العبر في خبر من غبر، من سنة 431 إلى 440
سنة إحدى وثلاثين
وأربعمئة
فيها توفي أبو الحسن بشرى بن عبد الله الرومي الفاتني، ببغداد، يوم
الفطر، وكان صالحاً صدوقاً، روى عن أبي بكر بن الهيثم الأنباري، وخلق.
وابن دوما، أبو علي الحسن بن الحسين النعالي، بغداد ضعيف، ألحق نفسه في
طباق. روى عن أبي بكر الشافعي وطائفة.
وصاعد بن محمد بن أحمد القاضي أبو العلاء الأستوائي النيسابوري الحنفي،
قاضي نيسابور، ورئيس الحنفية وعالمهم، توفي في آخر السنة روى عن
إسماعيل بن نجيد وجماعة، وعاش سبعاً وثمانين سنة.
وابن الطبيز، وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز الحلبي السراج
الرامي، نزيل دمشق، وله مئة سنة. روى عن محمد بن عيسى العلاف، وابن
الجعابي، وجماعة. تفرّد في الدنيا عنهم، وهو ثقة. توفي في جمادى
الأولى، وفيه تشيُّع، آخر من روى عنه الفقيه نصر المقدسي.
(2/264)
وعثمان بن أحمد، أبو عمرو القسطاني
القرطبي، نزيل إشبيليّة، سمّعه أبوه " الموطأ " من أبي عيسى اللَّيثي،
وسمع من أبي بكر بن السَّلم، وابن القوطيّة، وجماعة. وكان ثقة خيَّراً،
توفي في صفر، وله ثمانون سنة.
وأبو العلاء الواسطي، محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن يعقوب، القاضي
المقرئ المحدِّث، قرأ بالروايات على جماعة كثير ة، وجرَّد العناية لها،
وأخذ بالدِّينور عن الحسين بن محمد بن حبش، وروى عن القطيعي ونحوه، حكى
عنه الخطيب أشياء توجب ضعفه، ومات في جمادى الآخرة، وله اثنتان وثمانون
سنة.
وأبو الحسن محمد بن عوف المزِّي الدمشقي، وكانت كنيته الأصلية أبا بكر،
فلما منعت الدولة الباطنية، من التكنِّي بأبي بكر، تكنَّي بأبي الحسن.
روى عن أبي علي الحسن بن منير والميانجي وطائفة.
قال الكتَّاني: كان ثقة نبيلاً مأموناً، توفي في ربيع الآخر.
ومحمد بن الفضل بن نظيف، أبو عبد الله المصري الفرّاء، مسند الديار
المصرية، سمع أبا الفوارس الصابوني، والعباس بن محمد الرافقي وطبقتهما،
وأمَّ
(2/265)
بمسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعياً،
عمّر تسعين سنة وشهرين، توفي في ربيع الآخر.
والمسدَّد بن علي، أبو المعمَّر الأملوكي، خطيب حمص، سمع الميانجي
وجماعة، ثم سكن دمشق، وأمَّ بمسجد سوق الأحد، قال الكتَّاني: فيه
تساهل.
والمفضل بن إسماعيل بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني،
أبو معمَّر الشافعي، مفتي جرجان ورئيسها ومسندها، وكان من أذكياء
زمانه.
روى عن جدّه، وطائفة كثيرة، توفي في ذي الحجة.
سنة اثنتين وثلاثين وأربعمئة
فيها استولت السلجوقية على جميع خراسان، وكرّ مسعود إلى غزنة وبدا منهم
من القتل والنهب والمصادرة، ما يتجاوز الوصف، وأما البغاددة، فالهوى
قائم بين الرافضة والسنّة، وكل وقت تستعر الفتنة، ويقتل جماعة.
وفيها توفي المستغفري، الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز ابن
محمد بن المستغفر بن الفتح النسفي، صاحب التصانيف الكثيرة. روى عن زاهر
السرخسي، وطبقته، وعاش ثمانياً سنة. وكان محدِّث ما وراء النهر في
زمانه.
وعبد الباقي بن محمد، أبو القاسم الطحّان، بغدادي ثقة، عاش ثمانياً
وثمانين سنة، وروى عن الشافعي، وابن الصواف وغيرهما.
(2/266)
وأبو حسّان المزكِّي، محمد بن أحمد بن
جعفر، شيخ التزكية والحشمة بنيسابور، وكان فقيهاً ثقة صالحاً خيِّراً،
حدّث عن محمد بن إسحاق الضبعي، وابن نجيد وطبقتهما.
