العبر في خبر من غبر، من سنة 231 إلى 240
سنة إحدى وثلاثين
ومئتين
فيها ورد كتاب الواثق على أمير البصرة بامتحان الأئمة والمؤدبين بخلق
القرآن. وكان قد تبع أباه في امتحان الناس.
وفيها قتل أحمد بن نصر الخزاعي الشهيد. كان من أولاد أمراء الدولة.
فنشأ في علم وصلاح، وكتب عن مالك وجماعة. وحمل عن هشيم مصنفاته. وما
كان يحدث. وكان يزري على نفسه. قتله الواثق بيده لامتناعه من القول
بخلق القرآن، ولكونه أغلط للواثق في الخطاب، وقال له: يا صبي. وكان
رأساً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فقام معه خلق من المطوعة
واستفحل أمرهم فخافته الدولة من فتق يتم بذلك.
وفيها توفي إبراهيم بن محمد بن عرعرة الشامي البصري. أبو إسحاق الحافظ.
ببغداد، في رمضان. سمع جعفر بن سليمان الضبعي، وعبد الوهاب التقفي،
وطائفة.
قال عثمان بن خرزاد: ما رأيت أحفظ من أربعة فذكر منهم إبراهيم هذا.
وفيها أمية بن بسطام، أبو بكر العيشي البصري. أحد الأثبات. روى عن ابن
عمه يزيد بن زريع وطبقته.
(1/321)
وفيها أبو عمرو سهل بن زنجلة الرازي
الحافظ. روى عن سفيان بن عيينة وطبقته.
وفيها توفي عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي البصري أحد الأئمة.
روى عن جويرية بن أسماء وجماعة.
قال أحمد الدروقي: لم أرى بالبصرة أفضل منه. وذكر لعلي بن المديني
فعظمه.
وفيها كامل بن طلحة الجحدري البصري، وله ست وثمانون. روى عن مبارك بن
فضالة، وجماعة.
قال أبو حاتم: لا بأس به.
وفيها ابن الأعرابي صاحب اللغة. وهو أبو عبد الله محمد بن زياد. توفي
بسامراً وله ثمانون سنة. وكان إليه المنتهى في معرفة لسان العرب.
وفيها محمد بن سلام الجمحي البصري الأخباري الحافظ أبو عبد الله. روى
عن حماد بن سلمة، وجماعة وصنف كتباً منها كتاب طبقات الشعراء، وكان
صدوقاً.
وفيها أبو جعفر محمد بن المنهال الضرير البصري الحافظ. روى عن
(1/322)
أبي عوانة. ويزيد بن زريع، وجماعة. وكان
أبو يعلي الموصلي يفخم أمره ويقول: كان أحفظ من بالبصرة وأثبتهم في
وقته.
قلت: ومات قبله بيسير أو بعده محمد بن المنهال البصري العطار. أخو حجاج
بن منهال. روى عن يزيد بن زريع وجماعة وكان صدوقاً روى عن الرجلين أبو
يعلي الموصلي.
وفيها منجاب بن الحارث الكوفي، روى عن شريك، وأقرانه.
وفيها أبو علي هارون بن معروف الضرير ببغداد. روى عن عبد العزيز
الدراوردي وطبقته وكان ثقة من حفاظ الوقت، صاحب سنة.
وفيها الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي. مولاهم.
المصري، في صفر. سمع مالكاً والليث وخلقاً كثيراً. وصنف التصانيف. وسمع
الموطأ من مالك سبع عشرة مرة. وفيها العلامة أبو يعقوب يو سف بن يحيى
البويطي الفقيه صاحب الشافعي ببغداد. في السجن والقيد. ممتحناً بخلق
القرآن. وكان عابداً مجتهداً دائم الذكر كبير القدير.
قال الشافعي: ليس في أصحابي أعلم بن البويطي.
وقال أحمد العجلي: ثقة صاحب سنة.
(1/323)
قلت: وسمع أيضا من ابن وهب.
وفيها أبو تمام الطائي حبيب بن أوس الحوراني. مقدم شعراء العصر.
توفي في آخر السنة الموصل كهلاً.
سنة اثنتين وثلاثين ومئتين
فيها توفي الحكم بن موسى. أبو صالح القنطري البغدادي الحافظ. أحد
العباد، في شوال. سمع إسماعيل بن عياش وطبقته.
