دلائل النبوة للبيهقي محققا

الجزء السابع
السفر السابع من دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة* جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ شَيْئًا مِنْ آثَارِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم على عهده.
* جُمَّاعُ أَبْوَابِ كَيْفِيَّةِ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَظُهُورِ آثَارِهِ عَلَى وَجْهِهِ، وَمَنْ رَأَى جِبْرِيلَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- من أصحابه.
جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَرَضِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم ووفاته.

(7/5)


جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَنْ رَأَى فِي مَنَامِهِ شَيْئًا مِنْ آثَارِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم على عَهْدِهِ وَمَا ظَهَرَ فِي ذَلِكَ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى صِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ عَنْهُ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ وَغَيْرِهَا- وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْعَلَوِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّرْقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ.
(ح) وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ- رَحِمَهُ اللهُ-، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قَالَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا من النبوة» [ (1) ] .
__________
[ (1) ] الحديث أخرجه البخاري في: 91- كتاب التعبير، (2) باب رؤيا الصالحين، الحديث (6983) ، فتح الباري (12: 361) عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ أَنَسِ.
أعاده البخاري بعده في باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النبوة، عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ غندر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس ثم أخرجه البخاري أيضا بعده في باب من رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أنس.
أخرجه مسلم في: 42- كتاب الرؤيا، الحديث (6) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عن أيوب، قال ابو هريرة ... ثم أخرجه بعده الحديث (7) ، ص (1774) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وعن ابي هريرة، عن ابن عمر بلفظ «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» .

(7/7)


__________
[ () ] وأخرجه أبو داود في الأدب، باب ما جاء في الرؤيا الحديث (5018) من حديث عبادة بن الصامت (4: 304) ..
وأخرجه الترمذي وابن ماجة كلاهما في أول كتاب الرؤيا، والإمام أحمد في «مسنده» (2: 18، 50، 219، 232) ، و (4: 10) و (5: 316) .
والحديث في موطأ مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن انس، في أول كتاب الرؤيا (2: 956) .
قال البدر العيني شارحا للحديث في عمدة القارئ (24: 131- 132) : قوله جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة قال الكرماني قوله من النبوة اي في حق الأنبياء دون غيرهم وكان الأنبياء يوحي إليهم في منامهم كما يوحي إليهم في اليقظة وقيل معناه ان الرؤيا تأتي على موافقة النبوة لا انها جزء باق من النبوة.
وقال الزجاج تأويل قوله جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ان الأنبياء عليهم السلام يخبرون بما سيكون الرؤيا تدل على ما يكون.
وقال الخطابي ناقلا عن بعضهم ما ملخصه ان أول ما بدئ به الوحي الى ان توفي ثلاث وعشرون سنة اقام بمكة ثلاث عشرة سنة وبالمدينة عشرا وكان يوحي اليه في منامه في أول الأمر بمكة ستة أشهر وهي نصف سنة فصارت هذه المدة جزءا من ستة وأربعين جزءا من النبوة بنسبتها من الوحي في المنام.
ثم اعلم ان قوله جزء من ستة وأربعين جزءا هو الذي وقع في أكثر الأحاديث.
وفي رواية لمسلم من حديث ابن هريرة جزء من خمسة وأربعين وفي رواية له من حديث ابن عمر جزء من سبعين جزءا وكذا أخرجه ابن ابي شيبة عن ابن مسعود موقوفا.
وأخرجه الطبراني عنه من وجه آخر مرفوعا للطبراني من وجه آخر عنه من ستة وسبعين وسنده ضعيف وأخرجه ابن عبد البر من طريق عبد العزيز بن المختار، عن ثابت، عن انس مرفوعا جزء من ستة وعشرين.
واخرج احمد وابو يعلى حديثا في هذا الباب وفيه قال ابن عباس: اني سمعت العباس بن عبد المطلب يقول سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من المؤمن جزء من خمسين جزءا من النبوة.
وأخرجه الترمذي والطبري من حديث ابي ذر بن العقيلي جزء من أربعين.
وأخرجه الطبري من وجه آخر عن ابن عباس أربعين.
واخرج الطبري ايضا من حديث عبادة جزء من اربعة وأربعين واخرج ايضا احمد من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص جزء من تسعة وأربعين وذكر القرطبي في المفهم بلفظ سبعة بتقديم السين فحصلت من هذه عشرة أوجه.
ووقع في شرح النووي وفي رواية عبادة اربعة وعشرون وفي رواية ابن عمر ستة وعشرون وقيل جاء فيه اثنان وسبعون واثنان وأربعون وسبعة وعشرون وخمسة وعشرون فعلى هذا ينتهي العدد الى ستة عشر وجها وأجاب من تكلم في بيان وجه الاختلاف الاعداد بانه وقع بحسب الوقت الذي حدث فيه

(7/8)


رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى، عَنْ أَبِي دَاوُدَ.
وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٌ وَغَيْرِهِ عَنْ شُعْبَةَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بِشْرَانَ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» [ (2) ] .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَى ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» [ (3) ] .
أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فَذَكَرَهُ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ
[ (4) ] .
__________
[ () ] النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كان يكون لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجيء الوحي اليه حدث بان الرؤيا جزء من ستة وعشرين ان ثبت الخبر بذلك وذلك وقت الهجرة ولما أكمل عشرين حدث بأربعين ولما أكمل اثنين وعشرين حدث باربعة وأربعين ثم بعدها بخمسة وأربعين ثم حدث بستة وأربعين في آخر حياته وأما ما عدا ذلك من الروايات بعد الأربعين فضعيف ورواية الخمسين يحتمل أن تكون الجبر والكسر ورواية السبعين للمبالغة وما عدا ذلك لم يثبت والله أعلم.
[ (2، 3، 4) ] راجع (1) .

(7/9)


بَابُ رُؤْيَةِ [ (1) ] عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فِي مَنَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَهْلِ بْنُ زِيَادٍ
__________
[ (1) ] تقدمة لهذا الموضوع أرى ان استشهد بما سئل عنه ابن الصلاح في موضوع الرؤيا والحلم، سئل رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ قوله تبارك وتعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ.
الى آخر الآية [42- الزمر] .
قال المستفتي يريد تفسيرها على الوجه الصحيح بحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الصحاح، او بما أجمع اهل الحق على صحته، وقوله تبارك وتعالى: «قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ» * وما معنى أضغاث أحلام؟ ومن أين يفهم المنام الصالح من المنام الفاسد؟.
أجاب- رضي الله عنه- اما قوله تبارك وتعالى: «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ» الآية فتفسيره: الله يقبض الأنفس حين انقضاء أجلها بموت أجسادها، والتي يقبضها ايضا عند نومها، فيمسك التي قضى عليها الموت بموت أجسادها فلا يردها الى أجسادها، ويرسل الأخرى التي لم تقبض بموت أجسادها حتى تعود الى أجسادها الى أن يأتي المسمى لموتها. «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» لدلالات المتفكرين على عظيم قدرة الله سبحانه، وعلى امر البعث فان الاستيقاظ بعد النوم شبيه به ودليل عليه.
نقل أن في التوراة: يا ابن آدم كلما تنام تموت، وكلما تستيقظ تبعث،، فهذا واضح والذي يشكل في ذلك أن النفس المتوفاة في المنام أهي الروح المتوفاة عند الموت؟ أم هي غيرها؟ فان كانت هي الروح فتوفيها في النوم يكون بمفارقتها الجسد أم لا؟ وقد اعوز الحديث الصحيح والنص الصريح والإجماع ايضا لوقوع الخلاف فيه بين العلماء (فمنهم) من يرى ان للإنسان نفسا تتوفى عند منامه غير النفس التي هي الروح، والروح لا تفارق الجسد عند النوم، وتلك النفس المتوفاة في النوم هي التي يكون بها التمييز والفهم، وأما الروح فبها تكون الحياة ولا تقبض الا عند الموت، ويروي معنى هذا عن ابن عباس- رضي الله عنهما-.

(7/10)


