البدء والتاريخ
المجلد السادس
الفصل الحادي والعشرون في ولاية بني أمية إلى آخر أيامهم على الاختصار
وما كان فيه من فتنة ابن الزبير والمختار بن أبي عبيد
ولاية معاوية بن أبي سفيان
وصار الأمر إلى معاوية سنة أربعين من الهجرة وكان ولي لعمر وعثمان
عشرين سنة ولما سلم الحسن الأمر إليه ولى الكوفة المغيرة بن شعبة وولى
البصرة وخراسان عبد الله بن عامر بن كريز وولى المدينة مروان بن الحكم
وانصرف معاوية إلى الشام وفي هذه السنة افتعل المغيرة كتاباً من معاوية
إلى أهل الموسم في الإمارة وحج بالناس فوقف يوم التروية ونحر يوم عرفة
خوفاً أن يفطن الناس بكتابه ثم نزع معاوية عبد الله بن عامر عن البصرة
وولاها زياد بن أبيه ثم لما
(6/1)
مات المغيرة بن شعبة جمع له العراقين وهما
الكوفة والبصرة وهو أوّل من جمع له العراقان،،،
قصة زياد بن أبيه
قالوا أن معاوية أول من ادعى إلى غير أبيه فادّعى زيادا أخا لما رأى من
جلده ونفاذه وزياد هو ابن عبيد من ثقيف وأمه سمية وقد قال الحسن
والشعبي أن سرك أن لا تكذب فقل زياد بن أبيه وفيه يقول ابن المفرغ [1]
[بسيط]
العبد للعبد لا أصل ولا شرف ... ألوت به ذات أظفارٍ وأنياب
وكان زياد كاتباً للمغيرة بن شعبة ثم كتب لأبي موسى الأشعري ثم كتب
لابن عامر ثم كتب لابن عباس ثم كتب لعلي بن أبي طالب عم وكان له من
الولد ثلاثة وأربعون منهم عشرون ذكراً وثلاث وعشرون أنثى ومات زياد
بالكوفة سنة ثلاث وخمسين من الهجرة وذلك أنه كان غشوماً ظلوماً هصوماً
جبى العراق مائة ألف ألف وجعل يخطب الحجاز ويهدد أهله بالقتل وكتب إلى
معاوية إني قد ضبطت العراق بيميني وشمالي فارغة فضم إليه الحجاز فاجتمع
أهل المدينة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا
__________
[1] . المقرع MS.
(6/2)
عليه فخرجت في يده الآكلة فشغله عن ذلك
وكان يناله من عليّ عم فضربه النقاد [1] ذو الرقبة يعنى الفالج فقتله
بالكوفة،،،
ذكر موت المغيرة بن شعبة
وقع الطاعون بالكوفة فهرب المغيرة ابن شعبة ثم لما سكن عاد فطعن فمات
فقال اعرابىّ [طويل]
ارسم ديار للمغيرة تعرف ... عليه دواني الإنس والجن تعزف
فإن كنت قد لاقيت هامان بعدنا ... وفرعون فاعلم أن ذا العرش منصف
ومات عمرو بن العاص
بمصر يوم الفطر فصلّى عليه ابنه عبد الله ابن عمرو بن العاص ثم صلى
بالناس صلاة العيد وخلف عمرو من المال ثلاثمائة ألف دينار وخمسة وعشرين
ألف دينار ومن الغلة ما يبلغ ارتفاعها في السنة مائتى ألف دينار ومن
الورق ألفي ألف درهم وفيه يقول الشاعر] [F؟
200 v؟] طويل]
ألم تر أن الدهر أذكى عيونه ... على عمرو السهمي تجبى له مصر
ولم يغن عنه كيده واحتياله ... وحيلته حتى أتيح [2] له الدهر
قالوا وولى معاوية خراسان الحكم بن عمرو الغفاريّ وكانت له
__________
[1] . النعارMS.
[2] . أتيح MS.
(6/3)
صحبة وافتتح جبال الغور ومات بمرو ثم ولاها
عبيد الله بن زياد فغزا طخارستان وملكتها فتح خاتون فقاتلها وهزمها
وانتهب مملكتها سبعاً ثم صارت إلى الصلح فصالحها على مال وخلى لها
ملكها ونواحيها ثم غزا ما وراء النهر وأغار على بخارا وغنم منها غنائم
كثيرة وعاد إلى البصرة ثم ولاها سعيد بن عثمان بن عفان وغزا ما وراء
النهر وصالح أهل سمرقند على أن يدخل باباً من أبوابها ويخرج من الآخر
وأخذ منهم رهائن أن لا يغدروا به فدخل وخرج وانصرف بالرهائن وغدر بهم
وحملهم الى المدينة وجعل يستعملهم في النخيل والطين وهم أولاد الدهاقين
وأرباب النعم فلم يطيقوا ذلك العمل وسئموا عيشهم فوثبوا عليه في حائط
له فقتلوه ثم قتلوا أنفسهم بالحبل خنقاً ثم ولاها أسلم بن زرعة وكان
غشوماً ظلوماً فأخذ أهل مرو بأن يكفوا عنه نقيق الضفاضع فأخبروه بأن
ذلك غير ممكن فضاعف عليهم الخراج مائة ألف درهم وفي أيام معاوية افتتح
من الروم روذوس وهو على يومين من القسطنطينية وأقام المسلمون بها سبع
سنين وافتتح من خراسان سمرقند وكش ونسف وبخارا وافتتح الربيع بن زياد
الحارثي بلخ وما يليها وكان والياً من عند معاوية
(6/4)
فمات بمرو فلما حج معاوية جاءه الحسن
والحسين وابن عباس رضي الله عنهم وسألوه أن يفي لهم بما ضمن فقال أما
ترضون يا بني هاشم أن نوفر عليكم دماءكم وأنتم قتلة عثمان ولم يعطهم
مما في الصحيفة شيئاً،،،
وفاة الحسن بن علي رضي الله عنهما
وتوفي الحسن في سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين [سنة] واختلفوا في
سبب موته فزعم قوم أنه زج ظهر قدمه في الطواف بزجٍ مسمومٍ وقال آخرون
أن معاوية دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس بأن تسمّ أحسن ويزوجها يزيد
فسمته وقتلته فقال لها معاوية إن يزيد منا بمكان [1] وكيف يصلح له من
لا يصلح لابن رسول الله وعوضها منه مائة ألف درهم وفي أيام معاوية ماتت
عائشة رضي الله عنها وأم سلمة وأبو هريرة وسعد بن أبي وقاص وعبد الله
بن عمرو وأبو أيوب الأنصاري بالقسطنطينية وكان معاوية قد اذكى العيون
على شيعة على عم يقتلهم أين أصابهم فقتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق في
جملة من قتل وقال سعيد بن المسيب أن معاوية أول من غير قضاء رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأول من خطب قاعداً لأنه كان
__________
[1] . كذا وكذا Notemarginale:
(6/5)
بطيناً بادناً وأول من قدم الخطبة على
الصلاة [1] خشي أن يتفرق الناس عنه قبل أن يقول ما بدا له وأول من نصب
المحراب في المسجد وتوفي وله من الأموال التي استصفاها من مال كسرى
وقيصر خمسون [2] ألف ألف درهم،،،
ذكر أخذ البيعة ليزيد بن معاوية
ثم دعا الناس إلى بيعة يزيد فأول من بايع يزيد معاوية وكتب إلى مروان
بن الحكم بأخذ بيعة أهل المدينة ليزيد عليه اللعنة فغضب مروان إذ لم
يجعل إليه الأمر فسار إلى الشام فكلمه وجعله ولي عهد يزيد بعده [F؟
201 r؟] ورده إلى
المدينة فامتنع أهل المدينة من بيعته فجاء معاوية حاجاً في ألف فارس
إلى المدينة وتلقاه الحسين وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير
فسلموا عليه فلم يرد جواب سلامهم وأغلظ بهم في القول وعنف وذلك حيلة
منه فتوجه القوم إلى مكة لما رأوا من جفائه ودخل معاوية المدينة ولم
يبق بها أحد لم يبايعه وأخذ بيعة أهلها ليزيد وفرّق فيهم
__________
[1] وصلاة العيد وإلّا فهي مقدّمة على.marginalemoderne:
صلاة الجمعة
[2] . خمسين MS.
(6/6)
أموالاً عظيمةً ثم خرج إلى مكة فتلقاه
الحسين بن علي فلما وقع بصره عليه قال مرحباً بابن رسول الله وسيد شباب
أهل الجنة دابةً لابن عبد الله ثم طلع عليه عبد الله بن الزبير فقال
مرحباً بابن حواري رسول الله وابن عمته دابةً لأبي خبيب ثم كذلك كلما
طلع عليه طالع حياه وأمر له بدابةٍ وصلةٍ ثم دخل مكة وهداياه وجوائزه
يروح عليهم ويغدو حتى أنماهم الأموال ثم أمر برواحله فعلقت بباب المسجد
وجمع الناس وأمر بصاحب حرسه أن يقيم على رأس كل رجل من الأشراف رجلاً
بالسيف وقال إن ذهب واحد منهم إلى أن يراجعني في كلامي فاضربوا عنقه ثم
صعد المنبر وخطب فقال إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم ولا يبتز
[1] أمر دونهم ولا يقضى أمر عن غير مشورتهم وقد بايعوا يزيد فبايعوه
بسم الله فأمّا الأشراف فلم يمكنهم تكذيبه ومراجعته وأما سائر الناس
فلا جرأة لهم على الكلام ولا علم لهم بشيء مما يقول فأخذ البيعة وركب
رواحله وضرب إلى الشام وكان يقول لولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي وفيه
__________
[1] . 22. 1 بن corriged ,apresIbn -el -Athir
,Chronicon ,t.III ,P.423 بن تبيّن
MS.
