البدء والتاريخ

الفصل التاسع عشر في مقالات أهل الإسلام
أعلم أن الاختلاف في هذه الأمة وقع مبتدئاً من الصدر الأول ثم هلم جراً إلى يومنا هذا ولا يدرى ما هو كائن بعد،،، ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الأرض كفار على اختلاف ما بينهم من اليهودية والنصرانية والشرك والإلحاد إلا بقايا متفرقين بقيت منهم بقية من الذين [1] يمسكونها وأفراد يدكوا [2] ما هم فيه من الضلالة وجعلوا يطلبون ديناً فمنهم من لم يخترم حتى أدرك ما طلب مثل أبو [3] الهيثم بن [4] التيهان وأسعد بن زرارة وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي وأبي قيس صرمة بن أبى أنس [5] ومنهم
__________
[1] . الدين
MS.
[2] . يدكؤ
MS.
[3] . ابن
MS.
[4] . وابن
MS.
[5] . أويس
MS.

(5/121)


من مات على هدى مثل زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وقس [1] بن ساعدة وبحيرا وأرباب [2] وعداس سمعوا منادياً ينادي قبل مبعث النبي صله خير أهل الأرض أرباب [2] وبحيرا الراهب وآخر لم يأت بعد يعني النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من طلب وتنصر ثم غلب عليه الشقاوة فارتكس وعاد إلى الضلالة مثل أبي عامر الراهب وأبي حنظلة العقيلي وأمية بن أبي الصلت الثقفي ولكل واحدٍ قصة نذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى، فلما خرج رسول الله صله ودعا الخلق إلى الله آمن من أجابه وكفر من رده وصاروا فرقتين مؤمن وكافر ثم لما خرج إلى المدينة حسده قوم فنافقوه فأظهروا الإسلام وأسرّوا الكفر فصار الناس ثلث فرقٍ كافر ومؤمن ومنافق وارتد قوم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مثل عبد الله بن أبي سرح القرشي [3] ومقيس بن صبابة الفهري وكعب [4] بن الأشرف وادعى قوم النبوة مثل مسيلمة الكذاب والأسود العنسي [5] هذا ما كان في عهد
__________
[1] . وقيس
MS.
[2] . رباب
MS.
[3] . عبد الله السرج
MS.
[4] . وطعمة
MS.
[5] . العبسيّ
MS.

(5/122)


النبي صلى الله عليه وسلم وكله باقٍ إلى يومنا هذا الكفر والنفاق والتنبي فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في الإمامة فتنازعها المهاجرون والأنصار ثم رجعوا إلى قول أبي بكر رضي الله عنه ان الأئمّة من قريش إلّا سعد ابن عبادة فإنه قال والله لا أبايع قرشياً [1] أبداً وبقي ذلك الاختلاف إلى يومنا هذا فمنهم من يجيز الإمامة من أفناء الناس ومنهم من يقصرها على قريش ثم الخلاف الثاني وقع في شان الردية فرأى أبو بكرٍ رضي الله عنه جهادهم بالسيف ورأى المسلمون خلاف ذلك ثم رجع أكثرهم إلى قول أبي بكرٍ وبقي الخلاف فإن من الناس من يقول كان قتالهم خطاء ثم الخلاف الثالث زمن عثمان رضي الله عنه أعانه قوم وقعد عن نصرته قوم ورأوا قتله حقاً فهذا الخلاف باقٍ ومن العثمانية من يفضلونه على أبي بكرٍ وعمر ثم الخلاف [F؟ 178 v؟] الرابع وقع في خروج طلحة والزبير وعائشة وأم حبيبة وزيد بن ثابت والنعمان بن بشير [2] وكعب بن عجرة وأبو سعيد الخدري ومحمد بن مسلمة والوليد بن عقبة وعمرو بن العاص في بيعة علي عم وقولهم لا نراك أهلاً لهذا الأمر فلما
__________
[1] . قراشيا
MS.
[2] . البشير
Corr.marg. ,ms.

(5/123)


انقضى أمر الجمل وقتل طلحة والزبير بن العوام بايعوه كلهم إلا معاوية وعمرو كان من أمرهم ما كان،،،
ذكر فرق الشيعة
منهم الغالية، والغرابية، والكرنبية، والروندية، والمنصورية، والربعية، والزيدية، واليعفورية، والشمطية [1] ، والسراجية، والكيسانية، والسبائية، والقحطبية، والخطابية، والجعفرية، والبيانية، والقطعية، والطيارة، والحلاجية، والمختارية، والخشبيّة، والكلامليّة، والواقفية، والمسلمية، ومنهم الباطنية، والاسماعيلية، والقرامطة، والشرامحة، والكاغذية، والرمية، والمبيضة، والكيالية، ويجمعهم كلهم الزيدية والإمامية ولقبهم المذموم الرافضة،،،
تفصيل هذه المراتب
وتفسيرها أعلم أن الشيعة أتوا في حياة عليّ ابن ابى طالب ثلث فرقٍ فرقة على جملة أمرها في الاختصاص به والموالات له مثل عمار بن ياسر وسلمان والمقداد وجابر وأبي ذر الغفاري وعبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر وجرير بن عبد الله البجلي ودحية بن خليفة ونظرائهم من الصحابة الذين لا يظن بهم غير الحق ولا نجد للطعن [2] فيهم موضعا وفرقة. تغالوا قليلا
__________
MS.voirci -apres. [1]
[2] . الطعن
MS.

