العبر في خبر من غبر، من سنة 11 إلى 20

سنة إحدى عشرة من الهجرة
توفي سيد البشر أبو القاسم
صلى الله عليه وسلم في وسط نهار يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول. غسل وكفن يوم الثلاثاء. ودخل الناس أفواجاً يصلون عليه ويخرجون. ودفن ليلة الأربعاء.
بيعة أبي بكر الصديق
بكرة يوم الثلاثاء
فيها ارتدت العرب وظهر مسيلمة الكذاب
واستفحل أمره. وسار المسلمون لحربه وعليهم خالد بن الوليد. فكانوا ألفين وسبع مئة، فالتقوا: طليحة الأسدي، وعيينة بن حصن الفزاري، وقرة بن هبيرة القشيري ببزاخة فاقتتلوا أشد قتال. ثم هرب طليحة نحو الشام. ثم حسن إسلامه، وأسر خالد عيينة وقرة وبعث بهما إلى الصديق فحقن دمائهما. وأتى خالد بمالك بن نويرة في رهط من بني حنظلة فضرب أعناقهم. وكان خالد قد وجه ثابت بن أقرم الأنصاري وعكاشة بن محصن الأسدي فأخذوا ثقل طليحة وقتلوا رجلاً معه. فساق خلفهم طليحة وأخوه سلمة فقتلا عكاشة وثابتاً.
وبعد النبي صلى الله علية وسلم بستة أشهر أو أقل توفيت ابنته أم الحسن فاطمة رضي الله عنها، ولها أربع وعشرون سنة.
وفي تلك الأيام توفيت أم أيمن حاضنة النبي صلى الله عليه وسلم ومولاته.
سنة اثنتي عشرة
وقعة اليمامة
في ربيع الأول كانت وقعة اليمامة. فقتل كبير القوم مسيلمة الكذاب. وفتحت اليمامة صلحاً على يد خالد، بعد أن استشهد من الصحابة

(1/11)


أربع مئة وخمسون رجلاً. وبعضهم يقول: استشهد من الصحابة ست مئة نفس. وقال غير واحد: قتل من الصحابة وغيرهم ألف ومئة رجل.
قلت فمنهم:
زيد بن الخطاب العدوي. وكان أسن من عمر. وأسلم قبله. وكان مفرط الطول، وأسمر. وكانت معه راية المسلمين يومئذ، فلم يزل يتقدم بها في نحر العدو حتى قتل. ووجد عليه عمر. وكان يقول: أسلم قبلي واستشهد قبلي وكان يقول: ما هبت الصبا إلا وأنا أجد ريح زيد.
ومنهم أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. وسالم مولاه. وكانا بدريين. وكان سالم مولى أبي حذيفة من قراء الصحابة الأعيان.
ومنهم ثابت بن قيس بن شماس. وأبو دجانة سماك بن خرشة الساعدي. والطفيل بن عمرو الدوسي. وشجاع بن وهب الأسدي والحكم بن سعيد بن العاص الأموي. وبشير بن سعد الأنصاري أبو النعمان. وعباد بن بشر.
وقد سمى خليفة بن خياط طائفة ممن استشهد يوم اليمامة. ثم قال:

(1/12)


فجميع من استشهد من المهاجرين والأنصار ثمانية وخمسون رجلاً.
وفي ذي الحجة توفي صهر النبي صلى الله عليه وسلم على زينب أبو العاص بن الربيع العبشمي وهو ابن أخت خديجة، هالة بنت خويلد بن أسد.
سنة ثلاث عشرة من الهجرة
في أولها جهز أبو بكر الصديق البعوث إلى الشام، وأمر على الجيش جماعة: عمرو بن العاص، ويزيد بن أبي سفيان، وأبا عبيدة بن الجراح، وشرحبيل بن حسنة. وبعث إلى العراق خالد بن الوليد، فافتتح الأبلة، وأغار على السواد، وحاصر عين التمر، وأوطأ الفرس ذلاًوهوانا. ثم خرق البرية إلى الشام.
واجتمع المسلمون فكانت وقعة أجنادين بين الرملة وبيت جبرين في جمادى الأولى.
واستشهد يومئذ طائفة من الصحابة. ثم كان النصر ولله الحمد، وكانت ملحمة عظيمة.
وفاة الصديق، رضي الله عنه
وتوفي أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، لثمان بقين من ذي القعدة عن ثلاث وستين سنة. وعاش بعده أبوه أبو قحافة أشهراً.
خلافة عمر بنص من أبي بكر
وولي الخلافة عمر بنص من أبي بكر. فلم يختلف عليه اثنان. فوالله لو نص لهم النبي صلى الله عليه وسلم على علي بن أبي طالب كما تفتري الرافضة لما اختلف عليه اثنان أيضاً.