(6/7)
يقول بعضهم [وافر]
فإن تأتوا [1] برملة أو بهند ... نبايعها [2] أميرة مؤمنينا
إذا ما مات كسرى قام كسرى ... بنوه بعده متناسقينا [3]
خشينا الغيظ حتى لو سقينا ... دماء بنى أميّة ما شفينا
ومات معاوية بدمشق سنة ستين وهو ابن ثمانين سنة وكان رجلاً طوالاً
جسيماً بادناً أبيض جميل الوجه قبيح الفعال إذا ضحك انقلبت شفته
العلياء وبايع أهل الشام يزيد بن معاوية على الوفاء بما أخذ له معاوية
من بيعتهم،،،
بيعة يزيد بن معاوية عليه اللعنة
قالوا مات معاوية وعلى المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وعلى
العراق عبيد الله بن زياد فلما ورد نعي معاوية قال مروان بن الحكم
للوليد بن عتبة [4] أبعث إلى الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير فإن
بايعا وإلا فاضرب أعناقهما فاستدعاهما في جوف الليل ونعى اليهما معاوية
__________
[1] .؟ أتواMS.
[2] . يبايعهاMS.
[3] . متنافيناMS.
[4] . عقبة MS.
(6/8)
وأخذهما بالبيعة ليزيد فقالا حتى نصبح
وانصرفا من عنده وخرجا من تحت الليل إلى مكة وأبيا أن يبايعا وبلغ أهل
الكوفة تلكؤ الحسين في بيعة يزيد فكتبوا إلى الحسين في القدوم عليهم
وبعثوا بحمل بعير وكتبوا البيعة فأرسل الحسين مسلم بن عقيل بن أبي طالب
ليأخذ البيعة من أهلها فجاء حتى نزل على هانئ بن عروة واجتمع إليه خلق
كثير من الشيعة يبايعون الحسين وخرج [F؟
201 V؟] الحسين بأهله
وولده وبلغ الخبر عبيد الله بن زياد عليه اللعنة وهو بالبصرة فهم إلى
الكوفة فسار إليه الشيعة وقاتلوه حتى دخل قصره وأغلق بابه فلما كان عند
المساء وتفرق الناس عن المسلم بن عقيل بعث عبيد الله بن زياد خيلاً في
خفية فقبضوا على مسلم وعلى هانئ ورفعوا مسلما بين شرف القصر وقتل ادنا
من العضادة ثم ضربوا عنقه وفيه يقول [طويل]
فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري ... إلى هانئ في السوق وابن عقيل
ترى رجلاً قد جدع السيف أنفه ... وآخر يهوي من طمارٍ قتيل
ترى جسداً قد غير الشمس [1] لونه ... ونضح دم قد سال كل مسيل
__________
[1] . الموت rectionmarginale:
(6/9)
مقتل أبي عبد الله الحسين بن علي رضي الله
عنهما
ولما بلغ الحسين قتل مسلم بن عقيل هم بالرجوع إلى المدينة فبعث إليه
عبد الله بن زياد الحر بن يزيد التميمي في ألف فارس فلقي الحسين بزبالة
فقال له الحسين لم آتكم حتى انتهت إلي كتبكم فإن كان رأيكم على غير ما
نطقت به كتبكم انصرفت فقال الحرّ ابن يزيد إني لم أؤمر بقتالك ولكن
أمرت أن لا أفارقك حتى تقدم الكوفة فإذا أتيت فخذ طريقاً يدخلك الكوفة
ولا نزول إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد فانثنى الحسين عن طريق
العذيب والحر بن زياد يسايره حتى انتهى إلى الغاضرية فنزل بها وهو يوم
الخميس لليلتين خلتا من المحرم سنة إحدى وستين وقدم عليه يوم الجمعة
عمر بن سعد بن أبي وقاص في أربعة آلاف وزعم قوم أن عبيد الله بن زياد
قال له إن قتلت الحسين فلك عمل الري وبعث معه بشر بن ذي الجوشن وقال إن
لم يقتله فاقتله وأنت على الناس فنزلوا بين نهري كربلا وجرت الرسل
بينهم وبين الحسين ومنعوه ومن معه الماء أن يشربوا فقال الحسين لعمر
ابن سعد اكتب إلى صاحبك فاعرض أن أرجع إلى الموضع الذي أقبلت منه أو
آتي ثغراً من ثغور المسلمين إلى أن ألحق
(6/10)
باللَّه عز وجل أو يبعث بي إلى يزيد بن
معاوية فيرى في رأيه فإن الرحم تمنعه قتلي فكتب عمر بن سعد إلى عبيد
الله بن زياد بذلك فلم يقبل من ذلك شيئاً وقال لا إلا أن ينزل على حكمي
فقال الحسين والله لا انزل على حكم ابن مرجانة أبداً يعني عبيد الله بن
زياد وناهضهم القتال يوم عاشوراء وهو يوم الجمعة ومعه تسعة عشر إنساناً
من أهل بيته وانحاز اليه الحرّ التميميّ تائباً من ذنبه فقاتل معه فقتل
الحسين عطشان وقتل معه سبعة من ولد علي عم وثلاثة من ولد الحسين وتركوا
علي بن الحسين وهو علي الأصغر لأنه كان مريضاً فمنه عقب الحسين عم إلى
اليوم وقتلوا من أصحابه سبعة وثمانين إنسانا وزعم قوم ان الحسين رضي
الله عنه قتل بعد ما قتل منهم عدة ولولا الضعف الذي أدركه من العطش
لكان يأتي على أكثرهم قالوا فرماه الحصين بن تميم في حنكه وضرب زرعة بن
شريك كفه وطعنه سنان بن أنس بالرمح ثم نزل فاجتز رأسه وأوطأ الخيل جثته
[F؟ 202
r؟] وساقوا علي بن الحسين مع
نسائه وبناته إلى عبيد الله بن زياد فزعموا أنه وضع رأس الحسين في طست
وجعل ينكت في وجهه بقضيب ويقول ما رأيت مثل حسن هذا الوجه فقط فقال أنس
(6/11)
ابن مالك أما أنه كان يشبه النبي صلى الله
عليه ثم بعث به وبأولاده إلى يزيد بن معاوية فذكر أن يزيد أمر بنسائه
وبناته فأقمن بدرجة المسجد حيث توقف الأسارى لينظر الناس إليهن ووضع
رأسه بين يديه وجعل ينكت بالقضيب في وجهه وهو يقول [رمل]
ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلوا واستهلوا فرحاً ... ولقالوا يا يزيد لا تسل
فقام أبو برزة الأسلمي رضي الله عنه فقال أما والله لقد أخذ قضيبك من
ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول الله صلّى الله عليه يرشفه وقتل الحسين عم
سنة إحدى وستين من الهجرة يوم عاشوراء وهو يوم الجمعة وكان بلغ من السن
ثمانياً وخمسين سنة وكان يخضب بالسواد رضي الله عنه ثم بعث يزيد عليه
اللعنة بأهله وبناته الى المدينة وورثته ابنة عقيل بن أبى طالب [بسيط]
ماذا تقولون أن قال المليك لكم ... ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي ... منهم أسارى وقتلى ضرجوا بدمي
قال وسمع أهل المدينة ليلة قتل الحسين في نهارها هاتفا
(6/12)
يهتف [كامل]
مسح الرسول جبينه ... فله بريق في الخدود
أبواه من عليا قريش ... وجده خير الجدود
واعلم أن للروافض في هذه القصة من الزيادات والتهاويل شيئاً غير قليل
وفي مقدار ما بيناه سقط كثير لأن من الناس من ينكر أن يكون يزيد أمر
بقتله أو رضي به والله أعلم بذلك،،،
قصة عبد الله بن الزبير بن العوام
وهو ابن صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأول مولود ولد
بالمدينة في الإسلام قالوا ولما بويع يزيد تلكأ الحسين وعبد الله بن
الزبير عن بيعته ولحقا بمكة فأما الحسين فخرج إلى الكوفة حتى استشهد
بكربلاء وأما عبد الله بن الزبير فامتنع بمكة ولاذ بالكعبة ودعا الناس
إلى الشورى وجعل يلعن يزيد وسماه الفاسق المتكبر وقال لا يرضى الله
بعهد معاوية إلى يزيد وإنما ذاك إلى عامة المسلمين فأجابه الناس إلى
ذلك ورأوا الحق فيه وأظهر ابن الزبير التألد والتنسك وجعل يصوم ويصلي
حتى أثر فيه ومال الناس إليه وكتب إلى أهل المدينة أن اخرجوا بني أمية
من أظهركم فأخرجوهم وبلغ الخبر يزيد فبعث مسلم بن
(6/13)
عقبة المرى في جيش كثيف وجعل يرتجز] [F؟
202 V؟] رجز]
أبلغ أبا بكر إذا الجيش سرى ... ومرت الخيل على وادي القرى
عشرين ألفا بين كهل وفتى ... أجمع نشوان من القوم ترى
ذكر وقعة الحرة
قال فجاء مسلم بن عقبة فأوقع بالمدينة وقتل أربع آلاف رجل من أفناء
الناس وسبعين رجلاً من الأنصار وبقر عن بطون النساء وأباح الحرم وأنهب
المدينة ثلاثة أيام وبايعهم على أنه فيء ليزيد وجعل يفعل فيهم ما شاء
وكانت الوقعة بالحرة وهي ضاحي المدينة وبتلك سميت الحرة وسموا مسلم بن
عقبة مسرف بن عقبة وكان يسمى ابن الزبير الملحد وقد قال محمّد ابن أسلم
الساعدىّ [طويل]
فإن يقتلونا يوم حرة واقمٍ ... فنحن على الإسلام أول من قتل
ثم سار مسلم نحو مكة يريد ابن الزبير فطعن بقديد لدعوة أهل المدينة
واستخلف على الجيش الحصين بن نمير اليشكري أوصاه يزيد بذلك وقال له يا
برذعة الحمار لولا أن أمير المؤمنين أمرني باستخلافك ما استخلفتك فإذا
أنا مت فامض بالجيش عني حتى
(6/14)
تواقى الملحد ولا تجعل أذنك قمعاً لقريش
فأنهم سحرة بالكلام ولكن عليك إذا وافيت بالوقاف ثم النقاف [1] ثم
الانصراف ومات مسرف فسار الحصين حتى أتى مكة وحاصر ابن الزبير أياماً
ورمى بالمنجنيق والنفاطات الركن فأحرق الأستار فبعث الله على أصحاب
المنجنيق صاعقة فأحرقت منهم بضعة عشر رجلاً وكان المختار بن أبي عبيد
الثقفي بايع ابن الزبير على أن لا ينفرد برأي ولا يقضي أمراً دونه فوجه
المختار إلى الحصين وقاتله فردّهم عن مكّة فبينا هم كذلك إذ أتاهم نعي
يزيد فانصرفوا إلى الشام وكان يزيد ولى سلم بن زياد بن أبيه خراسان
وسجستان فغزا ما وراء النهر وامرأة تملك بخاراً يقال لها خاتون فكتبت
[2] إلى طرخان ملك الترك تستمده وتستنجده [3] على أن تزوجه نفسها وجاء
طرخان في جيش عظيم من الترك والسغد وناهضهم القتال فهزمهم وغنم من
أموالهم وأولادهم ما يفوت الإحصاء وفي سلم يقول يزيد بن معاوية [طويل]
__________
[1] . التقافMS.
