الصلة في تاريخ أئمة الأندلس
حرف العين
من اسمه عبد الله
عبد الله بن محمد بن مغيث بن عبد الله الأنصاري: من أشراف قرطبة، يكنى:
أبا محمد. وهو والد قاضي الجماعة أبي الوليد بن الصفار.
روى عن خالد بن سعدٍ، ومحمد بن أحمد الإشبيلي الزاهد. وأحمد بن سعيد بن
حزم، وإسماعيل بن بدر وغيرهم.
وكان: من أهل المعرفة والنباهة، والذكاء واليقظة، والحذق والفهم، ومن
أهل الأدب البارع والشعر الرائق، والكتابة البليغة مع الدين والفضل
والنسك والعبادة والتواضع. وزهد في الدنيا في آخر عمره وجمع كتابا في
شعر الخلفاء من بني أمية، وله كتاب التوابين من تأليفه وهو حسن، وكان
أثيرا عند الخليفة الحكم رحمه الله.
وقرأت بخط القاضي ابنه: توفي أبي رحمه الله ونضر وجهه في صدر شوال من
سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.
وكان مولده في ربيع الأول سنة خمس وثمانين ومأتين.
قال يونس: سمعت أبي رحمه الله يقول: أوثق عملي في نفسي ملامة صدري، إني
آوي إلى فراشي ولا يأوي إلى صدري غائلة لمسلم. نفعه الله بذلك.
عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري والد الحافظ أبي عمر: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد.
سمع: من أحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم، وأحمد بن دحيم بن خليل،
وأبي بكر بن الأحمر، ومحمد بن أحمد بن قاسم بن هلال وغيرهم، ولزم أبا
إبراهيم
(1/237)
إسحاق بن إبراهيم الفقيه وتفقه عنده وقرأ
عليه المدونة وغيرها. ولم يسمع أبو عمر من أبيه شيئا لصغره.
وكان يحدث كثيرا عن كتاب أبيه فيقول: وجدت في سماع أبي بخطه، وقد جوز
البخاري أن يحدث الرجل عن كتاب أبيه بتيقن أنه بخطه دون خط غيره.
وتوفي في ربيع الآخر سنة ثمانين وثلاث مائة. ومولده سنة ثلاثين وثلاث
مائة ذكره مولده ووفاته ابنه أبو عمر رحمه الله.
عبد الله بن عبد الله بن ثابت بن عبد الله الأموي: من أهل طليطلة،
يكنى: أبا محمد.
سمع: من محمد بن عبد الله بن عيشون، ووهب بن عيسى وغيرهما. حدث عنه
الصاحبان وقالا: توفي سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة. ومولده سنة ستٍ
وثلاث مائة.
عبد الله بن محمد بن صالح بن عمران التميمي: من أهل طليطلة، يكنى: أبا
محمد.
روى عن عبد الرحمن بن عيسى بن مدراج وغيره. حدث عنه الصاحبان وقالا:
كان صاحبنا في السماع. وتوفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.
عبد الله بن إسحاق بن الحسن بن عبد الله المعافري: من أهل قرطبة يكنى:
أبا بكر.
روى عن وهب بن مسرة، وأحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم، وأبي
إبراهيم، وابن الأحمر، وأبي عيسى الليثي، ومحمد بن حارث وغيرهم كثير.
حدث عنه الصاحبان وقالا: قدم علينا طليطلة مجاهدا وأجاز لنا بخطه في
عقب رجب سنة تسع وثمانين وثلاث مائة.
(1/238)
عبد الله بن يوسف بن أبي زيد الأموي
البلوطي، يكنى: أبا محمد.
يحدث عن أبي حفص بن جزي، وأحمد بن يحيى بن الشامة، ومسلمة بن قاسم،
وأحمد بن مطرف، وابن حزم، وأبي إبراهيم، وابن مدراج وغيرهم. حدث عنه
الصاحبان وذكرا أنه أجاز لهما في عقب جمادى الأول سنة إحدى وتسعين
وثلاث مائة.
عبد الله بن سعيد المجريطي منها، يكنى: أبا محمد.
روى بقرطبة: عن محمد بن سعيد الخضري وغيره. وسمع بطليطلة: من أبي محمد
بن غلبون القاضي، وأبي عبد الله محمد بن عمر. وحدث عنه الصاحبان وقالا:
كان صاحبنا في السماع عند شيوخنا. وتوفي بالمشرق سنة تسعين أو إحدى
وتسعين وثلاثٍ مائة.
عبد الله بن أحمد بن مالك: من أهل سرقسطة وإمام الجامع بها، يكنى: أبا
محمد.
له رحلة إلى المشرق حدث فيها عن الحسن بن رشيق وغيره. حدث عنه الصاحبان
وقالا: توفي سنة أربع وتسعين وثلاث مائة.
عبد الله مولى محمد بن إسماعيل القرشي، يكنى: أبا محمد.
قدم طليطلة وأخذ بها عن أبي غالب وغيره. وله رحلة إلى المشرق سمع فيها
من أبي الطيب الحريري، وعمر بن المؤمل وغيرهما. حدث عنه الصاحبان أبو
إسحاق وأبو جعفر رحمهما الله.
عبد الله بن بشام بن خلف بن عقبة الكلبي: من أهل تطيلة، يكنى: أبا
محمد.
له رحلة سمع فيها من الحسن بن رشيق وغيره. حدث عنه من أهل بلده أبو بكر
يحيى بن زكرياء الزهري.
(1/239)
عبد الله بن أبان بن عيسى بن محمد بن عبد
الرحمن بن دينار بن وافد بن رجاء بن عامر بن مالك الغافقي: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد. كذا نقلت نسبه من خط أبي إسحاق بن شنظير.
وقال عبد الرحمن: جده هو صاحب المدنية، وعيسى بن دينار أخو عبد الرحمن
ابن دينار، وكان عبد الرحمن أصغر سنا من عيسى وأقدم رحلة، وأصلهم من
الشام. وكان سكني عبد الله هذا بالزقاق الكبير بقرطبة في دور آبائه
وأجداده.
روى عن وهب بن مسرة، وعن أبيه أبان بن عيسى بن دينار، وابن الأحمر،
وأبي إبراهيم، وأحمد بن العطار، وأجاز له كل واحد منهم ما رواه. قرأت
هذا كله بخط ابن شنظير وقال: توفي في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين
وثلاث مائة، ومولده يوم الأربعاء لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة ست
وعشرين وثلاث مائة.
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد الجهني الطليطلي: سكن قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
سمع بقرطبة: من قاسم بن أصبغ وغيره، وصحب القاضي منذر بن سعيد. ورحل
إلى المشرق سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة. فسمع من أبي علي بن السكن
بمصر، وأبي محمد بن الورد، وأبي العباس السكري، وابن فراس، وحمزة
الكناني وغيرهم.
وكانت رحلته وسماعه مع أبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج،
ورغب إليه إذ قدم الأندلس أن يحدث فقال: لا أحدث ما دام صاحباي حيين،
فلما ماتا جلس للسماع فأخذ الناس عنه.
أخبرني أبو الحسن بن مغيث رحمه الله قال: قال القاضي أبو عمر بن
الحذاء: كان أبو محمد هذا شيخا فاضلا، رفيع القدر، عالي الذكر، عالما
بالأدب واللغة ومعاني الأشعار
(1/240)
ذاكرا للأخبار والحكايات، حسن الإيراد لها
وقورا، ما رأيت أضبط لكتبه وروايته منه، ولا أشد تحفظا بها ورعاية لها.
وكان لا يعير كتابا إلا لمن تيقن أمانته ودينه حفظا للرواية. وكانت له
رواية كثيرة عن قاسم بن أصبغ وغيره بالأندلس قبل رحلته إلى المشرق ولم
يكن قيدها ولا كتبها فلم يقدر عليه أحد من الناس أن يقرأ عليه في كتب
أصحابه ولا في كتب شيوخه. وكان يقول: هذه الكتب قد تعاورتها الأيدي بعد
أربابها فلا استحل أن أروي فيها.
وذكره الخولاني وقال: كان شيخا ذكيا، حافظا لغويا. من أهل العلم متقدما
في الفهم. رحل إلى المشرق ولقي جلة من الناس. وسمع منهم وكتب عنهم بمكة
وبمصر وبالشام. وكان قد تولى قراءة الفتوحات قديما لفصاحته وصدقه
ونفاذه. وكان أسن ونيف على الثمانين بثلاثة أعوام وصحبه الذهن إلى أن
مات رحمه الله.
وقال الحسن بن محمد: كان السلطان قد تخير أبا محمد بن أسد لقراءة الكتب
الواردة عليه بالفتوح بالمسجد الجامع بقرطبة على الناس لفصاحته، وجودة
بيانه، وجهارة صوتهن وحسن إيراده. فتولى له ذلك مدة قوته ونشاطه، فلما
بدن وتثاقل استعفاه من ذلك فأعفاه ونصب سواه. فكان يندر في نفسه بعد
عند ذكر الولاية والعزل فيقول: ما وليت لبني أمية ولاية قط غير قراءة
كتب الفتوح على المنبر، فكنت أنصب فيه، وأتحمل الكلفة دون رزق ولا صلة،
ولقد كسلت منذ أعفيت عنها وخامرني ذل العزلة.
وذكره ابن حيان وقال: كان حسن الحديث، فصيح اللسان، حلو الإشارة، غزير
الإفادة، حاضر الجواب، حار النادرة. وأخباره كثيرة. وكان يستحسن الضرب
في المصحف التماس البركة في دليل الاستخارة. يحكي عنه بعض أصحابه قال:
أردت الركوب في البحر في بعض الأسفار على تكره من نفسي ففزعت إلى الضرب
(1/241)
في المصحف عقب تقريب بنافلةٍ وتقديم
استخارة، فوقعت يدي على قوله تعالى: " وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رهوا إنهم
جندٌ مغرقون " الآية فتخلفت عن ركوبه وركبه قوم فغرقوا بأجمعهم.
وحدث عنه من كبار العلماء أبو الوليد بن الفرضي، والقاضي أبو المطرف بن
فطيس، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء، والخولاني، والقبشي
وغيرهم كثيرا.
قال ابن الحذاء: ولد سنة عشرٍ وثلاث مائة. وتوفي يوم الاثنين لسبعٍ
بقين من ذي الحجة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة. زاد ابن حيان: ودفن
بمقبرة متعة وصلى عليه القاضي أبو العباس بن ذكوان وأوصى أن يكفن في
ثلاث أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة رحمه الله.
عبد الله بن محمد بن نصر الأسلمي من ولد بريدة بن الحصيب الأسلمي صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعرف: بابن الحديثي: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن جماعةٍ من علماء قرطبة، وسمع الناس منه كثيرا من روايته. وكان
ثقة فيما رواه وعني به. وتوفي ليلة الأربعاء عقب جمادى الآخرة سنة خمسٍ
وتسعين وثلاث مائة. ذكر وفاته ابن حيان وحدث عنه الصاحبان، وحكم بن
محمد الجذامي وغيرهم.
عبد الله بن محمد بن خلف بن عطية الأزدي يعرف: بابن أبي رجاء: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عنه أبو بكر محمد بن أبيض وقال: كان سكناه بزقاق الشبلاري وهو إمام
مسجد غلاب. ومولده سنة سبع وعشرين وثلاث مائة.
عبد الله بن سليمان بن وليد بن طالب بن عبيدة الجذامي: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
(1/242)
روى عن أحمد بن مطرف، وأحمد بن سعيد،
وإسماعيل بن بدر، ووهب ابن مسرة، وأبي بكر الدينوري، وأبي بكر اللؤلؤي
وأجازوا له ما رووه. حدث عنه أبو إسحاق بن شنظير وقرأت بخطه: أن مولده
سنة إحدى وعشرين وثلاث مائة، وقال: سكناه بالقناطير وهو إمام مسجد
القلاسين.
عبد الله بن محمد لب بن صالح بن ميمون بن حرب الأموي الحجاري المقرىء:
سكن قرطبة، يكنى: أبا محمد، ويعرف: بالريولة.
رحل إلى المشرق، وروى عن الحسن بن رشيق وأجاز له ما رواه وسمع عليه
مسند ابن أبي شيبة حدثه به عن أبي العلاء الوكيعي، عن ابن أبي شيبة.
وروى عن أبي بحر محمد الشيرازي، حدث عنه الخولاني وقال: كان من أهل
الفضل والخير، مجودا للقرآن، حسن الصوت به. وروى عنه أبو إسحاق وقال:
مولده سنة أربع وأربعين وثلاث مائة، وسكناه بمقبرة قريش وهو إمام مسجد
ابن حيوية.
عبد الله بن عبيد الله بن وجيه بن عبد الله الكلاعي الشقندي: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد.
كان: من أهل العناية والرواية. حدث عنه الصاحبان وهشام بن محمد بن هلال
وأخوه قاسم وغيرهم.
عبد الله بن محمد بن نزار: من أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر.
كان جار عباس بن أصبغ، وكان كثير المجالسة له. وأخذ أيضا عن أبي
إبراهيم الفقيه وأبي محمد عثمان: حدث عنه الصاحبان.
عبد الله بن محمد بن نصر بن أبيض بن محبوب بن ثابت الأموي النحوي من
أهل طليطلة سكن قرطبة واستوطنها يكنى: أبا محمد.
(1/243)
وروى عن أبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد
الله بن مفرج، وخلف بن القاسم، وعباس بن أصبغ، وأبي الحسن علي بن مصلح،
وهاشم بن يحيى، وأبي محمد بن حرب وأبي غالب تمام بن عبد الله وغيرهم
كثير. وأجاز له أبو العباس تميم بن محمد بن تميم القيرواني، وأبو الحسن
زياد بن عبد الرحمن اللؤلؤي القيرواني، ومحمد بن القاسم ابن مسعدة
الحجاري، وأبو ميمونة، والصديني الفاسيان وغيرهم.
وعني بالحديث وجمعه وتقييده وضبطه، وكان أديبا حافظا نبيلا سمع الناس
منه وجمع كتابا في الرد على محمد بن عبد الله بن مسرة أكثر فيه من
الحديث والشواهد وهو كتاب كبير حفيل.
حدث عنه القاضي أبو عمر بن سميق، وحكم بن محمد، وأبو إسحاق وصاحبه أبو
جعفر وقالا: مولده في شعبان سنة تسعٍ وعشرين وثلاث مائة، وسكناه بمقبرة
أبي العباس الوزير بزقاق دحيم، وصلاته بمسجد الأمير هشام بن عبد
الرحمن: وتوفي رحمه الله سنة تسع وتسعين وثلاث مائة. أو سنة أربع مئة.
ذكر ذلك الصاحبان: عبد الله بن أحمد بن قند اللغوي: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد، ويعرف: بالطليطلي.
أخذ عن أبي محمد الأصيلي الحافظ وأكثر عنه وشهر بمجالسته وحضور مناظرته
وعن أبي عبد الله بن عتبة النحوي، وتصرف في الأحكام. وكان: من أهل
البراعة والمعرفة والنفاذ في الفقه والحديث والافتنان في ضروب العلم
والتحقيق من بينها بعلم الغريب. وحفظ اللغة. وتوفي في الوقعة التي كانت
بين سليمان بن حكم والمهدي بعقبة البقر سنة أربع مئة. وكان: من أصحاب
سليمان وممن رفع مكانه وأدناه ذكره ابن حيان.
(1/244)
عبد الله بن سعيد بن محمد بن بتري: صاحب
الشرطة بقرطبة، والمتولي لبنيان الزيادة بالمسجد الجامع بقرطبة عن عهد
محمد بن أبي عامر: وكان: من أهل الأدب والفهم والحلم والكرم. توفي
لأربع خلون من ذي القعدة من سنة إحدى وأربع مئة. ذكره ابن حيان.
عبد الله بن محمد بن إدريس بن عبيد الله بن إدريس بن عبيد الله ابن
يحيى بن عبد الله بن خالد السلمي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي محمد عبد الله بن قاسم القلعي وغيره. ذكره الخولاني ورى
عنه.
عبد الله بن سلام الصنهاجي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم وغيره وكان رجلا صالحا زاهداً
وتوفي سنة اثنتين وأربع مئة. ذكره ابن عتاب، وقرأته بخطه ومنه نقلته.
وحدث عنه قاسم ابن إبراهيم الخزرجي: عبد الله بن القاضي محمد بن إسحاق
بن السليم: من أهل قرطبة، يكنى: أبا الوليد.
كان في عداد المشاورين بقرطبة من تقديم سليمان بن حكم. وكان قليل العلم
نبيه البيت. وتوفي لأربع خلون من ذي القعدة من سنة اثنتي وأربع مئة.
وصلى عليه ابن وافد ذكره ابن حيان.
عبد الله بن عبد العزيز بن أبي سفيان، واسمه عبد ربه الغافقي: من من
أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر.
روى عن أبيه وغيره. وحدث. وقرأت بخط محمد بن عتاب الفقيه أنه توفي في
رجب سنة ثلاث وأربع مئة. حدث عنه القاضي يونس بن عبد الله. وقرأت ذلك
(1/245)
بخطه، والصاحبان والزهراوي، والخولاني،
وقاسم بن هلال وعبد الرحمن بن يوسف الرفا وغيرهم كثير.
عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي الحافظ، يعرف: بابن الفرضي. من
أهل قرطبة، يكنى: أبا الوليد. وهو صاحب تاريخ علماء الأندلس الذي
وصلناه بكتابنا هذا.
روى بقرطبة عن أبي جعفر أحمد بن عون الله، والقاضي أبي عبد الله بن
مفرج، وأبي محمد عبد الله بن قاسم بن سليمان الثغري، وأبي محمد بن أسد،
وخلف بن قاسم، وأبي أيوب سليمان بن حسن بن الطويل، وأبي بكر عباس بن
أصبغ، وأبي عمر ابن عبد البصير، وأبي زكرياء يحيى بن مالك بن عائذ،
وأبي محمد بن حرب وجماعة كثيرة سواهم يكثر تعدادهم.
ورحل إلى المشرق سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة فحج وأخذ بمكة عن أبي
يعقوب يوسف بن أحمد بن الدخيل المكي، وأبي الحسن علي بن عبد الله بن
جهضم وغيرهما، وأخذ بمصر: عن أبي بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل البنا،
وأبي بكر الخطيب، وأبي الفتح بن سيبخت، وأبي محمد الحسن بن إسماعيل
الضراب وغيرهم. وأخذ بالقيروان: عن أبي محمد بن أبي زيدٍ الفقيه، وأبي
جعفر أحمد بن دحمون، وأحمد ابن نصر الداودي وغيرهم.
ثم انصرف إلى قرطبة وقد جمع علما كثيرا في فنون العلم فصنف كتابه في
تاريخ علماء الأندلس، وبلغ فيه النهاية والغاية من الحفل والإتقان.
وجمع كتابا حفيلا في أخبار شعراء الأندلس، وجمع في المؤتلف والمختلف
كتابا حسنا، وفي مشتبه النسبة. كذلك، إلى غير ذلك من جمعه وتصنيفه.
حدث عند أبو عمر بن عبد البر الحافظ وقال: كان فقيها عالما في جميع
فنون العلم في الحديث، وعلم الرجال. وله تواليف حسان، وكان صاحبي
ونظيري. أخذت معه
(1/246)
عن أكثر شيوخه، وأدرك من الشيوخ ما لم
أدركه أنا. كان بيني وبينه في السن نحو من خمس عشرة سنة، صحبته قديما
وحديثا. وكان حسن الصحبة والمعاشرة، حسن اللقاء قتلته البربر في سنة
الفتنة وبقي في داره ثلاثة أيام مقتولا، وحضرت جنازته عفا الله عنه.
وحدث عنه أيضا أبو عبد الله الخولاني وقال: كان من أهل العلم، جليلا
ومقدما في الآداب، نبيلا مشهورا بذلك. سمع بالأندلس ورحل إلى الشيوخ في
البلدان وسمع منهم، وكتب عنهم. ثم توجه إلى المشرق فطلب الحديث، وعني
بالعلم وكان قائما به نافذا فيه.
أخبرنا أبو بحر سفيان بن العاصي الأسدي في منزله قال: قرأت على أبي عمر
ابن عبد البر النمري، قال أنشدنا أبو الوليد بن الفرضي لنفسه:
أسير الخطايا عند بابك واقف ... على وجلٍ مما به أنت عارف
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غيبها ... ويرجوك فيها فهو راج وخائف
ومن ذا الذي يرجوا سواك ويتقي ... ومالك في فصل القضاء مخالف
فيا سيدي لا تخزني في صحيفتي ... إذا نشرت يوم الحساب الصحائف
وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما ... يصد ذووا ودي ويجفو الموالف
لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي ... أرجى لإسرافي فإني لتالف
قال أبو مروان بن حيان: كان ممن قتل يوم فتح قرطبة وذلك يوم الاثنين
لستٍ خلون من شوال سنة ثلاثٍ وأربع مئة الفيقه الراوية الأديب الفصيح
أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي المعروف بابن الفرضي أصيب
هذا اليوم. وورى متغيرا من غير غسل ولا كفن ولا صلاة بمقبرة مومرة إلى
أيام من قتله.
(1/247)
ولم ير مثله بقرطبة من سعة الرواية وحفظ
الحديث، ومعرفة الرجال والافتنان في العلوم إلى الأدب البارع والفصاحة
المطبوعة. قل ما كان يلحن في جميع كلامه من غير حوشية مع حضور الشاهد
والمثل. مولده في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة.
ورحل إلى المشرق سنة اثنتين وثمانين فحج وأخذ عن شيوخ عدة فتوسع جدا.
وكان جماعا للكتب فجمع منها أكثر ما جمعه أحدٌ من عظماء البلد. وتقلد
قراءة الكتب بعهد العامرية، واستقضاه محمد المهدي بكورة بلنسية. وكان:
حسن الشعر والبلاغة والخط، وأخباره كثيرة رحمة الله.
أخبرني القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله الحافظ غير مرة قال: أنا أبو
بكر محمد ابن طرخان ببغداذ قال: أنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر
الحميدي، قال: نا أبو محمد علي بن أحمد الحافظ، قال: أخبرني أبو الوليد
بن الفرضي قال: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الله تعال: الشهادة، ثم
انحرفت وفكرت: في هول القتل، فندمت وهممت أن أرجع: فاستقيل الله ذلك،
فاستحييت.
قال أبو محمد: فأخبرني من رآه بين القتلى ودنا منه، فسمعه يقول بصوت
ضعيف: لا يلكم أحدٌ في سبيل الله: والله أعلم بمن يكلم في سبيله. إلا
جاء يوم القيامة: وجرحه يثعب دما، اللون: لون الدم، والريح: ريح المسك.
كأنه يعيد على نفسه الحديث الوارد في ذلك.
قال: ثم قضى نحبه على أثر ذلك رحمه الله، وهذا الحديث في الصحيح أخرجه
مسلم في صحيحه عن عمرو بن محمد الناقد، وأبي خيثمة زهير بن حرب، عن
سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: مسندا عن النبي صلى
الله عليه وسلم.
(1/248)
وقرأت بخط شيخنا أبي الحسن بن مغيث،
وأخبرني به غير مرة مشافهة قال: وجدت بخط أبي محمد بن حزم أنه قتل في
الدخلة وبقي في مصرعه حتى تغير، وكفنه ابنه في نطع.
قال الحميدي: أنشدني أبو محمد بن أبي عمر اليزيدي الحافظ، قال أنشدني
أبو بكر محمد بن إسحاق المهلبي لأبي الوليد عبد الله بن محمد بن الفرضي
قالها في طريقه إلى المشرق، وكتب بها إلى أهلهن وكان قد رحل في طلب
العلم وتغرب وألف في المؤتلف والمختلف وغيره.
وتوفي في حدود الأربع مائة مقتولا مظلوما في الفتن:
مضت لي شهورٌ منذ غبتم ثلاثة ... وما خلتني أبقى إذا غبتم شهرا
ومالي حياةٌ بعدكم أستلذها ... ولو كان هذا لم أكن في الهوى حرا
ولم يسلني طول التنائي هواكم ... بلى زادني شوقا وجدد لي ذكرى
يمثلكم لي طول شوقي إليكم ... ويدنيكم حتى أناجيكم سرا
سأستعتب الدهر المفرق بيننا ... وهل نافعي أن صرت استعتب الدهرا
أعلل نفسي بالمنى في لقائكم ... واستسهل البر الذي جبت والبحرا
ويؤنسني طي المراحل دونكم ... أروح على أرضٍ وأغدو على أخرى
وتالله ما فارقتكم عن قلي لكم ... ولكنها الأقدار تجري كما تجري
رعتكم من الرحمن عينٌ بصيرةٌ ... ولا كشفت أيدي الردى عنكم سترا
قال الحميدي: وأنشدني له أبو محمد علي بن أحمد الفقيه:
(1/249)
إن الذي أصبحت طوع يمينه ... إن لم يكن
قمرا فليس بدونه
ذلي له في الحب من سلطانه ... وسقام جسمي من سقام جفونه
قال أبو الوليد: أنا أبو الحسن جهضم بمكة، قال: نا أبو بكر أحمد بن
علي، قال: نا أحمد بن مروان، قال: نا صالح بن أحمد بن حنبل، قال: سمعت
أبي يقول: ما الناس إلا من قال حدثنا وأخبرنا وسائر الناس لا خير فيهم،
ولقد التفت المعتصم إلى أبي فقال له: كلم ابن دؤاد فأعرض عنه أبي بوجهه
وقال: كيف أكلم من لم أره على باب عالمٍ قط.
أخبرناه أبو محمد بن عتاب سماعا عن أبي عمر النمري إجازة منه له، قال
أنا أبو الوليد فذكر الحكاية إلى آخرها.
آخر الجزء الرابع: والحمد لله حق حمده، وصلى الله عل محمد نبيه وعبده.
(1/250)
الجزء الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليما.
عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن عبد الله بن غلبون
الخولاني: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي القاسم مسلمة بن القاسم، وأبي عمر أحمد بن هلال العطار،
وأبي جعفر أحمد بن عون الله، وأبي بكر الدينوري المطوعي وغيرهم.
ورحل إلى المشرق سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة وسمع بمصر: من عتيق بن
موسى موطأ ابن بكير، ومن أب محمد إسماعيل الضراب، ومن أبي بكر بن
إسماعيل، ومن ابن سدرة وغيرهم.
وسمع بالقيروان: من أبي محمد بن أبي زيد، وأبي جعفر دحمون ومن جماعة
سواهم يكثر تعدادهم. وكتب بخطه أزيد من ألفي ورقة، وكان حسن الخط نفعه
الله بذلك.
وانصرف إلى الأندلس في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وثلاث مائة وشهد عيد
الأضحى بقرطبة وكان تردد هناك نحو العامين. وكان مولده سنة ثلاثين
وثلاث مائة.
وتوفي في صدر شوال سنة ثلاث وأربع مائة. حدث عنه ابنه أبو عبد الله
محمد ابن عبد الله وذكر من خبره ما ذكرته.
عبد الله بن سعيد بن خيرون بن محارب، يعرف: بابن المحتشم من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
(1/251)
رحل إلى المشرق وأجاز له الحسن بن رشيق،
وأبو علي بن شعبان، وأبو الطيب الحريري، وهبة الله ما رواه كل واحد
منهم. وحدثه هبة الله بالمدونة عن جبلة بن حمود عن سحنون. وقرأت بخط
ابن شنظير قال: مولده سنة خمس وأربعين وثلاث مائة. وسكناه بمقبرة أبي
العباس الوزير وبابه بزقاق زرعة، وصلاته بمسجد الأمير.
قال ابن حيان: وتوفي بالمطبق منكوبا في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربع مئة،
وأسلم إلى أهله في قيوده ودفن بمقبرة ابن عباس.
عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
بكر.
صحب أبا محمد الأصيلي واختص بن وسكن معه بربض الرصافة بجوفي قرطبة.
وسمع أيضا من عبد الوارث بن سفيان وغيره.
وكان: من أهل النباهة والجلالة والمعرفة باللغة والأدب. وشوور بقرطبة
وتوفي بالبيرة سنة خمس وأربع مئة. وسيق إلى قرطبة فدفن بها رحمه الله:
يوم الاثنين لست خلون من ربيع الآخر من العام المؤرخ. وكان مولده سنة
أربع وخمسين وثلاث مائة وكان يخضب بالسواد.
عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن جهور: من أهل قرطبة.
كان: من أهل الأدب والبيت الجليل والنباهة. ذكره أبو محمد علي بن أحمد
بن حزم وروى عنه.
عبد الله بن أحمد بن بتري، يكنى: أبا مهدي.
روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن قاسم القلعي. حدث عنه أبو الوليد
هشام ابن سعيد الخير بن فتحون. ذكره والذي قبله الحميدي.
عبد الله بن محمد العبدري: من أهل أذنة، يكنى: أبا محمد.
(1/252)
له رحلة إلى المشرق دخل فيها بغداد وسمع
بها ممن لقيه من الشيوخ وقد كتب عنه أبو عمرو المقرىء وذكر أنه كان من
أصحابه.
عبد الله بن محمد بن عيسى بن وليد النحوي، يعرف: بابن الأسلمي. من أهل
مدينة الفرج، يكنى: أبا محمد.
روى عن الحسن بن رشيق أجاز له مع المنذر بن المنذر. ومن تأليفه كتاب:
تفقيه الطالبين ثلاث أجزاء. وكتاب: الإرشاد إلى إصابة الصواب في
الأشربة.
حدث عنه أبو عبد الله بن شق الليل وقال: قدم علينا طليطلة مجاهدا. قال
غيره: وكان: من أهل العلم بالعربية واللغة متحققا بها، بارعا فيهما مع
وقار مجلس ونزاهة نفس. وكان قد شرع في شرح كتاب الواضح للزبيدي فبلغ
منه نحو النصف، وتوفي قبل إكماله. وله كلامٌ على أصول النحو، ومعرفة
بالحديث ورواية له ومشاركة في الفقه، وكلام في الاعتقادات.
وكان: من أهل الحفظ والذكاء. ذكر عنه أنه كان يختم كتاب سيبويه في كل
خمسة عشر يوما رحمه الله.
عبد الله بن سعيد بن أحمد الأزدي: من أهل أستجة، يكنى: أبا محمد.
روى بالمشرق عن عطية بن سعيد وغيره، حدث عنه القاضي يونس بن عبد الله
في بعض كتبه. وقرأت ذلك بخطه رحمه الله.
عبد الله بن محمد بن ربيع بن صالح بن مسلمة بن بنوش التميمي: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد.
(1/253)
روى عن أبي بكر بن الأحمر القرشي، وأحمد بن
مطرف، وأحمد بن سعيد بن حزم، وأبي عبد الله بن مفرج القاضي، وأبي حفص
الخولاني، وأبي محمد بن عثمان الأسدي، وأبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم،
وأبي عبد الله بن الخراز، والقاضي منذر ابن سعيد، وأبي علي البغداذي
وغيرهم.
ورحل إلى المشرق مع أبي عبد الله بن عابد سنة إحدى وثمانين فحج ولقي
بمكة: أبا الفضل الهروي وغيره. وكتب بمصر: عن أبي بكر بن إسماعيل
المهندس. ولقي بالقيروان: أبا محمد بن أبي زيد وغيره. ثم انصرف إلى
الأندلس فروى عنه جماعة من علمائها وكان ثقة ثبتا، دينا فاضلا.
أخبرني أبو الحسن بن مغيث، قال: أخبرني: أبو محمد بن شعيب المقرىء،
قال: أخبرني أبو عبد الرحمن العقيلي، قال: رأيت أبا محمد بن بنوش يصلي
بمسجد أبي عبدة صلاة نافلة فسقط رداؤه عن منكبيه فما التفت إليه ولا
اشتغل به لكثرة إقباله على صلاته وشغل باله بها.
وقال لي أبو الحسن بن مغيث: واستقضى أبو محمد هذا بمالقة، وكذلك قال
ابن حزم، ثم وجدت بخط أبي محمد بن خزرج أنه استقضى بشذونة والجزيرة
بتقديم المهدي في مدته الأولى.
وذكره الخولاني في رجاله الذين لقيهم فقال: كان من أهل العلم والحديث
مع العدالة. وله عناية قديمة مشهورة معلومة، لقي جماعة من الشيوخ
الرواة للعلم وكتب عنهم وسمع منهم.
وحدث عنه أيضا أبو عبد الله محمد بن عتاب الفقيه، وأبو محمد بن حزم،
وأبو مروان الطبني، وأبو عمر بن مهدي المقرىء وقال: كان أبو محمد نضر
الله وجهه كثير الرواية مقيد لها، عالي الدرجة فيها، ثقة مأمونا، ذا
دين وفضل. ولد في النصف
(1/254)
من شعبان سنة ثلاثين وثلاث مائة وتوفي -
غفر الله له ذنبه - يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الأول سنة
خمس عشرة وأربع مئة. ودفن صبيحة يوم الجمعة برحبة غزيرة. عند دار ابن
شهيد ولم يخرج به إلى المقبرة لشدة خوف البرابرة في ذلك الوقت نفعه
الله بذلك.
عبد الله بن أحمد بن عثمان، يعرف بابن القشاري. من أهل طليطلة، يكنى:
أبا محمد.
روى عن جماعة من علماء بلده. وكان دينا تقيا ثقة في روايته، ورعا قليل
التصنع. وكان الغالب عليه الرأي، وكان شاعرا مشاورا في الأحكام وتولى
الصلاة والخطبة بجامع طليطلة. وكان يعقد الوثائق دون أجرة.
وكان يبدأ في المناظرة بذكر الله عز وجل، والصلاة على محمد صلى الله
عليه وسلم، ثم يورد الحديث والحديثين والثلاثة والموعظة. ثم يبدأ بطرح
المسائل من غير الكتاب الذي كانوا يناظرون عليه فيه. ذكر ذلك ابن
مطاهر.
وقرأت بخط أبي بكر جماهر بن عبد الرحمن: توفي شيخنا الفقيه المالكي أبو
محمد ليلة السبت لليلتين خلتا لشعبان الذي من سنة سبع عشرة وأربع مائة،
وصلى عليه أبو الطيب بن الحديدي.
عبد الله بن عبد الرحمن بن جحاف المعافري: قاضي بلنسية، يكنى: أبا عبد
الرحمن، ويلقب بحيدرة.
روى بقرطبة: عن أبي عيسى الليثي، وأبي بكر بن السليم، وأبي بكر ابن
القوطية وغيرهم.
(1/255)
وكان: من العلماء الجلة، ومن ذوي العناية
القديمة ثقة فاضلا. ذكره ابن خزرج وقال بلغني أنه توفي ببلنسية قاضيا
سنة سبع عشرة وأربع مئة، وله بضع وثمانون سنة.
وقرأت بخط بعض الشيوخ: أنه توفي في شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربع مئة
وحدث عنه أبو محمد بن حزم وقال: هو من أفضل قاض رأيته دينا وعقلا
وتصاونا مع حظه الوافر من العلم.
عبد الله بن محمد بن سليمان، يعرف: بابن الحاج. من أهل قرطبة، يكنى:
أبا محمد.
روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب، وأبي الربيع بن الغماز المقرىء. حدث
عنه أبو عمر بن مهدي وقال: كان حافظا لكتاب الله تعالى، مجودا له مع
حلاوة صوته وطبعه.
وكان إذ أحيا في الجامع لا يتمالك كل من سمعه من البكاء وما ذاك إلا
لسريرة حسنة وتقى كان بينه وبين خالقه والله أعلم.
