المغرب في حلى المغرب

67 - أَبُو بكر يحيى بن سعدون بن تَمام الْأَزْدِيّ الْقُرْطُبِيّ
كَانَ عِنْدِي من الشُّعَرَاء ثمَّ وقفت على ذكره فِي خطّ الصاحب كَمَال الدّين بن أبي جَرَادَة وَوَصفه بِأَنَّهُ كَانَ مقرئاً نحوياً وَأَنه سمع الحَدِيث بقرطبة على أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عتاب وَدخل حلب وأقرأ بهَا ورحل إِلَى الْموصل وَدخل أصفهان وَتُوفِّي سنة إِحْدَى وَسبعين وَخَمْسمِائة بالموصل وَذكر ابْن عَسَاكِر أَنه توفّي يَوْم الْجُمُعَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَأنْشد لَهُ الصاحب ... عرج على منزل الأحباب يَا حادي ... ببا ابزر حَيْثُ الْكَوْكَب الْهَادِي
لَعَلَّنَا نَلْتَقِي لَيْلًا بهم وَعَسَى ... نلقي إِلَيْهِم حَدِيثا لَيْسَ بالبادي
يَا حادي العيس لَا تعجل وَهَا كَبِدِي ... ودمع عَيْني عَن مَاء وَعَن زَاد ...

68 - أَحْمد بن مَسْعُود بن مُحَمَّد الخزرجي الْقُرْطُبِيّ
ذكر لي أَنه من شعراء قرطبة الَّذين رحلوا إِلَى الْمشرق وأنشدت لَهُ ... من لي بِهِ ذُو صلف زَائِد ... يمطلني ناظره ديني
وَكلما وافيته طَالبا ... ألفيته منكسر الْعين ...

(1/135)


ثمَّ وقفت على ذكره فِي خطّ الْكَمَال بن الشعار المؤرخ مَوْصُوفا بالتفنن فِي الْعُلُوم الْكَثِيرَة وَأَنه صنف كتبا فِي الطِّبّ والنحو وأصول الدّين وَكَانَ شافعياً وَسكن دنيسر وانتفع بِهِ أَهلهَا وَبهَا مَاتَ سنة إِحْدَى وسِتمِائَة
قَالَ وأنشدني لَهُ أَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن الصفار المارديني الْكَاتِب الشَّاعِر بإربل قَالَ أَنْشدني أَبُو الْعَبَّاس الخزرجي لنَفسِهِ ... وَفِي الوجنات مَا فِي الرَّوْض لَكِن ... لرونق زهرها معنى عَجِيب
وأعجب مَا التَّعَجُّب مِنْهُ أَنِّي ... أرى الْبُسْتَان يحملهُ قضيب ...

وَقَوله ... ونمت بِنَا فِي اللَّيْل أنوار وَجهه ... فَمد علينا من ذوائبه سترا ...

69 - أَبُو الْحسن عَليّ بن يُوسُف بن خروف الْقُرْطُبِيّ
شَاعِر مَشْهُور فِي الغرب والشرق مدح بسبتة ملكهَا إِدْرِيس بن يُوسُف ابْن عبد الْمُؤمن بقصائد مِنْهَا قَوْله من قصيدة فِي وصفهَا ... خُذْهَا إِلَيْك عروساً لَا كفاء لَهَا ... تزيد جدَّتهَا مَا دَامَت الحقب
عذراء أخجلها مَا فِيك من عظم ... حَتَّى لكادت من العلياء تنتقب
إِن لم تكن أحرزت من رَبهَا حسباً ... فَإِن مدحك فِي أَثْنَائِهَا حسب ...

(1/136)


ومدح بمراكش وزيرها أَبَا سعد بن جَامع بقصيدة مِنْهَا ... ضمنت لعَيْنِي يَوْم لحت لأفقها ... بِأَن لَا ترى وَجها من الدَّهْر يسود ...

وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... لَا تظهرن صفاء ... وَلَا لمن تصطفيه
لَوْلَا صفاء زجاج ... لم ينظر الْبَوْل فِيهِ ...

وَقَوله ... وَكَانَ غَرِيب الْحسن قبل عذاره ... فَلَمَّا التحى صَار الْغَرِيب المصنفا ...

وَقَوله وَهُوَ من المرقصات فِي راقص ... ومنوع الحركات يلْعَب بالنهى ... لبس المحاسن عِنْد خلع لِبَاسه
متأوداً كالغصن وسط رياضه ... متلاعباً كالظبي عِنْد كناسه
بِالْعقلِ يلْعَب مُقبلا أَو مُدبرا ... كالدهر يلْعَب كَيفَ شَاءَ بناسه
وَيضم للقدمين مِنْهُ رَأسه ... كالسيف ضم ذبابه لرئاسه ...

وَأنْشد لَهُ صَفْوَان فِي زَاد الْمُسَافِر فِي غُلَام ضَربته قَوس فِي فَمه ... لَا زرت يَا زوراء كف حلاحل ... يَوْم الْهياج وَلَا رميت نبالاً
نازعت عِنْد الرمى مقلة شادن ... تصمى الْقُلُوب وَلَا تغب نزالاً
فقرعت مبسم ثغره حسداً لَهُ ... لما غَدا بَدْرًا وَكنت هلالا
فبدت جمانة سنة مرْجَانَة ... وَغدا قراح رضابه جريالا ...

(1/137)


وَقَوله ... بني الْمُغيرَة لي فِي حيكم رشأ ... ظلال سمركم تغنيه عَن سمر
يزهى بِهِ فرس الْكُرْسِيّ من بَطل ... بإبرة هِيَ مثل الهدب من شفره
كَأَنَّهَا فَوق ثوب الْخَزّ جائلة ... شهَاب رجم جرى والنجم فِي أَثَره ...

وَقَوله ... مَا راق غير طرف ... قصر فِي الْعَدو بالظليم
ذى نقط كَالنُّجُومِ تبدو ... فِي جنح ليل لَهُ بهيم ...

وَقَوله ... تبلج صبح الذِّهْن عِنْدِي نيراً ... فغارت من الْأَمْوَال شهب عواتم
وَلَو كَانَ ليل الْجَهْل عِنْدِي حالكاً ... للاحت بِهِ مثل النُّجُوم الدَّرَاهِم ...

وأنشدت لَهُ ... مثلي يُسمى أريباً ... مثلي يُسمى أديباً
مَتى وجدت كثيباً ... غرست فِيهِ قَضِيبًا
وَلَا أُبَالِي خصيبا ... لاقيته أم جديبا ...

واستدعاه ابْن لهيب لدَعْوَة لم يرضها فَقَالَ ... دَعَاني ابْن لهيب ... دُعَاء غير نبيه
إِن عدت يَوْمًا إِلَيْهِ ... فوالدي فِي أَبِيه ...

