العبر في خبر من غبر، من سنة 351 إلى 360
سنة إحدى وخمسين
وثلاثمئة
فيها نازل الدُّمستق لعنه الله مدينة عين زربة، في مئة ألف وستين
ألفاً، فأخذها بالأمان، ثم نكث في آخر القصة، وقتل خلق لا يحصون،
وأحرقها ومات أهلها في الطرقات جوعاً وعطشاً، إلا من نجا بأسوأ حال،
وهدم حولها نحواً من خمسين حصناً، أخذ بعضها بالأمان رجع، فجاء سيف
الدولة، فنزل على عين زربة، وأخذ يتلافى الأمر، ويلم شعثها، واعتقد أن
الطاغية لا يعود، فدهمه الملعون، ونازل حلب بجيوشه، فلم يفوته سيف
الدولة، ونجا في نفرٍ يسير، وكانت داره بظاهر حلب، فدخلها الدُّمستق،
ونزل بها، واحتوى على ما فيها من الخزائن، وحاصر أهل حلب إلى أن انهدمت
ثلمة من السور، فدخلت الروم منها، فدفعهم المسلمون وبنوها في الليل،
ونزلت أعوان الوالي إلى بيوت العوام فنهبوها، فوقع الصائح في الأسوار:
الحقوا منازلكم، فنزلت الناس حتى خلت الأسوار، فبادرت الروم وتسلقوا،
وملكوا البلد، وبذلوا السيف حتى كلّوا وملّوا، واستباحوا حلب، ولم ينجح
إلا من عد القلة.
وأما بغداد، فرفعت المنافقون رؤوسها، وقامت الدولة الرافضية، وكتبوا
على أبواب المساجد: لعنة معاوية ولعنة من غصب فاطمة حقّها من فدك ولعنة
من أخرج العباس من الشورى ولعنة من نفى أبا ذر، فمحته أهل السنَّة في
الليل، فأمر معز الدَّولة بإعادته: فأشار عليه الوزير المهلَّبي، أن
يكتب: ألا لعنة الله على الظالمين لآل محمد، ولعنة معاوية فقط.
وأسرت الروم من منبج، الأمير أبا فراس بن سعيد بن حمدان
(2/86)
الأمير وبقي في أسرهم سنوات.
وفيها توفي أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن جامع السكَّري بمصر، روى عن
علي بن عبد العزيز البغوي، وطائفة.
وأبو بكر أحمد بن محمد بن أبي الموت المكّي. روى عن علي بن عبد العزيز
البغوي، وأبي يزيد القراطيسي، وطائفة وعاش تسعين سنة.
وأحمد بن محمد، أبو الحسين النَّيسابوري، قاضي الحرمين، وشيخ الحنفية
في عصره، ولي قضاء الحجاز مدّة، ثم قدم نيسابور، وولي القضاء بها،
تفقّه على أبي الحسين الكرخي، وبرع في الفقه، وعاش سبعين سنة.
وروى عن أبي خليفة الجمحي، وكان القاضي أبو بكر الأبهري، شيخ المالكية،
يقول: ما قدم علينا من الخراسانيين أفقه من ابن أبي الحسين.
وفيها أبو إسحاق الهجيمي، إبراهيم بن علي البصري في آخر السنة، وقد
قارب المائة، روى عن جعفر بن محمد بن شاكر والكديمي، وطائفة.
وفيها المهلَّبي الوزير، في قول، وسيأتي في العام الآتي.
وفيها دعلج بن أحمد بن دعلج، أبو محمد السِّجزي المعدّل، وله نيف
وتسعون سنة، رحل وطوف وأكثر، وسمع من هشام السِّيرافي، وعليّ البغوي،
وطبقتهما.
(2/87)
قال الحاكم: أخذ عن ابن خزيمة مصنفاته،
وكان يفتي بمذهبه. وقال الدَّارقطني: لم أر في مشايخنا، أثبت من دعلج.
وقال الحاكم: يقال لم يكن في الدنيا أيسر منه، اشترى بمكة دار
العباسيّة، بثلاثين ألف دينار، وقيل كان الذّهب في داره بالقفاف وكان
كثير المعروف والصِّلات، توفي جمادى الآخرة.
وفيها أبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد البغدادي بمصر، راوي
السِّرة عن ابن البرقي في رمضان.
وفيها أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق الحافظ ببغداد، في شوال،
وله ست وثمانون سنة. سمع الحارث بن أبي أسامة، إبراهيم بن الهيثم
البلدي وطبقتهما. وصنّف التصانيف.
قال الدَّارقطني: كان يخطئ ويصرّ على الخطأ.
وفيها الحبِّيني أبو أحمد علي بن محمد المروزي، سمع سعيد بن مسعود
المروزي وطبقته. وكان صاحب حديث قال الحاكم: كان يكتب مثل السكر.
