البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
غزوة بني لحيان
ذكرها البيهقي في الدلائل، وإنما ذكرها ابن إسحاق فيما رأيته من طريق
هشام عن زياد عنه في جمادي الاولى من سنة ثنتين من الهجرة بعد لخندق
وبني قريظة وهو أشبه مما ذكره البيهقي والله أعلم.
وقال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس
الاصم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار وغيره قالوا: لما أصيب خبيب وأصحابه
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبا بدمائهم ليصيب من بني لحيان
غرة، فسلك طريق الشام ليرى (2) أنه لا يريد بني لحيان، حتى نزل بأرضهم
[ من هذيل، ليصيب منهم غرة ] فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رؤوس الجبال،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو أنا هبطنا عسفان لرأت قريش
أنا قد جئنا مكة " فخرج في مائتي راكب حتى نزل عسفان، ثم بعث فارسين
حتى جاءا كراع الغميم ثم انصرفا، فذكر أبو عياش الزرقي: أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعسفان صلاة الخوف (3).
وقد قال الامام أحمد: حدثنا عبد الرزاق حدثنا الثوري عن منصور عن مجاهد
عن ابن عياش قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان
فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى
بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر فقالوا: قد كانوا على
__________
(1) رواه البيهقي عن الواقدي في الدلائل ج 3 / 361 - 363 وفي الواقدي
منه وباختلاف كبير ونقله الصالحي في السيرة الشامية ج 4 / 463 - 465
وزاد في آخره، على المحاورة بين عمرو بن سعدي وكعب بن أسد.
(2) في الدلائل: وورا على الناس.
(3) قال بعض العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف
في عشرة مواضع، وقال أصحاب المغازي والسير، في أربعة مواضع: ذات
الرقاع، وبطن نخل، وعسفان وذي قرد.
قال الواقدي: أول ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في
غزوة ذات الرقاع، ثم صلاها بعد بعسفان بينهما أربع سنوات (قال الواقدي
غزوة بني لحيان سنة ست) قال الواقدي: وهذا أثبت عندنا من غيره.
الحديث رواه البيهقي في الدلائل ج 3 / 365، وما بين معكوفين من
الدلائل.
وانظر مغازي الواقدي ج 1 / 396.
(*)
(4/93)
حال لو أصبنا
غرتهم (1).
ثم قالوا تأتي الآن عليهم صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم.
قال فنزل جبريل بهذه الآيات بين الظهر والعصر [ وإذا كنت فيهم فأقمت
لهم الصلاة ] قال فحضرت فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا
السلاح فصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا جميعا، ثم رفع فرفعنا جميعا، ثم
سجد بالصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلما سجدوا وقاموا جلس
الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى
مصاف هؤلاء قال ثم ركع فركعوا جميعا ثم رفع فرفعوا جميعا، ثم سجد الصف
الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلسوا جلس الآخرون فسجدوا ثم
سلم عليهم ثم انصرف.
قال فضلاها (فصلاها) رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرة بأرض
عسفان ومرة بأرض بني سليم.
ثم رواه أحمد عن غندر عن شعبة عن منصور به نحوه (2).
وقد رواه أبو داود: عن سعيد بن منصور، عن جرير بن عبد الحميد والنسائي
عن الفلاس عن عبد العزيز بن عبد الصمد عن محمد بن المثنى وبندار عن
غندر عن شعبة ثلاثتهم عن
منصور به.
