المغرب في حلى المغرب

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الطليطلية وَهُوَ كتاب الغرارة فِي حلي مَدِينَة وَادي الْحِجَارَة التَّاج
السلك
من زِينَة وَادي الْحِجَارَة من كتاب الْيَاقُوت فِي حلي ذَوي الْبيُوت
342 - أَبُو مُحَمَّد الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن مسْعدَة الأوسي
كَانَ سكناهُ بغرناطة وبيته عَظِيم بوادي الْحِجَارَة وساد بِنَفسِهِ وَكَانَ متفنناً فِي الْعُلُوم وَقَالَ فِيهِ ابْن دحْيَة صَاحب لِوَاء الْعَرَبيَّة وَذُو الْأَنْسَاب السّريَّة وَتُوفِّي بمالقة خمس وَسبعين وَخَمْسمِائة وَمن شعره قَوْله

(2/26)


.. حَنَانَيْكَ مَدْعُوَّاً ولَبَّيْكَ دَاعيا ... فكلٌّ بِما ترضاهُ أصبح رَاضِيا
طلعت على أرجائنا بعد فَتْرَة ... وَقد بَلَغَتْ مِنَّا النُّفُوسُ التَّراقِيا
وقَدْ مُطِلَتْ مِنَّا دُيُون لَدَى العدا ... وَمن سَيْفِكَ السفَّاحِ نَبْغِي التَّقَاضِيَا ...

343 - أَحْمد بن عائش
ذكر الحجاري أَنه من أَعْيَان وَادي الْحِجَارَة الَّذين تحلوا بالأدب وَوَصفه بالجود والارتياح إِلَى سَماع الأمداح وَكَانَ فِي زمَان الْمَأْمُون بن ذى النُّون ملك طليطلة وَمن شعره قَوْله ... قِفُوا إِنَّها سُنَّةُ العاشقينا ... لِنَشْكُوَ للرَّبْع مَا قَدْ لَقِينَا
وَلَا تُنْكِرُوا بَعْدَهُمْ وَقْفَةً ... تُفَجِّرُ فِي العَيْنِ عَيْناً مَعِينَا
أَقِلُّوا فكمْ ذَا تَلُومُونَنَا ... سَلِمْتُمْ ولَكِنَّنَا قَدْ بُلِينا
بَلَغْنَا بأَنفُسِنَا فِي الْهوى ... لمَا لَيْسَ يبْلُغُ الأَعداءُ فِينَا
وكَمْ ذَا نُنَادِيهُمُ فِي الدُّجَى ... رَجَاءَ التفاتٍ فَمَا يَسْمَعُونا ...

344 - أَبُو عَليّ الْحسن بن عَليّ بن شُعَيْب
من بَيت جليل فِي وَادي الْحِجَارَة أثنى عَلَيْهِ الحجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَجِرْني مِنْ ضَعْفِ اللِّحَاظِ وَخَلِّنِي ... وشدَّةَ بيضِ الهِنْدِ فِي مَعْرَكِ الحَرْبِ
فَمَا عَبِثَتْ بِي غيرُ كَرَّةِ لَحْظِهِ ... أُعِدُّ لَهَا دِرْعِي فتنفُذُ فِي قلبِي ...

(2/27)


وَقَوله ... اتْركُيني حتَّى أُقَبِّلَ ثَغْراً ... لَذَّ فيهِ اللَّمَى وطابَ الرُّضَابُ
وعجيبٌ أَنْ تَهْجُريني ظُلْماً ... وشفيعي إِلَى صِبَاكِ الشَّبَابُ ...

345 - أَخُوهُ أَبُو حَامِد الْحُسَيْن بن عَليّ بن شُعَيْب
أثنى عَلَيْهِ صَاحب المسهب وَوَصفه بالأدب والفروسية وَمن شعره قَوْله ... أَحِبَّةَ قَلْبي يعلمُ الله أَنَّني ... أَبَيْتُ على رَغْمِ النُّجومِ مُوَكَّلا
وقَدْ نالَ عَزْمِي كل شئ أَرُومُهُ ... وَأَمَّا مَرامُ الصبرِ عَنْ قُرْبِكُمْ فَلا
وعبتم بِأَنِّي قد تسليت بعدكم ... وَعند التلاقي سَوْفَ يَظْهَرُ مَنْ سَلا
فذي كَبِدِي مِنْ بَعْدِكُمْ قَدْ تَصَدَّعَتْ ... وَجَفْنِيَ أَضْحَى بالدُّمُوعِ مبللا ...

