البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين
فيها بعث معاوية عمرو بن العاص إلى ديار مصر فأخذها من محمد بن أبي بكر
واستناب معاوية عمرا عليها، وذلك كما سنبينه، وقد كان علي رضي الله عنه
استناب عليها قيس بن سعد بن عبادة وانتزعها من يد محمد بن أبي حذيفة
حين كان استحوذ عليها ومنع عبد الله بن سعد بن أبي سرح من التصرف فيها،
حين حصر عثمان - وقد كان عثمان استخلفه عليها وعزل عنها عمرو بن العاص
- وعمرو كان هو الذي افتتحها كما قدمنا ذكر ذلك.
ثم إن عليا عزل قيس بن سعد عنها وولى عليها محمد بن أبي بكر وقد ندم
علي على عزل قيس بن سعد عنها، وذلك أنه كان كفوا لمعاوية وعمرو، ولما
ولى محمد بن أبي بكر لم يكن فيه قوة تعادل معاوية وعمرا، وحين عزل قيس
بن سعد عنها رجع إلى المدينة ثم سار إلى علي بالعراق فكان معه، وكان
معاوية يقول: والله لقيس بن سعد عند علي أبغض إلي من مائة ألف مقاتل
بدله عنده، فشهد معه صفين فلما فرغ علي من صفين وبلغه أن أهل مصر قد
استخفوا بمحمد بن أبي بكر لكونه شاب ابن ست وعشرين سنة أو نحو ذلك عزم
على رد مصر إلى قيس بن سعد وكان قد جعله على شرطته أو إلى الاشتر
النخعي وقد كان نائبه على الموصل ونصيبين، فكتب إليه بعد صفين فاستقدمه
عليه ثم ولاه
مصر، فلما بلغ معاوية تولية علي للاشتر النخعي ديار مصر بدل محمد بن
أبي بكر عظم ذلك عليه، وذلك أنه كان قد طمع في مصر واستنزاعها من يد
محمد بن أبي بكر، وعلم أن الاشتر سيمنعها منه لحزمه وشجاعته، فلما سار
الاشتر إليها وانتهى إلى القلزم استقبله الخانسار (1) وهو مقدم على
الخراج فقدم إليه طعاما وسقاه شرابا من عسل فمات منه، فلما بلغ ذلك
معاوية وعمرا وأهل الشام قالوا: إن لله جنودا من عسل.
وقد ذكر ابن جرير في تاريخه أن معاوية كان قد تقدم إلى هذا الرجل في أن
يحتال على الاشتر ليقتله ووعده على ذلك بأمور ففعل ذلك (2)، وفي هذا
نظر،
__________
(1) في الطبري 6 / 54: الجايستار، وفي مروج الذهب 2 / 455: دهقان كان
بالعريش.
(2) انظر الطبري 6 / 54 والكامل 3 / 353 قال وقد وعده معاوية: لم آخذ
منك خراجا ما بقيت.
وفي مروج = (*)
(7/346)
وبتقدير صحته
فمعاوية يستجيز قتل الاشتر لانه من قتلة عثمان ري الله عنه.
والمقصود أن معاوية وأهل الشام فرحوا فرحا شديدا بموت الاشتر النخعي،
ولما بلغ ذلك عليا تأسف على شجاعته وغنائه، وكتب إلى محمد بن أبي بكر
باستقراره واستمراره بديار مصر (1)، غير أنه ضعف جأشه مع ما كان فيه من
الخلاف عليه من العثمانية الذين ببلد خربتا وقد كانوا استفحل أمرهم حين
انصرف علي من صفين، وحين كان من أمر التحكيم ما كان، وحين نكل أهل
العراق عن قتال أهل الشام، وقد كان أهل الشام حين انقضت الحكومة بدومة
الجندل سلموا على معاوية بالخلافة وقوي أمرهم جدا، فعند ذلك جمع معاوية
أمراءه عمرو بن العاص، وشرحبيل بن السمط وعبد الرحمن بن خالد بن
الوليد، والضحاك بن قيس، وبسر بن أبي أرطاة، وأبا الاعور السلمي، وحمزة
بن سنان الهمداني وغيرهم، فاستشارهم في المسير إلى ديار مصر فاستجابوا
له وقالوا: سر حيث شئت فنحن معك، وعين معاوية نيابتها لعمرو بن العاص
إذا فتحها ففرح بذلك عمرو بن العاص، ثم قال عمرو لمعاوية: أرى أن تبعث
إليهم رجالا مع رجل مأمون عارف بالحرب، فإن بها جماعة ممن يوالي عثمان
فيساعدونه على حرب من خالفهم، فقال معاوية: لكن أرى أن أبعث إلى شيعتنا
ممن هنالك كتابا يعلمهم بقدومهم عليهم، ونبعث إلى مخالفينا كتابا
ندعوهم فيه إلى الصلح.
