الإنباء في تاريخ الخلفاء
أمير المؤمنين
الهادي
هو موسى بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور. توفى المهدي وهو بجرجان
يحارب أهل طبرستان، فنفذ إليه أخوه هارون برأي يحيى بن خالد بنصير
الوصيف ومعه الخاتم والقضيب والبردة بالتعزية والتهنئة «116» . فوصل
إلى جرجان في ثمانية أيام.
وكان وصول موسى الهادي إلى بغداد بعد ثلاثة وعشرين يوما، وذلك في صفر
من سنة تسع وستين ومائة. وكان يوم بويع له بالخلافة بجرجان يوم الخميس
لثمان من المحرم من هذه السنة. وحين وصل إلى بغداد وجلس على سرير
الخلافة وبايعه أخوه وأهله وبنو هاشم كلهم وأهل الحل والعقد أخذ يتعنّت
أخاه هارون ويسومه خلع نفسه من العهد ليولى ابنه وكان له ابن صغير سماه
«الناطق بالحق» وهمّ بقتل هارون إلا أنه منع من ذلك، وقيل له «117» :
تقتل أخاك وابنك بعد لم يبلغ فإن حدث بابنك حادث ذهب الأمر من ولد
أبيك. واستشعر هارون منه فما كان يأتيه ولا يسلّم عليه، ثم دخل
الأولياء بينهما واصطلحا صلحا على دخل. وقد كان المهدي في حياته ولّى
هارون المغرب كله من الأنبار إلى إفريقية. وأمر المهدي يحيى بن خالد بن
برمك أن يتولى ذلك له ويخلفه عليه وكان موسى الهادي [21 أ] يتعنّت يحيى
بن خالد وينسب ما يجرى من هارون من امتناعه عن خلع نفسه عن الخلافة إلى
يحيى وكان يحيى مستشعرا منه جدا. وكانت أمه الخيزران مستشعرة منه لأنه
نفذ لها أرزا مسموما «118» وفطنت له ولم تأكل منه وعلم أنها قد علمت
بذلك فتمكّنت الوحشة واتفقت آراء الجماعة على الفتك به فسمّوه «119» في
ليلة النصف من شهر ربيع الأول سنة سبعين ومائة وهو ابن ثلاث وعشرين
سنة. ونفذت «120» الخيزران حال وفاته إلى يحيى بن خالد تقول: أحضر ابني
هارون إلى قصر الخلد، فأحضره في الحال. وكان بيت هارون في الجانب
الشرقي، فبينا هو على الجسر لحقه خادم يخبره بولادة المأمون.
فيقال «121» : إنها ليلة مات فيها خليفة وجلس خليفة وولد خليفة. فكانت
خلافة موسى الهادي سنة وشهرا وثلاثة عشر يوما ودفن بعيساباذ وصلى عليه
أخوه
(1/73)
هارون. وكان «122» طويلا أبيض مشربا بحمرة،
حسن الوجه. وكانت شفته قصيرة وكان فمه أبدا يكون مفتوحا فوكل به خادم
في حال صغره كلما فتح فمه يقول له: موسى أطبق وكان يعرف، إلى أن مات،
بموسى أطبق «123» .
وكان نقش خاتمه: «الله ثقة موسى وبه يؤمن» .
وكان أسمح الناس بما تحويه يده. حكى: أنه لما دخل بغداد، دخل إليه سلم
الخاسر وأنشده «124» :
موسى المطر غيث بكر ثم انهمر ... وكم قدر ثم غفر خير البشر [21 ب]
فرع مضر بدر بدر لمن نظر ... هو الوزر لمن حضر والمفتخر لمن غبر
فأمر له بمائة ألف درهم. وهو أول من وصل بذلك. وهي أول مائة ألف وصل
بها شاعر في ولد بنى العباس.
وحكى: أن أعرابيا «125» دخل إليه وأنشده:
يا خير من عقدت كفاه حجزته ... وخير من قلّدته أمرها مضر
فقطع عليه وما تركه يتم وقال له: إلّا من؟ ويلك! فقال الأعرابي:
إلا النبي رسول الله إن له ... فخرا وأنت بذاك الفخر تفتخر
فأعجبته بديهته وقوله، وأمر له بمائة ألف درهم «126» . ومات وعلى شرطته
عبد الله بن مالك الخزاعي، وعلى قضائه أبو يوسف تلميذ الإمام أبى
حنيفة، وعلى حجبته الفضل بن الربيع، وعلى حرسه عليّ بن عيسى بن ماهان.
ووزيره الربيع بن يونس ويخلفه عمر بن بزيع «127» . وكان إلى عمر
الأزمة. وعلى ديوان الخاتم والبريد على بن يقطين.
وانقضت أيام الهادي- رحمة الله عليه-.
