البدء والتاريخ
الفصل السادس عشر في مقدم رسول الله
وسراياه وغزواته الى وقت وفاته صلى الله عليه وسلم
قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين حين اشتدّ
الضحى لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول وكان خرج من الغار ليلة الخميس
غرة شهر ربيع الأول ودخله يوم الاثنين وأقام فيه ثلاثا وبقى في الطريق
اثنتي عشرة ليلة فكان من خروجه من مكة إلى دخوله المدينة خمسة عشر يوما
فنزل تحت ظل نخلة بقبا فطفق الناس يأتونه وينظرونه وكان أبو بكر معه في
مثل سنه فما كان بعرفة إلّا من كان رآه فلما زال الظلّ قام أبو بكر
فأظله بردائه فعرفه حينئذ من لم يكن يعرفه ثم نزل على كلثوم بن هدم
ويقال على سعد بن خيثمه وأقام عندهم يوم الاثنين والثلثاء والأربعاء
والخميس ولم تكن المدينة يومئذ ممصرة وإنما كانت آطاما وحوائط وكان بنو
عمرو بن عوف ينتابونه عند كلثوم بن هدم فأول ما أمر فيهم بالأصنام أن
تكسر
(4/177)
فجعلوا يكسرونها ويوقدون النار فيها وأسس
مسجد قبا وصلى فيه ثم خرج يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بني سالم بن
عوف فصلاها في بطن الوادي وهي أول جمعة صلاها في الإسلام وبنى في مصلاه
مسجدا واستقبله الناس فجعل يقول كل قبيلة اقم عندنا في العدة والعدد
ويقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة قالوا فلما انتهت إلى بيت أبى أيّوب
الأنصاري بركت ووضعت جرانها في الأرض فنزل رسول الله صلى الله عليه
وسلم على أبي أيوب وأقام عنده سبعة أشهر إلى أن بنى المسجد في فضل
البلدان قالوا وبعث رسول الله صلى الله عليه أبا رافع مولاه وزيد بن
الحارثة يقدمان بعياله وأعطاهما بعيرين وخمس مائة درهم أخذها من أبي
بكر الصديق [F؟ 142
v؟] فقدما بفاطمة وأم
كلثوم ابنتي رسول الله وسودة بنت زمعه زوجة رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأما زينب بنت رسول الله فإن زوجها أبا العاص بن الربيع حبسها
وأما رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنّها هاجرة قبله مع
زوجها عثمان بن عفان وكانت هاجرت معه إلى الحبشة وقدم عبد الله ابن أبى
بكر بأختيه عائشة وأسماء بنتي أبي بكر وأم رومان امرأة أبي بكر وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج خلف عليا بمكة وأمره
(4/178)
أن يرد الودائع التي كانت عند رسول الله
للناس إلى أهلها ففعل علي وخرج في إثره بعد ثلاث وفرضت الصلاة أربعا
أربعا بعد الهجرة بشهر وكانوا يصلون قبلها ركعتين ركعتين ثم آخى بين
المهاجرين والأنصار وأقطع الدور وخط الخطط فلبثوا فيها وكتب كتابا وادع
فيه اليهود وأقرهم على دينهم وشرط لهم أن لا يهيجهم ولا يباديهم وشرط
عليهم أن ينصروه ممن دهمه ولا يظاهروا عليه عدوا فلما رأت اليهود ظهور
أمره واستجابة الناس له نقضوا العهد وأخفروا الذمة وناصبوه بغيا وحسدا
فجعلوا يغشونه ويسألونه عن الأغلوطات منهم حيىّ بن أخطب وأبو ياسر بن
أخطب وجدي بن أخطب وزيد بن تابوة وعبد الله بن صورى ومحاض بن عابور
والربيع بن أبى الحقيق وكعب ابن الاشرف وشاس بن عمرو وفردم بن كردم
وغيرهم من أشرافهم ونافق رهط من أهل المدينة وظاهروهم على ذلك منهم
خذام ابن خالد الذي أخرج مسجد الضرار من داره وجارية بن عامر وبحزج بن
عمرو وعبد الله بن الأزعر هم الذين بنوا مسجد الضرار ومجمع بن جارية هو
الذي كان يصلي بهم وأوس بن قيظي وهو الّذي قال يوم الخندق إن بيوتنا
عورة وأبيرق
(4/179)
سارق الدرع ووديعة بن ثابت ومعتّب بن قشير
هما اللذان قالا إنما نخوض ونلعب وجد بن قيس الذي قال ائذن لي ولا
تفتني وعبد الله بن أبي [ابن] سلول الخزرجي رأس النفاق وكان القرآن
ينزل فيهم ويعبر عن خبث عقيدتهم ودرن سرائرهم إلى أن أذن الله لرسوله
في السيف ونزل أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا
وَإِنَّ الله عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا من
دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله 22:
39- 40 فاخذ في تسريب السرايا وبعث الجيوش وكانت سراياه ووقائعه أربعا
وسبعين غزاة ويقال خمسا وسبعين في مهاجرة عشر سنين منها التي غزا بنفسه
سبع وعشرون وقع منها في تسع القتال في بدر وأحد والمريسيع والخندق
وقريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف ويقال أنه قاتل في بني النضير وكانت
سنو الهجرة عشر سنين السنة الأولى سنة الهجرة والثانية سنة الأمر
بالقتال والثالثة سنة التمحيص والرابعة سنة الترفيه والخامسة سنة
الزلازل والسادسة سنة الاستئناس والسابعة سنة الاستغلاب والثامنة سنة
الاستواء والتاسعة سنة البراءة والعاشرة سنة حجة الوداع ثم دخلت سنة
إحدى عشرة من الهجرة مضى منها شهران واثنا عشر يوما ولحق بربه صلى الله
عليه وسلم
(4/180)
أمّا سنة احدى من الهجرة فإن رسول الله صلى
الله عليه وسلم [F؟ 143
r؟] قدم المدينة فاقام
بها بقية ربيع وربيعا وجماديين ورجبا وشعبان فلمّا دخل شهر رمضان عقد
لواء أبيض لحمزة بن عبد المطلب وهو أول لواء عقد في الإسلام وبعثه في
ثلاثين راكبا من المهاجرين والأنصار يعترض عير القريش جاءت من الشام
فلقي أبا جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب وحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهنى
فانصرفوا ولم يكن بينهما قتال فهذه أول سريّة سرت في الإسلام وفي سبيل
الله فلمّا دخل شوال بعث عبيدة ابن الحارث بن عبد المطلب في ستين راكبا
من المهاجرين والأنصار فلقي جمعا عظيما من قريش بسيف البحر وعليهم
عكرمة ابن أبي جهل فانصرفوا ولم يكن بينهما قتال إلا أن سعد بن أبي
وقاص رمى بسهم وهو أول سهم رمي في الإسلام ثمّ لمّا دخل ذو القعدة [1]
بعث سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط من المهاجرين فرجع ولم يلق كيدا وفي
هذه السنة بنى بعائشة وكان تزوجها بمكة وفيها ولد عبد الله بن الزبير
وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة وفيها ولد النعمان بن بشير
وهو أوّل
__________
[1] . ذلقعده MS.
(4/181)
مولود ولد من الأنصار بعد الإسلام وأما سنة
اثنتين من الهجرة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مضى المحرم
منها ودخل صفر خرج غازيا بنفسه حتّى بلغ ودّان بينها وبين الأبواء ستة
أميال فوادعته بنو ضمرة فانصرف ولم يلق كيدا وهي أول غزاة غزاها رسول
الله صلى الله عليه وسلم فلما دخل ربيع الأول غزا بواط وهو موضع في
طريق الشام يعترض عيرا لقريش فرجع ولم يلق كيدا ثم أغار كرز بن جابر
الفهري على سرح [1] المدينة فخرج في إثره حتى بلغ سفوان من ناحية بدر
[2] وهي بدر الأولى فرجع ولم يدركه وذاك في جمادى الأولى ثم غزا ذا
العشيرة في جمادى الآخرة وفي تلك الغزاة قال لعلىّ يا با تراب أشقى
الناس رجلان أحيمر ثمود والذي يخضب هذا من هذا ووضع يده على رأسه
ولحيته ثم بعث عبد الله بن جحش في ثمانية رهط من المهاجرين في شهر
جمادى الآخرة منهم أبو حذيفة بن عتبة وسعد بن أبي وقاص وعكاشة بن محصن
الأسدي وعتبة بن غزوان وواقد ابن عبد الله وكتب له كتابا أمره أن لا
ينظر فيه حتّى يسير
__________
[1] . اسرحMS.
[2] . بلد MS.
(4/182)
يومين ثمّ يقرأه على أصحابه ولا يستكره [1]
منهم أحدا فسار عبد الله بن جحش يومين ثم فتح الكتاب فإذا فيه بسم الله
الرحمن الرحيم سر على اسم الله وبركته حتى تنزل نخلة فترصد بها عير
قريش لعلك تأتينا منهم بخبر فسار عبد الله بأصحابه حتى نزلوا نخلة فمرت
العير تحمل زبيبا وأدما وفيها عمرو بن عبد الله الحضرمي والحكم بن
كيسان ونوفل بن عبد الله المخزومي وأخوه عثمان بن عبد الله فلما رآهم
هابوا فتشاور أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يهل الهلال
وكان آخر يوم من جمادى الآخرة [على] زعم الكلبي فحلقوا رأس عكاشة بن
محصن فأشرف لهم فلما رأوه أمنوا وقال قوم عمّار لا بأس عليكم فرمى واقد
بن عبد الله الحنظلي عمرو بن الحضرمي فقتله واستاسر الحكم بن كيسان
وعثمان بن عبد الله وأعجزهم نوفل على فرس له وأقبل عبد الله ابن جحش
بالعير والأسارى وهو أول غنيمة [F؟
143 v؟] غنمت في
الإسلام وأول قتيل قتله المسلمون وأول أسير أسروه فخاض الناس في ذلك
وقالوا استحلّ محمّد العير وأتى منه شيئا وقال ما أمرتكم بالقتال في
الشهر الحرام فقالوا يا رسول الله
__________
[1] . يستنكره MS.
(4/183)
قتلناهم ثم نظرنا الى رجب فنزلت
يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ
فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ به وَالْمَسْجِدِ
الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ الله
وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ من الْقَتْلِ 2: 217 فأباح الله عز وجل القتل
في الشهر الحرام وأبطل ما كان قبل ذلك قالوا وجعلت يهود يتفألون به
ويقولون واقد وقدت الحرب والحضرمي حضرت الحرب وروى في المغازى هذا
الشعر لأبى بكر الصدّيق رضي الله عنه [طويل]
يعدّون قتلى في الحرام عظيمة ... وأعظم منه لو يرى الرشد راشد
صدودهم عما يقول محمد ... وكفر به والله راء وشاهد
وإخراجهم من مسجد الله أهله ... لئلا يرى للَّه في البيت ساجد
فإنا وإن عيرتمونا بقتله ... وأرجف [1] في الإسلام باغ وحاسد
سقينا من ابن [2] الحضرمي رماحنا ... بنخلة لما أوقد الحرب واقد
دما وابن عبد الله عثمان عندنا ... ينازعه غل من القد عاند
ولما دخل شعبان صرفت القبلة لنصف [3] منه وقال ابن إسحاق
__________
[1] . وارحفMs.
contrelemetre. [2] بن
سقت عمرو بنMs.