وفيها أبو بكر النقّاش، محمد بن الحسن بن محمد بن زياد الموصلي، ثم
البغدادي المقرئ، صاحب التصانيف في التفسير والقراءات. روى عن أبي مسلم
الكجِّي وطائفة، وقرأ على أصحاب ابن ذكوان والبزّي، ورحل
(2/88)
ما بين مصر، إلى ما وراء النهر، وعاش خمساً
وثمانين سنة، ومع جلالته في العلم ونبله، فهو ضعيف متروك الحديث.
وفيها أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشَّيباني الكوفي، مسند الكوفة في
زمانه، أو في العام الآتي.
روى عن إبراهيم بن عبد الله القصّار وأحمد بن أبي غرزة، وجماعة.
وفيها يحيى بن منصور القاضي أبو محمد النَّيسابوري، ولي قضاء نيسابور،
بضع عشرة سنة، روى عن علي بن عبد العزيز البغويّ وأحمد بن سلمة،
وطبقتهما.
سنة اثنتين وخمسين وثلاثمئة
فيها يوم عاشوراء، ألزم معز الدولة، أهل بغداد بالنَّوح والمآتم، على
الحسين بن علي رضي الله عنه، وأمر بغلق الأسواق، وعلّقت عليها المسوح،
ومنع الطباخين من عمل الأطعمة، وخرجت نساء الرافضة، منشّرات الشعور،
مضخّمات الوجوه، يلطمن، ويفتنّ الناس، وهذا أول ما نيح عليه، اللهم ثبت
علينا عقولنا.
وفيها عزل عن قضاء العراق، ابن أبي الشوارب، الذي ضمن القضاء، وولِّي
عمر بن أكثر، على أن لا يأخذ جامكيّة.
وفيها قتل ملك الروم، وولى الملك: الدُّمستق، واسمه نقفور
(2/89)
وفيها يوم ثامن عشر ذي الحجة، عملت
الرّافضة عيد الغدير، غدير خمّ، ودقت الكوسات وصلّوا بالصحراء صلاة
العيد.
وفيها، أو في التي قبلها، الوزير المهلَّبي، أبو محمّد الحسن بن محمد
الأزدي، من ذريّة المهلّب بن أبي صفرة، وزير معز الدولة بن بويه، كان
من رجال الدهر، حزماً وعزماً وسؤدداً، وعقلاً وشهامةً ورأياً، توفي في
شعبان، وقد نيّف على الستين، وكان فاضلاً شاعراً فصيحاً حليماً جواداً،
صادر معز الدولة أولاده من بعده ثم استوزر أبا الفضل العباس بن الحسن
الشرازي.
وفيها أبو القاسم خالد بن سعد الحافظ، أحد أركان الحديث بالأندلس، سمع
بعد سنة ثلاثمئة، من جماعة، وصنّف التصانيف، وكان عجباً في معرفة
الرجال والعلل، وقيل: كان يحفظ الشيء من مرّة. وورد أن المستنصر بالله
الحكم قال: إذا فاخرنا أهل المشرق، بيحيى بن معين فاخرناهم بخالد بن
سعد.
وفيها أبو بكر الإسكافي، محمد بن محمد بن أحمد بن مالك، ببغداد، في ذي
القعدة، روى عن موسى بن سهل الوشّاء وجماعة، وله جزء مشهور وفيها علي
بن أحمد بن أبي قيس البغدادي الرقا أبو الحسن روى عن زوج أمه، أبي بكر
بن أبي الدِّنيا، وهو ضعيف جدّاً.
سنة ثلاث وخمسين وثلاثمئة
فيها نازل الدُّمستق المصيِّصة وحاصرها وغلت الأسعار بها، ثم
(2/90)
ترحّل عنها للغلاء الذي أصاب جيشه، ثم جاء
إلى طرسوس، وأهدى تقادم إلى سيف الدولة.
وفيها تحارب معزّ الدولة، وأمير الموصل، ناصر الدولة، وانهزم أوّلاً
ناصر الدولة، ثم انتصر، وأخذ حواصل معز الدولة وثقله، أسر عدة من
الأتراك.
وفيها توفي الحافظ البارع، أبو سعيد أحمد بن محمد بن الزاهد أبي عثمان
سعيد بن إسماعيل الحيريّ النَّيسابوري، شهيداً بطرسوس، وله خمس وستون
سنة، روى عن الحسن بن سفيان وطبقته، وصنّف التفسير الكبير، والصحيح على
رسم مسلم، وغيره ذلك وفيها أبو إسحاق بن حمزة الحافظ، وهو إبراهيم بن
محمد بن حمزة ابن عمارة، بأصبهان، في رمضان، وهو في عشر الثمانين.
قال أبو نعيم: لم ير بعد عبد الله بن مظاهر في الحفظ مثله، جمع الشيوخ
والمسند وقال أب عبد الله بن منده الحافظ لم أر أحفظ منه.
وقال ابن عقدة: قلّ من رأيت مثله.
قلت: روى عن مطيّن وأبي شعيب الحراّني.
وفيها أبو عيسى بكّار بن أحمد البغدادي، شيخ المقرئين في زمانه،
(2/91)
قرأ على جماعة من أصحاب الدُّوري، وسمع من
عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، وتوفي في ربيع الأوّل، وقد قارب
الثمانين.
