الدرر في اختصار المغازي والسير

باب ذكر دعاء الرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قومه وغيرهم إلى دين الله والدخول في الإسلام
وذكر بعض ما لقي منهم من الأذى وصبره في ذلك على البلوى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعوة الرسول قومه وغيرهم إلى الإسلام قَالَ الله عز وجل {قُمْ فَأَنْذِرْ} وقال عز وجل {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ}
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الإِسْلامِ سِرًّا وَجَهْرًا، وَهَجْرِ الأَوْثَانَ، فَاسْتَجَابَ لَهُ مَنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالْكُهُولِ وَضَعَفَةِ النَّاسِ، حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ، وَكُفَّارُ قُرَيْشٍ غَيْرُ مُنْكِرِينَ لِمَا يَقُولُ، يَقُولُونَ إِذَا مَرَّ عَلَيْهِمْ: إِنَّ غُلامَ بَنِي هَاشِمٍ هَذَا، وَيُشِيرُونَ إِلَيْهِ، لَيُكَلَّمُ زَعَمُوا مِنَ السَّمَاءِ، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى عَابَ آلِهَتَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، وَذَكَرَ هَلاكَ آبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا كُفَّارًا، فَغَضِبُوا لِذَلِكَ وَعَادَوْهُ، فَلَمَّا ظَهَرَ الإِسْلامُ وَتَحَدَّثَ بِهِ الْمُؤْمِنُونَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ يُعَذِّبُونَهُمْ وَيُؤْذُونَهُمْ، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ فِتْنَتَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَفَرَّقُوا فِي الأَرْضِ " فَقَالُوا: أَيْنَ نَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: هَاهُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ نَحْوَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَهَاجَرَ إِلَيْهَا نَاسٌ ذُو عَدَدٍ، مِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِه

(1/38)


أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبَّادٍ الدُّؤَلِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْمَجَازِ يَطُوفُ بِالنَّاسِ وَيَتَّبِعُهُمْ فِي مَنَازِلِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ، يَقُولُ: " إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَرَجُلٌ خَلْفَهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا يَنْهَاكُمْ أَنْ تَدِينُوا دِينَ آبَائِكُمْ، فَلا يَصُدَّنَّكُمْ عَنْ دِينِكُمْ وَدِينِ آبَائِكُمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَمُّهُ أَبُو لَهَبٍ ، دَخَلَ حَدِيثُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، وَرَوَاهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، مِثْلَهُ، رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ كُلُهَا صِحَاحٌ

أول الناس إيمانا بالله ورسوله
قَالَ الفقيه أَبُو عمر رضي الله عنه: فكان أول من آمن بالله ورسوله فيما أتت به الآثار وذكره أهل السير والأخبار، منهم ابن شهاب وغيره، وهو قول موسى بْن عقبة، ومحمد بْن إسحاق، ومحمد بْن عمر الواقدي، وسعيد

(1/39)


بْن يحيى بْن سعيد الأموي، وغيرهم خديجة بنت خويلد زوجته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو بكر الصديق، وعلي بْن أبي طالب، واختلف في الأول منهما، فروي عن حسان بْن ثابت، وإبراهيم النخعي وطائفة: أَبُو بكر أول من أسلم، والأكثر منهم يقولون: علي، وقد ذكرنا
القائلين بذلك، والآثارَ الواردة في بابه من كتاب الصحابة، وروي عن ابن عباس القولان جميعا، واختلفوا في سن علي يومئذ، فقيل: ثماني سنين، وقيل: عشر سنين، وقيل: اثنتا عشرة سنة، وقيل: خمس عشرة سنة، قاله الحسن البصري وغيره، وقال ابن إسحاق: كان أَوَّلَ ذَكَرٍ ممن آمن بالله وصدق رسول الله فيما جاء به من عند الله عَلِيُّ بْن أبي طالب بْن عَبْد المطلب بْن هاشم بْن عَبْد مناف، وهو ابن عشر سنين يومئذ، قَالَ أَيِ ابن إسحاق: ثم أسلم زيد بْن حارثة بْن شرحبيل بْن كعب الكلبي، قُلْتُ: وقيل: شراحيل، قاله ابن هشام مولى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ثم أسلم أَبُو بكر بْن أبي قحافة، واسم أبي قحافة: عثمان بْن عامر بْن عمرو بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، قَالَ أَبُو عمر: ثم أسلم خالد بْن سعيد بْن العاصي، وأسلمت معه امرأته أمينة بنت خلف بْن أسعد الخزاعية، وبلال، وعمار بْن ياسر، وأمه سمية، وصهيب بْن سنان النمري المعروف بالرومي، وعمرو بْن عبسة السلمي ورجع إلى بلاد قومه، وعمرو بْن سعيد بْن العاصي،

(1/40)


ثم أسلم بدعاء أبي بكر الصديق: عثمان بْن عفان، والزبير بْن العوام، وسعد بْن أبي وقاص، وطلحة بْن عبيد الله، وعبد الرحمن بْن عوف، ثم أسلم أَبُو عبيدة ابن الجراح، وأبو سلمة بْن عَبْد الأسد، وعثمان بْن مظعون،
ثم أخواه: قدامة، وعبد الله وابنه السائب بْن عثمان بْن مظعون، وسعيد بْن زيد بْن عمرو بْن نفيل، وأسماء بنت أبي بكر الصديق، وعائشة بنت أبي بكر الصديق وهي صغيرة، وفاطمة بنت الخطاب أخت عمر بْن الخطاب زوج سعيد بْن زيد، وعمير بْن أبي وقاص، وعبد الله بْن مسعود، وأخوه عتبة بْن مسعود، وسليط بْن عمرو العامري، وعياش بْن أبي ربيعة المخزومي، وامرأته أسماء بنت سلامة بْن مخربة التميمية، ومسعود بْن ربيعة بْن عمرو القاري من بني الهون بْن خزيمة وهم القارة، وخنيس بْن حذافة بْن قيس بْن عدي السهمي، وعبد الله بْن جحش الأسدي

تتمة السابقين إلى الإيمان برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وحمزة بْن عَبْد المطلب، وجعفر بْن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس، وعامر بْن ربيعة العنزي من عنز بْن وائل، قَالَ ابن هشام: عنز بْن وائل من ربيعة، حليف الخطاب

(1/41)


بْن نفيل، وأبو أحمد بْن جحش الأعمى، وحاطب بْن الحارث بْن معمر الجمحي، وامرأته بنت المجلل العامرية، وحطاب بْن الحارث أخوه، وامرأته فكيهة بنت يسار، وأخوهما معمر بْن الحارث بْن معمر الجمحي، والمطلب بْن أزهر بْن عَبْد عوف الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية، والنحام واسمه نعيم بْن عَبْد اللهِ العدوي، وعامر بْن فهيرة أزدي من الأزد، أمه فهيرة مولاة أبي بكر الصديق، وحاطب بْن عمرو بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود العامري، أخو سليط بْن عمرو، وأبو
حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة واسمه مهشم بْن عتبة فيما قَالَ ابن هشام، وواقد بْن عَبْد اللهِ بْن عَبْد مناف بْن عرين فيما قَالَ ابن هشام ابن ثعلبة بْن يربوع بْن حنظلة الحنظلي التميمي، حليف بني عدي بْن كعب، وأبو ذر جندب بْن جنادة، ولكنه رجع إلى بلاد قومه فتأخرت هجرته، وإياس، وخالد، وعاقل، وعامر بنو البكير بْن عَبْد ياليل بْن ناشب من بني سعد بْن ليث، حلفاء بني عدي، والأرقم بْن أبي الأرقم، واسم أبي الأرقم عَبْد مناف بْن أبي جندب، واسم أبي جندب أسد بْن عَبْد اللهِ بْن عمر بْن مخزوم، وأسلم حمزة بْن عَبْد المطلب، وكان سبب إسلامه أن أبا جهل شتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتناوله، وحمزة غائب في صيد وكان راميا كثير الصيد، فلما انصرف، قالت له امرأة: يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل شتمه وتناوله وفعل وفعل؟ قَالَ:

