِ عَبَّادَانَ، أَنْبَأَنَا الْمُحَبَّرُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ أَبِي يَزِيدَ الْمُقْرِئِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُرَقَّعِ، قَالَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ قَسَّمْهَا عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، فَجَعَلَ لِكُلِّ
__________
[ (5) ] الخصائص الكبرى للسيوطي (2: 87) عن المصنف.
[ (6) ] (ح) : بدونها.
[ (7) ] ليست في (ح) ، ولا في (ف) .
[ (8) ] نقله السيوطي (2: 87) .

(6/160)


مِائَةٍ: سَهْمًا، وَهِيَ مُخْضَرَّةٌ مِنَ الْفَوَاكِهِ، فَوَاقَعَ النَّاسُ الْفَاكِهَةَ فَمَغَثَتْهُمُ الْحُمَّى، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ، وَسِجْنُ اللهِ فِي الْأَرْضِ، وَهِيَ قِطْعَةٌ من النار، فإذ أَخَذَتْهُمْ فَبَرِّدُوا لَهَا الْمَاءَ فِي الشِّنَانِ، فَصُبُّوهَا عَلَيْكُمْ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ- يَعْنِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ» ، قَالَ: فَفَعَلُوا فَذَهَبَ عَنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ وِعَاءً إِذَا مُلِئَ شَرًّا مِنَ الْبَطْنِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاجْعَلُوا ثُلُثًا لِلطَّعَامِ، وَثُلُثًا لِلشَّرَابِ، وَثُلُثًا للريح»
[ (9) ] .
__________
[ (9) ] ابن السني، وأبو نعيم في الطب، فيض القدير (3: 420) .

(6/161)


بَابُ مَا جَاءَ فِي رَشِّهِ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مِنْ وَضُوئِهِ حَتَّى عَقَلَ بَعْدَ مَا كَانَ لَا يَعْقِلُ.
أَخْبَرَنَا عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَنْبَأَنَا وُهَيْبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ:
عَادَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي بَنِي سَلِمَةَ فَوَجَدَنِي لَا أَعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، فَرَشَّ مِنْهُ عَلَيَّ، فَأَفَقْتُ فَقُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ فِي مَالِي يَا رَسُولَ اللهِ؟
فَنَزَلَتْ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [ (1) ] .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] الآية الكريمة (11) من سورة النساء.
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 65- كتاب التفسير، تفسير سورة النساء (4) باب (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ) ، فتح الباري (8: 243) ، وأخرجه مسلم في: 23- كتاب الفرائض، (2) باب ميراث الكلالة، الحديث (6) صفحة (3: 1235) .

(6/162)


بَابُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِهِ بِالْغُسْلِ لِلْمَعِينِ، وَمَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمَهْرَجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّهُ قَالَ: رَأَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَغْتَسِلُ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ، فَلُبِطَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مَكَانَهُ، فأتى رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ لَكَ فِي سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، وَاللهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُونَ بِهِ أَحَدًا؟ قَالُوا نَتَّهِمُ بِهِ عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ [فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ] [ (1) ] فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلَامَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، أَلَا بَرَّكْتَ! اغْسِلْ لَهُ، فَغَسَلَ لَهُ عَامِرٌ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلِهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ، ثُمَّ صَبَّ عَلَيْهِ، فَرَاحَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ دَاخِلَةُ إِزَارِهِ هُوَ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الجلدة
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ح) ، ومتدارك في هامش (ف) ، وثابت في (أ) و (ك) .
[ (2) ] أخرجه النسائي في «اليوم والليلة» وابن ماجة في الطب عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أمامة.

(6/163)


بَابُ مَا جَاءَ فِي أَمْرِهِ الرَّجُلَ الَّذِي شَكَا إِلَيْهِ اسْتِطْلَاقَ بَطْنِ أَخِيهِ بِسَقْيِ الْعَسَلِ، وَمَا جَعَلَ اللهُ تَعَالَى فِيهِ مِنَ الشِّفَاءِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الطِّبِّ بِسَبِيلِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ أَخِي قَدِ اسْتَطْلَقَ [ (1) ] بَطْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم: «اسْقِهِ عَسَلًا» ، فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: قَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ، فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: قَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلَّا اسْتِطْلَاقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: «صَدَقَ اللهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلًا» ، فَسَقَاهُ، فَبَرَأَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ [ (2) ] بُنْدَارٍ.
__________
[ (1) ] (استطلق) ، الاستطلاق: الاسهال.
[ (2) ] الحديث أخرجه البخاري في: 76- كتاب الطب (4) باب الدواء بالعسل، وقول الله تعالى: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ فتح الباري (10: 139) ، ثم أخرجه البخاري بعده في (24) باب دواء البطون.
فتح الباري (10: 168) .
وأخرجه مسلم في: 39- كتاب السلام (31) باب التداوي بالعسل، حديث (91) ، ص (1736- 1737) .

(6/164)


__________
[ () ] وأخرجه الترمذي في كتاب الطب (باب) ما جاء في التداوي بالعسل حديث (2082) ، ص (4:
409) .. قال: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (3: 19- 20) .
قال الله تعالى في [سورة النحل: 68- 69] وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
وقال الله- تبارك وتعالى- في [سورة محمد- 15] : مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ، وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ.
(فائدة) : صدق الله وكذب بطن أخيك، قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن غيب أطلعه الله عليه، وأعلمه بالوحي أن شفاءه بالعسل فكرر عليه الأمر بسقي العسل ليظهر ما وعد به، والعسل يحتوي على الخمائر والإنزيمات (كالدياستاز، والانفرتاز، والانيولاز، فهو غذاء سهل الهضم والتمثيل يتجه إلى الكبد مباشرة، ويمنع نمو البكتيريا، ويؤدي إلى قتلها، بما يحتويه من مضادات طبيعية فطرية، كما أنه ملين طبيعي، مطهر للأمعاء، يفيد كثيرا ويشفي حالات الالتهابات المعوية، والحميات.
لا بل قد ثبت أن الجهاز الهضمي من الفم المستقيم يفيده العسل فائدة كبيرة، فيقضي على القرحة، والبثور، والتهاب الكبد، وآلام المرارة، ويزيد من مقاومة الجسم للعدوى وضد التسمم، واضطرابات المعدة.
وقد أسهبت في كتاب الطب النبوي لابن القيم في شرح فوائد العسل الطبية، فذكرت له أربعين فائدة طبية صرفة فارجع إليها لزاما. الصفحات من (133- 140) الطبعة الخامسة من تحقيقنا.

(6/165)


بَابُ مَا فِي تَعْلِيمِهِ الضَّرِيرَ مَا كَانَ فِيهِ شِفَاؤُهُ حِينَ لَمْ يَصْبِرْ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، وَأَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ، قال: سمعت عامر بْنَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ يُحَدِّثُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ.
أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ لِي أَنْ يُعَافِيَنِيَ، قَالَ:
«فَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَلِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، وإن شِئْتَ دَعَوْتُ اللهَ» ، قَالَ: فَادْعُهُ.
قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ الْوُضُوءَ، وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَدَعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ:
«اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَتَقْضِيهَا لِي، اللهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي» [ (1) ] .
هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ زَادَ مُحَمَّدَ بْنَ يُونُسَ فِي رِوَايَتِهِ قَالَ فَقَامَ وقد
__________
[ (1) ] أخرجه الترمذي في: 49- كتاب الدعوات (119) باب منه، الحديث (3578) ، سنن الترمذي (5: 569) عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ، وأخرجه ابن ماجة في الصلاة، عن أحمد بن منصور بن سيار.

(6/166)


أَبْصَرَ، وَرَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ، فَفَعَلَ الرَّجُلُ فَبَرَأَ.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْخَطْمِيِّ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّيَالِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يزيد الصَّائِغُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ ابن سَعِيدٍ الْحَبَطِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ وَهُوَ الْخَطْمِيُّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ عَمِّهِ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَهُ رَجُلٌ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قل: اللهم إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ! إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَيُجَلِّي لِي بَصَرِي، اللهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي، قال عثمان: فو الله مَا تَفَرَّقْنَا وَلَا طَالَ الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ الرَّجُلُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضُرٌّ قَطُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعَيدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبَى عُثْمَانَ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللهُ، أَنْبَأَنَا الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الشَّاشِيُّ الْقَفَّالُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَدِينِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي حَاجَتِهِ، وَكَانَ عُثْمَانُ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُ فِي حَاجَتِهِ، فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ فشكا إِلَيْهِ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ ثُمَّ ائْتِ الْمَسْجِدَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قل: اللهم إني أسألك وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ

(6/167)


إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَتَقْضِي لِي حَاجَتِي، وَاذْكُرْ حَاجَتَكَ، ثُمَّ رُحْ حَتَّى أَرْفَعَ، فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَصَنَعَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى بَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَجَاءَ الْبَوَّابُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَدْخَلَهُ عَلَى عُثْمَانَ، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى الطِّنْفِسَةِ، فَقَالَ انْظُرْ مَا كَانَتْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ، فَقَالَ [لَهُ] [ (2) ] جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا مَا كَانَ يَنْظُرُ فِي حَاجَتِي وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيَّ حتى كلمته فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ مَا كَلَّمْتُهُ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَاءَهُ ضَرِيرٌ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَهَابَ بَصَرِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: أو تصبر؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ، وَقَدْ شَقَّ عَلَيَّ، فَقَالَ ائْتِ الْمِيضَأَةَ فَتَوَضَّأْ، وصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قُلْ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فَيُجَلِّي لِي عَنْ بَصَرِي، اللهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي قَالَ عثمان: فو الله ما تفرقنا وطَالَ بِنَا الْحَدِيثُ حَتَّى دَخَلَ الرَّجُلُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ ضَرَرٌ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَيْضًا بِطُولِهِ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَهَذِهِ زِيَادَةٌ أَلْحَقْتُهَا بِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سهل، عَنْ عَمِّهِ وَهُوَ عُثْمَانُ بن حنيف.
__________
[ (2) ] سقطت من (ح) .
[ (3) ] راجع (1) .

(6/168)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِهِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا دُعَاءَ الْحُمَّى فَقَالَتْهُ فَذَهَبَتْ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ [ (1) ] جَارُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَهِيَ مَوْعُوكَةٌ، فَقَالَ:
مَالِي أَرَاكِ هَكَذَا، فَقَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي هَذِهِ الْحُمَّى وَسَبَّتْهَا، فَقَالَ: لَا تَسُبِّيهَا فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتِ عَلَّمْتُكِ كَلِمَاتٍ إِذَا تَلَوْتِهِمْ أَذْهَبَهَا اللهُ تَعَالَى عَنْكِ، قَالَتْ: فَعَلِّمْنِي، قَالَ: قُولِي: اللهُمَّ ارْحَمْ جِلْدِيَ الرَّقِيقَ، وَعَظْمِيَ الدَّقِيقَ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِيقِ يَا أُمُّ مِلْدَمٍ، إِنْ كُنْتِ آمَنْتِ بِاللهِ الْعَظِيمِ فَلَا تَصْدَعِي الرَّأْسَ وَلَا تُنْتِنِي الْفَمَ، وَلَا تَأْكُلِي اللَّحْمَ، وَلَا تَشْرَبِي الدَّمَ وَتَحَوَّلِي مِنِّي إِلَى مَنِ اتَّخَذَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ، قَالَ: فَقَالَتْهَا، فَذَهَبَتْ عنها
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ ربه منكر الحديث. الميزان (2: 658) .
[ (2) ] وقد أخرج ابن ماجة (2: 1149) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ذكرت الحمى عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فسبها رجل، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تسبها فإنها تنفي الذنوب» وهذا الحديث ضعيف، ففي إسناده موسى بن عيينة، وهو ضعيف.
وهذا نقله السيوطي في الخصائص (2: 175) عن البيهقي.

(6/169)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِصَاحِبِ الْقُرْحَةِ حَتَّى صَحَّ وَبَرِئَتِ الْقُرْحَةُ
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ حَدَّثَهُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ بِرِجْلِهِ قُرْحَةٌ قَدْ أَعْيَتْ عَلَى الْأَطِبَّاءِ، فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَى رِيقِهِ، ثُمَّ رَفَعَ طَرَفَ الْخِنْصَرِ، فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَى التُّرَابِ، ثُمَّ رَفَعَهَا فَوَضَعَهَا عَلَى الْقُرْحَةِ ثُمَّ قَالَ: بِاسْمِكَ اللهُمَّ رِيقُ بَعْضِنَا بِتُرْبَةِ أَرْضِنَا لِيُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا.
هَذَا الدُّعَاءُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مَوْصُولًا.

(6/170)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي عَلَّمَهُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الدَّيْنِ فَدَعَا بِهِ فَقَضَى الله عَنْهُ دَيْنَهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله الحافظ وأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أحمد ابن الْهَيْثَمِ الشَّعْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن سعيد الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (1) ] عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم.
أَنَّ أَبَاهَا دَخَلَ عَلَيْهَا فَقَالَ: هَلْ سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ دُعَاءً كَانَ يُعَلِّمُنَاهُ وذكر أن عيسى بن مَرْيَمَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] [ (2) ] كَانَ يُعَلِّمُهُ أَصْحَابَهُ وَيَقُولُ:
لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ جَبَلُ دَيْنٍ ذَهَبًا قَضَاهُ اللهُ عَنْهُ ثُمَّ يَقُولُ: اللهُمَّ فَارِجَ الْهَمِّ وَكَاشِفَ الْغَمِّ مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ، رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهَا أَنْتَ
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) فقط.
[ (2) ] ليست في (ح) .

(6/171)


تَرْحَمُنِي فَارْحَمْنِي بِرَحْمَةٍ تُغْنِينِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَكَانَ عَلَيَّ دَيْنٌ وَكُنْتُ لِلدَّيْنِ كَارِهًا، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَنِي اللهُ بِفَائِدَةٍ، فَقَضَى اللهُ مَا كَانَ عَلَيَّ مِنَ الدَّيْنِ، قَالَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- وَكَانَ لِأَسْمَاءَ عَلَيَّ دِينَارٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، فَكُنْتُ أَسْتَحِي مِنْهَا كُلَّمَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا، فَكُنْتُ أَدْعُو بِذَلِكَ الدُّعَاءِ [فَمَا لَبِثْتُ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جَاءَنِي اللهُ بِرِزْقٍ مِنْ] [ (3) ] غَيْرِ مِيرَاثٍ وَلَا صَدَقَةٍ، فَقَضَيْتُهَا وَحَلَّيْتُ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ثَلَاثَ أَوَاقٍ، وَفَضَلَ لَنَا فَضْلٌ حَسَنٌ. لَفْظُ حَدِيثِ الصَّغَانِيِّ.
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، عَنْ يُونُسَ الْأَيْلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ (4) ] الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عن القاسم ابن مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: مَا سَمِعْتِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم دُعَاءً عَلَّمَنِيهِ، قَالَتْ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: كَانَ عِيسَى بن مَرْيَمَ يُعَلِّمَهُ أَصْحَابَهُ، قَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أَحَدِكُمْ جَبَلُ ذَهَبٍ دَيْنًا فَدَعَا بِذَلِكَ لَقَضَاهُ اللهُ عَنْهُ. فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ عَائِشَةَ. تَفَرَّدَ بِهِ الْحَكَمُ عَنِ الأيليّ [ (5) ] .
__________
[ (3) ] الزيادة من (ف) و (ك) .
[ (4) ] في (أ) : «حدثنا» .
[ (5) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10: 186) ، وقال: «رواه البزار وفيه الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأيلي وهو متروك» .
قلت: «الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الأيلي» قال يحيى بن معين: «ليس بثقة» ، وضعفه العقيلي، وقال ابن حبان: «قال الإمام أحمد: أحاديث الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ كلها موضوعة» . التاريخ الكبير (2:
345) ، المجروحين (1: 248) ، الميزان (1: 572) .

(6/172)


بَابُ مَا جَاءَ فِي نَفْثِهِ فِي عَيْنَيْنِ كَانَتَا مُبْيَضَّتَيْنِ لَا يُبْصِرُ صَاحِبُهُمَا بِهِمَا حَتَّى أَبْصَرَ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابن الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَامَانَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أُمِّهِ أَنَّ خَالَهَا حَبِيبَ بْنَ فُوَيْكٍ حَدَّثَهَا، أَنَّ أَبَاهُ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَعَيْنَاهُ مُبْيَضَّتَانِ لَا يُبْصِرُ بِهِمَا شَيْئًا، فَسَأَلَهُ مَا أَصَابَكَ؟ فَقَالَ: كُنْتُ أُمْرِئُ [ (1) ] جَمَلِي فَوَقَعَتْ رِجْلَيَّ عَلَى بِيضٍ فَأُصِيبَ بَصَرِي، فَنَفَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنِهِ فَأَبْصَرَ، فَرَأَيْتُهُ يُدْخِلُ الْخَيْطَ فِي الْإِبْرَةِ، وَإِنَّهُ لِابْنِ ثَمَانِينَ وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَمُبْيَضَّتَانِ [ (2) ] وَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْمَعْنَى حَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ فَسَالَتْ حَدَقَتُهُ عَلَى وَجْنَتِهِ فَرَدَّهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَوْضِعِهَا فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَّ عَيْنَيْهِ أصيبت
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] في الاستيعاب (أمرن) .
[ (2) ] قال ابن عبد البر في الاستيعاب في ترجمته (فويك) هكذا بالواو، قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ مُبْيَضَّتَانِ لَا يُبْصِرُ بِهِمَا شَيْئًا فَسَأَلَهُ مَا أصابه؟ فقال: كنت أمرّن جملا لي فوقعت على بيض حية فَأُصِيبَ بَصَرِي، فَنَفَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ فأبصر لوقته.. إلخ.
[ (3) ] تقدم في غزوة أحد.