وَقَوله وَقد كبابه فرسه فَحصل فِي أسر الْعَدو ... وكنتُ أُعِدُّ طِرْفي للرَّزَايا ... يُخَلِّصُنِي إِذا جَعَلَتْ تَحُومُ
فأَصْبَحَ للعِدَا عَوْناً لأَنِّي ... أَطَلْتُ عَنَاءَهُ فأَنَا الظَّلُومُ ...

346 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أزراق
ذكره صَاحب المسهب وَأثْنى على بَيته وذاته وَكَانَ مستوطناً مَدِينَة وَادي آش من عمل غرناطة قَالَ وَله شعرٌ حسنٌ ألذ عِنْد إنشاده من غفوة الوسن فَمن ذَلِك قَوْله

(2/28)


.. هَلْ عَلِمَ الطَّائِرُ فِي أَيْكِهِ ... بأَنَّ قلبِي للحمى طَائِر
ذَكرنِي عهد الصِّبَا ... وكلُّ صَبٍّ للصِّبا ذاكِرُ
سَقَى عُهُوداً لَهُمُ بالحِمَى ... دَمْعاً لَهُ ذِكْرُهُمُ نَاثِرُ ...

وَوجدت فِي تَقْيِيد سلفى قَالَ عبد الْملك بن سعيد أَنْشدني أَبُو بكر ابْن أزراق لنَفسِهِ ... يَا راحلا نَحْو الْعَلَاء ... أَقِمْ لَعَلَّكَ تَستَرِيحْ 5 ... فالغيثُ قَدْ يُسْقَى بِهِ ... مَنْ لَيْسِ مُرْتَاداً طَليحْ
كَمْ ذَا تَهُبُّ على الْبِلَاد ... كمَا هَفَتْ نَكْبَاءُ ريحْ ...

347 - أَبُو جَعْفَر بن أزراق
وجدت فِي تَقْيِيد سلفي أَنه من بني أزراق أَعْيَان وَادي الْحِجَارَة فِي الْمِائَة السَّادِسَة وَمن شعره قَوْله ... أَرَاكَ مَلَكْتَ الخَافِقَيْنِ مَهَابةً ... لهَا مَا تَلِجُّ الشُّهْبُ فِي الخَفَقَانِ
وتُغْضِي العُيونُ عَنْ سَناكَ كأَنَّها ... تُقابلُ مِنْكَ الشَّمْسَ فِي اللَّمَعَانِ
وتَصْفَرُّ أَلْوَانُ العُداةِ كأَنَّما ... رُمُوا مِنْكَ طُولَ الدَّهْرِ باليَرَقَانِ ...

(2/29)


وَمن كتاب الوزراء
348 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن حصن
ذكر الحجاري أَنه من أَعْيَان الوزراء وأعلام الْكتاب وَالشعرَاء هجا الْمَأْمُون بن ذى النُّون بقوله ... سُطُورُ المخازي دُونَ أَبْوَابِ قَصْرِهِ ... بِحجَّابِهِ للقَاصِدِينَ مُعَنْوَنَهْ ...
فَلَمَّا تمكن مِنْهُ الْمَأْمُون سجنه فَكتب إِلَى ابْن هود من أَبْيَات ... أَبَا راكبَ الوَجْناءِ بَلِّغْ تحيَّةً ... أَميرَ جُذَامٍ مِنْ أَسِير مُقَيّد
غَرِيب عَن الأهلين وَالدَّار والعلى ... فريد وكَمْ أَبْصَرَتْهُ غَيْرَ مُفْرَدِ
تَلُوذُ بِهِ الأَعْلامُ تَحْتَ رِكابِهِ ... وتلثمُ مِنْهُ فِي الرِّكَابِ وَفِي اليَدِ ...

فرق لَهُ وسعى فِي تخليصه

(2/30)


