المغرب في حلى المغرب
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا
مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا
الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب موسطة الأندلس
وَهُوَ كتاب النفحة المندلية فِي حلى المملكة الطليطلية
مملكة بَين مملكة قرطبة وثغر سرقسطة وَقد حصل جَمِيعهَا فِي يَد
النَّصَارَى يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى
كتاب البدور المكلمة فِي حلي مَدِينَة طليطلة
كتاب الطرس المرقش فِي حلي قَرْيَة وقش
كتاب الْغيرَة فِي حلي مَدِينَة طلبيرة
كتاب الغرارة فِي حلي مَدِينَة وَادي الْحِجَارَة
كتاب صَفْقَة الرباح فِي حلي قلعة رَبَاح
كتاب نقش السِّكَّة فِي حلي مَدِينَة طلمنكه
كتاب التغبيط فِي حلي مَدِينَة مجريط
كتاب السعاده فِي حلي قَرْيَة مكاده
(2/7)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه
فَهَذَا
الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة
الطليطلية وَهُوَ كتاب البدور المكملة فِي حلي مَدِينَة طليطلة
المنصة من التَّارِيخ الرُّومِي أَنَّهَا إِحْدَى المدن الْأَرْبَع
الَّتِي بنيت فِي مُدَّة قَيْصر أكتبيان الَّذِي يؤرخ من مدَّته الصفر
وَتَأْويل اسْمهَا أَنْت فارح وَهِي فِي الإقليم الْخَامِس موسطة
مِنْهَا إِلَى الحاجز الَّذِي هُوَ درب الأندلس نَحْو نصف شهر
وَكَذَلِكَ إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط بِجِهَة شلب وَمِنْهَا إِلَى
قرطبة وَإِلَى غرناطة وَإِلَى مرسية وَإِلَى بلنسية نَحْو سَبْعَة
أَيَّام ونهر تاجه قبليها وَأَطْنَبَ الحجاري فِي وصفهَا ووصفها بِعظم
الِامْتِنَاع وإحداق الشّجر بهَا من كل جِهَة وَأَنه كَانَ يتفرج من
بَاب شقرا فِي الجلنار الَّذِي لم ير مثله إِذْ الجلنارة تقَارب
الرمانة وفيهَا من ضروب التَّرْكِيب والفلاحة مَا تفضل بِهِ
(2/8)
غَيرهَا وَابْن بصال صَاحب الفلاحة مِنْهَا
قَالَ وَرَأَيْت فِيهَا الشَّجَرَة تكون فِيهَا أَنْوَاع من الثَّمر
وَذكر أَنه صحب عِيسَى بن وَكيل إِلَيْهَا وَقد توجه رَسُولا فَقَالَ
ابْن وَكيل فِيهَا ... زَادَتْ طُلَيْطُلَةٌ على مَا حَدَّثوا ...
بَلَدٌ عَلَيْهِ نضارة ونعيم
الله رينة فوشح خضره ... نَهْرُ المجرَّةِ والقُصُورُ نُجُومُ ...
ويصنع فِيهَا من آلَات الْحَرْب الْعَجَائِب وَكَانَ فِيهَا المباني
الذنونية الجليلة مِنْهَا قبَّة النَّعيم الَّتِي صنعت لِلْمَأْمُونِ
بن ذى النُّون تنسدل فِيهَا خيمة من مَاء يشرب فِي جوفها مَعَ من أحب
من خواصه فِي أَيَّام الصَّيف فَلَا تصل إِلَيْهِ ذُبَابَة وَهِي فِي
بُسْتَان الناعورة
وفيهَا الْقصر المكرم الَّذِي بناه واحتفل فِيهِ وأطنبت البلغاء
وَالشعرَاء فِي وَصفه
وَذكر الحجاري أَن فِيهَا صنفا من التِّين النّصْف أَخْضَر وَالنّصف
أَبيض فِي نِهَايَة الْحَلَاوَة
التَّاج
كثيرا مَا قَامَت بهَا الثوار فِي مُدَّة السلطنة المروانية ونهض
إِلَيْهَا سلاطينهم وحاصروها فَرَجَعُوا خائبين وملكوها فعاثوا فِي
أَهلهَا وَمِمَّنْ وَليهَا
(2/9)
324 - حبيب بن عبد الْملك بن عمر بن
الْوَلِيد ابْن عبد الْملك بن مَرْوَان
من السقط أَنه من صُدُور الداخلين الأندلس المتميزين بالمعرفة والدهاء
والشجاعة وَالْأَدب وَقَول الشّعْر دخل قبل عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل
وَكَانَ لَهُ عِنْده مكانة علية وَمِمَّنْ يشار إِلَيْهِ بالطمع فِي
الْأَمر وَمَات قبل عبد الرَّحْمَن عَن أحد عشر ذكرا وَفَشَا نَسْله
وَهُوَ الْقَائِل ... السَّعْدُ يبلغُ بالفتى فوقَ الَّذِي ... يَسْعَى
لَهُ والجَدُّ من أَعْوَانِهِ
مَعَ أَنَّ ذَاك مَعَ المقادرِ زَائِدٌ ... فلكمْ جَموحٍ رُدَّ فِي
مَيْدَانِهِ ...
