البداية والنهاية، ط. دار إحياء التراث العربي
سنة أربعين من الهجرة
قال ابن جرير فمما كان في هذه السنة من الامور الجلية توجيه معاوية بسر
بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز، فذكر عن زياد بن
عبد الله البكائي عن عوانة قال: أرسل معاوية بعد تحكيم الحكمين بسر بن
أبي أرطاة - وهو رجل من بني عامر بن لؤي - في جيش فساروا من الشام حتى
قدموا المدينة - وعامل علي عليها يومئذ أبو أيوب - ففر منهم أبو أيوب
فأتى عليا بالكوفة، ودخل بسر المدينة ولم يقاتله أحد، فصعد منبرها
فنادى على المنبر: يا دينار ويا نجار ويا زريق شيخي شيخي عهدي به ها
هنا بالامس فأين هو ؟ - يعني عثمان بن عفان - ثم قال: يا أهل المدينة
والله لولا ما عهد إلي معاوية ما تركت بها محتلما إلا قتلته، ثم بايع
أهل المدينة وأرسل إلى بني سلمة فقال: والله ما لكم عندي من أمان ولا
مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله - يعني حتى يبايعه - فانطلق جابر
إلى أم سلمة فقال لها: ماذا ترين إني خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلالة ؟
فقالت: أرى أن تبايع فإني قد أمرت ابني عمر وختني عبد الله بن زمعة -
وهو زوج ابنتها زينب - أن يبايعا فأتاه جابر فبايعه.
قال: وهدم بسر دورا بالمدينة ثم مضى حتى فخافه أبو موسى الاشعري أن
يقتله فقال له بسر: ما كنت لافعل بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
ذلك، فخلى عنه، وكتب أبو موسى
قبل ذلك إلى أهل اليمن أن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل من أبى أن
يقر بالحكومة، ثم مضى بسر إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس ففر إلى
الكوفة حتى لحق بعلي، واستخلف على اليمن
__________
(1) في الاستيعاب (هامش الاصابة 3 / 105) مات سنة إحدى أو اثنتين
وأربعين.
وجزم ابن حجر انه مات بعد سنة أربعين فقد ثبت انه أدرك إمارة المغيرة
على الكوفة وذلك بعد سنة أربعين (الاصابة 2 / 491).
(*)
(7/356)
عبد الله بن
عبد الله بن المدان الحاوي (1)، فلما دخل بسر اليمن قتله وقتل ابنه،
ولقى بسر ثقل عبيد الله ابن عباس وفيه ابنان صغيران له فقتلهما وهما
عبد الرحمن وقثم، ويقال إن بسرا قتل خلقا من شيعة علي في مسيره هذا
وهذا الخبر مشهور عند أصحاب المغازي والسير، وفي صحته عندي نظر والله
تعالى أعلم.
ولما بلغ عليا خبر بسر وجه جارية بن قدامة في ألفين، ووهب بن مسعود في
ألفين، فسار جارية حتى بلغ نجران فخرق بها وقتل ناسا من شيعة عثمان،
وهرب بسر وأصحابه فاتبعهم حتى بلغ مكة، فقال لهم جارية: بايعوا فقالوا:
لمن نبايع وقد هلك أمير المؤمنين فلمن نبايع ؟ فقال: بايعوا لمن بايع
له أصحاب علي، فتثاقلوا ثم بايعوا من خوف، ثم سار حتى أتى المدينة وأبو
هريرة يصلي بهم فهرب منه فقال جارية: والله لو أخذت أبا سنور لضربت
عنقه، ثم قال لاهل المدينة: بايعوا للحسن بن علي، فبايعوا وأقام عندهم
ثم خرج منصرفا إلى الكوفة وعاد أبو هريرة يصلي بهم.
قال ابن جرير: وفي هذه السنة جرت بين علي ومعاوية المهادنة بعد مكاتبات
يطول ذكرها على وضع الحرب بينهما، وأن يكون ملك العراق لعلي ولمعاوية
الشام، ولا يدخل أحدهما على صاحبه في عمله بجيش ولا غارة ولا غزوة.
ثم ذكر عن زياد عن ابن إسحاق ما هذا مضمونه أن معاوية كتب إلى علي: أما
بعد فإن الامة قد قتل بعضها بعضا يعني فلك العراق ولي الشام.
فأقر بذلك علي رضي الله عنه.
وأمسك كل واحد منهما عن قتال الآخر، وبعث الجيوش إلى بلاده، واستقر
الامر على ذلك.
قال ابن جرير: وفي هذه السنة خرج ابن عباس من البصرة إلى مكة وترك
العمل في قول عامة أهل السير، وقد أنكر ذلك بعضهم وزعم أنه لم يزل
عاملا على البصرة حتى صالح علي معاوية، وأنه كان شاهدا للصلح، ممن نص
على ذلك أبو عبيدة كما
سيأتي.
ثم ذكر ابن جرير سبب خروج ابن عباس عن البصرة وذلك أنه كلم أبا الاسود
الدؤلي القاضي بكلام فيه غض من أبي الاسود فكتب أبو الاسود إلى علي
يشكو إليه ابن عباس وينال من عرضه فإنه تناول شيئا من أموال بيت المال
فبعث علي إلى ابن عباس فعاتبه في ذلك وحرر عليه التبعة فغضب ابن عباس
من ذلك وكتب إلى علي: ابعث إلى عملك من أحببت فإني ظاعن عنه والسلام.
ثم سار ابن عباس إلى مكة مع أخواله بني هلال وتبعهم قيس كلها، وقد أخذ
شيئا من بيت المال مما كان اجتمع له من العمالة والفئ، ولما سار تبعته
أقوام أخر فلحقهم بنو غنم وأرادوا منعهم من المسير فكان بينهم قتال، ثم
تحاجزوا ودخل ابن عباس مكة.
ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
وما ورد من الاحاديث النبوية من الاخبار بمقتله وكيفيته
كان أمير المؤمنين رضي الله عنه قد تنغصت عليه الامور، واضطرب عليه
جيشه، وخالفه
__________
(1) في الطبري 6 / 80 والكامل 3 / 383: عبد الله بن عبد المدان
الحارثي.
(*)
(7/357)
أهل العراق،
ونكلوا عن القيام معه، واستفحل أمر أهل الشام، وصالوا وجالوا يمينا
وشمالا، زاعمين أن الامرة لمعاوية بمقتضى حكم الحكمين في خلعهما عليا
وتولية عمرو بن العاص معاوية عند خلو الامرة عن أحد، وقد كان أهل الشام
بعد التحكيم يسمون معاوية الامير، وكلما ازداد أهل الشام قوة ضعف جأش
أهل العراق، هذا وأميرهم علي بن أبي طالب خير أهل الارض في ذلك الزمان،
أعبدهم وأزهدهم، وأعلمهم وأخشاهم لله عز وجل، ومع هذا كله خذلوه وتخلوا
عنه حتى كره الحياة وتمنى الموت، وذلك لكثرة الفتن وظهور المحن، فكان
يكثر أن يقول: ما يحبس أشقاها، أي ما ينتظر ؟ ما له لا يقتل ؟ ثم يقول:
والله لتخضبن هذه ويشير إلى لحيته من هذه ويشير إلى هامته، كما قال
البيهقي عن الحاكم عن الاصم عن محمد بن إسحاق الصنعاني (1) ثنا أبو
الجواب الاحوص بن جواب، ثنا عمار بن زريق عن الاعمش عن حبيب بن أبي
ثابت عن ثعلبة بن
يزيد قال قال علي: " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه
للحيته من رأسه فما يحبس أشقاها " ؟ فقال عبد الله بن سبع: والله يا
أمير المؤمنين لو أن رجلا فعل ذلك لابدنا عترته: فقال أنشدكم بالله أن
يقتل [ بي ] غير قاتلي.
فقالوا: يا أمير المؤمنين ألا تستخلف ؟ فقال: لا ولكن أترككم كما ترككم
رسول الله.
قالوا: فما تقول لربك إذا لقيته وقد تركتنا هملا ؟ أقول اللهم
استخلفتني فيهم ما بدا لك ثم قبضتني وتركتك فيهم فإن شئت أصلحتهم وإن
شئت أفسدتهم (2).
طريق أخرى قال أبو داود الطيالسي في مسنده: ثنا شريك عن عثمان بن
المغيرة عن زيد بن وهب.
قال جاءت الخوارج إلى علي فقالوا له: اتق الله فإنك ميت.
قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ولكن مقتول من ضربة على هذه تخضب
هذه - وأشار بيده إلى لحيته - عهد معهود وقضى مقضي، وقد خاب من افترى
(3).
طريق أخرى عنه قال الحافظ أبو يعلى: ثنا سويد بن سعيد ثنا رشدين بن
سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة، عن عثمان بن صهيب عن أبيه.
قال قال علي: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أشقى الاولين
؟ قلت: عاقر الناقة، قال: صدقت فمن أشقى الآخرين ؟ قلت: لا علم لي يا
رسول الله، قال: الذي يضربك على هذه - وأشار بيده - على يافوخه فيخضب
هذه من هذه
__________
(1) في دلائل البيهقي 6 / 439 الصغاني.
(2) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 439 ورواه أيضا في السنن الكبرى عن
زيد بن أسلم عن أبي سنان الدؤلي عن علي.
(3) أخرجه أبو داود الطيالسي، وعنه نقله البيهقي في الدلائل من طريق
يونس بن حبيب 6 / 438.
(*)
(7/358)
يعني لحيته من
دم رأسه قال: " فكان يقول: وددت أنه قد انبعث أشقاكم ".
طريق اخرى عن علي قال الامام أحمد: حدثنا وكيع ثنا الاعمش عن سالم بن
أبي الجعد عن عبد الله بن سبع.
قال: سمعت عليا يقول لتخضبن هذه من هذه فما ينتظر بي إلا شقي، فقالوا:
يا أمير المؤمنين اخبرنا به نبد عترته، قال: إذا تالله تقتلون بي غير
قاتلي، قالوا: فاستخلف علينا، قال: لا ! ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا: فما تقول لربك إذا أتيته ؟ قال:
أقول: اللهم تركتني فيهم ما بدا لك ثم قبضتني إليك وأنت فيهم، إن شئت
أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم.
وقال الامام أحمد: حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر عن الاعمش عن سلمة
بن كهيل عن عبد الله بن بسع قال: خطبنا علي فقال: " والذي فلق الحبة
وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه، قال فقال الناس: فأعلمنا من هو والله
لنبيدنه أو لنبيدن عترته.
قال: أنشدكم بالله أن يقتل غير قاتلي، قالوا: إن كنت علمت ذلك فاستخلف
قال لا ولكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم "
تفرد به أحمد.
طريق أخرى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال الامام أحمد: حدثنا
هاشم بن القاسم ثنا محمد - يعني ابن راشد - عن عبد الله بن محمد بن
عقيل عن فضالة بن أبي فضالة الانصاري - وكان أبو (1) فضالة من أهل بدر
-: وقال " خرجت مع أبي عائدا لعلي بن أبي طالب من مرض أصابه ثقل منه،
قال فقال له أبي: ما يقيمك بمنزلك هذا لو أصابك أجلك [ لم يلك ] (2)
إلا أعراب جهينة ؟ تحمل إلى المدينة فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا
عليك، فقال علي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي أن لا أموت
حتى أؤمر ثم تخضب هذه - يعني لحيته - من دم هذه - يعني هامته - قال
فقتل وقتل أبو (1) فضالة يوم صفين " تفرد به أحمد أيضا.
وقد رواه البيهقي في الدلائل عن الحاكم عن الاصم عن الحسن بن مكرم عن
أبي النضر هاشم بن القاسم به (3).
طريق أخرى عنه
قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا أحمد بن أبان القرشي ثنا
سفيان بن عيينة ثنا
__________
(1) من دلائل البيهقي 6 / 438، وفي نسخ البداية المطبوعة " ابن "
تحريف.
(2) من دلائل البيهقي.
(3) تقدم الحديث في كتابنا هذا الجزء السادس، ورواه أحمد في المسند 1 /
202 والهيثمي في مجمع الزوائد عن البزار 9 / 136 وأخرجه ابن سعد في
الطبقات 3 / 34.
(*)
(7/359)
كوفي يقال له
عبد الملك بن أعين عن أبي حرب بن أبي الاسود عن أبيه قال: سمعت علي بن
أبي طالب يقول: " قال لي عبد الله بن سلام وقد وضعت رجلي في غرز الركاب
لا تأتي العراق فإنك إن أتيتها أصابك بها ذباب السيف قال: وايم الله
لقد قالها ولقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم لي قبله.
قال أبو الاسود فقلت: تالله ما رأيت رجلا محاربا يحدث بهذا قبلك غيرك
".
ثم قال البزار: ولا نعلم رواه إلا علي بن أبي طالب بهذا الاسناد، ولا
نعلم رواه إلا عبد مالملك بن أعين عن أبي حرب، ولا رواه عنه إلا ابن
عيينة.
هكذا قال: وقد رأيت من الطرق المتعددة خلاف ذلك.
وقال البيهقي بعد ذكره طرفا من هذه الطرق: وقد روينا في كتاب السنن
باسناد صحيح عن زيد بن أسلم عن أبي سنان الدؤلي عن علي في إخبار النبي
صلى الله عليه وسلم بقتله (1).
حديث آخر في ذلك قال الخطيب البغدادي: أخبرني علي بن القاسم البصري،
ثنا علي بن اسحاق المارداني، أنا محمد بن اسحاق الصنعاني (2) ثنا
إسماعيل بن أبان الوراق، ثنا ناصح بن عبد الله المحلمي، عن سماك، عن
جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " من أشقى
الاولين، قال: عاقر الناقة، قال: فمن أشقى الآخرين ؟ قال الله ورسوله
أعلم، قال: قاتلك ".
حديث آخر في معنى ذلك وروى البيهقي من طريق فطر بن خليفة وعبد العزيز
بن سياه كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت، عن ثعلبة الحماني قال: سمعت عليا
على المنبر وهو يقول: " والله إنه لعهد النبي الامي إلي
إن الامة ستغدر بك بعدي " قال البخاري: ثعلبة بن زيد (3) الحماني في
حديثه هذا نظر.
قال البيهقي: وقد رويناه باسناد آخر عن علي إن كان محفوظا.
أخبرنا أبو علي الروذباري، أنا أبو محمد بن شوذب الواسطي بها، ثنا شعيب
بن أيوب، ثنا عمرو بن عون، عن هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي أدريس
الازدي عن علي.
قال: " إن مما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الامة ستغدر بك
بعدي " قال البيهقي: فإن صح فيحتمل أن يكون المراد به والله أعلم في
خروج من خرج عليه ثم في قتله (4).
وقال الاعمش عن عمرو بن مرة بن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الارقم.
قال: خطبنا علي يوم جمعة فقال نبئت أن بسرا قد طلع اليمن، وإني والله
لاحسب أن هؤلاء القوم سيظهرون عليكم، وما يظهرون عليكم إلا بعصيانكم
إمامكم وطاعتهم إمامهم، وخيانتكم وأمانتهم، وإفسادكم في أرضكم
وإصلاحهم، قد بعثت فلانا فخان وغدر،
__________
(1) انظر الدلائل 6 / 440.
(2) تقدم: هو الصغاني وليس الصنعاني.
(3) في رواية الدلائل: يزيد، وانظر ترجمته في الضعفاء الكبير.
(4) رواه البيهقي في الدلائل 6 / 440.
(*)
(7/360)
وبعثت فلانا
فخان وغدر، وبعث المال إلى معاوية لو ائتمنت أحدكم على قدح لاخذ
علاقته، اللهم ستمتهم وسئموني، وكرهتهم وكرهوني، اللهم فأرحهم مني
وأرحني منهم " قال: فما صلى الجمعة الاخرى حتى قتل رضي الله عنه
وأرضاه.
صفة مقتله رضي الله عنه ذكر ابن
جرير وغير واحد من علماء التاريخ والسير وأيام الناس: أن ثلاثة من
الخوارج وهم عبد الرحمن بن عمرو المعروف بابن ملجم الحميري ثم الكندي
حليف بني حنيفة من كندة المصري وكان أسمر حسن الوجه أبلج شعره مع شحمة
أذنيه وفي وجهه أثر السجود.
والبرك بن عبد الله التميمي (1) وعمرو بن بكر التميمي (2) أيضا -
اجتمعوا فتذاكروا قتل علي إخوانهم من أهل النهروان
فترحموا عليهم وقالوا: ماذا نصنع بالبقاء بعدهم ؟ كانوا لا يخافون في
الله لومة لائم، فلو شرينا أنفسنا فأتينا أئمة الضلال فقتلناهم فأرحنا
منهم البلاد وأخذنا منهم ثأر إخواننا ؟ فقال ابن ملجم: أما أنا فأكفيكم
علي ابن أبي طالب.
وقال البرك وأنا أكفيكم معاوية: وقال عمرو بن بكر وأنا أكفيكم عمرو بن
العاص.
فتعاهدوا وتواثقوا أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت
دونه فأخذوا أسيافهم فسموها واتعدوا لسبع عشرة من رمضان أن يبيت كل
واحد منهم صاحبه في بلده الذي هو فيه فأما ابن ملجم فسار إلى الكوفة
فدخلها وكتم أمره حتى عن أصحابه من الخوارج الذين هم بها، فبينما هو
جالس في قوم من بني الرباب يتذاكرون قتلاهم يوم النهروان إذا أقبلت
امرأة منهم يقال لها قطام بنت الشجنة (3)، قد قتل علي يوم النهروان
أباها وأخاها، وكانت فائقة الجمال مشهورة به، وكانت قد انقطعت في
المسجد الجامع تتعبد فيه، فلما رآها ابن ملجم سلبت عقله ونسي حاجته
التي جاء لها، وخطبها إلى نفسها فاشترطت عليه ثلاثة آلاف درهم وخادما
وقينة.
وأن يقتل لها علي بن أبي طالب.