(1/74)
أمير المؤمنين
الرشيد
هو أبو جعفر، هارون بن المهدي محمد بن المنصور عبد الله بن محمد بن على
بن عبد الله بن العباس.
مولده بالريّ سنة ثمان وأربعين ومائة «128» . [أمه الخيزران أم أخيه.
وما ولدت امرأة خليفتين من [22 أ] ولد العباس غيرها «129» .
وقيل: إن ابتداءه في ربيع الآخر سنة سبعين ومائة، وانتهاءه في جمادى
الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة. عمره خمس وأربعون سنة. ومدّة نظره ثلاث
وعشرون سنة.
نقش خاتمه: باللَّه يثق هارون] [1] «130» .
وكان مولد الفضل بن يحيى قبله بسبعة أيام فأرضعته أم الفضل وهي زينب
«131» بنت منير.
وبويع له ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول سنة سبعين
ومائة.
واستوزر يحيى بن خالد لوقته. وفيهما قيل «132» :
ألم تر أن الشمس كانت مريضة ... فلما أتى هارون أشرق نورها
تلبست الدنيا جلالا يملكه ... فهارون واليها ويحيى وزيرها
وكان الرشيد يغزو عاما ويحج عاما. وفيه يقول ابن أبى السعلى «133» :
فمن يطلب لقاءك أو يرده ... فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمرّ ... وفي أرض الثنيّة فوق كور
وكان يحج على ناقة والحادي يحدو ويقول بين يديه «134» :
أغيثا تحمل الناقة ... أم تحمل هارونا
__________
[1] ما بين الأقواس لم يرد في نسخة فاتح فلعله أسقط منها أو أضيف إلى
نسخة لا يدن.
ولعل هذه الزيادة كانت في حاشية النسخة التي انتسخت نسخة لا يدن منها
فأضافها الناسخ إلى المتن جهلا وغفلة.
(1/75)
أم الشمس أم البدر ... أم الدنيا أم الدينا
ولما حج الرشيد في سنة ست وسبعين ومائة بايع لابنه محمد بالعهد ولعبد
الله بعده ولقّب محمدا بالأمين وعبد الله بالمأمون وكان المأمون أكبر
سنّا وهمة وأرجح عقلا وعلما وتهدّيا إلى الأمور. وإنما قدّم عليه محمدا
لأن أم محمد كانت أم جعفر زبيدة [22 ب] بنت جعفر بن المنصور بنت عم
الرشيد. فقدم ولدها تقربا إليها وشرط عليهما إن حدث به الأمر المحتوم
أن تكون بغداد والعراق والحجاز واليمن والجبال وفارس بحكم الأمين وهو
الخليفة وأن تكون الرىّ وطبرستان وخراسان والسند والترك بحكم المأمون
ويكون ولىّ العهد للمسلمين. وكتب بذلك كتابا «135» وأشهد فيه أكابر أهل
الإسلام ووجوه الكتّاب والقوّاد وسائر أركان الدولة وعلّقه في الكعبة
فسقط من ساعته فقال الناس: هذا الأمر لا يتم «136» . وكان كما قالوا
على ما سيأتي ذكره وشرحه.
وحين عقد البيعة لهما دخل إليه أعرابى «137» في غمار الناس فأنشده
أبياتا يهنّئه فيها بتمام الأمر. وكان متكئا فاستوى جالسا وقال: يا
أعرابى سمعت مستحسنا ثم اتهمتك منكرا، فإن كنت صاحب هذا الشعر فقل
فيهما أبياتا، وأومأ إلى الأمين والمأمون، وكان أحدهما عن يمينه والآخر
عن شماله، فقال الأعرابي: ما أنصفتنى يا أمير المؤمنين. قال الرشيد:
وكيف ذلك؟ قال الأعرابي: هيبة الخلافة وقهر البديهة وروعة الامتحان
ونفور القوافي عن الرويّة. فقال المأمون: قد جعلنا حسن اعتذارك بدلا من
امتحانك. فقال الأعرابي: الآن نفّست خناقى ببسطك لي وحديثك معى وأنشأ
يقول:
بنيت بعبد الله بعد محمد ... ذرى قبة الإسلام فاخضر عودها [23 أ]
هما طنباها بارك الله فيهما ... وأنت أمير المؤمنين عمودها
فقام الرشيد قائما لما لحقه من الطرب وقال: سل يا أعرابى قال: مائة ألف
درهم «138» .
فقال الرشيد، يمازحه: أنقصنا منها شيئا. فقال الأعرابي: قد حططتك منها
ألفا.
(1/76)
فقال له الرشيد: ما أقل هذه الحطيطة؟ فقال
له الأعرابي: يا أمير المؤمنين قلت لي سل فسألت على قدرك ثم قلت لي حط
فحططت على قدري. فقال الرشيد: أعطوه مائتي ألف لشعره ومائة ألف لحسن
كلامه.