(6/173)


بَابٌ فِي نَفْثِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَدِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ وَقَدِ احْتَرَقَتْ حَتَّى بَرِئَتْ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ابن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ ابن حَرْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ حَاطِبٍ، يَقُولُ: وَقَعَتْ عَلَى يَدَيَّ الْقِدْرُ، فَاحْتَرَقَتْ فَانْطَلَقَتْ بِي أُمِّي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَيْهَا وَيَقُولُ: أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ [وَأَحْسَبُهُ قَالَ] [ (1) ] وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي
[ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَا: أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ ابن يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَ: صَنَعَتْ أُمِّي مَرِيعَةً، فَأَهْرَاقَتْ عَلَى يَدَيَّ، فَذَهَبَتْ بِي أُمِّي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ كَلَامًا لَمْ أَحْفَظْهُ، وَسَأَلْتُهَا عَنْهُ فِي إِمَارَةِ عُثْمَانَ مَا قَالَ؟ قَالَتْ: قَالَ: أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ
[ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
__________
[ (1) ] الزيادة من (ف) و (ح) و (ك) .
[ (2) ] انظر الحاشية التالية.
[ (3) ] الحديث أخرجه النسائي في الطب (في السنن الكبرى) ، وفي اليوم والليلة عن أحمد بن سليمان، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، عن مسعر، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ. تحفة الأشراف (8: 491) .

(6/174)


الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ [بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ] [ (4) ] ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ [ (5) ] ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ جَمِيلٍ أُمِّ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، قَالَتْ: أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ بِلَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخًا فَفَنِيَ الْحَطَبُ، فَرُحْتُ لِطَلَبِ الْحَطَبِ، فَتَنَاوَلْتَ الْقِدْرَ فَانْكَفَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَذَا مُحَمَّدَ بْنَ حَاطِبٍ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمَيِّ بِكَ، فَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ وَدَعَا بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ تَفَلَ فِي فِيكَ، وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدَيْكَ، وَهُوَ يَقُولُ: أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءٌ لَا يفاد سَقَمًا، قَالَتْ: فَمَا قُمْتُ بِكَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى برئت يدك.
__________
[ (4) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ح) .
[ (5) ] وردت العبارة في (ح) هكذا: «قال حدثني أبي عثمان، عن جدي محمد بن حاطب» .

(6/175)


بَابُ مَا جَاءَ فِي نَفْثِهِ فِي كَفِّ شُرَحْبِيلَ الْجُعْفِيِّ وَوَضْعِ كَفِّهِ عَلَى السَّلْعَةِ الَّتِي كَانَتْ بِكَفِّهِ حَتَّى ذَهَبَتْ
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ عُقْبَةَ بن عبد الرحمن ابن شُرَحْبِيلَ الْجُعْفِيُّ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَبِكَفِّي سَلْعَةٌ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَذِهِ السَّلْعَةُ قَدْ آذَتْنِي تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَ قَائِمِ السَّيْفِ أَنْ أَقْبِضَ عَلَيْهِ عَنَانَ الدَّابَّةِ، فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقَالَ لِي: افْتَحْ كَفَّكَ فَفَتَحْتُهَا ثُمَّ قَالَ: اقْبِضْهَا فَقَبَضْتُهَا، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقَالَ: افْتَحْهَا فَفَتَحْتُهَا، فَنَفَثَ فِي كَفِّي، وَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى السَّلْعَةِ فَمَا زَالَ يَطْحَنُهَا بِكَفِّهِ حَتَّى رَفَعَهَا عَنْهَا، وَمَا أَدْرِي أَيْنَ أَثَرُهَا.
وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَبَا سَبْرَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي بِظَهْرِ كَفِّي سَلْعَةً قَدْ مَنَعْتَنِي مِنْ خِطَامِ رَاحِلَتِي، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ [فَجَعَلَ] [ (1) ] يَضْرِبُ بِهِ عَلَى السَّلْعَةِ وَيَمْسَحُهَا، فَذَهَبَتْ فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بنيه، أَحَدُهُمَا: سَبْرَةُ، وَالْآخَرُ عَزِيزٌ، فَسَمَّاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أَبُو خَيْثَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرحمن.
__________
[ (1) ] سقطت من (ح) .

(6/176)


وَقَرَأْتُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ فَرَحِ بْنِ سَعِيدٍ [الْوَاقِدِيِّ] [ (2) ] عَنْ عَمِّهِ ثَابِتِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ كَانَ بِوَجْهِهِ جَدْرَةٌ يَعْنِي الْقُوبَاءَ وَقَدِ الْتَمَعَتْ وَجْهَهُ فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ فَلَمْ يُمْسِ، ذَلِكَ الْيَوْمَ وَمِنْهَا أثر.
__________
[ (2) ] الزيادة من (ح) .

(6/177)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْلِهِ فِي جِرَاحَةِ خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ وَيُقَالُ: ابْنُ يسار [ (1) ] ، وبرئهه [ (2) ]
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ هُوَ الْمِيكَالِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ عَبْدُ الله بن محمد ابن خَلَّادٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا الْمُسْتَلِمُ أبو سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خُبَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عليه وسلم إنا وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِي فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقُلْنَا: إِنَّا نَشْتَهِي مَعَكَ مَشْهَدًا، قَالَ: أَسْلَمْتُمْ؟ قُلْنَا: لَا، قَالَ: فَإِنَّا لَا نَسْتَعِينُ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قَالَ: فَأَسْلَمْتُ وشَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَأَصَابَتْنِي ضَرْبَةٌ عَلَى عَاتِقِي فَخَانَتْنِي فَتَغَلَّقَتْ يَدِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَتَفَلَ فِيهَا وَأَلْزَقَهَا، فَالْتَأَمَتْ، وَبَرَأَتْ وَقَتَلْتُ الَّذِي ضَرَبَنِي ثُمَّ تَزَوَّجْتُ ابْنَةَ الَّذِي ضَرَبْتُهُ فقتلته، وحَدَّثَتْنِي فَكَانَتْ تَقُولُ لَا عَدِمْتُ رَجُلًا وَشَّحَكَ هَذَا الْوِشَاحَ، فَأَقُولُ: لَا عَدِمْتِ رَجُلًا عَجَّلَ أَبَاكِ إِلَى النَّارِ [ (3) ] .
__________
[ (1) ] هو خبيب بن إساف شهد بدرا، وقال الواقدي: «تأخر إسلامه إلى أن خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ فلحقه في الطريق فأسلم. وشهدها، وما بعدها، ومات في خلافة عمر.
[ (2) ] كذا في (أ) ، وفي بقية النسخ: «وبرئها» .
[ (3) ] نقله ابن حجر في الإصابة عن أحمد بن منيع (1: 418) .

(6/178)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ رضي الله عنه وَلِغَيْرِهِ بِالشِّفَاءِ وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى لَهُ فِيمَا دَعَاهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَمَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَقُولُ: أَتَى علي رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا شَاكٍ أَقُولُ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ أَجْلِي قَدْ حَضَرَ فَأَرِحْنِي وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فَارْفَعْنِي، وَإِنْ كَانَ بَلَاءٌ فَصَبِّرْنِي، فَضَرَبَنِي بِرِجْلِهِ، وَقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَدْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ اشْفِهِ أَوْ قَالَ: اللهُمَّ عَافِهِ، قَالَ عَلِيٌّ فَمَا اشْتَكَيْتُ وَجَعِي ذَلِكَ بَعْدُ.
وَقَدْ مَضَى فِي فَتْحِ خَيْبَرَ دُعَاؤُهُ لَهُ، وَفِي بَعْثِهِ إِلَى الْيَمَنِ دُعَاؤُهُ لَهُ وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ الدُّعَاءَ الَّذِي عَلَّمَهُ لِحِفْظِ الْقُرْآنِ عَقِيبَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ يَرْكَعْهُنَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى كَانَ لَا يَأْخُذُ فِيمَا خَلَا أَرْبَعَ آيَاتٍ فَصَارَ يَأْخُذُ أَرْبَعِينَ آيَةً وَنَحْوَهَا [ (1) ] ، وما
__________
[ (1) ]
وأخرجه الترمذي أيضا في: 49- كتاب الدعوات، (115) باب دعاء الحفظ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ.
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ. حدثنا ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءَ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وعِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ علي ابن أبي طالب فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع بهن من علمته، ويثبّت ما

(6/179)


يَسْمَعُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ وَقَدْ مَضَى حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ وَأَخَذَتْ أَبَا بَكْرٍ وَبِلَالًا وَغَيْرَهُمَا الْحُمَّى، فَدَعَا بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَنَقْلِهَا إِلَى الْجُحْفَةِ وإجابة الله تعالى له فِيمَا دَعَاهُ.
وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَا كِفَايَةٌ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا، ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عن أيوب
__________
[ () ] تعلمت في صدرك؟ قال: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللهِ فعلمني. قال: إذا كان ليلة الجمعة، فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب، وقد قال أخي يعقوب لبنيه (سوف أستغفر لكم ربي) يقول: حتّى تأتي ليلة الجمعة، فإن لم تستطع فقم في وسطها، فإن لم تستطع فقم في أوّلها فصل أربع ركعات، تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب، وسورة يس، وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب وألم تنزيل السجدة، وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل، فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأحسن الثناء على الله، وصلّ عليّ وأحسن، وعلى سائر النبيين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان، ثم قل في آخر ذلك: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام، والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النّحو الذي يرضيك عني. اللهم بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنوّر بكتابك بصري، وأن تطلق به لساني، وأن تفرج به عن قلبي، وأن تشرح به صدري، وأن تعمل به بدني، لأنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، يا أبا الحسن فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمس أو سبع يجاب بإذن الله. والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط. قال عبد الله بن عباس: فو الله ما لبث عليّ إلا خمسا أو سبعا حتى جاء عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس فقال: يا رسول الله إني كنت رجلا فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات أو نحوهن، وإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها وإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عينيّ، ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلّت وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم.

(6/180)


السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدٍ كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ، عَنْ أَبِيهِ.
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى سَعْدٍ يَعُودُهُ بِمَكَّةَ فَبَكَى فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ:
قَدْ خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرْتَ مِنْهَا كَمَا مَاتَ سَعْدُ بن خَوْلَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللهُمَّ اشْفِ سَعْدًا. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا، وَإِنَّمَا تَرِثُنِي ابْنَتِي أَوَمَا أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: لَا قَالَ فَبِالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَالنِّصْفِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ فَبِالثُّلُثِ، قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّ صَدَقَتَكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّ نَفَقَتَكَ عَلَى عِيَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مَا تَأْكُلُ امْرَأَتُكَ مِنْ مَالِكَ صَدَقَةٌ وَإِنَّكَ إِنْ تَدَعْ أَهْلَكَ بِخَيْرٍ [أَوْ قَالَ] [ (2) ] بِعَيْشٍ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. وَقَالَ بِيَدِهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ
[ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا كَثِيرٌ أَبُو الْفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، مِنْ آلِ الزُّبَيْرِ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ أَصَابَهَا وَرَمٌ فِي رَأْسِهَا وَوَجْهِهَا، وَأَنَّهَا بَعَثَتْ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ اذْكُرِي وَجَعِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلَّ اللهَ يَشْفِينِي، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَ أَسْمَاءَ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أَسْمَاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهَا وَرَأْسِهَا مِنْ فَوْقِ الثِّيَابِ، فَقَالَ: بِسْمِ اللهِ أَذْهِبْ عَنْهَا سُوءَهُ وَفُحْشَهُ بِدَعْوَةِ نَبِيِّكَ الطيب
__________
[ (2) ] ليست في (ح) .
[ (3) ] مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ في: 24- كتاب الوصية، (1) باب الوصية بالثلث الحديث (8) ص (3: 1253) .

(6/181)


الْمُبَارَكِ الْمَكِينِ عِنْدَكَ، بِسْمِ اللهِ. صَنَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَذَهَبَ الْوَرَمُ.
قَالَ أَبُو الْفَضْلِ يَعْنِي كَثِيرًا: يَصْنَعُ ذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ يَقُولُهَا وِتْرًا ثَلَاثًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: هَذَا ابْنِي وَقَدْ أَتَى عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا، وَهُوَ كَمَا تَرَى فَادْعُ اللهَ أَنْ يُمِيتَهُ! فَقَالَ: أَدْعُو اللهَ أَنْ يَشْفِيَهُ، وَيَشِبَّ وَيَكُونَ رَجُلًا صَالِحًا، فَيُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلَ فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ، فَدَعَا لَهُ فَشَفَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَشَبَّ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَقَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ [فَقُتِلَ] [ (4) ] فَدَخَلَ الْجَنَّةَ.
هَذَا مُرْسَلٌ جَيِّدٌ.
أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ فِي الْفَوَائِدِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْأَصَمُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْعَبَّاسِ الْكَابُلِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ [ (5) ] ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِابْنٍ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ بِابْنِي هَذَا جُنُونًا وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا وعَشَائِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا، قَالَ: فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ فَثَعَّ ثَعَّةً فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مِثْلُ الْجَرْوِ الْأَسْوَدِ فَسَعَى.
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيُّ، قَالَا: أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنِ مَطَرٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أنبأنا
__________
[ (4) ] سقطت من (أ) ، وثابتة في (ح) و (ف) ، وفي حاشية (ك) .
[ (5) ] ضعفه العقيلي (3: 458) .

(6/182)


إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ نُوحِ، ابن ذَكْوَانَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لَمَّا بَعَثَ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَوَاحَةَ مَعَ زَيْدٍ وَجَعْفَرٍ إِلَى مُؤْتَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَشْتَكِي ضِرْسِي آذَانِي، وَاشْتَدَّ عَلَيَّ، فَقَالَ: ادْنُ مِنِّي وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَأَدْعُوَنَّ لَكَ بِدَعْوَةٍ لَا يَدْعُو بِهَا مُؤْمِنٌ مَكْرُوبٌ إِلَّا كَشَفَ اللهُ عَنْهُ كَرْبَهُ فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى الْخَدِّ الَّذِي فِيهِ الْوَجَعُ، وَقَالَ: اللهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ سُوءَ مَا يَجِدُ وَفُحْشَهُ بِدَعْوَةِ نَبِيِّكَ الْمُبَارَكِ الْمَكِينِ عِنْدَكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ [ (6) ] ، قَالَ: فَشَفَاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ.
هَذَا مُنْقَطِعٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَا:
حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِيهِ، أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعٍ، قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ قدر تقور بِلَحْمٍ فَأَعْجَبَتْنِي شَحْمَةٌ فَأَخَذْتُهَا فَازْدَرَتُّهَا، فَاشْتَكَيْتُ مِنْهَا سَنَةً، ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهَا أَنْفُسُ سَبْعَةِ أَنَاسِيَّ، ثُمَّ مَسَحَ بَطْنِي فألقيتها خضراء، فو الذي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا اشْتَكَيْتُ بَطْنِي حَتَّى السَّاعَةِ.
كَذَا عَنْ رَافِعٍ فِي الْكِتَابِ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ يَعْقُوبَ. قَالَ يعقوب: واظنّ
__________
[ (6) ] في (أ) و (ف) : «مرار» .

(6/183)


أَنَّ الْمَدَائِنِيَّ كَانَ صَيَّرَهُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَكَانَ كَمَا شَاءَ اللهُ، وَكَانَ عِنْدَ أَبِي بُكَيْرِ: عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، لَيْسَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ، وَهُوَ غَلَطٌ. عُبَيْدٌ لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بن عاض، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ دَخَلَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قِدْرٌ تَجِيشُ بِلَحْمٍ، وَإِذَا فِيهَا شَحْمَةٌ، فَأَهْوَيْتُ فَأَخَذْتُهَا فَالْتَقَمْتُهَا، فَاشْتَكَيْتُ بَطْنِي عَلَيْهَا سَنَةً، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهَا كَانَتْ فِي أَنْفُسِ سَبْعَةِ أُنَاسٍ، قَالَ: فَمَسَحَ بَطْنِي فَوَضَعْتُهَا خَضْرَاءَ، فَمَا اشْتَكَيْتُ بَطْنِي بَعْدُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا هَيْثَمٌ الْبُكَاءُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا طَالِبٍ مَرِضَ فَعَادَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي ادْعُ رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُ أَنْ يُعَافِيَنِي، فَقَالَ: «اللهُمَّ اشْفِ عَمِّي» فَقَامَ أَبُو طَالِبٍ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ. قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي! إِنَّ رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُ لَيُطِيعُكَ قَالَ وَأَنْتَ يَا عَمَّاهُ لَئِنْ أَطَعْتَ اللهَ لُيُطِيعَنَّكَ
تَفَرَّدَ بِهِ الْهَيْثَمُ بْنُ جَمَّازٍ، عَنْ ثَابِتِ الْبُنَانِيِّ، وَالْهَيْثَمُ [ (7) ] ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.
__________
[ (7) ] قال ابن معين: «الهيثم بن جماز الحنفي البكاء: كان قاصا بالبصرة، وهو ضعيف، وقال مرة:
«ليس بذاك» ، وقال أحمد: «ترك حديثه» وقال النسائي: «متروك الحديث» ، وقال ابن حبان:
«كان من العبّاد والبكائين ممن غفل عن الحديث والحفظ واشتغل بالعبادة حتى كان يروي المعضلات عن الثقات توهّما، فلما ظهر ذلك منه بطل الاحتجاج به» . التاريخ الكبير (8:
216) ، المجروحين (3: 91) الميزان (4: 319) .

(6/184)


وَفِي كِتَابِ الْمُعْجَمِ لِأَبِي الْقَاسِمِ الْبَغَوِيِّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَأَنْزَى أَخِي: عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ فَرَسًا لَهُ خَنْدَقًا. [فَأَصَابَ رِجْلَهُ جِدَارُ الْخَنْدَقِ] [ (8) ] فَدَمَّتْهَا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا نَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ فَمَسَحَهَا وَقَالَ بِسْمِ اللهِ، فَمَا آذاه منها شيء
[ (9) ] .
__________
[ (8) ] سقطت من (ح) .
[ (9) ] ذكره ابن حجر في الإصابة (2: 507) في ترجمة علي بن الحكم السلمي وقال: «رواه البغوي والطبراني وابن السكن وابن مندة من طريق كثير بن معاوية بن الحكم السلمي، عن أبيه وقال ابن مندة: غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه» .