وفيها عبد الله بن عون الخراز الزاهد. أبو محمد البغدادي المحدث.
وكان يقال إنه بن الأبدال. روى عن مالك وطبقته. توفي في رمضان وفيها
عمرو بن محمد الناقد الحافظ أبو عثمان البغدادي نزيل الرقة وفقيهها
ومحدثها سمع هشيماً وطبقته توفي في ذي الحجة ببغداد.
وفيها الإمام أبو يحيى هارون بن عبد الله الزهري العوفي المكي المالكي
القاضي. نزيل بغداد. تفقه بأصحاب مالك.
قال الخطيب: إنه سمع من مالك، وإنه ولي قضاء العسكر ثم قضاء مصر.
وفيها يوسف بن عدي الكوفي نزيل مصر، أخو زكريا بن عدي. حدث بن مالك،
وشريك. وكان محدثاً تاجراً.
(1/324)
وفي ذي الحجة الواثق أبو جعفر، وقيل أبو
القاسم هارون بن المعتصم محمد بن الرشيد المهدي العباسي. عن بضع
وثلاثين سنة. وكانت أيامه خمس سنين واشهراً. ولي بعهد من أبيه وكان
أديباً شاعراً، أبيض تعلوه صفرة. حسن اللحية. في عينه نكتة دخل في
القول بخلق القرآن وامتحن الناس. وقوى عزمه أحمد بن أبي داود القاضي.
ولما احتضر ألصق بالأرض وجعل يقول: يا من لا يزول ملكه أرحم من قد زال
ملكه. واستخلف بعده أخوه المتوكل على الله فأظهر السنة. ورفع المحنة.
وأمر بنشر أحاديث الرؤية والصفات.
سنة ثلاث وثلاثين ومئتتن
فيها كانت الزلزلة المهولة بدمشق دامت ثلاث ساعات. وسقطت الجدران، وهرب
الخلق إلى المصلى يجأرون إلى الله. ومات عدد كبير تحت الردم. وامتدت
إلى أنطاكية، فيقال إنه هلك من أهلها عشرون ألفاً. وامتدت إلى الموصل
فزعم بعضهم أنه هلك بها تحت الردم خمسون ألفاً.
وفيها توفي إبراهيم بن الحجاج الشامي المحدث بالبصرة. روى عن الحمادين
وجماعة. وخرج له النسائي.
وفيها حبان بن موسى المروزي. سمع أبا حمزة السكري، وأكثر عن ابن
المبارك. وكان ثقة مشهوراً.
وفيها سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل. أبو أيوب التميمي
(1/325)
الدمشقي. الحافظ، محدث دمشق، في صفر، وله
ثمانون سنة. سمع إسماعيل بن عياش ويحيى بن حمزة، وطبقتهما. وعني بهذا
الشأن وكتب عمن دب ودرج.
وفيها سهل بن عثمان العسكري الحافظ أحد الأئمة توفي فيها أو في حدودها.
روى عن شريك وطبقته.
وفيها القاضي أبو عبد الله محمد بن سماعة الفقيه ببغداد. وقد جاوز
المئة. تفقه علي أبي يوسف. ومحمد وروى عن الليث بن سعد. وله مصنفات
واختيارات في المذهب وكان ورده في اليوم واليلة مائتي ركعة.
وفيها الحافظ أبو عبد الله محمد بن عائذ الدمشقي الكاتب، صاحب المغازي
والفتوح، والصوائف. وغير ذلك من المصنفات المفيدة. روى عن إسماعيل بن
عياش، والوليد بن مسلم. وخلق. وكان ناظر خراج الغوطة.
وفيها الوزير أبو جعفر محمد بن عبد الملك الزيات، وزير المعتصم والوثق
والمتوكل. ثم قبض عليه المتوكل وعذبه وسجنه حتى هلك. كان أديباً شاعراً
محسناً كامل الادوات، جهمياً. وفيها يحيى بن أيوب المقابري، أبو زكريا
البغدادي العابد. أحد أئمة الحديث والسنة. روى عن إسماعيل بن جعفر
وطبقته. توفي في ربيع الأول وله ست وسبعون سنة.