__________
[ () ] (ومنهم) من ذهب إلى أن النفس التي تتوفى عند النوم هي الروح نفسها، واختلف هؤلاء في توفيها (فمنهم) من يذهب الى ان معنى وفاة الروح بالنوم قبضها عن التصرفات مع بقائها في الجسد، وهذا موافق للأول من وجه ومخالف من وجه وهو قول بعض اهل النظر ومن المعتزلة، (ومنهم) من ذهب الى ان الروح تتوفى عند النوم بقبضها من الجسد ومفارقتها له، وهذا الذي نجيب به وهو الأشبه بظاهر الكتاب والسنة.
وقد أخبرنا الشيخ ابو الحسن بن أبي الفرج النيسابوري بها قال: أخبرنا جدي ابو محمد العباس بن محمد الطوسي، عن القاضي أبي سعيد الفرخزاذي، عن الإمام أبي إسحاق: احمد بن محمد الثعلبي- رحمه الله تعالى- قال قال المفسرون: ان أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله، فإذا أرادت جميعها الرجوع الى أجسادها امسك الله أرواح الأموات عنده، وحبسها، وأرسل أرواح الأحياء حتى ترجع الى أجسادها.
ولفظ هذا الإمام في هذا الشأن يعطي ان قول اكثر اهل العلم بهذا الفن، وعند هذا، فيكون الفرق بين القبضتين والوفاتين ان الروح في حالة النوم تفارق الجسد على انها تعود اليه فلا تخرج خروجا ينقطع به العلاقة بينها وبين الجسد، بل يبقى أثرها الذي هو حياة الجسد باقيا فيه فأما في حالة الموت فالروح تخرج من الجسد مفارقة له بالكلية فلا تخلف فيه شيئا من أثرها، فلذلك تذهب الحياة معها عند الموت دون النوم، ثم ان ادراك كيفية ذلك والوقوف على حقيقته متعذر فانه من امر الروح، وقد استأثر بعلمه الجليل- تبارك وتعالى- فقال سبحانه: «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» .
وأما قوله- تبارك وتعالى: «قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ» فان الأضغاث جمع ضغث وهو الحزمة التي تقبض بالكلف من الحشيش. ونحوه، والأحلام جمع حلم وهي الرؤيا مطلقا، وقد تختص بالرؤيا التي تكون من الشيطان، ولما
روى في حديث: «للرؤيا من الله، والحلم من الشيطان»
فمعنى الآية، أنهم قالوا للملك: ان الذي رأيته أحلام مختلطة ولا يصح تأويلها.
وقد أفرد بعض أهل التعبير اصطلاحا لأضغاث أحلام فذكر أن من شأنها انها لا تدل على الأمور المستقبلة وانما تدل على الأمور الحاضرة والماضية، ونجد معها ان يكون الرأي خائفا من شيء، أو راجيا لشيء، وفي معنى الخوف والرجاء الحزن على شيء والسرور بشيء، فإذا أنام من اتصف بذلك لذلك رأى في نومه ذلك الشيء بعينه أن يكون خاليا من شيء هو محتاج اليه كالجائع والعطشان يرى في نومه كأنه يأكل ويشرب او يكون ممتلئا من شيء فيرى كأنه بتجنبه كالممتلئ من الطعام يرى كأمه يقذف، وذكر ان هذه الأمور الاربعة مهما سلم الرأي منها في رؤياه لا تكون من أضغاث الأحلام التي لا تعبير لها، وهذا الذي ذكره ضابط حسن لو سلم في طرفيه، لكن الحصر شديدة وما ذكره فعنده من المنامات الفاسدة شاركته في الاندراج في قبيل الأضغاث.
وأما سؤاله: من أين يفهم المنام الصالح من المنام الفاسد؟ فإن للرؤيا الفاسدة أمارات يستدل بها عليها، وما تقدم حكايته في شرح أضغاث الأحلام طرف منها.

(7/11)


__________
[ () ] (فمنها) ان يرى ما لا يكون كالمحالات وغيرها مما يعلم انه لا يوجد بأن الله- سبحانه وتعالى- على صفة مستحيلة عليه، أو يرى نبيا يعمل عمل الفراعنة، أو يرى قولا لا يحل التفوه به، ومن هذا القبيل ما جاء
في الحديث الصحيح من أن رجلا قال لرسول الله صلّى الله عليه وسلم: «اني رأيت رأسي قطع وانا اتبعه» الحديث المعروف،
وهذه هي الرؤيا الشيطانية التي ورد الحديث بأنها تحزين من الشيطان أو تلعب منه بالإنسان، ومن هذا النوع الاحتلام فانه من الشيطان، ولهذا لا تحتلم الأنبياء عليهم السلام.
ومن أمارات الرؤيا الفاسدة ان يكون ما رآه في النوم قد رآه في اليقظة وأدركه حسه بعهد قريب قبل نومه وصورته باقية في خياله فيراه بعينها في نومه.
(ومنها) ان يرى ما قد حدثته به نفسه في اليقظة ويكون مما تفكر فيه قبل النوم بمدة قريبة: اما مما قد مضى، او من الحالي، او مما ينتظر في المستقبل.
(ومنها) ان يكون ما رآه مناسبا لما هو عليه من تغيير المزاج بأن تغلب عليه الحرارة من الصفراء فيرى في نومه النيران والشمس المحرقة، أو يغلب عليه البرودة فيرى الثلوج، او يغلب عليه الرطوبة فيرى الأمطار والمياه، او يغلب عليه اليبوسة والسوداء فيرى الأشياء المظلمة والأهوال، فالرؤيا السوداوية، فجميع هذه الأنواع فاسدة لا تعبير لها، فإذا سلم الإنسان في رؤياه من هذه الأمور وغلب على الظن سلامة رؤياه من الفساد ووقعت العناية بتعبيرها، وإذا انضم الى ذلك كونه من اهل الصدق والصلاح قوى الظن بكونها صادقة صالحة
وفي الحديث الثابت عنه صلّى الله عليه وسلم «أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا» .
ومن امارات صدقها من حيث الزمان كونها في الأسحار
لحديث ابي سعيد الخدري- رضي الله عنه- أصدق الرؤيا بالأسحار» .
وكونها عند اقتراب الزمان ل
قوله صلّى الله عليه وسلم فيما صح عنه: «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب» .
واقتراب الزمان قيل: هو اعتداله وقت استواء الليل والنهار، ويزعم المعبرون ان أصدق الرؤيا ما كان ايام الربيع، وقيل: اقتراب الزمان قرب قيام الساعة، ومن امارات صلاحها: ان يكون تبشير بالثواب على الطاعة، او تحذير من المعصية، ثم ان القطع على الرؤيا بكونها صالحة لا سبيل اليه انما هو غلبة الظن، ونظير ذلك من حال اليقظة الخواطر، ومعلوم ان ادراك ما هو حق منها مما هو باطل وعر الطريق ان نظن إلا ظنا والله أعلم.
وقال ابن عباس: ان أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام فتتعارف ما شاء الله منها، فإذا أراد جميعها الرجوع الى الأجساد امسك الله أرواح الأموات عنده، وأرسل أرواح الأحياء الى أجسادها، وفي ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس، فالنفس التي بها العقل والتمييز، والروح التي بها النفس والتحريك، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولمن يقبض روحه.
وقال علي- رضي الله عنه- فما رأته نفس النائم وهي في السماء قبل إرسالها الى جسدها فهي الرؤيا

(7/12)


الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَرْبِيُّ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانُوا يَقُصُّونَهَا عَلَيْهِ، فَيَقُولُ فِيهَا مَا شَاءَ اللهُ
وَأَنَا غُلَامٌ حَدِيثُ السِّنِّ، أَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي:
لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلَاءِ، فَقُلْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ: اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيَّ خَيْرًا فَأَرِنِي رُؤْيَا، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَتَانِي مَلَكَانِ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ [ (2) ] مِنْ حَدِيدٍ يَغْتَالَانِي إِلَى جَهَنَّمَ فَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ، ثُمَّ أَرَانِي لَقِيَنِي مَلَكٌ فِي يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَقَالَ: لَنَ نزاع نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ. لَوْ كُنْتَ تُكْثِرُ الصَّلَاةَ، فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى وَقَفُوا بِي عَلَى جَهَنَّمَ [ (3) ] وَهِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَيِّ الْبِئْرِ لَهَا قُرُونٌ كَقُرُونِ الْبِئْرِ عَلَى كُلِّ قَرْنٍ مَلَكٌ مَعَهُ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ وَإِذَا فِيهَا رجال معلّقون بالسلاسل رؤوسهم أَسْفَلَهُمْ، فَعَرَفْتُ فِيهَا رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَانْصَرَفُوا بِي ذَاتَ الْيَمِينِ. فَقَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: «أَرَى عَبْدَ اللهِ رَجُلًا صَالِحًا» .
قَالَ نَافِعٌ [ (4) ] : فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلَاةَ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي قُدَامَةَ، عَنْ عفان [ (5) ] .
__________
[ () ] الصادقة، وما رأته بعد إرسالها وقبل استقرارها في جسدها تلقيها الشياطين، وتخيل إليها الأباطيل فهي الرؤيا الكاذبة.
وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قال: كما تنامون فكذلك تموتون وكما توقظون فكذلك تبعثون.
وسئل رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ الله أينام اهل الجنة؟
قال: لا النوم أخو الموت: والجنة لا موت فيها «الدارقطني» .
[ (2) ] (مقمعة) هي عمود أو شيء كالمحجن يضرب به رأس الفيل، وقيل: هي كالسوط من حديد رأسها معوج، وقال الداودي هي المقرعة.
[ (3) ] في صحيح البخاري: «شفير جهنم» .
[ (4) ] وفي الرواية الأخرى: «قال الزُّهْرِيِّ» .
[ (5) ] أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي: 91- كتاب تعبير الرؤيا (35) باب الأمن وذهاب الرّوع في المنام، فتح

(7/13)


أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ.
(ح) قَالَ: وحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ ابن يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ فِي يَدِهِ قِطْعَةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَلَا يُرِيدُ مِنَ الْجَنَّةِ مَكَانًا إِلَّا طَارَتْ بِهِ إِلَيْهِ وَرَأَى أَنَّهُ ذُهِبَ بِهِ إِلَى النَّارِ فَأَسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ:
دَعْهُ فَإِنَّهُ نِعْمَ الرَّجُلُ لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فَقَصَّتْ حَفْصَةُ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ: «إِنَّ أَخَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ» .
قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللهِ يُطِيلُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ أَبِي النعمان، عن حماد [ (6) ] .
__________
[ () ] الباري (12: 418) .
وأخرجه مسلم فِي: 44- كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ (31) باب من فضائل عبد الله بن عمر، الحديث (140) ، ص (1927- 1928) ، وفي آخره: «قال سالم: فكان عبد الله- بعد ذلك- لا ينام من الليل إلا قليلا.»
وأخرجه ابن ماجة في الرؤيا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، عَنْ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرِ.
[ (6) ] انظر الحاشية السابقة.