وَقَالَ فِي حلب شعرًا مِنْهُ ... حلبت الدَّهْر أشطره ... وَفِي حلب صفا حَلَبِيّ ...

(1/138)


وَقدر أَن منيته كَانَت فِي حلب بقلعتها وَقد حضر فِي لَيْلَة لسَمَاع الْوَاعِظ تَاج الْعلَا الشريف فَخرج للإراقة فَسقط فِي جب طَعَام فَمَاتَ فِيهِ فِي سنة عشر وسِتمِائَة
وَكَانَ قد مدح أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عَيَّاش كَاتب الحضرة بمراكش فَأعْطَاهُ شَيْئا لم يرضه فاغتاظ ورده وَقَالَ ... مدحت ابْن عَيَّاش فجدد لي الَّذِي ... حباني بِهِ مَا قد تناسيت من كربي
رددت إِلَيْهِ عظمه لأسره ... وَأَقْبَلت أمحو كل مَا كَانَ فِي قلبِي
وأصبحت أسمو للمشارق طالعاً ... لِأَنِّي رَأَيْت الشَّمْس تنحط فِي الغرب ...

ورحل إِلَى الْمشرق
70 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن شطرية الْقُرْطُبِيّ
سَابق فِي حلبة شعراء الْمِائَة السَّابِعَة اعتبط شَابًّا وَله فِي نَاصِر بني عبد الْمُؤمن قصائد جليلة مِنْهَا قصيدته الَّتِي مدحه بهَا حِين جَازَ إِلَى الأندلس ... كَذَا يشرف الطالع الأسعد ... ويسمو لأملاكه السَّيِّد
ويرعى أقاصي أقطاره ... قريب لَهُ عَزمَة تبعد
إِذا جمعت فكرها للوغى ... تفرق من سربه الفرقد ...

وَمِمَّا اخترته من شعره قَوْله ... رَأَوْا ميلًا فِي قدره فتباشروا ... وَقَالُوا اجنه مهما تمايل وارجحن
وَمَا علمُوا أَن الْهلَال وَقد غَدا ... ممالاً بعيد لَا ينَال مدى الزَّمن
وَقَالُوا أتخشى فَتْرَة فِي جفونه ... فَقلت أما تخشى من الفترة الْفِتَن ...

(1/139)


وَقَوله ... ستر الصُّبْح بطره ... وجلا اللَّيْل بغره
وَأرى من وَجهه فِي ... قده غصناً وزهره
كمل الله لدينا ... من محياه المسره
كعبة لِلْحسنِ فِي ك ... ل فؤاد مِنْهُ جمره
جَاءَنِي كالظبي فِي أش ... راكه إِذْ حل شعره
مبدياً وَجها كَأَن الل ... يل يجلو مِنْهُ بدره
وَمضى عني وَلَكِن ... بعد مَا خلف نشره
فتراني فِي افتضاح ... كلما أخفيت سره ...

وَقَوله ... انْظُر إِلَى النَّهر الَّذِي ... لَا يَنْقَضِي خفقانه
أمواجه فِي دوحه ... ماجت بهَا أشجانه
مرحت بِهِ فِي ملعب ... مترادف فرسانه
امشى جموحاً إِذْ غَدا ... بيد النسيم عنانه
قد درعته الرّيح إِذْ ... طعنت بِهِ أغصانه ...

وَقَوله ... وَفِي بنرجسة وطر ... ف الشَّمْس يغمصه المغيب
فَكَأَنَّمَا حتم عَليّ ... هـ لُزُوم عين من رَقِيب ...

وَقَوله ... يَا مُنْكرا ذكر من أهواه حِين جلا ... كأس المدام على عَيْني ونظمها
لَوْلَا الَّذِي فِي كؤوس الراح من حبب ... يَحْكِي ثناياه مَا قبلت مبسمتها ...

(1/140)


وَقَوله ... أيا مانعى فِي يقظة وَهُوَ باذل ... إِذا النّوم أعماني لكل وصال
وددت بِأَن الدَّهْر أجمع لَيْلَة ... لِأَنِّي لَا أحظى بِغَيْر حِيَال ...

71 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن قادم الْقُرْطُبِيّ
بَيت بني قادم مَشْهُور بقرطبة وَقد تقدم فِي الْأَطِبَّاء مِنْهُم أَبُو عبد الله بن قادم وجد أبي جَعْفَر لأمه أَبُو جَعْفَر الوزغي الأديب الْمَشْهُور
وَكَانَ أَبُو جَعْفَر بن قادم آيَة فِي الشّعْر والتوشيح أولع النَّاس بِغُلَام صقيل الخد أَو بغلامة قَائِمَة النهد اجْتمع بِهِ عمي يحيى بقرطبة واستنشده من شعره فَأكْثر من ذكر الغلمان والجواري فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا جَعْفَر كَأَنَّك وكلت على التغزل فِي الغلمان والجواري فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا جَعْفَر كَأَنَّك وكلت على التغزل فِي الغلمان والجواري فَقَالَ على الْفَوْر فترى أَنْت يَا سَيِّدي من الرَّأْي أَن اقصر نظمي غلى كل تَيْس مثل سَيِّدي وأشباهه قَالَ فكدت وَالله أَمُوت من الضحك وعذرته فَإِنِّي كنت كَمَا وصلت من السّفر ولي لحية كَبِيرَة ضخمة وعَلى حلية الجندية وَلَيْسَ لي عبارَة الأدباء وَمِمَّا اخترته مِمَّا كتبه عَنهُ من شعره قَوْله وَقد جلس مَعَ ندماء فِي جنَّة يشقها نهر فرى أحدهم فِيهِ بطبق ورد نثره عَلَيْهِ ... يَا حبذا الرَّوْض النَّضِير يشقه الن ... هر الَّذِي من فَوْقه الْورْد افترق
شبهته بالأفق شقّ ظلامه ... نهر الصَّباح وَفَوق قطع الشَّفق ...

وَقَوله ... بِأبي وَغير أبي غري ... ب اللَّوْن يخجل فِي الْكَلَام
مَاء الشَّبَاب بِوَجْهِهِ ... يُبْدِي لنا مزج المدام
خيلانه كحبابها ... ولثامه بدل الْفِدَام
ألْقى بِهِ كسحابة ... سفرت عَن الْبَدْر التَّمام ...