وَمن كتاب الْكتاب
أَبُو بكر مُحَمَّد بن قَاسم أشكهباط
من المسهب أَصله من وَادي الْحِجَارَة وَنَشَأ بقرطبة وساد فِيهَا وجارى حلبة الْأَعْيَان وَالْكتاب فِي تِلْكَ الْفِتْنَة الَّتِي قلبت أسافلها أعاليها وَأَطْنَبَ فِي ذمه وَأورد لَهُ من النثر مَا عنوانه أستوهِبُ اللهَ الَّذِي تقدست أسماؤه وعمت آلاوه وأسألُهُ أنْ يَتَفَضَّلَ بمطالَعَةِ أخيهِ بحَالِهِ وكَيْفَ أمْرُهُ فِي أشْغَالِهِ
وَمن شعره قَوْله وَقد اجتاز بحلب ... أَيْنَ أَقْصَى الغَرْبِ مِنْ أَرْضِ حَلَبْ ... أَمَلٌ فِي الغَرْبِ مَوْصُولُ التَّعَبْ
حَنَّ مِنْ شَوْقٍ إِلَى أَوْطَانِهِ ... مَنْ جَفَاهُ صَبْرُهُ لمَّا اغْتَرَبْ
جالَ فِي الأَرْضِ لَجاجاً حَائِراً ... بَيْنَ شَوْقٍ وعَنَاءٍ ونَصَبْ ...
وَمِنْهَا ... يَا أَحبَّائي اسْمَعُوا بَعْضَ الَّذِي ... يَتَلَقَّاهُ الطَّرِيدُ المُغْتَرِبْ
ولْيَكُنْ زَجْراً لَكُمْ عَنْ غُرْبَةٍ ... يَرْجَعُ الرَّأْسُ لَدَيْهَا كالذنب
واصوا طَعْناً وضَرْباً دَائِمَاً ... هُوَ عِندي بَيْنَ قَوْمِي كالضرب ...

(2/31)


.. وَلَئِن قاسيت مَا قاسيته ... فِيمَا أَبْصَرَ لَحْظِي مِنْ عَجَبْ ...

وَأحسن شعره قَوْله فِي ملك ... وكَمْ قَدْ لَقِيْتُ الجَّهْدَ قَبْلَ مُجَاهِدٍ ... وكَمْ أَبْصَرَتْ عَيْني وكَمْ سَمِعَتْ أُذْني
ولاقيت من دهري صروف خطوبة ... كَمَا جَرَتِ النَّكْبَاءُ فِي مَعْطِفِ الغُصْنِ
فَلَا تَسْأَلوني عَنْ فِراقِ جَهَنَّمٍ ... ولَكِنْ سَلوني عَنْ دُخُولِي إِلى عَدْنِ ...

350 - رَاشد بن عريف
ذكر الحجاري أَنه من أَعْيَان وَادي الْحِجَارَة وساد فِي الْكِتَابَة
حضر عِنْده شربٌ فَاحْتَاجَ أحدهم للْقِيَام فَقَامَ لَهُ ثمَّ تسلسل ذَلِك حَتَّى ضجر فَلم يقم فاغتاظ الَّذِي لم يقم لَهُ فَقَالَ رَاشد ارتجالاً ... جُمِّعَ فِي مَجْلِسِي نَدَامَى ... تَحْسُدُنِي فِيهُمُ النُّجُومُ
فقَالَ لي مِنْهُمُ خَليلٌ ... مَالك إِذا قُمْتُ لَا تَقُومُ
فَقُلْتُ إِنْ قُمْتُ كلَّ حِينٍ ... فإِن خَطْبِيَ بِكُمْ عَظِيمُ
ولَيْسَ عِنْدِي إذَنْ نَدَامَى ... بَلْ عِنْدِيَ المُقْعِدُ المُقيمُ ...

(2/32)


وَمن كتاب الْعلمَاء الأديب أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن غُصْن الحجاري
من المسهب هَذَا الرجل يفخر بِهِ إقليمٌ لَا بلد وَيقوم بِانْفِرَادِهِ مقَام الْكثير من الْعدَد فَإِنَّهُ كَانَ أحد أعلامها فِي الْأَدَب والتاريخ والتأليفات الرائقة الَّتِي تبهر الْأَلْبَاب وَكَانَ مُلُوك الطوائف يتهادونه تهادي الريحان يَوْم السباسب ويلحفونه أَثوَاب الْكَرَامَة من كل جَانب وَمن شعره قَوْله ... فَدَيْتُكَ لَا تَخَفْ مِنِّي سُلُواً ... إِذا مَا غَيَّرَ الشَّعْرُ الصِّغارَا
أهِيمُ بدَنِّ خَلٍّ كانَ خَمْراً ... وأَهْوَى لِحْيَةً كانَتْ عِذَارَا ...

352 - الأديب أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن وزمر الصنهاجي الحجاري
من المسهب هُوَ جدي وَتسَمى ابْنه وَالِدي على اسْمه لِأَنَّهُ تَركه فِي الْبَطن وَكَانَ مِمَّن ولع بعلوم التواريخ والآداب وتنبه فِي خدمَة الْمَأْمُون ابْن ذى النُّون وَمن شعره قَوْله

(2/33)


.. لَئِنْ كَرِهُوا يَوْمَ الوَدَاعِ فإِنَّنِي ... أَهيمُ بِهِ وَجْداً لأَجْلِ عِنَاقِهِ
أُصَافِحُ مَنْ أَهْواهُ غَيْرَ مُسَاترٍ ... وسِرُّ التلاقي مُودَعٌ فِي فِرَاقِهِ ...
وَقَوله ... أَلا إنَّها وَالله إِحدى الكَبَائرِ ... تَعُقُّونَ أَسْلاَفاً لَكُمْ بالمَآَثِرِ
مَتَى كانَ مِنْكُمْ مَنْ يَجُودُ لِقَاصِدٍ ... مَتَى كانَ مِنْكُمْ مَنْ يَهَشُّ لِشَاعِرِ ...