(7/14)


بَابُ رُؤْيَةِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي مَنَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ومُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ، وَيَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، وَحَيْوَةَ بْنِ شريح، عن يزيد ابْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيَّ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ التَّيْمِيِّ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَلِيٍّ قَدِمَا عَلَى رَسُولِ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ إِسْلَامُهُمَا مَعًا [ (1) ] وَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنَ الْآخَرِ، فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً، ثُمَّ تُوُفِّيَ.
فَقَالَ طَلْحَةُ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ- يَعْنِي فِي النَّوْمِ- إِذَا أَنَا بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنَ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي مَاتَ الآخر منهما، ثم رج فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ.
فَأَصْبَحَ طَلْحَةُ، فَحَدَّثَ النَّاسَ فَعَجِبُوا فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ الله صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
«مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ» ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا الَّذِي كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ
__________
[ (1) ] في «سنن ابن ماجة» : «جميعا» .

(7/15)


اجْتِهَادًا فَاسْتُشْهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَدَخَلَ الْآخَرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟ قَالُوا: بَلَى! وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ؟ قَالُوا. بَلَى! قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» .
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. وَقِيلَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي رُؤْيَا طَلْحَةَ مَوْصُولًا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مرسل حسن [ (2) ] .
__________
[ (2) ] وأخرجه ابن ماجة في: 35- كتاب تعبير الرؤيا (10) باب تعبير الرؤيا، الحديث (3925) ، ص (2: 1294- 1295) .
وقال في الزوائد: «رجال إسناده ثقات إلا أنه منقطع» .
قال علي بن المديني: «ابو سلمة لم يسمع من طلحة شيئا» .

(7/16)


بَابُ رُؤْيَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ الْأَنْصَارِيِّ [ (1) ]- رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فِي مَنَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبراهيم ابن الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَبْدُ الله ابن زَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ، طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ- يَعْنِي بَيْنَنَا رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ-، فَقُلْتُ:
يَا عَبْدَ اللهِ! أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ: وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ.
قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى! قَالَ، فَقَالَ: تَقُولُ:
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ. اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
__________
[ (1) ] هُوَ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ بن ثعلبة الانصاري الخزرجي المدني البدري، من سادة الصحابة، شهد العقبة وبدرا، وهو الذي اري الأذان- كما سيأتي في الحديث- كان ذلك فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الهجرة، له أحاديث يسيرة وتوفي سنة اثنتين وثلاثين.
ترجمته في طبقات ابن سعد (3: 536) ، وتاريخ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ الْفَسَوِيُّ (1: 260) ، العبر للذهبي (1: 33) ، تهذيب التهذيب (5: 223) ، الاصابة (2: 312) .

(7/17)


قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ تَقُولُ إِذَا أَقَمْتَ الصَّلَاةَ:
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ. قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٌّ إِنْ شَاءَ اللهُ فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْكَ فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ. قَالَ: فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- وَهُوَ فِي بَيْتِهِ- فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا أَرَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» [ (2) ] .
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ، فِي الْإِقَامَةِ.
وَرَوَاهُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَقَدْ أَعْجَبَنِي أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْمُسْلِمِينَ- أَوِ الْمُؤْمِنِينَ- وَاحِدَةً حَتَّى لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَبُثَّ رِجَالًا فِي الدُّورِ يُنَادُونَ النَّاسَ بِحِينِ الصَّلَاةِ، وَحَتَّى هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رِجَالًا يَقُومُونَ عَلَى الْآطَامِ يُنَادُونَ الْمُسْلِمِينَ بِحِينِ الصَّلَاةِ حَتَّى نَقَّسُوا أَوْ كَادُوا يُنَقِّسُوا، قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي لَمَّا رَجَعْتُ- لِمَا رَأَيْتُ مِنَ اهْتِمَامِكَ- رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَقَامَ عَلَى الْمَسْجِدِ، فَأَذَّنَ، ثُمَّ قَعَدَ قَعْدَةً، ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ مِثْلَهَا، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ لَقُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ يَقِظًا غَيْرَ نَائِمٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَاكَ اللهُ خَيْرًا فَمُرْ بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ. قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: أَمَا إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى، وَلَكِنِّي لما سبقت استحييت.
__________
[ (2) ] أخرجه ابو داود (499) في كتاب الصلاة، وابن ماجة الحديث (708) ، والإمام احمد في «مسنده» (4: 43) ، والبيهقي في السنن الكبرى (1: 390) .

(7/18)


أَخْبَرَنَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى فَذَكَرَهُ.

(7/19)


بَابُ رُؤْيَا أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْمَنَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ علي بن محمد المقري، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي أَقْرَأُ سُورَةَ (ص) ، فَلَمَّا أَتَيْتُ عَلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ كُلُّ شَيْءٍ رَأَيْتُ: الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ وَاللَّوْحُ فَعَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ فَأَمَرَ بِالسُّجُودِ فِيهَا [ (1) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بن حمشاد بْنِ سَخْتَوَيْهِ الْعَدْلُ، سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ أَبُو بَكْرٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ: يَا حَسَنُ! حَدَّثَنِي جَدُّكَ عُبَيْدُ اللهِ بن أبي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنِّي أَصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ فَقَرَأْتُ (ص) فَلَمَّا أَتَيْتُ عَلَى السَّجْدَةِ سَجَدْتُ فَسَجَدَتِ الشَّجَرَةُ فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: اللهُمَّ اكْتُبْ
__________
[ (1) ] نقله السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 179) وعزاه للمصنف.

(7/20)


لِي بِهَا عِنْدَكَ ذِكْرًا وَاجْعَلْ لِي بِهَا عِنْدَكَ زُخْرًا وَأَعْظِمْ لِي بِهَا عِنْدَكَ أَجْرًا، قَالَ:
فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وَسَلَّمَ قَرَأَ (ص) فَلَمَّا أَتَى عَلَى السَّجْدَةِ سَجَدَ قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ مَا أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ.

(7/21)


بَابُ رُؤْيَةِ الطُّفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ [ (1) ] فِي مَنَامِهِ. مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ علي المقري، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ طُفَيْلِ بْنِ سَخْبَرَةَ أَخِي عَائِشَةَ لِأُمِّهَا، قَالَ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أَتَيتُ عَلَى رَهْطٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: نَحْنُ الْيَهُودُ فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ عُزَيرٌ ابْنُ اللهِ فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ. ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى رَهْطٍ مِنَ النَّصَارَى فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتُمْ؟
فَقَالُوا: نَحْنُ النَّصَارَى، فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنْ تَقُولُوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، فَقَالُوا: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ الْقَوْمُ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُولُونَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ بِهِ نَاسًا ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِهَا،
فَقَالَ: هَلْ أَخْبَرْتَ بِهَذَا أَحَدًا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ! فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم خَطِيبًا فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا فَأَخَبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ وَإِنَّكُمْ تَقُولُونَ: كَلِمَةً وَكَانَ يَمْنَعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ عَنْهَا فَلَا تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ محمد
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] هو الطفيل بن سخبرة الأزدي حليف قريش، قال ابن حبان: «له صحبة» وقال الواقدي: «هو أخو عائشة لأمها ام رومان واكبر منها ومن أخيها عبد الرحمن. الإصابة (2: 224- 225) .
[ (2) ] أخرجه ابن ماجة في: 11- كتاب الكفارات (13) باب النهي أن يقال ما شاء الله وشئت، الحديث (2118) ، ص (1: 685) عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عن الطفيل بن سخبرة.

(7/22)


بَابُ رُؤْيَةِ الْأَنْصَارِيِّ فِي الْمَنَامِ ومَا يَدُلُّ [ (1) ] عَلَى ذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنَا الحسن ابن مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّهُ قَالَ: أُمِرْنَا [ (2) ] أَنْ نُسَبِّحَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنَحْمَدَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَنُكَبِّرَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، قَالَ:
فَأُتِيَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي نَوْمِهِ فَقِيلَ لَهُ: أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُسَبِّحُوا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَافْعَلُوا
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] في (ف) : «ما يدل» .
[ (2) ] في سنن النسائي: «أمروا ... ويحمدوا» .
[ (3) ] ورد في سنن النسائي (3: 76) بحديثين منفصلين عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: والحديث الثاني عن ابن عمر، ونصهما:
أخبرنا موسى بن حزام الترمذي قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدم عن ابن إدريس عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ أمروا أن يسبحوا دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وثلاثين ويحمدوا ثلاثا وثلاثين ويكبروا أربعا وثلاثين فَأَتَى رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ في منامه فَقِيلَ لَهُ أَمَرَكُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم إن تسبحوا دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وثلاثين وتحمدوا ثلاثا وثلاثين وتكبروا أربعا وثلاثين قَالَ: نَعَمْ قَالَ فَاجْعَلُوهَا خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَاجْعَلُوا فِيهَا التَّهْلِيلَ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فقال اجعلوها كذلك.
أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عبد الكريم أبو زرعة الرازي قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عبد الله بن يونس قال حدثني علي بن الفضيل بن عياض عن عبد العزيز ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن رجلا رأى فيما يرى

(7/23)


__________
[ () ] النائم قيل له بأي شيء أمركم نبيكم صلّى الله عليه وسلم قال أمرنا أن نسبح ثلاثا وثلاثين ونحمد ثلاثا وثلاثين ونكبر أربعا وثلاثين فتلك مائة قال سبحوا خمسا وعشرين واحمدوا خمسا وعشرين وكبروا خمسا وعشرين وهللوا خمسا وعشرين فتلك مائة فلما أصبح ذكر ذلك النبي صلّى الله عليه وسلم فقال رسول الله افعلوا كما قال الأنصاري.

