المغرب في حلى المغرب
25 - مُحَمَّد بن يحيى بن أبي مُضر الطبني
وَصفه الحجاري بالأدب وَالشعر ومجالسة الْمُلُوك وَكَانَ مِمَّن
يُجَالس أَبَا الحزم بن جهور وَابْنه أَبَا الْوَلِيد وَصَحب ابْن
شَهِيد وَأنْشد لَهُ ... لَا يبعد الله من قد غَابَ عَن بَصرِي ...
وَلم يغب عَن صميم الْقلب والفكر
أشتاقه كاشتياق الْعين نومتها ... بعد الهجود وجدب الأَرْض للمطر
وعاتبوني على بذل الْفُؤَاد لَهُ ... وَمَا دروا أنني أَعْطيته عمري
...
وَذكره الْحميدِي وَأنْشد لَهُ شعرًا يُخَاطب بِهِ أَبَا مُحَمَّد بن
حزم
26 - أَبُو مَرْوَان عبد المك بن زِيَادَة الله ابْن أبي مُضر الطبني
من ذخيرة ابْن بسام أَنه كَانَ أحد حماة سرح الْكَلَام وَحَملَة ألوية
الأقلام وَذكر ابْن حَيَّان أَن جواريه قتلنه لتقتيره عَلَيْهِنَّ ورحل
إِلَى الْمشرق وَحج وَقتل بقرطبة سنة سبع وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة
(1/92)
وَذكر الحجاري أَنه كَانَ إِمَامًا فِي علم
الحَدِيث وَوَصفه بالبخل المفرط كَانَ يتْرك أهل دَاره يأكلن الْخبز
بِلَا إدام فَإِذا طلبُوا الإدام حرد عَلَيْهِم وَقَالَ هَذِه عَادَة
سوء فخنقوه
وَأنْشد لَهُ ... إِنِّي إِذا حضرتني ألف محبرة ... تَقول اخبرني هَذَا
وحَدثني
صَاحب بعقوتى الأقلام زاهية ... هذى المكارم لَا قعبان من لبن ...
27 - أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد الْعَزِيز ابْن زِيَادَة الله بن أبي
مُضر الطبني
حعله الحجاري أشعر بني الطبني وَأنْشد لَهُ قَوْله ... لَا تَسْقِنِي
إِلَّا بكأس إِذا ... شربتها تملك عَقْلِي جَمِيع
وزادك الله سُرُورًا إِذا ... سقيتني بالجام أَو بالقطيع
لَا ترفع الْخمر إِلَى مُدَّة ... أولى وَأحلى من زمَان الرّبيع ...
وَقَوله ... يَا سالباً عاشقيه ... وعاشقاً كل تيه
وَمن مدامي ونقلي ... من وجنتيه وَفِيه
هلا جزيت فُؤَادِي ... بِبَعْض مَالك فِيهِ ...
(1/93)
بَيت بني كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عبيد
الجذامي مولى بني أُميَّة
28 - أَبُو مَرْوَان عَامر بن عَامر بن كُلَيْب
من تَارِيخ ابْن حَيَّان أَنه أحد وُجُوه الموَالِي فِي الْعَسْكَر
السلطاني وَوَصفه الفرضي بالأدب والذكاء والترسل وَالشعر والمعارضة
والتحكك بالشعراء قَالَ وَفِيه يَقُول الْعُتْبِي ... عفت معالمه
اللَّيَالِي مثل مَا ... عفى سَواد السّعر بهجة عَامر ...
وَمن شعره قَوْله ... عظم الخطاء فَهَل تقيل ... يَا سَيِّدي أم مَا
تَقول
أَنْت الْعَزِيز بهفوتي ... وَأَنا بهَا العَبْد الذَّلِيل
تالله لَو أَنِّي استطع ... ت لما بدا مني فضول
وَلما رأى مني الصّديق ... سوى قوام لَا يمِيل
فَأَبت على الكأس إِلَّا ... أَن يداخلني الذهول ...