[2] . فكتبMS.
[3] . يستمدّه ويستنجده MS.
(6/15)
عتبت على سلم فلما فقدته ... وجربت أقواماً
بكيت على سلم
موت يزيد بن معاوية
ولما احتضر يزيد بن معاوية ولى ابنه معاوية بن يزيد وسلم الأمر إليه
وكان ولد يزيد بالماطرون ومات بحوارين [1] وهو ابن ثمان وثلاثين سنة
وكان ملكه ثلث سنين وثمانية أشهر وذكر أنه تمثل عند موته بهذين البيتين
[طويل]
فيا ليتني لم أغن في الناس ساعةً ... ولم أغن في لذات عيش مفاخر
وكنت كذي طمرين عاش ببلغةٍ ... من العيش حتى صار رهن المقابر
وفيه يقول الشاعر [رجز]
يا أيها القبر بحوارينا [2] ... ضممت شر الناس أجمعينا
[F؟ 203
r؟] ولاية معاوية بن يزيد بن
معاوية
ولما مات يزيد صار الأمر إلى ولده معاوية بن يزيد وكان قدرياً لأنه
أشخص عمراً المقصوص فعلمه ذلك فدان به وتحققه فلما بايعه الناس قال
__________
[1] . بجورانMS.
[2] . بجورانيا MS.
(6/16)
للمقصوص ما ترى قال إما أن تعتدل وإما أن
تعتزل فخطب معاوية فقال إنا بلينا بكم وابتليتم بنا وإن جدي معاوية
نازع الأمر من كان أولى به وأحق فركب منه ما تعلمون حتى صار مرتهناً
بعمله ثم تقلده أبي ولقد كان غير خليق به فركب ردعه واستحسن خطاءه ولا
أحب أن ألقى الله بتبعاتكم فشأنكم وأمركم ولّوه من شئتم فو الله لئن
كانت الخلافة مغنماً لقد أصبنا منها حظاً وإن كانت شراً فحسب آل أبي
سفيان ما أصابوا منها ثم نزل وأغلق الباب في وجهه وتخلى للعبادة حتى
مات بالطاعون في سنة [أربع وستين] اثنتي وعشرين سنة وكانت ولايته عشرين
يوماً ويقال أربعين يوماً ويقال ثلاثة أشهر فوثب بنو أمية على عمرو
المقصوص وقالوا أنت أفسدته وعلمته فطمروه ودفنوه حيّا وكان قيل فيه
[وافر]
تلقفها يزيد عن أبيه ... فخذها يا معاوي عن يزيد
وقال آخر [بسيط]
إني أرى فتنة تغلي مراجلها ... والملك بعد أبى ليلى لمن غلبا
(6/17)
ذكر فتنة ابن الزبير
كان يدعو الناس في زمن يزيد بن معاوية إلى الإمارة والشورى فلما مات
يزيد دعاهم إلى البيعة لنفسه وادّعى الخلافة وظفر بالحجاز والعراق
وخراسان واليمن ومصر والشام إلا الأردن فإنهم أرادوا أن يكون الأمر
لخالد بن يزيد ابن معاوية ودعوا له على المنابر وبويع بالخلافة فلما
تسمى ابن الزبير بالخلافة فارقه المختار بن أبي عبيد من أعماله وقدم
الكوفة ودعا الشيعة وقال أنا رسول أبي القاسم محمد بن علي بن أبي طالب
وأخذ بيعة الناس له على أن يطلبوا بدم الحسين رضي الله عنه وخرج الضحاك
بن قيس الفهري الخارجي واستمال الناس وصلى بهم ينتظر استقرار الخلافة
وبويع مروان بن الحكم بالأردن وبويع خالد بن يزيد بن معاوية بعده
واجتمع أهل البصرة على عبيد الله بن زياد وكان واليها في أيام معاوية
ويزيد ونصبوه أميراً وسألوه أن يطلق عن الخوارج الذين في السجون
فأطلقهم وفيهم نافع بن الأزرق وعبيد الله [بن] الماحوز [1] وقطري بن
الفجاءة المازني فعاثوا في الأرض وأفسدوا وخافهم عبيد الله بن زياد على
نفسه فهرب الى الشأم،،،
__________
[1] . وعبد الله الماحوز MS.
(6/18)
ذكر مروان بن الحكم وأخذ بيعة أهل الشام
له،
بويع له بالأردن سنة أربع وستين وهو أول من أخذ الخلافة بالسيف وكان
يلقب خيط باطل لطول قامته واضطراب خلقه وفيه يقول الشاعر [طويل]
لحى الله قوماً أمروا خيط باطلٍ ... على الناس يعطي من يشاء ويمنع
[F؟ 203
V؟] وسار إليه الضحاك بن قيس
فاقتتلوا بمرج راهط من غوطة دمشق فقتل الضحاك وخرج سليمان بن صردٍ
الخزاعي من الكوفة في أربعة آلاف من الشيعة يطلبون بدم الحسين فبعث
إليه مروان عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير فالتقوا برأس عين فقتلوا
سليمان بن صرد وتفرق أصحابه فمالت الشيعة إلى المختار ابن أبى عبيد
وقوى أمره فأظهر الدعوة إلى محمد بن الحنفية والطلب بدم الحسين ومات
مروان بدمشق وكانت ولايته سبعة أشهر وأياماً وبايع أهل الشام عبد الملك
بن مروان،،،
خبر موت مروان بن الحكم
ذكروا أنه تزوج أمّ خالد بن يزيد ابن معاوية وجرى بينه وبين خالد كلام
فقال له يا ابن الطرطبّة
(6/19)
فأحقدت المرأة فسقته سماً في الشراب فأبطأ
القضاء عليه فلما كان في الليل وضعت وسادة على وجهه وقعدت عليها حتّى
مات وصار الى جهنّم ومروان يعدى من قتلى النساء واختلفوا في حليته فقيل
كان طوالاً وقيل كان قصيراً وكان لدة الحسين بن علي بن أبي طالب
والحسين ولد بعد الهجرة بسنتين،،،
ذكر ما جرى بين المختار وبين ابن الزبير
قالوا وغلب المختار على الكوفة ووجه عماله على كور الجبل وأرمينية
وأفسدت الخوارج بالبصرة فولى أهلها المهلب بن أبي صفرة قتالهم إذ لم
يكن لهم أمير يدفع عنهم وبعث عبد الله بن الزبير عبد الله بن المطيع
واليا على الكوفة فخرج المختار ابن أبي عبيد في جماعة من القراء منهم
ابو إسحاق الثقفيّ وجابر الجعفىّ وواقع ابن المطيع فطرده وانكفى عنهم
وفيه يقول [رجز]
ابن مطيع لجّ في الشقاق، ... يقول لمّا ضيق في الخناق،
يا قوم هل لي فيكم من واق
وبلغ الخبر ابن الزبير فأخذ محمد بن الحنفية بالبيعة له والانقياد فقال
محمد بن الحنفية أنا أولى بهذا الأمر منك إن كانت خلافة
(6/20)
فجمع أصحاب ابن الحنفية وحبسهم معه في
المسجد وأعطى الله عهداً أن يحرقهم بالنار إن لم يبايعوه فكتب محمد بن
الحنفية إلى المختار بن أبي عبيد بالخبر فأرسل المختار مدداً ومالاً
فدخلوا مسجد الحرام بغتةً لا علم لأحد بهم ينادون يا ثارات الحسين حتى
انتهوا إلى ابن الحنفية وأصحابه قد حبسوا في الحظائر ووكل بهم الحرس
يحفظونهم وجمعوا الكثير من الحطب وأعد لإحراقهم فأشعلوا النار في الحطب
وأخرجوا ابن الحنفية وأصحابه معه إلى شعب علي بن أبي طالب واجتمع عليه
أربعة آلاف رجل فبايعوه ففرق فيهم الأموال التي حملها المختار ثم وجّه
المختار الى عبيد الله ابن زياد إبراهيم بن الأشتر النخعي في اثني عشر
ألفاً فالتقوا بالزاب من أرض الموصل فقتل عبيد الله بن زياد عليه
اللعنة والحصين ابن نمير وشمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد وكل من شرك في
قتل الحسين بن على عم وحملت رءوسهم اليه قال وكان ابن عمر ابن سعد
قائماً على رأس المختار لما دخلوا برأس أبيه فقال له المختار أتعرف هذا
الرأس قال أي والله رأس أبي حفص قال المختار الحقوا حفصاً بأبي حفصٍ
فضرب عنقه وفي عبيد الله بن زياد يقول يزيد بن المفرّغ [بسيط]
(6/21)
إن الذي عاش ختاراً بذمته ... ومات عبداً
قتيل الله بالزاب
العبد للعبد لا أصل ولا شرف ... ألوت به ذات أظفار وأنياب
ما شق جيب ولا قامتك نائحة ... ولا بكتك جياد عند أسلاب
[F؟ 204
r؟] ثم بعث ابن الزبير أخاه
مصعباً على العراق فقدم البصرة وأعطاه أهلها الطاعة وأمضى للمهلب بن
أبي صفرة ما كان أهلها ولوه من قتال الأزارقة وخرج إلى الكوفة وكان
المختار يحتال في استمالة الناس بضروب من الحيل [1] وكان يروي الروايات
ويستعمل المخاريق ويدعي المعجزات ويزعم أن جبريل وميكائيل يأتيانه
ويأمر بعض أصحابه أن يشهد له أنه رأى الملائكة نزلت لنصرته وفيه يقول
[هزج]
ألا ابلغ أبا إسحاق عني ... بأن الخيل كعت مصميات
أرى عيني ما لم تبصرا [2] ... كلانا عالم بالترهات
فزحف إليه مصعب بن الزبير فبيته المختار وقتل من أصحابه ستة آلاف وقتل
عبيد الله بن علي بن أبي طالب ومحمد بن
__________
[1] . الخيلMS.