وهذا إسناد على شرط الصحيحين ولم يخرجه واحد منهما لكن روى مسلم (3) من
طريق أبي خيثمة زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر قال: غزونا مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من جهينة فقاتلوا قتالا شديدا فلما
أن صلى الظهر قال المشركون لو ملنا عليهم ميلة لاقتطعناهم فأخبر جبريل
رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وذكر لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال: " وقالوا إنه ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الاولاد " فذكر
الحديث كنحو ما تقدم وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا هشام عن أبي الزبير
عن جابر بن عبد الله قال: " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه
الظهر بنخل فهم به المشركون ثم قالوا: دعوهم فإن لهم صلاة بعد هذه
الصلاة هي أحب إليهم من أبنائهم، قال: فنزل جبريل على رسول الله صلى
الله عليه وسلم فأخبره فصلى بأصحابه صلاة العصر فصفهم صفين: بين أيديهم
رسول الله والعدو بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر وكبروا
جميعا وركعوا جميعا ثم سجد الذين يلونهم والآخرون قيام، فلما رفعوا
رؤوسهم سجد الآخرون ثم تقدم هؤلاء وتأخر هؤلاء فكبروا جميعا وركعوا
جميعا ثم سجد الذين يلونه والآخرون قيام فلما رفعوا رؤوسهم سجد الآخرون
(4)، وقد استشهد البخاري في صحيحه برواية هشام هذه عن أبي الزبير عن
جابر.
وقال الامام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا سعيد بن عبيد الهنائي (5)،
حدثنا عبد الله بن شقيق حدثنا أبو هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم
من أبنائهم وأبكارهم
__________
(1) في سنن أبي داود: لقد أصبنا غرة، لقد أصبنا غفلة، لو كنا حملنا
عليهم وهم في الصلاة.
(2) أبو داود في كتاب الصلاة، صلاة الخوف ح 1236 ج 2 / 11.
(3) صحيح مسلم: 6 كتاب صلاة المسافرين 57 باب صلاة الخوف ح 307.
(4) أخرجه البخاري معلقا.
فتح الباري 7 / 436.
وأخرجه مسلم في 6 كتاب المساجد 57 باب صلاة الخوف ح 308 ص 1 / 575.
(5) الهنائي: نسبة إلى هناءة بن مالك بن فهم بن غنم بن دوس، بطن من
الازد.
اللباب 3 / 294.
(*)
(4/94)
وهي العصر،
فاجتمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة.
وإن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن
يقيم أصحابه شطرين فيصلي ببعضهم ويقدم الطائفة الاخرى وراءهم وليأخذوا
حذرهم واسلحتهم ثم تأتي الاخرى فيصلون معه ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم
ليكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولرسول الله
ركعتان.
ورواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الصمد به، وقال الترمذي حسن صحيح.
قلت إن كان أبو هريرة شهد هذا فهو بعد خيبر إلا فهو من مرسلات الصحابي
ولا يضر ذلك عند الجمهور والله أعلم.
ولم يذكر في سياق حديث جابر عند مسلم ولا عند أبي داود الطيالسي أمر
عسفان ولا خالد بن الوليد لكن الظاهر أنها واحدة.
بقي الشأن في أن غزوة عسفان قبل الخندق أو بعدها، فإن من العلماء منهم
الشافعي من يزعم أن صلاة الخوف إنما شرعت بعد يوم الخندق فإنهم أخروا
الصلاة يومئذ عن ميقاتها لعذر القتال ولو كانت صلاة الخوف مشروعة إذ
ذاك لفعلوها ولم يؤخروها، ولهذا قال بعض أهل المغازي: إن غزوة بني
لحيان التي صلى فيها صلاة الخوف بعسفان كانت بعد بني قريظة.
وقد ذكر الواقدي بأسناده عن خالد بن الوليد قال: لما خرج رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان فوقفت بأزائه وتعرضت له،
فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا فأطلعه
الله على ما في أنفسنا من الهم به فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف.
قلت: وعمرة الحديبية كانت في ذي القعدة سنة ست بعد الخندق وبني قريظة
كما سيأتي.
وفي سياق حديث أبي عياش الزرقي ما يقتضي أن آية صلاة الخوف نزلت في هذه
الغزوة يوم عسفان فاقتضى ذلك أنها أول صلاة خوف صلاها والله أعلم.
وسنذكر إن شاء الله تعالى كيفية صلاة الخوف واختلاف الروايات فيها في
كتاب الاحكام الكبير إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.
غزوة ذات الرقاع (1) قال ابن
إسحاق:: ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعد غزوة بني
النضير شهري ربيع وبعض جمادي ثم غزا نجدا يريد بني محارب وبني ثعلبة من
غطفان واستعمل على المدينة أبا ذر (2).