(6/185)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ اغْتَابَتَا وَهُمَا صَائِمَتَانِ، ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ وَدِلَالَةِ صِدْقِ الْقُرْآنِ، وَفِيهِ حَدِيثُ الصَّبِيِّ الَّذِي كَانَ يُجَنُّ فَدَعَا لَهُ فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ جَرْوٌ أَسْوَدُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، قَالَا:
أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يُحَدِّثُ فِي مَجْلِسِ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم أَنَّ امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ هَاهُنَا امْرَأَتَيْنِ صَامَتَا، وإِنَّهُمَا قَدْ كَادَتَا تَمُوتَانِ مِنَ الْعَطَشِ، قَالَ: فَأَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ سَكَتَ، ثُمَّ عَادَ، قَالَ: أُرَاهُ قَالَ: بِالْهَاجِرَةِ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنَّهُمَا وَاللهِ قَدْ مَاتَتَا أَوْ كَادَتَا تَمُوتَانِ، فَقَالَ: ادْعُهُمَا فجاءتا، قال: فجيء بقدح، أو عسّ فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا قِيئِي، فَقَاءَتْ مِنْ قَيْحٍ [وَدَمٍ] [ (1) ] وَصَدِيدٍ، حَتَّى قَاءَتْ نِصْفَ الْقَدَحِ، ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: قيئي فَقَاءَتْ قَيْحًا وَدَمًا وَصَدِيدًا وَلَحْمًا عَبِيطًا، وَغَيْرَهُ حَتَّى مَلَأْتِ الْقَدَحَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمَا، جَلَسَتْ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى فَجَعَلَتَا تَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ.
كَذَا قَالَ عُبَيْدٌ وهو الصحيح
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] الزيادة من (ح) .
[ (2) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (5: 430) من حديث عبيد مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ حبان: «له صحبة» ، وذكره ابن السكن في الصحابة، وله ترجمة في الإصابة (2: 448) ، وكلام حول هذا الحديث.

(6/186)


وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ: عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ أَظُنُّهُ قَالَ فِي حَلْقَةِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَعْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِصِيَامٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ فِي بَعْضِ النَّهَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ فُلَانَةُ وَفُلَانَةُ قَدْ بَلَغَهُمَا الْجَهْدُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَقَالَ: ادْعُهُمَا، فَجَاءَتَا بِعُسٍّ أَوْ قَدَحٍ لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا، فَقَالَ لِإِحْدَاهُمَا قِيئِي، فَقَاءَتْ لَحْمًا وَدَمًا عَبِيطًا وَقَيْحًا وَدَمًا، وَقَالَ لِلْأُخْرَى: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ صَامَتَا عَمَّا أَحَلَّ اللهُ لَهُمَا، وَأَفْطَرَتَا عَلَى مَا حَرَّمَ عَلَيْهِمَا، أَتَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَلَمْ يَزَالَا يَأْكُلَانِ لُحُومَ النَّاسِ حَتَّى امْتَلَأَتْ أَجْوَافُهُمَا قَيْحًا.
كَذَا قَالَ عَنْ سَعْدٍ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ فِي الْفَوَائِدِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ تَمِيمٍ الْأَصَمُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكَابُلِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ فَرْقَدٍ السَّبَخِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ بِابْنٍ، لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ بِابْنِي هَذَا جُنُونٌ وَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ عِنْدَ غَدَائِنَا، وَعِنْدَ عَشَائِنَا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا، قَالَ: فَمَسَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَدَعَا، فَثَعَّ ثَعَّةً فَخَرَجَ مِنْ جَوْفِهِ مثل الجر والأسود، فسعى.
__________
[ (3) ] ساقه الإمام أحمد في الموضع السابق (5: 430) .

(6/187)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ [ (1) ]- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حِينَ شَكَّ فِي الْقِرَاءَةِ وإجابة اللهِ تَعَالَى لَهُ فِيمَا دَعَاهُ فِي الْحَالِ
أَخْبَرَنَا أَبُو محمد: عبد الله بن يوسف الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ [حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ] [ (2) ] أَنْبَأَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بِرَجُلَيْنِ قَدِ اخْتَلَفَا فِي الْقِرَاءَةِ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ:
أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، فَاسْتَقْرَأَهُمَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَحَسَنْتُمَا، قَالَ أُبَيٌّ فَدَخَلَ فِي قَلْبِي مِنَ الشَّكِّ أَشَدُّ مَا كُنْتُ عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: اللهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الشَّيْطَانَ، قَالَ فَارْفَضَضْتُ عَرْقًا، وَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى اللهِ فَرَقًا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فقال: اقرؤا الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كُلٌّ شَافٍ كَافٍ
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] هو أُبَيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ قيس بن عبيد بن زيد بن معاوية بْنُ عَمْرِو بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ سيد القراء، ابو منذر الأنصاري البخاري المدني المقرئ البدري.
شهد العقبة، وبدرا، وجمع القرآن فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم، وعرض على النبي- عليه السلام- وحفظ عنه علما مباركا، وكان رأسا في العلم والفضل. طبقات ابن سعد (3: 2: 59) ، حلية الأولياء (2:
39) ، اسد الغابة (1: 61) ، تذكرة الحفاظ (1: 16) ، العبر (1: 23) ، طبقات القراء (1:
31) ، شذرات الذهب (1: 32) تهذيب تاريخ دمشق الكبير (2: 325) .
[ (2) ] ما بين الحاصرتين سقط من (أ) .
[ (3) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 168) . عن المصنف.
وفي مسند أحمد (5: 142) ، وصحيح مسلم في كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف، وآية الكرسي، «سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أبيا عن عن أي آية في القرآن أعظم، فقال أبي: «اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ» [البقرة- 255] ، ضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِهِ، وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر» .

(6/188)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِاسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَمَا ظَهَرَ مِنْ إِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى دُعَاءَ رَسُولِهِ فِيهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِسَعْدٍ: اللهُمَّ اسْتَجِبْ لَهُ إِذَا دَعَاكَ
[ (1) ] .
وَهَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا أحمد ابن سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ.
كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِذْ جَاءَهُ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَشَكَوْا سَعْدًا، قَالُوا: إِنَّهُ لَا يُحْسِنُ الصَّلَاةَ! فَقَالَ: عَهْدِي بِهِ وَهُوَ حَسَنُ الصَّلَاةِ، فَدَعَاهُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ صَلَّيْتُ بِهِمْ أَرْكُدُ فِي الْأُولَيَيْنِ [ (2) ] وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ [ (3) ] ، فَقَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ. أَبَا إِسْحَاقَ! فَبَعَثَ مَعَهُ مَنْ يَسْأَلُ عَنْهُ بِالْكُوفَةِ، فَطِيفَ بِهِ فِي مَسَاجِدِ الْكُوفَةِ، فَلَمْ يُقَلْ لَهُ إِلَّا خَيْرًا، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَسْجِدٍ فَإِذَا رَجُلٌ يُدْعَا: أَبَا سعدة [ (4) ] ، فقال:
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 165) عن المصنف.
[ (2) ] (أركد بهم في الأوليين) أي اطولهما وأديمهما وأمدهما.
[ (3) ] (واحذف في الأخريين) اقصرهما عن الأوليين، لا أنه يخل بالقراءة ويحذفها كلها.
[ (4) ] في البخاري: يقال له: «اسامة بن قتادة يكنى أبا سعدة» .

(6/189)


اللهُمَّ إِنْ كَانَ لَا يَنْفِرُ فِي السَّرِيَّةِ وَلَا يُقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّةِ، قَالَ: فَغَضِبَ سَعْدٌ وَقَالَ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا فَأَطِلْ عُمُرَهُ، وَأَشْدُدْ فَقْرَهُ، وَاعْرِضْ عَلَيْهِ الْفِتَنَ، قَالَ: فَزَعَمَ ابْنُ عُمَيْرٍ أَنَّهُ رَآهُ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ، قَدِ افْتَقَرَ وَافْتُتِنَ، فَمَا يَجِدُ شَيْئًا. قِيلَ كَيْفَ أَنْتَ أَبَا سَعْدَةَ؟ فَيَقُولُ: كبير مفتون أجبت فِيَّ دَعْوَةُ سَعْدٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَزَادَ فِيهِ: وَأَنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ [ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ: عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، وَأَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْدَانَ، وَأَبُو نَصْرِ: أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّفَّارُ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَنْبَأَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: بَيْنَمَا سَعْدٌ يَمْشِي إِذْ مَرَّ بِرَجُلٍ وَهُوَ يَشْتِمُ عَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: إِنَّكَ لَتَسِبُّ قَوْمًا قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مَا سَبَقَ، وَاللهِ لَتَكُفَّنَّ عَنْ سَبِّهِمِ أَوْ لَأَدْعُوَنَّ اللهَ عَلَيْكَ، قَالَ: يُخَوِّفْنِي كَأَنَّهُ نَبِيٌّ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ يَسُبُّ أَقْوَامًا قَدْ سَبَقَ لَهُمْ مِنْكَ مَا سَبَقَ، فَاجْعَلْهُ الْيَوْمَ نَكَالًا. قَالَ: فَجَاءَتْ بُخْتِيَّةٌ فَأَفْرَجَ النَّاسُ فَتَخَبَّطَتْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّاسَ يَتَّبِعُونَ سَعْدًا، وَيَقُولُونَ: اسْتَجَابَ اللهُ لَكَ أبا إسحاق [ (6) ] .
__________
[ (5) ] الحديث كما سرده المصنف هو من رواية البخاري في: 10- كتاب الأذان (95) باب وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر ... فتح الباري (2: 236) عن موسى، عن ابي عوانة.
وأخرجه مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ ابراهيم في: 4- كتاب الصلاة، (34) باب القراءة في الظهر والعصر، (1: 335) .
[ (6) ] أخرجه الطبراني عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، ونقله عنه السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 166) .

(6/190)


أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي [ (7) ] يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ لَبِيبَةَ عَنْ جَدِّهِ قَالَ دَعَا سعد ابن أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ لِيَ بَنِينَ صِغَارًا فَأَخِّرْ عَنِّيَ الْمَوْتَ حَتَّى يَبْلُغُوا فَأَخَّرَ الْمَوْتَ عنه عشرين سنة [ (8) ] .
__________
[ (7) ] في (أ) : «حدثنا» .
[ (8) ] نقله السيوطي عن المصنف، وعن ابن عساكر في الخصائص الكبرى (2: 166) .

(6/191)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِالْفِقْهِ فِي الدِّينِ وَالْعِلْمِ بِالتَّأْوِيلِ وَإِجَابَةِ اللهِ دُعَاءَهُ فِيهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وأَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ النَّيْسَابُورِيُّ فِي آخَرِينَ، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ: هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ وَرْقَاءَ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللهِ بن أبي يزيد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَلَاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا، فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ: مَنْ صَنَعَ هَذَا؟
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ [ (1) ] ، قَالَ: اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ الْمُسْنِدِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ ابن حَرْبٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي النَّضْرِ
[ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحافظ، وأبو عُثْمَانَ بْنِ عَبْدَانَ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ الدُّورِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
__________
[ (1) ] فِي البخاري: «فأخبر» .
[ (2) ] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ المسندي في: 4- كتاب الوضوء، (10) باب وضع الماء عند الخلاء، فتح الباري (1: 244) ، ومسلم في.

(6/192)


أن رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفَيَّ أَوْ عَلَى مَنْكِبَيَّ- شَكَّ شُعْبَةُ- ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ
[ (3) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ عوف، أَنْبَأَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ:
لَوْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَدْرَكَ أَسْنَانَنَا مَا عَاشَرَهُ رَجُلٌ مِنَّا، قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ:
نِعْمَ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ ابْنُ عَبَّاسٍ [ (4) ] [وَاللهِ تَعَالَى أَعْلَمُ بالصواب] [ (5) ] .
__________
[ (3) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 534) ، وقال «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه» ، وقال الذهبي: «صحيح» .
[ (4) ] هما حديثان عند الحاكم في «المستدرك» أخرجهما في (3: 537) وقال كليهما: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه» .
[ (5) ] الزيادة من (ح) .

(6/193)


بَابٌ دُعَاؤُهُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِكَثْرَةِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ وإجابة اللهِ تَعَالَى لَهُ فِيهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ابْنِ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لَهُ- تَعْنِي أَنَسًا- قَالَ: «اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ، وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا رَزَقْتَهُ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُثَنَّى، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ شُعْبَةَ
[ (1) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، أَنْبَأَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ سليم، وهِيَ أُمُّ أَنَسٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ أَزَّرَتْنِي بِخِمَارِهَا، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا أُنَيْسٌ أتيتك به يخدمك،
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 80- كتاب الدعوات (19) باب قول الله- تبارك وتعالى- «وصلّ عليهم» ، ومن خص أخاه بالدعاء، الحديث (6334) عن سعيد بن الربيع، وفي (26) باب دَعْوَةُ النَّبِيِّ- صَلَّى اللهُ عليه وسلم- لخادمه بطول العمر وبكثرة ماله، الحديث (6344) ، فتح الباري (11: 144) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أبي الأسود، عن حرميّ بن عمارة، وأخرجه مسلم في الفضائل عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ أبي داود، ثلاثتهم عنه به.

(6/194)


فَادْعُ اللهَ لَهُ: قَالَ: اللهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، قال أنس: فو الله إِنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي، وَوَلَدَ وَلَدِي يَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوِ الْمِائَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي مَعْنٍ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ
[ (2) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُوسُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ، قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً [ (3) ] . قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، قَالَ: فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلَا دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ، قَالَ:
فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الْأَنْصَارِ مَالًا.
قَالَ أَنَسٌ: وَحَدَّثَتْنِي ابْنَتِي أُمَيْنَةُ أَنَّهُ قَدْ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي إِلَى مَقْدَمِ الحجاج البصرية: تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَمِائَةٌ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ حُمَيْدٍ
[ (4) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ أَنْبَأَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ:
قُلْتُ لِأَبِي الْعَالِيَةِ سَمِعَ أَنَسٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الْفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهَا رَيْحَانٌ يجيء
__________
[ (2) ] أخرجه مسلم عَنْ أَبِي مَعْنٍ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (32) باب من فَضَائِلِ أَنَسِ بْنُ مَالِكٍ- رَضِيَ اللهُ عنه- الحديث (143) ص (4: 1929) .
[ (3) ] (إن لي خويصّة) بتشديد الصاد وبتخفيفها تصغير خاصّة، وهو مما اغتفر فيه التقاء الساكنين.
[ (4) ] الحديث أخرجه البخاري في: 30- كتاب الصوم (61) باب من زار قوما فلم يفطر عندهم، الحديث رقم (1982) ، فتح الباري (4: 228) .
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (3: 108، 188، 248) .

(6/195)


مِنْهَا رِيحُ الْمِسْكِ [ (5) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فَسَمِعْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ أُنَيْسٌ فَدَعَا لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثٌ دَعَوَاتِ قَدْ رَأَيْتُ مِنْهَا اثْنَتَيْنِ، وَأَنَا أَرْجُو الثَّالِثَةَ فِي الْآخِرَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ [ (6) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ أَخُو خَطَّابٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِهْرَانَ الْهَدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ يَا رَسُولَ اللهِ: أَنَسٌ خَادِمُكَ ادْعُ اللهَ لَهُ. قَالَ: «اللهُمَّ عَمِّرْهُ، وَأَكْثِرْ مَالَهُ، وَاغْفِرْ لَهُ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّ أَنَسًا عُمِّرَ مِائَةً إِلَّا سَنَةً، وَمَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ
[ (7) ] .
قُلْتُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
__________
[ (5) ] الحديث أخرجه الترمذي في: 50- كتاب المناقب باب مناقب انس بن مالك، الحديث (3833) ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ (5: 683) وقال: هذا حديث حسن.
[ (6) ] أخرجه مسلم فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (32) باب من فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، الحديث (144) ص (4: 1929) .
[ (7) ] ثبت مولد انس قبل عام الهجرة بعشر سنين. وأما موته فاختلفوا فيه: فروى معمر عن حميد، أنه مات سنة إحدى وتسعين، وكذا أرّخه قتادة. وقال غيرهم: سنة اثنتين وتسعين. فيكون عمره على هذا مائة وثلاث سنين.

(6/196)


أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا خَطَّابُ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَقَوْمٌ فِي الْمَسْجِدِ رَافِعِي أَيْدِيهِمْ يَدْعُونَ، فَقَالَ تَرَى بِأَيْدِيهِمْ مَا أَرَى؟ فَقُلْتُ: وَمَا بِأَيْدِيهِمْ؟ قَالَ:
بِأَيْدِيهِمْ نُورٌ، قُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُرِيَنِيهِ، فَدَعَا، فَأَرَانِيهِ، فَأَسْرَعَ، فَرَفَعْنَا أَيْدِينَا.
قَالَ الْبُخَارِيُّ لَا يتابع عليه [ (8) ] .
__________
[ (8) ] قاله البخاري في (2: 1: 202) من «التاريخ الكبير» في ترجمة خطّاب بن عمير، وقد ذكره الذهبي في «الميزان» (1: 655) في ترجمة خطاب بن عمير الثوري وقال: هذا الخبر منكر.

(6/197)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ لِحَمْلِ أُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّنْعَانِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ لِأُمِّ سُلَيْمٍ مِنْ أَبِي طَلْحَةَ ابْنٌ فَمَرِضَ مَرَضَهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَلَمَّا مَاتَ غَطَّتْهُ أُمُّهُ بِثَوْبٍ فَدَخَلَ أَبُو طَلْحَةَ فَقَالَ: كَيْفَ أَمْسَى ابْنِي؟
قَالَتْ: أَمْسَى هَادِئًا، فَتَعَشَّى ثُمَّ قَالَتْ لَهُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعَارَكَ عَارِيَةً ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْكَ إِذًا جَزِعْتَ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَتْ: فَإِنَّ اللهَ أَعَارَكَ ابْنَكَ، وَقَدْ أَخَذَهُ مِنْكَ، قَالَ: فَغَدَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا، وَقَدْ كَانَ أَصَابَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا» ، قَالَ:
فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ، قَالَ: فَذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِ أَهْلِ زَمَانِهِ
[ (1) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ، كَانَتْ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ تحب أَبِي طَلْحَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ غُلَامًا فَمَاتَ، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى حَاجَتِهِ فَلَمَّا جَاءَ مِنَ اللَّيْلِ أَتَتْهُ
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 170) عن المصنف.