وَكَانَ مُخْتَصًّا بالوزير هَاشم فَسَلَّطَهُ على الْوَزير مُحَمَّد
بن جهور فَكَانَ يتتبع سقطاته فاتفق أَن نادمه فِي متصيد للأمير
مُحَمَّد فَلَمَّا دارت الكأس قَالَ ابْن جهور لِخَادِمِهِ هَات ذَاك
التفاح المخروج فَضَحِك عَامر من لحنه وَجعل يَقُول يَا ضَيْعَة
الوزارة حِين تولاها الأبله اللحانة
(1/94)
فَغَضب وضربه بالسياط فغض ذَلِك نم قدره
ونعاه عَلَيْهِ الشُّعَرَاء فِي أشعارهم
قَالَ ابْن حَيَّان وَمَات سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ
وَذكر الْحِجَازِي أَنه كَانَ لَا يُبَالِي أَيْن يضع لِسَانه وَجرى
حَدِيث فَقَالَ بعض رجال السُّلْطَان من قَالَ هَذَا فَقَالَ عَامر
قَالَه بَنو إوزة يَعْنِي أحد أَوْلَاد الْأَمِير لقب بذلك لتولعه
بإوزة كَانَ يشرب عَلَيْهَا وَيُعْجِبهُ مشيها وصياحها فَبَلغهُ ذَلِك
فاحتال عَلَيْهِ ولد الْأَمِير بعد أَيَّام حَتَّى حصله فِي منزله
وَجعله يخْدم تِلْكَ الإوزة على مَا يَقْتَضِيهِ قَوْله ... يَا
سَائِلًا عَن قصتي ... اعْجَبْ لقبح قضيتي
حَال الزَّمَان عَن الَّذِي ... تدرى وذلل عزتي
وَكَفاك أَنِّي كانس ... خرء الإوز بلحيتي ...
فَلَمَّا قَرَأَهَا ابْن الْأَمِير ضحك وَأمر لَهُ بِإِحْسَان وسرحه
فَقَالَ فِيهِ قصيدة اولها ... لبست ليَوْم الْبَين درعاً من الصَّبْر
... فقدته ألحاظ خلسن من الخدر ...
وَمِنْهَا ... كَذَا فَلْيَكُن جود الْكِرَام مرادفاً ... كَمَا أردفت
موج تتَابع فِي بَحر ...
29 - أَبُو خَالِد بن التراس الْقُرْطُبِيّ
من ولد أَيُّوب بن حبيب اللَّخْمِيّ الَّذِي ولي سلطنة الأندلس
ذكره الحجاري وَأخْبر أَنه كَانَ يصحب أَبَا الْمُغيرَة بن حزم وَكَانَ
جهير الصَّوْت كثير الْكَلَام لَا يكَاد يسكت وَال يَكْفِيهِ من
الطَّعَام قَلِيل وَهُوَ الْقَائِل
(1/95)
.. كَيفَ اصْطِبَارِي للَّذي حل بِي ...
والرزء فِيمَا نَاب مِنْهُ جليل
إِذْ من أَنا ضيف لَهُ باخل ... وَلست مِمَّن يَكْتَفِي بِالْقَلِيلِ
...
وَأخْبر الْحميدِي أَنه شَاعِر مَذْكُور فِي أَيَّام المستظهر
30 - أَبُو عَليّ الْحسن بن مضاء الْقُرْطُبِيّ
ذكر الحجاري أَن بَيت بني مضاء بقرطبة متوارث الْحسب وَأَن أَبَا عَليّ
لشعره ديباجة عراقية ورقة حجازية وَكَانَ مُخْتَصًّا بِعَبْد الْملك بن
أبي الْوَلِيد ابْن جهور وَله فِي أمداح وَأنْشد لَهُ قَوْله ... قصر
الْيَوْم فَحَث الش ... رب بالكأس الْكَبِير
فَإِذا مَا طَال فَاشْرَبْ ... فِيهِ بالكأس الصَّغِير ...
وَقَوله ... بِشرب الْكَبِير وعشق الصَّغِير ... أدين وَمن لَام لَا
يقبل ...