ومحمد بن عمر بن بكير النجار، أبو بكر البغدادي المقري، عن ست وثمانين
سنة. روى عن أبي بحر البربهاري، وأبن النّصبي وطائفة.
سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة
فيها عسكر الملك أبو كاليجار، ودفع عسكر الغزّ عن همذان.
وفيها بغداد على حالها من الضعف والرفض والنهب والفتن.
وفيها توفي أبو نصر الكسَّار، القاضي أحمد بن الحسين الدِّينوريّ. سمع
النَّسائي من ابن السُّنّي، وحدّث به، في شوال من السنة.
وأبو الحسن بن فاذشاه، الرئيس أحمد بن محمد الحسين الأصبهاني الثاني
الرئيس، راوي " المعجم الكبير " عن الَّبراني، توفي في صفر، وقد رمي
بالتشيُّع والاعتزال.
وابو عثمان القرشي، سعيد بن العباس الهرويّ المزكِّي الرئيس، في
المحرم، وله أربع وثمانون سنة. روى عن حامد الرفّا، وأبي الفضل بن
خميرويه وطائفة. وتفرّد بالرواية عن جماعة.
(2/267)
وأبو سعيد النضروي، عبد الرحمن بن حمدان
النيسابوري، مسند وقته، وراوي مسند إسحاق بن راهويه عن السمذي. روى عن
ابن نجيد، وأبي بكر القطيعي، وهذه الطبقة. توفي في صفر، وهو منسوب إلى
جدّه، نضرويه.
وأبو القاسم الزَّيدي الحرَّاني، علي بن أحمد بن علي العلوي الحسيني
الحنبلي المقري، في شوال، بحرّان، وهو آخر من روى عن النقاش القراءات
والتفسير، وهو ضعيف.
قال عبد العزيز الكتَّاني وقد سئل عن شيء: ما يكفي علي بن أحمد الزيدي
أن يكذب، حتى يكذب عليه.
قلت: وكان رجلاً صالحاً ربانياً.
وأبو الحسن بن السمسار، علي بن موسى الدمشقي، حدّث عن أبيه وأخويه:
محمد وأحمد، وعليّ بن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان والكبار.
وروى البخاري عن أبي زيد المروزيّ، وانتهى إليه علوّ الإسناد بالشام.
قال الكتّاني: كان فيه تساهل، ويذهب إلى التشيُّع، توفي في صفر، وقد
كمَّل التسعين.
وابن عبّاد المعتمد على الله القاضي، وهو أبو القاسم محمد بن إسماعيل
بن عبّاد بن قريش اللَّخمي الإشبيلي، الذي ملّكه أهل إشبيلية عليهم،
عندما قصدهم الظالم، يحيى بن علي الإدريسي، الملقّب بالمستعلي، وله
أخبار ومناقب وسيرة عادلة، توفي في جمادى الأولى، وتملَّك بعده، ولده
المعتضد بن عبّاد، فامتدت أيامه.
(2/268)
والسلطان مسعود بن السلطان محمود بن
سبكتكين، تملَّك بعد أبيه، خراسان والهند وغزنة، وجرت له حروب وخطوب،
مع بني سلجوق، وظهروا على ممالكه، وضعف أمره، فقتله أمراؤه.
سنة أربع وثلاثين وأربعمئة
فيها كانت الزلزلة العظمى بتبريز، فهدمت أسوارها، وأحصي من هلك تحت
الهدم، فكانوا أكثر من أربعين ألفاً، نسأل الله العفو.
وفيها توفي أبو ذرّ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري
الهروي، الحافظ الفقيه المالكي، نزيل مكة، روى عن أبي الفضل بن
خميرويه، وأبي عمر بن حيويه وطبقتهما، وروى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب
الفربري، وجمع لنفسه " معجماً " وعاش ثمانياً وسبعين سنة، وكان ثقة
متقناً، ديِّناً عابداً، ورعاً حافظاً، بصيراً بالفقه والأصول. أخذ علم
الكلام عن ابن الباقلاّني، وصنّف مستخرجاً على الصحيحين، وكان شيخ
الحرم في عصره، ثم إنه تزوج بالسروات، وبقي يحج كل عام ويرجع.
وعبد الله بن غالب بن تمام، أبو محمد الهمداني الماكي، مفتي أهل سبتة
وزاهدهم وعلمهم، دخل الأندلس، وأخذ عن أبي بكر الزبيدي، وأبي محمد
الأصيلي، ورحل إلى القيروان، فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد، وبمصر عن
أبي بكر المهندس، وكان علامة متيقظاً ذكيّاً، مستبحراً من العلوم،
(2/269)
فصيحاً مفوّهاً قليل النظير، توفي في صفر،
عن سّنٍ عالية.
