الصلة في تاريخ أئمة الأندلس
حرف الياء
من اسنه يحي
يحيى بن حكم بن محمد العاملي: من أهل
قرطبة؛ ويعرف بابن اللبان.
كان في عداد المفتين بقرطبة بتقديم بن زرب. وكان ثقة عدلاً كثير الملق
توفي رحمه الله سنة ثمانين وثلاث مائة. ذكره القبشي.
يحيى بن إسحاق بن فلفل. من أهل قرطبة؛
يكنى: أبا زكرياء.
روى عن قاسم بن أصبغ وغيره. حدث وتوفي في ربيع الأول سنة ستٍّ وثمانين
وثلاث مائة. ودفن بمقبرة الرصافة. من كتاب ابن عتاب.
يحيى بن محمد بن وهب بن مسرة بن حكم بن
مفرج التميمي: من أهل مدينة الفرج؛ يكنى: أبا زكرياء.
سمع ببلده من جده وهب بن مسرة وغيره. ورحل إلى المشرق وروى عن أبي بكر
الطرسوسي، والحسن بن رشيق، وأبي الطيب الحريري، وأبي بكر بن إسماعيل،
وعبد الغني بن سعيد الحافظ وغيرهم.
روى عنه الناس كثيرا واختصر كتاب الأسماء والكنى للنسائي اختصارا حسنا
مفيدا. وقرأت بخط أبي محمد بن ذنين قال لنا أبو زكرياء يحيى بن محمد بن
وهب بن مسرة: ذرعت من الصفا إلى المروة فوجدنا فيه خمسة وخمسين باعا
ومائتي باع. منها إلى الميل الأخضر خمسة وأربعون باعا، ومن الميل إلى
الميل الثاني وهو بطن المسيل الذي فيه الهرولة أربعون باعا، وما بين
المروة إلى العلم الأخضر وهو الذي يسمى الميل سبعون ومائة باع ذرعه أبو
زكرياء في ذي القعدة سنة تسع وستين وثلاث مائة.
(1/624)
قال ابن شنظير: توفي يوم الجمعة عقب ذي
القعدة سنة أربع وتسعين وثلاث مائة. ومولده سنة أربع وثلاثين وثلاث
مائة.
يحيى بن أحمد بن جابر بن عبيدة: من أهل
بجانة؛ يكنى: أبا زكرياء.
روى عن سعيد بن فحلون وغيره. حدث عنه الصاحبان وذكرا أنه أجاز لهما سنة
ثلاث وتسعين وثلاث مائة.
يحيى بن سليمان بن يحيى بن عبد الله
الكلبي: من أهل قرطبة؛ يكنى أبا بكر.
كانت له رواية وعناية. حدث عنه الصاحبان، وهشام بن محمد بن سليمان
وأخوه قاسم وغيرهم. وكان مولده سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة. وتوفي
قبل الأربع مائة.
يحيى بن عمر بن عبد الله بن عبد البر بن
قحطبة الأنصاري البزاز: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا بكر.
حدث عنه أبو بكر بن أبيض وقال: مولده سنة اثنتين وعشرين وثلاث مائة.
وكان سكناه بالمدينة عند مسجد الزجاجين.
يحيى بن عمر بن حسين بن محمد بن عمر بن
نابل: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا القاسم.
روى عن أبي الحسن الأنطاكي وغيره. حدث عنه الخولاني وقال: كان من أهل
الفضل والصلاح والخير مع التقدم في الفهم والإمامة من العلم من بيتة
طهارة وهدى وسنة هو وأبوه وجده رحمهم الله كلهم على طريقة مثلى.
حج أبو القاسم هذا مع أبيه أبي حفص وحج جده أبو بكر حسين بن محمد قديما
(1/625)
وسمع كل واحد منهم بالأندلس والمشرق وعنوا
بالعلم على مذهب الشيوخ والمحدثين بالروايات والسماع. قال ابن حيان
وكان فقيها حافظا ورعا خيرا عفيفا، مستورا، مقتديا بالسلف. قدم إلى
المشرق بعهد العامرية على يدي القاضي ابن ذكوان سنة ثلاث وتسعين وثلاث
مائة. وقلده الخليفة هشام عند الحادثة علي بني ذكوان خطة الرد وهو عليل
فجاءته الولاية في اليوم الذي توفي فيه. وكان من كلامه: إذا ذهب الملاء
من الناس فلا خير في البقاء بعدهم، ومن كلامه: لا خير في خيرٍ لا يعم.
وتوفي ليلة الخميس لعشر بقين من جمادى الأول سنة إحدى وأربع مائة. ودفن
إثر صلاة العصر بمقبرة فرانك وصلى عليه أبوه أبو حفص وكان صديقا لآل
ذكوان مختصا بالقاضي أبي العباس منهم، فلحقه للحادث عليهم أيضا جزعٌ
عظيم اختلط من أجله فاحتجب وأقام ستة أيام عليلا ثم قضى نحبه. وتوفي
رحمه الله في التاريخ بعد نعي آل ذكوان بخمس عشرة ليلة، وبعد وفاة
الشيخ أبي عمر بن المكوي باثني عشرة ليلة.
يحيى بن أحمد بن محمد بن عبد الله التميمي
والد القاضي أبي عبد الله بن الحذاء: من أهل قرطبة.
كان شيخاً حكيماً أديبا حلوا وسيما، موقرا في الناس حسن الخلق. وتوفي
سنة اثنتين وأربع مائة. في شوال وهو ابن ستٍّ وتسعين سنة، وابنه حينئذ
قاضي على بجانة وأعمالها ذكره القبشي.
يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود بن موسى،
يعرف: بابن وجه الجنة. من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا بكر.
سمع: من قاسم بن أصبغ، وابن أبي دليم، وأحمد بن سعيد بن حزم، وأحمد بن
مطرف، ومحمد بن معاوية القرشي. وكان رجلا صالحا أحد العدول عند ابن
السليم،
(1/626)
وابن زرب. وعمر عمرا طويلا. حدث عنه جماعة
من العلماء. وتوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وأربع مائة. وكان يلتزم
صناعة الخرازين. قرأت هذا بخط أبي عبد الله بن عتاب وأبي علي.
يحيى بن عبد الرحمن بن وافد اللخمي قاضي
الجماعة بقرطبة؛ يكنى: أبا بكر.
سمع بقرطبة: من أبي عيسى الليثي وغيره. ورحل إلى المشرق فحج ولقي بمكة
أبا الحسن بن جهضم وسمع منه ومن غيره. وصحب في رحلته أبا محمد بن أبي
زيد فناظره وأعجب أبو محمد بحفظه ومعرفته. وكان فقيها حافظا ذاكرا
للمسائل بصيرا بالأحكام مع الورع والفضل والدين والتواضع والتحفظ بدينه
ومروءته. واستقضاه الخليفة هشام بن الحكم بقرطبة مرتين فقضى بين الناس
أحسن قضاء وسار بأحسن سيرة. وكان يؤذن في مسجده ويقيم الصلاة فيه في
مدتي قضائه، ونالته نفعه الله محنة شديدة من قبل البرابرة حين تغلبهم
على قرطبة؛ وبلغوا منه مبلغا عظيما وحبس بقصر قرطبة إلى أن توفي به،
وأخرج إلى الناس مغطى في نعش وصلي عليه بجوار الباب الغربي من الجامع
ودفن يوم الأحد لأربع عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة أربع وأربع مائة.
ودفن بالربض وصلى عليه حماد الزاهد.
يحيى بن محمد بيطيز بن لب: من أهل قرطبة؛
يكنى: أبا زكرياء.
روى عن أبي بكر بن السليم، وأبي بكر بن القوطية وغيرهما. وكانت له رحلة
إلى المشرق ولم يكتب فيها إلا عن قليل، وتوفي سنة أربع وأربع مائة.
نقلته من خط ابن عتاب وحدث عنه أيضا قاسم بن إبراهيم الخزرجي وذكر أنه
أجاز له ما رواه.
(1/627)
يحيى بن زكرياء بن
محمد الزهري القرشي: من أهل تطيلة؛ يكنى: أبا بكر.
روى ببلده عن عبد الله بن بسام وغيره. حدث عنه الصاحبان وقالا: كان
رجلا صالحا رحمه الله.
يحيى بن محمد بن يحيى، يعرف: بابن القيم:
من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا بكر. حدث عنه أبو عمر بن مهدي المقرئ.
يحيى بن إبراهيم بن محارب: من أهل سرقسطة؛
يكنى: أبا محمد.