(1/326)
وفيها الإمام أبو زكريا يحيى بن معين
البغدادي الحافظ. أحد الأعلام وحجة الإسلام. في ذي القعدة بمدينة النبي
صلى الله عليه وسلم. متوجهاً إلى الحج، وغسل على الأعواد التي غسل
عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعاش خمساً وسبعين سنة. سمع
هشيماً. ويحيى بن أبي زائدة. وخلائق. جاء عنه أنه قال: كتبت بيدي هذه
ست مئة ألف حديث. يعني بالمكرر. وقال الإمام أحمد بن حنبل: كل حديث لا
يعرفه يحيى بن معين فليس بحديث.
وقال ابن المديني: انتهى علم الناس إلى يحيى بن معين رحمه الله.
قلت: حديثه في الكتب الستة.
سنة أربع وثلاثين ومئتين
فيها توفي أحمد بن حرب النيسابوري الزاهد. قال فيه يحيى بن يحيى: إن لم
يكن من الأبدال فلا أدري من هم رحل وسمع من بن عيينة وجماعة. وكان صاحب
عزو وجهاد وموعظ ومصنفات في العلم رحمه الله.
وفيها الأمير إيتاخ التركي، مقدم الجيوش وكبير الدولة. خافة المتوكل
وعمل عليه كل حيلة حتى قبض له عليه نائب بغداد إسحاق بن إبراهيم، وأميت
عطشاً وأخذ له المتوكل من الذهب ألف ألف دينار.
وفيها الإمام أبو خيثمة زهير بن حرب الحافظ، ببغداد، في شعبان.
(1/327)
وله أربع وسبعين سنة. رحل وكتب الكثيرعن
هشيم وطبقته. وصنف. وهو والد صاحب التاريخ أحمد أبي خيثمة. وفيها أبو
أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني البصري الحافظ الذي قال فيه صالح
محمد الحافظ: ما رأيت أحفظ منه. سمع حماد بن يزيد وطبقته. وكان آية في
كثرة الحديث وحفظه. ينظر بعلي بن المديني، ولكنه متروك الحديث.
وفيها أبو الربيع سليمان بن داود العتكي البصري الزهراني أبي الحافظ.
كتب الكثير عن جرير بن حازم والكبار. وطال عمره واشتهر ذكره. وفيها أبو
جعفر النفيلي الحافظ. أحد الأعلام، عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل
الحراني، في ربيع الآخر عن سن عالية. روى عن زهير بن معاوية والكبار.
قال أبو داود: ثم أر أحفظ منه.
قال: وكان الشاذكوني لا يقر لأحد في الحفظ إلا للنفيلي.
وقال أبو حاتم: ثقة مأمون.
وقال محمد بن عبد الله بن نمير: كان النفيلي رابع أربعة: وكيع وابن
مهدي وأبو نعيم وهو.
وفيها أبو الحسن علي بن بحر بن بري القطان البغدادي الحافظ
(1/328)
الأهوازي. كتب الكثير عن عبد العزيز
الدراودي وطبقته. وفيها علي بن المديني. وهو الإمام أحد الأعلام. أبو
الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي. مولاهم البصري الحافظ.
صاحب التصانيف. سمع من حماد بن زيد وطبقته.
قال البخاري: ما استصغرت نفسي عند أحد إلا عند علي بن المديني.
وقال أبو داود ابن المديني أعلم بإختلاف الحديث من أحمد بن حنبل.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم وخاصة بحديث سفيان بن عيينة. توفي في ذي القعدة وله
ثلاث وسبعون سنة.
وفيها محمد بن عبد الله بن نمير الحافظ، أبو عبد الرحمن الهمداني
الكوفي أحد الأئمة في شعبان. سمع أباه وسفيان بن عيينة وخلقاً.
قال أبو إسماعيل القرمذي كان الإمام أحمد بن حنبل يعظم محمد بن عبد
الله بن نمير.
وقال علي بن الحسين بن الجنيد الحافظ: ما رأيت بالكوفة مثله. قد جمع
العلم. والسنة، والزهد. وكان قصيراً يلبس في الشتاء الباردة.
قال أحمد بن صالح المصري: ما رأيت بالعراق ومثله ومثل أحمد بن حنبل
جامعين لم أر مثلهما بالعراق رحمها الله.
(1/329)
وفيها محمد بن أبي بكر بن علي بن مقدم،
مولى ثقيف، الحافظ أبو عبد الله المقدمي البصري. توفي في أول السنة.
روى عن حماد بن زيد وطبقته.
وفيها المعافى بن سليمان الرسعني. محدث رأس العين. روى عن فليح بن
سليمان وزهير معاوية. وكان صدوقاً.