بَيت بني مسلمة
ذكر ابْن حَيَّان أَن أصل هَذَا الْبَيْت مسلمة بن حسان مولى
مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان ومسلمة من المخلصين لعبد الرَّحْمَن
الدَّاخِل وَكَانَ بباجة وتناسل وَلَده بقرطبة
31 - أَبُو عَامر مُحَمَّد بن مسلمة الْقُرْطُبِيّ
أثنى عَلَيْهِ الحجاري وعَلى بَيته وَذكر أَنه هَاجر من قرطبة إِلَى
إشبيلية
(1/96)
للمعتضد بن عباد وَنَدم لما رَآهُ من
استحالته فداراه مُدَّة حَيَاته واسأله كَيفَ نجا
وَأنْشد لَهُ فِي المعتضد الْمَذْكُور ... أيا ملك الْأَمْلَاك
وَالسَّيِّد الَّذِي ... يسير على سبل الرشاد بمقياس
عهدتك سمح الْكَفّ بالجود كَيفَ قد ... بخلت بترك الْمجد أجمع للنَّاس
...
وَقَوله فِي غُلَام كَانَ يهواه ... وَإِنِّي لأهواه وأبغي اكتتامه ...
وتأبى أَمَارَات اللِّقَاء تكتما
لساني فِي حكمي وَلَكِن مقلتي ... ولوني مَا إِن يقبلان تحكما ...
وَفِي الذَّخِيرَة أَنه أحد جهابذة الْكَلَام وجماهير النثار والنظام
من قوم طالما ملكوا أزمة الْأَيَّام وخصوا بألسنة السيوف والأقلام
وَكَانَ أَبُو عَامر مِنْهُم بِمَنْزِلَة الفص من الْخَاتم والسر من
صدر الكاتم وَذكر قدومه على المعتضد وَأَنه ألف لَهُ كتابا سَمَّاهُ
حديقة الارتياح فِي وصف حَقِيقَة الراح
وَأنْشد قَوْله ... أَهلا وسهلاً بوفود الرّبيع ... وثغره البسام عِنْد
الطُّلُوع
كَأَنَّمَا أزهاره حلَّة ... من وشي صنعاء السّري الرفيع
احببت بِهِ من زائر زَاهِر ... دَعَا إِلَى الْأنس فَكنت السَّمِيع ...
وَبَينه وَبَين إِدْرِيس بن الْيَمَان وَابْن الْأَبَّار مراسلات وجدهم
أبان بن عبيد مولى مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أهْدى إِلَيْهِ من سبي
البربر
(1/97)
32 - أَبُو الْحُسَيْن بن مسلمة
الْقُرْطُبِيّ
ذكر لي وَالِدي أَنه من سراة هَذَا الْبَيْت صَحبه فِي مَوَاطِن
كَثِيرَة أَيَّام الصِّبَا وَوَصفه بالمشاركة فِي الْعُلُوم
الْقَدِيمَة والحديثة
وَقَالَ وَكُنَّا نقُول واضيعة خَزَائِن الْكتب بِحُضُورِهِ وَكَانَت
لَهُ همة فائقة وَكَانَ يُوفى إخوانه حُقُوقهم فِي المغيب والمشهد
إِلَّا أَنه قَلِيل الإخوان هرباً من الْعَجز عَن الْقيام بِحَق كثيرهم
وَذكر وَالِدي أَنه صُحْبَة فِي سفر فمرا على مالقة فوجدا صَاحبهَا
أَبَا عَليّ بن حسون فِي فُرْجَة فاتفقا على أَن يخاطباه فَقَالَ ابْن
مسلمة ... مَرَرْنَا بَريَّة قصدا كَمَا ... يمر النسيم بروض الزهر ...
فَقَالَ ابْن سعيد ... فجلنا بروض نأى زهره ... وأقلع عَنهُ انسكاب
الْمَطَر ...
فَقَالَ ابْن مسلمة ... فَلم نر رحلتنا دون أَن ... نسير ببشر وسقيا
دُرَر ...
فَقَالَ ابْن سعيد ... وَلم نقض من كعبة الْجُود مَا ... يقْضِي
الَّذِي حَدهَا وَاعْتمر ...