قال ابن هشام: ويقال عثمان بن عفان، قال ابن إسحاق فسار حتى نزل نخلا
وهي غزوة ذات الرقاع.
قال ابن هشام لانهم رقعوا فيها راياتهم، ويقال لشجرة هناك اسمها ذات
الرقاع، وقال
الواقدي بجبل فيه بقع حمر وسود وبيض.
وفي حديث أبي موسى: إنما سميت بذلك لما كانوا يربطون على أرجلهم من
الخرق من شدة الحر.
قال ابن إسحاق: فلقي بها جمعا [ عظيما ] من
__________
(1) انظر في غزوة ذات الرقاع: ابن سعد ج 2 / 61 سيرة ابن هشام 3 / 213
أنساب الاشراف: 1 / 163 مغازي الواقدي 1 / 395 صحيح مسلم شرح النووي 12
/ 17 تاريخ الطبري 3 / 39 ابن حزم ص 182 عيون الاثر 2 / 72 النويري 17
/ 158 دلائل البيهقي 3 / 369 السيرة الحلبية 2 / 353.
(2) قال ابن سعد: استعمل عثمان بن عفان، وقال الزرقاني: قاله ابن اسحاق
وتعقبه ابن عبد البر بأنه خلاف ما عليه الاكثر، وبأن أبا ذر لما أسلم
بمكة رجع إلى بلاده فلم يجئ إلا بعد الخندق.
(*)
(4/95)
غطفان فتقارب
الناس، ولم يكن بينهم حرب، وقد خاف الناس بعضهم بعضا، حتى صلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الخوف، [ ثم انصرف الناس ] (1)
وقد أسند ابن هشام حديث صلاة الخوف ههنا: عن عبد الوارث بن سعيد
التنوري، عن يونس بن عبيد، عن الحسن عن جابر بن عبد الله وعن عبد
الوارث عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر وعن عبد الوارث عن أيوب عن نافع
عن ابن عمر ولكن لم يذكر في هذه الطرق غزوة نجد ولا ذات الرقاع ولم
يتعرض لزمان ولا ومكان وفي كون غزوة ذات الرقاع التي كانت بنجد لقتال
بني محارب وبني ثعلبة بن غطفان قبل الخندق نظر.
وقد ذهب البخاري إلى أن ذلك كان بعد خيبر واستدل على ذلك بأن أبا موسى
الاشعري شهدها كما سيأتي وقدومه إنما كان ليالي خيبر صحبة جعفر وأصحابه
وكذلك أبو هريرة وقد قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في
غزوة نجد صلاة الخوف، ومما يدل على أنها بعد الخندق أن ابن عمر إنما
أجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال أول ما أجازه يوم
الخندق.
وقد ثبت عنه في الصحيح أنه قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل نجد فذكر صلاة الخوف، وقول الواقدي: أنه عليه السلام خرج إلى ذات
الرقاع في أربعمائة ويقال سبعمائة من أصحابه ليلة السبت لعشر خلون من
المحرم سنة خمس فيه نظر، ثم لا يحصل به نجاة من أن صلاة الخوف إنما
شرعت بعد الخندق لان الخندق كان في شوال سنة خمس على المشهود، وقيل في
شوال سنة أربع، فتحصل على هذا القول مخلص من
حديث ابن عمر، فأما حديث أبي موسى وأبي هريرة فلا.
قصة غورث بن الحارث قال ابن إسحاق
في هذه الغزوة: حدثني عمرو بن عبيد عن الحسن عن جابر بن عبد الله أن
رجلا من بني محارب، يقال له: غورث (2)، قال لقومه من غطفان ومحارب: ألا
أقتل لكم محمدا ؟ قالوا: بلى وكيف تقتله ؟ قال: أفتك به.
قال: فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، وسيف رسول الله
صلى الله عليه وسلم في حجره.
فقال: يا محمد، انظر إلى سيفك هذا ؟ قال: نعم، فأخذه ثم جعل يهزه ويهم،
فكبته الله.
ثم قال: يا محمد، أما تخافني ؟ قال: لا، ما أخاف منك ؟ قال: أما تخافني
وفي يدي السيف.
قال: لا، يمنعني الله منك.
