العبر في خبر من غبر، من سنة 221 إلى 230

سنة إحدى وعشرين ومئتين
فيها كانت وقعة عظيمة. وكسر بابك الخرمي بغا الكبير. ثم تقوى بغا وقصد بابك. فالتقوا فانهزم بابك.
وفيها توفي أبو علي الحسن بن الربيع البجلي البوراني القصبي. روى عن قيس بن الربيع وطبقته. وكان ثبتاً عابداً.
وفيها عاصم بن علي بن عاصم الواسطي الحافظ. أبو الحسين، في رجب. سمع ابن أبي ذئب، وشعبة وخلقاً. وقدم بغداد فازدحموا عليه من كل مكان حتى حزر مجلسه بمئة ألف. وكان ثقة حجة صاحب سنة.
وفيها محدث مرو وشيخها عبد الله بن عثمان، عبدان المروزي. سمع شعبة وأبا حمزة السكري والكبار. وعاش ستاً وسبعين سنة. وكان ثقة جليل القدر معظماً. تصدق في حياته بألف ألف درهم.
وفيها الإمام الرباني أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني القعنبي الزاهد. سكن البصرة ثم مكة وبها توفي في المحرم روى عن مسلمة بن وردان، وأفلح بن حميد، والكبار. وهو أوثق من روى الموطأ.
قال أبو زرعة: ما كتبت عن أحد أجل في عيني من القعنبي مالك.
وقال أبو حاتم: ثقة حجة، لم أر أخشع منه.
وقال الخريبي: حدثني القعنبي عن مالك، وهو والله عندي خير من مالك.
وقال الفلاس: كان القعنبي مجاب الدعوة.

(1/301)


وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: سمعتهم بالبصرة. يقولون: القعنبي من الأبدال. رحمة الله عليه.
وفيها محمد بن بكير الحضرمي البغدادي. حدث بإصبهان بن سهل وطبقته.
قال أبو حاتم: صدوق يغلط أحياناً.
وفيها أبو همام الدلال محمد بن محبب. بصري مشهور. روى عن الثوري وطبقته.
وفيها الفقه همام بن عبد الله الرازي الحنفي. روى عن ابن أبي ذئب ومالك، وطبقتهما. وكان كثير العلم، واسع الرواية. وفيه ضعف. وقد جاء عنه أنه وقال: أنفقت في طلب العلم سبع مئة ألف درهم.
سنة اثنتين وعشرين ومئتين
فيها التقى الأفشين والخرمية لعنهم الله فهزمهم ونجا بابك، فلم يزل الأفشين يتحيل عليه حتى أسره ومات وقد عاث هذا الملعون وأفسد البلاد والعباد. وامتدت أيامه نيفاً وعشرين سنة. وأراد أن يقيم ملة المجوس بطبرستان.
وقد بعث المعتصم في أول السنة خزائن أموال للأفشين ليتقوى بها. فكانت ولمن جاء برأسه ثلاثين ألف ألف درهم. وافتتحت البذ مدينة بابك في رمضان بعد حصار شديد فاختفى بابك في غيضة في الحصن وأسر جميع خواصه وأولاده وبعث إليه المعتصم الأمان فحرقه وسبه وكان قوي النفس شديد البطش صعب المراس وطلع من تلك الغيضة في طريق يعرفها في الجبل وانقلب ووصل إلى جبال إرمينية فنزل عند البطريق سهل فأغلق عليه وبعث يعرف الأفشين.
فجاء الأفشين فقتله. وكان الأفشين قد جعل لمن جاء به حياً ألفي ألف درهم،

(1/302)