(7/24)


بَابُ رُؤْيَةِ مَنْ رَأَى أَبَا أُمَامَةَ [ (1) ] تُصَلِّي عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ كُلَّمَا دَخَلَ وَكُلَّمَا خَرَجَ لِإِكْثَارِهِ مِنْ ذَكَرَ اللهُ- عَزَّ وَجَلَّ-
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْفٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي أُمَامَةَ، فَقَالَ: يَا أَبَا أُمَامَةَ! إِنِّي رَأَيْتُ فِي مَنَامِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْكَ كُلَّمَا دَخَلْتَ وَكُلَّمَا خَرَجْتَ وَكُلَّمَا قُمْتَ وَكُلَّمَا جَلَسْتَ. قَالَ أَبُو أُمَامَةَ: اللهُمَّ غَفْرًا.
دَعُونَا عَنْكُمْ، وَأَنْتُمْ لَوْ شِئْتُمْ صَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ، ثُمَّ قَرَأَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [ (2) ] .
__________
[ (1) ] هو صدي بن عجلان بن الحارث، أبو أمامة الباهلي تقدمت ترجمته من الإصابة (2: 182) في بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَائِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم لأبي أمامة في السفر السادس من هذا الكتاب.
وله ترجمة في طبقات ابن سعد (7: 411) ، والمحبّر (291) ، ومشاهير علماء الأمصار (327) ، والجمع بين رجال الصحيحين (1: 226) ، والعبر (1: 101) ، ومرآة الجنان (1:
177) ، البداية والنهاية (9: 73) وتهذيب التهذيب (4: 420) شذرات الذهب (1: 96) ، وتهذيب تاريخ دمشق الكبير (6: 419) .
[ (2) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (9: 387) ، وقال: «رواه الطبراني بإسنادين، وإسناد الأولى حسن، فيها أبو غالب، وقد وثق، ورواه الحاكم في «المستدرك» (3: 641) من طريق في سنده: صدقة بن هرمز ضعيف، لكنه متابع.

(7/25)


بَابُ رُؤْيَةِ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ فِي مَنَامِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَمَا ظَهَرَ مِنْ صِدْقِهَا فِي رُؤْيَاهَا
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَحْمَوَيْهِ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ خرّزاد الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ.
(ح) وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا تَمْتَامٌ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ غَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى- يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ-، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ، فَإِذَا رَأَى الرَّجُلَ الَّذِي لَا يُعْرَفُ سَأَلَ عَنْهُ، فَإِذَا أُثْنِيَ عَلَيْهِ خَيْرًا كَانَ أَعْجَبَ إِلَيْهِ، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! أُتِيتُ وَأَنَا فِي أَهْلِي فَانْطُلِقَ بِي حَتَّى دَخَلْنَا الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ وَجْبَةً ارْتَزَّتْ لَهَا الْجَنَّةُ، فَإِذَا أَنَا بِفُلَانِ ابن فُلَانٍ، وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، وَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، حَتَّى عَدَّتِ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا قَدْ جِيءَ بِهِمْ تَشْخُبُ أَوْدَاجُهُمْ، عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ طُلْسٌ، فَقِيلَ لَهُمُ: اذْهَبُوا بِهِمْ إِلَى نَهْرِ كَذَا. قَالَ: وقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً فَخَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ النَّهَرِ وُجُوهُهُمْ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَأُتُوا بِكَرَاسِيَّ مِنْ ذَهَبٍ فَقَعَدُوا عَلَيْهَا ثُمَّ أُتُوا بِصَحْفَةٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهَا بُسْرَةٌ فَأَكَلُوا مِنْ بُسْرِهَا مَا شَاءُوا. قال: وما أعلمه إِلَّا قَالَتْ: فَلَا يَقْلِبُوهَا مِنْ شِقٍّ إِلَّا أَكَلُوا مِنْ فَاكِهَةٍ مَا أَرَادُوا وَأَكَلْتُ مَعَهُمْ فَجَاءَ الْبَشِيرُ مِنْ تِلْكَ السَّرِيَّةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! كَانَ مِنْ أَمْرِنَا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَ مِنْ أَمْرِنَا كَذَا،

(7/26)


وَاسْتُشْهِدَ فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، حَتَّى عَدَّ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ السَّرِيَّةِ.
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيَّ بِالْمَرْأَةِ، فَجَاءَتْ فَقَالَ: قُصِّي رُؤْيَاكِ عَلَى هَذَا فَجَاءَ الرَّجُلُ فَقَالَ: إِنَّهُ لَكَمَا قَالَتْ.
لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ عُبَيْدٍ الصفار [ (1) ] .
__________
[ (1) ] حديث: كانت تعجب النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا الحسنة ... أخرجه النسائي في السنن الكبرى عن محمد ابن عبد الله المخرّمي، عن أبي هشام المخزومي، ذكره المزي في تحفة الأشراف (1: 138) .

(7/27)


بَابُ رُؤْيَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ [رَضِيَ اللهُ عَنْهُ] [ (1) ] فِي مَنَامِهِ مَا عُبِرَ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى يَمُوتَ فَكَانَ كَذَلِكَ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ الْآدَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ جَالِسًا، فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ خُشُوعٍ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. فَقَالَ:
سُبْحَانَ اللهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَعْلَمُ، وَسَأُحَدِّثُكَ عَنْ ذَلِكَ: رَأَيْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُؤْيَا فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ: رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ فَذَكَرَ مِنْ خُضْرَتِهَا وَسَعَتِهَا مَا شَاءَ اللهُ، فِي وَسَطِهَا عَمُودُ حَدِيدٍ فِي أَعْلَاهُ؟ عُرْوَةٌ، فَقِيلَ لِي:
ارْقَهُ فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَرْقَ فَجَمَعْتُ ثِيَابِي مِنْ خَلْفِي فَرَقَيْتُ حَتَّى صِرْتُ فِي أَعْلَاهَا، فَأَخَذْتُ الْعُرْوَةَ فَقِيلَ لِي: اسْتَمْسِكْ.
فَاسْتَيْقَظْتُ فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَمَّا الرَّوْضَةُ فَالْإِسْلَامُ، وَأَمَّا الْعَمُودُ فَعَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا الْعُرْوَةُ فَالْعُرْوَةُ الْوُثْقَى، فَأَنْتَ عَلَى الْإِسْلَامِ حَتَّى تموت»
[ (2) ] .
__________
[ (1) ] ليست في (ح) .
[ (2) ] وجاء في البخاري في مناقب عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص، قال:
«ما سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم يقول لأحد يمشي على الأرض: أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلا لعبد اللهِ بْنِ سَلَامٍ.
قَالَ: وفيه نزلت هذه الآية: وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ فتح الباري (7: 128) .
وقال الكرماني يحتمل أن يراد بالروضة جميع ما يتعلق بالدين وبالعمود الأركان الخمسة وبالعروة

(7/28)


وَالرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ مسعود.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ محمد، عن أزهر [ (3) ] .
__________
[ () ] الوثقى الدين وفي التوضيح والعمود دال على كل ما يعتمد عليه كالقرآن والسنن والفقه في الدين ومكان العمود وصفات المنام تدل على تأويل الأمر وحقيقة التعبير وكذلك العروة الإسلام والتوحيد وهي العروة الوثقى قال تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى فأخبر الشارع بأن ابن سلام يموت على الإيمان ولما في هذه الرؤيا من شواهد ذلك حكم له الصحابة بالجنة بحكم الشارع بموته على الإسلام وقال الداودي قالوا لأنه كان بدريا وفيه القطع بأن كل من مات على الإسلام والتوحيد لله دخل الجنة وان نالت بعضهم عقوبات.
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 63- مناقب الأنصار (19) باب مناقب عبد الله بن سلام، الحديث (3813) ، فتح الباري (7: 129) ، عن عبد الله بن محمد عن أزهر.
وأعاده في التعبير في باب الخضر في المنام والروضة الخضراء، فتح الباري (12: 397) ، وفي باب التعليق بالعروة، فتح الباري (12: 401) .
وأخرجه مسلم في فضائل الصحابة، الحديث (148) ، والإمام أحمد في «مسنده» (5:
452) .

(7/29)


بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَا الْمَرْأَةِ الَّتِي حَلَفَتْ عَلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ عِنْدَ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الْمِهْرَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ وَمَعَهَا نِسْوَةٌ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: وَاللهِ لَأَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ فَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَمَا زَنَيْتُ، وَمَا سَرَقْتُ. فَأُتِيَتْ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهَا: أَنْتِ الْمُتَأَلِّيَةُ لَتَدْخُلِنَّ الْجَنَّةَ، كَيْفَ وَأَنْتِ تَبْخَلِينَ بِمَا لَا يُغْنِيكِ وَتَتَكَلَّمِينَ فِيمَا لَا يَعْنِيكِ؟ فَلَمَّا أَصْبَحَتِ الْمَرْأَةُ دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا بِمَا رَأَتْ وَقَالَتِ: اجْمَعِي النِّسْوَةَ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدَكِ حِينَ قُلْتِ مَا قُلْتِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ عَائِشَةُ فَجِئْنَ فَحَدَّثَتْهُنَّ الْمَرْأَةُ بِمَا رَأَتْ فِي الْمَنَامِ.