(1/42)


فهل رآه أحد؟ قالت: نعم، أهل ذلك المجلس عند الصفا، فأتاهم وهم جلوس، وأبو جهل فيهم، فجمع على قوسه يديه فضرب بها رأس أبي جهل فدق سيتها ثم قَالَ: خذها بالقوس ثم أخرى بالسيف، أشهد أنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ما جاء به حق من عند الله، وسمي من يومئذ أسد الله، ثم عمر بْن الخطاب أسلم بعد أربعين رجلا واثنتي عشرة امرأة، فعز الإسلام وظهر بإسلام حمزة وعمر رضي الله عنهما

ذكر بعض ما لقي الرسول وأصحابه من أذى قومه وصبرهم على ذلك
ولما أعلن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدعاء إلى الله تعالى، نابذته قريش، ورموه بالبهتان، وجاهروا في عداوته، وأظهروا البغضاء له، وآذوه، وآذوا من اتبعه بكل ما أمكنهم من الأذى، فأما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأجاره عمه أَبُو طالب ومنع منه، وكذلك أجار أبا بكر قومه، ثم أسلموه فأجاره ابن الدغنة، وأجار العاصي بْن وائل عمر بْن الخطاب
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَاصِمٍ -، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلامَهُ سَبْعَةٌ

(1/43)


رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ، وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ إِلا مَنْ وَاتَاهُمْ فِيمَا أَرَادُوا وَأَوْهَمَهُمْ بِذَلِكَ إِلا بِلالٌ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ وَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَزَادَ فِي قِصَّةِ بِلالٍ وَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلا وَدَفَعُوهُ إِلَى الصِّبْيَانِ يَلْعَبُونَ بِهِ حَتَّى أَثَّرَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ مَلُّوهُ فَتَرَكُوهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلا مُجَاهِدٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ خَدِيجَةَ وَلا عَلِيًّا، وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ، وَمَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ كَانَ فِي جِوَارِ عَمِّهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ فَلَمْ يُؤْذَيَا، وَهَؤُلاءِ السَّبْعَةُ ظَهَرَ مِنْهُمْ ذَلِكَ فَلَقَوُا الأَذَى الشَّدِيدَ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَقَصَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الْخَبَرِ عَنْهُمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ:

(1/44)


سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللهِ، قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، قَالَ: فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ وَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ : {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ أَيْضًا عن الأوزاعي بإسناده مثله، وروى بشر بْن بكر، عن الأوزاعي، عن يحيى بْن أبي كثير، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سلمة بْن عَبْد الرحمن، قَالَ: قلت لعبد الله بْن عمرو بْن العاص: أخبرني بأشد شيء، فذكر مثله، وعند عمر بْن عَبْد الواحد، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد أيضا في هذا الخبر، وعن إسماعيل بْن سماعة أيضا مثله، عن الأوزاعي بهذا الإسناد في هذا الخبر، وعند الوليد بْن مزيد، عن الأوزاعي في هذا الخبر الإسناد الأول، وروى مُحَمَّد بْن عمرو بْن علقمة، عن أبي سلمة، عن عَبْد اللهِ بْن عمرو بْن العاص هذا الخبر بمعناه، وزاد فيه، فَقَالَ: يا معشر قريش والذي نفسي بيده لقد أرسلني ربي إليكم بالذبح، ورواه هشام بْن عروة، عن أبيه، عن عَبْد اللهِ بْن عمرو بْن العاص بمعنى حديث يحيى بْن أبي كثير، وحديث مُحَمَّد بْن عمرو، عن أبي سلمة، عن عَبْد اللهِ بْن عمرو
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: " لَقَدْ ضَرَبُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ ، {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} ، فَقَالُوا: هَذَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ الْمَجْنُونُ

(1/45)


المجاهرون بالظلم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكل من آمن به

قَالَ الفقيه أَبُو عمر رضي الله عنه: وكان المجاهرون بالظلم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكل من آمن به من بني هاشم: عَمَّهُ أبا لهب، وابنَ عمه أبا سفيان بْن الحارث، ومن بني عَبْد شمس: عتبة وشيبة ابني ربيعة، وعقبة بْن أبي معيط، وأبا سفيان بْن حرب، وابنه حنظلة، والحكم بْن أبي العاص بْن أمية، ومعاوية بْن العاص بْن أمية، ومن بني عَبْد الدار: النضر بْن الحارث، ومن بني أسد بْن عَبْد العزى: الأسود بْن المطلب، وابنه زمعة، وأبا البختري العاصي بْن هشام، ومن بني زهرة: الأسود بْن عَبْد يغوث الزهري

(1/46)


، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أبا جعل بْن هشام، وأخاه العاصي بْن هشام، وعمهما الوليد بْن المغيرة، وابنه أبا قيس بْن الوليد بْن المغيرة، وابن عمه قيس بْن الفاكه بْن المغيرة،
وزهير بْن أبي أمية بْن المغيرة أخا أم سلمة، وأخاه عَبْد اللهِ بْن أبي أمية، والأسود بْن عَبْد الأسد أخا أبي سلمة، وصيفي بْن السائب، ومن بني سهم: العاص بْن وائل، وابنه عمرو بْن العاص، وابن عمه الحارث بْن قيس بْن عدي، ومنبها ونبيها ابني الحجاج، ومن بني جمح: أُمَيَّةَ وَأُبَيًّا ابني خلف بْن وهب بْن حذافة بْن جمح السهمي، وأنيس بْن معير أخا أبي محذورة، والحارث بْن الطلاطلة الخزاعي، وعدي بْن الحمراء الثقفي، فهؤلاء كانوا أشد على المؤمنين مثابرة بالأذى ومعهم سائر قريش، فمنهم من يعذبون من لا منعة له ولا جوار من قومه، ومنهم من يؤذون، ولقي المسلمون من كفار قريش وحلفائهم من العذاب والأذى والبلاء عظيما، ورزقهم الله من الصبر على ذلك عظيما، ليدخر لهم ذلك في الآخرة، ويرفع به درجاتهم في الجنة، والإسلامُ في كل ذلك يفشو ويظهر في الرجال والنساء، وأسلم الوليد بْن الوليد بْن المغيرة، وسلمة بْن هشام أخو أبي جهل، وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة، وجماعة أراد الله هداهم، وأسرف بنو جمح على بلال بالأذى والعذاب، فاشتراه أَبُو بكر الصديق منهم، واشترى أمه حمامة فأعتقها، وأعتق عامر بْن فهيرة، وأعتق خمسا من النساء: أُمَّ عبيس،

(1/47)


وزنيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية لبني عدي بْن كعب، كان عمر بْن الخطاب رضي الله عنه يعذبها على الإسلام قبل أن يسلم، وروى أن أبا قحافة قَالَ لابنه أبي بكر:
يا بني أراك تعتق قوما ضعفاء، فلو أعتقت قوما جلداء يمنعونك؟ فقال: يا أبت إني أريد ما أريد، فقيل: إن فيه نزلت : {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} إلى آخر السورة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بكرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن خلف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى آية - قَالَ: أَبُو جهل ينهى محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أَهْلَ مَجْلِسِهِ ، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} قَالَ: الْمَلائِكَةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟ فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَجَرَهُ، فَقَالَ: يُهَدِّدُنِي مُحَمَّدٌ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا بِهَا رَجُلٌ أَكْثَرُ نَادِيًا مِنِّي، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لأَخَذَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَالْعَذَابُ

(1/48)