(6/198)


امْرَأَتُهُ بِتُحْفَتِهِ الَّتِي كَانَتْ تَأْتِيَهُ بِهَا، ثُمَّ طَلَبَ مِنْهَا مَا يَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ فَقَالَتْ: يَا أَبَا طَلْحَةَ مَا رَأَيْتَ كَمَا فَعَلَ جِيرَانُنَا هَؤُلَاءِ أَنَّهُمُ اسْتَعَارُوا عَارِيَةً فَجَاءَ أَصْحَابُهَا يَطْلُبُونَهَا فَأَبَوْا أَنْ يَرُدُّوهَا عَلَيْهِمْ، قَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعُوا! قَالَتْ: فَأَنْتَ هُوَ كَانَ ابْنُكَ عَارِيَةً مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فِي لَيْلَتِهِمَا، فَتَلَقَّتْ فَوَلَدَتْ غُلَامًا، فَقَالَ عَبَايَةُ: لَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الْغُلَامِ سَبْعَةَ بَنِينَ كُلَّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ.
وَرَوَاهُ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَوْصُولًا، وَمِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَرَوَاهُ زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَالَ فِي آخِرِ قِصَّةِ تَحْنِيكِهِ ذَلِكَ الصَّبِيَّ: ثُمَّ مَسَحَ نَاصِيَتَهُ، وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ، فَكَانَتْ تِلْكَ الْمَسْحَةُ غُرَّةً فِي وَجْهِهِ [ (2) ] .
__________
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 23- كتاب الجنائز، (41) باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة، الحديث (1301) ، فتح الباري (3: 169) ، عن بشر بن الحكم، عَنْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وجاء في آخره: «فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فرأيت لهما تسعة أولاد كُلَّهُمْ قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ» .
وأخرجه البخاري مرة أخرى في: 71- كتاب العقيقة (1) باب تسمية المولود غداة يولد.. وتحنيكه
فتح الباري (9: 587) ، عَنْ مَطَرِ بْنِ الْفَضْلِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عون عن انس ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال «كان ابن لأبي طلحة يشتكي، فخرج ابو طلحة، فقبض الصبي. فلما رجع ابو طلحة قَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟ قالت أمّ سليم: هو اسكن ما كان.
فقربت اليه العشاء فتعشى، ثم أصاب منها، فلما فرغ قالت: وار الصبي. فلما أصبح ابو طلحة أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فقال: اعرستم الليلة؟ قال: نعم. قال: اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فِي ليلتهما.
فولدت غلاما، قال لي أبو طلحة احفظه حتى تأتي بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى بِهِ النبي صلى الله عليه وسلم وأرسلت معه بتمرات، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أمعه شيء؟ قالوا: نعم، تمرات فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم فمضغها ثم أخذ من فيه فجعلها في في الصبي وحنكه به وسماه عبد الله» .
ومن هذا الطريق الأخير أخرجه مسلم في: 38- كتاب الآداب، (5) باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته، الحديث (23) ، ص (3: 1689- 1690) عن ابي بكر بن شيبة.

(6/199)


أخبرنا أبو الحسن المقري أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ أُبَيٍّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ أَبِي الرُّقَادِ، حَدَّثَنَا زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ. فَذَكَرَهُ.
__________
[ () ] وأخرجه الطيالسي في «مسنده» الحديث (2056) ، والإمام احمد في «مسنده» (3: 105، 181، 196، 287، 290) .

(6/200)


بَابُ مَا جَاءَ فِي إِشَارَتِهِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ بِمَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْحِفْظِ وَإِجَابَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلَيْهِ، وَتَحْقِيقِ اللهِ سُبْحَانَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ظَهَرَ فِيهِ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، أَنْبَأَنَا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن الْأَعْرَجِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى الْآيَةَ [ (1) ] ، قَالَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم، وَاللهُ الْمَوْعِدُ، وَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ؟ وَمَا بَالُ الْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ؟ وَإِنَّ أَصْحَابِي مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ تَشْغَلُهُمْ صَفَقَاتُهُمْ فِي الْأَسْوَاقِ، وَإِنَّ أَصْحَابِي مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ تَشْغَلُهُمْ أَرَضُوهُمْ وَالْقِيَامُ عَلَيْهَا، وَإِنِّي كُنْتُ امْرءًا مِسْكِينًا، وَكُنْتُ أُكْثِرُ مُجَالَسَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْضُرُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسَوْا، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا يَوْمًا فَقَالَ: «مَنْ يَبْسُطُ ثَوْبَهُ حَتَّى أَفْرُغَ مِنْ حَدِيثِي، ثُمَّ يَقْبِضُهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي أَبَدًا» ، قَالَ: فَبَسَطْتُ ثَوْبِي أَوْ قَالَ نَمِرَتِي، ثُمَّ حَدَّثَنَا فقبضته إليّ، فو الله مَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، وَايْمُ اللهِ لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ بِشَيْءٍ أَبَدًا، ثُمَّ تَلَا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ الآية كلها.
__________
[ (1) ] الآية الكريمة (159) من سورة البقرة.

(6/201)


رَوَاهُ مُسْلِمٌ [ (2) ] فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ.
وَرَوَيْنَا فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي دُعَائِهِ وَمَسْأَلَتِهِ عِلْمًا لَا يُنْسَى وَتَأْمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى دُعَائِهِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ وَغَيْرِهِ فِي تَصْدِيقِهِ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنْبَأَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ فِي دَهْرِهِ [ (3) ] .
__________
[ (2) ] أخرجه مسلم فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، (35) باب من فضائل أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رَضِيَ الله عنه، الحديث (159) ، ص (1940) عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
وَأَخْرَجَهُ مسلم أيضا عَنْ قُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، وزهير بْنِ حَرْبٍ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ الأعرج.
وأخرجه البخاري في: 96- كتاب الاعتصام (22) باب الحجة على من قال إن احكام النبي صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة.
[ (3) ] صفحة (280- 281) من كتاب «الرسالة» للشافعي، الفقرة (772) .

(6/202)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِأُمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْهِدَايَةِ وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى لَهُ فِيهَا.
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرٍو: عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الدَّقَّاقُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَثِيرٍ الْغُبَرِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ، إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّنِي، قَالَ قُلْتُ وَمَا عِلْمُكَ بِذَلِكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى، وَإِنِّي دَعَوْتُهَا [ذَاتَ يَوْمٍ فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإِسْلَامِ فَتَأْبَى عَلَيَّ، وَأَنَا دَعَوْتُهَا] [ (1) ] ، فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ (2) ] فَرَجَعْتُ إِلَى أُمِّي أُبَشِّرُهَا بِدَعْوَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا كُنْتُ عَلَى الْبَابِ إِذَا الْبَابُ مُغْلَقٌ فَدَفَعْتُ الْبَابَ، فَسَمِعَتْ حِسِّي فَلَبِسَتْ ثِيَابَهَا، وَجَعَلَتْ عَلَى رَأْسِهَا خِمَارًا، وَقَالَتْ: ارْفُقْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَفَتَحَتْ لِي، فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ح) ، وثابت في بقية النسخ وصحيح مسلم.
[ (2) ] في صحيح مُسْلِمٌ: «فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ! اهد أمّ أبي هريرة» .

(6/203)


رَسُولُ اللهِ، قَالَ: فَرَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي مِنَ الْفَرَحِ، كَمَا كُنْتُ أَبْكِي مِنَ الْحُزْنِ، وَجَعَلْتُ أَقُولُ: أَبْشِرْ يَا رَسُولَ اللهِ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ، وَهَدَى اللهُ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «اللهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا» ، فَمَا عَلَى الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ وَلَا مُؤْمِنَةٌ إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّنِي وَأُحِبُهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يُونُسَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، وَذَكَرَ فيه غسلها
[ (3) ] .
__________
[ (3) ] صحيح مسلم فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (35) باب من فضائل أبي هريرة، الحديث (158) ص (1938) .

(6/204)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الشَّابِّ الَّذِي لَمْ يَنْفَتِحْ لِسَانُهُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، حَتَّى رَضِيَتْ عَنْهُ وَالِدَتُهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَرْقَاءِ [ (1) ] ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ قُعُودٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ آتٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ هَاهُنَا شَابًّا يَجُودُ بِنَفْسِهِ، يُقَالُ لَهُ: قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَلَا يَسْتَطِيعُ قَالَ فَنَهَضَ وَنَهَضْنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَقَالَ، يَا شَابُّ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: «لِمَ» ؟ قَالَ: أُقْفِلَ عَلَى قَلْبِي كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَقُولَهَا، عَمَرَ الْقُفْلُ قَلْبِي، قَالَ: لِمَ؟ قَالَ: بِعُقُوقِي وَالِدَتِي. قَالَ: «أَحَيَّةٌ وَالِدَتُكَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَرْسِلْ إِلَيْهَا، فَلَمَّا جَاءَتْ، قَالَ لَهَا: «هَذَا ابْنُكِ» ؟
قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «أَرَأَيْتِ إِنْ أُجِّجَتْ نَارٌ ضَخْمَةٌ فَقِيلَ لَكِ: أتشفعين له أم
__________
[ (1) ] أبو الورقاء هو فائد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارِ: قال البخاري في الكبير (7: 132) : «أراه أبو الورقاء عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: منكر الحديث: تركه احمد» .
وقال مسلم بن إبراهيم: «دخلت عليه وجاريته تضرب بين يديه بالعود» .
وضعفه يحيى بن معين، وذكره العقيلي في الضعفاء، (3: 460) ، وجرحه ابن حبان (2: 203) ، فقال: «كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى بالمعضلات، لا يجوز الاحتجاج به» .

(6/205)


تُلْقِينَهُ فِيهَا» ؟ فَقَالَتْ: بَلَى، يَا رَسُولَ اللهِ: أَشْفَعُ لَهُ، قَالَ: «فَأَشْهِدِي اللهَ وَأَشْهِدِينِي بِرِضَاكِ عَنْهُ» ، فَقَالَتِ: اللهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ، وَأُشْهِدُ رَسُولَكَ بِرِضَاي عَنْهُ، قَالَ: فَقَالَ يَا شَابُّ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» . قَالَ: فَقَالَ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» ، قَالَ: فَقَالَ ثَلَاثًا: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَكَ بِي مِنَ النَّارِ»
[ (2) ] .
__________
[ (2) ] ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (8: 148) ، وقال: «رواه الطبراني، وأحمد باختصار كثير، وفيه ابو الورقاء وهو متروك» .

(6/206)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الْيَهُودِيِّ الَّذِي شَمَّتَهُ فَقَالَ لَهُ: هَدَاكَ اللهُ، فَأَسْلَمَ إِنْ صَحَّ.
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ: كَامِلُ بْنُ أَحْمَدُ الْمُسْتَمْلِي، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ:
عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ الْخُلْعَانِيُّ السِّمْنَانِيُّ بِدَامَغَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ محمد ابن يُونُسَ السِّمْنَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزَامٍ السَّلِيطِيُّ الْبَصْرِيُّ، حدثنا محمد ابن عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَيْهَقِيُّ صَاحِبُ الْمَدْرَسَةِ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزْدَادَ الرَّازِيُّ إِمْلَاءً بِبُخَارَى، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْمُقْرِئُ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ: الْعَبَّاسُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزَامٍ، أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَبُو سَلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ يَهُودِيٌّ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، فَعَطَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِيِّ: «هَدَاكَ اللهُ» ، فَأَسْلَمَ
[ (1) ] .
هَذَا إِسْنَادٌ مَجْهُولٌ.
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 167) عن المصنف.

(6/207)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّائِبِ [بْنِ يَزِيدَ] [ (1) ] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَمَا ظَهَرَ فِيهِ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ مِنَ الْآثَارِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جعفر ابن دُرُسْتَوَيْهِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَنْبَأَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْجُعَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: مَاتَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَكَانَ جَلْدًا مُعْتَدِلًا، وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمْتُ مَا قَدْ مَيَعْتُ بِسَمْعِي وَبَصَرِي إِلَّا بِدُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: ذَهَبَتْ بِي خَالَتِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَ أُخْتِي شَاكٍ فَادْعُ اللهَ لَهُ. قَالَ: فَدَعَا لِي.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] ليست في (ح) .
[ (2) ] الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ في: 61- كتاب المناقب (21) باب حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، فتح الباري (6: 560- 561) .
وأخرجه البخاري أيضا بعده في (22) باب خاتم النبوة، في الباري (6: 561) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الله، وبه زيادة: «ان ابن اختي وقع، فمسح رأسي، مالي بالبركة، وتَوَضَّأَ فَشَرِبْتُ مِنْ وَضُوئِهِ، ثُمَّ قُمْتُ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كتفيه» وبهذه الزيادة أخرجه مسلم فِي: 43- كِتَابِ الْفَضَائِلِ (3) بَابُ إثبات خاتم النبوة، الحديث (111) ، ص (1823) .

(6/208)


وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ: حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، أَنْبَأَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عَطَاءٌ مَوْلَى السَّائِبِ، قَالَ: كَانَ رَأْسُ السَّائِبِ أَسْوَدَ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ، وَوَصَفَ بِيَدِهِ أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ الْهَامَةِ إِلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وَكَانَ سَائِرُهُ مُؤَخَّرَهُ، وَلِحْيَتُهُ، وَعَارِضَاهُ أَبْيَضَ، فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَعْجَبَ [ (3) ] شَعْرًا مِنْكَ، قَالَ: وَمَا تَدْرِي يَا بُنَيَّ لِمَ ذَلِكَ؟ إِنَّ رَسُولَ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِي وَأَنَا مَعَ الصِّبْيَانِ، فَقَالَ، مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ أَخُو النَّمِرِ، فَمَسَحَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، وَقَالَ: «بَارَكَ اللهُ فِيكَ» فَهُوَ لَا يَشِيبُ أَبَدًا
[ (4) ] .
__________
[ (3) ] في (ح) : «أحسن» .
[ (4) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» وقال: «أخرجه الطبراني في الكبير، ورجال الكبير رجال الصحيح، غير عطاء مولى السائب، وهو ثقة» .

(6/209)


بَابُ مَا رُوِيَ فِي شَأْنِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي أَخَذَ مِنْ لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ظَهَرَ ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ابن جَعْفَرٍ الرُّصَافِيُّ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الْمِصْرِيُّ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِنْقَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ.
أَنَّ يَهُودِيًّا أَخَذَ مِنْ لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهُمَّ جَمِّلْهُ، فَاسْوَدَّتْ لحيته بعد ما كَانَتْ بَيْضَاءَ.
لَهُ شَاهِدٌ بِإِسْنَادٍ مُرْسَلٍ.
أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: جَاءَ يَهُودِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ جَمِّلْهُ» ، قَالَ: فَاسْوَدَّ شَعْرُهُ، حَتَّى صَارَ أَشَدَّ سَوَادًا مِنْ كَذَا وَكَذَا، قَالَ مَعْمَرٌ: وَسَمِعْتُ غَيْرَ قَتَادَةَ يَذْكُرُ أَنَّهُ عَاشَ نَحْوًا مِنْ تِسْعِينَ سَنَةً فَلَمْ يَشِبْ.
وَرَأَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْمَرَاسِيلِ لِأَبِي دَاوُدَ مُخْتَصَرًا أَنَّ يَهُودِيًّا حَلَبَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «اللهُمَّ جَمِّلْهُ» فَاسْوَدَّ شَعْرُهُ
[ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه ابو داود في المراسيل عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ ابي شيبة، واحمد بن منيع، كلاهما عن ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ. «تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف» للمزي (13: 339) .

(6/210)


بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ أَبِي زَيْدٍ: عَمْرُو بْنُ أَخْطَبَ الْأَنْصَارِيِّ [ (1) ] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَدُعَائِهِ لَهُ ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: أَحْمَدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ قَالَ: حَدَّثَنِي [ (2) ] أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ادْنُ مِنِّي» [قَالَ] [ (3) ] فَمَسَحَ بِيَدِهِ عَلَى رَأْسِي وَلِحْيَتِي، ثُمَّ قَالَ: «اللهُمَّ جَمِّلْهُ وَأَدِمْ جَمَالَهُ» [ (4) ] قَالَ: فَبَلَغَ بِضْعًا وَمِائَةَ سَنَةٍ، وَمَا فِي لِحْيَتِهِ بَيَاضٌ إِلَّا نُبَذٌ يَسِيرٌ وَلَقَدْ كَانَ مُنْبَسِطَ الْوَجْهِ، وَلَمْ يَتَقَبَّضْ وَجْهُهُ حَتَّى مَاتَ.
قُلْتُ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَوْصُولٌ،
وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا الحسين بن واقد،
__________
[ (1) ] هو عمرو بن أخطب ابو زيد الأنصاري الخزرجي المدني الأعرج من مشاهير الصحابة الذين نزلوا البصرة.
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أحاديث، وغزا معه ثلاث عشرة غزوة، وتوفي في خلافة عبد الملك بن مروان.
طبقات ابن سعد (7: 28) ، طبقات خليفة (1459) ، التاريخ الكبير (6: 309) ، الجرح والتعديل (6: 220) ، الجمع بين رجال الصحيحين (1: 372) ، اسد الغابة (4: 190) ، الإصابة (2:
522) .
[ (2) ] (أ) : «حدثنا» .
[ (3) ] ليست في (ح) .
[ (4) ] أخرجه الترمذي (5: 594) ، وأخرجه أحمد في «مسنده» (5: 77، 341) ، وحسنه الترمذي.

(6/211)


قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نَهِيكٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ، وَهُوَ أَبُو زَيْدٍ، قَالَ: اسْتَسْقَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم فَأَتَيْتُهُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَفِيهِ شَعْرَةٌ، فَرَفَعْتُهَا، ثُمَّ نَاوَلْتُهُ، فَقَالَ: «اللهُمَّ جَمِّلْهُ» قَالَ: فَرَأَيْتُهُ ابْنَ ثَلَاثِ وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمَا فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ شَعْرَةٌ بَيْضَاءُ [ (5) ] ، وَهُوَ فِيمَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، فِيمَا أَنْبَأَنِي بِهِ قَالَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ: الْقَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْبَاشَانِيُّ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ.
__________
[ (5) ] مسند أحمد (5: 340) .