(5/124)


في أمر عثمان وتميل إلى الشيخين رضوان الله عليهم بعض الميل مثل عمرو بن الحمق ومحمد بن أبي بكر ومالك الأشتر وقد قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب يخيب [1] الوليد بن عقبة [طويل]
وكان ولي الأمر بعد محمد ... علي وفي كل المواطن صاحبه
وكانوا يظهرون هذا المقدار في زمن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وفرقة تغلو غلواً شديداً وتقول قولاً عظيماً وهم أصحاب عبد الله بن سبا يقال لهم السبائية قالوا لعلي أنت إله العالمين أنت خالقنا ورازقنا وأنت محيينا ومميتنا فاستعظم علي ذلك من قولهم وأمر بهم فأحرقوا بالنار فدخلوا النار وهم يضحكون ويقولون الآن صح لنا أنك إله إذ لا يعذب بالنار إلا رب النار وزعم إخوانهم بعد ذلك أنهم لم تمسهم النار وإنما صارت عليهم بَرْداً وَسَلاماً 21: 69 كما صارت على إبراهيم عم وعند ذلك قال رضي الله عنه [رجز]
إني إذا رأيت أمراً منكراً ... أججت ناراً ودعوت قنبرا
فلمّا استشهد عليّ رضوان الله عليه افترقت الشيعة فقالت فرقة
__________
[1] .؟ يب
MS.

(5/125)


من الإمامية كان الإمام بعد النبي صله علي ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسن ثم علي بن الحسين ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد ثم موسى بن جعفر ثم علي بن موسى ثم محمد بن علي [ثم علي بن] محمد ثم الحسن بن علي ثم المهدي وهو الذي يذكره الحسين بن منصور المعروف بالحلاج في كتابه الموسوم بالإحاطة والفرقان ثم نسق الأئمة نسق الأهلة [F؟ 179 r؟] إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنا عَشَرَ شَهْراً 9: 36 وفيه أنشدت لبعضهم [كامل]
أدين بدين المصطفى ووصيه ... والطاهرين [1] وسيد العباد
ومحمد وبجعفر بن محمد ... وسمي مبعوث [2] بشط الوادي
وعلى المرضى ثم محمد وعلي ... المعصوم ثم الهادي
حسن وأكرم بعده بإمامنا [3] ... بالقائم المستور للميعاد
وأنشدت أيضا [رمل]
أنا مولى للنبي ثم للهادي علي ... وثمانٍ بعد سبطيه ومستور خفىّ
فهولاء جل الإمامية يقولون بالأئمة الإثنى عشر وأن الأمّة كفرت
__________
[1] . والثاهر بن
MS.
[2] . مبعوث
MS.
[3] . بإمامنا
MS.

(5/126)


كلّهم بردّ عليّ عم إلا ستة نفر سلمان والمقداد وجابر وأبو ذر الغفاري وعمار وعبد الله بن عمر وأن علياً يعلم كل ما يحتاج [1] الناس إليه وكذلك هؤلاء الأئمة وكلهم معصومون لا يجوز عليهم السهو والخطاء والغلط وفيه يقول الشاعر الناشي [رجز]
أحاط بالعلم ولا يصلح أن ... يسوس أمراً من [2] بعلم لم يحط
ويرون أن الدار دار كفرٍ حتى لو رمى رامٍ في جامعٍ من جوامع المسلمين لم يقع على مسلمٍ وأن سكوتهم للتقية والمداراة وينتظرون خروج الثاني عشر فيخرجون على الأمة بالسيف والسبي ويتأولون قوله تعالى يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ من قَبْلُ 6: 158 إنما هو قيام المهدي ولهم في ذلك أشعار كثيرة وأسطار بعيدة فمنها قول دعبل [طويل]
فلولا الذي نرجوه في اليوم أو غدٍ ... تقطع نفسي إثرهم حسراتي
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله البركات
فإن قرب الرحمن من ذاك مدتي ... وأخر من عمري ووقت وفاتي
شغبت ولم أترك لنفسي ريبة ... ورويت منهم منصلي وقناتي
__________
[1] . يحتاج
MS.
Motajoutedansl ,interligne. [2]

(5/127)


ومنهم القطعية قطعوا الإمامة عند وفاة موسى بن جعفر وأثبتوا لعلي بن موسى فسموا القطعية ومنهم الواقفية وقفوا عند موت موسى بن جعفر قالوا إنه لم يمت وهو القائم ومنهم الكرنبية أصحاب ابن كرنب الضرير زعم أن الإمام بعد علي الحسن ثم محمد ابن الحنفية وأن محمداً لم يمت ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً واحتج بالخبر لو لم يبق من الدنيا إلا عصر لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً قالوا وهو مقيم بجبل رضوى بني أسد قالوا وثم يخبر [1] شأنه إلى وقت خروجه يأتيه رزقه بكرة وعشيا ومنهم من يقول أن للأسد عقوبة لركوبه إلى عبد الملك بن مروان وفيه يقول الشاعر [وافر]
ألا قل للإمام فدتك نفسي ... أطلت بذلك الجبل المقاما
[
F؟ 179 v؟] أضر بمعشر وإلا آل منا ... وسموك الخليفة والإماما
وعادوا فيك أهل الأرض طراً ... مقامك عندهم سبعين عاما
وقالوا والمقال لهم عريض ... أترجون أمر ألقى الحماما
وما ذاق ابن خولة طعم موت ... ولا وارت له أرض عظاما
لقد أمسى وضل بشعب رضوى ... تراجعه الملائكة الكراما
__________
[1] . كذا في الأصل
MS. [؟] otationmarginale:

(5/128)


وأما السراجية فهم أصحاب حسان السراج وهم يزعمون أن ابن الحنفية ميت بجبال رضوى وأنه يبعث إذا بعث الخلق ويملأ الأرض عدلا حينئذ بالرجعة وأما الناووسية فأصحاب ابن ناووس البصري يزعمون أن جعفر بن محمد لم يمت ولا يموت وهو المهدي وأما السبائية فإنهم يقال لهم الطيارة يزعمون أنهم لا يموتون وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس وأن علياً لم يمت وأنه في السحاب وإذا سمعوا صوت الرعد قالوا غضب علي وقال عبد الله بن سبأ للذي جاء ينعى علياً لو جئتنا بدماغه في صرة لعلمنا أنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ومن الطيارة قوم يزعمون أن روح القدس كانت في النبي كما كانت في عيسى ثم انتقلت إلى علي ثم إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم كذلك في الأئمة وعامة هؤلاء يقولون بالتناسخ والرجعة ومنهم من يزعم أن الأئمة أنوار من نور الله تعالى وأبعاض من أبعاضه وهذا مذهب الحلّاجيّة وأنشدنى أبو طالب الصوفىّ لنفسه [بسيط]
كادوا يكونون........ [1] ... لولا ربوبية الرحمن لم يكن
فيا لها أعينا بالغيب ناظرة ... ليست كأعين ذات الماق والجفن
__________
[1] . كذا كان متروكا في الأصل
Lacunedanslems. ,notemarginale:

(5/129)


أنوار قدس لها باللَّه متصل ... كما يشاء بلا وهم ولا فطن
هم الأظلة والأشباح إن بعثوا ... لا ظلّ كالظلّ من فيء ومن سكن
فأما المغيرية فأصحاب المغيرة بن سعيد أثبتوا له النبوة وزعموا أن محمد بن الحنفية لو شاء أحيا الخلق حتى عاداً وثموداً فأخذه خالد بن عبد الله فقتله وصلبه وأما البيانية فإنهم أقروا بنبوة بيان وهو رجل من سواد الكوفة تأول قول الله عز وجل هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ 3: 138 أنه هو وكان يقول بالتناسخ والرجعة فقتله خالد بن عبد الله القسري وفيهما يقول الشاعر [كامل]
طال التجاوز عن بيان واقفاً ... وعن المغيرة عند مرج العاشر
يا ليته قد شال جذعا نخلةٍ ... بأبي حنيفة وابن قيس الماصر
وأما البزيغية فأصحاب بزيغ الحائك أقروا بنبوته وزعموا أنهم كلهم أنبياء يوحي الله إليهم واحتجوا بقوله تعالى وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ الله 3: 145 يعنى يوحى الله وزعموا أنهم لا يموتون ولكنهم يرفعون إلى الملكوت [
F؟ 180 r؟] وادعوا رؤية موتاهم كما يدعيه الهنود وزعم بزيع أنه صعد إلى السماء وأن الله مسح على رأسه ومج في فيه وأن الحكمة تنبت في صدره كما تنبت

(5/130)


الكمأة في الأرض وأنه رأى علياً قاعداً على يمين الرب جل جلاله وأما الكيسانية فأصحاب المختار بن أبي عبيد الثقفي وكان يلقب بكيسان وكان يدعي أنه يوحى إليه وأنّه يعلم الغيب ويقولون بإمامة محمّد بن الحنفية ويحتجون بأن علياً دفع الراية إليه بالبصرة وأما الخطابية فهم أصحاب ابن الخطاب يرون الشهادة بالزور على من خالفهم بالدماء والأموال ومن هاهنا لم يجز الفقهاء شهادة الخطابية ومنهم المنصورية وهم أصحاب منصور الكسف يزعمون أنه هو الذي قال الله تعالى وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً من السَّماءِ ساقِطاً 52: 44 وأما الغرابية فيزعمون أن عليا أشبه بالنبيّ عم من الغراب بالغراب فغلط جبريل لشبهه به وأما الروندية أصحاب أبي هريرة الروندي ويقال هم الهريرية زعموا أن الإمام بعد النبي صله العبّاس عم ثم بنوه لأن العم أولى من ابن العم ونبغت فرقة منهم في أيام أبي جعفر المنصور بمدينة الهاشمية وجعلوا يطوفون بقصره ويقولون أن أبا جعفر خالقهم ورازقهم وأن روح آدم صار في عثمان ابن نهيك [1] وأن جبريل هو الهيثم بن معاوية فأخذ المنصور جماعة منهم وحبسهم فنقم الباقون واستعرضوا الناس
__________
[1] . نفيل
MS.