325 - عبد الله بن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن سعد الْخَيْر ابْن
الْأَمِير الحكم الربضي المرواني
من السقط أَنه كَانَ جليل الْقدر عَظِيم الذّكر يعرف بِالْحجرِ ولى
مملكة طليطلة للمنصور بن أبي عَامر وَعصى عَلَيْهِ فَحصل فِي يَده
فحبسه وَمن شعره قَوْله
(2/10)
.. هَل منكَ حَظٌّ لنا يَا أَيُّها
القَمَرُ ... فإِنما حَظُّنا من وَجْهكَ النَّظَرُ
رآكَ ناسٌ فَقَالُوا إِنَّ ذَا قَمَرٌ ... فقلتُ كُفُّوا فعندي
مِنْهُمَا خَبَرُ
الْبدْرُ لَيْسَ بغَيْر النِّصْفِ بَهْجَتُهُ ... حَتَّى الصَّباح
وَهَذَا كلُّه قَمَرُ ...
دولة بني ذى النُّون
ثار بهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف ابْن يعِيش قاضيها وَلم تطل مدَّته
وَصَارَت مِنْهُ إِلَى
236 - الظافر اسماعيل بن ذى النُّون
فدارى سُلَيْمَان المستعين قَالَ ابْن حَيَّان وَكَانَت نباهة بني ذى
النُّون من جدهم ذى النُّون فِي أَيَّام الْأَمِير مُحَمَّد بن عبد
الرَّحْمَن فقد خلف عِنْده خَصيا بحصن أقليش فعالجه حَتَّى برِئ
(2/11)
وَقَالَ ابْن حَيَّان إِن اسماعيل كَانَ
أول الثوار إيثاراً لمفارقة الْجَمَاعَة وَوَصفه بِشدَّة الْبُخْل لم
يرغب فِي صَنِيعَة وَلَا سارع إِلَى حَسَنَة فَمَا أعملت إِلَيْهِ
مَطِيَّة وَلَا استخرج من يَده دِرْهَم فِي حق وَلَا بَاطِل وَمِنْه
تفجر ينبوع الْفِتَن وَكَانَ ينَال من السّلف الصَّالح قَالَ ابْن
غَالب إِنَّه توفّي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَولى بعده
327 - ابْنه الْمَأْمُون يحيى بن إِسْمَاعِيل
قَالَ الحجاري لم يكن فيهم أعظم قدرا وَلَا أشهر ذكرا مِنْهُ اجْتمع
فِي مَجْلِسه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن شرف حَسَنَة القيروان وَعبد
الله ابْن خَليفَة الْمصْرِيّ الْحَكِيم وَأَبُو الْفضل الْبَغْدَادِيّ
الأديب وَلم يجْتَمع عِنْد ملك من مُلُوك الأندلس مَا اجْتمع عِنْده من
الوزراء وَالْكتاب الجلة مِنْهُم أَبُو عِيسَى بن لبون وَابْن سُفْيَان
وَأَبُو عَامر بن الْفرج وَأَبُو الْمطرف ابْن مثنى وَمَات فولى بعده
ابْن ابْنه وَهُوَ
(2/12)
328 - الْقَادِر يحيى بن إِسْمَاعِيل بن
الْمَأْمُون ابْن ذى النُّون
وَكَانَ سيئ الرَّأْي إِن حزم لم يعزم وَإِن سدى لم يلحم واستدرج ابْن
الحديدي بالأمان واستفزه إِلَى مصرعه بمزورات الْإِيمَان إِلَى أَن زحف
ابْن الحديدي للقصر والدولة يَوْمئِذٍ مُتَعَلقَة بأذياله فانخدع
للقادر انخداعاً آل بِهِ إِلَى أَن قَتله أَصْحَاب الْقَادِر فِي
الْقصر
وَأمر بِنَهْب دور بني الحديدى فاشتغلت الْعَامَّة بهَا فغفر أذفونش
ابْن فرذلند فَاه على ثغوره وَجعل يطويها طي السّجل للْكتاب وينهض
فِيهَا نهوض الشيب فِي الشَّبَاب إِلَى أَن ثار عَلَيْهِ أهل طليطلة
وهرب إِلَى بعض حصونه فَصَارَت للمتوكل بن الْأَفْطَس ثمَّ أسلمها
المتَوَكل فاستعان الْقَادِر بأذفونش على حصارها فملكها ابْن ذى
النُّون قهرا وأسلمها لأذفونش سنة خمس وَسبعين
(2/13)
السلك من كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي
الْبيُوت
329 - الْأَمِير أَرقم بن عبد الرَّحْمَن بن إِسْمَاعِيل ابْن عبد
الرَّحْمَن بن اسماعيل بن عَامر بن مطرف ابْن مُوسَى بن ذى النُّون
من كتاب المسهب يعرف بِابْن المضراس وَأَخُوهُ اسماعيل هُوَ أول من ملك
طليطلة من بني ذى النُّون وَكَانَ الْمَأْمُون ابْن أَخِيه يَنْفِيه
ويبغضه ويحسده على أدبه ففر عَنهُ إِلَى الثغر الْأَعْلَى لملكته وَمن
شعره قَوْله ... إِذا لمْ يَكُنْ لي جانبٌ فِي ذُرَاكُمُ ... فَمَا
العذرُ لي أَلاَّ يكونَ التجنُّبُ ...