(6/212)


بَابُ مَا جَاءَ فِي مَسْحِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَ مُحَمَّدِ بْنِ أَنَسٍ [ (1) ] ، وَحَنْظَلَةَ [ (2) ] ، وَعَيْنَيْهِمَا، ومَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ
أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ الْعُكْبَرِيَّ أَخْبَرَهُمْ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُوسَى [ (3) ] ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ الْمَكِّيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ الزُّهْرِيِّ (ح) .
وَأَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا [ (4) ] يَحْيَى بْنُ مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدِ [بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ] [ (5) ] أَنْبَأَنَا إِدْرِيسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَنَسٍ الظَّفَرِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَنَا جَدِّي يُونُسُ، عَنْ أبيه، قال:
__________
[ (1) ] هو محمد بن انس بن فضالة بن عبيد بن يزيد الأنصاري الأوسي، قتل أبوه انس بن فضالة يوم أحد فأتي بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فتصدّق عليه بعذق لا يباع ولا يوهب، وقال ابن شاهين: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ سليمان بن أبي داود يقول: شهد محمد بن انس بن فضالة فتح مكة والمشاهد بعدها. له ترجمة في «الاستيعاب» ، وفي «الإصابة» (3: 370) .
[ (2) ] هو حَنْظَلَةَ بْنِ حُذَيْمِ بْنِ حنيفة التميمي ويقال: الأسدي ذكره ابن حجر في «الإصابة» (1: 359) .
[ (3) ] كذا في (أ) و (ح) ، وفي هامش (أ) و (ف) و (ك) : أبو موسى.
[ (4) ] في (ح) ، و (ك) : حدثني.
[ (5) ] ما بين الحاصرتين ليس في (ح) .

(6/213)


قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَأَنَا ابْنُ أُسْبُوعَيْنِ، فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَمَسَحَ رَأْسِي وَحَجَّ بِي حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَدَعَا لِي بِالْبَرَكَةِ، وَقَالَ: «سَمُّوهُ اسْمِي وَلَا تَكْنُوهُ بِكُنْيَتِي» قَالَ قَالَ يُونُسُ: فَلَقَدْ عُمِّرَ أَبِي حَتَّى شَابَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَبِي، وَمَا شَابَ مَوْضِعُ يَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رَأْسِهِ وَلَا مِنْ لِحْيَتِهِ
[ (6) ] .
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيَّ أَخْبَرَهُمْ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا الذَّيَّالُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ حُذَيْمِ بْنِ حَنِيفَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ جَدِّي حَنْظَلَةَ يُحَدِّثُ أَبِي وَأَعْمَامَهُ: أن حنيفة جمع بنيه فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي وَصِيَّتِهِ وَقُدُومَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ: حُذَيْمٌ، وَحَنْظَلَةُ، وَفِي آخِرِهِ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي أَنَا رَجُلٌ ذُو سِنٍّ، وَهَذَا ابْنِي حَنْظَلَةُ فَسَمِّتْ [ (7) ] عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلَامُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَقَالَ لَهُ:
بُورِكَ فِيكَ أَوْ قَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيكَ، وَرَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتِي بِالشَّاةِ الْوَارِمِ ضَرْعِهَا، وَالْبَعِيرِ وَالْإِنْسَانِ بِهِ الْوَرَمُ، فَيَتْفُلُ فِي يَدِهِ ويَمْسَحُ بِصَلْعَتِهِ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ عَلَى أَثَرِ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ فَيَمْسَحُهُ فَيَذْهَبُ عَنْهُ
[ (8) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ: حَنْظَلَةُ بْنُ حِذْيَمٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَنْظَلَةُ بْنُ حَنِيفَةَ بْنِ حِذْيَمٍ، قَالَ قَالَ حِذْيَمٌ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي رَجُلٌ ذُو بَنِينَ، وَهَذَا أَصْغَرُ بَنِيَّ فَسَمِّتْ
__________
[ (6) ] ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «التَّارِيخِ الكبير» (1: 1: 16) عن يَحْيَى بْنُ مُوسَى، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدِ، عَنْ إدريس ... ، ونقله الحافظ ابن حجر عنه، وعن علي بن السكن مطولا «الإصابة» (3:
370) .
[ (7) ] فادع الله له.
[ (8) ] رواه الحسن بن سفيان في «مسنده» ورواه الطبراني بطوله منقطعا، ورواه أبو يعلى من هذا الوجه وليس بتمامه، وكذا رواه يعقوب بن سفيان في «مسنده» الإصابة (1: 359) .

(6/214)


عَلَيْهِ، قَالَ: تَعَالَ يَا غُلَامُ، فَأَخَذَ بِيَدِي وَمَسَحَ بِرَأْسِي، وَقَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيكَ، أَوْ بُورِكَ فِيكَ، فَرَأَيْتُ حَنْظَلَةَ يُؤْتَى بِالْإِنْسَانِ الْوَارِمِ فَيَمْسَحُ فِيهَا يَدَهُ يَقُولُ بِسْمِ اللهِ، فَيَذْهَبُ الْوَرَمُ
[ (9) ] .
وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ وَاسْمُهُ مَدْلُولٌ، أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدِهِ وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، فَكَانَ مُقَدَّمُ رَأْسِ أَبِي سُفْيَانَ أَسْوَدَ مَا مَسَّتْهُ يَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَائِرُهُ أَبْيَضَ. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَطَرِ بْنِ الْعَلَاءِ الْفَزَارِيِّ، عَنْ عمته وقطفة مَوْلَاةٍ لَهُمْ قَالَتْ سَمِعْنَا أَبَا سُفْيَانَ فَذَكَرَهُ [ (10) ] .
وأَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْقَبَّانِيُّ قَالَ: ذَكَرَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ فِيمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْنَا، قَالَ: أَنْبَأَنَا فِطْرُ بْنُ الْعَلَاءِ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَمَّتِي آمِنَةُ بِنْتُ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ مَدْلُوكٍ «أَبِي سُفْيَانَ» .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عَوْنٍ الْمَسْعُودِيُّ «أَبُو حَمْزَةَ» ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ عَبْدِ اللهِ بِنْتُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهَا، وَكَانَتْ أُمَّ وَلَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِسَيِّدِي عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ: إِيشِ تَذْكُرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: أَذْكَرُ أَنِّي غُلَامٌ خُمَاسِيٌّ أَوْ سُدَاسِيٌّ أَجْلَسَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِهِ، ودعا لي ولولدي بِالْبَرَكَةِ، قَالَتْ جَدَّتِي: فَنَحْنُ نَعْرِفُ ذَلِكَ أَنَّا لَا نَهْرَمُ.
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي [ (11) ] أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْعُكْبَرِيُّ حدثنا
__________
[ (9) ] رواية البخاري في «التاريخ الكبير» (2: 1: 37) .
[ (10) ] ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «التَّارِيخِ الكبير» (4: 2: 55) .
[ (11) ] من هنا حتى نهاية هذا الباب سقط من (ك) .

(6/215)


أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبَّادٍ الْفَرْغَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ الْجُهَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَضَّاحِ بْنُ سَلَمَةَ الْجُهَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْجُهَنِيِّ، ثُمَّ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيَّالَةِ فَأَسْلَمْتُ وَمَسَحَ عَلَى وَجْهِي، فَمَاتَ عَمْرُو بْنُ ثَعْلَبَةَ، وَقَدْ أَتَتْ عَلَيْهِ مِائَةُ سَنَةٍ، وَمَا شَابَتْ مِنْهُ شَعْرَةٌ مَسَّتْهَا يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ [ (12) ] .
وَرُوِّينَا عَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ الشَّاعِرِ [ (13) ] : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ عَلَى وَجْهِهِ، ثُمَّ عَلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ عَلَى بَطْنِهِ، ثُمَّ عُمِّرَ مَالِكٌ حَتَّى شَابُ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ وَمَا شَابَ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ (14) ] .
ورُوِّينَاهُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ عَاصِمٍ امْرَأَةِ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ كَانَ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَدْهُنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ وَكَانَ أَطْيَبَنَا رِيحًا، فَسَأَلْتُهُ فَذَكَرَ عُتْبَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شَكَا إِلَيْهِ أَخَذَ إِزَارَ عُتْبَةَ فَوَضَعَهُ عَلَى فَرْجِهِ، ثُمَّ بَسَطَ يَدَيْهِ وَنَفَثَ فِيهِمَا وَمَسَحَ إِحْدَاهُمَا عَلَى ظَهْرِهِ، وَالْأُخْرَى عَلَى بَطْنِهِ قَالَ:
فَهَذِهِ الرِّيحُ مِنْ ذَلِكَ [ (15) ] .
__________
[ (12) ] ذكره الحافظ ابن حجر في ترجمة «عَمْرِو بْنِ ثَعْلَبَةَ الْجُهَنِيِّ ثم الزهري» ، وعزاه للبغوي. وابن السكن، وابن مندة، وقال ابن حجر: «في إسناده من لا يعرف» . الإصابة (2: 527) .
[ (13) ] هو مالك بن عمير السلمي الشاعر شهد مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم الفتح وحنينا والطائف، وله ترجمة في الإصابة (3: 351) .
[ (14) ] الخبر ذكره ابن حجر في الإصابة وعزاه للبغوي والحسن بن سفيان، والطبراني، وقال: ذكره المرزباني في معجم الشعراء وقال: له خبر مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فكأنه أشار الى هذا الحديث.
[ (15) ] هو عتبة بن فرقد بن يربوع بن حبيب بن مالك بن اسعد بن رفاعة السلمي ابو عبد الله. وروى الطبراني في الصغير والكبير من طريق أُمِّ عَاصِمٍ امْرَأَةِ عُتْبَةَ بن فرقد قال: أخذني السرا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فأمرني فتجردت فوضع يده على بطني وظهري فعبق بي الطيب من يومئذ. قالت ام عاصم: كنا عنده اربع نسوة فكنا نجتهد في الطيب وما كان هو يمس الطيب وإنه لأطيب ريحا منا.
«الإصابة» (2: 455) .

(6/216)


بَابُ مَا رُوِيَ فِي شَأْنِ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ وَمَا ظَهَرَ عَلَى وَجْهِهِ بِبَرَكَةِ مَسْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُ مِنَ النُّورِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَهُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ (ح) .
وحَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا [ (1) ] أَبِي، حَدَّثَنَا عَارِمٌ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، وَهَذَا لَفْظُ حديث بن مَعِينٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ قَتَادَةَ بْنِ مِلْحَانَ فِي مَرَضِهِ، قَالَ نَرَاهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ. قَالَ فَمَرَّ رَجُلٌ فِي مُؤَخَّرِ الدَّارِ قَالَ: فَرَأَيْتُهُ فِي وَجْهِ قَتَادَةَ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مَسَحَ وَجْهَهُ، قَالَ: وَكُنْتُ قَلَّمَا رَأَيْتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ كَانَ عَلَى وَجْهِهِ الدِّهَانُ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] (ح) ، و (ك) : حدثني.
[ (2) ] هو قتادة بن ملحان القيسي. قال البخاري وابن حبان: له صحبة، يعد في البصريين. روى الهمام عن أنس بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ قتادة بن ملحان عن أبيه. وأخرج ابن شاهين من طريق سليمان التيمي عن حيان بن عمير قال: مَسْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وجه قتادة بن ملحان ثم كبر فيلي منه كل شيء غير وجهه قال فحضرته عند الوفاة فمرت امرأة فرأيتها في وجهه كما أراها في المرآة.
«الإصابة» : (3: 225) .

(6/217)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالْبَرَكَةَ فَكَثُرَ مَالَهُ حَتَّى صُولِحَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ مِنْ رُبْعِ الثَّمَنِ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو محمد عبد اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ «بارك الله لك أو لم وَلَوْ بِشَاةٍ» .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
[ (1) ] وَحِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَبِيرُ شَيْءٍ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ، عَنْ ثَابِتٍ وَحُمَيْدٍ.
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عفاف بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عوف قدم المدينة
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 67- كتاب النكاح: (56) باب كيف يدعى للمتزوج، وأخرجه مسلم في:
16- كتاب النكاح (12) باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد وغير ذلك.

(6/218)


فَآخَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ سَعْدٌ: أَخِي، إِنِّي أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالًا، فَانْظُرْ شَطْرَ مَالِي فَخُذْهُ، وَلِيَ امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ حَتَّى أُطَلِّقَهَا لَكَ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَدَلُّوهُ عَلَى السُّوقِ، فَاشْتَرَى، وَبَاعَ، وَرِبْحَ، وَجَاءَ بِشَيْءٍ مِنْ أَقَطٍ وَسَمْنٍ ثُمَّ لَبِثَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَلْبَثَ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ ردع مِنْ زَعْفَرَانٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَهْيَمْ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، قَالَ: فَمَا أَصْدَقْتَهَا، فَقَالَ: وَزْنُ نَوَاةٍ مِنْ ذهب، قال: أو لم وَلَوْ بِشَاةٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَلَوْ رَفَعْتُ حَجَرًا لَرَجَوْتُ أَنْ أُصِيبَ تَحْتَهُ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً
[ (2) ] .
قُلْتُ: وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ دُعَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى، وَفِي قَوْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ، إِشَارَةٌ الى ذلك.
__________
[ (2) ] أخرجه أبو داود في كتاب النكاح باب قلة المهر الحديث (2109) ، ص (2: 235) عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ.
(ردع) : فتح الراء وسكون الدال هو أثر الطيب.
(مهيم) : كلمة استفهام مبنية على السكون ومعناها: ما شأنك؟

(6/219)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ [ (1) ] فِي البركة في بيعه وطهورها بَعْدَهُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِي تِجَارَةِ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبَى طَالِبٍ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، سَمِعَ قَوْمَهُ يُحَدِّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ شَاةَ أُضْحِيَّةٍ فَاشْتَرَى بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَى النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ بِشَاةٍ وَدِينَارٍ، فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، فَكَانَ لَوِ اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ [ (2) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور المظفر بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرِ بْنُ دُحَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمِ بْنِ أَبِي غَرْزَةَ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، زَعَمَ أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ، قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا غُلَامٌ شَابٌّ، فَمَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بن جعفر [ (3) ] وهو
__________
[ (1) ] هو عروة بن الجعد ويقال: ابن أبي الجعد، وصوب الثاني ابن المديني، وقال ابن قانع: اسمه أبو الجعد البارقي، وزعم بعضهم أنه عروة بن عياض بن أبي الجعد وأنه نسب إلى جده، مشهور وله أحاديث في البخاري وغيره. الاصابة (2: 476) .
[ (2) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 169) وعزاه للبيهقي ولأبي نعيم، وهو عند أبي نعيم في دلائل النبوة ص (395) .
[ (3) ] هُوَ عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبَى طَالِبٍ، السيد العالم القرشي الهاشمي، الحبشي المولد، المدني الدار، له صحبة ورواية، وعداده في صغار الصحابة، استشهد أبوه جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يوم مؤتة

(6/220)


يَبِيعُ شَيْئًا يَلْعَبُ بِهِ، فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اللهُمَّ بَارِكْ لَهُ فِي تجارته»
[ (4) ] .
__________
[ () ] فكفله النبي صلى الله عليه وسلم ونشأ في حجره وهو آخر من رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وصحبه من بني هاشم.
[ (4) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9: 286) وقال: «رواه أبو يعلى والطبراني، ورجالهما ثقات» .

(6/221)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَرَكَةِ لِأُمَّتِهِ فِي بُكُورِهَا
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَدِيدٍ عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ [ (1) ] ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» ،
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْعَثُ سَرِيَّةً إِلَّا بَعَثَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ قَالَ وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا فَكَانَ يَبْعَثُ غِلْمَانَهُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ حَتَّى لَمْ يَدْرِ أَيْنَ يَضَعُهُ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] هو صخر بن وداعة وقال ابن حبان صخر بن وديعة، ويقال: ابن وداعة الغامدي نسبة إلى غامد بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ بن كعب بن الحارث، بطن من الأزد، وقال البغوي: سكن صخر الطائف. روى حديثه أصحاب السنن وأحمد، وصححه ابن خزيمة وغيره. وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا فكان إذا بعث تجارة بعثهم أَوَّلِ النَّهَارِ فَأَثْرَى وَكَثُرَ ماله. الإصابة (2: 181) .
[ (2) ] أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد (باب) الابتكار في السفر. حديث (2206) ، ص (3: 35) .
وأخرجه الترمذي في: 12- كتاب البيوع (6) بَابُ مَا جَاءَ فِي التبكير بالتجارة الحديث (1212) ، ص (3: 508) .
وأخرجه ابن ماجة في: 12- كتاب التجارات، (41) باب ما يرجى من البركة في البكور، حديث (2236) .

(6/222)


بَابٌ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ هِشَامٍ بِالْبَرَكَةِ وَظُهُورِهَا بَعْدَهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّسَوِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ شَاكِرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ هِشَامٍ مِنَ السُّوقِ، أَوْ إِلَى السُّوقِ لِيَشْتَرِيَ الطَّعَامَ فَيَتَلَقَّاهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ عُمَرَ، فَيَقُولَانِ: أَشْرِكْنَا فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ، فَيُشْرِكُهُمْ فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ هكذا [ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 80- كتاب الدعوات، (31) باب الدعاء للصبيان بالبركة ومسح رؤوسهم الحديث (6353) ، فتح الباري (11: 151) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي عَقِيلٍ.