[3] . القتلة النصف Ms.
(4/184)
صرفت في رجب ورأى عبد الله بن زيد الأذان
فلما دخل رمضان فرض الصيام وكان فيه بدر العظمى،،،
ذكر قصة بدر
قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان بن حرب مقبل من
الشام في عير لقريش زهاء ألف بعير لا أحد بمكة ممن له طعمة إلا وله
فيها تجارة ومعها ثلاثون راكبا فندب المسلمين [1] وقال اخرجوا لعل الله
عز وجل أن ينفلكموها [2] فخف بعض الناس وثقل بعض لأنهم لم يظنوا أنهم
يلقون حربا وبلغ الخبر أبا سفيان بن حرب فبعث ضمضم بن عمرو الغفاريّ
إلى مكّة يستنفرهم ورأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم بن عمرو
بثلاث كأن واقفا وقف بالأبطح فصرخ بأعلى صوته الا أنفروا إلى مصارعكم
إلى ثلاث يا أهل غدر ثم مشى به بعيره على ظهر أبي قبيس فصرخ مثل ذلك ثم
حمل صخرة فأرسلها فأقبلت تهوي حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت فما بقيت
دار من دور مكة إلا وقعت فيها فلقة وفشت الرؤيا بمكة فلقي أبو جهل
العباس بن عبد المطلب فقال ما حدّثت
__________
[1] . المسلمونMS.
[2] . معلكموها MS.
(4/185)
فيكم هذه النبية يا بني هاشم أما ترضون أن
يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ولكن نتربص بكم هذه الثلاث فإن كان كما
قالت وإلا كتبنا عليكم كتابا أنكم أكذب أهل بيت في العرب قال فلما كان
يوم الثالث إذا ضمضم بن عمرو ببطن الوادي قد جدع [1] بعيره وثوبه وحول
رحله [2] يصرخ اللطيمة اللطيمة قد عرض لها محمد ألا أنفروا وما أراكم
تدركونها فخرجت قريش سراعا حتى نزلوا الجحفة وخرج رسول الله صلى الله
عليه وسلم من المدينة لثمان خلون من شهر رمضان وبعث بعدي بن [أبي]
الزغباء وبسبس بن عمرو يتجسسان خبر أبي سفيان فجاءا حتى نزلا ببدر
فوجدا الخبر بأن العير يستقدم غدا وبعد غد [F؟
144 r؟] فانصرفا بالخبر
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقبل أبو سفيان حتى وقف على مناخهما ففت
أبعار بعيريهما [3] فقال علائف يثرب والله فانصرف وضرب وجه العير عن
الطريق وساحل به ونزل بدرا على سيارة وأرسل إلى قريش أنكم إنّما خرجتم
لتمنعوا عيركم وقد
__________
[1] . جزعMS.
[2] . رجلهMS.
[3] . ابعار بعير بهما MS.
(4/186)
نجاها الله فارجعوا فقال أبو جهل لا نرجع
والله حتى نرد بدرا وكان موسما من مواسم العرب فنعكف عليها وننحر
الجزور ونسقي الخمور وتعزف علينا القيان وتسمع العرب بنا وبمسيرنا هذا
فلا يزالون يهابوننا أبدا فرجع طالب ابن أبي طالب والاخنس بن شريق [1]
في مائة رجل وسار الباقون وهم تسع مائة وخمسون رجلا أشراف قريش وأعلام
العرب حتى نزلوا بالعدوة القصوى من الوادي وسار رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهم ثلاثمائة وأربعة عشر رجلا حتى أتى بدرا ونزل بالعدوة
الدنيا وكان معهم سبعون من نواضح يثرب يعتقبونها وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم وعلي ومرثد بن [أبي] مرثد الغنوى يعتقبون بعيرا ولم يكن
من الخيل إلا فرس للمقداد بن الأسود الكندي ومن السلاح إلا سبعون سيفا
فأمر النبيّ صلى الله عليه وسلم فبنوا حوضا وملئوه ماء وقذفوا فيه
الآنية وأمر بسائر القلب فعورت وضربوا له عريشا يكون فيه وجاءت قريش
تضوّر من الكثيب فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم هذه مكة قد ألقت إليكم
أفلاذ كبدها واستشار الناس في القتال فقام أبو بكر رضي الله عنه فتكلم
وأحسن ثم قام عمر فتكلم وأحسن فقال النبيّ
__________
[1] . قريش MS.
(4/187)
أشيروا علي فقام المقداد بن الأسود فقال
امض بنا فإنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى عم [ف] اذهب
أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ 5: 24 والذي بعثك
بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجادلنا معك من دونه حتى تبلغه فقال
له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له ثم قال اشيروا علي وإنما
يريد الأنصار وذلك أنهم كانوا بايعوه عند العقبة على أنا براء من ذمتك
حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت فأنت في ذمّتنا وكان يستخوّف أن الأنصار
لا يرون له نصرة إلا ممن دهمه بالمدينة فقام سعد ابن معاذ لعلك تريدنا
يا رسول الله فقال نعم فقال إنا آمنا بك وصدقناك فامض بنا لما أردت فلو
استعرضت بنا على هذا البحر لخضناه معك إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء
فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم تهيّئوا وابشروا فإن الله عز وجل قد
وعدنى احدى الطائفتين والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم فمشى القوم إلى
القتال والتقوا وحميت الحرب بينهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد
ربه ويدعوه قالوا فخرج الأسود بن عبد الأسد المخزومي وكان شرسا سيئ
الخلق فقال أعاهد الله لأشربنّ من حوضهم ولأهدمنّه أو لأموتن دونه وقصد
الحوض ليمنع
(4/188)
المسلمين الماء فشد عليه أسد الله وأسد
رسوله حمزة بن عبد المطلب فضربه ضربة الحن قدمه فخر على وجهه وجعل يحبو
إلى الحوض وقد قال بعض أهل العلم أن حمزة لما قطع رجله حملها الأسود
فرمى بها رجلا من المسلمين فقتله والله أعلم ثم خرج عتبة بن ربيعة
والوليد بن عتبة ودعوا إلى البراز فخرج إليهم عوف بن عفراء ومعوذ بن
عفراء وعبد الله بن رواحة فقالوا لهم من أنتم [F؟
144 v؟] قالوا نحن رهط
من الأنصار قالوا لا حاجة بنا إليكم ونادوا يا محمد اخرج إلينا أكفاءنا
من قومنا فخرج عبيدة بن الحارث إلى عتبة بن ربيعة وحمزة بن عبد المطلب
إلى شيبة بن ربيعة وعلى بن أبي طالب إلى الوليد ابن عتبة فتجادلوا
وتطاردوا واختلف الضرب بينهم [1] فأما علي فلم يمهل صاحبه أن قتله وقتل
حمزة شيبة وكان عبيدة بن الحارث اسن القوم وأضعفهم وقد بارزه عتبة بن
ربيعة فاختلف بينهما ضربتان أثبت كل واحد منهم صاحبه فكر علي وحمزة على
عتبة فذففا [2] عليه واحتملا عبيدة إلى أصحابهما ثم رمى المشركون
__________
[1] . بينهماCorr.marg. ,ms.
[2] فدفعا MS.
(4/189)
مهجع بن عبد الله بسهم فقتلوه وهو أول من
قتل في الحرب من المسلمين وخرج ابو جهل وهو يرتجز
ما تنقم الحرب العوان مني ... بازل عامين حديث سني
لمثل هذا ولدتني أمي
وحقق حقيقه فرأى الملائكة فانتبه وقال ابشر يا أبا بكر أتاك النصر هذا
جبريل يقود فرسه على ثناياه النقع ثم خرج إلى الصفوف فحرضهم ورغبهم
وأخذ حفنة من الحصا فاستقبل بها القوم وقال شاهت الوجوه وأذراها على
وجوههم وقال لأصحابه [شدوا] فكان نفحهم [1] بها ووضع المسلمون أيديهم
يقتلون ويأسرون حتى أسروا اثنين وأربعين رجلا ويقال اثنين وسبعين رجلا
وقتلوا سبعين رجلا ويقال خمسين رجلا وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن
فيهم رجالا من بني هاشم قد أخرجوا إكراها فمن لقي منهم أحدا فلا يقتله
وأسروا من بني هاشم خمسة نفر العباس بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب
ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ونعمان [2]
__________
.Corrige ,d ,apreslbn -Hicham ,P.445 [1]
فكانت نعجهمMS.
[2] . عثمان MS.
(4/190)
ابن عمرو بن علقمة بن عبد المطلب والسائب
بن عدي بن زيد بن هاشم وأسروا أبا العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقال أبو جهل اللَّهمّ اقطعنا للرحم وأتانا بما لا نعرف
[1] فكان هو المستفتح بقول الله عز وجل إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ
جاءَكُمُ الْفَتْحُ 8: 19 الآية فأدركه معاد بن عمرو بن الجموح فضربه
ضربة أطبقت [2] قدمه فكر عليه عكرمة بن أبي جهل فضربه على عاتقه فطرح
يده ثم مر بأبي جهل معوذ بن عفراء فضربه حتى أثبته ووجده عبده بن مسعود
بآخر رمقه فوضع رجله على عنقه قال ففتح عينه وقال لقد ارتقيت مرتقى
صعبا لمن الدبرة قال قلت للَّه ولرسوله ألم يخزك الله يا عدو الله قال
أعار على سيّد قتله قومه ثمّ احتزّ رأسه وجاء به إلى النبي صلى الله
عليه وسلم فألقاه بين يديه واستشهد ذلك اليوم من المسلمين ثمانية نفر
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى فألقوا في القليب وهو
يقول يا با جهل يا عتبة يا شيبة يا فلان ويا فلان يدعوهم بأسمائهم هل
وجدتم ما وعدكم ربّكم حقّا فإنّي وجدت ما وعدني
__________
[1] . كذا في الأصلNotemarg.:
[2] . اطبعت MS.
(4/191)
ربّى حقّا قال ابن إسحاق حدثني حميد الطويل
عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله
تنادي قوما قد حتفوا فقال ما أنتم بأسمع ما أقول منهم ولكنهم لا
يستطيعون أن يجيبوا وفيه يقول حسّان [وافر]
يناديهم رسول الله لما ... قذفناهم كباكب [1] في القليب
فما نطقوا ولو نطقوا لقالوا ... صدقت وكنت ذا رأي مصيب
ومر رسول الله في العسكر وكرّ راجعا الى المدينة فلمّا خرج من مضيق
الصفراء قسم هناك النفل وقتل عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث من بين
الأسارى وقدم المدينة واستشار أصحابه في الأسارى فقال أبو بكر أهلك
وعشيرتك وبنو أبيك ابق عليهم واستأن بهم وقال عمر بل انظروا واديا
ملتفا أشبا [F؟ 145
rO] فاضرمه عليهم فقال
العباس قطعت رحمك يا ابن الخطاب ثم فاداهم وكان الفداء أربعين اوقية
ذهبا وألزم العبّاس فداءين وقيل له افد ابن أخيك عقيلا فقال تركتني يا
محمد أسأل الناس ما عشت قال ما فعلت الدنانير التي دفعتها
__________
[1] . يناكب MS.
