ذخائر العقبى في مناقب ذوى القربى

(القسم الأول) فيما جاء في ذكر القرابة على وجه العموم والإجمال، وفيه أبواب: (باب في فضل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال توفى لصفية بنت عبد المطلب رضى الله عنها ابن فبكت عليه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم تبكين يا عمة من توفى له ولد في الاسلام كان له بيت في الجنة يسكنه فلما خرجت لقيها رجل فقال لها إن قرابة محمد لن تغنى عنك من الله شيئا فبكت فسمع رسول الله صلى عليه وسلم صوتها ففزع من ذلك فخرج وكان صلى الله عليه وسلم مكرما لها يبرها ويحبها فقال لها يا عمة تبكين وقد قلت لك ما قلت قالت ليس ذلك أبكاني وأخبرته بما قال الرجل فغضب صلى الله عليه وسلم وقال يا بلال هجر بالصلاة ففعل ثم قام صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه وقال ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع إن كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وإن رحمى موصلة في الدنيا والآخرة.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه فتزوجت أم كلثوم لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ وأحببت أن يكون بينى وبينه نسب
وسبب.
(شرح) : التهجير التبكير في كل شئ يقال هجر يهجر تهجيرا فهو مهجر وهى لغة حجازية، وأراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة.
وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم خادم تخدمهم يقال لها بريرة فلقيها رجل فقال لها يا بريرة غطى شعيفاتك (2) فان محمدا صلى الله عليه وسلم لن يغنى عنك من الله شيئا قالت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه محمارة
__________
(1) في نسخة (النور) .
(2) الشعفة: الذؤاية.

(1/6)


وجنتاه وكنا معشر الانصار نعرف غضبة بجر ردائه وحمرة وجنيته فأخذنا السلاح ثم أتيناه فقلنا يا رسول الله مرنا بما شئت والذى بعثك بالحق نبيا لو أمرتنا بآبائنا وأمهاتنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال من أنا قالوا أنت رسول الله قال نعم ولكن من أنا قلنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف قال صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم ولا فخر وأول من ينفض التراب عن رأسه ولافخر وأول داخل الجنة ولافخر وصاحب لواء الحمد ولا فخر وفى ظل الرحمن يوم لاظل إلا ظله ولا فخر ما بال أقوام يزعمون ان رحمى لا تنفع بل تنفع حتى تبلغ حكم وحاء (1) - وهم إحدى قبيلتين من اليمن - إنى لاشفع فأشفع حتى إن من أشفع له ليشفع فيشفع حتى إن إبليس ليتطاول طمعا في الشفاعة.
أخرجه ابن البخترى.
(شرح) حكم وحاء (1) فسر في الحديث قال في الغريب وهما حيان واليمن من وراء رمل (2) يبرين.
قال أبو موسى يجوز أن يكون حاء من الحوة وقد حذفت لامه ويجوز أن يكون من حوى يحوى ويجوز أن يكون مقصورا غير ممدود.
حكى ذلك صاحب نهاية الغريب.
وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان يوم القيامة شفعت لابي وأمى وعمى أبى طالب وأخ لى كان في الجاهلية) أخرجه تمام الرازي في
فوائده، وفى طريقه الوليد بن مسلمة وهو منكر الحديث، وإن ثبت فمحمول على ما ورد في الصحيح في أبى طالب من تخفيف العذاب عنه بشفاعته صلى الله عليه وسلم.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: جاءت سبيعة بنت أبى لهب رضى الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن الناس يقولون أنت بنت حطب النار فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضب فقال (ما بال أقوام يؤذوننى في قرابتي من آذى قرابتي فقد آذانى ومن آذانى فقد آذى الله) أخرجه الملا في سيرته.
__________
(1) في الاصل (حاكم) في الموضعين، والتصحيح من النهاية.
(2) في الاصل (ارض) وفى النهاية (رمل) .

(1/7)


(فصل) * (ذكر توصيته صلى الله عليه وسلم مع هذا أقاربه أن لا يغتروا بنسبهم) * عن عائشة رضى الله عنها قالت لما نزل قوله تعالى (وأنذر عشيرتك الاقربين) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا فقال يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بنى عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئا سلونى من مالى ما شئتم) أخرجه مسلم.
وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل عليه (وأنذر عشيرتك الاقربين) (يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغنى عنكم من الله شيئا يا بنى عبد مناف لاأغنى عنكم من الله شيئا يا عباس ابن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغنى عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد سلينى من مالى ما شئت لا أغنى عنك من الله شيئا.
وفى رواية (يا معشر قريش اشتروا
أنفسكم من الله لا أغنى عنكم من الله شيئا يا بنى عبد المطلب لا أغنى عنكم من الله شيئا ثم ذكر نحوه ولم يذكر يا بنى عبد مناف.
أخرجاه وأخرجه البخاري عنه، ولفظه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بنى عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله يا بنى عبد المطلب اشتروا أنفسكم من الله يا أم الزبير عمة رسول الله يا فاطمة بنت محمد اشتريا أنفسكما من الله لا أملك لكما من الله شيئا سلانى من مالى ما شئتما.
وأخرجه مسلم عنه ولفظه قال لما نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الاقربين) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال يا بنى كعب بن لؤى أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بنى عبد مناف انقذوا انفسكم من النار يا بنى هاشم أنقذوا انفسكم من النار يا بنى عبد المطلب انقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فانى لا أملك لكم

(1/8)


من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلالها (1) .
وفى رواية لما نزلت (وأنذر عشيرتك الاقربين) جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فخص وعم وقال يا معشر قريش انقذوا انفسكم من النار فاتى لا املك لكم ضرا ولا نفعا يا بنى عبد المطلب انقذوا انفسكم من النار فانى لا املك لكم ضرا ولا نفعا يا معشر بنى عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار فانى لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فانى لا أملك لك ضرا ولانفعا إلا أن لك رحما سأبلها ببلالها.
أخرجه الحافظ أبو الحسن الخلعي.
وهذا لا يضاد ما تقدم وأنه صلى الله عليه وسلم لا يملك لاحد من الله شيئا ولاضرا ولانفعا لكن الله عزوجل يملكه نفع أقاربه وأمته بالشفاعة الخاصة العامة.
(فصل ذكر آى نزلت فيهم)
عن سعيد بن جبير رضى الله عنه في قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال هي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه ابن السرى.
(ذكر الحث على حب قرابته صلى الله عليه وسلم) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال ان العباس رضى الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لنخرج فنرى قريشا تتحدث فإذا رأونا سكتوا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودر عرق الغضب بين عينيه ثم قال: والله لايدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي.
أخرجه أحمد.