المستهزئون
قَالَ أَبُو عمر رضي الله عنه: وكان المستهزئون الذين قَالَ الله فيهم : {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} ، عَمَّهُ أبا لهب، وعقبة بْن أبي معيط، والحكم بْن أبي العاصي، والأسود بْن المطلب بْن أسد أبا زمعة، والأسود بْن عَبْد يغوث، والعاصي بْن وائل، والوليد بْن المغيرة، والحارث بْن غيطلة السهمي، ويقال له: ابن الغيطلة، وكان جبريل مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض وقفاته معه، فمر بهما من المستهزئين: الوليد بْن المغيرة، والأسود بْن المطلب، والأسود بْن عَبْد يغوث، والحارث بْن غيطلة، والعاصي بْن وائل واحدا بعد واحد، فشكاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جبريل، فأشار إليهم جبريل عليه السلام، وقال: كَفَيْتُكَهُمْ، فهلكوا بضروب من البلاء والعمى قبل الهجرة، وفيما لقي بلال، وعمار، والمقداد، وخباب، وسعد بْن أبي وقاص، وغيرهم ممن لم تكن له منعة من قومه من البلاء والأذى ما يجمل أن يفرد له كتاب، ولكنا نقف في كتابنا عند شرطنا وبالله توفيقنا.

فلما اشتد بالمسلمين البلاء والأذى، وخافوا أن يفتنوا عن دينهم، أذن الله لهم في الهجرة إلى أرض الحبشة، وقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سِيرُوا إِلَيْهَا فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لا تُظْلَمُونَ عِنْدَهُ"
وهو أصحمة، وتفسيره بالعربية عطية، وهو ابن أَبْحر. والنجاشي عامٌ لكل من ملك الحبشة كفرعون لمصر وتُبَّع لليمن وقيصر للشام وكسرى للعراق وبطليموس لليونان

(1/49)


باب ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ، وَظَهَرَ الإِيمَانُ، أَقْبَلَ كُفَّارُ قريش على من آمن من قبائلهم يعذبونهم ويؤذونهم ليردوهم عن دينهم، قَالَ: فبلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لمن آمن به: تفرقوا في الأرض فإن الله تعالى سيجمعكم، قالوا: إلى أين نذهب؟ قَالَ: ههنا، وأشار بيده إلى أرض الحبشة فهاجر إليها ناس ذوو عدد، منهم من هاجر بأهله، ومنهم من هاجر بنفسه، حتى قدموا أرض الحبشة قَالَ الفقيه أَبُو عمر رضي الله عنه: فكان أول من خرج من المسلمين فارا بدينه إلى أرض الحبشة عثمان بْن عفان معه امرأته

(1/50)


رقية بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قيل: إن أول من هاجر إلى الحبشة أَبُو حاطب بْن عمرو بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود، أخو سهيل بْن عمرو، وقيل: هو سليط بْن عمرو، وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة هاربا عن أبيه بدينه ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بْن عمرو مراغمة لأبيها فارة عنه بدينها، فولدت له بأرض الحبشة مُحَمَّد بْن أبي حذيفة صنو الزبير بْن العوام، ومصعب بْن عمير، وعبد الرحمن بْن عوف
، وأبو سلمة بْن عَبْد الأسد معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وعثمان بْن مظعون، وعامر بْن ربيعة حليف آل الخطاب ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بْن غانم العدوية، وأبو سبرة بْن أبي رهم العامري، وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بْن عمرو، وسهيل بْن بيضاء، وهو سهيل بْن وهب بْن ربيعة الفهري، ثم خرج بعدهم جعفر بْن أبي طالب، ومعه امرأته أسماء بنت عميس، فولدت له هناك بنيه: محمدا، وعبد الله، وعونا، وَعَمْرُو بْنُ سعيد بْن العاص بْن أمية، ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بْن أمية بْن محرث بْن شق بْن رقبة بْن مخدج الكنانية، وأخوه خالد بْن سعيد بْن العاص معه امرأته أمينة بنت خلف بْن أسعد بْن عامر بْن بياضة بْن يثيع الخزاعية، فولدت له هناك ابنه سعيدا، وابنته أم خالد، واسمها آمنة بنت خالد،

(1/51)


وعبد الله بْن جحش بْن رئاب الأسدي، وأخوه عبيد الله بْن جحش، معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فتنصر هناك ومات نصرانيا مرتدا عن دينه، وَقَيْسُ بْن عَبْد اللهِ، حليف لبني أمية بْن عَبْد شمس، معه امرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بْن حرب، ومعيقيب بْن أبي فاطمة الدوسي، حليف لبني العاص بْن أمية، وعتبة بْن غزوان بْن جابر المازني من بني مازن بْن منصور أخي سليم بْن منصور، حليف بني نوفل بْن عَبْد مناف، ويزيد بْن زمعة بْن الأسود بْن عَبْد المطلب بْن أسد، وعمرو بْن أمية
بْن الحارث بْن أسد، والأسود بْن نوفل بْن خويلد بْن أسد، وطليب بْن عمير بْن وهب بْن أبي كبير بْن عَبْد قصي، وسويبط بْن سعد بْن حرملة، ويقال: حريملة بْن مالك العبدري، وجهم بْن قيس بْن عَبْد شرحبيل بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن عَبْد الدار العبدري، معه امرأته أم حرملة بنت عَبْد الأسود بْن جذيمة بْن الأقيش بْن عامر بْن بياضة بْن يثيع بْن جعثمة بْن سعيد بْن مليح بْن عمرو من خزاعة، وابناه عمرو بْن جهم، وخزيمة بنت جهم، وأبو الروم بْن عمير أخو مصعب بْن عمير، وفراس بْن النضر بْن الحارث بْن كلدة بْن علقمة بْن عَبْد مناف بْن عَبْد الدار، وعامر بْن أبي وقاص أخو سعد بْن أبي وقاص،

(1/52)


والمطلب بْن أزهر بْن عَبْد عوف، معه امرأته رملة بنت أبي عوف بْن صبيرة السهمية، ولدت له هناك عَبْد اللهِ بْن المطلب، وعبد الله بْن مسعود الهذلي، وأخوه عتبة بْن مسعود، والمقداد بْن عمرو بْن ثعلبة البهراني، ويقال له: المقداد بْن الأسود، لأن الأسود بْن عَبْد يغوث الزهري تبناه، وهو حليف له، والحارث بْن خالد بْن صخر بْن عامر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، ومعه امرأته ريطة بنت الحارث بْن جبيلة بْن عامر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، فولدت له هناك موسى، وزينب، وعائشة، وفاطمة، وعمرو بْن عثمان بْن عمرو التيمي عم طلحة، وشماس بْن عثمان بْن الشريد المخزومي، واسمه
عثمان بْن عثمان، وهبار بْن سفيان بْن عَبْد الأسد بْن هلال المخزومي، وأخوه عَبْد اللهِ بْن سفيان، وهشام بْن أبي حذيفة بْن المغيرة بْن عَبْد اللهِ بْن عمر بْن مخزوم، وعياش بْن أبي ربيعة بْن المغيرة المخزومي، ومعتب بْن عوف بْن عامر الخزاعي، يعرف بمعتب بْن حمراء، حليف بني مخزوم، والسائب بْن عثمان بْن مظعون، وعماه قدامة وعبد الله ابنا مظعون، وحاطب وحطاب ابنا الحارث بْن معمر الجمحي، ومع حاطب زوجه فاطمة بنت المجلل العامرية، ولدت له هناك محمدا، والحارث ابني حاطب، ومع حطاب زوجه فكيهة بنت يسار، وسفيان بْن معمر بْن حبيب الجمحي، ومعه ابناه جابر، وجنادة ابنا سفيان، وأمهما حسنة، وأخوهما لأمهما شرحبيل بْن حسنة، وهو شرحبيل بْن عَبْد اللهِ بْن المطاع الكندي، وقيل: إنه من بني الغوث بْن مر أخي تميم بْن مر، وعثمان بْن ربيعة بْن أهبان بْن وهب بْن حذافة بْن جمح، وخنيس بْن حذافة بْن قيس بْن عدي السهمي، وأخواه قيس، وعبد الله ابنا حذافة، ورجل من تميم اسمه سعيد بْن عمرو كان أخا بشر بْن الحارث بْن قيس بْن عدي لأمه، وهشام بْن العاص بْن وائل أخو عمرو بْن العاص، وعمير بْن رئاب بْن حذيفة السهمي،