[2] . تبصّراه MS.
(6/22)
الأشعث بن قيس وكانا محبوسين في عسكر مصعب
ولم يشعر بهما فلما كان من الغد جد مصعب في قتاله فلجأ إلى قصر الكوفة
فحاصره مصعب إلى أن قتله وقتل من كان معه في القصر وهم ستّة آلاف وثمان
مائة رجل وأخذ عمرة بنت النعمان بن بشير وكانت تحت المختار بن أبي عبيد
وعرض عليها البراءة من المختار فأبت فضرب عنقها وفيها يقول عبد الرحمن
بن حسّان [خفيف]
كتب القتل والقتال علينا ... وعلى الغانيات جر الذيول
واستولى مصعب على العراقين فسار إليه عبد الملك بن مروان فالتقوا بمسكن
وقتل مصعب وبعث برأسه الى عبد الله بن خازم [1] بخراسان وقد بايع لابن
الزبير ودعا له وكتب إن بايعتني أطعمتك خراسان عشر سنين فكتب اليه ابن
حازم [طويل]
أعيش زبيري الحياة فإن أمت ... فإني موص هامتي بالتزبر
واستقام العراق لعبد الملك بن مروان قال عبد الملك بن عمير الليثي دخلت
قصر الإمارة بالكوفة وعبد الملك بن مروان قاعد
__________
[1] . عبد الله بن ابى حازم MS.
(6/23)
في الإيوان على سريره وبين يديه ترس وعليه
رأس مصعب بن الزبير فتبسمت فقال ممّ تبسمت فقلت يا أمير المؤمنين أتيت
عبيد الله بن زياد في هذا الإيوان بين يديه رأس الحسين بن علي ثم رأيت
المختار وبين يديه رأس عبيد الله بن زياد في هذا الإيوان ثم أتيت مصعب
بن الزبير في هذا الإيوان وبين يديه رأس المختار بن أبي عبيد ثم أراك
وبين يديك رأس مصعب فقام عبد الملك فزعا وأمر بهدم الإيوان فهدم قال
وكذلك لما بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد إلى محمد بن
الحنفية لينصبهما في المسجد الحرام كان محمّد بن الحنفيّة يأكل فقال
محمد الحمد للَّه أتي ابن زياد برأس الحسين وهو يأكل وأتينا برأس ابن
زياد ونحن على هذه الحالة وفي مصعب بن الزبير يقول ابن قيس الرقيات
[منسرح]
إنّ الرزيّة يوم مسكن ... والمصيبة والفجيعة
بابن الحواري الذي لم ... يعده يوم الوقيعة
ولما قتل مصعب لاذ عبد الله بن الزبير بالكعبة وأظهر الزيادة في نسكه
وجعل يقول بطني شبر وما عسى أن يشبع شبر [F؟
204 V؟]
(6/24)
وهو أشره خلق الله وأحرصه فقيل فيه [بسيط]
لو كان بطنك شبراً قد شبعت وقد ... أفضلت فضلاً كثيراً للمساكين
فإن أتتك من الأيّام جائحة ... لم ينل منك شيئا من دنيا ولا دين
ولا نقول إذا يوماً نعيت لنا ... إلا بآمين رب العرش آمين
ما زال في سورة الأعراف يقرأها ... حتى يوارى مثل الخز في اللين
وكان يخرج للناس من تمور الصدقة ويكنز الذهب والفضة ويقول أكلتم تمري
وعصيتم أمري وخرج عبد الملك من الكوفة إلى الشام وكان الحجاج على شرطته
فولاه الساقة ينزل بنزوله ويرحل برحيله فرأى عبد الملك من نفاذه
وجلادته ما أعجب به وولى الكوفة خالد بن عبد الله القسري وولى البصرة
أخاه بشراً ورجع إلى الشام ولا هم له إلا ابن الزبير فأتاه الحجاج فقال
ابعثني إليه فإنه أرى في المنام كأني أقتله وأسلخ جلده فبعثه إليه
فقتله وسلخ جلده وصلبه وكانت فتنة ابن الزبير تسع سنين منذ موت معاوية
إلى أن مضت ست سنين من ولاية عبد الملك،،،
مقتل ابن الزبير
قالوا وبعث عبد الملك الحجاج إلى مكة فحاصر
(6/25)
ابن الزبير فنزل ببئر ميمون وفسد على الناس
حجهم تلك السنة لأنهم وقفوا بعرفات ولم يصلوا إلى البيت واشتد الحصار
فقال له أخوه عروة بن الزبير أن لك في الصلح لإسوة بالحسن فركضه برجله
وقال ما أنت بابن أبٍ وعرض عليه الحجاج الأمان وبذل له العهد فأبى أن
يقبله وكان شحيحا بخيلا فقيل فيه [طويل]
رأيت أبا بكر وربك غالب ... على أمره بغي الخلافة بالتمر
ثم اقتحم الحجاج المسجد في أصحابه وشدّوا على ابن الزبير فقتلوه ومن
معه وسلخوا جلده وحشوه تبناً وصلبوه ويقال أصابه رمية فمات وهو ابن
ثلاث وسبعين سنة وولي الحجاج الحجاز واليمامة وبايع أهل مكة لعبد الملك
بن مروان،،،
ولاية عبد الملك بن مروان
يكنى أبا الذبان لبخر فمه ويلقب برشح الحجر لبخله وكان معاوية بن أبي
سفيان جعله مكان زيد بن ثابت على ديوان المدينة ثم ولاه أبوه مروان هجر
ثم جعله ولي عهده بعده وبويع سنة خمس وستين بالشام وبايعه أهل مكة بعد
قتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وكتب إليه ابن عمر ببيعته
(6/26)
وكتب إليه محمد بن الحنفية يستوثق لنفسه
وأصحابه وتوفي بدمشق سنة ست وثمانين وكانت ولايته من يوم قتل ابن
الزبير إلى أن مات تسع سنين وعشرة أيام ومن يوم بويع بالشام إحدى
وعشرين سنة وكتب إلى عبد الله بن خازم بخراسان إن بايعتني أطعمتك
خراسان عشر سنين فأبى إلا التزبر وكان بعث إليه برأس ابن الزبير فأخذه
ورده إلى المدينة فكتب عبد الملك الى بكير ابن وشاح خليفة عبد الله بن
خازم على مرو يأمره بالوثوب بعبد الله بن خازم فسار إليه فواقعه فقتله
وولى بكيراً خراسان وصفت المملكة لعبد الملك بن مروان ومات بشر بن
مروان بالبصرة واشتدت شوكة الخوارج بالعراق والأهواز والمهلب يقاومهم
ويدافعهم فولى عبد الملك الحجاج بن يوسف العراقين وكان العراق إذ ذاك
من فم الرقة إلى أقصى خجند [1] بخراسان ومنها السند والهند،،،
خبر الحجاج بن يوسف
زعم قوم أن الحجاج بلاء صبه الله عز وجل على أهل العراق بدعوة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه إذ قال اللَّهمّ أن أهل العراق قد ليسوا على ما
ليس لهم اللَّهمّ عجل لهم
__________
[1] . جحر MS.
