كتاب المغازي للواقدي سَرِيّةُ
زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ إلَى أُمّ قِرْفَةَ
فِي رَمَضَانَ سنة ست
حدثني أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيّ قَالَ:
حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ
الْحُسَيْنِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ
خَرَجَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فِي تِجَارَةٍ إلَى الشّامِ، وَمَعَهُ
بَضَائِعُ لِأَصْحَابِ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَأَخَذَ خُصْيَتَيْ تَيْسٍ فَدَبَغَهُمَا ثُمّ جَعَلَ بَضَائِعَهُمْ
فِيهِمَا، ثُمّ خَرَجَ حَتّى إذَا كَانَ دُونَ وَادِي الْقُرَى
وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ لَقِيَهُ نَاسٌ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ
مِنْ بَنِي بَدْرٍ، فَضَرَبُوهُ وَضَرَبُوا أَصْحَابَهُ حَتّى ظَنّوا
أَنْ قَدْ قُتِلُوا، وَأَخَذُوا مَا كَانَ مَعَهُ ثُمّ اسْتُبِلّ 1
زَيْدٌ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ عَلَى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَبَعَثَهُ فِي سَرِيّةٍ فَقَالَ لَهُمْ: "اُكْمُنُوا
النّهَارَ وَسِيرُوا اللّيْلَ". فَخَرَجَ بِهِمْ دَلِيلٌ لَهُمْ
وَنَذَرَتْ بِهِمْ بَنُو بَدْرٍ فَكَانُوا يَجْعَلُونَ نَاطُورًا 2
لَهُمْ حِينَ يُصْبِحُونَ فَيَنْظُرُ عَلَى جَبَلٍ لَهُمْ مُشْرِفٍ
وَجْهَ الطّرِيقِ الّذِي يَرَوْنَ أَنّهُمْ يَأْتُونَ مِنْهُ
فَيَنْظُرُ قَدْرَ مَسِيرَةِ يَوْمٍ فَيَقُولُ اسْرَحُوا فَلَا بَأْسَ
عَلَيْكُمْ هَذِهِ لَيْلَتَكُمْ فَلَمّا كَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ
وَأَصْحَابُهُ عَلَى نَحْوِ مَسِيرَةِ لَيْلَةٍ أَخْطَأَ بِهِمْ
دَلِيلُهُمْ الطّرِيقَ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقًا أُخْرَى حَتّى
أَمْسَوْا وَهُمْ عَلَى خَطَأٍ فَعَرَفُوا خَطَأَهُمْ ثُمّ صَمَدُوا 3
لَهُمْ فِي اللّيْلِ حَتّى صَبّحُوهُمْ وَكَانَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ
نَهَاهُمْ حَيْثُ انْتَهَوْا عَنْ الطّلَبِ. قَالَ: ثُمّ وَعَزَ
إلَيْهِمْ ألا يفترقوا. وقال:
ـــــــ
1 استبل: أي برأ. [الصحاح، ص 1640].
2 الناطور: حافظ الكرم ، والمعنى هاهنا الطليعة. [القاموس المحيط، ج2،
ص 144].
3 صمدوا لهم: أي ثبتوا لهم وقصدوهم وانتظروا غفلتهم. [النهاية، ج2،
374].
(2/564)
إذَا كَبّرْت
فَكَبّرُوا. وَأَحَاطُوا بِالْحَاضِرِ ثُمّ كَبّرَ وَكَبّرُوا،
فَخَرَجَ سَلَمَةُ بْنُ 1 الْأَكْوَعِ فَطَلَبَ رَجُلًا مِنْهُمْ حَتّى
قَتَلَهُ وَقَدْ أَمْعَنَ فِي طَلَبِهِ وَأَخَذَ جَارِيَةَ بِنْتَ
مَالِكِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ وَجَدَهَا فِي بَيْتٍ مِنْ
بُيُوتِهِمْ وَأُمّهَا أُمّ قِرْفَةَ وَأُمّ قِرْفَةَ فَاطِمَةُ بِنْتُ
رَبِيعَةَ بْنِ زَيْدٍ. فَغَنِمُوا، وَأَقْبَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ،
وَأَقْبَلَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ بِالْجَارِيَةِ فَذَكَرَ ذَلِكَ
لِلنّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ
جَمَالَهَا، فَقَالَ: "يَا سَلَمَةُ مَا جَارِيَةٌ أَصَبْتهَا ؟"
قَالَ: جَارِيَةٌ يَا رَسُولَ اللّهِ رَجَوْت أَنْ أَفْتَدِيَ بِهَا
امْرَأَةً مِنّا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ. فَأَعَادَ رَسُولُ اللّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا
يَسْأَلُهُ مَا جَارِيَةٌ أَصَبْتهَا ؟ حَتّى عَرَفَ سَلَمَةُ أَنّهُ
يُرِيدُهَا فَوَهَبَهَا لَهُ فَوَهَبَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَزْنِ بْنِ أَبِي وَهْبٍ فَوَلَدَتْ
لَهُ امْرَأَةً لَيْسَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ غَيْرُهَا.
فَحَدّثَنِي مُحَمّدٌ عَنْ الزّهْرِيّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا، قَالَتْ وَقَدِمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مِنْ
وَجْهِهِ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي بَيْتِي، فَأَتَى زَيْدٌ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إلَيْهِ
رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرّ ثَوْبَهُ
عُرْيَانًا، مَا رَأَيْته عُرْيَانًا، قَبْلَهَا، حَتّى اعْتَنَقَهُ
وَقَبّلَهُ ثُمّ سَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا ظَفّرَهُ اللّهُ.
ـــــــ
1 كذا في الأصل وابن عبد البر. [الاستيعاب، ص 639]. وفي ابن سعد:
"مسلمة بن الأكوع". [الطبقات، ج3، ص 65].
(2/565)
ذِكْرُ مَنْ
قَتَلَ أُمّ قِرْفَةَ
قَتَلَهَا قَيْسُ بْنُ الْمُحَسّرِ قَتْلًا عَنِيفًا ; رَبَطَ بَيْنَ
رِجْلَيْهَا حَبْلًا ثُمّ رَبَطَهَا بَيْنَ بَعِيرَيْنِ وَهِيَ عَجُوزٌ
كَبِيرَةٌ. وَقَتَلَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ، وَقَتَلَ قَيْسَ
بْنَ النّعْمَانِ بْنِ مَسْعَدَةَ بْنِ حَكَمَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ
بَدْرٍ.
(2/565)
|