(4/192)
إلى أم الفضل عند خروجك وقلت إن حدث لي
حادث كانت لك ولولدك فقال من أخبرك به فو الله ما كان غيري وغيرها
ثالثا قال أخبرني بذلك ربي فأسلم العباس وافتدى واختلفوا في الغنائم
والنفل فنزلت سورة الأنفال بأسرها وفي يوم بدر يقول حسان بن ثابت
[بسيط]
سرنا وساروا إلى بدر لحينهم ... لو يعلمون يقين العلم ما ساروا
وقال إني لكم جار فأوردهم ... سرى الموارد فيه الخزي والعار
قالوا ولما رجع فل قريش إلى مكة قال عمير بن وهب الجمحي قبح الله العيش
بعد قتلى بدر ولولا دين علي وعيال لي لرحلت إلى محمد وقتلته فقال له
صفوان بن أمية على دينك وعيالك ثم حمله وجهزه وصقل سيفا شحيذا وسمه
وضرب راحلته حتى أتى المدينة فعقل بباب المسجد ودخل إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فصاح عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال اتقوا الكلب فإنه
حرش بيننا وحزرنا للمشركين يوم بدر فأخذوه وقدموه إلى النبي فقال ما
أقدمك يا عمير قال قدمت لأجل أسيري قال فما بال السيف في رقبتك قال
نسيته قال
(4/193)
فماذا شرطت صفوان في دينك وعيالك ففزع عمير
وعلم أنّه أمره الحق فآمن به وأسلم وحسن إسلامه وفي هذا الشهر هلك أبو
لهب بمكة وأبو احيحة سعيد بن العاص بالطائف وكان أبو لهب فأمر أبا
العاص بن هشام أخا أبي جهل ابن هشام فقعره ماله ونفسه وأسلمه حدادا [1]
ثم وجهه بدلا منه إلى بدر فقتل كافرا ومات أبو لهب بالعدسة [2] ثم كانت
سرية عصماء بنت مروان وكانت امرأة كافرة بذيّة اللسان تهجو النبيّ صلى
الله عليه وسلم وتحرّض على المسلمين فبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم
إليها عمير بن عدي الأنصاري فقتلها وقال عم لا ينتطح فيها عنزان وفي
هذا الشهر أمر بإخراج زكاة الفطر قبل الفطر بيوم وخرج يوم الفطر إلى
المصلى فصلى وخطب وهو أول عيد في الإسلام [ثم بعث] سرية سالم بن عمير
إلى أبي عفك في شوال وعفك رجل منافق يهجو النبيّ صلى الله عليه وسلم
ويحرّض عليه ويقول ما أهدى قوم إلى رحالهم شرّا من هذا الحرمى الذي
أخرجته لحمته وبنو أبيه وهذه الأبيات من هجائه فيما يروى [متقارب]
__________
[1] كذا في الأصلNotemarginale:
[2] . بالعسة -MS.
(4/194)
لقد عشت دهرا وما إن أرى ... من الناس دارا
ولا مجمعا
ابر عهودا وأوفي لمن ... تعاقد فيهم إذا ما رعى
من أولاد قيلة في جمعهم ... تهدى الخيال ولن اخضعا
فصدّعهم راكب جاء هم ... حرام حلال لشيء معا
فلو أن بالعز صدقتم ... أو الملك بايعتم إن معا
قال النبيّ صلى الله عليه وسلم من لي بهذا الخبيث فخرج سالم بن عمير
أحد البكاءين فقتله على فراشه وكان قد بلغ من السنّ [F؟
145 v؟] مائة وعشرين
سنة وفيه يقول [طويل]
حباك حنيف آخر الليل طعنة ... أبا عفك خذها على كبر السن
غزوة يهود بني قينقاع في شوال
وذلك أنه لما قدم الرسول الى المدينة وادع اليهود وعاهدهم فكان هؤلاء
أولهم نقضا وهاجروا بالعداوة وقالوا يا معشر المسلمين لا يغركم أنكم
لقيتم قوما اغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبتم منهم إنكم لو خاصمتمونا
لعلمتم أننا رجال الحرب فسار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحاصرهم في ديارهم حتى نزلوا في حكمه فهم بضرب أعناقهم فقام عبد الله
بن أبي وكانوا حلفاؤه فقال أربع مائة
(4/195)
حاسر وثلاث مائة دارع قد منعوني من الأحمر
والأسود أدعك تحصدهم في غداة واحدة فقال عم هم لك وكان لسعد بن عبادة
من حلفهم مثل ما لعبد الله بن أبي ويقال لعبادة بن الصامت فقال إني
أبرأ إلى الله ورسوله منهم ويقال فيهم نزلت إِنَّما [وَلِيُّكُمُ] الله
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا 5: 55 الآية،،،
ذكر غزوة السويق في ذي الحجة
وذلك أنّ أبا سفيان جاء في مائتي راكب فحرق في اصوار من النخل وقتل
رجلين من الأنصار ودخل المدينة فبات عند سلام بن مشكم سيد بني النضير
فسقاه وقراه وبطن له من خبر الناس ثم رجع من الليل إلى مكة وخرج النبي
في إثره ففاته وأصاب المسلمون من أزوادهم ما طرحوها يتخففون بها للنجاء
فبذلك سميت غزوة السويق وفي هذا الشهر توفيت رقية بنت النبي وفيه بنى
علي بفاطمة وفيه مات مطعم بن عدي بمكة وفيه ضحى رسول الله صلى الله
عليه وسلم وذبح شاتين بيده ثم دخلت سنة ثلاث من الهجرة وهي سنة التمحيص
والبلاء فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني سليم حتى بلغ الكدر
ثم رجع ولم يلق كيدا وهي تسمى غزاة الكدر وكانت في المحرم ثم بعث
(4/196)
سرية محمد بن مسلمة الأنصاري إلى كعب بن
الأشرف فقتله،،،
ذكر مقتل كعب بن الأشرف
قالوا ولما أصيب أهل بدر قال كعب قد قتل محمّد أشراف الناس فبطن الأرض
خير من ظهرها فنقض العهد وخرج إلى مكة في أربعين راكبا فناح على قتلى
بدر وبكاهم وحرض المشركين على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث النبي
محمد بن مسلمة وسلكان بن سلامة في نفر فأتوه في جوف الليل وهو فوق حصنه
فناداه سلكان إن هذا الرجل قد يطالبنا بالصدقة وجئتك برهن لتقرضني
طعاما فوثب كعب من ملحفته فتعلّقت امرأته بناحية ثوبه وقالت إني لأرى
حمرة الدم في هذا الصوت فقال دعيني فلو دعى ابن حرة بليل إلى طعنة
لأجاب فنزل إليهم فأخذ سلكان تحت كشحة بداسه [1] ، وضربوه بأسيافهم حتى
برد وفيه يقول كعب بن مالك [وافر]
فغودر منهم كعب صريعا ... فذلت بعد مصرعه النضير
[F؟ 146
r؟] ثم غزا رسول الله صلى الله
عليه وسلم نجدا يريد غطفان حتّى نزل
__________
[1] .؟ داسه MS.
(4/197)
بطن نخل وذلك في شهر ربيع الأول ثم رجع ولم
يلق كيدا وفيه كان حديث دعثور بن الحارث المحاري ثم غزا بني سليم في
جمادى الأولى فرجع ولم يلق كيدا ثم بعث سرية القردة وأميرهم زيد بن
حارثة فأصاب عيرا لقريش مقبلة من الشام [1] فأعجزه الرجال فقدم به وبلغ
الخمس عشرين ألفا ثم كانت غزوة أحد لست خلون من شوال يوم الجمعة خرج من
المدينة ويوم السبت كانت الواقعة،،،
قصة أحد
قالوا ولما أصيب المشركون ببدر ورجع فلهم إلى مكة مشي أشراف قريش إلى
أبي سفيان بن حرب فقالوا إنّ محمدا قد وترنا وقتل خيارنا فأعنّا نطلب
بثأرنا ونعين بهذا المال يعنون العير فاجتمعت قريش وجمعت أحابيشها ومن
أطاعهم من القبائل وخرجت بظعنها التماس الحفيظة قائدهم أبو [2] سفيان
بن حرب ومعه زوجته بنت عتبة وقد نذرت لئن أمكنها الله من دم حمزة
لتشربنه ولتأكلن كبده وجاءوا حتى نزلوا بعينين موضع مقابل المدينة ورأى
النبيّ صلى الله عليه وسلم في منامه
__________
[1] . كذا في الأصلNotemarginale:
[2] . ابى MS.
(4/198)
رؤيا فقصها على أصحابه فقال رأيت بقرا يصرع
ورأيت في ذباب سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينه قالوا ما
تأويلها يا رسول الله قال أما البقرة فهم قوم من أصحابي يقتلون وأما
السيف [1] فرجل من [2] بيتي يقتل وأما الدرع الحصينة فإني أولتها
بالمدينة وكان رأيه أن يقيم بالمدينة وقالوا إن دخلوا قاتلناهم في
وجوههم ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من فوقهم وإن نزلوا [نزلوا]
بشر مجلس [3] فقال رجال ممن أكرمهم الله بالشهادة وكان فاتهم بدر
يتمنون ما وصف الله عز وجل به الشهداء من الثواب والحياة اخرج بنا إلى
أعداء الله لئلا يرون أنا جبنا [4] عنهم وعن لقائهم وكان ذلك اليوم يوم
الجمعة فصلى بالناس ودخل منزله ولبس لأمته ثم خرج وقد ندم الناس فقال
استكرهناك ولم يكن لنا [5] ذلك فإن شئت
__________
[1] . الثلمVarianteenmarge:
[2] . أهلAdditionmoderne:
[3] . كذا في الأصلNotemarginale:
[4] . حبناءMS.
[5] . أبا MS.
(4/199)
فاقعد فقال ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن
يخلعها حتى يقاتل وخرج من المدينة بألف رجل والمشركون ثلاثة آلاف
وزيادة فسار حتّى إذا كان بالشوط وهو على ميل من المدينة انجزل [1] عبد
الله بن سلول رأس المنافقين بثلث الناس وقال أطاعهم وعصاني علام نقتل
أنفسنا انصرفوا فتبعهم عمرو بن حرام وقال أناشدكم الله في حرمكم ونبيكم
[2] ما ثم قتال لو نعلم قتالا لاتبعناكم كما حكى عنهم وهمت بنو سلمة
وبنو حارثة بالانصراف فعزم الله لهم على الرشد ثم ذكر نعمته عليهم فقال
إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَالله وَلِيُّهُما 3:
122 ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه حتى نزل الشعب من أحد
وأمر عبد الله بن جبير أمير الرماة وكان في خمسين ناشبا أن يبيتوا على
فم الشعب وأن ينضحوا [3] الخيل بالنبل لئلا يأتيهم [4] من ورائهم ودفع
اللواء إلى مصعب بن عمير بن هاشم ونشبت الحرب بين الفريقين فدعت
__________
[1] . يحرّكMS.
[2] . [؟] كمMS.