روى عن القاضي أبي محمد الثغري، وعبدوس بن محمد، ورحل إلى المشرق وحج
وروى عن أبي القاسم السقطي، وأبي موسى عيسى بن حنيف وغيرهما، وكان رجلا
فاضلا زاهدا ويقال أنه كان مجاب الدعوة، وله كتاب صفة الجنة من تأليفه.
روى عنه الصاحبان، وقاسم بن هلال، وعمر بن كريب، وموسى بن خلف بن أبي
درهم، ووضاح بن محمد السرقسطي وقال: كان: من أهل الدين والورع ما رأيت
أورع منه، وتوفي سنة أربع عشرة وأربع مائة.
يحيى بن نجاح - مولى جعفر الحاجب الفتى
الكبير؛ مولى أمير المؤمنين الحكم بن عبد الرحمن - من أهل
قرطبة: يكنى: أبا الحسين، ويعرف: بابن القلاس.
نشأ بقرطبة، وخرج في مدة المظفر عبد الملك بن أبي عامر إلى المشرق وقضى
فريضة الحج، واستوطن مصر، وكان من أهل العلم والورع والزهد وهو مؤلف
كتاب سبل الخيرات في الوصايا؛ والمواعظ والزهد؛ والرقائق وهو كثير
بأيدي الناس، وأسمعه
(1/628)
بمكة، وبها أخذه عنه أبو محمد عبد الله بن
سعيد الشنتجيالي وغيره. وأخذ عنه أيضا يعقوب بن حماد بمصر لقيه بها.
وذكر القاضي أبو عمر بن سميق: أن يحيى هذا كان يكنى بقرطبة بأبي زكرياء
فلما صار بمصر تكنى بأبي الحسين. قال غيره: وتوفي بمصر سنة اثنتين
وعشرين وأربع مائة.
يحيى بن عبد الملك بن مهنا: من أهل قرطبة،
وصاحب الصلاة بالمسجد الجامع بقرطبة؛ يكنى: أبا زكرياء.
روى عن أبي الحسن الأنطاكي وغيره. قال ابن مهدي: كان رجلا صالحا، خيرا،
صحيح المذهب، حافظا للقرآن، مجودا لحرف نافع من أمثل تلاميذ أبي الحسن
الأنطاكي وأضبطهم لما قرأ به عليه، غير متكلف في قراءته، ولم يكن الرجل
ذا علمٍ إلا أنه كان روى عن أبي الحسن الأنطاكي شيخه كتبا في القرآن
وقيدها عليه، وتوفي في نصف جمادى الآخرة، ودفن يوم الجمعة سنة أربع
وعشرين وأربع مائة. وهو ابن ثمانين سنة، ومولده سنة تسعٍ وثلاثين وثلاث
مائة. نقلته من خط ابن مهدي المقرئ. وحدث عنه أيضا محمد بن عتاب
الفقيه.
يحيى بن عبد الله بن محمد بن يحيى القرشي
الجمحي الوهراني؛ يكنى: أبا بكر.
يحدث عن أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي الفقيه، وأبي عمر
الإشبيلي، وعباس بن أصبغ، وابن العطار، وأبي نصر النحوي وغيرهم.
حدث عنه أبو حفص عمر بن الحسن الهوزني، وأبو محمد بن خزرج وقال: كان
متصرفا في العلوم قوي الحفظ، حسن الفهم. وكان علم الحديث أغلب عليه،
وتوفي في حدود سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين وأربع مائة. وهو ابن سبعين
سنة أو نحوها.
يحيى بن يحيى بن عبد السلام: من أهل قرطبة
روى عن أبي محمد الأصيلي وأبي زيد العطار، وخلف بن قاسم وغيرهم
كثير. وعني بسماع الحديث عناية كثيرة. وخطه حسن مليح الشكل كثير
الإتقان.
(1/629)
يحيى بن سعيد بن
يحيى بن بكر الرصافي؛ يعرف: بابن الطواق: من أهل قرطبة؛
يكنى: أبا بكر.
روى عن أبي عبد الله بن مفرج وغيره. وسمع بالمشرق من أبي بكر بن
إسماعيل وغيره. حدث عنه الخولاني وقال: كان من أهل القرآن طالبا للعلم
مع الضبط والفهم للحديث، والتكرر على الشيوخ بالأندلس والمشرق وقت
رحلته وحجه، وروايته كثيرة، وعنايته مشهورة. وكان: من أهل السنة،
مجانبا لأهل البدع وتاركا لها ولأهلها، وتوفي بتطيلة ليلة الاثنين
منتصف جمادى الآخرة سنة ثلاثٍ وثلاثين وأربع مائة. وولد في صفر من سنة
خمس وخمسين وثلاث مائة.
يحيى بن عبد الله بن كيس من أهل قرطبة؛
يكنى: أبا بكر.
ذكره ابن حيان وقال: سمع الحديث من عدة لحقهم، وكان: متكلما حاذقا
مستبحرا في ذلك ما نعلم بالأندلس في وقته أبصر منه بالكلام والجدل ونحو
ذلك، وتوفي في آخر ربيع الأول من سنة ستٍّ وثلاثين وأربع مائة. وهو ابن
سبع وأربعين سنة وأصابته سكتة قبل موته رحمه الله.
يحيى بن عبد الله بن ثابت الفهري النحوي من
أهل طليطلة؛ يكنى: أبا بكر.
سمع: من عبدوس بن محمد وإبراهيم بن محمد، وأحمد بن محمد بن ميمون
وغيرهم. وكان يحفظ الفقه والعربية حفظا جيدا، وكان فصيح اللسان شاعرا،
وتوفي في صفر سنة ستٍّ وثلاثين وأربع مائة. ذكره ابن مطاهر، وحدث عنه
أيضا أبو الوليد الوقشي.
يحيى بن هشام بن أحمد بن محمد بن عبد الملك
بن الأصبغ القرشي، يعرف: بابن الأفطس؛ ويكنى: أبا بكر.
(1/630)
كان بارعا في الآداب، عالما بالعربية،
حافظا للغة، مقدما في معاني الأشعار الجاهلية والإسلامية، مشاركا في
غير ذلك من العلوم، أخذ عن ابن صاحب الأحباس وغيره. ذكره ابن خزرج
وقال: توفي ببطليوس رسولا سنة سبع وثلاثين وأربع مائة. ومولده سنة
تسعين وثلاث مائة.
يحيى بن محمد بن أحمد بن عبد الملك القرشي
العثماني: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا بكر.
روى عن عون الله، وابن مفرج، وعباس بن أصبغ، وإسماعيل بن إسحاق، وهاشم
بن يحيى، وسهل بن إبراهيم وغيرهم.
حدث عنه الخولاني وقال: كان من أهل العلم، والتقدم للفهم للحديث والسنن
والرأي والآداب، لقي الشيوخ وكتب عنهم، وسمع منهم، وذكره أيضا ابن خزرج
وأثنى عليه ووصفه بالفصاحة والتفنن في العلوم وقال: توفي في صدر شعبان
سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة. وهو ابن ثمان وسبعين سنة. ومولده سنة
ستين وثلاث مائة.
يحيى بن محمد بن حسين الغساني، يعرف:
بالقليعي: من أهل غرناطة؛ يكنى: أبا زكرياء.
روي عن أبي عبد الله بن أبي زمنين جميع ما عنده، وعن أبي محمد بن خلف
ابن علي السبتي، ورحل إلى المشرق وسمع من: أبي عبد الملك مروان بن علي
البوني، وكان خيرا فاضلا ثقة فيما رواه.
أجاز لشيخنا أبي محمد بن عتاب مع أبيه ما رواه عن ابن أبي زمنين خاصة،
وأراني خطه بالإجازة تاريخها محرم سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة.
(1/631)
وحدث عنه القاضي أبو الأصبغ بن سهل وقال:
كان من كبار أهل غرناطة موضعه مشاورا، حسن الهيئة والسمت فاضلا جزلا
رحمه الله، قال لي أبو جعفر: وتوفي سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة.
يحيى بن محمد بن يبقى بن زرب - ولد القاضي
أبي بكر بن زرب -: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا بكر.
سمع على القاضي يونس بن عبد الله وغيره، وقلده أبو الوليد بن جهور
أحكام القضاء بقرطبة بعد أبي علي بن ذكوان، وجمع له معهما الصلاة
والخطبة، ولم يكن له علم، ولم يزل يتولى ذلك إلى أن توفي يوم الجمعة،
ودفن يوم السبت لخمس بقين من رجب من سنة سبع وأربعين وأربع مائة. وصلى
عليه محمد بن جهور، ومولده سنة اثنتين وثمانين وثلاث مائة.