(1/141)


.. وفى لنا ألفا وكل ... م فانثنى أدباً كَلَام
فثمت مِنْهُ موطئ الن ... عل الَّذِي فَوق الرغام
وطفقت أملأ جَانِبي ... هـ من اعتناق واستلام
فكأنني قد طفت من ... هـ هُنَاكَ بِالْبَيْتِ الْحَرَام
ووردت زَمْزَم كوثر ... ولثمت أَرْكَان الْمقَام
وَأَنا أميله ويأ ... بى قده إِلَّا قوام
كالبان تعطفه فَإِن ... خليته فِي الْحِين قَامَ
يَا خصره يَا جيده ... كم من وشاح أَو نظام
متكل بهما اعتنا ... قي عِنْد مَا يرخى الظلام
يَا عاذلي كم ذَا تلِي ... م بِمَا تزخرف من ملام
وَتقول لي مَاذَا يَفِي ... د الْمهْر من دون اللجام
والغصن إِن لم يبد فِي ال ... أوراق خلته الْحمام
هُوَ مَا علمت قريب عه ... د بالمهاد وبالفطام
لَا يعرف الْحِيَل الَّتِي ... جمعت لمن خبر الْأَنَام
غر شققت حجابه ... عَنهُ كَمَا انْشَقَّ الكمام
لم يدر قبلي مَا الصدو ... د وَلَا الْوِصَال والغرام
قد الحسام فَإِن يجز ... هـ صَار يصلح للحسام ...

ورثاه وَالِدي بقصيدة أَولهَا ... عَلَيْك سَلام الله قبر ابْن قادم ... على بعد دَاري مودعاً فِي الغمائم ...
72 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن رِفَاعَة الْقُرْطُبِيّ
من مشهوري شعراء قرطبة فِي الْمِائَة السَّابِعَة وَهُوَ أَيْضا مِمَّن اعتبط شَابًّا اجْتمع بِهِ عمي يحيى كتب عَنهُ مَا مِنْهُ قَوْله وَهُوَ كَاف فِي الدّلَالَة على جلالة قدره

(1/142)


.. ضربت عَلَيْك المكرمات رواقها ... وثنت عَلَيْك المعلوات نطاقها
أوسعت أَبنَاء الزَّمَان مَكَان مَا ... قد كَانَ قبلك عَن سواهُم عاقها
فَلَو الحمائم أفصحت لمسائل ... زعمت بأنك ملبس أطواقها ...

وَمن = كتاب ذهبية الْمسَاء فِي حلى النِّسَاء
73 - مهجة بنت التياني القرطبية
من المسهب أَن أَبَاهَا كَانَ يَبِيع التِّين وَكَانَت هِيَ تدخل عِنْد ولادَة بنت المستكفي الشاعرة وَكَانَت من أجمل نسَاء زمانها وأخفهن روحاً فعلقت بهَا ولادَة ولزمت تأديبها إِلَى أَن صَارَت شاعرة وهجت ولادَة وَزَعَمت أَنَّهَا ولدت وَلَيْسَ لَهَا بعل فَقَالَت مَا نقص عَنهُ ابْن الرُّومِي ... ولادَة قد صرت ولادَة ... من دون بعل فَضَح الكاتم
حكت لنا مَرْيَم لكنه ... نَخْلَة هذي ذكر قَائِم ...

قَالَ وَمِمَّا تقدّمت بِهِ فحول الذكران قَوْلهَا ... لَئِن حلأت عَن ثغرها كل حائم ... فَمَا زَالَ يحمي عَن مطالبه الثغر
فَذَلِك تحميه القواضب والقنا ... وَهَذَا حماه من لواحظها السحر ...

الْحلَّة من = كتاب الإحكام فِي حلى الْحُكَّام
أول من ذكره أَبُو عبد الْملك أَحْمد بن عبد الْبر فِي كتاب الْقُضَاة مُعَاوِيَة بن صَالح قَاضِي عبد الرَّحْمَن المرواني أول سلاطينهم بالأندلس وَقد تقدّمت تَرْجَمته فِي السلك وَنَذْكُر هُنَا بعده من ولى قَضَاء الْجَمَاعَة

(1/143)


بقرطبة إِلَى أَن انْتقل قطب الْإِمَامَة إِلَى مَدِينَة الزهراء ثمَّ نذْكر قُضَاة الْفِتْنَة حِين عَاد القطب إِلَى قرطبة وَخرجت الزهراء والزاهرة
74 - نصر بن طريف مولى عبد الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل
من كتاب ابْن عبد الْبر أَنه تربى مَعَه وتأدب بأدب الْمُلُوك وَاسْتحق عِنْده خطة الْقَضَاء لما كَانَ خير أهل زَمَنه فَكَانَ يستقضيه عَاما وَمُعَاوِيَة بن صَالح عَاما وَتُوفِّي فِي مُدَّة هِشَام أول ولَايَته
75 - مُصعب بن عمرَان
من كتاب ابْن عبد الْبر أَنه شَامي الأَصْل دخل الأندلس فِي مُدَّة عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل وَكَانَ راوية عَن الْأَوْزَاعِيّ لَا يتقلد مذهبا وَيقْضى بِمَا يرَاهُ صَوَابا وَكَانَ خيرا وسجل على أحد رجال الْأَمِير هِشَام فِي دَار أخرجه عَنْهَا فَشَكَاهُ إِلَى الْأَمِير وطمع أَن يَأْمُرهُ بحله فَقَالَ الْأَمِير وَالله لَو سجل عَليّ فِي مقعدي هَذَا لَخَرَجت عَنهُ أقره الحكم بعد أَبِيه هِشَام حَتَّى مَاتَ مُصعب
76 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن بشير الْمعَافِرِي
من كتاب ابْن عبد الْبر انه ولاه الْحَكِيم بعد وَفَاة مُصعب وَهُوَ من أهل باجة رَحل وَحج وَسمع علما كثيرا كَانَ يكْتب لأحد الوزراء

(1/144)