(5/131)


يمرجونهم بالسيف فخرج إليهم المنصور فاصطلمهم ومضت طائفة منهم إلى حلب واستغووا ذوي العقول الضعيفة وزعموا أنهم بمنزلة الملائكة وخيطوا الحرير على مثال الأجنحة وغرزوا فيه الريش وصعدوا تلاً عظيماً بحلب وطاروا منه فتكسروا وهلكوا وأما اليمانية فإنهم أصحاب يمان بن رباب زعموا أن الله عز وجل على صورة إنسان يهلك كل شيءٍ إلا وجهه وكفروا بالقيامة وزعموا أنّ الدنيا لا تفنى واستحلّوا الميتة [1] والخمر وزعموا أنها أسماء رجال كره الله ولايتهم يعنون أبا بكر وعمر وعثمان واما الهاشميّة فانّهم أصحاب هشام بن الحكم يقولون بالجبر والتشبيه وأنّ الله عزّ وجلّ نورا يتلألأ على صورة المصباح وهو من متكلميهم وشطارهم ومنهم الشيطانية أصحاب شيطان الطاق قريب قوله من قول هشام ومنهم الجعفرية أجهروا القول بأن جعفر هو الله وأنه ليس بالذي يرى ولكنه يشبه الناس بهذه الصورة الذميمة [2] القبيحة للاستئناس وأما القرامطة فأصحاب القرمط وهو رجل من سواد الكوفة أباح لهم قتل من خالفهم فلذلك خرجت القرامطة على الحجّاج
__________
[1] . الميتة
MS.
[2] . الدميمة
MS.

(5/132)


غير مرة وأما الزيدية فإنهم أصناف منهم الجارودية أصحاب سليمان بن جرير الجارود قالوا أن النبي نص على علي بالوصف لا بالتشبيه [1] ثم الحسن ثم الحسين فكل من خرج من هذين البطنين شاهراً سيفه عالماً بالكتاب والسنة فهو الإمام ومنهم الجريرية أصحاب سليمان بن جرير الرقي قالوا كانت الإمامة لعلي وأن بيعة أبي بكر وعمر كانتا خطاء من جهة التأويل فلا يستحقان الكفر والفسق ولكن من حارب علياً فهو كافر وأما الزيدية يزعمون أن أبا بكر وعمر كانا مستحقين للإمامة لأن علياً سلم ذلك إليهما [F؟ 180 V؟] ووقعوا في عثمان وأما الروندية [2] فإنهم قوم يقولون أن الأمة كفرت بدفع علي وأما الخشبية فإنهم أصحاب إبراهيم بن مالك الأشتر قتلوا عبيد الله بن زياد وكان عامة سلاحهم ذلك اليوم الخشب وأما الباطنية فأصناف وفرق وأسماؤهم مختلفة لدعوة كل ناجم منهم إلى نفسه وعامتهم يظهرون الإمامة ويدعون للقرآن تأويلا باطنا ومن أراد الظهور على وهن مذهبهم وخطاء دعواهم فلينظر في كتبهم فإنه يجد الوقت الّذي
__________
[1] . السبة
MS.
[2] . كذا كان في الأصل
otationmarginale:

(5/133)


ضربوه لخروج ملتهم واعتلاء شأنهم قد فات منذ ثلاثين سنة وللمسلمين عليهم مستخف بجوابهم لأن عقائد الناس إما كفر وإما إيمان وهم يريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً فأي امرئٍ يعجز عن تأويل ما غيروه عن ظاهره إلى ما أحب وأراد وما بلغ أحد منهم ما بلغ ابن رزام فإنه أظهر عورتهم وملأ جلودهم مساءةً وعيباً ويذكر قوم أن بدو أمرهم ظهر في أيام أبي مسلم فإن الخرمية [1] احتالوا في إزالة الملك إلى العجم فموهوا هذه النحلة وزينوها للجهال ودعوا إليها في السر ومحصول أمرهم التعطيل والإلحاد وأما اليعفورية والشمطية والأقحطية فأصناف منسوبون إلى يعفور والأشمط والأقحط،،،
ذكر فرق الخوارج
منهم الأزارقة، والنجدات [2] ، والراسبية [3] ، والإباضية، والقطويّة، والمبهوتيّة، والصفريّة، والعجرديّة، والكوزيّة، والا؟ اديّة [4] ، والبيهسيّة، والحازميّة، والخلفيّة،
__________
[1] . الحرّميّة
MS.
[2] . والنجدات
MS.
[3] . والراسيه
MS.
[4] . والا؟ اديّة
MS.

(5/134)


والأخنسية، والمعبدية، والصلتية، والخمبرية، والمكرمية، والبدعية، والسابية، والثعلبية [1] ويجمعهم كلهم اسم الخوارج والشراة والحرورية والحكمية ولقبهم المذموم المارقة وأصل مذهبهم إكفار علي بن أبي طالب رضي الله عنه والتبرّؤ من عثمان بن عفان رضي الله عنه في الست سنين [2] والتكفير بالذنب والخروج على الإمام الجائر،،،
تفصيل هذه المذاهب
وتفسيرها روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم قسماً فجاء ذو الخويصرة حرقوص بن زهير التميمي فقال ما عدلت منذ اليوم فقال عمر ائذن لي اضرب عنقه فقال دعه يا عمر فإن له اصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يؤمهم رجل أسود له ثدي كثدي المراة ويروى وفيهم نزل وَمِنْهُمْ من يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ [3] فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا 9: 58 الآية وروي عن أبي سعيد أنّه قال أشهد
__________
[1] . والتعلبية
MS.
[2] . كذا وجدت وانما أظن صوابه في ستة سنين
otationmarginale:
[3] . بالصدقات
MS.