(1/53)


وأبو قيس بْن الحارث بْن قيس بْن عدي السهمي، وإخوته: الحارث بْن الحارث، ومعمر بْن الحارث، وسعيد بْن الحارث، والسائب بْن الحارث، وبشر بْن الحارث، ومحمية بْن جزء الزبيدي،
حليف بني سهم، ومعمر بْن عَبْد اللهِ بْن نضلة العدوي من بني عدي بْن كعب، وعروة بْن عَبْد العزى ابن حرثان العدوي، وعدي بْن نضلة بْن عَبْد العزى العدوي، وابنه النعمان بْن عدي، ومالك بْن ربيعة بْن قيس العامري، وامرأته عمرة بنت أسعد بْن وقدان بْن عَبْد شمس العامرية، وسعد بْن خولة من أهل اليمن، حليف لبني عامر بْن لؤي، وعبد الله بْن مخرمة بْن عبد العزى العامري، وعبد الله بْن سهيل بْن عمرو العامري، وعماه سليط بْن عمرو، والسكران بْن عمرو، ومع السكران بْن عمرو امرأته سودة بنت زمعة، وأبو عبيدة عامر بْن عَبْد اللهِ بْن الجراح الفهري، وعمرو بْن أبي سرح بْن ربيعة بْن هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الحارث بْن فهر، وعياض بْن زهير بْن أبي شداد الفهري، وعثمان بْن عَبْد غنم بْن زهير بْن أبي شداد، وسعد بْن عَبْد قيس بْن لقيط بْن عامر الفهري، وقد جاء في بعض الأثر، وقاله بعض أهل السير: أن أبا موسى الأشعري كان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، وليس كذلك، ولكنه خرج في طائفة من قومه مهاجرا من بلده باليمن يريد المدينة، فركبوا البحر، فرمتهم الريح بالسفينة التي كانوا فيها إلى أرض الحبشة، فأقام هنالك حتى قدم مع جعفر بْن أبي طالب، ولما نزل هؤلاء بأرض الحبشة أمنوا على دينهم وأقاموا بخير دار عند خير جار، وطالبتهم قريش عنده فكان ذلك سبب إسلامه على ما نورده بعد إن شاء الله،

(1/54)


وأقام بمكة من كان له من عشيرته منعة، فلما رأت قريش أن الإسلام يفشوا وينتشر، اجتمعوا، فتعاقدوا على بني هاشم، وأدخلوا معهم بني المطلب ألا يكلموهم، ولا يجالسوهم، ولا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، واجتمع على ذلك ملؤهم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في الكعبة، فانحاز بنو هاشم، وبنو المطلب كلهم كافرهم ومؤمنهم، فصاروا في شعب أبي طالب محصورين مُبْعَدِينَ مُجْتَنَبِينَ، حاشا أبا لهب وولده، فإنهم صاروا مع قريش على قومهم، فبقوا كذلك ثلاث سنين إلى أن جمع الله قلوب قوم من قريش على نقض ما كانت قريش تعاقدت فيه على بني هاشم وبني المطلب

(1/55)


باب ذكر دخول بني هاشم بْن عَبْد مناف، وبني المطلب بْن عَبْد مناف في الشعب، وما لقوا من سائر قريش في ذلك
أَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن بكر قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن سلمة المرادي قَالَ: حَدَّثَنَا ابن وهب قَالَ: أخبرني ابن لهيعة عن مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن أبي الأسود وأخبرنا عَبْد الوارث بْن سفيان قَالَ: أَخْبَرَنَا قاسم بْن أصبغ قَالَ: حَدَّثَنَا مطرف بْن عَبْد الرحمن بْن قيس قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بْن حميد بْن كاسب وَأَخْبَرَنَا عَبْد اللهِ بْن مُحَمَّد قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بكر قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق المسيبي قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن فليح عن موسى بْن عقبة عن ابن شهاب دخل حديث بعضهم في بعض، قَالَ: ثم إن كفار قريش أجمعوا أمرهم واتفق رأيهم على قتل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقالوا: قد أفسد أبناءنا ونساءنا، فقالوا لقومه: خذوا منا ديته مضاعفة ويقتله رجل غير قريشي وتريحوننا وتريحون أنفسكم، فأبى قومه بنو هاشم من ذلك، وظاهرهم بنو المطلب بْن عَبْد مناف، فأجمع المشركون من قريش على منابذتهم وإخراجهم من مكة إلى الشعب، فلما دخلوا الشعب،

(1/56)


أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من كان بمكة من المؤمنين أن يخرجوا إلى أرض الحبشة، وكان متجرا لقريش وكان يثني على النجاشي بأنه لا يظلم عنده أحد، فانطلق المسلمون إلى بلده، وانطلق إليها عامة من آمن بالله ورسوله، ودخل بنو هاشم، وبنو المطلب شعبهم مؤمنهم وكافرهم، فالمؤمن دينا، والكافر حمية، فلما عرفت قريش أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد منعه قومه، أجمعوا على ألا يبايعوهم، ولا يدخلوا إليهم شيئا من الرفق، وقطعوا عنهم الأسواق، ولم يتركوا طعاما ولا إداما ولا بيعا إلا بادروا إليه واشتروه دونهم، ولا يناكحوهم، ولا يقبلوا منهم صلحا أبدا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للقتل، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في الكعبة، وتمادوا على العمل بما فيها من ذلك ثلاث سنين، فاشتد البلاء على بني هاشم في شعبهم، وعلى كل من معهم، فلما كان رأس ثلاث سنين، تلاوم قوم من بني قصي ممن ولدتهم بنو هاشم وممن سواهم، فأجمعوا أمرهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر والبراءة، وبعث الله على صحيفتهم الأرضة فأكلت ولحست ما في الصحيفة من ميثاق وعهد، وكان أَبُو طالب في طول مدتهم في الشعب يأمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيأتي فراشه كل ليلة حتى يراه من أراد به شرا أو غائلة، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه، أو إخوته، أو بني عمه، فاضطجع على فراش رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأمر رسول الله أن يأتي بعض فرشهم فيرقد عليها، فلم يزالوا في الشعب على ذلك إلى تمام ثلاث سنين، فلما أكملوها تلاوم رجال من قريش وحلفائهم وأجمعوا أمرهم على نقض ما كانوا تظاهروا عليه من القطيعة والبراءة، وبعث الله على صحيفتهم

(1/57)