وفيها شيخ الأندلس يحيى بن يحيى بن كثير الفقيه، أبو محمد الليثي.
مولاهم، الأندلسي في رجب. وله اثتنان وثمانون سنة. روى الموطأ عن مالك
بفوت من الاعتكاف وانتهت إليه رياسة الفتوى ببلده. وخرج له عدة أصحاب.
وبه انتشر مذهب مالك بناحيته. وكان إماماً كثير العلم، كبير القدر،
وافر الحرمة، كامل العقل، كثير العبادة والفضل.
سنة خمس وثلاثين ومئتين
فيها ألزم المتوكل جميع النصارى بلبس العسلي وخصوا به.
وفيها توفي إسحاق بن إبراهيم الموصلي، أبو محمد النديم. كان رأساً في
صناعة الأدب والموسيقى. أديباً عالماً أخبارياً شاعراً محسناً كثير
الفضائل.
سمع من مالك وهشيم وجماعة. وعاش خمساً وثمانين سنة. وكان نافق السوق
عند الخلفاء العباسية، بعد من الأجواد. وثقه إبراهيم الحربي.
وفيها إسحاق بن ابراهيم بن مصعب الخزاعي الأمير ابن عم طاهر
(1/330)
ابن الحسين. ولي بغداد أكثر من عشرين سنة.
وكان يسمى صاحب الجسر. وكان صارماً سائسأ حازماً وهو الذي كان يطلب
الفقهاء ويمتحنهم بأمر المأمون. مات في آخر السنة.
وفيها سريج بن يونس البغدادي أبو الحارث الجمال العابد. أحد أئمة
الحديث. سمع إسماعيل بن جعفر وطبقته. وهو الذي رأى رب العزة في المنام.
وفيها شيبان بن فروخ الأبلي من كبار الشيوخ وثقاتهم. روى عن جرير بن
حازم وطبقته.
قال عبدان: كان عنده خمسون ألف حديث.
قلت: وهو شيبان بن أبي شيبة.
وفيها أبو بكر بن أبي شيبة.
وهو الإمام أحد الأعلام عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان
العبسي الكوفي، صاحب التصانيف الكبار.
توفي في المحرم وله بضع وسبعون سنة. سمع من شريك فمن بعده.
قال أبو زرعة: ما رأيت أحفظ منه.
وقال أبو عبيد: انتهى علم الحديث إلى أربعة: أبو بكر بن أبي شيبة، وهو
أسردهم له، وابن معين وهو أحفظهم له، وابن المديني وهو أعلمهم به.
وأحمد ابن حنبل وهو أفقههم فيه.
وقال صالح جزرة: أحفظ من رأيت عند المذاكرة أبو بكر بن أبي شيبة.
وقال نفطويه: لما قدم أبو بكر بن أبي شيبة بغداد في أيام المتوكل حزروا
(1/331)
مجلسه بثلاثين ألفاً. وفيها عبيد الله بن
عمر القواريري البصري، الحافظ أبو سعيد ببغداد. في ذي الحجة روى عن
حماد بن زيد وطبقته.
وقال صالح جزرة: هو أعلم من رأيت بحديث أهل البصرة.
وفيها وقيل سنة ست وعشرين. أبو الهذيل العلاف محمد بن الهذيل بن عبد
الله البصري. شيخ المعتزلة ورأس البدعة. وله نحو من مئة سنة.
سنة ست وثلاثين ومئتين
فيها توفي بن إبراهيم بن المنذر الحزامي المدني، الحافظ أبو إسحاق محدث
المدينة. روى عن ابن عيينة، والوليد بن مسلم، وطبقتهما فأكثر.
وفيها أبو معمر القطيعي إسماعيل بن إبراهيم ببغداد. روى عن شريك
وطبقته. وكان ثقة صاحب حديث وسنة.
وفيها وزير المأمون وحموه أبو محمد الحسن سهل. وله سبعون سنة وكان
سمحاً جواداً إلى الغاية ممدحاً. يقال إنه أنفق على عرس بنته بوران على
المأمون أربعة آلاف ألف دينار. وفيها مصعب بن عبد الله بن مصعب، الحافظ
أبو عبد الله الأسدي الزبير المدني النسابة الأخباري. سمع مالكاً
وطائفة.