يحيى بن محمد بن يحيى الأموي: من أهل
طليطلة؛ يكنى: أبا بكر.
سمع من محمد بن مغيث، ومحمد بن أحمد بن بدر، وفرج بن أبي الحكم وكان
صاحب أدب وشعر وبلاغة، وحسن الخط. وكان وقورا مسمتاً توفي سنة إحدى
وستين وأربع مائة.
يحيى بن فرج بن يوسف الأنصاري: من أهل
سرقسطة؛ يكنى: أبا الحسن.
له رحلة إلى المشرق في سنة خمس وعشرين وأربع مائة. سمع فيها من أبي عبد
الله محمد بن الفضل بن نظيف وغيره. وكتب بخطه علما كثيرا ورواه، وتصدر
للإقراء ببلده، وأقرأ القرآن وأسمع الحديث وكان يعرف فيها بالمصري.
يحيى بن سعيد بن أحمد بن يحيى بن الحديدي:
من أهل طليطلة؛ يكنى: أبا بكر.
(1/632)
سمع من أبي محمد بن عباس، وحماد بن عمار،
والتبريزي وغيرهم. وناظر على أبي بكر بن مغيث، وكان نبيلا متفننا،
فصيحا فطنا مقدما في الشورى، وكانت له مكانة عند المأمون يحيى بن ذي
النون، وكان لا يقطع في شيء من أوامره إلا عن مشورته ودخل مع المأمون
قرطبة إذ ملكها. وكان مستوليا على أمره فلما توفي المأمون استثقله
حفيده القادر بالله حتى قتل بقصره ضحوة يوم الجمعة من المحرم سنة ثمان
وستين وأربع مائة. ذكره ابن مطاهر.
يحيى بن عيسى بن خلف بن أبي درهم: من أهل
وشقة؛ يكنى: أبا عبد الله.
سمع من خاله موسى بن عيسى، ومن أبي الوليد الباجي وتولى القضاء بوشقة.
وكان أبو علي بن سكرة يحسن الثناء عليه.
يحيى بن عبد الله بن أحمد الغافقي: من أهل
قرطبة؛ يكنى: أبا بكر، يعرف بالرشتشاني.
رحل إلى المشرق وحج ولقي بمصر أبا محمد بن الوليد الأندلسي وأخذ عنه،
وسمع بإشبيلية من أبي عبد الله بن منظور، وكتب للقاضي أبي عبد الله بن
بقي دوليته في القضاء بقرطبة. وكان ثقة فاضلا وقد أخذ عنه شيخنا أبو
الحسن ابن مغيث. وتوفي رحمه الله ليلة الأربعاء ودفن يوم الأربعاء
لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة أربع وثمانين وأربع مائة.
يحيى بن إبراهيم بن أبي ريد اللواتي
المقرئ، يعرف: بابن البيان. من أهل مرسية؛ يكنى: أبا الحسن.
روى عن أبي محمد مكي بن أبي طالب، وأبي عمرو المقرئ وغيرهما. ورحل إلى
(1/633)
المشرق وحج ولقي عبد الوهاب القاضي بمصر
وأخذ عنه كتاب التلقين من تأليفه. وأقرأ الناس القرآن وعمر وأسن
وأخبرنا عنه جماعة من شيوخنا، وسمعت بعضهم ضعفه وينسبه إلى الكذب
وادعاء الرواية عن أقوام لم يلقهم ولا كاتبوه، ويشبه أن يكون ذلك في
وقت اختلاطه والله أعلم، لأنه اختلط في آخر عمره.
وقرأت بخط القاضي محمد بن عبد العزيز شيخنا. توفي أبو الحسين المقرئ
رحمه الله بمرسية يوم السبت بعد صلاة العصر لثلاث خلون من المحرم ودفن
يوم الأحد عند صلاة العصر سنة ست وتسعين وأربع مائة. ومولده سنة ست
وأربع مائة.
يحيى بن أيوب بن القاسم الفهري: من أهل
شاطبة؛ يكنى: أبا زكرياء.
روى عن أبي الحسن طاهر بن مفوز ورحل إلى المشرق سنة خمس وسبعين وأربع
مائة. وحج وأخذ عن أبي العز الجوزي وغيره بمكة.
وأنشدنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن أيوب صاحبنا وكتبه لي بخطه قال:
أنشدنا عمي يحيى بن أيوب، قال: أنشدنا أبو العز الجوزي في المسجد
الحرام، قال: أنشدنا أبو نصر محمد بن عبدوية الشاهد، قال: أنشدنا أبو
علي الحسن بن العباس القرماني، قال: أنشدنا هبة الله بن الحسين
الشيرازي لنفسه:
عليك بأصحاب الحديث فإنهم ... على منهج للدين ما زال معلما
وما النور إلا في الحديث وأهله ... إذا دجى الليل البهيم وأظلما
ومن يترك الآثار ضلل سعيه ... وهل يترك الآثار من كان مسلما
وأعلى البرايا من إلى السمنن اعتزا ... وأغوى البرايا من إلى البدع
انتمى
يحيى بن سعيد بن حبيب المحاربي: من أهل
جيان؛ يكنى: أبا زكرياء.
(1/634)
قرأ القرآن بالروايات السبع ببلده على أبي
عبد الله محمد بن أحمد المقرئ الفراء الزاهد، وسمع بقرطبة: من أبي عبد
الله محمد بن عتاب الفقيه، والقاضي سراج بن عبد الله وغيرهما. وأقرأ
الناس القرآن بقرطبة، ثم استقضى بجيان وخطب بها ثم صرف عن ذلك واستمر
على الخطبة. وتوفي بجيان وسط سنة خمسمائة وقد نيف على الثمانين.
يحيى بن عبد الله بن الجد الفهري: من أهل
لبلة. وسكن إشبيلية؛ يكنى: أبا بكر.
كان جامعا لفنون من المعارف، وكان مذهبه النظر في الحديث والتفقه فيه
وله رواية عن أبي القاسم الهوزني وغيره. وشوور بإشبيلية، وتوفي في
جمادى الأولى سنة سبع وخمس مائة.
يحيى بن محمد بن دريد الأسدي؛ يكنى: أبا
بكر.
يروي عن أبا الوليد الباجي وغيره، وكان من أهل المعرفة والتحقيق بالأدب
واللغات وقد أخذ عنه رحمه الله.
يحيى بن محمد بن فرج بن فتح؛ يعرف: بابن
الحاج، من أهل مجريط؛ يكنى: أبا العباس.
روى عن أبي يعقوب بن عبد الرحمن بن حماد وغيره. وكان من أهل المعرفة
بالأدب والعربية، وكان يعلمها وقد أخذ عنه أصحابنا. وكان أحد العدول
وتوفي رحمه الله ودفن يوم الاثنين لأربع بقين من ربيع الأول سنة خمس
عشرة وخمس مائة بقرطبة، ودفن بمقبرة أم سلمة، حضرت جنازته.
يحيى بن عمرو بن بقا الجذامي؛ يكنى: أبا
بكر، ويعرف: بالمرجوني.
(1/635)
سكن قرطبة وأخذ بها عن أبي عبد الله محمد
بن فرج الفقيه، وأبي علي الغساني، وناظر عند الفقيه أبي الحسن حمدين
وأخذ ببطليوس عن أبي شاكر حامد بن ناهض وغيره. وكان حافظا للفقه، عارفا
بعقد الشروط وعللها، مقدما في معرفتها وإتقانها وله كتاب مختصر فيها،
وتأثل منها مالا. وتوفي في صدر جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين وخمس
مائة. وكان مولده سنة سبع وخمسين وأربع مائة.
يحيى بن محمد بن أبي المطرف، من أهل قرطبة؛
يكنى: أبا الحكم.
روى عن أبي بكر محمد بن هشام المصحفي واختص به، وعن أبي عبد الله محمد
ابن فرج، وأبي علي الغساني، وحازم بن محمد وغيرهم. وروى كثيرا من كتب
الأدب واللغة وقد أخذ عنه بعضها ولم يكن عنده ضبط ولا إتقان لما رواه.
وتوفي رحمه الله ودفن يوم الجمعة عقب محرم سنة ست وعشرين وخمس مائة.
يحيى بن موسى بن عبد الله: من أهل قرطبة؛
يكنى أبا بكر.
روى عن أبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني، وأبي محمد بن أبي
غالب وغيرهم. وكان رجلا صالحا عفيفا خيرا طاهرا مقبلا على ما يعنيه.