ثم عمد إلى سيف النبي صلى الله عليه وسلم فرده عليه فأنزل الله عزوجل
(يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا
إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
[ المائدة 5: 11 ].
قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان: أنهم إنما أنزلت في عمرو بن
جحاش، أخي بني النضير وما هم به (3).
هكذا ذكر ابن إسحاق قصة غورث هذا عن عمرو بن عبيد القدري رأس الفرقة
__________
(1) من ابن هشام، قال ابن سعد والواقدي:: وقد غاب خمس عشرة ليلة.
(2) قال الخطابي: غويرث، وحكى الخطيب فيه: كورث (شرح المواهب) (3) سيرة
ابن هشام ج 3 / 216.
(*)
(4/96)
الضالة ؟ وهو
وإن كان لا يتهم بتعمد الكذب في الحديث إلا أنه ممن لا ينبغي أن يروي
عنه لبدعته ودعائه إليها.
وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من غير هذا الوجه ولله الحمد.
فقد أورد الحافظ البيهقي (1) هاهنا طرقا لهذا الحديث من عدة أماكن، وهي
ثابتة في الصحيحين من حديث الزهري عن سنان بن أبي سنان وأبي سلمة عن
جابر: أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة نجد، فلما قفل
رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركته القائلة في واد كثير العضاه (2)
فتفرق الناس يستظلون بالشجر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ظل
شجرة (3) فعلق بها سيفه.
قال جابر: فنمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
يدعونا فأجبناه، وإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول صلى الله عليه وسلم:
إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال: من يمنعك
مني ؟ قلت: الله.
فقال: من يمنعك مني ؟ قلت: الله.
مشام (4) السيف وجلس، ولم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فعل
ذلك، وقد رواه مسلم أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عفان، عن أبان، عن
يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر قال: أقبلنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع، وكنا إذا أتينا على الشجرة
ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه رجل من المشركين
وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة، فأخذ سيف رسول الله
فاخترطه وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم تخافني ؟ قال: لا.
قال: فمن يمنعك مني ؟ قال: الله يمنعني منك، قال: فهدده أصحاب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه.
قال: ونودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الاخرى
ركعتين قال: فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم
ركعتان.
وقد علقه البخاري بصيغة الجزم عن أبان به.
قال البخاري وقال مسدد عن أبي عوانة عن أبي بشر: أن اسم الرجل غورث بن
الحارث.
وأسند البيهقي من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر، عن سليمان بن قيس، عن
جابر قال: قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب وغطفان (5) بنخل
فرأوا من المسلمين غرة، فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث، حتى قام
على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف، وقال: من يمنعك مني ؟
قال: الله، فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
السيف.
وقال: من يمنعك مني ؟ فقال كن خير آخذ.
قال: تشهد أن لا إله إلا الله قال: لا.
ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك، ولا أكون
__________
(1) تناول البيهقي قصة غورث في دلائل النبوة في باب عصمة الله عزوجل
رسوله صلى الله عليه وسلم عما هم بن غورث بن الحارث من قتله وكيفية
صلاته في الخوف ج 3 / 373.
(2) العضاه: شجر عظيم الشوك، شوكه كالطلح، والعوسج.
(3) في البيهقي: سمرة.
(4) شام: كلمة من الاضداد تعني إذا سل سيفه وإذا أغمده، والمراد هنا:
أغمده.
والحديث أخرجه البخاري في كتاب المغازي 31 باب غزوة ذات الرقاع فتح
الباري 7 / 426 ورواه مسلم في 43
كتاب الفضائل (4) باب ح 13 وح 14.
(5) في البيهقي: محارب خصفه بنخل.
(*)
(4/97)
مع قوم
يقاتلونك، فخلي سبيله، فأتى أصحابه وقال: جئتكم من عند خير الناس.
ثم ذكر صلاة الخوف وأنه صلى أربع ركعات بكل طائفة ركعتين (1).
وقد أورد البيهقي هنا طرق صلاة الخوف بذات الرقاع عن صالح بن خوات بن
جبير عن سهل بن أبي جثمة (حثمة)، وحديث الزهري عن سالم [ بن عبد الله ]
عن أبيه [ عبد الله بن عمر ] في صلاة الخوف بنجد (2).