سنة خمس وثلاثين وأربعمئة
فيها استولى طغرلبك السلجوقي على الريّ، وخرّبها عسكره بالقتل والنهب،
حتى لم يبق بها إلا نحو ثلاثة آلاف نفس، وجاءت رسل طغرلبلك إلى بغداد،
فأرسل القاضي الماوردي إليه، يذمُّ ما صنع في البلاد، ويأمره بالاحسان
إلى الرعية، فتلقّاه طغرلبك، واحترمه إجلالاً لرسالة الخليفة.
واتفق موت جلال الدولة السلطان ببغداد بالخوانيق، وكان ابنه الملك
العزيز بواسط.
وفيها وصلت عساكر السلجوقية إلى الموصل، فعاثوا وبدّعوا، وأخذوا حرم
قرواش، فاتفق قرواش ودبيس بن علي الأسدي على لقاء الغزّ، فهزموهم. وقتل
من الغزّ مقتلة عظيمة.
وفيها خطب ببغداد، لأبي كاليجار، مع الملك العزيز، بعد موت جلال
الدولة. وكان جلال الدولة، ملكاً جليلاً سليم الباطن، ضعيف السلطنة
مصرّاً على اللهو والشراب، مهملاً لأمر الرعية، عاش اثنتين وخمسين سنة،
وكانت دلته سبع عشرة سنة، وخلف عشرين ولداً، بنين وبنات، ودفن بدار
السلطان ببغداد، ثم نقل.
وفيها توفي أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، أمير قرطبة ورئيسها
وصاحبها، ساس البلد أحسن سياسة، وكان من رجال الدهر حزماً وعزماً،
(2/270)
ودهاءً، ورأياً، ولم يتَّسم بالملك، وقال:
أنا أدبر الناس، إلى أن يقوم لهم من يصلح. فجعل ارتفاع الأموال بأيدي
الأكابر وديعة، وصيّر العوام جنداً وأعطاهم أموالاً مضاربة، وقرر عليهم
السلاح والعدّة. وكان يشهد الجنائز، ويعود المرضى، وهو بزيّ الصالحين،
لم يتحول من داره. إلى دار السلطنة، توفي في المحرم، عن إحدى وسبعين
سنة، وولي بعده ابنه أبو الوليد.
وأبو القاسم الأزهري، عبيد الله بن أحمد بن عثمان البغدادي الصيرفي
الحافظ، كتب الكثير، وعني بالحديث. وروى عن القطيعي وطبقته، توفي في
صفر، عن ثمانين سنة.
وجلال الدولة، سلطان بغداد، أبو طاهر فيوزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي
نصر بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة بن بويه الديلمي، وولي
بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور، فضعف وخاف، وكاتب ابن عمه، أبا
كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة، فوعده بالجميل، وخطب للاثنين معاً.
وأبو بكر الميماسي، محمد بن جعفر بن علي، الذي روى " موطأ " يحيى ابن
بكبر عن ابن وصيف، توفي في شوال، وهو من كبار شيوخ نصر المقدسي.
ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة أبو الحسين البغدادي البزاز، روى عن أبي
بكر خلاّد وجماعة.
(2/271)
قال الخطيب: صدوق كثير السماع، مات في
جمادى الأولى.
وابو القاسم المهلَّب، بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي، قاضي
المريَّة، أخذ عن أبي محمد الأصيلي، وأبي الحسن القابسي، وطائفة، وكان
من أهل الذكاء المفرط، والاعتناء التام بالعلوم، وقد شرح صحيح البخاري،
وتوفي في شوال في سنّ الشيخوخة.
سنة ست وثلاثين وأربعمائة
فيها دخل السلطان أبو كاليجار بغداد، وضرب له الطبل في أوقات الصلوات
الخمس، ولم يضرب لأحد قبله إلا ثلاث مرات.
وفيها توفي تمام بن غالب، أبو غالب بن التيَّاني القرطبي، لغويّ
الأندلس بمرسية. له مصنف بديع في اللغة، وكان علامة ثقة في نقله، ولقد
أرسل إليه صاحب مرسية، الأمير أبو الجيش مجاهد، ألف دينار، على أن يزيد
في خطبة هذا الكتاب، أنه ألفه لأجله، فامتنع تورعاً، وقال: ما صنفته
إلا مطلقاً.
وأبو عبد الله الصميري، الحسن بن علي الفقيه، أحد أئمة الحنفية ببغداد.