وفيها جعفر بن محمد بن الحكم الواسطي المؤدِّب، روى عن الكديمي وطبقته.
وفيها أبو علي بن السَّكن، الحافظ سعيد بن عثمان بن سعيد بن السَّكن
المصري، صاحب التصانيف، وأحد الأئمة، سمع بالعراق والشام والجزيرة
وخراسان وما وراء النهر، من أبي القاسم البغوي وطبقته، توفي في المحرم،
وله تسع وخمسون سنة.
وفيها أبو الفوارس شجاع بن جعفر الورّاق الواعظ ببغداد، وقد قارب
المئة، روى عن العطاردي، وأبي جعفر بن المنادي وطائفة، وكان أسند من
بقي.
وفيها أبو محمد عبد الله بن الحسن بن بندار المديني الأصبهاني، سمع
أسيد بن عاصم، ومحمد بن إسماعيل الصائغ، وجماعة.
وفيها أبو محمد الفاكهي، عبد الله بن محمد بن العباس المكي، صاحب أبي
يحيى بن أبي مسرّة، وكان أسند من بقي بمكة.
(2/92)
وفيها أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي
العقب الدمشقي، المحدّث المقرئ، روى عن أبي زرعة الدمشقي، توفي في ذي
الحجة، عن ثلاث وتسعين سنة.
وفيها أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري الدمشقي الحافظ، أحد
الرحالة، سمع بالشام ومصر والعراق وأصبهان. وروى عن بكر بن سهل
الدمياطي، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وطبقتهما.
قال عبد العزيز الكتاني: كان يتهم.
قلت: عاش سبعاً وثمانين سنة.
سنة أربع وخمسين وثلاثمئة
فيها بنى الدُّمستق نقفور مدينة الروم وسمّاها قيسارية وقيل قيصرية،
وسكنا ليغير كل وقت، وجعل أباه بالقسطنطينية، فبعث إليه أهل طرسوس
والمصيصة يخضعون له، ويسألونه أن يقبل منهم القطيعة كل سنة، وينفذ
إليهم نائباً له عليهم فأجابهم، ثم علم ضعفهم، وشدّة القحط عليهم، وأن
أحداً لا ينجدهم، وأن كل يوم يخرج من طرسوس ثلاثمئة جنازة، فرجع عن
الإجابة، وخاف إن تركهم حتى تستقيم أحوالهم، أن يمتنعوا عليه، فأحرق
الكتاب على رأس الرسول، فأحترقت لحيته، وقال: إمض، ما عندي إلاّ
السيّف، ثم نازل المصيِّصة، فأخذها بالسيف واستباحها، ثم افتتح طرسوس
بالأمان، وجعل جامعها اصطبلاً لخيله، وحض البلد وشحنها بالرجال.
وفيها توفي أبو بكر بن الحدّاد، وهو أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن
(2/93)
عطية البغدادي، بديار مصر، روى عن أحمد بن
محمد بن يحيى بن حمزة، وبكر بن سهل الدمياطي، وطبقتهما.
وفيها المتنبي شاعر العصر، أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن الجعفي
الكوفي، في رمضان، بين شيراز والعراق، وله إحدى وخمسون سنة، قتلته قطاع
الطريق، وأخذوا المال الذي معه، وقد مدح عدّة ملوك، وقيل إنه وصل إليه
من ابن العميد، ثلاثون ألف دينار. ومن عضد الدولة صاحب شيراز مثلها،
وليس في العالم أحد أشعر منه أبداً وأمَّا مثله فقليل.
وفيها الحبر العلامة، أبو حاتم، محمد بن حبّان بن أحمد بن حبّان بن
معاذ التَّميمي البستي الحافظ، صاحب التصانيف، سمع أبا خليفة الجمحي
وطبقته، بخراسان والشام والعراق ومصر والجزيرة، وكان من أوعية العلم،
في الحديث والفقه واللّغة والوعظ وغير ذلك، حتّى الطب والنجوم والكلام،
ولي قضاء سمرقند، ثم قضاء نسا وغاب دهراً عن وطنه، ثم ردّ إلى بست.
وتوفي في شوال بها، وهو في عشر الثمانين.
وفيها أبو بكر بن مقسم المقرئ، محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم
البغدادي العطّار، وله تسع وثمانون سنة، قرأ على إدريس الحدّاد، وسمع
من أبي مسلم الكجَّي وطائفة، وتصدّر للإقراء دهراً، وكان علامة في نحو
الكوفيين، سمع من ثعلب أماليه وصنّف عدّة تصانيف وله قراءة معروفة
منكرة، خالف فيها الإجماع. وقد وثّقه الخطيب.
(2/94)
وفيها أبو بكر الشافعي، محّمد بن عبد الله
بن إبراهيم البغدادي البزّاز المحدّث، في ذي الحجة، وله خمس وتسعون
سنة، وهو صاحب الغيلانيات، وابن غيلان آخر من روى عنه تلك الأجزاء،
التي هي في السماء علواًّ. روى عن موسى بن سهل الوشّاء، ومحمد بن الجهم
السمَّري، ومحمد بن شدّاد المسمعي، وطبقتهم.