(6/27)
الغلام الثقفيّ الّذي يحكم فيهم بحكم
الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم فإن الشيطان قد باض
فيهم وفرخ وروى هذا الخبر أبو عرفة الحضرمي من أهل الشام وروى أن عمر
أتاه خبر العراق وأنهم حصبوا أمامهم وسمعت غير واحد يقول بل كانت دعوة
علي عم قال اللَّهمّ كما نصحتهم وغشّونى وآمنتهم فحافونى أبعث فيهم فتى
يحكم بحكم الجاهليّة هكذا الرواية والله أعلم لأن مثل هذا من المحال إذ
لا يجوز لمسلم أن يسأل ربه الجور والظلم،،،
حلية الحجاج ونسبه وحرفته
قالوا كان الحجاج رجلاً أخفش حمش الساقين منقوص الجاعرتين صغير الجثة
دقيق الصوت أكتم الحلق وهو الحجاج بن يوسف بن الحكم بن عقيل بن مسعود
بن عامر من أجلاف ثقيف وكنيته أبو محمد وأمه سمته كليباً وكان أول أمره
أن يعلم الصبيان بالطائف وأول ولاية وليها تبالة بالحجاز فلما أشرف
عليها احتقرها وانصرف فمن ثم يقال في المثل أهون من تبالة على الحجاج
ثم ولي على شرط أبان بن مروان ثم جعله عبد الملك على ساقته عند رجوعه
إلى الشام ثم بعثه لقتال ابن الزبير فقتله وولاه الحجاز ثلاث سنين ثم
ولاه العراق،،،
(6/28)
قدوم الحجاج العراق
وأخباره إلى أن مات
قالوا ولما دخل الحجاج العراق دخل المسجد معتماً بعمامة قد غطى أكثر
وجهه متقلدا سيفا ومتوكّئا قوساً فصعد المنبر وسكت ساعة حتى قال بعض
الناس قبح الله بني أمية حين يستعملون مثل هذا على العراق وقال عمير بن
ضابىء البرجمىّ ألا أحصبه لكم فقالوا امهل حتى ترى فلما رأى عيون الناس
إليه حسر اللثام ونهض قائما [وافر]
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني
والله يا أهل العراق إنّي أرى رءوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها
فكأني أنظر إلى دماء من فوق العمائم واللحى [رجز]
هذا أوان الحرب فاشتدي زيم ... قد لفها الليل بسواق حطم
ليس براعي إبل ولا غنم ... ولا بجزار على ظهر وضم
قد شمرت عن ساقها فشدوا ... وجدت الجرب بكم فجدوا
والقوس فيها وتر عرد ... مثل ذراع البكر أو أشد
إني والله ما يقعقع لي بالشنان ولقد فررت عن ذكاء وفتشت
(6/29)
عن تجربة وإن أمير المؤمنين [F؟
205 v؟] مثل كنانته
فعجم عيدانها عوداً أعور فوجدني أشدها عوداً وأصلبها مكسرا فرماكم بي
لأنكم طالما أوضعتم في الفتنة واضطجعتم في مراقد الضلال والله
لأحرضنّكم حرص السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل فإنكم لكأهل قرية
كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً من كُلِّ
مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذاقَهَا الله لِباسَ الْجُوعِ
وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ 16: 112 وانّى والله ما قلت إلا
وقيت ولا أهم إلا مضيته وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطياتكم وأن أوجهكم
لمحاربة عدوكم مع المهلب بن أبي صفرة وإني أقسم باللَّه لا أجد رجلاً
بتخلف بعد أخذ عطائه بثلاثة أيام إلّا ضربت عنقه يا غلام اقرأ عليهم
كتاب أمير المؤمنين فقام الغلام وقال بسم الله الرحمن الرحيم من عبد
الله عبد الملك بن مروان إلى من بالكوفة من المسلمين سلام عليكم فلم
يقل أحد شيئاً فقال الحجاج يا غلام اكفف يسلم عليكم أمير المؤمنين فلا
تردون عليه هذا أدب ابن نهية [1] أما والله لأؤدبنكم غير هذا اقرأ يا
غلام فقرأ ثم نزل ووضع للناس إعطياتهم فجعلوا يأخذون حتى أتى شيخ قد
انحنى كبرا فقال أيّها
__________
[1] . بهبه MS.
(6/30)
الأمير إن بي من الضعف ما ترى وأن ابني هو
أقوى على الأسفار مني افتقبله بدلاً مني فقال نفعل أيها الشيخ فلما ولى
قيل له هذا عمير بن ضابىء البرجمي دخل على عثمان مقتولاً فوطئ بطنه حتى
كسر ضلعين من أضلاعه فقال أيها الشيخ هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان
يوم الدار بدلاً إن في قتلك لصلاحاً للمسلمين يا حرسي اضربا عنقه وفيه
يقول عبد الله بن الزبير الأسديّ [طويل]
تجهّز فإمّا أن تزور ابن ضابىء ... عميراً وإما أن تزور المهلبا
هما خطتا خسف نجاؤك [1] منهما ... ركوب حولياً من الثلج [2] أشهبا
يحذر الناس عن التخلف إلى الخروج إلى قتال الأزارقة ونادى الحجاج في
الناس أن عميراً أتانا بعد ثالثة قتلناه فمن وجدناه بات بعد هذه الليلة
فقد بريء الله من دمه فلم يبق أحد إلا لحق بالمهلب وجد المهلب في قتال
الأزارقة وهم الخوارج إلى أن مات نافع بن الأزرق فولى أصحابه عليهم
عبيد [3] الله بن ماحوز [4] وقال
__________
[1] . نجاولMs.
[2] . عبدMs.
[3] . البلجMs.
[4] . ماخور Ms.
(6/31)
شاعرهم [كامل]
فلئن أمير المؤمنين أصابه ... ريب المنون ومن يصبه يعلق
نعم الخليفة من حذانا نعله ... ذاك ابن ماحوز [1] بقية من بقي
ولما رآهم المهلب بالأمداد التي وردت عليه من جهة الحجاج أجلاهم إلى
حدود الأهواز وفارس وفيه يقول [خفيف]
قد نفينا العدوّ أمس عن الجسر ... وقد زحزحوا عن الأهواز
وطعان يهولك القرب منه ... وأشك الخطف للنفوس العزاز
وسار المهلب في إثر الخوارج الى خراسان فوقع قطري بن الفجأة المازني
إلى طبرستان وكتب عبد الملك إلى المهلب بعهده على خراسان وقد كان وفاها
مع الحكم بن عمرو الغفاري أيام معاوية ولما غرق [F؟
206 r؟] شبيب بن يزيد
[2] الخارجي في دجيل [3] بعد إذ افترقت الازارقة فرقتين فرقة مع قطرىّ
بن فجأة المازني وفرقة مع عبد [الرب] الكبير ومضوا حتّى أتوا سجستان
وأصل الخوارج
__________
[1] . ماخورMS.
[2] . زيدMS.
[3] . دجيلة rectionmarginale ,ms.
(6/32)
بها منهم إلى اليوم فلحقهم المهلب وقاتلهم
وقتل عبد الرب [الكبير] وصار قطري إلى سجستان فبعث الحجاج سفيان الكلبي
في إثره حتى قتله وحمل إليه رأسه وكان يكنى أبا نعامة وقاتلهم عشرين
سنة يدعي الخلافة وكان شبيب هذا أحد الرجال المذكورين بالبأس والنجدة
وبلغه تهدد الحجاج إياه فجاء مع امرأته غزالة في فوارس دون عشرين حتى
دخلوا الكوفة ووقفوا بباب قصر الحجاج ونادته غزالة يا حجاج هل لك في
البراز فهابها وتحصّن وكانت غزالة نذرت أن تبول على منبره فدخلت مسجد
الكوفة وبالت على المنبر وقام شبيب في الصلاة فصلّى ركعتي الفجر قرأ في
إحداهما بالبقرة وفي الأخرى بآل عمران ولم يجسر الحجاج أن يفتح باب
قصره إلى أن انصرفوا ثم جعل الناس يقولون [كامل]
أوفت غزالة نذرها ... يا رب لا تغفر لها
وقيل فيما يهجا به الحجاج بن يوسف [متقارب]
غزالة في مائتي فارس ... يئط العراقان منها أطيطا
وخيل غزالة تحوى النهاب ... وتسبي السبايا وتجبي النبيطا
(6/33)
وكتب عمران بن حطان إلى الحجاج وكان يمشى
متواريا لأنّه كان يطلبه [كامل]
أسد علي وفي الحروب نعامة ... ربداء تجفل عن صفير الطائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس ... تركت منابره كأمس الداثر
هلا خرجت إلى غزالة في الوغى ... أم كان قلبك في جوانح طائر
وسار المهلب إلى ما وراء النهر وغزا السغد فصالحه ملكهم طرخان على مال
وانصرف عنه وبعث موسى بن عبد الله بن خازم [1] إلى الترمذ فأغار عليها
وعلى ما يليها وولى عبد الملك بن مروان عبيد الله بن أبي بكرة سجستان
وكان جواداً شجاعاً فغزا كابل فدهمهم العدوّ في مضيق التجئوا إلى عقر
دوابهم فأكلوها وبلغ الرغيف سبعين درهماً فمات عبيد الله والخلق معه
بالجوع والسيف ولم يلق جيش في الإسلام ما لقوا وفيه يقول أعشى همدان
[كامل]
أسمعت بالجيش الذين تمزقوا ... وأصابهم ريب الزمان الأعوج
لبثوا بكابل يأكلون جيادهم ... في شر منزلة وشر معرج
لم يلق جيش في البلاد كما لقوا ... فلمثلهم قل للنوائح تنشج
__________
[1] . حازم MS.