روى عن أبي الفض الزهري وطبقته، وولي قضاء ربع الكرخ، وكان ثقة صاحب
حديث، مات في شوال، وله خمس وثمانون سنة.
والشريف المرتضى، نقيب الطالبين، وشيخ الشيعة ورئيسهم بالعراق، أبو
طالب علي بن الحسين بن موسى الحسيني الموسوي، وله إحدى
(2/272)
وثمانون سنة، وكان إماماً في التشيع
والكلام والشعر والبلاغة، كثير التصانيف، متبحراً في فنون العلم، أخذ
عن الشيخ المفيد، وروى الحديث عن سهل الديباجي الكذاب، وولي النقابة
بعده ابن أخيه عدنان بن الشريف الرضي.
ومحمد بن عبد العزيز، أبو عبد الرحمن النِّيلي، شيخ الشافعية بخراسان
وله ثمانون سنة، كان صالحاً ورعاً، كبير القدر. روى عن أبي عمرو بن
حمدان وجماعة.؟ وله ديوان شعر.
وأبو الحسين البصري، محمد بن علي بن الطيّب، شيخ المعتزلة، وصاحب
التصانيف الكلامية، وكان من أذكياء زمانه، توفي ببغداد، في ربيع الآخر،
وكان يقرئ الاعتزال ببغداد، وله حلقة كبيرة.
سنة سبع وثلاثين وأربعمئة
فيها توفي أبو نصر المنازي، وزير أحمد بن مروان، صاحب ميافارقين، وهو
من منازجرد، واسمه أحمد بن يوسف، وكان فصيحاً بليغاً شاعراً، كثير
المعارف.
ومكي بن أبي طالب: أبو محمد القيسي، شيخ الأندلس وعالما ومقرئها
وخطيبها. قرأ القراءات على ابن غلبون وابنه، وسمع من أبي محمد بن أبي
زيد، وطائفة. وكان من أهل التبحر في العلوم، كثير الت صانيف، عاش
اثنتين وثمانين سنة. رحل عن بلده غير مرة، وحج وجاور، توسع في الرواية،
وبعد صيته، وقصده الناس من النواحي لعلمه ودينه، وولي خطابة قرطبة لأبي
الحزم جهور، وكان مشهوراً بالصلاح، وإجابة الدعوة، توفي في ثاني
المحرم.
(2/273)
سنة ثمان وثلاثين
وأربعمئة
فيها حاصر طغرلبك السَّلجوفي أصبهن، وضيّق على أهلها، وعلى أميرها
فراموز، ولد علاء الدولة، صم صالحه على مال يحمله، وأن يخطب له
بأصبهان.
وفيها توفي أبو علي البغدادي، مصنّف " الروضة في القراءات العشر "،
الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي.
وأبو محمد الجويني، عبد الله بن يوسف، شيخ الشافعية، والد إمام
الحرمين، تفقه بنيسابور، على أبي الطيّب الصعلوكي، وبمرو على أبي بكر
القفال، وتصدّر بنيسابور للفتوى والتدريس والتصنيف، وكان مجتهداً في
العبادة، صاحب جدّ وصدق وهيبة ووقار. روى عن أبي نعيم عبد الملك بن
محمد الأسفراييني وجماعة. وتوفي في ذي القعدة.
سنة تسع وثلاثين وأربعمئة
فيها توفي أبو محمد الخلال، الحسن بن محمد بن الحسن البغدادي الحافظ،
في جمادى الأولى، وله سبع وثمانون سنة. روى عن القطيعي وأبي سعيد
الحرقي وطبقتهما.
قال الخطيب: كان ثقة، له معرفة، خرّج المسند على الصحيحين، وجمع
أبواباً وتراجم كثيرة.
قلت: آخر من روى عنه، أبو سعد أحمد بن الطُّيوري.
(2/274)
وعلي بن منير بن أحمد الخلال، أبو الحسن
المصري الشاهد، في ذي القعدة، روى عن أبي الطار الذهلي، وأبي أحمد بن
الناصح.
والنذير الواعظ، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد الشيرازي. روى عن
إسماعيل بن حاجب الكشاني، وجماعة، ووعظ ببغداد، فازدحموا عليه، وشغفوا
به، ورزق قبولاً لم يرزقه أحد، وصار يظهر الزهد، ثم إنه تنعّم وقبل
الصلات، من الأقطار، واستجمع له جيش من المطوِّعة، فعسكر بظاهر بغداد،
وضرب له الطبل، وسار بهم إلى الموصل، واستفحل أمره، فصار إلى أذربيجان،
وضاهى أمير تلك الناحية، ثم خمد سوقه، وتراجع عامّة أصحابه، ثم مات.