ولمن جاء برأسه ألف ألف درهم. كان دخوله يوماً مشهوداً.
وفيها توفي أبو اليمام الحكم بن نافع البهراني الحمصي الحافظ. روى عن حريز بن عثمان وطبقته وكان ثقة حجة كثير الحديث. ولد سنة ثمان وثلاثين ومئة. ومات في ذي الحجة وقد سئل أبو اليمان مرة حديث شعيب ابن أبي حمزة فقال: ليس هو مناولة. المناولة لم أخرجها إلى أحد.
وفيها عمر بن حفص بن غياث الكوفي. روى عن أبيه وطبقته. ومات كهلاً في ربيع الأول. وكان ثقةً متقناً عالماً.
وفيها أبو عمرو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي مولاهم البصري القصاب الحافظ محدث البصرة. سمع من ابن عون حديثاً واحداً، ومن قرة بن خالد. ولم يرحل ولكن سمع من ثمان مئة شيخ بالبصرة. وكان ثقة حجة. أضر بأخرة. وكان يقول: ما أتيت حراماً ولا حلالاً قط. توفي في صفر.
وفيها فقيه حمص ومحدثها يحيى بن صالح الوحاظي ولد سنة سبع وثلاثين ومئة، وسمع من سعيد بن عبد العزيز وفليح بن سليمان، وطبقتهما. وعين للقضاء بحمص.
قال العقيلي: هو حمصي جهمي.
وقال الجوزجاني: كان مرجئاً.
ووثقه غيره.

(1/303)


سنة ثلاث وعشرين ومئتين
فيها أتى المعتصم ببابك فأمر بقطع أربعته وبصلبه.
وفيها التقى المسلمون وعليهم الأفشين وطاغية الروم. فاقتتلوا ثانياً، وكثر القتل، ثم انهزم الملاعين. وكان طاغيتهم في هذا الوقت تيوفيل بن ميخائيل بن جرجيس، لعنهم الله، نزل على زبطرة في مئة ألف أياماً وافتتحها بالسيف، ثم أغار على ملطية، ثم أذن الله بهذه الكسرة. وفيها توفي خالد بن خداش المهلبي البصري المحدث في جمادى الآخرة. روى عم عن مالك وطبقته.
وفيها مات أبو الفضل. صدقة بن الفضل المروزي، عالم أهل مرو ومحدثهم. رحل وكتب عن ابن عيينة وطبقته. وأقدم شيخ له أبو حمزة السكري.
قال بعضهم: كان ببلده كأحمد بن حنبل ببغداد.
وفيها عبد الله بن صالح أبو صالح الجهني المصري الحافظ.
كاتب الليث بن سعد. توفي يوم عاشوراء وله ست وثمانون سنة. حدث عن معاوية بن صالح، وعبد العزيز بن الماجشون، وخلق.
قال ابن معين: أقل أحوال أبي صالح أنه قرأ هذه الكتب على الليث بإجازتها له.
وقال أبو الفضل الشعراني: ما رأيت عبد الله بن صالح إلا يحدث أو ينسخ.
وضعفه آخرون.

(1/304)


وفيها أبو بكر بن أبي الأسود، واسمه عبد الله بن محمد بن حميد، قاضي همذان. سمع مالكاً وأبا عوانة. وكان صدوقا متقناً.
وفيها أبو عثمان عمرو بن عون الواسطي. سمع الحمادين وطائفة.
قال أبو حاتم: ثقة حجة.
وكان يحيى بن معين يطنب في الثناء عليه.
وفيها محمد بن سنان العوقي، أبو بكر البصري. أحد الأثبات. روى عن جرير بن حازم وطبقته.
وفيها أبو عبد الله محمد بن كثير العبدي البصري المحدث روى عن سعيد وسفيان وجماعة. وفيها محمد بن محبوب البناني المحدث روى عن حماد بن سلمة وطبقته.
قال ابن معين: كيس صادق كثير الحديث.
وفيها معاذ بن أسد بالبصرة. وهو مروزي. روى عن ابن المبارك وكان كاتبه.
وفيها موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي البصري الحافظ، أحد أركان الحديث. سمع من سعيد حديثاً واحداً، وأكثر عن حماد بن سلمة وطبقته.