وكان معه أدب وإحسان للأعمال العجيبة في الزهد والشعر. وكان يقول شعرا
حسنا، وكان كثير الرواية للحديث أدرك شيوخا جلة وأخذ عنهم، وكان له
تأليفٌ في الزهد كبيرٌ وغير ذلك.
وكان من قديم مشفقا لاشتغاله عن الطلوع إلى المشرق وحج بين الله
الحرام، متعلق النفس بذلك حتى دنا الوقت وحركة القدر فخرج فلما وصل إلى
القيروان لحقته المنية سنة تسع عشرة وأربع مئة. نفعه الله بما كان
ينوبه. إنه على كل شيء قدير.
عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر القرشي النحوي: من أهل قرطبة،
استوطن سرقسطة، يكنى: أبا محمد. وهو من جلة أصحاب أبي عمر بن أبي
الحباب وغيره.
(1/256)
وكان صحيح النقل، حسن الخط، مليح التقييد
والضبط، استوطن مدينة سرقسطة وقرأ بها العربية. وكان يعرف بها بالقرشي
ويفاخر بخطه.
عبد الله بن عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن ذنين بن عاصم بن عبد الملك
بن إدريس بن بهلول بن أزراق بن عبد الله بن محمد الصدفي كذا قرأت نسبه
بخطه: وهو من أهل طليطلة، يكنى: أبا محمد.
روى ببلده عن أبيه عبد الرحمن بن عثمان، وعن عبدوس بن محمد، وأبي عبد
الله ابن عيشون، وعبد الله بن معروف، وشكور بن خبيب، وفتح بن إبراهيم،
وتمام بن عبد الله، وأبي محمد بن أمية وغيرهم. وسمع بقرطبة: من أبي
جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وعباس بن أصبغ، وخلف بن قاسم
وغيرهم كثير.
وكتب بمدينة الفرج عن أبي بكر أحمد بن موسى بن ينق، وأبي عمر أحمد بن
خلف الزاهد، وأبي عبد الله محمد بن خلف بن سعيد، وأبي زكرياء يحيى بن
محمد بن وهب بن مسرة وغيرهم. وكتب عن جماعة من سائر رجال الثغر.
ورحل إلى المشرق مع أبيه سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة فحج ولقي بمكة
أبا القاسم عبيد الله بن محمد السقطي البغدادي، وأبا الطيب بن غلبون
المقرىء، وأبا إسحاق التمار، وأبا عبد الله محمد بن أحمد بن عبيد
الوشا، وأبا محمد بن عبد الغني بن سعيد الحافظ وغيرهم. ولقي بالقيروان:
أبا محمد بن أبي زيد الفقيه فسمع منه جملة من تواليفه، وأجاز له
سائرها، وأبا جعفر أحمد بن دحمون بن ثابت وغيرهما. ثم انصرف إلى طليطلة
بلده فروي عنه أهلها ورحل الناس إليه من البلدان.
وكان خيرا فاضلا، زاهدا عابدا، مجتهدا دينا، متواضعا ورعا، سنيا عالما
عاملا، ويقال إنه كان مجاب الدعوة. وكان الأغلب عليه الرواية والتقييد
وقراءة الآثار والعمل بها. وكانت جل كتبه قد نسخها بيده، وكان في
روايته موثوقا متحريا صدوقا.
(1/257)
وكان قد التزم الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر. وكان يتولى ذلك بنفسه ولا تأخذه في الله لومة لائم. وألف في
هذا المعنى ديوأنا وهو: كتاب الأمر والنهي.
وكان مهيبا مطاعا محبوبا من جميع الناس لم يختلف اثنان في فضله، وكان
الناس يتبركون بلقائه. وكان مواظبا على الصلاة بالجامع، ولقد خرج إليه
في بعض الليالي لصلاة العشاء حافيا في ليلة مطر. وكان يقرأ خلف الإمام
فيما جهر فيه.
وذكر أنه كان يحصى ما كان يسوقه من كرمه ولو كان عنقودا واحدا لإحصاء
الزكاة. وكان يتولى عمل عنب كرمه بنفسه. وسمع عن بعض أصحابه الذين
يختلفون إليه أنه يروي ديوان كذا بسندٍ قريب. فقال له: أريد أن أسمعه
منك. فأحضر الديوان وصار الشيخ بين يديه وسمعه منه. ذكر ذلك كله ابن
مطاهر وقال: توفي: سنة أربع وعشرين وأربع مئة. وما رىء على جنازة
بطليطلة ما رىء على جنازته من ازدحام الناس عليه وتبركهم به رحمه الله.
وقال أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن البيروله: كان أبو محمد بن ذنين
هذا شيخا فاضلا، ورعا صليبا في الدين، كثير الصدقة يبايع الناس إذا
ابتاع أعطى دراهم طيبة لا دلسة فيها ولا زائفة، وإذا بايع اشترط مثل
ذلك، وإذا خدع فيها وردت عليه صرها في خرقة ثم واسط بها القنطرة
وألقاها في غدير الوادي ويقول: هي أفضل من الصدقة بمثلها لو أنها طيبة،
لقطع الردى والغش من أيدي المسلمين.
كانت جل بضاعته قراءة كتب الزهد وروايتها وشيء من كتب الحديث، ولم يكن
له بالمسائل كبير العلم.
عبد الله بن سعيد بن عبد الله الأموي، يعرف: بابن الشقاق. من أهل قرطبة
وكبير المفتين بها، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن قاسم القلعي، وعن أبي عمر أحمد بن
عبد الملك الإشبيلي واختص به. وعن أبي محمد الأصيلي وغيرهم. قال ابن
مهدي:
(1/258)
كان أبو محمد هذا فقيها جليلا، أحفظ أهل
عصره للمسائل وأعرفهم بعقد الوثائق، وحاز الرياسة بقرطبة في الشورى
والفتيان وولي القضاء الكور والرد بقرطبة والوزارة. وكان يقرىء الناس
بالقراءآت السبع ويضبطها ضبطا عجيبا. أخبرني أنه قرأ بها على أبي عبد
الله محمد بن الحسين بن النعمان المقرىء وبدأ بالإقراء ابن ثمان عشرة
سنة، وكان بصيرا بالحساب والفرض والنحو مقدما في ذلك أجمع إلا أن الفقه
والفتيا فيه وعقد الوثائق كان أغلب عليه نفعه الله بذلك. ولد أبو محمد
هذا سنة ست وأربعين وثلاث مائة.
قال ابن حيان: وتوفي رحمه الله ودفن عشى يوم الثلاثاء الثامن عشر من
شهر رمضان سنة ستٍ وعشرين وأربع مئة. وصلى عليه القاضي يونس بن عبد
الله بمقبرة أم سلمة. وكانت سنة إحدى وثمانين سنة وشهرين. وزعموا أن
سبب موته: أن عينه، رمدت فأشير عليه بالفصد ففصد والوقت حمارة القيظ
فانهدت قوته، وفنيت رطوبته، وتكسع في علته ثلاثا ثم قضى نحبه رحمه
الله.
عبد الله بن محمد بن معدان: من أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر.
صاحب الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة، وكاتب القاضي يونس بن عبد الله ومن
قبله، وأمينهم على تنفيذ الوصايا.
وكان يعقد الشروط، وكان عفيفا سمع الأخلاق، مطلق البشر يقبل الهدية
ويأبى الرشوة. وتوفي يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة من سنة
ست عشرة وأربع مئة. وصلى عليه القاضي يونس بن عبد الله وهو يومئذ أسن
منه وشهده جمع الناس. ذكره ابن حيان.
عبد الله بن رضا بن خالد بن عبد الله بن رضا الكاتب: من أهل يابره من
الغرب وهو من رهط الأخطل الشاعر يكنى: أبا محمد.
(1/259)
كان: من أهل الأدب البارع والشعر الحسن
وبلاغة اللسان، والتصرف في العلوم، أخذ عن أبي بكر الزبيدي، وابن
القوطية، وابن أبي الحباب وغيرهم. ذكره ابن خزرج وقال: توفي بإشبيلية
في عقب ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربع مئة، ومولده سنة أربع وخمسين
وثلاث مائة.
عبد الله بن يحيى بن أحمد الأموي، يعرف: بابن دحون، من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
أخذ عن أبي بكر بن زرب، وأبي عمر الإشبيلي وغيرهما من جلة العلماء.
وكان: من جلة الفقهاء وكبارهم، عارفا بالفتوى، حافظا للرأي على مذهب
مالك وأصحابه، عارفا بالشروط وعللها، بصيرا بالأحكام مشاورا فيها. وكان
صاحبا للفقيه أبي محمد بن الشقاق ومختصا بصحبته، وعمر وأسن وانتفع
الناس بعلمه ومعرفته. قال لي أبو الحسن ابن مغيث: توفي أبو محمد بن
دحون في سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة. زاد غيره في المحرم ليلة الجمعة
لست خلون منه وصلى عليه مكي المقرىء.
عبد الله بن بكر بن قاسم القضاعي: من أهل طليطلة يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد، وصاحبه أبي جعفر أحمد بن محمد، وعبد
الرحمن ابن ذنين، والتبريزي وغيرهم. ورحل إلى المشرق سنة سبع وأربع
مئة. وأخذ بمكة عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن جهضم، وأبي ذر الهروي.
وسمع بمصر: من أبي محمد بن النحاس وغيره. وأخذ بالقيروان: عن أبي عبد
الله بن مناس وغيره.
وكان: من الرواة الثقات الأخيار، وكان مع ذلك ورعا فاضلا عفيفا خيرا
منقبضا متعاونا سالم الصدر، وكان لا يبيح لأحد أن يسمعه شيئا مما رواه
لالتزامه الانقباض وتوفي: سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة. ذكر بعضه ابن
مطاهر.
عبد الله بن سعيد بن أبي عوف العاملي الرباحي. قدم طليطلة واستوطنها.
(1/260)
وكان: قد سمع من ابن أبي زمنين وغيره. ورحل
حاجا فسمع من ابن أبي زيد وغيره.
وكان: فاضلا دينا ورعا معقلا مداوما على صلاة الجماعة يصلى الصبح عند
طلوع الفجر، يفتح له باب المسجد لصلاة الصبح، ويغلق وراءه بعد صلاة
العشاء. وكان إذا قرأ الحديث أو قرىء عليه يبكي، وكان يرابط في رمضان
بحصن ولمش.
قال ابن مطاهر: توفي سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.
عبد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله بن عبد
العزيز ابن عمرو بن عثمان بن محمد بن خالد بن عقبة بن أبي معيط بن أبان
بن عامر بن أمية ابن عبد شمس المعيطي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا عبد
الرحمن روى عن أبي محمد الباجي وغيره.
وكان: من أهل النبل والذكاء والشرف، وبويع له بالخلافة بشرق الأندلس
وخطب له على المنابر الشرقية، ثم خلع وصار في آخر عمره إلى كتامة وتوفي
بها سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة.
وحكى ابن حيان: أن أبا محمد الباجي قال له ذات يوم: كأني بك يا قريشي
قد أثرت فتنة، وتقلدت إمارة، إلا أني أراك قليل المتعة بها فاستعذ
بالله من شر ما أنت لاق. فوجم المعيطي مما قاله وقال له: من أين يقول
الشيخ أيده الله هذا، ويعلم الله بعدي عنه؟ فقال: من أصح طريق. فقال
له: كنت أراك في نومي منامي توقد نارا حطبها زرجون لم تلبث أن خمدت
فأولتها فتنة تقوم بها سريعة الخمود. وكذلك أحسب أمرك يكون فيها والله
أعلم.
قال: فاظهر المعيطي الاستعاذة من ذلك، وضرب الدهر من ضرباته إلى أن كان
(1/261)
من أمر المعيطي ما ذكرناه. فصحت رؤيا الشيخ
فيه بعد أربعين سنة.
وكان سبب هذا أن مجاهدا صاحب دانية قدم هذا المعيطي أن يكون أمير
المؤمنين بعملهن فبقي مدة يسيرة ثم خلعه مجاهد عن إمرة المؤمنين ونفاه
من عمله وسار بأرض كتامة لا يرفع للدنيا رأسا.
عبد الله بن أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب المعافري الطلمنكي
منها، يكنى: أبا بكر.
روى عن أبيه كثيرا من روايته وصحبه كثيرا، وسمع أيضا مع أبيه من جماعة
من شيوخه، وقد أخذ عنه الناس، وحدث عنه أبو الحسن علي بن عبد الله
الإلبيري المقرىء وغيره.
عبد الله بن يوسف بن نامي بن يوسف بن أبيض الرهوني: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي الحسن الأنطاكي، وأبي بكر عباس بن أصبغ، وأبي عبد الله محمد
ابن خليفة، وخلف بن القاسم، وأحمد بن فتح الرسان، وأبي عمر الطلمنكي
وغيرهم.
ذكره ابن مهدي، وقال: كان رجلا صالحا خيرا فاضلا لا يقف بباب أحد، ولا
يزول عن تأديبه بمسجد أبي خالد بالمدينة. وكان مجودا للقرآن، قديم
الطلب، حسن الخلق شديد الانقباض، جيد العقل، خاشعا كثير البكاء، متحريا
فيما يسمع محتفظا به، ورعا في دينه. وقرأ القرآن على أبي محمد مكي بن
أبي طالب. ولد سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة.
قال أبو مروان الطبني: وتوفي رحمه الله يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر
رمضان سنة خمس وثلاثين وأربع مئة. واختلط في آخر عمره فترك الأخذ عنه.
ذكر ذلك ابن حيان.
عبد الله بن محمد بن زياد الأنصاري، من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
وهو والد زياد بن عبد الله الخطيب.
(1/262)
كان من أهل الخير والصلاح والصيانة. ومن
أهل الكتابة والنباهة والبلاغة. وله في الترسيل كتاب سماه البغية وهو
جمع حسن. ثم تخلى عما كان سبيله من الكتابة، ولزم النسك والعبادة، ورفض
الدنيا إلى أن توفي ودفن عشي يوم الجمعة لأربع بقين من شهر رمضان
المعظم من سنة خمسٍ وثلاثين وأربع مئة. ودفن بمقبرة أم سلمة. وكان قد
اختلط في آخره عمره. ومولده سنة ستين وثلاث مائة. وكان جارا لأبي محمد
بن نامي المتقدم قبله ومهاجرا له لا يصلي وراءه في مسجده. ذكره ابن
حيان.
عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن القيسي، المعروف. بابن الجيار. من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد.
له رواية عن أبي عبد الله بن أبي زمنين، وأبي عبد الله بن الفخار، ومكي
المقرىء، وأبي القاسم الوهراني، وحامد بن محمد المقرىء وغيرهم. وكتب
بخطه علما ورواه. وعني بالشروط وجلس لعقدها بين الناس بجوفي الجامع.
ذكره ابن حيان بصحبة السلطان والدخول فيما لا يعنيه فتكره إلى أهل قطبة
وخرج عنهم إلى مالقة وسكنها إلى أن توفي بها في آخر ربيع الأول من سنة
ست وثلاثين وأربع مئة.
عبد الله بن سعيد بن لباج الأموي الشنتجيالي الطويل الجوار بمكة شرفها
الله. سكن قرطبة وغيرها، يكنى أبا محمد.
سمع بقرطبة قبل رحلته من أبي محمد بن بتري، وأبي عمر الطلمنكي، ورحل
إلى المشرق سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة فسمع بمكة: من أبي القاسم
القسطي، وأبي الحسن أحمد بن فراس
(1/263)
العبقسي، وأبي الحسن بن جهضم. وصحب بها أبا
ذرٍ عبد بن أحمد الهروي الحافظ، واختص به وأكثر عنه. ولقي أبا سعيد
السجزي فسمع عنه صحيح مسلم، ولقي با سعد الواعظ صاحب كتاب شرف المصطفى
صلى الله عليه وسلم فسمع منه كتابه هذا، وأبا الحسين يحيى بن نجاح صاحب
كتاب سبل الخيرات فحمله عنه. وجماعة سواهم سمع منهم، وكتب الحديث عنهم،
وسمع بمصر: من أبي محمد بن الوليد وغيره.
قال أبو المطرف عبد الرحمن بن الطيطلي: كان أبو محمد هذا خيرا عاقلا،
حليما جوادا، زاهدا متبتلا، منقطعا إلى ربه منفردا به. رحل إلى مكة
وجاور بها أعواما. حكي عنه أنه كان يسرد الصوم فإذا أراد أن يغوط خرج
من الحرم إلى الحل فقضى حاجته ثم انصرف إلى الحرم تعظيما له. رضي الله
عنه.
وقرأت بخط شيخنا أبي محمد بن عتاب قال: قرأت بخط أبي القاسم حاتم بن
محمد: أخبرني أبو محمد عبد الله بن سعيد الشنتجيالي المجاور: أن أبا
بكر الجلاء أقام بالحرم أربعين عاما لم يقض فيه حاجة الإنسان تعظيما
للحرم.
وقرأت بخط أبي الحسن الإلبيري المقرىء قال: كان أبو محمد هذا فاضلا،
ورعا كريما لم تكن للدنيا عنده قيمة ولا قدر، وكان كثيرا ما يكتحل
بالإثمد ويجلس للسماع متحببا، وربما عقد حبوته بطرف ردائه. وقرأت بخط
ابن حيان قال: كان أبو محمج يوالي الاكتحال بالأثمد ويحض عليه فقل ما
يرى إلا محشو العين به. ويقول كثيرا لا تمنعوا العين قوتها فتمنعكم
ضوءها.
وقرأت بخط أبي مروان الطبني: رحل أبو محمد الشنتجيالي رحمه الله سنة
إحدى
(1/264)
وتسعين وثلاث مائة إلى المشرق وحج رحمه حجة
الفريضة عن نفسه وأتبعها خمسا وثلاثين حجة، وزار مع كل حجة زورتين
فكملت له اثنتان وسبعون زورة.
ورجع إلا الأندلس في سنة ثلاثين وأربع مئة. ولحق بقرطبة يوم الجمعة
لاثنتي عشرة ليلة بقيت للحرم سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مئة. فقرىء عليه
مسند مسلم بن الحجاج الصحيح في نحو جمعة بجامع قرطبة في موعدين طويلين
حفيلين كل يوم موعد غدوة، وموعد عشية. وخرج عن قرطبة يوم الثلاثاء لستٍ
خلون لصفر بعده بنية الرباط بنواحي الغرب فتصرف في مغيبه عن قرطبة فيما
خرج له إلى أن قدم قرطبة القدمة الثانية في عقب جمادى الأول سنة ستٍ
وثلاثين وأربع مئة، وتصرف قليلا وبه وهن السفر واعتل في دار بعض إخوان
إلى أن توفي بها ليلة السبت لأربع خلون من رجب من سنة ستٍ وثلاثين
وأربع مئة. ودفن رضي الله عنه يوم السبت المذكور بالربض بقبلي قرطبة
عند قبر أصبغ بن مالك رحمه الله في يوم غزير الغيث دائم المطر. وصلى
عليه الحاكم أبو علي بن ذكوان.
عبد الله بن محمد بن ثوابة اللخمي: من أهل إشبيلية، يكنى: أبا محمد. له
رحلة إلى المشرق أخذ فيها بمكة عن أبي ذر الهروي وغيره، وله سماع قديم
ببلده. وتوفي لثمان بقين من شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة،
وقد قارب المائة. ذكره ابن خزرج.
عبد الله بن خلوف بن موسى الزواغي يعرف: بابن أبي العظام: من أهل بجانة
صاحب صلاة الفريضة وأحكام الجهة بها: يكنى: أبا محمد.
كان: من أهل التلاوة والاجتهاد في العبادة من عباد الله الصالحين. توفي
ليلة الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وأربع
مئة. ودفن يوم الخميس بعد صلاة العصر، وصلى عليه القاسم أبو الوليد
الزبيدي.
عبد الله بن هارون الأصبحي: من أهل لاردة، يكنى: أبا محمد.
(1/265)
ذكره الحميدي وقال: فقيه أديب شاعر زاهد
متصاون من أهل العلم. ذكره لي أبو الحسن علي بن أحمد العائذي وأنشد له
أشعارا أنشده إياها ومنها:
كم من أخٍ قد كنت أحسب شهده ... حتى بلوت المر من أخلاقه
كالملح يحسب سكرا في لونه ... ومجسه ويحول عند مذاقه
عبد الله بن أحمد بن خلف المعافري: من أهل طليطلة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبيه، وعن يعيش بن محمد، وكان يبصر الوثائق ويعقدها ولا يأخذ
عليها أجرا، وكانت فيه شراسةٌ وسوء خلق، استشهد سنة ثلاثٍ وأربعين
وأربع مئة. ذكره ابن مطاهر.
عبد الله بن عثمان بن مروان العمري البطليوسي، يكنى: أبا محمد.
ذكره الحميدي وقال فيه: نحوي فقيهٌ شاعر قرأت عليه الأدب مات قريباً من
سنة أربعين وأربع مئة. قال: ومما أنشدني لنفسه رحمه الله:
عرفت مكانتي: فسببت عرضي ... ولو أني عرفتكم سببت
ولكن لم أجد لكم سموا ... إلى أكرومةٍ فلذا سكت
عبد الله بن محمد بن عبد الله الجدلي: صاحب الصلاة بجامع المرية
والخطبة، يعرف: بابن الزفت، يكنى: أبا محمد.
له رحلة إلى المشرق لقي فيها أبا الحسن القابسي، وأخذ عنه صحيح
البخاري، وأبا الحسن ابن فراس. وكان صاحبا لحاتم بن محمد هنالك. وكان
رجلا فاضلا. وتوفي ليلة الاثنين لستٍ بقين من جمادى الأولى من سنة أربع
وأربعين وأربع مئة. ودفن يوم الاثنين بعد صلاة العصر في الشريعة
القديمة وصلى عليه القاضي أبو الوليد الزبيدي وكان مولده سنة تسع وستين
وثلاث مائة.
(1/266)
عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن
الحسن بن مسعود الجذامي المعروف: بالبزلياني. سكن إشبيلية، يكنى: أبا
محمد.
كان: من أهل الأدب والشعر والترسيل، واللغة والخبر متفننا في العلم.
أخذ الأدب عن أبي الفتوح الجرجاني وجماعة سواه. وكان ثقة صدوقاً. ذكره
أبو محمد ابن خزرج وروى عنه كثيرا وقال: توفي بإشبيلية سنة خمسٍ
وأربعين وأربع مئة ومولده في صفر سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة.
عبد الله بن الوليد بن سعد بن بكر الأنصار: من أهل قرمونة، من قرية
منها يقال لها شتيقش - سكن مصر واستوطنها - يكنى: أبا محمد.
سمع بقرطبة قديما من أبي القاسم إسماعيل بن إسحاق الطحان وغيره. ورحل
إلى المشرق سنة أربع وثمانين وثلاث مائة فأخذ في طريقه بالقيروان: عن
أبي محمد بن أبي زيد الفقيه، وأبي الحسن القابسي، وأبي جعفر أحمد بن
دحمون بن ثابت وغيرهم. وحج وأخذ بمكة: عن أبي ذر عبد بن أحمد الهروي
كثيرا، وعن أبي العباس أحمد بن بندار الرازي، وأبي الحسن بن صخر القاضي
وغيرهم.
واستوطن مصر وحدث عن جماعة من أهلها وحدث بها، وكان ثقة فيما رواه،
ثبتا دينا فاضلا، حافظا للرأي. مالكي المذهب وطال عمره. وروى عنه جماعة
من علماء الأندلس، وخرج من مصر إلى الشام في ربيع سبع وأربعين وأربع
مئة. وتوفي بالشام في شهر رمضان من سنة ثمان وأربعين وأربع مئة. قرأت
ذلك بخط أبي مروان الطبني. قال غيره: ومولده سنة ستين وثلاث مائة.
عبد الله بن أحمد بن عبد الملك بن هشام، يعرف: بابن المكوي: من
(1/267)
أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد. وهو ولد أبي
عمر الإشبيلي الفقيه كبير المفتين بقرطبة أيام الجماعة.
له سماع من أبي محمد بن أسد: سمع منه صحيح البخاري، وسمع من أبي القاسم
الوهراني وغيرهما. واستقضاه أبو الحزم بن جهور بقرطبة بعد أبي بكر بن
ذكوان، ولم يكن من القضاء في وردٍ، ولا صدرٍ لقلة علمه ومعرفته، وإنما
كانت أثرة آثره بها لا حقيقة، ثم صرفه ابنه أبو الوليد محمد بن جهور عن
ذلك يوم الاثنين لثلاثٍ بقين من شهر ربيع الأول سنة خمس وثلاثين وأربع
مئة. وبقي خاملا معطلا وركبته علة ذبول صعبة تردد فيها إلى أن توفي من
علته تلك فدفن بمقبرة أم سلمة عشي يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من
جمادى الأولى من سنة ثمانٍ وأربعين وأربع مئة بالصيلم المشهورة
بالأندلس فشهده جمع الناس واثنوا عليه بالعفة والصيانة. وكان سنة
السبعين أو دونها، وكانت مدة عمله في القضاء ثلاث سنين وشهرين واثني
عشر يوما.
عبد الله بن عبد الرحمن بن معافى: من أهل شاطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي عبد الله بن الفخار، وأبي القاسم البريلي، وأبي عمر بن عبد
البر. وله رحلة إلى المشرق حج فيها وصحب العلماء. أخذ الناس عنه وتوفي:
سنة أربع وخمسين وأربع مئة وله ثلاثة وخمسون عاماً ذكره المقرىء. قال
غيره: توفي ابن معافي لثلاث بقين من شعبان سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.
ومولده عام خمسة وتسعين وثلاث مائة. وتولى غسله والصلاة عليه أبو محمد
بن مفوز الزاهد.
عبد الله بن سعيد بن أحمد بن هشام الرعيني سكن إشبيلية ويعرف: بابن
المأموني.
كان شيخا صالحا من أهل التلاوة، وله حظ صالح من العلم وسماع من عدة من
الشيوخ بالمشرق وغيره. منهم: أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد اللبيدي
ونظراؤه. وكتب
(1/268)
عنه ابن خزرج وقال: أجاز لي ما رواه في
ربيع الأول من سنة أربع وخمسين وأربع مئة.
عبد الله بن موسى بن سعيد الأنصاري، يعرف بالشارقي: من أهل طليطلة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن القاضي بقرطبة يونس بن عبد الله، وأبي محمد بن دحون، وأبي علي
الحداد، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي عمر بن سميق، وأبي محمد الشنتجيالي،
وأبي عمرو السفاسقي، وأبي محمد بن عباس الخطيب وجماعة سواهم.
ورحل إلى المشرق وحج وسمع في رحلته من أبي إسحاق الشيرازي الفقيه وغيره
وانصرف إلى طليطلة واستوطنها.
وكان: من خيار المسلمين وممن انقطع إلى الله عز وجل ورفض الدنيا، ونجرد
إلى أعمال الآخرة مجتهدا في ذلك بلا أهل ولا ولد. لم يباشر محرما إلى
أن مات على أقوم طريقةٍ. وكان حسن الإدراك جيد التلقين، حصيف العقل،
نقي القريحة مع الصلاة الطويلة والصيام الدائم، ولزوم المسجد الجامع.
كانت له فيه مجالس كثيرة يعلم الناس أمر وضوءهم وصلاتهم وجميع ما افترض
الله عليهم. وكان حسن الخلق صابرا لمن حفي عليه، متواضعا، بذ الهيئة،
دمثا طاهرا قريبا من الناس، قليل المال، صابرا قانعا راضيا باليسير من
المطعم والملبس، وأشير عليه بأن يفرض له في الجامع فأبى من ذلك. وكان
آخر عمره قد عزم على الرحلة إلى الحج، فأرسل فيه القاضي أبو زيد بن
الحشا وقال له: تقدمت لك رحلةٌ؟ فقال: نعم. وقد حجبت إن شاء الله. فقال
له: هذه نافلة ولا سبيل لك إلى ذلك، والذي أنت فيه آكدٌ. ومنعه عن
الخروج من طليطلة فمكث فيها إن أن توفي سنة ستٍ وخمسين وأربع مئة. ذكره
ابن مطاهر
(1/269)
زاد غيره: كانت وفاته منسلخ شوال من العام
واحتفل الناس لجنازته.
عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري ولد الحافظ
أبي عمر بن عبد البر سكن مع أبيه بلنسية وغيرها يكنى: أبا محمد وأصله
من قرطبة.
روى عن أبيه، وعن أبي سعيد الجعفري، وأبي العباس المهدوي وغيرهم. ذكره
الحميدي وقال: كان: من أهل الأدب البارع، والبلاغة الرائعة، والتقدم في
العلم والذكاء. مات بعد الخمسين وأربع مئة. وقد دون الناس رسائله،
وأنشدني له بعض أهل بلادنا.
لا تكثرن تأملا ... واحبس عليك عنان طرفك
فلربما أرسلته ... فرماك في ميدان حتفك
قال لي بعض أصحابنا توفي: سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة. وصلى عليه
القطيني الزاهد.
عبد الله بن سيد العبدري، يعرف: بابن سرحان، من أهل مرسية، يكنى: أبا
محمد.
روى عن أبي الوليد بن ميقل وغيره. وكان يتقن عقد الشروط ويعرف عللها.
وله كتابٌ فيها سماه المفيد قد عول الناس عليه وله كتاب حسن في شرحه.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن يحيى التدميري وغيره.
عبد الله بن سليمان المعافري، يعرف بابن المؤذن: من أهل طليطلة، يكنى:
أبا محمد.
روى عن أبي عمر الطلمنكي وغيره. وكان: من أهل العلم والفضل والخير،
وكان الأغلب عليه الحديث والآثار والآداب والقراءات. وكان كثير الكتب
جلها بخطه.
(1/270)
وكان يلتزم بيته. وكان لا يخرج منه إلا في
يوم جمعة لصلاته أو لباديته. وكان صرورة لم يتزوج قط ولا تسري. سمع
الناس منه. وتوفي: سنة ستين وأربع مئة. ذكره ابن مطاهر.
عبد الله بن سعيد بن هارون: من أهل مرسية، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي عمر الطلمنكي، وأبي الوليد بن ميقل وغيرهما. وكان خطيبا
بالمسجد الجامع. وتوفي: سنة إحدى وستين وأربع مئة. ذكر وفاته ابن مدير.
عبد الله بن محمد بن سعيد الأموي، يعرف: بالبشكلاري - وبشكلار قرية من
قرى جيان سكن قرطبة -، يكنى: أبا محمد.
روى بقرطبة عن أبي محمد الأصيلي، وأبي حفص بن نابل، وأبي عثمان بن
القزاز وأحمد بن فتح الرسان وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن حيوة، وأبي
القاسم الوهراني، وأبي بكر التجيبي، وخلف بن يحيى الطليطلي، وأبي عمرو
السفاسقي وغيرهم. وكان ثقة فيما رواه، ثبتا فيه، شافعي المذهب.
قال لي أبو محمد بن عتاب: كان أبو محمد هذا إماما بمسجد يوسف بن بسيل
برحبة ابن درهمين. روى عنه أبو علي الغساني وغيره من جلة الشيوخ.
وأخبرنا عنه أبو القاسم بن صواب بجميع ما رواه أجاز له ذلك بخطه. وتوفي
رحمه الله ودفن يوم السبت السادس عشر من شهر رمضان سنة إحدى وستين
وأربع مئة. ودفن بالربض وصلى عليه أبو عبد الرحمن العقيلي. وكان مولده
سنة سبع وسبعين وثلاث مائة. وكان شيخا صالحا. ذكره ابن حيان.
عبد الله بن فتوح بن موسى بن أبي الفتح بن عبد الواحد الفهري: من أهل
البونت، يكنى: أبا محمد.
كان: من أهل المعرفة والحفظ والعلم والفهم. وله كتاب حسنٌ في الوثائق
(1/271)
والأحكام. وهو كتابٌ مفيد، واختصر أيضا
المستخرجة وغيرها. وكانت عنده رواية عن أبيه وغيره.
وتوفي لأربع خلون من جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
عبد الله بن محمد بن عباس، يعرف: بابن الدباغ: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
محمد.
روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب المقرىء، وأبي علي الحداد، وأبي عبد
الله ابن عابد.
وسمع من أبي عبد الله بن عتاب كثيرا. وكان مشاورا في الأحكام بقرطبة.
دينا فاضلا، ورعا. وكان صاحبا للفقيه أبي عبد الله بن فرج، ومفتيا معه،
وتوفي يوم الخميس لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاثٍ وستين وأربع
مئة فيما أخبرني أبو جعفر الفقيه، ثم قرأته بخط ابن سهل القاضي.
عبد الله بن محمد بن جماهر الحجري: من أهل طليطلة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبيه وعن أبي عبد الله بن الفخار وغيرهما. ورحل حاجا فروى عن
أبي ذر وغيره.
وكان له حظ وافر من الفرائض والحساب وأفتي الناس. وتوفي: سنة ثلاثٍ
وستين وأربع مئة. ذكره ابن مطاهر.
عبد الله بن علي بن أبي الأزهر الغافقي: طليطلي سكن المرية، يكنى: أبا
بكر.
(1/272)
رحل وحج ولقي أبا ذر الهروي، وأبا بكر
المطوعي وغيرهما. وكان: من أهل العلم والمعرفة والذكاء والفهم. أخذ
الناس عنه واختار أن يتسمى بعبد، وأن يزيل اسمه من اسم خالقه جل وعز
تشبيها بأبي ذر عبد بن أحمد شيخه ولم يكن ذاك صوابا من فعله. وتوفي
رحمه الله: سنة ثلاثٍ وستين وأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عبد الله بن محمد بن حزم بن حرب التيمي الأندلسي: أصله من قلعة رباح
فيما أخبرني به أبو الحسن بن مغيث. سكن مصر، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي القاسم. ورحل إلى المشرق وحج ولقي بمصر: أبا محمد عبد الله
بن الوليد الأندلسي، وروى عن أبي القاسم عبد الملك بن الحسن القيني
وجماعة من رجال المشرق. لقيه هنالك أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن وروى
عنه. وذكر أن أصله من طليطلة، وكانت له عنايةٌ ورواية، وكان عنده أدبٌ
وحلاوة. وكان مشاركا لمن قدم عليه من الأندلس، كثير المبرة بهم قاضيا
لحوائجهم.
قال لي شيخنا أبو الحسن بن مغيث: سمعت المقرىء أبا القاسم خلف بن
إبراهيم يثني على أبي محمد هذا ويرفع بذكره وقال سمعته بمصر ينشد:
بصري فاتكٌ وطرفي عفيفٌ ... عن حلالٍ وعن حرامٍ ضعيف
فوحق القرآن أنى لعفٌ ... غير أني للغانيات ألوف
وكانت وفاته بمصر في نحو الستين والأربع مئة.
عبد الله بن طريف بن سعد: من أهل قرطبة، وهو والد شيخنا أبي الوليد بن
طريف.
روى بقرطبة عن القاضي يونس بن عبد الله، وعن القاضي سراج بن عبد الله،
وأبي مروان الطبني وأبي القاسم حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب،
وأبي عمر ابن الحذاء وغيرهم. وكانت له رحلة إلى المشرق وحج فيها ولقي
أبا محمد بن الوليد بمصر فأخذ عنه سنة أربعين وأربع مئة. واستجازه
لابنه أبي الوليد شيخنا فأجازه.
(1/273)
وكان كثير السماع على الشيوخ والتكرر عليهم
والاختلاف إليهم. وتوفي بشلطيش رحمه الله سمعت ابنه يذكر ذلك.