وموضع ذلك كتاب الاحكام.
والله أعلم.
قصة الذي أصيبت امرأته يومذاك قال
محمد بن إسحاق: حدثني عمي صدقة (3) بن يسار عن عقيل بن جابر، عن جابر
بن عبد الله قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات
الرقاع من نخل، فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين، فلما انصرف رسول الله
صلى الله عليه وسلم قافلا، أتى زوجها، وكان غائبا، فلما أخبر الخبر حلف
لا ينتهي حتى يهريق في أصحاب محمد دما فخرج يتبع إثر رسول الله صلى
الله عليه وسلم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا، فقال من رجل
يكلؤنا ليلتنا [ هذه ] (4) فانتدب رجل من المهاجرين، ورجل من الانصار.
فقالا: نحن يا رسول الله، قال: فكونا بفم الشعب من الوادي، وهما عمار
بن ياسر وعباد بن بشر فلما خرجا إلى فم الشعب قال الانصاري للمهاجري:
أي الليل تحب أن أكفيكه أوله أم آخره ؟ قال: بل أكفني أوله، فاضطجع
المهاجري فنام وقام الانصاري يصلي، قال: وأتى الرجل، فلما رأى شخص
الرجل عرف أنه ربيئة (4) القوم فرمى بسهم فوضعه فيه، فانتزعه ووضعه
وثبت قائما قال: ثم رمى بسهم آخر فوضعه فيه فنزعه فوضعه وثبت قائما
قال: ثم عاد له بالثالث فوضعه فيه فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد ثم أهب
صاحبه، فقال: اجلس فقد أثبت قال: فوثب الرجل فلما رآها عرف أنه قد نذرا
به، فهرب قال: ولما رأى المهاجري ما بالانصاري من الدماء قال سبحان
الله: أفلا أهببتني أول ما رماك ؟ قال كنا في سورة أقرؤها فلم أحب أن
أقطعها حتى
أنفذها، فلما تابع علي الرمي ركعت فأذنتك، وأيم الله لولا أن أضيع ثغرا
أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو
أنفذها.
هكذا ذكره ابن إسحاق في المغازي وقد رواه أبو داود عن أبي توبة عن عبد
الله بن المبارك عن ابن إسحاق به.
وقد ذكر الواقدي عن عبد الله العمري عن أخيه عبيدالله عن القاسم بن
محمد عن صالح بن خوات عن أبيه حديث صلاة الخوف
__________
(1) دلائل البيهقي ج 3 / 375.
(2) دلائل النبوة ج 3 / 379 وما بين معكوفين من الدلائل.
(3) صدقة بن يسار رجل خزري سكن مكة، وليس بعم لمحمد بن اسحاق.
وأخرج الحديث أبو داود في سننه عن ابن اسحاق ولم يذكر فيه " عمي " قاله
أبو ذر، ورواه ابن جرير بإسناده دون ذكر عمي.
راجع الخبر في سيرة ابن هشام ج 3 / 218.
(4) الربيئة: الطليعة الذي يحرس القوم، يقال ربأ القوم إذا حرسهم (شرح
أبي ذر ص 295) (*).
(4/98)
بطوله قال:
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصاب في محالهم نسوة، وكان في
السبي جارية وضيئة وكان زوجها يحبها فحلف ليطلبن محمدا ولا يرجع حتى
يصيب دما أو يخلص صاحبته ثم ذكر من السياق نحو ما أورده محمد بن إسحاق.
قال الواقدي وكان جابر بن عبد الله يقول بينا أنا مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذ جاء رجل من أصحابه بفرخ طائر ورسول الله صلى الله
عليه وسلم ينظر إليه فأقبل إليه أبواه أو أحدهما حتى طرح نفسه في يدي
الذي أخذ فرخه، فرأيت أن الناس عجبوا من ذلك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من هذا الطائر أخذتم فرخه
فطرح نفسه رحمة لفرخه فوالله لربكم أرحم بكم من هذا الطائر بفرخه (1).
