العبر في خبر من غبر، من سنة 71 إلى 80

سنة إحدى وسبعين
فيها توفي عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي. أحد من بايع تحت الشجرة. له أحاديث ولكن في غير الكتب الستة.
سنة اثنتين وسبعين
فيها توفي البراء بن عازب أبو عمارة الأنصاري الحارثي نزيل الكوفة. وكان من أقران ابن عمر. استصغر يوم بدر.
ومعبد بن خالد الجهني. وكان صاحب لواء جهينة يوم الفتح. له حديث عن أبي بكر.
وفيها على الصحيح عبيدة بن عمر بن السلماني المرادي الكوفي الفقيه المفتي. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتفقه بعلي وابن مسعود.
قال الشعبي: كان يوازي شريحاً في القضاء.
وفيها، على الصحيح، الأحنف بن قيس، أبو بحر التميمي السعدي

(1/58)


الأمير. أحد الأشراف، ومن يضرب بحلمه المثل. فعن الحسن قال: ما رأيت شريف قوم أفضل من الأحنف.
قلت: سمع من عمر وجماعة.
وفيها كانت وقعة هائلة بالعراق بدير الجاثليق. تجهز عبد الملك وطلب العراق. وسار مصعب أيضاً يقصد الشام. فالتقى الجمعان. فخان مصعباً بعض جيشه، وأفلت زياد بن عمرو ومالك بن مسمع وطائفة لديهم ولحقوا بعبد الملك. وكان عبد الملك قد كتب إليهم يعدهم ويمنيهم حتى أفسدهم. وجعل مصعب كلما قال لمقدم من أمرائه: تقدم، لا يطيعه. واستظهر عبد الملك فأرسل إلى مصعب يبذل له الأمان. فقال: إن مثلي لا ينصرف عن هذا الموطن إلا غالباً أو مغلوباً. ثم إنهم أثخنوه بالرمي. ثم شد عليه زائدة فطعنه وقال: يا لثارات المختار.
وقتل مع مصعب ولداه عيسى وعروة، وإبراهيم بن الأشتر سيد النخع وفارسها. ومسلم بن عمرو الباهلي. واستولى عبد الملك على العراق وما يليها. فأمر أخاه بشراً على العراق وبعث الأمراء على الأعمال. وجهز الحجاج إلى مكة لحرب ابن الزبير.
سنة ثلاث وسبعين
فيها توفي عوف بن مالك الأشجعي الحبيب الأمين. وكان ممن شهد فتح مكة.

(1/59)


وفيها توفي أبو سعيد بن المعلى الأنصاري. وله صحبة ورواية.
وربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي عم محمد بن المنكدر، وله رواية عن عمر.
وفيها نازل الحجاج ابن الزبير فحاصره. ونصب المنجنيق على أبي قبيس. ودام القتال أشهراً. إلى أن قتل عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي أمير المؤمنين وفارس قريش وابن حواري الرسول صلى الله عليه وسلم كان صواماً قواماً بطلاً شجاعاً فصيحاً مفوهاً. قتل في جمادى الأولى وطيف برأسه في مصر وغيرها.
وقتل معه عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي رئيس مكة وابن رئيسها. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولما حج معاوية قدم له ابن صفوان ألفي شاة.
وقتل معه بحجر المنجنيق عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي الذي ولي الكوفة لابن الزبير قبل غلبة المختار.
وقتل معه عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، وقد أسلم يوم الحديبية.
وتوفيت أم ابن الزبير بعد مصابه بيسير. وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق، وهي في عشر المئة. وهي من المهاجرات الأول، وتلقب بذات النطاقين.
وفيها استوثق الأمر لعبد الملك بن مروان بمقتل ابن الزبير.