وقال معاوية: إنك يا عمرو رجل بورك لك في العجلة وإني امرؤ بورك لي في
التؤدة، فقال عمرو: افعل ما أراك الله، فوالله ما أمرك وأمرهم إلا
سيصير إلى الحرب العوان، فكتب عند ذلك معاوية إلى مسلمة بن مخلد
الانصاري، وإلى معاوية بن خديج السكوني - وهما رئيسا العثمانية ببلاد
مصر ممن لم يبايع عليا ولم يأتمر بأمر نوابه بمصر في نحو من عشرة آلاف
- يخبرهم بقدوم الجيش عليهم سريعا، وبعث به مع مولى له يقال له سبيع
(2)، فلما وصل الكتاب إلى مسلمة ومعاوية بن خديج فرحا به وردا جوابه
بالاستبشار والمعاونة والمناصرة له ولمن يبعثه من الجيوش والجند والمدد
إن شاء الله تعالى، فعند ذلك جهز معاوية عمرو بن العاص في ستة آلاف
(3)، وخرج معاوية مودعا وأوصاه بتقوى الله والرفق والمهل والتؤدة، وأن
يقتل من قاتل ويعفو عمن أدبر، وأن يدعو الناس إلى الصلح والجماعة، فإذا
أنت ظهرت فليكن أنصارك آثر الناس عندك، فسار عمرو بن العاص إلى مصر،
فلما قدمها اجتمعت عليه العثمانية فقادهم، وكتب عمرو بن العاص إلى محمد
بن أبي بكر: أما بعد فتنح فإني لا أحب أن يصيبك مني ظفر،
__________
= الذهب: اترك خراجك عشرين سنة.
(1) في مروج الذهب 2 / 455: كانت تولية علي للاشتر على مصر بعد مقتل
محمد بن أبي بكر وفي ولاة مصر للكندي ص 46: سار إليها في مستهل رجب سنة
سبع وثلاثين بعد قيس بن عبادة ثم كانت ولاية محمد بن أبي بكر في رمضان
سنة سبع وثلاثين بعد مقتل الاشتر.
(2) انظر نص الكتاب في الطبري 6 / 57 وقد أشار إليه ابن الاثير في
الكامل 3 / 355.
(3) كذا بالاصل وفي الطبري والكامل، وفي مروج الذهب: أربعة آلاف.
(*)
(7/347)
فإن الناس قد
اجتمعوا بهذه البلاد على خلافك ورفض أمرك، وندموا على اتباعك، فهم
مسلموك لو قد التقت حلقتا البطان (1)، فاخرج منها فإني لك لمن الناصحين
والسلام.
وبعث إليه عمرو أيضا بكتاب معاوية إليه: أما بعد فإن غب البغي والظلم
عظيم الوبال، وإن سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا
والتبعة الموبقة في الآخرة وإنا لا نعلم أحدا كان أشد
خلافا على عثمان منك (2) حين تطعن بمشاقصك بين خششائه (3) وأوداجه، ثم
إنك تظن أني عنك نائم أو ناس ذلك لك، حتى تأتي فتأمر على بلاد أنت بها
جاري وجل أهلها أنصاري وقد بعثت إليك بجيوش يتقربون إلى الله بجهادك
ولن يسلمك الله من القصاص أينما كنت والسلام (4).
قال: فطوى محمد بن أبي بكر الكتابين وبعث بهما إلى علي وأعلمه بقدوم
عمرو إلى مصر في جيش من قبل معاوية، فان كانت لك بأرض مصر حاجة فابعث
إلي بأموال ورجال والسلام.
فكتب إليه يأمره بالصبر وبمجاهدة العدو، وأنه سيبعث إليه الرجال
والاموال، ويمده بما أمكنه من الجيوش.
وكتب محمد بن أبي بكر كتابا إلى معاوية في جواب ما قال وفيه غلظة،
وكذلك كتب إلى عمرو بن العاص وفيه كلام غليظ (5) وقام محمد بن أبي بكر
في الناس فخطبهم وحثهم على الجهاد ومناجزة من قصدهم من أهل الشام،
وتقدم عمرو بن العاص إلى مصر في جيوشه، ومن لحق به من العثمانية
المصريين، والجميع في قريب من ستة عشر ألفا، وركب محمد بن أبي بكر في
ألفي فارس الذين انتدبوا معه من المصريين وقدم على جيشه بين يديه كنانة
بن بشر فجعل لا يلقاه أحد من الشاميين إلا قاتلهم حتى يلحقهم مغلوبين
إلى عمرو بن العاص، فبعث عمرو بن العاص إليه معاوية بن خديج فجاءه من
ورائه وأقبل إليه الشاميون حتى أحاطوا به من كل جانب، فترجل عند ذلك
كنانة وهو يتلو * (وما كان لنفس أن تموت إلا باذن الله كتابا مؤجلا) *
الآية [ آل عمران: 145 ]، ثم قاتل حتى قتل وتفرق أصحاب محمد بن أبي بكر
عنه ورجع يمشي فرأى خربة فآوى إليها ودخل عمرو بن العاص فسطاط مصر وذهب
معاوية بن خديج في طلب محمد بن أبي بكر فمر بعلوج في الطريق فقال لهم:
هل مر بكم أحد تستنكرونه ؟ قالوا: لا ! فقال رجل منهم: إني رأيت رجلا
جالسا في هذه الخربة، فقال: هو هو ورب الكعبة: فدخلوا عليه فاستخرجوه
منها - وقد كاد يموت عطشا - فانطلق أخوه عبد الرحمن بن أبي بكر إلى
عمرو بن العاص - وكان قد قدم معه إلى مصر - فقال: أيقتل أخي صبرا ؟
فبعث عمرو بن
__________
(1) البطان: حزام القتب الذي يجعل تحت بطن البعير.