(6/34)
ثم بعث الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث بن قيس
على العمال التي كان يليها عبيد الله بن أبي بكرة وجاء وغزا رتبيل
بناحية بست وصالحه على مال وغزا كابل وافتتح قصوراً من قصور العجم
وأصاب سبايا وغنائم وكتب إلى الحجاج فكتب إليه أن توغل في البلاد يريد
بذلك هلاكه فاستعصى ابن الأشعث وجمع الجموع وتوجه [F؟
206 V؟] نحو الحجاج،،،
خبر عبد الرحمن بن الأشعث
جمع الجموع ودعا القراء إلى مناجزة الفاسق الحجاج بن يوسف وصاحبه عبد
الملك بن مروان فأجابه الخلق وأقبل إلى العراق في جمع مثل عدد النمل
فيهم الشعبي وسعيد بن جبير وابن القرية [1] وابن أبي ليلى وسويد بن
غفلة وجابر الجعفىّ وابو إسحاق السبعيّ وأبو عبيدة بن عبد الله بن
مسعود وأعشى همدان وغلب على ما وراء دجلة ونفى عمال الحجاج وتسمى
القحطاني وكتب إلى النواحي من عبد الرحمن ناصر أمير المؤمنين وخطب
الناس فقال ألا إني قد خلعت أبا ذبان عبد الملك بن مروان فقيل فيه
[كامل]
خلع الملوك وسار تحت لوائه ... شجر القرى وعراعر الأقوام
__________
[1] . وابن القرية MS.
(6/35)
وسار ابن الأشعث حتى أتى تستر وجاءه الحجاج
في مثل جمعه فقاتلهم ابن الأشعث وقتل منهم ثمانية آلاف رجل وانهزم
الحجاج وعاد إلى البصرة وقطع القناطر والجسور وخرج إلى الكوفة،،،
خروج الزنوج بالبصرة
قالوا واضطرب الأمر بخروج ابن الأشعث ونجمت النواجم وتجمع السودان
فغلبوا على البصرة وأحرقوا الأسواق وانتهبوا الأموال والسلاح فبعث
إليهم الحجاج فقتلهم وسباهم ثم سار ابن الأشعث حتى دخل البصرة وطالت
المناهضة بينه وبنى الحجاج فواقعه ثمانين وقعة بالكوفة والبصرة وأمد
[1] عبد الملك بن مروان الحجاج بأخيه محمد بن مروان وابنه عبد الله بن
عبد الملك بن مروان فبعث ابن الأشعث بماله وأهله إلى البصرة وأسر
الحجاج من أصحابه ثلاثة آلاف [2] رجل فضرب أعناقهم صبراً وهم ابن
الأشعث إلى سجستان وانحاز إلى ناحية رتبيل واستجار به فقبله وآمنه
قالوا وبعث الحجاج الى رتبيل بألفِ ألف درهم وأربعمائة ألف درهم مع
عمارة بن تميم في ثلاثين فارساً على أن يسلم عليه عبد الرحمن بن الأشعث
فغدر به رتبيل
__________
[1] . وأمدّهMS.
[2] . ألف MS.
(6/36)
وسلمه إليهم فأوثقوه بالحديد على أن يحملوه
إلى الحجاج فقال ابن الأشعث والله لا يتلعّب بي الحجاج تلعب الهرة
بالفأرة فرمى نفسه من فوق قصر كانوا عليه بالرخج فمات فحملوا رأسه إليه
فبعثه إلى عبد الملك بن مروان فبعثه عبد الملك إلى مصر وفيه يقول
الشاعر [كامل]
يا بعد مصرع جثة من رأسها ... رأس بمصر وجثة بالرخج
ومات المهلب بخراسان وقد استخلف ابنه يزيد بن المهلب فعزله الحجاج وبعث
قتيبة بن مسلم الباهلي مكانه وكان على الري فسار إلى خراسان وأقبل يزيد
حتى إذا كان ببعض الطريق هلك عبد الملك بن مروان وصار الأمر إلى الوليد
بن عبد الملك فقبض الحجاج على يزيد وأكب عليه يعذبه وينتهب ماله فهرب
من حبسه واستجار بسليمان بن عبد الملك فشفع له إلى الوليد فكف عنه وكان
يزيد سريّا وقتيبة شجاعا وفيهما يقال [بسيط]
كانت خراسان أرضا إذ يزيد بها ... وكل باب من الخيرات مفتوح
فاستبدلت بعده جعداً أنامله ... كأنما وجهه بالخل منضوح
الجوع يهبط في عمياء مظلمة ... لا متع الله أهل الجوح ما الجوح
(6/37)
[F؟
207 r؟] قالوا كان
رجلاً عيوفاً لفوعاً خبيث الولاية فأقر العمال على النواحي وفي ولايته
خرج قتيبة [1] بن مسلم إلى ما وراء النهر وصار إلى مدينة [2] بخارا
وكانوا قد ارتدوا فجاشت الترك والسغد والشاش وفرغانة وأحدقوا به أربعة
أشهر ثم هزمهم وقتل منهم خمسين ألف فارس وافتتح بخارا ثم مضى حتى أناخ
[3] على سمرقند صيفية [4] حتى افتتحها صلحاً وقتل طرخان التركي الذي
جاء إلى مرو لنصرة يزدجرد وبعث برأسه ومنطقته إلى الحجاج وهي المنطقة
التي كانت على يزدجرد يوم قتل ثم غزا فرغانة وعاد منها إلى خوارزم فبلغ
سبى هاتين مائة ألف رجل وليس في ذكورهم ولا إناثهم كهل،،،
ذكر مقتل سعيد بن جبير
وكان سعيد بن جبير من أفاضل الناس وكان من أفاضل التابعين كتب لعبد
الله بن عتبة بن مسعود ثم كتب لا [بى] بردة وهو على القضاء وخرج مع عبد
الرحمن بن
__________
[1] . الوليدMS.
[2] . المدينةMS.
[3] . اناحMS.
[4] . صيفيّه MS.؟
(6/38)
الأشعث فلما انهزم ابن الأشعث من دير
الجماجم هرب سعيد إلى مكة فأخذه خالد بن عبد الله القسري وكان عاملاً
للوليد عليها فبعثه إلى الحجاج فقال له الحجاج يا شقي بن كسير ألم أولك
القضاء فضج أهل الكوفة وقالوا لا يصلح القضاء إلّا لعربىّ فاستقضيت ابا
بردة وأمرته أن لا يقطع أمراً دونك قال بلى قال أوما أعطيتك من المال
كذا وكذا لتفرقه في ذوي الفاقات وذوي الحاجات ثم لم أسألك عن شيء منه
قال بلى قال فما أخرجك علي قال بيعة كانت لابن الأشعث في عنقي فقال
كانت بيعة أمير المؤمنين أولى بك لأقتلنك فاعتذر سعيد رحمه الله وتضرع
وترحمه بصغار بناته فقال اختر أي قتلةٍ شئت قال بل اختر أنت لنفسك فإن
القصاص أمامك فقتله ثم لم ينتفع بعده بعيش إلى أن مات
موت الحجاج
ذكر أنه أخذه السل وهجره الرقاد فلما أحتضر قال لمنجم عنده هل ترى
ملكاً يموت قال أرى ملكاً يموت اسمه كليب فقال أنا والله الكليب بذلك
سمتني أمي قال المنجم أنت والله تموت كذلك دلت [1] عليه النجوم قال له
الحجاج لأقدمنّك
__________
deuxfoisdanslems. [1]
(6/39)
أمامي فأمره فضرب عنقه ومات الحجاج في
ولاية الوليد بن عبد الملك بن مروان وقد بلغ من السن ثلاثاً وخمسين سنة
وولى الحجاز والعراق عشرين سنة وكان قتل من الأشراف والرؤساء المذكورين
مائة ألف وعشرين ألفاً صبراً سوى عوام الناس ومن قتل في معارك الحروب
وكان مات في حبسه خمسون ألف رجل وثلاثون ألف امرأة ومات قبل موته ابنه
محمّد بن الحجّاج وأخوه محمد بن يوسف في ليلة واحدة فقيل في ذلك [كامل]
في ليلتين وساعتين ... دفن الأمير محمدين
فلما مات الحجاج قالت امرأته هند بنت أسماء [وافر]
ألا يا أيها الجسد المسجى ... لقد قرت بمصرعك العيون
وكنت قرين شيطان رجيم ... فلما مت سلمك [1] القرين
وكان الحجاج استخلف قبل موته يزيد بن أبى كبشة السكسكيّ فأقره الوليد
عليها وفي أيام الوليد فتح طارق بن زياد مدينة الأندلس وعبر عليها من
طنجة من البحر وغزا مدينة طليطلة
__________
[1] . مات أسلمك MS.
