البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب
ذكر فضل المغرب
وما ورد من الأخبار والآثار
روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (لا تزال طائفة من
أمتي بالمغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) ومن ذلك ما أخرجه مسلم
في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
(لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) وذكر البخاري،
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يضرهم من خالفهم، حتى يروا
قياما فيقولون: غشيتم فيغشون سرعان خيلهم،
(1/6)
فيرجعون إليهم فيقولون: الجبال سيرت فيخرون
سجدا فتنقبض أرواحهم) وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان
يقول (خير الأرض مغاربها وأعوذ بالله من فتنة المغرب) وذكر خالد بن
سعيد أن محمد بن عمر بن لبلاة كان يروى عن عبيد الله بن خالد عمن حدثه
عن أبي زيد المصري يرفع الحديث عن أبي عباس - رضي الله عنه - عن أبي
أيوب الأنصاري قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف إذ
توجه تلقاء المغرب فسلم وأشار بيده فقلت (على من تسلم يا رسول الله)
قال (على رجال من أمتي يكونون في هذا المغرب بجزيرة يقال لها الأندلس
حيهم مرابط وميثهم شديد وهم ممن استثنى الله من كتابه " فصعق من في
السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ") وصح وعد رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - إن الإسلام سيبلغ مشارق الأرض ومغاربها فكان الأمر كما وعد
وقال الحميدي في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يزال أهل
الغرض ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة) هذا وإن كان عاما فللأندلس منه
حظ وافر بدخولها في الإسلام وتحققها من الغرب وإنها عن آخر المعمور فيه
وبعض ساحلها الغربي والبحر محيط بجميع جهاتها فصارت بين البحر والروم
وروى الرفيق عن عبد الله بن وهب يرفع الحديث إلى النبي انه بعث سرية في
سبيل الله فلما رجعوا ذكروا شدة البرد الذي أصابهم فقال رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - (لكن أفريقية أشد بردا وأعظم أجرا) وعن سفيان بن
عيينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (الشر عشرة أجزاء، فتسعة في
المشرق، وواحد في سائر البلدان) .
ويقال بأن أفريقية ساحلا يقال له المنستيد وهو باب من أبواب الجنة وبها
جبل يقال له المطمور: باب من أبواب جهنم. وفي الحديث أن أفريقية يحشر
منها سبعون ألف شهيد ووجوههم كالقمر ليلة البدر وعن سفيان بن عيينة قال
يروي ان المغرب باب المنوبة مفتوحا مسيرة أربعين خريفا لا يغلغه الله
حتى تطلع منه الشمس.
(1/7)
ودخل أفريقية من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين
الأولين ناس كثير ودخل الأندلس من التابعين قوم فأول من دخل أفريقية
غازيا في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عمرو بن العاص وكان
استفتح مصر سنة 20 من الهجرة ووجه منها عقبة بن نافع الفهري إلى لوبية
وأفريقية فافتتحهما ثم توجه عمرو بنفسه إلى برقة فصالح أهلها إلى
الجزية: دينار على كل حالم وتوجه منها إلى طرابلس فافتتحهما بعد
استغاثة أهلها بقبيل من البربر يقال لهم نفوسة إذا كانوا دخلوا معهم في
دين النصرانية. |