(2) العبارة في الطبري 6 / 58: ولا نعلم أحدا كان أعظم على عثمان بغيا
ولا أسوأ له عيبا ولا أشد عليه خلافا منك
سعيت عليه في الساعين وسفكت دمه في السافكين ثم أنت تظن...(3) خششاء:
العظم الناتئ خلف الاذن، وفي نسخ البداية المطبوعة: حشاشته.
(4) نص الكتابين في الطبري 6 / 58 ونص كتاب عمرو إليه في الكامل وأشار
إلى كتاب معاوية 3 / 356.
(5) المصدر السابق.
(*)
(7/348)
العاص إلى
معاوية بن خديج أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر ولا يقتله فقال معاوية: كلا
والله، أيقتلون كنانة بن بشر واترك محمد بن أبي بكر، وقد كان ممن قتل
عثمان وقد سألهم عثمان الماء، وقد سألهم محمد بن أبي بكر أن يسقوه شربة
من الماء فقال معاوية: لا سقاني الله إن سقيتك قطرة من الماء أبدا،
إنكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما فتلقاه الله
بالرحيق المختوم.
وقد ذكر ابن جرير وغيره أن محمد بن أبي بكر نال من معاوية بن خديج هذا
ومن عمرو بن العاص ومن معاوية ومن عثمان بن عفان أيضا، فعند ذلك غضب
معاوية بن خديج فقدمه فقتله ثم جعله في جيفة حمار فأحرقه بالنار، فلما
بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعا شديدا وضمت عياله إليها، وكان فيهم ابنه
القاسم وجعلت تدعو على معاوية وعمرو بن العاص دبر الصلوات.
وذكر الواقدي أن عمرو بن العاص قدم مصر في أربعة آلاف فيهم أبو الاعور
السلمي فالتقوا مع المصريين بالمسناة فاقتتلوا قتالا شديدا حتى قتل
كنانة بن بشر بن عتاب التجيبي، فهرب عند ذلك محمد بن أبي بكر فاختبأ
عند رجل يقال له جبلة بن مسروق، فدل عليه فجاء معاوية بن خديج وأصحابه
فأحاطوا به فخرج إليهم محمد بن أبي بكر فقاتل حتى قتل.
قال الواقدي: وكان ذلك في صفر من هذه السنة، قال الواقدي: ولما قتل
محمد بن أبي بكر بعث علي الاشتر النخعي إلى مصر فمات في الطريق فالله
أعلم.
قال: وكانت أذرح في شعبان في هذه السنة أيضا، وكتب عمرو بن العاص إلى
معاوية يخبره بما كان من الامر وأن الله قد فتح عليه بلاد مصر ورجعوا
إلى السمع والطاعة واجتماع الجماعة، وبما عهد لهم من الامر.
وقد زعم هشام بن محمد الكلبي أن محمد بن أبي حذيفة بن عتبة مسك بعد
مقتل محمد بن أبي بكر - وكان من جملة المحرضين على قتل
عثمان - فبعثه عمرو بن العاص إلى معاوية ولم يبادر إلى قتله لانه ابن
خال معاوية، فحبسه معاوية بفلسطين فهرب من السجن، فلحقه رجل يقال له
عبد الله بن عمر بن ظلام بأرض البلقاء، فاختفى محمد بغار فجاءت حمر وحش
لتأوي إليه فلما رأته فيه نفرت فتعجب من نفرها جماعة من الحصادين
هنالك، فذهبوا إلى الغار فوجدوه فيه، فجاء أولئك إليه فخشي عبد الله بن
عمرو بن ظلام أن يرده إلى معاوية فيعفو عنه، فضرب عنقه، هكذا ذكر ذلك
ابن الكلبي.
وقد ذكر الواقدي وغيره أن محمد بن أبي حذيفة قتل في سنة ست وثلاثين كما
قدمنا.
فالله أعلم.