وحكى «139» إسحاق الموصلي قال: ما رأيت أكرم طبعا من الرشيد، دخلت يوما
عليه فأنشدته: هذه الأبيات من شعرى:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصرى ... فذلك شيء ما إليه سبيل
أرى الناس خلّان الجواد ولا أرى ... بخيلا له حتى الممات خليل
ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال خيرا أن يقال منيل
عطائي عطاء المكثرين تكرما ... ومالي كما قد تعلمين قليل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأى أمير المؤمنين جميل
فقال لي: لا تخف، للَّه درك وللَّه در أبيات تجيء بها ما أحكم أصولها
وأحسن فصولها وأقل فضولها. ثم قال: أعطوا أبا محمد مائة ألف درهم.
فقلت: يا أمير المؤمنين يحرم عليّ أخذ الجائزة. قال: ولم؟ قلت: لأنك
مدحتني بأكثر مما مدحتك فكيف يحلّ لي أخذ الجائزة؟ وكلامك والله أحسن
من شعرى فقال: وهذا [23 ب] الكلام والله منك أحسن من شعرك ومن مدحى لك،
أعطوه مائة ألف أخرى «140» .
فأحضرت في الحال عشرون بدرة فيها مائتا ألف درهم وسلمت إليّ. وكان
الأصمعي حاضرا فتغيّر وجهه وعرف الرشيد منه ذلك فقال: يا أصمعى، أبو
محمد تلميذك ومن بحرك يغترف وأنت شيخ الكلّ وأستاذهم. فقال: يا أمير
المؤمنين ولكنه أحذق بصيد الدراهم منى. فضحك الرشيد وقال: أعطوا
الأصمعي مائة ألف درهم فأحضرت وسلمت إليه. فقال الأصمعي: «لِلذَّكَرِ
مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» 4: 11 فضحك الرشيد وقال:
أعطوا الأصمعي مائة ألف أخرى.
وحكى إسحاق أيضا قال: كنّا يوما عند الرشيد في خلوة فدخل عليه الأصمعي
وكان يعلّم ولديه الأمين والمأمون وكان يوما شديد الحر فقال له الرشيد:
يا أصمعى
(1/77)
ضع قلنسوتك فقد مسّك الحر. فوضع قلنسوته.
فقال له الرشيد: يا أصمعى علا رأسك الشيب فقال: نعم يا أمير المؤمنين
هو أول الميتين. فقال: تغار على قول زيد «141» ابن عليّ بن الحسين حيث
يقول؟ قال: ماذا يا أمير المؤمنين يقول؟ قال:
قد تعجّلت أول الميتتين ... بمشيب القذال والعارضين
فتنبّه فشيبك الأجل الأول ... والموت آخر الأجلين
من يرجّى الخلود والموت بالمرصاد ... للمرء كلّ طرفة عين
لا يغرّنك اجتماع من الشمل ... تراه كل اجتماع لبين [24 أ]
فقال الأصمعي: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي في استفادة هذه الأبيات؟
فقال الرشيد: نعم، اكتبوا كل بيت على رأس بدرة واحملوها إليه.
وكان الرشيد فقيها أديبا شاعرا حلو النظم. ومن شعره في ثلاث جوار كنّ
له:
ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان
ما لي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصياني
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه غلبن أعزّ من سلطاني «142»
[1] وله في جارية غاضبها ثم صالحها:
دعي عدد الذنوب إذا التقينا ... تعالى لا نعدّ ولا تعدّى
فأقسم لو مددت بحبل وصلى ... إلى نار الجحيم لقلت مدّى
وله في جاريته ماردة أم المعتصم:
وإذا نظرت إلى محاسنها ... فلكل موضع نظرة نبل
وتنال منك بسهم مقلتها ... ما لا ينال بحدّه النصل
شغلتك وهي لكل ذي بصر ... لاقى محاسن وجهها شغل
ولقلبها حلم يباعدها ... من ذي الهوى ولطرفها جهل
ولوجهها من وجهها قمر ... ولعينها من عينها كحل «143»
__________
[1] أبيات الرشيد في الأغاني 16/ 345، نظم النثر للثعالبي (القاهرة
1317) 160.
(1/78)
وكان للرشيد ولد صغير اسمه القاسم، كان في
حجر عبد الملك بن صالح الهاشمي يربّيه. فلما كبر وترعرع كتب عبد الملك
إلى الرشيد:
يا أيها الملك الّذي ... لو كان نجما كان سعدا
للقاسم اعقد بيعة ... واقدح له في الملك زندا [24 ب]
الله فرد واحد ... فاجعل ولاة العهد فردا «144»
فعقد الرشيد للقاسم البيعة بالرقة وسماه المؤتمن وجعله ولىّ العهد بعد
المأمون وجعل له بعد موته الشام والجزيرة ومصر والمغرب. ومات القاسم
«145» في حياة الرشيد.