(5/135)


أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن علياً حين قتلهم جيء بالرجل على النعت وكان بدؤ أمرهم حين حكم على الحكمين بصفين فنادت الخوارج لا حكم إلا للَّه فلما رجع علي إلى الكوفة اعتزل عبد الله بن الكواء وشبيب بن ربعي [1] في اثني عشر ألفاً ويقال في ستة آلاف فنزلوا حروراء قرية من السواد وبها سموا الحرورية فبعث علي عبد الله بن العباس إليهم فكلمهم [F؟ 181 r؟] وناظرهم بأن الله عز وجل قد حكم في فدية أرنب ذوي عدلٍ فما يضر إن حكم في دماء المسلمين فرجع عبد الله بن الكواء في ألفي رجل وبقي الباقون وأمروا عليهم عبد الله بن وهب [2] الراسبي ثم سموا الراسبية ثم أخذوا في الفساد فقال عليّ عم دعوهم حتى أخذوا الأموال وسفكوا الدماء فمروا بالمدائن ولقيهم عبد الله بن خباب بن الأرت وكان والياً عليها فقالوا له حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثهم بحديث في الفتن يوجب القعود عن الحرب وان يكون الرجل عبد الله المقتول ولا يكون عبد الله القاتل فتأولوا عليه أنّه يدين بتخطئتهم في الخروج فقتلوه وبقروا
__________
[1] . زبعى
MS.
[2] . واهب
MS.

(5/136)


عن بطن امرأته وقتلوا نسوةً وولداناً فخرج عليّ إليهم وقال ادفعوا إلينا قتلة إخواننا ونحن تاركوكم فأبوا عليه وثاروا به فتهيأ علي لقتالهم ودعا المسلمين إليهم فقتلهم بالنهروان ولم يخطئ السيف منهم عشرة آلافٍ وكان المخدج ذو الثدية قد دخل تحت القنطرة والتاط بسقفها فقال علي اطلبوه فو الله ما كذب رسول الله فحمحمت البغلة فنظروا فإذا هو تحت القنطرة فأخرج وقتل ورجع عبد الله بن وهب قبل القتال وخرج مسعر بن فدكي إلى البصرة ومر أبو مريم السعدي إلى شهرزور ومر فروة بن نوفل الى بندنيجين [1] وهو يقول ومن هاهنا ثبت مذهب الخوارج في الأرض. [وافر]
كرهنا أن نريق دماً حراماً ... وهيهات الحرام من الحلال
وقلنا في التي بقولٍ ... معاذ الله من قيلٍ وقال
نقاتل من يقاتلنا ونرضى ... بحكم الله لا حكم الرجال
وفارقنا أبا حسنٍ علياً ... فما من رجعةٍ إحدى [2] الليال
فحكم في كتاب الله عمراً ... وذاك الأشعريّ أخا الضلال
__________
[1] .؟ بندنيحين
MS.
[2] . أخرى
rectionmarginale:

(5/137)


ومنهم الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق أخذوا الناس بالبراءة ممن قصد عسكرهم وأمّا البيهسيّة أصحاب أبي بيهس هيصم بن جابر كان يرى الدار دار شرك واستحل دماء أهل القبلة وهرب من الحجاج إلى المدينة فأخذه عامل الوليد بن عبد الملك فقطع يديه ورجليه وأما الميمونية فإنهم يجيزون نكاح بنات الابن وبنات البنات وبنات بني الإخوة وبنات بنات الأخوات قالوا لأن الله عز وجل يقول وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ 4: 24 وقالوا ليست سورة يوسف من القرآن ولا حاميم عين سين قاف وأما البدعية فإنهم يزعمون أن الصلاة صلاتان بالغداة ركعتان وبالعشي ركعتان لا غير وأما الحمزية فإنهم أصحاب حمزة الشاري وحمزة غرق في وادي كرمان ويزعمون أنه راجع إليهم بعد مائة وعشرين سنة وأما العجاردية فهم أصحاب ابن عجرد يزعمون أنه يجب [1] البراءة من الطفل حتى يبلغ فإذا بلغ وجب أن يدعى إلى الإسلام فإن أجاب تولى حينئذٍ [F؟ 181 v؟] وأما المعلومية فإنهم يقولون من لم يعلم الله بجميع أسمائه فإنه كافر ومنهم الأباضية أصحاب الحارث بن أباض ومن ولده ماهرت سلم عليه بالخلافة والصلتيه أصحاب
__________
[1] . يجب
MS.

(5/138)


الصلت بن أبي الصلت والأخنسية أصحاب الأخنس وكل فرقة منهم منسوبة إلى إمامهم الذي يتوالونه فمنهم من يقول لا حجة إلا للَّه على خلقه في التوحيد إلا بالخير [1] ومنهم من يقول من قال بلسانه أن الله واحد وعنى المسيح فهو صادق بلسانه مشرك بقلبه وأفضلهم النجدات وهم أصحاب نجدة الحنفي كان من نافع بن الأزرق فلما أخذ نافع الناس بالبراءة والمحنة فارقه وقال إذا أخطأ الرجل في حكم من الأحكام من جهله فهو معذور وإذا أذنب رجل منهم خرج من الإيمان وإن كان من غيرهم كفر ومن نظر نظرة أو كذب كذبة بإصرار فهو مشرك وإن زنا أو سرق من غير إصرارٍ فهو مسلم قالوا وأطفال المشركين في الجنة وهذا لا يقبله من الخوارج غيرهم،،،
ذكر فرق المشبهة،
الهشامية، والمغيرية، واليمانية، والمقاتلية، والكرامية، والجواربية، وكثير من أصحاب الحديث وأصحاب الفضاء وعامة النصارى واليهود إلا العنانية [2] ،،،
تفصيل هذه المذاهب
أما هشام بن الحكم فانّه يزعم أنّ الله
__________
[1] . بالخير
MS.
[2] . العناينة
MS.