فَأَشَارَ بِهِ على الحكم فاستدعاه فَمر فِي طَرِيقه بعابد كَانَ لَهُ صديقا فَأخذ مَعَه فِي أمره فَقَالَ لَهُ العابد اصدقني فِي ثَلَاثَة أَسأَلك عَنْهَا كَيفَ مدح النَّاس وذمهم من قَلْبك وَكَيف حبك فِي أَن يخدمك الفتيان وتكثر بَين يَديك الألوان وَكَيف حبك للباس الْحسن وركوب الفاره فَقَالَ ابْن بشير أما مدح النَّاس وذمهم فَمَا أُبَالِي من مدحني أَو ذمني فِي الله عز وَجل وَأما أَن تخدمني الفتيان وتكثر بَين يَدي الألوان فَمَا أجد قلبِي يتوق إِلَى ذَلِك وَلَا يشتهيه وَأما الرّكُوب واللباس فَمَا أفضل على ملبسي ومركوبي شَيْئا سواهُ أبدا قَالَ فاقبل الْقَضَاء وَلَا بَأْس عَلَيْك فَلَمَّا وصل قبل الْقَضَاء على ثَلَاثَة شُرُوط نَفاذ الحكم على كل أحد وَإِذا ظهر لَهُ الْعَجز من نَفسه أعفى وَأَن يكون رزقه من الْفَيْء وَكَانَ يدْخل الْمَسْجِد وَعَلِيهِ رِدَاء معصفر وحذاء صرار ولمة مسرحة مدهونة فيخطب على الْمِنْبَر فَإِذا رام أحد من دينه شَعْرَة فالثريا أقرب إِلَيْهِ وَكَانَ لَا يجالسه أحد إِذا قعد للْقَضَاء وَلَا يكالمه وَلَا يسايره وَلَا يَخْلُو بِهِ فِي دَاره وَله طوابع من وقف عَلَيْهَا بَادر إِلَى مجْلِس الحكم وَاحْتَاجَ سعيد الْخَيْر بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل إِلَى شَهَادَة سُلْطَان الأندلس الحكم وَهُوَ ابْن أَخِيه فَردهَا القَاضِي فَركب إِلَى ابْن أَخِيه وَقَالَ الْيَوْم ذهب سلطاننا من الأندلس قاضيك الَّذِي وليته يرد شهاتك فَقَالَ القَاضِي رجل صَالح فعل مَا يجب عَلَيْهِ وَلست اعارضه
أول سجل سجل بِهِ على الْوَزير الَّذِي سعى فِي ولَايَته فَشَكَاهُ إِلَى الحكم فَقَالَ لَهُ أَنْت اخترته وَلَكِن امْضِ إِلَيْهِ فِي منزله فَإِن أوصلك إِلَى نَفسه وَخرج إِلَيْك فقد جعلت عَزله بِيَدِك فَلَمَّا اسْتَأْذن عَلَيْهِ خرج إِذن القَاضِي بِأَن يصل إِلَى مجْلِس الحكم وَرجع الْوَزير خائباً فَأرْسل لَهُ وَالله لأطلبن دمك فَكَانَ جَوَاب القَاضِي أما أَنا فلست أَقتلهُ إِلَّا بقلمي فَزَاد غِبْطَة عِنْد الحكم وَكَانَ بَقِي بن مخلد يثني عَلَيْهِ وَيَقُول لَهُ فِي قَضَاهُ حقائق لَا يقارن فِيهَا إِلَّا بِمن تقدم من صدر هَذِه الْأمة واستحقت

(1/145)


أم ولد عِنْد الحكم فألزمه ابْن بشير أَدَاء ثمنهَا إِلَى مستحقها وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَتِسْعين مائَة
77 - أَبُو الْقَاسِم الْفرج بن كنَانَة
ذكر ابْن عبد الْبر أَن الحكم استقضاه بعد وَفَاة ابْن بشير وَكَانَ خيرا فَاضلا ذَا وقار وسمت يعظم بهما فِي الْعُيُون والقلوب واستعفى الحكم فَعَزله
78 - أَبُو مَرْوَان عبيد الله بن مُوسَى
من = كتاب ابْن عبد الْبر أَن الحكم ولاه أول سنة إِحْدَى وَمِائَتَيْنِ إِلَى أَن مَاتَ سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ وَطلب الاستعفاء فَلم يعفه وَقَالَ لَهُ إِذا كَانَ الْأَمِير يجور وَالْقَاضِي يجور فَأَيْنَ يجد النَّاس الرَّاحَة توفّي سنة أَربع وَمِائَتَيْنِ
79 - أَبُو مُحَمَّد حَامِد بن يحيى
من الْكتاب الْمَذْكُور أَن الحكم ولاه بعد عبيد الله إِلَى أَن توفّي الحكم وَتُوفِّي فِي أول مُدَّة عبد الرَّحْمَن بن الحكم سنة سبع وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت فتيا قُضَاة الحكم تَدور عل زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن وَعِيسَى بن دِينَار وَيحيى بن حصن
80 - أَبُو نجيح مسرور بن مُحَمَّد
من الْكتاب الْمَذْكُور استقضاه عبد الرَّحْمَن سنة سبع وَمِائَتَيْنِ وَتُوفِّي سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَكَانَ من موَالِيه أحسن السِّيرَة وخطب فِي الاستقساء فَقَالَ يَا أَيُّوب البلوطي عزمت عَلَيْك حَيْثُ كنت لتقومن

(1/146)


فَلم يقم إِلَيْهِ إِلَّا بعد أَن أقسم عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَة وَقَالَ يَا هَذَا أشهرتني أما كنت أَدْعُو حَيْثُ أَنا ثمَّ رفع رَأسه القَاضِي فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّا نستشفع إِلَيْك بوليك هَذَا وألح بِالدُّعَاءِ وَكثر الضجيج والبكاء فَلم ينصرفوا إِلَّا وأحذيتهم فِي أَيْديهم من كَثْرَة الْمَطَر وَطلب أَيُّوب بعد ذَلِك فَلم يُوجد
81 - أَبُو عُثْمَان سعيد بن سُلَيْمَان
من الْكتاب الْمَذْكُور أَصله من فحص البلوط وَكَانَ عَم سُلَيْمَان بن أسود القَاضِي وَكَانَ صليباً مهيباً خطب بِخطْبَة وَاحِدَة طول أَيَّامه لم يبدلها وَخرج إِلَى الاسستقساء فَلَمَّا بَدَأَ خنقته الْعبْرَة فَلم يكمل الاسْتِسْقَاء وَصلى وَانْصَرف فسقى النَّاس فِي ذَلِك النَّهَار وَولى الْقَضَاء مرَّتَيْنِ لعبد الرَّحْمَن بن الحكم
82 - أَبُو بكر يحيى بن معمر
من الْكتاب الْمَذْكُور اصله من اشبيليه استقدمه عبد الرَّحْمَن وولاه الْقَضَاء وَكَانَ صَالحا وَقدم لَيْلَة عيد وَكَانَت تُوضَع للْإِمَام عنزة فِي الْمصلى فباكر أهل الدهاء وَالْحَرَكَة وَاصْطَفُّوا إِلَى العنزة ليختبروا خطبَته وينتقدوا عَلَيْهِ فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم عرف بهيئاتهم أَنهم بِالصّفةِ الَّتِي كَانُوا بهَا فَقَالَ للقومة إِنِّي أرى النَّاس قد تزاحموا مقدموا هَذِه العنزة ليتسعوا فقدموها وطاش أوساط النَّاس احداثهم يتقدمون كباً وجرياً مَعَ العنزة وتثاقل أُولَئِكَ عَن الخفوف فَصَارَ حول القَاضِي من لَا مئونة عَلَيْهِ مِنْهُم

(1/147)