(1/305)


قال عباس الدوري: كتبت عنه خمسة وثلاثين ألف حديث.
سنة أربع وعشرين ومئتين
فيها ظهر مازيار بطبرستان وخلع المعتصم فسار لحربه عبد الله بن طاهر. وجرت له حروب وفصول. ثم اختلف عليه جنده، إلى أن قتل في سنة خمس الآتية.
وفيها توفي الأمير إبراهيم بن المهدي محمد بن المنصور العباسي الأسود، ولفخامته يقال له التنين، ويقال له ابن شكلة، وهي أمه. وكان فصيحاً أديباً شاعراً، رأساً في معرفة الغناء وأنواعه. ولي إمرة دمشق لأخيه الرشيد، وبويع بالخلافة ببغداد، ولقب بالمبارك. عندما جعل المأمون ولي عهده علي بن موسى الرضا. فحاربه الحسن. بسن سهل فانكسر. ثم حاربه حميد الطوسي، فانكسر جيش إبراهيم، وانهزم فاختفى، وذلك في سنة ثلاث. وبقي في الاختفاء سبع سنين، ثم ظفروا به وهو في إزار فعفا عنه المأمون.
وفيها إبراهيم بن أبي سويد البصري الزارع، أحد أصحاب الحديث. روى عن حماد بن سلمة وأقرانه.
قال أبو حاتم: صدوق.
وفيها أيوب بن سليمان بن بلال له نسخة صحيحة يرويها عن عبد الحميد بن أبي أويس عن أبيه سليمان بن بلال ما عنده سواها.

(1/306)


وفيها أبو العباس حيوة بن شريح الحضرمي الحمصي الحافظ. سمع إسماعيل بن عياش وطائفة.
وفيها الربيع بن يحيى الأشناني البصري. روى عن مالك بن مغول والكبار. وكان ثقة صاحب حديث.
وفيها بكار بن محمد بن عبد الله بن محمد بن سيرين السيريني. روى عن ابن عون والكبار وفيه ضعف يسير.
وفيها سعيد بن الحكم بن أبي مريم الجمحي، مولاهم، المصري، أحد أركان الحديث، وله ثمانون سنة. روى عن يحيى بن أيوب، وأبي غسان محمد بن مطرف، وطائفة من البصريين والحجازيين.
وفيها قاضي مكة أبو أيوب سليمان بن حرب الأزدي البصري الحافظ في ربيع الآخر، وهو في عشر التسعين. سمع شعبة وطبقته.
قال أبو داود: سمعته يقع في معاوية. وكان بشر الحافي يهجره لذلك. وكان لا يدلس ويتكلم في الرجال. وقرأ في الفقه. وقد ظهر من حديثه نحو عشرة آلاف حديث. وما رأيت في يده كتاباً قط. وحضرت مجلسه ببغداد فحزر بأربعين ألفاً، وحضر مجلسه المأمون من وراء ستر.
وفيها أبو معمر المقعد. وهو عبد الله بن عمرو المنقري، مولاهم، البصري الحافظ. صاحب عبد الوارث.

(1/307)


قال ابن معين: ثقة ثبت.
وفيها عمرو بن مرزوق الباهلي، مولاهم، البصري الحافظ. روى عن مالك بن مغول وطبقته.
قال محمد بن عيسى بن السكن: سألت ابن معين عنه فقال: ثقة مأمون. صاحب البخاري بأخرة.
وفيها أبو الحسن علي بن محمد المدائني البصري الأخباري. صاحب التصانيف والمغازي والأنساب، وله ثلاث وتسعون سنة. سمع ابن أبي ذئب وطبقته. وكان يسرد الصوم. وثقه ابن معين وغيره.
وفيها العلامة العلم أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي صاحب التصانيف. سمع شريكاً، وابن المبارك، وطبقتهما.
قال إسحاق بن راهويه: الحق يحب لله، أبو عبيد أفقه مني وأعلم.
وقال الإمام أحمد: أبو عبيد أستاذ.
وفيها أبو الجماهير محمد بن عمر التنوخي الكفرسوسي. سمع سعيد بن عبد العزيز وطبقته. قال أبو حاتم: ما رأيت أفصح منه ومن أبي مسهر.
وفيها أبو جعفر محمد بن عيسى بن الطباع الحافظ، نزيل الثغر

(1/308)