قرأنا عليه فوائد ابن صخر وتوفي رحمه الله في عقب صفر سنة إحدى وأربعين
وخمس مائة. ودفن بالربض.
يحيى بن محمد بن رزق من أهل المرية صاحبنا؛
يكنى: أبا بكر.
أخذ عن جماعة من شيوخنا وصحبنا عند بعضهم. وكان محدثا حافظا، متيقظا
عارفا بالحديث ورجاله وروايته، ثقة في روايته ومعرفته، دينا فاضلا
عالما بما يحدث. وقد أخذ عنه وتوفي رحمه الله بسبتة في شعبان سنة ستين
وخمس مائة. ومولده رحمه الله فيما أخبرني به سنة ثلاث وخمسين.
(1/636)
من اسنه يوسف
يوسف بن عبد الملك. ثغري؛ يكنى: أبا عمر.
روى عن وهب بن مسرة وغيره. حدث عنه الصاحبان وقالا: توفي في المحرم سنة
سبع وثمانين وثلاث مائة.
يوسف بن يونس الأموي: من أهل قلعة أيوب؛
يكنى: أبا عمرو. ويعرف: بالموري.
له رحلة إلى المشرق أخذ فيها عن أبي الوشا، والضراب، وأبي حفص عمر بن
عراك، وراثق الصقلي وغيرهم. وأخذ ببلده عن القاضي أبي محمد عبد الله بن
قاسم وغيرهم. حدث عنه الصاحبان، وأبو عمرو المقرئ.
يوسف بن محمد بن يوسف بن عبد الله المؤذن
بالمسجد الجامع بقرطبة؛ يكنى: أبا عمر. روى عن أبي بكر القرشي
كثيرا، وعن مسلمة بن قاسم، وأبي بكر الدينوري. وذكره الخولاني وقال:
كان شيخا صالحا من أهل الهيئات وطالبا للروايات والعلم قديما. وحدث عنه
أيضا أبو عمر بن عبد البر وغيره. وتوفي في نحو الأربع مائة. قال ابن
أبيض: ومولده سنة ستٍّ وعشرين وثلاث مائة.
يوسف بن هارون الرمادي الشاعر: من أهل
قرطبة؛ يكنى: أبا عمر.
كان شاعر الأندلس المشهور، والمقدم على الشعراء. روى عن أبي علي
البغدادي كتاب النوادر من تأليفه، وقد أخذ عنه أبو عمر بن عبد البر
قطعة من شعره ورواها
(1/637)
عنه وضمنها بعض تواليفه. قال لي ابن مغيث:
كان يلقب بأبي جنيش فنقل إلى الرمادي. قال ابن حيان: وتوفي سنة ثلاث
وأربع مائة. يوم العنصرة فقيرا معدما ودفن بمقبرة كلع.
يوسف بن خلف بن سفيان بن عمر بن أسود
الغساني البجاني المكتب سكن قرطبة؛ يكنى: أبا عمر.
سمع: من مسلمة بن قاسم، ومن أحمد بن سعيد ونظرائهما. وكان يؤم في مسجده
ويعلم القرآن. حدث عنه أبو عبد الله الخولاني وقال: كان وراقا محسناً،
حسن الرتبة، كثير الدربة، مقتنعا في دنياه، متقللا منها، منقبضا عن
الناس، مقبلا على ما يعنيه، وعمر نحو الثمانين سنة. قال: وسألته عن
مولده: فقال ولدت سنة الخندق. فقلت: سنة سبع وعشرين؟ قال: نعم، وتوفي
بعد الأربع مائة، وحدث عنه أيضا الصاحبان، وهشام بن هلال، وأخوه قاسم
وغيرهم.
يوسف بن عمر بن أيوب بن زكرياء التجيبي.
ثغري أصله من بربشتر؛ يكنى: أبا عمر. روى بقرطبة عن أبي زكرياء
بن فطرة وله رحلة سمع فيها من الحسن بن رشيق بمصر وغيره. حدث عنه
الصاحبان وتوفي بعدهما بأندة سنة ثمان وأربع مائة، وحدث عنه أيضا أبو
عمرو المقرئ.
يوسف بن عمر بن يوسف الأنصاري الخزرجي،
يعرف: بابن الفخار. من أهل قلعة عبد السلام؛ يكنى: أبا عمر.
يحدث عن مسعود بن سعيد بن عبد الرحمن وغيره. حدث عنه أبو محمد بن ذنين.
(1/638)
يوسف بن ورمز بن
خيران السكوني البطليوسي، يكنى: أبا عمر.
كان بارعا في الآداب والترسيل، وعالما بالعربية، حسن الخط. أخذ بقرطبة
عن أبي بكر الزبيدي، وابن أبي الجباب، وأبي عثمان بن الفواز وغيرهم.
ذكره ابن خزرج وقال: توفي سنة أربع وعشرين وأربع مائة. وقد قارب
الثمانين.
يوسف بن فضالة الأديب؛ يكنى: أبا الحجاج من
أصحاب أبي علي البغدادي، وممن شهر بصحبته أخذ عنه أبو سهل
الحراني وذكره في شيوخه الذين لقيهم.
يوسف بن أصبغ بن خضر الأنصاري: من أهل
طليطلة. يكنى: أبا عمر.
روى عن أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الخشني، وفتح بن إبراهيم، وأبي
المطرف ابن ذنين وغيرهم. وعني بالعلم العناية التامة، وجمع الدواوين
والرواية، وجمع مسند موطأ مالك رواية القعنبي عنه في سفر.
قال ابن مطاهر: أخبرني الثقة قال: كنت أرى في النوم أن صومعة مسجد سهلة
تتهدم، فتأول ذلك موت يوسف بن خضر فكان كذلك، وسمع قائل يقول وجنازته
مارة: بطن مملواً علما يصير إلى القبر، وتوفي في صفر سنة إحدى وثلاثين
وأربع مائة.
يوسف بن عمر الجهني، يعرف: بابن أبي تلة، من أهل طليطلة؛ يكنى: أبا
عمر.
كان له علم بالفرائض والآداب، وطالع النجوم واستبحر في ذلك، وتوفي سنة
خمس وثلاثين وأربع مائة.
(1/639)
يوسف بن سليمان بن
مروان الأنصاري، يعرف: بالرباحي تجول بالأندلس؛ وأصله
منها يكنى: أبا عمر.
كان فقيها عالما، متدينا ورعا فاضلا متقللا من الدنيا، جماعة للعلم،
طويل اللسان، فقيه البدن، نحويا عروضيا شاعرا نسابة، خيرا يسرد الصيام
ويديم القيام، يفر بدينه، ويهرب من الناس، ويخلو لربه، وله كتاب في
الرد على القبري.
حدث عنه أبو المطرف بن البيرولة ووصفه بما ذكرنا من فضائله، وذكره أبو
محمد ابن خزرج وأثنى عليه وقال: كان متفننا في العلوم مجاب الدعوة،
بصيراً للحجاج والاستنباط، وتجول بالأندلس وسكن إشبيلية وغيرها، وله رد
على أبي محمد الأصيلي في أشياء ذكرها عنه القنازي، وتوفي بمرسية آخر
سنة ثمان وأربعين وأربع مائة. ومولده سنة سبع وستين وثلاث مائة. وكان
صاحبا لأبي عمر بن عبد البر.
يوسف بن عبد الله بن خيرون الأديب؛ يكنى:
أبا عمر.
أخذ عن أبي القاسم أحمد بن أبان بن سيد وغيره، وكان عالما بالآداب
واللغات أخذ عنه أبو محمد غانم بن وليد المالقي وغيره.
يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن
عاصم النمري إمام عصره، وواحد دهره؛ يكنى: أبا عمر.
روى بقرطبة عن أبي القاسم خلف بن القاسم الحافظ، وعبد الوارث بن سفيان،
وسعيد بن نصر، وأبي محمد بن المؤمن، وأبي محمد بن أسد، وأبي عمر
الباجي، وأبي زكرياء الأشعري، وأحمد بن فتح الرسان، وأبي عمر الطلمنكي،
وأبي المطرف القنازعي؛ والقاضي يونس بن عبد الله، وأبي الوليد بن
الفرضي وغيرهم يطول ذكرهم. وكتب إليه من أهل المشرق أبو القاسم السقطي
المكي، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، وأبو الفتح بن سيبخت، وأحمد بن نصر
الداودي، وأبو ذر الهروي، وأبو محمد بن النحاس المصري وغيرهم.