(1/60)


وولي الحجاج إمرة الحجاز. فنقض الكعبة وأعادها إلى بنائها من زمن النبي صلى الله عليه وسلم. وكانت قد شعثت من المنجنيق وأصيب الحجر الأسود، فأصلحوه ورمموه.
سنة أربع وسبعين
في أولها مات رافع بن خديج الأنصاري وقد أصابه يوم أحد سهم، فنزعه وبقي النصل في جسمه إلى أن مات.
وفي أولها توفي أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي. السيد الفقيه القدوة. استصغر يوم أحد. وقد عين للخلافة يوم الحكمين مع وجود علي والكبار، رضي الله عنهم.
وقال سعيد بن المسيب يوم مات ابن عمر: ما بقي في الأرض أحد أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منه.
وهذا كنحو ما قال علي في عمر يوم مات.
وأما أبو داود فقال: مات ابن عمر بمكة في أيام الموسم. يعني سنة ثلاث وسبعين.
وتوفي بعده أبو سعيد سعد بن مالك الأنصاري الخدري. وكان من فقهاء الصحابة وأعيانهم. شهد الخندق وغيرها وشهد بيعة الرضوان.

(1/61)


وفيها توفي بالمدينة سلمة بن الأكوع الأسلمي. وكان ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت يوم الحديبية. وكان بطلاً شجاعاً رامياً يسبق الفرس سيراً وله مواقف مشهورة. وفيها توفي بالكوفة أبو جحيفة السوائي ويقال له وهب الخير. له صحبة ورواية. وكان صاحب شرطة علي رضي الله عنه. فكان يقوم تحت منبره يوم الجمعة. وقيل تأخر إلى بعد الثمانين. وفيها توفي محمد بن خاطب بن الحارث الجمحي. وله صحبة ورواية. وهو أول من سمي في الإسلام محمداً.
وفيها توفي أوس بن ضمغج الكوفي العابد. وخرشة بن الحر. وقد ربي يتيماً في حجر عمر. ونزل الكوفة.
وعاصم بن ضمرة السلولي. صاحب علي.
ومالك بن أبي عامر مع الأصبحي جد الإمام مالك. له عن عمر وعثمان رواية.

(1/62)


وفيها عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي بالمدينة. له رؤية ورواية. وكان كثير الحديث والفتيا.
سنة خمس وسبعين
فيها حج عبد الملك بن مروان، وخطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وعزل الحجاج عن الحجاز وأمره على العراق.
وفيها توفي العرباض بن سارية السلمي، أحد أصحاب الصفة بالشام.
وأبو ثعلبة الخشني بالشام، وقد شهد فتح خيبر.
وعمرو بن ميمون الأزدي. قدم مع معاذ من اليمن فنزل بالكوفة. وكان صالحاً قانتاً لله.
قال ابن إسحاق: حج مئة حجة وعمرة. وكان إذا رؤي ذكر الله.
والأسود بن يزيد النخعي الكوفي الفقيه العابد. ورد أنه كان يصلي في اليوم والليلة سبع مئة ركعة.
وبشر بن مروان الأموي أمير العراقين بعد مصعب.
وسليم بن عتر التجيبي قاضي مصر وقاصها وناسكها. وقد حضر خطبة عمر بالجابية.

(1/63)


سنة ست وسبعين
فيها وجه الحجاج زائدة بن قدامة الثقفي، ابن عم المختار، لحرب شبيب والخوارج. فالتقوا، فاستظهر شبيب وقتل زائدة. واستفحل أمر شبيب وهزم العساكر مرات.
سنة سبع وسبعين
فيها بعث الحجاج لحرب شبيب عندما قتل عثمان الحارثي عتاب بن ورقاء الخزاعي الرباحي. فالتقى شبيباً بسواد الكوفة فقتل أيضاً عتاب، وهزم جيشه.
فجهز الحجاج لقتاله الحارث بن معاوية الثقفي. فالتقوا، فقتل الحارث.
فوجه الحجاج أبا الورد النضري فقتل.
فوجه طهمان مولى عثمان فقتل.
ففرق الحجاج وسار بنفسه. فالتقوا واشتد القتال. وقتلت غزالة امرأة شبيب. وكانت يضرب بشجاعتها المثل. وجحز بينهم الليل.
وسار شبيب إلى ناحية الأهواز وبها محمد بن موسى بن طلحة التيمي. فخرج لقتال شبيب، ثم بارزه فقتله شبيب. وسار إلى كرمان فتقوى ورجع إلى الأهواز.
فبعث الحجاج لحربه سفيان الأبرد الكلبي وحبيب بن عبد الرحمن الحكمي. فالتقوا على جسر دجيل. واشتد القتال حتى حجز بينهم الظلام.
ثم ذهب شبيب وعبر على الجسر فقطع به، فغرق. وكان إليه المنتهى في