قال الخطيب: ثقة. كان ثبتاً حسن التصنيف، جمع أبواباً وشيوخاً قال:
ولما منعت الديلم الناس من ذكر فضائل الصحابة، وكتبوا السَّبَّ على
أبواب المساجد، كان يتعمّد إملاء أحاديث الفضائل في الجامع رحمه الله
سنة خمس وخمسين وثلاثمئة
فيها أخذ ركب مصر والشام، وهلك الناس، وتمزقوا في البراري، فلا قوة إلا
بالله، أخذتهم بنو سليم.
وفيها توفي الجعابي الحافظ أبو بكر محمد بن عمر بن محمد بن سلم التميمي
البغدادي، سمع يوسف بن يعقوب القاضي، ومحمد بن الحسن بن سماعة
وطبقتهما، وصنف الكتب وتوفي في رجب، وله اثنتان وسبعون سنة، وكان عديم
المثل في حفظه.
(2/95)
قال القاضي أبو عمر الهاشمي: سمعت ابن
الجعابي يقول: أحفظ أربعمئة ألف حديث، وأذاكر بستمئة ألف حديث.
قال الدارقطني: خلط: ثم ذكر أنه كان شيعياً، وقيل كان يترك الصلاة،
نسأل الله العفو.
وفيها أبو الحكم منذر بن سعيد البلّوطي، قاضي الجماعة بقرطبة. سمع من
عبيد الله بن يحيى اللَّيثي، وكان ظاهريّ المذهب، فطناً مناظراً، ذكياً
بليغاً، مفوهاً شاعراً كثير التصانيف، قوّالاً بالحق، ناصحاً للخلق،
عزيز المثل، رحمه الله، عاش اثنتين وثمانين سنة.
وفيها محمد بن معمر بن ناصح، أبو مسلم الذُّهلي الأديب، بأصبهان، روى
عن أبي بكر بن أبي عاصم، وأبي شعيب الحراني، وطائفة.
سنة ست وخمسين وثلاثمئة
فيها أقامت الرافضة المأتم على الحسين، على العادة المارّة، في هذه
السّنوات.
وفيها مات السّلطان معز الدَّولة، أحمد بن بويه الدَّيلمي، وكان في
صباه يحتطب، وأبوه يصيد السمك، فما زال إلى أن ملك بغداد، نيّفاً
وعشرين سنة، ومات بالإسهال، عن ثلاث وخمسين سنة، وكان من ملوك الجور
والرَّفض، ولكنه كان حازماً سائساً مهيباً وقيل إنه رجع في مرضه على
الرفض، وندم على الظلم، وقيل إن سابور ذا الأكتاف أحد ملوك
(2/96)
الفرس من أجداده، وكان أقطع، طارت يده في
بعض الحروب، وتملّك بعده ابنه عز الدولة بختيار.
وفيها توفي أبو محمد المعقلي، أحمد بن عبد الله بن محمد المزني الهروي،
أحد الأئمة.
قال الحاكم: كان إمام أهل خراسان بلا مدافعة، سمع أحمد بن نجدة،
وإبراهيم بن أبي طالب، ومطيّناً وطبقتهم، وكان فوق الوزراء، وكانوا
يصدون عن رأيه.
والقالي أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي االلغوي النحوي الأخباري،
صاحب التصانيف، ونزيل الأندلس بقرطبة، في ربيع الآخر، وله ست وسبعون
سنة، أخذ الآداب عن ابن دريد، وابن الأنباري، وسمع من أبي يعلى
الموصلي، والبغويّ، وطبقتهما، وألّف كتاب البارع في اللُّغة في خمسة
آلاف ورقة، ولكن لم يتمّه.
والرفّاء، أبو علي حامد بن محمد الهروي الواعظ المحدّث بهراة، في
رمضان، روى عن عثمان الدّارمي، والكديمي، وطبقتهما. وكان ثقة، صاحب
حديث.
والرّافقي، أبو الفضل العباس بن محمد بن نصر بن السَّريِّ. روى عن هلال
بن العلاء وجماعة. وتوفي بمصر.
قال يحيى بن علي الطحان: تكلّموا فيه.
(2/97)
وعبد الخالق بن أبي الحسن بن علي أبو محمد
السَّقطي المعدَّل، ببغداد، روى عن محمد بن غالب تمتام، وجماعة.
وسنقة، أبو عمرو عثمان بن محمد البغدادي بن السَّقطي، سمع الكديمي،
وإسماعيل القاضي، ومات في آخر السنة، وله سبع وثمانون سنة.
وصاحب الأغاني، أبو الفرج علي بن الحسين الأموي الأصبهاني، الكاتب
الأخباري، روى عن مطيّن فمن بعده، وكان أديباً نسّابة علامة شاعراً،
كثير التصانيف، ومن العجائب أنه مرواني يتشيع، توفي في ذي الحجة، عن
ثلاث وسبعين سنة.