وَخَالف شَيْخي الْفُقَهَاء يحيى وَبعد الْملك فانقبضا عَنهُ فعزل فِي آخر سنة تسع وَمِائَتَيْنِ فَركب بغلته وَجعل خرجه تَحْتَهُ وَانْصَرف وَقَالَ لمن صَحبه يَا أهل قرطبة كَمَا جئناكم كَذَلِك ننصرف عَنْكُم
83 - أَبُو عقبَة الأسوار بن عقبَة
من الْكتاب الْمَذْكُور أَنه لما عزل ابْن معمر أَشَارَ يحيى بن يحيى على الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بِهِ وَكَانَ صَالحا فَاضلا عَاقِلا مسمتاً حسن الحكم وَتُوفِّي وَهُوَ قَاض سنة ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ
84 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس الْأمَوِي
من الْكتاب الْمَذْكُور أَنه جد بني أبي صَفْوَان وَكَانَ عَاقِلا فَاضلا مسمتاً وَكَانَ عبد الرَّحْمَن قد عزم على أَن يُولى الْقَضَاء بعد الأسوار رَأس الْفُقَهَاء يحيى بن يحيى فَامْتنعَ وَقَالَ لَهُ أشر عَليّ بِمن أوليه فَأَشَارَ عَلَيْهِ بإبراهيم فَأحْسن الحكم إِلَّا أَنه صَار طَوْعًا ليحيى فَرفع رَافع لعبد الرَّحْمَن أَن يحيى قد ملك الأندلس وَقد مكنه الْأَمِير وَالنَّاس لَهُ طوع وَهُوَ عَامل على أَخذ الْبيعَة لهَذَا الْقرشِي القَاضِي وَأَن يخلع الْأَمِير أبقاه الله فَلْينْظر لنَفسِهِ فَبعث فِي عبد الْملك بن حبيب مُنَاقض يحيى فَأخْرج لَهُ البطاقة واستنصحه فَقَالَ أصلح الله الْأَمِير قد علمت مَا بيني وَبَين يحيى وَلَيْسَ ذَلِك بحملي على أَن أَقُول غير الْحق لَا يَأْتِيك من يحيى فِي هَذَا إِلَّا مَا يَأْتِيك مني وَلَكِن أَقُول لَا يُشْرك الْأَمِير فِي حكمه من يشركهُ فِي نسبه فَفطن الْأَمِير وعزل إِبْرَاهِيم آخر سنة ثَلَاث عشرَة

(1/148)


وَمِائَتَيْنِ وَكَانَت فِيهَا الْقَضَاء فِي مُدَّة عبد الرَّحْمَن تَدور على عِيسَى بن دِينَار وَيحيى وَعبد الْملك وَكلهمْ مَاتَ فِي مدَّته إِلَّا عبد الْملك فَإِنَّهُ أدْرك فِي مُدَّة مُحَمَّد سِتَّة شهور
85 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعيد الإلبيري
من الْكتاب الْمَذْكُور أَشَارَ بِهِ يحيى فولاه عبد الرَّحْمَن بعد إِبْرَاهِيم وَكَانَ من إلبيرة وَكَانَ يحيى قد عرفه مِنْهَا أَيَّام اختلافه بِالتِّجَارَة إِلَيْهَا وَكَانَ حسن السمت جميل الْمَذْهَب فِي قَضَائِهِ وَكَانَ إِذا اخْتلف عَلَيْهِ الْفُقَهَاء لم يُؤثر على قَول يحيى فَلم يزل قَاضِيا إِلَى سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ فتشاور فِي قَضِيَّة فتوقف فِيهَا عَن قَول يحيى وَغَيره ثمَّ شاوره فِي قَضِيَّة ثَانِيَة فَقَالَ لرَسُوله مَا أفك لَهُ كتابا لِأَنِّي قد أَشرت عَلَيْهِ فِي قَضِيَّة فلَان فَلم ينفذ الْقَضَاء فَركب من حِينه إِلَى يحيى وَاعْتذر لَهُ ووعد أَنه ينفذ الْقَضَاء من يَوْمه فَقَالَ يَا هَذَا إِنَّمَا ظَنَنْت إِذْ خالفني أَصْحَابِي أَنَّك توقفت مستخيراً الله عز وَجل متخيراً فِي الْقَضَاء فَأَما إِذْ تقضى بِرِضا مَخْلُوق فارفع تستغفى وَإِلَّا رفعت فِي عزلك فَرفع فعزل
86 - يخَامر بن عُثْمَان
من الْكتاب الْمَذْكُور ولاه عبد الرَّحْمَن سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ وَأَصله من جيان وَكَانَ خيرا فَاضلا غير أَنه كَانَ فِيهِ جفَاء لما قعد يحكم وَنظر

(1/149)


إِلَى عظم يحيى بن يحيى وغلبته على قُلُوب النَّاس كتب إِلَى عبد الرَّحْمَن إِنِّي قدمت قرطبة فَوجدت لَهَا أميرين أَمِير الأخيار وأمير الأشرار فَأَما أَمِير الأخيار فيحيى بن يحيى وَأما أَمِير الأشرار فَأَنت فاستجفاه وعزله وَأعَاد على الْقَضَاء سعيد بن سُلَيْمَان فَمَاتَ فِي سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ
87 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي بكر
من الْكتاب الْمَذْكُور استقضاه عبد الرَّحْمَن بعد وَفَاة سعيد بِإِشَارَة يحيى وقلما كَانَ يُولى عبد الرَّحْمَن قَاضِيا إِلَّا بإشارته فَلذَلِك كَثُرُوا فِي أَيَّامه إِذْ كَانَ يُشِير عَلَيْهِ بِالْقَاضِي فَإِذا أنكر مِنْهُ شَيْئا قَالَ للْقَاضِي استعف وَإِلَّا رفعت فِي عزلك وَكَانَ حسن السمت مُسْتَقِيم الْحَال إِلَى أَن توفّي سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
88 - أَبُو عبد الله بن عُثْمَان أَخُو يخَامر الْمُتَقَدّم
من الْكتاب الْمَذْكُور كَانَ عابداً ولاه عبد الرَّحْمَن بعد وَفَاة عَليّ ابْن أبي بكر وَقيل إِنَّه كَانَ من الأبدال مجاب الدعْوَة وَمَات سنة أَربع وَثَلَاثِينَ
89 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن زِيَاد
من الْكتاب الْمَذْكُور هُوَ جد بني زِيَاد وَكَانَ عَاقِلا راوية عَن يحيى وَلكنه لم يكن حَافِظًا وأبقاه الْأَمِير مُحَمَّد على الْقَضَاء حَتَّى توفّي ابْن زِيَاد وَكَانَ اديبا

(1/150)