وكان حين عقد البيعة قال أبو العتاهية من قصيدة طويلة:
وشدّ عرى الإسلام منهم بفتية ... ثلاثة أملاك ولاة عهود
هم خير أولاد لهم خير والد ... له خير آباء مضت وجدود
يقلّب ألحاظ المهابة فيهم ... عيون ظباء في قلوب أسود
تعلق ضوء من محاسن وجهه ... بحرّ عرانين لهم وخدود «146»
ولما مات المؤتمن بقي العهد في الأمين والمأمون.
ولما دخلت سنة سبع وثمانين نكب الرشيد البرامكة وكانت لذلك أسباب منها:
استيلاؤهم على الدولة وتغلبهم على الدنيا بالكلية، ثم تزويج جعفر بأخت
الرشيد «147» بغير علمه وأمور أخرى قد حكيت، فإن كان لها صحة فقد
قوبلوا عليها في الدنيا باستباحة الدم والمال والله تعالى لا يغفل في
الآخرة عن أمثالها. وإن لم يكن لها صحة فلا فائدة من ذكرها.
ولما تغيّر الرشيد على جعفر قال جعفر لإبراهيم بن المهدي، وكان يحبه
حبّا شديدا، إني أرى من أمير المؤمنين تغيّرا، ومن الصواب أن أبعد عنه
شخصي، أفترى لي من الرأى أن أطلب منه أن يوليني خراسان وأخرج إليها
وأقيم بها مدة أطرى بها نفسي وأجدد حرمتي؟ وقد كان أخوه [25 أ] الفضل
وليها قبله وبان من كفايته وشهامته ما حمد أثره فيها. فقال له إبراهيم
بن المهدي: يا حبيبي، أما تغيّره عليك فإنّي تفطّنت
(1/79)
له قبلك. أما كنت تراه يجدّ إذا هزلت ويهزل
إذا جددت؟ وأما خروجك إلى خراسان فهو عين الصواب فخاطبه فيه ومنى لك
المساعدة. فخاطب الرشيد في ذلك فأجابه إليه ليستريح من تحكّمه في دولته
وتسحّبه عليها.
وحين استقر الأمر في مسيره جرى بين جعفر وبين مسرور السّياف ملاحاة في
أمر فقال له: يا حجّام يا مخنث فقال مسرور: لو لم أكن كما قلت ما خنت
مولاي مذ عشر سنين تقربا إليك. وعلم جعفر مقصوده فليّن له الكلام
واعتذر إليه وطيّب نفسه ووعده بمائتي ألف دينار يوصلها إليه قبل خروجه.
ثم دسّ عليه من وقته من يغتاله ويقتله وفطن مسرور لذلك من بعض الجهات
فدخل على الرشيد وطلب خلوة، وقال «148» :
يا مولاي أنا صاحب سيفك قد جعلتني أمينا على حرمك وقد حدث في دارك حادث
ولا بدّ لي من إعلامك به إن أذنت. قال: قل. قال: أختك ميمونة تزوّج بها
جعفر من عشر سنين وولدت له ثلاثة بنين الأكبر ابن سبع سنين والأوسط ابن
ست والأصغر ابن أربع. وقد نفذ بهم إلى مكة وهم ينتظرون بك الدوائر. وما
أبقى في دارك جارية ولا خادما «149» إلا وارتكب معه المعصية. وكلما
ذكرت له قال:
أراحنا الله من نذالة بنى هاشم. وقد بذل لي مائتي ألف دينار وسألني
كتمان ذلك عليه. وقد كان من سبيلي إطلاعك على هذه الأمور [25 ب] حال
تجددها إلا أنى كنت أخاف أن ألقاك بمثل ذلك وأقول لعلك تطّلع عليه من
جهة غير جهتي وإلا فحيث صمم العزم على خروجه إلى خراسان فأخاف أن يحدث
منه في الدولة حادث يعسر تلافيه. فقال له الرشيد: امض إليه برسالتي وقل
له يتوقف أياما حتى تصل الفيوج «150» من خراسان بما يتجدد من الأخبار
هناك. فمضى إليه برسالة الرشيد يأمره بالتوقف فتوقف واستشعر وأرجف
الناس به حتى إن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: دخلت يوما على الرشيد
فقال لي: يا إسحاق بماذا يرجف العامة؟ قلت: أراهم يتحدثون بإرجاف الفضل
بن الربيع بالبرامكة وأنه يلي مكانهم. فقال لي: أبلغ من أمرك أن تدخل
فيما بين هؤلاء؟ وغضب، ثم قال: إياك وما أشبه هذا وصرف وجهه عنى