فَقَالَ ابْن مسلمة ... وَلم نر إِلَّا خطاب الْعلَا ... بطوع
الْإِقَامَة أَو بِالسَّفرِ ...
فَقَالَ ابْن سعيد ... وَترك التَّكَلُّف تأميلنا ... مَتى كنت بالبدو
أَو بالحضر ...
فَقَالَ ابْن مسلمة ... وَلَيْسَ لنا رَغْبَة فِي السَّحَاب ...
وَلَكِن لنبصر وَجه الْقَمَر ...
(1/98)
فَبعث فِي فصولهما وَكَانَ مِنْهُ مَا
اشْتهر عَنهُ من الْأَفْعَال البرمكية وَمِمَّا أنشدنيه وَالِدي من شعر
أبي الْحُسَيْن فاستحسنته قَوْله ... رقد الغزال وَلَكنَّا يقظان ...
مَا تلتقي فِي حبه الأجفان
هبت عَلَيْهِ الراح ريحًا صَرْصَرًا ... وبمثلها تتقصف الأغصان ...
وَقَوله ... بروحي الَّتِي وافت وكالورد خدها ... حَيَاء وَمِنْهَا قد
شكا الصب مَا شكا
وَمَا ضحِكت إِلَّا غرُورًا بمهجتي ... كَمَا خجلت كأس المدام لتفتكا
...
وَقَوله ... سلوا ورق الآس لم حددت ... وَقد وضح الصُّبْح آذانها
وَلم ذَا أُقِيمَت على سَاقهَا ... وبلت من الطل أجفانها
أأطربها هَاتِف قد غَدا ... يهز من الطّيب أَغْصَانهَا ...
وَله رسائل وموشحات وأزجال
بَيت بني قزمان
اثنى على هَذَا الْبَيْت الحجاري فِي بيُوت قرطبة وَأَنَّهُمْ لم
يزَالُوا مَا بَين وَزِير وعالم وَرَئِيس
33 - أَبُو بكر مُحَمَّد الْأَكْبَر بن عبد الْملك ابْن عِيسَى بن
قزمان الْقُرْطُبِيّ
ذكر ابْن بسام أَن المتَوَكل صَاحب بطليوس أول من اتَّخذهُ كَاتبا
وَأثْنى على بَيته وذاته واثبت هَل رِسَالَة طَوِيلَة من غير طائل
وشعراً تَركه أولى من إِيرَاده
(1/99)
وَأثْنى عَلَيْهِ صَاحب القلائد وَذكر أَنه
تكدر عيشه فِي آخر عمره وأساء فِي حَقه القَاضِي أَبُو عبد الله بن
حمدين وَأَن أخلاقه كَانَت صعبة ففلت من غربه وَكَانَت سَببا لطول كربه
وَلم يُورد لَهُ إِلَّا قَوْله ... ركبُوا السُّيُول من الْخُيُول
وركبوا ... فَوق العوالي السمر زرق نطاف
وتجللوا الغدران من ماذيهم ... مرتجة إِلَّا على الأكتاف ...
34 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عِيسَى بن عبد الْملك ابْن عِيسَى بن قزمان
الْأَصْغَر
إِمَام الزجالين بالأندلس وَسَيَرِدُ من عجائبه فِي الْأَهْدَاب مَا
يشْهد لَهُ بالتقدم فِي هَذَا الْبَاب وَذكر الحجاري أَنه كَانَ فِي
أول شَأْنه مشتغلاً بالنظم المعرب فَرَأى نَفسه تقصر عَن أَفْرَاد عصره
كَابْن خفاجة وَغَيره فَعمد إِلَى طَريقَة لَا يمازجه فِيهَا أحد
مِنْهُم فَصَارَ إِمَام أهل الزجل المنظوم بِكَلَام عَامَّة الأندلس
وَمن شعره على طَريقَة المعرب قَوْله وَقد رقص فِي مجْلِس شرب فأطفأ
السراج بأكمامه ... يَا أهل ذَا الْمجْلس السَّامِي سرارته ... مَا ملت
لكنني مَالَتْ بِي الراح
فَإِن أكن مطفئاً مِصْبَاح بَيتكُمْ ... فَكل من قد حواه الْبَيْت
مِصْبَاح ...