الأرضة فلحست كل ما كان فيها من عهد له وميثاق، ولم تترك فيها اسما لله عز وجل إلا لحسته، وبقي ما كان فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم، فأطلع الله عز وجل رسوله على ذلك، فذكر ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي طالب، فقال أَبُو طالب: لا والثواقب ما كَذَبْتَنِي، فانطلق في عصابة من بني عَبْد المطلب حتى أتوا المسجد وهم خائفون لقريش، فلما رأتهم قريش في جماعة أنكروا ذلك، وظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برمته إلى قريش، فتكلم أبو طالب، فقال: قد جرت أمور بيننا وبينكم لم نذكرها لكم، فأتوا بصحيفتكم التي فيها مواثيقكم فلعله أن يكون بيننا وبينكم صلح، وإنما قَالَ ذلك أَبُو طالب خشية أن ينظروا في الصحيفة قبل أن يأتوا بها، فأتوا بصحيفتهم متعجبين لا يشكون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْفَعُ إليهم، فوضعوها بينهم، وقالوا لأبي طالب: قد آن لكم أن ترجعوا عما أخذتم علينا وعلى أنفسكم، فقال أَبُو طالب: إنما أتيتكم في أمر هو نصف بيننا وبينكم، إن ابن أخي أخبرني ولم يُكْذِبْنِي أن هذه الصحيفة التي بين أيديكم قد بعث الله عليها دابة فلم تترك فيها اسما إلا لحسته وتركت فيها غدركم وتظاهركم علينا بالظلم، فإن كان الحديث كما يقول فأفيقوا، فلا والله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا، وإن كان الذي يقول باطلا دفعنا إليكم صاحبنا فقتلتم أو استحييتم، فقالوا: قد رضينا بالذي تقول، ففتحوا الصحيفة فوجدوا الصادق المصدوق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أخبر بخبرها قبل أن تفتح، فلما رأت قريش صدق ما جاء به أَبُو طالب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قالوا: هذا سحر ابن أخيك، وزادهم ذلك بغيا وعدوانا ،

(1/58)


وأما ابن هشام، فقال: قد ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأبي طالب: يا عم إن ربي قد سلط الأرضة على صحيفة قريش فلم تدع فيها اسما لله إلا أثبتته، ونفت منها القطيعة والظلم والبهتان، قَالَ: أربك أخبرك بهذا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فوالله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش، فقال: يا معشر قريش إن ابن أخي أخبرني، وساق الخبر بمعنى ما ذكرنا، وقال ابن إسحاق، وموسى بْن عقبة، وغيرهما في تمام ذلك الخبر: وندم منهم قوم، فقالوا: هذا بغي منا على إخواننا، وظلم لهم، فكان أول من مشى في نقض الصحيفة هشام بْن عمرو بْن الحارث من بني عامر بْن لؤي، وهو كان كاتب الصحيفة، وأبو البختري العاص بْن هشام بْن الحارث بْن أسد بْن عَبْد العزى، والمطعم بْن عدي، إلى ههنا تم خبر ابن لهيعة، عن أبي الأسود مُحَمَّد بْن عَبْد الرحمن المعروف بيتيم عروة، وموسى بْن عقبة، عن ابن شهاب، وهو معنى ما ذكر ابن إسحاق، إلا أن ابن إسحاق قَالَ:

(1/59)


الذين مشوا في نقض الصحيفة: هشام بْن عمرو بْن الحارث بْن حبيب بْن نصر بْن مالك بْن حسل بْن عامر بْن لؤي، لقي زهير بْن أبي أمية بْن المغيرة المخزومي، فعيره بإسلامه أخواله، وكانت أم زهير عاتكة بنت عَبْد المطلب عمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأجابه زهير إلى نقض الصحيفة، ثم مضى هشام إلى المطعم بْن عدي بْن نوفل فَذَكَّرَهُ أَرْحَامَ بني هاشم وبني المطلب بْن عَبْد مناف، فأجابه المطعم إلى نقضها، ثم مضى إلى أبي البختري بْن هشام بْن الحارث بْن أسد فذكره أيضا بذلك، فأجابه، ثم مضى إلى زمعة بْن الأسود بْن المطلب بْن أسد فذكره ذلك، فأجابه، فقام هؤلاء في نقض الصحيفة
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دُحَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمِنًى: نَحْنُ نَازِلُونَ عِنْدَ خَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ، يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُحَصَّبَ، قَالَ: وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ تَحَالَفَتْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ أَلا يُنَاكِحُوهُمْ، وَلا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أَنْ يُهَاجِرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَلَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَةِ فَرَدَّه

(1/60)


ذكر من انصرف من أرض الحبشة إلى مكة

ثم اتصل بمن كان في أرض الحبشة من المهاجرين أن قريشا قد أسلمت، ودخل أكثرها في الإسلام خبرا كاذبا، فانصرف منهم قوم من أرض الحبشة إلى مكة منهم: عثمان بْن عفان، وزوجته رقية بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة، وامرأته سهلة بنت سهيل، وعبد الله بْن جحش، وعتبة بْن غزوان، والزبير بْن العوام، ومصعب بْن عمير، وسويبط بْن سعد بْن حرملة، وطليب بْن عمير، وعبد الرحمن بْن عوف، والمقداد بْن عمرو، وعبد الله بْن مسعود، وأبو سلمة بْن عَبْد الأسد، وامرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وشماس بْن عثمان وهو عثمان بْن عثمان وشماس لقبه، وسلمة بْن هشام بْن المغيرة، وعمار بْن ياسر، وعثمان وقدامة وعبد الله بنو مظعون، والسائب بْن عثمان بْن مظعون، وخنيس بْن حذافة، وهشام بْن العاص بْن وائل، وعامر بْن ربيعة، وامرأته ليلى بنت أبي حثمة، وعبد الله بْن مخرمة بْن عَبْد العزى من بني عامر بْن لؤي، وعبد الله بْن سهيل بْن عمرو، وأبو سبرة بْن أبي رهم، وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بْن عمرو، والسكران بْن عمرو أخو سهيل بْن عمرو رجع من أرض الحبشة إلى مكة ومات بها قبل الهجرة، فتزوج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوجه سودة بنت زمعة، وسعد بْن خولة، وأبو عبيدة بْن الجراح، وعمرو بْن الحارث بْن
زهير بْن شداد، وسهيل بْن وهب الفهري وهو سهيل بْن بيضاء، وعمرو بْن أبي سرح،

(1/61)


فوجدوا البلاء والأذى على المسلمين كالذي كان وأشد، فبقوا صابرين على الظلم والأذى حتى أذن الله لهم بالهجرة إلى المدينة، فهاجروا إليها حاشا سلمة بْن هشام، وعياش بْن أبي ربيعة، والوليد بْن الوليد بْن المغيرة، وعبد الله بْن مخرمة، فإنهم حبسوا بمكة ثم هاجروا بعد بدر وأحد والخندق، إلا عَبْد اللهِ بْن مخرمة فإنه هرب من الكفار يوم بدر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعد نقض الصحيفة ماتت خديجة رضي الله عنها، ومات أَبُو طالب، فأقدم سفهاء قريش على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالأذى، فخرج إلى الطائف يدعو إلى الإسلام فلم يجيبوه، فانصرف إلى مكة في جوار المطعم بْن عدي بْن نوفل بْن عَبْد مناف، قَالَ ابن شهاب بالإسناد المتقدم، عن موسى بْن عقبة: فلما أفسد الله صحيفة مكرهم خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورهطه فعاشروا وخالطوا الناس

ذِكْرُ إسلام الجن
وأقبل وفد الجن يستمعون القرآن ثم ولوا إلى قومهم منذرين ثم أتته الجماعة منهم فآمنوا به وصدقوه وقَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ:

(1/62)


حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: " مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ، فَلَمْ يَحْضُرْ أَحَدٌ غَيْرِي، فَانْطَلَقْنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ، فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ طَفِقُوا يَتَقَطَّعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ حَتَّى بَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ، وَفَرَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ مَعَ الْفَجْرِ، فَانْطَلَقَ فَتَبَرَّزَ ثُمَّ أَتَانِي، فَقَالَ: " مَا فَعَلَ الرَّهْطُ؟ " قُلْتُ: هُمْ أُولَئِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَخَذَ عَظْمًا وَرَوَثًا فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَهَى أَنْ يَسْتَطِيبَ أَحَدٌ بِعَظْمٍ أَوْ رَوَثٍ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي قُرَادَةَ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فَلْيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ غِشٍّ "، قَالَ: فَقُمْتُ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ وَفِيهَا نَبِيذٌ، قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَضَيْتُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللهُ، فَخَطَّ عَلَيَّ خِطَّةً ثُمَّ قَالَ: " إِنْ خَرَجْتَ مِنْهَا لَمْ تَرَنِي وَلَمْ أَرَكَ "، قَالَ: وَمَضَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ جَاءَ فَوَجَدَنِي قَائِمًا، فَقَالَ: " مَا شَأْنُكَ قَائِمًا؟ " قُلْتُ: خَشِيتُ أَنْ لا تَرَانِي وَلا أَرَاكَ أَبَدًا، قَالَ: " مَا ضَرَّكَ لَوْ قَعَدْتَ، وَقَالَ: مَا هَذَا مَعَكَ؟ " قُلْتُ: نَبِيذٌ، قَالَ: " هَاتِ، ثَمَرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ "، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَقُمْتُ مَعَهُ، وَخَلْفَهُ رَجُلانِ مِنَ الْجِنِّ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَقْبَلا عَلَيْهِ يَسْأَلانِهِ، فَقَالَ: " مَا شَأْنُكُمَا؟ أَلَمْ أَقْضِ لَكُمَا وَلِقَوْمِكُمَا حَوَائِجَكُمْ؟ "، قَالا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَدْنَا أَنْ يَشْهَدَ مَعَكَ الصَّلاةَ بَعْضُنَا، فَقَالَ: " فَمَنْ أَنْتُمَا؟ "، قَالا: مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ، قَالَ: " أَفْلَحَ

(1/63)


هَذَانِ وَقَوْمُهُمَا " ثُمَّ سَأَلا الْمُبَاحَ، فَقَالَ: " الْعَظْمُ مُبَاحٌ لَكُمْ، وَالرَّوَثُ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ " قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ: وَإِنَّهُمَا لَيَجِدَانِهِمَا أَعْظَمَ مَا كَانَ وَأَطْرَاهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُتَوَاتِرٌ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى حِسَانٍ كُلِّهَا، إِلا حَدِيثَ أَبِي زَيْدٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ الْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، فَإِنَّ أَبَا زيد مجهول لا يعرف في أصحاب ابن مسعود، ويكفي من ذكر الجن ما في سورة الرحمن وسورة {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} وما جاء في الأحقاف قوله {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْءَانَ} الآيات، وفي خبر علقمة، عن ابن مسعود، أنه قَالَ: وددت أن أكون معه ليلة الجن، وفي قول علقمة: " وددت أن صاحبنا معه ليلتئذ " ما يدفع الأخبار الواردة بذلك، لأن المعنى: أنه لم يكن معه وما زال عن الخط الذي خط له
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ:

(1/64)


" لَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْجِنِّ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمُرَةٌ فَآذَنَتْهُ بِهِمْ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ -، عَنْ مِسْعَرٍ -، عَنْ عَمْرِو بْنَ مُرَّةَ -، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ -، أَنَّ مَسْرُوقًا -، قَالَ لَهُ: أَبُوكَ أَخْبَرَنَا أَنَّ شَجَرَةً أَنْذَرَتِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالْجِنِّ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَحَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ -، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو أُسَامَةَ -، قَالَ: أَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ -، عَنْ مَعْنٍ -، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي -، قَالَ: سَأَلْتُ مَسْرُوقًا - مَنْ آذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِنِّ لَيْلَةَ اسْتَمَعُوا الْقُرْآنَ ؟، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوكَ يَعْنِي: عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ آذَنَتْهُ بِهِمْ سَمُرَةٌ

ذكر خروج الرسول إلى الطائف وَعَوْدِهِ إلى مكة
قَالَ الفقيه أَبُو عمر رضي الله عنه: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نفسه في تلك السنين على القبائل ليمنعوه حتى يبلع رسالات ربه، ولم يقبله أحد منهم، وكلهم كان يقول له: قومه أعلم به، وكيف يصلحنا من أفسد قومه؟ وكان ذلك مما ذخره الله عز وجل للأنصار وأكرمهم به، فلما مات أَبُو طالب اشتد البلاء على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعمد لثقيف رجاء أن يئووه، فوجد

(1/65)


ثلاثة نفر هم سادة ثقيف، وهم إخوةٌ: عَبْدُ يَالَيْلَ بْنُ عَمْرٍو، وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرٍو، وَمَسْعُودُ بْن عَمْرٍو، فعرض عليهم نفسه، وأعلمهم بما لقي من قومه، فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان الله بعثك بشيء قط، وقال الآخر: أعجز الله أن يرسل غيرك؟ وقال الثالث: لا أكلمك بعد مجلسك هذا، لئن كنت رسول الله، لأنت أعظم حقا من أن أكلمك، ولئن كنت تكذب على الله، لأنت شر من أكلمك، وهزئوا به، وأفشوا في قومهم ما راجعوه به، وأقعدوا له صفين، فلما مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بينهما جعلوا لا يرفع رجلا ولا يضع رجلا إلا رضخوها بحجارة قد كانوا أعدوها، حتى أدموا رجليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فخلص منهم وعمد إلى حائط من حوائطهم، فاستظل في ظل نخلة منه، وهو مكروب تسيل قدماه بالدماء، وإذا في الحائط عتبة بْن ربيعة
، وشيبة بْن ربيعة، فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله ولرسوله، فلما رأياه أرسلا إليه غلاما لهما، يقال له: عداس، وهو نصراني من أهل نينوى، معه عنب، فلما أتاه عداس، قَالَ له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ أَيِّ أَرْضٍ أَنْتَ يَا عَدَّاسُ؟ قَالَ: من أهل نينوى، فقال النبي عليه السلام: مدينة الرجل الصالح يونس بْن مَتَّى، فقال له عداس: ما يدريك مَنْ يونس بْن مَتَّى؟ وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يحقر أحدا أن يبلغه رسالة ربه، فقال: أنا رسول الله، فلما أخبره بما أوحى الله إليه من شأن يونس، خر عداس ساجدا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

(1/66)


وجعل يقبل قدميه وهما يسيلان دما، فلما أبصر عتبة وشيبة ما يصنع غلامهما سكتا، فلما أتاهما، قالا: ما شأنك سجدت لمحمد وقبلت قدميه؟ قَالَ: هذا رجل صالح أخبرني بشيء عرفته من شأن رسول بعثه الله عز وجل يدعى يونس بْن متى، فضحكا به وقالا له: إياك أن يفتنك عن نصرانيتك، فإنه رجل خداع، فرجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، وَابْنُ السَّرْحِ، قَالا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ ؟، قَالَ: " لَقِيتُ مِنْ قَوْمِي مَا كَانَ أَشَدَّ، قَالَ: وَكَانَ أَشَدُّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ ثَقِيفٍ، إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى عَبْدِ يَا لَيْلَ بْنِ عَبْدِ كِلالٍ، فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ عَلَى وَجْهِي وَأَنَا مَغْمُومٌ، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ، فَنَادَانِي، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ،

(1/67)


فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِمَا شِئْتَ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ وَلا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا "

إسلام الطفيل بْن عمرو الدوسي:
قَالَ الفقيه الحافظ أَبُو عمر رضي الله عنه: وبعد رجوع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من دعاء ثقيف، قدم عليه الطفيل بْن عمرو الدوسي
، فدعاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام، وأمره بدعاء قومه، فقال: يا رسول الله اجعل لي آية تكون لي عونا، فدعا له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجعل الله في وجهه نورا، فقال: يا رسول الله إني أخاف أن يجعلوها مثلة، فدعا له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصار النور في سوطه، فهو معروف بذي النور