(6/223)


بَابُ مَا رُوِيَ فِي دُعَائِهِ بِإِذْهَابِ الْبَرْدِ عَنْ أَهْلِ مَسْجِدِهِ وَإِجَابَةِ اللهِ تَعَالَى دُعَاءَهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ [ (1) ] الْمَالِينِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُسْتَمْلِي، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ [ (2) ] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ بِلَالٍ، قَالَ: أَذَّنْتُ فِي غَدَاةٍ بَارِدَةٍ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا، فَقَالَ: أَيْنَ النَّاسُ يَا بِلَالُ؟ قُلْتُ: مَنَعَهُمُ الْبَرْدُ فَقَالَ: اللهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمُ الْبَرْدَ، فَرَأَيْتُهُمْ يَتَرَوَّحُونَ
[ (3) ] .
تَفَرَّدَ بِهِ أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ وَمِثْلُهُ قَدْ مَضَى فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ عَنْ حُذَيْفَةَ في قصة الخندق.
__________
[ (1) ] في (ف) و (ح) تصحفت إلى «أبي سعيد» .
[ (2) ] أيوب بن سيّار الزهري المدني، عن ابن المنكدر، وعنه شبابة:
- قال ابن معين: «ليس بشيء» .
- وسئل عن ابن المديني، فقال: «ذاك عندنا غير ثقة، لا يكتب حديثه» .
- وقال السعدي: «غير ثقة» .
- وقال النسائي: «متروك» .
«التاريخ الكبير» (1: 417) .
«الضعفاء الكبير للعقيلي» (1: 112) ، المجروحين (1: 171) ، الميزان (1: 288) .
[ (3) ] ذكره أبو نعيم في الدلائل صفحة (398) ، وذكره الذهبي في الميزان (1: 289) استشهادا على ضعف أيوب بن سيار، وقال أيضا: «فيه المستملي، وليس بثقة» .

(6/224)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْلِهِ فِي فَمِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بن كُرَيْزٍ، وَمَا أَصَابَهُ مِنْ بَرَكَتِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ: إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ النَّحْوِيُّ أَنَّ عَامِرَ بْنَ كُرَيْزٍ أَتَى بِابْنِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ سِنِينَ، أو ست سِنِينَ، فَتَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِيهِ، فَجَعَلَ يَزْدَرِدُ رِيقَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَيَتَلَمَّظُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا مُسْقًى؟ قَالَ: فَكَانَ يُقَالُ: لَوْ أَنَّ عَبْدَ اللهِ قَدَحَ حَجَرًا أَمَاهَهُ، يَعْنِي يَخْرُجُ مِنَ الْحَجَرِ الْمَاءُ مِنْ بَرَكَتِهِ [ (1) ] .
__________
[ (1) ] هُوَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بن كريز بن ربيعة بن عبد شمس، وهو ابن خال عثمان بن عفان، ذكره ابن مندة في الصحابة، وقال: «مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وله ثلاث عشرة سنة» ، وقال الحافظ بن حجر: «هذا غلط، فقد ذكر عمر بن شبة في أخبار البصرة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتْحَ مكة وجد عند عمير بن قتادة الليثي خمس نسوة، فقال: فارق إحداهنّ، ففارق دجاجة بنت الصلت فتزوجها عامر بن كريز، فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ اللهِ، فعلى هذا كان له عند الوفاة النبوية دون السنتين.
ولاه عثمان البصرة بعد أبي موسى الأشعري سنة تسع وعشرين، وضم إليه فارس، فافتتح في إمارته خراسان كلها، وسجستان، وكرمان وفاته سنة سبع أو ثمان وخمسين. له ترجمة في «تهذيب التهذيب» (5: 272) ، وذكر هذا الخبر.

(6/225)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَفْلِهِ فِي أَفْوَاهِ الْمُرْتَضَعِينَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَتَكَفَّوْا بِهِ إِلَى اللَّيْلِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصفار، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ السُّكَّرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَتْنَا عُلَيَّةُ بِنْتُ الْكُمَيْتِ الْعَتَكِيَّةُ، عَنْ أُمِّهَا: أُمَيْمَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ لِأَمَةِ اللهِ بِنْتِ رُزَيْنَةَ مَوْلَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَمَةَ اللهِ! أَسَمِعْتِ أُمَّكِ رُزَيْنَةَ [ (1) ] تَذْكُرُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، كَانَ يُعَظِّمُهُ وَيَدْعُو بَرُضَعَائِهِ وَرُضَعَاءِ ابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، وَيَتْفُلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَيَقُولُ لِلْأُمَّهَاتِ: لَا تُرْضِعْنَهُنَّ إِلَى اللَّيْلِ [ (2) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ إِلَّا أَنَّهُ لم يقل الْعَتَكِيَّةَ وَقَالَ حَدَّثَتْنِي أُمِّي أُمَيْمَةُ وَلَمْ يَقُلْ مَوْلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم.
__________
[ (1) ] هي رزينة مولاة صَفِيَّةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ أيضا خَادِمُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم لها ترجمة في الإصابة: (4:
302) .
[ (2) ] أخرجه أبو مسلم الكشي، وأبو نعيم في الدلائل، الإصابة (4: 302) .

(6/226)


بَابُ مَا جَاءَ فِي تَحْنِيكِهِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قيس بن شماس وبُزَاقِهِ فِي فِيهِ وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ بِبَرَكَتِهِ مِنَ الْآثَارِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ: الْحَسَنُ بْنُ يعقوب ابن يُوسُفَ الْعَدْلُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو ثَابِتٍ: زَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ: أَنَّ أَبَاهُ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَارَقَ جَمِيلَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ وَهِيَ حَامِلٌ بِمُحَمَّدٍ، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ حَلَفْتُ أَنْ لَا تُلْبِنَهُ مِنْ لَبَنِهَا، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَزَقَ فِي فِيهِ وَحَنَّكَهُ بِتَمْرِ عَجْوَةٍ، وَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا، وَقَالَ: اخْتَلِفْ بِهِ فَإِنَّ اللهَ رَازِقُهُ،
فَأَتَيْتُهُ الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ وَالثَّالِثَ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ الْعَرَبِ تَسْأَلُ عَنْ ثَابِتِ ابن قَيْسٍ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا تُرِيدِينَ مِنْهُ؟ أَنَا ثَابِتٌ، فَقَالَتْ: رَأَيْتُ فِي مَنَامِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ كَأَنِّي أُرْضِعُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدٌ! فَقَالَ: فَأَنَا ثَابِتٌ، وَهَذَا ابْنِي مُحَمَّدٌ قَالَ: وَإِذَا دِرْعُهَا يَنْعَصِرُ مِنْ لبنها [ (1) ] .
__________
[ (1) ] مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ الأنصاري الخزرجي المدني، ولد فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم فحنكه وسماه. «تهذيب التهذيب» (9: 84) .

(6/227)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِزَوْجَيْنِ أَحَدُهُمَا يُبْغِضُ الْآخَرَ بِالْأُلْفَةِ وَاسْتِجَابَةِ اللهِ دُعَاءَهُ فِيهِمَا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَصْبَهَانِيُّ إِمْلَاءً، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ [ (1) ] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ- خَرَجَ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَهُ فَعَرَضَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَمَعِي زَوْجٌ لِي فِي بَيْتِي مِثْلُ الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ادْعِي زَوْجَكِ فَدَعَتْهُ وَكَانَ خَرَّازًا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ: مَا تَقُولُ امْرَأَتُكَ يَا عَبْدَ اللهِ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ مَا جَفَّ رَأْسِي مِنْهَا فَقَالَتِ امْرَأَتُهُ: مَا مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ في
__________
[ (1) ] هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي علي اللهبي: من ولد أبي لهب، يروي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، روى عنه محمد ابن عياد المكي، عداده في أهل المدينة يروي عن الثقات الموضوعات، وعن الثقات المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به.
قال البخاري: «منكر الحديث» .
وقال أحمد: «له مناكير» .
وقال أبو حاتم والنسائي: «متروك» .
وقال ابن معين: «ليس بشيء» .
«التاريخ الكبير» (6: 288) ، «الضعفاء الكبير» للعقيلي (3: 240) ، «المجروحين» (2: 107) ، الميزان (3: 147) .

(6/228)


الشَّهْرِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: أتبغضينه؟ قَالَتْ: نَعَمْ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: أدنيا رؤوسكما فَوَضَعَ جَبْهَتَهَا عَلَى جَبْهَةِ زَوْجِهَا، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَهُمَا وَحَبِّبْ أَحَدَهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ النَّمَطِ وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَطَلَعَتِ الْمَرْأَةُ تَحْمِلُ أَدَمًا عَلَى رَأْسِهَا، فَلَمَّا رَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَرَحَتْ وَأَقْبَلَتْ فَقَبَّلَتْ رِجْلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ أَنْتِ وَزَوْجُكِ؟ فَقَالَتْ: وَالَّذِي أَكْرَمَكَ مَا طَارِفٌ وَلَا تَالِدٌ وَلَا وَالِدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ. فَقَالَ عُمَرُ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: تَفَرَّدَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ اللِّهْبِيُّ وَهُوَ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ لِلْمَنَاكِيرِ.
قُلْتُ: قَدْ رَوَى يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ مَعْنَى هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-

(6/229)


بَابُ مَا جَاءَ فِي شَأْنِ مَنْ شَكَا إِلَيْهِ الصُّدَاعَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وأبو سعيد بن [أَبِي] عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ الكبي، حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [ (1) ] قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ:
أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: فِرَاسُ بْنُ عَمْرٍو أَصَابَهُ صُدَاعٌ شَدِيدٌ فَذَهَبَ بِهِ أَبُوهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ الصُّدَاعَ [الَّذِي بِهِ] [ (2) ] فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِرَاسًا فَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَ بِجِلْدَةِ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَجَذَبَهَا حَتَّى تَنَقَّضَتْ فَنَبَتَتْ فِي مَوْضِعِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ جَبِينِهِ شَعْرَةٌ فَذَهَبَ عَنْهُ الصُّدَاعُ فَلَمْ يَصْدَعْ.
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَرَأَيْتُهَا كَأَنَّهَا شَعْرَةٌ قُنْفُذٍ فَقَالَ: فَهَمَّ بِالْخُرُوجِ عَلَى عَلِيٍّ- عَلَيْهِ السَّلَامُ-[ (3) ] مَعَ أَهْلِ جروزاء قَالَ: فَأَخَذَهُ أَبُوهُ فَأَوْثَقَهُ وَحَبَسَهُ فَسَقَطَتْ تِلْكَ الشَّعَرَةُ
__________
[ (1) ] أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ: إِسْمَاعِيلُ بن إبراهيم ضعيف جدا، يخطئ كثيرا حتى خرج عن حد الاحتجاج به، ضعّفه غير واحد.
«الضعفاء الكبير» للعقيلي (1: 73) ، «المجروحين» (1: 122) ، «الميزان» (1:
213) .
[ (2) ] ليست في (ح) .
[ (3) ] في (ح) : «كرم الله وجهه» .

(6/230)


فَلَمَّا رَآهَا شَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مَا هَمَمْتَ بِهِ فَأَحْدِثْ تَوْبَةً فَأَحْدَثَ وَتَابَ.
قَالَ أَبُو الطُّفَيْلِ: فَرَأَيْتُهَا قَدْ سَقَطَتْ، فَرَأَيْتُهَا [ (4) ] بَعْدَ مَا نَبَتَتْ.
تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ هَكَذَا.
وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ أَنَّ رَجُلًا وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فَأَتَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ وَأَخَذَ بِجَبْهَتِهِ فَنَبَتَتْ شَعْرَةٌ فِي جَبْهَتِهِ كَأَنَّهَا هُلْبَةُ فَرَسٍ فَشَبَّ الْغُلَامُ فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ أَجَابَهُمْ فَسَقَطَتِ الشَّعَرَةُ عَنْ جَبْهَتِهِ فَأَخَذَهُ أَبُوهُ فَقَيَّدَهُ وَحَبْسَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَوَعَظْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ: أَلَمْ تَرَ [إِلَى] [ (5) ] بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَقَعَتْ فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ رَأْيهِمْ قَالَ: فَرَدَّ اللهُ بَعْدُ الشَّعَرَةَ فِي جَبْهَتِهِ إِذْ تَابَ.
وَفِيمَا أَنْبَأَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو أَبُو عَبْدِ اللهِ الْعُكْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ حدثنا علي ابن زيد فذكره.
__________
[ (4) ] ليست في (ح) .
[ (5) ] ليست في (ح) ولا في (ف) .

(6/231)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ لِنَابِغَةَ [ (1) ] وَإِجَابَةِ اللهِ- تَعَالَى- لَهُ فِيمَا دَعَاهُ بِهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدَانَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُؤَمَّلِ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَالِدٍ السُّكَّرِيُّ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ الْأَشْدَقِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّابِغَةَ نَابِغَةَ بَنِي جَعْدَةَ يَقُولُ أَنْشَدْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ هَذَا الشَّعْرَ فَأَعْجَبَهُ.
«بَلَغْنَا السَّمَاءَ مَجْدُنَا وَثَرَاؤُنَا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مظهر»
فَقَالَ لِي: إِلَى أَيْنَ الْمَظْهَرُ يَا أَبَا لَيْلَى؟ قَالَ: قُلْتُ: إِلَى الْجَنَّةِ قَالَ:
كَذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللهُ.
«فَلَا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ ... بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا»
«وَلَا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ... حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الْأَمْرَ أَصْدَرَا»
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجَدْتَ لَا يُفْضَضُ فُوكَ. قَالَ يَعْلَى: فَلَقَدْ رأيته ولقد
__________
[ (1) ] هو نابغة بني جعدة: قيس بن عبد الله بن عدس بن ربيعة الجعدي العامري، أبو ليلى، شاعر مغلق صحابي من المعمرين، كان ممن هجر الأوثان، ونهى عن الخمر قبل ظهور الإسلام، ووفد عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم فأسلم، وأدرك صفين فشهدها مع علي، ثم سكن الكوفة، فمات فيها زمن معاوية، وقد كف بصره وجاوز المئة. سمط اللآلئ (247) ، واللباب (1: 230) ، والأغاني (6: 265) ، والإصابة.

(6/232)


أَتَى عَلَيْهِ نَيِّفٌ وَمِائَةُ سَنَةٍ وَمَا ذَهَبَ لَهُ سِنٌّ
[ (2) ] .
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَرَادٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَابِغَةَ يَقُولُ: سَمِعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم وأنا أَنْشُدُ مِنْ قُولِي:
بَلَغَنَا السَّمَاءَ عِفَّةً وَتَكَرُّمًا ... وَإِنَّا لَنَرْجُو بَعْدَ ذَلِكَ مَظْهَرَا
ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِيَ بِمَعْنَاهُ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ سِنَّهُ كَأَنَّهَا الْبَرَدُ الْمُنْهَلُّ مَا سَقَطَتْ لَهُ سِنٌّ وَلَا تَفَلَّتَتْ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي قِمَاشٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمٍ الْبَاهِلِيِّ: عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ سُلَيْمٍ فَذَكَرَهُ.
__________
[ (2) ] السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 166) عن المصنف، وعن دلائل أبي نعيم.
[ (3) ] ذكره السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 167) وعزاه لابن السكن.

(6/233)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِأَبِي أُمَامَةَ [ (1) ] وَأَصْحَابِهِ حِينَ سَأَلَ الدُّعَاءَ بِالشَّهَادَةِ بِالَّسَلَامَةِ وَإِصَابَةِ الْغَنِيمَةِ فَكَانَ كَمَا دَعَاهُ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا أبو سهل ابن زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ رجاء ابن حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: أَنْشَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! ادْعُ لِي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ: اللهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ. قَالَ: فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا ثُمَّ أَنْشَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لِي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ: اللهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ قَالَ: فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا ثُمَّ أَنْشَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَتَيْتُكَ مَرَّتَيْنِ أَسْأَلُكَ أَنْ تَدْعُوَ لِي بِالشَّهَادَةِ فَقَالَ: اللهُمَّ سَلِّمْهُمْ وَغَنِّمْهُمْ، قَالَ: فَغَزَوْنَا فَسَلِمْنَا وَغَنِمْنَا.
ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مُرْنِي بِعَمَلٍ آخُذُهُ عَنْكَ يَنْفَعُنِي اللهُ
__________
[ (1) ] هو صدي بن عجلان بن الحارث أبو أمامة، مشهور بكنيته رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وعن عمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة ومعاذ وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وعمرو بن عبسة وغيرهم. قال ابن سعد:
سكن الشام وأخرج الطبراني ما يدل على أنه شهد أحدا لكن بسند ضعيف. وقال ابن حبان: كان مع علي بصفين. مات أبو أمامة الباهلي سنة ست وثمانين. الإصابة (2: 182) .

(6/234)


بِهِ قَالَ: عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا مِثْلَ لَهُ قَالَ: فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ لَا يُلْقَوْنَ إِلَّا صِيَامًا، فَإِذَا رَأَوْا نَارًا أَوْ دُخَانًا فِي مَنْزِلِهِمْ عَرَفُوا أَنَّهُمْ قَدِ اعْتَرَاهُمْ ضَيْفٌ.
قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَمَرْتَنِي بِأَمْرٍ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ نَفَعَنِي اللهُ بِهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ آخَرَ يَنْفَعْنِيَ اللهُ بِهِ قَالَ: اعْلَمْ أَنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَ لَكَ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خِطْئَةً.
هَكَذَا رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عن رجاء [ (2) ] ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ [ (3) ] ، عَنْ مُحَمَّدِ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ الْهِلَالِيِّ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ مختصرا.
__________
[ (2) ] هذه الرواية أخرجها الإمام أحمد في «مسنده» (5: 248- 249) عن روح، عن هشام، عن همّام، عن واصل مولى أبي عيينة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ.
[ (3) ] هذه الرواية من حديث شعبة أخرجها النسائي في الصوم عن يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السكن، عن يحيى ابن كثير العنبري كلاهما عن شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ،

(6/235)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ بِالْهِدَايَةِ وَمَا ظَهَرَ فِيهِ مِنَ الْإِجَابَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أبي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ أَخْبَرَنِي ثَابِتٌ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ قِبَلَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ قَالَ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ إِلَى طَاعَتِكَ وَحُطْ مِنْ وَرَائِهِمْ [ (1) ] .
وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ بَرِّيٍّ فَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَأَحِطْ مِنْ وَرَائِهِمْ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ- أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس ابن مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قِبَلَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: اللهُمَّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ، ثُمَّ نظر قبل
__________
[ (1) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10: 57) وقال: رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ برّي وهو ثقة.