(1/80)
وأنا أعلم يقينا أنه ما سألني إلا لأخبره
بمثل ذلك. فعملت هذين البيتين في الحال وغنّيته بهما:
إذا نحن صدقناك ... فضرّ عندك الصدق
طلبنا النفع بالباطل ... إذ لم ينفع الحق
[1] فضحك وقال لي: صرت حقودا يا ابن الخبيثة؟
ثم إن جعفر بن يحيى جمع المنجّمين وأخذوا له الطالع للخروج إلى خراسان
واتفقوا على اختيار يوم السبت السابع والعشرين من المحرم سنة سبع
وثمانين ومائة. ولما كان في ليلة السبت كان عند الرشيد ينادمه. وكان
إذا ركب يركب معه أربعة آلاف ومن عسكر الرشيد [26 أ] أكثر منهم ومن
عسكر خراسان الذين كانوا مقيمين بالحضرة خلق عظيم. ولما سكر خرج من دار
الرشيد عائدا إلى داره وهم معه، فلما دخل داره تفرقوا وجلس في داره مع
خواصّه وجماعته ممن كان ينادمهم في الخلوة. وجمع وكلاءه ونوّابه وكان
يوصيهم بما يعتمدونه بعد خروجه في أملاكه وأسبابه والرشيد قد وكلّ به
من يعلمه بخبره، فأخبر الرشيد أنه قد بقي وحده وتفرّق الجند عنه فأمر
الرشيد مسرورا «151» السّياف بضرب خيمة كبيرة في وسط صحن الدار ففعل ثم
أمره باختيار أربع مائة غلام من خواص مماليكه فاختارهم ثم أمرهم بحمل
السلاح وإدخالهم الخيمة ثم قال لمسرور: امض الآن إلى جعفر وقل له عنى
قد وصلتني الخرائط وفيها أخبار بنى رافع الخوارج وما جرى منهم في أعمال
ما وراء النهر وكنت قد ودّعتنى وما شبعت من توديعك فأحب أن تصير إليّ
حتى أودعك ثانيا وأوقفك على الكتب الواصلة. فإذا جاء معك فاعدل به إلى
الخيمة وخذ رأسه وجئني به ولا تراجعني فيه. قال مسرور: فمضيت إلى دار
جعفر ولم يبق فيها سوى الخواص من خدمه والخصيان وعدة من المماليك
الصغار. فسألت عنه أنائم هو؟ قيل: لا ولكنه جالس في البيت الفلاني
وعنده أبو زكّار الأعمى القوّال يغنّيه فقصدت البيت الّذي كان فيه
__________
[1] الأبيات في الأغاني 5/ 398، فوات الوفيات 2/ 617.
(1/81)
فحين حصلت على باب البيت سمعت أبا زكّار
الأعمى يغنّيه [26 ب] :
يا راقد الليل مسرورا بأوّله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا «152»
وهو يقول له: يا بارد أيش هذا مما يتغنى به؟ وأبو زكّار يقول له: وكان
منبسطا عليه، البارد والله من قد قتلنا منذ شهرين بهذا الاستشعار
الفاسد، بقي لك أمر تخاف أو تستشعر منه وقد ودّعت الخليفة وأنت بكرة
على رأس الطريق؟ قال:
فتوقفت بقدر ما فرغوا من الكلام وابتدأ أبو زكّار في الغناء ثم هجمت
عليه وسلمت فقال لي: ما الّذي جاء بك؟ فأديت إليه رسالة الرشيد فقال
لي: الآن جئت وأنا والله تعبان وسكران وقد اختاروا لي الطالع الفلاني
وركوبي يكون وقت السحر وبيني وبين الخليفة شقة بعيدة وأحتاج إلى عبور
دجلة ولى أيضا مهمات لخاصتى أحتاج إلى تحريرها قال مسرور: فقلت له: يا
سيدي دع عنك هذه الأعذار فإن الّذي يستدعيك مولاك الخليفة ولا بدّ من
الانتهاء إلى أمره وأراك تخاطبه بمثل ما تخاطب به الأمثال. فقال لي: يا
أسود يا حجّام وبلغ من أمرك أن تخاطبني بهذا؟ فقلت له:
يا سيدي أنت تعلم أن الخليفة لا يفرّق بينك وبين أعزّ إخوته بل ربما
فضّلك عليهم وقد استدعيتك إلى داره «153» دفعات ليلا ونهارا، فبادر
مسرعا من غير عذر وبعد هذا فأنت أخبر، وإنما عليّ البلاغ. وأخذت ألين