بأدنة سمع مالكاً وطبقته.
قال أبو حاتم: ما رأيت أحفظ للأبواب منه.
وقال أبو داود: كان ينفقه ويحفظ أكثر من أربعين ألف حديث.
وفيها عارم أبو النعمان محمد بن الفضل السدوسي البصري الحافظ. أحد أركان الحديث. روى عن الحمادين وطبقتهما، ولكنه اختلط بأخرة. وكان سليمان بن حرب يقدمه على نفسه.
سنة خمس وعشرين ومئتين
فيها توفي الفقيه أصبغ بن الفرج، أبو عبد الله المصري، مفتي أهل مصر ووراق بن وهب. أخذ عن ابن وهب وابن القاسم. وتصدر للاشتغال والحديث.
قال ابن معين: كان عن أعلم خلق الله كلهم رأي مالك، يعرفا مسألة مسألة، متى قالها مالك ومن خالفه فيها.
وقال أبو حاتم: أجل أصحاب ابن وهب.
وقال بعضعهم: ما أخرجت مصر مثل أصبغ. وقد كان ذكر للقضاء بمصر، وله تصانيف حسان.
وفيها حفص بن عمر أبو عمرو الحوضي الحافظ، بالبصرة. روى عن هشام الدستوائي والكبار.

(1/309)


قال أحمد بن حنبل: ثبت متقن: لايؤخذ عليه حرف واحد.
وفيها سعدويه الواسطي. سعيد بن سليمان الحافظ ببغداد. روى عن حماد بن سلمة وطبقته.
قال أبو حاتم: ثقة مأمون، لعله أوثق من عفان.
وقال صالح جزرة: سمعت سعدويه يقول: حججت ستين حجة.
وفيها أبو عبيدة شاذ بن فياض اليشكري البصري. اسمه هلال، روى عن هشام الدستوائي والكبار فأكثر.
وفيها أبو عمرو الجرمي النحوي صالح بن إسحادق. وكان دينار ورعاً نبيلاً رأساً في اللغة والنحو. ملك بالأدب دنيا عريضة.
وفيها فروة بن أبي المغراء الكوفي المحدث. روى عن شريك وطبقته.
وفيها الأمير أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي صاحب الكرخ. أحد الابطال المذكوين والأجواد المشهورين. وقد ولي إمرة دمشق للمعتصم.
وفيها محمد بن سلام البيكندي البخاري الحافظ. رحل وسمع بن مالك وخلق كثير. وكان محفظ خمسين ألف حديث. وقال: أنفقت في طلب العلم أربعين ألفا ونشره مثلها.

(1/310)


سنة ست وعشرين ومئتين
فيها غضب المعتصم على الأفشين وسجنه، وضيق عليه. ومنع بن الطعام حتى مات أو خنق. ثم صلب إلى جانب بابك. وأتى بأصنام من داره أتهم بعبادتها فأحرقت. وكان أقلف متهما في دينه، وأيضاً خافه المعتصم. وكان من أولاد الأكاسرة. واسمه حيدر بن كاوس. وكان بطلاً شجاعاً مطاعاً. ليس في الأمراء أكبر منه.
وظفر المعتصم أيضاً بمازيار الذي فعل الأفاعيل بطبرستان وصلب إلى جانب بابك.
وفيها أحمد بن عمرو الخرشي النيسابوري. سمع مسلم بن خالد الزنجي وطبقته. ولزمه محمد بن نصر المروزي فأكثر عنه.
قال الحاكم: كان إمام عصره في العلم والحديث والزهد. ثقة.
وفيها إسحاق بن محمد الفروي المديني الفقيه. روى عن مالك وطبقته.
وفيها إسماعيل بن أويس الحافظ، أبو عبد الله الأصبحي المدني. سمع من خاله مالك وطبقته. وفيه ضعف.
وفيها سعيد بن كثير بن عفير، أبو عثمان المصري الحافظ العلامة، قاضي الديار المصرية. روى عن الليث ويحيى بن أيوب والكبار. وكان فقيهاً نسابةً أخبارياً شاعراً كثير الإطلاع، قليل المثل، صحيح النقل، ثقة روى عنه البخاري وغيره.