353 - ابْنه الأديب أَبُو مُحَمَّد عبد الله صَاحب كتاب الحديقة فِي البديع 3 هُوَ عَم صَاحب المسهب أجلته محنة بَلَده فِي شبابه وَقصد إقبال الدولة ملك دانية ومدحه
وَمن شعره قَوْله فِي أبي بكر بن عبد الْعَزِيز مُدبر أَمر بلنسية ... رُدُّوا عَلَيَّ رِكَابَهُمْ بالأَجْرَعِ ... حتَّى يُقَضِّي الشَّوْقُ حَقَّ مُوَدِّعِ
وأَبُثُهُمْ مَا قَدْ أَثاروا مِنْ جَوىً ... بِفِرَاقِهِمْ واسْتَقْطَرُوا مِنْ أَدْمُعِ ...

وَأنْشد لنَفسِهِ فِي الحديقة ... وشَادِنٍ يُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ ... أَمَّنَنِي مِنْ سَطْوةِ الدَّهْرِ
يَنَامُ للشَّرْبِ على جَنْبِهِ ... وَيَصْرِفُ الذَّنْبَ عَلَى الخَمْرِ ...

(2/34)


354 - جاحظ الْمغرب صَاحب المسهب أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن إِبْرَاهِيم بن إِبْرَاهِيم الحجاري
هُوَ أول من أسمى هَذَا التصنيف وَفتح بَابه لمن بعده من بني سعيد 3 وَقد أطنب وَالِدي فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ من طَرِيق البلاغة نظماً ونثراً وَمَعْرِفَة التصنيف وَقَالَ فِيهِ وَبِمَ أصفه وقدرة اللِّسَان لَا تنصفه وَفد على عبد الْملك بن سعيد وَهُوَ حِينَئِذٍ صَاحب القلعة المنسوبة إِلَى سلفه وأنشده قصيدة مِنْهَا ... عَلَيْك أحالني الذّكر الْجَمِيل 5 فَجئْت وَمن ثنائك لي دَلِيلُ
أَتَيْتُ ولَمْ أُقَدِّمْ مِنْ رَسُولٍ ... لأَنَّ القَلْبَ كانَ هُوَ الرَّسُولُ ...

وَمِنْهَا فِي شكله البدوي ... أَجِلْ طَرْفاً لَدَيَّ فإِنَّ عِنْدِي ... مِنَ الآدَابِ مَا يَحْوِي الخَلِيلُ
وَمَثِّلْنِي بدَنٍّ فيهِ سِرٌّ ... يَخِفُّ بِهِ ومَنْظَرُهُ ثَقِيلُ ...

فاختبره عبد الْملك فأحمده وصنف لَهُ كتاب المسهب فِي فَضَائِل الْمغرب وَهُوَ أصل هَذَا الْكتاب كَمَا تقدم فِي الْخطْبَة وَقد تقدم من نثره فِي أَوْصَاف من يذكرهم فِي كِتَابه مَا يدل على مَكَانَهُ فِي النّظم وَأحسن نظمه قَوْله ... ملك طفيلي السماح ... على الْأَقَارِب الأباعد
مَا فُرِّجَتْ أَبْوَابُهُ ... إِلاَّ تَفَرَّجَتْ الشَّدَائدْ ...

(2/35)


وَقَوله فِي بني سعيد ... وجدنَا سعيدا منجيا خَيْرَ عُصْبَةٍ ... هُمُ فِي بني أَزْمانِهِمْ كالمَوَاسِمِ
مشَنَّفَةٌ أَسْمَاعُهُمْ بفضائلٍ ... مُسَوَّرَةٌ أَيْمَانُهُمْ بالصَّوارِمِ
فَكَمْ لَهُم فِي الْحَرْب من فضل ناثر ... وَكم لَهُمُ فِي السِّلْمِ مِنْ فَضْلِ نَاظِمِ ...
وَقَوله ... زَارَتْكَ فِي اللَّيْلِ البَهِيمْ ... كالغُصْنِ يَثْنِيهِ النَّسِيمْ
سَلبَتْ ظَلامَ اللَّيْلِ مَا ... أَبْصَرْتَ فِي العِقْدِ النظيم
فلذاك أَمْسَى عاطل الآفَاقِ مُسْوَدَّ الأَدِيمْ
لوْلا الُمدَامُ لمَا اهْتَدَى ... فيهِ إِلَى كأسٍ نَدِيمْ ...