قال: فهو لك ووالله ما جاء بي إلى هذه البلدة إلا قتل علي، فتزوجها
ودخل بها ثم شرعت تحرضه على ذلك وندبت له رجلا من قومها، من تيم الرباب
يقال له وردان، ليكون معه ردءا، واستمال عبد الرحمن بن ملجم رجلا آخر
يقال له شبيب بن نجدة (2) الاشجعي الحروري قال له ابن ملجم: هل لك في
شرف الدنيا والآخرة ؟ فقال: وما ذاك: قال ؟ قتل علي، فقال: ثكلتك أمك،
لقد جئت شيئا إدا كيف تقدر عليه ؟ قال أكمن له في المسجد فإذا خرج
لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه، فإن نجونا شفينا أنفسنا
__________
(1) في مروج الذهب 2 / 457: اسمه الحجاج بن عبد الله الصريمي، ولقبه
البرك.
وفي الاخبار الطوال ص 213: النزال بن عامر.
(2) في مروج الذهب: زادويه مولى بني العنبر، وفي الاخبار الطوال ص 213:
عبد الله بن مالك الصيداوي.
(3) في فتوح ابن الاعثم: 4 / 137 قطام بنت الاضبع.
وفي مروج الذهب 2 / 457: قطام ابنة عمه.
(4) في ابن سعد 3 / 36: بجرة.
(*)
(7/361)
وأدركنا ثأرنا،
وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا.
فقال: ويحك لو غير علي كان أهون علي ؟ قد عرفت سابقته في الاسلام
وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أجدني أنشرح صدرا لقتله.
فقال: أما تعلم أنه قتل أهل النهروان ؟ فقال: بلى قال: فنقتله بمن قتل
من اخواننا.
فأجابه إلى ذلك بعد لاي ودخل شهر رمضان فواعدهم ابن ملجم ليلة الجمعة
لسبع عشرة ليلة خلت (1)، وقال: هذه الليلة التي واعدت أصحابي فيها أن
يثأروا بمعاوية وعمرو بن العاص فجاء هؤلاء الثلاثة - وهم ابن ملجم،
ووردان، وشبيب - وهم مشتملون على سيوفهم فجلسوا مقابل السدة التي يخرج
منها علي، فلما خرج جعل ينهض الناس من النوم إلى الصلاة، ويقول: الصلاة
الصلاة فثار إليه شبيب بالسيف فضربه فوقع في الطاق، فضربه ابن ملجم
بالسيف على قرنه فسال دمه على لحيته رضي الله عنه، ولما ضربه ابن ملجم
قال: لا حكم إلا لله ليس لك يا علي ولا لاصحابك، وجعل يتلو قوله تعالى
* (ومن الناس من يشرط نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) * [
البقرة: 207 ] ونادى علي: عليكم به، وهرب وردان فأدركه رجل من حضرموت
فقتله، وذهب شبيب فنجا بنفسه وفات الناس، ومسك ابن ملجم وقدم على جعدة
بن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس صلاة الفجر، وحمل علي إلى منزله، وحمل
إليه عبد الرحمن بن ملجم فأوقف بين يديه وهو مكتوف - قبحه الله - فقال
له: أي عدو الله ألم أحسن إليك ؟ قال: بلى: قال.
فما حملك على هذا: قال ؟ شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر
خلقه، فقال له علي لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلق
الله، ثم قال: إن مت فاقتلوه وإن عشت فأنا أعلم كيف أصنع به، فقال جندب
بن عبد الله: يا أمير المؤمنين إن مت نبايع الحسن ؟ فقال لا آمركم ولا
أنهاكم، أنتم أبصر.
ولما احتضر علي جعل يكثر من قول لا إله إلا الله، لا يتلفظ بغيرها.
وقد قيل إن آخر ما تكلم به * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل
مثقال ذرة شرا يره) * [ الزلزلة: 7 ].
وقد أوصى ولديه الحسن والحسين بتقوى الله والصلاة والزكاة وكظم الغيظ
وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبيت في الامر،
والتعاهد للقرآن، وحسن الجوار، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر،
واجتناب الفواحش، ووصاهما بأخيهما محمد بن
الحنفية ووصاه بما وصاهما به، وأن يعظمهما ولا يقطع أمرا دونهما وكتب
ذلك كله في كتاب وصيته رضي الله عنه وأرضاه.
وصورة الوصية: " بسم الله الرحمن الرحيم ! هذا ما أوصى به علي بن أبي
طالب أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده
ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره
المشركون، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له
وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، أوصيك يا حسن وجميع ولدي ومن بلغه كتابي
بتقوى الله ربكم
__________
(1) كذا بالاصل والطبري والكامل، وفي فتوح ابن الاعثم: يوم ثالث وعشرين
من شهر رمضان، وفي شرح النهج 2 / 175: تسع عشرة.
وفي الكامل للمبرد ص / 550: إحدى وعشرين من شهر رمضان.
(*)
(7/362)
ولا تموتن إلا
وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فإني سمعت أبا
القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: " إن صلاح ذات البين أفضل من عامة
الصلاة والصيام " أنظروا إلى ذوي أرحاكم فصلوا ليهون الله عليكم الحساب
الله الله في الايتام فلا تعفو أفواههم ولا يضيعن بحضرتكم، والله الله
في جيرانكم فإنهم وصية نبيكم، ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم،
والله الله في القرآن فلا يسبقنكم إلى العمل به غيركم، والله الله في
الصلاة فإنها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم فلا يخلون منكم ما
بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا، والله الله في شهر رمضان فإن صيامه جنة
من النار، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، والله
الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب، والله الله في ذمة نبيكم لا تظلمن
بين ظهرانيكم، والله الله في أصحاب نبيكم فإن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أوصى بهم، والله الله في الفقراء والمساكين فأشركوهم في معاشكم،
والله الله فيما ملكت أيمانكم فإن آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله
عليه وسلم أن قال: " أوصيكم بالضعيفين نسائكم وما ملكت أيمانكم "
الصلاة الصلاة لا تخافن في الله لومة لائم يكفكم من أرادكم وبغى عليكم،
وقولوا للناس حسنا كما أمركم الله، ولا تتركوا الامر بالمعروف والنهي
عن المنكر، فيولي الامر شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم، وعليكم
بالتواصل والتباذل، وإياكم والتدابر والتقاطع
والتفرق، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان
واتقوا الله إن الله شديد العقاب، حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ عليكم
نبيكم، أستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ورحمه الله (1).
ثم لم ينقط إلا بلا إله إلا الله حتى قبض في شهر رمضان سنة أربعين.
وقد غسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وصلى عليه الحسن فكبر
عليه تسع تكبيرات (2).
وقال الامام أحمد: حدثنا أبو أحمد الزبيري ثنا شريك عن عمران بن ظبيان
عن أبي يحيى قال: لما ضرب ابن ملجم عليا قال لهم " افعلوا به كما أراد
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل برجل أراد قتله فقال: اقتلوه ثم
حرقوه ".
وقد روي أن أم كلثوم قالت لابن ملجم وهو واقف: ويحك ! لم ضربت أمير
المؤمنين ؟ قال: إنما ضربت أباك فقالت: إنه لا بأس عليه، فقال: لم
تبكين ؟ والله لقد ضربته ضربة لو أصابت أهل المصر لماتوا أجمعين، والله
لقد سمعت هذا السيف شهرا ولقد اشتريته بألف وسممته بألف.
قال الهيثم بن عدي: حدثني رجل من بجيلة عن مشيخة قومه أن عبد الرحمن بن
ملجم رأى امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام كانت من أجمل النساء ترى
رأي الخوارج، قد قتل علي قومها على هذا الرأي فلما أبصرها عشقها فخطبها
فقالت: لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف وعبد
__________
(1) وردت وصيته في الطبري 6 / 85 - 86، ووردت في فتوح ابن الاعثم 4 /
143 - 144 باختلاف يسير، وانظر أيضا لوصاياه في شرح نهج البلاغة 2 /
180.
(2) في ابن سعد 3 / 38: أربع تكبيرات.
وفي مروج الذهب 2 / 461: سبع تكبيرات.
(*)
(7/363)
وقينة، فتزوجها
على ذلك فلما بنى بها قالت له: يا هذا قد فرعت فافرع فخرج ملبسا سلاحه
وخرجت معه فضربت له قبة في المسجد وخرج علي يقول: الصلاة الصلاة،
فاتبعه عبد الرحمن فضربه بالسيف على قرن رأسه فقال الشاعر: - قال ابن
جرير: هو ابن أبي مياس المرادي.
فلم أر مهرا ساقه ذو سماحة * كمهر قطام بينا (1) غير معجم ثلاثة آلاف
وعبد وقينة * وقتل (2) علي بالحسام المصمم
فلا مهر أغلا من علي وإن غلا * ولا فتك إلا دون فتك (3) ابن ملجم وقد
عزى ابن جرير هذه الابيات إلى ابن شاس (4) المرادي وأنشد له ابن جرير
في قتلهم عليا: ونحن ضربنا مالك الخير حيدرا * أبا حسن مأمومة فتقطرا
ونحن خلعنا ملكه من نظامه * بضربة سيف إذ علا وتجبرا ونحن كرام في
الهياج أعزة * إذا الموت بالموت ارتدى وتأزرا وقد امتدح ابن ملجم بعض
الخوارج المتأخرين في زمن التابعين وهو عمران بن حطان وكان أحد العباد
ممن يروي عن عائشة في صحيح البخاري فقال فيه: يا ضربة من تقي ما أراد
بها * إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لاذكره يوما فأحسبه * أوفى
البرية عند الله ميزانا وأما صاحب معاوية - وهو البرك - فإنه حمل عليه
وهو خارج إلى صلاة الفجر في هذا اليوم فضربه بالسيف، وقيل بخنجر مسموم
فجاءت الضربة في وركه فجرحت إليته ومسك الخارجي فقتل، وقد قال لمعاوية:
اتركني فإني أبشرك ببشارة، فقال: وما هي ؟ فقال: إن أخي قد قتل في هذا
اليوم علي بن أبي طالب، قال: فلعله لم يقدر عليه، قال: بلى إنه لا حرس
معه، فأمر به فقتل (5)، وجاء الطبيب فقال لمعاوية: إن جرحك مسموم فأما
أن أكويك وأما أن أسقيك شربة فيذهب السم ولكن ينقطع نسلك فقال معاوية:
أما النار فلا طاقة لي بها، وأما النسل ففي
__________
(1) في الطبري 6 / 87 والاخبار الطوال ص 214: من.
(2) في الطبري والاخبار الطوال: وضرب.
(3) كذا بالاصل والاخبار الطوال.
وفي نسخة والطبري: ولا قتل دون قتل.
(4) في الطبري 6 / 87: ابن أبي مياس.
وفي سمط النجوم العوالي 2 / 468 الفرزدق، وفي شرح النهج 2 / 171
والكامل للمبرد ص 549 هذه الابيات منسوبة إلى ابن ملجم لعنه الله.
وفي الاخبار الطوال ص 214 قال الشاعر، وفي فتوح ابن الاعثم: يقول
العبدي، وزاد على الابيات ثلاثة أبيات أخرى 4 / 147.
(5) في مروج الذهب 2 / 464: قال بعض الناس حبسه حتى جاءه خبر قتل علي
فأطلقه.
وفي رواية في الكامل 3 / 393: قيل إن معاوية لم يقتله إنما قطعت يده
ورجله وبقي إلى أن ولي زياد البصرة وقد صار إليها البرك وولد له، فقتله
زياد وصلبه.
(*)
(7/364)
يزيد وعبد الله
ما تقر به عيني.
فسقاه شربة (1) فبرأ من ألمه وجراحه واستقل وسلم رضي الله عنه.
ومن حينئذ عملت المقصورة في المسجد الجامع وجعل الحرس حولها في حال
السجود، فكان أول من اتخذها معاوية لهذه الحادثة.
وأما صاحب عمرو بن العاص - وهو عمرو بن بكر - فإنه كمن له ليخرج إلى
الصلاة فاتفق أن عرض لعمرو بن العاص مغص شديد في ذلك اليوم فلم يخرج
إلا نائبه إلى الصلاة - وهو خارجة بن أبي حبيبة (2) من بني عامر بن لؤي
وكان على شرطة عمرو بن العاص فحمل عليه الخارجي فقتله وهو يعتقده عمرو
بن العاص، فلما أخذ الخارجي قال: أردت عمرا وأراد الله خارجة، فأرسلها
مثلا، وقتل قبحه الله، وقد قيل إن الذي قالها عمرو بن العاص، وذلك حين
جئ بالخارجي فقال: ما هذا ؟ قالوا قتل نائبك خارجة، ثم أمر به فضربت
عنقه.
والمقصود أن عليا رضي الله عنه لما مات صلى عليه ابنه الحسن فكبر عليه
تسع تكبيرات ودفن بدار الامارة بالكوفة خوفا عليه من الخوارج أن ينبشوا
عن جثته، هذا هو المشهور ومن قال إنه حمل على راحلته فذهبت به فلا يدري
أين ذهب فقد أخطأ وتكلف مالا علم له به ولا يسيغه عقل ولا شرع، وما
يعتقده كثير من جهلة الروافض من أن قبره بمشهد النجف فلا دليل على ذلك
ولا أصل له، ويقال إنما ذاك قبر المغيرة بن شعبة، حكاه الخطيب البغدادي
عن أبي نعيم الحافظ عن أبي بكر الطلحي، عن محمد بن عبد الله الحضرمي
الحافظ، عن مطر أنه قال: لو علمت الشيعة قبر هذا الذي يعظمونه بالنجف
لرجموه بالحجارة، هذا قبر المغيرة بن شعبة.
قال الواقدي: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد
الله بن أبي فروة قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر كم كان سن علي
يوم قتل ؟ قال: ثلاثا وستين سنة.
قلت: أين دفن ؟ قال: دفن
بالكوفة ليلا وقد غبي عن دفنه، وفي رواية عن جعفر الصادق أنه كان عمره
ثمان وخمسين سنة، وقد قيل إن عليا دفن قبلي المسجد الجامع من الكوفة.
قاله الواقدي، والمشهور بدار الامارة.
وقد حكى الخطيب البغدادي عن أبي نعيم الفضل بن دكين، أن الحسن والحسين
حولاه فنقلاه إلى المدينة فدفناه بالبقيع عند قبر فاطمة، وقيل إنهم لما
حملوه على البعير ضل منهم فأخذته طئ يظنونه مالا فلما رأوا أن الذي في
الصندوق ميت ولم يعرفوه دفنوا الصندوق بما فيه فلا يعلم أحد أين قبره،
حكاه الخطيب أيضا.
وروى الحافظ ابن عساكر عن الحسن قال: دفنت عليا في حجرة من دور آل
جعدة.
وعن عبد الملك بن عمير قال: لما حفر خالد بن عبد الله أساس دار ابنه
يزيد
__________
(1) كذا بالاصل والطبري والكامل، وفي الاخبار الطوال ص 215: أمر
(الطبيب) أن يقطع ما حول الوجأة من اللحم.
خوفا من أن يكون الخنجر مسموما.
(2) كذا بالاصل والكامل، وفي الطبري 6 / 87: خارجة بن حذافة، وقال في
مروج الذهب 2 / 464 كان قاضي مصر.
(*)
(7/365)
استخرجوا شيخا
مدفونا أبيض الرأس واللحية كأنما دفن بالامس فهم باحراقه ثم صرفه الله
عن ذلك فاستدعى بقباطي فلفه فيها وطيبه وتركه مكانه.
قالوا وذلك المكان بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد في بيت
اسكاف وما يكاد يقر في ذلك الموضع أحد إلا انتقل منه.
وعن جعفر بن محمد الصادق: قال: صلي على علي ليلا ودفن بالكوفة وعمي
موضع قبره ولكنه عند قصر الامارة.
وقال ابن الكلبي: شهد دفنه في الليل الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد
الله بن جعفر وغيرهم من أهل بيتهم فدفنوه في ظاهر الكوفة وعموا قبره
خيفة عليه من الخوارج وغيرهم، وحاصل الامر أن عليا قتل يوم الجمعة سحرا
وذلك لسبع عشرة خلت من رمضان من سنة أربعين وقيل إنه قتل في ربيع الاول
والاول هو الاصح الاشهر والله أعلم.
ودفن بالكوفة عن ثلاث وستين سنة وصححه الواقدي وابن جرير وغير واحد،
وقيل عن خمس وستين وقيل عن ثمان وستين سنة رضي الله عنه.
وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر.
فلما مات علي رضي الله عنه استدعى
الحسن بابن ملجم فقال له ابن ملجم: إني أعرض عليك خصلة قال: وما هي ؟
قال: إني كنت عاهدت الله عند الحطيم (1) أن أقتل عليا ومعاوية أو أموت
دونهما، فإن خليتني ذهبت إلى معاوية على أني إن لم أقتله أو قتلته
وبقيت فلله علي أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك.
فقال له الحسن: كلا والله حتى تعاين النار، ثم قدمه فقتله ثم أخذه
الناس فأدرجوه في بواري (2) ثم أحرقوه بالنار، وقد قيل إن عبد الله بن
جعفر قطع يديه ورجليه وكحلت عيناه وهو مع ذلك يقرأ سورة اقرأ باسم ربك
الذي خلق إلى آخرها ثم جاؤوا ليقطعوا لسانه فجزع وقال: إني أخشى أن تمر
علي ساعة لا أذكر الله فيها ثم قطعوا لسانه ثم قتلوه ثم حرقوه في قوصرة
والله أعلم.
وروى ابن جرير قال: حدثني الحارث ثنا ابن سعد عن محمد بن عمر قال: ضرب
علي يوم الجمعة فمكث يوم الجمعة، وليلة السبت وتوفي ليلة الاحد لاحدى
عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين عن ثلاث وستين سنة.
قال الواقدي: وهو المثبت عندنا والله أعلم بالصواب.
ذكر زوجاته وبنيه وبناته قال الامام
أحمد: حدثنا حجاج ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي
قال: " لما ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أروني
ابني، ما سميتموه ؟ فقلت: سميته حربا، فقال: بل هو حسن، فلما ولد
الحسين قال: أروني ابني، ما سميتموه ؟ فقلت: سميته حربا قال: بل هو
حسين، فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني
ما سميتموه ؟ فقلت:
__________
(1) الحطيم: في مكة ما كان بين الركن الاسود والباب.
