الإنباء في تاريخ الخلفاء
دولة بنى أميّة
وأول من تولى الأمر منهم: معاوية بن أبى
سفيان:
كنيته، أبو عبد الرحمن، بويع له سنة إحدى وأربعين، في جمادى الأولى
وكانت مدة خلافته تسع عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكان يصل الحسن بن عليّ-
صلوات الله عليهما- بثمانين ألف دينار [5 أ] وعائشة- رضوان الله عليها-
بمثلها في كل سنة. وتوفى بدمشق في رجب سنة ستين من الهجرة، وعمره
ثمانون سنة.
ابنه يزيد،
كنيته أبو خالد، بويع له في ربيع الأول سنة إحدى وستين، وتوفى لأربع
عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة أربع وستين، وكانت خلافته ثلاث سنين
تنقص أياما.
ابنه معاوية،
كنيته أبو ليلى، وبقي له الأمر أربعين يوما وخلع نفسه ومات.
مروان بن الحكم، بن العاص بن أمية،
كنيته أبو عبد الملك، بويع له في ذي القعدة سنة أربع وستين ومات وله
ثلاث وستون سنة من العمر، وكان سبب موته «28» أن زوجته كانت أم خالد بن
يزيد بن معاوية فجرى بينه وبين خالد يوما كلام فقال له مروان: يا ابن
الرطبة، فجاء إلى أمه وبكى وقال: أنت أحوجتنى إلى أن أسمع هذا بتزويجك
بعد أبى. فقالت له: يا بنى ما تعود مرة أخرة تسمع منه كلاما جافيا.
وفي تلك الليلة قصدت مضجعه ووضعت وسادة على وجهه وقعدت عليها مع عدة من
جواريها فلما أحس قال: من أنت؟ قالت: أنا الرطبة واختنق من ساعته،
وكانت خلافته أحد عشر شهرا.
عبد الملك بن مروان،
كنيته أبو الوليد، وكان يكنّى أبا الذبّان لاجتماع الذبّان على فمه
لأنه كان أبخر «29» . بويع له في رمضان سنة خمس [5 ب] وستين، وتوفى
(1/49)
في يوم الخميس منتصف شوال سنة ست وثمانين،
وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وأياما. وسلط الحجاج بن يوسف على العراق
والحرمين وخراسان فقتل وفتك وهدم الكعبة ورماها بالمنجنيقات، وصلب
عليها عبد الله بن الزبير، وأمه «30» أسماء بنت أبى بكر الصديق، وبقي
سنة مصلوبا إلى أن حج عبد الملك بن مروان فوقفت له أسماء بنت أبى بكر
الصديق- رضى الله عنها- على الطريق. وقالت له «31» :
أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فأمر بخطّه وتسليمه إليها. فوضعت عظامه في
حجرها وفي الحال حاضت ودرّ لبنها «32» وكان لها من العمر زائدا على
السبعين سنة، فلما رأت ذلك من نفسها- رضوان الله عليها- قالت: حنّت
إليه مواضعه ودرّت عليه مراضعه.
وجرى في أيام عبد الملك بن مروان على يد الحجاج بن يوسف، لعنه الله
تعالى، من هتك حرمة الإسلام والمسلمين ما لا فائدة في ذكره. وجملة
الأمر أن الحجاج- لعنه الله تعالى- قتل ألف ألف وست مائة ألف مسلم في
ولايته، ومات، لا رضى الله عنه وأخزاه، وفي حبسه ثمانية عشر ألف نفس
يسقيهم السرجين المداف في بول الحمير، وأراح الله سبحانه وتعالى
المسلمين منه. وكان مع ذلك فصيحا سخيا، وكان قصير القامة، مشوّه الخلقة
أعمش العينين.
الوليد بن عبد الملك، [6 أ]
وكنيته أبو العباس، بويع له في المنتصف من شوال سنة ست وثمانين، وتوفى
في يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وكانت مدة خلافته تسع
سنين وسبعة أشهر. وفي خلافته مات الحجاج بن يوسف- لا رضى الله عنه-.