355 - الطَّبِيب أَبُو حَاتِم الحجاري
ذكره صَاحب المسهب وَأخْبرهُ أَنه كَانَ متقلباً بَين شَاعِر وخطيب وطبيب وجندي وَأنْشد لَهُ قَوْله يستهدي خمرًا ... يَا سَيِّدي والنَّهَارُ تُبْصِرُهُ ... مُنْسَجِمَ الدَّمْعِ مُطْبَقَ الأُفُقِ
وعِنْدِيَ البَدْرُ قَدْ خَلَوْتُ بِهِ ... وفَوْقَ خَدَّيْهِ حمرَة الشَّفق
جاذبته الجل فاستقادو كم ... جريت خلف الجموع فِي طلق ...

(2/36)


.. والخَمْرُ نِعْمَ العِتَادُ جَامِعَةً ... لشارِبيهَا مِسْكِيَّةَ العَبَقِ
وقَدْ هَزَزْنَاكَ كيْ تَجُودَ بِهَا ... فِي الشِّعْرِ هَزَّ الغُصُونِ فِي الوَرَقِ ...

الشُّعَرَاء
356 - الْحسن بن حسان السناط
من المسهب شَاعِر زَمَانه وَوَاحِد أَوَانه اشْتهر بقرطبة فِي مدح الْخَلِيفَة النَّاصِر وَأَصله من وَادي الْحِجَارَة وعنوان طبقته قَوْله ... أَدِرْ نَجْمَيْكَ يَا قَمَرَ النَّدِىِّ ... فَقَدْ نَامَ الخَلِيُّ عَنِ الشَّجِيِّ
كَفَى بِكَ والمُدَامَةِ لي صَبَاحَاً ... يُفَرِّقُ عَسْكَرَ اللَّيْلِ الدَّجِيِّ
فَخُذْ ذَهَباً ورُدَّ لنَا لُجَيْناً ... تَكُنْ فِي النَّاسِ أَرْبَحَ صَيْرَفيِّ ...

وَقتل نَفسه غيظاً لِأَنَّهُ وجد امْرَأَته مَعَ رجل
357 - حَفْصَة بنت حمدون الحجارية
من المسهب إِن بَلَدهَا يفخر بهَا وَكَانَت فِي الْمِائَة الرَّابِعَة وَلها شعر كثير مِنْهُ قَوْلهَا

(2/37)


.. لي حَبِيبٌ لَا يَنْثَنِي بِعِتَابِ ... وإِذا مَا تَرَكْتُهُ زَادَ تِيهَا
قالَ لي هَلْ رَأَيْتِ لي مِنْ شَبِيهٍ ... قُلْتُ أَيْضَاً وهَلْ تَرَى لي شَبِيهاً ...
وَقَوْلها ... يَا رَبِّ إِنِّي مِنْ عبيدى على ... جمر الغصى مَا فِيهُمُ مِنْ نَجِيبْ
إِمَّا جَهُولٌ أَبْلَهٌ مُتْعِبٌ ... أَوْ فَطِنٌ مِنْ كَيْدِهِ لَا أَخِيبْ ...

358 - أم الْعَلَاء بنت يُوسُف الحجارية البربرية
من المسهب أَنَّهَا مِمَّن تَفْخَر بِهِ بَلَدهَا وقبيلها وَأنْشد لَهَا قَوْلهَا 5 لله بُسْتاني إِذا ... يَهْفُو بِهِ القَصَبُ المُنَدَّى
فَكَأَنَّمَا كَفُّ الرِّيا ... حِ قدْ أَسَنَدَتْ بَنْدَا فَبَنْدَا ...

وَقَوْلها ... لوْلا مُنَافَرَةُ المدا ... مة للصبابة والغنا
لعكفت بَين كئوسها ... وجَمَعْتُ أَسْبَابَ المُنَى ...
وَقَوْلها ... كُلُّ مَا يَصْدُرُ عَنْكُمُ حَسَنُ ... وبُعلْيَاكُمُ يُحلي الزَّمَنُ
تَعْكُفُ العَيْنُ على منظركم ... وبذكراكم تَلَذُّ الأُذُنُ
مَنْ يَعِشْ دُونَكُمُ فِي عُمُرِهِ ... فَهْوَ فِي نَيْلِ الأَمَاني يُغْبَنُ ...

(2/38)