وقال إبراهيم بن الحسين بن ديزيل في كتابه: ثنا عبد الله بن صالح،
حدثني ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب أن عمرو بن العاص استحل مال قبطي
من قبط مصر لانه استقر عنده أنه كان يظهر الروم على عورات المسلمين -
يكتب إليهم بذلك - فاستخرج منه بضعا وخمسين أردبا دنانير، قال أبو
صالح: والاردب ست ويبات الويبة مثل القفيز واعتبرنا الويبة فوجدناها
تسعا وثلاثين ألف دينار، قلت: فعلى هذا يكون يبلغ ما كان أخذ من القبطي
ما يقارب ثلاثة عشر ألف ألف دينار.
قال أبو مخنف باسناده: ولما بلغ علي بن أبي طالب مقتل محمد بن أبي بكر
وما كان بمصر من الامر، وتملك عمرو لها، واجتماع الناس عليه وعلى
معاوية قام في الناس خطيبا
(7/349)
فحثهم على
الجهاد والصبر والمسير إلى أعدائهم من الشامين والمصريين، وواعدهم
الجرعة بين الكوفة والحيرة، فلما كان الغد خرج يمشي إليها حتى نزلها
فلم يخرج إليه أحد من الجيش، فلما كان العشي بعث إلى أشراف الناس
فدخلوا عليه وهو حزين كئيب فقام فيهم خطيبا فقال: الحمد لله على ما قضى
من أمر وقدر من فعل وابتلاني بكم وبمن لا يطيع إذا أمرت، ولا يجيب إذا
دعوت، أو ليس عجبا أن معاوية يدعو الجفاة الطغام فيتبعونه بغير عطاء
ولا معونة، ويجيبونه في السنة مرتين والثلاث إلى أي وجه شاء ؟ وأنا
أدعوكم وأنتم أولو النهي وبقية الناس على المعونة وطائفة من العطاء
فتفرقون عني وتعصونني وتختلفون علي ؟ فقام إليه مالك بن كعب الاوسي (1)
فندب الناس إلى امتثال أمر علي والسمع والطاعة فانتدب ألفا فأمر عليهم
مالك بن كعب هذا فسار بهم
خمسا، ثم قدم على علي جماعة (2) ممن كان مع محمد بن أبي بكر بمصر
فأخبروه كيف وقع الامر وكيف قتل محمد بن أبي بكر وكيف استقر أمر عمرو
بها، فبعث إلى مالك بن كعب فرده من الطريق - وذلك أنه خشي عليهم من أهل
الشام قبل وصولهم إلى مصر واستقر أمر العراقيين على مخالفة علي فيما
يأمرهم به وينهاهم عنه، والخروج عليه والبعد عن أحكامه وأقواله
وأفعاله، لجهلهم وقلة عقلهم وجفائهم وغلظتهم وفجور كثير منهم، فكتب علي
عند ذلك إلى ابن عباس - وهو نائبه على البصرة - يشكو إليه ما يلقاه من
الناس من المخالفة والمعاندة، فرد عليه ابن عباس يسليه في ذلك، ويعزيه
في محمد بن أبي بكر ويحثه على تلافي الناس والصبر على مسيئهم، فإن ثواب
الله خير من الدنيا، ثم ركب ابن عباس من البصرة إلى علي وهو بالكوفة
واستخلف ابن عباس على البصرة زيادا، وفي هذا الحين بعث معاوية بن أبي
سفيان كتابا مع عبد الله بن عمرو الحضرمي إلى أهل البصرة يدعوهم إلى
الاقرار بما حكم له عمرو بن العاص، فلما قدمها نزل على بني تميم
فأجاروه فنهض إليه زياد وبعث إليه أعين بن ضبيعة في جماعة من الناس
فساروا إليهم فاقتتلوا فقتل أعين بن ضبيعة، فكتب زياد إلى علي يعلمه
بما وقع بالبصرة بعد خروج ابن عباس منها، فبعث عند ذلك علي جارية بن
قدامة التميمي في خمسين رجلا إلى قومه بني تميم، وكتب معه كتابا إليهم
فرجع أكثرهم عن ابن الحضرمي وقصده جارية فحصره في دار هو وجماعة معه،
قيل: كان عددهم أربعين، وقيل سبعين، فحرقهم بالنار بعد أن أعذر إليهم
وأنذرهم فلم يقبلوا ولم يرجعوا عما جاؤوا له.
فصل وقد صحح ابن جرير أن قتال علي
لاهل النهروان كان في هذه السنة، وكذلك خروج
__________
(1) في الطبري الهمداني ثم الارحبي.
(2) ذكر الطبري 6 / 62: الحجاج بن غزية الانصاري وعبد الرحمن بن شبيب
الفزاري، قدما على علي وأخبراه خبر محمد بن أبي بكر، وقد قدم الحجاج من
مصر وعبد الرحمن من الشام (وانظر الكامل 3 / 358).