وكان ابن ملجم ورفيقاه قد اتفقوا وتعاهدوا في الموسم على تنفيذ
مؤامرتهم بقتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص.
وذكر الاستاذ واشنطن ايرفنج انهم اجتمعوا بمسجد مكة وذكر أهل
النهر...(2) بواري: الارض الخربة.
(*)
(7/366)
حربا فقال: بل
هو محسن، ثم قال: إني سميتهم باسم ولد هارون شبر وشبير ومشبر " (1) وقد
رواه محمد بن سعد عن يحيى بن عيسى التيمي عن الاعمش عن سالم بن أبي
الجعد قال قال علي:
كنت رجلا أحب الحرب فلما ولد الحسن هممت أن أسميه حربا، فذكر الحديث
بنحو ما تقدم لكن لم يذكر الثالث.
وقد ورد في بعض الاحاديث أن عليا سمى الحسن أولا بحمزة وحسينا بجعفر
فغير اسميهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأول زوجة تزوجها علي رضي الله عنه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه
وسلم بنى بها بعد وقعة بدر فولدت له الحسن وحسينا ويقال ومحسنا ومات
وهو صغير، وولدت له زينب الكبرى وأم كلثوم وهذه تزوج بها عمر بن الخطاب
كما تقدم.
ولم يتزوج علي على فاطمة حتى توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم
بستة أشهر، فلما ماتت تزوج بعدها بزوجات كثيرة، منهن من توفيت في حياته
ومنهن من طلقها، وتوفي عن أربع كما سيأتي، فمن زوجاته أم البنين بنت
حرام وهو المحل بن خالد (2) بن ربيعة بن كعب بن عامر بن كلاب فولدت له
العباس وجعفرا وعبد الله وعثمان.
وقد قتل هؤلاء مع أخيهم الحسين بكربلاء ولا عقب لهم سوى العباس.
ومنهن ليلى بنت مسعود بن خالد بن مالك من بني تميم فولدت له عبيد الله
وأبا بكر، قال هشام بن الكلبي: وقد قتلا بكربلاء أيضا.
وزعم الواقدي أن عبيد الله قتله المختار بن أبي عبيد يوم الدار (3).
ومنهن أسماء بنت عميس الخثعمية فولدت له يحيى ومحمدا الاصغر قاله
الكلبي.
وقال الواقدي: ولدت له يحيى وعونا قال الواقدي: فأما محمد الاصغر فمن
أم ولد.
ومنهن أم حبيبة بنت زمعة (4) بن بحر بن العبد بن علقمة وهي أم ولد من
السبي الذين سباهم خالد من بني تغلب حين أغار على عين التمر فولدت له
عمر - وقد عمر خمسا وثلاثين (5) سنة - ورقية.
ومنهن أم سعيد بنت عروة بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفي فولدت له أم
الحسن ورملة الكبرى.
ومنهن ابنة امرئ القيس (6) بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم بن
كلب الكلبية فولدت له جارية فكانت تخرج مع علي إلى المسجد وهي صغيرة
فيقال لها: من أخوالك ؟ فتقول: وه وه تعني بني كلب: ومنهن أمامة بنت
أبي العاص بن الربيع بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي وأمها زينب بنت
رسول الله
__________
(1) أخرجه الامام أحمد في مسنده ج 1 / 98، 118.
(2) في نسبه: في ابن سعد 3 / 20: خالد بن جعفر بن ربيعة بن الوحيد بن
عامر بن كعب بن كلاب وفي الطبري
6 / 89: خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب، وفي الاصابة:
1 / 375: خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كلاب بن ربيعة العامري ثم
الوحيدي.
(3) في ابن سعد والطبري: بالمذار.
(4) في الطبري والكامل وابن سعد: وهي الصهباء بنت ربيعة بن بجير...(5)
في الطبري والكامل: خمسا وثمانين.
(6) واسمها محياة قاله ابن سعد والطبري، وفي الكامل: مخباة.
(*)
(7/367)
صلى الله عليه
وسلم، وهي التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحملها وهو في
الصلاة إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، فولدت له محمدا الاوسط، وأما
ابنه محمد الاكبر فهو ابن الحنفية وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة
بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة بن لجيم بن صعب
بن علي بن بكر بن وائل سباها خالد أيام الصديق أيام الردة من بني حنيفة
فصارت لعلي بن أبي طالب فولدت له محمدا هذا، ومن الشيعة من يدعي فيه
الامامة والعصمة، وقد كان من سادات المسلمين ولكن ليس بمعصوم ولا أبوه
معصوم بل ولا من هو أفضل من أبيه من الخلفاء الراشدين قبله ليسوا
بواجبي العصمة كما هو مقرر في موضعه والله أعلم.
وقد كان لعلي أولاد كثيرة من أمهات أولاد شتى فإنه مات عن أربع نسوة
وتسع عشرة سرية رضي الله عنه فمن أولاده رضي الله عنهم ممن لا يعرف
أسماء أمهاتهم أم هانئ وميمونة وزينب الصغرى ورملة الكبرى وأم كلثوم
الصغرى وفاطمة وأمامة وخديجة وأم الكرام وأم جعفر وأم سلمة وجمانة، قال
ابن جرير: فجميع ولد علي أربعة عشر ذكرا وسبع عشرة أنثى (1).
قال الواقدي: وإنما كان النسل من خمسة وهم الحسن والحسين ومحمد [ ابن
الحنفية والعباس بن ] (2) الكلابية وعمر بن التغلبية رضي الله عنهم
أجمعين.
وقد قال ابن جرير: حدثتي ابن سنان القزاز ثنا أبو عاصم ثنا مسكين بن
عبد العزيز أنا حفص بن خالد حدثني أبي خالد بن جابر قال: " سمعت الحسن
لما قتل علي قام خطيبا فقال: لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها
القرآن، ورفع فيها عيسى بن مريم، وفيها
قتل يوشع بن نون فتى موسى والله ما سبقه أحد كان قبله ولا يدركه أحد
يكوه بعده، والله أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه في
السرية جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره، والله ما ترك صفراء ولا
بيضاء إلا ثمانمائة أو تسعمائة أرصدها لحادثة " وهذا غريب جدا وفيه
نكارة والله أعلم.
وهكذا رواه أبو يعلى عن إبراهيم بن الحجاج عن مسكين به.
وقال الامام أحمد: حدثنا وكيع عن شريك عن أبي إسحاق عن هبيرة قال:
خطبنا الحسن بن علي قال: " لقد فارقكم رجل بالامس لم يسبقه الاولون
بعلم ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه
بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له.
ورواه زيد العمي وشعيب بن خالد عن أبي إسحاق به وقال " ما ترك إلا
سبعمائة كان أرصدها يشتري بها خادما " (3): وقال الامام أحمد: حدثنا
حجاج ثنا شريك، عن عاصم بن كريب، عن محمد بن كعب القرظي أن عليا قال: "
لقد رأيتني مع رسول الله وإني لاربط الحجر على بطني من الجوع، وإن
صدقتي اليوم لتبلغ أربعين ألفا " ورواه عن أسود عن شريك به وقال " إن
صدقتي لتبلغ أربعين ألف دينار ".
__________
(1) في ابن سعد: تسع عشرة انثى.
(2) بياض في الاصل، والزيادة من الطبري وابن سعد.
(3) وهي رواية المسعودي في مروج الذهب 2 / 461 وفتوح ابن الاعثم 4 /
146 وزاد: قال الحسن وقد أمرني أن أردها إلى بيت المال.
(*)
(7/368)
شئ من فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
من ذلك أنه أقرب العشرة المشهود لهم بالجنة نسبا من رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأنه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب واسمه شيبة بن هاشم
واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة
بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن
مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو الحسن القرشي
الهاشمي فهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه فاطمة بنت أسد
بن هاشم بن عبد مناف.
قال الزبير بن بكار: وهي
أول هاشمية ولدت هاشميا.
وقد أسلمت وهاجرت، وأبوه هو العم الشقيق الرفيق أبو طالب واسمه عبد
مناف كذا نص على ذلك الامام أحمد بن حنبل هو وغير واحد من علماء النسب
وأيام الناس.
وزعمت الروافض أن اسم أبي طالب عمران وانه المراد من قوله تعالى * (إن
الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) * [ آل
عمران: 33 ] وقد أخطأوا في ذلك خطأ كثيرا ولم يتأملوا القرآن قبل أن
يقولوا هذا البهتان من القول في تفسيرهم له على غير مراد الله تعالى،
فإنه قد ذكر بعد هذه قوله تعالى * (إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك
ما في بطني محررا) * [ آل عمران: 35 ] فذكر ميلاد مريم بنت عمران عليها
السلام وهذا ظاهر ولله الحمد.
وقد كان أبو طالب كثير المحبة الطبيعية لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولم يؤمن به إلى أن مات على دينه كما ثبت ذلك في صحيح البخاري من رواية
سعيد بن المسيب عن أبيه في عرضه عليه السلام على عمه أبي طالب وهو في
السياق أن يقول لا إله إلا الله فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي
أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فقال كان آخر ما قال هو
على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فخرج رسول الله وهو
يقول " أما لاستغفرن لك ما لم أنه عنك " فنزل في ذلك قوله تعالى * (إنك
لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) * [
القصص: 56 ] ثم نزل بالمدينة قوله تعالى * (ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم
أصحاب الجحيم.
وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له
أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لاواه حليم) * [ التوبة: 113 ] وقد
قررنا ذلك في أوائل المبعث ونبهنا على خطأ الرافضة في دعواهم أنه أسلم
وافترائهم ذلك بلا دليل على مخالفة النصوص الصريحة.
وأما علي رضي الله عنه فإنه أسلم قديما وهو دون البلوغ على المشهور،
ويقال إنه أول من أسلم من الغلمان، كما أن خديجة أول من أسلم من
النساء، وأبو بكر الصديق أول من أسلم من الرجال الاحرار، وزيد بن حارثة
أول من أسلم من الموالي.
وقد روى الترمذي وأبو يعلى عن إسماعيل بن السدي عن علي بن عياش عن مسلم
الملائي عن حبة بن جوين عن علي - وحبة لا يساوي حبة - عن أنس بن مالك
قال: " بعث رسول الله يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء "
ورواه بعضهم عن مسلم الملائي عن حبة بن جوين عن علي - وحبة لا يساوي
حبة - وقد روى سلمة بن كهيل عن حبة عن علي قال: عبدت الله مع رسول الله
سبع سنين قبل أن يعبده أحد "
(7/369)
وهذا لا يصح
أبدا وهو كذب وروى سفيان الثوري وشعبة عن سلمة عن حبة عن علي قال: "
أنا أول من أسلم " وهذا لا يصح أيضا وحبة ضعيف وقال سويد بن سعيد ثنا
نوح بن قيس بن سليمان بن عبد الله عن معاذة العدوية قالت: سمعت علي بن
أبي طالب على منبر البصرة يقول: " أنا الصديق الاكبر آمنت قبل أن يؤمن
أبو بكر، وأسلمت قبل أن يسلم " وهذا لا يصح قاله البخاري، وقد ثبت عنه
بالتواتر أنه قال على منبر الكوفة: " أيها الناس ! إن خير هذه الامة
بعد نبيها أبو بكر ثم عمر، ولو شئت أن أسمي الثالث لسميت ".
وقد تقدم ذلك في فضائل الشيخين رضي الله عنهما وارضاهما.
قال الامام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، ثنا أبو عوانة، عن أبي بلج، عن
عمرو بن ميمون عن ابن عباس قال: " أول من صلى - وفي رواية أسلم - مع
رسول الله بعد خديجة علي بن أبي طالب " ورواه الترمذي من حديث شعبة عن
أبي بلج به وقد روي عن زيد بن أرقم وأبي أيوب الانصاري أنه صلى قبل
الناس بسبع سنين وهذا لا يصح من أي وجه كان روي عنه.
وقد ورد في أنه أول من أسلم من هذه الامة أحاديث كثيرة لا يصح منها شئ،
وأجود ما في ذلك ما ذكرنا.
على أنه قد خولف فيه وقد اعتنى الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر في
تاريخه بتطريق هذه الروايات، فمن أراد كشف ذلك فعليه بكتابه التاريخ
والله الموفق للصواب.
وقد روى الترمذي والنسائي عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن زيد، عن زيد بن
أرقم قال: " أول من أسلم علي " قال الترمذي: حسن صحيح.
وصحب علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة مقامه بمكة، وكان عنده في
المنزل وفي كفالته في حياة أبيه لفقر حصل لابيه في بعض السنين مع كثرة
العيال، ثم استمر في نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إلى
زمن الهجرة وقد خلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤدي ما كان عنده
عليه السلام من ودائع الناس، فإنه كان يعرف في قومه بالامين، فكانوا
يودعونه الاموال والاشياء النفسية ثم هاجر علي بعد رسول الله صلى الله
عليه وسلم وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن توفي وهو راض
عنه وحضر معه مشاهده كلها وجرت له مواقف شريفة بين يديه في مواطن الحرب
كما بينا ذلك في السيرة بما أغنى عن إعادته ها هنا، كيوم بدر وأحد
والاحزاب وخيبر وغيرها، ولما استخلفه عام تبوك على أهله بالمدينة قال:
" أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي "
وقد ذكرنا تزويجه فاطمة بنت رسول الله ودخوله بها بعد وقعة بدر بما
أغنى عن إعادته.
ولما رجع عليه السلام من حجة الوداع فكان بين مكة والمدينة بمكان يقال
له غدير خم خطب الناس هنالك في اليوم الثاني عشر من ذي الحجة في خطبته:
" من كنت مولاه فعلي مولاه " وفي بعض الروايات: " اللهم وال من والاه
وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله " والمحفوظ الاول، وإنما
كان سبب هذه الخطبة والتنبيه على قضله ما ذكره ابن إسحاق من أن عليا
لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أميرا هو وخالد بن
الوليد ورجع علي فوافى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة
الوداع وقد كثرت فيه المقالة وتكلم فيه بعض من كان معه بسبب استرجاعه
منهم خلعا كان خلعها نائبه عليهم لما تعجل السير إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فلما تفرغ رسول الله من حجة الوداع أحب أن
(7/370)
يبرئ ساحة علي
مما نسب إليه من القول الذي لا أصل له، وقد اتخذت الروافض هذا اليوم
عيدا، فكانت تضرب فيه الطبول ببغداد في أيام بني بويه في حدود
الاربعمائة كما سننبه عليه إذا انتهينا إليه إن شاء الله.
ثم بعد ذلك بنحو من عشرين يوما تعلق المسوح على أبواب الدكاكين ويذر
التبن والرماد، وتدور الذراري والنساء في سكك البلد تنوح على الحسين بن
علي يوم عاشوراء صبيحة قراءتهم المصرع المكذوب في قتله، وسنبين الحق في
صفة قتله كيف وقع الامر على الجلية إن شاء الله تعالى.
وقد كان بعض بني أمية يعيب عليا بتسميته أبا تراب وهذا الاسم إنما سماه
به رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيحين عن سهل بن سعد أن
عليا غاضب فاطمة فراح إلى المسجد فجاءه رسول الله فوجده نائما وقد لصق
التراب بجلده فجعل ينفض عنه التراب ويقول: " إجلس أبا تراب ".
حديث المؤاخاة
قال الحاكم حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الجنيد، ثنا الحسين بن جعفر
القرشي، ثنا العلاء بن عمرو الحنفي، ثنا أيوب بن مدرك، عن مكحول عن أبي
أمامة قال: " لما آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الناس آخى بينه
وبين علي " ثم قال الحاكم لم نكتبه من حديث مكحول إلا من هذا الوجه
وكان المشايخ يعجبهم هذا الحديث لكونه من رواية أهل الشام.
قلت: وفي صحة هذا الحديث نظر، وورد من طريق أنس وعمر أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " أنت أخي في الدنيا والآخرة " وكذلك من طريق زيد
بن أبي أوفى وابن عباس ومحدوج بن زيد الذهلي وجابر بن عبد الله وعامر
بن ربيعة وأبي ذر وعلي نفسه نحو ذلك واسانيدها كلها ضعيفة لايقو بشئ
منها حجة والله أعلم.
وقد جاء من غير وجه أنه قال: " أنا عبد الله وأخو رسوله لا يقولها بعدي
إلا كذاب " وقال الترمذي: ثنا يوسف بن موسى القطان البغدادي، ثنا علي
بن قادم، ثنا علي بن صالح بن حيي.
عن حكيم بن جبير، عن جميع بن عمير التيمي، عن ابن عمر قال: " آخى رسول
الله بين أصحابه فجاء علي تدمع عيناه فقال يا رسول الله آخيت بين
أصحابك ولم تواخي بيني وبين أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنت أخي في الدنيا والآخرة " ثم قال: هذا حديث حسن غريب وفيه عن زيد بن
أبي أوفى، وقد شهد بدرا.
وقد قال رسول الله لعمر: " وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر
فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " ؟ وبارز يومئذ كما تقدم وكانت له
اليد البيضاء ودفع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية يومئذ وهو
ابن عشرين سنة قاله الحكم عن مقسم عن ابن عباس.
قال وكانت تكون معه راية المهاجرين في المواقف كلها، وكذلك قال سعيد بن
المسيب وقتادة.
وقال خيثمة بن سليمان الاطرابلسي الحافظ: حدثنا أحمد بن حازم عن ابن
أبي غرزة، ثنا إسماعيل بن أبان، ثنا ناصح بن عبد الله المحلمي، عن سماك
بن حرب، عن جابر بن سمرة قال قالوا يا رسول الله من يحمل رايتك يوم
القيامة ؟ قال: " ومن عسى أن يحملها يوم القيامة إلا من
(7/371)
كان يحملها في
الدنيا علي بن أبي طالب " ؟ وهذا إسناد ضعيف.
ورواه ابن عساكر عن أنس بن مالك ولا يصح أيضا.