قصة جمل جابر قال محمد بن إسحاق:
حدثني وهب بن كيسان، عن جابر بن عبد الله قال: خرجت مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى غزوة ذات الرقاع من نخل، على جمل لي ضعيف، فلما قفل
رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف حتى أدركني
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مالك يا جابر ؟ قلت: يا
رسول الله أبطأ بي جملي هذا.
قال: أنخه، قال فأنخته، وأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:
أعطني هذه العصا من يدك، أو أقطع عصا من شجرة، ففعلت.
فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخسه بها نخسات، ثم قال: اركب،
فركبت فخرج، والذي بعثه بالحق يواهق (2) ناقته مواهقة.
قال: وتحدثت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أتبيعني جملك هذا
يا جابر ؟ قال: قلت بل أهبه لك قال: لا ولكن بعنيه، قال: قلت فسمنيه،
قال: قد أخذته بدرهم، قال: قلت: لا إذا تغبنني يا رسول الله، قال:
فبدرهمين، قال: قلت لا، قال: فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه
وسلم حتى بلغ الاوقية، قال فقلت: أفقد رضيت ؟ قال: نعم، قلت فهو لك،
قال: قد أخذته ثم قال: يا جابر هل تزوجت بعد، قال قلت: نعم يا رسول
الله، قال: أثيبا أم بكرا، قال: قلت بل ثيبا، قال: أفلا جارية تلاعبها
وتلاعبك، قال: قلت يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد وترك بنات له سبعا
(3)، فنكحت امرأة جامعة، تجمع رؤوسهن فتقوم عليهن.
قال: أصبت إن شاء الله، أما إنا لو جئنا صرارا (4) أمرنا بجزور فنحرت،
فأقمنا عليها يومنا ذلك، وسمعت بنا فنفضت نمارقها، قال: فقلت والله يا
رسول الله ما لنا نمارق، قال: إنها ستكون، فإذا أنت قدمت فاعمل عملا
كيسا، قال: فلما جئنا صرارا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجزور
فنحرت، وأقمنا عليها ذلك اليوم، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه
وسلم دخل ودخلنا.
قال: فحدثت المرأة الحديث، وما
__________
(1) مغازي الواقدي 1 / 397 ونقله عنه البيهقي في الدلائل 3 / 379.
(2) يواهق ناقته: أي يباريها في السير ويماشيها، ومواهقة الابل مد
أعناقها في السير (النهاية 4 / 234).
(3) في الواقدي: تسعا.
(4) صرار: موضع على ثلاثة أميال من المدينة (معجم البلدان).
(*)
(4/99)
قال لي رسول
الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فدونك فسمع وطاعة، فلما أصبحت أخذت
برأس الجمل، فأقبلت به حتى أنخته على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ثم جلست في المسجد قريبا منه، قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
فرأى الجمل فقال: ما هذا، قالوا: يا رسول الله هذا جمل جاء به جابر،
قال:
فأين جابر ؟ فدعيت له، قال: فقال: يا ابن أخي خذ برأس جملك فهو لك،
قال: ودعا بلالا فقال: اذهب بجابر، فأعطه أوقية، قال: فذهبت معه
فأعطاني أوقية وزادني شيئا يسيرا، قال: فوالله ما زال ينمي عندي، ويرى
مكانه من بيتنا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا.
يعني يوم الحرة (1).
وقد أخرجه صاحب الصحيح من حديث عبيد الله بن عمر العمري عن وهب بن
كيسان عن جابر ينحوه (2) قال السهيلي: في هذا الحديث إشارة إلى ما كان
أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر بن عبد الله أن الله أحيا
والده وكلمه فقال له تمن علي.
وذلك أنه شهيد وقد قال الله تعالى (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم
وأموالهم) وزادهم على ذلك في قوله (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) ثم جمع
لهم بين العوض والمعوض فرد عليهم أرواحهم التي اشتراها منهم فقال (ولا
تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون)
والروح للانسان بمنزلة المطية كما قال عمر بن عبد العزيز.
قال: فلذلك اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم جابر جمله وهو مطيته،
فأعطاه ثمنه ثم رده عليه وزاده مع ذلك.