(*)
(7/350)
الحريث (1) بن
راشد الناجي كان في هذه السنة أيضا، وكان مع الحريث ثلثمائة رجل من
قومه بني ناجية - وكان مع علي بالكوفة - فجاء إلى علي فقام بين يديه
وقال: والله يا علي لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك، إني لك غدا لمفارق.
فقال له علي: ثكلتك أمك إذا تعصى ربك وتنقض عهدك ولا تضر إلا نفسك، ولم
تفعل ذلك ؟ قال: لانك حكمت في الكتاب وضعفت عن قيام الحق إذ جد الجد،
وركنت إلى القوم الظالمين، فأنا عليك زاري وعليك (2) ناقم، وإنا لكم
جميعا مباينون.
ثم رجع إلى أصحابه فسار بهم نحو بلاد البصرة فبعث إليهم معقل بن قيس ثم
أردفه بخالد بن معدان الطائي - وكان من أهل الصلاح والدين والبأس
والنجدة - وأمره أن يسمع له ويطيع، فلما اجتمعوا صاروا جيشا واحدا، ثم
خرجوا في آثار الحريث (3) وأصحابه فلحقوهم - وقد أخذوا في جبال
رامهرمز.
قال فصففنا لهم ثم أقبلنا إليهم فجعل معقل على ميمنته يزيد بن معقل
(4)، وعلى ميسرته منجاب بن راشد الضبي، ووقف الحريث (3) فيمن معه من
العرب فكانوا ميمنة، وجعل من اتبعه من الاكراد والعلوج ميسرة، قال:
وسار فينا معقل بن قيس فقال: عباد الله ! لا تبدأوا القوم وغضوا
أبصاركم، وأقلوا الكلام، ووطنوا أنفسكم على الطعن والضرب، وأبشروا في
قتالكم بالاجرة إنما تقاتلون مارقة مرقت من الدين، وعلوجا كسروا
الخراج، ولصوصا وأكرادا، فإذا حملت فشدوا شدة رجل واحد.
ثم تقدم فحرك دابته (5) تحريكتين ثم حمل عليهم في الثالثة وحملنا معه
جميعنا فوالله ما صبروا لنا ساعة واحدة حتى ولوا منهزمين، وقتلنا من
العلوج والاكراد نحوا من ثلثمائة، وفر الحريث (3) منهزما حتى لحق باساف
(6) - وبها جماعة من قومه كثيرة - فاتبعوه فقتلوه مع جماعة من أصحابه
بسيف البحر، قتله النعمان بن صهبان (7)، وقتل معه في المعركة مائة
وسبعون رجلا.
ثم ذكر ابن جرير وقعات كثيرة كانت بين أصحاب علي والخوارج فيها أيضا ثم
قال: حدثني عمر بن شبة ثنا أبو الحسن - يعني المدائني - علي بن محمد بن
علي بن مجاهد قال قال الشعبي: لما قتل علي أهل النهروان خالفه قوم
كثير، وانتقضت أطرافه وخالفه بنو ناجية، وقدم ابن الحضرمي إلى البصرة،
وانتقض أهل الجبال (8)، وطمع أهل الخراج في كسره وأخرجوا سهل بن حنيف
من فارس - وكان عاملا
__________
(1) في الطبري والكامل وفتح ابن الاعثم والتجريد: الخريت.
(2) في الطبري: وعليهم.
(3) في الطبري 6 / 71 المغفل وفي الكامل 3 / 366 فكالاصل.
(4) الخريت، كما تقدم.
(5) في الطبري: رايته وفي الكامل: رأسه.
(6) في الطبري والكامل بأسياف البحر.
(7) في فتوح ابن الاعثم 4 / 78 قتله معقل بن قيس ضربه على أم رأسه
فجدله قتيلا.
(8) في الطبري 6 / 71: الاهواز.
(*)
(7/351)
عليها - فأشار
عليه ابن عباس بزياد بن أبيه أن يوليه إياها فولاه إياها فسار إليها في
السنة الآتية في جمع كثير، فوطئهم حتى أدوا الخراج.
قال ابن جرير وغيره: وحج بالناس في هذه السنة قثم بن العباس، نائب علي
على مكة، وأخوه عبيد الله بن عباس نائب اليمن، وأخوهما عبد الله نائب
البصرة، وأخوهم تمام بن عباس نائب المدينة، وعلى خراسان خالد بن قرة
اليربوعي وقيل ابن أبزي، وأما مصر فقد استقرت بيد معاوية فاستناب عليها
عمرو بن العاص.
ذكر من توفي في هذه السنة من الاعيان
سهل بن حنيف ابن واهب بن العليم (1) بن ثعلبة الانصاري الاوسي، شهد
بدرا، وثبت يوم أحد، وحضر بقية المشاهد، وكان صاحبا لعلي بن أبي طالب،
وقد شهد معه مشاهده كلها أيضا غير الجمل فإنه كان قد استخلفه على
المدينة، ومات سهل بن حنيف في سنة ثمان وثلاثين بالكوفة، وصلى عليه علي
فكبر خمسا وقيل ستا وقال إنه من أهل بدر رضي الله عنه.