وقال الحسن بن عرفة: حدثني عمار بن محمد عن سعيد بن محمد
الحنظلي، عن أبي جعفر بن علي قال: نادى مناد في السماء يوم بدر: " لا
سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا على " قال الحافظ ابن عساكر وهذا مرسل
وإنما تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر ثم
وهبه لعلي بعد ذلك (1).
وقال الزبير بن بكار: حدثني علي بن المغيرة عن معمر بن المثنى قال: كان
لواء المشركين يوم بدر مع طلحة بن أبي طلحة فقتله علي بن أبي طالب ففي
ذلك يقول الحجاج بن علاط السلمي: لله أي مذنب عن حربه * أعني ابن فاطمة
المعم المخولا جادت يداك له بعاجل طعنة * تركت طليحة للجبين مجندلا
وشددت شدة باسل فكشفتهم * بالحق إذ يهوون أخول أخولا وعللت سيفك
بالدماء ولم تكن * لترده حران حتى ينهلا وشهد بيعة الرضوان وقد قال
الله تعالى * (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) * [
الفتح: 18 ] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن يدخل أحد بايع تحت
الشجرة النار ".
وقد ثبت في الصحاح وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم
خيبر: " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله،
ليس بفرار يفتح الله على يديه " فبات الناس يدوكون (2) أيهم يعطاها حتى
قال عمر: ما أحببت الامارة إلا يومئذ، فلما أصبح أعطاها عليا ففتح الله
على يديه (3)، ورواه جماعة منهم مالك والحسن ويعقوب بن عبد الرحمن
وجرير بن عبد الحميد، وحماد بن سلمة، وعبد العزيز بن المختار، وخالد بن
عبد الله بن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة أخرح مسلم.
ورواه ابن أبي حازم عن سهل بن سعد أخرجاه في الصحيحين وقال في حديثه: "
فدعا به رسول الله وهو أرمد فبصق في عينيه فبرأ " ورواه إياس بن سلمة
بن الاكوع عن أبيه ويزيد بن أبي عبيد عن مولاه سلمة أيضا، وحديثه عنه
في الصحيحين (4).
وقال محمد بن إسحاق: حدثني بريدة عن سفيان عن أبي فروة الاسلمي عن أبيه
عن سلمة بن عمرو بن الاكوع قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
أبي بكر الصديق برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح
وقد جهد، ثم بعث عمر بن الخطاب فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
(1) أخرجه الترمذي في السير، باب في النفل عن هناد بن السري.
وأخرجه ابن ماجه في الجهاد (باب) السلاح عن أبي كريب عن محمد بن الصلت
كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن ابن عباس.
(2) يدوكون: أي يخوضون ويموجون، يقال: وقع الناس في دوكة أي اختلاط
وخوض.
(3) أخرجه البخاري في المغازي (38) باب.
ومسلم في كتاب فضائل الصحابة (4) باب ح (34) عن قتيبة بن سعيد.
ورواه مسلم عن أبي هريرة من طريق سهيل بن أبي صالح (ح 33) ص (1871).
(4) البخاري في غزوة خيبر ومسلم في فضائل أصحاب النبي ح (35).
(*)
(7/372)
لاعطين الراية
غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس
بفرار، قال سلمة: فدعا رسول الله عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ثم قال:
خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك، قال سلمة فخرج والله بها
يهرول هرولة وإنا لخلفه نتبع أثره حتى ركز رايته في رجم من حجارة تحت
الحصن فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن فقال: من أنت ؟ قال: علي بن أبي
طالب، قال اليهودي: غلبتم ومن أنزل التوراة على موسى قال: فما رجع حتى
فتح الله على يديه " (1) وقد رواه عكرمة بن عمار، عن عطاء مولى السائب
عن سلمة بن الاكوع وفيه أنه هو الذي جاء به يقوده وهو أرمد حتى بصق
رسول الله في عينيه فبرأ.
رواية بريدة بن الحصيب.
وقال الامام أحمد: حدثنا زيد بن الحباب ثنا الحسين بن واقد، حدثني عبد
الله بن بريدة، حدثني بريدة بن الحصيب قال: حاصرنا خيبر فأخذ اللواء
أبو بكر فانصرف ولم يفتح له، ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح
له، وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول الله: إني دافع اللواء غدا
إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له -
وبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا - قال: فلما أصبح رسول الله صلى الله
عليه وسلم صلى الغداة، ثم قام قائما فدعا باللواء والناس على مصافهم
فدعا عليا وهو أرمد فتفل في عينيه ودفع إليه اللواء ففتح له، قال
بريدة: وأنا فيمن تطاول لها (2)، ورواه النسائي من حديث الحسين بن واقد
به أطول منه ثم رواه أحمد عن محمد بن جعفر وروح كلاهما عن عوف عن ميمون
أبي عبد الله الكردي
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه به نحوه، وأخرجه النسائي عن بندار وغندر
به وفيه الشعر.
رواية عبد الله بن عمر ورواه هشيم عن العوام بن حوشب، عن حبيب بن أبي
ثابت، عن ابن عمر فذكر سياق حديث بريدة ورواه كثير من النواء عن جميع
بن عمير عن ابن عمر نحوه وفيه " قال علي: فما رمدت بعد يومئذ " ورواه
أحمد عن وكيع عن هشام بن سعيد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر كما سيأتي.
رواية ابن عباس وقال أبو يعلى: حدثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا أبو
عوانة، عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه
الله ورسوله، فقال أين علي ؟ قالوا: يطحن، قال وما أحد منهم يرضى أن
يطحن، فأتي به فدفع إليه الراية فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب " وهذا
غريب من هذا الوجه وهو مختصر من حديث طويل، ورواه الامام أحمد عن يحيى
بن حماد، عن أبي عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس
فذكره بتمامه فقال الامام أحمد عن يحيى بن حماد: ثنا
__________
(1) رواه ابن هشام في السيرة 3 / 289 - 290 وعبارة " وما انزل على موسى
" المراد بها القسم بما أنزل عليه.
(2) أخرجه الامام أحمد في مسنده ج 5 / 353 ورواه البيهقي في الدلائل 4
/ 210.
(*)
(7/373)
أبو عوانة ثنا
أبو بلج ثنا عمرو بن ميمون قال: إني لجالس إلى ابن عباس، إذ أتاه تسعة
رهط فقالوا: يا بن عباس أما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا هؤلاء ؟ فقال:
بل أقوم معكم - وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى - قال: وابتدأوا فتحدثوا
فلا ندري ما قالوا قال فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له
عشر وقعوا في رجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " لابعثن رجلا لا
يخزيه الله أبدا يحب الله ورسوله قال: فاستشرف لها من استشرف قال: أي
علي ؟ قالوا: هو في الرحا يطحن، قال: وما كان أحدكم ليطحن، قال فجاء
وهو أرمد لا يكاد أن يبصر فنفث في عينيه ثم هز الراية ثلاثا فأعطاها
إياه فجاء بصفية بنت حيي بن أخطب قال: ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث
عليا خلفه فأخذها ثم قال: لا يذهب بها إلا رجل مني وأنا منه.
قال وقال لبني عمه: أيكم
يواليني في الدنيا والآخرة ؟ فأبوا قال: وعلي معه جالس فقال علي: أنا
أواليك في الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجال منهم فقال: أيكم
يواليني في الدنيا والآخرة فأبوا فقال علي: أنا أواليك في الدنيا
والآخرة فقال: أنت وليي في الدنيا والآخرة " قال: وكان أول من أسلم من
الناس بعد خديجة، قال: وأخذ رسول الله ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن
وحسين فقال: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا " قال وشرى على نفسه لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام
مكانه، قال وكان المشركون يرومون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء
أبو بكر وعلي نائم وأبو بكر يحسب أنه نبي الله فقال: يا نبي الله !
فقال له علي: إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمونة فأدركه، قال: فانطلق
أبو بكر فدخل معه الغار قال: وجعل علي يرمي بالحجارة كما كان يرمى رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضرر وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى
أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا: إنك لئيم كان صاحبك نرميه فلا يتضرر وأنت
تتضرر وقد استنكرنا ذلك، قال: وخرج - يعني رسول الله صلى الله عليه
وسلم في غزوة تبوك - فقال له علي: أخرج معك ؟ فقال له النبي صلى الله
عليه وسلم: لا ! فبكى علي فقال: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون
من موسى إلا أنك لست بنبي ؟ إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي "
قال وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنت وليى كل مؤمن " بعدي
قال وسد أبواب المسجد غير باب علي قال فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس
له طريق غيره، قال وقال " من كنت مولاه فإن عليا مولاه " قال: وأخبرنا
الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم فهل
حدثنا أنه سخط عليهم بعد.
قال وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال ائذن لي أن أضرب
عنق هذا المنافق - يعني حاطب بن أبي بلتعة - قال: " وما يدريك لعل الله
قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقد روى
الترمذي بعضه من طريق شعبة عن أبي بلج يحيى بن أبي سليم واستغربه،
وأخرج النسائي بعضه أيضا عن محمد بن المثنى عن يحيى بن حماد به.
وقال البخاري في التاريخ: ثنا عمر بن عبد الوهاب الرماحي ثنا معمر بن
سليمان، عن أبيه عن منصور، عن ربعي، عن عمران بن حصين.
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لادفعن الراية إلى رجل يحب
الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فبعث إلى علي وهو أرمد فتفل في عينيه
(7/374)
وأعطاه الراية
فما رد وجهه وما اشتكاهما بعد " ورواه أبو القاسم البغوي عن إسحاق بن
إبراهيم، عن أبي موسى الهروي، عن علي بن هاشم، عن محمد بن علي، عن
منصور عن ربعي عن عمران فذكره.
وأخرجه النسائي عن عباس العنبري عن عمر بن عبد الوهاب به.
رواية أبي سعيد في ذلك قال الامام أحمد: حدثنا مصعب بن المقدام وحجين
بن المثنى قالا: ثنا إسرائيل ثنا عبد الله بن عصمة قال سمعت أبا سعيد
الخدري يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ثم
قال: " من يأخذها بحقها فجاء فلان فقال أنا فقال: امض ثم جاء رجل آخر
فقال أنا فقال أمض ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم والذي أكرم وجه
محمد لاعطينها رجلا لا يفر، فجاء علي فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر
وفدك وجاء بعجوتهما وقد يدهما ".
ورواه أبو يعلى عن حسين بن محمد عن إسرائيل وقال في سياقه " فجاء
الزبير فقال أنا فقال: امض ثم جاء آخر فقال: امض " (1) وذكره تفرد به
أحمد.
رواية علي بن أبي طالب في ذلك وقال الامام أحمد حدثنا وكيع عن ابن أبي
ليلى عن المنهال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان أبي ليلى قال كان
أبي يسير مع علي وكان علي يلبس ثياب الصيف في الشتاء وثياب الشتاء في
الصيف فقيل له لو سألته فسأله فقال: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت يا رسول الله إني أرمد العين
فتفل في عيني فقال اللهم أذهب عنه الحر والبرد فما وجدت حرا ولا بردا
منه يومئذ، وقال لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله، ليس بفرار فتشرف لها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيها
(2) " تفرد به أحمد وقد رواه غير واحد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي
ليلى عن أبيه عن علي به مطولا.
وقال أبو يعلى: حدثنا زهير، ثنا جرير، عن مغيرة عن أم موسى قالت سمعت
عليا يقول: " ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله وجهي وتفل في عيني
يوم خيبر وأعطاني الراية " (3).
رواية سعد بن أبي وقاص في ذلك.
ثبت في الصحيحين من حديث شعبة عن سعد بن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص عن
أبيه عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "
أما
ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي " ؟ (4)
قال أحمد ومسلم والترمذي: حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن
بكير بن مسمار عن عامر بن سعد بن
__________
(1) أخرجه الامام أحمد في مسنده ج 3 / 16.
(2) مسند أحمد 1 / 99، 133.
(3) رواه البيهقي في الدلائل 4 / 213، وذكره الهيثمي في الزوائد 9 /
122 وقال: رواه أبو يعلى وأحمد باختصار، ورجالهما رجال الصحيح، غير أم
موسى وحديثها مستقيم.
(4) الحديث أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله باب
مناقب علي 5 / 22 الطبعة الاميرية.
وفي كتاب المغازي - باب غزوة تبوك.
ومسلم في فضائل الصحابة (4) باب.
ح (30 - 31).
(*)
(7/375)
أبي وقاص عن
أبيه قال له: أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال ما يمنعك أن تسب أبا
تراب ؟ فقال أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم
؟ لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول - وخلفه في بعض مغازيه - فقال له علي يا رسول الله
أتخلفني مع النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " ؟
وسمعته يقول يوم خيبر: لاعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله قال فتطاولت لها قال ادعوا لي عليا فأتي به أرمد فبصق في عينيه
ودفع الراية إليه ففتح الله عليه " ولما نزلت هذه الآية * (فقل تعالوا
ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) * [ آل عمران:
61 ] " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ثم
قال اللهم هؤلاء أهلي " (1) وقد رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث
سعيد بن المسيب عن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: "
أنت مني بمنزلة هارون من موسى " وقال الترمذي: ويستغرب من رواية سعيد
عن سعد.
وقال الامام أحمد: حدثنا أحمد الزبيري، ثنا عبد الله بن حبيب بن أبي
ثابت، عن حمزة بن عبد الله عن أبيه - يعني عبد الله بن عمر - عن سعد
قال: لما خرج رسول الله إلى تبوك خلفا عليا فقال: أتخلفني ؟ قال: " أما
ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي " وهذا
إسناد جيد ولم يخرجوه.
وقال الحسن بن عرفة العبدي: ثنا محمد بن حازم أبو معاوية الضرير عن
موسى بن مسلم الشيباني عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد بن أبي وقاص قال:
قدم معاوية في بعض حجاته فأتاه سعد بن أبي وقاص فذكروا عليا فقال سعد:
له ثلاث خصال لان تكون لي واحدة منهن أحب إلي من الدنيا وما فيها.
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من كنت مولاه فعلي مولاه،
وسمعته يقول: لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله، وسمعته يقول: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي " لم يخرجوه وإسناده حسن.
وقال أبو زرعة الدمشقي: ثنا أحمد بن خالد الذهبي أبو سعيد ثنا محمد بن
إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن أبيه قال: " لما حج معاوية وأخذ بيد
سعد بن أبي وقاص فقال يا أبا إسحاق إنا قوم قد أجفانا هذا الغزو عن
الحج حتى كدنا أن ننسى بعض سننه فطف نطف بطوافك، قال: فما فرغ أدخله
دار الندوة فأجلسه معه على سريره ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه
فقال: أدخلتني دارك واجلستني على سريرك ثم وقعت في علي تشتمه ؟ والله
لان يكون في إحدى خلاله الثلاث أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه
الشمس، ولان يكون لي ما قال له حين غز تبوكا " ألا ترضي أن تكون مني
بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " ؟ أحب إلي مما طلعت عليه
الشمس، ولان يكون لي ما قال له يوم خيبر: " لاعطين الراية رجلا يحب
الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه ليس بفرار " أحب إلي
مما طلعت عليه الشمس ولان أكون صهره على ابنته ولي منها
__________
(1) أخرجه الامام أحمد في مسنده 1 / 173، 175، 182، 184، 331 و 3 /
338.
ورواه الترمذي في المناقب ح 3724 ص 5 / 638.
ومسلم في فضائل الصحابة (4) باب ح (32) ص 4 / 1871.
(*)
(7/376)
من الولد أحب
إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، لا أدخل عليك دارا بعد هذا
اليوم، ثم نفض رداءه ثم خرج.
وقال أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد،
عن سعد بن أبي وقاص قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي
طالب فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ قال: " أما ترضى
أن تكون مني بمنزلة
هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي " ؟ إسناده على شرطهما ولم يخرجاه.
وهكذا رواه أبو عوانة عن الاعمش عن الحكم بن مصعب عن أبيه ورواه أبو
داود الطيالسي، عن شعبة عن عاصم (1) عن مصعب عن أبيه فالله أعلم.
وقال أحمد: ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا سليمان بن بلال، حدثنا
الجعد بن عبد الرحمن الجعفي، عن عائشة بنت سعد عن أبيها: أن عليا خرج
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاء ثنية الوداع وعلي يبكي يقول:
تخلفني مع الخوالف ؟ فقال: " أو ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من
موسى إلا النبوة " (2) ؟ وهذا إسناد صحيح أيضا ولم يخرجوه.
وقد رواه غير واحد عن عائشة بنت سعد عن أبيها، قال الحافظ ابن عساكر:
وقد روى هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة
منهم عمر وعلي وابن عباس وعبد الله ه بن جعفر ومعاوية وجابر بن عبد
الله وجابر بن سمرة وأبو سعيد والبراء بن عازب وزيد بن أرقم وزيد بن
أبي أوفى ونبيط بن شريط وحبشي بن جنادة ومالك بن الحويرث وأنس بن مالك
وأبو الفضل، وأم سلمة وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت حمزة.
وقد تقصى الحافظ ابن عساكر هذه الاحاديث في ترجمة علي في تاريخه فأجاد
وأفاد وبرز على النظراء والاشباه والانداد.
رحمه رب العباد يوم التناد.
رواية عمر رضي الله عنه في ذلك قال أبو يعلى: حدثنا عبد الله بن عمر
ثنا عبد الله بن جعفر أخبرني سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال
قال عمر: لقد أعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال لان تكون لي خصلة منها
أحب إلي من حمر النعم قيل وما هن يا أمير المؤمنين ؟ قال: تزويجه فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسكناه المسجد مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يحل له فيه ما يحل له، والراية يوم خيبر.
وقد روي عن عمر من غير وجه.
رواية ابن عمر رضي الله عنهما وقد رواه الامام أحمد عن وكيع عن هشام بن
سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر قال: " كنا نقول في زمان رسول الله صلى
الله عليه وسلم خير الناس أبو بكر ثم عمر ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاثا
لان أكون أعطيتهن أحب إلي من حمر النعم ".
فذكر هذه الثلاث.