(7/30)


بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَا رِجَالٍ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَفَى رِوَايَةٍ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أُرِيَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فِي الْمَنَامِ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ:
«أَسْمَعُ رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ [ (1) ] عَلَى أَنَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا [ (2) ] فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» .
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ [ (3) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّزَّازُ، حدثنا سعدان بن
__________
[ (1) ] (تواطأت) : توافقت.
[ (2) ] (تحروا) : أي اطلبوا بالجد والاجتهاد، واقصدوها.
[ (3) ] أخرجه البخاري في: 32- كتاب فضل ليلة القدر، (2) باب التماس لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي السَّبْعِ الأواخر.
وأخرجه مسلم في: 13- كتاب الصيام (40) باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها، حديث (205) ص (822- 823) .
وأخرجه مالك في الموطأ في: 19- كتاب الاعتكاف (6) بَابُ مَا جَاءَ فِي ليلة القدر، الحديث (14) ، ص (1: 321) .
وأخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (2: 2، 37، 62، 74، 157، 158) .

(7/31)


نَصْرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، يبلغ بْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ: رَأَى رَجُلٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى هَذَا فَاطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ» .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَخْتَوَيْهِ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! رَأَيْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي، فَقَالَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْبَوَاقِي وَالسَّبْعِ الْبَوَاقِي فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» .
أَخْرَجَهُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيَّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَى رَجُلٌ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَاطْلُبُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» [ (4) ] .
أَخْبَرَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنِي أَبُو عَمْرٍو، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. فذكره.
__________
[ (4) ] مسلم في الموضع السابق (2: 823) .

(7/32)


بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي مَنَامِهِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، قَالَ:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أُتِيتُ وَأَنَا نَائِمٌ فِي رَمَضَانَ فَقِيلَ لِي: إِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، فَقُمْتُ وَأَنَا نَاعِسٌ فَتَعَلَّقْتُ بِبَعْضِ أَطْنَابِ فُسْطَاطِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَنَظَرْتُ فِي اللَّيْلَةِ فَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَطْلُعُ مَعَ الشَّمْسِ كُلَّ يَوْمٍ إِلَّا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَذَلِكَ أَنَّهَا تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ جَمَاعَةٌ لَيْلَةَ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ [ (1) ] .
__________
[ (1) ] اختلف العلماء فيها فقيل هي أول ليلة من رمضان.
وقيل ليلة سبع عشرة وقيل ليلة ثمان عشرة. وقيل ليلة تسع عشرة وقيل ليلة احدى وعشرين وقيل ثلاث وعشرين.
وقيل ليلة خمس وعشرين وقيل ليلة سبع وعشرين.
وقيل ليلة تسع وعشرين وقيل آخر ليلة من رمضان.
وقيل في إشفاع هذه الأفراد، وقيل في السنة كلها وقيل جميع شهر رمضان، وقيل يتحول في ليالي العشر كلها.
وذهب أبو حنيفة إلى أنها في رمضان تتقدم وتتأخر وعند أبي يوسف ومحمد لا تتقدم ولا تتأخر ولكن غير معينة.

(7/33)


__________
[ () ] وقيل هي عندهما في النصف الأخير من رمضان وعند الشافعي في العشر الأخير لا تنتقل ولا تزال الى يوم القيامة وقال ابو بكر الرازي هي غير مخصوصة بشهر من الشهور وبه قال الحنفيون وفي قاضيخان المشهور عن أبي حنيفة انها تدور في السنة كلها وقد تكون في رمضان وقد تكون في غيره وصح ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم وقد زيف المهلب هذا القول وقال لعل صاحبه بناه على دوران الزمان لنقصان الأهلة وهو فاسد لان ذلك لم يعتبر في صيام رمضان فلا يعتبر في غيره حتى تنتقل ليلة القدر عن رمضان انتهى.
(قلت) تزييفه هذا القول فاسد لأن قصده تزييف قول الحنفية ولا يدري انه في نفس الأمر تزييف قول ابن مسعود وابن عباس وهذا جرأة منه ومع هذا ماخذ ابن مسعود كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أنه أراد ان لا يتكل الناس وقال الامام نجم الدين أبو حفص عمر النسفي في منظومته.
وليلة القدر بكل الشهر ... دائرة وعيناها قادر
وذهب ابن الزبير الى ليلة سبع عشرة وأبو سعيد الخدري إلى أنها ليلة احدى وعشرين واليه ذهب الشافعي وعن عبد الله بن أنيس ليلة ثلاث وعشرين وعن ابن عباس وغيره من جماعة من الصحابة ليلة سبع وعشرين وعن بلال ليلة اربع وعشرين
وعن علي رضي الله تعالى عنه ليلة تسع عشرة.
وقيل هي في العشر الأوسط والعشر الأخير. وقيل في اشفاع العشر الأواخر. وقيل في النصف من شعبان.
وقال الشيعة أنها رفعت وكذا حكى المتولي في التتمة عن الروافض وكذا حكى الفاكهاني في شرح العمدة عن الحنفية (قلت) هذا النقل عن الحنفية غير صحيح وقوله صلّى الله عليه وسلم «التمسوها في كذا وكذا يرد عليهم.
وقد روى عبد الرزاق من طريق داود بن أبي عاصم عن عبد الله بن خنيس قلت لأبي هريرة زعموا أن ليلة القدر رفعت قال كذب من قال ذلك.
وقال ابن حزم فإن كان الشهر تسعا وعشرين فهي في أول العشر الأخير بلا شك فهي اما في ليلة عشرين أو ليلة اثنين وعشرين أو ليلة اربع وعشرين أو ليلة ست وعشرين أو ليلة ثمان وعشرين وان كان الشهر ثلاثين فأول العشر الأواخر بلا شك اما ليلة احدى وعشرين أو ليلة ثلاث وعشرين أو ليلة خمس أو ليلة سبع أو ليلة تسع وعشرين في وترها وعن ابن مسعود أنها سبع عشرة من رمضان ليلة بدر وحكاه ابن أبي عاصم أيضا عن زيد بن أرقم.
وقيل ان ليلة القدر خاصة بسنة واحدة وقعت في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم وحكاه الفاكهاني، وقيل خاصة بهذه الأمة ولم تكن في الأمم قبلهم جزم به ابن حبيب وغيره من المالكية ونقله عن الجمهور وصاحب العدة من الشافعية ورجحه ويرد عليهم ما رواه النسائي من حديث ابي ذر حيث قال فيه «قلت يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت قال بل هي باقية» (فإن قلت) روى مالك في الموطأ بلغني أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم تقاصر أعمار أمته عن أعمار الأمم الماضية فأعطاه الله تعالى ليلة القدر

(7/34)


وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مَوْكُولٌ إِلَى نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ فَأَيَّةُ لَيْلَةٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ نَزَلَتْ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ فَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي فَضِيلَتِهَا- وَاللهُ أَعْلَمُ.
سَمِعْتُ أَبَا سَعْدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ الزَّاهِدُ- رَحِمَهُ اللهُ. يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيَّ- بِمَكَّةَ- يَقُولُ: كُنْتُ لَيْلَةً مُعْتَكِفًا فِي مَسْجِدٍ بِمِصْرَ، وَبَيْنَ يَدَيَّ أَبُو عَلِيٍّ الْكَعْكِيُّ فَأَشْرَفْتُ عَلَى النَّوْمِ فَرَأَيْتُ كَأَنَّ السَّمَاءَ فُتِحَتْ أَبْوَابًا وَالْمَلَائِكَةَ يَنْزِلُونَ بِالتَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ فَانْتَبَهْتُ وَكُنْتُ أَقُولُ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَكَانَتْ لَيْلَةَ السَّابِعِ والعشرين.
__________
[ () ] (قلت) هذا محتمل للتأويل فلا يدفع الصريح في حديث أبي ذر وذكر بعضهم فيها خمسة وأربعين قولا وأكثرها يتداخل وفي الحقيقة يقرب من خمسة وعشرين (فإن قلت) ما وجه هذه الأقوال (قلت) : مفهوم العدد لا اعتبار له فلا منافاة عن الشافعي والذي عندي أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل عنه يقال له نلتمسها في ليلة كذا فيقول التمسوها في ليلة كذا وقِيلَ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ.
يحدث بميقاتها جزما فذهب كل واحد من الصحابة بما سمعه والذاهبون الى سبع وعشرين هم الأكثرون.