(6/40)
وأصاب بها مائدة [F؟
207 v؟] ذكر أهل الكتاب
أنها كانت لسليمان ابن داود عم كان حملها بعض ملوك العرب من بيت المقدس
حين ظهر على بني إسرائيل وكانت خليطين من ذهب وفضة بثلاثة أطواق من
لؤلؤ وياقوت وزبرجد وكان استعمل خالد بن عبد الله القسري على مكة فأمره
أن يحفر بها بئراً فحفر فخرج عليه ماء عذب فكتب إلى الوليد إن خليفة
الله أكرم على الله من رسوله إبراهيم لأنّ إبراهيم عم استسقاه فسقاه
ماء غير عذب وأمير المؤمنين سقاه ماء عذباً فراتاً ومات الوليد سنة تسع
وستين وكانت ولايته تسع سنين وثمانية أشهر وخلف من الولد الذكور أربع
عشر نفرا منهم يزيد بن الوليد الناقص ولي خمسة أشهر ومات وكان حسن
السيرة محمود الطريقة وإبراهيم بن الوليد ولي شهرين ثم خلع نفسه ودخل
في طاعة مروان وعمر بن الوليد يقال له فحل بنى مروان وكان يركبون وراءه
ستون رجلاً لصلبه،،،
ولاية سليمان بن عبد الملك بن مروان
قالوا وكان حبراً فصيحاً نشأ بالبادية عند أخواله بني عبس فافتتح بخير
واختتم بخير ورد المظالم وآوى المسيرين وأخرج المحبسين واستخلف عمر بن
عبد العزيز وعزل ابن أبي كبشة عن العراق واستعمل عليها يزيد [بن]
المهلّب
(6/41)
فاستخلف يزيد على العراق مروان بن المهلب
أخاه وسار إلى خراسان فهابه قتيبة بن مسلم فتوجه إلى فرغانة فوثب عليه
وكيع ابن حسّان فقتله فولّاه سليمان خراسان وفيه يقول الفرزدق [طويل]
ونحن قتلنا الباهلي بن مسلم ... ونحن قتلنا قبل ذاك ابن خازم [1]
كأنّ رءوس الناس إذ [2] سمعوا بنا ... مدمغة هاماتهم بالأهائم
ثم عزل وكيع بن حسان عن خراسان ووفاها يزيد بن المهلب فافتتح جرجان،،،
فتح جرجان وطبرستان
قالوا وكان أهل جرجان يصالحون أهل الكوفة على مائة ألف ومائتي ألف
فجاءهم ابن المهلب وصالحهم على مال كثير واستخلف عليهم رجلاً من أصحابه
وصار إلى دهستان وقد كان غلب عليها وعلى جرجان الترك فحاصرهم حتى نزلوا
على حكمه فقتل أربعة عشر ألفاً منهم صبراً ومضى إلى طبرستان فصالح
الاصفهبد على مال عظيم وأربع مائة حمار موقرة زعفرانا واربع
__________
[1] . حازمMS.
[2] . إذا MS.
(6/42)
مائة رجل على رأس كل رجل منهم ترس وطيلسان
وجام من ذهب وكذا فعل عبد الرحمن بن سمرة القرشي لما حاصر زرنج صالحهم
على ألف ألف درهم وألف وصيف [على رأس كل رجل] جام من ذهب وكان عبد
الرحمن هذا بعثه أبو موسى الأشعري إليها في أيام عثمان قالوا ونقض أهل
جرجان العهد فحلف يزيد بن المهلب ألّا يبرح حتّى يقتل المقاتلة ويسبي
الذراري وتحصن القوم منه فأناخ بناحيتهم مدة لا يجد فيهم حيلة قال فخرج
رجل من العسكر يتصيد فاتبع وعلاً يتوقل في جبل حتى أشرف على عورة البلد
فجاء فأخبر يزيد بذلك فلما كان من الليل احتال الرجل في طائفة فاقتحموا
البلد من النقرة وافتحوا باب المدينة واستولوا عليها ووكل يزيد
بأبوابها وطرقها ومنافذها [F؟
208 r؟] الرجال
يحفظونها وأمر بالجذوع فنصبت على الطريق فراسخ ثم أخرج المقاتلة فصلبهم
كلهم ثم سبي الذراري ونهب الأموال فلم يبق من الناس بجرجان إلّا من
الهرب أو توارى إلا شيخ لا منة فيه ومن المال إلا ما دفن أو لم يؤمر به
فيحمل،،،
غزاة مسلمة بن عبد الملك الصائفة
وجهز سليمان مسلمة فسار حتى بلغ القسطنطينية في مائة ألف وعشرين ألفاً
وكان استصحب اليون
(6/43)
المرعشي ليدله على الطريق والعورات وأخذ
عهوده ومواثيقه على الوفاء والمناصحة فعبروا الخليج وحاصروا
القسطنطينية فلما برح بهم الحصار عرضوا الفدية على مسلمة فأبى أن
يفتحها إلا عنوة قالوا فابعث إلينا اليوم فإنه رجل منا ويفهم كلامنا
فبعثه إليهم فسألوه عن وجه الحيلة فقد ضاق عليهم الأمر فقال يا أهل
القسطنطينية إن ملكتموني عليكم لم أفتحها لمسلمة فبايعوه على الملك
والأمرة فخرج اليون وقال لمسلمة قد أجابوني إلا أنهم لا يفتحون ما لم
يتنح عنهم قال مسلمة أخشى والله أن هذا منك غدر فحلف له اليون أنه يدفع
كل ما في قسطنطينية من ذهب وفضة وديباج وسبي فارتحل مسلمة فتنحى إلى
بعض الرساتيق ودخل اليون فلبس التاج وقعد على سرير الملك وأمر بنقل
الطعام والعلوفات من خارج فملئوا الأهراء وشحنوا المطامير وبلغ الخبر
لمسلمة فعلم أنه كان غدر فأقبل راجعاً فأدرك شيئاً من الطعام وأغلقوا
الأبواب دونه وبعث إلى اليون يناشده الوفاء بالعهد فأرسل إليه اليون
ملك الروم لا يبايع بالوفاء ونزل مسلمة بفنائهم ثلاثين شهرا حتّى أكل
أهل عسكره الميتة والعظم وقتل منهم خلق كثير ثم رحل وانصرف وتوفي
سليمان بن عبد الملك بدابق
(6/44)
سنة تسع وتسعين وكان بايع ابنه أيوب بن
سليمان فمات قبله فاستخلف عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ولما
احتضر سليمان قيل له أوص فقال [رجز]
إن بني صبية صيفيون ... أفلح من كانت له ربعيون
إن بني صبية صغار ... أفلح من كانت له كبار
وفيه يقول الشاعر [سريع]
لم يأخذ الولي بالولي ... وهدم الديماس والنسي
ياأيّها الخليفة المهدي ... خليفة سمية [1] النبي
وآمن الشرقي والغربي
وكانت ولايته ثلاث سنين،،،
ولاية عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
وأمه أمّ عاصم بنت عاصم بن عمر ابن الخطّاب روى أنّ عمر بن الخطاب رضي
الله عنه كان يقول إن من ولدي رجلاً يملأ الأرض عدلاً وكثير من الناس
يقولون أنه كان المهدىّ وفيه يقول الشاعر [خفيف]
__________
[1] . سميَّه MS.
(6/45)
من أبوه عبد العزيز بن مروان ... ومن كان
جده الفاروقا
وكان أخوه الأصبغ بن عبد العزيز عالماً بخبر ما يكون وابنته حبيبة
عالمة بخبر ما يكون وذلك لعلم وقع إليهم ويقال لعمر أشج بني أمية وذلك
أنه ضربته دابة في وجهه فلما رآه الأصبغ أخذه وقال الله أكبر أشج بني
مروان الذي يملك قال الأصمعي هو في كتاب دانيال الدردق الأشج فلما
بايعوه وصعد المنبر أمر برد المظالم ووضع اللعنة عن أهل البيت رضي الله
عنهم وحض على التقوى والتواصل وقال والله ما أصبحت وبي على أهل القبلة
موجذة [F؟ 208
V؟] [1] إلا على إسراف ومظلمة
ثم تصدق بثوبه ونزل فكتب اليه عمر بن الخارجىّ [بسيط]
لئن قصدت سبيل الحق يا عمر ... أخاك في الله أمثالي وأشباهي
وإن لحقت بقوم أنت وارثهم ... وسرت سيرتهم فالحكم للَّه
وعزل عمر بن عبد العزيز يزيد بن المهلب عن خراسان وطالبه بالأموال التي
أصابها من جرجان وكان يقول لا أحب آل المهلب
__________
[1] . موجدة MS.
(6/46)
لأنّهم جبابرة ويزيد بن المهلب كان يقول
إني لأظنه مرائياً وولى خراسان عبد الرحمن بن نعيم الغفاري والعراق عبد
الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان ينزل خناصرة من أرض الشام
فلما مرض دخل عليه بعض بني أمية فرآه على فراش من ليف تحته وسادة من
أدم مسجى بشملة ذابل الشفة كاسف اللون فسبح الله وبكى وقال يرحمك الله
لقد خوفتنا باللَّه عز وجل وأيقنت لنا ذكراً في الصالحين ومات رحمه
الله بدير سمعان وهو ابن تسع وثلاثين سنةً سنة إحدى ومائة وكانت ولايته
سنتين وخمسة أشهر وأيّاما فقيل فيه [بسيط]
قد غيب الدافنون اللحد إذ دفنوا ... بدير سمعان قسطاس الموازين
من لم يكن همه أرضاً يفجرها ... ولا النخيل ولا ركض البراذين
ولما مات عمر بن عبد العزيز هرب يزيد بن المهلب عن حبسه وصار إلى
البصرة واستجاش ودعا الى التبرّي من بني أمية والرجوع إلى الكتاب
والسنة وفي أيام عمر بن عبد العزيز تحركت دولة بنى هاشم،،،
ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان
يقال له أبو خالد عاشر بنى
(6/47)
مروان صاحب حبابة [1] ولما ولى استعمل على
العراقين وخراسان عمرو بن هبيرة الفزاري وبعث زيد بن مسلمة بن عبد
الملك لقتال يزيد بن المهلب فقتله وبعث برأس يزيد إلى يزيد وكان يزيد
صاحب لهو وقصف وشعف لحبابة واستهتر بذكرها ثم عزم على الرشد والتشبه
بعمر بن عبد العزيز فخشيت حبابة على حظها منه فسألت الأحوص أن يعمل لها
أبياتاً تزين اللهو والطرب فقال [طويل]
ألا لا تلمه اليوم أن يتبلدا ... فقد غلب المحزون أن يتخلدا
ركبت الصبي جهدي فمن شاء لامني ... ومن شاء آسا في البلاء وأسعدا
إذا كنت عزهاة عن اللهو والصبى ... فكن حجراً من يابس الصخر جلمدا
فما العيش إلا ما تلذ وتشتهي ... وإن لام فيه ذو الشنان وفندا
فلما غنته بهذه الأبيات أقبل يرددها وعاد إلى ما كان عليه ثم خلى يوماً
بحبابة وقال لحجابه وخدمه لا تأذنوا علي اليوم لأحد ولا تنهوا إلي
خبراً ولا تفتحوا علي باب المقصورة وإن أمرتكم وصحت بكم لأنفرد اليوم
وآخذ حظي منها فلما استقر بهما المجلس
__________
[1] . حبّابة MS.