وفيها سيف الدولة، على بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التَّغلبي
الجزري، صاحب الشام، بحلب، في صفر، وله بضع وخمسون سنة، وكان بطلاً
شجاعاتً كثير الجهاد، جيد الرأي، عارفاً بالأدب والشعر جواداً ممدّحاً،
مات بالفالج، وقيل بعسر البول، وكان قد جمع من الغبار الذي أصابه في
الغزوات، ما جاء منه لبنةً بقدر الكف، وأوصى أن يوضع خدّه إذا دفن
عليهما، وتملَّك حلب بعده، ابنه سعد الدَّولة خمساً وعشرين سنة.
وفيها في جمادى الأولى، وقيل في العام الآتي، كافور أبو المسك
(2/98)
الحبشي الأسود، الخادم الإخشيدي، صاحب
الديار المصرية، اشتراه الإخشيد، وتقدّم عنده حتى صار من أكبر قوّاده،
لعقله ورأيه وشجاعته، ثم صار أتابك ولده من بعده، وكان صبيّاً، فبقي
الاسم لأبي القاسم أنوجور، والدَّست لكافور، فأحسن سياسته، إلى أن مات
أنوجور ومعناه بالعربي محمود في سنة تسع وأربعين، عن ثلاثين سنة، وأقام
كافور في الملك بعده، أخاه عليّا، إلى أن مات في أوّل سنة خمس وخمسين،
وله إحدى وثلاثون سنة، فتسلطن كافور، واستوزر أبا الفضل جعفر بن
حنزابة، وعاش بضعاً وستين سنة.
وفيها أبو الفتح عمر بن جعفر بن محمد بن سليم الختَّلي، الرجل الصّالح،
ببغداد، وله خمس وثمانون سنة، روى عن الكديمي وطبقته.
سنة سبع وخمسين وثلاثمئة
لم يحجّ الرّكب لفساد الوقت، وموت السلاطين في الشهور الماضية.
وفيها توفي أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرّازي ثم المصري المحدث
أبو العباس، في جمادى الآخرة، وله تسع وثمانون سنة، سمع مقدام ابن داود
الرُّعيني وطبقته.
(2/99)
وأحمد بن محمد بن رميح، أبو سعيد النّخعي
النَّسوي الحافظ، صاحب التصانيف، طوّف الكثير، وروى عن أبي خليفة
الجمحي وطبقته، والصحيح أنه ثقة، سكن اليمن مدّة.
وفيها المتّقي لله أبو إسحاق بن إبراهيم بن المقتدر بالله جعفر ابن
المعتضد بالله أحمد بن الموفق العباسي المخلوع، وقد ذكرنا في سنة ثلاث
وثلاثين، أنهم خلعوه، وسلموا عينيه، وبقي في السجن إلى هذا العام
كالميّت، ومات في شعبا ن، وله ستون سنة، وكانت خلافته أربع سنين، وكان
أبيض مليحاً مشرب حمرة، أشهل أشقر، كثّ اللحية، وكان فيه صلاح وكثر
صلاة وصيام، ولم يكن يشرب، في خلافته انهدمت القبة الخضراء المنصورية،
التي كانت فخر بني العباس.
وحمزة بن محمد بن علي بن العباس، أبو القاسم الكناني المصري الحافظ،
أحد أئمة هذا الشأن. روى عن النَّسائي وطبقته، وأكثر التَّطواف بعد
الثلاثمئة، وجمع وصنّف، وكان صالحاً ديناً، بصيراً بالحديث وعلله،
مقدّماً فيه، وهو صاحب مجلس البطاقة، توفي في ذي الحجة، ولم يكن
للمصريين في زمانه أحفظ منه.
(2/100)
وفيها القاضي أبو العبّاس، عبد الله بن
الحسين بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن النَّضر البصري المروزي، محدّث
مرو، في شعبان، وله سبع وتسعون سنة، رحل به أبوه، وسمع من الحارث بن
أبي أسامة، وأبي إسماعيل التِّرمذي وطائفة، وانتهى إليه علوّ الإسناد
بخراسان.
وعبد الرحمن بن العباس، أبو القا سم البغدادي، والد أبي طاهر المخلِّص،
سمع الكديمي، وإبراهيم الحربي، وجماعة. وثّقة ابن أبي الفوارس وكان
أطروشاً.
وفيها الحافظ عمر بن جعفر البصري، المحدّث أبو حفص، خرّج لخلق كثير،
ولم يكن بالمتقن، وقد روى عن أبي خليفة الجمحي، وعبدان وطبقتهما، وعاش
سبعاً وسبعين سنة.
وأبو إسحاق القراريطي الوزير، وهو محمد بن أحمد بن إبراهيم الإسكافي
الكاتب، وزر لمحمد بن رائق، ثم وزر للمتقي لله مرتين، وصودر، وصار إلى
الشام، وكتب لسيف الدولة، وكان ظلوماً غشوماً، عاش ستاً وسبعين سنة.
وابن مخرم، وهو الرئيس أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد
البغدادي الجوهري، الفقيه المحتسب، تلميذ محمد بن جرير
(2/101)
الطبري، روى عن الحارث بن أبي أسامة
وطبقته، وعاش ثلاثاً وتسعين سنة. وقال البرقاني: لا بأس به. توفي في
ربيع الآخر.