عبد الله بن أحمد، يعرف: بابن النباهي من أهل مالقة، يكنى: أبا محمد.
أخذ عن أبي القاسم بن الإفليلي كثيرا وكان عالما بالآداب واللغات
والأشعار.
وله ردٌ على أبي محمد بن حزم فيما انتقده على ابن الإفليلي في شرحه
لشعر المتنبي. أخذ عنه أبو عبد الله محمد بن سليمان الأديب شيخنا رحمه
الله.
عبد الله بن محمد المعيطي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
صحب أبا عبد الله بن عتاب واختص به، وأخذ عن غيره. وأجاز له أبو ذر
الهروي ما رواه. وكان رجلا فاضلا دينا، شهر بالخير والفضل والدين. وكان
مشاركا للناس في حوائجهم ومهماتهم. وتوفي في شهر رمضان سنة تسعٍ وستين
وأربع مئة.
عبد الله بن مفوز بن أحمد بن مفوز المعافري: من أهل شاطبة، يكنى: أبا
محمد.
روى عن أبي عمر بن عبد البر كثيرا، ثم زهد فيه لصحبته السلطان، وعن أبي
بكر بن صاحب الأحباس، وأبي تمام القطيني، وأبي العباس العذري وغيرهم.
وكان: من أهل العلم والفهم والصلاح والورع والزهد مشهورا بذلك كله،
وتوفي: سنة خمسٍ وسبعين وأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عبد الله بن محمد بن أحمد بن عامر الحميري: من أهل إشبيلية.
(1/274)
روى عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الباجي.
وكان فقيها مشاورا ببلده. وتوفي: سنة ستٍ وسبعين وأربع مئة. ذكره ابن
مدير.
عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن خزرج بن محمد بن إسماعيل بن الحارث
الداخل بالأندلس. لخمي الأندلس، يكنى: أبا محمد بن أهل إشبيلية.
روى عن أبيه، وأبي عبد الله الباجي، وأبي عمر المرشاني، وأبي الفتوح
الجرجاني، وأبي عبد الله الخولاني، وأبي عمر بن عبد البر، والتبريزي،
وأبي بكر الميراثي، وأبي بكر زهر، واليناقي وغيرهم كثير. وعدة شيوخه
الذين أخذ عنهم مائتان وخمسة وستون رجلا وامرأتان بالأندلس. وكتب إليه
جماعة منهم من المشرق، وكانت له عناية كاملة بالعلم وتقييده وروايته
وجمعه. وكان من جلة الفقهاء في وقته مشاورا في الأحكام بحضرته، ثقة في
روايته، سمع الناس منه كثيرا. وقد حدث عنه أبو الحسن العبسي المقرىء
وغيره.
وأخبرنا عنه من شيوخنا أبو محمد بن يربوع، وأبو الحسن شريح بن محمد
وغيرهما. وقد نقلنا من كلامه على أسماء شيوخه في هذا الجمع كثيرا مما
نسبتاه إليه. قال ابن مدير: وتوفي رحمه الله سنة ثمان وسبعين وأربع مئة
بإشبيلية، زاد غيره في شوال من العام، ومولده فيما قرأته بخطه في جمادى
الأولى سنة سبعٍ وأربع مئة.
عبد الله بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي الباجي
اللخمي: من أهل إشبيلية، يكنى: أبا محمد.
روى عن جده محمد بن أحمد الباجي. وكان فقيها فاضلا. أخبرنا عنه بعض
شيوخنا. وتوفي في رمضان سنة ثمان وسبعين وأربع مئة. ذكر وفاته ابن
مدير.
(1/275)
عبد الله بن محمد بن عمر، يعرف: بابن
الأديب، من أهل طليطلة: يكنى: أبا محمد.
روى عن الصاحبين أبي إسحاق بن شنظير، وأبي جعفر ميمون، وعبدوس بن محمد،
ومحمد بن إبراهيم الخشني، وأبي المطرف بن ذنين، وابنه عبد الله، وأبي
بكر بن الرحوي، وأبي عبد الله بن الفخار، وأبي عمر يوسف بن خضر وغيرهم،
وسمع علي أبي القاسم البراذعي كتابه في اختصار المدونة. وعمر أبو محمد
هذا عمرا كثيرا، وسمع الناس منه. وأخبرنا عنه بعض شيوخنا بما رواه.
وتوفي رحمه الله في عشر الثمانين والأربع مئة.
عبد الله بن فرج بن غزلون اليحصبي: يعرف، بابن العسال من أهل طليطلة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب، وأبي عمرو المقرىء، وأبي محمد بن
عباس، وأبي عمر بن عبد البر، وابن شق الليل، وابن ارفع رأسه. وأخذ عن
أبيه فرج بن غزلون، والقاضي أبي زيد الحشا وغيرهم. وكان متفننا فصيحا
لسنا، وكان الأغلب عليه حفظ الحديث والانحاء واللغة والآداب. وكان
عارفا بالتفسير، شاعرا مفلقا، وكان سنيا، وكان له مجلس حفلٍ يقرأ عليه
في التفسير. وكان يتكلم عليه وينص من حفظه أحاديث كثيرة. وكان منقبضا،
متصاوناً يلزم بيته. ذكره ابن مطاهر.
أخبرنا عنه جماعة من شيوخنا. وتوفي: سنة سبع وثمانين وأربع مئة وقد نيف
على الثمانين رحمه الله. وكان قد استقضى بطلبيرة بعد أبي الوليد الوقشي
قديما.
عبد الله بن سهل بن يوسف الأنصاري: من أهل مرسية، يكنى: أبا محمد.
أخذ عن أبي عمرو المقرىء، وأبي عمر الطلمنكي، وأبي محمد مكي بن أبي
طالب: ورحل إلى المشرق وأخذ بالقيروان عن أبي عبد الله محمد بن سفيان،
وأبي عبد الله محمد ابن سليمان الأبي.
(1/276)
وكان: ضابطا للقراءات وطرقها، عارفا بها.
أخذ الناس عنه.
وسمعت شيخنا أبا بحر يعظمه ويذكر أنه أخذ عنه. وتوفي رحمه الله برندة
من نظر قرطبة سنة ثمانين وأربع مئة.
عبد الله بن أبي المطرف: من أهل بجانة، يكنى: أبا محمد. ويعرف، بابن
قبال.
كان: من أهل العلم والحج والدراية والصلاح والرواية. وتوفي: سنة إحدى
وثمانين وأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عبد الله بن عمر بن محمد، المعروف: بابن الخراز: من أهل بطليوس، يكنى:
أبا محمد.
روى عن أبي عبد الله محمد بن عتاب الفقيه ورحل إليه، وأخذ عن أبي بكر
ابن الغراب.
وكان: من أهل العلم والمعرفة والفهم والمشاركة في فنون العلم. وكان
عينا من عيون بلده في العمل والفضل معظما عندهم.
وسمعت شيخنا أبا محمد بن عتاب يذكر أنه صحبه عند أبيه، ويصفه بالنبل
والذكاء والمعرفة. وتوفي رحمه الله في السجن ببلده سنة سبع وثمانين
وأربع مئة.
عبد الله بن عبد العزيز بن محمد البكري: من أهل شلطيش. سكن قرطبة،
يكنى: أبا عبيد.
روى عن أبي مروان بن حيان، وأبي بكر المصحفي، وأبي العباس العذري سمع
منه بالمرية، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر الحافظ وغيره.
وكان: من أهل اللغة والآداب الواسعة والمعرفة بمعاني الأشعار والغريب
والأنساب والأخبار متقنا لما قيده، ضابطا لما كتبه، جميل الكتب متهيماً
بها، كان يمسكها
(1/277)
في سبابي الشرب وغيرها إكراما لها وصيانة.
وجمع كتابا في أعلام نبوة نبينا عليه السلام. أخذه الناس عنه إلى غير
ذلك من تواليفه، وتوفي رحمه الله في شوال سنة سبع وثمانين وأربع مئة.
ودفن بمقبرة أم سلمة.
عبد الله بن حيان بن فرحون بن علم بن عبد الله بن موسى بن مالك بن
حمدون بن حيان الأنصاري الأروشي. سكن بلنسية، يكنى: أبا محمد.
سمع من أبي عمر بن عبد البر كثيرا، وأبي عمرو عثمان بن أبي بكر
السفاسقي، وأبي القاسم الإفليلي، وأبي الفضل البغداذي وغيرهم.
وكانت له همةٌ عالية في اقتناء الكتب وجمعها. جمع من ذلك شيئا عظيما
وتوفي في النصف من شوال سنة سبع وثمانين وأربع مئة. ذكره: أبو محمد
الرشاطي وكتب به إلي.
عبد الله بن محمد بن أحمد بن العرب المعافري: من أهل إشبيلية، يكنى:
أبا محمد. وهو والد شيخنا القاضي الإمام أبي بكر بن العربي.
سمع ببلده: من أبي عبد الله محمد بن أحمد بن منظور، ومن القاضي أبي بكر
بن ابن منظور، وأبي محمد بن خزرج.
وسمع بقرطبة: من أبي عبد الله محمد بن عتاب الفقيه، وأبي مروان عبد
الملك بن سراج، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر ما رواه.
ورحل إلى المشرق مع ابنه أبي بكر في صدر سنة خمسٍ وثمانين وحج وسمع
بالشام، والعراق، والحجاز، ومصر، من شيوخ عدة. وشارك ابنه في السماع
هنالك، وكتب بخطه علما كثيرا ورواه.
(1/278)
وكان: من أهل الآداب الواسعة، واللغة،
والبراعة، والذكاء والتقدم في معرفة الخبر والشعر والافتنان بالعلوم
وبجمعها.
وكان: من أهل الكتابة، والبلاغة، والفصاحة واليقظة، ذا صيانة وجلالة.
وتوفي منصرفا عن المشرق بمصر في محرم سنة ثلاثٍ وتسعين وأربع مئة.
ومولده سنة خمسٍ وثلاثين وأربع مئة.
عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن فورتش: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبيه، وعن أبي محمد الباجي وأجاز له أبو عمر الطلمنكي، وأبو
عمرو السفاقسي، وأبو الفتح السمرقندي.
وكان وقورا مهيبا عاقلا فاضلا. ونوظر عليه في المسائل. قال أبو علي بن
سكرة: كان أفهم من يحضر عنده. واستقضى ببلده، وكان محمود السيرة في
قضائه.
وكان مولده سنة أربع وعشرين وأربع مئة. وتوفي في صفر من سنة خمس وتسعين
وأربع مئة.
عبد الله بن إسماعيل: إشبيلي، يكنى: أبا محمد.
كان: من أهل العلم التام، والحفظ بالحديث والفقه. وكان يميل في فقهه
إلى النظر واتباع الحديث من أهل التقشف. خرج إلى المغرب فسكنه مدة،
وولي قضاء اغمات، ثم نقل إلى قضاء الحضرة فتقلدها إلى أن توفي سنة سبع
وتسعين وأربع مئة. وكان مشكور السيرة، حسن المخاطبة. كثيرا ما كان يقول
لمن يحكم عليه بالسجن للأعوان: خذوا بيد سيدي إلى السجن. وله تصنيفان
في شرح المدونة، ومختصر ابن أبي زيد ملئت علما. أفادنيه القاضي أبو
الفضل بن عياض.
(1/279)
عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن
إبراهيم بن يوسف بن بشير بن سعيد القاضي بن محمد القاضي بن سعيد بن
شراحبيل المعافري: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي عبد الله بن عابد، وحكم بن محمد، وحاتم بن محمد، وأبي عمر
بن الحذاء وغيرهم.
وكان معتنياً بتقيد العلم وسماعه من الشيوخ. سمع الناس منه بعض ما
رواه. وذكر طاهر بن مفوز أنه صحبه وقال: كان حسن الطريقة، ذا سمت وهدى
صالح. له اعتناء بالعلم، وهو ذكر نسبه على نحو ما تقدم.
وقرأت بخط شيخنا أبي الحسن المقرىء: توفي أبو محمد بن بشير ليلة الخميس
أول الليل لثلاثٍ بقين من المحرم من سنة ثمانٍ وتسعين وأربع مئة. ودفن
بمقبرة أم سلمة وصلى عليه ابنه عبد الله، وكان مولده سنة أربع عشرة
وأربع مئة.
عبد الله بن سعيد بن حكم المقتلي الزاهد: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
محمد.
قرأ القرآن على أبي محمد مكي بن أبي طالب المقرىء. وكان آخر من بقي ممن
قرأ عليه، وكان رحمه الله أحد الزهاد العباد الفضلاء الصلحاء الذين
يتبرك برؤيتهم ودعائهم وأخبرني القاضي محمد بن أحمد بن الحاج رحمه الله
غير مرة قال: حدثني أبو محمد هذا، قال: كنت عند أبي عمر أحمد بن محمد
بن عيسى القطان الفقيه فأتى إليه رجل فقال: إني أريد أن أسألك فحسن لي
خلقك! فقال: قل. فقال: ما أفضل ما أدعوا الله به؟ فقال له: في الستر في
الدنيا، وأن يميتك على الإسلام. وتوفي رحمه الله سنة اثنتين وخمسمائة.
(1/280)
عبد الله بن يحيى التجيبي من أهل إقليش،
يكنى: أبا محمد. ويعرف بابن الوحشي.
أخذ بطليطلة عن أبي عبد الله المغامي المقرىء القراءات. وسمع بها أيضا
من أبي بكر محمد بن جماهر، وأبي بكرٍ خازم بن محمد وغيرهم.
وكان: من أهل المعرفة والنبل والذكاء. وله كتاب حسن في شرح الشهاب يدل
على احتفال في معرفته، واختصر كتاب مشكل القرآن لابن فورك إلى غير ذلك
من مجموعاته. وتولى أحكام بلده إقليش في آخر عمره وأقام به مدة يسيرة.
وتوفي به سنة اثنتين وخمسمائة.
عبد الله بن محمد بن دري التجيبي، المعروف: بالركلي من أهل ركلة عمل
سرقسطة سكن شاطبة. يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي الوليد الباجي، وأبي مروان بن حيان، وأبي زيد عبد الرحمن
ابن سهل بن محمد وغيرهم. وكان: من أهل الأدب قديم الطلب سمع منه
أصحابنا ووثقوه وتوفي: سنة ثلاث عشرة وخمسمائة.
عبد الله بن مالك الأصبحي: من أهل بطليوس، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي بكر محمد بن موسى بن الغراب، وأبي محمد عبد الله بن عمر ابن
الخراز وغيرهما.
وكان ثقة فيما رواه، فاضلا عفيفا، منقبضا وعمر وأسن وأخذ عنه بعض
أصحابنا وتوفي في حدود العشرين وخمسمائة، ومولده سنة سبع وعشرين وأربع
مئة.
عبد الله بن إدريس المقرىء: سرقسطي، يكنى: أبا محمد.
(1/281)
كان: من أهل الأداء والضبط. أخذ ببلده عن
عبد الوهاب بن حكم، وسمع أبا علي بن سكرة، وسكن سبتة وتصدر في جامعها
للإقراء. وتوفي سنة خمس عشرة وخمسمائة. أفادنيه القاضي أبو الفضل. وذكر
أنه قرأ القرآن عليه.
عبد الله بن محمد بن السيد النحوي: من أهل بطليوس، يكنى أبا محمد سكن
بلنسية.
روى عن أخيه علي بن محمد، وأبي بكر عاصم بن أيوب الأديب، وعن أبي سعيد
الوراق، وأبي علي الغساني وغيرهم. وكان عالما بالآداب واللغات مستبحرا
فيهما، مقدما في معرفتهما واتقانهما، يجتمع الناس إليه ويقرؤون عليه،
ويقتبسون منه. وكان حسن التعليم، جيد التلقين، ثقة ضابطا، وألف كتبا
حسأنا منها: كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، وكتاب التنبيه على
الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة. وكتابا في شرح الموطأ. إلى غير ذلك من
تواليفه. كتب إلينا بجميع ما رواه وألفه غير مرة.
وأنشدنا أبو الطاهر محمد بن يوسف صاحبنا قال: أنشدني أبو محمد بن السيد
لنفسه:
أخو العلم حيٌ خالدٌ بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل ميتٌ وهو ماشٍ على الثرى ... يظن من الأحياء وهو عديم
قرأتهما عليه بجامع قرطبة. وتوفي رحمه الله منتصف رجب الفرد من سنة
إحدى وعشرين وخمسمائة. ومولده سنة أربع وأربعين وأربع مئة.
عبد الله بن أحمد بن سعيد بن يربوع بن سليمان: من أهل إشبيلية. سكن
قرطبة وأصله من شنتمرية من الغرب يكنى: أبا محمد.
(1/282)
روى ببلده عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن
منظور. سمع منه: صحيح البخاري عن أبي ذر، وسمع من أبي محمد بن خزرج
كثيرا من روايته، وسمع بقرطبة: من أبي القاسم حاتم بن محمد، وأبي مروان
بن سراج، وأبي علي الغساني، وكتب إليه أبو العباس العذري بإجازة ما
رواه. وكان حافظا للحديث وعلله، عارفا بأسماء رجاله ونقلته، يبصر
المعدلين منهم والمجرحين، ضابطا لما كتبه، ثقة فيما رواه. وكتب بخطه
علما كثيرا، وصحب أبا علي الغساني كثيرا واختص به وانتفع بصحبته، وكان
أبو علي يكرمه ويفضله، ويعرف حقه، ويصفه بالمعرفة والذكاء.
وجمع أبو محمد هذا كتبا حسأنا منها. كتاب الإقليد في بيان الأسانيد،
وكتاب تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد المؤطأ، وكتاب: لسان
البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من الإغفال والنقصان. وكتاب:
المنهاج في رجال مسلم ابن الحجاج وغير ذلك ناولنا بعضها وقرأنا عليه
مجالس من حديثه، وأجاز لنا بخطه ما رواه وعني به. وتوفي رحمه الله يوم
السبت، ودفن أثر صلاة العصر من يوم الأحد التاسع من صفر سنة اثنتين
وعشرين وخمسمائة. ودفن بمقبرة الربض وصلى عليه القاضي محمد بن أصبغ.
ومولده سنة أربعٍ وأربعين وأربع مئة فيما أخبرني.
عبد الله بن موسى بن عبد الله بن موسى: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي الحسن العبسي المقرىء، وأبي عبد الله محمد بن فرج فيما ذكر
لي، وأبي علي الغساني وخازم بن محمد. وسمع من جماعة من شيوخنا وعني
بالحديث عناية كاملة.
وكان متفننا في عدة علوم مع الحفظ والإتقان. وتوفي في صفر سنة ستٍ
وعشرين وخمسمائة. ودفن بالربض.
(1/283)
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد
الخشني، يعرف: بابن أبي جعفر، يكنى: أبا محمد من أهل مرسية.
روى بقرطبة عن أبي جعفر أحمد بن رزق الفقيه وتفقه عنده، وسمع من أبي
القاسم حاتم بن محمد كتاب الملخص وحده.
وروى عن أبي الوليد الباجي، وأبي عبد الله محمد بن سعدون القروي.
وروى بطليطلة: عن أبي المطرف عبد الرحمن بن محمد بن سلمة. ورحل إلى
المشرق فحج وسمع صحيح مسلم بن الحجاج من أبي عبد الله الحسين بن علي
الطبري.
وكان حافظا للفقه على مذهب مالك وأصحابه، مقدما فيه على جميع أهل وقته،
بصيرا بالفتوى، مقدما في الشورى، عارفا بالتفسير، ذاكرا له. يؤخذ عنه
الحديث، ويتكلم في بعض معانيه، وانتفع طلاب العلم بصحبته وعلمه، وشهر
بالعلم والفضل.
وكان رفيعا عند أهل بلده، معظما فيهم، كثير الصدقة والذكر لله تعالى.
كتب إلينا بإجازة ما رواه بخطه رحمه الله لثلاث خلون من شهر رمضان سنة
عشرين وخمسمائة بمرسية ومولده سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
عبد الله بن محمد بن أيوب الفهري: من أهل شاطبة، يكنى: أبا محمد.
سمع: من أبي الحسن طاهر بن مفوز، ومن أبي الحسن علي بن أحمد بن الروشي
المقرىء وسمع من جماعة من الشيوخ بشرق الأندلس وبقرطبة إذ قدمها علينا
وحدثنا بحديثٍ مسلسل سمعناه منه عن أبي الحسن طاهر بن مفوز. وأخذ عنه
الناس في كل بلد قدمه. وتوفي رحمه الله بشاطبة في شهر شعبان سنة ثلاثين
وخمسمائة.
أخبرني بوفاته أبو جعفر بن بقا صاحبنا، وذكر لي أنه شاهدها أي جنازته.
(1/284)
عبد الله بن عيسى الشيباني من أهل قلنة حيز
سرقطة، يكنى: أبا محمد.
محدث حافظ متقن. كان يحفظ صحيح البخاري، وسنن أبي داود عن ظهر قلبٍ
فيما بلغني وله اتساعٌ في علم اللسان، وحفظ اللغة وأخذ نفسه باستظهار
صحيح مسلم. وله عليه تأليف حسن لم يكلمله. وتوفي ببلنسية عام ثلاثين
وخمسمائة.
عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد النقري، يعرف: بالمرسي. وأصله
منها سمع: بسبتة من أبي محمد حجاج بن محمد قاسم صحيح البخاري، عن أبي
ذر الهروي، وأخذ عن جماعة سواه: وكان رجلا صالحا، كثير الذكر لله
تعالى. وخطب بسبتة مدة. وكتب إلي القاضي أبو الفضل بن عياض بخطه يوثقه
ويثني عليه. أخذ الناس عنه وسمعت منه بعض ما عنده وسألته عن مولده
فقال: ولدت سنة ثلاثٍ وخمسين وأربع مئة. وتوفي رحمه الله بقرطبة ودفن
عشي يوم الثلاثاء لثمان بقين من ربيع الآخر من سنة ثمانٍ وثلاثين
وخمسمائة ودفن بالربض.
عبد الله بن أحمد بن عمر القيسي، يعرف: بالوصيدي، من أهل مالقة يكنى:
أبا محمد.
روى عن الشعبي، وابن خليفة، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي
وغيرهم وكان: من أهل العلم والمعرفة والفهم، واستقضى ببلده مدة حمد
فيها. وتوفي رحمه الله: سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة. وكان قد كف بصره.
ومولده سنة ستٍ وخمسين وأربع مئة.
عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن خلف بن أحمد بن عمر اللخمي،
يعرف: بالرشاطي، من أهل المرية، يكنى: أبا محمد.
(1/285)
روى عن أبو علي الغساني والصدفي سمع منهما
كثيرا، وكانت له عنايةٌ كثيرةٌ بالحديث، والرجال، والرواة، والتواريخ،
وله كتابٌ حسنٌ سماه بكتاب اقتباس الأنوار والتماس الأزهار: في أنساب
الصحابة ورواة الآثار. أخذه الناس عنه وكتب إلينا بإجازته مع سائر ما
رواه. ومولده صبيحة يوم السبت لثمانٍ خلون من جمادى الآخرة سنة ستٍ
وستين وأربع مئة. وتوفي رحمه الله نحو سنة أربعين وخمسمائة.
ومن الغرباء في هذا الاسم
عبد اله بن بكر بن المثنى السهمي المدني: يكنى: أبا العباس: روى عن أبي
بكر الآجري، والحسن بن رشيق، وابن الورد وغيرهم. وكان رجلا صالحا، ذا
رواية واسعة وطلب قويم مع أبيه بكر بن المثنى. ذكره ابن خزرج وقال: قدم
علينا إشبيلية تاجرا وأخذنا عنه في سنة ست عشرة وأربع مئة. وأخبرنا أن
مولده سنة سبعٍ وثلاثين وثلاث مائة.
عبد الله بن الحسن بن الرحمن بن شجاع المروزي، يكنى: أبا بكر كان
فاضلاً ديناً حنبلي المذهب متفنفا واسع الرواية. قديم الطلب، وكان
عالما بالعربية على مذهب الكوفيين. وله تأليفٌ في النحو على مذهبهم
سماه الابتداء، وله كتابٌ مختصرٌ من علم أبي حنيفة في سبعة أجزاء واسمه
المغنى. ذكر ذلك كله ابن خزرج وقال: نبهنا عليه أبو بكر بن الميراثي
فسمعنا منه أو جاز لنا في صفر سنة أربع وعشرين وأربع مئة. وأخبرنا أن
مولده سنة ثمانٍ وأربعين وثلاث مائة، وكان متمتعاً بذهنه وجميع جوارحه.
(1/286)
عبد الله بن يوسف بن طلحة بن عمرون
الوهراني، يكنى: أبا محمد.
قدم الأندلس تاجراً سنة تسع وعشرين وأربع مئة، وسكن إشبيلية وقت السيل
الكبير في ذلك العام. وكان: من الثقات له روايةٌ واسعة عن شيوخ إفريقية
أبي محمد ابن أبي زيد ونظرائه.
وكان له علم بالحساب والطب، وكان نافذا فيها. حدث عنه ابن خزرج وقال
لنا: إنه قد قارب الثمانين في سنة.
عبد الله بن إبراهيم بن العوام الأندلسي.
استوطن مصر وأصله من مدينة بلغي، وهو ذو عناية بالعلم مع خيره وفضله.
قال ابن خزرج: أجاز لي في ربيع الآخر سنة إحدى وخمسين وأربع مئة.
عبد الله بن حمو أصله من المسيلة، يكنى: أبا محمد.
كانت له معرفة بالأصول والفروع، واستوطن المرية وقرىء عليه بها. وتوفي:
سنة ثلاث وسبعين وأربع مئة. ذكره ابن مدير. وكتب إلي القاضي أبو الفضل
بن عياض بخطه يذكر: أن عبد الله هذا من أهل سبتة، وأنه استقضى بها، ثم
فر منها إلى المرية، وذكر أنه له رواية عن أبي إسحاق بن يربوع وغيره.
عبد الله بن إبراهيم بن جحاج الكتامي السبتي، يكنى: أبا محمد.
كان: من أهل الحفظ والمعرفة بالفقه وعلم التوحيد والاعتقاد. ويقال انه
شرب البلاذر للحفظ فانتفع به وأورثه حدة في خلقه، وسكن شرق الأندلس.
(1/287)
وكان القاضي أبو الوليد الباجي يستخلفه إذا
سافر على تدريس أصحابه. ثم رحل إلى المشرق وحج سنة خمسين. وتوفي في
حدود السبعين وأربع مئة. أفادنيه القاضي أبو الفضل.
عبد الله بن خليفة بن أبي عرجون تلمساني، يكنى: أبا محمد فقيه حافظ
للفقه، محقق فيه. وسمع من أبي علي الغساني وغيره.
وكان يميل إلى الحديث ويحفظ كثيرا منه، وقد أخذ عنه واستقضى بغير موضع
من العدوة والأندلس وتوفي ببلده سنة أربع وثلاثين، وخمسمائة.
عبد الله بن حمود بن هلوب بن داود بن سليمان، يكنى: أبا محمد.
طنجي فقيه موضعه وأصله من تاهرت. أخذ بقرطبة قديما عن أبي محمد
الأصيلي، وابن الهندي، وطبقتها، وله شعر في مناسك الحج. كتب به إلى أبو
الفضل.
عبد الله بن غالب بن تمام بن محمد الهمداني: من أهل سبتة، يكنى: أبا
محمد.
رحل إلى الأندلس فسمع: من أبي محمد الأصيلي، وأبي بكر الزبيدي وغيرهما.
ورحل إلى المشرق فصحب أبا محمد بن أبي زيد وتفقه عنده. وسمع أيضا بمصر
من أبي بكر إسماعيل وابن الوشا.
وكان: من أهل الفقه التام، والأدب البارع، والشعر الجيد، والعلم الواسع
ممن جمع لدراية والرواية.
قال القاضي أبو الفضل: توفي رحمه الله فيما وجدته بخط جدي لامي يوم
الاثنين لثلاثٍ بقين من صفر من سنة أربع وثلاثين وأربع مئة.
(1/288)
عبد الله بن علي ويقال: يعلى بن محمد بن
عبيد المعافري: من أهل سبتة، يكنى: أبا محمد.
سمع من ابن سهل: ومروان بن سمجون، وأخذ بالأندلس عن غانم الأديب وغيره.
وكان: من أهل الفقه والوثائق، والنحو والبلاغة مقدما في ذلك. وكتب
للقضاة بسبتة. وتوفي ليلة الجمعة منسلخ رجب سنة ستٍ وثمانين وأربع مئة.
وهو خال القاضي أبي الفضل بن عياض.
من اسمه عبيد الله
عبيد الله بن فرح الطوطالقي النحوي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان.
روى عن أبي علي البغداذي، وأبي عبد الله الرباحي، وابن القوطية
ونظرائهم، وتحقق بالأدب واللغة وعني بذلك كله. وألف كتابا متقنا في
اختصار المدونة استحسنه القاضي أبو بكر بن زرب: ذكر ذلك ابن عابد.
قال ابن الفرضي: وتوفي يوم الاثنين للنصف من رجب سنة ستٍ وثمانين وثلاث
مائة. ودفن بصبيحة يوم الثلاثاء بمقبرة مومرة.
قال ابن حيان: وكان مولده سنة أربع وعشرين وثلاث مائة.
عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن موسى، يعرف: بابن الزامر، من
أهل قرطبة.
(1/289)
قال ابن مفرج والقبشي: سمع معنا على كثي من
الشيوخ. وكان طويل اللسان، جهير الصوت كثير الكلام.
عبيد الله بن محمد بن قاسم الكزني منها، يكنى: أبا مروان.
له رواية عن أبي عبيد القاسم بن خلف الجبيري الفقيه وغيره. حدث عنه أبو
عمر ابن عبد البر وقال: كان من ثقات الناس وعقلائهم رحمه الله.
عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن الوليد المعيطي: من أهل قرطبة، يكنى:
أبا مروان.
كان رحمه الله عالما حافظا، فاضلا ورعا، كثير الصدقة في بيت فقه
وعبادةٍ. بشر قبل وفاته بخير. وتوفي يوم الخميس لسبع بقين من ذي القعدة
من سنة إحدى وأربع مئة ودفن بالربض، وصلى عليه عمه الفقيه عبيد الله بن
عبد الله بتقديم القاضي بن وافد، وكانت سنة ثلاثا وأربعين سنة. ذكره
ابن حيان.
عبيد الله بن سلمة بن حزم اليحصبي: من أهل قرطبة. سكن الثغر، يكنى: أبا
مروان.
له رحلة إلى المشرق وحج فيها وكتب عن أبي بكر بن عزرة وغيره. قال أبو
عمرو المقرىء: أخذ القراءة عن عبد الله بن عطية، والمظفر بن أحمد بن
برهام، وعلي بن محمد ابن بشر، وعبد المنعم بن عبيد الله.
وسمع جماعة وكتب عنهم. وكتبت أنا عنه، وهو الذي علمني عامة القرآن.
وكان خيرا فاضلا صدوقا.
قال: أنشدنا أبو مروان من كتابه لعبد الله بن المبارك:
(1/290)
قد أرحنا واسترحنا ... من عدوٍ ورواح
واتصالٍ بلئيمٍ ... أو كريمٍ ذي سماح
بعفافٍ وكفافٍ ... وقنوعٍ وصلاح
وجعلنا اليأس مف ... تاحا لأبواب النجاح
توفي عبيد الله في الثغر في الفتنة فيما بلغني سنة خمس وأربع مئة. ذكره
أبو عمرو المقرىء.
عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن معمر القرشي التيمي: من أهل قرطبة
يكنى: أبا بكر.
روى عن الأصيلي، وأبي عمر الإشبيلي، وعباس بن أصبغ، وهاشم بن يحيى
وغيرهم وكان عالما بمذاهب المالكيين، قائما بالحجج عنهم، ثابت الفهم،
حسن الاستنباط، وكان قد برع في الأدب.
وله: تأليف في أوقات الصلوات على مذاهب العلماء، حدث عنه ابن خزرج
وذكره بما تقدم ذكره وقال: توفي لثمان بقين من المحرم سنة أربع وأربعين
وأربع مئة. وقد ناهز الثمانين، ومولده سنة خمس وستين وثلاث مائة.
عبيد الله بن يوسف بن ملحان: من أهل شاطبة.
كان خيرا فقيها رفيعا عند أهل بلدهن وتولى القضاء عندهم. وتوفي عند
الثلاثين والأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عبيد الله بن عثمان بن عبيد الله اللخمي البرجاني: من أهل إشبيلية،
يكنى: أبا مروان.
كان: من أهل العلم بمعاني القرآن وقراآته. ومن أهل النحو والأدب وممن
يقول الشعر الحسن، بليغ اللسان والقلم، حسن الخط، موصوفا بصحة العقل
وثقوب الفهم.
(1/291)
وكان له حظٌ صالح من الفقه، وأخذ عن أبي
إسحاق بن الروح بونة وغيره بإشبيلية وقرطبة. ذكره ابن خزرج وروى عنه.
عبيد الله بن محمد بن مالك: من أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان.
روى عن أبي القاسم حاتم بن محمد، وأبي عمر بن خضر، وأبي بكر بن مغيث
وغيرهم. وأجاز له أبو ذر الهروي ما رواه.
وكان حافظا للمسائل والحديث، ومعاني القرآن وتفاسيره، عالما بوجوه
الاختلاف بين فقهاء الأمصار والمذهب، متواضعا عفا كثير الورع مجاهدا
يقيم عيشه من مويل كان له بحصن أبليه أو المهدومة من سماق وشيءٍ من عنب
وتين، يصير إليها في كل عصير فيجمع ماله في تلك الصويعة ويسوقه إلى
قرطبة ويبتاع به قوتاً. وكان متبذلاً في لباسه، متواضعا في أموره كلها.
أخبرني أبو طالب المرواني قال: أخبرني محمد بن فرج الفقه قال: جلست
يوما إلى ابن مالك فقال لي: ما تمسك من الكتب؟ فقلت له: معاني القرآن
للنحاس. فقال: افتح منه أي مكان شئت. فنشرته فنظرت في أول صفح منه
فقال: أعرضني فيه فقرأه ظاهرا ما شاء من ذلك نسقا كأنما يقرأه في كفه.
ثم قال لي: خذ مكأنا آخر ففعل كذلك. ثم قال لي: خذ مكأنا ثالثا ففعل
مثل ذلك. فعجبت من قوة حفظه وعلمه.
ولأبي مروان بن مالك مختصر حسنٌ في الفقه حكم له فيه بالبراعة. وله
كتاب ساطع البرهان في سفر قرأناه على أبي الوليد بن طريف. قال: قرأته
على مؤلفه مرات. وتوفي رحمه اله يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة خلت من
جمادى الأول من سنة ستين وأربع مئة. ودفن بمقبرة كلع. نقلت بعض خبره
ووفاته من خط المرواني.
(1/292)
وزاد ابن حيان: أنه صلى عليه أبو عبد
الرحمن العقيلي. وأن مولد ابن مالك كان في سنة أربع مئة.
عبيد الله بن القاسم بن خلف بن هاني. قاضي طرطوشة يكنى: أبا مروان.
أجاز لأبي جعفر بن مطاهر ما رواه سنة سبع وستين وأربع مئة. وأخذ عنه من
شيوخنا القاضي أبو الحسن بن واجب.
عبيد الله بن محمد بن أدهم: من أهل قرطبة وقاضي الجماعة بها، يكن: أبا
بكر.
استقضاه المعتمد على الله محمد بن عباد بقرطبة يوم الجمعة لخمس بقين من
صفر من سنة ثمان وستين وأربع مئة.