قال ففيه تحقيق لما كان أخبره به عن أبيه.
وهذا الذي سلكه السهيلي هاهنا إشارة غريبة وتخيل بديع والله سبحانه
وتعالى أعلم.
وقد ترجم الحافظ البيهقي في كتابه (دلائل النبوة) (3) على هذا الحديث
في هذه الغزوة فقال: باب ما كان ظهر في غزاته هذه من بركاته وآياته في
جمل جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وهذا الحديث له طرق عن جابر وألفاظ كثيرة وفيه اختلاف كثير في كمية ثمن
الجمل وكيفية ما اشترط في البيع.
وتحرير ذلك واستقصاؤه لائق بكتاب البيع من الاحكام والله أعلم.
وقد جاء تقييده بهذه الغزوة وجاء تقييده بغيرها كما سيأتي ومستبعد
تعداد ذلك والله أعلم.
غزوة بدر الآخرة وهي بدر الموعد
التي تواعدوا إليها من أحد كما تقدم.
قال ابن إسحاق: ولما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة من
غزوة ذات الرقاع أقام بها بقية جمادي الاولى وجمادي الآخرة ورجبا، ثم
خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان.
قال ابن هشام: واستعمل على المدينة عبد الله بن
__________
(1) المراد وقعة الحرة التي كانت بالمدينة أيام يزيد بن معاوية على يد
مسلم بن عقبة المري، وكان سببها حركة المدينة
ضد يزيد واخراجهم مروان بن الحكم وبنى أمية من المدينة.
ورد يزيد بإرساله قائده ابن عقبة حيث ابيحت المدينة ثلاثة أيام أمام
جيشه بما فيها من مال أو رقة أو سلاح أو طعام (انظر الطبري ج 7 / 6 -
7).
(2) في 34 كتاب البيوع 34 باب شراء الدواب فتح الباري 4 / 320 (3) ج 3
/ 381.
(*)
(4/100)
عبد الله بن
أبي بن سلول.
قال ابن إسحاق: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وأقام عليه
ثمانيا ينتظر أبا سفيان.
وخرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة، من ناحية الظهران.
وبعض الناس يقول قد بلغ عسفان، ثم بدا في الرجوع فقال: يا معشر قريش،
إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، فإن
عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا.
فرجع الناس، فسماهم أهل مكة جيش السويق، يقولون: إنما خرجتم تشربون
السويق.
قال: وأتى مخشي بن عمرو الضمري، وقد كان وادع النبي صلى الله عليه وسلم
في غزوة ودان على بني ضمرة فقال: يا محمد أجئت للقاء قريش على هذا
الماء ؟ قال: نعم يا أخا بني ضمرة، وإن شئت رددنا إليك ما كان بيننا
وبينك، وجالدناك حتى يحكم الله بيننا وبينك.
قال: لا والله يا محمد ما لنا بذلك من حاجة.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يلق كيدا.
قال ابن إسحاق وقد قال عبد الله بن رواحة يعني في انتظارهم أبا سفيان
ورجوعه بقريش عامه ذلك قال ابن هشام وقد أنشدنيها أبو زيد لكعب بن
مالك: وعدنا أبا سفيان بدرا فلم نجد * لميعاده صدقا وما كان وافيا
فأقسم لو لاقيتنا فلقيتنا * لابت ذميما وافتقدت المواليا تركنا به
أوصال عتبة وابنه * وعمرا أبا جهل تركناه ثاويا غصيتم رسول الله أف
لدينكم * وأمركم السئ الذي كان غاويا فإني وإن عنفتموني لقائل * فدى
لرسول الله أهلي وماليا أطعناه لم نعدله فينا بغيره * شهابا لنا في
ظلمة الليل هاديا
قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت في ذلك: دعوا فلجات الشام قد حال
دونها * جلاد كأفواه المخاض الاوارك (1) بأيدي رجال هاجروا نحو ربهم *
وأنصاره حقا وأيدي الملائك إذا سلكت للغور من بطن عالج * فقولا لها ليس
الطريق هنالك (2) أقمنا على الرس النزوع ثمانيا * بأرعن جرار عريض
المبارك (3) بكل كميت جوزه نصف خلقه * وقب طوال مشرفات الحوارك ترى
العرفج العامي تذري أصوله * مناسم أخفاف المطي الرواتك فإن تلق في
تطوافنا والتماسنا * فرات بن حيان يكن رهن هالك وإن تلق قيس بن امرئ
القيس بعده * يزد في سواد لونه لون حالك فأبلغ أبا سفيان عني رسالة *
فإنك من غر الرجال الصعالك
__________
(1) فلجات: جمع فلج، وهو الماء الجاري: سمي فلجا لانه فدخ في الارض،
وفرق بين جانبيه.