(7/35)


بَابُ مَا رُوِيَ فِي رُؤْيَا ابْنِ زَمْلٍ [ (1) ] الْجُهَنِيِّ وَفَى إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ مَطَرٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُسْتَفَاضِ الْفِرْيَابِيُّ. قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو وَهْبٍ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسَرِّحٍ الْجِرَانِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْقُرَشِيُّ الْحَرَّانِيُّ [ (2) ] ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الله
__________
[ (1) ] في (ح) ؟ زميل» ، وفي (ف) : «ابن زمن» وكلاهما به تصحيف، وله ترجمة في الإصابة (2: 311) [] «عبد الله بن زمل الجهني» ... ذكره ابن السكن وقال: روي عنه حديث الدنيا سبعة آلاف سنة» بإسناد مجهول، وليس بمعروف في الصحابة، ثم ساق الحديث، وفي إسناده ضعف، قال: وروى عنه بهذا الإسناد أحاديث مناكير (قلت) وجميعها جاء عنه ضمن حديث واحد أخرجه بطوله الطبراني في المعجم الكبير وأخرج بعضه ابن السنى في عمل اليوم والليلة ولم أره مسمى في أكثر الكتب ويقال اسمه الضحاك ويقال عبد الرحمن والصواب الأول والضحاك غلط فإن الضحاك بن زمل آخر من أتباع التابعين وقال أبو حاتم عن أبيه الضحاك بن زمل بن عمر والسكسكي روى عن أبيه روى عنه الهيثم بن عدي وذكر ابن قتيبة في غريبه هذا الحديث بطوله ولم يسمه ايضا وقال ابن حبان عبد الله بن زمبل له صحبة لكن لا أعتمد على اسناد خبره. (قلت) تفرد برواية حديث سليمان بن عطاء القرشي الحراني عن مسلم بن عبد الله الجهني.
[ (2) ] هو سليمان بن عطاء بن قيس القرشي، أبو عمر الجزري، روى عنه مسلمة بن عبد الله الجهني ذكره البخاري في «التاريخ الكبير» (2: 2: 28- 29) ، وقال: في حديثه مناكير، وقال [] .
«منكر الحديث» وذكره ابن حبان في «المجروحين» (1: 329) ، وقال: شيخ يروى [] ابن عبد الله الجهني، عن عمه أبي مشجعة بن ربعي بأشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقا [] أدري التخليط فيها منه أو من مسلمة بن عبد الله» ... ثم ساق ابن حبان الخبر [] هنا

(7/36)


الْجُهَنِيِّ [ (3) ] ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ، عَنِ ابْنِ زَمْلٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم إذا صَلَّى الصُّبْحَ، قَالَ- وَهُوَ ثَانٍ رِجْلَيْهِ-: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّابًا، سَبْعِينَ مَرَّةً، ثُمَّ يَقُولُ: سَبْعِينَ بِسَبْعِمِائَةٍ، «لَا خَيْرَ لِمَنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ» ، ثُمَّ يَقُولُ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ وَكَانَ تُعْجِبُهُ الرُّؤْيَا، ثُمَّ يَقُولُ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا» ؟ قَالَ ابْنُ زَمْلٍ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا نَبِيَّ اللهِ! قَالَ: «خَيْرٌ تُلَقَّاهُ وَشَرٌّ تُوَقَّاهُ، وَخَيْرٌ لَنَا وَشَرٌّ عَلَى أَعْدَائِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ اقْصُصْ رُؤْيَاكَ» . فَقُلْتُ: رَأَيْتُ جَمِيعَ النَّاسِ عَلَى طَرِيقٍ رَحْبٍ سَهْلٍ لَاحِبٍ وَالنَّاسُ على الجادّة منطلقين فبيناهم كَذَلِكَ إِذْ أَشْفَى ذَلِكَ الطَّرِيقُ عَلَى مَرْجٍ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ يَرِفُّ رَفِيفًا يَقْطُرُ مَاؤُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَلَإِ. قَالَ: فَكَأَنِّي بِالرَّعْلَةِ الْأُولَى حِينَ أَشْفَوْا عَلَى الْمَرْجِ كَبَّرُوا ثُمَّ أَكَبُّوا رَوَاحِلَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَلَمْ يَظْلِمُوهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا. قَالَ: «فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مُنْطَلِقِينَ، ثُمَّ جَاءَتِ الرَّعْلَةُ الثَّانِيَةُ وَهُمْ أَكْثَرُ مِنْهُمْ أَضْعَافًا فَلَمَّا أَشْفَوْا عَلَى الْمَرْجِ [كَبَّرُوا ثُمَّ أَكَبُّوا رَوَاحِلَهُمْ فِي الطَّرِيقِ] [ (4) ] مِنْهُمُ الْمُرْتِعُ وَمِنْهُمُ الْآخِذُ الضِّغْثَ [ (5) ] وَمَضَوْا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ عُظْمُ النَّاسِ فَلَمَّا أَشْفَوْا عَلَى الْمَرْجِ كَبَّرُوا وَقَالُوا: هَذَا خَيْرُ الْمَنْزِلِ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَمِيلُونَ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ لَزِمْتُ الطَّرِيقَ حَتَّى أُتِيَ أَقْصَى الْمَرْجِ فَإِذَا أَنَا بِكَ يَا رَسُولَ اللهِ عَلَى مِنْبَرٍ فِيهِ سَبْعُ دَرَجَاتٍ وَأَنْتَ فِي أَعْلَاهَا دَرَجَةً وَإِذْ عَنْ يَمِينِكَ رَجُلٌ آدم شعث [ (6) ] أَقْنَى، إِذَا هُوَ تَكَلَّمَ يَسْمُو فَيَفْرَعُ [ (7) ] الرِّجَالَ طُولًا وَإِذَا عَنْ يَسَارِهِ رَجُلٌ
__________
[ () ] مستشهدا بوصفه. وانظر ترجمة له في الميزان (2: 214) ، والتهذيب (4: 211) وقال أبو حاتم: «منكر الحديث.
[ (3) ] هو مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن ربعي الجهني الحميري قال ابن أبي حاتم: «مجهول» تهذيب التهذيب (10: 144) .
[ (4) ] الزيادة من (ك) فقط.
[ (5) ] في (ح) : «الصعب» وهو تصحيف.
[ (6) ] في (أ) : «شثل» وفي (ح) : «شكل» وفي (ف) : «شتن» .
[ (7) ] في (أ) و (ف) : «فيفزع» وهو تحريف.

(7/37)


رَبْعَةٌ تَارٌّ أَحْمَرُ كَثِيرُ خِيلَانِ الْوَجْهِ كَأَنَّمَا حُمِّمَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ إِذَا هُوَ تَكَلَّمَ أَصْغَيتُمْ لَهُ إِكْرَامًا لَهُ وَإِذَا أَمَامَكُمْ رَجُلٌ شَيْخٌ أَشْبَهُ النَّاسِ بِكَ خَلْقًا وَوَجْهًا كُلُّكُمْ تَؤُمُّونَهُ تُرِيدُونَهُ وَإِذَا أَمَامَ ذَلِكَ نَاقَةٌ عَجْفَاءُ شَارِفٌ وَإِذَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ كَأَنَّكَ تَبْعَثُهَا. قَالَ: فَانْتَقَعَ لَوْنُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا مَا رَأَيْتَ مِنَ الطَّرِيقِ السَّهْلِ الرَّحْبِ اللَّاحِبِ فَذَاكَ مَا حَمَلْتُكُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْهُدَى، وَأَنْتُمْ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرْجُ الَّذِي رَأَيْتَ فَالدُّنْيَا وَغَضَارَةُ عَيْشِهَا مَضَيْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي لَمْ نَتَعَلَّقْ مِنْهَا، وَلَمْ تَتَعَلَّقْ مِنَّا، وَلَمْ نُرِدْهَا، وَلَمْ تُرِدْنَا ثُمَّ جَاءَتِ الرَّعْلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ بَعْدِنَا وَهُمْ أَكْثَرُ مِنَّا أَضْعَافًا فَمِنْهُمُ الْمُرْتِعُ وَمِنْهُمُ الْآخِذُ الضِّغْثَ وَلَجُّوا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَ عُظْمُ النَّاسِ فَمَالُوا فِي الْمَرْجِ يَمِينًا وَشِمَالًا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَأَمَّا أَنْتَ فَمَضَيْتَ عَلَى طَرِيقَةٍ صَالِحَةٍ فلن تزل عَلَيْهَا حَتَّى تَلْقَانِي وَأَمَّا الْمِنْبَرُ الَّذِي فِيهِ سَبْعُ دَرَجَاتٍ وَأَنَا فِي أَعْلَاهَا دَرَجَةً فَالدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ أَنَا فِي آخِرِهَا أَلْفًا وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي الْآدَمُ الشَّثْلُ فَذَلِكَ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ- إِذَا تَكَلَّمَ يَعْلُو الرِّجَالَ بِفَضْلِ كَلَامِ اللهِ إِيَّاهُ وَالَّذِي رَأَيْتَ مِنَ التَّارِّ الرَّبْعَةِ الْكَثِيرِ خِيلَانِ الْوَجْهِ كَأَنَّمَا حُمِّمَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ فَذَاكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ نُكْرِمُهُ لِإِكْرَامِ اللهِ إِيَّاهُ. وَأَمَا الشَّيْخُ الَّذِي رَأَيْتَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِي خَلْقًا وَوَجْهًا فَذَلِكَ أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ كُلُّنَا نَؤُمُّهُ وَنَقْتَدِي بِهِ وَأَمَّا النَّاقَةُ الَّتِي رَأَيْتَ وَرَأَيْتَنِي أَبْعَثُهَا فَهِيَ السَّاعَةُ عَلَيْنَا تَقُومُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَلَا أُمَّةَ بَعْدَ أُمَّتِي» ، قَالَ: فَمَا سَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عن رُؤْيَا بَعْدَ هَذَا إِلَّا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثَهُ بها متبرعا [ (8) ] .
__________
[ (8) ] موضوع. المجروحين (1: 329- 331) .