(6/48)
وأخذ الشراب منهما غنته عمرك إني لاحب
سلعاً [1] فقال لو شئت لنقلت إليك حجراً حجراً فقالت إنما أحب من به لا
حجره ثم فلقت [F؟ 209
r؟] رمانة فتنقل بها
فغصت بحبّة [2] منها فماتت فجعل ينادي الخدم والحشم ويناشدهم وهم عنه
معرضون لأمره الأول فبقي معها وهي ميتة طول نهاره إلى أن أمسى ثم خرج
في جنازتها يحملها على عاتقه وعاش بعدها خمسة عشر يوماً ومات سنة خمس
ومائة وكانت ولايته أربع سنين وشهراً،،،
ولاية هشام بن عبد الملك
يقال له أحول بني أمية ويكنى أبا الوليد ولما بويع له عزل عمرو بن
هبيرة عن العراق وولّاها خالد ابن عبد الله القسري ثم ولاها يوسف بن
عمر وفي أيامه خرج زيد بن علي بن أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي
طالب رضوان الله عليهم،،،
مقتل زيد بن علي بن الحسين
وذلك أنه قدم الكوفة وأسرعت إليه الشيعة وقالوا إنا لنرجو أن يكون هذا
الزمان الزمان الذي يهلك فيه بنو أمية وجعلوا يبايعونه سراً وبلغ الخبر
يوسف بن عمر
__________
[1] . كذا في الأصلNotemarginale:
[2] . بحبابه MS.
(6/49)
فأمر زيداً بالخروج وبايعه أربعة عشر ألفاً
على جهاد الظالمين والدفع على المستضعفين ويوسف بن عمر جاد في طلبه
وتواعدت الشيعة بالخروج وجاءوا إلى زيد فقالوا ما تقول في أبي بكر وعمر
فقال ما أقول فيهما إلا خيرا فتبرّءوا منه ونكثوا بيعته وسعوا به إلى
يوسف بن عمر فبعث في طلبه قوماً فخرج زيد ولم يخرج معه إلا أربعة عشر
رجلاً فقال جعلتموها حسينية ثم ناوشهم القتال فأصابه سهم بلغ دماغه
فحمل من المعركة ومات تلك الليلة ودفن فلما أصبحوا استخرجوه من قبره
وصلبوه فأرسل هشام إلى يوسف ابن عمر أن حرق عجل العراق فحرقوه وهرب
ابنه يحيى بن زيد حتى أتى بلخ وقال [طويل]
خليلي عني بالمدينة بلغا ... بني هاشم أهل النهى والتجارب
لكل قتيل معشر يطلبونه ... وليس لزيد بالعراقين طالب
وقال الكميت وكان دعاه زيد عند خروجه إلى نصرته فلم يجبه [وافر]
دعاني ابن الرسول فلم أجبه ... ألا يا لهف للرأي الوثيق
حذار منيةٍ لا بد منها ... وهل دون المنية من طريق
(6/50)
ورأيت في كتاب تأريخ خورزاذ أن شريكاً قال
رأيت سفيان الثوري متأبطاً يحرس جذع زيد ورزقه ثلاثة دراهم في كل يوم
وكان من أعوان الشرط والله أعلم ومات هشام برصافة من أرض قنسرين سنة
خمس وعشرين ومائة وكانت ولايته عشرين سنة إلا شهراً،،،
ولاية الوليد بن يزيد بن عبد الملك
ويقال له الخليع بن الفاسق وكان صاحب لعب ولهو وهو الّذي يقول [خفيف]
أشهد الله والملائكة الأبرار ... والعابدين أصل الصلاح
أنني أشتهي السماع وشرب البراح ... والعض في الخدود الملاح
وقال يوم أتاه نعىّ هشام [خفيف]
طاب نومي وطاب شرب السلافة ... إذ أتاني نعي من بالرصافة
[F؟ 209
V؟] وكان يكتب إلى الناس
[طويل]
ضمنت لكم إن لم تعقني منيتي ... بأن سماء الضر عنكم ستقلع
ولما صار الأمر إليه ولي عشور المدينة وسوقها ابن حرملة وهو
(6/51)
مولى لعثمان بن عفان فكان إذا تزوج رجل
امرأة أخذ الزكاة من مهرها وإن مات أحد أخذ الزكاة من ميراثه فقالوا
فيه [طويل]
ولما وليت السوق أحدثت سنة ... وحيدية يعتادها كل ظالم
وشاركت نسواناً لنا في مهورها ... ومن مات منّا من غنى وعادم
مقتل يحيى بن زيد بن على بن الحسين عليهم
السلم
ولما قتل زيد بالكوفة هرب يحيى بن زيد حتى أتى بلخ فكتب يوسف بن عمر
إلى نصر بن سيار يأمره بطلبه وأذكى عليه العيون حتى ظفر به وكان نصر
يتشيع سراً فكتب إلى الوليد [1] فسار حتى إذا كاد يخرج من حدود خراسان
خشي اغتيال يوسف بن عمر فكر راجعاً إلى شابوركرد فاحتشد سلم بن الأعور
وقاتلهم فهزمهم وسار حتى إذا كان بأرض الجوزجان لحقه سلم فقتله وصلبه
وحدثني أبو طالب الصوفي باخميم [2] أن الوليد هذا لعنه الله كان ماجنا
سفيها قليل الديانة وكان يستهدف المصحف ويرميه
__________
[1] . ترك سطر أو سطرينsetnotemarginale:
[2] . باحميم MS.
(6/52)
ويقول [وافر]
تهدد كل جبار عنيد [1] ... فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم حشرٍ ... فقل يا رب خرقني وليد
وكان نصر بن سيار كتب إليه يخبره أمر علي [بن] الكرماني واجتماع الشيعة
فكتب في جوابه أن كل خراسان واكفيه فإني مشغول بالغريض ومعبد وابن
عائشة وكانت ولايته سنة وشهرين،،،
ولاية يزيد بن الوليد بن عبد الملك
وإنما سمي الناقص لأنه نقص الجند من أرزاقهم وكان محمود السيرة مرضي
الطريقة وكانت ولايته خمسة أشهر ومات فلما ولي مروان استخرجه من قبره
وصلبه ويقال أنه مذكور في الكتب بحسن السيرة والعدل كما قال بعضهم، يا
مبذر الكنوز يا سجاداً بالأسحار كانت ولايتك ووفاتك فتنة أخذوك
فصلبوك،،،
ولاية إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك
وولاية عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك،
بويع إبراهيم وبويع بعده عبد العزيز [2] ولم يبايعهما مروان بن محمد
وطلب الخلافة لنفسه وكان سبب ذلك
__________
[1] . تهدّدنى بجبّارAutreversion:
[2] . يزيد MS.
(6/53)
أن الوليد بن يزيد بن عبد الملك جعل ولي
عهده من بعده ابنه الحكم بن الوليد فقتل مع أبيه [F؟
210 r؟] الوليد يوم قتل
وكان قال [وافر]
فإن أهلك أنا وولي عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا
فقاتلهم مروان وهزمهم ثم جاء إبراهيم بن الوليد وخلع نفسه ودخل في طاعة
مروان فلما رأى ذلك عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك بعث يزيد بن
خالد بن عبد الله القسري [1] إلى السجن وقتل يوسف بن عمر بن هبيرة
بخالد بن عبد الله وكانت ولاية إبراهيم شهرين ونصفاً،،،
ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم
يقال له مروان الجعدي ويلقب بحمار الجزيرة وكانت بنو أمية يكرهون
الإماء لأنه بلغهم أن ذهاب ملكهم على رأس أمة [2] ومروان أمة كردية
وقيل له الجعدي لأن جعد بن درهم الزنديق كان غلب عليه وفيه يقول الشاعر
[سريع]
__________
[1] . الفزاريMS.
[2] . مايه MS.
(6/54)
أتاك قوم برجال جرد ... مخالفا ينصر دين
الجعد
مكذباً يجحد يوم الوعد
وبويع مروان سنة سبع وعشرين وصار الأمر إلى بني العباس سنة اثني
وثلاثين ومائة وقتل مروان في هذه السنة وكانت ولايته خمس سنين وخرج
عليه الضحاك بن قيس الخارجي من شهرزور فقاتله واستعمل مروان على العراق
يزيد بن عمر بن هبيرة وأقر نصر بن سيّار على خراسان ثم انتقض أمر بنى
أميّة بظهور أبى مسلم الخراسانىّ،،
،
(6/55)
|