(6/236)


الشَّامِ قَالَ: اللهُمَّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ، ثُمَّ نَظَرَ قِبَلَ الْعِرَاقِ فَقَالَ: اللهُمَّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَمُدِّنَا
[ (2) ] .
قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي مَغَازِيهِ وَأَسْفَارِهِ سَائِرَ مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فِي دَعَوَاتِهِ وَاسْتِنْصَارِهِ وَمَا ظَهَرَ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَفِي إِعَادَتِهَا هَا هُنَا تطويل وبالله التوفيق.
__________
[ (2) ] أخرجه الترمذي في كتاب المناقب (باب) في فضل اليمن (5: 726) ، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه من حديث زين بن ثابت إلا من حديث عمران القطان.

(6/237)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ وَدُعَائِهِ عَلَى مَنْ كَانَ يَخْتَلِجُ بِوَجْهِهِ وَغَيْرِهِمَا وَمَا ظَهَرَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْإِسْفَاطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَبْصَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بشر ابن رَاعِيَ الْعَنْزِ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ قَالَ: كُلْ بِيَمِينِكَ قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ قَالَ: لَا اسْتَطَعْتَ، قَالَ: فَمَا وَصَلَتْ يَدُهُ إِلَى فِيهِ بَعْدُ
[ (1) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِمَالِهِ فَقَالَ: كُلْ بِيَمِينِكَ، قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، قَالَ: لَا اسْتَطَعْتَ مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ. قَالَ: فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 171) .
[ (2) ] أخرجه مسلم في: 36- كتاب الأشربة (13) باب آداب الطعام والشراب الحديث (107) ، ص (3: 1599) ، وقيل: إن هذا الرجل هو بسر بن راعي العير الأشجعي، كذا ذكره ابن مندة، وأبو نعيم الأصبهاني وابن ماكولا وآخرون.

(6/238)


أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أن رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةَ تَأْكُلُ بِشِمَالِهَا فَقَالَ: مَالِهَا تَأْكُلُ بِشِمَالِهَا أخذها داء غزّة، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ إِنَّ فِي يَمِينِي قُرْحَةً. قَالَ: وَإِنْ.
قَالَ يَزِيدُ إِنَّ سُبَيْعَةَ لَمَّا مَرَّتْ بِغَزَّةَ أَصَابَهَا الطَّاعُونُ فَقَتَلَهَا قَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ:
وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ نُعَيْمٍ الرُّعَيْنِيُّ، عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ نَهِيكٍ الْحَجَرِيِّ، عَنْ دُخَيْنٍ الْحَجَرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ، وَأَبُو بَكْرٍ الْقَاضِي، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حدثنا ضرار ابن صُرَدٍ حَدَّثَنَا عَائِذُ بْنُ حَبِيبٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، يَقُولُ: كَانَ فُلَانٌ يَجْلِسُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا تَكَلَّمَ النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ [بِشَيْءٍ] [ (4) ] اخْتَلَجَ بِوَجْهِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كُنْ كَذَلِكَ فَلَمْ يَزَلْ يَخْتَلِجُ حَتَّى مَاتَ.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ ابن أَبِي سَعِيدٍ الْحَنَفِيُّ، عَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، يَقُولُ: كُنَّا عَلَى بَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم نَنْتَظِرُهُ فَخَرَجَ فَاتَّبَعْنَاهُ حَتَّى أَتَى عَقَبَةً مِنْ عِقَابِ الْمَدِينَةِ فَقَعَدَ عَلَيْهَا فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! لَا يَتَلَقَّيْنَ أَحَدٌ مِنْكُمْ سُوقًا وَلَا يَبِيعُ مُهَاجِرٌ لِلْأَعْرَابِيِّ وَمَنْ بَاعَ مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ ردّها ردّ معها
__________
[ (3) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 171، 172) عن المصنف.
[ (4) ] سقطت من (ح) .

(6/239)


مِثْلَ- أَوْ قَالَ: مِثْلَيْ- لَبَنِهَا قَمْحًا قَالَ: وَرَجُلٌ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَاكِيهِ وَيُلَمِّضُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَلِكَ فَكُنْ قَالَ: فَرَفَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَلِيطَ بِهِ شَهْرَيْنِ فَغُشِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ حِينَ أَفَاقَ وَهُوَ كَمَا حَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ وَأَبُو صَادِقٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَطَّارُ، قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِنْدُ بْنُ خَدِيجَةَ [ (5) ] زَوَّجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم بِأَبِي الْحَكَمِ فَجَعَلَ يَغْمِزُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآهُ فَقَالَ: اللهُمَّ اجْعَلْ بِهِ وَزَعًا فَرَجَفَ مَكَانَهُ،
وَالْوَزَعُ ارْتِعَاشٌ، كَذَا فِي كِتَابِي.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بِالْحَكَمِ أَبِي مَرْوَانَ فَجَعَلَ الْحَكَمُ يَغْمِزُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِصْبَعِهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْبَاقِي.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْكِي فَقَالَتْ: تَرَكْتُ الْمَلَاءَ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ تَعَاقَدُوا فِي الْحِجْرِ فَحَلَفُوا بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ ويِسَافٍ وَنَائِلَةَ إِذَا هُمْ رَأَوْكَ يَقُومُونَ إِلَيْكَ فَيَضْرِبُونَكَ بِأَسْيَافِهِمْ فيقتلوك لَيْسَ فِيهِمْ رَجُلٌ إِلَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مِنْكَ، قال: لا تبك يَا بُنَيَّةُ! ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ أَتَاهُمْ، فَلَمَّا نظروا طأطؤوا ونكّسوا رؤوسهم إِلَى الْأَرْضِ فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَمَاهُمْ بِهِ ثُمَّ قَالَ:
شَاهَتِ الْوُجُوهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا أَصَابَ ذَلِكَ التُّرَابُ مِنْهُمْ أَحَدًا إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كافرا.
__________
[ (5) ] وهو هِنْدَ بْنِ أَبِي هَالَةَ، وقد تقدمت ترجمته في السفر الأول من هذا الكتاب.

(6/240)


قُلْتُ وَلَهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مُعْجِزَاتٌ قَدْ مَضَتْ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى التِّنِّيسِيُّ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَوْلَى ابْنُ نِمْرَانَ، عَنِ ابْنِ نِمْرَانَ، قَالَ: رَأَيْتُ مُقْعَدًا بِتَبُوكَ فَسَأَلْتُ عَنْ إِقْعَادِهِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: قَطَعَ صَلَاتَنَا قَطَعَ اللهُ أَثَرَهُ، قَالَ: فَقَعَدْتُ. قَالَ: وَكَانَ عَلَى أَتَانٍ أَوْ عَلَى حِمَارٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَيْنَاهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
وَرُوِيَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا عَلَى كَلْبٍ مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَمَاتَ فِي الْحَالِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو الطَّيِّبِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ الْمُسَيَّبِ الْمَرْوَزِيُّ بِنَيْسَابُورَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ الْبَصْرِيُّ كَتَبْتُ عَنْهُ بِبَلْخَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ طَرِيفٍ الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ إِذْ مَرَّ بِهِمْ كُلَيْبٌ فَقَطَعَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةَ فَدَعَا عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَمَا بَلَغَتْ رِجْلُهُ حَتَّى مَاتَ، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنِ الدَّاعِي عَلَى هَذَا الْكَلْبِ آنِفًا؟» فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَقَدْ دَعَوْتُ اللهَ بِاسْمِهِ الَّذِي إذا دعا بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَلَوْ دَعَوْتُ بِهَذَا الِاسْمِ لِجَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ أَنْ يَغْفِرَ لَهُمْ لَغَفَرَ لَهُمْ قَالُوا: كَيْفَ دَعَوْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: اللهُمَّ إِنِّي

(6/241)


أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ المنان بديع السموات وَالْأَرْضِ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ اكْفِنَا هَذَا الْكَلْبَ بِمَا شِئْتَ وَكَيْفَ شِئْتَ فَمَا بَرِحَ حَتَّى مَاتَ
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَذَلِكَ مُرْسَلًا مُخْتَصَرًا.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ الْبَغْدَادِيِّ، أَنْبَأَنَا مُعَاذُ بْنُ نَجْدَةَ، حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عُمَرُ- يَعْنِي ابْنَ ذَرٍّ [أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ] [ (6) ] بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَسَنَحَ كَلْبٌ لَيَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَخَرَّ الْكَلْبُ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنَ الصَّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَيُّكُمْ دَعَا عَلَى هَذَا الْكَلْبِ» ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا دَعَوْتُ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: «دَعَوْتَ عَلَيْهِ فِي سَاعَةٍ مُسْتَجَابٌ فِيهَا الدُّعَاءُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ السَّمَّاكِ حَدَّثَنَا حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حدثنا أُمُّ الْأَسْوَدِ الْخُزَاعِيَّةُ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ نَائِلَةَ الْخُزَاعِيَّةُ قَالَتْ: حَدَّثَنِي بُرَيْدَةُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: قَيْسٌ، فَقَالَ: لَا أَقَرَّتْهُ الْأَرْضُ، فَكَانَ لَا يَدْخُلُ أَرْضًا يَسْتَقِرُّ بِهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهَا
[ (7) ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو الْفَضْلِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أحمد ابن سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو حَمْزَةَ [ (8) ] ، قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً [ (9) ] وَأَرْسَلَنِي إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي حَاجَةٍ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ
__________
[ (6) ] ما بين الحاصرتين سقط من (ح) .
[ (7) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 172) وعزاه للمصنف.
[ (8) ] جاء في حاشية (أ) : هو أبو حمزة عمران بن أبي عطاء القصاب، وليس في صحيح مسلم أبو حمزة عن ابن عباس- بالحاء المهملة والزاي- سواه.
[ (9) ] فحطأني حطأة أي قفدني. هو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين.

(6/242)


فَقُلْتُ: أَتَيْتُ وَهُوَ يَأْكُلُ فَأَرْسَلَنِي [ (10) ] فَقَالَ: لَا أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ
[ (11) ]
وَمَنْ حَدِيثِ أُمَيَّةِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ عَقِيبَ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ، فَأَيُّمَا أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوَةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً تُقَرِّبُهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ أَنَّهُ اسْتُجِيبَ لَهُ فِيمَا دَعَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مُعَاوِيَةَ- رَحِمَهُ اللهُ-.
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَادَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قَدْ جَاءَ فَقُلْتُ: مَا جَاءَ إِلَّا إِلَيَّ فَاخْتَبَأْتُ عَلَى بَابِ فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً فَقَالَ: «اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ» وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ قَالَ: فَذَهَبْتُ فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «فَاذْهَبْ فَادْعُهُ» فَأَتَيْتُهُ فَقِيلَ: إِنَّهُ يَأْكُلُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لَا أَشْبَعَ اللهُ بَطْنَهُ» ، قَالَ: فَمَا شَبِعَ بَطْنُهُ» ، قَالَ: فَمَا شبع بَطْنُهُ أَبَدًا وَرُوِيَ عَنْ هُرَيْمٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ تدل على الاستجابة.
__________
[ (10) ] في (أ) زيادة العبارة التالية: فأرسلني الثانية فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يَأْكُلُ، فَقُلْتُ: أتيته وهو يأكل.
[ (11) ] أخرجه مسلم في: 45- كتاب البر والصلة والآداب (25) باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبّه أو دعا عليه، ص (4: 2010) .

(6/243)


بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ لِلرَّجُلِ: ضَرَبَ [اللهُ] [ (1) ] عُنُقَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اللهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْمِهْرَجَانِيُّ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي عَلَيْهِ ثَوْبَانِ قَدْ خَلِقَا وَلَهُ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَلَبِسَهُمَا ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَهُ ضَرَبَ اللهُ عُنُقَهُ أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا» ؟ فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: «فِي سَبِيلِ اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ-» فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سبيل الله
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] ليست في (ح) .
[ (2) ] أخرجه مالك في «موطئه» في (48) كتاب اللباس (1) بَابُ مَا جَاءَ فِي لبس الثياب للجمال بها، الحديث (1) ص (2: 910) .

(6/244)


بَابُ مَا رُوِيَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَطَّارُ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ جابر السقطيّ، حدثنا درخث بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْجَزَرِيُّ، عَنِ الْوَازِعِ بْنِ نَافِعٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَقَوَّلَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» وَذَلِكَ أَنَّهُ بَعَثَ رَجُلًا فَكَذَبَ عَلَيْهِ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ مَيِّتًا قَدِ انْشَقَّ بَطْنُهُ وَلَمْ تقبله الأرض
[ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (2: 321) من حديث مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هريرة، وأخرجه ابن ماجة في المقدمة (4) باب التغليظ في تعمد الكذب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم من حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هريرة، ومن حديث معيد بن كعب عن أبي قتادة (1: 13، 14) .

(6/245)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ عَلَى مَنِ احْتَكَرَ بِالْجُذَامِ وَإِجَابَةِ اللهِ- تَعَالَى- دُعَاءَهُ فِيمَنِ احْتَكَرَ فِي زَمَانِ عُمَرَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ علي المقري أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ ابن إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ رَافِعٍ الْبَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى، عَنْ فرّخ مَوْلَى عُثْمَانَ، قَالَ: أُلْقِيَ عَلَى بَابِ مَسْجِدِ مَكَّةَ طَعَامٌ كَثِيرٌ وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَرَأَى الطَّعَامَ فَقَالَ: مَا هَذَا الطَّعَامُ؟ قَالُوا: طَعَامٌ جُلِبَ إِلَيْنَا، قَالَ:
بَارَكَ اللهُ فِيهِ وَفِيمَنْ جَلَبَهُ إِلَيْنَا، قَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدِ احْتُكِرَ. قَالَ: مَنِ احْتَكَرَهُ؟ قَالُوا: فَرُّوخُ مَوْلَى عُثْمَانَ وَفُلَانُ مَوْلَاكَ. قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنِ احْتَكَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ طَعَامَهُمْ ضَرَبَهُ اللهُ بِالْجُذَامِ أَوْ بِالْإِفْلَاسِ
قَالَ فَرُّوخُ: أُعَاهِدُ اللهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا أَعُودُ فَحَوَّلَ تِجَارَتَهُ إِلَى بَرِّ مِصْرَ، وَأَمَّا مَوْلَى عُمَرَ فَقَالَ: نَشْتَرِي بِأَمْوَالِنَا وَنَبِيعُ فَزَعَمَ أَبُو يَحْيَى أَنَّهُ رَأَى مَوْلَى عُمَرَ بَعْدَ حِينٍ مَجْذُومًا وَذَلِكَ رَوَاهُ جماعة عن الهيثم، وأبو يحيى هو مكيّ [ (1) ] .
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في «الخصائص الكبرى» (2: 172) وعزاه للمصنف.

(6/246)


بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ رَبَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- فِيمَا سُحِرَ بِهِ وَإِجَابَةِ اللهِ- سُبْحَانَهُ- إِيَّاهُ فِيمَا دَعَاهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ وَأَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الشاذياخي فِي آخَرِينَ قَالُوا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْبَأَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ صَنَعَ الشَّيْءَ وَمَا صَنَعَهُ وَأَنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ: «أُشْعِرْتُ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ؟» فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا وَجَعَ الرَّجُلَ؟ قَالَ الْآخَرُ: مَطْبُوبٌ قَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟
قَالَ: لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ، قَالَ فِي مَاذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قَالَ: فَأَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ فِي ذَرْوَانَ وَذَرْوَانُ بِئْرٌ فِي بَنِي زُرَيْقٍ» ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَتَى رسول الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَ: «وَاللهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحناء ولكأنّ نخلها رؤوس الشَّيَاطِينِ» ، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلَّا أَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِيَ اللهُ كَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا» .
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
[ (1) ] .
__________
[ (1) ] أخرجه البخاري في: 80- كتاب الدعوات (57) باب تكرير الدعاء، فتح الباري (11: 192- 193) .

(6/247)


أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
مَرِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ مَرَضًا شَدِيدًا فَأَتَاهُ مَلَكَانِ فَقَعَدَا أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيْهِ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِهِ: مَا تَرَى؟ قَالَ: طُبَّ، قَالَ: وَمَا طَبَّهُ؟ قَالَ: سُحِرَ قَالَ: وَمَا سَحَرَهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ الْيَهُودِيُّ.
قَالَ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ فِي بِئْرِ آلِ فُلَانٍ تَحْتَ صَخْرَةٍ فِي رَكِيَّةٍ فَأْتُوا الرَّكِيَّ فَانْزِحُوا مَاءَهَا وَارْفَعُوا الصَّخْرَةَ ثُمَّ خُذُوا الْكِرْبَةَ فَاحْرِقُوهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ فِي نَفَرٍ فَأَتَوْا الرَّكِيَّ فَإِذَا مَاؤُهَا مِثْلُ مَاءِ الْحِنَّاءِ فَنَزَحُوا الْمَاءَ ثُمَّ رَفَعُوا الصَّخْرَةَ وَأَخْرَجُوا الْكِرْبَةَ فَأَحْرَقُوهَا فَإِذَا فِيهَا وَتَرٌ فِيهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَاتَانِ السُّورَتَانِ فَجَعَلَ كُلَّمَا قَرَأَ آيَةً انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، الِاعْتِمَادُ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ [ (2) ] .
__________
[ (2) ] ذلك ان مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ أحد رواة الحديث يرويه عن أبي صالح، ضعيف، وهو أبو النضر الكوفي المفسر النسابة الأخباري وقد تقدمت ترجمته، وانظر الميزان (2: 656) .

(6/248)


بَابُ مَا جَاءَ فِي قَلَنْسُوَةِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَاسْتِنْصَارِهِ بِمَا جَعَلَ فِيهَا مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عيسى الجبري أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَقَدَ قَلَنْسُوَةً لَهُ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ فَقَالَ اطْلُبُوهَا فَلَمْ يَجِدُوهَا ثُمَّ طَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا فَإِذَا هِيَ قَلَنْسُوَةٌ خَلِقَةٌ فَقَالَ خَالِدٌ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ فَابْتَدَرَ النَّاسُ جَوَانِبَ شَعْرِهِ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى نَاصِيَتِهِ فَجَعَلْتُهَا فِي هَذِهِ الْقَلَنْسُوَةِ فَلَمْ أَشْهَدْ قِتَالًا وَهِيَ مَعِي إلا رزقت النّصر. [ (1) ]
__________
[ (1) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 299) ، وذكره الهيثمي في الزوائد (9: 349) ونسبه إلى الطبراني وأبي يعلى، وقال: ورجالهما رجال الصَّحِيحِ.