(1/64)


الشجاعة والبأس، وأكثر ما يكون في مائتي نفس من الخوارج فيهزمون الألوف.
وفيها غزا عبد الملك بنفسه. فدخل الروم وافتتح مدينة هرقلة.
وفيها توفي أبو تميم الجيشاني. واسمه عبد الله بن مالك. قرأ القرآن على معاذ. وكان من عباد أهل مصر وعلمائهم.
سنة ثمان وسبعين
فيها وثب الروم على ملكهم فنزعوه من الملك، وقطعوا أنفه، ونفوه إلى بعض الجزائر.
وفيها جرت حروب وملاحم بإفريقية.
وولي فيها موسى بن نصير إمرة الغرب كله.
وولي خراسان المهلب بن أبي صفرة.
وفيها توفي جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام السلمي الأنصاري. وهو آخر من مات من أهل العقبة. وعاش أربعاً وتسعين سنة. وكان كثير العلم، من أهل بيعة الرضوان.
وفيها، على الأصح، زيد بن خالد الجهني بالكوفة، وله خمس وثمانون سنة. وهو من مشاهير الصحابة.
وفيها عبد الرحمن بن غنم الأشعري بالشام. وكان قد بعثه عمر يفقه الناس.

(1/65)


قال أبو مسهر: هو رأس التابعين رحمه الله.
وفيها أبو أمية شريح بن الحارث الكندي القاضي. وولي قضاء الكوفة لعمر ولمن بعده. وعاش أزيد من مئة سنة. واستعفى من القضاء قبل موته بعام، فأعفاه الحجاج. وكان فقيهاً قانتاً شاعراً صاحب مزاح.
وفيها قتل بسجستان أبو المقدام شريح بن هانئ المذحجي صاحب علي، عن مئة وعشرين سنة.
سنة تسع وسبعين
فيها أصاب أهل الشام طاعون كادوا يفنون من شدته. قاله ابن جرير.
وفيها كان مقتل رأس الخوارج قطري بن الفجاءة التميمي بطبرستان. عثر به فرسه فهلك. وأتي الحجاج برأسه.
ومات بسجستان عبيد الله بن أبي بكرة الثقفي. وكان قد بعثه الحجاج أميراً عليها في العام الماضي. وكان جواداً ممدحاً يعتق في كل عيد مئة عبد.
وفيها مات عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي، وهو قليل الحديث.
سنة ثمانين
فيها بعث الحجاج على سجستان عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي. فلما استقر بها خلع الحجاج وخرج. ثم كانت بينهما حروب يطول شرحها.

(1/66)


وفيها مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي. وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم. ولد بالحبشة. ويقال لم يكن في الإسلام مثله في جوده وسخائه.
وفيها مات أبو إدريس الخولاني عائذ بن عبد الله، فقيه أهل الشام وقاصهم وقاضيهم. سمع من أبي الدرداء وطبقته.
قال ابن عبد البر: سماع أبي إدريس عندما من معاذ صحيح.
وفيها مات أسلم مولى عمر رضي الله عنه. اشتراه عمر في حياة أبي بكر. وهو من سبي عين التمر. وكان فقيهاً نبيلاً.
وفيها وقيل قبلها، جنادة بن أبي أمية الأزدي بالشام له ولأبيه صحبة. وحديثه في الصحيحين عن الصحابة ولي غزو البحر لمعاوية.
وفيها، على الأصح، أبو عبد الرحمن جبير بن نفير الحضرمي نزيل حمص. كان من جلة التابعين. روى عن أبي بكر وعمر.

(1/67)


وفيها توفي عبد الرحمن بن عبد القاري. أتي به أبوه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو صغير. روى عن جماعة. وهو مدني.
وفيها صلب عبد الملك معبد الجهني في القدر. قاله سعيد بن غفير.
وقيل بل عذبه الحجاج بأنواع العذاب وقتله. له رواية، وقد وثقوه.
وفيها توفي ملك عرب الشام حسان بن النعمان بن المنذر الغساني غازياً بالروم.
وفيها مات اليون عظيم الروم.
وفيها حصر المهلب بن أبي صفرة كش ونسف.