وكان: من أهل الصرامة في تنفيذ الحق، مظهر أله، مقصيا للباطل وحزبه،
قامعا لأهله، لا يخاف في الله لومة لائم. جامد اليد عن أموال الناس،
قليل الرغبة فيما عندهم نزها متصاونا.
وكان قد نظر قبل ذلك في أحكام المظالم بقرطبة وشوور في الأحكام بها،
وناظر عند الفقيه أبي عمر بن القطان وأخذ الحديث عن أبي القاسم حاتم بن
محمد وغيره. ولم يزل يتولى القضاء بقرطبة إلى أن هلك على أحسن أحواله.
فكانت وفاته يوم الثلاثاء ودفن عشي يوم الأربعاء لاثني عشرة ليلة بقيت
من شعبان من سنة ستٍ وثمانين وأربع مئة. ودفن بمسجد الضيافة بمقبرة أم
سلمة. وصلى عليه كاتبه عبد الصمد الفقيه. قال لي ابن مكي: ومولده سنة
ست عشرة وأربع مئة.
عبيد الله بن عبد العزيز بن البرا بن محمد بن مهاجر: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا مروان.
روى عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد بن زكرياء الإفليلي وغيره. وكان: من
(1/293)
أهل الأدب واللغة معتنيا بذلك، وكان عارفا
بعقد الشروط، وكان يجلس لعقدها بين الناس. أخبرنا عنه شيخنا أبو الحسن
بن مغيث.
وتوفي رحمه الله يوم دفن القاضي عبيد الله بن أدهم المتقدم الذكر قبله
سنة ستٍ وثمانين وأربع مئة.
من الغرباء في هذا الاسم
عبيد الله بن سعد بن علي بن مهران الدمشقي، يكنى: أبا الفضل.
ذكره أبو محمد بن خزرج وقال: قدم علينا بإشبيلية تاجرا سنة ست عشرة
وأربع مئة.
وكان: من أهل العلم والفضل وروايته واسعة عن جماعة من العلماء بالحجاز،
والعراق، ومصر، والشام. وذكر أن مولده سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة.
من اسمه عبد الرحمن
عبد الرحمن بن عثمان بن عفان القشيري: من أهل قرطبة، يكنى: أبا المطرف،
وأصله من جيان. روى عن قاسم بن أصبغ، وأحمد بن ثابت التغلبي وغيرهما.
(1/294)
ورحل إلى المشرق وحج سنة خمس وخمسين وثلاث
مائة وروى هنالك. وكان رجلا صالحا زاهدا، منقبضا ثقة فيما رواه. سمع
الناس منه كثيرا من روايته. وحدث عنه أبو عمرو المقرىء، ومكي المقرىء،
وأبو إسحاق بن شنظير، وصاحبه أبو جعفر.
وقرأت بخط أبي إسحاق قال: مولده في شوال سنة أربع وعشرين وثلاث مائة.
وتوفي: سنة خمسٍ وتسعين وثلاث مائة. وكان سكناه بقوته راشه بموضع
الفخارين.
وقال ابن حيان: توفي في ذي الحجى من سنة خمس وتسعين وثلاث مائة. ودفن
بمقبرة حلال بينها وبين مقبرة اليهود الطريق السالك بحوفي قرطبة.
عبد الرحمن بن يحيى بن محمد بن عبد الله بن يحيى العطار: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا زيد.
روى بقرطبة عن أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي، وأبي بكر بن الأحمر، وعبد
الله ابن يوسف بن أبي العطاف وأحمد بن مطرف وأبي عيسى، ورحل إلى المشرق
وسمع: من الحسن بن الخضر الأسيوطي، وحمزة الكناني، وابن حفص الجحمي،
وبكير بن الحداد، وعلي بن مسرور الدباغ وغيرهم.
سمع الناس منه كثيرا. وكان ثقة في روايته كثير السماع من الشيوخ. حدث
عنه أبو عمر بن عبد البر وأكثر عنه، وأبو إسحاق بن شنظير، وقرأت بخطه
قال: مولده في شهر رمضان سنة سبع وعشرين وثلاث مائة. وكان سكناه بغدير
ثعلبة، وصلاته بمسجد مكرم.
عبد الرحمن بن أحمد بن أصبغ بن محمد بن زكرياء بن وليد بن عبد الرحمن
(1/295)
ابن عبد الله بن زيد بن ميكايل مولى عبد
العزيز بن مروان بن الحكم من أهل قرطبة، يكنى: أبا المطرف.
لقي أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني وروى عنه. وحدث عنه عبد الرحمن ابن
يوسف الرفا، وأسند عنه أحاديث أخذها عنه سنة ست وتسعين وثلاث مائة.
منها. ما حدثه عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ. قَالَ: نا أَبُو الْفَضْلِ
الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ السَّمِيعِ الْهَاشِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ
أَبِي: نا عَدِيُّ بْنُ الفضل، عن مسعر بن عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أبيه، مَسْعُودٍ قَالَ: إِذَا صَلَّيْتُمْ عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسِنُوا الصَّلاةَ
عَلَيْهِ. حَدَّثَنَاهُ ابْنُ عَتَّابٍ، أنا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ
اللَّهِ، أنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُوسُفَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن عبيد الله الرعيني، المعروف بابن المشاط
من أهل قرطبة، يكنى: أبا المطرف.
أخذ القراآت عن أبي الحسن الأنطاكي المقرىء. وكان حسن الصوت بالقرآن،
وسمع من خلف بن قاسم وغيره. قال الحسن: كان من أهل العلم، والفهم،
والمعرفة، واليقظة والذكاء، والكيس والحركة، والسعي للدارين الأولى
والأخرى، حافظا للقرآن حسن الصوت به مجودا لتلاوته، حسن الخط مدلا
بقلمه. نال السؤدد بأدبه وفطنته، واتصل بالمنصور محمد بن أبي عامر
فأدناه وقر به، وولي الشورى في أيام القاضي أبي بكر ابن زرب، وولاه ابن
أبي عامر أحكام الشرطة وخطة الوثائق السلطانية وقضاء أستجة وأشونة،
وقرمونة، ومورور، وتاكرتا جمعهن له، ثم صرفه عنهن وولاه أحكام الحسبة
المدعوة عندنا بولاية السوق، وقضاء جيان، ثم قضاء بلنسية وأعمالها.
وقلده نظم التاريخ في أيامه فجمع فيه كتاب الباهر الذي أهلكه النهب في
نكبة آل عامر، فانحل نظامه، وطمس رسمه، وكان منقذا للحق في أحكامه،
معتنيا بأمور إخوانه، مشاركا لهم، ساعيا في مصالحهم.
(1/296)
توفي (رحمه الله) سنة سبع وتسعين وثلاث
مائة في أيام المظفر عبد الملك بن أبي عامر، ودفن في مقبرة بني العباس.
زاد غيره في جمادى الآخرة من العام. وكان موته فجأة وصلى عليه والده
الشيخ الثكلان محمد بن أحمد المشاط، وبقي بعده نحو سنتين ولحق به.
اختصرته من كلام الحسن بن محمد.
عبد الرحمن بن مغيرة بن عبد الملك بن مغيرة بن معاوية بن المؤمن
القرشي: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا سليمان.
رحل إلى المشرق وتجول هناك، وسكن مصر مدة طويلة مستوطنا بها وصحب بها
جلة الشيوخ، وشهر بالصلاح مع التبتل، وعنى بأخبار القرآن؛ وسمع الحديث
بها، وتكرر على الشيوخ. وكان: من أهل الأدب والفهم معرفا بالخير
والانقباض. ثم انصرف إلى الأندلس وسكن أخرا إشبيلية. حدث عنه أبو عبد
الله الخولني وذكر من خبره ما ذكرته وقال: أجاز لي جميع روايته بخط يده
سنة ثمانٍ وتسعين وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن محمد بن وليد بن إبراهيم الأموي. من أهل قرطبة؛ يكنى أبو
الوليد.
يحدث عن ابن معاذٍ البجاني، وأبي عمر بن عبد الرحيم، وعباس بن أصبغ،
وخلف بن قاسم وغيرهم. حدث عنه أبو إسحاق بن شنظير وقال. سكناه بقرب دور
بني هاشم ويصلي بمسجد الصيني. وكانت له عناية ٌ بالحديث.
وقرأت في أصل سماعه من أبي القاسم خلف بن القاسم الحافظ، قال: نا أبو
محمد عبد اله ابن جعفر بن الورد، قال: نا يوسف بن موسى، قال: نا عبد
الله بن خبيق الأنطاكي، قال: سمعت عبد الله بن سليمان، قال: كان بكر بن
خنيس إذا حدث يقول: اكتبوا في أواخر كتبكم إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ الله
من المتقين.
عبد الرحمن بن زيادة الله بن علي التميمي الطبني. سكن قرطبة؛ يكنى أبا
الحسن.
(1/297)
كان له فضل وأدب وزهد ونسك. وروى الحديث
قال ذلك: أخوه أبو مروان وذكر أنه توفي: سنة إحدى وأربع مئة. وكان
مولده سنة سبعٍ وسبعين وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطين بن أصبغ بن فطيس بن سليمان واسم
فطيس بن سليمان عثمان. وفطيس لقب له واسم في ولده، كذا ذكر أبو عمر ابن
عبد البر قاضي الجماعة بقرطبة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي جعفر أحمد بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي الحسن
الأنطاكي المقرىء، وأبي زكرياء بن عائذ، وأبي محمد بن عبد الله بن
القاسم القلعي، وأبي محمد الباجي، وأبي محمد الأصيلي، وأبي القاسم خلف
بن القاسم، وأبي عيسى الليثي، وأبي محمد بن عبد المؤمن، ورشيد بن محمد
وغيرهم كثير.
وكتب إليه من أهل المشرق: أبو يعقوب بن الدخيل من مكة، وأبو الحسن ابن
رشيق من مصر، وأبو القاسم الجوهري وغيرهما. وكتب إليه من أهل بغداذ:
أبو الطيب أحمد بن سليمان الحريري، وأبو الحسن علي بن عمر الدارقطني،
وأبو بكر الأبهري.
وكتب إليه من أهل القيروان: أبو محمد بن أبي زيد الفقيه، وأبو أحمد بن
نصر الداودي وغيرهما. وحدث عن جماعة كثيرة سوى من تقدم ذكره من رجال
الأندلس ومن القادمين عليها. سمع الحديث منهم وكتبه عنهم، وتكرر عليهم،
ووالي الاختلاف إليهم. وكان: من جهابذة المحدثين، وكبار العلماء
والمسندين. حافظا للحديث وعلله، منسوبا إلى فهمه وإتقانه، عارفا بأسماء
رجاله ونقلته، يبصر المعدلين منهم والمجرحين، وله مشاركة في سائر
العلوم، وتقدم في معرفة الآثار والسير والأخبار وعناية كاملة بتقييد
السنن والأحاديث المشهورة والحكايات المسندة، جامعا لها، مجتهدا في
سماعها وروايتها. وكان حسن الخط، جيد الضبط، جمع من الكتب في أنواع
العلم ما لم يجمعه أحدٌ من أهل عصره بالأندلس مع سعة الرواية والحفظ
والدراية. وكان يملي الحديث من حفظه في مسجده، ومستمل بين يديه على ما
يفعله كبار المحدثين بالمشرق والناس يكتبون عنه.
(1/298)
أخبرني جماعة من أبي علي الغساني قال: سمعت
القاضي أبا القاسم سراج ابن عبد الله يقول: شهدت مجلس القاضي أبي
المطرف بن فطيس وهو يملي على الناس الحديث ومستملٍ بين يديه، وكان له
ستة وراقين ينسخون له دائما، وكان قد رتب لهم على ذلك راتبا معلوما،
وكان متى علم بكتابٍ حسنٍ عند أحد من الناس طلبه للابتياع منه وبالغ في
ثمنه. فإن قدر على ابتياعه وإلا انتسخه منه ورده عليه.
أخبرني حفيده أبو سليمان أنه سمع عمه وغير واحد من سلفه يحكون أن أهل
قرطبة اجتمعوا لبيع كتب جده هذا مدة عام كامل في مسجده في الفتنة في
الغلاء، وأنه اجتمع فيها من الثمن أربعون ألف دينار قاسمية.
وأخبرنا أيضا: أن القاضي جده كان لا يعير كتابا من أصوله البتة، وكان
إذا سأله أحد ذلك وألحف عليه أعطاه للناسخ فنسخه وقابله ودفعه إلى
المستعير فإن صرفه وإلا تركه عنده.
وتقلد قضاء الجماعة بقرطبة يوم الخميس ثلاثٍ خلون من ذي الحجة من سنة
أربع وتسعين وثلاث مائة. مقروناً بولاية صلاة الجمعية والخطبة مضافا
ذلك كله إلى خطته العليا في الوزارة، فاستقل بالعمل، وتولى الخطابة ولم
يستقصر في شيء من عمله، وذلك في أيام المظفر عبد الملك بن أبي عامر قيم
الدولة، ثم صرف ابن فطيس عن القضاء والصلاة يوم السبت لخمس خلون من شهر
رمضان المعظم سنة خمس وتسعين وثلاث مائة. وكانت ولايته للقضاء، والصلاة
تسعة أشهر ويومين. وكان مشهورا في أحكامه بالصلابة في الحق، ونصرة
المظلوم، وقمع الظالم، وإعزاز الحكومة. له بذلك في الناس أخبارٌ
مأثورة.
حدث عنه من كبار العلماء أبو عمر بن عبد البر، وأبو عبد الله بن عائذ،
والصاحبان وابن أبيض، وسراج القاضي، وأبو عمر بن سميق، والطلمنكي،
وحاتم بن محمد، وأبو عمر الحذاء، والخولاني، وأبو حفص الزهراوي وغيرهم.
وجمع كتبا حسأنا منها: كتاب القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن
في نحو مائة جزء ونيف. وكتاب
(1/299)
المصابيح في فضائل الصحابة مائة جزء،
وفضائل التابعين لهم بإحسان مائة جزء وخمسون جزءا، والناسخ والمنسوخ
ثلاثون جزءا، وكتاب الإخوة من المحدثين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم
من المخالفين أربعون جزءاً، وأعلام النبوة ودلالات الرسالة عشرة أسفار،
وكرامات الصالحين ومعجزاتهم ثلاثون جزءاً، ومسند حديث محمد بن فطس
خمسون جزءاً، ومسند قاسم بن أصبغ العوالي ستون جزءاً. والكلام على
الإجازة والمناولة عدة أجزاء. وغير ذلك من تواليفه. نقلت تسميتها من خط
يده، وكانت كتبه في مجلس جدواته بالخضرة، وسمكه وسطحه والبرطل أمامه
والبسط الذي فيه، والنمارق كلها حضرٌ.
قال أبو مروان بن حيان: توفي الوزير القاضي الراوية أبو المطرف بن فطيس
صدر الفتنة البربرية يوم الثلاثاء للنصف من ذي القعدة سنة اثنتين وأربع
مئة، ودفن في اليوم المذكور بتربة سلفه على باب منازلهم وقرب مسجدهم،
وصلى عليه ابنه أبو عبد الله محمد. وكان مولده سنة ثمان وأربعين وثلاث
مائة.
وذكره أبو عمر بن الحذاء في كتاب رواياته فقال: الوزير القاضي أبو
المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس قاضي الجماعة بقرطبة، وكان
قبل القضاء صاحب المظالم، وكان عدلا شديدا في أحكامه، وكان عالما
بالحديث والتقييد له واسع الرواية. كتب الحديث عمره كله، وكان: من
أبناء الدنيا فلما ولي القضاء غير زيه وترك زي الوزراء، وعاد إلى أخصر
زي الفقهاء رحمه الله. أملي علينا مجالس من حديثه من حفظه، وأجاز لي
جميع رواياته. وقال لي شيخنا أبو محمد بن عتاب. رأيت بخط القاضي أبي
المطرف بن فطيس حديثا ذكر أنه رحل فيه وحده إلى بعض كور الأندلس حتى
سمعه من الشيخ الذي رواه وانصرف. ثم قرأت بعد ذلك بخط ابن فطيس على ظهر
حديث سفيان بن عيينة رواية ابن المقرىء عنه: رحلت في حديث سفيان إلى
أبي سعيد يعني عثمان بن سعيد بن الدراج: إلى إلبيرة فسمعته منه وانصرفت
وسمعناه منه في رجب سنة سبعين وثلاث مائة.
(1/300)
عبد الرحمن بن عثمان بن سعيد بن ذنين بن
عاصم بن إدريس بن بهلول ابن أزراق بن عبد الله بن محمد الصدفي: من أهل
طليطلة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي المطرف عبد الرحمن بن عيسى بن مدراج، وأبي القاسم مسلمة بن
القاسم، وأبي العباس بن تميم بن محمد وغيرهم. ورحل إلى المشرق سنة إحدى
وثمانين وثلاث مائة فحج ولقي بمكة: أبا القاسم السقطي، وأبا الطاهر
العجيفي، ولقي بمصر: أبا بكر بن إسماعيل، وأبا الطيب بن غلبون، وأبا
إسحاق التمار وغيرهم.
ولقي بالقيروان: أبا محمد بن أبي زيد، وأبا جعفر بن دحمون وغيرهما.
وكان له سماع كثير وعنايةٌ بالحديث، وشهر بالعلم والعمل والفضل والتعفف
والورع وكانت تقرأ عليه كتب الزهد والرقائق، وكان يعظ الناس بها
ويذكرهم، وكان قد نسخ أكثر كتبه بخطه. وكان ثبتا في روايته، متحريا
فيها، وكان الناس يرحلون إليه لسعة روايته وثقته وفضله.
ومن تواليفه كتاب عشرة النساء في عدة أجزاء، وكتاب المناسك، وكتاب
الأمراض وغير ذلك. روى عنه ابنه عبد الله وجماعة سواه. قال ابنه: ولد
سنة سبع وعشرين وثلاث مائة، وتوفي رحمه الله في ذي القعدة سنة ثلاثٍ
وأربع مئة وهو ابن تسع وسبعين سنة.
عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد البكري، يعرف: بابن عجب. من أهل قرطبة،
يكنى: أبا المطرف.
كان أحد الحفاظ للمسائل المستبحرين في الرأي، وكان في عداد المشاورين
بقرطبة، وتوفي لليلتين خلتا من المحرم سنة أربع وأربع مئة، ودفن بمقبرة
كلع وصلى عليه حمادٌ الزاهد. ذكره ابن حيان.
(1/301)
عبد الرحمن بن عبد الله بن حماد: من أهل
مجريط، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي المطرف عبد الرحمن بن مدراج، وعبدوس بن محمد، وأبي بكر
الزبيدي، وأبي عمر بن الهندي، وأبي عبد الله بن العطار، وأبي عبد الله
بن أبي زمنين وغيرهم. وكان ثقة فيما رواه، فاضلا، دينا، عفيفا،
متواضعا.
قال ابنه يوسف بن عبد الرحمن: توفي أبي رحمه الله في صفر سنة سبع وأربع
مئة، وهو ابن سبعٍ وسبعين سنة.
عبد الرحمن بن أحمد بن أبي المطرف بن عبد الرحمن المعافري قاضي الجماعة
بقرطبة، يكنى: أبا المطرف. وأصله من باغة.
استقضاه الخليفة هشام بن الحكم بقرطبة في دولته الثانية يوم عرفة سنة
اثنتين وأربع مئة. وكان: من أفاضل الرجال أولي النباهة، وكان قد عمل
بالقضاء على عدة كور بالأندلس، وكان محمود السيرة جميل الطريقة، وكان
الأغلب عليه الأدب والرواية، وكان قليل الفقه فلم يزل يتولى القضاء على
سداد واستقامة وهو يواصل الاستعفاء ويلح فيه إلى أن أعفاه السلطان
فعزله عن القضاء يوم الخميس لثمان بقين من رجب سنة ثلاثٍ وأربع مئة.
وانصرف عن العمل محمود السيرة لم تتعلق به لائمةٌ، كان عدلا في أحكامه،
سمحا في أخلاقه، جيد المعاشرة لإخوانه، بارا بالناس، محبوبا منهم،
مسعفا لهم في حوائجهم، طالبا للسلامة من جميعهم، قنوعا قليل الرغبة،
واسع الكف بالعطية والصدقة، شديد الاحتمال للأذى، قد بذ في ذلك على
مراجيح الحلماء. وكانت مدة نظره في القضاء بقرطبة سبعة أشهر وثلاثة عشر
يوما. ولما وصل كتابه بالعزل اشتد سروره، وأعلن شكر الله عليه، وأبرز
في الوقت مديا من قمح فتصدق به، ودخل بيته فعاود طريقته من الزهد
والانقباض إلى أن مضى لسبيله مستورا.
(1/302)
وكانت وفاته يوم الاثنين للنصف من صفر من
سنة سبع وأربع مئة. فكان مشهودا من الناس، مثنيا عليه. ودفن بمقبرة
الربض قرب القاضي ابن وافد، وصلى عليه الشيخ أبو العباس بن ذكوان.
وكان مولده صدر سنة ستٍ وثلاثين وثلاث مائة. ذكره ابن حيان واخنصرت ما
ذكره فيه. قال: وذكر ابن مفرج أنه كانت له رحلة حج فيها ولقي وروى
فالله أعلم.
عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن قاسم بن سهل بن عبد الرحمن ابن
قاسم بن مروان بن خالد بن عبيد التجيبي، يعرف: بابن حوبيل. من أهل
قرطبة، يكنى: أبا بكر.
روى عن أبي بكر محمد بن معاوية القرشي، وأبي محمد عبد الله بن يوسف بن
أبي العطاف، وأحمد بن مطرف، وأبي جعفر تميم بن محمد، وأبي إبراهيم
إسحاق بن إبراهيم التجيبي، وأبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم، وأبي عبد
الله محمد بن حارث الخشني. وأجاز له جميعهم.
وروى أيضا عن أبي عيسى الليثي، وعن أبي بكر إسماعيل بن بدر، وأبي الحسن
عبد الرحمن بن أحمد بن بقي، والقاضي أبي بكر بن السليم وغيرهم. وصحب
القاضي أبا بكر بن زرب وتفقه معه، وجمع مسائله في سفر.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن عتاب الفقيه وقال: أبو بكر هذا أحد
العدول والشيوخ بقرطبة وكبيرهم. له روايةٌ عن جماعة ودراية وعدالة بينة
ظاهرة. عليه كان مدار النساء المحتجبات ذوات القدر والحجاب، وكان له في
ذلك تلطفٌ وحسن توصل قال: أخبرني القاضي أبو المطرف بن بشر قال: أتيت
له الشهادة على أم ابني عبد الرحمن فلما جلس دعا ابني وكان صغيرا
فأجلسه وأنسه، فلما خرجت
(1/303)
واشهدته قال له: من لهذه؟ فقال له الصبي:
أمي. فكتب شهادته فكان القاضي يعجبه فعله.
وقال الحسن: كان فقيها. مشاورا بصيرا بعقد الوثائق، مشهور العدالة
المبرزة بقرطبة وممن عني بالعلم وشهر بالحفظ.
وكان مسندا للناس في حوائجهم، يمشي معهم يومه كله لا يكاد يقضي لنفسه
معهم حاجة، وقدمه القاضي أبو المطرف بن فطيس أيام قضائه بقرطبة إلى
الشورى سنة خمسٍ وتسعين وثلاث مائة فنفع الله به.
وكان سكناه بالقرق بمنية جعفر، وصلاته بمسجد ابن وضاح.
قال ابن عتاب: وتوفي رحمه الله يوم الأحد وقت الظهر لثلاث عشرة ليلة
خلت من صفر من سنة تسع وأربع مئة.
ودفن يوم الاثنين بعد صلاة العصر وصلى عليه القاضي أحمد بن ذكوان.
ومولده ليلة الجمعة لسبع خلون من شعبان سنة تسع وعشرين وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن أبان: من أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر.
روى عن محمد بن يحيى بن عبد العزيز بن الخراز وغيره. وحدث عنه أبو عمر
بن عبد البر وغيره.
عبد الرحمن بن أحمد بن نصر بن خالد، يعرف بابن الكبيش. من أهل قرطبة،
يكنى: أبا المطرف.
كان في عداد المشاورين بقرطبة، واستقضى بإشبيلية في الفتنة. وتوفي في
ذي القعدة سنة تسع وأربع مئة. ذكره ابن حيان.
(1/304)
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن مسافر
الهمداني الوهراني، ويعرف: بابن الخراز. من أهل بجانة، يكنى: أبا
القاسم.
روى بالمشرق عن أبي محمد عمر بن شبوبة المروزي، وعن أبي محمد الحسن بن
رشيق المصري، وعن أبي بكر محمد بن صالح الأبهري الفقيه، وعن أبي الفيض
أحمد ابن محمد المروزي، وتميم بن محمد القروي وغيرهم.
قال أبو عمر بن الحذاء: كان رجلا صالحا منقبضا، داره ببجانة قرب دار
ابن أبي الحصن، كان معاشه من ثياب كل يبتاعها ببجانة ويقصرها ويحملها
إلى قرطبة فتباع له ويبتاع في ثمنها ما يصلح لبجانة، ويجلب كتبه فتقرأ
عليه في خلال ذلك. وكان يرد قرطبة كل عام إلى أن وقعت الفتنة، فإذا
سكنت الحال سكن داره ببجانة وإن خاف صار بالمرية فكان على ذلك متنقلا
إلى أن مات رحمه الله سنة إحدى عشرة وأربع مئة.
وقال قاسم بن إبراهيم الخزرجي: توفي رحمه الله في ربيع الأول من سنة
إحدى عشرة وأربع مئة بالمرية. قال ابن شنظير: ومولده سنة ثمان وثلاثين
وثلاث مائة.
وذكره الخولاني وقال فيه: رجلٌ صالحٌ صاحب سنة. وحدث عنه أيضا أبو عمر
ابن عبد البر، وأبو عبد الله بن عابد وأبو القاسم حاتم بن محمد،
والقاضي أبو عمر بن سميق، وأبو حفص الزهراوي وغيرهم.
(1/305)
أخبرنا أبو محمد بن عتاب رحمه الله قال:
أنا أبو القاسم حاتم بن محمد ونقلته من خطه قال: أملي علينا أبو القاسم
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني رضي الله عنه قال: لما وصلت
إلى مدينة مرو من مدائن خراسان سمعت الجامع الصحيح على محمد بن عمر بن
شبوية المروزي فسمعنا عن شيخ بها يروي الحديث فأتيناه لنروي عنه أيضا.
وكان اسمه علي بن محمد الترابي يعرف به، فوجدنا معه كتابا غير بين
فوجدناه يقرأ في المصحف وعند أصحاب الحديث أن من لا يستظهر القرآن عن
ظهر قلب فهو ناقص. وكان الرجل إماما في الحديث. فقلنا له: مثلك يقرأ في
المصحف؟ فقال: ليس في أصحاب الحديث أحفظ مني للقرآن، وذلك أني أصلي به
الأشفاع في كل عام وأنا إمام قومي، فلما كبر سني ضعف بصري فتركت
القراءة في المصحف، وكان ابن أخي يقودني إلى المسجد أصلي بالناس
الفريضة، فنمت ذات ليلة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي يا
علي: لم تركت القراءة في المصحف، فقلت يا رسول الله: ذهب بصري. فقال لي
ارجع إلى القراءة في المصحف يرد الله عليك بصرك. فقمت فتوضأت وصليت
وكانت ليلة طويلة من ليالي الشتاء فغلبتني عيني، فرأيت النبي صلى الله
عليه وسلم فقال لي يا علي:؛ أقرأ في المصحف يرد الله عليك بصرك ففكرت
في قول النبي صلى الله عليه وسلم: " من رآني في النوم فقد رآني فإن
الشيطان لا يتمثل بي " فلما أصبحت غدوت إلى المسجد وابن أخي يقودني ولا
أرى شيئا فصليت بقومي الفريضة ثم انصرفت إلى منزلي فقلت لهم: أعطوني
المصحف. فقا لي أهلي: وما تريد من المصحف؟ قلت لهم: انظر فيه: فأخذت
المصحف وفتحته وأخذت في القراءة ظاهرا وأنا أفتح المصحف ورقة ورقة فما
طلع النهار إلا وأنا أقرأ في المصحف وأرى حروفه أجمع، ثم تماديت في
القراءة إلى الظهر، فلم يأت الظهر إلا وأنا أرى كما كنت أرى وأنا أحدث
فهذا شأني.
(1/306)
عبد الرحمن بن سلمة الكناني: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا المطرف.
روى عن أحمد بن خليل القاضي وغيره. حدث عنه القاضي أبو عمر بن سميق،
وأبو محمد بن حزم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن سلمة، قال: حدثنا أحمد بن
خليل، قال: نا خالد بن سعد، قال: وحدثني عثمان بن عبد الرحمن بن أبي
زيد وكان صدوقا قال: نا إبراهيم ابن نصر، قال: سمعت محمد بن عبد الله
بن عبد الحكم يقول: أثبت الناس في مالكٍ ابن وهب. قال خالد: قلت لأحمد
بن خالد: من أثبت الناس عندك في مالك.؟ قال: ابن وهب. قال خالد: نا
أحمد بن خالد، قال: نا يحيى بن عمر، قال: نا الحارث بن مسكين، قال: نا
ابن وهب قال: قال مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام
المسلمين يسئل عن الشيء فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء.
قال الحميدي: أخبرناه أبو محمد بن حزم، عن عبد الرحمن بن سلمة فذكره.
عبد الرحمن بن محمد، يعرف: بابن الزفات: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
المطرف.
روى عن جماعة من علماء أهل قرطبة، ورحل إلى المشرق وأخذ عن أبي محمد بن
أبي زيد وغيره. وقد حدث وأخذ الناس عنه.
عبد الرحمن بن يوسف بن نصر الرفا: من أهل قرطبة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي محمد عبد الله بن إسماعيل بن حرب، وخلف بن القاسم الحافظ،
وأبي إسحاق بن حارث، وأبي عمر بن عبد البصير، وأبي الوليد بن الفرضي
وغيرهم.
(1/307)
وكتب إليه من أهل المشرق أبو يعقوب بن
الدخيل، وأبو القاسم السقطي وغيرهما. وعني بالحديث ونقله، وروايته
وضبطه، وكتب بخطه علما كثيرا ورواه. وكان حسن الخط، جيد الضبط، ثقة
فيما رواه وقيده.
حدث عنه القاضي أبو عمر بن سميق، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو حفص
الزهراوي وغيرهم وقرأت بخطه: نا خلف بن القاسم، قال: نا أبو بكر بن
الحداد، قال: نا أبو عبد الرحمن السجزي، قال: نا عبيد الله القواريري،
قال: مات جارٌ لنا وكان وراقا فرأيته في المنام فقلت: ما فعل الله بك؟
قال: غفر لي. قلت: بماذا؟ قال: كنت إذا كتبت النبي كتبت صلى الله عليه
وسلم.
آخر الجزء الخامس والحمد لله حق حمده. وصلى على محمد وآله
(1/308)
الجزء السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم محمد وعلى آله.
عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن الأنصاري، المعروف: بالقنازعي من
أهل قرطبة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي عيسى الليثي، وأبي محمد بن عثمان، وأبي عبد الله بن الخراز،
وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي بكر بن السليم
القاضي، وأحمد بن خالد التاجر، وأبي محمد الباجي، وأبي بكر بن القوطية،
وأبي المغيرة خطاب بن مسلمة والزبيدي وغيرهم. وقرأ القرآن وجوده علي
أبي الحسن علي بن محمد الأنطاكي المقرىء، وأبي عبد الله بن النعمان،
وأبي القاسم أصبغ بن تمام الخراز.
ورحل إلى المشرق سنة سبع وستين وثلاث مائة فسمع بالقيروان: علي أبي بكر
هبة الله بن محمد بن أبي عقبة التميمي المدونة وأجاز له: ولقي بمصر:
أبا محمد الحسن ابن رشيق العدل فأكثر عنه وأجاز له وذكر عنه أنه روى عن
سبع مائة محدث. ولقي بها أيضا أبا الحسن بن شعبان، وأبا علي المطرز،
وأبا القاسم عمر بن المؤمل الطرسوس، وأبا الطيب أحمد بن سليمان
الحريري، وأبا بكر بن إسماعيل البنا، وأبا القاسم هاشم بن أبي خليفة،
وعبد الواحد بن أحمد بن قتيبة وغيرهم.
(1/309)
ورحل من مصر إلى مكة فحج ولقي بها: أبا
أحمد الحسن بن علي النيسابوري، وأبا يعقوب يوسف بن إبراهيم الجرجاني،
ثم انصرف إلى القيروان فسمع علي أبي محمد ابن أبي زيد جملة من تواليفه
وأجاز له سائرها. وأجاز له أبو بكر الأبهري ولم يلقه. وقدم قرطبة سنة
إحدى وسبعين وثلاث مائة بعلم كثير، وأقبل على الزهد والانقباض، وإقراء
القرآن وتعليمه، ونشر العلم وثبته. وكان عالما عاملا وفقيها حافظا
متيقظا دينا، ورعا، فاضلا، متصاونا، متقشفا، متقللا من الدنيا. راضيا
منها باليسير، قليل ذات اليد، يواسي على ذلك من انتابه من أهل الحاجة،
دؤبا على العلم، كثير الصلاة والصوم، متهجدا بالقرآن، عالما بتفسيره
وأحكامه وحلاله، وحرامه. بصيرا بالحديث، حافظا للرأي، عارفا بعقد
الشروط وعللها. وله فيها كتابٌ مختصرٌ حسن، وجمع أيضا في تفسير الموطأ
كتابا حسنا مفيدا ضمنه ما نقله يحيى بن يحيى في موطأه ويحيى بن بكير
أيضا في موطأه، واختصر تفسير ابن سلام في القرآن، وكان له بصر بالأعراب
واللغة، والآداب.
وكان حسن الأخلاق جميل اللقاء، مقبلاً على ما يعنيه ويقر به من خالقه
تعالى.
قال الحسن بن محمد: ولما ولي علي بن حمود الخلافة بقرطبة أشار عليه
قاضيه أبو المطرف بن بشر بتقديم القنازعي إلى الشورى وقدر أنه لا يجرء
على رد ابن حمود لهيبته حرصا منه على نفع المسلمين به، فعمل ابن حمود
برأيه وأنفذ إليه بذلك كتابا من عنده صرف به رسوله على عقبه وانتهره،
ولم يفكر في ابن حمود وسطوته وقال له: غر السلطان اعزه الله مني وأعطى
العشوة من عملي. أنا إلى وقتي هذا ما أقوم بمعرفة ما يجب علي فضلاً عن
أن أستفتي في غيري. وأنشد متمثلا:
وإن بقومٍ سودوك لفاقة ... إلى سيدٍ لو يظفرون بسيد
فأعرض عنه ابن حمود وأوجب عذره.
وقال أبو عبد الله بن عتاب: أبو المطرف القنازعي منسوبٌ إلى صنعته خير
(1/310)
فاضل، له رواية بالمشرق والأندلس، وقدمه
القاضي أبو المطرف بن بشر إلى الشورى فلم يلتفت إلى ذلك ولا اشتغل به.
واستحضره للمشاورة مع من كان يشاور حينئذ فأبى واعتذر وانصرف، وكان
يقرىء القرآن رحمه الله.