سليمان بن عبد الملك،
وكنيته أبو أيوب، استخلف يوم وفاة أخيه الوليد.
وتوفى لعشر بقين من صفر سنة تسع وتسعين، وكانت مدة خلافته سنتين
وثمانية أشهر وخمسة أيام «34» .
عمر بن عبد العزيز بن مروان،
أبو حفص- رضى الله عنه- كنيته أبو حفص، وهو التقى النقي الصوّام
القوّام، بويع له في صفر سنة تسع وتسعين، وكان حسن
(1/50)
السيرة عادلا في الرعية، يعود المرضى،
ويشيّع الجنائز ويأخذ مال الله من وجهه ويصرفه في حقه. وكان عمر بن
الخطاب- رضوان الله عليه- جده لأمه. وكان قبل خلافته يلبس الحلة بألف
دينار ويقول: ما أخشنها، وحين ولى الخلافة كان قميصه وعمامته وجميع ما
يكون على بدنه من ثوب واحد خشن وتحته جبّة صوف تلاقى جلده على بدنه
ويقول: هذا لمن يموت كثير. وبعد وفاته رئي في المنام وهو على حالة حسنة
وعليه ثياب فاخرة وهو جالس في روضة نزهة فقال له الرائي له في المنام:
يا أمير المؤمنين قل لي ما أعيده عنك إلى أهلك ورعيتك. فقال له عمر: قل
لهم: «لمثل هذا فليعمل العاملون» [6 ب] ثم تلا بعد ذلك قول الله تعالى:
«تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ
عُلُوًّا في الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» .
28: 83 وكان بنو أميّة كلهم يلعنون عليّا- صلوات [الله] عليه وسلامه-
على المنبر فمذ ولّى عمر بن عبد العزيز قطع تلك اللعنة وبقيت هذه السنة
بعده إلى اليوم «35» . ومات بدير سمعان لخمس بقين من رجب سنة إحدى
ومائة، وكانت خلافته سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام- رضى الله عنه وقدس
روحه-.
يزيد بن عبد الملك،
بويع له لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة، وتوفى يوم الخميس لخمس بقين
من شعبان سنة خمس ومائة. فكانت خلافته أربع سنين وشهرا واحدا.
هشام بن عبد الملك،
أبو الوليد، ويعرف بهشام الأحول، بويع له بالخلافة في رمضان سنة خمس
ومائة وكانت وفاته لعشر خلون من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ومائة،
وكانت خلافته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يوما.
الوليد بن يزيد بن عبد الملك،
كنيته أبو العباس، بويع له في جمادى الأولى سنة خمس وعشرين ومائة. وحين
بلغته وفاة هشام كان يقرأ في المصحف فوضعه من يده وقال: هذا فراق بيني
وبينك «36» ثم قال: والله لأتلقين هذه النعمة بسكرة قبل الظهر فأخذ
رطلا وشربه وثنّى وثلّث حتى سكر ونام، وكان فاجرا [7 أ] فاسقا
(1/51)
خمّارا قليل الدين جدا، وكان يخطب أيام
الجمع وهو سكران إلى أن أراح الله الإسلام والمسلمين منه وقتل في
الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ومائة، وكانت خلافته
سنة واحدة وشهرين وعشرين يوما.
الوليد بن عبد الملك،
كنيته أبو خالد، بويع له في مستهل رجب سنة ست وعشرين ومائة وبقي الأمر
له خمسة أشهر.
إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك،
ويعرف بإبراهيم الناقص «37» ، تولى الخلافة سبعين يوما ومات.