صنوان بن بيضاء أخو سهيل بن بيضاء
شهد المشاهد كلها وتوفي في هذه السنة في رمضانها وليس له عقب (2).
صهيب بن سنان بن مالك الرومي وأصله من اليمن أبو يحيى بن قاسط وكان
أبوه أو عمه عاملا لكسرى على الايلة، وكانت منازلهم على دجلة عند
الموصل، وقيل على الفرات، فأغارث على بلادهم الروم فاسرته وهو صغير،
فأقام عندهم حينا ثم اشترته بنو كلب فحملوه إلى مكة فابتاعه عبد الله
بن جدعان فأعتقه وأقام بمكة حينا، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه
وسلم آمن به، وكان ممن أسلم قديما وهو وعمار في يوم واحد بعد بضعة
وثلاثين رجلا، وكان من المستضعفين الذين يعذبون في الله عز وجل، ولما
هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر صهيب بعده بأيام فلحقه قوم من
المشركين يريدون أن يصدوه عن الهجرة، فلما أحسن بهم نثل كنانته فوضعها
بين يديه وقال: والله لقد علمتم أني من أرماكم، ووالله لا تصلون إلي
حتى أقتل بكل سهم من هذه رجلا منكم، ثم أقاتلكم بسيفي حتى أقتل.
وإن كنتم تريدون المال فأنا أدلكم على مالي هو مدفون في مكان كذا وكذا،
فانصرفوا عنه فأخذوا ماله، فلما قدم قال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " ربح البيع أبا يحيى " وأنزل الله * (ومن الناس من يشري نفسه
ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * ورواه حماد بن سلمة عن علي بن
زيد، عن سعيد بن المسيب،
__________
(1) في الاصابة 2 / 87 والاستيعاب (هامش الاصابة 2 / 92): العكيم.
(2) في الاستيعاب (2 / 183): قتل يوم بدر.
(*)
(7/352)
وشهد بدرا
وأحدا وما بعدهما، ولما جعل عمر الامر شورى كان هو الذي يصلي بالناس
حتى تعين عثمان، وهو الذي ولي الصلاة على عمر - وكان له صاحبا - وكان
أحمر شديد الحمرة ليس بالطويل ولا بالقصير أقرن الحاجبين كثير الشعر
وكان لسانه فيه عجمة شديدة، وكان مع فضله ودينه فيه دعابة وفكاهة
وانشراح، روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه يأكل بقثاء رطبا وهو
أرمد إحدى العينين، فقال: " اتأكل رطبا وأنت أرمد " ؟ فقال: إنما آكل
من ناحية عيني الصحيحة، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وثلاثين، وقيل سنة تسع وثلاثين، وقد نيف
على
السبعين.
محمد بن أبي بكر الصديق ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة
الوداع تحت الشجرة عند الحرم وأمه أسماء بنت عميس، ولما احتضر الصديق
أوصى أن تغسله فغسلته، ثم لما انقضت عدتها تزوجها علي فنشأ في حجره،
فلما صارت إليه الخلافة استنابه على بلاد مصر بعد قيس بن سعد بن عبادة
كما قدمنا، فلما كانت هذه السنة بعث معاوية عمرو بن العاص فاستلب منه
بلاد مصر وقتل محمد بن أبي بكر كما تقدم، وله من العمر دون الثلاثين،
رحمه الله ورضي عنه.
أسماء بنت عميس ابن معبد (1) بن الحارث الخثعمية، أسلمت بمكة وهاجرت مع
زوجها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة وقدمت معه إلى خيبر، ولها منه عبد
الله، ومحمد، وعون.
ولما قتل جعفر بمؤتة تزوجها بعده أبو بكر الصديق فولدت منه محمد بن أبي
بكر أمير مصر ثم لما مات الصديق تزوجها بعده علي بن أبي طالب فولدت له
يحيى وعونا، وهي أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لامها.
وكذلك هي أخت أم الفضل امرأة العباس لامها، وكان لها من الاخوات لامها
تسع أخوات، وهى أخت سلمى بنت عميس امرأة العباس (2) التي له منها بنت
اسمها عمارة.
ثم دخلت سنة تسع وثلاثين
فيها جهز معاوية بن أبي سفيان جيوشا كثيرة ففرقها في أطراف معاملات علي
بن أبي طالب، وذلك أن معاوية رأى بعد أن ولاه عمرو بن العاص بعد اتفاقه
مع أبي موسى على عزل علي، أن ولايته وقعت الموقع، فهو الذي يجب طاعته
فيما يعتقده، ولان جيوش علي من أهل العراق لا
__________
(1) في الاستيعاب والاصابة 4 / 235: معد بن الحارث بن تيم، وفي ابن سعد
8 / 280: معد بن تيم بن الحارث.