وقرأت بخط أبي عمر بن مهدي المقرىء قال: كان القنازعي رحمه الله من أهل
العلم بالحديث والفقه، متكلما على الموطأ، مجودا للقرآن. وكان يقرىء به
مع زهده ورفضه للدنيا، وشدة ورعه، توفي ليلة الخميس آخر الليل في رجب
لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه سنة ثلاث عشرة وأربع مئة. ودفن عشية يوم
الخميس بمقبرة ابن عباس على قرب من يحيى بن يحيى، وصلى عليه القاضي عبد
الرحمن بن بشر وكان لجنازته حفل عظيم نفعه الله بذلك. قال غيره ومولده
سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الحضرمي الأديب المعروف:
بابن شبراق: من أهل إشبيلية، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبي محمد الباجي وغيره، وذكره الخولاني وقال: كان نبيلا، شاعرا
مفلقا، وصحبته وأنشدني كثيراً من أشعاره، وأجاز لي جميع ما رواه،
والكتاب الذي ألفه في الأخبار والغرائب.
وذكره الحميدي وقال: يكنى: أبا المطرف. وكان أبو محمد - يعني ابن حزم -
يقول: ابن شبلاق باللام. ومنهم من يقول: شبراق بالراء، أديب شاعر
مشهورٌ كثير الشعر قديم. كان في
أيام محمد بن أبي عامر وله مع أبي عمر يوسف بن هارون الرمادي مخاطبات
بالشعر. عمر طويلا وعاش إلى دولة بني حمود.
حدثني أبو محمد بن حزم، قال: حدثني قاسم بن محمد، قال: حدثني ابن شبلاق
(1/311)
قال: رأيت في النوم كأني في مقبرة ذات
أزاهير ونواوير وفيها قبرٌ وحواليه الريحان الكثير وقوم يشربون. فكنت
أقول لهم: والله ما زجرتكم الموعظة، ولا وقرتم المقبرة. قال: فكانوا
يقولون: وما عرفت قبر من هو؟ فكنت أقول لهم: لا. قال: فقالوا لي: هذا
قبر أبي علي الحكمي الحسن بن هانئ. قال: فكنت أولى فيقولون: والله لا
تبرح أو ترثيه فكنت أقول:
جادك يا قبر نشاص الغمام ... وعاد بالعفو عليك السلام
ففيك أضحى الظرف مستودعا ... واستترت عنا عيون الكلام
وقرأت بخط ابن عتاب أنه توفي سنة ثلاث عشرة وأربع مئة.
عبد الرحمن بن منخل المعافري: يكنى: أبا بكر. سكن طليطلة.
له رحلة إلى المشرق سمع فيها: من أبي الطيب بن غلبون المقرىء وغيره في
سنة سبعٍ وستين وثلاث مائة. حدث عنه حاتم بن محمد لقيه بطليطلة وسمع
منه بها سنة ثمان عشرة وأربع مئة.
عبد الرحمن بن عبد الواحد بن داود الجذامي: من أهل إشبيلية، يكنى: أبا
المطرف.
(1/312)
روى عن أبي محمد الباجي وغيره. وكان شيخا
صالحا من أهل الفهم متفقها ذا رواية واسعة، وتوفي في شوال سنة ثمان
عشرة وأربع مئة. ذكره ابن خزرج وروى عنه.
عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بشر بن غوية قاضي الجماعة
بقرطبة، يكنى: أبا المطرف. ويعرف بابن الحصار.
روى عن أبيه وصحب أبا عمر الإشبيلي وتفقه عنده، وأخذ أيضا عن أبي محمد
الأصيلي وغيره.
وقرأت بخط أبي القاسم عبد العزيز بن محمد بن عتاب قال: كان أبي يحله من
الفقه بمحمل كبير، ومن علم الشروط والوثائق بمنزلة عالية، ومرتبة
سامية، ويصفه بالعلم البارع، والفضل والدين واليقظة والذكاء والتفنن في
العلوم، ويرفع به ترفيعاً عظيماً، ويذهب بن كل مذهب ويقول: إنه آخر
القضاة والجلة من العلماء. ولاه علي بن حمود القضاء في صدر سنة سبع
وأربع مئة، فسار بأحسن سيرة، وأقوم طريقة فلم يزل قاضيا مدة إمرة علي
بن حمود إلى أن توفي، وولي الخلافة بعده أخوه القاسم بن حمود فأقره على
القضاء وجمع له معه الصلاة والخطبة فلم يزل ذلك إلى آخر سنة تسع عشرة
وأربع مئة عزله المعتمد بسعايات ومطالبات.
روى عنه أبو عبد الله بن عتاب، وقال: كان لا يفتح على نفسه باب رواية،
ولا مدارسة لا قبل القضاء ولا بعده. صحبته عشرين عاماً وذهب في أول
ولايته لي التكلم على الموطإ قرآته في أربعة نفر أنا أحدهم.
فلما عرف ذلك أتاه جماعة يرغبون حضور المجلس فلم يجب أحد ذلك. وقال:
كان يجتمع عنده مع شيوخ الفتوى في ذلك فيشاور في المسألة فيختلفون فيها
ويخالفون مذهبه فلا يزال بحاجهم ويستظهر عليهم بالروايات والكتب حتى
ينصرفوا ويقولوا بقوله.
(1/313)
سمعت شيخنا أبا محمد بن عتاب رحمه الله
يقول: سمعت أبي رحمه يحكي مرارا قال: كنت أرى القاضي ابن بشر في المنام
بعد موته في هيئته التي كنت أعهده فيها وهو مقبل من داره بالربض
الشرقية، فكنت أسلم عليه، وكنت أدري أنه ميت، وأسأله عن حاله وعما صار
إليه؟ فكان يقول لي: إلى خير. ويشير بيده بعد شدة. فكنت أقول له: وما
يذكر من فضل العلم. فكان يقول لي: ليس هذا العلم، يشير إلى علم الرأي،
ويذهب إلى أن الذي انتفع به من ذلك ما كان عنده من علم كتاب الله جل
ثناؤه، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حيان: كانت مدة عمل ابن بشر في القضاء اثنتي عشرة سنة وعشرة
أشهر وأربعة أيام. وتوفي رحمه الله ودفن السبت للنصف من شعبان سنة
اثنتين وعشرين وأربع مئة، ودفن بمقبرة ابن عباس وشهده الخليفة هشام بن
محمد شانئه كالشامت بتقديمه إياه، يبدو السرور في وجهه، وقل متاعه
بالحياة بعده. وصلى عليه القاضي يونس بن عبد الله، وكان الجمع في
جنازته كثيرا، والحزن لفقده شديداً. وكانت علته من قرصة طلعت بين كتفيه
قضى نحبه منها، فلم يأت بعده مثله في الكمال لمعاني القضاء. وكان مولده
أول سنة أربع وستين وثلاث مائة بعد أبي الحزم جهور بشهر واحد.
عبد الرحمن بن محمد بن معمر اللغوي صاحب التاريخ في الدولة العامرية
إلى آخرها، يكنى: أبا الوليد.
كان واسع الأدب والمعرفة. وتوفي بالجزائر الشرقية في شوال سنة ثلاثٍ
وعشرين وأربع مئة. ذكره ابن حيان.
عبد الرحمن بن أحمد بن أشج: من أهل قرطبة، يكنى: أبا زيد،، روى عن أبي
عمر أحمد بن عبد الله المعروف. بابن العنان، وعن القاضي أبي عبد الله
(1/314)
ابن مفرج، وأبي جعفر بن عون الله وغيرهم.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن عتاب وذكر أنه كان صاحبه في السماع من
بعض الشيوخ.
قال ابن حيان: كان من أهل الاستقامة والعدالة والمسارعة في قضاء حاجات
إخوانه، وكان قليل العلم. وتوفي رحمه الله ودفن يوم الجمعة لثلاث بقين
من رجب من سنة تسع وعشرين وأربع مئة بمقبرة العباس يوم دفن القاضي يونس
بن عبد الله، وصلى عليه صديقه مكي المقرىء بعد أن صلى على القاضي يونس
رحمه الله.
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالص الأموي: من أهل طليطلة، يكنى أبا محمد.
له رحلةٌ إلى المشرق روى فيها عن أبي جعفر الداودي وغيره.
وكان: من أهل الخير والصلاح. حدث عنه أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن
وغيره.
عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الله بن موسى الغافقي: من أهل إشبيلية،
يكنى: أبا القاسم.
ذكره ابن خزرج وقال: كان في غاية التجويد للتلاوة، حافظا للقراءات، وحج
في حداثة سنه فلقي بالمشرق جماعة فقرأ عليهم ورى عنهم وقدم إشبيلية
فأقرأ ثم عاد إلى المشرق سنة إحدى وعشرين، ووقف سنة اثنتين وعشرين
وانصرف فوصل إلى إشبيلية سنة ثلاثٍ وعشرين وقرأ في تلك الرحلة على
جماعة من المقرئين كالقنطري وابن سفيان وغيرهما. وتوفي: سنة أربع
وثلاثين وأربع مئة.
عبد الرحمن بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد بن يزيد: من
أهل قرطبة، يكنى: أبا الحسن.
يروي عن أبيه مخلد بن عبد الرحمن سماعا، وعن جده عبد الرحمن إجازة،
وأخذ عن
(1/315)
أبي بكر بن زرب كتاب الخصال من تأليفه، وعن
أبي الهندي. وتولى القضاء بطليطلة مرتين. الأولى: بتقديم ابن أبي عامر،
والثانية: بتقديم الظافر إسماعيل ابن ذي النون، وكان دربا بالقضاء، حسن
الخط، كثير الحكايات. ثم صرف عن القضاء وانصرف إلى بلده قرطبة فقلده
أبو الوليد محمد جهور بعد مدة أحكام الشرطة والسوق بقرطبة فلم يزل
متقلدا لها، جميل السيرة فيها إلى أن طرق فجأة يوم الثلاثاء للنصف من
ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وأربع مئة. أسكت على وضوءه فثبت ميتا ودفن
عشي يوم الأربعاء بعده بمقبرة العباس، وشهده جمع من الناس. ومولده سنة
ثمان وخمسين وثلاث مائة. ذكر تاريخ وفاته وبعض خبره ابن حيان. وحدث عنه
الطبني وغيره.
عبد الرحمن بن محمد بن عباس بن جوشق بن إبراهيم بن شعيب بن خالد
الأنصاري: يعرف: بابن الحصار. من أهل طليطلة وصاحب الصلاة والخطبة
بالمسجد الجامع بها، يكنى: أبا محمد.
روى ببلده عن أبي الفرج عبدوس بن محمد، وأبي عبد الله محمد بن عمرو ابن
عيشون، وتمام بن عبد الله، وأبي محمد بن أمية القاضي، وشكور بن حبيب
وغيرهم كثير من رجال طليطلة ومن القادمين عليها من غير أهلها ومن أهل
ثغورها، وسمع بقرطبة: من أبي جعفر بن عون الله وأحمد بن خالد التاجر،
وأبي عبد الله ابن مفرج ومحمد بن خليفة، وخلف بن قاسم، وأحمد بن فتح
الرسان وغيرهم.
ورحل إلى المشرق وحج وهو حديث السن، وروى هنالك يسيرا، واستجاز له
الصاحبان جماعة ممن لقياه بالمشرق في رحلتهما. وعني بالرواية والجمع
لها، والإكثار منها، فكان واحد عصره فيها، وكانت الرحلة في وقته إليه،
وكانت الرواية أغلب عليه من الدراية. وكان ثقة فيهما صدوقاً فيما رواه
فيهما. وكان حسن الخط، جيد
(1/316)
الضبط، وكانت أكثر كتبه بخطه. وكان صبورا
على النسخ. ذكر عنه أنه نسخ مختصر ابن عبيد وعارضه في يوم واحد، وأنه
كتب بمدة واحدة خمسة عشر سطرا. ذكر ذلك ابن مطاهر وقال: أخبرني من أثق
به أنه رآه في مرضه الذي توفي فيه فسأله عن حاله فتمثل:
لو كان موتٌ يشتري ... لكنت له شاريا
وقرأت بخط ابن أبيض قال: مولده في النصف من رمضان ليلة الثلاثاء سنة
إحدى وخمسين وثلاث مائة.
حدث عنه من الكبار حاتم بن محمد، وأبو الوليد الوقشي، وجماهر بن عبد
الرحمن وأبو عمر بن سميق، وأبو الحسن بن الإلبيري المقرىء ووصفه بالدين
والخير، والفضل والحلم والوقار وحسن النقل. وذكر أنه ضعف في آخر عمره
عن الإمامة فتركها ولزم داره إلى أن توفي رحمه الله سنة ثمانٍ وثلاثين
وأربع مئة.
قرأت ذلك بخط أبي الحسن المذكور. وأفادنيه بعض جلة أصحابنا ولم يذكر
هذه الوفاة ابن مطاهر في تاريخه، وقد كانت من شرطه ولا سيما أنه لحق
هذا الشيخ بسنه.
عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد، يعرف: بابن الشرفي. من أهل قرطبة وهو
ولد الحاكم أبي إسحاق بن الشرفي.
روى عن أبيه وتولى القضاء بعدة كور بعهد العامرية، ثم تولى في الفتنة
الحكم بميروقة وغيرها. ثم انصرف إلى قرطبة وتوفي بها خاملا في صدر
شعبان سنة ثمان وثلاثين وأربع مئة. وقد أنافت سنه على السبعين رحمه
الله.
عبد الرحمن بن سعيد بن جرج - سكن قرطبة وأصله من إلبيرة - يكنى: أبا
المطرف.
(1/317)
روى ببلده عن أبي عبد الله بن أبي زمنين
وغيره. ورحل إلى المشرق وحج سنة تسعٍ وتسعين وثلاث مائة. وأخذ
بالقيروان عن أبي الحسن علي بن أبي بكر القابسي، وأبي جعفر أحمد بن نصر
الداودي وغيرهما. وولي الشورى بقرطبة وروى عنه جماعة من علمائها منهم
أبو عمر بن مهدي المقرىء. وقرأت بخطه قال: كان أبو المطرف هذا من أهل
الخير والحج والعقل الجيد حافظا للمسائل له حظٌ من علم النحو. وكان
كثير الصلاة والذكر لله تعالى، عاملا بعلمه، حسن الخلق وكان يحفظ
الملخص للقابسي ظاهرا.
قال ابن حيان: هلك بقرطبة آخر ربيع الأول من سنة تسع وثلاثين وأربع مئة
ودفن بمقبرة الربض. وشهده جمع الناس، وصلى عليه بباب الجامع لانقطاع
القنطرة وعبر بنعشه في قارب رحمه الله. قال: ومولده سنة ثمانٍ وستين
وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن إبراهيم بن محمد بن عون الله بن حدير: من أهل قرطبة.
رحل إلى المشرق سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة ولقي أبا الطيب بن غلبون
المقرىء وقرأ عليه بمصر، ولقي بمكة: الدينوري. وبالقيروان: أبا محمد بن
أبي زيد. ثم انصرف إلى الأندلس فكان أحد العدول. وكان فاضلا ناسكا،
ورعا، زاهدا، صدوقا من بيت علم وشرف. وقد جربت له دعوات مسحابات. وكان
إماما بمسجد عبد الله البلنسي، وتوفي يوم السبت لعشر بقين لجمادى الأول
سنة إحدى وأربعين وأربع مئة. ودفن بمقبرة أم سلمة عن سن عالية ثلاث
وثمانين سنة وثمانية أشهر وخمسة أيام. ذكره ابن حيان.
(1/318)
عبد الرحمن بن محمد بن أسد: من أهل طليلطة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي إسحاق بن شنظير وصاحبه أبي جعفر، وله رحلة إلى المشرق كتب
فيها عن جماعة من العلماء. وكان: من أهل العلم والدين والفضل، وعني
بسماع العلم والطلب. وكان: من أهل التفنن في العلوم، فاضلا جوادا
متواضعا وتوفي في شعبان من سنة اثنتين وأربعين وأربع مئة. ذكره ابن
مطاهر.
عبد الرحمن بن أحمد بن العاصي، يعرف: بابن المطورة: من أهل قرطبة. كان
في عداد المشاورين بها. وكان قد سمع من أبي عبد الله بن العطار كتابه
في الشروط وأخذه الناس عنه. وكان تفقه عند أبي محمد بن دحون الفقيه
واختصبه وتوفي ودفن يوم الخميس لستٍ بقين من رجب سنة أربع وأربعين
وأربع مئة. ذكر وفاته ابن حيان.
عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد الخزرجي المقرىء: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
القاسم.
رحل إلى المشرق في جمادى الأول سنة ثمانين وثلاث مائة وحج أربع حجج.
قال أبو علي الغساني سمعته غير مرة يقول: من شيوخي في القرآن: أبو أحمد
عبد الله ابن الحسن بن حسنون السمري تلميذ أبي بكر بن مجاهد، وأبو
الطيب بن غلبون، وأبو بكر محمد بن علي الأذفوي، ومن شيوخه في الحديث:
أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، والحسن بن إسماعيل الضراب
وغيرهم. ومن أهل الأدب: أبو مسلم الكاتب وهو آخر من حدث عن أبي بكر بن
الأنباري، وأبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي، وأبو أسامة اللغوي.
قال أبو القاسم: لقيت هؤلاء كلهم بمصر، ولقيت غيرهم بمكة، وبيت المقدس،
والرقة البيضاء من أعمال العراقيين، ونصيبين.
ولقي بالقيروان أبا محمد بن أبي زيد، وأبا الحسن القابسي، والصقلي،
ومحرزا
(1/319)
العابد وجماعة سواهم. وقرأ الأندلس علي أبي
الحسن علي بن محمد بن بشر الأنطاكي وتجول بالمشرق نحوا من عشرين عاما.
واقرأ القرآن بجامع عمرو بن العاصي.
وقدم الأندلس في سنة أربع مئة فاقرأ الناس القرآن بقرطبة في مسجده
زمأنا، ثم نقله القاضي يونس بن عبد الله بن مغيث إلى الجامع بقرطبة
فواظب فيه على الإقراء، وأم في الفريضة إلى أن توفي رحمه الله في شهر
المحرم لسبع أو لستٍ بقين منه صخوة يوم الخميس ودفن عشي يوم الجمعة
بمقبرة بني العباس من سنة ستٍ وأربعين وأربع مئة. وكان موته فجأة من
غير علةٍ دارت عليه رحمه الله ونضر وجهه.
وقال أبو عمر بن مهدي: كان أبو القاسم رحمه الله من أهل العلم
بالقراءات، حافظا للخلف بين القراء، مجودا للقرآن، بصيرا بالعربية مع
الحج والخير والأحوال المستحسنة. وكان يؤم بمسجد فائق بالربض الشرقي،
ويقرىء فيه، ثم في مسجد أبي علاقة بقرب باب الحديد، ثم أجلس للإقراء
بجامع قرطبة. وكان مدة مقامه هناك يعني بالمشرق أحد وعشرون عاما طلب
فيها العلم وجود القرآن نفعه الله بذلك.
عبد الرحمن بن مسلمة بن عبد الملك بن الوليد القرشي المالقي: سكن
إشبيلية، يكنى: أبا المطرف.
كان مقدما في الفهم، بصيرا بعلوم كثيرة من علوم القرآن، والأصول،
والحديث والفقه، وفنون العربية، والحساب، والطب، والعبارة. قد أخذ من
كل علمٍ بحظٍ وافر مع حفظه للأخبار والأشعار. روضة لجليسه. وكان قديم
الطلب لذلك كله ببلده. وبقرطبة وبغيرهما. فمن شيوخه بقرطبة الأصيلي،
وأبي عمر الإشبيلي، وابن الهندي، وعباس بن أصبغ وأبو نصر، وخلف بن قاسم
وغيرهم.
(1/320)
ذكره ابن خزرج وقال: توفي في شوال سنة ستٍ
وأربعين وأربع مئة. ومولده فيما أخبره سنة تسع وستين وثلاث مائة.
عبد الرحمن بن أحمد بن خلف: من أهل طليطلة، يعرف: بابن الحوات، ويكنى:
أبا أحمد.
له رحلةٌ إلى المشرق حج فيها ولقي أبا بكر المطوعي وغيره. ذكره الحميدي
وقال: كان إماما مختارا يتكلم في الفقه والاعتقادات بالحجة القوية، قوي
النظر، ذكي الذهن، سريع الجواب، مليح اللسان، وله تواليفٌ فيما تحقق
به. وله مع ذلك في الأدب والشعر بضاعةٌ قوية. لقيته بالمرية وأنشدني
كثيرا من شعره ومنه:
ولما غدو بالغيد فوق جمالهم ... طفقت أنادي لا أطيق بهم همساً
عسى عيسى من أهوى تجود بوقفةٍ ... ولو كوقوف العين لاحظت الشمسا
فإن تلفت نفسي بعد وداعهم ... فغير غريبٍ ميتةٌ في الهوى يأسا
قال: ومات بعد خروجي من الأندلس قريبا من سنة خمس وأربع مئة فيما
بلغني. قال غيره: توفي بالمرية في المحرم سنة ثمانٍ وأربعين وأربع مئة.
وقد أوفى على الخمسين.
عبد الرحمن بن أحمد بن زكرياء، يعرف: بابن زاها. من أهل طليطلة، يكنى:
أبا محمد.
سمع: من عبدوس بن محمد، ومن الخشني محمد بن إبراهيم. وكان نبيلا فصيحا
أنيس المجلس، كثير المثل والحكايات. وكان آخر عمره قد لزم داره. وكان
يسمع عليه فيها. وكان يقرأ في كل يوم في المصحف قبل السماع عليه. وتوفي
في صفر سنة تسعٍ وأربعين وأربع مئة. ذكره. ط.
(1/321)
عبد الرحمن بن إسماعيل بن عامر بن جوشق: من
أهل طيلطلة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن عبدوس بن محمد، ومحمد بن إبراهيم الخشني، وفتح بن إبراهيم
وغيرهم كثيرا. وسمع بقرطبة: من خلف بن القاسم، وأبي زيد العطار، وأبي
المطرف القنازعي، وأبي علي الحداد، وابن الرسان، وابن الصفار، وابن
نبات وغيرهم كثيرا، وكان معتنيا بالآثار وجمعها ورواياتها ونقلها
وسماعها من الشيوخ. وكان: من أهل الإكثار في ذلك والاحتفال. وكتب بخطه
علما كثيرا. وكان ثقة فاضلا وذكر عنه أنه كان يختلف إلى عبدوس بن محمد
بثياب الخز. فقال له: إن كنت تحب أن تختلف إلي بثياب الكتان وإلا فلا
تأتيني فامتثل قوله. حدث عنه الطبني والزهراوي وتوفي رحمه الله بعد سنة
خمسين وأربع مئة.
عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مالك الغساني: من أهل بجانة، يكنى: أبا
القاسم.
روى عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد وغيره. وكان فصيحا
لغوياً متفننا بالعلم. توفي: سنة أربع وخمسين وأربع مئة. ذكره ابن
مدير.
عبد الرحمن بن خلف بن حكم، يعرف: بابن البنا، ويعرف: بالطنلية: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا المطرف.
قال أبو علي الغساني: قرأت عليه القرآت ختمات كثيرة. وكان قد صحب أبا
المطرف القنازعي، ومكي المقرىء وجماعة من الفقهاء والمقرئين. توفي
لثلاث عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول سنة أربع وخمسين وأربع مئة. ودفن
بالربض.
عبد الرحمن بن أحمد بن يزيد بن هاني: من أهل غرناطة، يكنى: أبا المطرف.
(1/322)
روى عن أبي عبد الله محمد بن أبي زمنين
وغيره. حدث وأخذ الناس عنه. وكان من جلة الفقهاء في وقته مشاورا
بحضرته.
عبد الرحمن بن سوار بن أحمد بن سوار. قاضي الجماعة بقرطبة، يكنى: أبا
المطرف: روى عن أبي القاسم بن دينال، وأبي القاسم حاتم بن محمد
وغيرهما. واستقضاه المعتمد على الله بقرطبة بعد ابن منظور يوم الجمعة
لأربع عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة من سنة أربع وستين وأربع مئة.
فتولى القضاء بنفس عزيزة، وأخلاق واسعة كريمة. وكان: من أهل الذكاء
واليقظة والنباهة، والمعرفة، والصلابة في الأحكام مع الدين والفضل
والتواضع. ولم يأخذ على عمله في القضاء أجرا، واستمر على سيرته
المحمودة إلى أن توفي يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت لذي القعدة من
سنة أربع وستين عام ولايته فدفن ضحى يوم الأربعاء بمقبرة العباس وشهده
جميع الناس وأثنوا عليه خيرا، وكانت مدة عمله في القضاء أربعة أشهر
تنقص يومين. قال لي ابن مكي: ومولده سنة اثنتي عشرة وأربع مئة.
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى، يعرف: بابن البيروله. من أهل طليطلة،
يكنى: أبا المطرف.
سمع: من محمد بن إبراهيم الخشني، وأبي بكر خلف بن أحمد، وأبي بكر بن
زهر، وأبي محمد بن ذنين، وأبي الحسن بن بقي، والتبريزي، وأبي عمر بن
سميق وغيرهم كثيرا. وكان: من أهل النباهة والفصاحة، كثير الحكايات،
وكان آخر عمره قد جلس للناس وسمع منه. وكان واعظا متواضعا، حسن الخلق،
صحيح المذهب سالم الصدر. وتوفي في أول شهر ربيع الأول سنة خمس وستين
وأربع مئة. وصلى عليه يحيى بن سعيد بن الحديدي. ذكره ابن مطاهر.
(1/323)
عبد الرحمن بن غالب بن تمام بن عطية
المحاربي: من أهل غرناطة، يكنى: أبا زيد.
روى عن أبيه غالب بن تمام وغيره. حدث عنه ابنه أبو بكر غالب بن عبد
الرحمن شيخنا رحمه الله.
عبد الرحمن بن موسى بن محمد بن عقبة الكلبي: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا
زيد.
كان فقيها عالما، زاهدا ورعا، لم يمسح على الخفين قط. وكان يفتي
بالمسح، وأراد المقتدر بالله أن يوليه الأحكام بسرقسطة فأبى عليه وحلف
ألا يقبلها فأعفاه منها. وتوفي في المحرم سنة ثمانٍ وستين وأربع مئة.
عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن فورتش: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا المطرف.
كان فقيها أديبا، دينا عاقلا من أخط الناس. وكان فصيح اللسان، عارفا
بعقد الشروط، وكتب لابن عمه القاضي محمد بن إسماعيل. وتوفي رحمه الله
سنة ثمان وستين وأربع مئة.
عبد الرحمن بن لب بن أبي عيسى بن مطرف بن ذي النون: من أهل طليطلة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي عمر الطلمنكي. حدث عنه أبو الحسن بن الإلبيري المقرىء.
عبد الرحمن بن محمد بن طاهر: من أهل مرسية، يكنى: أبا زيد.
روى ببلده عن أبي الوليد بن ميقل، وبقرطبة: عن أبي القاسم بن الإفليلي،
وأبي عبد الله بن عتاب، وأبي عمر بن القطان، وأبي القاسم حاتم بن محمد.
ورحل إلى المشرق وحج وأخذ عن أبي ذر الهروي، وكريمة المروزية وغيرهما.
وكان فقيها مشاورا
(1/324)
ببلده. وتوفي: سنة تسعٍ وستين وأربع مئة،
وهو ابن اثنيتين وستين سنة. ذكر تاريخ وفاته ابن مدير.
عبد الرحمن بن أبي الطبيب: من أهل المرية، يكنى: أبا القاسم.
صحب أبا بكر بن صاحب الأحباس وعليه عول. وكان مكثرا من الآداب، وقعد
للأخد عنه وتوفي في سنة سبعين وأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عباس بن شعيب المقرىء: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى القراءات عن أبي محمد مكي بن أبي طالب وعليه اعتمد. وسمع: من أبي
القاسم حاتم بن محمد، وأبي عبد الله بن عتاب وغيرهم. وكان: من جلة
المقرئين وخيارهم، عارفا بالقراءات، ضابطا لها، مجودا لحروفها مع الخير
والعفاف والدين والفضل. أخبرنا عنه جماعة من شيوخنا وتوفي رحمه الله في
ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. ومولده سنة إحدى أو اثنتين
وتسعين وثلاث مائة. الشك من ابن شعيب. قال لي ذلك: أبو جعفر الفقيه.
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن جحاف المعافري: من أهل بلنسية
وقاضيها، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي القاسم خلف بن هاني الطرطوشي وغيره. وسمع منه أبو بحر
الأسدي شيخنا.
وحدث عنه ببغداد أبو الفتح وأبو الليث السمرقندي، وتوفي في سنة اثنتين
وسبعين وأربع مئة. وقد نيف على الثمانين. ومولده سنة أربع وثمانين
وثلاث مائة. قرأت مولده ووفاته بخط النميري.
عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن عبد الرحمن: يعرف: بابن الحشا، قاضي
طليطلة، وأصله من قرطبة: يكنى: أبا زيد.
(1/325)
روى بالمشرق عن أبي ذر الهروي بمكة، وأبي
الحسن محمد بن علي بن صخر، وأحمد بن علي الكسائي، وعبد الحق بن هارون
الصقلي، وعبد الله بن يونس التونسي. وروى بمصر، عن أبي القاسم عبد
الملك بن الحسن القمي، وأبي الحسن علي بن إبراهيم الحوفي، وأبي الفضل
مسلم بن علي، وبالقيروان: عن أبي عمران الفاسي الفقيه، ومحمد بن عباس
الخواص، ومحمد بن منصور جيكان وغيرهم.
وسمع بقرطبة: من القاضي يونس بن عبد الله، وأبي المطرف القنازعي، وأبي
محمد بن دحون، وبدانية: من أبي عمر بن عبد البر، وأبي عمرو المقرىء،
وأبي الوليد بن فتحون، وأبي عمرو السفاسقي وغيرهم. وكان: من أهل العلم
والنباهة والفهم، ومن بيته علم وفضل. استقضاه المأمون بن يحيى بن ذي
النون بطليطلة بعد أبي الوليد بن صاعد في الخمسين والأربع مئة، وحمده
أهل طليطلة في أحكامه وحسن سيرته. ثم صرف عنها في سنة ستين وصار إلى
طرطوشة واستقضى بها. ثم صرف واستقضى بدانية إلى أن توفي بها سنة ثلاثٍ
وسبعين وأربع مئة ذكر تاريخ وفاته ابن مدير: وقرأت بخط أبي الحسن بن
الإلبيري المقرىء قال: سألت القاضي أبا زيد عن سنه؟ فقال: لا أعرفك
بسني، لأني سألت أبا عبد الله محمد بن منصور التستري عن سنه فقال: ليس
من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت شيخي عبد الله بن عبد الوهاب
الأصبهاني عن سنه فقال: ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت شيخي
أحمد بن إبراهيم بن الصحاب عن سنه. فقال: ليس من المروة أن أخبرك بسني،
فإني سألت المزني عن سنه فقال: ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت
الشافعي عن سنه. فقال ليس من المروة أن أخبرك بسني، فإني سألت مالك بن
أنس عن سنه. فقال لي: ليس من المروة أن أخبرك بسني. إذا أخبر الرجل عن
سنه، إن كان كبيرا استهرم، وإن كان صغيرا استحقر.
عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي الوليد: من أهل شاطبة، يكنى: أبا
المطرف.
(1/326)
روى عن أبي عبد الله بن الفخار، وأبي بكر
بن زهر. وسمع: من أبي عمر ابن عبد البر كثيرا، وكان معتنيا بالعلم.
وتوفي سنة خمس وسبعين وأربع مئة. ذكره ابن مدير. وقال ابن أبو عمران:
وتوفي سنة أربع وسبعين وأربع مئة.
عبد الرحمن قاسم بن ما شاء الله المرادي: من أهل طليلطة، يكنى: أبا
القاسم.
سمع: من أبي محمد بن عباس، وأبي عمرو السفاقسي وغيرهما. وكان حافظا
للمسائل والرأي، مجتهدا في الطلب.
وكان: من أهل الدماثة والطهارة، وقورا حسن السمت. وتوفي في رجب سنة ست
وسبعين وأربع مئة. ذكره ابن مطاهر.
عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن العاصي الفهمي: من أهل قرطبة. سكن
المرية، يكنى: أبا زيد.
كان: من أهل العناية بالآداب. ورحل إلى المغرب الأقصى فتوفي فيه سنة
سبع وسبعين وأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عبد الرحمن بن محمد بن سلمة الأنصاري: من أهل طليطلة، يكنى: أبا
المطرف.
روى عن أبي محمد بن عباس الخطيب، وأبي بكر بن مغيث، وحماد الزاهدي،
وأبي عمر الطلمنكي، وحماد التبريزي، والمنذري، وأبي بكر بن زهر وغيرهم.
وكان حافظا للمسائل دريا بالفتوى، وقورا وسيما، حسن الهيئة، قليل
التصنع، مواظبا على الصلاة في الجامع. وسمع الناس عليه ونوظر عليه في
الفقه. وكان ثقة فيما رواه. وكان الرأي الغالب عليه. ولم يكن عنده ضبط
ولا تقييد، ولا حسن خط وامتحن في آخر عمره مع أهل بلده وسار إلى بطليوس
فتوفي بها فجأة في عقب صفر من سنة ثمانٍ وسبعين وأربع مئة. ومولده سنة
إحدى وأربع مئة.
(1/327)
عبد الرحمن بن عبد الله بن أسد الجهني من
أهل طليلطة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي محمد العشاري، وابن يعيش، ومحمد بن مغيث وغيرهم. ورحل إلى
المشرق وحج وأخذ عن أبي ذر الهروي وغيره. وكان ثقة فيما رواه. مسندا
لما جمعه: وشوور في الأحكام، وكان متواضعا وعمر وأسن، وتوفي ببلده رحمه
الله في عشر الثمانين والأربع مئة.
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الصنهاجي: من أهل قرطبة، يعرف: بابن
اللبان.
روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب المقرىء، وأبي عمر بن مهدي، وأبي
المطرف ابن جرج، وأبي عبد الله محمد بن عتاب واختص به. وكان: من أهل
النباهة والمعرفة، واليقظة كامل الأدوات، حسن الخط. وقد كتب للقاضي أبي
بكر بن أدهم. وتوفي رحمه الله في نحو الثمانين وأربع مئة. وسمعت شيخنا
أبا محمد بن عتاب يرفع بذكره كثيرا.
عبد الرحمن بن سهل بن محمد بن: ثغري: يكنى: أبا محمد.
أخذ بمصر عن أبي الحسن علي بن بقا وغيره. وبمكة: عن كريمة المروزية
وغيرها في سنة خمسين وأربع مئة. حدث عنه أبو محمد الركلي بكتاب الغوامض
لعبد الغنى ابن سعيد.
عبد الرحمن بن زياد: من إقليلم جليانه.
رحل إلى المرية ولقي أبا عمر بن رشيق وغيره. وولي أحكام وادي آش وتوفي
سنة إحدى وثمانين وأربع مئة وله خمس وستون سنة. ذكره ابن مدير.
عبد الرحمن بن محمد بن يونس بن أفلح النحوي: من أهل رية، يكنى: أبا
الحسن، ويعرف: بالقلبق.
أخذ عن أبي عثمان الأصفر، وأبي تمام القطيني. وأخذ الناس عنه. وكان
عالما بالآداب وتوفي بإشبيلية في حدود سنة تسعين وأربع مئة.
(1/328)
عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عيسى بن رجاء
الحجري، يعرف: بالشمنتاني. وشمنتان من ناحية جيان. سكن المرية، يكنى
أبا بكر.