(1/311)


وفيها محدث الموصل غسان بن الربيع الأزردي. روى عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وطبقته. وكان ورعاً كبير القدر، لكن ليس بحجة.
وفيها محمد بن مقاتل المروزي، شيخ البخاري بمكة. روى عن ابن المبارك وطبقته.
وفيها شيخ خراسان الإمام يحيى بن يحيى بن بكر التيمي النيسابوري، في صفر بنيسابور. وكان يشبه بابن المبارك في وقته. طوف وروى عن مالك والليث وطبقتهما.
قال ابن راهويه: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسبه رأى مثل نفسه. ومات وهو إمام أهل الدنيا.
سنة سبع وعشرين ومئتين
فيها قدم على إمرة دمشق أبو المغيث الرافقي، فخرجت عليه قيس لكونه صلب منهم خمسة عشر رجلاً، وأخذوا خيل الدولة من المرج. فوجه إليهم أبو المغيث جيشاً فهزموه. ثم استفحل شرهم وعظم جمعهم، وزحفوا على دمشق وحاصروها. فجاء رجاء الحضاري الأمير في جيش من العراق ونزل بدير مران والقيسية بالمرج. فوجه إليهم يناشدهم الطاعة. فأبوا إلا أن يعزل أبا المغيث. فأنذرهم القتال يوم الاثنين. ثم كسبهم يوم الأحد بكفر بطنا. وكان جمهور القيسية بدومة. فوضع السيف في كفر بطنا وسقبا وجسرين، حتى قتل ألفاً وخمس مئة، وقتلوا الصبيان وجرحت النساء ووقع النهب.

(1/312)


وفيها أحمد بن عبد الله بن يونس، أبو عبد الله اليربوعي الحافظ الكوفي. سمع الثوري وطبقته. وعاش أربعاً وتسعين سنة.
قال الإمام أحمد لرجل سأله عن من أكتب؟ قال: اخرج إلى أحمد بن يونس، فإنه شيخ الإسلام. توفي في ربيع الآخر.
وفيها بشار بن إبراهيم الرمادي الزاهد، صاحب سفيان بن عيينة. قال ابن عدي: سألت محمد بن أحمد الزريقي عنه فقال: كان والله أزهد أهل زمانه.
وقال الإمام أحمد: كان متقناً ضابطاً.
وفيها أبو النضر إسحاق بن إبراهيم الدمشقي الفراديسي من أعيان الشيوخ بدمشق. روى عن سعيد بن عبد العزيز وجماعة.
وفيها إسماعيل بن عمرو البجلي محدث إصبهان وهو كوفي روى عن مسهر وطبقته. وثقه ابن حبان وغيره. وضعفه الدراقطني. وهو مكثر عالي الاسناد.
وفيها الرباني القدوة أبو نصر بشر بن الحارث المروزي الزاهد المعروف ببشر الحافي. سمع من حماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد وطبقتهما. وعني بالعلم، ثم أقبل على شأنه، ودفن كتبه. وحدث بشيء يسير. وكان في الفقه على مذهب الثوري. وقد صنف العلماء في مانقب بشر وكراماته رحمه الله. وعاش خمساً وسبعين سنة. وتوفي ببغداد في ربيع الأول.

(1/313)


وفيها أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني الحافظ صاحب السير روى عن فليح بن سليمان. وشريك وطبقتهما. وجاور بمكة وبها مات في رمضان. وقد روى البخاري عن رجل عنه. وفيها سهل بن بكار البصري. روى عن شعبة وجماعة.
وفيها محمد بن الصباح البغدادي البزاز الدولابي، أبو جعفر. روى عن شريك وطبقته. وله سنن صغيرة.
وفيها أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي، مولاهم، البصري الحافظ. أحد أركان الحديث، في صفر. وله أربع وتسعون سنة. سمع عاصم بن محمد العمري وهشاماً الدستوائي والكبار.
قال أحمد بن سنان: كان أمير المحدثين.
وقال أبو زرعة: وكان إماماً في زمانه جليلاً عند الناس.
وقال أبو حاتم: إمام فقيه عاقل ثقة حافظ، ما رأيت في يده كتاباً قط.
وقال ابن وارة: ما أراني أدركت مثله.
وفيها الهيثم بن خارجة، في ذي الحجة ببغداد. سمع مالكاً والليث.
وفيها يحيى بن بشر الحريري الكوفي. سمع بدمشق معاوية بن سلام وجماعة وعمر دهراً.