(2) في ابن سعد 8 / 285: زوجة حمزة بن عبد المطلب: وولدت منه عمارة.
أما ابن عبد البر قال في الاستيعاب (هامش الاصابة 4 / 326) كانت تحت
حمزة وولدت منه أمة الله.
(*)
(7/353)
تطيعه في كثير
من الامر ولا يأتمرون بأمره، فلا يحصل بمباشرته المقصود من الامارة
والحالة هذه، فهو يزعم أنه أولى منه إذ كان الامر كذلك.
وكان ممن بعث في هذه السنة النعمان بن بشير في ألفي فارس إلى عين التمر
(1)، وعليها مالك بن كعب الارحبي في ألف فارس مسلحة (2) لعلي، فلما
سمعوا بقدوم الشاميين أرفضوا عنه فلم يبق مع مالك بن كعب إلا مائة رجل
فكتب عند ذلك إلى علي يعلمه بما كان من الامر، فندب علي الناس إلى مالك
بن كعب فتثاقلوا ونكلوا عنه ولم يجيبوا إلى الخروج، فخطبهم علي عند ذلك
فقال في خطبته: " يا أهل الكوفة ! كلما سمعتم بمنسر من مناسر أهل الشام
انجحر كل منكم في بيته، وغلق عليه بابه.
انجحار الضب في جحره، والضبع في وجاره، المغرور والله من غررتموه، ولمن
(3) فارقكم فاز بالسهم الاصيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند
النجاة، إنا لله وإنا إليه راجعون، ماذا منيت به منكم، عمي لا تبصرون،
وبكم لا تنطقون، وصم لا تسمعون، إنا لله وإنا إليه راجعون " ودهمهم
النعمان بن بشير فاقتتلوا قتالا شديدا وليس مع ملك بن كعب إلا مائة رجل
قد كسروا جفون سيوفهم واستقتلوا، فبيناهم كذلك إذ جاءهم نجدة من جهة
مخنف بن سليم مع ابنه عبد الرحمن بن مخنف في خمسين رجلا، فلما رآهم
الشاميون ظنوا أنهم مدد عظيم ففروا هربا، فاتبعهم مالك بن كعب فقتل
منهم ثلاثة أنفس وذهب الباقون على وجوههم ولم يتم لهم أمر من هذا
الوجه.
وفيها بعث معاوية سفيان بن عوف في ستة آلاف وأمره بأن يأتي هيت فيغير
عليها، ثم يأتي الانبار والمدائن، فسار حتى انتهى إلى هيت فلم يجد بها
أحدا، ثم إلى الانبار وفيها مسلحة لعلي نحو من خمسمائة، فتفرقوا ولم
يبق منهم إلا مائة رجل، فقاتلوا مع قلتهم وصبروا حتى قتل أميرهم - وهو
أشرس بن حسان البلوي (4) - في ثلاثين رجلا من أصحابه، واحتملوا ما كان
بالانبار من الاموال وكروا راجعين إلى الشام، فلما بلغ عليا رضي الله
عنه ركب بنفسه فنزل بالنخيلة فقال له الناس: نحن نكفيك ذلك يا أمير
المؤمنين.
فقال: والله ما تكفونني ولا أنفسكم، وسرح سعد بن قيس في أثر القوم
فساروا وراءهم حتى بلغ هيت فلم يلحقهم فرجع.
وفيها بعث
معاوية عبد الله بن مسعدة الفزاري في ألف وسبعمائة إلى تيماء وأمره أن
يصدق أهل البوادي ومن امتنع من إعطائه فليقتله ثم يأتي المدينة ومكة
والحجاز.
فسار إلى تيماء واجتمع عليه بشر كثير، فلما بلغ عليا بعث المسيب بن
نجية الفزاري في ألفي رجل فالتقوا بتيماء قتالا شديدا عند
__________
(1) عين التمر: بلدة قريبة من الانبار غربي الكوفة افتتحها المسلمون في
أيام أبي بكر الصديق على يد خالد بن الوليد عنوة سنة 12.
(2) المسلحة: موضع السلاح كالثغر والمرقب ج مسالح وهي ما يكون فيها
أقوام يرقبون العدو لئلا يطرف الجند على غفلة (3) في الطبري 6 / 77
والكامل 3 / 376: ولمن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب.
(4) في الطبري والكامل: البكري.
(*)
(7/354)
زوال الشمس،
وحمل المسيب بن نجية على ابن مسعدة فضربه ثلاث ضربات وهو لا يريد قتله
بل يقول له: النجا النجا، فانحاز ابن مسعدة في طائفة من قومه إلى حصن
هناك فتحصنوا به وهرب بقيتهم إلى الشام، وانتهبت الاعراب ما كان جمعه
ابن نجية من إبل الصدقة، وحاصرهم المسيب بن نجية ثلاثة أيام ثم ألقى
الحطب على الباب وألهب فيه النار، فلما أحسوا بالهلاك أشرفوا من الحصن،
ومتوا إليه بأنهم من قومه فرق لهم وأطفأ النار، فلما كان الليل فتح باب
الحصن وخرجوا هرابا إلى الشام، فقال عبد الرحمن بن شبيب للمسيب بن
نجية: سر حتى ألحقهم ! فقال: لا ! فقال: غششت أمير المؤمنين داهنت في
أمرهم.
