غاية
السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم فَوَائِد نختم بهَا الْكتاب
رَوَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يرى
فِي الظلمَة كَمَا يرى فِي النُّور لكنه ضعفه ابْن بشكوال كَمَا حَكَاهُ
ابْن دحْيَة فِي كِتَابه الْآيَات الْبَينَات لَهُ
وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيثهَا بِلَفْظ
كَانَ يرى فِي الظلماء كَمَا يرى فِي الضَّوْء
ثمَّ قَالَ هَذَا إِسْنَاد فِيهِ ضعف
ثمَّ أخرجه من حَدِيث ابْن عَبَّاس بِلَفْظ كَانَ يرى بِاللَّيْلِ فِي
الظلمَة كَمَا يرى بِالنَّهَارِ من الضَّوْء
ثمَّ قَالَ لَيْسَ إِسْنَاده بِالْقَوِيّ
وَرُوِيَ أَن الأَرْض تبتلع بَوْله وغائطه ويفوح لذَلِك رَائِحَة طيبَة
رَوَت عَائِشَة أَيْضا أَنَّهَا قَالَت يَا
(1/299)
رَسُول الله إِنِّي أَرَاك تدخل الْخَلَاء
ثمَّ يَجِيء الَّذِي يدْخل بعْدك فَلَا يرى لما يخرج مِنْك أثرا
فَقَالَ (يَا عَائِشَة أما علمت أَن الله تَعَالَى أَمر الأَرْض أَن تبتلع
مَا خرج من الْأَنْبِيَاء)
قَالَ ابْن دحْيَة فِي الْكتاب الْمَذْكُور سَنَده ثَابت
وَأما الْبَيْهَقِيّ فَأخْرجهُ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة من حَدِيثهَا
أَيْضا بِلَفْظ كَانَ إِذا دخل الْغَائِط دخلت فِي أَثَره
فَلَا أرى شَيْئا إِلَّا أَنِّي كنت أَشمّ رَائِحَة الطّيب
فَذكرت ذَلِك لَهُ فَقَالَ يَا عَائِشَة أما علمت أَن أَجْسَادنَا تنْبت
أَرْوَاح أهل الْجنَّة وَمَا خرج مِنْهَا من شَيْء ابتلعته الأَرْض
ثمَّ قَالَ هَذَا من مَوْضُوعَات الْحُسَيْن بن علوان لَا يَنْبَغِي ذكره
فَفِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة والمشهورة كِفَايَة عَن كذب ابْن علوان
وَفِي الشِّفَاء لِابْنِ سبع عَن بعض أَصْحَابه أَنه قَالَ (صَحبه صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم فِي سفر فَلَمَّا أَرَادَ قَضَاء حَاجته تأملته وَقد دخل
مَكَانا فَقضى حَاجته فَدخلت
(1/300)
فِي الْموضع الَّذِي خرج مِنْهُ فَلم أر
لَهُ أثر غَائِط وَلَا بَوْل وَرَأَيْت فِي ذَلِك الْموضع ثَلَاثَة
أَحْجَار فأخذتهن فِي كفي فتعلقت رائحتهن رَائِحَة طيب وعطر
وروى أنس مَوْضُوعا (من كَرَامَتِي أَنِّي ولدت مختونا وَلم ير أحد سوأتي)
ذكر أبن الْجَوْزِيّ فِي كتاب الْوَفَاء لَهُ
قَالَ ابْن دحْيَة وَلم تعرف علته واعتقد صِحَّته وَهُوَ حَدِيث مَصْنُوع
الْإِسْنَاد
يُحَاسب عَلَيْهِ الْمُحدث إِن لم يبين علته يَوْم الْقِيَامَة ثمَّ ذكرهَا
وَمن الْفَوَائِد الجليلة أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَانَ لَا
يتثاءب
أخرجه البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْكَبِير وَأخرجه فِي كتاب الْأَدَب
تَعْلِيقا
وَقَالَ مسلمة بن عبد الْملك مَا تثاءب نَبِي قطّ وَإِنَّهَا عَلامَة
النُّبُوَّة
(1/301)
وَقيل كَانَ لَا يتمطى أَيْضا لِأَنَّهُ من
عمل الشَّيْطَان
ذكره ابْن سبع فِي الشِّفَاء
قَالَ أهل اللُّغَة مِنْهُم ثَابت فِي دلائله صَوَاب هَذِه اللَّفْظَة تثأب