مروان بن محمد بن مروان،
كنيته أبو عبد الملك ويعرف بالحمار، وهو آخر ملوك بنى أمية، بويع له في
ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل يوم الأحد لثلاث بقين من ذي
الحجة، سنة اثنتين وثلاثين ومائة وكانت خلافته خمس سنين وثمانية أشهر
ويومين «38» ، وانقرضت أيام بنى أمية. وكان عبد الله بن عليّ بن عبد
الله بن العباس عم السفاح لقيه على الزاب الكبير وكسره واستباح عسكره
وقتل أكثرهم وغرق في الزاب من نجا من السيف منهم «39» . ونجا هو بنفسه
وقصد نصيبين فأغلق الباب في وجهه فمضى على تلك الحالة إلى دمشق وكانت
سرير ملكه وفيها خزائنه وذخائره فأغلق الباب في وجهه فمضى من هناك إلى
مصر وحين وصلها بلغه الخبر بأن عبد الله بن عليّ مجدّ في طلبه على أثره
[7 ب] فارتحل منها وأوغل في بلاد المغرب «40» حتى انتهى إلى قرية يقال
لها بوصير «41» فنزل في دار رئيسها وكان وصوله إليها ضحوة النهار،
واتفق أنه انهم قائدا من قواده بأنه يكاتب بنى العباس ويميل إليهم فأمر
بسلّ لسانه من قفاه ففعل به ذلك في دار ذلك الرئيس فنزلت سنّورة من
الدرجة فرأت اللسان فاختطفته وأكلته، وفي عشية ذلك اليوم وصل عسكر عبد
الله بن عليّ إلى تلك القرية ودخلوا الدار التي فيها مروان وسلّوا
لسانه من قفاه ورموه على الأرض فجاءت تلك السنّورة بعينها فأخذته
وأكلته. ثم بلغهم ما فعل بذلك القائد في صبيحة ذلك اليوم فتعجبوا من
ذلك حتى قال واحد
(1/52)
منهم: لو لم يكن من عجائب الزمان إلا أنّا
رأينا لسان مروان بن محمد ملك الشرق والغرب في فم هرّة تمضغه لكفانا
ذلك «42» . وكان معه خادم يختص به فقدّم ليقتل فقال: لا تقتلوني، فأنا
أفتدي نفسي. قالوا: بماذا؟ قال: بميراث النبوة فإنه عندي قيل له: وما
ميراث النبوة؟ قال: البردة والقضيب والخاتم فقالوا: أحضره فأحضر ذلك
وسلّمه إليهم فخلوا عنه «43» . وحملوا البردة والقضيب والخاتم إلى
الكوفة وسلّموها إلى أبى العباس السفّاح، وزال ملك بنى أمية، فسبحان من
لا يزول ملكه.
ذكر من بويع له بالخلافة في أيامهم
«44»
أبو عبد الله، الحسين بن عليّ بن أبى طالب- قدس الله روحه- بايعه أهل
الكوفة سنة تسع [8 أ] وخمسين وهاجر إليها في ذي القعدة من سنة إحدى
وستين، ونصحه أهل المدينة وقالوا له: تريّث فإن هذا موسم الحاج فإذا
وصلوا فاخطب في الناس وادعهم إلى نفسك فيبايعك أهل الموسم ويتذكر بك
الناس جدّك وتمضى حينئذ في جملتهم في جماعة ومنعة وسلاح وعدة. فلم يصبر
وخرج ومعه سبعون نفرا أكثرهم أولاده وأقاربه وأهل بيته. فلما كان في
بعض الطريق لقيه الفرزدق الشاعر فقال له الحسين- كرّم الله وجهه-: يا
أبا فراس، كيف تركت الناس وراءك؟ فعلم عن أي شيء يسأله. فقال له: يا
ابن بنت رسول الله تركت القلوب معك والسيوف مع بنى أمية. [فقال] : ها
إنها لمملوءة كتبا، وأشار إلى حقيبة كانت تحته. ثم وصل يوم عاشوراء من
سنة إحدى وستين إلى الطف فتلقاه عبيد الله بن زياد في أربعة آلاف مقاتل
«45» ، وعلم أنه ليس له به طاقة فنفذ إليه وقال: أنا معك بين ثلاثة
أمور: إما أن تدعني أذهب من حيث جئت، وإما أن تعين لي موضعا آخر أقصده
وأعيش به، وإما أن أسلم نفسي إليك نازلا على حكم يزيد بن معاوية
فتحملني إليه ليفعل في أمرى ما يشاء. فقال عبيد الله بن زياد: أما
(1/53)
الإفراج لك عن الطريق لتذهب من حيث جئت فلا
سبيل إليه، وأما تعيين موضع تقصده فليس ذلك إليّ، وأما نزولك على حكم
يزيد فلا والله ما تنزل إلا على حكمي.