كان دينا فاضلا، ورعا عاقلا، متواضعا متحريا واستقضى بالمرية زمأنا،
فكان محمودا في قضائه، ثم زال عن الخطة وانقبض عن الناس.
أخبرنا غير واحد من شيوخنا. وتوفي رحمه الله لخمسٍ بقين من ذي الحجة
سنة ستٍ وثمانين وأربع مائة. ودفن بمقبرة الحوض بالمرية.
عبد الرحمن بن قاسم الشعبي: من أهل مالقة، يكنى: أبا المطرف.
روى عن أبي العباس أحمد بن أبي الربيع الإلبيري، وقاسم بن محمد
المأموني، وأبي الطاهر إسماعيل بن حمزة، والقاضي يونس بن عبد الله
إجازة وغيرهم. وكان فقيها ذاكرا للمسائل، وشوور ببلده في الأحكام. سمع
الناس منه وعمر وأسن، وشهر بالعلم والفضل. وتوفي في رجب لعشر خلون منه
سنة سبعٍ وتسعين وأربع مئة، ومولده سنة اثنتين وأربع مئة. وكان بينه
وبين أبي عبد الله محمد فرج الفقيه في الوفاة نحوا من ستة أيام عبد
الرحمن بن أحمد بن عبد الله التجيبي: يعرف: بابن المشاط. من أهل
طليلطة، يكنى: أبا الحسن.
روى عن جماعة من علماء بلده منهم: أحمد بن مغيث، وجماهر بن عبد الرحمن،
وأبو محمد الشارفي وغيرهم. وكان من أهل العلم، مقدما في الفهم، حافظا
ذكيا، لغويا أديبا شاعرا محسنا، متيقظا وجمع كتبا في غير ما فن من
العلم.
أخبرني عنه أبو الحسن بن مغيث وذكر لي أنه لقيه وأخذ عنه وقال: تردد في
الأحكم بناحية إشبيلية، ثم صرف عنها وقصد مالقة فسكنها إلى أن توفي بها
في نحو الخمسمائة. ثم قرأت بخط بعض الشيوخ: أنه توفي ليلة الجمعة لسبع
ليال خلت لشهر رمضان المعظم من سنة خمسمائة وشهده جمعٌ عظيم بمالقة
رحمه الله.
(1/329)
عبد الرحمن بن خلف بن مسعود الكناني، من
أهل قرطبة، يكنى: أبا الحسن. ويعرف: بابن الزيتوني.
روى عن حكم بن محمد، ومحمد بن عتاب، وأبي عمر بن القطان وغيرهم. وكان
معتنيا بالسماع والرواية عن الشيوخ والأخذ عنهم. وكان يعظ الناس في
مسجده ويذكرهم. وكان فاضلا دينا ثقة فيما رواه وعني به. وقد أخذ عنه
بعض أصحابنا، وتوفي رحمه الله سنة إحدى وخمسمائة. قال لي ذلك: أبو جعفر
أحمد ابن عبد الرحمن.
عبد الرحمن بن محمد العبسي، يعرف: بابن الطوج، يكنى: أبا محمد.
من أصحاب أبي عمر بن عبد البر المتحققين به. وكان رجلا صالحا وتوفي سنة
سبع وخمسمائة. وكان الحفل في جنازته عظيما قل ما رؤى مثله.
عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت الأموي الخطيب بالمسجد الجامع
بشاطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي عمر بن عبد البر كثيرا من روايته، وعن أبي العباس العذري.
وكان رجلا فاضلا، زاهدا ورعا منقبضا شهر بالخير والصلاح. سمع منه جماعة
من أصحابنا ورحلوا إليه واعتمدوا عليه، ووصفوه بما ذكرناه من حاله.
وذكروا أنه امتنع من الإجازة لهم. وقال لي بعضهم: توفي سنة تسع
وخمسمائة، ومولده سنة ست وأربعين وأربع مئة. وقال لي أبو الوليد صاحبنا
وأملاه علي: قال لي أبو محمد الخطيب هذا: زارنا أبو عمر ابن عبد البر
في منزلنا فأنشد وأنا صبي صغير فحفظته من لفظه:
ليس المزار على قدر الوداد ولو ... كان كفيين كنا لا نزال معا.
عبد الرحمن بن شاطر: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا زيد.
كان ذا فضل وأدبٍ وافرٍ وشعر ثم انخمل وانزوى ولزم الانقباض. ومن شعره
(1/330)
ما أنشدناه بعض أصحابنا قال: أنشدنا القاضي
أبو علي بن سكرة قال: أنشدنا أبو زيد لنفسه:
ولائمة لي إذ رأتني مشمرا ... أهرول في سبل الصبى خالع العذر
تقول تنبه ويك من رقدة الصبى ... فقد دب صبح الشيب في غسق الشعر
فقلت لها كفى عن العتب واعلمي ... بأن ألذ النوم إغفاة الفجر
عبد الرحمن بن عبد الله بن منتيل الأنصاري: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا
زيد. وهو صهر القاضي أبي علي بن سكرة، وقد أخذ عنه أبو علي تبركا به.
روى عن القاضي محمد بن إسماعيل بن فورتش وغيره. وكان رجلا صالحا، ورعا
دينا، منقبضا مقبلا على ما يعنيه ويقر به من ربه عز وجل. وكان ممن
يتبرك بلقائه والأخذ عنه. واختبرت إجابة دعوته وقد سمع الناس منه. وكان
خطيبا ببلده، أديبا شاعرا، وأنشدنا بعض أصحابنا قال: أنشدنا القاضي أبو
علي لأبي زيد هذا:
سأقطع عن نفسي علائق جمة ... واشغل بالتلقين نفسي وباليا
وأجعله أنسي وشغلي وهمتي ... وموضع سري والحبيب المناجيا
وكتب إلى صهره أبي علي رحمه الله:
كتبت لأيام تجد وتلعب ... ويصدقني دهري ونفسي تكذب
وفي كل يوم يفقد المرء بعضه ... ولا بد أن الكل منه سيذهب
وتوفي أبو زيد هذا في صدر سنة خمس عشرة وخمس مئة.
عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن
مخلد بن يزيد: من أهل قرطبة، يكنى: أبا الحسن.
روى عن أبيه، وعن القاضي سراج بن عبد الله، وأبي عبد الله محمد بن
عتاب، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وسمع بطليطلة من أبي جعفر بن مطاهر
تاريخه في فقهاء طليلطة، وأجاز له
(1/331)
أبو العباس العذري ما رواه، وتولى الأحكام
بقرطبة مدة طويلة. وكان دربا بها لتقدمه فيها، سالم الجهة فيها تولاه
منها منفذا لها، من بيته علم ودين وفضل سمعنا منه وأجاز لنا بخطه ولم
تكن عنده أصول وتوفي رحمه الله عشي يوم الخميس، ودفن عشي يوم الجمعة
منتصف ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة. ودفن بمقبرة ابن عباس وشهده
جمعٌ كثيرٌ وصلى عليه أخوه أبو القاسم وقال لي: مولدي في ذي القعدة سنة
اثنتين وثلاثين وأربع مئة. ثم وجدت مولده بخط أبيه رحمه الله قال: ليلة
الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة بقيت من ذي القعدة من العام المؤرخ.
عبد الرحمن بن محمد بن عتاب بن محسن: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
هو آخر الشيوخ الجلة الأكابر بالأندلس في علو الإسناد وسعة الرواية.
روى عن أبيه وأكثر عنه، وسمع منه معظم ما عنده. وهو كان الممسك لكتب
أبيه للقارئين عليه، فكثرت لذلك روايته عنه وسمع: من أبي القاسم حاتم
بن محمد الطرابلسي كثيرا من روايته وأجاز له سائرها، وأجاز له جماعة من
الشيوخ المتقدمين. منهم: أبو محمد مكي بن أبي طالب المقرىء. وأبو عبد
الله محمد بن عابد وأبو محمد عبد الله بن سعيد الشنتجيالي، وأبو عمرو
السفاقسي، وأبو حفص الزهراوي وأبو عمر بن عبد البر، وأبو عمر بن الحذاء
والقاضي أبو عبد الله بن شماخ النافقي، وأبو عمر بن مغيث، وأبو زكرياء
القليعي وغيرهم: وأجاز له أبو مروان بن حيان المؤرخ كتاب الفصوص لصاعد
عن مؤلفه صاعد. وقرأ القرآن بالسبع على أبي محمد بن عبد الرحمن بن محمد
بن شعيب المقرىء وجوده عليه، وكثر اختلافه إليه. وكان حافظا للقرآن
العظيم، كثير التلاوة له عارفا برواياته وطرقه، واقفا على كثير من
تفسيره وغريبه ومعاينه، مع حظٍ وافر من اللغة والعربية. وتفقه عند أبيه
وشوور في الأحكام بعد بقية عمره. وكان صدرا فيمن يستفتي لسنه وتقدمه.
(1/332)
وكان: من أهل الفضل، والحلم والتواضع، وكتب
بخطه علما كثيرا في غير ما نوع من العلم. وجمع كتابا حفيلا في الزهد
والرقائق سماه: شفاء الصدور وهو كتاب كبيرٌ إلى غير ذلك من أوضاعه سمع
الناس منه كثيرا، وكانت الرحلة في وقته إليه، ومدار أصحاب الحديث عليه
لثقته وجلالته وعلو إسناده وصحة كتبه. وكان صابرا على القعود للناس،
مواظبا على الاستماع، يجلس لهم يومه كله وبين العشائين. وطال عمره.
وسمع منه الآباء والأبناء، والكبار والصغار. وكثر أخذ الناس عنه
وانتفاعهم به.
أخبرني ثقة من الشيوخ قال: جلست يوما إلى أبي القاسم بن خير الرجل
الصالح بالمسجد الجامع بقرطبة، وهو كان إمام الفريضة به فقال لي: كنت
أرى البارحة أبا محمد بن عتاب في النوم وكأن وجهه مثل دارة القمر تضيء
للناس حسنا فكنت أقول بما صار له هذا! فكان يقال لي: بكثرة انتفاع
المسلمين به وصبره لهم. أو كلاما هذا معناه. اختلفت إليه فقرأت عليه،
وسمعت معظم ما عنده وأجاز لي بخطه سائر ما رواه غير مرة. وسألته عن
مولده فقال لي: ولدت سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة وصحبته إلى أن توفي
رحمه الله ظهر يوم السبت ودفن ظهر يوم الأحد الخامس من جمادى الأولى من
سنة عشرين وخمسمائة. ودفن بمقبرة الربض قبلي قرطبة عند الشريعة القديمة
واتبعه الناس ثناء حسنا وصلى عليه ابن أخيه أبو القاسم محمد بن عبد
العزيز بن محمد بن عتاب. وكان أبو القاسم هذا فاضلاً، ديناً، متصاونا.
ً سمع معنا على عمه كثيرا من روايته واختص به. وتوفي رحمه الله ودفن
صبيحة يوم الأحد الخامس من جمادى الآخرة من سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة،
ودفن مع سلفه وصلى عليه صهره القاضي أبو عبد الله بن أصبغ بوصيته بذلك
إليه واتبعه الناس ثناء جميلا، وكان أهلا لذلك رحمه الله.
عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف الأموي: من أهل طليطلة سكن قرطبة، يكنى
أبا الحسن: ويعرف بابن عفف. وهو جده لأمه.
(1/333)
سمع ببلده من أبي محمد القاسم بن محمد بن
هلال، وأبي بكر جماهر بن عبد الرحمن، وأبي محمد عبد نب موسى الشارفي
وغيرهم. وأجاز له أبو عبد الله محمد بن عتاب الفقيه جميع ما رواه. وكان
رحمه الله شيخا فاضلا، عفيفا شهر بالخير والصلاح قديما وحديثا. وكان
مختصا بالشهادة مشهور العدالة، وكان يعظ الناس في مسجده، وكانت العامة
تعظمه. وتولى الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة، سمع الناس منه وروينا عنه
وأجاز لنا ولم يكن بالضابط لما رواه. وكان كثير الوهم في الأسانيد عفى
الله عنه.
توفي رحمه الله غداة يوم الجمعة ودفن إثر صلاة العصر من يوم السبت
الثاني عشر من جمادى الآخرة من سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. ودفن بمقبرة
ابن عباس وصلى عليه القاضي أبو عبد الله بن الحاج، وسألته عن مولده
فقال لي: ولدت إما سنة سبع أو ثمان وثلاثين وأربع مئة. الشك منه رحمه
الله.
عبد الرحمن بن سعيد بن شماخ: من أهل طلبيرة، يكنى: أبا الحسن.
روى ببلده عن أبي الوليد مرزوق بن فتح، وأبي عبد الله المغامي وغيرهما.
وكانت عنده معرفة وذكاء ونباهة، وتوفي رحمه الله في شوال سنة عشرين
وخمسمائة.
عبد الرحمن بن سعيد بن هارون الفهمي المقرىء: من أهل سرقسطة، سكن
قرطبة، يكنى: أبا المطرف، ويعرف بابن الوراق.
روى عن أبي عبد الله المغامي المقرىء، وعن عميه أبي الربيع سليمان بن
حارثٍ، وأبي علي الحسن بن مبشر، وأبي داود المقرى وغيرهم. وسمع: من أبي
الوليد الباجي بعض روايته وتواليفه. وأجاز له أبو عمر بن عبد البر،
وعبد الحق بن هارون الصقلي، وأقرأ الناس بالمسجد الجامع بقرطبة وتولى
الصلاة فيه. وكان ثقة فيما رواه وعني به. أخذ الناس عنه وأجاز لنا ما
رواه بخطه.
وتوفي رحمه الله ليلة الأربعاء، ودفن يوم الأربعاء الخامس من صفر من
سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة. ودفن بباب القنطرة وكان مولده سنة اثنتين
وأربعين وأربع مئة.
عبد الرحمن بن أحمد، يعرف: بابن الجبان، من أهل قرطبة وصاحب الصلاة
بالمسجد الجامع بها، يكنى: أبا زيد.
روى عن أبي محمد عبد الله بن بشير المعافري وغيره، وكتب بخطه علما
ورواه. وكان: من أهل الخيرة والفضل، والتواضع والصلاح، والإقبال على ما
يعنيه ويقربه من خالقه عز وجل، منقبضا عن الناس، غير مختلطٍ بهم. وكان
خاتمة الفضلاء بقرطبة الذين يتبرك برؤيتهم ودعائهم. وتوفي رحمه الله
ليلة الخميس ودفن عشي يوم الخميس السادس من صفر من سنة
(1/334)
اثنتين وعشرين وخمسمائة. ودفن بالربض، وصلى
عليه محمد ابن جمهون بوصيته بذلك إليه، وكانت جنازته في غاية الحفل.
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن موسى الجهني، يعرف: بالبياسي. من
أهل قرطبة، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبي القاسم حاتم بن محمد، وأبي جعفر بن رزق، وأبي علي الغساني.
وأجاز له القاضي أبو عمر بن الحذاء ما رواه، وتردد في أحكام الكور، ثم
ولي خطة الأحكام بقرطبة، وكان محمودا فيها، مأمونا عليها، بصيرا بها
لتقدمه فيها، ذا دينٍ وفضل، كامل المروة، عالي الهمة، عطر الرائحة، حسن
الملبس، جامد اليد، مخزون اللسان، ولم يزل يتولى الأحكام بقرطبة إلى أن
توفي ليلة الاثنين ودفن عشي يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شهر رمضان
المعظم من سنة خمس وعشرين وخمسمائة. ودفن بالربض قبلي قرطبة، وصلى عليه
القاضي محمد بن أصبغ وبلغني أن مولده سنة اثنتين وخمسين وأربع مئة.
(1/335)
عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان
الأنصاري: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا الحكم.
كانت له رواية عن جماعة بالأندلس وأجاز له جماعة من علماء المشرق وقد
أخذ الناس عنه وأخذت عنه وأخذ عني كثيرا، وكان: من أهل المعرفة،
والذكاء، واليقظة وسكن قرطبة وتوفي بها يوم الجمعة بعد العصر السابع
عشر من رمضان المعظم من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. ودفن بمقبرة ابن
عباس.
عبد الرحمن بن أحمد بن خلف بن رضا المقرىء الخطيب بالمسجد الجامع
بقرطبة، وصاحب صلاة الفريضة به، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبي القاسم بن مدير القراءات. وسمع: من أبي عبد الله محمد بن
فرج الموطأ. ومن أبي علي الغساني، وأبي الحسن العبسي يسيرا، وصحب أبا
الوليد مالك ابن عبد الله العتبي الأديب واختص به. وكان واسع المعرفة،
كامل الأدوات، كثير الرواية. وشوور في الأحكام بقرطبة. وكان محمودا في
جميع ما تولاه، رفيع القدر، عالي الذكر. وتوفي في ضحوة يوم الثلاثاء،
ودفن صبيحة يوم الأربعاء لعشر خلون من جمادى الآخرة من سنة خمسٍ
وأربعين وخمسمائة. وكان مولده فيما أخبرني سنة سبعين وأربع مئة عام
وفاة أبيه رحمه الله. وكان تركه حملا. وروى أبوه عن محمد بن عتاب كثيرا
وعن غيره من العلماء.
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن قزمان: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
مروان.
سمع: من أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي الحسن
العبسي وغيرهم. وصحب القاضي أبا الوليد بن رشد وتفقه عند. وكان: من
كبار العلماء
(1/336)
وجله الفقهاء مقدما في الأدباء والنبهاء.
أخذ الناس عنه. وتوفي بأشونة يوم الاثنين مستهل ذي القعدة سنة أربع
وستين وخمسمائة. ودفن بها وهو آخر من حدث عمن تقدم ذكره من الشيوخ
رحمهم الله. وكان مولده سنة تسعٍ وسبعين وأربع مئة.
ومن الغرباء
عبد الرحمن بن محمد بن أبي يزيد خالد بن خالد بن يزيد السنبري الأزدي
العتكي المصري الصواف النسابة، يكنى: أبا القاسم.
قدم الأندلس من مصر سنة أربع وتسعين وثلاث مائة. وروى عن أبي علي بن
السكن، وأبي العلاء بن ماهان، وأبي بكر بن إسماعيل، وأبي الطاهر
الذهلي، وأبي علي الحسن بن شعبان، وأبي بكر الأذفوي، وموسى بن حنيف
وغيرهم.
حدث عنه أبو عمر بن الحذاء وقال: كان رجلا أديبا، حلوا حافظا للحديث،
وأسماء الرجال والأخبار، وله أشعار حسان في كل فن. وكان معاشه من
التجارة، وكان مقارضا لأبي بكر بن إسماعيل المهندس.
قال أبو عمر بن الحذاء: أنه تفقه بالأندلس وأثنى عليه، وكان قد عرفه
بمصر وسكن قرطبة إلى أن وقعت الفتنة وخرج عن الأندلس ومات بمصر. وذكره
الخولاني وقال: لقيته وكان أديبا نبيلا ذكيا شاعرا مطبوعا. وذكر أن
مولده بمصر ليلة الجمعة مستهل شعبان سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة. قال:
ابن حيان، وتوفي بمصر سنة عشرة وأربع مئة.
عبد الرحمن بن محمد بن خالد بن مجاهد الرقي، يكنى: أبا عمر.
(1/337)
قدم الأندلس سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.
وكان حنفي المذهب، واسع الرواية عن شيوخ العراق الجلية من أهل مذهبه
وغيرهم. ذكره ابن خزرج وقال: ذكر لنا في التاريخ أنه قد نيف على
السبعين.
عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أحمد الكتامي،
يعرف: بابن العجوز: من أهل سبتة، ومن جلة فقهائها، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبيه وحجاج بن المأموني وغيرهما، وكان يميل إلى الحجة والنظر.
وولي قضاء الجزيرة الخضراء مدة. ثم سلا. وهو فقيه من فقيه أفادني خبره
القاضي أبو الفضل ابن عياض وخطه لي بيده وقال: حدثني عن أبيه محمد بن
أبيه عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحيم، عن أبي محمد بن زيد، عن أبي بكر
بن اللباد: أن محمد بن عبدوس الفقيه صلى الصبح بوضوء العتمة ثلاثين
سنة. خمس عشرة من دراسة، وخمس عشرة من عبادة. وتوفي بفاس من بعد سنة
عشرة وخمسمائة.
من اسمه عبد الملك
عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
مروان.
روى عن قاسم بن أصبغ، وأبي الحزم وهب بن مسرة الحجاري وغيرهما. ذكره
أبو عبد الله بن عابد في شيوخه فقال: الوزير العالي القدر، معدن
الدراية والرواية أبو مروان عبد الملك بن أحمد بن شهيد. كان أوحد الناس
بالتقدم في علم الخبر والتاريخ، واللغة والأشعار، وسائر ما يحاضر به
الملوك. مع سعة روايته للحديث والآثار وهو مؤلف كتاب التاريخ الكبير في
الأخبار على توالي السنين. بدأ به من عام الجماعة سنة أربعين، وانتهى
إلى أخبار زمانه المنتظمة بوفاته رحمه الله. وهو أزيد من مائة سفر.
(1/338)
كانت صحبتي له رحمه الله نحو عشرة أعوام أو
فوقها إذا كان مجاورا لنا بنية المغيرة ولما استقرب المنصور رحمه الله
لقاءه أمر بإسكانه في منية النعمان بالناحية المذكورة. أجاز لي جميع
روايته عن أبي الحزم وهب بن مسرة الحجاري، عن ابن وضاج.
قال ابن حيان: وجدت بخط أبي الوليد بن الفرضي. توفي الوزير أبو مروان
عبد الملك بن شهيد ليلة الأحد ودفن يوم الأحد بعده لأربع خلون من ذي
القعدة سنة ثلاثٍ وتسعين وثلاث مائة. وكانت منيته من ذبحة أصابته. قال
ابن حيان: وكانت سنه يوم توفي السبعين. وكان له بالإنذار بها رؤيا
عجيبة وذلك: أنه أري في منامه صدر نشأته أنه كان يبلغ سبعين ديناراً
ذهباً بعدها عدا كلما بلغ منها واحدا تبعه بآخر إلى أن تمت السبعون،
فقصت له على أخذق معبر كان في الوقت فأولها عمرا عدد كل ما بلغ منها،
أعجبت عبد الملك في حال الشباب ثم ساءته لما دنى منها فجعل يشكك نفسه
في عدد تلك الدنانير ويقول لنا: أحسبها كانت أكثر مما سبق إلي فيلبس
أمرهاه عليه طالب رضاه، إلى أن غافصته المنية بعد استكمالها بشهورٍ
فجزع للموت جزعا عظيما، وله تاريخ جامع للأخبار جم الفائدة.
قال الحميدي: ومن شعر أبي مروان:
أقصرت عن شأوي فعاديتني ... أقصر فليس الجهل من شاني
إن كان قد أغناك ما تحتوي ... بخلا فإن الجود أغناني
عبد الملك بن إدريس الأزدي، المعروف: بابن الجزيري سكن قرطبة، يكنى:
أبا مروان.
ذكره الحميدي وقال فيه: عالمٌ أديب، شاعرٌ، كثير الشعر، غزير الماده
معدود في أكابر البلغاء من ذوي البديهة. وله في ذلك رسائل وأشعار
مروية.
قال ابن حيان: وتوفي بالمطبق في سخطة المظفر عبد الملك بن أبي عامر في
ذي القعدة،
(1/339)
سنة أربع وتسعين وثلاثة مائة. وهو يومئذ في
أحد غزواته ولم يخلف مثله كتابه وخطابة وبلاغة وشعرا، وفهما ومعرفة وبه
ختم بلغاء كتاب الأندلس رحمه الله.
عبد الملك بن مروان بن أحمد بن شهيد: من أهل قرطبة، يكنى: أبا الحسن.
روى عن أبي القاسم خلف بن القاسم كثيرا، وعن أبي محمد القلعي، وهاشم بن
يحيى وغيرهم. وكانت له عناية بالحديث وكتبه. وكان حسن الخط، واسع الأدب
والمعرفة وتولى الأحكام بقرطبة، وكان محمودا في أحكامه. وحدث وسمع منه،
وأخذ عنه أبو محمد قاسم بن إبراهيم الخزرجي وقال: توفي في رجب سنة
ثمانٍ وأربع مئة. زاد ابن حيان ودفن بالربض عشى يوم السبت لليلتين
بقيتا من رجب وصلى عليه حماد الزاهدي بوصيته إليه.
عبد الملك بن طريف: من أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان.
أخذ عن أبي بكر بن القوطية وغيره. وكان حسن التصرف في اللغة، أصلٌ في
تثقيفها وله كتابٌ حسنٌ: في الأفعال، هو كثيرٌ بأيدي الناس. وتوفي في
نحو الأربع مئة.
عبد الملك بن أسد بن عبد الملك اللخمي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان.
له رواية عن أبي جعفر بن عون الله وغيره من شيوخ قرطبة. وكان يعقد
الشروط بمسجد أبي لواو، ويعرف بمسجد الزيتونة، وهو كان الإمام فيه عند
مقبرة متعة.
حدث عنه ابن شنظير وقال مولده سنة ثلاثين وثلاث مائة. بشذونة، وحدث عنه
أبو عمر الطلمنكي المقرىء وقال في بعض تواليفه: حدثنا عبد الملك بن أسد
صاحبنا فذكر عنه حديثا متصلا.
عبد الملك بن عيسى بن عبد الملك بن نوح بن عيسى بن عبد الملك
(1/340)
بن سليمان بن عيسى بن عبد الرحمن بن حميد
بن عبد الرحمن بن عوف الزهري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من
أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان.
روى عن أحمد بن نابت التغلبي، وابن الخراز الغروي. ذكره ابن شنظير
وقال: مولده ببلاط مغيث سنة خمسٍ وعشرين وثلاث مائة.
عبد الملك بن محمد بن وثيق. من أهل طليطلة، يكنى: أبا مروان سمع: من
أبي إسحاق بن شنظير وصاحبه أبي جعفر ميمون. وناظر على ابن الفخار.
وكان: من أهل الحفظ. والزهد، والورع. وتوفي في ربيع الآخر سنة عشرة
وأربع مئة. ذكره ط. وكان مولده في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وثلاث
مائة.
عبد الملك بن أيمن الأموي، من أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان.
سمع: من أبي محمد الباجي، وأبي جعفر بن عون الله وابن مفرج ونظرائهم.
ورحل إلى المشرق وحج ولقي بها جماعة يكثر تعدادهم. منهم: أبو محمد عبد
الغنى ابن سعيد الحافظ، وأبو عبد الله بن الوشا ونظرائهما.
حدث عنه الخولاني وقال: كان من أهل العلم والورع مع الفهم، وكان صدوقا
ثبتا. وذكره أبو محمد بن خزرج وقال: كان من أهل الفضل والورع صليبا في
الحق لا تأخذه في الله لومة لائم. وتوفي سنة سبع عشرة وأربع مئة.
عبد الملك بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد القاهر العبسي: من أهل
إشبيلية، يكنى: أبا مروان.
كان من أهل الفضل والورع، متصرفا في العلوم، روايته واسعة عن أبيه أبي
عمر وحارث بن مسلمة، وأبي محمد الباجي وغيرهم. وسمع بقرطبة: من محمد بن
معاوية القرشي ونظرائه.
(1/341)
ذكره ابن خزرج وقال: أجاز لي في شوال سنة
ثلاث عشرة وأربع مئة. وتوفي بعدها بأشهر وله ثمانون سنة.
عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن هاشم الأموي، يعرف: بابن المكوي من
أهل قرطبة، وأصله من إشبيلية من قرية نوح نظر طلياطة.
كان: من أهل الطهارة والعفاف، ذا حظٍ صالح من علم الفقه، عاقدا
للوثائق.
روى عن عمه الفقيه أبي عمر وتفقه عنده. وكان حافظا لأغراضه، واقفا على
مذاهبه، عالما بأخباره. ذكره ابن خزرج وقال: لا أعلمه روى عن غير عمه،
ومولده سنة ثلاثٍ وستين وثلاث مائة. وتوفي سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
عبد الملك بن سليمان بن عمر بن عبد العزيز الأموي: من أهل إشبيلية،
يكنى: أبا الوليد، ويعرف بابن القوطية.
كان متصرفا في العلوم من الفقه والعربية، والحساب. محسنا لعقد الوثائق
بصيرا بعللها، راوية للأخبار. حافظا للآداب، وروايته للعلوم واسعة
وشيوخه كثير بقرطبة وإشبيلية. روى عن عمه أبي بكر، وابن السليم القاضي،
وأبان بن السراج ونظرائهم.
ذكره ابن خزرج وقال: توفي سنة تسع وعشرين وأربع مئة، وهو ابن خمس
وسبعين سنة. وكان أول سماعه سنة ستٍ وخمسين وثلاث مائة بقرطبة.
عبد الملك بن أحمد بن محمد بن عبد الملك بن الأصبغ القرشي: من أهل
قرطبة، يكنى: أبا مروان، ويعرف: بابن المش.
روى عنه الخولاني وقال: كان من أهل العلم مقدما في الفهم، قديم الخير
والفضل له تأليف حسن في الفقه والسنن، أجاز لي جميعه مع سائر روايته.
وذكره أبو عمر بن مهدي، وقال: كان نبيلا شديد الحفظ، كثير الدراسة مع
الديانة والفضل والتواضع
(1/342)
والأحوال العجيبة نفعه الله، وذكر أنه قرأ
عليه كتابا ألفه في مناسك الحج، وكتابا في أصول العلم تسعة أجزاء.
وقال: أخبرني أنه ولد في ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة.
قال ابن حيان: وتوفي بإشبيلية سنة ستٍ وثلاثين وأربع مئة. وحدث عنه
أيضا ابن خزرج وقال: روى عن القاضي ابن زرب، وابن مفرج كثيرا، وخلف ابن
القاسم. وجرى بينه وبين الأصيلي شيء فلم يعد إلى مجلسه. وله تواليف في
الاعتقادات وغيرها.
عبد الملك بن سليمان الخولاني: يكنى: أبا مروان.
محدث سمع بالأندلس، وإفريقية ومصر، ومكة. ذكره الحميدي وقال: سمعنا منه
بالأندلس الكثير ومات بها قبيل الأربعين وأربع مئة بجزيرة ميورقة، وكان
شيخا صالحا.
عبد الملك بن زيادة الله بن علي بن حسين بن محمد بن أسد التميمي. ثم
الحماني من بني سعد بن زيد بن مناة بن تميم الطبني: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا مروان. من بيت علم ونباهة. وأدب وخير وصلاح. وأصلهم من طبنة
من عمل إفريقية.
روى بقرطبة: عن القاضي يونس بن عبد الله، وأبي المطرف القنازعي،
والقاضي أبي محمد بن بنوش، وأبي عبد الله بن عابد، وأبي عبد الله بن
نبات، وأبي القاسم بن الإفليلي، وأبي عمرو المرشاني، وأبي محمد مكي
المقرىء، وأبي محمد بن حزم وغيرهم.
وكانت له رحلتان إلى المشرق كتب فيهما عن جماعة من أهل العلم بمكة،
ومصر،
(1/343)
والقيروان. وكتب عن القاضي أبي الحسن بن
صخر المكي، وأبي القاسم بن بندار الشيرازي، وأبي زكرياء البخاري، وأبي
محمد بن الوليد، وأبي إسحاق الحبال وجماعة كثيرة سواهم.
قال أبو علي: وكانت له عنايةٌ تامة في تقييد العلم والحديث، وبرع مع
ذلك في علم الأدب والشعر.
وذكره الحميدي فقال: هو من أهل بيت جلالة من أهل الحديث والأدب، إمام
في اللغة، شاعر وله سماع بالأندلس وقد رأيته بالمرية في آخر حجة حجها
وقال: أخبرني أبو الحسن العائذي أن أبا مروان الطبني لما رجع إلى قرطبة
أملى فاجتمع إليه في مجلس الإملاء خلق كثير فلما رأى كثرتهم أنشد:
إني إذا احتوشتني ألف محبرةٍ ... يكتبن حدثني طورا وأخبرني
نادت بعقوتي الأقلام معلنة ... هذي المفاخر لا قعبان من لبن
قال الحميدي: ثم أنشدني هذين البيتين الإمام أبو محمد التميمي ببغداد،
قال: أنشدنا بعض شيوخنا لأبي بكر الخوارزمي:
إني إذا حضرتني ألف محبرة ... يقول أنشدني شيخي وأخبرني
نادت بإقليمي الأقلام ناطقة ... هذي المكارم لا قعبان من لبن
(1/344)
قال أبو علي: أنشدني ابن أبي مروان الطبني
لأبيه عبد الملك بن زيادة الله يذكر كتاب العين وبغلة له سماها
النعامة:
حسبي كتاب العين علق صنة ... ومن النعامة لا أريد بديلا
هذي تقرب كل بعدٍ شاسع ... والعين يهدي للعقول عقولا
وقرأت بخط شيخنا أبي الحسن بن مغيث: قال: أنشدني أبو مضر زيادة الله
ابن عبد الملك التميمي، قال: خاطبني أبي من مصر عند كونه بها في رحلته:
يأهل الأندلس ما عندكم أدبٌ ... بالمشرق الأدب النفاح بالطيب
يدعى الشباب شيوخا في مجالسهم ... والشيخ عندكم يدعي بتلقيب
قال أبو علي: ولد شيخنا أبو مروان في الساعة الثامنة من يوم الثلاثاء،
وهو اليوم السادس من ذي الحجة من سنة ستٍ وتسعين وثلاث مائة. وتوفي:
سنة ستٍ وخمسين وأربع مئة. كذا قال أبو علي سنة ستٍ وخمسين وهووهم منه،
وإنما توفي في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين مقتولا في داره رحمه الله.
كذا ذكر ابن سهل في أحكامه وهو الأثبت إن شاء الله تعالى. وكذا ذكره
ابن حيان وقال: لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول وصلى عليه ابن عمه
أبو بكر إبراهيم بن يحيى الطبني.
عبد الملك بن أحمد بن سعدان: من أهل كزنة، يكنى: أبا مروان.
روى عن أبي المطرف القنازعي، وعبد الرحمن بن وافد القاضي. ثم رحل وحج
ولقي عبد الوهاب القاضي المالكي، ثم قفل وتوفي قريبا من الخمسين
والأربع مئة ذكره ابن مدير.
وقرأت في بعض الكتب أنه توفي بغافق سنة خمسٍ وأربعين وأربع مئة.
(1/345)
عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن محمد بن
سراج: مولى بني أمية، من أهل قرطبة، يكنى: أبا مروان. إمام اللغة
بالأندلس غير مدافع.
روى عن أبيه، والقاضي يونس بن عبد الله، وعن أبي القاسم إبراهيم بن
محمد بن زكريا الإفليلي، وأبي سهل الحراني، وأبي محمد مكي بن أبي طالب
المقرىء، وأبي محمد الشنتجيالي، وأبي عمرو السفاقسي، وأبي مروان بن
حيان وغيرهم.
قال أبو علي: هو أكثر من لقيته علما بضروب الآداب، ومعاني القرآن،
والحديث وقرأ عليه أبو علي كثيرا من كتب اللغة، والأدب، والغريب وقيد
ذلك كله عنه، وكانت الرحلة في وقته إليه، ومدار أصحاب الآداب واللغات
عليه، وكان وقور المجلس لا يجسر أحدٌ على الكلام فيه لمهابته وعلو
مكانته.
قال لنا القاضي أبو عبد الله بن الحاج رحمه الله: كان شيخنا أبو مروان
بن سراج يقول: حدثنا، وأخبرنا، واحد. ويحتج بقول الله تعالى: " يومئذ
تحدث أخبارها ". فجعل الحديث والخبر واحدا.