(1/13)


سنة أربع عشرة
في رجب فتحت دمشق صلحاً وعنوة
ثم أمضيت صلحاً بعد أن حوصرت حصاراً طويلاً.
وفيها كانت وقعة جسر أبي عبيد. واستشهد يومئذ طائفة منهم: أبو عبيد بن مسعود الثقفي، وهو الذي نسب إليه الجسر، وهو والد المختار الكذاب وكان من سادة الصحابة وهذه الوقعة عند نجران على مرحلتين من الكوفة.
وعن الشعبي قال: قتل أبو عبيد في ثمان مئة من المسلمين.
وفيها مصر البصرة عتبة بن غزوان، وأمر ببناء مسجدها الأعظم.
وفيها وقعة مرج الصفر في أول السنة. وكانت وقعة هائلة استشهد فيها جماعة.
وفيها وقيل في العام الماضي وقعة فحل بالشام.
وفيها فتحت بعلبك وحمص صلحاً. وهرب هرقل عظيم الروم من أنطاكية إلى القسطنطينية.
سنة خمس عشرة
وقعة اليرموك في رجب
وكان المسلمون ثلاثين ألفاً، والروم أزيد من مئة ألف قد سلسلوا أنفسهم، الخمسة والستة في سلسلة لئلا يفروا. فلما هزمهم الله كان الواحد يقع في وادي اليرموك فيقع من معه في السلسلة، حتى ردموا الوادي واستوت حافتاه فيما قيل، وداستهم الخيل.

(1/14)


واستشهد يومئذ طائفة منهم: عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وعكرمة ابن أبي جهل، وعبد الرحمن بن العوام أخو الزبير، وعامر بن أبي وقاص أخو سعد.
وفي شوال وقعة القادسية بالعراق. وقيل كانت في أول سنة ست عشرة. وأمير الناس بن أبي وقاص. ورأس المجوس رستم ومعه الجالينوس، وذو الحاجب. وكان المسلمون أرجح من سبعة آلاف، والمجوس ستين ألفاً أو أربعين ألفاً. وكان معهم سبعون فيلاً. فقتل رستم والجالينوس وذو الحاجب. ثم حصرهم المسلمون في المدائن. واستشهد عمرو بن أم مكتوم الأعمى المؤذن.
وفيها افتتحت الأردن كلها عنوة، إلا طبرية فافتتحت صلحاً.
وفيها توفي سعد بن عبادة سيد الخزرج في حوران. بال في بخش فمات لوقته، فيقال إن الجن أصابته.
سنة ست عشرة
فيها افتتحت حلب وأنطاكية صلحاً.
وفيها مصر سعد الكوفة وأنشأها.
وفيها افتتحت الرها وسروج.

(1/15)


وفيها نزل عمر رضي الله عنه على بيت المقدس وأخذها بالأمان.
واستشهد بالقادسية أبو زيد الأنصاري القاري واسمه سعد بن عبيد وهو والد أمير حمص عمير بن سعد.
سنة سبع عشرة
عام الرمادة
قحط الناس بالحجاز. واستسقى عمر بالعباس.
ثم خرج فيها إلى سرغ، ورد منها للطاعون الذي بالشام. وزاد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم زيادة.
وفيها سار أمير البصرة أبو موسى الأشعري وافتتح الأهواز.
وفيها كانت وقعة جلولاء. فجال المسلمون جولة وانهزموا، ثم ثبتوا فكان الفتح، وقتل من المشركين عدد كبير وكانت ملحمة عظيمة.
وكان بعضهم يسميها فتح الفتوح وسميت جلولاء لما تجللها من الشر. وبلغت الغنائم ثمانية عشر ألف ألف، وقيل ثلاثين ألف ألف.
وفيها تزوج عمر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء.
وفيها توفي عتبة بن غزوان المازني، أحد السابقين الأولين. يقال أسلم سابع سبعة. وهو الذي اختط البصرة.
سنة ثمان عشرة
طاعون عمواس وقع بناحية الأردن. فاستشهد أبو عبيدة عامر ابن عبد الله بن الجراح الفهري أمين الأمة، وأمير أمراء الشام. ومن مناقبه

(1/16)


أن أبا بكر أشار به وبعمر للخلافة يوم السقيفة.
واستشهد بالطاعون معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي، وله ست وثلاثون سنة. وكان من نجباء الصحابة.
ويزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي. أسلم يوم فتح، ثم كان من أفاضل الصحابة. وهو أحد الأمراء الأربعة الذين استعملهم الصديق على غزو الشام. ثم ولى دمشق لعمر. وولي دمشق بعده أخوه معاوية.
واستشهد في الطاعون أبو جندل بن سهيل بن عمرو العامري الذي رده أبوه في قيوده يوم الحديبية.
وأبو عبد الرحمن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أخو أبي جهل، أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه. وقيل استشهد باليرموك.
وفيها افتتحت حران، ونصيبين، وشميساط، والموصل، أكثرها على يد عياض بن غنم الفهري. وفيها افتتحت السوس وجند يسابور وتستر.
سنة تسع عشرة
فيها كانت وقعة بأرمينية أصيب فيها: صفوان بن المعطل الذكواني.
وقيل فيها توفي يزيد بن أبي سفيان.
وفيها فتحت تكريت.
وفيها توفي بخلف أبو المنذر أبي بن كعب الأنصاري سيد القرآء.

(1/17)


سنة عشرين
فيها سار عمرو بن العاص من الشام فافتتح بعض ديار مصر.
ونازل أبو موسى الأشعري تستر.
وفيها توفي أبو سعد عياض بن غنم الفهري أحد السابقين الأولين. وكان نائب أبي عبيدة على الشام، فأقره عمر.
وفيها توفي بلال الحبشي مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم بداريا.
وأبو الهيثم بن التيهان الأنصاري أحد النقباء.
وأسيد بن حضير الأسلمي، عقبي بدري.
وسعيد بن عامر بن حذيم الجمحي.
وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، وصلى عليه عمر.
وأم المؤمنين زينب بنت جحش الأسدية.
وفيها مات هرقل في الباطن مسلماً.