وَقَوله فِي يحيى بن غانية الملثم سُلْطَان الأندلس ... وَللَّه يحيى
إِذْ تأبط للوغى ... من السمر حزما أرقماً ثمَّ أرقما ...
(1/100)
.. وثارت بِهِ الهيجا كزند بناره ... فصير
كافور الصوارم عِنْدَمَا
لَدَى موقف رد العجاج سماءه ... ثرى وَالثَّرَى من أنجم الْبَحْر
كالسما ...
وَمن كتاب بُلُوغ الآمال فِي حلى الْعمَّال
35 - عبد الله بن حُسَيْن بن عَاصِم الثَّقَفِيّ الْقُرْطُبِيّ
ذكر ابْن حَيَّان أَن جده عَاصِم بالعريان صَاحب عبد الرَّحْمَن
الدَّاخِل لقب بذلك لِأَنَّهُ عبر نهر قرطبة يَوْم الْقِتَال وَهُوَ
عُرْيَان
ورحل عبد الله إِلَى الْمشرق وَأدْركَ عصر مُعلى الطَّائِي وَلَقي
بِبَغْدَاد مخارقاً المغنى واستظرفه رُؤَسَاء الْعرَاق وَقَالَ أحدهم
يَا غليظ مَا أرقك وَكَانَ أكولاً حَتَّى لقب بالزير كثير السّعَايَة
والنميمة شَاعِرًا مفلقاً
ولي الشرطة بقرطبة فَمر بِهِ فَتى حسن الشارة يترنح سكرا فَأمر بحده
فَقَالَ أنْشدك الله من الَّذِي يَقُول ... إِذا عَابَ شرب الْخمر فِي
الدَّهْر عائب ... فَلَا ذاقها من كَانَ يَوْمًا يعيبها ...
فَقَالَ ابْن عَاصِم أَنا وَأَسْتَغْفِر الله فَقَالَ الْفَتى مَا
تَسْتَحي من الله حِين تغري بِالشرابِ ثمَّ تعاقب فِيهِ فَكَانَ ذَلِك
سَببا لِأَن تَركه
وَأخْبر الْحميدِي أَنه كَانَ من جلساء الْأَمِير مُحَمَّد وَأَنه شرب
مَعَه يَوْمًا وَغُلَام جميل الصُّورَة يسقيهم فألح الْأَمِير على
الْغُلَام فِي سقِِي عبد الله فَقَالَ ... يَا حسن الْوَجْه لَا تكن
صلفاً ... مَا لحسان الْوُجُوه والصلف ...
(1/101)
.. يحسن أَن تحسن الْقَبِيح وَلَا ... ترثي
لصب متيم دنف ...
فخيره بَين بدرة والغلام فَاخْتَارَ خوفًا من الظنة
36 - أَبُو الْأَصْبَغ عبد الْعَزِيز بن فاتح الْقُرْطُبِيّ
ذكر مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد أَنه كَانَ من عُمَّال قرطبة فِي
مُدَّة لمتونة واختص بأميرها الزبير بن عمر الملثم ونادمه وَكَانَ
عَارِفًا بِالْغنَاءِ وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله ... عَاد من بعد مَا
أَطَالَ الصدودا ... وأتى مرغماً بِذَاكَ الحسودا
وتناسى مَا كَانَ مِنْهُ قَدِيما ... وَأعَاد الزَّمَان خلقا جَدِيدا
إِن يَوْمًا قضى لنا باجتماع ... لحقيق بِأَن يُسمى سعيدا ...
وَقَوله ... قُم هَات كأسي فالروض مَمْطُور ... والأفق مسك وَالْأَرْض
كافور
ري وخمر فحثها عجلاً ... فكلنا عاطش ومقرور
لَا حفظ الله من يضيعها ... فِي مثل ذَا الْيَوْم فَهُوَ مسحور
المَاء فَوق الغصون مُنْتَظم ... والزهر بَين الرياض منثور ...