(1/332)
قال الزبير: كان عمي مصعب وجه قريش مروءة
وعلماً وشرفاً وبياناً وقدراً وجاهاً. وكان نسابة قريش. عاش ثمانين
سنة.
وفيها هدبة بن خالد القيسي البصري، أبو خالد الحافظ. سمع حماد ابن
سلمة، ومبارك بن فضالة، والكبار، فأكثر.
قال عبدان الأهوازي: كنا لا نصلي خلف هدبة مما يطول. كان يسبح في
الركوع والسجود نيفاً وثلاثين تسبيحة وكان من أشبه خلق الله بهشام بن
عمار لحيته ووجهه وكل شيء منه، حتى في صلاته.
سنة سبع وثلاثين ومئتين
فيها وثبت بطارقة إرمينية على متوليها يوسف بن محمد فقتلوه.
فجهز المتوكل لحربهم بغا الكبير. فالتقوا عند أردبيل، فكسرهم بغا
الكبير، وقتل منهم زهاء ثلاثين ألفاً، وسبى وغنم، ونزل بناحية تفليس.
وفيها غضب المتوكل على أحمد بن أبي دؤاد القاضي وآله وصادرهم، وأخذ
منهم ستة عشر ألف ألف درهم.
وفيها توفي حاتم الأصم، أبو عبد الرحمن الزاهد، صاحب المواعظ والحكم
بخراسان، وكان يقال له لقمان هذه الأمة.
وفيها عبد الأعلى بن حماد النرسي الحافظ، في جمادى الآخرة. روى
(1/333)
عن حماد بن سلمة ومالك وخلق. وكان ممن قدم
على المتوكل فوصله بمال.
وفيها عبد الله بن معاذ بن معاذ العنبري البصري. سمع أباه ومعمر بن
سليمان.
قال أبو داود: كان فصيحاً يحفظ نحو عشرة آلاف حديث.
وفيها الفضل بن الجحدري، ابن أخي كامل بن طلحة. سمع حماد بن سلمة
والكبار. وكان له حفظ ومعرفة.
وفيها أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن العباس بن عثمان المطلبي، ابن عم
الشافعي. سمع الفضيل بن عياض وطائفة. وكان كثير الحديث ثقة.
سنة ثمان وثلاثين ومئتين
فيها حاصر بغا تفليس، وقد عصى بها إسحاق بن إسماعيل. فخرح للمحاربة،
فأحيط به ضربت عنقه. وأحرقت تفليس فاحترق بها خلق.
وفيها أقبلت الروم في البحر في ثلاث مئة مركب، وأهبة عظيمة، فكبسو
دمياط. وسبوا وأحرقوا، وأسرعوا الكرة في البحر، فأسروا ست مئة إمرأة.
وفيها توفي إسحاق بنذ راهوية وهو الإمام عالم المشرق أبو يعقوب
(1/334)
ابن إبراهيم بن مخلد الحنظلي المروزي ثم
النيسابوري الحافظ. صاحب التصانيف.
سمع عبد العزيز الدراوردي وبقية وطبقتهما. وعاش سبعاً وسبعين سنة. وقد
سمع من ابن المبارك وهو صغير، فترك الرواية عنه لصغره.
قال الإمام أحمد: لا أعلم بالعراق له نظيراً، وما عبر الجسر مثل إسحاق.
وقال محمد بن أسلم: ما أعلم أحدأ كان أخشى لله من إسحاق. ولو كان سفيان
حياً لاحتاج إلى إسحاق.
وقال أحمد بن سلمة: أملى علي إسحاق التفسير عن ظهر قلب.
وجاء عن غير وجه أن إسحاق كان يحفظ سبعين ألف حديث.
وقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق.
توفي إسحاق ليلة نصف شعبان بنيسابور.
وفيها بشر بن الحكم العبدي النيسابوري الفقيه، والد عبد الرحمن. توفي
قبل إسحاق بشهر، وقد رحل قبله. لقي مالكاً والكبار، عني بالأثر.
وفيها بشر بن الوليد الكندي القاضي، العلامة أبو الوليد ببغداد، في ذي
القعدة، وله سبع وتسعون سنة. تفقه على أبي يوسف، وسمع من مالك وطبقته.
وولي قضاء مدينة المنصور. وكان محمود الأحكام كثير العبادة والنوافل.
وفيها الحسين بن منصور، أبو علي السلمي النيسابوري الحافظ. رحل وسمع
وأكثر. أبي بكر بن عياش وابن عيينة وطبقتهما. وعرض عليه قضاء نيسابور
فاختفى، ودعا الله فمات في اليوم الثالث.