مشدد الْهمزَة وَلَا يُقَال تثاوب
نَقله ابْن دحْيَة فِي خَصَائِص أَعْضَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَفِي الْمثل فِي الصِّحَاح أعدى من الثوباء تَقول مِنْهُ تثأبت وَلَا
يُقَال تثاوبت
وَمِمَّا عد من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه أقرّ بِهِ جمَاعَة
قبل بعثته كورقة بن نَوْفَل بل قيل وجوده فقد أقرّ بِهِ حبيب النجار
الْمَوْجُود فِي عصر عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَغَيره كَمَا ورد وَكَذَا
تبع الْأَكْبَر
وَرَأَيْت فِي (أعذب الْمَوَارِد
(1/302)
وَأطيب الموالد) للعزفي الشيبي أَن من
خَصَائِص سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ لَا ينزل
عَلَيْهِ الذُّبَاب
وَحَكَاهُ أَيْضا غَيره كَمَا يَأْتِي
وَفِي الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير عَن الْحسن بن جرير الصُّورِي ثَنَا
صَفْوَان بن صَالح ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم ثَنَا عبد الْعَزِيز بن
حُصَيْن عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله
تَعَالَى {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} قَالَ إِذا نسيت الِاسْتِثْنَاء
فَاسْتَثْنِ إِذا ذكرت
وَهِي لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاصَّة وَلَيْسَ لنا أَن
نستثني إِلَّا فِي صلَة الْيَمين
(1/303)
وَذكر ابْن شاهين أَن من جملَة شعب
الْإِيمَان الِاسْتِثْنَاء فِي كل كَلَام
وروى بِإِسْنَاد ضَعِيف من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا (لَا يتم
إِيمَان العَبْد حَتَّى يَسْتَثْنِي فِي كل حَدِيثه) أَو قَالَ (فِي كل
كَلَامه) وَذكر ابْن الْقَاص فِي تلخيصه من خَصَائِصه أَنه كَانَ لَا ينْطق
عَن الْهوى
وَأَنه نهى عَن طَعَام الْفُجَاءَة فاجأه أَبُو الدَّرْدَاء على طَعَام
لَهُ فَأمره بِأَكْلِهِ
وتبعهما عَلَيْهِمَا الْقُضَاعِي فِي عيونه
وَذكر أَن هَذِه مِمَّا خص بهَا دون سَائِر الْأَنْبِيَاء
وَذكر - أَعنِي الْقُضَاعِي - من هَذَا الْقسم أَنه خص بعصمته من النَّاس
وَمن الأعلال الْمُوجبَة
وَأَن الْمَلَائِكَة قَاتَلت مَعَه يَوْم بدر وَلم تقَاتل مَعَ أحد قبله
(1/304)
قلت وَيَوْم أحد كَمَا فِي مُسلم
وَذكر أَن من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه لَا يشْهد على جور
وَفِيه نظر بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيره
وَذكر القَاضِي عِيَاض فِي الشفا أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام
كَانَ يرى فِي الثريا أحد عشر نجما
وَذكر السُّهيْلي أَنه كَانَ يرى فِيهَا اثْنَي عشر نجما كَمَا قَالَ
الْقُرْطُبِيّ فِي كتاب أَسمَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَصِفَاته أَنه لَا تزيد على تِسْعَة أنجم فِيمَا يذكرُونَ ونظم ذَلِك فِي
رجزه فَقَالَ
(وَهُوَ الَّذِي يرى النُّجُوم الخافية ... مبينات فِي السَّمَاء
الْعَالِيَة)
(إِحْدَى عشر عد فِي الثريا ... لناظر سواهُ مَا تهيا)
(1/305)
وَمن خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