وَكَانَ قد قَرَأَ فِي قرطبة على الرَّمَادِي الشَّاعِر وَآل أمره
إِلَى أَن حصل عِنْد النَّصَارَى فَدس إِلَيْهِم ابْن أَخِيه
الْمَأْمُون من نصحهمْ فِي شَأْنه بِأَنَّهُ جاموس من قبل ابْن أَخِيه
ليتكشف على بِلَادهمْ فَقَتَلُوهُ فَقَالَ الْمَأْمُون الْحَمد لله
هَذِه نعْمَة من جِهَتَيْنِ فقد عَدو وَوُجُوب ثأر نطلب بِهِ
(2/14)
وَمن كتاب تلقيح الآراء فِي حلى الْحجاب
والوزراء
330 - الْوَزير أَبُو الْمطرف عبد الرَّحْمَن
ذكر الحجاري أَنه من أهل وَلكنه ورد تَرْجَمته فِي مَدِينَة طليطلة
وَأنْشد لَهُ قَوْله ... يَا مَنْ أَبَى غير مرأَى حُسْنه النَّظَرُ
... من بعد وَجهك لَا شمسٌ وَلَا قمَرُ
لَا تحسبنِّي إِذا مَا غبتَ مُصْطَبِرا ... فَمَا على بُعْد ذَاك
الْوَجْه أَصْطَبرُ
طَال انتظاري وَلَا وعدٌ يُعَلِّلُني ... وَلَا كتابٌ وَلَا رُسْلٌ
وَلَا خبرُ ...
وَمن نثره
الوُدُّ أبقاكَ الله كَمَا علمْتَ غُصْنٌ ناضِرٌ وكيفَ لَا يكونُ كذلكَ
وَمَا برحْتَ تنقَّلُ مِنْ قَلْبٍ إِلَى ناظرِ والذِكْرُ لَا يبرحُ
مَعْقُوداً باللِّسانِ ومنَ الواجبِ أَلاَّ يُنْسَى ذِكْرُ مُولٍ
للإحْسَانِ
وَمن كتاب الْكتاب
331 - كَاتب الظافر بن ذى النُّون
من المسهب أَنه كَانَ مُتَخَلِّفًا كتب عَن الظافر إِلَى أهل حصن بلغه
أَن النَّصَارَى يُرِيدُونَ غرته بالتحذير كتابا طَويلا فِيهِ
(2/15)
وَقد قرع أسماعنا أَن شرذمةً من بني
الْأَصْفَر صفر وطابهم ونكس عقابهم عزموا أَن يغزوا حوزتكم فكونوا على
أهبة لصدمتهم وَأَعدُّوا لَهُم مائَة من أذمار الوغا الزبون
وأتبع ذَلِك بِأَلْفَاظ مستغلقة لم يفهمها جند الْحصن وَكَتَبُوا إِلَى
الظافر يستفسرونه عَنْهَا وَفِي أثْنَاء ذَلِك ضرب النَّصَارَى على
الْحصن وصادفوا فِيهِ الْغرَّة 4 332
الْكَاتِب ابْن عيطون لتجيبي أَبُو الْخطاب عمر بن أَحْمد
جيد الصِّنَاعَة وَكَانَ أبي النَّفس غير متكسب بالشعر وَكَانَ فِي جلة
الْفُضَلَاء الَّذين وفدوا على المتَوَكل بن الْأَفْطَس صَاحب بطليوس
وَكَانَ المتَوَكل قد اعتل وَمَعَ ذَلِك فَخرجت مِنْهُ جوائز للشعراء
فَقَالَ ... وَمَا اعتلَّ عَنَّا جودُهُ باعتلالهِ ... ولكنْ وَجَدْنا
بِرَّه لَا يُهَنَّاُ
تُنَغصُ شكواهُ بجدواهُ عندَنَا ... كأَنَّا عطاشُ البحرِ فِي المَاء
نَظْمَأُ ...