وَمن كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام
37 - مُعَاوِيَة بن صَالح القَاضِي
من تَارِيخ ابْن حَيَّان أَنه دخل الأندلس قبل دُخُول عبد الرَّحْمَن
الدَّاخِل وَهُوَ من جلة الْعلمَاء عالي الرِّوَايَة يذكر عَنهُ أَنه
روى عَنهُ مَالك بن أنس
(1/102)
وَوَجهه عبد الرَّحْمَن عَن أختيه
اللَّتَيْنِ بِالشَّام ليتحيل فِي إيصالهما إِلَيْهِ فَلم يطاوعاه
وَرجع فولاه قَضَاء حَضرته وَكَانَ يحضر مَعَه غَزَوَاته وَيحيى
لَيْلَة بِالصَّلَاةِ فَإِذا أقبل النَّهَار تقدم فِي خيل حمص غازياً
إِلَى أَن عَزله فِي آخر أَيَّامه
وانشد لَهُ الحجاري وَغَيره هَذِه الأبيات الَّتِي قد نسبت لعبد
الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل ... أَيهَا الرَّاكِب الميمم أرضي ...
أقرّ من بَعْضِي السَّلَام لبعضي
إِن جسمي كَمَا علمت بِأَرْض ... وفؤادي ومالكيه بِأَرْض
قدر الله بَيْننَا بافتراق ... فَعَسَى الله باجتماع سيقضي ...
38 - القَاضِي أَبُو الْوَلِيد بن الفرضي
وَصفه ابْن بسام بِحسن النّظم وَذكر أَنه لما حج تعلق بِأَسْتَارِ
الْكَعْبَة وَسَأَلَ الله الشَّهَادَة فَمَاتَ فِي فتْنَة البربر
بقرطبة سنة أَرْبَعمِائَة
قَالَ ابْن حزم أَخْبرنِي من رَآهُ بَين الْقَتْلَى يَوْمئِذٍ وَهُوَ
فِي آخر رَمق وَهُوَ يَقُول لَا يكلم أحد فِي سَبِيل الله وَالله أعلم
بِمن يكلم فِي سَبيله إِلَّا جَاءَ وجرحه يَوْم الْقِيَامَة يثعب دَمًا
اللَّوْن لون الدَّم وَالرِّيح ريح الْمسك
(1/103)
وَهَذَا حَدِيث صَحِيح فِي كتاب مُسلم
وَأنْشد لَهُ وَكَانَ قد كتب بهَا إِلَى أَهله حِين توجه لِلْحَجِّ ...
مَضَت لي شهور مُنْذُ غبتم ثَلَاثَة ... وَمَا خلتني أبقى إِذا غبتم
شهرا
وَمَا لي حَيَاة بعدكم أستلذها ... وَلَو كَانَ هَذَا لم أكن بعْدهَا
حرا
أعلل نَفسِي بالمنى فِي لقائكم ... وأستسهل الْبر لذِي جبت والبحرا
ويؤنسني طي المراحل دونكم ... أروح على أَرض وأغدو على أُخْرَى
وتالله مَا فارقتكم عَن قلي لكم ... وَلكنهَا الأقدار تجْرِي كَمَا
تجْرِي ...
وَذكر الحجاري أَنه ولي فِي الْفِتْنَة قَضَاء إستجة وَرغب إِلَيْهِ
أهل مصر فِي الْإِقَامَة عِنْدهم فَقَالَ من الْمُرُوءَة النزاع إِلَى
الوطن
39 - القَاضِي الفيلسوف أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن أَحْمد بن
الإِمَام الْفَقِيه القَاضِي أبي الْوَلِيد مُحَمَّد بن أَحْمد بن رشد
أدْركهُ وَالِدي وَقَرَأَ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي وَصفه الشقندي فَقِيه
الأندلس وفيلسوفها الَّذِي لَا يحْتَاج فِي نباهته إِلَى تَنْبِيه
وَأنْشد من شعره قَوْله ... مَا الْعِشْق شأني وَلَكِن لست أنكرهُ ...