(7/38)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي رَأَى فِي مَنَامِهِ النَّاسَ قَدْ جُمِعُوا لِلْحِسَابِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ شَرَفِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ التّرسيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَبَّبٍ أَبُو هَمَّامٍ الدَّلَّالُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ كَعْبِ الْخَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يُحَدِّثُ عَنْ رُؤْيَا رَآهَا فِي مَنَامِهِ. قَالَ الرَّجُلُ: رَأَيْتُ النَّاسَ جُمِعُوا لِلْحِسَابِ ثُمَّ دُعِيَتِ الْأَنْبِيَاءُ مَعَ كُلِّ نَبِيٍّ مَنْ آمَنَ مِنْ أُمَّتِهِ وَلِكُلِّ نَبِيٍّ نُورَانِ يَمْشِي بِهِمَا، وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ نُورٌ وَاحِدٌ يَمْشِي بِهِ حَتَّى دُعِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذْ لِكُلِّ شَعْرٍ مِنْ رَأْسِهِ ووجه نُورٌ عَلَى حِدَةٍ يَتَبَيَّنُهُ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَلِكُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ مُؤْمِنٍ نُورَانِ كَنُورِ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَنْشَدَهُ كَعْبٌ بِاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَرَأَيْتَهَا فِي مَنَامِكَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ:
نَعَمْ! وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُهَا. فَقَالَ كَعْبٌ: وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ إِنَّ هَذِهِ لِصِفَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ لَكَأَنَّمَا قَرَأَهَا مِنَ التَّوْرَاةِ.

(7/39)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ صَاحِبَ الْقَبْرِ الَّذِي اتَّكَأَ عَلَيْهِ مَا يَكُونُ تَرْغِيبًا فِي طَاعَةِ اللهِ- عَزَّ وَجَلَّ-
أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرَانَ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أخبرنا سليمان ابن أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مِينَا، أَوِ ابْنِ مِينَا، أَوْ مِينَاسٍ، أَنَّهُ خَرَجَ فِي ثِيَابٍ خِفَافٍ فِي يَوْمٍ دَفِيءٍ فِي جِنَازَةٍ، قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى قَبْرٍ فَصَلَّيْتُ عِنْدَهُ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ اتَّكَأْتُ عَلَيْهِ قَالَ: فَرُبَّمَا سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يَقُولُ: قَالَ: فو الله إِنَّ قَلْبِي لَيَقْظَانُ إِذْ دَعَانِي: إِلَيْكَ عَنِّي لَا تُؤْذِنِي فَإِنَّكُمْ قَوْمٌ تَعْمَلُونَ وَلَا تَعْلَمُونَ وَإِنَّا قَوْمٌ نَعْلَمُ وَلَا نَعْمَلُ وَلَأَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ رَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
وأَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ الصَّفَّارُ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مِينَا- أَوْ مِينَاسَ-، قَالَ: لَبِسْتُ ثِيَابًا لِي خِفَافًا وَدَخَلْتُ الْجَبَّانَ فَأَصَابَنِي بَرْدٌ شَدِيدٌ فَمِلْتُ إِلَى قَبْرٍ، فَصَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اضْطَجَعْتُ عَلَى الْقَبْرِ فو الله إِنِّي لَنَبْهَانٌ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا فِي الْقَبْرِ يَقُولُ: قُمْ فَقَدْ آذَيْتَنِي، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ وَلَا تَعْلَمُونَ وَنَعْلَمُ وَلَا نَعْمَلُ فو الله لَأَنْ أَكُونَ صَلَّيْتُ مِثْلَ رَكْعَتَيْكَ هَذِهِ الْخَفِيفَتَيْنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

(7/40)


بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَمِعَ صَاحِبَ قَبْرٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْمُلْكِ
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ ابن سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بن أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ابن عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَرَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم خِبَاءً عَلَى قَبْرٍ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَبْرٌ فَإِذَا فِيهِ إِنْسَانٌ يَقْرَأُ سُورَةَ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [ (1) ] حَتَّى خَتَمَهَا فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هِيَ الْمُنْجِيَةُ، هِيَ الْمَانِعَةُ، تُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
تَفَرَّدَ بِهِ يحيى بن عمرو النكدي، وَهُوَ ضَعِيفٌ إِلَّا أَنَّ لِمَعْنَاهُ شَاهِدًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ابن عُمَرَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: يُؤْتَى رَجُلٌ مِنْ جَوَانِبِ قَبْرِهِ، فَجَعَلَتْ سُورَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ تُجَادِلُ عَنْهُ حَتَّى مَنَعَتْهُ. قَالَ: فَنَظَرْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ فَإِذَا هِيَ:
تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ [ (2) ] .
__________
[ (1) ] أول سورة الملك.
[ (2) ] ما بين الحاصرتين ليس في (أ) .

(7/41)


بَابُ مَا جَاءَ فِي سَمَاعِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ [ (1) ] ضَغْطَةً فِي قَبْرٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ إِمْلَاءً، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ زَنْجَلَةَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَرَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلم عَلَى مَقَابِرَ فَسَمِعْتُ ضَغْطَةً فِي قَبْرٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: سَمِعْتُ ضَغْطَةً فِي قَبْرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتَ يَا يَعْلَى؟ قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ فِي يَسِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ. قُلْتُ: وَمَا هُوَ- جَعَلَنِي اللهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: كَانَ رَجُلًا فَتَّانًا يَمْشِي بَيْنَ النَّاسِ بِالنَّمِيمَةِ، وَكَانَ لَا يَتَنَزَّهُ عَنِ الْبَوْلِ. قُمْ يَا يَعْلَى إِلَى هَذِهِ النَّخْلَةِ؟ فَأْتِنِي مِنْهَا بِجَرِيدَةٍ فَجِئْتُهُ بِهَا فَشَقَّهَا بِاثْنَتَيْنِ فَقَالَ: اغْرِسْ إِحْدَاهُمَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَالْأُخْرَى عِنْدَ رِجْلَيْهِ فَلَعَلَّهُ أَنْ يُرَفَّهَ أَوْ يُخَفَّفَ عَنْهُ مَا لَمْ يَيْبَسْ هَاتَانِ [ (2) ] .
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
[ (3) ] .
__________
[ (1) ] يعلى بن مرة بن وهب الثقفي: شهد خيبر، وبيعة الشجرة، والفتح، وهوازن والطائف، وكان من أفاضل الصحابة. الاصابة (3: 669) .
[ (2) ] أخرجه الإمام أحمد في «مسنده» (4: 172) .
[ (3) ] من (ح) فقط.

(7/42)


بَابُ مَا قِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) [ (1) ] فِي غَشْيَتِهِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْهَيْثَمِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ لَيْلَةَ غُشِيَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي وَجَعِهِ غَشْيَةً حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ فَاضَتْ نَفْسُهُ، حَتَّى قَامُوا مِنْ عِنْدِهِ وَجَلَّلُوهُ ثَوْبًا وَخَرَجَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ امْرَأَتُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ لِتَسْتَعِينَ بِمَا أُمِرَتْ أَنْ تَسْتَعِينَ بِهِ مِنَ الصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ فَلَبِثُوا سَاعَةً وَهُوَ فِي غَشْيَتِهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ كَبَّرَ، فَكَبَّرَ أَهْلُ الْبَيْتِ، وَمَنْ يَلِيهِمْ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: غُشِيَ عَلَيَّ؟
فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ: صَدَقْتُمْ، إِنَّهُ انْطَلَقَ بِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا فِيهِ شِدَّةٌ وَفَظَاظَةٌ، فَقَالَا: انْطَلِقْ نُحَاكِمْكَ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ، فَانْطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلًا، فَقَالَ:
أَيْنَ تَذْهَبَانِ بِهَذَا؟ فَقَالَا: نُحَاكِمُهُ إِلَى الْعَزِيزِ الْأَمِينِ، قَالَ: ارْجِعَا، فَإِنَّهُ من الذي كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ، وَالْمَغْفِرَةَ، فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَأَنَّهُ سَيَتَمَتَّعُ بِهِ بَنُوهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهْرًا، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [ (2) ] .
قُلْتُ: وَفِي هَذَا تَصْدِيقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي حَيَاتِهِ بِالْجَنَّةِ.
__________
[ (1) ] ما بين الحاصرتين من (أ) .
[ (2) ] أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3: 307) .

(7/43)


بَابُ مَا قِيلَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي غَشْيَتِهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الصَّفَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ عن النعمان ابن بَشِيرٍ، قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رواحة فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ [ (1) ] تَبْكِي وتقول: وا جبلاه! وَاعَضُدَاهْ! فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا قِيلَ لِي: أَنْتَ كَذَلِكَ، فَنَهَانَا عَنِ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ.
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ [ (2) ] مِنْ حَدِيثِ: مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، وعبثر [ (3) ] ، عن حصين [ (4) ] .
__________
[ (1) ] أخته عمرة هي أم النعمان بن بشير راوي الحديث.
[ (2) ] أخرجه البخاري في: 64- كتاب المغازي، (44) باب غزوة مؤتة، الحديث (4267) ، فتح الباري (8: 516) .
[ (3) ] حديث عبثر بعده وهو عن قتيبة، عن عَبْثَرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ الشعبي، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رواحة.. بهذا (أي الحديث السابق) فلما مات لم تبك عليه. فتح الباري (8: 516) .
[ (4) ] هنا ينتهي السفر الثامن من تجزئة النسخة المخطوطة (أ) ، ويبدأ التاسع.