90 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن زِيَاد أَخُو مُحَمَّد
من الْكتاب الْمَذْكُور ولاه مُحَمَّد بعد وَفَاة أَخِيه وَكَانَ فَاضلا خيرا يُقَال إِنَّه مجاب الدعْوَة وَخرج يَسْتَسْقِي وَأمر من حمل مَعَه غطاء فَعجب النَّاس فَلم ينْصَرف إِلَّا والغيث نَازل وَلكنه كَانَ فِيهِ جفَاء وحرج صدر وَكَانَ سُلَيْمَان ابْن أسود يكْتب عَنهُ وبلغه أَن الْأَمِير مُحَمَّدًا ذكره للْقَضَاء بعده فاستبطأ سُلَيْمَان الخطة فَأَتَاهُ من بَاب النَّصِيحَة وَقَالَ لَهُ لَو كتبت إِلَى الْأَمِير تستعفيه وتذكر شيخك وضعفك كَانَ أشرف لَك عِنْده وصرت أعظم فِي قلبه فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ عني بِمَا رَأَيْت فَكتب بذلك فَلَمَّا وصل الْكتاب إِلَى الْأَمِير اغتنم ذَلِك وأعفاه من يَوْمه
91 - أَبُو أَيُّوب سُلَيْمَان بن أسود
من الْكتاب الْمَذْكُور أَن الامير مُحَمَّدًا اشتقضاه بعد استعفاء أَحْمد بن زِيَاد وَكَانَ صَالحا صليباً متقشفاً وَكَانَ سَبَب عظمه فِي قلب مُحَمَّد أَن الْأَمِير عبد الرَّحْمَن كَانَ قد استقضاه بماردة وَمُحَمّد أميرها قبل سلطنته فَقدم تَاجر يَهُودِيّ برقيق من جليقية وَكَانَ فِيهِنَّ جَارِيَة رائعة الْجمال تشطط الْيَهُودِيّ فِي ثمنهَا على الْأَمِير مُحَمَّد فَأَمْسكهَا عَنهُ فَرفع ذَلِك إِلَى سُلَيْمَان فآل الْأَمر إِلَى أَن أنكرها وَركب القَاضِي إِلَى قرطبة لِأَبِيهِ فَحِينَئِذٍ ردهَا على الْيَهُودِيّ فَقَالَ القَاضِي لِلْيَهُودِيِّ قد بلغتك مَا طلبته وَأرى أَن تصير الْجَارِيَة إِلَى الْأَمِير بِمَا أحبه من الثّمن فَفعل ذَلِك ووجها الامير

(1/151)


وَقَالَ هَذَا أشبه بالأمير وأليق فَعظم فِي عينه من ذَلِك الْحِين وَلم يزل قاضيه إِلَى أَن مَاتَ إِلَّا سنتَيْن عَزله فِيهَا لسَبَب ثمَّ رده وجاءه رجل بوثيقة فِيهَا شهد الْوَزير هَاشم بن عبد الْعَزِيز فَقَالَ لَهُ لَا بُد من أَن يأتيني هَاشم يشْهد عِنْدِي فَمضى الرجل إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ لست من أهل الشَّهَادَات فَقَالَ يَا سَيِّدي اتَّقِ الله فِي فبك تتمّ حَاجَتي وَالْقَاضِي دَعَاني إِلَيْك فَلَمَّا سمع هَاشم ذَلِك طمع أَن يسجل القَاضِي بِشَهَادَتِهِ فَيكون ذَلِك فخراً بَاقِيا لَهُ فَركب هَاشم إِلَى مَجْلِسه وَشهد عِنْده وَمضى وَكَانَ مَعَ شَهَادَته شَهَادَة عدل فَقَالَ القَاضِي للرجل زِدْنِي شَهَادَة عدل ثَان فَظهر أَن القَاضِي كَاد هاشماً وَبلغ ذَلِك مُحَمَّدًا فنقص بِهِ عقله لجَوَاز كيد القَاضِي عَلَيْهِ
وطالبت أيدون الحظى عِنْد الْأَمِير مُحَمَّد امْرَأَة فِي دَار فَأَعْطَاهَا طابعه فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ اعتذر بِأَنَّهُ مَشْغُول بعض أشغال الْأَمِير فَبَيْنَمَا هُوَ مقبل إِلَى الْقصر إِذْ ضرب على عنانه رَسُول القَاضِي وَصَرفه عَن موكبه فَأدْخلهُ عَلَيْهِ فِي الْجَامِع فَقَالَ لَهُ عصيت طابعي فَقَالَ لم أعص فَقَالَ وَحقّ هَذَا الْبَيْت لَو ثَبت عِنْدِي عصيانك لأمرت بك إِلَى الْحَبْس وَلما رأى صعوبة مقَامه أَعْطَاهَا مَا ادَّعَت وَدخل على الْأَمِير باكياً شاكياً فَقَالَ يَا أيدون سلنا حوائجك كلهَا مَا خلا مُعَارضَة قضاتنا واللقاضي أعلم بِمَا فعل
92 - أَبُو عبد الله عَمْرو بن عبد الله
من الْكتاب الْمَذْكُور أَن الْأَمِير مُحَمَّدًا أَرَادَ شِرَاء دَار من أَيْتَام لبَعض كرائمه فشطط القَاضِي سُلَيْمَان فِي ثمنهَا وَلم يساعد الْأَمِير وَلَا وزيره هَاشم

(1/152)


ابْن عبد الْعَزِيز فَأَشَارَ هَاشم بِأَن يعزله ويستقضي عمرا حَتَّى يُمكنهُ من الدَّار الْمَذْكُورَة بِمَا يحب فَكَانَ ذَلِك ثمَّ رد سُلَيْمَان إِلَى الْقَضَاء بعد سنتَيْن وَكَانَ عَمْرو عَاقِلا وقوراً وَكَانَ أَبوهُ قد روى عَن الْمَدَنِيين فَكَانَ يَقُول وجدت فِي كتاب أبي كَذَا وَكَانَ يتولك فِي فتياه على مُحَمَّد بن وضاح
93 - أَبُو مُعَاوِيَة عَامر بن مُعَاوِيَة
من الْكتاب الْمَذْكُور أَصله من ريه أَشَارَ بِهِ على الْمُنْذر بَقِي بن مخلد فولاه وَكَانَ صَالحا وروى علما كثيرا عَن ابْن بكير وَأصبغ وَغَيرهمَا فِي الْمشرق وَعَن عبد الْملك بن حبيب وَكَانَ مدَار فتياه على بَقِي بن مخلد وَلما ولى عبد الله عَزله
94 - أَبُو مُحَمَّد النَّضر بن سَلمَة
من الْكتاب الْمَذْكُور ولاه الْأَمِير عبد الله بعد ابْن مُعَاوِيَة وَكَانَ عَاقِلا مقتدياً بِمن قبله من الْقُضَاة ومدار فتياه على بَقِي وعبدي الله بن يحيى وَحَال فِي ولَايَته الثَّانِيَة وَولي الوزارة بعد عَزله عَن الْقَضَاء فِي دولته الثَّانِيَة فَدخل فِي مطالبات آلت بِهِ إِلَى أَن مَاتَ خاملاً وَقد أقعده النقرس أَدْرَكته على ذَلِك وَلما احْتَاجَ عبد الله إِلَى المَال الْمُودع للْوَرَثَة فِي الْجَامِع لحَال الْفِتْنَة منع مِنْهُ فَعَزله لما رفع إِلَيْهِ مُوسَى بن زِيَاد إِن ولاني الْأَمِير أَتَبرأ بِهِ إِلَيْهِ فولاه

(1/153)