كم حل عقدَة سلواني تذكره
من لي بغض جفوني عَن مخبرة ال ... أجفان قد أظهرت مَا لست أضمره ...
(1/104)
.. لَوْلَا النهى لأطعت اللحظ ثَانِيَة ...
فِيمَن يرد سنا الألحاظ منظره
مَا لِابْنِ سِتِّينَ قادته لغايته ... عشرِيَّة فنأى عَنهُ تصبره
قد كَانَ رضوى وقاراً فَهُوَ سافية ... الْحسن يُورِدهُ والهون يصدره
...
وَولي قَضَاء الْقُضَاة بقرطبة وَكَذَلِكَ جده أَبُو الْوَلِيد وَمَات
جده سنة عشْرين وَخَمْسمِائة وَلأبي الْوَلِيد الْأَصْغَر تصانيف
كَثِيرَة فِي الْفُرُوع وَالْأُصُول والنحو والفلسفة وَغير ذَلِك وَآل
أمره مَعَ مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَقد وقف على قَوْله عَن الزرافة
وَقد رَأَيْتهَا عِنْد ملك البربر فقرعه على ذَلِك فَاعْتَذر أَنه مَا
قَالَ إِلَّا ملك البرين إِلَى أَن أَمر بِهِ فأقيم وَجعل كل من يمر
بِهِ يلعنه ويبصق فِي وَجهه ثمَّ أَمر بنفيه إِلَى بَيَانه مَدِينَة
الْيَهُود
40 - الْفَقِيه القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عِيسَى
ابْن المناصف الْقُرْطُبِيّ
قَالَ وَالِدي بَنو المناصف الثَّلَاثَة اجْتمعت بهم وذاكرتهم فَمَا
رَأَيْت مِنْهُم إِلَّا نجيباً مبرزاً وَالْفضل لأبي عبد الله
لِأَنَّهُ تفنن فِي الْعُلُوم وَولي أكبر خطط الْقَضَاء مثل مرسية
وبلنسية وَإِن كَانَ مُوسَى أرق شعرًا فَإِنَّهُ أمتن علما فِيمَا
يتَعَلَّق بالأصول وَالْفُرُوع وَكَانَ أَبُو إِسْحَاق مشاركاً مديد
الباع فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع وَولي قَضَاء سجلماسة وَلأبي عبد الله
الرجز الْمَشْهُور بالمغرب فِي الشيات
قَالَ وَمِمَّا أنشدنيه لنَفسِهِ قَوْله من قصيدة للناصر ... دَانَتْ
لَك الْعَرَب طوع الْحق والعجم ... وَأصْبح الدَّهْر عَن علياك يبتسم
...
(1/105)
وَقَوله ... تغيب عني وقلبي ... لديك رهن
معذب
فَرده لي وبن حَيّ ... ث مَا تشا وتغيب
الله يعلم أَنِّي ... طول الدجى أتقلب
فجد عَليّ بطيف ... إِن كنت فِي الْوَصْل ترغب
إِن لم تلح لي بَدْرًا ... فلح فديتك كَوْكَب ...
وَقَوله ... ألزمت نَفسِي خمولاً ... عَن رُتْبَة الْأَعْلَام
لَا يخسف الْبَدْر إِلَّا ... ظُهُوره فِي تَمام ...
وَحج وَأقَام بِمصْر قَلِيلا وكر رَاجعا فَمَاتَ وَذكر الْمُحدث أَبُو
الْعَبَّاس بن عمر الْقُرْطُبِيّ أَنه جمع كتابا فِيهِ أَرْبَعَة
عُلُوم أصُول الدّين وأصول الْفِقْه وفروعه وسيرة النَّبِي صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم
41 - أَخُوهُ أَبُو إٍسحاق إِبْرَاهِيم بن المناصف
قَالَ وَالِدي كَانَ فَقِيها جميل الْمَذْهَب ولي قَضَاء سجلماسة
سَأَلته أَن ينشدني من شعره فَقَالَ من يحفظ من الشّعْر مَا تحفظ أَنْت
يجب على الْعَاقِل أَلا ينشده شَيْئا إِلَى أَن أَنْشدني أحد أَصْحَابه
لَهُ
(1/106)
.. يَا محرقاً قلبِي بِنَار الأسى ...