[3] . ينصحواMS.
maisc rlineairemoderne. [4]
بن الكفار MS.ajoute
(4/200)
هند بنت عتبة وحشيا [F؟
146 v؟] [1] غلام جبير
بن مطعم بن عدي وكان طعيمة بن عدي قتل ببدر فقالت إن أنت قتلت حمزة
يأبي عتبة بن ربيعة فلك قلبي وسواري وقلائدي وخلخالي وشنفي وقال له
جبير بن مطعم إن أنت قتلت حمزة بعمى طعيمة ابن عدي فأنت عتيق ثم قامت
هند في صواحباتها [2] يضربن بالدفوف ويحرضن الرجال وهي تقول،
ويها بني عبد الدار ... ، ويها حماة الاذمار
، ضربا بكل سيار،
،، وقالت أيضا،
نحن بنات الطارق ... ، نمشي على النمارق
، إن تقبلوا نعانق ... ، أو تدبروا نفارق
، فراق غير وامق،
،، وحميت الحرب فقتل مصعب بن عمير فدفع النبيّ صلى الله عليه وسلم
اللواء إلى علي بن أبي طالب عم فأنزل الله عز وجل نصره حتى كانت هزيمة
القوم لا شك فترك الرماة مركزهم وأقبلوا على النهب غير أميرهم عبد الله
بن جبير فإنه ثبت مكانه حتى استشهد وعطف عليهم خالد ابن الوليد على
الخيل فانقلبت الدبرة على المسلمين واكتمن الوحشي لحمزة حتى مر به
فأتاه من ورائه وضربه بحربته
__________
[1] . وحشيMS.
[2] . صولجاتها MS.
(4/201)
فقتله وأصاب العدو من المسلمين وكان يوم
بلاء وتمحيص وانثالوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودث [1]
بالحجارة حتى وقع لشقه وشج وجهه وكلمت شفتيه وكسرت رباعيته ودخلت حلقة
من الدرع في وجهه ووقع حفرة من الحفر التي عملها أبو عامر الفاسق وكان
مظاهر [2] درعين وصرخ صارخ من أعلى الجبل الا أنّ محمدا قد قتل فانهزم
المسلمون وأخذ علي وطلحة بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتاشاه من
الحفرة وأكب أبو دجانة عليه بنفسه يقيه النبل وروى أنّ نشّابة أصابت
إصبعه فقال [كامل]
هل أنت إلا إصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت
وقال صلى الله عليه وسلم من رجل يشرى لنا نفسه فقام زياد بن السكن في
نفر من الأنصار فقاتلوا دونه رجلا رجلا حتى قتلوا عن آخرهم ثم فاءت فيه
المسلمون فكشفوهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناول السهم سعد
بن أبي وقاص وقال ارم فداك
__________
[1] . كذاEnmarge:
[2] . ظاهريى Autrelecon:
(4/202)
أبى وأمّى والّذي ضرب رسول الله صلى الله
عليه وسلم أخوه عتبة بن أبي وقاص وفيه يقول حسّان [طويل]
فأخزاك ربي يا عتيب بن مالك ... ولقاك قبل الموت إحدى الصواعق
بسطت يمينا للنبي محمد ... فأدميت فاه قطعت بالبوائق
ثم نهضوا الى الشعب ومر على [علي] المهراس فملأ حجفته ماء وجاء يغسل
الدم عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول كيف يفلح قوم أدموا
وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل ثم قام مالك بن سنان الخدري أبو
[1] أبي سعيد فمص الدم من وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى
الله عليه وسلم من مس دمه دمى لم تمسه النار ويقال ان النبيّ صلى الله
عليه وسلم ضربه عبد الله بن قميئة وروى بعضهم أنه [قتل [F
147 r؟] [مصعب بن عمير وهو يظنه رسول الله صلى
الله عليه وسلم ووقعت هند عليها اللعنة ومن معها على القتلى فمثلن بهم
جدع الأنوف وتبك الآذان ويتّخذن خدما وقلائد وعمدت إلى بطن حمزة
فبعجتها واستخرجت حشوته وكبده ولاكته ولم تسغه ثم علت على صخرة وهي
تقول [رجز]
__________
[1] . بن MS.
(4/203)
نحن جزيناكم بيوم بدر ... والحرب بعد الحرب
ذات السعر
ما كان من عتبة لي من مضر ... ولا أخيه لا ولا من صهر
شفيت نفسي وقضيت نذري ... فشكر وحشي على عمر
حتّى ترم أعظمي في قبري
فأجابتها هند بنت أثاثة بن عبد المطلب
جزيت في بدر وبعد بدر ... يا ابنة وقاع عظيم الكفر
في أبيات وفيها يقول حسّان بن ثابت [كامل]
لعن الإله وزوجها معها ... هند الهنود طويلة البظر
ثم صرخ أبو سفيان انعمت وقال إنما الحرب سجال يوم بيوم أعل تعل فقال
النبي لعمر بن الخطاب أجبه فقال الله أعلى وأجلّ لا سواء قتلانا في
الجنة وقتلاكم في النار فقال أبو سفيان أنشدك الله يا عمر هل قتل محمد
قال لا والله ليسمع قال أنه قد كانت هناة ما أمرت بها ولا رضيت وإن
موعدكم بدر فقال النبي لعمر قل إن شاء الله وألقى في قلوبهم الرعب
(4/204)
فجنبوا الخيل وامتطوا الإبل وتوجهوا إلى
مكة وتفرّغ المسلمون لقتلاهم يدفنونهم ووقف رسول الله صلى الله عليه
وسلم على حمزة ونظر إلى ما مثل به فقال لن أصبت بمثلك أبدا ثم صلى على
القتلى السبعين صلاة واحدة وانصرف إلى المدينة وأستشهد يوم أحد من
المسلمين سبعون [1] رجلا ويقال خمسة وستون رجلا منهم حمزة ابن عبد
المطلب أسد الله وأسد رسوله ومصعب بن عمير العبدي [2] وعبد الله بن
جبير أمير الرماة وحنظلة بن أبي عامر غسيل الملائكة وسعد بن الربيع أحد
النقباء وقتل من المشركين اثنان وعشرون رجلا ورجع رسول الله إلى
المدينة ثم خرج في أثرهم يوم الأحد مرهبا لهم ويريهم أن به قوة حتى بلغ
حمراء الأسد في ستين راكبا منهم أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله ابن مسعود
فمر به معبد بن أبي معبد الخزاعي وكانت خزاعة عيبة [3] رسول الله صلى
الله عليه وسلم فلقى أبا سفيان بن حرب بالروحاء قد أجمع على الرجعة إلى
المدينة وذلك أنهم لما انصرفوا سقط في
__________
[1] . سبعينMS.
[2] . اليهدىMS.
[3] . عبيد MS.
(4/205)
أيديهم وقالوا قد كنا أجهضنا محمدا وأصحابه
وأشرفنا على استئصالهم لو صبرنا فقالوا لمعبد بن أبي معبد ما وراءك قال
لقد خرج محمد وأصحابه في جمع لم أر مثله يحرقون عليكم أنيابهم من الحنق
قال وأين هم قال هم يصبحونكم من حمراء الأسد فثنى ذلك أبا سفيان عن
عزمه وفت في عضده ومر به راكب من عبد القيس يقال له نعيم الأشجعي يريد
المدينة للميرة [F؟ 147
v؟] فقال بلغ محمدا أنا
قد أزمعنا المسير إليهم فلما قال ذلك للنّبيّ قال النبيّ صلى الله عليه
وسلم حسبنا الله ونعم الوكيل وانصرفوا إلى المدينة ونزلت ستون آية من
سورة آل عمران في قصة أحد من قوله وَإِذْ غَدَوْتَ من أَهْلِكَ
تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ
3: 121 وقالوا في أحد أشعارا كثيرة فمنها قول كعب بن مالك يذكر عزيمة
أبي سفيان على الرجوع ومبلغ عددهم [طويل]
إذا جاء منهم [راكب] كان قوله ... اعدوا لما يزجى ابن حرب ويجمع
ونحن أناس لا نرى القتل سبة ... على كل من يحمى الذمار ويمنع
بني الحرب أن نظفر [1] فلسنا بمفحش ... ولا نحن في اظفارها نتوجع
__________
[1] . نطفره MS.
(4/206)
فجئنا إلى موج من البحر وسطه ... أحابيش
منهم حاسر ومقنع
ثلاثة آلاف ونحن [1] نصيبه ... ثلاث مئين [2] إن كثرنا وأربع
وفيه يقول ابن الزبعري [رمل]
يا غراب البين أنعمت فقل ... إنما تنطق [3] شيئا قد فعل
نضع الأسياف في أكتافهم ... وكذاك الحرب أحيانا دول
إن للخير وللشر مدى ... وكلا ذاك وجيه وقبل
والعطيات خساس بينهم ... وسواء قبر مثر ومقل
كل عيش ونعيم زائل ... وبنات الدهر يلعبن بكل
أبلغا حسان عنى آية ... فقريض الشعر يشفي ذا الغلل
كم نرى بالحر من جمجمة ... وأكف قد أترت وحدل
وسرابيل حسان سريت ... عن حماة هلكوا في المنتزل
فسل المهراس من ساكنه ... بين أقحاف وهام كالحجل
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل
__________
[1] . كذا في الأصل enmarge:
بن فكنّMS.
[2] . ماينMS.
[3] . ينطق MS.
(4/207)
حين ألقت بقباء [1] بركها ... واستحر القتل
في عبد الأشل
ثم خفوا عند ذاكم رقصا ... رقص الحفان تعلوا في الجبل
فقتلنا الضعف من أشرافهم ... وعدلنا مثل بدر واعتدل
فأجابه حسان بن ثابت في قصيدة طويلة
ذهبت [2] يا بن الزبعري وقعة ... كان منا الفضل فيها لو عدل
ولقد نلتم ونلنا منكم ... وكذاك الحرب أحيانا دول
[F؟ 148
r؟] نضع السيف أكتافكم ... حيث
نهوى عللا بعد نهل
نخرج الأصبح من استاهكم ... كسلاح النيب يأكلن العضل
إذ شددنا شدّة صادقة ... فأجأناكم إلى سفل الجبل
وتركنا في قريش عورة ... يوم بدر وأحاديث المثل
قالوا في هذه السنة ولد الحسن بن علي وعلقت فاطمة بالحسين وتزوّج
النبيّ صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة أم المساكين وزوج ابنته
كلثوم من عثمان بن عفان ثم دخلت سنة أربع من
__________
[1] . بقباMS.
[2] . ذهبت MS.