[ووصل إلى قومه بتلك الآية فأسلم أكثرهم، وأقام الطفيل في بلاده إلى عام الخندق، ثم قدم في سبعين أو ثمانين رجلا من قومه مسلمين، وقد ذكرنا خبره بتمامه في بابه من كتاب الصحابة](1)
__________
(1) قال معد الكتاب للشاملة : هذا ليس في المطبوعة (ط وزارة الأوقاف المصرية، تحقيق : شوقي ضيف)

(1/68)


حديث الإسراء والمعراج مختصرا:

ثم أسري برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم منه إلى السماء، فرأى الأنبياء في السموات على ما في الحديث بذلك، وفرض الله تعالى عليه الصلوات الخمس، ثم انصرف في ليلته تلك إلى مكة فأخبر بذلك، فصدقه أَبُو بكر وكل من آمن به، وكذبه الكفار، واستوصفوه مسجد بيت المقدس، فَمَثَّلَهُ الله له، فجعل ينظر إليه ويصفه

عرض الرسول الإسلامَ على قبائل العرب:
وفي ذلك كله رسول الله لا يزال يدعو إلى دين الله ويأمر به كل من لقيه ورآه من

(1/69)


العرب، إلى أن قدم سويد بْن الصامت أخو بني عمرو بْن عوف من الأوس، فدعاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام، فلم يبعد ولم يجب، ثم انصرف إلى يثرب فقتل في بعض حروبهم، وقدم
مكة أَبُو الحيسر أنس بْن رافع في فتية من قومه من بني عَبْد الأشهل يطلبون الحلف، فدعاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام، فقال رجل منهم اسمه إياس بْن معاذ، وكان شابا: يا قوم هذا والله خير مما قدمنا له، فضربه أَبُو الحيسر وانتهره، فسكت ثم لم يتم لهم الحلف، فانصرفوا إلى بلادهم، ومات إياس بْن معاذ، فقيل: إنه مات مسلما

العقبة الأولى:
ثم إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقي عند العقبة في الموسم ستة نفر من الأنصار كلهم من الخزرج، وهم: أَبُو أمامة أسعد بْن زرارة، وعوف بْن الحارث بْن رفاعة وهو

(1/70)


ابن عفراء، ورافع بْن مالك بْن العجلان، وقطبة بْن عامر بْن حديدة، وعقبة بْن عامر بْن نابي، وجابر بْن عَبْد اللهِ بْن رئاب، ومن أهل العلم بالسير من يجعل فيهم عبادة بْن الصامت، ويسقط جابر بْن عَبْد اللهِ بْن رئاب، فدعاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإسلام، فكان من صُنْعِ الله لهم أنهم كانوا من جيران اليهود، فكانوا يسمعونهم يذكرون أن الله تعالى يبعث نبيا قد أطل زمانه، فقال بعضهم لبعض: هذا والله الذي تُهَدِّدُكُمْ به يهود، فلا يسبقونا إليه، فأسلموا به وبايعوا، وقالوا: إنا قد تركنا قومنا بيننا وبينهم حروب فننصرف وندعوهم إلى ما دعوتنا إليه، فعسى الله أن يجمعهم بك، فإن اجتمعت كلمتهم عليك واتبعوك فلا أحد أعز منك، وانصرفوا إلى المدينة فدعوا إلى الإسلام حتى فشا
فيهم، ولم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(1/71)


العقبة الثانية:
حتى إذا كان العام المقبل، قدم مكة من الأنصار اثنا عشر رجلا، منهم خمسة من الستة الذين ذكرنا وهم: أَبُو أمامة، وعوف بْن عفراء، ورافع بْن مالك، وقطبة بْن عامر بْن حديدة، وعقبة بْن عامر بْن نابي، ولم يكن فيهم جابر بْن عَبْد اللهِ بْن رئاب ولم يحضرها، والسبعة الذين هم تتمة الاثني عشر هم: معاذ بْن الحارث بْن رفاعة وهو ابن عفراء أخو عوف المذكور، وذكوان بْن عَبْد قيس الزرقي، وذكروا أنه رحل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة فسكنها مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو مهاجري أنصاري قتل يوم أحد، وعبادة بْن الصامت بْن قيس بْن أصرم، وأبو عَبْد الرحمن يزيد بْن ثعلبة البلوي حليف بني غصينة من بلي، والعباس بْن عبادة بْن نضلة، فهؤلاء من الخزرج، ومن الأوس رجلان: أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التيهان من بني عَبْد الأشهل، وعويم بْن ساعدة من بني عمرو بْن عوف، حليف لهم من بلي، فبايع رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هؤلاء عند العقبة على بيعة النساء، ولم يكن أمر بالقتال بعد، فلما انصرفوا بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معهم ابن أم مكتوم، ومصعب بْن عمير يعلم من أسلم منهم القرآن وشرائع الإسلام، ويدعو من لم يسلم إلى الإسلام، فنزل مصعب بْن عمير على أسعد بْن زرارة
، وكان مصعب بْن عمير يدعى المقرئ القارئ، وكان

(1/72)


يؤمهم، فجمع بهم أول جمعة جمعت في الإسلام في هزم حرة بني بياضة، في بقيع يقال له: بقيع الخضمات، وهم أربعون رجلا، فأسلم على يد مصعب بْن عمير خلق كثير من الأنصار، وأسلم في جماعتهم سعد بْن معاذ، وأسيد بْن حضير، وأسلم بإسلامهما جميع بني عَبْد الأشهل في يوم واحد الرجال والنساء، لم يبق منهم أحد إلا أسلم، حاشا الأصيرمَ وهو عمرو بْن ثابت بْن وقش، فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحد فأسلم واستشهد، ولم يسجد سجدة، وأخبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه من أهل الجنة، ولم يكن في بني عَبْد الأشهل منافق ولا منافقة، كانوا كلهم حنفاء مخلصين رضي الله عنهم أجمعين، ولم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها مسلمون رجال ونساء، حاشا بني أمية بْن زيد، وخطمة، وواقد، ووائل، وهم بطون من الأوس، وكانوا سكانا في عوالي المدينة، فأسلم منهم قوم، وكان سيِّدَهُمْ أَبُو قيس بْن صيفي بْن الأصلت الشاعر، فتأخر إسلامه وإسلام سائر قومه إلى أن مضت بدر، وأحد، والخندق ثم أسلموا كلهم، ثم رجع مصعب بْن عمير إلى مكة

(1/73)


العقبة الثالثة:
وخرج إلى الموسم جماعة كبيرة ممن أسلم من الأنصار، يريدون لقاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جملة قوم كفار منهم لم يسلموا بعد، فوافوا مكة، وكان في جملتهم البراء بْن معرور، فرأى أن يستقبل الكعبة في الصلاة
، وكانت القبلة إلى بيت المقدس، فصلى كذلك طول طريقه، فلما قدم مكة ندم، فاستفتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له: قد كنت على قبلة لو صبرت عليها، مُنْكِرًا لِفِعْلِهِ، فواعدوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العقبة من أواسط أيام التشريق، فلما كانت تلك الليلة دعا كعبُ بْن مالك، ورجال من بني سلمة عَبْدَ اللهِ بْنَ عمرو بْن حرام، وكان سيدا فيهم، إلى الإسلام، ولم يكن أسلم، فأسلم تلك الليلة وبايع، وكان ذلك سرا ممن حضر من كفار قومهم، فخرجوا في ثلث الليل الأول متسللين من رحالهم إلى العقبة، فبايعوا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندها على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم، ونساءهم، وأبناءهم، وأن يرحل إليهم هو وأصحابه، وحضر العباس العقبة تلك الليلة متوثقا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومؤكدا على أهل يثرب، وكان يومئذ على دين قومه لم يسلم، وكان للبراء بْن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في التوثق لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والشد لعقد أمره، وهو أول من بايع رسول الله