(1/640)
قرأت بخط صاحبنا أبي الوليد بن الدباغ،
قال: سمعت القاضي أبا علي بن سكرة شيخنا يقول: سمعت القاضي الإمام أبا
الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في
الحديث. وكتب إلي أبو بكر بن فتحون بخطه قال: سمعت أبا علي بن سكرة
يقول: سمعت القاضي أبا الوليد الباجي وقد جرى ذكر أبي عمر بن عبد البر
عنده. فقال: أبو عمر أحفظ أهل المغرب. سمعت القاضي أبا عبد الله محمد
بن أحمد بن الحاج رحمه الله يقول: سمعت أبا علي الغساني يقول: سمعت أبا
عمر بن عبد البر يقول: لم يكن أحدٌ ببلدنا مثل أبي محمد قاسم بن محمد،
وأبي عمر أحمد بن خلف الجباب. قال أبو علي وأنا أقول إن شاء الله: إن
أبا عمر لم يكن بدونهما ولا متخلفا عنهما.
قال أبو علي: وأبو عمر شيخنا رحمه الله من المثمرين قاسط في ربيعة من
أهل قرطبة بها طلب وتفقه ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك هاشم الفقيه
الإشبيلي وكتب بين يديه، ولزم أبا الوليد بن الفرضي الحافظ وعنه أخذ
كثيرا من علم الحديث، ودأب أبو عمر في طلب العلم، وافتن فيه وبرع براعة
فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس وألف في الموطإ كتبا مفيدة منها:
كتاب التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد ورتبه على أسماء شيوخ
مالك على حروف المعجم وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله، وهو سبعون
جزءا.
قال أبو محمد بن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف
أحسن منه؟!. ثم صنع كتاب الاستذكار لمذاهب العلماء الأمصار فيما تضمنه
موطأ مالك من معاني الرأي والآثار شرح فيه الموطأ على وجهه، ونسق
أبوابه، وجمع في أسماء الصحابة كتابا جليلا مفيدا سماه كتاب الاستيعاب
في أسماء الصحابة رضي الله عنهم. وله كتاب جامع بيان العلم وفضله وما
بلغني في روايته وحمله، وغير ذلك من تواليفه، وكان موفقا في التأليف،
معأنا عليه، ونفع الله بتواليفه، وكان مع تقدمه
(1/641)
في علم الأثر، وبصره بالفقه، ومعاني الحديث
له بسطة كبيرة في علم النسب والخبر.
جلى عن وطنه ومنشئه قرطبة فكان في الغرب مدة، ثم تحول إلى شرق الأندلس
وسكن منه دانية، وبلنسية، وشاطبة، وبها توفي رحمه الله في ربيع الآخر،
ودفن يوم الجمعة لصلاة العصر من سنة ثلاث وستين وأربع مائة. وصلى عليه
صاحبنا أبو الحسن طاهر بن مفوز المعافري. قال أبو علي وسمعت طاهر بن
مفوز يقول: سمعت أبا عمر يقول: ولدت يوم الجمعة والإمام يخطب لخمس بقين
من ربيع الآخر سنة ثمان وستين. وهو اليوم التاسع والعشرون من نونبر.
قال طاهر: أرانيه الشيخ بخط أبيه عبد الله بن محمد رحمه الله.
يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حماد:
من أهل مجريط؛ يكنى: أبا يعقوب.
روى عن أبيه جميع ما رواه، وعن أبي عبد الله بن الفخار، وأبي عمر
الطلمنكي، وأبي محمد الشنتجيالي. ورحل إلى المشرق وحج ولقي أبا ذر
الهروي وسمع منه، ولقي أبا الحسين يحيى بن نجاح وسمع منه بعض كتاب سبل
الخيرات من تأليفه وأجاز له سائرها. ولقي ببرقة: أبا سعيد ميمون بن
طريف، ولقي بأطرابلس أبا الحسن بن المنمر وصحبه مدة وقرأ عليه كتابه في
الفرائض. وكان أبو يعقوب هذا ثقة فيما رواه. وتوفي رحمه الله بمجريط
سنة ثلاث وسبعين وأربع مائة. قرأت وفاته بخط ابنه عبد الرحمن ومولده
سنة خمس وتسعين وثلاث مائة.
يوسف بن علي بن جبارة الهذلي الأندلسي
المقرئ؛ يكنى: أبا الحجاج.
روى بالمشرق عن جماعة كثيرة منهم: أبو العباس أحمد بن سعيد بن نفيس
المقرئ،
(1/642)
وأحمد بن علي بن هاشم المقرئ، وعبد الملك
بن سابور وغيرهم كثير، وله كتاب حفل في القراءات سماه بكتاب الكامل
وذكر فيه أنه لقي من الشيوخ ثلاث مائة وخمسة وستين شيخا من آخر ديار
الغرب إلى باب فرغانة، وكتب إلينا بإجازة هذا الكتاب القاضي أبو المظفر
الطبري من مكة يخبرنا به عن أبي العز محمد بن الحسين المقرئ من مؤلفه.
يوسف بن موسى بن يوسف الأسدي: من أهل
طليطلة؛ يعرف: بابن البابش.
أخذ عن محمد بن مغيث ومحمد بن بدر، وشوور في الأحكام وتوفي بولمش، ودفن
بها في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وأربع مائة.
يوسف بن محمد بن بكير الكناني: من أهل
طليطلة؛ يكنى: أبا عبد الله.
سمع: ودفن أبيه القاضي محمد بن بكير، وناظر عند أحمد بن مغيث. وكان
ذكيا متصرفا في الفقه والحديث والفرائض. ورحل حاجا ثم انصرف وولي قضاء
قلعة رباح، وكان متحريا في أموره كلها، حسن الزي والهيئة. توفي في ذي
الحجة من سنة خمس وسبعين وأربع مائة.
يوسف بن عيسى بن سليمان النحوي؛ يعرف:
بالأعلم. من أهل شنتمرية الغرب؛ يكنى: أبا الحجاج.
رحل إلى قرطبة سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة، وأقام بها مدة وأخذ عن أبي
القاسم إبراهيم بن محمد بن زكرياء الإفليلي، وأبي سهل الحراني، وأبي
بكر مسلم بن أحمد الأديب. وكان عالما باللغات والعربية ومعاني الأشعار،
حافظا لجميعها، كثير العناية بها،
(1/643)
حسن الضبط لها، مشهورا بمعرفتها وإتقانها،
أخذ الناس عنه كثيرا وكانت الرحلة في وقته إليه، وقد أخذ عنه أبو علي
الغساني، وأخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا، وكف بصره في آخر عمره وتوفي
رحمه الله سنة ستٍّ وسبعين وأربع مائة بمدينة إشبيلية. وكان مولده سنة
عشر وأربع مائة.
يوسف بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عديس
الأنصاري: من أهل شريون؛ يكنى: أبا الحجاج.
أخذ عن أبي عمر بن عبد البر كثيرا، وسمع بطليطلة من أبي بكر جماهر بن
عبد الرحمن وغيره وسكن بها مدة وتفقه بها. وكان من أهل العلم والمعرفة
والفهم، حافظا ذكيا متفننا وله كلام على معاني من الحديث أخبرنا عنه
أبو عامر جلب الشاطبي في كتابه إلينا وأثنى عليه وتوفي ببلاده العدوة.
يوسف بن القاسم بن أيوب الفهري: من أهل
شاطبة؛ أبا الحجاج.
حدث عن أبي الحسن طاهر بن مفوز بكثير من روايته وعن غيره. وكان ثقة في
روايته أخبرنا عنه بعض أصحابنا. وروى الناس عنه وهو من بيته نباهة
وديانة.
يوسف بن موسى الكلبي الضرير: من أهل
سرقسطة؛ يكنى: أبا الحجاج.
له سماع من أبي مروان بن سراج، وأبي علي الجبائي وغيرهما. وكان: من أهل
التبحر والتقدم في علم التوحيد والاعتقادات وهو آخر أئمة العرب فيه.
أخذه عن أبي بكر الرازي وكان مختصا به، وله تصانيف حسان وأراجيز مشهورة
وانتقل أخيرا إلى العدوة وسكن حضرة السلطان. توفي فجأة في سنة عشرين
وخمس مائة.
يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيرة
الليثي صاحبنا: من أهل أندة. سكن مرسية؛ يكنى: أبا الوليد،
ويعرف: بابن الدباغ.
(1/644)
روى عن أبي علي الصدفي كثيرا ولازمه طويلا.