له في الكلام لئلا يفطن وأبو زكّار يعاوننى إلى أن أجاب وقال لأبى
زكّار: تم على ما أنت حتى أعود إليك ونهض وخرج من باب الدار وركب فرس
النوبة وليس معه أحد سوى ثلاثة خدم صغار [27 أ] وأنا، ومضى وأنا معه
وعبرنا على الجسر حتى انتهينا إلى دار الخلافة «154» فدخل من باب الشط
وأنا معه فلما انتهينا إلى صحن الدار أخذ في صوب باب الحجرة التي يكون
فيها الرشيد. فقلت له: يا سيدي على يمينك قليلا. فقال لي: ما الّذي
أصنع هناك؟ ثم التفت فرأى الخيمة مضروبة ونظر إليّ وتغيّر وجهه وندم
على ركوبه. ثم قال لي: يا أخى مسرور هل فيك موضع لاصطناعى؟ فقلت له:
أنت ما كنت ترفعني وتخفضني إلا بالأسود الحجّام والآن أنا أخوك؟ ولكن
يا جعفر
(1/82)
ما غيّر الله نعمة على عبد إلا باستحقاق
وليس الله بظلّام للعبيد وإن الله يمهل ولا يهمل ولقد أملى الله لك
ولأهل بيتك لا رضى بفعلك ولكن ليزيد إثمك وعقابك، وأنا أقول له ما أقول
ونحن نمشي نحو الخيمة وهو ينصت إلى كلامي ولا يجيب بشيء حتى إذا صرنا
إلى الخيمة وأحسّ بنا القوم الذين بها نهضوا فأحس بقعقعة السلاح فبكى
وبكى الجماعة لبكائه حتى أبكانى مع انحرافى عنه وعداوتي له.
ودخل الخيمة فرأى النطع مبسوطا وسيفي ملفوفا في منديل فأخذت سيفي
وجذبته من غمده وأمرت خادما كان معى بأن ينزع ثياب جعفر فنزعها عنه
وتركه بغلالة كتان وهو ينتحب وينوح على نفسه. ثم قال لي: يا حبيبي لو
عاودته في أمرى وأكبّ على يدي يقبّلها. فقلت له: قد أمرنى أن لا
أعاوده، فتشفّع إليّ الغلمان بأسرهم أن أعاوده. فقمت وقصدت الحجرة التي
فيها الرشيد فحين أحس بوطء قدمي في الدهليز قال: مسرور؟ قلت لبّيك يا
أمير المؤمنين. قال: [27 ب] جئت برأس جعفر قلت: لا ولكنى جئت لأستأذنك
مرة أخرى، فصاح بأعلى صوته: لا تريني وجهك وعد من حيث جئت وائتني
برأسه، وأنا نفى من المهدي إن لم تجئنى برأسه نفذت في ساعتي هذه من
يجيئني برأسك، فعدت إلى جعفر وأخبرته الخبر فتشاهد وقال:
أمهلنى أصلى ركعتين فإذا سجدت السجود الأخير فشأنك وما تريده. فقلت:
ذاك لك. فقام وصلى فلما بلغ إلى السجود الأخير كان يبكى والجماعة يبكون
لبكائه فضربت عنقه ضربة أبنت بها رأسه عن بدنه وأخذت رأسه ووضعته في
طشت «155» ذهب ووضعته بين يدي الرشيد، فحين رآه قال: قرّبه منى فقربته
منه فكان يقول له: يا جعفر أما فعلت بك كذا، أما صنعت كذا، وأنت
قابلتنى بكذا، وأنا واقف وهو هكذا يعاتب الرأس لم تنم عينه إلى الفجر.
وكان الرشيد عند حصول جعفر في الدار نفذ السندي بن شاهك، وهو أحد
القواد الكبار، إلى دار يحيى بن خالد وإلى دار الفضل فقبض عليهما وأوقع
النهب والغارة في دورهما. وكان السندي بن شاهك عدوّا للبرامكة.
(1/83)
ولما أصبح الصباح أمر الرشيد السندي بن
شاهك أن يصلب رأس جعفر على أحد جسور بغداد وأن يقطع بدنه قطعتين ويصلب
على الجسرين الآخرين ففعل ذلك.
وكان السندي في ليلة السبت قد دخل على جعفر مودّعا وأراد أن يستلّ ما
في نفسه من بغضه فقال له جعفر: إلى الآن ما جازيتك بفعلك وإن أمهل [28
أ] الله في الأجل أقمت فيك وفي أمثالك السياسة. فقال له السندي: يا
مولانا وأيّ ذنب لي وأي سياسة تقام عليّ؟ فقال له جعفر: سياسة مثلك أن
تقطع ثلاث قطع وتصلب على ثلاثة جسور. فخرج من عنده وهو ميت في جلده.