وذكر شيخنا أبو الحسن بن مغيث فقال: كان أبو مروان من بيت خير وفضل من
مشاهير الموالي بالأندلس، عندهم عن الخلفاء آثار كريمة قديمة. كان جدهم
سراج من موالي بني أمية على ما حكاه أهل النسب، إلا أن أبا مروان قال
لي غير مرة أنهم من العرب من كلب بن وبرة أصابهم سباءٌ والله أعلم بما
قال. اختلفت إليه كثيرا، ولازمته طويلا، وكان واسع المعرفة، حافل
الرواية، بحر علم، عالما بالتفاسير، ومعاني القرآن ومعاني الحديث، أحفظ
الناس للسان العرب، وأصدقهم فيما يحمله، وأقومهم بالعربية والأشعار،
والأخبار، والأنساب، والأيام. عنده يسقط
(1/346)
حفظ الحافظ، ودونه يكون علم العلماء فاق
الناس في وقتهن وكان حسنة من حسنات الزمان، وبقية من الأشراف والأعيان.
قال أبو علي: سمعته غير مرة يقول: مولدي لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع
الأول سنة أربع مئة.
قال لي الوزير أبو عبد الله بن مكي: وتوفي رحمه الله ليلة عرفة سنة تسع
وثمانين وأربع مئة. ودفن بالربض وصلى عليه ابنه أبو الحسين سراج بن عبد
الملك رحمهما الله.
عبد الملك بن عبد العزيز بن فيرة بن وهب بن غردي: من أهل مرسية، وأصله
من شنتمرية، يكنى: أبا مروان.
سمع: من أبي علي الغساني وغيره. وله رحلة إلى المشرق حج فيها ودخل
بغداذ، ودمشق وغيرهما. وروى هنالك يسيرا وقد أخذ عنه شيخه أبو علي بعض
ما عنده. وسمع منه أيضا جماعة من أصحابنا، وكان حافظا للرأي، ذاكرا
للمسائل وذلك كان الأغلب عليه مع خير وصلاح. كتب إلينا بإجازة ما واه
بخطه. وقال لنا بعض أصحابنا: وتوفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ومولده
سنة ثلاث وخمسين وأربع مئة.
عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن محمد ابن
علي بن شريعة اللخمي، يعرف: بابن الباجي. من أهل إشبيلية، يكنى: أبا
مروان.
روى عن أبيه، وعن عميه أبي عبد الله محمد، وأبي عمر أحمد، وابن عمه أبي
محمد عبد الله بن علي بن محمد، وكان: من أهل الحفظ للمسائل، متقدما في
معرفتها، وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية، واستقضى ببلده مرتين.
وكان: من أهل الصرامة والنفوذ في أحكامه، ثم صرف عن القضاء، وناظر
الناس عليه، وحدث وكف بصره
(1/347)
وتوفي في رجب سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة.
وكان مولده سنة سبع وأربعين وأربع مئة.
عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة الأنصاري والدي
رحمت الله عليه، يكنى: أبا مروان.
أخذ القراءات عن القاضي أبي زكرياء يحيى بن حبيب وغيره. وصحب أبا عبد
الله محمد بن فرج الفقيه كثيرا ولازمه طويلا. وأخذ عن جماعة سواهما من
شيوخنا وغيرهم. وكان حافظا للفقه على مذهب مالك وأصحابه، عارفا بالشروط
وعللها. حسن العقد لها، مقدما في معرفتها وإتقانها، وكان كثير التلاوة
للقرآن العظيم ليلا نهارا ويختمه كل يوم جمعة.
وتوفي رحمه الله صبيحة يوم الأحد، ودفن عشي يوم الاثنين لأربع بقين من
جمادى الآخرة من سنة ثلاثٍ وثلاثين وخمسمائة. ودفن عند باب مسجده بطرف
الربض الشرقي، وحضره جمع عظيم من الناس.
عبد الملك بن مسرة بن فرج بن خلف بن عزيز اليحصبي: من أهل قرطبة، وأصله
من شنتمرية من شرق الأندلس ومن مفاخرها وأعلامها، يكنى: أبا مروان.
أخذ عن أبي عبد الله محمد بن فرج الموطأ سماعا، وأخذ عن جماعة من
شيوخنا وصحبنا عندهم واختص بالقاضي أبي الوليد بن رشد وتفقه معه. وصحب
أبا بكر بن مفوز فانتفع به في معرفة الحديث والرجال والضبط. وكان ممن
جمع الله له الحديث والفقه مع الأدب البارع، والخط الحسن، والفضل
والدين والورع والتواضع والهدى الصالح. وكان على منهاج السلف المتقدم،
أخذ الناس عنه. وكان أهلا لذلك العلو ذكره، ورفعة قدره. وتوفي رحمه
الله ودفن يوم الخميس بعد العصر لثمان بقين من رمضان من سنة اثنتين
وخمسين وخمسمائة.
(1/348)
ومن الغرباء
عبد الملك بن محمد بن نصر بن صفوان الشامي الحمصي: يكنى: أبا الوليد.
قدم الأندلس تاجرا سنة أربع عشرة وأربع مئة. وكانت له روايةٌ واسعةٌ
بالحجاز والعراق، ولقي ابن شعبان القرطبي وغيره. وأخذ عنه. وكان فاضلا
متسننا حافظا. ذكره أبو محمد بن خزرج وقال: كان أول سماعه للعلم سنة
أربع وخمسين وثلاث مائة. وقال لنا في التاريخ المتقدم أنه ابن ثلاث
وسبعين سنة.
من اسمه عبد العزيز
عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز يعرف: بابن غرسية. من أهل مدينة
الفرج، يكنى: أبا القاسم.
روى ببلده عن محمد بن فتح الحجاري، وعن محمد بن عبد الرحمن الزيادي
وغيرهما. حدث عنه الصاحبان وقالا: كان رجلا صالحا وتوفي: سنة إحدى أو
اثنتين وثمانين وثلاث مائة.
عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن جهور بن بخت، يعرف: بالغراب:
من أهل قرطبة، يكنى: أبا الأصبغ.
(1/349)
روى عن أبي بكر القرشي، وأحمد بن سعيد بن
حزم وغيرهما. روى عنه أبو عمر ابن عبد البر وأبو عبد الله الخولاني
وقال: كان من أهل الهيات والحرص على الروايات طالبا للعلم. من أهل
الفهم والمعرفة بالأخبار للغاية الجلة من الناس، وكان حسن الإيراد
للأخبار. قال ابن عبد البر: وتوفي في صدر ذي الحجة سنة ثلاثٍ وأربع
مئة.
عبد العزيز بن أحمد اليحصبي الأديب: من أهل قرطبة، يكنى: أبا الأصبغ
ويعرف: بالأخفش.
روى عن القاضي أبي عبد الله بن مفرج. وأبي زكرياء بن عائذ، وأبي عبد
الله ابن الخراز ونظرائهم.
حدث عنه الخولاني وقال: تأدبت عنده وتكرر معنا على بعض من أدركنا من
الشيوخ ولم يزل طالبا. سمعنا معه على القاضي أبي عبد الله بن الحذاء،
وعلي أبي الوليد ابن الفرضي، وعلي المقرىء مكي بن أبي طالب. وقال: أبا
أبو الأصبغ، قال أنا أبو زكرياء يحيى بن مالك العائذي قال: أنا أبو علي
الحسن بن الخضر الأسيوطي، قال: سمعت أبا علي الحسن بن محمد الطرسوسي
يقول سمعت أبا بكر العابد بالمصيصة يقول: هذه الأعمار رؤس أموال يعطيها
الله العباد فيتجرون فيها، فمن رابح فيها وخاسرٍ، وأنا قد أعطيت منها
رأس مال كبير فليت شعري أرابحٌ أنا أم خاسرٌ؟ والله ما اتكالي إلا على
سعة رحمة الله العفو العفور. قال: وقال لنا أبو الأصبغ: وقد قلت في هذا
الكلام موزونا:
أرى عمر الأنام كرأس مال ... سعوا فيه لربحٍ أو خسارة
فمنهم من يروح بغير ربحٍ ... ومنهم من له فضل التجاره
وتوفي في نحو الأربع مئة. وحدث عنه أيضا أبو عمر بن عبد البر.
عبد العزيز بن أحمد بن لب الأنصاري الحجاري منها، يكنى: أبا محمد.
(1/350)
روى عن وهب بن مسرة، وأبي إبراهيم، وابن
الأحمر واللولولي وأبي ميمونة. ومحمد بن فتح الحجاري. حدث عنه
الخولاني، وأبو عبد الله بن عبد السلم الحافظ وذكر أنه أجاز لهما ما
رواه.
عبد العزيز بن أحمد بن أبي الحباب النحوي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
الأصبغ.
روى عن أبيه أبي عمر بن أبي الحباب كثيرا من روايته، ولم يكن بالضابط
لها. وتوفي ودفن ضحوة يوم الأربعاء لعشر خلون من ربيع الآخر سنة إحدى
عشرة وأربع مئة. ذكره ابن حيان وحدث عنه أبو عمر بن سميق.
عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن المعلم: من أهل قرطبة، يكنى: أبا
بكر.
يروي عن أبيه. ذكره أبو محمد بن حزم وروى عنه. وكان أديبا شاعرا حكي
ذلك الحميدي.
عبد العزيز بن أحمد بن السيد بن مغلس القيسي: أندلسي.
ذكره الحميدي وقال: كان من أهل العلم باللغة العربية، مشارا إليه فيها.
رحل من الأندلس واستوطن مصر فمات بها في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين
وأربع مئة.
قرأ اللغة على أبي العلاء صاعد بن الحسن الربعي بالمغرب، وعلى أبي
يعقوب يوسف بن يعقوب بن خرراذ النجرمي بمصر.
روى لنا عنه أبو الربيع سليمان بن محمد بن أحمد الأندلسي السرقسطي
ببغداذ.
(1/351)
عبد العزيز بن زيادة الله بن علي التميمي
الطبني: من أهل قرطبة، يكنى: أبا الأصبغ.
سمع: من القاضي يونس بن عبد الله كثيرا ومن غيره. وكان له فضل وسخاء
وتوفي سنة ستٍ وثلاثين وأربع مئة. ذكره أبو مروان أخوه.
عبد العزيز بن محمد بن عيسى بن فطيس: من أهل قرطبة، يكنى: أبا بكر.
سمع على أبي القاسم خلف بن القاسم الحافظ كثيرا من روايته، وكتب منها:
أجزاء بخطه. وكان منقبضا عن الناس، عفيفا توفي في آخر ذي القعدة سنة
ثمانٍ وأربعين وأربع مئة. ودفن مع سلفه بتربتهم على أبواب منازلهم.
عبد العزيز بن مسعود اليابري: سكن قرطبة، يكنى: أبا الأصبغ.
له سماع كثير على القاضي يونس بن عبد الله، واستكتبه علي تقييد أحكامه
وأقره على ذلك من تلاه من القضاة بقرطبة.
وكان في عداد المشاورين بقرطبة. وتوفي: في شعبان لستٍ خلون منه سنة ستٍ
وأربعين وأربع مئة. ودفن بمقبرة أم سلمة وهو جد شيخنا أبي الوليد بن
طريف لأمه فيما أخبرني به.
عبد العزيز بن هشام بن عبد العزيز بن دريد الأسدي، يكنى: أبا الأصبغ.
روى عن أبيه، وأبي الوليد الزبيدي. وكان: من أهل المعرفة بالأدب. أخذ
عنه الأديب محمد بن سليمان النفري شيخنا. وتوفي سنة ثلاثٍ وسبعين وأربع
مئة بالمرية وأصله من البراجلة. ذكره ابن مدير.
(1/352)
عبد العزيز بن علي بن محمد بن أحمد بن عبد
الله بن محمد بن علي بن شريعة اللخمي الباجي. من أهل إشبيلية يكنى أبا
الأصبغ.
روى عن جده محمد بن أحمد صاحب الوثائق جميع روايته. ويروي محمد هذا عن
جده عبد الله بن محمد الراوية.
أخبرنا عن عبد العزيز هذا أبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله المعدل
وذكر أنه قدم عليهم طليطلة رسلا وأنه أجاز له، وأراني خطه بالإجازة
تاريخها غرة جمادى الأولى سنة ثمانٍ وخمسين وأربع مئة. قال ابن مدير
وتوفي: سنة ثلاثٍ وسبعين وأربع مئة وكان الغالب عليه الأدب. وولي خطه
الرد ببلده إشبيلية رحمه الله.
عبد العزيز بن محمد بن سعد: من أهل بلنسية، يعرف: بابن القدرة، يكنى:
أبا بكر.
روى عن أبي عمر بن عبد البر وغيره. وكان فقيها مشاورا ببلده. حدث عنه
شيخنا أبو بحر الأسدي، وأبو علي بن سكرة وغيرهما. وتوفي سنة أربع
وثمانين وأربع مئة.
عبد العزيز بن محمد بن عتاب بن محسن: من أهل قرطبة، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبيه كثيرا من روايته، وأجاز له سائرها. وسمع من أبي القاسم
حاتم ابن محمد الطرابلسي كثيرا من روايته، وأجاز له أبو حفص الزهراوي،
وأبو عمر ابن الحذاء، وابن شماخ القاضي، وأبو بكر المصحفي ومعاوية بن
محمد العقيلي وغيرهم وكان حافظا للفقه على مذهب مالك وأصحابه، بصيرا
بالفتوى، صدرا في الشورى، عارفا بعقد الوثائق وعللها، مقدما فيها.
وكانت له عناية بالحديث ونقله وروايته وتقييده. وكان حسن الخط، جيد
الضبط ولا أعلمه حدث إلا بيسير لقصر سنه.
(1/353)
وكان رحمه الله فاضلا، متصاونا، وقورا،
مسمتا، مهيبا، معظما عند الخاصة والعامة كريم العناية بمن اختلف إليه
وتكرر عليه، قاضيا لحوائجهم مبادرا إلى رغباتهم، نهاضا بتكاليفهم،
حافظا لعهدهم وصفه لنا بهذا غير واحد ممن لقيه وجالسه.
وتوفي رحمه الله فجأة ليلة السبت ودفن يوم السبت لأربع عشرة ليلة بقيت
من جمادى الأول سنة إحدى وتسعين وأربع مئة ودفن بالربض وصلى عليه أخوه
أبو محمد، ومولده فيما أخبرني به ابنه أبو القاسم سنة أربعين وأربع
مئة.
عبد العزيز بن عبد الله بن الغازي، من أهل شاطبة، يكنى: أبا الأصبغ.
أجاز له أبو عمر بن عبد البر. وسمع: من أبي الحسن طاهر بن مفوز، ومن
أبي الوليد هشام بن أحمد الكناني وغيرهم. وحدث بالمرية وتوفي بها سنة
ثلاثٍ وتسعين وأربع مئة. حدث عنه من المشاهير أبو الحسن علي بن أحمد
الجذامي، وأبو عبد الله محمد بن حسن الحافظ، وهو أخبر بوفاته.
عبد العزيز بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن حزمون: من أهل قرطبة، يكنى:
أبا الأصبغ.
روى عن أبي القاسم حاتم بن محمد، وأبي جعفر بن رزق الفقيه وناظر عليه،
وعن أبي عبد الله محمد بن فرج الفقيه وأجاز له أبو العباس العذري. وكان
فقيها مشاورا في الأحكام بقرطبة، صدرا، في المفتين بها، حافظا للرأي،
بصيرا بالفتيا. وناظر الناس عليه في الفقه وانتفع به في معرفته وعلمه.
وتولى الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة وتوفي رحمه الله في شعبان سنة ثمان
وخمسمائة. ومولده سنة أربعين وأربع مئة.
(1/354)
عبد العزيز بن عبد الملك بن شعيع المقرىء
من أهل المرية، يكنى: أبا الحسن.
روى عن أبي عمر بن عبد البر وسمع منه، وعن أبي تمام القطيني المقرىء
وأبي القاسم خلف بن إبراهيم المقرىء الطليطلي، وأبي محمد عبد الله بن
سهل المقرىء وغيرهم. وأقرأ الناس القرآن بجامع المرية صانه الله. وكان
شيخا صالحا مجودا للقرآن، حسن الصوت به، وسمع الناس منه بعض روايته.
وسمعت صاحبنا أبا عبد الله القطان رحمه الله يثني عليه ويصحح سماعه من
أبي عمر بن عبد البر. وقد أخذ عنه بعض أصحابنا، وتكلم بعضهم فيه وأنكر
سماعه من ابن عبد البر. وتوفي رحمه الله بالمرية في شعبان سنة أربع
عشرة وخمسمائة ومولده قبل الثلاثين وأربع مئة.
عبد العزيز بن محمد بن معاوية الأنصاري، يعرف بالدروقي الأطروش يكنى:
أبا محمد. سكن قرطبة.
روى عن أبي بكر محمد بن مفوز، وأبي علي حسين بن محمد الصدفي، وأبي عبد
الله الخولاني. وسمع من جماعة من شيوخنا بقرطبة وغيرها. وكان معتنيا
بالحديث وكتبه وتقييده وجمعه. وكان حافظا له، عارفا بعلله وطرقه وصحيحه
وسقيمه وأسماء رجاله ونقلته، مقدما في جميع ذلك على أهل وقتة. وجمع
كتبا في معنى ذلك كله.
سمعنا منه وأجاز لنا بلفظه ما رواه وجمعه وكان حرج الصدر، نكد الخلق.
وتوفي رحمه الله في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
عبد العزيز بن الحسن الحضرمي: من أهل ميوروقة سكن قرطبة، يكنى أبا
الأصبغ.
سمع: من أبي العباس صحيح مسلم، وأجاز له، وسمع من أبي عبد الله ابن
سعدون، ومن أبي بكر المرادي وغيرهم. وسمع من أبي الحسن اللخمي كتاب
التبصرة من تأليفه. وقد أخذنا عنه وتوفي رحمه الله سنة ستٍ وعشرين
وخمسمائة.
عبد العزيز بن خلف بن عبد الله بن مدير الأزدي من أهل قرطبة، يكنى: أبا
بكر.
(1/355)
روى عن أبيه وأبي الوليد الباجي، والعذري،
وابن سعدون وغيرهم وكان: من أهل المعرفة والعلم، والذكاء والفهم أخذ
الناس عنه، وتوفي رحمه الله باركش سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
عبد العزيز بن علي بن عيسى الغافقي، يعرف: بالشقوري منها. سكن قرطبة،
يكنى: أبا الأصبغ.
روى عن أبي علي بن سكرة وجماعة من شيوخنا، وكان فقيها، حافظا للفقه،
مقدما فيه، عارفا بالشروط، متفننا في المعارف. وكتب للقضاة بقرطبة.
وكان ثقة فاضلا عالما. توفي رحمه الله بقرطبة يوم عيد الفطر ودفن في
الثاني منه سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
وكان مولده سنة سبع وثمانين وأربع مئة وكان من كبار أصحابنا وجلتهم
رحمهم الله.
ومن الغرباء
عبد العزيز بن الحسين بن سليمان بن الهيثم بن حبيب الزجاج.
قدم الأندلس مع أبيه الحسين بن سليمان في نحو العشرين والثلاث مائة
وكان حدثا متزهدا من غلمان أحمد بن عمران البغدادي. وكانت عنده كتبٌ في
الزهد منها: كتاب النجاة إلى الطريق لمحمد بن المبارك الصوري وغير ذلك.
ذكره الحكم المستنصر بالله وقال: كتب لي هذه الكتب بخطه. وقرأت هذا بخط
الحكم رحمه الله.
عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواست الفارسي
البغداذي المعمر سكن بأندة من أهل الأندلس، يكنى: أبا القاسم.
روى بالمشرق عن أبي بكر محمد بن عبد الرزاق التمار، وعن إسماعيل
الصفار، وأبي بكر محمد بن الحسن النقاش، وأبي عمر الزاهد غلام ثعلب،
والنجاد وغيرهم.
(1/356)
روى عنه أبو الوليد بن الفرضي وذكر أنه
لقيه بمدينة التراب في ربيع الأول سنة أربع مئة. وفي هذا التاريخ كان
ابن الفرضي قاضيا ببلنسية.
قال أبو عمرو المقرىء: وتوفي في ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وأربع مئة
وهو ابن اثنتين وتسعين سنة، ودخل بالأندلس تاجراً سنة خمسين وثلاث
مائة: قال حكم بن محمد: وقال لي: ولدت في رجب سنة عشرين وثلاث مائة.
عبد العزيز بن علي الشهرزوري، يكنى: أبا عبد الله.
قدم الأندلس سنة ستٍ وعشرين وأربع مئة.
وكان شيخا جليلا آخذا من كل علم بأوفر نصيب، وكانت علوم القرآن وتعبير
الرؤيا أغلب عليه.
روى عن أبي زيد المروزي، وأبي إسحاق القرطبي، وأبي بكر الأبهري، وأبي
بكر الباقلاني، وأبي تمام صاحب الأصول، وأبي بكر الأذفوي، وأبي أحمد
السامري، والحسن بن رشيق، والدارقطني، وابن الورد. ودخل دانية وركب
البحر منصرفا منها إلى المشرق فقتلته الروم في البحر سنة سبع وعشرين
وأربع مئة.
وقد قارب المائة سنة. ذكره أبو محمد الخزرجي وذكر أنه أجاز له ما رواه
بخطه بدانية في التاريخ المتقدم.
عبد العزيز بن عبد الوهاب بن أبي غالب المقرىء، يكنى: أبا القاسم.
روى بمكة عن القاضي أبي الحسن بن صخر. فوائده، وعن أبي القاسم بن بندار
الشيرازي وغيرهما. حدث عنه جماعة من شيوخنا منهم: أبو الحسن علي بن
أحمد المقرىء وقال: كان شيخا جليلا وله رواياتٌ عاليةٌ وسماع قديم. قدم
علينا غرناطة وكتب إلى أبو علي الغساني يقول: أنه قدم عليكم رجلٌ صالحٌ
عنده روايات فخذ عنه ولا يفوتنك.
وتوفي في ذي القعدة سنة خمسٍ وتسعين وأربع مئة. قال لي ذلك النميري.
(1/357)
عبد العزيز التونسي الزاهد؛ يكنى: أبا
محمد.
أخذ عن أبي عمران الفاسي الفقيه، وأبي إسحاق التونسي وغيرهما. ومال إلى
الزهد والتقشف. وسكن مالقة وغيرها من بلاد الأندلس، واستقر أخيرا
بأغمات، ودرس الناس الفقه عليه، ثم تركه لما رآهم نالوا بذلك الخطط
والعمالات وقال: صرنا بتعليمنا لهم كبائع السلاح من اللصوص. وكان ورعا
متقللا من الدنيا، هاربا عن أهلها. وتوفي رحمه الله بأغمات سنة ستٍ
وثمانين وأربع مائة. أفادنيه القاضي أبو الفضل وكتبه لي بخطه.
من اسمه عبد الصمد: عبد الصمد بن موسى بن هذيل بن محمد بن تاجيت
البكري: قاضي الجماعة بقرطبة؛ يكنى: أبا جعفر.
روي عن أبيه، وعن أبي القاسم حاتم بن محمد وغيرهما. وناظر عند أبي عمر
بن القطان الفقيه، وأجاز له أبو عمر بن عبد البر وتقلد القضاء بقرطبة
بعد أبي بكر ابن أدهم.
وكان قبل ذلك مشاورا في الأحكام بقرطبة. وكان له حظٌ من الفقه ومعرفة
جيدة بالشروط، وله فيها مختصر حسن بأيدي الناس. وكان من أهل الفضل
والمشاركة وحفظ العهد. وكان يؤم الناس في مسجده ويلتزم الأذان فيه.
واستمر على ذلك مدة قضائه. وكان وقورا مسمتا متصاوتا من بيته علم
ونباهة وفضل وجلالة، ثم صرف عن القضاء ولزم بيته إلى أن هلك على أجمل
أحواله يوم الأربعاء أول يوم من ربيع الآخر من سنة خمسٍ وتسعين وأربع
مئة من غير علة دارت عليه. ودفن يوم الأربعاء بمقبرة ابن عباس مع سلفه
وصلى عليه ابنه أبو الحسن وبلغ من السن نحو السبعين عاماً. وكان مولده
سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مئة.
(1/358)
عبد الصمد بن سعدون الصدفي، المعروف:
بالركاني. من أهل طليطلة؛ يكنى: أبا بكر.
روى بطليطلة عن أبي محمد بن هلال وغيره. وله رحلة إلى المشرق حج فيها،
وسمع من أبي محمد بن الوليد، وأبي العباس أحمد بن نفيس المقرىء، وأبي
نصر الشيرازي وغيرهم. وكان شيخا صالحا يعلم القرآن.
وقرأت بخط أبي الحسن بن الإلبيري المقرىء، قال: أخبرني عبد الصمد هذا
وكتبه لي بخطه، قال: أخبرنا أحمد بن نفيس المقرىء بمصر سنة أربع
وأربعين وأربع مئة: أن ذا النون بن إبراهيم الأخميمي كان يسافر في كل
عام إلى بيت المقدس من مصر فوجده مرة بالرملة رجلا يبيع التمر فقال له:
كيف تبيع التمر؟. فقال: بكذا. وكذا. قال له ذو النون: اجعل لي كذا فقبض
منه الثمن. ثم دفع إليه البائع الكيل وقال له: كل لنفسك كما وزنت أنا
لنفسي. فلما كان العام الثاني جاء إلى ذلك الرجل فقال له: كيف تبيع
التمر؟ قال: بكذا. وكذا. قال: اجعل لي في كذا. فدفع الرجل الميزان إلى
ذي النون وقال له زن لنفسك. فقال ذو النون: سبحان الله جئتك في العام
الخالي فدفعت إلي الكيل، وجئتك في العام فدفعت إلي الميزان ما هذا، من
أين فعلت هذا؟!. فقال: أنا نجد في التوراة أن العبد إذا بلغ أربعين
عاما ومضت عليه سنة ولم يزدد فيها خيرا فلا خير فيه فقلت له أمسلمٌ
أنت؟ قال: لا. وقال: هو يهودي. فقال ذو النون: سبحان الله هذا يهودي
يعمل بالتوراة ويتعظ بها وأنا لا أتعظ بالقرآن. فكان ذلك سبب توبة ذي
النون وانقطاعه إلى الله عز وجل.
وهذا الحديث حَدَّثَنَاهُ أَبُو محمد بن عتاب عن أبيه، قال: أنا أَبُو
عُثْمَانَ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أنا ابْنُ مفرج، قال: أنا علي بن جعفر
الرازي، قال: أنا علي بن جعفر الرازي، قال: أنا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ
بْنُ أَحْمَدَ
(1/359)
الأنصاري الحافظ بمصر، قال: أنا الْفَضْلُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَشْكُرِيُّ، قَالَ: نا عبد الله ابن مالك
السعدي، قال: نا سفيان بن جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "
مَنْ أَتَى عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً فَلَمْ يَغْلِبْ خَيْرُهُ
عَلَى شَرِّهِ فَلْيَتَجَهَّزْ إِلَى النَّارِ " وتوفي عبد الصمد هذا
رحمه الله بعد سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
عبد الصمد بن أبي الفتح بن محمد العبدري. سكن قرطبة، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي عمر أحمد بن محمد بن القطان الفقيه وناظر عنده، وشاوره
القاضي أبو بكر بن أدهم واستكتبه على تقييد أحكامه. وكان: من أهل العلم
والفهم والذكاء، واليقظة والمعرفة. وتوفي رحمه الله في جمادى الآخرة
سنة إحدى وتسعين وأربع مئة.
أخبرني بوفاته أبو جعفر الفقيه. وكان مولده سنة سبع وعشرين وأربع مئة.
من اسمه عبد الجبار
عبد الجبار بن غالب العبدري الأندلسي المالكي، يكنى: أبا العباس.
حدث عنه أبو بكر جماهر بن عبد الرحمن وقال: لقيته بمدينة الرسول صلى
الله عليه وسلم. وقرأت عليه جزءا من حديثه عن شيوخه.
عبد الجبار بن عبد الله بن سليمان بن سيد بن أبي قحافة الأنصاري: من
أهل المرية، وأصله من بطليوس، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي العباس العذري، وأبي عمر بن عبد البر وغيرهما وأخبرنا عنه
جماعة من شيوخنا ووصفوه بالحفظ والمعرفة، والنباهة. ثم رحل إلى مكة
لأداء الفريضة فزهد في الدنيا. وصار إلى رعي الإبل، وتوفي بمكة رحمه
الله.
(1/360)
عبد الجبار بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن
عبد الله بن أحمد بن أصبغ ابن المطرف بن الأمير عبد الرحمن بن الحكم بن
هشام بن عبد عبد الرحمن الداخل. القرشي المرواني: من أهل قرطبة، يكنى:
أبا طالب.
روى عن عبد الله بن فرج الفقيه، وأبي جعفر بن رزق، وأبي القاسم خلف ابن
رزق، وأبي عبيد البكري وغيرهم. وجمع كتابا حفيلا في التاريخ سماه بكتاب
عيون الإمامة ونواظر السياسة. أجازه لنا وما رواه بخطه، وقد نقلنا منه
مواضع في هذا الجمع. وكان من أهل المعرفة بالآداب، واللغة، والعربية،
والشعر، ذكيا نبيها، وتوفي في شهر رمضان المعظم من سنة ست عشرة
وخمسمائة وأنا بإشبيلية. وكان مولده فيما قرأته بخطة في سنة خمسين
وأربع مئة.
من اسمه عبد الوهاب
عبد الوهاب بن منذر: من أهل قرطبة، يكنى: أبا عاصم.
كان ناسكاً عفيفاً منبضاً عن الناس، كثير الصلاة، مذكرا بالله تعالى.
وكان قد نظر في شيء من الكلام فاتهم بالإعتزال ونسب إلى مذهب ابن مسرة
الجبلي وانحرف عن الفقهاء المالكيين فتكلموا فيه. وكان يؤم بمسجد بدر
داخل المدينة. وتوفي في آخر ربيع الأول من سنة ستٍ وثلاثين وأربع مئة
ذكره ابن حيان.
عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حزم. من أهل قرطبة، يكنى:
أبا المغيرة.
له سماع من أبي القاسم الوهراني وغيره. وكان حسن الخط، ذكره الحميدي
(1/361)
وقال: هو من المقدمين في الآداب والشعر
والبلاغة، وهو ابن عم أبي محمد بن حزم والد أبي الخطاب وشعره كثير
مجموع. وأنشدني له غير واحد من أصحابنا:
لما رأيت الهلال منطويا ... في غرة الفجر قارن الزهره
شبهته والعيان يشهد لي ... بصولجانٍ أوفى لضرب كره
قال ابن حيان: وتوفي بعسكر ابن ذي النون صاحب طليطلة مستهل صفر من سنة
ثمان وثلاثين وأربع مئة. ودفن بطليطلة رحمه الله.
عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب، بن عبد القدوس الأنصاري كذا قرأت
نسبه بخطه الخطيب بالمسجد الجامع بقرطبة، يكنى: أبا القاسم. وأصله من
أشونة ورحل إلى المشرق فحج وسمع بمكة: من أبي بكر محمد بن علي المطوعي
وغيره.
وسمع بدمشق: من أبي الحسن السمسار وقرأ بها القراءات على أبي علي الحسن
بن إبراهيم الأهوازي، وسمع بحران: من أبي القاسم الزيدي الشريف.
وبمصر: من أبي الحسن الحوفي، ومن أبي العباس بن نفيس، وبميافارقين: من
أبي عبد الله محمد بن أحمد الفاسي وغير هؤلاء.
وكان: من جلة المقرئين، ومن الخطباء الحفاظ المجودين، عارفا بالقراءات
وطرقها، حسن الضبط لها، وكانت الرحلة في وقته إليه، وتوفي رحمه الله في
ذي القعدة لليلتين خلتا من الشهر سنة اثنتين وستين وأربع مئة. ودفن
بمقبرة ابن عباس ومولده سنة ثلاث وأربع مئة.
عبد الوهاب بن محمد بن حكم المقرىء: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا جعفر من
أصحاب أبي عبد الله المغافي المقرىء.
أخذ الناس عنه. ذكره يوسف بن عبد العزيز صاحبنا.
(1/362)
عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد العزيز
الصدفي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد.
سمع: من جماعة من شيوخ قرطبة، ولقي أبا بكر المرادي فأخذ عنه، وتفقه
عند أبي الوليد هشام بن أحمد الفقيه، وأبي الوليد بن رشد القاضي. وكان
مواظبا لمجلسه. وكان حافظا للفقه، ذاكرا للمسائل والفرائض والأصول كثير
العناية بالعلم والجمع له، مع خير وانقباض. وتوفي رحمه الله في عشر ذي
الحجة سنة إحدى وعشرين وخمس مائة. ودفن بالربض وصلي عليه القاضي أبو
عبد الله بن الحاج.
(1/363)
ومن الأسماء المفردة
عبد الوارث بن سفيان بن جبرون بن سليمان، يعرف: بالحبيب. من أهل قرطبة،
يكنى: أبا القاسم.
بدأ بالطلب على قاسم بن أصبغ البياني عام ثلاثٍ وثلاثين وثلاث مائة.
وسمع منه أكثر روايته. كان أوثق الناس فيه وأكثرهم ملازمة له. وسمع
أيضا من وهب ابن مسرة الحجاري. ومحمد بن عبد الله بن أبي دليم وغيرهم.
روى عنه جماعة من العلماء منهم: أبو محمد الأصيلي وأسند عنه في غير
موضع من كتاب الدلائل له.
وحدث عنه أيضا أبو عمر بن عبد البر، وأبو عمران الفاسي، وأبو عمر بن
الحذاء وقال: كان شيخا صالحا عفيفا يتعيش من ضيعة ورثها عن أبيه رحمه
الله وقال: قال لي مولدي سنة سبع عشرة وثلاث مائة. وتوفي يوم السبت
لخمس بقين من ذي الحجة سنة خمس وتسعين وثلاث مائة. زاد غيره ودفن
بمقبرة قريش وصلى عليه عبد الرحمن بن محمد بن فطيس القاضي. وكان سكناه
عند مسجد السيدة بالربض الغربي قرب دار القاضي البلوطي.
عبد المجيد مولى عبد الرحمن بن محمد الناصر لدين الله، يكنى: أبا محمد
قرطبي.
سمع: من أبي جعفر بن عون الله كثيرا، وكان حسن الخط جيد النقل. قال لي
أبو عمرو المقرىء: كان من أهل القراءات والآثار، والرواية. توفي: سنة
تسع وثمانين وثلاث مائة. وذكر أنه أخذ القراءة عرضا عن أبي الحسن
الأنطاكي وضبط عنه حرف نافع. وكان خيراً فاضلاً فهماً ضابطاً.
(1/364)
عبد الغافر بن محمد الفرضي، يكنى: أبا
أيوب.
روى عن أحمد بن خالد، وقاسم بن أصبغ، وسليمان بن عبد الله بن المشتري،
له كتابٌ حسن في الفرائض. روى عنه مسلمة بن أحمد الفرضي وغيره. ذكره
ابن عبد البر.
عبد المعطي بن عبد القوي البطليوسي منها، يكنى: أبا عمرو. ويعرف بابن
قوي.
كان فقيها جليلا في الحفظ والفهم، متقدما فيهما، قديم الطلب لهما. روى
بقرطبة عن أبي بكر بن زرب، وابن عون الله، وابن مفرج، والأنطاكي،
والزبيدي والأصيلي وغيرهم. ذكره ابن خزرج وقال: وأجاز لي في جمادى
الآخرة سنة خمس وثلاثين وأربع مئة.