وقد روى أحمد والترمذي من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
__________
(1) في رواية البيهقي في الدلائل عن أبي داود قال: حدثنا شعبة عن الحكم
عن مصعب...الدلائل 5 / 220
ورواه مسلم عن شعبة عن الحكم عن مصعب بنحوه من طريق أبي بكر بن أبي
شيبة ص (1870).
(2) مسند أحمد ج 1 / 170، 177.
(*)
(7/377)
لعلي: " أما
ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي (1) "
ورواه أحمد من حديث عطية عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (2) ".
ورواه الطبراني من طريق عبد العزيز بن حكيم عن ابن عمر مرفوعا ورواه
سلمة بن كهيل، عن عامر بن سعد، عن أبيه عن أم سلمة أن رسول الله قال
لعلي: " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي
بعدي " قال سلمة وسمعت مولى لبني موهب يقول: سمعت ابن عباس يقول قال
النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
تزويجه فاطمة الزهاء رضي الله عنها.
قال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن أبيه سمع رجل عليا على منبر
الكوفة يقول: " أردت أن أخطب إلى رسول الله ابنته ثم ذكرت أن لا شئ لي
ثم ذكرت عائدته وصلته فخطبتها، فقال: هل عندك شئ ؟ قلت: لا ! قال فأين
درعك الحطمية التي أعطيتك يوم كذا وكذا ؟ قلت: عندي، قال: فأعطها
فأعطيتها فزوجني فلما كان ليلة دخلت عليها قال لا تحدثا شيئا حتى
آتيكما، قال: فأتانا وعلينا قطيفة أو كساء فتحثثنا فقال مكانكما، ثم
دعا بقدح من ماء فدعا فيه ثم رشه علي وعليها، فقلت: يا رسول الله أنا
أحب إليك أم هي ؟ قال: هي أحب إلي وأنت أعز علي منها ".
وقد روى النسائي من طريق عبد الكريم بن سليط عن ابن بريدة عن أبيه
فذكره بأبسط من هذا السياق، وفيه أنه أولم عليها بكبش من عند سعد وآصع
من الذرة من عند جماعة من الانصار، وأنه دعا لهما بعدما صب عليهما
الماء، فقال: " اللهم بارك لهما في شملهما " - يعني الجماع - وقال محمد
بن كثير عن الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة
قال: لما خطب علي فاطمة دخل عليها رسول الله فقال لها: " أي بنية ! إن
ابن عمك عليا قد خطبك فماذا تقولين ؟ فبكت ثم قالت: كأنك يا أبت إنما
دخرتني لفقير قريش ؟ فقال: والذي بعثني بالحق ما تكلمت فيه حتى أذن
الله لي فيه من
السموات، فقالت فاطمة: رضيت بما رضي الله ورسوله.
فخرج من عندها واجتمع المسلمون إليه ثم قال: يا علي أخطب لنفسك فقال
علي الحمد لله الذي لا يموت وهذا محمد رسول الله زوجني ابنته على صداق
مبلغه أربعمائة درهم فاسمعوا ما يقول واشهدوا، قالوا: ما تقول يا رسول
الله ؟ قال: أشهدكم إني قد زوجته ".
رواه ابن عساكر وهو منكر وقد ورد في هذا الفصل أحاديث كثيرة منكرة
وموضوعة ضربنا عنها لئلا يطول الكتاب بها.
وقد أورد منها طرفا جيدا الحافظ ابن عساكر في تاريخه.
وقال وكيع عن أبي خالد عن الشعبي قال قال علي: " ما كان لنا إلا إهاب
كبش ننام على ناحيته وتعجن فاطمة على ناحيته " وفي رواية مجالد عن
الشعبي " ونعلف عليه الناضح بالنهار وما لي خادم عليها غيرها "
__________
(1) أخرجه الترمذي في المناقب - ح 3730 ص 5 / 640.
(2) مسند أحمد ج 3 / 32.
(*)
(7/378)
حديث آخر قال
أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن زيد بن
أرقم قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة
في المسجد قال فقال يوما: " سدوا هذه الابواب إلا باب علي " قال فتكلم
في ذلك أناس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال: " أما بعد فإني أمرت بسد هذه الابواب غير باب علي فقال فيه
قائلكم وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكن أمرت بشئ فاتبعته (1)
" وقد رواه أبو الاشهب عن عوف عن ميمون عن البراء بن عازب فذكره.
وقد تقدم ما رواه أحمد والنسائي من حديث أبي عوانة عن أبي بلج عن عمرو
بن ميمون، عن ابن عباس الحديث الطويل وفيه سد الابواب غير باب علي.
وكذا رواه شعبة عن أبي بلج.
ورواه سعد بن أبي وقاص قال أبو يعلى ثنا موسى بن محمد بن حسان ثنا محمد
بن إسماعيل بن جعفر الطحان ثنا غسان بن بسر الكاهلي عن مسلم عن خيثمة
عن سعد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سد أبواب المسجد وفتح باب
علي فقال الناس في ذلك فقال: ما أنا فتحته ولكن الله فتحه " وهذا لا
ينافي ما ثبت في صحيح البخاري من أمره عليه السلام في مرض الموت بسد
الابواب
الشارعة إلى المسجد إلا باب أبي بكر الصديق لان نفي هذا في حق علي كان
في حال حياته لاحتياج فاطمة إلى المرور من بيتها إلى بيت أبيها، فجعل
هذا رفقا بها، وأما بعد وفاته فزالت هذه العلة فاحتيج إلى فتح باب
الصديق لاجل خروجه إلى المسجد ليصلي بالناس إذ كان الخليفة عليهم بعد
موته عليه السلام وفيه إشارة إلى خلافته.
وقال الترمذي: ثنا علي بن المنذر، ثنا ابن الفضيل، عن سالم بن أبي
حفصة، عن عطية عن أبي سعيد.
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: " يا علي لا يحل لاحد يجنب
في المسجد غيري وغيرك " قال علي بن المنذر: قلت لضرار بن صرد: ما معنى
هذا الحديث ؟ قال: لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك.
ثم قال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (2).
وقد سمع محمد بن إسماعيل هذا الحديث.
وقد رواه ابن عساكر من طريق كثير النواء عن عطية عن أبي سعيد به، ثم
أورده من طريق أبي نعيم ثنا عبد الملك بن أبي عيينة عن أبي الخطاب عمر
الهروي عن محدوج عن جسرة بنت دجاجة أخبرتني أم سلمة قالت: خرج النبي
صلى الله عليه وسلم في مرضه حتى انتهى إلى صرحة المسجد فنادى بأعلى
صوته: " إنه لا يحل المسجد لجنب ولا لحائض إلا لمحمد وأزواجه وعلي
وفاطمة بنت محمد ألا هل بينت لكم الاسماء أن تضلوا " وهذا إسناد غريب
وفيه ضعف، ثم ساقه من حديث أبي رافع بنحوه وفي إسناده غرابة أيضا.
حديث آخر قال الحاكم وغير واحد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة
بن الحصيب: قال غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول
الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى
الله عليه وسلم يتغير فقال: " يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم
" ؟ فقلت بلى يا رسول الله فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه ".
وقال الامام أحمد: حدثنا ابن نمير
__________
(1) مسند أحمد ج 4 / 369.
(2) أخرجه الترمذي في المناقب ح 3727 ص 5 / 640.
(*)
(7/379)
ثنا الاجلح
الكندي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه بريدة قال: " بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم بعثتين إلى اليمن على إحداهما علي بن أبي طالب وعلى
الاخرى خالد بن الوليد وقال إذا التقيتما فعلي على
الناس وإذا افترقتما فكل واحد منكما على جنده، قال: فلقينا بني زيد من
أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة وسبينا
الذرية فاصطفى علي امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة: فكتب معي خالد بن
الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك، فلما أتيت رسول
الله دفعت إليه الكتاب فقرئ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله فقلت:
يا رسول الله هذا مكان العائذ بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه فبلغت ما
أرسلت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقع في علي فإنه مني
وأنا منه، وهو وليكم بعدي (1) " هذه اللفظة منكرة والاجلح شيعي ومثله
لا يقبل إذا تفرد بمثلها، وقد تابعه فيها من هو أضعف منه والله أعلم.
والمحفوظ في هذا رواية أحمد عن وكيع، عن الاعمش، عن سعد بن عبيدة، عن
عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
من كنت مولاه فعلي وليه ".
ورواه أحمد أيضا والحسن بن عرفة عن الاعمش به.
ورواه النسائي عن أبي كريب عن أبي معاوية به.
وقال أحمد: حدثنا روح بن علي بن سويد بن منجوف عن عبد الله بن بريدة عن
أبيه قال: " بعث رسول الله عليا إلى خالد بن الوليد ليقبض الخمس قال
فأصبح ورأسه تقطر، فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما يصنع هذا ؟ قال: فلما
رجعت إلى رسول الله أخبرته ما صنع علي، قال: - وكنت أبغض عليا - فقال:
يا بريدة أتبغض عليا ؟ فقلت: نعم ! قال: لا تبغضه وأحبه فإن له في
الخمس أكثر من ذلك " (2) وقد رواه البخاري في الصحيح عن بندار عن روح
به مطولا.
وقال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الجليل قال انتهيت إلى حلقة
فيها أبو مجلز وابنا بريدة فقال عبد الله بن بريدة: حدثني أبي بريدة
قال " أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا، قال وأحببت رجلا من قريش لم أحبه
إلا على بغضه عليا، قال فبعث ذلك الرجل على خيل قال فصحبته ما أصحبه
إلا على بغضه عليا فأصبنا سبيا فكتبنا إلى رسول الله أن أبعث إلينا من
يخمسه، فبعث إلينا عليا قال وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي - فخمس
وقسم فخرج ورأسه يقطر، فقلنا: يا أبا الحسن ما هذا ؟ قال: ألم ترو إلى
الوصيفة التي كانت في السبي ؟ فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس ثم صارت
في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صارت في آل علي فوقعت بها،
قال وكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ابعثني ؟ فبعثني
مصدقا، قال:
فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق، قال: فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم
بيدي والكتاب قال: أتبغض عليا ؟ قال: قلت نعم ! قال: فلا تبغضه وإن كنت
تحبه فازدد له حبا، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل
__________
(1) مسند أحمد ج 5 / 356 وروى الترمذي عن أبي اسحق عن البراء.
وفيه: قال ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله في المناقب
ح 3725 ص 5 / 638.
(2) رواه أحمد في مسنده ج 5 / 359.
ورواه البخاري عن محمد بن بشار في كتاب المغازي (61) باب بعث علي إلى
اليمن ح (4350) فتح الباري 8 / 66.
(*)
(7/380)
علي في الخمس
أفضل من وصيفة، قال: فما كان في الناس أحد بعد قول رسول الله صلى الله
عليه وسلم أحب إلي من علي قال عبد الله: فوالذي لا إله غيره ما بيني
وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة (1) " تفرد
به أحمد وقد روى غير واحد هذا الحديث عن أبي الجواب عن يونس بن أبي
إسحاق عن أبيه عن البراء بن عازب نحو رواية بريدة بن الحصيب وهذا غريب.
وقد رواه الترمذي عن عبد الله بن أبي زياد عن أبي الجواب الاحوص بن
جواب به وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من حديثه.
وقال الامام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، ثنا جعفر بن سليمان، حدثني يزيد
الرشك عن مطرف بن عبد الله بن عمران بن حصين قال: " بعث رسول الله سرية
وأمر عليها علي بن أبي طالب فأحدث شيئا في سفره فتعاقد أربعة من أصحاب
محمد أن يذكروا أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمران.
وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله فسلمنا عليه، قال: فدخلوا عليه
فقام رجل منهم فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم
قام الثاني فقال يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا، فأعرض عنه ثم قام
الثالث فقال: يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا ثم قام الرابع فقال:
يا رسول الله إن عليا فعل كذا وكذا، قال: فأقبل رسول الله على الرابع
وقد تغير وجهه وقال: دعوا عليا، دعوا عليا، دعوا عليا إن عليا مني وأنا
منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " (2).
وقد رواه الترمذي والنسائي عن قتيبة عن جعفر بن سليمان وسياق الترمذي
مطول وفيه " أنه أصاب جارية من السبي " ثم قال: حسن غريب لا نعرفه إلا
من حديث جعفر بن
سليمان.
ورواه أبو يعلى الموصلي عن عبد الله بن عمر القواريري والحسن بن عمر بن
شقيق الحرمي والمعلى بن مهدي كلهم عن جعفر بن سليمان به.
وقال خيثمة بن سليمان حدثنا أحمد بن حازم أخبرنا عبيد الله بن موسى بن
يوسف بن صهيب عن دكين عن وهب بن حمزة قال " سافرت مع علي بن أبي طالب
من المدينة إلى مكة، فرأيت منه جفوة فقلت: لئن رجعت فلقيت رسول الله
لانالن منه، قال: فرجعت فلقيت رسول الله فذكرت عليا فنلت منه، فقال لي
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولن هذا لعلي فإن عليا وليكم بعدي
": وقال أبو داود الطيالسي: عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون، عن
ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي: " أنت ولي كل مؤمن
بعدي ".
وقال الامام أحمد: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي عن أبي إسحاق،
حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر بن حزم، عن سليمان بن محمد بن
كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب - وكانت عند أبي سعيد الخدري - عن
أبي سعيد قالت: اشتكى عليا الناس فقام رسول الله فينا خطيبا فسمعته
يقول: " أيها الناس لا تشكوا عليا فوالله إنه لاجيش في ذات الله - أو
في سبيل الله " (3).
تفرد به
__________
(1) مسند أحمد ج 5 / 351، 359، ورواه الترمذي عن البراء ح 3725 ص 5 /
638.
(2) مسند أحمد ج 4 / 438 وأخرجه الترمذي في المناقب، وفيه: ما تريدون م
علي، ما تريدون من علي ح 3712 ص 5 / 632.
(3) أخرجه أحمد في مسنده ج 3 / 86.
(*)
(7/381)
أحمد.
وقال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنا أبو سهل
بن زياد القطان، ثنا أبو إسحاق القاضي، ثنا إسماعيل بن أبي إدريس (1)،
حدثني أخي عن سليمان بن بلال، عن سعيد (2) بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن
عمته زينب بنت كعب بن عجرة عن أبي سعيد قال: " بعث رسول الله صلى الله
عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن، قال أبو سعيد: فكنت فيمن خرج معه
فلما أحضر إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا - وكنا قد رأينا
في إبلنا خللا - فأبى علينا وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين،
قال: فلما فرغ علي وانصرف من اليمن
راجعا، أمر علينا إنسانا فأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له
النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم.
قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا إياه ففعل،
فلما جاء علي عرف في إبل الصدقة أنها قد ركبت - رأى أثر المراكب - فذم
الذي أمره ولامه، فقلت أما إن لله علي إن قدمت المدينة وغدوت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم لاذكرن لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولاخبرته ما لقينا من الغلظة والتضييق، قال: فلما قدمنا المدينة غدوت
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد أن أذكر له ما كنت حلفت عليه
فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني
وقف معي ورحب بي وسألني وساءلته وقال: متى قدمت ؟ قلت: قدمت البارحة،
فرجع معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: هذا سعد بن مالك بن
الشهيد، قال: ائذن له، فدخلت فحييت رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحياني وسلمت عليه وسألني عن نفسي وعن أهلي فأخفى المسألة فقلت: يا
رسول الله لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فابتدر رسول
الله وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فخذي - وكنت منه قريبا - وقال: سعد بن مالك بن
الشهيد مه بعض قولك لاخيك علي، فوالله لقد علمت أنه جيش (3) في سبيل
الله، قال فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعد بن مالك ألا أراني كنت فيما
يكره منذ اليوم وما أدري لا جرم، والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا
علانية " (4): وقال يونس بن بكير: عن محمد بن إسحاق، حدثني أبان بن
صالح عن عبد الله بن دينار الاسلمي، عن خاله عمرو بن شاش الاسلمي -
وكان من أصحاب الحديبية - قال: كنت مع علي في خيله التي بعثه فيها رسول
الله إلى اليمن، فجفاني علي بعض الجفاء فوجدت عليه في نفسي، فلما قدمت
المدينة اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته فأقبلت يوما ورسول
الله جالس في المسجد فلما رآني أنظر إلى عينيه نظر إلي حتى جلست إليه
فلما جلست إليه قال: أما إنه والله يا عمرو لقد آذيتني، فقلت: إنا لله
وإنا إليه راجعون أعوذ بالله والاسلام أن أوذي رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال: من آذى عليا
__________
(1) في الدلائل: أويس.
(2) في الدلائل: سعيد.
(3) في الدلائل: أخشن.
(4) رواه البيهقي في الدلائل 5 / 398 - 399 وأخرجه الامام أحمد مختصرا
في مسنده 3 / 86.
(*)
(7/382)
فقد آذاني (1)
" وقد رواه الامام أحمد عن يعقوب عن أبيه إبراهيم بن سعد عن محمد بن
اسحاق، عن أبان بن صالح، عن الفضل بن معقل، عن عبد الله بن دينار، عن
خاله عمرو بن شاش فذكره.
وكذا رواه غير واحد عن محمد بن إسحاق عن أبان بن الفضل، وكذلك رواه سيف
بن عمر عن عبد الله بن سعيد عن أبان بن صالح به ولفظه: " فقال رسول
الله من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ".
وروى عباد بن يعقوب الرواجني، عن موسى بن عمير، عن عقيل بن نجدة بن
هبيرة، عن عمرو بن شاش قال قال رسول الله: " يا عمرو إن من آذى عليا
فقد آذاني " وقال أبو يعلى: ثنا محمود بن خداش، ثنا مروان بن معاوية،
ثنا فنان بن عبد الله النهمي، ثنا مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه
قال: كنت جالسا في المسجد أنا ورجلان معي فنلنا من علي فأقبل رسول الله
يعرف في وجهه الغضب فتعوذت بالله من غضبه فقال: " ما لكم ومالي ؟ من
آذى عليا فقد آذاني ".
