كتاب المغازي للواقدي

بَابُ شَأْنِ سَرِيّةِ قُطْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إلَى خَثْعَمَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ
حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ، قَالَ: حَدّثَنَا ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ قُطْبَةَ بْنَ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ فِي عِشْرِينَ رَجُلًا إلَى حَيّ خَثْعَمَ بِنَاحِيَةِ تَبَالَةَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشُنّ الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ وَأَنْ يَسِيرَ اللّيْلَ وَيَكْمُنَ النّهَارَ وَأَنْ يُغِذّ السّيْرَ فَخَرَجُوا فِي عَشَرَةِ أَبْعِرَةٍ يَعْتَقِبُونَ عَلَيْهَا، قَدْ غَيّبُوا السّلَاحَ فَأَخَذُوا عَلَى الْفَتْقِ حَتّى انْتَهَوْا إلَى بَطْنِ مَسْحَاءَ2 فَأَخَذُوا رَجُلًا فَسَأَلُوهُ فَاسْتَعْجَمَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَصِيحُ بِالْحَاضِرِ. وَخَبَرُ هَذِهِ السّرِيّةِ دَاخِلٌ فِي سَرِيّةِ شجاع بن وهب.
ـــــــ
2 في الأصل: "مسحب". وسحاء: موضع بالسرف بين مكة والمدينة، من مخاليف الطائف. " معجم البلدان، ج8،ص51".

(3/981)


سَرِيّةُ بَنِي كِلَابٍ أَمِيرُهَا الضّحّاكُ بْنُ سُفْيَانَ الْكِلَابِيّ
قَالَ: حَدّثَنِي رَشِيدٌ أَبُو مَوْهُوبٍ الْكِلَابِيّ، عَنْ حَيّانَ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعَنْبَسَةَ بْنِ سُلْمَى، وَحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ قَالُوا: بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا إلَى الْقُرَطَاءِ1 فِيهِمْ الضّحّاكُ بْنُ سُفْيَانَ بْنِ عَوْفِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْكِلَابِيّ، وَالْأَصْيَدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ قُرْطِ بْنِ عَبْدٍ، حَتّى لَقُوهُمْ بِالزّجّ2 زَجّ لَاوَةَ فَدَعَوْهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَبَوْا، فَقَاتَلُوهُمْ فَهَزَمُوهُمْ فَلَحِقَ الْأَصْيَدُ أَبَاهُ سَلَمَةَ بْنَ قُرْطٍ وَسَلَمَةُ عَلَى فَرَسٍ لَهُ عَلَى غَدِيرِ زَجّ فَدَعَا أَبَاهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَعْطَاهُ الْأَمَانَ فَسَبّهُ وَسَبّ دِينَهُ فَضَرَبَ الْأَصْيَدُ عُرْقُوبَيْ فَرَسِهِ فَلَمّا وَقَعَ عَلَى عُرْقُوبَيْهِ ارْتَكَزَ سَلَمَةُ عَلَى رُمْحِهِ فِي الْمَاءِ ثُمّ اسْتَمْسَكَ بِهِ حَتّى جَاءَهُ أَحَدُهُمْ فَقَتَلَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ ابْنُهُ. وَهَذِهِ السّرِيّةُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ تِسْعٍ. قَالَ: حَدّثَنِي رَشِيدٌ أَبُو مَوْهُوبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى، وَعَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُلْمَى قَالَا: كَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قُرَيْطٍ يَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَخَذُوا صَحِيفَتَهُ فَغَسَلُوهَا وَرَقَعُوا بِهَا اسْتَ دَلْوِهِمْ وَأَبَوْا أَنْ يُجِيبُوا. فَقَالَتْ أُمّ حَبِيبِ بِنْتُ عَامِرِ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ قُرَيْطِ. بْنِ عَبْدِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَخَاصَمَتْهُمْ فِي بَيْتٍ لَهَا فقالت:
يا ابْنَ سَعِيدٍ لَا تَكُونَنّ ضُحْكَةً ... وَإِيّاكَ وَاسْتَمْرِرْ لَهُمْ بِمَرِيرِ
أَيَا ابْنَ سَعِيدٍ إنّمَا الْقَوْمُ مَعْشَرٌ ... عَصَوْا مُنْذُ قَامَ الدّينُ كُلّ أَمِيرِ
ـــــــ
1 القرطاء: بطن من بني بكر. "شرح على المواهب اللدنية، ج3، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 57".
2 الزج:موضع بناحية ضرية."وفاؤ الوفا،ج2،ص317".

(3/982)


إذَا مَا أَتَتْهُمْ آيَةٌ مِنْ مُحَمّدٍ
مَحَوْهَا بِمَاءِ الْبِئْرِ فَهْيَ عَصِيرِ1
قَالُوا: فَلَمّا فَعَلُوا بِالْكِتَابِ مَا فَعَلُوا قَالَ: رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَهُمْ ؟ "أَذَهَبَ اللّهُ بِعُقُولِهِمْ" ؟ فَهُمْ أَهْلُ رِعْدَةٍ. وَعَجَلَةٍ وَكَلَامٍ مُخْتَلِطٍ وَأَهْلُ سَفَهٍ وَكَانَ الّذِي جَاءَهُمْ بِالْكِتَابِ رَجُلٌ مِنْ عُرَيْنَةَ يُقَالُ: لَهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَوْسَجَةَ. لِمُسْتَهَلّ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ تِسْعٍ . قَالَ: الْوَاقِدِيّ : رَأَيْت بَعْضَهُمْ عَيِيّا لَا يُبِينُ الْكَلَامَ.
ـــــــ
1 كذا في الأصل،وهو إقواء.

(3/983)