95 - أَبُو الْقَاسِم مُوسَى بن زِيَاد
من كتاب ابْن عبد الْبر ولى الْقَضَاء كَمَا تقدم فَكَانَ أول من أفسد هَذِه الخطة وَكَانَ بَاطِنه غير ظَاهره وَكَانَ أسلم بن عبد الْعَزِيز صديقه وَوَصفه بأَشْيَاء قبيحة وَكَانَ مدَار فتواه على مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَلما صَحَّ عِنْد الْأَمِير أمره عَزله وَلكنه جعله فِي الوزراء
96 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن سَلمَة
من الْكتاب الْمَذْكُور استقضاه عبد الله بعد مُوسَى وَكَانَ خيرا زاهداً غير أَنه كَانَ من الْجَهْل فِي غَايَة قَالَ يَوْمًا لِصُهَيْب بن منيع أَي شهر قبل رَجَب أَو شعْبَان فَقَالَ رَجَب ثمَّ شعْبَان فَقَالَ انْظُر مَاذَا تَقول فَإِنِّي على أَن أكتب بطاقة إِلَى الْأَمِير فَلَا تنشبني إِلَّا فِي صَحِيح وَحكي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَول فِي شَيْء فَقَالَ من أَيْن قَالَ هَذَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأَشَارَ إِلَيْهِ مُحَمَّد بن غَالب أَن احذر السَّيْف وَكَانَ وَلَده أَبُو الجودي يُشِير إِلَى الْفِقْه بِلَا علم فاعتل مُحَمَّد فِي بعض الْجمع فصلى ابْنه عوضه بِأَمْر الْأَمِير فشق على آل السُّلْطَان ذَلِك لصلابة أَبِيه فدسوا مَعَ رقع البطائق على أبي الجودي بِكُل قبيحة فَقَالَ لَا ألتفت إِلَى ذَلِك حَتَّى أمتحن حَقِيقَته بِمُحَمد بن وليد الْفَقِيه وَكَانَ عِنْده فِي أَعلَى الْمنَازل بخديعة وذكل أَنه كَانَ يَأْخُذ حزمة حطب فيجعلها على عُنُقه ويتلقاه فِي محجته من نَاحيَة الْجَبَل إِذا خرج للصَّيْد كَأَنَّهُ مقبل بحطب على ظَهره يعِيش مَه فَإِذا مر بِهِ وضع الحزمة وَأَقْبل يسلم عَلَيْهِ فَيَقُول الامير

(1/154)


هَذَا فَقِيه فَاضل حَقًا مَا لَهُ قريرن فَقَامَتْ لَهُ بِهَذَا عِنْده سوق فَبعث لَهُ الْحَاجِب ابْن حدير السَّلِيم وَكَانَ يكره القَاضِي فِي شَأْن وَلَده فَقَالَ لَهُ كفيتك فَلَمَّا احضره الامير اخذ مَعَه فِي ذَلِك قَالَ إِنِّي أكْرم الله الْأَمِير لَيست بيني وَبَين ولد القَاضِي خلْطَة وَلَا أعرفهُ غير أَنِّي رَأَيْت النَّاس بعد صَلَاة الْجُمُعَة يعيدون الصَّلَاة فَسَأَلت عَن ذَلِك فَقَالُوا لما اعتل القَاضِي تقدم بِالنَّاسِ ابْنه فَلم يرضوه فَأَعَادَ أَكثر النَّاس الصَّلَاة فَلَمَّا سمع الْأَمِير هَذَا قَالَ لَا يُعِيد النَّاس الصَّلَاة إِلَّا من أَمر عرفوه مِنْهُ لَا يُصَلِّي بعد هَذَا
98 - أَبُو الْقَاسِم أَحْمد بن مُحَمَّد بن زِيَاد اللَّخْمِيّ
من كتاب ابْن عبد الْبر كَانَ عَرَبيا شريفاً وشيخاً وسيماً جميلاً ذَا هَيْئَة حَسَنَة غير أَنه أهان خطة الْقَضَاء وتبذل فِيهَا بالركوب إِلَى السُّلْطَان وَالدُّخُول فِيمَا لَا يَسعهُ من أُمُورهم وَكَانَ ممولاً كثير الصَّدقَات سخياً بإطعام الطَّعَام وَكَانَ يصننع الصَّنَائِع الْعَظِيمَة ويحضرها شُيُوخ زَمَانه من الْفُقَهَاء والعدول وَلم يزل قَاضِيا وَصَاحب صَلَاة حَتَّى توفّي الْأَمِير عبد الله وَأقرهُ النَّاصِر شهوراً ثمَّ عَزله وَولى أسلم بن عبد الْعَزِيز ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى أَن مَاتَ فَعَاد أسلم وان اعْتِمَاده فِي الشورى على مُحَمَّد بن عمر بن لبَابَة وَابْن وليد وَعبيد الله بن يحيى
قُضَاة الْفِتْنَة
98 - أَبُو بكر يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن وَافد
من كتاب ابْن حَيَّان فِي الْقُضَاة استقصاه وولاه الصَّلَاة هِشَام المويد آخر أَئِمَّة الْجَمَاعَة إِثْر سخطه على أَحْمد بن ذكْوَان ونفيه لَهُ وَقت اشتعال

(1/155)