(7/44)


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ربّ يسّر بكل خير..
بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، قَالَا:
[حَدَّثَنَا] [ (1) ] أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ أَخْبَرَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، أَوْ لَكَأَنَّمَا رَآنِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي [ (2) ] .
وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَآنِي فقد رأى الحقّ» [ (3) ] .
__________
[ (1) ] في (أ) : «أخبرنا» .
[ (2) ] الحديث أخرجه البخاري في: 91- كتاب التعبير، (10) باب من رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، الحديث (6993) عن عبدان.. فتح الباري (12: 383) وأخرجه مسلم في: 42- كتاب الرؤيا، (1) : بَابُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي» .
(فائدة) قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، وفقه الله للهجرة اليه، والتشرف بلقائه صلى الله عليه وسلم، أو يرى تصديق تلك الرؤيا في الدار الآخرة، أو يراه رؤية خاصة في القرب منه، والشفاعة.
[ (3) ] هذه الرواية في البخاري، الحديث (6996) ، فتح الباري (12: 383) ، ومعنى: فقد رأى الحق أي الرؤيا الصحيحة الثابتة لا أضغاث أحلام ولا خيالات.

(7/45)


وأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا [ (4) ] أَبُو بَكْرِ بْنُ أبي نصر الدّارورديّ بِمَرْوَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَهُ [ (5) ] بِإِسْنَادِهِ نَحْوَهُ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ [ (6) ] فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَبْدَانَ دُونَ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الطاهر وحرملة عن بن وَهْبٍ، وَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ، وَأَشَارَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ [دُونَ الرِّوَايَةِ] [ (7) ] ، وَرَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
[ (8) ] .
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، [قَالَ: حَدَّثَنَا] [ (9) ] مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ [قَالَ حَدَّثَنَا] السَّرِيُّ بْنُ خُزَيْمَةَ، [قَالَ: حَدَّثَنَا] الْمُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ، [قَالَ: حَدَّثَنَا] عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ، [قَالَ: حَدَّثَنَا] ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ، فَقَدْ رَآنِي. فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَخَيَّلُ بِي، وَرُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ.
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ أَسَدٍ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ
[ (10) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، مِنْ [أَصْلِ] [ (11) ] كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا أبو العباس
__________
[ (4) ] في (ف) : «قال حدثنا» وكذا في سائر الخبر.
[ (5، 6) ] بياض في (أ) وأثبتناه من بقية النسخ.
[ (7) ] الزيادة من (ف) و (ك) .
[ (8) ] في تخريج الحديث انظر الحاشية (2) من هذا الباب.
[ (9) ] الزيادة من (ف) ، وكذا في سائر الخبر. وفي باقي النسخ «أخبرنا» .
[ (10) ] أخرجه البخاري في: 91- كتاب التعبير، (10) باب من رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، الحديث (6994) ، فتح الباري (12: 383) .
[ (11) ] سقطت من (أ) .

(7/46)


مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَخْبَرَنَا [ (12) ] أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ [ (13) ] الْحَارِثِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنَا سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ ابن الْخَطَّابِ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَرَأَيْتُهُ لَا يَنْظُرُنِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ [مَا شَأْنِي؟ فَالْتَفَتَ] [ (14) ] إِلَيَّ. فَقَالَ: أَلَسْتَ الْمُقَبِّلَ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟
قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ. لَا أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ [امْرَأَةً مَا بَقِيتُ] [ (15) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ، وَأَبُو بَكْرٍ الْفَارِسِيُّ، قَالَا: أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ مَطَرٍ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَلِيٍّ [الذُّهْلِيُّ] [ (16) ] أَخْبَرَنَا يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: أَصَابَ النَّاسَ قَحَطٌ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: اسْتَسْقِ اللهَ لِأُمَّتِكَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ ائْتِ عُمَرَ، فَأَقْرِئْهُ السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّكُمْ مُسْقَوْنَ. وَقُلْ لَهُ: عَلَيْكَ الْكَيْسَ الْكَيْسَ. فَأَتَى الرَّجُلُ عُمَرَ، فَأَخْبَرَهُ، فَبَكَى عُمَرُ ثُمَّ قَالَ: يَا رَبُّ مَا آلُو إِلَّا مَا عَجَزْتُ عَنْهُ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ الْعَدْلُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ، مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ- قَالَ: أَخْبَرَنَا كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، قَالَ: أَغْفَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلَ فِيهِ، فَاسْتَيْقَظَ، فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ تَمَنَّى عُثْمَانُ أُمْنِيَةً لَحَدَّثْتُكُمْ، قَالَ: قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللهُ حَدِّثْنَا فَلَسْنَا نَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ
__________
[ (12) ] فِيَ (ف) «قال حدثنا» وكذا في سائر الحديث.
[ (13) ] في (ف) : «عبد الجبار الحارثي» .
[ (14) ] بياض مكانها في النسخة (أ) .
[ (15) ] بياض في (أ) وأثبتها في (ح) و (ف) .
[ (16) ] الزيادة من (ف) ، وفي (ح) : «إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ» .

(7/47)


رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِي هَذَا، فَقَالَ: إِنَّكَ شَاهِدٌ مَعَنَا الْجُمُعَةَ [ (17) ] .
وَأَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أحمد بن عبيد، أخبرنا إبراهيم ابْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ هُوَ ابْنُ حَرْبٍ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عُثْمَانَ (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) ، رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي قُتِلَ فِي صَبِيحَتِهَا، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ أَفْطِرْ عِنْدَنَا اللَّيْلَةَ، فَقُتِلَ، وَهُوَ صَائِمٌ.
وَرُوِيَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ مَوْضِعُهَا كِتَابُ الْفَضَائِلِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، [قَالَ حَدَّثَنَا] [ (18) ] بِشْرُ بْنُ مُوسَى الْأَسَدِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ نِصْفَ النَّهَارِ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، فِي يَدِهِ قَارُورَةٌ، فِيهَا دَمٌ، فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا هَذِهِ؟ قَالَ: هَذَا دَمُ الْحُسَيْنِ وَأَصْحَابِهِ، لَمْ أَزَلْ أَلْتَقِطُهُ مُنْذُ الْيَوْمَ. قَالَ: فَأَحْصَوْا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَوُجِدَ قَدْ قُتِلَ ذَلِكَ الْيَوْمَ [ (19) ] .
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ قَالَ: حدثنا رزيق قَالَ: حَدَّثَتْنِي سَلْمَى قَالَتْ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ تَبْكِي فَقُلْتُ مَا يُبْكِيكِ؟ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، وَعَلَى رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ التُّرَابُ، فَقُلْتُ: مَالِكٍ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: شَهِدْتُ قَتْلَ الْحُسَيْنِ آنِفًا.
__________
[ (17) ] ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7: 232) ، وقال: «رواه أبو يعلى في الكبير وفيه أَبُو عَلْقَمَةَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات» وله شواهد ذكرها الهيثمي في فضائل عثمان (9: 96) .
[ (18) ] في (أ) : «أخبرنا» وأثبتنا ما في (ف) ، وكذا في سائر الخبر.
[ (19) ] تقدم في السفر السادس، وانظر فهرس الأخبار.

(7/48)


الْأَخْبَارُ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم [فِي الْمَنَامِ] كَثِيرَةٌ، وَبِذِكْرِهَا يَطُولُ الْكِتَابُ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا بَيَانُ مَا قَصَدْنَا بِهَذَا الباب وبالله التوفيق [ (20) ] .
__________
[ (20) ] قال السيوطي في الخصائص الكبرى (2: 258) :
في شرح مسلم للنووي لو رأى شخص النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بفعل ما هو مندوب إليه أو ينهاه عن منهي عنه، أو يرشده إلى فعل مصلحة فلا خلاف في أنه يستحب له العمل بما أمره.
وفي فتاوي الحناطي: لو رأى إنسان النبي صلّى الله عليه وسلم في منامه على الصفة المنقولة عنه فسأله عن حكم فأفتاه بخلاف مذهبه وليس مخالفا لنص ولا إجماع ففيه وجهان:
(أحدهما) : يأخذ بقوله تعالى لأنه مقدم على القياس.
(والثاني) : لا، لأن القياس دليل، والأحلام لا تعويل عليها، فلا يترك من أجلها الدليل.
وفي كتاب الجدل للأستاذ أبي إسحاق الاسفرائني: لو رأى رجل النبي صلّى الله عليه وسلم في المنام وأمره بأمر هل يجب عليه امتثاله إذا استيقظ؟ وجهان.. وجه المنع عدم ضبط الرأي لا الشك في الرؤية، فإن الخبر لا يقبل إلا من ضابط قطف والنائم بخلافه.
وفي فتاوي القاضي حسين مثله فيما لو رؤي ليلة الثلاثين من شعبان، وأخبر أن غدا رمضان، هل يجب الصوم؟
وفي روضة الحكام للقاضي شريح: لو رأى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال لفلان على فلان كذا فهل للسامع أن يشهد بذلك؟ أ. هـ.

(7/49)