وفيها أبو سليمان الحرّاني، محمد بن الحسين، ببغداد، في رمضان، روى عن
أبي خليفة، وعبدان، وأبي يعلى، وكان ثقة صاحب حديث ومعرفة.
وأبو علي بن آدم الفزاري، محمد بن محمد بن عبد الحميد القاضي العدل،
بدمشق في جمادى الآخرة، روى عن أحمد بن علي القاضي المروزي وطبقته.
سنة ثمان وخمسين وثلاثمئة
فيها كان خروج الروم من الثغور، فأغاروا وقتلوا وسبوا ووصلوا إلى حمص،
وعظم المصاب، وجاءت المغاربة مع القائد جوهر المغربي، فأخذوا ديار مصر
وأقاموا الدَّعوة لبني عبيد الرافضة، مع أن دولة معز الدولة بالعراق
هذه المدة، رافضية. والشعار الجاهلي، يقام يوم عاشوراء يوم الغدير.
وتوفي فيها ناصر الدولة، الحسين بن أبي الهيجاء، عبد الله ابن حمدان
التَّغلبي، صاحب الموصل، وكان أخوه سيف الدولة يتأدّب معه، لسنّه
ومنزلته عند الحلفاء، وكان هو كثير المحبة لسيف الدولة، فلما توفي، حزن
عليه ناصر الدولة، وتغيّرت أحواله، وتسودن وضعف عقله، فبادر ولده أبو
تغلب الغضفي، ومنعه من التصرّف وقام بالمملكة، فلم يزل معتقلاً، حتى
توفي في ربيع الأول، عن نحو ستين سنة.
(2/102)
وفيها الحسن بن محمد بن أحمد بن كيسان، أبو
محمد الحربي، أخو علي، وهو ثقة، روى عن إسماعيل القاضي والكبار، ومات
في شوال.
وفيها أبو القاسم زيد بن علي أبي بلال العجلي الكوفي، شيخ الإقراء
ببغداد، قرأ على أحمد بن فرج، وابن مجاهد، وجماعة، وحدّث عن مطيّن
وطائفة، توفي في جمادى الأولى.
ومحدث دمشق، محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان، أبو
عبد الله القرشي الدّمشقي، روى عن أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة،
وزكريا، خيّاط السُّنّة وطبقتهما. وكان ثقة مأموناً جواداً مفضلاً،
خرّج له ابن مندة الحافظ، ثلاثين جزءاً، وأملى مدّة.
وفيها محدث الأندلس، محمد بن معاوية بن عبد الرحمن، أبو بكر الأموي
المرواني القرطبي، المعروف بابن الأحمر. روى عن عبيد الله بن يحيى
وخلق، وفي الرِّحلة عن النَّسائي والفريابي، وأبي خليفة الجمحي، ودخل
الهند للتجارة، فغرق له ما قيمته، ثلاثون ألف دينار، ورجع فقيراً، وكان
ثقة. توفي في رجب، وكان عنه السنن الكبير للنسائي.
سنة تسع وخمسين وثلاثمئة
في أولها، أخذ نقفور أنطاكية، بنوع أمان، فأسر الشباب،
(2/103)
وأطلق الشيوخ والعجائز، وكان قد طغى
وتجبّر، وقهر البلاد، وتمرَّد على الله، وتزوج بزوجة الملك الذي قبله
كرهاً، وهمّ بإخصاء ولديها، لئلا يملكها، فعملت عليه الامرأة، وراسلت
الدُّمستق، فجاء إليها في زيّ النساء، هو وطائفة، فباتوا عندها ليلة
الميلاد، فبيّتوا نقفور، وأجلسوا في المملكة ولدها الأكبر.
وفيها توفي أبو عبد الله، أحمد بن بندار إسحاق الشَّعَّار الفقيه، مسند
أصبهان. روى عن إبراهيم بن سعدان، وابن أبي عاصم، وطائفة، وكان ثقة
ظاهريّ المذهب.
وأحمد بن السِّندي، أبو بكر البغدادي الحدّاد، روى عن الحسن بن علويه
وغيره. قال أبو نعيم: كان يعدّ من الأبدال.
وأحمد بن يوسف بن خلاّد، أبو بكر النَّصيبي العطّار، ببغداد، في صفر
وكان عريّاً من العلم، وسماعه صحيح، روى عن الحارث بن أبي أسامة
وتمتام، وطائفة.
وحبيب بن الحسن القزاز، أبو القاسم الرجل الصالح، وثقة جماعة، وليّنة
بعضهم، روى عن أبي مسلم الكجِّي وجماعة.
وأبو علي بن الصوّاف، محمد بن أحمد بن الحسن البغدادي، المحدّث الحجّة.
روى عن محمد بن إسماعيل التِّرمزي، وإسحاق الحربي
(2/104)
وطبقتهما. قال الدَّارقطني: ما رأت عيناي
مثله، ومثل آخر بمصر.
قلت: قد مات في شعبان، وله تسع وثمانون سنة.