(4/208)
الهجرة وهي سنة الترفيه فبعث في المحرم
سرية إلى بني أسد أميرها أبو سلمة بن عبد الأسد فغنم وسبى ولم يلق كيدا
ولم يلق أن يقيد هذه الحوادث بالشهور والأعوام لأنه مما يصعب ويفوت
الحق لكثرة الاختلاف وتفاوت التاريخ فرأيت أن أجمعها وأضمها سنة سنة
ليكون اقرب إلى الحق وأسهل في الحفظ إن شاء الله تعالى،،،
قصة الرجيع وهو بأرض هذيل
قال ابن إسحاق لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد جاءه رهط
من عضل والقارة وقالوا يا رسول الله إن فينا إسلاما فابعث معنا نفرا من
أصحابك يفقهونا في الدين فبعث معهم ستة نفر منهم عاصم بن ثابت بن [أبي]
الأقلح وكان قتل يوم أحد ابنين لسلافة بنت سعد فنذرت لئن قدرت على رأس
عاصم لتشربن الخمر في قحفه وكان أعطى الله عهدا ألّا يمسّ مشركا ولا
يمسه مشرك ومنهم خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فخرجوا بهم حتى إذا كانوا
بالرجيع غدروا بهم واستصرخوا هذيلا فما راعهم إلا الرجال بأيديهم
السيوف فأخذ القوم أسيافهم ليقاتلوهم فقالوا والله لا نريد قتالكم ولكن
نريد أن نصيب بكم من أهل مكة شيئا ولكم عهد الله
(4/209)
وميثاقه فقالوا لا نقبل من مشرك عهدا ولا
عقدا وناصبوهم القتال فوتر عاصم قوسه وكان راميا وانشأ يقول [رجز]
ما علتي وأنا جلد نابل ... والقوس فيها وتر عنابل
تزل عن صفحتها المعابل ... الموت حقّ والحياة باطل
وكل ما حم الإله نازل ... بالمرء والمرء إليه آئل
إن لم أقاتلكم فأمي هابل
ثمّ قاتل حتّى نفدت سهامه وأخذ سيفه وجحفته وقال [رجز]
أبو سليمان وريش المقعد [1] ... وضالة [2] مثل الجحيم الموقد
ومجنأ من مسك ثور أجرد ... ومؤمن بما تلا محمّد [3]
وقاتل حتّى قتل رضي الله عنه وأرادوا أن يأخذوا رأسه ليبيعوه من سلافة
بنت سعد فمنعه الدبر فقالوا ندعه إلى أن يمسى فلما أمسى جاء السيل فذهب
به وقتلوا معه ثلاثة نفر من أصحابه
__________
[1] . المعقدMS.
[2] . وصالهMS.
[3] ما اعرف معنى هذين البيتين وانا
notemarginale: بن مما؟ لا محمد
MS. خليل بن الحسين وقد كتبت
مثل ما وجدت في النسخة والله اعلم بصوابه.
(4/210)
وأما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وعبد الله
بن طارق فلانوا ورغبوا في الحياة واعطوا بأيديهم وشدوا أكتافا وحملوهم
[F؟ 148
v؟] إلى مكّة وباعوهم ممّن قتل
أولياؤهم ببدر فصلبوهم ورموهم بالنشاب وطعنوهم بالرماح وذكروا عجائب من
أمر خبيب بن عدي وشعرا له في ذلك وقال ابن إسحاق في أصحاب الرجيع نزلت
وَمن النَّاسِ من يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ [الله] وَالله
رَؤُفٌ بِالْعِبادِ 2: 207،،،
قصة بئر معونة [1]
قالوا وبعث النبي صلى الله عليه وسلم المنذر بن عمرو الأنصاري في
أربعين رجلا من خيار المسلمين كانوا من أهل الصفة يرضحون [2] النوى
بالنهار ويعلمون القرآن بالليل بعثهم إلى نجد يدعوهم إلى الإسلام في
خفارة أبي براء ملاعب الأسنة فلما أتوا بئر معونة استصرخ عليهم عامر بن
الطفيل عصية وذكوان فأحاطوا بهم وقتلوهم عن آخرهم إلا عمرو بن أمية
الضمري فإنه كان في سرح القوم فأسره عامر وجز ناصيته وأعتقه عن رقبة
كانت على أمه فأقبل عمرو حتى أتى المدينة فإذا هو برجلين من بني عامر
__________
[1] . معوMS.؟
[2] . يرضخون MS.
(4/211)
قد أقبلا من عند رسول الله صلى الله عليه
وسلم ومعهما عهد فقتلهما بأصحابه وأخذ سلاحهما ثم جاء النبيّ صلى الله
عليه وسلم وأخبره الخبر فقال بئس ما صنعت رجلين من أهل ذمتي قتلتهما لا
لأجل ذنبهما وقد قيل أنه نزلت فيه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ 49: 1 الآية وشقّ على رسول
الله صلى الله عليه وسلم مقتل أصحابه وغدر عامر بن الطفيل بهم فدعا على
عصية وذكوان أربعين صباحا فيقال [و] الله اعلم ما أسلم منهم أحد ولا
أفلت،،،
ذكر غزاة بني النضير
قال فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك
القتيلين اللذين أصابهما عمرو بن أمية وكان في العهد الذي بينهم وبين
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتغاوثوا [1] ويتحمل ما ينوب بعضهم عن
بعض قالوا نعم يا أبا القاسم وهموا بالغدر به وخرجوا يجمعون الرجال
والسلاح فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانسل من بين أصحابه وما
شعر به أحد إلا حين دخوله المدينة فمضى أصحابه في إثره حتى لحقوا به
ونزل فيه سورة المائدة كما قال الله عز وجل يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ
يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ 5:
11 وأمر
__________
[1] . يتعاوثوا MS.
(4/212)
أصحابه بالمسير إليهم فحاصرهم ست ليال حتى
نزلوا على أن لهم ما حملت الإبل من الأموال إلا الحلقة [1] ولحقوا
باذرعات من أطراف الشام وفيهم نزلت سورة الحشر،،،
ثم غزاة ذات الرقاع
والرقاع شجرة سميت بها تلك الغزاة ويقال بل سميت لأنهم كانوا رقعوا
راياتهم ولقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الخروج جمعا عظيما
من غطفان وصلى صلاة الخوف وفيها كانت قصة غورث [2] بن الحارث المحاربي
وذلك أن بني محارب كانوا تحصنوا في رأس جبل فقال غورث لأفتكن لمحمد
فجاء حتى وقف وكان سيف رسول الله محلى بفضة فقال أنظر إلى سيفك هذا قال
نعم فأخذه وسله وهم به فمنعه الله عز وجل لذلك وانكبّ على وجهه فنزلت
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ
إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ 5: 11
الآية،،،
ثم غزاة بدر الميعاد
[F؟ 149
rO] وذلك أن أبا سفيان لما
ارتحل يوم أحد نادى موعدكم بدر فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر قل
إن شاء الله
__________
[1] . كذا في الأصل enmarge:
بن الى الحلقةMS.
[2] . عويرث MS.
(4/213)
فخرج النبي للميعاد وخرج أبو سفيان حتى بلغ
عسفان ثم ألقى في قلبه الرعب وانصرف وفيه يقول عبد الله بن رواحة
[طويل]
وعدنا أبا سفيان وعدا ولم نجد ... لميعاده صدقا ولا كان وافيا
وفي هذه السنة تزوّج النبيّ صلى الله عليه وسلم أم سلمة بنت [أبي] أمية
بن المغيرة وفيها مات عبد الله بن عثمان بن عفّان من رقية بنت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وله سنتان وفيها ولدت فاطمة الحسين صلى الله
عليه ثم دخلت سنة خمس من الهجرة وهي سنة الزلازل فيها غزا رسول الله
دومة الجندل وهي من حد الروم وذلك أن التجار والسابلة شكوا اكيدر
الكندي عامل هرقل عليها فسار إليها في ألف رجل يسير الليل ويكمن النهار
وأحس بذلك اكيدر فهرب واحتمل الرحل وخلى السوق وتفرق أهلها فلم يجد
رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا فرجع،،،
ثم كانت غزاة بني المصطلق
سار إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهم على ماء يقال له
المريسيع فقاتلهم وسباهم وكان عليهم يومئذ الحارث بن أبى ضرار أبو
جويريّة زوجة النبي وفي غزاة المصطلق كان حديث الإفك قالوا وكانت عائشة
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
(4/214)
في هذه السفرة فخرجت من هودجها لحاجة
وارتحل القوم فجاءت وليس في المناخ إلا صفوان بن المعطل فاحتملها على
راحلته وسار بها فما لحقهم إلّا بعد ما نزلوا وقد خاض الناس وماجوا
يتكلمون فيها من مصدق ومكذب قالوا فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم
المدينة أذن لعائشة في الانقلاب إلى أبيها ولا علم لها بشيء مما جرى
فروى عنها أنها قالت خرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح بن [1] أثاثه
خاله أبي بكر إذ عثرت في مرطها فقالت تعس مسطح فقلت بئس لعمر الله ما
قلت [2] لرجل من المهاجرين شهد بدرا قالت أو ما بلغك الخبر فقلت [لا]
فأخبرتني بما تحدث الناس فيه قالت فو الله ما قدرت أن أقضي حاجتي وما
زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع قلبي قالت وأتى على ذلك شهر ثم دخل
علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا عائشة إن كنت قارفت سوءا
فتوبي إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده فقلت والله لا أتوب
ولكني أقول كما قال أبو يوسف فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَالله الْمُسْتَعانُ
عَلى ما تَصِفُونَ 12: 18
__________
[1] . بنتMS.
[2] . قالت MS.
(4/215)
فما برح رسول الله حتى نزل الوحي ببراءتي
وذلك قوله عز وجل في سورة النور إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ
عُصْبَةٌ مِنْكُمْ 24: 11 إلى رأس ستة عشر آية وضرب رسول الله صلى الله
عليه وسلم حسّان ابن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وعبد الله بن
أبىّ الحدّ وفيه يقول قائلهم [طويل]
لقد ذاق حسان الذي كان أهله ... وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح
تعاطوا بظهر الغيب زوج [1] نبيهم ... وسخطة ذي العرش الكريم فأبرحوا
وقال حسّان يعتذر من مقالته وينتقى منها [طويل]
حصان رزان ما تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
[F؟ 142
v؟] فإن كنت قد قلت الذي قد
زعمتم ... فلا رفعت سوطي إلى أناملي
وكيف وودي ما حييت ونصرتي ... لآل رسول الله زين المحافل
وأن الذي قد قيل ليس بلائي ... ولكنه قول امرئ بي ماحل
ثم الخندق وكانت في ذي القعدة
وذلك أن نفرا من اليهود
__________
[1] . روح MS.
(4/216)
نقضوا العهد واخفروا الذمام وأتوا مكة
فحالفوا قريشا على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سلّام بن
[أبى] الحقيق النضرىّ وحيي بن أخطب وكنانة بن الربيع ثم جاءوا إلى
غطفان وقائدها عيينة [1] بن حصن الفزاري فاستنزلوهم ودعوا إلى مثل ما
دعوا إليه قريشا فتحزبت الأحزاب وتجمع الأحابيش وساروا إلى المدينة
يقصدون النبيّ فاستشار النبيّ صلى الله عليه وسلم سلمان فيما يزعمون
بأمر الخندق فضرب الخندق وعمل فيه بنفسه ينشطهم وخرج في ثلاثة ألف رجل
حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع والخندق بينهم وبين الأحزاب ونزلت قريش في
عشرة آلاف وقائدها أبو سفيان بن حرب ونزلت غطفان في من [2] تبعها
وأطاعها وحاصروا النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين تسعا وعشرين ليلة
لم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصى إلا أنه اشتدّ الأمر وضاق
كما قال إذ جاءوكم من فوقكم الأسديّ ومن أسفل منكم أبو الأعور السلمىّ
وغطفان وناصبهم أبو سفيان وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر [3]
__________
[1] . عتيبةMS.