(1/335)
وفيها طالوت بن عباد أبو عثمان الصيرفي
البصري. له مشيخة عاليه مشهورة. روى عن حماد بن سلمة وطبقته. وكان ثقة.
ولم يخرجوا له شيئا.
وفيها عمرو بن زرارة الكلابي النيسابوري، وله ثمان وتسعون سنة. روى عن
هشيم وطبقته. وكان ثقة صاحب سنة.
وفيها عبد الملك بن حبيب مفتي أهل الأندلس ومصنف الواضحة وغير ذلك. في
رابع رمضان، وله أربع وسبعون سنة. تفقه بالأندلس على أصحاب مالك: زياد
بن عبد الرحمن شبطون وغيره. وحج سنة ثمان ومئتين.
فحمل بن عبد الملك بن الماجشون وطائفة. وتفرد بالمشيخة بعد يحيى بن
يحيى. وهو في الحديث ليس بحجة.
وفيها عبد الرحمن بن الحكم بن هشام الداخل الأموي صاحب الأندلس، وقد
نيف على الستين. وكانت أيامه اثنتين وثلاثين سنة. وكان محمود السيرة
عادلاً جواداً مفضلاً، له نظر في العقليات، ويقيم الناس الصلوات، ويهتم
بالجهاد.
وفيها محمد بن بكار بن الريان ببغداد، في ربيع الآخر. سمع فليح بن
سليمان وقيس بن الربيع بن الكبار.
وفيها أبو جعفر محمد بن الحسين البرجلاني. مصنف الزهديات
(1/336)
وشيخ ابن أبي الدنيا.
وفيها محمد بن عبيد بن حساب الغبري بالبصرة. روى عن حماد بن زيد
وطبقته. وكان ثقة حجة.
وفيها محمد بن أبي السري العسقلاني في شعبان. سمع الفضيل بن عياض
وطبقته.
وفيها أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي المقرىء الحافظ نزيل مصر،
وقيل في السنة التي قبلها. سمع عبد العزيز الدراوردي وطبقته.
سنة تسع وثلاثين ومئتين
فيها غزا المسلمون وعليهم علي الأرمني، حتى شارفوا القسطنطينية،
فأغاروا وأحرقوا ألف قرية وقتلوا وسبوا.
وفيها عزل يحيى بن أكثم عن القضاء وصودر، وأخذ منه مئة ألف دينار.
وفيها توفي مفتي بلخ أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف الباهلي البلخي الحنفي
الفقيه في جمادى الأولى. أخذ عن أبي يوسف، وسمع من مالك وجماعة.
وكان رئيساً مطاعاً فأخرج قتيبة من بلخ لعداوة بينهما. وخرج له النسائي
وهو شيخه.
وفيها داود بن رشيد، أبو الفضل الخوارزمي، ببغداد، في شعبان. سمع
إسماعيل بن جعفر وطبقته. وكان ثقة، وامتنع من الرواية.
(1/337)
وفيها صفوان بن صالح، أبو عبد الملك مؤذن
جامع دمشق. روى عن الوليد بن مسلم وطبقته. وكان حنفي المذهب.
وفيها الصلت بن مسعود الجحدري. قاضي سامراء في صفر. روى عن حماد بن زيد
وطبقته. وفيها عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي مشكدانه. روى عن أبي
الأحوص وجماعة كبيرة. وفيها عثمان بن محمد بن أبي شيبة العبسي الكوفي
الحافظ. وكان أكبر من أخيه أبي بكر. رحل وطوف وصنف التفسير والمسند.
وحضر مجلسه ثلاثون ألفاً. روى عن شريك وأبي الأحوص وخلق.
وفيها محمد بن مهران، أبو جعفر الجمال الرازي الحافظ. رحل وطوف. وروى
عن فضيل بن عياض وخلق كثير.
وفيها محمد بن يحيى بن أبي سمينة، أبو جعفر البغدادي التمار الحافظ في
ربيع الأول. سمع المعافي بن عمران وطائفة.
وفيها محمود بن غيلان، أبو أحمد المروزي الحافظ محدث مرو صبح وحدث
ببغداد عن الفضل بن موسى وابن عيينة وطائفة.
قال الإمام أحمد بن حنبل: أعرفه بالحديث صاحب سنة. حبس بسبب القرآن.