وماحياً عَيْني بِمَاء الدُّمُوع
رفقا فَإِنِّي بالجوى ذَاهِب ... كَيفَ يبْقى من جفاه الهجوع
وَأبْصر الْغُصْن لوى عطفه ... والبدر محجوباً أَوَان الطُّلُوع ...
وَقَوله فِي المجبنات ... هَات الَّتِي إِن قربت جَمْرَة ... فَهِيَ
على الأحشاء كَالْمَاءِ
كلما عض بهَا لاثم ... تبسمت عَن ثغر حسناء
تبرية الظَّاهِر فضية ال ... بَاطِن لم تصنع بِصَنْعَاء ...
وَكَانَ نحوياً
42 - أَبُو عمرَان مُوسَى بن عِيسَى بن المناصف
ولي دَار الإشراف بمراكش فِي مُدَّة النَّاصِر وَذكره الشقندي وَوَصفه
بحلاوة الشّعْر وَأنْشد لَهُ فِي غُلَام جزار ... قَالَت عواذله لما
بصرن بِهِ ... فِي مجزر سَاقِط الأثواب واللمم
لشد مَا عرض الْإِعْرَاض عاشقه ... فَأَيْنَ مَا يَدعِيهِ الدَّهْر من
همم
فَقلت صَارَت هموما كلهَا هميي ... فَمَا أفرق بَين الراس والقدم
لطرفه فِي فُؤَادِي مَا لمديته ... فِيمَا تقسم كَفاهُ على الْوَضم ...
وَجعله والدى اشعر بن المناصف وأشهرهم شعرًا قَالَ وَمِمَّا أَنْشدني
من شعره قَوْله وَقد وَصله من حبوبه مُطيب من آس ... مطيبك الْمهْدي
أجل مُطيب ... يق لَهُ عِنْدِي الْمقَام على جفني
أَتَى كاسمه آس لما بِي من الجوى ... فَحل حُلُول السعد وَالْمَال
والأمن ...
(1/107)
.. وَمَا جَاءَنِي وَالْكل مِنْهُ مسامع
... مؤللة إِلَّا ليسمع مَا أثنى
لعمري لقد بتنا وبيني وَبَينه ... كَمَا بَين خيري الحديقة والدجن
يذكر أَيَّام العناق اتساقه ... فأسقيه من عَيْني ضروباً من المزن ...
وَمن قصيدة ... وان لم يردوا من فُؤَادِي مَا سبوا ... يَوْم النَّوَى
أتحفتهم بِالْبَاقِي ...
وَفِي مطلع أُخْرَى ... جاروا وَمَا علمُوا مَا يشتكى الْجَار ... من
الْقُلُوب جلاميد وأحجار ...
وَمن = كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء عُلَمَاء الْقُرْآن
الْعَزِيز
43 - أَبُو عبد الله جَعْفَر بن مُحَمَّد بن مكي ابْن أبي طَالب
الْقَيْسِي
جده مكي القيرواني الْمَشْهُور بالزهد والقراءات وَأثْنى ابْن بسام على
جَعْفَر وَأنْشد لَهُ شعرًا فِي رثاء أبي مَرْوَان بن سراج الْعَالم
أَوله ... انْظُر إِلَى الأطواد كَيفَ تَزُول ... ولحالة العلياء كَيفَ
تحول ...
(1/108)
.. يهوى الْفَتى طول الْبَقَاء مؤملاً ... وَله رحيل لَيْسَ مِنْهُ
فَقَوْل ...
وَذكر الحجاري أَنه حذا حَذْو جده فِي الإقراء وَذكر ابْن بشكوال أَن
جده مكياً توفّي بقرطبة فِي محرم سبع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة
44 - مُحَمَّد بن مَحْمُود المكفوف
ذكر الْحميدِي أَن ابْن حزم أنْشد لَهُ ... كَأَن الْجِيَاد الصافنات
وَقد عدت ... سطور كتاب والمقدم عنوان ... |