حديث غدير خم (2) قال الامام أحمد: حدثنا حسين بن محمد وأبو نعيم
المعنى قالا: ثنا فطر عن أبي الطفيل قال: جمع علي الناس في الرحبة ثم
قال لهم: أنشد الله كل امرئ مسلم سمع رسول الله يقول يوم غدير خم ما
سمع لما قام، فقام كثير من الناس.
قال أبو نعيم ! - فقام ناس كثير - فشهدوا حين أخذ بيده فقال للناس: "
أتعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا نعم يا رسول الله قال:
من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " (3).
قال فخرجت كأن في نفسي شيئا فلقيت زيد بن أرقم فقلت له: إني سمعت عليا
يقول كذا وكذا: قال.
فما تنكر ؟ قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك له.
ورواه النسائي من حديث حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عنه أتم من ذلك،
وقال أبو بكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، ثنا عبيد الله بن
موسى، ثنا أبو إسرائيل الملائي، عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن عن
زيد بن أرقم أن عليا انتشد الناس: من سمع رسول الله يقول: " من كنت
مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فقام ستة عشر
رجلا فشهدوا بذلك وكنت فيهم.
وقال أبو يعلى وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه: حدثنا القواريري ثنا
يونس بن أرقم، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "
شهدت عليا في الرحبة يناشد الناس: أنشد بالله من سمع رسول الله يقول
يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه لما قام فشهد قال عبد الرحمن:
فقام اثنا عشر بدريا كأني أنظر إلى أحدهم عليه سراويل فقالوا: نشهد أنا
سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
__________
(1) أخرجه ابن هشام في السيرة 4 / 212 والامام أحمد في مسنده ج 3 / 483
وفيه: عبد الله بن نيار الاسلمي عن خاله عمرو بن شاس.
(2) خم: اسم لغيضة على ثلاثة أميال من الجحفة، غدير مشهور يضاف إلى
الغيضة فيقال: غدير خم.
(3) أخرجه الامام أحمد في مسنده 4 / 370.
(*)
(7/383)
يوم غدير خم:
ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجي أمهاتهم ؟ قلنا: بلى يا رسول
الله، قال: فمن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من
عاداه " (1).
ثم رواه عبد الله بن أحمد عن أحمد بن عمر الوكيعي، عن زيد بن الحباب،
عن الوليد بن عقبة بن نيار عن سماك بن عبيد ابن الوليد العبسي، عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى فذكره، قال: " فقام اثنا عشر رجلا فقالوا: قد
رأيناه وسمعناه حين أخذ بيدك يقول: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه
وانصر من نصره واخذل من خذله ".
وهكذا رواه أبو داود الطهوي - واسمه عيسى بن مسلم - عن عمرو بن عبد
الله بن هند الجملي وعبد الاعلى بن عامر التغلبي كلاهما عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى فذكره بنحوه، قال الدارقطني غريب تفرد به عنهما أبو داود
الطهوي.
قال الطبراني: ثنا أحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن كيسان المديني سنة
تسعين ومائتين.
حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا مسعر، عن طلحة بن مصرف عن عميرة بن
سعد قال: شهدت عليا على المنبر يناشد أصحاب رسول الله من سمع الله يوم
غدير خم يقول ما قال ؟ فقام اثنا عشر رجلا
منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله
يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وا من والاه وعاد من عداه "
ورواه أبو العباس بن عقدة الحافظ الشيعي عن الحسن بن علي بن عفان
العامري، عن عبد الله بن موسى، عن قطن، عن عمرو بن مرة، وسعيد بن وهب
وعن زيد بن نتيع قالوا: سمعنا عليا يقول في الرحبة فذكر نحوه فقام
ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أن رسول الله قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحب من أحبه وابغض من أبغضه، وانصر
من نصره واخذل من خذله " قال أبو إسحاق حين فرغ من هذا الحديث: يا أبا
بكر أي أشياخ هم ؟.
وكذلك رواه عبد الله بن أحمد عن علي بن حكيم الاودي، عن إسرائيل، عن
أبي إسحاق فذكر نحوه.
وقال عبد الرزاق عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب وعبد خير قالا
سمعنا عليا برحبة الكوفة يقول: أنشد الله رجلا سمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه " فقام عدة من أصحاب رسول
الله فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله يقول ذلك.
وقال الامام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة، عن أبي إسحاق سمعت
سعيد بن وهب قال: نشد علي الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب رسول الله
فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كنت مولاه فعلي
مولاه " (2) وقال أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، ثنا حسين بن الحرث بن لقيط
الاشجعي، عن رباح بن الحرث قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا:
السلام عليك يا مولانا: فقال، كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ قالوا:
سمعنا رسول الله يوم غدير خم يقول: " من كنت مولاه فإن هذا علي
__________
(1) أخرجه الامام أحمد في مسنده 1 / 119، 4 / 372، 5 / 347.
(2) أخرجه الامام أحمد في مسنده ج 1 / 84، 118، 119، 152، 4 / 281،
368، 372، 5 / 347، 366.
(*)
(7/384)
مولاه " قال
رباح فلما مضوا اتبعتهم فسألت من هؤلاء ؟ قالوا: نفر من الانصار فيهم
أبو أيوب الانصاري (1).
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا شريك عن حنش عن رباح بن الحرث قال: بينا
نحن جلوس في الرحبة مع علي إذا جاء رجل عليه أثر السفر فقال: السلام
عليك يا مولاي قالوا: من هذا ؟ فقال أبو أيوب: سمعت رسول الله يقول: "
من كنت مولاه فعلي مولاه " وقال أحمد: ثنا محمد بن عبد الله ثنا الربيع
- يعني ابن أبي صالح الاسلمي - حدثني زياد بن أبي زياد الاسلمي، سمعت
علي بن أبي طالب ينشد الناس فقال أنشد الله رجلا مسلما سمع رسول الله
يقول يوم غدير خم ما قال، فقام اثنا عشر رجلا بدريا فشهدوا.
وقال أحمد: حدثنا ابن نمير، ثنا عبد الملك، عن أبي عبد الرحمن الكندي،
عن زاذان، أن ابن عمر قال: سمعت عليا في الرحبة وهو ينشد الناس: من شهد
رسول الله يوم غدير خم وهو يقول ما قال ؟ فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا
أنهم سمعوا رسول الله يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه " وقال أحمد:
ثنا حجاج بن الشاعر ثنا شبابة ثنا نعيم بن حكيم، حدثني أبو مريم ورجل
من جلساء علي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم غدير خم:
" من كنت مولاه فعلي مولاه " قال يوم غدير خم: " من كنت مولاه فعلي
مولاه " قال فزاد الناس بعد " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ".
وقد روي هذا من طرق متعددة عن علي رضي الله عنه، وله طرق متعددة عن زيد
بن أرقم.
وقال غندر عن شعبة، عن سلمة عن كهيل، سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبي مريم
أو زيد بن أرقم - شعبة الشاك - قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كنت مولاه فعلي مولاه " قال سعيد بن جبير: وأنا قد سمعته قبل هذا
من ابن عباس.
رواه الترمذي عن بندار، عن غندر وقال حسن غريب.
وقال الامام أحمد: حدثنا عفان ثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي عبيد،
عن ميمون بن أبي عبد الله قال قال زيد بن أرقم وأنا أسمع: نزلنا مع
رسول الله بواد يقال له واد خم فأمر بالصلاة فصلاها بهجير قال: فخطبنا
وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب على شجرة سمر من الشمس فقال:
" ألستم تعلمون - أو ألستم تشهدون - أني أولى بكل مؤمن من نفسه ؟
قالوا: بلى ! قال: فمن كنت مولاه فإن عليا مولاه، اللهم عاد من عاداه
ووال من والاه " (2).
وكذا رواه أحمد عن غندر، عن شعبة، عن ميمون بن أبي عبد الله عن زيد بن
أرقم.
وقد رواه عن زيد بن أرقم جماعة منهم أبو إسحاق السبيعي، وحبيب الاساف
وعطية العوفي وأبو عبد الله الشامي، وأبو الطفيل عامر بن
واثلة.
وقد رواه معروف بن حربوذ عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد قال: لما قفل
رسول الله من حجة الوداع نهى أصحابه عن شجرات بالبطحاء متقاربات أن
ينزلوا حولهن، ثم بعث إليهن فصلى تحتهن ثم قام فقال: " أيها الناس قد
نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني
لاظن أن يوشك أن أدعى فأجيب، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم
__________
(1) مسند الامام أحمد ج 5 / 419.
(2) مسند أحمد ج 4 / 372.
(*)
(7/385)
قائلون ؟
قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيرا، قال: ألستم
تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن جنته حق وأن ناره
حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في
القبور ؟ قالوا: بلى نشهد بذلك، قال: اللهم أشهد.
ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم
من أنفسهم من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه،
ثم قال: أيها الناس إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض، حوض أعرض مما
بين بصرى وصنعاء فيه آنية عدد النجوم قدحان من فضة، وإني سائلكم حين
تردون علي عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما ؟ الثقل الاكبر كتاب
الله سبب طرفه بيد الله وطرف بأيديكم فاستمسكوا به لا تضلوا ولا
تبدلوا، وعترتي أهل بيتي فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا
حتى يردا علي الحوض ".
رواه ابن عساكر بطوله من طريق معروف كما ذكرنا.
وقال عبد الرزاق: أنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان، عن عدي بن ثابت، عن
البراء بن عازب قال: خرجنا مع رسول الله حتى نزلنا غدير خم بعث مناديا
ينادي، فلما اجتمعا قال: " ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قلنا: بلى يا
رسول الله ! قال: ألست أولى بكم من أمهاتكم ؟ قلنا: بلى يا رسول الله
قال: ألست أولى بكم من آبائكم ؟ قلنا: بلى يا رسول الله ! قال: ألست
ألست ألست ؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه
اللهم وال من والاه وعاد من عاداه " فقال عمر بن الخطاب: هنيئا لك يا
ابن أبي طالب أصبحت
اليوم ولي كل مؤمن.
وكذا رواه ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد وأبي هارون
العبدي عن عدي بن ثابت عن البراء به.
وهكذا رواه موسى بن عثمان الحضرمي عن أبي إسحاق عن البراء به.
وقد روي هذا الحديث عن سعد وطلحة بن عبيد الله وجابر بن عبد الله وله
طرق عنه وأبي سعيد الخدري وحبشي بن جنادة وجرير بن عبد الله وعمر بن
الخطاب وأبي هريرة، وله عنه طرق منها - وهي أغربها - الطريق الذي قال
الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: ثنا عبد الله بن علي بن محمد بن
بشران، أنا علي بن عمر الحافظ، أنا أبو نصر حبشون بن موسى بن أيوب
الخلال، ثنا علي بن سعيد الرملي، ثنا ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن
شوذب، عن مطر الوراق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال: " من صام يوم
ثماني عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا وهو يوم غدير خم لما أخذ
النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب فقال: " ألست ولي
المؤمنين ؟ قالوا: بلى يا رسول الله ! قال: من كنت مولاه فعلي مولاه "
فقال عمر بن الخطاب بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل
مسلم فأنزل الله عز وجل * (اليوم أكملت لكم دينكم) * ومن صام يوم سبعة
وعشرين من رجب كتب له صيام ستين شهرا وهو أول يوم نزل جبريل بالرسالة.
قال الخطيب: اشتهر هذا الحديث برواية حبشون وكان يقال إنه تفرد به، وقد
تابعه عليه أحمد بن عبيد الله بن العباس بن سالم بن مهران المعروف بابن
النبري، عن علي بن سعيد الشامي، قلت وفيه نكارة من وجوه منها قوله نزل
فيه * (اليوم أكملت لكم دينكم) * وقد ورد مثله من طريق ابن هارون
العبدي عن أبي سعيد الخدري ولا يصح أيضا، وإنما نزل ذلك
(7/386)
يوم عرفة كما
ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب وقد تقدم.
وقد روي عن جماعة من الصحابة غير من ذكرنا في قوله عليه السلام " من
كنت مولاه " والاسانيد إليهم ضعيفة.
حديث الطير وهذا الحديث قد صنف الناس فيه وله طرق متعددة وفي كل منها
نظر ونحن نشير إلى شئ من ذلك قال الترمذي: حدثنا سفيان بن وكيع، ثنا
عبيد الله بن موسى عن عيسى بن عمر عن السدي عن أنس قال: " كان عند
النبي صلى الله عليه وسلم طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل
معي من هذا الطير " فجاء علي فأكل معه، ثم قال الترمذي: غريب لا نعرفه
من حديث السدي إلا من هذا الوجه (1)، قال: وقد روي من غير وجه عن أنس
وقد رواه أبو يعلى عن الحسين بن حماد عن شهر بن عبد الملك عن عيسى بن
عمر به.
وقال أبو يعلى: ثنا قطن بن بشير ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا عبد
الله بن مثنى ثنا عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك قال: أهدي لرسول
الله صلى الله عليه وسلم حجل مشوي بخبزه وضيافه، فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام
" فقالت عائشة: اللهم اجعله أبي، وقالت حفصة: اللهم اجعله أبي، وقال
أنس: وقلت: اللهم اجعله سعد بن عبادة، قال أنس: فسمعت حركة بالباب فقلت
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجة فانصرف ثم سمعت حركة بالباب
فخرجت فإذا علي بالباب، فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم على
حاجة فانصرف ثم سمعت حركة بالباب فسلم علي فسمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم صوته فقال: انظر من هذا ؟ فخرجت فإذا هو علي فجئت إلى رسول
الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: " ائذن له يدخل علي فأذنت له
فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم وال من والاه ".
والى ورواه الحاكم في مستدركه عن أبي علي الحافظ عن محمد بن أحمد
الصفار وحميد بن يونس الزيات كلاهما عن محمد بن أحمد بن عياض عن أبي
غسان أحمد بن عياض عن أبي ظبية عن يحيى بن حسان عن سليمان بن بلال عن
يحيى بن سعيد عن أنس فذكره، وهذا إسناد غريب.
ثم قال الحاكم: هذا الحديث على شرط البخاري ومسلم وهذا فيه نظر، فإن
أبا علاثة محمد بن أحمد بن عياض هذا معروف لكن روى هذا الحديث عنه
جماعة عن أبيه، وممن رواه عنه 5 أبو القاسم الطبراني ثم قال: تفرد به
عن أبيه والله أعلم.
قال الحاكم وقد رواه عن أنس أكثر من ثلاثين نفسا قال شيخنا الحافظ
الكبير أبو عبد الله الذهبي فصلهم بثقة يصح الاسناد إليه ثم قال
الحاكم: وصحت الرواية عن علي وأبي سعيد وسفينة، قال شيخنا أبو عبد الله
لا والله ما صح شئ من ذلك، ورواه الحاكم من طريق إبراهيم بن ثابت
القصار وهو مجهول عن ثابت البناني عن أنس قال: دخل محمد بن الحجاج فجعل
يسب عليا فقال أنس: اسكت عن سب علي فذكر الحديث مطولا وهو منكر سندا
ومتنا، لم يورد الحاكم في مستدركه غير هذين الحديثين وقد رواه
ابن أبي حاتم عن عمار بن خالد الواسطي، عن إسحاق الازرق، عن عبد الملك
بن أبي سليمان
__________
(1) أخرجه الترمذي في المناقب.
مناقب علي بن أبي طالب - ح 3721 ص 5 / 636 - 637.
(*)
(7/387)
عن أنس، وهذا
أجود من إسناد الحاكم.
ورواه عبد الله بن زياد، أبو العلاء، عن علي بن زيد، عن سعيد بن
المسيب، عن أنس ببن مالك.
فقال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طير مشوي فقال: " اللهم
ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير " فذكر نحوه، ورواه محمد
بن مصفى، عن حفص بن عمر، عن موسى بن سعد، عن الحسن عن أنس فذكره، ورواه
علي بن الحسن الشامي، عن خليل بن دعلج، عن قتادة عن أنس بنحوه، ورواه
أحمد بن يزيد الورتنيس، عن زهير، عن عثمان الطويل، عن أنس فذكره، ورواه
عبيد الله بن موسى، عن مسكين بن عبد العزيز، عن ميمون أبي خلف حدثني
أنس بن مالك فذكره، قال الدارقطني: من حديث ميمون أبي خلف تفرد به
مسكين بن عبد العزيز، ورواه الحجاج بن يوسف بن قتيبة عن بشر بن الحسين
عن الزبير بن عدي عن أنس.
ورواه ابن يعقوب إسحاق بن الفيض، ثنا المضاء بن الجارود، عن عبد العزيز
بن زياد، أن الحجاج بن يوسف دعا أنس بن مالك من البصرة فسأله عن علي بن
أبي طالب فقال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم طائرا فأمر به فطبخ وصنع
فقال: " اللهم ائتني بأحب الخلق إلي يأكل معي ".
فذكره.
وقال الخطيب البغدادي: أنا الحسن بن أبي بكير، أنا أبو بكر محمد بن
العباس بن نجيح، ثنا محمد بن القاسم النحوي، أبو عبد الله، ثنا أبو
عاصم عن أبي الهندي عن أنس فذكره.
ورواه الحاكم بن محمد، عن محمد بن سليم، عن أنس بن مالك فذكره.
وقال أبو يعلى: حدثنا الحسن بن حماد الوراق، ثنا مسهر بن عبد الملك بن
سلع ثقة ثنا عيسى بن عمر عن إسماعيل السدي: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم كان عنده طائر فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من
هذا الطير، فجاء أبو بكر فرده، ثم جاء عمر فرده ثم جاء عثمان فرده ثم
جاء علي فأذن له ".
وقال أبو القاسم بن عقدة، ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا يوسف بن عدي،
ثنا حماد بن المختار الكوفي، ثنا عبد الملك بن عمير، عن أنس بن
مالك قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طائر فوضع بين يديه
فقال: " اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي قال: فجاء علي فدق الباب
فقلت من ذا ؟ فقال: أنا علي، فقلت إن رسول الله على حاجة حتى فعل ذلك
ثلاثا، فجاء الرابعة فضرب الباب برجله فدخل فقال النبي صلى الله عليه
وسلم.