(1/314)


وفيها، في ربيع الأول، الخليفة أبو إسحاق المعتصم محمد بن هارون الرشيد بن المهدي العباسي، وله سبع وأربعون سنة. وعهد إليه المأمون بالخلافة، وكان أبيض أصهب اللحية طويلها. مربوعاً. مشرق اللون، قوياً إلى الغاية، شجاعاً شهماً مهيباً. وكان كثير اللهو، مسرفا على نفسه. وهو الذي افتتح عمورية من أرض الروم.
وكان يقال له المثمن لأنه ولد سنة ثمانين ومئة في ثامن شهر فيها.
وهو ثامن الخلفاء من بني العباس.
وفتح ثمانية فتوح: عمورية. ومدينة بابك. ومدينة الزط. وقلعة الأحزان ومصر وأذربيجان، وديار ربيعة، وإرمينية.
ووقف في خدمته ثمانية ملوك: الأفشين، والمازيار، وبابك، وباطس ملك عمورية، وعجيف ملك اسباخنج. وصول صاحب اسبيجاب، وهاشم ناحور ملك طخارستان، وكناسة ملك السند. فقتل هؤلاء سوى صول وهاشم.
واستخلف ثمان سنين وثمانية اشهر وثمانية أيام.
وخلف ثمانية بنين وثماني بنات. وخلف بن الذهب ثمانية آلاف ألف دينار.
ومن الدراهم ثمانية عشر ألف درهم.
ومن الخيول ثمانين ألف فرس.
ومن الجمال والبغال مثل ذلك.
ومن المماليك ثمانية آلاف مملوك وثمانية آلاف جارية.
وبنى ثمانية قصور.

(1/315)


وكان له نفس سبعية، وإذا غضب لم يبال من قتل ولا ما فعل. وقام بعده ابنه الواثق.
سنة ثمان وعشرين ومئتين
فيها توفي داود بن عمرو الضبي البغدادي. سمع نافع بن عمر الجمحي وطائفة. وكان صدوقاً صاحب حديث.
وفيها حماد بن مالك الأشجعي الخراساني، شيخ معمر، كان مقبول الرواية. روى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والأوزاعي.
وفيها أبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار الزاهد ببغداد، في أول العام. روى عن حماد بن سلمة وطبقته. وكان ثقة ثبتاً عالماً عابداً قانتاً، يعد من الأبدال.
وفيها عبيد الله بن محمد العيشي البصري الأخباري. أحد الفصحاء الأجواد. روى عن حماد بن سلمة وطبقته.
قال يعقوب بن شيبة: أنفق ابن ابن عائشة على إخوانه أربع مئة ألف دينار في الله.
وعن إبراهيم الحربي. قال: ما رأيت مثل ابن عائشة.
وقال ابن خراش: صدوق.
وفيها علي بن عثام بن علي العامري الكوفي بنيسابور. سمع مالكاً

(1/316)


وطبقته. وكان حافظاً زاهداً أديباً كبير القدر. توفي مرابطاً بطرسوس. روى مسلم في صحيحه عن رجل عنه.
وفيها أبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي ببغداد. وله جزء مشهور من أعلا المرويات روى فيه عن الليث بن سعد وجماعة.
قال الخطيب: صدوق.
وفيها محمد بن الصلت، أبو يعلى الثوري ثم البصري الحافظ. سمع الدراوردي وطبقته.
قال أبو حاتم: كان يملي علينا في التفسير من حفظه.
وفيها العتبي الأخباري. وهو أبو عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو الأموي. أحد الفصحاء الأدباء من ذرية عتبة بن أبي سفيان بن حرب. كان من أعيان الشعراء بالبصرة. سمع أباه، وسمع أيضاً من سفيان بن عيينة عدة أحاديث، والأخبار أغلب عليه.
وفيها مسدد بن مسرهد الحافظ، أبو الحسن البصري. سمع جويرية ابن أسماء وأبا عوانة وخلقاً. وله مسند في مجلد، سمعنا بعضه.
وفيها نعيم بن الهيضم الهروي، ببغداد. روى عن أبي عوانة وجماعة، وهو من ثقات شيوخ البغوي.