[2] . فيمنMS.
Enmargedanslems. [3]
(4/217)
واقتحمت فوارس الخندق منهم عمرو بن عبد ود
وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطّاب بن مرداس فخرج إليهم علي في نفر من
المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة [1] التي اقحموا الخيل منها وبارز علي
عمرا فقال له عمرو وكان من مشهوري فرسان العرب ما أحب أن أقتلك يا ابن
أخي قال أنا أحب أن أقتلك فحمى عمرو واحتدم ونزل عن فرسه فعقره ثم أقبل
على عليّ فتنازلا وتطاردا وتجادلا واختلف بينهما ضربتان فاصابته ضربة
علي فقتلته فخرجوا منهزما من الخندق وفي ذلك يقول علي فيما روى عنه
[كامل]
نصر الحجارة من سفاهة رأيه ... ونصرت رب محمد بصواب
فصددت حين تركته متجدلا ... كالجذع بين دكادك وروابي
وعففت عن أثوابه ولو أنني ... كنت المقطر بزني أثوابي
ورمى سعد بن معاذ يومئذ فقطع منه الأكحل فقال اللَّهمّ إن كنت أبقيت من
حرب شيئا فأبقني وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا فاجعله لي شهادة ولا
تمتني حتى تقر عيني من
__________
[1] . الشغرة MS.
(4/218)
قريظة لأنهم خانوا الأمانة وتركوا الوفاء
ونقضوا عهد المسلمين قالوا ولما اشتد الأمر جاءه نعيم بن مسعود الأشجعي
مسلما وكان من دواهي العرب فقال له النبيّ إنّ الحرب خدعة فاحتل لنا
فخرج حتى أتى قريظة وقال قد عرفتم ودي لكم وتحقيقي [1] بكم قالوا لست
عند [نا] بمتّهم قال والرأي أن لا تقاتلوا محمدا ما لم تأخذوا ورهائن
من قريش [F 150 r؟]
كيلا يتشمروا إلى بلادهم إن عضتهم الحرب وتحلوا بينكم وبين محمد قالوا
هو الوجه ثم أتى قريشا فقال إن اليهود قد ندموا على نقض العهد وقد
أرسلوا إلى محمد نرضيك منا أن نأخذ من قريش وغطفان مائة رجل فندفعهم
إليك لتضرب أعناقهم فإن التمسوا منكم رجالا فلا تجيبوهم إليه قالوا هو
الوجه ثم إن قريشا قالوا لقريظة إنا لسنا بدار مقامة وقد هلك الخف
والحافر وأنتم أزعجتمونا عن بلادنا فاغدوا للقتال واخرجوا للميعاد
فقالت قريظة إنا لا نأمن منكم أن تتشمروا إلى بلادكم إن عضتكم الحرب
فإن أردتم ذلك فاعطونا رهائن تكون ثقة لنا قالت قريش صدق نعيم وقالت
قريظة صدق نعيم ونصح
__________
[1] . و؟ حقيقي MS.
(4/219)
فتخاذلوا وتواكلوا [1] وأتت عليهم ليلة
شاتية عاصفة الريح فجعل تكفأ قدورهم وتقطع أطناب خيامهم فارتحلوا
وانصرفوا خائبين بقول الله عز وجل في سورة الأحزاب يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ
جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها
وَكانَ [الله] بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً 33: 9 وانصرف رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى المدينة وأمر بالمسير إلى بنى قريظة فحاصرهم خمسا
وعشرين ليلة حتى استنزلهم على حكم سعد بن معاذ فحكم سعد بقتل الرجال
وأخذ الأموال وسبى الذراري فساقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وأمر فأخذت الأخائذ [2] وضربت أعناق سبع مائة رجل منهم في غداة
واحدة وفي هاتين الغزوتين نزلت سورة الأحزاب واستشهد من المسلمين فيها
ستة نفر وقد ذكر ابن إسحاق من أشعارهم فيها شيئا غير قليل فمنها قول
ضرار ابن الخطّاب بن مرداس [وافر]
ومشفقة تظن بنا الظنونا ... وقد قدنا عرندسة طحونا
فلولا خندق كانوا لديه ... لدمرنا عليهم اخمصينا
__________
[1] . تراكلواMS.
[2] . كذا في الأصل Notemarginale:
(4/220)
وإن نرحل فانا قد تركنا ... لدى أبياتكم
سعدا رهينا
في قصيدة طويلة فأجابه كعب بن مالك الأنصاري
وسائلة تسايل ما لقينا ... ولو شهدت رأتنا صابرينا
رأتنا في فضافض [1] سابغات ... كغدران الملا متسربلينا
سيعلم أهل مكة حين ساروا ... وأحزاب أتوا متحزبينا
بأن الله ليس له شريك ... وأنّ الله مولى المؤمنينا
كما قد ردكم فلا شريدا ... يغيظكم حزابا خائبينا
حزابا لم تنالوا ثم خيرا ... وكدتم أن تكونوا دامرينا
فاما تقتلوا سعدا سفاها ... فإن الله خير القادرينا
سيدخله جنانا طيّبات ... تكون مقامة للصالحينا
في قصيدة طويلة واصطفى [2] رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبى قريظة
ريحانة القرظيّة فلم تزل عنده إلى أن توفى وفي هذه السنة تزوج النبي
زينب بنت جحش وأمّها أميمة [3] بنت عبد المطّلب
__________
[1] . قصاقصMS.
[2] . اسطفىMS.
[3] . وأمّه آمنة MS.
(4/221)
وقصتها في سورة الأحزاب مذكورة [F؟
150 v؟] وفيها بعث عمرو
بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان فلم يظفر به ثم دخلت سنة ست من الهجرة
وهي سنة الاستئناس فبعث رسول الله عبد الله بن أنيس سرية وحده إلى خالد
بن سفيان بن نبيح وكان يجمع الجموع ليقاتل النبي فخلا به عبد الله بن
أنيس ثم علاه بسيفه حتى قتله ثم بعث سرية محمد بن مسلمة إلى القرطاء ثم
غزا بني [1] لحيان ثم غزا الغابة ثم بعث سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر
ثم بعث سرية محمد بن مسلمة إلى ذي القصة [2] ثم بعث سرية أبي عبيدة بن
الجراح إلى ذي القصة ثم [بعث] سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى ثم غزا
لحيان يطلب بدم خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ومرثد بن أبي مرثد وعاصم بن
ثابت [بن ابي] الأقلح أصحاب الرجيع ثم بعث سرية عبد الرحمن ابن عوف إلى
دومة الجندل ثم سرية علي بن أبي طالب عم إلى فدك فاحتازها ثم سرية زيد
بن حارثة إلى أم قرفة ثم سرية عبد الله بن رواحة إلى خيبر فتطرقها
وأصاب من أموالها ثم
__________
[1] . ابنMS.
[2] . كذا enmarge: بن
ذي العصبة MS.
(4/222)
سرية بشر بن سويد الجهني إلى بني الحارث
واعتصموا فأضرمها عليهم حتى احترقوا ثم سرية كرز بن جابر الفهري في إثر
العرنيين [1] وذلك انهم لما قدموا إلى المدينة اجتووها فأمر بهم النبيّ
صلى الله عليه وسلم إلى إبل الصدقة فشربوا من ألبانها حتى صحوا وانطوت
بطونهم ثم وثبوا على الراعي فقتلوه وغرزوا [2] الشوك في عينيه واستاقوا
الإبل فبعث إليهم في إثرهم كرز بن جابر فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم
وسمل أعينهم وتركهم بالحرة حتى ماتوا وقد قيل أن فيهم نزلت إِنَّما
جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ الله وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ في
الْأَرْضِ فَساداً 5: 33 الآية ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا
قرد وذلك أن عيينة بن حصن بن بدر الفزاري أغار على لقاح رسول الله صلى
الله عليه وسلم فخرج في إثره وقاتل قتالا شديدا واستنقذ بعض اللقاح
وفيه يقول حسّان [متقارب]
أظن عيينة أن زارها ... بأن سوف يهدم منا قصورا
فعفت المدينة أن زرتها ... وألقيت للأسد فيها زئيرا
أمير علينا رسول المليك ... أحبب بذاك إلينا أميرا
__________
[1] . العريفين MS. بن
1559 بنTabari ,I
[2] . وعرزوا Ms.
(4/223)
ثم كانت عمرة الحديبية في ذي القعدة من سنة
ست وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أنه دخل مكة
فأخبر أصحابه وأحرم بعمره وخرج في سبع مائة رجل وساق الهدى حتى إذا كان
بعسفان استقبله بشر بن سفيان الكعبي فقال إلى أين يا محمد هذه قريش قد
أقبلت ومعها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون [1] الله أن
لا يدخلها عليهم وهذا خالد ابن الوليد قد قدموه إلى كراع العميم فقال
النبي ويل أم قريش لقد أكلتهم الحرب فو الله لا أزال أجاهد على ما
بعثني الله به حتى يظهر دينه وتنقرض هذه السالفة خالفوا بنا الطريق
فأخذوا على طريق وعر حتى نزل الحديبية وبعث عثمان بن عفان يخبرهم أنه
لم يأت لحرب ولا مكاشفة وإنما أتى زائرا لهذا البيت فحبسوا عثمان وبلغ
النبيّ صلى الله عليه وسلم أن عثمان بن عفان قد قتل فقال إن كان عثمان
قتل فلا نبرح حتى نناجز القوم ثم دعا إلى البيعة وهي [F؟
151 r؟] بيعة الرضوان
تحت الشجرة وكانت البيعة على الموت ثم أتاه أن الذي ذكر من أمر عثمان
كان باطلا وبعثت قريش سهيل بن عمرو [2] ليصالح النبي على أن يرجع
__________
[1] . عميرMS.
[2] . فعاهدون MS.
(4/224)
عنهم عامه هذا وأن تخلو له مكة عاما قابلا
ثلاثة أيام ليقضي حاجته وأن يضع الحرب من بين الناس عشر سنين يكفّ
بعضهم عن بعض وأن من أتى من قريش رده إليهم ومن أتى قريشا ممن مع محمد
لم يردوه إليه وإن من أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه واصطلحوا
على هذا وكتبوا العقد بينهم وتواثبت خزاعة فقالوا نحن في عهد محمد
وعقده وتواثبت بنو بكر فقالوا نحن في عهد قريش وعقدهم ثم قام رسول الله
صلى الله عليه وسلم إلى هديه فنحر [هـ] وحلق رأسه وفعل المسلمون مثل
ذلك وأقبل راجعا إلى المدينة فنزل في الطريق إِنَّا فَتَحْنا لَكَ
فَتْحاً مُبِيناً 48: 1 فصار تصديق الرؤيا في العام القابل وفي هذه
السنة ظهرت الروم على فارس وانكشف شهرابرا [ز] عن طريق هرقل حتى سار
إلى العراق فأفسدوا عليه وأغاروا وفيها جاء وفد السباع إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم كما روى،،، ثم دخلت سنة سبع من هذه الهجرة وهي سنة
الاستغلاب وفيها كانت غزوة خيبر قالوا وسار رسول الله صلى الله عليه
وسلم إليها في ألف وأربع مائة رجل ونزل بساحتهم ويفتتحها حصنا حصنا وهي
حصون وآطام حتّى انتهى الى الوطيح والسلالم فحاصرهم سبع عشرة ليلة فخرج
(4/225)
مرحب وقد جمع عليه سلاحه وهو يقول [رجز]
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحيانا وحينا أضرب
فأجابه كعب بن مالك
قد علمت خيبر أني كعب ... وانّنى ممن يشب الحرب
معي حسام كالعقيق عضب
وخرج إليه محمد بن مسلمة وتجاولا وتطاردا وعرضت بينهما شجرة فتجاولا
يلوذان بها إلى أن قطعاها ثم ضربه محمد بن مسلمة فقتله هذا رواية أصحاب
الحديث وأما الشيعة فإنهم يختلفون أن عليا قتله وذلك مشهور في أشعارهم
قالوا وبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر إلى حصن من حصونهم فذهب
وقاتل ثم رجع ولم يفتح فقال عم لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله
ليس بفرار وكان علي [1] عم رمد العين فتفل في وجهه وأعطاه الراية فمضى
إليه وخرج إليه أهل الحصن والقى به
__________
[1] . عليا MS.