وأخذ عن جماعة شيوخنا وصحبنا عند بعضهم. وكان من أنبل أصحابنا وأعرفهم
بطريقة الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وثقافتهم وضعفائهم وأعمارهم
وأقادمهم؛ ومن أهل العناية الكاملة بتقييد العلم ولقاء الشيوخ. لقي
منهم كثيرا وكتب عنهم وسمع منهم وشهر ببلده ثم خطب به وقتا. وتوفي رحمه
الله: سنة ستٍّ وأربعين وخمس مائة. وقال لي: مولده سنة اثنتين وثمانين
وأربع مائة.
ومن الغرباء في هذا الباب
يوسف بن حمود بن خلف بن أبي مسلم الصدفي:
من أهل سبتة وقاضيها؛ يكنى: أبا الحجاج.
وكان آخر قضاة بني أمية بسبتة قدمه المستعين سابق بن حكم لقضياها
فاستمر على ذلك نيفا وعشرين سنة؛ وخرج إلى الحج أثناء ذلك تخلصا منها
فلم يحل فأمر بالاستخلاف فسمع في رحلته من أبي ذر الهروي، وأبي عبد
الله الصوري وغيرهما، وانصرف فرجع إلى خطته. وكان له سماع قديم
بالأندلس من أبي بكر الزبيدي، وأبي محمد الأصيلي، وخطاب بن مسلمة وأبي
محمد الباجي وغيرهم. وكان رجلا صالحا متواضعا، وكانت له جنانٌ يحفرها
بيده، وكان أديبا شاعرا. قال ابن خزرج: وتوفي سنة ثمان وعشرين وأربع
مائة. ومولده سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.
(1/645)
من اسنه يونس
يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد
بن عبد الله قاضي الجماعة بقرطبة وصاحب الصلاة والخطبة بجامعها؛
يكنى: أبا الوليد، ويعرف: بابن الصفار.
روى عن أبي بكر محمد بن معاوية القرشي، وأبي بكر إسماعيل بن بدر، وأحمد
بن ثابت التغلبي، وأبي عيسى الليثي، وأبي جعفر تميم بن محمد القروي،
وأبي عبد الله بن الخراز، وأبي بكر محمد بن أحمد بن خالد، وأبي بكر بن
القوطية، وقاضي الجماعة محمد بن إسحاق بن السليم، وقاضي الجماعة أبي
بكر بن زرب وتفقه معه وجمع مسائله، وأحمد بن خالد التاجر، وأبي بكر
يحيى بن مجاهد، وأبي جعفر بن عون الله، وأبي عبد الله بن مفرج، وأبي
محمد الباجي، وأبي زكرياء بن عائذ، وأبي بكر الزبيدي، وأبي الحسن عبد
الرحمن بن أحمد بن بقي، وأبي محمد بن عبد المومن، وأبي عبد الله بن أبي
دليم، وأبي محمد بن عثمان وغيرهم كثير سمع منهم وكتب العلم عنهم. وكتب
إليه من أهل المشرق أبو يعقوب بن الدخيل، وأبو الحسن بن جهضم المكيان،
والحسن بن رشيق، وأبو الحسن الدارقطني الحافظ، وأبو محمد بن أبي زيد
الفقيه وغيرهم.
واستقضى في أول أمره ببطليوس وأعمالها، ثم صرف عنها وولي الخطبة بجامع
الزهراء مضافة له إلى خطته في الشورى، ثم ولي خطة الرد مكان ابن ذكوان
بعهد العامرية والخطبة بجامع الزاهرة، ثم ولي أحكام القضاء والصلاة
والخطبة بالمسجد الجامع بقرطبة مع الوزارة، ثم صرف عن ذلك كله ولزم
بيته إلى أن قلده المعتمد بالله هشام بن محمد المرواني قضاء الجماعة
بقرطبة والصلاة والخطبة بأهلها في ذي الحجة سنة تسع عشرة وأربع مائة،
وبقي قاضيا إلى أن مات رحمه الله.
قال صاحبه أبو عمر بن مهدي رحمه الله وقرأته بخطه: كان نفعه الله من
أهل
(1/646)
الحديث والفقه، كثير الرواية، وافر الحظ من
علم اللغة والعربية، قائلا للشعر النفيس في معاني الزهد وما شابهه،
بليغا في خطبه، كثير الخشوع فيها لا يتمالك من سمعه عن البكاء مع الخير
والفضل والزهد في الدنيا والرضا منها باليسير، ما رأيت فيمن لقيت من
شيوخي من يضاهيه في جميع أحواله كنت إذا ذاكرته شيئا من أمور الآخرة
أرى وجهه يصفر ويدافع البكاء ما استطاع وربما غلبه فلا يقدر أن يمسكه،
وكان الدمع قد أثر في عينيه وغيرها لكثرة بكائه، وكان النور باديا على
وجهه، وكان قد صحب الصالحين ولقيهم من حداثته ما رأيت أحفظ منه
لأخبارهم وحكاياتهم.
ومن تواليفه كتاب فضائل المنقطعين إلى الله عز وجل؛ وكتاب التسلي عن
الدنيا بتأميل خير الآخرة؛ وكتاب فضائل المتهجدين؛ وكتاب التسبيب
والتيسير؛ وكتاب الابتهاج بمحبة الله عز وجل؛ وكتاب المستصرخين بالله
تعالى عند نزول البلاء وغير ذلك من تواليفه في معاني الزهد وضروبه.
روى عنه من مشاهير العلماء أبو محمد مكي بن أبي طالب المقرئ، وأبو عبد
الله بن عابد، وأبو عمر بن الحذاء، وأبو عمر بن سميق، وأبو محمد بن
حزم، وأبو القاسم حاتم ابن محمد، وأبو الوليد الباجي، وأبو عبد الله
الخولاني، وأبو عبد الله محمد بن فرج وغيرهم كثير. توفي رحمه الله ليلة
الجمعة ودفن يوم الجمعة بعد العصر لليلتين بقيتا من رجب سنة تسع وعشرين
وأربع مائة. ودفن بمقبرة ابن عباس وشهده خلق عظيم، وكان وقت دفنه غيث
وابل رحمه الله. ومولده لليلتين خلتا من ذي القعدة من سنة ثمان وثلاثين
وثلاث مائة. ذكر وفاته ومولده ابن مهدي وابن حيان وغيرهما.
يونس بن أحمد بن يونس بن عيسون الجذامي
المعروف: بابن الحراني: من أهل قرطبة؛ يكنى: أبا سهل.
(1/647)
أخذ عن أبي عمر بن الحباب، وابن سيد
وغيرهما. وكان بصيرا بلسان العرب، حافظا للغة، قيماً بالأشعار
الجاهلية، عارفاً بالفروض، وأوزان الشعر وعلله، جيد الخط، حسن النقل
ضابطا لما يكتبه مخلصا لما ينقله، يقرأ الناس عليه، ويقتبسون منه،
ويحسن القيام بما يحمله من أصول علم اللسان فهما ورواية، وكان عظيم
اللحية جدا.
حدث عنه أبو مروان بن سراج، وأبو مروان الطبني، وقال: كان بقية أهل
العلم والشعر الجاهلي، وبالغريب وأهله، وأشد الناس تصاونا وانقباضا
رحمه الله.
قال ابن حيان، وتوفي في صدر ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وأربع مائة.
وكانت سنه تسعا وسبعين سنة رحمه الله.
يونس بن محمد: من أهل قرطبة. سكن طليطلة؛
يكنى: أبا الوليد.
لقيه حاتم بن محمد بطليطلة وقال: ناولني كتاب العزلة للخطابي عن أبي
محمد جعفر ابن محمد بن علي المروزي، عن الخطابي وغير ذلك.
يونس بن أحمد بن يونس الأزدي، يعرف: بابن
شوقه. من أهل طليطلة؛ يكنى: أبا الوليد.
روى عن أبي محمد قاسم بن هلال، وجماهر بن عبد الرحمن، وأبي عمر بن عبد
البر، ومحمد بن عبد السلام الحافظ، وأبي عمر بن سميق القاضي وغيرهم.
وكان خيرا فاضلا. كان الأغلب عليه من الحديث ما فيه الزهد والرقائق،
وله بصرٌ بالمسائل وتصرفٌ في الحديث. وكان بارا بإخوانه، جميل المعاشرة
لهم، أحسن الناس خلقا، وأكثرهم بشاشة، لا يخرج من منزله إلا لأمر موكد،
توفي بمجريط في ربيع الأول سنة أربع وسبعين وأربع مائة. ذكره ابن
مطاهر.
(1/648)
يونس بن محمد بن
تمام الأنصاري: من أهل طليطلة؛ يكنى: أبا الوليد.