(1/317)


وفيها أبو زكريا يحيى بن عبد الحميد الحماني الكوفي الحافظ أحد أركان الحديث.
قال ابن معين: ما كان بالكوفة من يحفظ معه. سمع قيس بن الربيع وطبقته.
وهو ضعيف.
سنة تسع وعشرين ومئتين
فيها توفي الإمام أبو محمد خلف بن هشام البزار شيخ القراء والمحدثين ببغداد سمع من مالك بن أنس وطبقته، وله اختيار خالف فيه حمزة في أماكن وكان عابداً صالحاً كثير العلم صاحب سنة رحمه الله.
وفيها عبد الله بن محمد الحافظ. أبو جعفر الجعفي البخاري المسندي. لقب بذلك لأنه كان يتتبع المسند ويتطلبه. رحل وكتب الكثير عن سفيان بن عيينة وطبقته.
وفيها نعيم بن حماد الخزاعي المروزي الفرضي الحافظ أحد علماء الأثر سمع أبا حمزة السكري، وهشماً، وطبقتهما. وصنف التصانيف. وله غلطات ومناكير مغمورة في كثرة ما روى. وامتحن بخلق القرآن فلم يجب. فحبس وقيد ومات في الحبس. رحمه الله تعالى.
وفيها يزيد بن صالح الفراء أبو خالد النيسابوري العبد الصالح.

(1/318)


روى عن إبراهيم بن طهمان. وقيس بن الربيع. وطائفة. وكان ورعاً قانتاً مجتهداً في العبادة.
سنة ثلاثين ومئتين
فيها توفي إبراهيم بن حمزة الزبيري المدني الحافظ. روى عن إبراهيم بن سعيد وطبقته، ولم يلق مالكاً.
وفيها سعيد بن محمد الجرمي الكوفي، وإلا في حدودها. روى عن شريك، وحاتم بن اسماعيل وطائفة. وكان صاحب حديث.
وفيها أمير المشرق أبو العباس عبد الله بن طاهر بن الحسين الخزاعي، وله ثمان وأربعون سنة. وكان شجاعاً مهيباً عاقلاً جواداً كريماً. يقال إنه وقع مرة على قصص بصلات بلغت أربعة آلاف ألف درهم. وقد خلف من الدارهم خاصة أربعين ألف ألف درهم. وقد تاب قبل موته وكسر آلات الملاهي واستفك أسرى بألفي ألف. وتصدق بأموال.
وفيها علي بن الجعد، أبو الحسن الهاشمي، مولاهم، البغدادي الجوهري الحافظ. محدث بغداد. في رجب. وله ست وتسعون سنة. روى عن شعبة، وابن أبي ذئب، والكبار فأكثر. وكان يحدث من حفظه.
قال اللغوي آخر اصحابه موتاً: أخبرت أنه مكث ستين سنة يصوم يوماً ويفطر يوماً.

(1/319)


وفيها علي بن محمد إسحاق. أبو الحسن الطنافسي الكوفي الحافظ. محدث قزوين، وأبو قاضيها الحسين. سمع سفيان بن عيينة وطبقته قأكثر. وثقه أبو حاتم وقال: هو أحب إلي من أبي بكر بن أبي شيبة في الفضل والصلاح.
وفيها عون بن سلام الكوفي. وله تسعون سنة. سمع أبا بكر النهشلي. وزهير بن معاوية. وفيها محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة البصري الحافظ المجاهد. روى عن معتمر بن سليمان وطبقته.
وفيها الإمام الحبر أبو عبد الله محمد بن سعد الحافظ، وفيها كاتب الواقدي وصاحب الطبقات والتاريخ، ببغداد. في جمادى الآخرة. وله اثنتان وسبعون سنة. روى عن سفيان بن عيينة، وهشيم، وخلق كثير.
قال أبو حاتم: صدوق.
وفيها أبو غسان مالك بن عبد الواحد المسمعي البصري المحدث. روى عن معتمر بن سليمان وطبقته.
وفي حدود الثلاثين إبراهيم بن موسى الرازي الفراء الحافظ. أبو إسحاق. أحد أركان العلم. رحل وسمع أبا الأحوص، وخالد بن عبد الله الواسطي وطبقتهما.

(1/320)


قال أبو زرعة: كتبت عنه مئة ألف حديث. وهو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة، وأصح حديثاً.