(4/226)
فقاتل حتى فتح الله على يده قال سلمة بن
الأكوع فلقد رأيتني في سبعة نفر نجتهد أن نقلب ذلك الباب فما نقدر أن
نقلبه هذه الرواية الصحيحة فأما ما يقوله القصاص فلا نعرفه وبخيبر أهدت
امرأة سلّام بن مشكم الشاة المشويّة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم
وبها قدم جعفر بن أبي طالب من الحبشة في من [1] معه من المسلمين وفيه
يقول حسّان [خفيف]
بئس ما قاتلت [2] خيابر عما ... جمعت من مزارع ونخيل [3]
كرهوا الحرب فاستبيح حماهم ... وأقروا فعل اللئيم الذليل
[F؟ 151
v؟] وذلك قول الله تعالى
فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ من دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً
48: 27 ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم وادي القرى بعد منصرفه من
خيبر ويقال قايل فيئها [4] ثم بعث سرية عمر بن الخطاب إلى تربة [5]
فرجع ولم يلق كيدا ثم بعث سريّة غالب بن
__________
[1] . فيمنMS.
[2] . قابلتMS.
[3] . نجيلMS.
[4] . فيهاMS.
[5] . قرية MS.
(4/227)
عبد [1] الله الى الميفعة [2] وفيها قتل
أسامة بن زيد مرداس بن نهيك بعد ما شهد بالحق فنزل وَلا تَقُولُوا
لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً 4: 94 الآية ثم
بعث سرية بشير بن سعد [3] إلى مرو جناب [4] من فدك ووادي القرى ثم
اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء في ذي القعدة وهو
الشهر الذي صده فيه المشركون ويقال لها عمرة القصاص فدخل مكّة وقضى
نسكه وأقام بها ثلاثا وتزوج ميمونة بنت الحارث وفيها نزل لَقَدْ صَدَقَ
الله رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ 48: 27 الآية ثم بعث عبد الله بن
[أبي] حدرد إلى أضم سريّة فقتلوا عامر بن الاضبط بعد ما حياهم بتحية
الإسلام فأنكر ذلك عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذه السنة
اتخذ الخاتم ونقش فصه محمد رسول الله وبعث رسله إلى الملوك يدعوهم إلى
دين الله فبعث حذافة السهمي إلى كسرى ابرويز بن هرمز بن انوشروان فمزق
كتابه وكتب إلى باذان عامل اليمن بأن يبعث بمحمد إليه مربوطا وقد ذكرنا
قصّته في موضعه فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم مزّق
__________
[1] . عبيدMS.
[2] . المنقعةMS.
[3] . سعد بن سرMS.
[4] . مرو [؟] اب MS.
(4/228)
كتابي مزق الله عليه ملكته وبعث دحية بن
خليفة الكلبي إلى هرقل بن قيصر ملك الروم فوجده بمحص يمشي راجلا إلى
بيت المقدس شكرا للَّه على ما منحه من الظفر على فارس وذلك وعد الله
فيهم وَهُمْ من بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْعِ سِنِينَ 30:
3- 4 فوضع كتاب رسول الله على وجهه ودعا الناس إلى اتباعه فأبوا عليه
فلما أخبر النبي قال بقي ملكهم أو ثبت وبعث عمرو ابن أمية الضمري إلى
النجاشي ملك الحبشة فآمن وأسلم وبعث حاطب بن بلتعة [1] إلى المقوقس ملك
القبط والاسكندرية فأجاب بأن القبط لا يتابعني على اتباعك وأنا أظن [2]
بملكي وبعث إليه بمارية القبطية أم ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وأصحبها خصيا وألف مثقال ذهبا وعشرين ثوبا ووهب لحاطب مالا عظيما
وبعث العلاء [بن] الحضرمي إلى المنذر بن [ساوى] ملك البحرين فاسلم وبعث
سليط بن عمرو إلى هوذة الحنفي فرد ردا جميلا وبعث شجاع بن وهب إلى
الحراث الأصغر وهو الحارث بن أبي شمر الغساني ملك دمشق فاستخف به ورمى
بكتابه فقال عم
__________
[1] .؟ بلعهMS.
[2] . كذا في الأصل enmarge:
بن اطن MS.
(4/229)
باد ملكه وفي هذه السنة كانت وقعة ذي قار
وقد مضت قصتها ثم دخلت سنة ثمان من الهجرة وهي الاستواء فبعث سرية غالب
بن عبد الله إلى بني الملوح فأوقع بهم وقتل وسبى وساق نعما كثيرا وشاء
وخرج صريخ القوم [1] للقتال فسال وادي قديد من غير سحاب عندهم ولا مطر
حتى حال بينهم وبين الصريخ [F؟
152 r؟] فوقفوا ينظرون
إليه وهم يسوقون [2] نهبهم ثم بعث سرية شجاع بن وهب إلى بني عامر فلم
يلق كيدا ثم بعث كعب بن عمير إلى ذات اطلاح ثم غزوة مؤتة وهي بأرض
الشام،،،
قصة مؤتة قالوا
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير رسولا إلى بني
شرحبيل بن عمرو عامل هرقل فقتل رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم
يقتل له رسول غيره فبعث إليها ثلاثة ألف رجل واستعمل عليهم زيد بن
حارثة إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب وان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة
فصاروا حتى بلغوا موتة وهي قرية من حدود الشام فبلغهم أن هرقل نزل بأرض
__________
[1] . بالقومMS.
[2] . يسوق MS.
(4/230)
البلقاء في مائة ألف وانضم إليه من لخم
وجذام مائة ألف فانحازوا إلى موتة وأتتهم هوادي الخيل وناوشهم القتال
حتى استشهد زيد بن حارثة فأخذ الراية جعفر بن أبي طالب وتقدم فقاتل حتى
إذا ألجمه القتال نزل عن فرسه فعرقبه وهو يقول [رجز]
يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وطيب شرابها
والروم روم قد دنا عذابها ... على إذ لاقيتها ضرابها
فقطعت يمينه فأخذ الراية بشماله فقطعت شماله فاحتضن بصدره واستشهد وقتل
وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة في سن عيسى عم فأبدله الله عز وجل منها
جناحين يطير بهما في الجنة ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة وهو يقول
[رجز]
أقسمت يا نفس لتنزلنه ... قد طال ما [قد] كنت مطمئنة
هل أنت إلا بطنة في شنه
وقاتل حتى قتل رحمه الله فاجتمع المسلمون إلى خالد بن الوليد فانحاز
بهم حتى انصرف فتلقاهم الناس وجعل الصبيان
(4/231)
يحثون عليهم التراب ويقولون يا فرار فررتم
في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بالفرار ولكنهم
الكرار إن شاء الله وفيه يقول حسّان [طويل]
فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا ... بموتة منهم ذو الجناحين جعفر
وزيد وعبد الله هم خير عصبة ... تواصوا وأسباب المنية تخطر
ثم بعث سرية عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل من ناحية الشأم فكتب إلى
النبي يستمده فبعث إليه بسرية أميرها [أبو] عبيدة بن الجراح وفيها أبو
بكر وعمر رضي الله عنهما فأصابوا شيئا كثيرا ثم سرية الخبط [1] وأميرها
أبو عبيدة إلى سيف البحر فجعلوا يختبطون لما أرملوا فأخرج الله لهم
دابة أصابوا من لحمها وودكها شيئا حتى سمنوا وغلظوا ثم سرية أبي قتادة
إلى خضيرة [2] من أرض الشأم فلم يلق كيدا،،،
فتح مكة في شهر رمضان
وذلك أن خزاعة كانت دخلت في عقد النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم
الحديبية وبنو بكر في عقد قريش فعدت
__________
[1] . الحنظلةMS.
[2] . حطره MS.
(4/232)
بنو بكر على خزاعة وهم على ماء بأسفل مكة [F؟
152 v؟] يقال له الوتير
فبيتوهم ورفدتهم قريش بالسلاح فقاتلوهم فخرج عمرو ابن [سالم] الخزاعي
حتى وقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر شأنهم وما كان من
بني بكر وقريش من نقض العهد وقال [رجز]
لاهمّ إنّي ناشد محمّدا ... حلف أبينا وأبيه الا بلدا
إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك الموكدا
هم بيتونا بالوتير هجدا ... نتلو القرآن ركعا وسجّدا
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجهيز إليهم فقال له أبو بكر
اتنصرهم على قومك قال لا نصرت إن لم أنصرهم فخرج في عشرة آلاف رجل وسار
حتى نزل بساحتهم ولا علم لهم بشيء من ذلك فأمر كل رجل أن يوقد نارين
عظيمتين وخرج العباس بن عبد المطلب على بغلة رسول الله يلتمس أحدا
يبعثه إلى قريش بالخبر وكانت قريش لما خفى عليهم أمر المدينة رابهم ذلك
وخرج أبو سفيان بن حرب وبديل بن ورقاء يتجسسان فلما أشرفا على العسكر
والنيران هالهما ذلك فسمع العباس قول أبي سفيان لبديل
(4/233)
ما رأيت عسكرا قط أكثر من هذا فناداه
العبّاس يا با حنظلة هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومصباح قريش قال
فما الحيلة قال أن تركب في عجز هذه البغلة حتّى استأمن لك رسول الله
صلى الله عليه وسلم فركب خلفه ومر حتى بلغ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه
فلما رأه قال الحمد للَّه الذي أمكن منك بلا عهد ولا عقد وخرج يشد نحو
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر وهذا عدو الله أبو سفيان قد
أمكن الله منه فدعني أضرب عنقه فقال له العباس لا سبيل لك عليه إني قد
أجرته فبات عنده تلك الليلة فلما أصبح أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم
فقال ما آن لك أن تعلم أنّه لا إله إلا الله فقال بأبي أنت وأمي ما
أجملك وأكرمك وأوصلك للرحم لو كان معه غيره لقد أغنى عنا شيئا فقال له
العباس إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا فقال من دخل دار أبي
سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن إلا عبد
الله بن سعد بن ابى سرح ومقيس بن ضبابة وحويرث بن نقيذ [1] فاقتلوهم
ولو وجدتموهم تحت أستار الكعبة فجاء أبو سفيان إلى مكة فنادى هذا محمد
قد جاءكم بما لا قبل لكم به فمن حلّ
__________
[1] . نفيل MS.