(5/139)


جسم طويل عريض نور من الأنوار له قدر من الأقدار مصمت ليس مجوفاً ولا متخلخلاً كأنه سبيكة تلألأ من جميع جهاتها ومثل ذلك من الدرة تكون من كل أطرافها واحدة وأن لونه هو الطعم وهو الرائحة وهو المحس وأنه قد كان لا في مكانٍ ثم حدث المكان بحدوث الحركة وأنه ذو أبعاضٍ وأجزاءٍ وأنه سبعة أشبارٍ وأما المغيرية فإنهم أصحاب المغيرة بن سعد زعم أن الله عز وجل على صورة رجلٍ من نورٍ عليه تاج من نورٍ وله من الأعضاء ما للرجل وله جوف وقلب ينبع منه الحكمة وأن حروف أبي جادٍ على عدد أعضائه فالألف موضع قدميه والميم موضع رأسه والسين صورة أسنانه والعين والغين صورة أذنيه والصاد والضاد صورة عينيه وزعم أنه عرج إلى السماء فمسح الرب رأسه وقال اذهب يا بني إلى الأرض وقل لهم أن علياً [1] يميني وعيني، وأما اليمانية فهم أصحاب يمان بن زياد زعم أن الله على صورة إنسان يهلك كله إلا وجهه [2] ، وأما الجواربية أصحاب داود الجواربي زعم أن الله جسم منصف من فمه إلى صدره أجوف
__________
[1] عليّ بن أبى طالب
rectionmarginale:
[2] . وجهة
MS.

(5/140)


ومن صدره إلى أسفله مصمت وأما المقاتلية فهم أصحاب مقاتل ابن سليمان زعم أن الله جسم من الأجسام لحم ودم وأنه سبعة أشبارٍ بشبر نفسه، وأما الكرامية فإنهم أصحاب محمد بن كرام وهم سكان الخانقة [1] يزعمون أن الله تعالى جسم لا كالأجسام مماسّ على العرش، وأصحاب الفضاء يزعمون انه جسم لا كالأجسام بسيط مكان الأشياء كلها وأما أصحاب الحديث فإنهم يصفونه بكل ما جاء في الخبر ودل عليه القرآن من اليد والرجل والجنب والعين والأصابع والسمع والأذن وغير ذلك [F؟ 182 r؟] ، ومن الصوفية من يزعم أنه ربما يلقاه في بعض الطرق ويعانقه ويقبله جل البارئ عن صفةٍ لا تليق به لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ 42: 11 سبحان الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً وقد مضى من النقض [2] على أهل التشبيه في فصله ما فيه كفاية وما أحسن ما يقوله الناشي [بسيط]
ما في البرية أخزى عند فاطرها ... ممن يقول بإجبار وتشبيه
__________
[1] . الخانقاه
MS.
[2] . النقص
MS.

(5/141)


ذكر فرق المعتزلة
منهم العبادية، والذمية، والمكاسبة، والبصريّون، والبغداذيّون، وأصل مذهبهم القول بالأصول الخمس وهي التوحيد والعدل والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمنزلة بين المنزلتين فمن خالفهم بالتوحيد سموه مشركاً ومن خالفهم في الصفات سموه مشبهاً ومن خالفهم في الوعيد سموه مرجئاً وإنما سموا معتزلةً لأنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري رحمه الله وذلك أن الناس اختلفوا في مرتكبي الكبائر فقالت الخوارج كلهم كفار وقالت المرجئة هم مؤمنون وقال الحسن هم منافقون فاعتزل واصل بن عطاء ومن تبعه وقالوا هم فساق وليسوا بمؤمنين ولا منافقين ولا كافرين وهذه المنزلة بين المنزلتين وأجمعت المعتزلة على أنه لا يجوز القول بجواز الرؤية على الله عز وجل إلا أبا بكر الإخشيذيّ صاحب أبي علي الجبائي فإنه قال بالرؤية من غير تحديد وتكييف وأجمعوا انه لا يجوز القول بأن القرآن غير محدث إلا رجلاً يقال له عبد الله بن محمد الأبهري كان قاضي نهاوند يزعم أنه لا يجوز القول بأن القرآن محدث وأجمعوا بأن الله عز وجل ما قدر المعاصي ولا قضاها إلا جعفر بن حربٍ فإنه أجاز القول بأن الله أراد الكفر على معنى أنه أراد

(5/142)