(2) عالج: مكان فيه رمل كثير.
(3) أرعن: الجيش الكثير الذي له اتباع وفضول.
(*)
(4/101)
قال: فأجابه
أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وقد أسلم فيما بعد ذلك: أحسان إنا
يا ابن آكلة الفغا * وجدك نغتال الخروق كذلك (1) خرجنا وما تنجو
اليعافير بيننا * ولو وألت منا بشد مدارك إذا ما انبعثنا من مناخ حسبته
* مد من أهل الموسم المتعارك (2) اقمت على الرس النزوع تريدنا *
وتتركنا في النخل عند المدارك على الزرع تمشي خيلنا وركابنا * فما وطئت
ألصقنه بالدكادك أقمنا ثلاثا بين سلع وفارع * بجرد الجياد والمطي
الرواتك (3) حسبتم جلاد القوم عند فنائكم (4) * كمأخذكم بالعين أرطال
آنك
فلا تبعث الخيل الجياد وقل لها * على نحو قول المعصم المتماسك سعدتم
بها وغيركم كان أهلها * فوارس من أبناء فهر بن مالك فإنك لا في هجرة إن
ذكرتها * ولا حرمات دينها أنت ناسك (5) قال ابن هشام: تركنا منها
أبياتا لاختلاف قوافيها، وقد ذكر موسى بن عقبة عن الزهري وابن لهيعة عن
أبي الاسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنفر
الناس لموعد أبي سفيان وانبعث المنافقون في الناس يثبطونهم فسلم الله
أولياءه، وخرج المسلمون صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر
وأخذوا معهم بضائع، وقالوا: إن وجدنا أبا سفيان وإلا اشترينا من بضائع
موسم بدر ثم ذكر نحو سياق ابن إسحاق في خروج أبي سفيان إلى مجنة ورجوعه
وفي مقاولة الضمري، وعرض النبي صلى الله عليه وسلم المنابذة فأبى ذلك
(6).
قال الواقدي: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها في ألف وخمسمائة
من أصحابه واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة.
وكان خروجه إليها في مستهل ذي القعدة يعني سنة أربع، والصحيح قول ابن
إسحاق أن ذلك في شعبان من هذه السنة الرابعة ووافق قول موسى بن عقبة
أنها في شعبان لكن قال في سنة ثلاث وهذا وهم فإن هذه تواعدوا إليها من
أحد وكانت أحد في شوال سنة ثلاث كما تقدم والله أعلم.
قال الواقدي: فأقاموا ببدر مدة الموسم الذي كان يعقد فيها ثمانية أيام
فرجعوا وقد ربحوا من الدرهم درهمين (7).
وقال غيره: فانقلبوا كما
__________
(1) الغفا: التمر، وقيل: هو غبرة تعلو التمر قبل أن يطيب.
نغتال: نقطع.
الخروق: القفار.
(2) المدمن: الموضع الذي ينزلون فيه فيتركون به الدمن، أي آثار الدواب
والابل، وأرواثها وبعارها.
(3) سلع وقارع: جبلان.
(4) في ابن هشام: قبابهم، وفي طبقات الشعراء: حول بيوتكم.
(5) وتروى: ولا حرمات الدين أنت بناسك.
(6) نقل الخبر البيهقي في الدلائل 3 / 385 و 386.
والدرر في اختصار المغازي والسير (ص: 168).
(7) مغازي الواقدي: 1 / 384.
(*)
(4/102)
قال الله عزوجل: (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا
رضوان الله والله (ذو) فضل عظيم) [ آل عمران: 174 ]. |