روى عن عبد الرحمن بن محمد بن عباس، وعبد الله بن سعيد وغيرهما. وكان
فقيها مفتيا، ذاكراً للمسائل وله عناية خاصة بصحيح البخاري مع صلاح
وانقباض وتوفي في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وأربع مائة. ومولده سنة
تسع وأربع مائة.
يونس بن عيسى بن خلف الأنصاري: من أهل
مدينة سالم؛ يكنى: أبا الوليد.
سمع: من أبي عبد الله بن السقاط القاضي وغيره، وقرأ القرآن على أصحاب
أبي عمرو المقرئ أخذ عنه أصحابنا، وقرأت بخط بعضهم أنه توفي سنة ثمان
وخمس مائة.
يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن
عبد الله بن محمد بن مغيث ابن عبد الله: من أهل قرطبة وشيخها
المعظم فيهم؛ يكنى: أبا الحسن.
روى عن جده مغيث بن محمد، وعن القاضي أبي عمر بن الحذاء، وعن أبي
القاسم حاتم بن محمد، وأبي عبد الله محمد بن محمد بن بشير، وأبي مروان
بن سراج، وأبي عبد الله بن منظور، ومحمد بن سعدون القروي، وأبي جعفر بن
رزق، وأبي عبد الله محمد بن فرج، وأبي علي الغساني وغيرهم. وكان عارفا
باللغة والإعراب، ذاكرا للغريب والأنساب، وافر الأدب، قديم الطلب، نبيه
البيت والحسب، جامعا للكتب، راوية للحكايات والأخبار، عالما بمعاني
الأشعار، حافظا لأخبار أهل بلده ديوأنا فيها، حسن الإيراد لها، متفننا
لما يحكيه منها، أنيس المجالسة، مليح المحادثة، جم الإفادة فصيح
الكلام، حسن البيان، مشاورا في الأحكام، بصيرا بالرجال وأسمائهم،
(1/649)
وأزمانهم، وثقاتهم وضعفائهم، وله معرفة
بعلماء الأندلس، وملوكها وسيرهم، وأخبارهم. وكان بارا بمن قصده، مشاركا
لمن عرفه. أخذ الناس عنه كثيرا. وقرأت عليه وسمعت، وأجاز لي بخطه.
أنشدنا أبو الحسن غير مرة، عن جده يونس بن عبد الله قال: كان أبو
زكرياء ابن عائذ ينشدنا في أواخر مجالس السماع:
مجالس أصحاب الحديث حدائقٌ ... تنزه فيها أعينٌ وقلوب
كان مولده رحمه الله في رجب سنة سبع وأربعين وأربع مائة، وتوفي رحمه
الله ليلة الأحد ودفن عشى يوم الأحد الثامن من جمادى الآخرة سنة اثنتين
وثلاثين وخمسمائة، ودفن بمقبرة ابن عباس وشهده جمع عظيم وصلى عليه ابنه
أبو الوليد.
من اسنه يعيش
يعيش بن محمد بن فتحون: من أهل الثغر؛
يكنى: أبا محمد.
له رحلة إلى المشرق روى فيها عن أبي الطاهر العجيفي، وأبي القاسم
الجوهري، وابن عبدان وغيرهم. حدث عنه محمد بن عبد السلام الحافظ.
يعيش بن محمد بن يعيش السدي: من أهل
طليطلة؛ يكنى: أبا بكر.
روى عن أبيه وغيره، وله رحلة إلى المشرق لقي فيها ابن أبي زيد وغيره.
وكانت له عناية كبيرة بالعلم. وكان حافظا للفقه، ذاكرا للمسائل. وتولى
الأحكام ببلده، ثم صار إليه تدبير الرياسة به. ونفع الله به أهل موضعه،
ثم خلع عن ذلك وصار
(1/650)
إلى قلعة أيوب. وتوفي بها سنة ثمان عشرة
وأربع مائة. كذا قال ابن مطاهر. وقال ابن حيان: توفي في صفر سنة تسع
عشرة.
من اسنه يعقوب
يعقوب بن موسى بن طاهر بن أبي الحسام: من
أهل مرسية؛ يكنى: أبا أيوب.
روى ببلده عن أبي الوليد بن ميقل وبقرطبة عن أبي عبد الله بن عتاب،
وحاتم بن محمد، وأبي عمر بن القطان. وكان فقيهاً حافظاً متفنناً ببلده،
وتوفي في صفر سنة إحدى وستين وأربع مائة. ذكره ابن مدير.
يعقوب بن علي بن أحمد بن سعيد بن حزم: من
أهل قرطبة؛ يكنى: أبا أسامة. وهو ولد الحافظ أبي محمد بن حزم.
روى عن أبيه، وعن أبي عمر بن عبد البر إجازة، وعن أبي العباس العذري.
وحج وأدى الفريضة. وكان من أهل النباهة والاستقامة من بيته علم وجلالة.
ذاكرني به أبو جعفر الفقيه وقال لي: توفي في جمادى الأولى سنة ثلاث
وخمس مائة. ومولده سنة أربعين وأربع مائة.
(1/651)
ومن تفاريق الأسماء
يمن بن أحمد بن يمن التجيبي: من أهل
طليطلة؛ يكنى: أبا موسى.
روى عن عبد الرحمن بن عيسى، ووهب بن عيسى، ومحمد بن دسيم، وأخذ بقرطبة
عن ابن أبي دليم، وابن عون الله، وكان بصيرا بالوثائق والإعراب،
والفرض. وله كتاب التوبة من تأليفه؛ وكتاب بر الوالدين خمسة أجزاء.
توفي يوم الجمعة أول شهر ذي الحجة سنة تسعين وثلاث مائة. ذكره ابن
شنظير وروى عنه.
اليسع بن عبد الرحمن بن محمد بن أبان
اللخمي الإمام بقصر إشبيلية؛ يكنى: أبا محمد.
روى عن القاضي أبي عبد الله بن مفرج، وأحمد بن خالد التاجر وغيرهما.
روى عنه الخولاني وقال: كان قديم الطلب وله حظ واسع من الأدب مع الفهم،
ولقي جماعة من الشيوخ بقرطبة فأخذ عنهم وتكرر عليهم. وذكره ابن خزرج في
شيوخه وقال: توفي لأربع بقين من جمادى الأولى سنة أربع وثلاثين وأربع
مائة. وكان مولده سنة ستين وثلاث مائة.
زيد مولى المعتصم بالله محمد بن معن
التميمي: من أهل المرية؛ يكنى أبا خالد.
روى عن أبي العباس العذري كثيرا وعن غيره. روى عنه غير واحد من شيوخنا
وكان معتنيا بالأثر وسماعه، ثقة في روايته. وكان مقرئا فاضلا. توفي
رحمه الله في المحرم سنة سبع وتسعين وأربع مائة.
(1/652)
ومن النساء
غالبة بالغين المعجمة بنت محمد المعلمة أندلسية. تروي عن أصبغ بن مالك
الزاهد. ذكرها مسلمة ابن قاسم في كتاب النساء له.
فاطمة بنت يحيى بن يوسف المغامي أخت الفقيه
يوسف بن يحيى المغامي. كانت خيرة فاضلة عالمة فقيهة، استوطنت
قرطبة وبها توفيت رحمها الله سنة تسع عشرة وثلاث مائة. ودفنت بالربض.
لم ير على نعش امرأة قط ما رؤى على نعشها، وصلى عليها محمد بن أبي زيد.
ودخلت عليها يوما امرأة فذاكرتها شيئا وضحكت المرأة وذلك بعد ما سبيت.
فقالت فاطمة تضحك! وقد رفع الله الركن من الأرض. قالت المرأة: فلم أرها
تضحك بعد حتى ماتت رحمها الله.
وحكى عنها شيخٌ كان يدخل إليها قال: أتيتها. فقالت لي أبا عبد السلام:
أين بات القمر البارحة؟ قلت: والله ما أدري. فقالت: لو لم أدر أين بات
القمر ما ظننت أني من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
فاطمة بنت محمد بن علي بن شريعة اللخمي أخت
أبي محمد الباجي الإشبيلي.
شاركت أخاها أبا محمد في بعض شيوخه، ورأيت إجازة محمد بن فطيس الإلبيري
لأخيها ولها في جميع روايته بخط يده في بعض كتبهم رحمهم الله وغفر لهم.
لبنى، كاتبة الخليفة الحكم بن عبد الرحمن.
كانت حاذقة بالكتابة، نحوية شاعرة، بصيرة بالحساب، مشاركة في العلم، لم
يكن في قصرهم أنبل منها، وكانت عروضية، خطاطة جدا. وتوفيت سنة أربع
وسبعين وثلاث مائة.