(4/234)
داري فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن
أغلق بابه فهو آمن فتفرق الناس وأخذت بلحيته هند بنت عتبة وقالت بئس
الشيخ والله اقتلوه هلا مت كريما ودخل رسول الله في عشر سرايا كل سرية
ألف رجل وهو في كتيبة خضراء من المهاجرين والأنصار لا يرى منهم إلا
الحدق فأتى المسجد فطاف وحول الكعبة أصنام فجعل يشير إليها بقضب في يده
وهو يقول جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ
زَهُوقاً 17: 81 وهي تخر لوجهها وفيه يقول بعضهم [وافر]
وفي الأصنام معتبر وعلم ... لمن يرجو الثواب والعقابا
وأقام بمكة خمسة عشر يوما يقصر الصلاة ثم خرج إلى حنين،،،
[F؟ 153
r؟] ذكر غزوة حنين
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى هوازن وثقيف والطائف
وقائدهم مالك بن عوف [1] قد جمعوا أحابيشهم ولفهم وساقوا نعمهم ونسأهم
التماس الحفيظة وأخرجوا معهم دريد بن الصمة في شجار وهو شيخ كبير ليس
فيه شيء غير التيمن برأيه فلما بلغوا أوطاس قال دريد نعم مجال الخيل
__________
[1] . عوف بن مالك MS.
(4/235)
لا حزن ضرس ولا سهل دهس وأنشد [رجز]
يا ليتني فيها جذع ... أخب [1] فيها وأضع
أقود وطفاء الزمع ... كأنها شاة صدع
وخرج رسول الله في اثني عشر ألفا عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار
وألفين من طلقاء مكة ويقال أنه لما نظر إلى كثرة من معه قال لن نغلب
اليوم من قلة [2] فلما استقبلوا وادي حنين كان القوم قد كمنوا في
الشعاب والاخبات وكسروا جفون سيوفهم فشدوا على المسلمين شدة رجل واحد
فانهمروا راجعين لا يلوى أحد على أحد ورسول الله ينادي هلموا أنا رسول
الله ثم قال للعباس اصرخ في الناس وكان رجلا صيتا يا معشر الأنصار يا
أصحاب السمرة ففاء فيه المسلمون وحمى الوطيس واشتدت الحرب واجتلدوا
فانهزم المشركون وانحازوا إلى الطائف وأغلقوا باب مدينتها وصنعوا
الصنائع للقتال من الدبابات والضبور والمجانيق وأصاب المسلمون من سبي
هوازن
__________
[1] . واخبّMS.
[2] . كذا في الأصل Enmarge:
(4/236)
ستة آلاف رأس ومن النعم والأموال ما لا
يحصى وفيه يقول العباس بن مرداس السلمىّ [بسيط]
ونحن يوم حنين كان مشهدنا ... للدين عزا وعند الله مدخر
وقد ضربنا بأوطاس أسنتنا ... والله ينصر من يهدى وينتصر
وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين إلى الطائف قال فحاصرهم
بضعا وعشرين ليلة ورماهم بالمنجنيق ثم زحف نفر من أصحابه تحت الدبابة
فأرسلوا عليهم الحديدة المحماة فأحرقوهم وقال النبي لأبي بكر رأيت أني
أهديت إلى قعبة مملوءة زبدا فنقرها ديك فهراقت فقال أبو بكر رضي الله
عنه [ما] أظن أن تدرك هذه قال وأنا وارتحل من ساعته حتى نزل الجعرانة
فأتاه وفد هوازن وفيهم ظئره حليمة بنت ذؤيب فقالوا يا رسول الله إنما
في الحصار عماتك وخالاتك وحواضنك فأمنن علينا من الله عليك فقال
أولادكم ونساءكم أحبّ إليكم أم [1] أموالكم قالوا أولادنا ونساءنا قال
أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وإذا صليت فتقدموا وقولوا إنا
نستشفع برسول الله إلى المسلمين في أبنائنا
__________
[1] . من MS.
(4/237)
ونسائنا ففعلوا ذلك فقال النبي صلى الله
عليه وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فقال المهاجرون وما
كان لنا فهو لرسول الله فردوا إليهم أولادهم ونساءهم وأعطى رسول الله
صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم المؤلفة قلوبهم مائة مائة وأعطى أبا
سفيان مائة وأعطى لمعاوية [F؟
153 v؟] [1] بن أبي
سفيان مائة وأعطى صفوان بن أمية مائة وحويطب بن عبد العزي وعيينة بن
حصن والأقرع بن حابس مائة وأعطى العباس بن مرداس أباعر فسخطها وقال
[متقارب]
وكانت نهابا تلافيتها ... بكرى على المهر في الأجرع
فأصبح نهبي ونهب العبيد ... بين عيينة والأقرع
وما كنت دون امرئ منهما ... ومن يضع اليوم لا يرفع
فقال عم اقطعوا عني لسانه فاعطوه حتى رضي واعتمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم من الجعرانة وانصرف راجعا إلى المدينة وفي هذه السنة ولد
إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه جبريل فقال السلم عليك
يا إبرهيم وفيها مات ملك دمشق الحارث بن أبي شمر الغساني فملك مكانه
جبلة بن الأيهم وفيها ملكت بوران دخت
__________
[1] . ومعاوية MS.
(4/238)
بنت أبرويز فقال الرسول عليه الصلاة والسلم
حين بلغه الخبر لا يفلح قوم عليهم امرأة ثم دخلت سنة تسع من الهجرة وهي
سنة براءة فبعث سرية قطبة بن عامر بن حديدة إلى خثعم فأغار وسبى وغنم
ثم بعث سرية علقمة بن مجزّز المدلجي [1] إلى الساحل بمراكب الحبشة فلم
يلق كيدا ثم سار إلى تبوك،،،
ذكر غزوة تبوك
وهي من حد الروم ويسمى جيش العسرة وكان سبب هذه الغزاة أن هرقل أظهر
قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه فقال النبيّ تهيّئوا لغزاة
الروم وذلك في شدة الحر وجدب البلاد وقد طابت الظلال وأينعت الثمار
وبين تبوك والمدينة تسعون فرسخا وما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سفر إلّا يورّى بعيره إلّا تبوك فإنه أفصح بها وبينها للناس لبعد
الشقة وشدة الزمان وكثرة العدد وأمر الناس بالنفقة والحملان في سبيل
الله وهذه القصة مذكورة في كتاب الله في سورة براءة وخرج رسول الله في
ثلاثين ألفا منهم عشرة آلاف فارس واثنا عشر ألف راكب وثمانية آلاف راجل
وخلف عليا في أهله فقال رجل ما خلفه إلا استثقالا له فلما سمع علي أخذ
سلاحه ومضى حتى أدركه فذكر
__________
[1] . محرر المدلحى MS.
(4/239)
له قول الناس فقال أما ترضى يا بالحسن أن
تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فرضي علي ورجع وسار
النبي حتى أتى تبوك وقد تفرقت جموع هرقل فلم يلق كيدا وبعث من تبوك
خالد بن الوليد إلى دومة الجندل،،،
سرية خالد بن الوليد إلى اكيدر
صاحب دومة الجندل من تبوك [F؟
154 r؟] وقد قال له
النبي صلى الله عليه وسلم تجده [1] يصيد البقر فاتاه خالد في ليلة
مقمرة وهو على سطح فجاءت البقر تحك بقرونها باب القصر فخرج في فرسان
وتلقاهم فأسروه وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وصالحه على
الجزية وخلى سبيله وفيه قال [وافر]
تبارك سائق البقرات أني ... رأيت الله [يهدي] كلّ هاد
فمن يك حائدا [2] عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد
وفي هذه السنة نزلت سورة براءة فبعث أبا بكر أميرا على الحاجّ وأتبعه
بعليّ بن أبي طالب مع تسع آيات من سورة براءة وامره بأن يقرأها على
الناس ويؤذنهم بنقض العهد وقطع الذمّة فانصرف
__________
[1] . كذا في الأصل enmarge:
بن؟ حدهMS.
onmarginalequeci -dessus. [2]
بن حائدا MS.
(4/240)
أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال
أنت الأمير وعلي المبلغ فإنه لا يبلغ رجل عني إلا مني فقام علي في
الموسم والناس على سكناتهم من أهل الشرك فنادى أني [رسول] رسول الله
إليكم قالوا بماذا قال إنه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك
ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عهد من رسول الله فهو إلى مدته ومن
لا عهد له فله المدة إلى مأمنه وتلا عليهم الآيات فقال المشركون انا
نبرأ إلى الله من عهدك وعهد ابن عمك اللَّهمّ انا منعنا تبرك [1] ثم
دخلت سنة عشرة من الهجرة وهي سنة حجة الوداع فبعث سرية عكاشة بن محصن
إلى الجناب [2] فلم يلق كيدا ثم بعث سرية أسامة بن زيد إلى بلقاء [3]
من أرض فلسطين قال أثير بدم أبيك فقتل وسبى وأحرق ثم بعث سريّة عليّ
ابن أبي طالب إلى اليمن لقبض الصدقات ويقال كانت مرتين ثم بعث سرية عبد
الله بن حذافة السهمي وفي هذه ضربت الوفود إلى رسول الله صلى الله عليه
وسلم وذلك أنّ الناس كانوا يتربصون بالإسلام قريشا فلما أسلمت قريش
أسلمت العرب ودخلوا في دين
__________
etmemeannotation. [1]
تبرّكMS.
[2] . بساMs.
[3] . الحناب MS.
(4/241)
الله أفواجا وفيها حجّ رسول الله صلى الله
عليه وسلم لخمس بقين م؟ ذي القعدة وأحج نساءه كلهن وساق الهدى وخطب
خطبة الوداع ويقال خطبة البلاغ وهي مشهورة في العامة فقال يا أيها
الناس [اسمعوا] قولي فأني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا أبدا
وقفل إلى المدينة وفي هذه السنة كتب مسيلمة الكذاب إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم ثم دخلت سنة إحدى عشرة من الهجرة وهي سنة الوفاة فبعث
عمرو بن العاص إلى جيفر بن جلندي [1] الأزدي ملك عمان يدعوه إلى
الإسلام وأمر أسامة بن زيد على البعث إلى الشام ومرض رسول الله مرضة
التي قبضه الله فيها وذلك أنه نعي نفسه إلى أصحابه قبل موته بشهرٍ ثم
ابتدأ بشكواه في ليال بقين من شهر ربيع الأول صلى الله عليه وعلى آله
وصحابه الى يوم الدين أجمعين،،، آخر الجزء الثاني ويتلوه في الجزء
الثالث الفصل السابع عشر في خلق رسول الله وخلقه صلى الله عليه وسلم
والحمد للَّه رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين
الطيبين وسلم تسليما كثيرا
تمّ الجزء الرابع
__________
[1] . ل؟ يفر بن حليدى MS
(4/242)
|