فقال الحسين- كرم الله وجهه-: الموت تحت ظلال السيوف أحب إليّ من
النزول [8 ب] على حكمك، وتواعدوا للقتال فحين التقى القوم لم يرم أحد
من عسكر عبيد الله سهما ولم يسل سيفا. فقال عبيد الله بن زياد: من
أتانى برأس الحسين فله الرىّ. فتقدم إليه عمر «46» بن سعد بن أبى وقّاص
وقال له: أيها الأمير اكتب لي عهد الرىّ حتى أفعل ما تأمر في الحال
فكتب وسلّم إلى عمر فتقدم وانتزع سهما من كنانته ورمى به الحسين فوقع
في نحره فسال دمه على صدره ولحيته فأخذ الدم بيده ورمى به إلى فوق
وصاح: اللَّهمّ هذا فعالهم بابن بنت نبيّك. ثم تكاثروا عليه وجاء
الشمر- لعنه الله- فاحتزّ رأسه ووضعه في مخلاة فيها تبن وحمله إلى عبيد
الله بن زياد فنفذه عبيد الله على هيئته تلك إلى يزيد وكان يزيد نازلا
على أنطاكية محاصرا لها.
فلما كان الرسول في بعض الطريق [و] أجنّه الليل عدل إلى دير فيه رهبان
فبات فيه فحين انتصف الليل قام بعض الرهبان لشأنه فرأى عمودا من نور
متصلا بين تلك المخلاة وبين السماء «47» فتقدم إلى المخلاة وفتّشها
فوجد الرأس فيها فقال: لا شك أن هذا رأس المقتول بكربلاء، فمضى وأخبر
بقية الرهبان، فحين جاءوا ورأوا تلك الصورة أسلموا كلّهم على الرأس
وجعلوا الدير [مسجدا] وكانوا سبع مائة راهب. ثم لما حمل رأسه إلى يزيد
قال: إني كنت أقنع من طاعتكم بدون هذا، لعن الله ابن مرجانة، يعنى عبيد
الله، لو كان له في قريش نسب لما فعل مثل هذا الفعل [9 أ] ثم أمر فغسل
بماء الورد دفعات وكفّن في عدة أثواب دبيقية. وكان بحضرة يزيد جماعة من
أهل عسقلان فسألوه أن يدفن عندهم فسلّمه إليهم فدفنوه بمدينتهم وبنوا
عليه مشهدا وهو إلى الآن يزار من الآفاق ويعرف بمشهد الرأس «48» . ودفن
بدنه الشريف المقدس بكربلاء. وفي أيام عضد الدولة فناخسرو أمر أن يبنى
عليه مشهد فبنى وهو إلى الآن عامر فيه نحو من ألف دار [و] يعرف بمشهد
الحسين «49» .
(1/54)
ومن جملة من بويع له بالخلافة في زمن بنى
أمية، أبو بكر، عبد الله بن الزبير ابن العوام بويع له بالخلافة
واستولى على الحرمين والعراق والجبال وخراسان ثلاث عشرة سنة ولم يبق في
يد عبد الملك سوى الشام ومصر والمغرب إلى أن قتله الحجاج وصلبه على
الكعبة على ما سبق شرحه. وكان أخوه مصعب بن الزبير زوج سكينة بنت
الحسين أميرا من قبله على العراق إلى أن قتله المختار بن أبى عبيد وحين
قتل الحجاج المختار بن [أبى] عبيد. قال شيخ من أهل الكوفة: لقد رأيت
عجبا، دخلت إلى قصر الإمارة بالكوفة في يوم قتل الحسين وعبيد الله بن
زياد جالس وبين يديه رأس الحسين على ترس ثم طالت المدة حتى دخلت قصر
الإمارة بالكوفة فرأيت مصعب بن الزبير جالسا في ذلك الموضع بعينه وهو
الرواق وبين يديه رأس عبيد الله بن زياد على ترس ثم بعد مدة يسيرة دخلت
إلى ذلك القصر بعينه ورأيت المختار بن [أبى] عبيد [9 ب] جالسا في ذلك
الرواق بعينه وبين يديه رأس مصعب بن الزبير على ترس واليوم دخلت إلى
ذلك القصر ورأيت الحجاج جالسا في ذلك الرواق وبين يديه رأس المختار على
ترس «50» .