ما حبسك ؟ فقال: قد جئت ثلاث مرات فيحبسني أنس، فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: ما حملك على ذلك ؟ قال قلت: كنت أحب أن يكون رجلا من قومي "
وقد رواه الحاكم النيسابوري عن عبدان بن يزيد، عن يعقوب الدقاق، عن
إبراهيم بن الحسين الشامي، عن أبي توبة الربيع بن نافع، عن حسين بن
سليمان بن عبد الملك بن عمير عن أنس فذكره، ثم قال الحاكم: لم نكتبه
إلا بهذا الاسناد، وساقه ابن عساكر من حديث الحرث بن نبهان عن إسماعيل
- رجل من أهل الكوفة - عن أنس بن مالك فذكره.
ومن حديث حفص بن عمر المهرقاني عن الحكم بن شبير بن إسماعيل.
أبي سليمان أخي إسحاق بن سليمان الرازي، عن عبد الملك بن أبي سليمان عن
أنس فذكره.
ومن حديث سليمان بن قرم عن محمد بن علي السلمي، عن أبي حذيفة العقيلي
عن أنس فذكره.
وقال
(7/388)
أبو يعلى: ثنا
أبو هشام ثنا ابن فضيل ثنا مسلم الملائي عن أنس قال: أهدت أم أيمن إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم طيرا مشويا فقال: " اللهم ائتني بمن تحبه
يأكل معي من هذا الطير، قال أنس فجاء علي فاستأذن فقلت: هو على حاجته،
فرجع ثم عاد فاستأذن فقلت: هو على حاجته فرجع، ثم عاد فاستأذن فسمع
النبي صلى الله عليه وسلم صوته فقال: ائذن له فدخل وهو موضوع بين يديه
فأكل منه وحمد الله " فهذه طرق متعددة عن أنس بن مالك وكل منها فيه ضعف
ومقال.
وقال شيخنا أبو عبد الله الذهبي - في جزء جمعه في هذا الحديث بعد ما
أورد طرقا متعددة نحوا مما ذكرنا - ويروي هذا الحديث من وجوه باطلة أو
مظلمة عن حجاج بن يوسف وأبي عصام خالد بن عبيد ودينار أبي كيسان وزياد
بن محمد الثقفي وزياد العبسي وزياد بن المنذر وسعد بن ميسرة البكري
وسليمان التيمي وسليمان بن علي الامير وسلمة بن وردان وصباح بن محارب
وطلحة بن مصرف وأبي الزناد وعبد الاعلى بن عامر وعمر بن راشد وعمر بن
أبي حفص الثقفي الضرير وعمر بن سليم البجلي
وعمر بن يحيى الثقفي وعثمان الطويل وعلي بن أبي رافع وعيسى بن طهمان
وعطية العوفي وعباد بن عبد الصمد وعمار الذهبي (1) وعباس بن علي وفضيل
بن غزوان وقاسم بن جندب وكلثوم بن جبر ومحمد بن علي الباقر والزهري
ومحمد بن عمرو بن علقمة ومحمد بن مالك الثقفي ومحمد بن جحادة وميمون بن
مهران وموسى الطويل وميمون بن جابر السلمي ومنصور بن عبد الحميد ومعلى
بن أنس وميمون أبي خلف الجراف وقيل أبو خالد ومطر بن خالد ومعاوية بن
عبد الله بن جعفر وموسى بن عبد الله الجهني ونافع مولى ابن عمر والنضر
بن أنس بن مالك ويوسف بن إبراهيم ويونس بن حيان ويزيد بن سفيان ويزيد
بن أبي حبيب وأبي المليح وأبي الحكم وأبي داود السبيعي وأبي حمزة
الواسطي وأبي حذيفة العقيلي وإبراهيم بن هدبة ثم قال بعد أن ذكر
الجميع: الجميع بضعة وتسعون نفسا أقر بها غرائب ضعيفة وأردؤها طرق
مختلفة مفتعلة وغالبها طرق واهية.
وقد روى من حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو
القاسم البغوي وأبو يعلى الموصلي قالا: حدثنا القواريري ثنا يونس بن
أرقم ثنا مطير بن أبي خالد عن ثابت البجلي عن سفينة مولى رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: أهدت امرأة من الانصار طائرين بين رغيفين - ولم
يكن في البيت غيري وغير أنس - فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا
بغدائه.
فقلت: يا رسول الله قد اهدت لك امرأة من الانصار هدية، فقدمت الطائرين
إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك
وإلى رسولك، فجاء علي بن أبي طالب فضرب الباب خفيا فقلت: من هذا ؟ قال
أبو الحسن، ثم ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول الله من هذا: قلت علي بن
أبي طالب، قال: افتح له، ففتحت له فأكل معه رسول الله من الطيرين حتى
فنيا ".
وروى عن ابن عباس فقال أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد: ثنا إبراهيم بن
سعيد الجوهري، ثنا حسين بن محمد، ثنا سليمان بن قرم، عن محمد بن شعيب،
عن داود بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ابن عباس قال: إن النبي
صلى الله عليه وسلم أتي بطائر
__________
(1) وهو عمار الدهني وقد تقدمت الاشارة إليه.
(*)
(7/389)
فقال: " اللهم
ائتني برجل يحبه الله ورسوله فجاء علي فقال: اللهم وإلى " وروى عن علي
نفسه
فقال عباد بن يعقوب: ثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي،
حدثني أبي، عن أبيه عن جده عن علي قال: أهدي لرسول الله صلى الله عليه
وسلم طير يقال له الحبارى فوضعت بين يديه - وكان أنس بن مالك يحجبه -
فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يده إلى الله ثم قال: " اللهم ائتني
بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير.
قال فجاء علي فاستأذن فقال له أنس: إن رسول الله يعني على حاجته.
فرجع ثم أعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء فرجع ثم دعا الثالثة
فجاء علي فأدخله، فلما رآه رسول الله قال: اللهم والى.
فأكل معه فلما أكل رسول الله وخرج علي قال أنس: سمعت عليا فقلت يا أبا
الحسن استغفر لي فإن لي إليك ذنب وإن عندي بشارة، فأخبرته بما كان من
النبي صلى الله عليه وسلم فحمد الله واستغفر لي ورضي عني أذهب ذنبي
عنده بشارتي إياه " ومن حديث جابر بن عبد الله الانصاري أورده ابن
عساكر من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن ابن لهيعة عن محمد بن
المنكدر عن جابر فذكره بطوله.
وقد روي أيضا من حديث أبي سعيد الخدري، وصححه الحاكم ولكن إسناده مظلم
وفيه ضعفاء.
وروي من حديث حبشي بن جنادة ولا يصح أيضا ومن حديث يعلى بن مره
والاسناد إليه مظلم، ومن حديث أبي رافع نحوه وليس بصحيح.
وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة منهم أبو بكر بن مردويه
والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله
الذهبي ورأيت فيه مجلدا في جمع طرقه وألفاظه لابي جعفر بن جرير الطبري
المفسر صاحب التاريخ، ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سندا ومتنا
للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم.
وبالجملة ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه والله أعلم.
حديث آخر في فضل علي قال أبو بكر الشافعي: ثنا بشر بن موسى الاسدي، ثنا
زكريا بن عدي، ثنا عبد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن
جابر بن عبد الله قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة
من الانصار في نخل لها يقال له الاسراف ففرشت لرسول الله صلى الله عليه
وسلم تحت صور لها مرشوش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الآن
يأتيكم رجل من أهل الجنة، فجاءه أبو بكر، ثم قال: الآن يأتيكم رجل من
أهل الجنة، فجاء عمر، ثم قال: الآن يأتيكم رجل من أهل الجنة، قال: فلقد
رأيته مطاطيا رأسه تحت الصور ثم يقول: اللهم إن شئت جعلته عليا، فجاء
علي، ثم إن الانصارية ذبحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة وصنعتها
فأكل وأكلنا فلما حضرت الظهر قام يصلي وصلينا ما توضأ ولا توضأنا، فلما
حضرت العصر صلى وما توضأ ولا توضأنا ".
حديث آخر: قال أبو يعلى: حدثنا الحسن بن حماد الكوفي، ثنا ابن أبي عتبة
عن أبيه عن الشيباني عن جميع بن عمير قال: " دخلت مع أبي على عائشة
فسألتها عن علي فقالت: ما رأيت رجلا كان أحب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم منه، ولا أمرأة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
من امرأته " وقد رواه غير واحد من الشيعة عن جميع بن عمير به.
(7/390)
حديث آخر: قال
الامام أحمد: ثنا يحيى بن أبي بكر، ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي
عبد الله البجلي البجلي قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أيسب رسول
الله صلى الله عليه وسلم فيكم ؟ فقلت معاذ الله - أو سبحان الله أو
كلمة نحوها.
قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من سب عليا فقد سبني
" وقد رواه أبو يعلى عن عبيد الله بن موسى، عن عيسى بن عبد الرحمن
البجلي، من بجيلة من سليم عن السدي عن أبي عبد الله البجلي قال: " قلت
لي أم سلمة أيسب رسول الله فيكم على المنابر ؟ قال: قلت وأنى ذلك ؟
قالت: أليس يسب علي ومن أحبه ؟ فأشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يحبه " وقد روي من غير هذا الوجه عن أم سلمة.
وقد ورد من حديثها وحديث جابر وأبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال لعلي: " كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك " ولكن أسانيدها كلها
ضعيفة لا يحتج بها.
حديث آخر: قال عبد الرزاق " أنا الثوري عن الاعمش عن عدي بن ثابت، عن
زر بن حبيش قال: سمعت عليا يقول: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد
النبي صلى الله عليه وسلم إلي أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا
منافق " ورواه أحمد عن ابن عمير ووكيع عن الاعمش.
وكذلك رواه أبو معاوية ومحمد بن فضيل وعبد الله بن داود الحربي وعبيد
الله بن موسى، ومحاضر بن المورع، ويحيى بن عيسى الرملي، عن الاعمش به
وأخرجه مسلم في صحيحه عن (1)...ورواه غسان بن حسان، عن شعبة عن عدي بن
ثابت عن علي فذكره.
وقد روي من غير وجه عن
علي.
وهذا الذي أوردناه هو الصحيح من ذلك والله أعلم.
وقال الامام أحمد: ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل، عن عبيد
الله بن عبد الرحمن، أبي نصر، حدثني مساور الحميري عن أبيه قال: سمعت
أم سلمة تقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي: " لا
يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق " (2) وقد روي من غير هذا الوجه عن أم سلمة
بلفظ آخر ولا يصح وروى ابن عقدة عن الحسن بن علي بن بزيغ، ثنا عمرو بن
إبراهيم، ثنا سوار بن مصعب، عن الحكم، عن يحيى الخراز عن عبد الله بن
مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من زعم أنه آمن بي
وبما جئت به وهو يبغض عليا فهو كاذب ليس بمؤمن " وهذا بهذا الاسناد
مختلق لا يثبت والله أعلم.
وقال الحسن بن عرفة: حدثني سعيد بن محمد الوراق، عن علي بن الحراز،
سمعت أبا مريم الثقفي، سمعت عمار بن ياسر يقول: سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم يقول لعلي: " طوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب
فيك " وقد روي في هذا المعنى أحاديث كثيرة موضوعة لا أصل لها.
وقال غير واحد عن أبي الازهر أحمد بن الازهر: ثنا عبد الرزاق، أنا
معمر، عن الزهري عن عبد الله بن عبيد الله عن ابن عباس أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم نظر إلى علي.
فقال: " أنت سيد في
__________
(1) بياض بالاصل، وفي صحيح مسلم عن زر عن علي.
وأخرجه في الايمان باب (33) ح 131 ض 1 / 86.
(2) رواه أحمد في المسند 6 / 292 وأخرجه الترمذي في المناقب ح 3717 ص 5
/ 635.
(*)
(7/391)
الدنيا سيد في
الآخرة، من أحبك فقد أحبني وحبيبك حبيب الله، ومن أبغضك قد أبغضني
وبغيضك بغيض الله، وويل لمن أبغضك من بعدي " وروى غير واحد أيضا عن
الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي قال: دعاني رسول
الله فقال: " إن فيك من عيسى ابن مريم مثلا أبغضته يهود حتى بهتوا أمه،
وأحبوه النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذي ليس هو له " قال علي: ألا وإنه
يهلك في اثنان محب مطري مفرط يقرظني بما ليس في.
ومبغض يحمله شنآني على أن يبهتني، إلا وإني لست بنبي ولا يوحي إلي،
ولكني أعمل بكتاب الله وسنة نبيه ما استطعت، فما أمرتكم من طاعة الله
حق عليكم طاعتي فيما أحببتم وكرهتم (1)، لفظ عبد الله بن
أحمد.
قال يعقوب بن سفيان: ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا علي بن مسهر، عن
الاعمش، عن موسى بن طريف، عن عباية عن علي قال: أنا قسيم النار، إذا
كان يوم القيامة قلت هذا لك وهذا لي.
قال يعقوب: وموسى بن طريف ضعيف يحتاج إلى من يعدله، وعباية أقل منه ليس
بشئ حديثه.
وذكر أن أبا معاوية لام الاعمش على تحديثه بهذا، فقال له الاعمش: إذا
نسيت فذكروني، ويقال إن الاعمش إنما رواه على سبيل الاستهزاء بالروافض
والتنقيص لهم في تصديقهم ذلك.
قلت ! وما يتوهمه بعض العوام بل هو مشهور بين كثير منهمم، أن عليا هو
الساقي على الحوض فليس له أصل ولم يجئ من طريق مرضي يعتمد عليه، والذي
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يسقي الناس.
وهكذا الحديث الوارد في أنه ليس أحد يأتي يوم القيامة راكبا إلا أربعة
رسول الله على البراق، وصالح على ناقته، وحمزة على العضباء، وعلي على
ناقة من نوق الجنة رافعا صوته بالتهليل، وكذلك ما في أفواه الناس من
اليمين بعلي يقول أحدهم: خذ بعلي، اعطني بعلي، ونحو ذلك كل ذلك لا أصل
له بل ذلك من نزعات الروافض ومقالاتهم ولا يصح من شئ من الوجوه، وهو من
وضع الرافضة ويخشى على من اعتاد ذلك سلب الايمان عند الموت، ومن حلف
بغير الله فقد أشرك.
حديث آخر: قال الامام أحمد: حدثني يحيى، عن شعبة، ثنا عمرو بن مرة، عن
عبد الله بن سلمة، عن علي قال: مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنا وجع وأنا أقول: اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني، وإن كان آجلا
فارفع عني، وإن كان بلاء فصبرني.
قال: ما قلت: " فأعدت عليه فضربني برجله وقال: ما قلت ؟ فأعدت عليه
فقال ؟ اللهم عافه أو اشفه " فما اشتكيت ذلك الوجع بعد (2).
حديث آخر: قال محمد بن مسلم بن دارة: ثنا عبيد الله بن موسى ثنا أبو
عمر الازدي، عن أبي راشد الحراني، عن أبي الحمراء قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " من أراد أن ينظر إلى آدم في
__________
(1) رواه أحمد في مسنده ج 1 / 160.
(2) أخرجه أحمد في مسند 1 / 83، 84.
(*)
(7/392)
علمه وإلى نوح
في فهمه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى في
بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب " وهذا منكر جدا ولا يصح إسناده.
حديث آخر في رد الشمس قد ذكرناه في دلائل النبوة بأسانيده وألفاظه
فأغنى له عن إعادته.
حديثه آخر: قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا علي بن المنذر الكوفي، ثنا
محمد بن فضيل، عن الاجلح، عن أبي الزبير، عن جابر قال: " دعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم عليا يوم الطائف فانتجاه فقال الناس: لقد طال نجواه
مع ابن عمه، فقال رسول الله ما انتجيته ولكن الله انتجاه " (1) ثم قال
هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الاجلح وقد رواه غير ابن فضيل
عن الاجلح ومعنى قوله " ولكن الله انتجاه " أن الله أمرني أن انتجي
معه.
حديث آخر: قال الترمذي: ثنا محمد بن بشار، ويعقوب بن إبراهيم وغير واحد
ثنا أبو عاصم، عن أبي الجراح، عن جابر بن صبيح، حدثتني أمي أم شراحيل
حدثتني أم عطية قالت: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم علي
قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يقول: " اللهم لا
تمتني حتى ترني عليا " (2) ثم قال هذا حديث حسن.
حديث آخر: قال الامام أحمد: حدثنا علي بن عاصم قال حصين أنا علي بن
هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم المازني قال: لما خرج معاوية من
الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة قال فأقام خطباء يقعون في علي، قال وأنا
إلى جنب سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: فغضب فقام وأخذ بيدي وتبعته
فقال: ألا ترى إلى هذا الرجل الظالم لنفسه الذي يأمر بلعن رجل من أهل
الكوفة (3) وأشهد على التسعة أنهم من أهل الجنة، ولو شهدت على العاشر
لم آثم، قال قلت: وما ذاك ؟ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
اثبت حراء، فليس عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد " قال قلت: من هم ؟
فقال: رسول الله وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن
بن عوف وسعد بن مالك.
قال قلت: ومن العاشر ؟ قال قال أنا (3).
وينبغي أن يكتب ها هنا حديث أم سلمة المتقدم قريبا أنها قالت لابي عبد
الله الجدلي: " أيسب رسول الله فيكم على المنابر " ؟ الحديث
رواه أحمد.
حديث آخر: قال الامام أحمد: حدثنا يحيى بن آدم، وابن أبي بكير قالا ثنا
إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة السلولي - وكان قد شهد حجة
الوداع - قال قال رسول الله
__________
(1) أخرجه الترمذي في المناقب - في باب مناقب علي.
ح 3726 ص 5 / 639.
(2) المصدر السابق ح 3737 ص 5 / 643.
(3) في المسند: أهل الجنة.
وأخرجه أحمد في 1 / 189، 5 / 346.
(*)
(7/393)
صلى الله عليه
وسلم: " علي مني وأنا منه ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " (1) ثم رواه
أحمد عن أبي أحمد الزبيري عن إسرائيل.