وفيها وجه معاوية الضحاك بن قيس في ثلاث آلاف وأمره أن يغير على أطراف
جيش علي، فجهز علي حجر بن عدي في أربعة آلاف وأنفق فيهم خمسين درهما
خمسين درهما، فالتقوا بتدمر فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشر رجلا، ومن
أصحاب حجر بن عدي رجلان، وغشيهم الليل فتفرقوا، واستمر الضحاك بأصحابه
فارا إلى الشام.
وفيها سار معاوية بنفسه في جيش كثيف حتى بلغ دجلة ثم كر راجعا.
ذكره محمد بن سعد عن الواقدي باسناده وأبو معشر أيضا.
وفي هذه السنة ولى علي بن أبي طالب زياد بن أبيه على أرض فارس، وكانوا
قد منعوا الخراج والطاعة، وسبب ذلك حين قتل ابن الحضرمي وأصحابه بالنار
حين حرقهم جارية بن قدامة في تلك الدار كما قدمنا، فلما اشتهر هذا
الصنيع في البلاد تشوش قلوب كثير من الناس على علي، واختلفوا على علي،
ومنع أكثر أهل تلك النواحي خراجهم، ولاسيما أهل فارس فإنهم تمردوا
وأخرجوا عاملهم سله بن حنيف - كما تقدم في العام الماضي - من بين
أظهرهم، فاستشار علي الناس فيمن يوليه عليهم، فأشار ابن عباس وجارية بن
قدامة أن يولي عليهم زياد بن أبيه، فإنه صليب الرأي، عالم بالسياسة.
فقال علي: هو لها، فولاه فارس وكرمان وجهزه إليهما في أربعة آلاف فارس،
فسار إليها في هذه السنة فدوخ أهلها وقهرهم حتى استقاموا وأدوا الخراج
وما كان عليهم من الحقوق، ورجعوا إلى السمع والطاعة، وسار فيهم
بالمعدلة والامانة، حتى كان أهل تلك البلاد يقولون: ما رأينا سيرة أشبه
بسيرة كسرى أنو شروان من سيرة هذا العربي في اللين والمداراة والعلم
بما يأتي، وصفت له تلك البلاد بعدله وعلمه وصرامته، واتخذ للمال قلعة
حصينة (1)، فكانت تعرف بقلعة زياد، ثم لما تحصن فيها منصور اليشكري
فيما بعد ذلك عرفت به فكان يقال لها قلعة منصور.
قال الواقدي: وفي هذه السنة بعث علي بن أبي طالب عبد الله بن عباس على
الموسم وبعث معاوية يزيد بن سخبرة الرهاوي ليقيم للناس الحج فلما
اجتمعا بمكة تنازعا وأبى كل واحد منهما أن يسلم لصاحبه فاصطلحا على
شيبة بن عثمان بن أبي طلحة الحجبي فحج بالناس وصلى بهم في أيام الموسم
قال أبو الحسن المدائني: لم يشهد عبد الله بن عباس الموسم في أيام علي
حتى قتل، والذي
__________
(1) وهي ما بين بيضاء إصطخر ومدينة إصطخر.
وتسمى أيضا بقلعة اصطخر قاله في الاخبار الطوال ص 219.
(*)
(7/355)
نازعه يزيد بن سخبرة إنما هو قثم بن العباس حتى اصطلحا على شيبة بن
عثمان.
قال ابن جرير: وكما قال أبو الحسن المدائني قال أبو مصعب.
قال ابن جرير: وأما عمال علي على الامصار فهم الذين ذكرنا في السنة
الماضية غير أن ابن عباس كان قد سار من البصرة إلى الكوفة واستخلف على
البصرة زياد بن أبيه ثم سار زياد في هذه السنة إلى فارس وكرمان كما
ذكرنا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الاعيان
سعد القرظي مؤذن مسجد قبا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما
ولي عمر الخلافة ولاه أذان المسجد النبوي وكان أصله مولى لعمار بن
ياسر، وهو الذي كان يحمل العنزة بين يدي أبي بكر وعمر وعلي إلى المصلى
يوم العيد وبقي الاذان في ذريته مدة طويلة.
عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبو مسعود البدري سكن ماء بدر ولم يشهد الوقعة
بها على الصحيح، وقد شهد العقبة، وهو من سادات الصحابة وكان ينوب لعلي
بالكوفة إذا خرج لصفين وغيرها (1). |