وفي بكرة يوم السبت قطع السندي بدن جعفر قطعتين وصلبه على ثلاثة جسور
مع رأسه وانقلب ما كان ذكره جعفر للسندى عليه.
وحكى السندي قال: بقي بدن جعفر ورأسه مصلوبا إلى وقت العصر ثم أمر
الرشيد بإحراقه فأحرق «156» . قال: فدخلت في ذلك اليوم إلى الديوان
لبعض مهامى فرأيت روزنامجا في يد بعض الكتّاب فتأمّلته وإذا فيه: «في
يوم الجمعة شرف [جعفر بن] يحيى بن خالد بخلعة قيمتها أربع مائة ألف
دينار» وتحته مكتوب، في تلك الورقة:
«وفي عشية يوم السبت أطلق لثمن بواري ونفط أحرق بها جعفر أربعة دراهم»
فتعجبت من ذلك وسألت الله تعالى العافية وحسن العاقبة «157» .
ثم إن الرشيد أمر بإحضار أولاد جعفر من الحجاز وأهلكهم وأهلك أمّهم
وقيل: إنه أحرقهم وقال: النار ولا العار «158» .
وأما ما كان من أمر الفضل فإنه قتل في الحبس «159» وأما يحيى فبقي مدة
في الحبس وطمع في الحياة بعد أولاده فكتب إلى الرشيد القصيدة «160»
المعروفة التي منها:
قل للخليفة ذي الصنائع والعطايا الفاشية ... وابن الخلائف من قريش
والملوك الهادية [28 ب]
إن البرامكة الذين رموا لديك بداهية
(1/84)
عمّتهم لك سخطة لم تبق منهم باقيه ... بعد
الإمارة والوزارة والأمور العالية
وهي طويلة يقول في آخرها:
يا عطفة الملك الرضىّ عودي علينا ثانيه
فكتب الرشيد في جوابه «161» :
يا آل برمك إنما كنتم ملوكا عاتيه ... فطغيتم وكفرتم وجحدتم نعمائيه
هذا الجزاء لمن عصى معبوده وعصانيه
ثم كتب تحت الأبيات: «ضَرَبَ الله مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً
مُطْمَئِنَّةً ... 16: 112 الآية» «162» إلى آخرها. فلما قرأ يحيى
الأبيات أيس من نفسه، وسمّوه بعد ذلك بأيام.
ولما أحس بالسم أدخل يده في دواة كانت عنده ورفع المداد على إصبعه وكتب
على الحائط: «قد تقدم المدعى والمدعى عليه على الأثر والحاكم لا يحتاج
إلى بيّنة» «163» .
وانقضت دولة البرامكة وزال ملكهم، فسبحان من لا يزول ملكه، وفيهم يقول
القائل «164» .
يا بنى برمك واها لكم ... ولأيامكم المقتبله
كانت الدنيا عروسا بكم ... وهي الآن ثكول أرمله
وللرشيد «165» حين قتل جعفر:
لو أن جعفر هاب أسباب الردى ... لنجا بمهجته طمرّ ملجم
ولكان من حذر المنية حيث لا ... يسمو لموضعه العقاب القشعم [29 أ]
لكنه لما أتاه يومه ... لم يدفع الحدثان عنه منجّم
وقيل فيهم لما تقلد بعدهم الفضل بن الربيع وزارة الرشيد:
كل وزير أغير مرتبة ... من بعد يحيى مشف على غرر
صالت عليه من الزمان يد ... كان بها صائلا على البشر
(1/85)
وقال آخر «166» :
ما رعى الدهر آل برمك لما ... [أن] رماهم بكل أمر فضيع
إن دهرا لم يرع حقا ليحيى ... غير راع حقّا لآل الربيع
ثم إن أمور الرشيد بعد البرامكة اضطربت وندم على ما فرط منه في أمرهم
حيث لم تنفعه الندامة وقوى أمر بنى رافع الخوارج بخراسان واختلت أمور
الحضرة وخلت بيوت الأموال. ثم إن الرشيد عوّل على قصد خراسان بنفسه،
ولما صمّم عزمه على ذلك رأى في المنام «167» كأن يدا سوداء قد خرجت من
تحت سريره وفيها كف تراب أحمر وكأن صاحب تلك الكف يقول له: يا هارون
هذه التربة التي تدفن بها وهي بطوس. فارتاع من ذلك وأراد إبطال العزيمة
وما تهيأ له ذلك لأنه ما كان يتم صلاح خراسان إلا بقصده لها بنفسه.