(1/653)
مزنة: كاتبة الخليفة
الناصر لدين الله. كانت حاذقة في أخط النساء، توفيت
سنة ثمان وخمسين وثلاث مائة. ذكرها ابن مسعود في كتاب الأنيق. نقلت ذلك
من خط ابن حيان.
عائشة بنت أحمد بن محمد بن قادم: قرطبية
ذكرها ابن حيان وقال: لم يكن في جزائر الأندلس في زمانها من
يعدلها فهما وعلما، وأدبا، وشعرا، وفصاحة، وعفة وجزالة وحصافة. وكانت
تمدح ملوك زمانها وتخاطبهم فيما يعرض لها من حاجتها، فتبلغ ببيانها حيث
لا يبلغه كثير من أدباء وقتها، ولا ترد شفاعتها. وكانت حسنة الخط تكتب
المصاحف والدفاتر وتجمع الكتب، وتعنى بالعلم، ولها خزانة علم كبيرة
حسنة، ولها غنى وثروة تعينها على المرؤة. وماتت عذراء لم تنكح قط، قال:
ورأيت لها شعرا إلى بعض الرؤساء أوله:
لولا الدموع لما خشيت عذولا ... فهي التي جعلت إليك سبيلا
وتصرفت فيه أحسن تصرف، ومحاسنها كثيرة. قال ابن حيان: وتوفيت سنة أربع
مائة.
خديجة بنت جعفر بن نصير بن التمار التميمي.
زوج عبد الله بن أسد الفقيه.
حدثت عن زوجها عبد الله بموطإ القعنبي قراءة عليه بلفظنا في أصله وقيدت
فيه سماعها بخطها في سنة أربع وتسعين وثلاث مائة. سمعت شيخنا أبا الحسن
بن مغيث رحمه الله يذكر ذلك، وذكر لي أن الكتاب عنده، ثم رأيته بعد ذلك
على حسب ما ذكره رحمه الله، ورأيت من تحبيسها كتبا كثيرة على ابنتها
ابنة أبي محمد بن أسد الفقيه.
صفية بنت عبد الله الربي؛ أديبة شاعرة موصوفة بحسن الخط. قال
(1/654)
الحميدي: ذكرها أبو محمد علي بن أحمد
وأنشدني، قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن سعيد بن جرجٍ لها وقد عابت
امرأة خطها فقالت:
وعائبة خطي فقلت لها اقصري ... فسوف أريك الدر في نظم أسطري
وناديت كفي كي تجود بخطها ... وقربت أقلامي ورقي ومحبري
فخطت بأبياتٍ ثلاث نظمتها ... ليبدو بها خطي فقلت لها انظري
قال الحميدي: وتوفيت في آخر سنة سبع عشرة وأربع مائة. وهي دون ثلاثين
سنة.
راضية مولاة الإمام عبد الرحمن بن محمد
الناصر لدين الله وتدعى بنجم ممن أعتقها الحكم عن أبيه، وتزوجها
لبيب الفتى وحجا معا سنة ثلاث وخمسين وثلاث مائة. وكأنا يقرءان ويكتبان
ودخلا الشام ولقيا ابن شعبان القرطي بمصر ونظراءه. روى عنها أبو محمد
بن خزرج وقال: عندي بعض كتبها. وتوفيت في حدود سنة ثلاث وعشرين وأربع
مائة. وقد نيفت على مائة عام بنحو سبعة أعوام.
أمة الرحمن بنت أحمد بن عبد الرحمن بن عبد
القاهر العبسي الزاهدة.
ذكرها أبو محمد بن خزرج وقال: سمعت عليها مع أخيها محمد بن عبد الملك
بعض ما روته عن أبيها. وكانت صوامة قوامة، وتوفيت بكراً لم تنكح قط سنة
أربعين وأربع مائة. في شعبان وسنها نيف وثمانون سنة رحمها الله.
فاطمة بنت زكرياء بن عبد الله الكاتب
المعروف بالشبلاري. مولى بني أمية.
كانت كاتبة جذلة متخلصة عمرت عمرا كثيرا واستكملت أربعا وتسعين سنة
تكتب
(1/655)
على ذلك الكتب الطوال، وتجيد الخط، وتحسن
القول. ذكرها ابن حيان وقال: توفيت سلخ جمادى الأولى سنة سبع وعشرين
وأربع مائة. ودفنت بمقبرة أم سلمة وشهدها جمع الناس ماتت بكرا رحمها
الله.
مريم بنت أبي يعقوب الفيصولي الشلبي
الحاجة. أديبة شاعرة جزلة مشهورة.
كانت تعلم النساء الأدب وتحتشم لدينها وفضلها وعمرت عمرا طويلا، سكنت
إشبيلية وشهرت بها بعد الأربع مائة ذكرها الحميدي وقال: أنشدني لها
أصبغ بن ابن سيد الإشبيلي:
وما يرتجى من بنت سبعين حجة ... وسبع كنسج العنكبوت المهلهل
تدب دبيب الطفل يسعى إلى العصا ... وتمشي بها مشي الأسير المكبل
قال الحميدي: وأخبرني أن ابن المهند بعث إليها بدنانير وكتب إليها:
ما لي بشكر الذي أوليت من قبل ... لو أنني حزت نطق الأنس والخبل
يا فردة الظرف في هذا الزمان ويا ... وحيدة العصر في الإخلاص والعمل
أشبهت مريماً العذراء في ورعٍ ... وفقت خنساء في الأشعار والمثل
فكتبت إليه:
من ذا يجاريك في قول وفي عمل ... وقد بدرت إلى فضل ولم تسل
ما لي بشكر الذي نظمت في عنقي ... من اللآلي وما أوليت من قبل
حليتني بحلى أصبحت زاهية ... بها على كل أنثى من حلى عطل
(1/656)
لله أخلاقك الغر التي سقيت ... ماء الفرات
فرقت رقة الغزل
أشبهت في الشعر من غارت بدائعه ... وأنجدت وغدت من أحسن المثل
من كان والده العضب المهند لم ... يلد من النسل غير البيض والأسل
الغسانية. أديبة شاعرة، كانت تمدح الملوك
مشهورة. ذكرها الحميدي ولم يذكر اسمها وأورد لها قصيدة حسنة في
الأمير خيران العامري تعارض بها أبا عمر أحمد بن دراج في شعر قاله فيه؛
أولها. أو: وهي
أتجزع أن قالوا ستظعن أظعان ... وكيف تطيق الصبر ويحك إن بانوا
خديجة بنت أبي محمد عبد الله بن سعيد
الشنتجيالي. سمعت مع أبيها من الشيخ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي
صحيح البخاري وغيره. وشاركت لأبيها هنالك في السماع من شيوخه بمكة
حرسها الله، ورأيت سماعها في أصول أبيها بخطه. وقدمت معه الأندلس وماتت
بها رحمها الله.
ولادة بنت المستكفي بالله محمد بن عبد
الرحمن بن عبيد الله بن الناصر عبد الرحمن بن محمد. أديبة شاعرة
جزلة القول حسنة الشعر، وكانت تخالط الشعراء، وتساجل الأدباء وتفوق
البرعاء. سمعت شيخنا أبا عبد الله بن مكي رحمه الله يصف نباهتها
وفصاحتها، وحرارة بادرتها، وجزالة منطقها وقال لي: لم يكن لها تصاون
يطابق شرفها. وذكر لي أنها أتته معزية في أبيه إذ توفي رحمه الله سنة
أربع وسبعين وأربع مائة. وتوفيت بعد سنة ثمانين وأربع مائة رحمها الله،
ثم وجدت بعد ذلك أنها توفيت يوم مقتل الفتح بن محمد بن عباد يوم
الأربعاء لليلتين خلتا من صفر سنة أربع وثمانين وأربع مائة.
(1/657)
طوية بنت عبد العزيز
بن موسى بن طاهر بن مناع، وتكنى بحبيبة. وهي زوج أبي
القاسم بن مدير الخطيب المقرئ.
أخذت عن أبي عمر بن عبد البر الحافظ كثيرا من كتبه وتواليفه، وعن أبي
العباس أحمد بن عمر العذري الدلاي، وسمع زوجها أبو القاسم المقرئ
بقراءتها علمه، وكانت حسنة الخط فاضلة دينة. وكان مولدها سنة سبع
وثلاثين وأربع مائة. وتوفيت رحمها الله سنة ست وخمس مائة. أخبرني
بأمرها ابنها أبو بكر أكرمه الله تعالى.
(1/658)
مخطوطة
(1/659)
مخطوطة
(1/660)
|