ومن جملة من بويع له بالخلافة في أيامهم محمد بن الحنفية والضحاك بن
قيس بن خالد وعمرو بن سعيد بن العاص [بن سعيد بن العاص] بن أمية «51» .
وحين قتله عبد الملك بن مروان قال رجل من أهل الشام: اليوم ضحّى بنو
أمية بالكرم كما ضحّوا يوم كربلاء بالدين «52» . ومنهم عبد الرحمن بن
الأشعث الكندي ويزيد «53» بن المهلب بن أبى صفرة الأزدي وعبد الله بن
معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب «54» . ولم يتم لواحد من هؤلاء
أمر، إلى أن انتقل الحق إلى أهله ورجع إلى مستحقّه، وأفضت الخلافة إلى
من وعد الله ورسوله بها لورثته. فإنه روى في الصحاح عن النبي- صلّى
الله عليه وسلم- أنه حين استسقى ليلة الجن أتاه العباس بماء فشربه ثم
قال فيه العباس- رضوان الله عليه- يمدحه بأبيات طويلة منها «55» :
من قبلها طبت في الظلال وفي ... مستودع حيث تخصف الورق
(1/55)
ثم هبطت البلاد لا بشر ... أنت ولا نطفة
ولا علق
فلما بلغ إلى قوله:
وأنت لما ولدت أشرقت ... الأرض وضاءت بنورك الأفق
قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: يا عم ألا أصلك!؟ ألا [10 أ] أحبوك؟!
قال: بلى يا رسول الله، ما أحوجنى إلى ذلك!!. قال: إن الله تعالى افتتح
هذا الأمر بى وسيختمه بولدك. وفي رواية أخرى: أن النبي- صلى الله عليه
وسلم- لما نزل عليه جبريل- عليه السلام- وعليه قباء أسود وعمامة سوداء
قال له: ما هذا الزي يا جبريل؟ فقال جبريل: يا محمد يأتى على الناس
زمان يعز الله الإسلام بهذا السواد فقال له النبي- صلى الله عليه
وسلم-: رئاستهم ممن تكون؟ فقال له جبريل- عليه السلام-: من ولد عمك
العباس. فقال له النبي- صلى الله عليه وسلم-:
فأتباعهم ممن يكونون؟ فقال جبريل- عليه السلام-: أهل المناطق من وراء
جيحون، دهاقنة الصغد والترك «56» . وفي يوم الزاب لما التقى عبد الله
بن عليّ ومروان الحمار نظر مروان إلى الرايات السود فراعته فالتفت إلى
وزيره وقال: هذه والله هي الرايات التي يسلمونها إلى عيسى بن مريم
وولّى هاربا وكان يقول في طريقه: أركبت سبعين ألف عربي على سبعين ألف
عربي «57» ولكن إذا نفدت المدة لم تنفع العدة. وكان لما أراده الله
وقدّره في سابق علمه أن احتاج مروان في تلك الساعة إلى إراقة الماء
فهمّ بالنزول فقال له وزيره: بل على سرجك فإنك إن نزلت انكسر العسكر
فقال: أو يتحدث عنى بمثل ذلك؟ ونزل.
فيقال: مروان باع الدولة ببولة «58» . وانقضت دولتهم.
(1/56)
|