بَيَاض إبطه فَإِنَّهُ أسود لأجل الشّعْر نَص على ذَلِك أَبُو نعيم فِي
دلائله فَقَالَ بَيَاض إبطه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من عَلامَة نبوته
وَادّعى الْمُهلب بن أبي صفرَة الْمَالِكِي أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
كَانَ لَا يتَجَنَّب الطّيب فِي الْإِحْرَام
ونهانا عَنهُ لضعفنا عَن ملك الشَّهَوَات
إِذْ الطّيب من أَسْبَاع الْجِمَاع ودواعيه
وَفِي الشِّفَاء لِابْنِ سبع أَنه لم تقع على ثِيَابه ذُبَاب قطّ
وَلم يكن الْقمل تؤذيه تَعْظِيمًا لَهُ وتكريما
وَأَن كل دَابَّة ركب عَلَيْهَا بقيت على الْقدر الَّذِي كَانَ يركب
عَلَيْهَا فَلم تهرم لبركته وَقَالَ غَرِيب
قَالَ وَكَانَ إِذا جلس أَعلَى من جَمِيع الْجُلُوس
وَإِذا مَشى بَين النَّاس ينْسب إِلَى الطول وَلم يكن أحد من النَّاس
يماشيه إِلَّا طاله
(1/306)
وَفِي الزَّمَخْشَرِيّ فِي سُورَة
التَّحْرِيم فِي قَوْله {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم}
إِن قلت هَل كفر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لذَلِك قلت عَن
الْحسن أَنه لم يكفر لِأَنَّهُ كَانَ مغفورا لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا
تَأَخّر
وَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيم للْمُؤْمِنين
وَعَن مقَاتل أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعتق رَقَبَة فِي
تَحْرِيم مَارِيَة اه
قَالَ مُؤَلفه غفر الله لَهُ قَرَأت على الشَّيْخ الإِمَام صَلَاح الدّين
أبي المحاسن يُوسُف بن أَحْمد بن عبيد الله بن جِبْرِيل الْموقع أَنا أَبُو
الْفرج الْحَرَّانِي قِرَاءَة عَلَيْهِ أَنا أَبُو حَامِد عبد الله بن
مُسلم بن حوالي قِرَاءَة عَلَيْهِ أَنا أَبُو مَنْصُور الْقَزاز أَنا
الْحَافِظ أَبُو بكر الْخَطِيب ... ...
(1/307)
أَنا الْحسن بن أبي بكر بن شَاذان ثَنَا
أَبُو الْحسن عبد الرَّحْمَن بن نصر الشَّاعِر ثَنَا أَبُو عمر الآسي
بِمصْر ثَنَا دِينَار مولى أنس قَالَ صنع أنس لأَصْحَابه طَعَاما فَلَمَّا
طعموا قَالَ يَا جَارِيَة هَاتِي المنديل فَجَاءَت بمندل درم فَقَالَ اسجري
التَّنور واطرحيه فِيهِ فَفعلت فابيض فَسَأَلْنَاهُ عَنهُ فَقَالَ إِن
كَانَ هَذَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن النَّار لَا تحرق
شَيْئا مسته أَيدي الْأَنْبِيَاء
وَهَذَا حَدِيث عَال وَقع عالي الْإِسْنَاد ودينار هَذَا ضَعَّفُوهُ
هَذَا آخر مَا تيَسّر جمعه - بِحَمْد الله وَمِنْه - وَأَنا ساع فِي
الزِّيَادَة عَلَيْهِ أعاننا الله على ذَلِك
فخصائصه فِي الْحَقِيقَة لَا تحصى ومآثره أَكثر من أَن يجاء بهَا فتستقصى
قَالَ الْمُؤلف تغمده الله برحمته وَوَقع الْفَرَاغ مِنْهُ عِنْد زَوَال
ظهر يَوْم الثُّلَاثَاء نصف شهر الله الْأَصَم رَجَب من سنة ثَمَان وَخمسين
وَسَبْعمائة
أحسن الله بَعْضهَا وَمَا بعْدهَا فِي خير وعافية وَذَلِكَ بِالْقَاهِرَةِ
المعزية من الديار المصرية حماها الله وَسَائِر بِلَاد الْإِسْلَام وَأَهله
(1/308)
|