وأبو الحسن محمد بن علي بن حبيش البغدادي الناقد، روى عن أبي شعيب
الحرّاني، ومطيّن.
سنة ستين وثلاثمئة
فيها لحق المطيع لله فالج، بطل نصفه وثقل لسانه، وأقامت الشَّيعة
عاشوراء باللطم والعويل، وعيد الغدير بالفرح والكوسات.
وفيها جعفر بن فلاح، الذي ولي إمرة دمشق للباطنية، وهو أول نائب وليها
لبني عبيد، وكان قد سار إلى الشام،، فأخذ الرَّملة، ثم دمشق، بعد أن
حاصر أهلها أياماً، ثم قدم لحربه، الحسن بن أحمد القرمطي، الذي تغلّب
قبله على دمشق، وكان جعفر مريضاً على نهر يزيد، فأسره القرمطي وقتله.
وفيها زيري بن مناد الحميري الصَّنهاجي، جدّ المعزّ بن باديس وصاحب
تاهرت، وهو الذي بنى مدينة أشير وحصّنها، قتل في مصاف بينه وبين أهل
الأندلس في رمضان.
وفيها الطَّبراني، الحافظ العلم، ومسند العصر، أبو القاسم سليمان بن
أحمد بن أيوب اللَّخمي، في ذي القعدة، بأصبهان، وله مائة سنة وعشرة
(2/105)
أشهر، وكان ثقة صدوقاً، واسع الحفظ، بصيراً
بالعلل والرّجال والأبواب، كثير التصانيف، وأوَّل سماعه في سنة ثلاث
وسبعين ومائتين بطبريّة، ورحل أوّلاً، إلى القدس، سنة أربع وسبعين، ثم
رحل إلى قيسارية، سنة خمس وسبعين، سمع من أصحاب محمد بن يوسف الفريابي،
ثم رحل إلى مصر وجبلة، ومدائن الشام، وحج ودخل اليمن، ورد إلى مصر، ثم
رحل إلى العراق وأصبهان وفارس. روى عن أبي زرعة الدمشقي، وإسحاق
الدَّبري وطبقتهما.
وفيها الطُّوماري، أبو علي عيسى بن محمد البغدادي، في صفر، وله ثمان
وتسعون سنة، وليس بالقويّ، يروي عن الحارث بن أبي أسامة، وابن أبي
الدنيا، والكديمي وطبقتهم.
وفيها أبو بكر بن جعفر بن الهيثم الأنباري البندار، روى عن أحمد بن
الخليل البرجلاني، ومحمد بن أحمد بن أبي العوّام، وتفرّد بالرواية عن
جماعة، وتوفي يوم عاشوراء، وله ثلاث وتسعون سنة، وأصوله حسنة، بخط
أبيه.
وفيها أبو عمرو بن مطر النَّيسابوري الزاهد الحافظ، شيخ السنّة، محمد
بن جعفر بن محمد بن مطر المعدَّل. روى عن أبي عمرو أحمد بن المبارك
المستملي، ومحمد بن أيوب الرّازي، وطبقتهما. وكان متعففاً
(2/106)
قانعاً باليسير، يحيى الليل، ويأمر
بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويجتهد في متابعة السُّنّة. توفي في جمادى
الآخرة، وله خمس وتسعون سنة.
ومحمد بن جعفر بن محمد بن كنانة، أبو بكر البغدادي المؤدب، روى عن
الكديمي، وأبي مسلم الكجِّي. قال ابن أبي الفوارس: فيه تساهل، قلت:
توفي عن أربع وتسعين سنة.
ومن غرائب الاتفاقات، موت هؤلاء الثلاثة، في سنة واحدة، وهم في عشر
المائة، وأسماؤهم وآباؤهم وأجدادهم، شيء واحد.
وابن العميد، الوزير العلامة، أبو الفضل محمد بن الحسين ابن محمد
الكاتب، وزير ركن الدولة، الحسن بن بويه، صاحب الرَّيّ، كان آية في
التَّرسُل والإنشاء، فيلسوفاً، متَّهماً برأي الحكماء، حتى كان ينظر
بالجاحظ، وكان يقال: بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد،
وكان الصاحب إسماعيل بن عباد، تلميذه وخصيصه وصاحبه، ولذلك قالوا
الصاحب، ثم صار لقباً.
وفيها الآجرِّي، الإمام أبو بكر محمد بن الحسين البغدادي المحدث، صاحب
التصانيف، سمع أبا مسلم الكجِّي، وأبا شعيب الحرّاني، وطائفة، وجاور
بمكة، وبها توفي في المحرم كان ثقة ديّنا، صاحب سنّة.
(2/107)
وفيها أبو طاهر بن ذكوان البعلبكِّي
المؤدِّب، محمد بن سليمان، نزيل صيدا ومحدّثها، قرأ القرآن على هارون
الأخفش، وسمع أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وزكريا بن يحيى خيّاط
السنّة، وطبقتهما. وعاش بضعاً وتسعين سنة. روى عن السَّكن بن جميع،
وصالح بن أحمد الميانجي، وقرأ عليه عبد الباقي بن الحسين، شيخ أبي
الفتح بن فارس.