(1/338)
وفيها وهب بن بقية الواسطي. ويقال له
وهبان. روى عن هشيم وأقرانه.
سنة أربعين ومئتين
فيها توفي أحمد بن أبي دؤاد قاضي القضاة أبو عبد الله الإيادي وله
ثمانون سنة وكان فصيحاً مفوهاً شاعراً جواداً ممدحاً رأساً في التهجم
وهو الذي شعب على الإمام أحمد بن حنبل وأفتى بقتله. وقد مرض بالفالج
قبل موته بنحو أربع سنين، ونكب وصودر.
وفيها توفي أبو ثور بن إبراهيم بن خالد الكلبي البغدادي الفقيه أحد
الأعلام. تفقه بالشافعي. وسمع من ابن عيينة وغيره. وبرع في العلم ولم
يقلد أحداً.
قال الإمام احمد: أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة. وهو عندي في صلاح سفيان
الثوري.
وفيها الحسن بن عيسى بن ماسرجس، أبو علي النيسابوري. توفي في أول السنة
بطريق مكة. وكان ورعاً ديناً ثقة. أسلم على يد ابن المبارك، وسمع
الكثير منه، ومن أبي الأحوص، وطائفة. ولما مر ببغداد وحدث بها عدوا في
مجلسه اثني عشر ألف محبرة.
وفيها أبو عمرو خليفة بن خياط العصفوري البصري الحافظ
(1/339)
شباب صاحب التاريخ والطبقات وغير ذلك. وسمع
من يزيد بن زريع وطبقته.
وفيها سويد بن سعيد، أبو محمد الهروي الحدثاني، نسبة إلى الحديثة التي
تحت عانة. سمع مالكاً وشريكاً وطبقتهما. وكان مكثراً، حسن الحديث، بلغ
مئة سنة.
قال أبو حاتم: صدوق كثير التدليس.
وفيها سويد بن نصر المروزي. رحل وكتب عن ابن المبارك وابن عيينة. وعمر
سبعين سنة. وفيها سحنون مفتي القيروان وقاضيه، أبو سعيد عبد السلام بن
سعيد ابن حبيب التنوخي الحمصي الأصل المغربي المالكي. صاحب المدونة.
أخذ عن أبي القاسم، وابن وهب، وأشهب، وله عدة أصحاب، وعاش ثمانين سنة.
وفيها عبد الواحد بن غياث المربدي البصري. سمع حماد بن سلمة وطبقته.
وفيها محدث خراسان أبو رجاء قتيبة بن سعيد الثقفي، مولاهم، البلخي ثم
البغلاني الحافظ، وأسمه يحيى، وقيل علي. وقتيبة لقبه. سمع مالكاً
والليث والكبار. ورحل العلماء إليه من الأوطان. وكان من الأغنياء
التقاة ببغلان.
(1/340)
وفيها أبو بكر الأعين محمد بن أبي عتاب
الحسن بن ظريف البغدادي الحافظ، في جمادى الأولى. سمع زيد بن الحباب
وطبقته. ورحل إلى الشام ومصر وسمع صنف.
وفيها الليث بن خالد أبو الحارث، المقرىء الكبير صاحب الكسائي. وكان من
أعيان أهل الأداء ببغداد. وتوفي قبل الأربعين تقريباً.
وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي الواسطي الحافظ. روى عن الوليد بن مسلم
وجماعته. وهو ضعيف.
قال البخاري: فيه نظر.
وعبد العزيز بن يحيى الكناني المكي صاحب الحيدة. سمع من سفيان بن
عيينة، وناظر بشراً المريسي. وهو معدود في أصحاب الشافعي.
ونصر بن يوسف الرازي النحوي المقرىء تلميذ الكسائي.
وعمر بن زرارة الحدثي. ثقة، له مشيخة مشهورة. روى عن شريك وجماعة.
وأبو يعقوب الأزرق المقرىء صاحب ورش. وكان مقرىء ديار مصر في زمانه.
وأسمه يوسف بن عمرو بن يسار.
وأبو الفضل أحمد المعدل بن غيلان العبدي البصري الفقيه المالكي
المتكلم، صاحب عبد الملك بن الماجشون وكان فصيحاً مفوهاً. له عدة
مصنفات. وعليه تفقه إسماعيل بن إسحاق والبصريون.
(1/341)
|