أن يكون الكفر مخالفاً للإيمان وأن يكون قبيحاً غير حسنٍ وأما العبادية فإنهم أصحاب عباد بن سليمان كان يزعم أن الأعراض لا تدل على الله عز وجل وإنما الأجسام هي [1] التي تدل عليه وكان يمنع من القول بأن الله عز وجل لم يزل عالماً بالأشياء قبل كونها لأن المعدوم عنده ليس بشيء وما ليس بشيءٍ فلا يجوز أن يعلم ويرى قتل من خالفه أن أمكن وأما الذمية فإنهم أصحاب أبي هاشم وأبي علي الجبائي يزعمون لو أن رجلاً أصر على مائة ذنب فتاب وانتزع من تسعة وتسعين منها أن توبته غير مقبولة ما لم يرجع عن جميعها وهو مستحق للذم على توبته وأمّا المكاسبة فإنّهم قوم لهم ذريات في حدود مهرجان قذق [2] لا يرون الكسب لأن الدار عندهم دار كفر وأما البصريون فإنهم الذين أصلوا هذا المذهب مثل واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وأبى الهذيل ابن العلّاف وابى إسحاق النظّام والبغداذيّون يخالفونهم في أشياء من اعتلالهم دون الأصول منهم ثمامة بن أشرس والجعفران وزعم ابن الروندي في كتاب فضائح المعتزلة أن جعفر العتبىّ منهم يحلّ
__________
[1] . هو
MS.
[2] . فوق
MS.

(5/143)


الخضخضة [1] وان ع؟ أر منهم [2] يحل شحم الخنزير وتفخيذ الصبيان وحدثت عن أبي عثمان الجاحظ أنه كان يقول الكلام للمعتزلة والفقه لأبي حنيفة والبهت [F 182 v؟] للرافضة وما بقي فللعصبية [3] وأنشدت لأبي محمد بن يوسف السورىّ [بسيط]
ما ملة فوق ظهر الأرض من ملل ... إلا تهيب عن تسآل معتزل
قوم إذا ناظروا صالوا بعلمهم ... صول البزاة على الدراج والحجل
للَّه درهم فهماً ومعرفةً ... وفطنة بلطيف القول والجدل
ذكر فرق المرجئة
منهم الرقاشية، والزيادية، والكرامية، والمعاذية، وأصل مذهبهم ترك القطع على أهل الكبائر إذا ماتوا غير تائبين بعذاب أو عفو وأرجؤوا أمرهم إلى الله عز وجل ولهذا سموا المرجئة ومنهم صنف يقولون بتحرير الخصوص وذلك أن كل آية نزلت في وعيد أهل الصلاة قالوا يجوز أن يكون في المستحلين لها دون غيرهم وصنف يقولون بالاستثناء ومعناه أن يكون الوعيد مقروناً بالاستثناء عند الله عز وجل لم يظهره لخلقه
__________
[1] . الحضحضة
MS.
[2] . كذا في الأصل
otationmarginale:
[3] . فللعصبية
MS.

(5/144)


كأنّه قال وَمن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها 4: 93 أن جازاه وإن لم يتب فأما الرقاشية فإنهم أصحاب الفضل الرقاشي قال لا يعذب الله أحداً من أهل التوحيد على ذنب وهو قول المعاذية أصحاب يحيى بن معاذ الرازي يرون ان الله عز وجل من جوده وفضله ورحمته لا يعذب أحداً على ذنب ما لم يبلغ الكفر وأما الزيادية فإنهم أصحاب محمد بن زياد الكوفي زعم أن من عرف الله عز وجل وأنكر الرسول فهو مؤمن كافر مؤمن باللَّه عز وجل كافر بالرسول وأما الكرّاميّة فإنّهم أصحاب محمّد ابن كرام يزعمون أن الإيمان قول مجرد والمنافق مؤمن ثم يفترقون فمنهم الصواكية ومنهم المعية ومنهم الذمية وليس في ذكرهم وذكر مذهبهم كثير فائدة أو معنى وقالوا كلهم لو أن الله عفا عن واحد من مرتكبي الكبائر عفا عن كل من هو في مثل حاله وكذلك إن عاقب واحداً منهم عاقب كلهم إلا أن أبا حنيفة [1] فإنه يقول يجوز أن يغفر لبعض ويعاقب بعضاً وقال عون بن عبد
__________
[1] قلت والاصحّ انه يغفر لمن يشاء ويعذّب
marginalemoderne: من يشاء والدليل في ذلك قوله تعالى إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فتأمّل،

(5/145)


الله بن عتبة بن مسعود [وافر]
وأول ما نفارق غير شك ... ؟ فارق ما تقول المرجئونا
وقالوا مؤمن دمه حرام ... وقد حرمت دماء المؤمنينا
هو القرآن حقاً غير خلق ... كلام الله رب العالمينا
وإن الله حرم كل خمر ... إذا غطت عقول الشاربينا
ذكر فرق المجبرة والمجورة [1]
منهم الجهمية، والضرارية، والنجارية، والصباحية، فأما الجهمية فأصحاب جهم بن صفوان الترمذي قتله بمرو سلم بن أحوز [2] قاتل يحيى بن يزيد رحمه الله وكان لا يقول إن الله شيء لأن الشيء عنده محدث ولكنه منشئ الشيء وإن علمه شيء غيره وهو محدث وإن الجنة والنار يفنيان لا يدومان والإيمان بالمعرفة والقلب فقط دون الإقرار والعمل ولا فعل لأحد في الحقيقة إلا الله عز وجل وإن العباد فيما ينسب إليهم من الأفعال كالشجرة تحركها الريح وهي فعل الله عز وجل على الحقيقة فأفعالها [3] منسوبة إليهم على المجاز، وأما الضراريّة فإنّهم
__________
[1] . والمجوّزة
MS.
[2] . سلم بن حور
MS.
[3] . فأفعاله
rectionmarginale:

(5/146)


أصحاب ضرار بن عمرو يقول بفعل فاعلين على الحقيقة وأن الله خلق فعل العبد والعبد فاعله على الحقيقة دون المجاز الذي يقول جهم، وأما النجارية فهم أصحاب الحسين [1] النجار يقول بفعل فاعلين الله فاعله والعبد مكتسبه، وأمّا الصباحية فهم أصحاب الصباح بن السمرقندي زعم أن الخلق والأمر من الله لم يزالا كما لم يزل الخالق ومثل ذلك بالنائم يرى أنه بالشام أو بمكة أو يأكل أو يشرب من غير أن يكون شيء من ذلك قال وكل هؤلاء مجمعون أن الكفر والمعاصي بقضاء الله وقدره ومشيته وعلمه وقدرته لا يرضاه ولا يجيبه إلا رجلاً من المتأخرين يقال له محمد بن بشير الأشعري فإنه يزعم أن الله يرضى وجعل قوله وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ 39: 7 على الخصوص وأنشدت أبا العباس السامري بمرو وكان يجهر القول بأن الله عز وجل خلق كافراً ومؤمنا حين خلق [خفيف]
اصفع المجبر الذي ... بقضا السوء قد رضي
فإذا قال [2] لم صفعت ... فقل هكذا [3] قضى
وأنشد [طويل]
__________
[1] . حسن
Ms.
Motajouteenmarge. [2]
deuxfoisdanslems. [3]

(5/147)


بلى ربنا الجبار والجبر فعله ... ومجبوره في الخلق يلقى به الحشرا
ذكر فرق الصوفية
منهم الحسنية، والملامتية، والسوقية، والمعذورية، وجملة أمرهم انهم لا يحملون على مذهب معلوم ولا عقيدة مفهومة لأنهم يدينون بالخواطر والمخائيل [1] وينتقلون من رأي إلى رأي فمنهم من يقول بالحلول كما سمعت واحداً منهم يزعم أن مسكنه بين عوارض المرد ومنهم من يقول بالإباحة والإهمال ولا يدعون للوم اللائمين ومنهم من يقول بالعذر ومعنى ذلك أن الكفار عندهم معذورون في كفرهم وجحودهم لأنه لا يتجلى لهم واحتجب دونهم ومنهم من يقول أن الله لا يعذب أحداً ولا يعبأ بخلقه ومنهم من يقول بالتعطيل المحض والإلحاد البحت ومرجوع أمرهم إلى الأكل والشرب والسماع واتباع الهوى ومتابعة النفس،،،
ذكر فرق أصحاب الحديث
ويلقبون بالحشوية والمخلوقية واللفظية والنصفية والفاضلية والصاعدية والساوية والمالكية ويجمعهم القول بأن الإيمان قول وعمل ومعرفة يزيد بالطاعة وينقص
__________
[1] . والمحاييل
MS.

(5/148)


بالمعصية وإن خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي عليهم السلام واختلفوا بعد ذلك فروى عن احمد ابن حنبل انه قال فلو قال قائل. ثم علي لرجوت وذهبت إلى حديث ابن عمر وأن معاوية خال المؤمنين وخليفة رب العالمين وأن من قال القرآن مخلوق فهو كافر باللَّه عز وجل، وأما المخلوقية فيزعمون أن الإيمان مخلوق وحدثني محمد بن خالويه بالسوس قال حدثني أحمد بن حنبل عن أبيه أنه قال من قال القرآن مخلوق فهو كافر باللَّه لأن الإيمان من القرآن وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال ومن يكفر بالإيمان قال باللَّه وأما النصفيّة فيزعمون نصفه مخلوق وأمّا اللفظية فإنهم أصحاب الحسين الكرابيسي يزعمون أن اللفظ بالقرآن [F؟ 183 v؟] غير مخلوق وأما الفاضلية فإنهم يفضلون النبي صلى الله عليه وسلم على القرآن وأما الصاعدية فهم أصحاب ابن صاعد يجيزون خروج أنبياء بعد نبينا صلى الله عليه وسلم لأنه روي لا نبي بعدي إلا ما شاء الله والمالكية يقولون بمحاش النساء والسراوية يكرهون أن يزيدوا الوتر على الركعة الواحدة لأن فيها مخالفة للسنة والساوية يقولون نحن مؤمنون [1] إن شاء الله فيعقدون الاستثناء على المراضي
__________
[1] . مؤمنين
MS.

(5/149)


ويلقب هؤلاء بالشكاك وأما البربهارية فإنهم يجهرون بالتشبيه والمكان ويرون الحكم بالخاطر ويكفرون من خالفهم والكلابية أصحاب أبي عبد الله بن كلاب مناظرهم ولسانهم وصدرهم [1] وأنشدت لبعضهم [بسيط]
وجاهل يدعي علماً وليس له ... علم يوازن عندي قشرة البصل
يقول من جهله الإيمان أجمعه ... باللَّه ليس سوى قول ولا عمل
لو كان حقاً نجا إبليس من لهب ... بقوله رب أنظرني إلى أجل
تم الفصل التاسع عشر بتوفيق الله وحسن تأييده
__________
[1] . ومدرهم
MS.

(5/150)