عبد الخالق بن مرزوق بن عبد الله اليحصبي: من أهل الجزيرة الخضراء يعرف
بابن العقاني، يكنى: أبا محمد.
كان: من أهل الحفظ والذكاء، مقدما في الفقهاء. سمع بقرطبة، وبمالقة
كثيرا وحج في صدر أيام يحيى بن علي المغيلي. وتوفي في حدود سنة ثمان
وأربعين وأربع مئة. ذكره ابن خزرج.
عبد الواحد بن محمد بن موهب التجيبي القبري: من أهل قرطبة. سكن بإنسية:
أبا شاكر.
سمع: من أبي محمد الأصيل، وأبي خفض بن نابل، وأبي عمر بن أبي الحباب
وغيرهم. وكتب إليه أبو محمد بن أبي زيد، وأبو الحسن ألقابي بإجازة
روايتهما
(1/365)
وتواليفهما. قال أبو علي: كان أبو شاكر من
أهل النبل والذكاء. سريا متواضعا، وتقلد الصلاة والخطبة والأحكام
بمدينة بلنسية.
وذكره الحميدي وقال فيه: فقيه محدث أديب، خطيب شاعر أنشدني له أبو
الحسن علي بن عبد الرحمن العائذي:
يا روضتي ورياض الناس مجدبة ... وكوكبي وظلال الليل قد ركدا
إن كان صرف الليالي عنك ابعدني ... فإن شوقي وحزني عنك ما بعدا
قال أبو علي: وأخبرني أنه ولد يوم الخميس لعشرٍ خلون من ذي القعدة سنة
سبع وسبعين وثلاث مائة. وتوفي ليلة الجمعة لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع
الآخر سنة ستٍ وخمسين وأربع مئة بمدينة شاطبة وحمل إلى مدينة بلنسية
فدفن بها.
وقرأت بخط ابن مدير. كان أبو شاكر ربعة من الرجال ليس بالطويل ولا
بالقصير، وسيما جميلا، حسن الهيئة والخلق، حسن السمت والهدى. وكان أشبه
الناس بالسلف الصالح رضي الله عنهم. وصلى عليه القاضي أبو المطرف بن
جحاف.
عبد الواحد بن عيسى الهمذاني: من أهل غرناطة، يكنى: أبا محمد.
كان فقيها حافظا للفقه، دربا بالفتوى، دينا فاضلا، يحدث عن أبي إسحاق
إبراهيم بن مسعود الإلبيري وغيره. توفي سنة أربع وخمسمائة.
عبد الرحيم بن أحمد الأصيلي: من أهل قرطبة، يكنى: أبا عبد الرحمن،
ويعرف: بابن العجوز.
روى عن ابن أبي زيد، وعن القابسي وغيرهما حدث عنه قاسم بن أصبغ
الخزرجي.
عبد الباقي بن محمد بن سعيد بن أصبغ بن بريال الأنصاري: من أهل وادي
الحجارة، يكنى: أبا بكر.
(1/366)
روى عن المنذر بن المنذر، وأبي الوليد هشام
بن أحمد الكناني، وأبي محمد القاسم ابن الفتح، وأبي عمر الطلمنكي
وغيرهم. وكان نبيلا حافظا، ذكيا أديبا شاعرا محسنا سكن في آخر عمره
المرية، وأخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا، وتوفي في مستهل شهر رمضان سنة
اثنتين وخمسمائة بمدينة بلنسية وعمر عمرا طويلاً. وكان مولده سنة ست
عشرة وأربع مئة.
عبد الميهمن بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن الأصبغ القرشي: من
أهل قرطبة، يكنى: أبا محمد. ويعرف: بابن المش.
روى عن أبيه وعن القاضي يونس بن عبد الله وسمع منهما، وكان عفيفا
منقبضا وقد أخذ عنه أبو الأصبغ بن سهل وغيره. قال ابن حيان وتوفي ودفن
عشي يوم الاثنين بمقبرة أم سلمة لأربع بقين من رجب سنة سبع وخمسين
وأربع مئة. وأتبعه الناس ثناء جميلا، وكان مولده سنة أربع مئة.
عبد الحق بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق الخزرجي، من أهل قرطبة،
يكنى: أبا محمد.
روى عن الفقيه أبي عبد الله محمد بن فرج معظم ما عنده واختص به، وناظر
عند الفقيهين أبي جعفر بن رزق، وأبي الحسن بن حمدين، وأجاز له أبو
العباس العذري ما رواه. وكان فقيها حافظا للمسائل، عارفا بالشروط، حسن
الخط. وقد درس الفقه، وقد سمع الناس منه بعض ما رواه وتوفي رحمه الله
عقب صفر سنة أربع وعشرين وخمس مائة.
عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي: من أهل غرناطة يكنى:
أبا محمد.
روى عن أبيه، وأبي علي، ومحمد بن فرج، وأبي محمد بن عتاب وغيرهم. وكان
(1/367)
واسع المعرفة قوي الأدب، متفننا في العلوم.
أخذ الناس عنه. وتوفي رحمه الله في سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة.
عبد الجليل بن عبد العزيز بن محمد الأموي المقرىء: من أهل قرطبة، يكنى:
أبا الحسن.
روى عن أبي الحسن علي بن خلف العبسي المقرىء، وأبي عبد الله محمد بن
فرج، وأبي علي الغساني، وخازم بن محمد، وأبي الحسن سراج بن عبد الملك،
ومالك بن عبد الله العتبي. وسمع: من جماعة من شيوخنا، ورحل إلى شرق
الأندلس فأخذ عن أبي داود سليمان بن نجاح المقرىء، وأبي الحسين يحيى بن
إبراهيم، المعروف: بابن البياز، وأبي علي الصدفي وغيرهم. وأخذ بإشبيلية
عن أبي عبد الله الخولاني، وأبي الحسن بن الأخضر، وأبي الحسن شريح بن
محمد وغيرهم.
وكان عارفا بالقراءات وطرقها، مجودا لها، ضابطا لحروفها وله مشاركةٌ في
الحديث وعناية بسماعه وروايته، ومعرفة بأسماء رجاله ونقلته. مع حظٍ
وافر من الأدب، واللغة، والعربية، ولم يزل طالبا للعلم ومقيدا له
ومعتنيا به إلى أن مات رحمه الله. سمعنا منه وأجاز لنا ما رواه. وقد
أخذ معنا عن جماعة من شيوخنا، وكان متواضعا، وكان يقرىء الناس بالمسجد
الجامع بقرطبة.
وتوفي رحمه الله ليلة الأربعاء، ودفن عشي يوم الأربعاء لثمانٍ خلون من
المحرم سنة ستٍ وعشرين وخمسمائة، ودفن بمقبرة أم سلمة ومولده سنة ثلاث
وستين وأربع مئة.
عبد القهار بن سعيد بن يحيى الأموي: من ساكني شرق الأندلس، يكنى: أبا
محمد.
روى عن أبي سعيد الجعفري، سمع منه سنة أربع عشرة وأربع مئة، وعن أبي
عمرو
(1/368)
المقرىء سمع منه سنة ثلاث وعشرين وأربع
مئة. حدث عنه أبو بكر بن عتيق بن محمد بن عبد الحميد المقرىء من أهل
دانية، وأبو عبد الله الخولاني المري شيخنا رحمه الله.
عبد العظيم بن سعيد اليحصبي المقرىء: من أهل دانية، يكنى: أبا محمد.
روى عن أبي سهل المقرىء، وأبو عبد الله الخولاني المري شيخنا رحمه
الله، وعن أبي الوليد الباجي، وأبي الحسن بن الخشاب، وأبي القاسم
الطليطلي المقرىء وغيرهم. وكان مقرئا أقرأ الناس ببلده، وأخذ عنه بعض
أصحابنا وتوفي في نحو العشرين وخمسمائة.
عبد ربه بن جهور القيسي: من أهل طلبيرة، يكنى: أبا الوليد.
روى عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد السلام الحافظ وغيره. روى
عنه ابنه إبراهيم بن عبد ربه.
عبد الغالب بن يوسف السالمي: منها، يكنى: أبا محمد.
صحب أبا عبد الله بن شيرين القاضي وغيره. وكان عالما بالأصول
والاعتقادات وسكن سبتة وخطب بها، ثم انتقل إلى مراكش وتوفي بها سنة ست
عشرة وخمسمائة أفادنيه القاضي أبو الفضل بن عياض.
عبد المجيد بن عبد الله بن عبد ربه الفهري: من أهل يابرة، يكنى: أبا
محمد.
روى عن أبي الحجاج الأعلم، وأبي بكر عاصم بن أيوب، وأبي مروان بن سراج
وغيرهم. وله كتابٌ في نصرة أبي عبيد علي ابن قتيبة. وكان أديبا مقدما،
شاعرا
(1/369)
عالما بالخبر والأثر ومعاني الحديث. أخذ
الناس عنه، وتوفي بيابرة منصرفا لزيارة من له بها سنة سبع وعشرين
وخمسمائة.
عبد الرحيم بن قاسم بن محمد النحوي المقرىء: من أهل الفرج، يكنى: أبا
الحسن.
روى عن أبي علي، وخازم بن محمد، ومحمد بن المورة وغيرهم. وكان: من أهل
المعرفة والفهم، والذكاء والحفظ، قوي الأدب، كثير الكتب. وكان دينا
فاضلا خيرا كثير الصلاة صاحب ليل وعبادة، كثير البكاء حتى أثر ذلك
بعينيه. وتوفي رحمه الله عقب شعبان من سنة ثلاث وأربعين وخمس مائة.
ودفن بمقبرة أم سلمة.
(1/370)
الجزءالسابع
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وعلى آله وسلم تسليما
ومن الغرباء في الأسماء المفردة
عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحمن الكتامي السبتي الفقيه، يكنى: أبا
عبد الرحمن، ويعرف: بابن العجوز.
كان عالما بمذهب المالكيين، ذا رواية واسعة بإفريقية والأندلس. ذكره
أبو محمد ابن خزرج وقال: أجاز لي جميع رواياته في رجب سنة ثمان عشرة
وأربع مئة. وتوفي بعد إجازته لي بنحو عامين ومولده سنة خمس وأربعين
وثلاث مائة.
عبد السلام بن مسافر القروي. نزل المرية وكتب بها عن شيوخها. وكان
معتنيا بالآثار. وتوفي سنة إحدى وثمانين وأربع مئة ذكره ابن مدير.
عبد المنعم بن من الله بن أبي بحر الهواري القيرواني، يكنى: أبا الطيب.
قدم الأندلس وحدث بشرقيها عن أبي بكر محمد بن علي بن الحسن بن عبد البر
التميمي وغيره. وكان أديبا شاعرا. وتوفي يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة
بقيت من صفر من سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة.
عبد القادر بن محمد الصدفي القروي، المعروف: بابن الحناط، يكنى: أبا
محمد نزل المرية وسمع منه جماعة من أهل الأندلس وأصله من القيروان.
روى عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الصقلي، وأبي بكر عبد الله بن
محمد القرشي
(1/371)
وعبد الحق الصقلي الفقيه، وأبي بكر بن
وهبون المتعبد وغيرهم. وكان رجلا فاضلا زاهدا، معنياً بالعلم والرواية.
أخبرنا عنه جماعة من أصحابنا. وتوفي رحمه الله بالمرية في ربيع الأول
سنة سبع وخمس مائة. ومولده سنة أربع وعشرين وأربع مئة.
عبد المولى بن إسماعيل التونسي: دخل الأندلس صحبة محمد بن سعدون القروي
وقد روى عنه، وعن أبي علي الغساني، وأخذ أيضا عن عبد الله بن محمد
الخزاعي ومحمود بن علي الكاتب وغيرهما. ورجع إلى بلاده فتوفي بها رحمه
الله، أفادنيه أبو الفضل بن عياض وكتبه بخطه.
عبد الدائم بن مروان بن جبر اللغوي المقرىء، يكنى: أبا القاسم.
نزل المرية وكان قد روى كثيرا من كتب الآداب. واللغات. وحدث عن أبي
الحسين محمد بن الحسين لقيه بالبصرة سنة ست وعشرين وأربع مئة. وعن هلال
ابن المحسن وغيرهما. وسمع بالأندلس من أبي عمر بن عبد البر وغيره.
عبد المنعم بن عبد الله بن غلوش المخزومي الطنجي: منها، يكنى: أبا
محمد.
له رواية عن أبي عبد الملك مروان بن عبد الملك بن سمجون القاضي، وأبي
الحسن الحصري المقرىء وغيرهما. واستقضى بغير موضع من مدن الأندلس، وشهر
بالفضل والعدل في أحكامه. وتوفي بالمرية ليلة الثلاثاء لتسع خلون من
شعبان سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
(1/372)
من اسمه عمر
عمر بن حفص بن عمر المؤدب: من أهل طليلطة، يكنى: أبا حفص حدث عنه
الصاحبان وقالا: توفي سنة ثلاثٍ وسبعين وثلاث مائة.
عمر بن محمد بن إسماعيل الزاهد، المعروف: بالتربي. من أهل تطيلة يكنى:
أبا حفص.
روى بالمشرق عن أبي القاسم بن الصقلي، ومحمد بن إبراهيم النيسابوري
وغيرهما. حدث عنه الصاحبان وقالا: توفي في يوم الخميس مستهل جمادى
الآخرة سنة تسع وسبعين وثلاث مائة.
عمر بن محمد بن إبراهيم العامري، يعرف: بابن الرفا: من أهل بجانة
وقاضيها، يكنى: أبا حفص.
له رحلة إلى المشرق سمع فيها من أبي بكر الأبهري الفقيه ومن أبي الحسن
علي ابن الحسن بن حمدان النمري، وأخذ عن أبي بك بن المنذر كتاب الأشراف
من تأليفه وغيرهم. وحدث بكتاب أحكام القرآن لإسماعيل سمع منه أبو
الوليد بن ميقل ووليد بن خطاب، وعيسى بن أبي العلاء وغيرهم. وأخذ عنه
أيضا بقرطبة القاضي يونس بن عبد الله، وأبو عبد الله بن نبات وغيرهما،
واستقضي ببلده ثم نقل منه إلى قضاء تدمير وتولاه إلى أن توفي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد، عن أبيه قال: نا محمد بن نبات،
قال: نا عمر ابن محمد بن إبراهيم العامري، قال: نا علي بن الحسن
النمري، قال: نا أبو بشر الدولابي، قال: حدثني روح بن الفرج، قال: نا
أبا مصعب، قال: حدثني
(1/373)
ابن أبي حازم قال: قلت لمالك بن أنس: ما
شرابك؟ قال: شرابي في الصيف السكر، وفي الشتاء العسل. وتوفي أبو حفص
هذا في سنة ثمانين وثلاث مائة. ذكر وفاته بن عفيف.
عمر بن عبادل الرعيني: من أهل رية. سكن قرطبة، يكنى: أبا حفص.
سمع: من أبي القاسم مسلمة بن القاسم وغيره، وكان معلم كتاب. وكان رجلا
صالحا زاهدا ورعا وقد حدث عنه القاضي يونس بن عبد الله في غير موضع من
تصانيفه. وذكر في كتاب المتجهدين من تأليفه عن معوذ بن داود التاكرني
الرجل الصالح قال: رأيت أبا حفص عمر بن عبادل الرعيني الزاهد في منامي
بعد موته فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت
من الخير. قال معوذٌ: فتأولت ذلك على أنه خيرا، ولكنه ود أن يكون ذلك
الخير أكثر. قال ابن مفرج: وتوفي سنة ثمانٍ وسبعين وثلاث مائة.
عمر بن محمد بن حفص بن عبد الله بن سعيد المرادي المقرىء: من أهل
تطيلة، يكنى: أبا حفص.
حدث عن أبي موسى بن جبيلية المقرىء الفاسي، وعلي بن خليفة وغيرهما. حدث
عنه الصاحبان رحمهما الله.
عمر بن علي الحجاري: منها، يكنى: أبا حفص.
روى عن أبي جعفر بن عون الله، وابن مفرج، وعباس بن أصبغ، وأحمد بن خالد
التاجر. وله رحلة لقي فيها أبا عبد الله بن الوشا بمصر ونظراءه وكتب
عنهم وسمع منهم روايات وفوائد كثيرة. حدث عنه الخولاني وقال: استجزته
فأجاز لي جميع روايته بخطه سنة سبع وتسعين وثلاث مائة.
(1/374)
عمر بن حسين بن محمد بن نابل الأموي: من
أهل قرطبة، يكنى: أبا حفص.
سمع: من قاسم بن أصبغ. وأبي عبد الملك بن أبي دليم، ومحمد بن عيسى بن
رفاعة الخولاني، وأبي بكر بن معاوية، ومن أبيه حسين بن محمد بن نابل.
وكان شيخا صالحا من بيت علم ودين. وكف بصره في آخر عمره سمع الناس منه
كثيرا.
قال ابن حيان: وتوفي في الوباء لثمانٍ خلون من ذي القعدة سنة إحدى
وأربع مئة وكان قد عهد إلى ابن ابنه أن يدرجه في كفن دون قطن للأثر
الصالح في ذلك، فكأن وليه كره خلاف العادة وأحضر القطن مع الأكفان فلما
سواها الغاسل فوق المشجب ووضع القطن فوقه للبخور طارت شرارةٌ من المجمر
إلى القطن فأحرقته وطرح من فوق المشجب والنار قد أشعلته ولم ينل الكفن
منه شيء من أذاها فكشف ابن ابنه عند ذلك ما كان تخطاه من وصيته لمن حضر
فعجبوا منه. ورؤها آية أنفذ بها عهد العبد الصالح على كره وليه فكفنوه
دون قطن، وتحدث الناس زمأنا بشأنه. وكان ثقة صدوقا عفيفا موسرا رحمه
الله.
عمر بن نمارة بن عمر بن حبيب بن روح بن مطرح الأموي: من أهل قرطبة،
يكنى: أبا حفص.
روى عن أبي عبد الملك بن عبد البر تاريخه في فقهاء قرطبة، وعن القاضي
منذر ابن سعيد وأبي العباس الباغاني المقرىء، حدث عنه أبو عمر بن عبد
البر، وأبو عمر بن سميق القاضي، وتوفي في نحو الأربع مئة.
عمر بن محمد بن عمر الجهني المكتب: من أهل المرية، يكنى: أبا حفص.
(1/375)
حدث: عن أبي بكر محمد بن الحسين الآجري
بكتاب الأربعين حديثا له حدث به عنه أبو عمر أحمد بن محمد المقرىء
الطلمنكي، وأبو القاسم حاتم بن محمد وغيرهما، وسمع أيضا أبو حفص هذا من
أبي القاسم الوهراني، وكان رجلا صالحا متعبدا برابطة المرية وبها توفي
رحمه الله في شوال سنة تسعٍ وأربع مئة. نقلت وفاته من خط أبي عمر
الطلمنكي.
عمر بن محمد بن عمر بن عبد العزيز يعرف: بابن القوطية. من أهل قرطبة،
يكنى: أبا حفص.
روى عن أبيه وغيره. حدث عنه أبو بكر بن الغراب البطليوسي وقال: كان
أديبا شاعرا.
عمر بن سعيد البشكلاري: من أهل قرطبة، يكنى: أبا حفص.
حدث عن خلف بن قاسم وغيره. حدث عنه ابن أخيه عبد الله بن محمد بن سعيد
البشكلاري.
عمر بن أبي عمرو، واسمه: لب بن أحمد البكري: من أهل بطليوس.
له رحلة إلى المشرق لقي فيها جماعة من العلماء، وكان يقرض الشعر ويزن
بمعرفته. وتوفي قريباً من العشرين والأربع مئة. ذكره ابن مدير.
عمر بن محمد بن أحمد بن يحيى بن مفرج: من أهل قرطبة، يكنى: أبا حفص ولد
القاضي أبي عبد الله بن مفرج كبير المحدثين بقرطبة.
سمع: من أبيه معظم ما عنده من روايته، ومن أبي جعفر بن عون الله، وأبي
محمد
(1/376)
ابن عبد الله بن محمد بن قاسم وغيرهم. ولا
أعلمه حدث عن غيره. وكان ثقة في روايته. روى عنه أبو مروان الطبني
وقال: توفي لخمسٍ خلون من رجب سنة خمسٍ وثلاثين وأربع مئة.
عمر بن حزم بن أحمد بن عمر بن حزم الحضرمي القنبي: من أهل إشبيلية،
يكنى: أبا حفص. من بني عصفور.
لقي شيوخا جلة بقرطبة وإشبيلية، وله رحلة إلى المشرق لقي فيها العلماء.
ذكره أبو محمد بن خزرج وروى عنه وقال: توفي في جمادى الأولى سنة سبع
وأربعين وأربع مئة، ومولده سنة ستين وثلاث مئة.
عمر بن عبيد الله بن زاهر: أندلسي استوطن بونة من عمل إفريقية، يكنى:
أبا حفص.
روى عن أبي عمران الفاسي الفقيه، وأبي عبد الملك مروان بن علي الأسدي
البوني، وأبي القاسم إسماعيل بن يربوع السبتي وغيرهم. ذكره أبو مروان
عبد الملك ابن زيادة الله الطبني في شيوخه الذين لقيهم بالمشرق وأثنى
عليه.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّهِ: أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ الْجَلِيلُ أَبُو حَفْصٍ
عُمَرُ بْنُ زَاهِرٍ وَكَتَبْتُهُ من خطه قال: أنا أَبُو عِمْرَانَ
مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ أَبِي حَاجٍّ الْفَاسِيُّ الْفَقِيهُ فِي
دَارِهِ بِالْقَيْرَوَانِ، قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ الْفَقِيهُ ابْنُ
الْقَابِسِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: قَالَ لَنَا حَمْزَةُ بْنُ
مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ حِينَ دَخَلْتُ عَلَيْهِ أَنَا، وَأَبُو
مُوسَى عِيسَى بْنُ سَعَادَةَ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الأَصِيلِيُّ
وَوَافَقْنَاهُ نَازِلا فِي الدَّرَجِ دَرَجِ مَسْجِدٍ، يُقَالُ
أَنَّهُ مَسْجِدُ ابْنِ لَهِيعَةَ فِي حَضْرَمَوْتَ فَقَالَ: مَنْ
هَؤُلاءِ؟ فَقِيلَ لَهُ قَوْمٌ مَغَارِبَةٌ: فَوَقَفَ فَسَلَّمْنَا
عَلَيْهِ. ثُمَّ رَجَعَ فَعَقَدَ فَنَظَرَ فِي وُجُوهِنَا وقال:
(1/377)
مَا أَرَى إِلا خَيْرًا. حَدّثُونَا عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو
بْنِ قَيْسٍ الْمُلائِيِّ، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " احْذَرُوا فَرَاسَةَ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ ينظر بنور
الله، وتلى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ " وَتُوُفِّيَ
رَحِمَهُ الله بعد سنة أربعين وأربع مئة.
عمر بن سهل بن مسعود اللخمي المقرىء: من أهل طليطلة، يكنى: أبا حفص.
رحل إلى المشرق وروى عن أبي أحمد السامري وأبي الطيب بن غلبون، وعن أبي
القاسم بن أخطل، والمهدوي، والصائغ، والمشاعلي، وأبي العباس السعدي
القاضي، وأبي الحسن القابسي، وأبي عبد الملك البوني، وأبي عمران
الفاسي، وأبي الحسن ابن نجاح روى عنه كتاب سبل الخيرات من تأليفه
وغيرهم.
وروى أيضا ببلده عن القاضي أبي الحسن عبد الرحمن بن مخلد بن بقي،
والسفاقسي وأبي عمر بن الحذاء وغيرهم. وكان إماما في كتاب الله تعالى،
حافظا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، عالما بطرقه، لسنا حافظا لأسماء
الرجال وأنسابهم، خفيف الحال قليل المال، قانعا راضيا رحمه الله حدث
عنه أبو المطرف بن البيروله وذكر من خبره ما ذكرته. وتوفي بعد سنة
اثنتين وأربعين وأربع مئة.
عمر بن محمد بن عبد الوهاب بن الشراني الرعيني: من أهل طليلطة، يكنى:
أبا حفص.
(1/378)
روى عن ابن الفخار، وابن مغيث. وكان مفتياً
توفي في رجب سنة سبع وأربعين وأربع مئة. ذكره. ط.
عمر بن عبيد الله بن يوسف بن عبد الله بن يحيى بن حامد الذهلي، كذا
قرأت نسبه بخطه وهو: من أهل قرطبة، يكنى أبا حفص. ويعرف: بالزهراوي.
روى عن القاضي أبي المطرف بن فطيس، وعبد الوارث بن سفيان، وأبي الوليد
ابن الفرضي، وأبي محمد بن أسد، وأبي زيد العطار، وأبي عمر سعيد بن عبد
ربه، وأبي عبد الله العطار، وابن أبي زمنين، وأبي المطرف القنازعي،
وأبي القاسم الوهراني وسلمة بن سعيد، والجعفري وجماعة كثيرة سواهم.
وأخذ بالزهراء عن أبي سليمان عبد السلام بن السمح، وأبي إسحاق إبراهيم
ابن عبد الرحمن بن إبراهيم، وعبد الله بن عبدون.
وحدثنا بإشبيلية عن أبي بكر بن زهر، وأبي القاسم بن عصفور، وابن منظور،
وأبي بكر بن المغيرة، وأبي سليمان بن المغيرة وغيرهم. وكتب إليه أو
الحسن القابسي بإجازة ما رواه. وكان معتنيا بنقل الحديث وروايته وسماعه
من الشيوخ في وقته، جامعا للكتب مكثرا في الرواية، حدث عنه من المشاهير
أبو عبد الله بن عتاب، وابناه أبو محمد، وأبو القاسم، وأبو مروان
الطبني، وأبو عمر بن مهدي المقرىء وقال: كان رجلا خيرا، متصاونا، ثقة
فيما رواه. ضابطا له، قديم الطلب جمع كتبا ورواها. وحدث عنه أيضا أبو
علي الغساني وذكر أنه اختلط في آخر عمره، وأخبرني عنه شيخنا أبو محمد
بحكايات سمعها منه وأراني خطه بإجازة له وقال لي: إن أبا حفص هذا لحقته
خصاصة في آخر عمره فكان يتكفف الناس.
وقرأت بخط أبي مروان الطبني، قال: أخبرني أبو حفصٍ هذا قال: شددت
(1/379)
في داري بالربض الغربي ثمانية أحمال من كتب
لإخرجها إلى مكان غيره ولم يتم لي العزم حتى انتهبها البربر.
كذلك أخبرنا محمد بن عتاب، قال: أنا أبو حفص هذا ونقلته من خطه، قال:
نا عبد الرحمن بن يوسف الرفا، قال: نا أبو يحيى بن الأشج، قال: كنت عند
أبي محمد الحسن بن رشيق العدل بمصر في العسكر يعني الربض فأتى بوثيقة
ليشهد فيها فنظر إلى موضع ضيق بقي من السطر فلم يكتب فيه وكتب أول
السطر الثاني. فقال له صاحب الوثيقة: لو كتبت هنا أعزك الله. يعني في
المكان الضيق فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير المجالس
أوسعها ". أناه أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ
اللَّهِ قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ، قال: نا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ سَلامَةَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ:
نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَامِعٍ السُّكَّرِيُّ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: نا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أُوذِنَ أَبُو سَعِيدٍ
بِجِنَازَةٍ فِي قَوْمِهِ فَكَأَنَّهُ تَخَلَّفَ حَتَّى أَخَذَ
النَّاسُ مَجَالِسَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ
تَسَرَّبُوا عَنْهُ فَقَامَ بعضهم ليجلس في مجلسه فقال: إلا إِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خَيْرُ
الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا " ثُمَّ تَنَحَّى فَجَلَسَ فِي مكانٍ
وَاسِعٍ.
قال ابن حيان: توفي أبو حفص يوم الجمعة، ودفن يوم السبت منتصف صفر من
سنة أربع وخمسين وأربع مئة. ودفن بالربض وصلى عليه محمد بن جهور،
ومولده بالزهراء يوم الجمعة لعشر خلون من صفر من سنة إحدى وستين وثلاث
مائة. وقال: ابن مهدي مولده أول سنة سبعين وثلاث مائة، وهو وهم منه.
عمر بن مقيوس: من أهل المرية، يكنى: أبا حفص.
(1/380)
يحدث عن خزز بن معصب البجاني. حدث عنه أبو
إسحاق بن وردون القاضي.
عمر بن إبراهيم بن محمد الهوزني، يعرف: يا بن أبي هريرة: من أهل
إشبيلية، يكنى: أبا حفص.
كان ثاقب الذهن، متصرفا في العلوم لا سيما في علم الحساب، ذا طلب قديم
واجتهاد ذكره ابن خزرج وقال: صحبناه عند الفقيه التيمي وتوفي لسبع خلون
من المحرم سنة ستٍ وخمسين وأربع مئة. ومولده سنة ستٍ وتسعين وثلاث مئة.
عمر بن الحسن بن عمر بن عبد الرحمن بن عمر الهوزني: من أهل إشبيلية
يكنى: أبا حفص.
روى ببلده عن أبي بكر محمد بن عبد الرحمن العواد، وأبي إسحاق ابن أبي
قابوس وأبي القاسم بن عصفور، وابن الأحدب، وأبي عبد الله الباجي، وأبي
محمد الشنتجيالي وغيرهم. ورحل إلى المشرق سنة أربع وأربعين وأربع مئة
وحج وأخذ عن أبي محمد ابن الوليد وغيره.
ذكره ابن خزرج وقال: كان متفننا في العلوم، قد أخذ من كل فن منها بحظ
وافر مع ثقوب فهمه، وصحة ضبطه. وكان مولده في رجب سنة اثنتين وتسعين
وثلاث مئة. وقتله المعتضد بالله عباد بن محمد ظلما بقصره بإشبيلية
ودفنه به ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر من سنة ستين
وأربع مئة، وتناول قتله بيده ودفنه بثيابه وقلنسوته، وهيل عليه التراب
داخل القصر من غير غسل ولا صلاة رحمه الله. والله المطالب بدمه لا إله
إلا هو.
(1/381)
عمر بن عمر بن يونس بن كريب الأصبحي: من
ساكني طليطلة، وأصله من سرقسطة، يكنى: أبا حفص.
روى عن أبي الحسن علي بن موسى بن حزب الله الشيخ الصالح، وأبي محمد بن
يحيى بن محارب، وأبي عمرو المقرىء، وأجاز له الصاحبان أبو إسحاق، وأبو
جعفر. وسمع: من القاضي أبي الحزم خلف بن هاشم العبدري، والقاضي أبي عبد
الله بن الحذاء، والقاضي عبد الرحمن بن عبد الله بن جحاف، وأبي عمر
الطلمنكي، وأبي بكر ابن زهر، وثابت بن ثابت البر ذلوري وغيرهم. وكان
رجلا فاضلا ثقة فيما رواه وعمر وأسن، وتوفي بطليطلة سنة ستٍ وسبعين
وأربع مئة.
عمر بن محمد بن واجب: من أهل بلنسية، يكنى: أبا حفص.
روى عن أبي عمر الطلمنكي المقرىء، وسمع: من أبي عبد الله بن الحذاء:
صحيح مسلم وغيره. وكان صاحب أحكام بلنسية، ومن أهل الفضل والجلالة.
وأخبرنا عنه حفيده أبو الحسن محمد بن واجب بن عمر بن واجب القاضي. توفي
قريبا من السبعين والأربع مئة، وسنة نحو الستين، وكان قد حج.
ذكر ذلك ابن مدير وقد أخذ عنه أيضا أبو علي بن سكرة. وذكر غيره: أنه
توفي في شعبان سنة ست وسبعين وأربع مئة.
عمر بن حيان بن خلف بن حيان: من أهل قرطبة، يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبيه، وأبي محمد بن حزم، ومحمد بن عتاب، وحاتم بن محمد وغيرهم.
وكان: من أهل النبل والذكاء، والحفظ واليقظة، والفصاحة الكاملة، أنا
عنه شيخنا أبو الحسن بن مغيث ووصفه بما ذكرته من نباهته. قتله المأمون
الفتح بن محمد ابن عباد بالمدور ومثل به سنة أربع وسبعين وأربع مئة.
(1/382)
عمر بن خلف الهمداني الإلبيري منها: يكنى:
أبا حفص.
كان: من أهل المعرفة والخير والفضل. وله رواية عن أبي إسحاق إبراهيم بن
مسعود وغيره. وتوفي سنة إحدى وخمس مائة.
عمر بن أحمد بن رزق التجيبي: من أهل المرية، يكنى: أبا بكر، ويعرف:
بابن الفصيح.
روى عن أبي عمرو المقرىء وغيره. أخذ الناس عنه وكان ثقة فيما رواه وعني
به، وتوفي سنة سبع وخمسمائة. أخبرني بأمره أبو بكر يحيى بن محمد
صاحبنا.
ومن الكنى في هذا الباب
أبو عمر الحصار: الإمام الزاهد. كان شديد الورع، كثير الانقباض عظيم
الصبر. وتوفي في ربيع الأول سنة تسعٍ وعشرين وأربع مئة. ذكره ابن حيان.
ومن الغرباء
عمر بن صالح القيرواني: منها، يكنى: أبا حفص.
أخذ بها عن أبي بكر بن عبد الرحمن، وأبي عمران الفاسي، وعني بالأصول
والفروع، وأخذ الناس عنه. وتوفي سنة ستين وأربع مئة. ذكره أبو القاسم
المقرىء.
(1/383)
من اسمه عثمان
عثمان بن أحمد بن محمد بن يوسف المعافري. من أهل قرطبة. سكن إشبيلية،
يكنى: أبا عمرو. ويعرف: بالقيشطيالي.
روى عن أبيه أحمد بن محمد. وكان من جلة المحدثين، وسمع مع أبيه على أبي
عيسى الليثي موطأ مالك رواية يحيى بن يحيى، وتفسير ابن نافع. وسمع من
القاضي أبي بكر بن السليم، وأبي بكر بن القوطية، والزبيدي، والأنطاكي
وغيرهم.
وكان أبو عمرو هذا حضيرا للمؤيد بالله أمير المؤمنين هشام بن الحكم عند
أبيه أبي القاسم.
قال ابن خزرج: وكان أبو عمرو من أهل الطهارة والعفاف والثقة وروايته
كثيرة. وتوفي في صفر سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة، وهو ابن ثمانين سنة.
وحدث عنه أيضا أبو عبد الله الخولاني وابنه، ومحمد بن شريح.
عثمان بن خلف بن مفرج الأنصاري: من أهل سرقسطة، يكنى: أبا سعيد.
روى عن أبي محمد الأصيلي وغيره. ورحل إلى المشرق لأداء الفريضة فحج
وكتب بخطه علما كثيرا. وكان عالما حافظا ورعا سمع منه القاضي محمد بن
يحيى بن فورتش وغيره. وتوفي سنة خمس وعشرين وأربع مئة.
عثمان بن علي بن مسلم بن علي السريجي الميورقي، يكنى: أبا سعيد.
روى بالعراق عن شيوخ لقيهم. وسمع من عبد العزيز بن جعفر الأندي المعمر
وصحبه بالأندلس زمأنا واختص به. ذكره أبو محمد بن خزرج وقال: لقيته
بإشبيلية سنة سبع وثلاثين وأربع مئة. وكان من أهل الثقة والفضل ومولده
سنة خمس وستين وثلاث مائة.
(1/384)
|