(6/249)


بَابُ مَا جَاءَ فِي اسْتِنْصَارِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَسْمَاءِ اللهِ- تَعَالَى- عَلَى رُكَانَةَ [ (1) ] فِي الْمُصَارَعَةِ وَنُصْرَةِ اللهِ- تَعَالَى- إِيَّاهُ عَلَيْهِ وَمَا رُوِيَ فِي تِلْكَ الْقِصَّةِ مِنْ آثَارِ النُّبُوَّةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي وَالِدِي إِسْحَاقُ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ: «أَسْلِمْ» ، فَقَالَ: لَوْ عُلِمَ أن ما تقول حقا لَفَعَلْتُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رُكَانَةُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ: «أَرَأَيْتَ إِنْ صَرَعْتُكَ أَتَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ» ؟ قَالَ: نَعَمْ- فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَعَهُ فَقَالَ لَهُ: عُدْ يَا مُحَمَّدُ فَعَادَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ الثَّانِيَةَ فَصَرَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَانْطَلَقَ رُكَانَةُ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا سَاحِرٌ لَمْ أَرَ مِثْلَ سِحْرَ هَذَا قَطُّ وَاللهِ مَا مَلَكْتُ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا حَتَّى وَضَعَ جَنْبِي إِلَى الْأَرْضِ.
وروينا فِي كِتَابِ السُّنَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُصَارَعَتِهِ رُكَانَةَ عَلَى شَاةٍ وَإِسْلَامِهِ وَرَدِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَمَهُ [ (2) ] . وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو أُوَيْسٍ المدني
__________
[ (1) ] هو رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بن هاشم بن الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ المطلبي. قال البلاذري: حدثني عباس ابن هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ جربود وغيره قالوا: قدم ركانة من سفر فأخبر خبر النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه في بعض جبال مكة فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي بلغني عنك شيء فإن صرعتني علمت أنك صادق فصارعه فصرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم ركانة في الفتح وقيل إنه أسلم عقب مصارعته.. قال الزبير: مات بالمدينة في خلافة معاوية وقال أبو نعيم مات في خلافة عثمان وقيل عاش إلى سنة إحدى وأربعين. الإصابة (1:
520- 521) .
[ (2) ] قصة مصارعة الرسول صلى الله عليه وسلم ركانة أخرجه أبو داود والترمذي من رواية أبي الحسن العسقلاني، عن أَبِي

(6/250)


عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ، عَنْ جَدِّهِ رُكَانَةَ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُنَيْمَةٍ لِأَبِي طَالِبٍ نَرْعَاهَا فِي أَوَّلِ مَا رَأَى إِذْ قَالَ لِي ذَاتَ يَوْمٍ هَلْ لَكَ أَنْ تُصَارِعَنِي؟ قُلْتُ لَهُ: أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا! فَقُلْتُ: عَلَى مَاذَا؟ قَالَ: عَلَى شَاةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَصَارَعْتُهُ فَصَرَعَنِي فَأَخَذَ مِنِّي شَاةً ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي الثَّانِيَةِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ! فَصَارَعْتُهُ فَصَرَعَنِي وَأَخَذَ مِنِّي شَاةً فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ هَلْ يَرَانِي إِنْسَانٌ فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: لَا يَرَانِي بَعْضُ الرُّعَاةِ فَيَجْتَرِئُونَ عَلَيَّ وَأَنَا فِي قَوْمِي مِنْ أَشَدَّهُمْ، قَالَ: هَلْ لَكَ فِي الصِّراعِ الثَّالِثَةَ؟ وَلَكَ شَاةٌ.
قُلْتُ: نَعَمْ! فَصَارَعْتُهُ فَصَرَعَنِي فَأَخَذَ شَاةً فَقَعَدْتُ كَئِيبًا حَزِينًا. فَقَالَ: مَا لَكَ؟
قُلْتُ: إِنِّي أَرْجِعُ إِلَى عَبْدِ يَزِيدَ وَقَدْ أَعْطَيْتُ ثَلَاثًا مِنْ غَنَمِهِ وَالثَّانِيَةُ أَنِّي كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَشَدُّ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي الرَّابِعَةِ؟ فَقُلْتُ: لَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فَقَالَ: أَمَّا قَوْلُكَ فِي الْغَنَمِ فَإِنِّي أَرَدُّهَا عَلَيْكَ فَرَدَّهَا عَلَيَّ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ ظَهَرَ أَمْرُهُ فَأَتَيْتُهُ فَأَسْلَمْتُ وَكَانَ مِمَّا هَدَانِي اللهُ- عَزَّ وَجَلَّ- أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لَمْ يَصْرَعْنِي يَوْمَئِذٍ بِقُوَّتِهِ وَلَمْ يَصْرَعُنِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا بِقُوَّةِ غَيْرِهِ.
وَهَذَا فِيمَا أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ إِجَازَةً أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللهِ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُكْبَرِيَّ أَخْبَرَهُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حدثنا أبو أويس فكرّه. وَهَذِهِ الْمَرَاسِيلُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ الْمَوْصُولِ فِيهِ أَصْلًا وَهُوَ مَا
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ
__________
[ () ] جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن ركانة عن أبيه، وقال الترمذي: غريب وليس إسناده بقائم، وقال ابن حبان:
في إسناد خبره في المصارعة نظر.
وقد رواه الحاكم في «المستدرك» (3: 452) ، وقال الذهبي في «التلخيص» : مات بالمدينة في أول إمرة معاوية، قال مصعب، وقال غيره: صرعه النبي صلى الله عليه وسلم ورواه المصنف كما يشير هنا في «السنن الكبرى» (10: 18) وقال: رواه أبو داود في المراسيل عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عن حماد ابن سلمة عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وقال البيهقي أيضا وهو مرسل جيد، وقد روي بإسناد آخر موصولا إلّا أنّه ضعيف والله أعلم.

(6/251)


الْمُؤَمَّلِ [ (3) ] ، أَنْبَأَنَا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي مَعْشَرٍ السُّلَمِيُّ بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ وَهُوَ خَالِدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يُقَالُ لَهُ: رُكَانَةُ وَكَانَ مِنْ أَقْتَلِ النَّاسِ وَأَشَدَّهُ وَكَانَ مُشْرِكًا وَكَانَ يَرْعَى غَنَمًا لَهُ فِي وَادٍ يُقَالُ لَهُ إِضَمٌ فَخَرَجَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ ذَاتَ يَوْمٍ فَتَوَجَّهَ قِبَلَ ذَلِكَ الْوَادِي فَلَقِيَهُ رُكَانَةُ وَلَيْسَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ فَقَامَ إِلَيْهِ رُكَانَةُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ الَّذِي تَشْتُمُ آلِهَتَنَا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَتَدْعُو إِلَى إِلَهِكَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ وَلَوْلَا رَحِمٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ مَا كَلَّمْتُكَ الْكَلَامَ- يَعْنِي أَقَتُلُكَ- وَلَكِنِ ادْعُ إِلَهِكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ يُنْجِيكَ مِنِّي وَسَأَعْرِضُ عَلَيْكَ أَمْرًا هَلْ لَكَ أَنْ أُصَارِعَكَ وَتَدْعُو إِلَهِكَ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ يُعِينَكَ عَلَيَّ فَأَنَا أَدْعُو اللَّاتَ وَالْعُزَّى فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشْرٌ مِنْ غَنَمِي هَذِهِ تَخْتَارَهَا فَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ إِنْ شِئْتَ! فَاتَّخَذَا، وَدَعَا نبي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَهَهُ الْعَزِيزَ الْحَكِيمَ أَنْ يعِينَهُ عَلَى رُكَانَةَ وَدَعَا رُكَانَةُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى:
أَعِنِّي الْيَوْمَ عَلَى مُحَمَّدٍ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَرَعَهُ وَجَلَسَ عَلَى صَدْرِهِ فَقَالَ رُكَانَةُ: قُمْ فَلَسْتَ أَنْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي هَذَا إِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَخَذَلَهُ اللَّاتُ وَالْعُزَّى وَمَا وَضَعَ جَنْبِي أَحَدٌ قَبْلَكَ. فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: عُدْ فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشْرٌ أُخْرَى تَخْتَارَهَا فَأَخَذَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَهَهُ كَمَا فَعَلَا أَوَّلَ مَرَّةٍ فَصَرَعَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَلَسَ عَلَى كَبِدِهِ فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: قُمْ فَلَسْتَ أَنْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي هَذَا إِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَخَذَلَهُ اللَّاتُ وَالْعُزَّى، وَمَا وَضَعَ جَنْبِي أَحَدٌ قَبْلَكَ، فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ عُدْ فَإِنْ أَنْتَ صَرَعْتَنِي فَلَكَ عَشْرٌ أُخْرَى تَخْتَارَهَا فَأَخَذَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَهَهُ فَصَرَعَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّالِثَةَ فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: لَسْتَ أَنْتَ الَّذِي فَعَلْتَ بِي هَذِهِ [ (4) ] وَإِنَّمَا فَعَلَهُ إِلَهُكَ
__________
[ (3) ] في (أ) و (ك) : «الموصل» .
[ (4) ] في (ح) و (ف) : «هذا» .

(6/252)


الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَخَذَلَهُ اللَّاتُ وَالْعُزَّى فَدُونَكَ ثَلَاثِينَ شَاةً مِنْ غَنَمِي فَاخْتَرْهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أُرِيدُ ذَلِكَ وَلَكِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى الْإِسْلَامِ يَا رُكَانَةُ وَأَنْفِسُ بِكَ أَنْ تَصِيرَ إِلَى النَّارِ إِنَّكَ إِنْ تَسْلَمْ تَسْلَمْ فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: لَا إِلَّا أَنْ تُرِيَنِي آيَةً فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ: اللهُ عَلَيْكَ شَهِيدٌ إِنْ أَنَا دَعَوْتُ رَبِّي فَأَرَيْتُكَ آيَةً لَتُجِيبَنَّنِي إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ! وَقَرِيبٌ مِنْهُ شَجَرَةُ سَمُرٍ ذَاتَ فُرُوعٍ وَقُضْبَانٍ فَأَشَارَ إِلَيْهَا نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وَقَالَ لَهَا: أَقْبِلِي بِإِذْنِ اللهِ فَانْشَقَّتْ بِاثْنَتَيْنِ فَأَقْبَلْتُ عَلَى نِصْفِ شِقِّهَا [ (5) ] وَقُضَبَانِهَا وَفُرُوعِهَا حَتَّى كَانَتْ بَيْنَ يَدَيْ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ رُكَانَةَ فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: أَرَيْتَنِي عَظِيمًا فَمُرْهَا فَلْتَرْجِعْ فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم عَلَيْكَ اللهُ شَهِيدٌ إِنْ أَنَا دَعَوْتُ رَبِّي- عَزَّ وَجَلَّ- أَمَرَ بِهَا فَرَجَعْتُ لَتُجِيبَنَّنِي إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ قَالَ: نَعَمْ! فَأَمَرَهَا فَرَجَعَتْ بِقُضْبَانِهَا وَفُرُوعِهَا حَتَّى الْتَأَمَتْ بِشِقِّهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: أَسْلِمْ تَسْلَمْ فَقَالَ لَهُ رُكَانَةُ: مَا بِي إِلَّا أَنْ أَكُونَ رَأَيْتُ عَظِيمًا وَلَكِنِّي أَكْرَهُ أَنْ تَتَحَدَّثَ نِسَاءُ الْمَدِينَةِ وَصِبْيَانُهُمْ أَنِّي إِنَّمَا جِئْتُكَ لِرُعْبٍ دَخَلَ قَلْبِي مِنْكَ وَلَكِنْ قَدْ عَلِمَتْ نِسَاءُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَصِبْيَانُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَضَعْ جَنْبِي قَطُّ وَلَمْ يَدْخُلْ قَلْبِي رُعْبٌ سَاعَةً قَطُّ لَيْلًا وَلَا نَهَارًا وَلَكِنْ دُونَكَ فَاخْتَرْ غَنَمَكَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ لِي حَاجَةٌ إِلَى غَنَمِكَ إِذْ أَبَيْتَ أَنْ تُسْلِمَ فَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَلْتَمِسَانِهِ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهُمَا أَنَّهُ قَدْ تَوَجَّهَ قِبَلَ وَادِي إِضَمٍ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ وَادِي رُكَانَةَ لَا يَكَادُ يُخْطِئُهُ فَخَرَجَا فِي طَلَبِهِ وَأَشْفَقَا أَنْ يَلْقَاهُ رُكَانَةُ فَيَقْتُلُهُ فَجَعَلَا يَصْعَدَانِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ وَيَتَشَرَّفَانِ مَخْرَجًا لَهُ إِذْ نَظَرا إِلَى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلًا فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللهِ! كَيْفَ تَخْرُجُ إِلَى هَذَا الْوَادِي وَحْدَكَ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ جِهَةُ رُكَانَةَ وَأَنَّهُ مِنْ أَقْتَلِ النَّاسِ وَأَشَدِّهِمْ تَكْذِيبًا لَكَ فَضَحِكَ إِلَيْهِمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: أَلَيْسَ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَصِلْ إِلَيَّ وَاللهُ مَعِي فَأَنْشَأَ يحَدِّثُهُمَا حَدِيثَهُ وَالَّذِي فَعَلَ بِهِ وَالَّذِي أَرَاهُ فَعَجِبَا من
__________
[ (5) ] في (ح) : «ساقها» .

(6/253)


ذَلِكَ فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَصَرَعْتَ رُكَانَةَ فَلَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ وَضَعَ جَنْبَهُ إِنْسَانٌ قَطُّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: إِنِّي دَعَوْتُ رَبِّي فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ وَإِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَعَانَنِي بِبُضْعَ عَشْرَةَ وَقُوَّةَ عَشَرَةٍ.
أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا: عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ [ (6) ] وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ إِلَّا أَنَّ مَعَهَ مَا يُؤَكِّدُ حَدِيثَهُ وَاللهُ أَعْلَمُ.
__________
[ (6) ] عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ الشَّامِيُّ قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس ثقة، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، وقال الدارقطني متروك الميزان (3: 161) .

(6/254)


بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرُّمَاةِ ارْمُوا وَأَنَا مع ابن الأذرع وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ
أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ، وإسماعيل بن إسرائيل اللُّؤْلُؤِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى نَاسٍ مِنْ أسلم ينتفلون فَقَالَ: حَسَنٌ هَذَا اللهْوُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ارْمُوا وأنا مع ابن الأذرع فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ بِأَيْدِيهِمْ فَقَالُوا: لَا وَاللهِ لَا نَرْمِي مَعَهُ وَأَنْتَ مَعَهُ يَا رَسُولَ اللهِ إِذًا يَفْضُلُنَا فَقَالَ: ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ جَمِيعًا فَقَالَ: لَقَدْ رَمَوْا عَامَّةً يَوْمَهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ تَفَرَّقُوا عَلَى السَّوَاءِ مَا فَضَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا [ (1) ] . وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ سُلَيْمَانَ.
__________
[ (1) ] «السنن الكبرى» (10: 17) .

(6/255)


بَابُ مَا جَاءَ فِي إسْمَاعِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم خطبته العوائق فِي خُدُورِهِنْ [ (1) ] وَهُوَ فِي مَوْضِعِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ
أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ [بْنِ إِبْرَاهِيمَ] [ (2) ] أَنْبَأَنَا أحمد ابن إِبْرَاهِيمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سَلَّامٍ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم خطبة أسمع العوائق فِي خُدُورِهَا، - أَوْ قَالَ فِي بُيُوتِهَا- فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلٍ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتْبَعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتْبَعِ اللهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ يَتْبَعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جَمَاعَةُ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَلَّامٍ
[ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الله الحافظ وأبو سعيد بن أَبِي عَمْرٍو قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنَا فَضَالَةُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُجَمِّعٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: اجْلِسُوا فَسَمِعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ قَوْلَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم اجلسوا
__________
[ (1) ] كذا في (ح) وفي بقية النسخ: «خدورها» .
[ (2) ] ليست في (ح) .
[ (3) ] رواه الإمام أحمد في «مسنده» (4: 424) عَنْ يَحْيَى بْنِ آدَمَ.

(6/256)


فَجَلَسَ فِي بَنِي غُنْمٍ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! ذَاكَ ابْنُ رَوَاحَةَ سَمِعَكَ وَأَنْتَ تَقُولُ لِلنَّاسِ: اجْلِسُوا، فَجَلَسَ فِي مَكَانِهِ.
وَرُوِيَ مُرْسَلًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَمَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِئُ أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَنْبَأَنَا ثَابِتٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي لَيْلَى أَنَّ عَبْدَ اللهِ ابن رَوَاحَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ يَخْطُبُ فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُولُ: اجْلِسُوا فَجَلَسَ مَكَانَهُ خَارِجًا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى فَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم مِنْ خُطْبَتِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: زَادَكَ اللهُ حِرْصًا عَلَى طَوَاعِيَةِ اللهِ- تَعَالَى- وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِهِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عَلِيٍّ السِّقَاءُ أَنْبَأَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادِ الْقَطَّانُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم وَأَنَا عَلَى عَرِيشِ أَهْلِي.
وأخبرنا أبو عبد الله الْحَافِظُ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى قالا: حدثنا أبو العابس- هُوَ الْأَصَمُّ- حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ- هُوَ الدُّورِيُّ- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ، قَالَ: نَزَلْتُ أَنَا وَمُجَاهِدُ عَلَى يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ بْنِ أُمِّ هَانِئٍ فَحَدَّثَنَا عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: كُنَّا نَسْمَعُ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَأَنَا عَلَى عريشي [ (4) ] .
__________
[ (4) ] جاء هنا في النسخة (أ) : تم الجزء السابع وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ويليه الجزء الثامن وأوّله: جُمَّاعُ أَبْوَابِ أَسْئِلَةِ الْيَهُودِ وَغَيْرِهِمْ وَاسْتِبْرَائِهِمْ عَنْ أَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ وَإِسْلَامِ مَنْ هُدِيَ للإسلام منهم.

(6/257)