وأبو القاسم بن أبي يعلي الهاشمي الشريف، لما أخذت العبيديون دمشق، قام
الشريف بدمشق، وقام معه أهل الغوطة والشباب، واستفحل أمره في ذي الحجة،
سنة تسع وخمسين، وطرد عن دمشق متولِّيها، ولبس السواد، وأعاد الخطبة
لبني العباس، فلم يلبث إلا أيّاماً، حتى جاء عسكر المغاربة، وحاربوا
أهل دمشق، وقتل بين الفريقين جماعة، ثم هرب الشريف في الليل، وصالح أهل
البلد العسكر، ثم أسر الشريف عند تدمر، فشهره جعفر بن فلاح على جمل، في
المحرم، سنة ستين، وبعث به إلى مصر فضَّل.
وقد توفي في عشر الستّين وثلاثمائة خلق، منهم: أحمد بن القاسم بن كثير
بن الريان، أبو الحسن المصري الملكي، نزيل البصرة، روى عن الكديمي،
وإسحاق الدَّبري وطبقتهما.
قال ابن ماكولا: فيه ضعف، وقال الحافظ أبو محمد الحسن بن علي البصري:
(2/108)
سمعت منه وليس بالمرضي.
وأحمد بن طاهر بن النجم، الحافظ أبو عبد الله الميانجي، محدّث
أذربيجان. قال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي: ما رأيت مثله، ولا رأى
مثل نفسه. وقال الخليل: توفي بعد الخمسين، سمع أبا مسلم الكجِّي، وعبد
الله بن أحمد.
وأبو الحسن بن سالم الزاهد، أحمد بن محمد بن سالم البصري، شيخ
السالميّة، وكان له أحوال ومجاهدات وعنه أخذ الأستاذ أبو طالب صاحب
القوت، وهو آخر أصحاب سهل التستري وفاة، وقد خالف أصول السنَّة في
مواضع، وبالغ في الإثبات في مواضع، وعمر دهراً، وبقي إلى سنة بضع
وخمسين.
وأبو حامد أحمد بن محمد بن شارك الفقيه الشافعي، مفتي هراة ومحدثها،
ومفسرها وأديبها، رحل الكثير وعني بالحديث، وروى عن محمد بن عبد الرحمن
السَّامي، والحسن بن سفيان، وطبقتهما. توفي سنة خمس وخمسين، وقيل سنة
ثمان وخمسين.
وإبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أبي العزايم، أبو إسحاق الكوفي، صاحب
أبي عمرو أحمد بن أبي غرزة الغفاري.
وأبو علي النجّاد الصغير، وهو الحسين بن عبد الله البغدادي الحنبلي،
تلميذ أبي محمد البربهاري، صنّف في الأصول والفروع.
وفيها أبو محمد الرَّامهرمزي، الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد
(2/109)
الحافظ القاضي، صاحب " المحدِّث الفاضل "
روى عن مطيّن، ومحمد بن حيّان المازني وطبقتهما. قال أبو القاسم عبد
الرحمن بن منده: عاش إلى قريب الستين وثلاثمئة.
والجابري، عبد الله بن جعفر بن إسحاق الموصلِّي، صاحب الجزء المشهور
به، وشيخ أبي نعيم الحافظ، روى عن محمد بن أحمد بن أبي المثنّى وغيره.
وأبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن أحمد بن علَّك المروزي الجوهري
المحدث، محدث مرو ومسندها، روى عن الفضل الشَّعراني، ومحمد بن أيوب بن
الضريس.
وكشاجم، أحد فحول الشعراء، واسمه محمود بن حسين.
وأبو حفص العتكي الأنطاكي، عمر بن علي، روى عن ابن جوصا، والحسن بن
أحمد بن قيل، وطبقتهما.
وأبو العباس محمد بن أحمد بن حمدان الزاهد، أخو أبي عمرو بن حمدان، نزل
خوارزم، وحدّث بها، عن محمد بن أيوب بن الضُّريس، ومحمد ابن عمرو
قشمرد، وطبقتهما أكثر عنه البرقاني.
ومحمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب الأصبهاني القمّاط، روى عن أبي بكر بن
أبي عاصم، وغيره.
(2/110)
وفيها أبو جعفر الروذراوري، محمد بن عبد الله بن برزة، حدّث بهمذان،
سنة سبع وخمسين، عن تمتام، وإسماعيل القاضي، وإبراهيم بن ديزيل. قال
صالح بن أحمد الحافظ: هو شيخ حضرته، ولم أحمد أمره، والحمد لله.
والنقوي، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصَّنعاني، آخر من روى في
الدنيا عن إسحاق الدَّبري، وبقي إلى سنة سبع وستين وثلاثمئة، ورحل
المحدثون إليه.
والنَّجيرمي، أبو يعقوب يوسف بن يعقوب البصري، حدّث في سنة خمس وستين،
عن أبي مسلم الكجِّي، ومحمد بن حبّان المازني، وعدّة |