الْفِتْنَة البربرية وَكَانَ يَقُول انه من الْعَريش من الشَّام من لخم وَجَرت لَهُ خطوب طَوِيلَة مَعَ مُحَمَّد بن أبي عَامر كَانَت سَبَب نزوع نفس هِشَام وَإِلَيْهِ وتوليته بعد ابْن ذكْوَان فَنعم الْعِوَض أصَاب فِيهِ فقد كَانَ فَقِيها عَالما حَافِظًا عادلاً حاذقاً خيرا فَاضلا نزهاً من أَعْلَام الشورى بقرطبة المبرزين فِي الْعلم والرئاسة لم يزل يُؤذن لَهُ فِي مَسْجده المجاور لداره قبل ولَايَته وفيهَا
وَله رحْلَة إِلَى الْمشرق حج فِيهَا وَلَقي الْعلمَاء وتحكك وَمِمَّنْ لقى أَبُو مُحَمَّد بن أبي زيد فَقِيه الْمغرب بالقيروان وَلم يزل يصل سَببه إِلَى أَن مَاتَ ابْن أبي زيد إِلَّا أَنه أخل بِهِ فِي ولَايَته حب السُّلْطَان ولجاجه فِي دفع صلح البرابرة وَقد أهلكوا النَّاس وَخَالف عبد الرَّحْمَن بن منيوه مولى ابْن أبي عَامر مُدبر أَمر هِشَام ف يذلك فَكَانَ سَبَب صرفه يَوْم الْأَرْبَعَاء لتسْع خلون من ذَوي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة فالتزم منزله إِلَى أَن خرج ابْن منيوه عَن قرطبة ودبر الْأَمر الموَالِي العامريون فَأَعَادَ هِشَام ابْن وَافد يَوْم الْخَمِيس لثمان بَقينَ من رَجَب سة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة إِلَى الْقَضَاء وَالصَّلَاة بعد تكره مِنْهُ واشتداد من هِشَام وَلما غلب المستعين بالبرابرة على هِشَام وَأهْلك الْمصر وقلب الدولة استخفى ابْن وَافد فَوَقع الطّلب الحثيث عَلَيْهِ لما اسلفه من عَدَاوَة البرابرة فظفروا بِهِ صَبِيحَة يَوْم الْخَمِيس لخمس بَقينَ من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ارْبَعْ واربعمائة فعنفوا بِهِ وجرروه وتوله على وَجهه إِلَى بَاب الْقصر رَاجِلا حافياً مَكْشُوف الرَّأْس بَادِي الصلعة مَا عَلَيْهِ إِلَّا قَمِيصه وَفِي رقبته عمَامَته يقتادونه بهَا مخترقين بِهِ الشوارع إِلَى بَاب الْقصر وَالنَّاس تتقطع قُلُوبهم وَلَا يغنون عَنهُ والبربر ينادون عَلَيْهِ هَذَا جَزَاء قَاضِي النَّصَارَى مسبب الْفِتْنَة ومعطي الْمُشْركين حصون الْمُسلمين على ذَلِك رشوة وَهُوَ لَا يتْرك الرَّد عَلَيْهِم والتكذيب لَهُم فَمَا رثى أجلد مِنْهُ على محنته وَأدْخل على المستعين فأفحش فِي سبه وَتقدم فِي صلبه فَنظر فِي ذَلِك وزيره

(1/156)


وَصَاحب مدينته مُوسَى بن هَارُون بن حدير وَكَانَ اشد النَّاس عيه فأحضر آلَة الصلب والبربر ينتظرون مشاهدته وترادفت الشفافات فِيهِ فاستحياه وَأمر بسجنه فِي دَاخل قصره وَامْتنع من أكل طَعَامه إِلَى أَن تحيلت مولاة لَهُ فِي إِيصَال قوت ترمق بِهِ واشتدت بِهِ الْعلَّة إِلَى أَن انْكَشَفَ للنَّاس مَوته غَدَاة يَوْم الْأَحَد لأَرْبَع عشرَة خلت من ذِي الْقعدَة سنة أَربع وَأَرْبَعمِائَة بِإِخْرَاجِهِ إِلَى أسطوان الميضأة على بَاب الْجَامِع ملقى موتى المحاويج والغرباء موعظة لمن يبصره فتكلفل بِهِ بعض الْعَامَّة وَأحد الزهاد وَلم يصل عَلَيْهِ أحد من الْمَشَاهِير خوفًا من السُّلْطَان والعيون
99 - أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن أبي الْمطرف
من كتاب ابْن حَيَّان أَنه استقضى دون الصَّلَاة مَا بَين دَوْلَتِي ابْن وَافد الْمَذْكُور وَأَصله من باغة من بَيت ذِي جاه وَمَال وَكَانَ الْأَغْلَب عَلَيْهِ الْأَدَب وَالرِّوَايَة وَكَانَ قَلِيل الْفِقْه أكره على الْقَضَاء فَلم يزل يحسن السِّيرَة ويواصل الاستعفاء إِلَى أَن خرج عبد الرَّحْمَن بن منيوه عَن قرطبة فَعَزله هِشَام وَأعَاد ابْن وَافد كَمَا تقدم
قَالَ وَلم تعلق بِهِ لأئمة وعاش فِيمَا بعد مُقبلا على النّسك إِلَى أَن توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ لِلنِّصْفِ من صفر سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة بقرطبة ومولده صدر سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة وَذكر ابْن مفرج فِي تَارِيخه أَنه كَانَ لَهُ رحْلَة حج فِيهَا وروى وَجهد المستعين بِأبي الْعَبَّاس بن ذكْوَان فِي ولَايَة الْقَضَاء فَامْتنعَ فَقَسمهُ بَين يُونُس بن الصفار وَمُحَمّد بن خرز من أَعْيَان زناته إِلَى أَن جَاءَت دولة ابْن حمود

(1/157)


100 - أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن بن بشر الْمَعْرُوف بِابْن الْحصار
من كتاب ابْن الْحَيَّانِ أَن اباه كَانَ حصارا وَبَنُو فطيس يدعوان ولاءه وَكَانَ يَبْدُو عَلَيْهِ مَذْهَب الشعوبية فِي دفع الْفَخر بالأنساب وَيَتْلُو {إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم} وَلم يقبل الْقَضَاء حَتَّى نَاوَلَهُ عَهده بِيَدِهِ على بن حمود وَأقسم عَلَيْهِ وان عينه لتدمع وَكَانَ ماهرا بالحكومة لايعدله أحد من أهل زَمَانه فِي التوثيق واستنباط النَّوَازِل مَعَ حلاوة اللَّفْظ وَحسن الْخط يشف على الْفُقَهَاء بذلك مَعَ مساواته اياهم فِيهَا يحذقونه من الْفَتْوَى ويحفظونه من الْمسَائِل والكتب لَهُ فِي ذَلِك الْقدَم الثابته إِلَى مَا رزقه من ذكاء وجمال الْهَيْئَة وَتَمام الْآلَة والنزوع فِي أَبْوَاب من المعارف كَثِيره يجمل بهَا محاضراته
من رجل لئيم الخئولة شعوبي الرَّأْي هادماً الشّرف بِالْكُلِّيَّةِ ذِي عجرفة يزرى بِهِ التَّعْرِيض وَيُحب المماتنة الجالبة للعداوة أضاع قَضَاء الْفَرِيضَة وزهد فِي الرحلة على الصِّحَّة والثروة وَبِه اختتم كملة الْقَضَاء بالأندلس على علاته وَلم يزل بَنو حمود يقدمونه للْقَضَاء وَاحِدًا بعد وَاحِد واشتهر بالهوا فيهم وتناولته السعايات فَعَزله هِشَام المعتد المرواني وَهُوَ بالثغر قبل أَن يصل إِلَى قرطبة فَتَأَخر يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة بقيت من ذِي الْحجَّة سنة تسع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فَكَانَت مدَّته اثنى عشرَة سنه تسع وَعشرَة واربعمائة فَكَانَت مدَّته اثنى عشرَة سنة وَعشرَة أشهر وَأَرْبَعَة أَيَّام وَلم يزل خاملاً خَائفًا إِلَى أَن دفن بمقبرة الْعَبَّاس بعد صَلَاة الْعَصْر من يَوْم السبت لِلنِّصْفِ من شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة فَشهد الْخَلِيفَة هِشَام كالشامت بِهِ وَكَانَ الْجمع فِي جنَازَته كثيرا

(1/158)