ومحمد بن عبد الله بن عابد، أبو عبد الله المعافري، حدّث قرطبة.
روى عن أبي عبد الله بن مفرج وطبقته، ورحل، فسمع من أبي محمد بن أبي
زيد، وأبي بكر بن المهندس، وطائفة. وكان ثقة عالماً جيّد المشاركة في
الفضائ، توفي في جمادى الأولى، عن بضع وثمانين سنة، وهو آخر من حدّث عن
الأصيلي.
سنة أربعين وأربعمئة
فيها مات السلطان أبو كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة بن بهاء الدولة
البويهي الديلمي، مات بطريق كرمان، فصدوه في يوم ثلاث مرّات، وكان معه
نحو أربعة آلاف من الترك والديلم، فنهبت خزائنه وحريمه وجواريه، وطلبوا
شيراز، فلسطنوا ابنه الملك الرحيم أبا نصر، وكان مدة سلطنة
(2/275)
أبي كاليجار أربع سنين، وكان مولده
بالبصرة، سنة تسع وتسعين وثلاثمئة، سامحه الله.
وفيها أقدم المعز بن باديس بالمغرب، الدعوة للقائم بالله العباسي، وخلع
طاعة المستنصر العبيدي، فبعث المستنصر جيشاً من العرب يحاربونه، فذلك
أول أول دخول العربان إلى إفريقية، وهم بنو رياح، وبنو زغبة، وتمت لهم
أمور يطول شرحها.
وفيها قدم خراسان خلائق من الترك الغزّ، فسار بهم الملك ينال، فدخل
الروم، فقتل وسبى وغنم وسار حتى قارب القسطنطينية، وحصل لهم من السبي،
فوق المائة ألف نفس، والتقى الروم وهزمهم غير مرة، وكسروه أيضاً، ثم
ثبت المسلمون، ونزل النصر، وقيل إنهم جرُّوا الغنائم على عشرة آلاف
عجلة، فلله الحمد.
وفيها توفي الحكيمي، أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن نصر المصري
الورّاق، يوم الأضحى، وله إحدى وثمانون سنة. روى عن أبي الطاهر الذهلي
وغيره.
والحسن بن عيسى بن المقتدر بالله جعفر بن المعتضد، الأمير أبو محمد
العباسي. روى عن مؤدِّبه أحمد اليشكري، وكان رئيساً ديِّناً حافظاً
لأخبار الخلفاء، توفي في شعبان، وله نيِّف وتسعون سنة.
وأبو القاسم عبيد الله بن أبي حفص، عمر بن شاهين. روى عن أبيه، وأبي
بحر البربهاري، والقطيعي، وكان صدوقاً عالي الإسناد، توفي في ربيع
الأول.
(2/276)
وعلي بن ربيعة، أبو الحسن التميمي المصري
البزاز، راوية الحسن ابن رشيق، توفي في صفر.
وأبو ذرّ، محمد بن إبراهيم بن علي الصالحاني الأصبهاني الواعظ. روى عن
أبي الشيخ، ومات في ربيع الأول.
وأبو عبد الله الكارزيني، محمد بن الحسين الفارسي المقرئ، نزيل الحرم،
ومسند القراء، توفي فيها أو بعدها، وقد قرأ القرءات على المطوِّعي، قرأ
عليه جماعة كثيرة، وكان من أبناء التسعين، وما علمت فيه جرحاً.
وابن ريذة مسند أصبهان، أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم
الأصبهاني التاجر، راوية أبي القاسم الطّبراني، توفي في رمضان، وله
أربع وتسعون سنة. قال يحيى بن مندة: كان ثقة أميناً، كان أحد وجوه
الناس، وافر العقل، كامل الفضل، مكرماً لأهل العلم، حسن الخط، يعرف
طرفاً من النحو واللغة.
وابن غيلان، مسند العراق، أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان
الهمداني البغدادي البزاز، سمع من أبي بكر الشافعي، أحد عشر جزءاً،
وتعرف بالغيلانيّات، لتفرده بهها. قال الخطيب: كان صدوقاً صالحاً
ديّناً.
قلت: مات في شوال، وله أربع وتسعون سنة.
(2/277)
وأبو منصور السّوّاق، محمد بن محمد بن عثمان البغدادي البندار، وثّقه
الخطيب، ومات في آخر العام، عن ثمانين سنة. روى عن القطيعي ومخلد بن
جعفر. |