فخرج على كره منه، فلما صار إلى حلوان مرض ووصف له الطبيب الجمار وكان
على باب حلوان نخلتان متقاربتان فأمر بقطعهما وأكل جمّارهما. فدخلت
إليه في ذلك اليوم جارية مغنية كان استصحبها معه فأمرها بالغناء
فابتدرت تغني [29 ب] :
أسعدانى يا نخلتى حلوان ... وابكيا لي من صرف هذا الزمان
واعلما ما بقيتما أن نحسا ... سوف يأتيكما فتفترقان «168»
[1] فقال الرشيد: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، 2: 156
أنا والله كنت النحس وتطيّر من ذلك وما زال يردّد البيتين إلى أن وصل
إلى خراسان. وحين وصل إليها اشتدت علّته في سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وانهزم بنو رافع من بين يديه وما أمكنه أن يتبعهم بنفسه لاشتداد مرضه
فنفذ العساكر وراءهم فهزموهم وجاءوا بهم أسرى فأمر بالاحتفاظ بهم.
ولما كان في بعض الأيام والرشيد بطوس نصب له سرير على بستان في الدار
التي نزل بها فقال لبعض الخدم: أرنى تربة هذا المكان، فمد يده وقبض على
حفنة من التراب وأخرجها من تحت السرير ليراها الرشيد فحين فتح أصابعه
قال الرشيد:
__________
[1] ورد ذكر النخلتين في شعر أبى نواس في الأوراق للصولي 11، وانظر
الأغاني 13/ 331- 335
(1/86)
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
راجِعُونَ 2: 156 فنيت والله الأيام وانقضت المدة، هذه والله تلك اليد
التي رأيتها في منامي. وآيس من نفسه. ثم أمر فأخرجت المضارب إلى
الصحراء وعسكر بباب طوس وبقي أياما. وكان يحب من الثياب الخز وكان قد
وصله في تلك الأيام من العراق ألف ثوب خز كلها أسود كان أمر
باستعمالها، بعضها لأجل الكسوة وبعضها لأجل المضارب وبعضها لأجل الفرش
وأمر بتفصيلها وخياطتها واتخذ منها سرادقا وخيمة كبيرة «169» . وكان
حين اشتد به الأمر خاف أن يموت ويتخلص بنو رافع من [30 أ] الحبس
ويخرجون على أولاده. فأمر يوما بإحضارهم فدخلوا عليه يحجلون في قيودهم
وهو في خيمة كبيرة من الخز الأسود وتحته مطرح خز أسود وهو متكئ على
مخادّ خز أسود وفرش السرادق والخيمة كله من الخز الأسود وعلى بدنه عدة
جباب بعضها فوق بعض كلها من الخز الأسود وعلى رأسه عمامة خز أسود، فأخذ
يذكّرهم بأفعالهم ويوافقهم على ما صدر منهم من إخراب خراسان واقتطاع
الأموال وظلم الرعية وهو يحدثهم وهو في النزع ثم أمر بالأكبر منهم وكان
رئيسهم ومقدمهم فسلخ جلده وحين انتهى السلخ إلى سرته مات فخرجت روحه
وروح الرشيد في وقت واحد «170» وذلك في يوم السبت ثانى جمادى الآخرة
سنة ثلاث وتسعين ومائة. وكان للرشيد في ذلك اليوم خمس وأربعون سنة
وشهور. وكان قد أمر بجميع ما معه من المضارب والأسلحة والجواهر وسائر
ما كان في الخزائن للمأمون وكان في صحبته «171» ، وقال: إن لي ببغداد
مثل ما معى ها هنا وأكثر فيكون ذلك للأمين. إلا أن الفضل ابن الربيع
غلب المأمون على ذلك وأخذ الجميع وعاد به إلى بغداد. وكان ذلك أول
استشعار الفضل بن الربيع من المأمون لتقبيحه عليه وأسرّها المأمون في
نفسه.
وحين واروه ودفنوه، صعد المأمون منبر طوس وحمد الله وأثنى عليه وذكر
المصطفى- صلوات الله عليه وسلامه- وأصحابه الأكرمين بعده [30 ب] ثم
ترحم على الرشيد ودعا لأمير المؤمنين محمد الأمين وأخذ البيعة لأخيه
بالخلافة وله بولاية العهد بعده وقام إنسان «172» فأنشده:
(1/87)
لقد أصبحت تختال في كل بلدة ... بقبر أمير
المؤمنين المقابر
ولو لم تسكّن باسمه بعد موته ... لما برحت تبكى عليه المنابر
وانصرف الفضل بن الربيع بتلك المضارب السود وبسائر ما كان مع الرشيد
إلى العراق وسلّمه إلى محمد الأمين وحين انصرفوا بمضاربه إلى بغداد رئي
على عمود من أعماد الخيم مكتوب:
منازل العسكر معمورة ... والمنزل الأعظم مهجور
خليفة الله بدار البلى ... يسفى على أجدائه المور
أقبلت العير تباهي به ... وانصرفت تندبه العير
(1/88)
|