(1/74)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك الليلة ليلة العقبة الثالثة، وكذلك كان مقام أبي الهيثم بْن التيهان، والعباس بْن نضلة يومئذ، وكان المبايعون لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك الليلة سبعين رجلا وامرأتين، واختار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم اثني عشر نقيبا وهم: أسعد بْن زرارة بْن عدس أَبُو أمامة وهو أحد الستة، وأحد
الاثني عشر، وأحد السبعين، وسعد بْن الربيع، وعبد الله بْن رواحة، ورافع بْن مالك بْن العجلان وهو أيضا أحد الستة، وأحد الاثني عشر، وأحد السبعين، والبراء بْن معرور، وعبد الله بْن عمرو بْن حرام، وسعد بْن عبادة بْن دليم، والمنذر بْن عمرو بْن خنيس، وعبادة بْن الصامت وهو أحد الستة في قول بعضهم، وأحد الاثني عشر، وأحد السبعين، فهؤلاء تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس: أسيد بْن حضير، وسعد بْن خيثمة بْن الحارث، ورفاعة بْن عَبْد المنذر، وهؤلاء هم النقباء، وقد أسقط قوم رفاعة بْن عَبْد المنذر منهم، وعدوا مكانه أبا الهيثم بْن التيهان والله أعلم

(1/75)


وهذه تسمية من شهد العقبة من الأنصار مع الاثني عشر النقباء:
ظهير بْن رافع بْن عدي الحارثي، وسلمة بْن سلامة بْن وقش الأشهلي، ونهير بْن الهيثم من بني نابي بْن مجدعة، وعبد الله بْن جبير بْن النعمان من بني عمرو بْن عوف، وأسيد بْن حضير بْن سماك، وأبو الهيثم بْن التيهان، وسعد بْن خيثمة، ورفاعة بْن عَبْد المنذر، وأبو بردة هانئ بْن نيار حليف لهم من بلي، وعويم بْن ساعدة حليف لهم من بلي، ومعن بْن عدي بْن الجد حليف لهم من بلي، فهؤلاء من الأوس أحد عشر رجلا، وشهدها من الخزرج: أَبُو أيوب الأنصاري خالد بْن زيد، ومعاذ، ومعوذ، وعوف بنو الحارث بْن رفاعة، وهم بنو عفراء، وعمارة بْن حزم بْن زيد بْن
لوذان، وأبو رهم الحارث بْن رفاعة بْن الحارث، هؤلاء الستة من بني غنم بْن مالك بْن النجار، وسهل بْن عتيك بْن النعمان بْن النجار من بني عامر بْن مالك بْن النجار، وأوس بْن ثابت بْن المنذر بْن حرام، وأبو طلحة وهو زيد بْن سهل النجاري، وهذان من بني عمرو بْن مالك بْن النجار، وقيس بْن أبي صعصعة النجاري، وعمرو بْن غزية بْن عمر، وهذان من بني غنم بْن مازن بْن النجار، وخارجة بْن زيد بْن أبي زهير، وبشير بْن سعد بْن ثعلبة بْن خلاس، وخلاد بْن سويد بْن ثعلبة، وهؤلاء من بني كعب بْن الخزرج بْن الحارث بْن الخزرج،

(1/76)


وعبد الله بْن زيد بْن ثعلبة من بني جشم بْن الحارث بْن الخزرج، وعقبة بْن عمرو بْن يسيرة بْن عسيرة، أَبُو مسعود الأنصاري من بني الحارث بْن الخزرج، وهو وجابر بْن عَبْد اللهِ أصغر من شهد العقبة، وزياد بْن لبيد بْن ثعلبة، وفروة بْن عمرو بْن ودفة، وخالد بْن قيس بْن مالك، وهؤلاء من بني بياضة بْن عامر بْن زريق بْن عَبْد حارثة بْن مالك بْن غضب بْن جشم بْن الخزرج، وذكوان بْن عَبْد قيس بْن خلدة بْن مخلد بْن عامر بْن زريق بْن عامر أخي بياضة بْن عامر، وعباد بْن قيس بْن عامر بْن خالد بْن عامر بْن زريق بْن عامر، والحارث بْن قيس بْن خالد بْن مخلد بْن زريق بْن عامر أخي بياضة بْن عامر، ومن بني سلمة بْن سعد بْن علي: بشر
بْن البراء بْن معرور، وسنان بْن صيفي بْن صخر، والطفيل بْن النعمان بْن خنساء، ومعقل بْن المنذر بْن سرح، ويزيد بْن المنذر بْن سرح، ومسعود بْن زيد بْن سبيع، ويزيد بْن خدام بْن سبيع، والضحاك بْن حارثة بْن زيد، وجبار بْن صخر بْن أمية، والطفيل بْن مالك بْن الخنساء، وهؤلاء كلهم من بني عدي بْن غنم بْن كعب بْن سلمة، ومن بني سواد بْن غنم بْن كعب بْن سلمة: كعب بْن مالك بْن أبي كعب الشاعر، وسليم بْن عمرو بْن حديدة، وقطبة بْن عامر بْن حديدة، وأخوه يزيد بْن عامر، وأبو اليسر كعب بْن عمرو بْن عباد، وابن عمه صيفي بْن سواد بْن عباد، وثعلبة بْن عنمة بْن عدي، وأخوه

(1/77)


عمرو بْن عنمة، وعبس بْن عامر بْن عدي، وخالد بْن عمرو بْن عدي، وعبد الله بْن أنيس بْن أسعد حليف لهم من قضاعة، ومن بني حرام بْن كعب بْن غنم بْن كعب بْن سلمة بْن جابر بْن عَبْد اللهِ بْن عمرو بْن حرام كان من أحدثهم سنا، ومعاذ بْن عمرو بْن الجموح، وثابت بْن الجذع، واسم الجذع ثعلبة بْن كعب بْن حرام بْن كعب، وعمير بْن الحارث بْن لبدة، وخديج بْن سلامة بْن أوس، حليف لهم من بلي، ومن إخوة بني سلمة وهم: بنو أدي، ويقال: أدي بْن سعد بْن علي معاذ بْن جبل بْن عمرو بْن أوس بْن عائذ بْن عدي بْن كعب بْن عمرو بْن
أدي، وجميع من شهدها من بني سلمة وحلفائهم ثلاثون رجلا، وقد ذكر بعض أهل السير فيهم أوس بْن عباد بْن عدي، ومن بني عوف بْن الخزرج، ثم من بني سالم بْن عوف بْن عمرو بْن عوف بْن الخزرج: العباس بْن عبادة بْن نضلة وهو مهاجري أنصاري، هاجر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة فكان معه بها، ثم هاجر معه إلى المدينة، وقتل يوم أحد، ويزيد بْن ثعلبة بْن خزمة بْن أصرم، حليف لهم من بني غصينة من بلي، وعمرو بْن الحارث بْن لبدة من القواقل، ومن بني الحبلى واسمه سالم بْن عمرو بْن عوف رفاعة بْن عمرو بْن زيد بْن ثعلبة بْن مالك بْن سالم، وعقبة بْن وهب بْن كلدة بْن الجعد من بني عَبْد اللهِ بْن غطفان بْن سعد بْن قيس بْن عيلان، حليف لهم، هاجر أيضا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكة، فهؤلاء خمسة رجال، ومن بني كعب بْن الخزرج: سعد بْن عبادة بْن دليم، والمنذر بْن عمرو، وهما من النقباء الذين ذكرنا،

(1/78)


وامرأتان: نسيبة بنت كعب بْن عمرو من بني مازن بْن النجار، وهي أم عمارة، قتل مسيلمة ابنها حبيب بْن زيد بْن عاصم، والثانية: أسماء بنت عمرو بْن عدي بْن نابي، من بني سواد بْن غنم بْن كعب بْن سلمة، وهي أم منيع، وكانت البيعة ليلة العقبة الثالثة على حرب الأسود والأحمر، وأخذ لنفسه واشترط عليهم لربه وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة

(1/79)