حديث آخر: قال أحمد: حدثنا وكيع قال: قال إسرائيل: قال أبو إسحاق عن
زيد بن بثيغ عن أبي بكر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة
إلى أهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ولا يدخل
الجنة إلا نفس مؤمنة، من كان بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته
والله برئ من المشركين ورسوله.
قال فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي: الحقة ورد علي أبا بكر وبلغها أنت،
قال فلما قدم أبو بكر على رسول الله بكى وقال يا رسول الله حدث في شئ ؟
قال ما حدث فيك إلا خير ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل من أهل
بيتي (2) " وقال عبد الله بن أحمد: حدثني محمد بن سليمان لوين، ثنا
محمد بن جابر، عن سماك، عن حبشي عن علي قال: " لما نزلت عشر آيات من
براءة دعا رسول الله أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني
فقال لي: أدرك أبا بكر فحيث لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة
فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر فقال: يا
رسول الله نزل في شئ ؟ قال: لا، ولكن جبريل جاءني فقال: لا يؤدي عنك
إلا أنت أو رجل من بيتك " (3) وقد رواه كثير النواء عن جميع بن عمير عن
ابن عمر بنحوه وفيه نكارة من جهة أمره برد الصديق، فإن الصديق لم يرجع
بل كان هو أمير الحج في سنة تسع وكان علي هو وجماعة معه بعثهم الصديق
يطوفون برحاب منى في يوم
النحر وأيام التشريق ينادون ببراءة ؟ وقد قررنا ذلك في حجة الصديق وفي
أول تفسير سورة براءة.
حديث آخر روي من حديث أبي بكر الصديق وعمر وعثمان بن عفان وعبد الله بن
مسعود ومعاذ بن جبل وعمران بن حصين وأنس وثوبان وعائشة وأبي ذر وجابر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " النظر إلى وجه علي عبادة " وفي
حديث عن عائشة " ذكر علي عبادة " ولكن لا يصح شئ منها فإنه لا يخلو كل
سند منها عن كذاب أو مجهول لا يعرف حاله وهو شيعي.
حديث الصدقة بالخاتم وهو راكع: قال الطبراني: ثنا عبد الرحمن بن مسلم
الرازي ثنا محمد بن يحيى، عن ضريس العبدي، ثنا عيسى بن عبد الله بن
عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، عن أبيه عن جده عن
علي قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم * (إنما
وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم
راكعون) * [ المائدة: 55 ] فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل
المسجد والناس يصلون بين راكع وقائم وإذا سائل
__________
(1) مسند أحمد ج 4 / 164، 165 وأخرجه الترمذي في المناقب ح 3719 ص 5 /
636 وقال: هذا حديث حسن غريب.
(2) أخرجه أحمد في المسند 1 / 3.
(3) مسند أحمد 1 / 151.
(*)
(7/394)
فقال: يا سائل
هل أعطاك أحد شيئا فقال: لا ! إلا هاذاك الراكع - لعلي - أعطاني خاتمه.
وقال الحافظ ابن عساكر: أنا خالي أبو المعالي القاضي أنا أبو الحسن
الخلعي أنا أبو العباس أحمد بن محمد الشاهد، ثنا أبو الفضل محمد بن عبد
الرحمن بن عبد الله بن الحارث الرملي، ثنا القاضي جملة بن محمد، ثنا
أبو سعيد الاشج، ثنا أبو نعيم الاحول، عن موسى بن قيس، عن سلمة قال:
تصدق علي بخاتمه وهو راكع فنزلت * (إنما وليكم الله ورسوله والذين
آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) * وهذا لا يصح
بوجه من الوجوه لضعف أسانيده ولم ينزل في علي شئ من القرآن بخصوصيته
وكل ما يريدونه في قوله تعالى * (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) *
[ الرعد: 7 ] وقوله * (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) *
[ الانسان: 8 ] وقوله * (أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن
آمن بالله واليوم الآخر) * [ التوبة: 19 ] وغير ذلك من الآيات
والاحاديث الواردة في أنها نزلت في علي لا يصح شئ منها، وأما قوله
تعالى * (هذان خصمان اختصموا في ربهم) * [ الحج: 19 ] فثبت في الصحيح
أنه نزل في علي وحمزة وعبيدة من المؤمنين، وفي عتبة وشيبة والوليد بن
عتبة من الكافرين.
وما روي عن ابن عباس أنه قال: ما نزل في أحد من الناس ما نزل في علي.
وفي رواية عنه أنه قال: نزل فيه ثلثمائة آية فلا يصح ذلك عنه لا هذا
ولا هذا.
حديث آخر: قال أبو سعيد بن الاعرابي: ثنا محمد بن زكريا الغلابي، ثنا
العباس بن بكار، أبو الوليد، ثنا عبد الله بن المثنى الانصاري عن عمه
ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس، قال: " كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم جالسا بالمسجد وقد أطاف به أصحابه إذ أقبل علي فسلم ثم وقف فنظر
مكانا يجلس فيه فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وجوه أصحابه
أيهم يوسع له - وكان أبو بكر عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم
جالسا - فتزحزح أبو بكر عن مجلسه وقال: ها هنا يا أبا الحسن، فجلس بين
رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر فرأينا السرور في وجه رسول
الله صلى الله عليه وسلم، ثم أقبل على أبي بكر فقال: يا أبا بكر إنما
يعرف الفضل لاهل الفضل " فأما الحديث الوارد عن علي وحذيفة مرفوعا "
علي خير البشر، من أبي فقد فكر ومن رضي فقد شكر " فهو موضوع من
الطريقين معا قبح الله من وضعه واختلقه.
حديث آخر: قال أبو عيسى الترمذي: ثنا إسماعيل بن موسى (1) بن عمر
الرومي، ثنا شريك، عن كهيل (2)، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي عن علي
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا دار الحكمة وعلي بابها "
ثم قال هذا الحديث غريب قال: وروى بعضهم هذا الحديث عن ابن عباس قلت:
رواه سويد بن سعيد، عن شريك، عن سلمة عن الصنابحي عن علي مرفوعا: " أنا
مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت باب المدينة " وأما حديث
ابن عباس
__________
(1) في جامع الترمذي 5 / 637: ثنا اسماعيل بن موسى حدثنا محمد بن عمر
بن الرومي.
(2) في الترمذي: عن سلمة بن كهيل.
ح 3723 ص 5 / 637.
(*)
(7/395)
فرواه ابن عدي
من طريق أحمد بن سلمة أبي عمرو الجرحاني ثنا أبو معاوية عن الاعمش عن
مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أنا مدينة
العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأتها من قبل بابها " ثم قال ابن
عدي: وهذا الحديث يعرف بأبي الصلت الهروي عن أبي معاوية سرقه منه أحمد
بن سلمة هذا ومعه جماعة من الضعفاء، هكذا قال رحمه الله.
وقد روى أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز، عن ابن معين أنه قال: أخبرني
ابن أيمن أن أبا معاوية حدث بهذا الحديث قديما ثم كف عنه، قال: وكان
أبو الصلت رجلا موسرا يكرم المشايخ ويحدثونه بهذه الاحاديث وساقه ابن
عساكر باسناد مظلم عن جعفر الصادق عن أبيه عن جده عن جابر بن عبد الله،
فذكره مرفوعا، ومن طريق أخرى عن جابر: قال ابن عدي وهو موضوع أيضا.
وقال أبو الفتح الاودي: لا يصح في هذا الباب شئ.
حديث آخر: يقرب مما قبله، قال ابن عدي: ثنا أحمد بن حبرون النيسابوري
ثنا ابن أيوب أبو أسامة - هو جعفر بن هذيل - ثنا ضرار بن صرد، ثنا يحيى
بن عيسى الرملي عن الاعمش عن ابن عباية عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: " على عيينة علي ".
حديث آخر: في معنى ما تقدم قال ابن عدي: ثنا أبو يعلى ثنا كامل بن طلحة
ثنا ابن لهيعة ثنا يحيى بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الجيلي، عن عبد
الله بن عمرو بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه: " ادعوا
لي أخي فدعوا له أبا بكر فأعرض عنه ثم قال ادعوا لي أخي فدعوا له عمر
فأعرض عنه ثم قال ادعوا لي أخي فدعوا له عثمان فأعرض عنه، ثم قال ادعوا
لي أخي فدعي له علي بن أبي طالب فستره بثوب وأكب عليه فلما خرج من عنده
قيل له: ما قال ؟ قال: علمني ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب " قال
ابن عدي هذا حديث منكر ولعل البلاء فيه من ابن لهيعة فإنه شديد الافراط
في التشيع وقد تكلم فيه الائمة ونسبوه إلى الضعف.
حديث آخر: قال ابن عساكر: أنبأنا أبو يعلى ثنا المقري أنا أبو نعيم
الحافظ، أنا أبو أحمد
الغطريفي، ثنا أبو الحسين بن أبي مقاتل، ثنا محمد بن عبيد بن عتبة، ثنا
محمد بن علي الوهبي الكوفي، ثنا أحمد بن عمران بن سلمة - وكان ثقة عدلا
مرضيا - ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله
قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن علي فقال: " قسمت
الحكمة عشرة أجزاء أعطي علي تسعة والناس جزءا واحدا " وسكت الحافظ ابن
عساكر على هذا الحديث ولم ينبه على أمره وهو منكر بل موضوع مركب سفيان
الثوري باسناده قبح الله واضعه ومن افتراه واختلقه.
حديث آخر: قال أبو يعلى ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا يحيى، عن
الاعمش عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري عن علي.
قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن
ليس لي علم بالقضاء قال: فضرب في صدري وقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبت
(7/396)
لسانك قال: فما
شككت في قضاء بين اثنين بعد " وقد ثبت عن عمر أنه كان يقول: علي أقضانا
وأبي أقرؤنا للقرآن.
وكان عمر يقول أعوذ بالله من معضلة ولا أبو حسن لها.
حديث آخر: قال الامام أحمد: حدثنا عبد الله بن محمد، ثنا جرير بن عبد
الحميد، عن مغيرة، عن أم موسى عن أم سلمة قالت والذي أحلف به إن كان
علي بن أبي طالب لاقرب الناس عهدا برسول الله عدنا رسول الله غداة
يقول: " جاء علي ؟ مرارا - وأظنه كان بعثه في حاجة - قالت فجاء بعد
فظننت أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت عند الباب فقعدنا عند الباب
فكنت من أدناهم إلى الباب فأكب عليه علي فجعل يساره ويناجيه ثم قبض من
يومه ذلك فكأن أقرب الناس به عهدا " (1) وهكذا رواه عبد الله بن أحمد
وأبو يعلى عن أبي بكر بن أبي شيبة به.
حديث آخر: في معناه قال أبو يعلى: ثنا عبد الرحمن بن صالح، ثنا أبو بكر
بن عياش عن صدقة عن جميع بن عمير أن أمه وخالته دخلتا على عائشة
فقالتا: يا أم المؤمنين أخبرينا عن علي، قالت: أي شئ تسألن عن رجل وضع
يده من رسول الله موضعا فسالت نفسه في يده فمسح بها وجهه ثم اختلفوا في
دفنه فقال: إن أحب الاماكن إلى الله مكان قبض فيه نبيه صلى الله عليه
وسلم ؟ قالتا: فلم
خرجت عليه ؟ قالت أمر قضي لوددت أني أفديه بما على الارض " وهذا منكر
جدا وفي الصحيح ما يرد هذا والله أعلم.
حديث آخر: قال الامام أحمد: ثنا أسود بن عامر، حدثني عبد الحميد بن أبي
جعفر - يعني الفراء - عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيغ عن علي
قال: قيل يا رسول الله من نؤمر بعدك ؟ قال: إن تؤمروا أبا بكر تجدوه
أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا
أمينا لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليا - ولا أراكم فاعلين
- تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم " وقد روي هذا الحديث من
طريق عبد الرزاق عن النعمان بن أبي شيبة، وعن يحيى بن العلاء، عن
الثوري عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيغ، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه
وسلم بنحوه.
ورواه أبو الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن ابن نمير عن الثوري عن
شريك عن أبي إسحاق عن زيد يثيغ عن حذيفة به.
وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري: أنا أبو عبد الله محمد بن علي
الآدمي، بمكة ثنا إسحاق بن إبراهيم الصنعاني، أنا عبد الرزاق بن همام،
عن أبيه، عن ابن ميناء، عن عبد الله بن مسعود قال: كنا مع النبي صلى
الله عليه وسلم ليلة وفد الجن قال: فتنفس فقلت: ما شأنك يا رسول الله ؟
قال " نعيت إلي نفسي.
قلت: فاستخلف.
قال من ؟ قلت: أبا بكر قال: فسكت، ثم مضى ثم تنفس قلت: ما شأنك يا رسول
الله ؟ قال نعيت إلي نفسي يا بن مسعود، قلت: فاستخلف قال: من ؟ قلت:
عمر.
قال:
__________
(1) أخرجه أحمد في مسنده ج 6 / 300.
(*)
(7/397)
فسكت ثم مضى
ساعة ثم تنفس قال: فقلت: ما شأنك يا رسول الله ؟ قال: نعيت إلي نفسي،
يا بن مسعود، قلت: فاستخلف قال من ؟ قلت: علي بن أبي طالب قال: أما
والذي نفسي بيده لئن أطاعوه ليدخلن الجنة أجمعين أكتعين " قال ابن
عساكر همام وابن ميناء مجهولان.
حديث آخر: قال أبو يعلى: ثنا أبو موسى - يعني محمد بن المثنى - ثنا
سهيل بن حماد، أبو غياث الدلال، ثنا مختار بن نافع الفهمي، ثنا أبو
حيان التيمي، عن أبيه عن علي قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله أبا بكر زوجني ابنته وحملني
إلى دار الهجرة واعتق بلالا من ماله، رحم الله عمر يقول الحق وإن كان
مرا تركه الحق وماله من صديق، رحم الله عثمان تستحييه الملائكة رحم
الله عليا دار الحق معه حيث دار " وقد ورد عن أبي سعيد وأم سلمة أن
الحق مع علي رضي الله عنه وفي كل منهما نظر، الله أعلم.
حديث آخر: قال أبو يعلى: ثنا عثمان بن جرير، عن الاعمش، عن إسماعيل بن
رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال
أبو بكر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا ! فقال عمر: أنا هو يا رسول
الله، قال: لا ! ولكنه خاصف النعل - وكان قد أعطى عليا نعله يخصفه " -
ورواه الامام البيهقي عن الحاكم عن الاصم عن أحمد بن عبد الجبار عن أبي
معاوية عن الاعمش به.
ورواه الامام أحمد عن وكيع وحسين بن محمد، عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل
بن رجاء به.
ورواه البيهقي أيضا من حديث أبي نعيم عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل بن
رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد به.
ورواه فضيل بن مرزوق عن عطية، عن أبي سعيد.
وروى من حديث علي نفسه.
وقد قدمنا هذا الحديث في موضعه في قتال علي أهل البغي والخوارج ولله
الحمد، وقدمنا أيضا حديث علي للزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لك: إنك تقاتلني وأنت ظالم.
فرجع الزبير وذلك يوم الجمل ثم قتل بعد مرجعه في وادي السباع.
وقدمنا صبره وصرامته وشجاعته في يومي الجمل وصفين، وبسالته وفضله في
يوم النهروان، وما ورد في فضل طائفته الذين قتلوا الخوارج من الاحاديث
وذكرنا الحديث الوارد من غير طريق عن علي وأبي سعيد وأبي أيوب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أمره بقتال المارقين والقاسطين والناكثين
وفسروا الناكثين بأصحاب الجمل والقاسطين بأهل الشام والمارقين بالخوارج
والحديث ضعيف.
* * * تم الجزء السابع من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء الثامن
الله عمر يقول الحق وإن كان مرا تركه الحق وماله من صديق، رحم الله
عثمان تستحييه الملائكة رحم الله عليا دار الحق معه حيث دار " وقد ورد
عن أبي سعيد وأم سلمة أن الحق مع علي رضي الله عنه وفي كل منهما نظر،
الله أعلم.
حديث آخر: قال أبو يعلى: ثنا عثمان بن جرير، عن الاعمش، عن إسماعيل بن
رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: " إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله، فقال
أبو بكر: أنا هو يا رسول الله، قال: لا ! فقال عمر: أنا هو يا رسول
الله، قال: لا ! ولكنه خاصف النعل - وكان قد أعطى عليا نعله يخصفه " -
ورواه الامام البيهقي عن الحاكم عن الاصم عن أحمد بن عبد الجبار عن أبي
معاوية عن الاعمش به.
ورواه الامام أحمد عن وكيع وحسين بن محمد، عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل
بن رجاء به.
ورواه البيهقي أيضا من حديث أبي نعيم عن فطر بن خليفة، عن إسماعيل بن
رجاء، عن أبيه عن أبي سعيد به.
ورواه فضيل بن مرزوق عن عطية، عن أبي سعيد.
وروى من حديث علي نفسه.
وقد قدمنا هذا الحديث في موضعه في قتال علي أهل البغي والخوارج ولله
الحمد، وقدمنا أيضا حديث علي للزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لك: إنك تقاتلني وأنت ظالم.
فرجع الزبير وذلك يوم الجمل ثم قتل بعد مرجعه في وادي السباع.
وقدمنا صبره وصرامته وشجاعته في يومي الجمل وصفين، وبسالته وفضله في
يوم النهروان، وما ورد في فضل طائفته الذين قتلوا الخوارج من الاحاديث
وذكرنا الحديث الوارد من غير طريق عن علي وأبي سعيد وأبي أيوب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أمره بقتال المارقين والقاسطين والناكثين
وفسروا الناكثين بأصحاب الجمل والقاسطين بأهل الشام والمارقين بالخوارج
والحديث ضعيف.
* * * تم الجزء السابع من كتاب البداية والنهاية ويليه الجزء الثامن
وأوله فصل في ذكر شئ من سيرته العادلة وسريرته الفاضلة وخطبه الكاملة
(7/398)
|