وجال على مُلُوك الطوائف
(2/16)
وَمن كتاب الْيَاقُوت فِي حلى ذَوي
الْبيُوت
الأسعد بن إِبْرَاهِيم بن بليطه لَهُ ... يومٌ تكاثَفَ غيمُهُ
فكأَنَّهُ ... دونَ السماءِ دخانُ عودٍ أَخْضَر
والطل مثل برادة من فضَّة ... منثور فِي بردةٍ منْ عنبرِ
والشمسُ أَحياناً تلوحُ كأَنَّها ... أَمَةٌ تعرِّض نَفسهَا للمُشتري
ولديَّ صِرْفُ مُدامةٍ مَشمولةٍ ... تَلْقَى الظلامَ بوجهٍ صبحٍ مسفرِ
وكأَنَّها ممَّا تُحبّكَُ أَقْسَمَتْ ... أَلاَّ تَطيبَ لنا إِذا لمْ
تَحْضُرِ ...
وَمن الذَّخِيرَة أَنه تردد على مُلُوك الطوائف فَارس جحفل وشاعر محفل
وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَحْبِبْ بنَوْر الأَقاحِ نُوَّارَا ...
عَسْجَدُهُ فِي لُجَيْنِهِ حارا
أَيُّ عيونٍ صُوِّرْنَ منْ ذهبٍ ... رُكِّبَ فِيهَا اللُّجَيْنُ
أَشفارا
إِذا رأَى النَّاظرونَ بهجتَهَا ... قَالُوا نجومٌ تحفُّ أَقمارا
كأَنَّ مَا اصفرَّ منْ موسَّطِهِ ... عليلُ قومٍ أَتَوْهُ زوارا ...
(2/17)
334 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أرفع رَأسه
نبه الحجاري على بَيته بطليطلة وَأَن الْمَأْمُون بن ذى النُّون
اشْتَمَل عَلَيْهِ وَشهر عِنْده ذكره وَقَالَ فِي الْمَأْمُون ...
دَعُوا الملوكَ وأَبناءَ الملوكِ فمَنْ ... أَضْحى على البَحْرِ لم
يَشَتَقْ إِلَى نَهَرِ
يَا وَاحِدًا مَا على علياهُ مختَلَفٌ ... مُذْ جادَ كفُّكَ لمْ
نَحْتَجْ إِلَى المَطَرِ
ومُذْ طلعْتَ لنا شمساً فَمَا نظرَتْ ... عَيْني إِلَى كوكبٍ يَهْدِي
وَلَا قَمَرِ ...
وَله موشحات مَشْهُورَة يغنى بهَا فِي بِلَاد الْمغرب مِنْهَا فِي مدح
الْمَأْمُون بن ذى النُّون
(2/18)
335 - أَبُو بكر يحيى بن بقى الطليطلي 3 من
القلائد رَافع راية القريض وَصَاحب آيَة التَّصْرِيح فِيهِ والتعريض
أَقَامَ شرائعه وَأظْهر روائعه وَكَانَ عصيه طائعه إِذا نظم أزرى بنظم
الْعُقُود وأتى بِأَحْسَن من رقم البرود صفا عَلَيْهِ حرمانه وَمَا صفا
لَهُ زَمَانه فَصَارَ قعيد صهوات وقاطع فلوات مَعَ توهم لَا يظفره
بِأَمَان وتقلب دهر كواهي الجمان
الْغَرَض من نظمه قَوْله ... عِنْدِي حُشَاشَةُ نفسٍ فِي سَبِيل ردىً
... إِنْ شِئْتَهَا اليومَ لمْ أَمْطُل بهَا لِغَدِ
وكيفَ أَقْوَى عَلَى السُّلْوَان عنْكَ وقَدْ ... رَبَّيْتُ حُبَّكَ
حتَّى شِبْتَ فِي خلدي
خُذْهَا وهات وَلَا تمزح فَتُفْسِدَها ... فالماءُ فِي النارِ أَصْلٌ
غَيْرُ مطَّرِدِ ...
وَقَوله ... فهلاَّ أَقاموا كالبكاءِ تنهُّدِي ... إِذا مَا بَكَى
القُمْرِيُّ قَالُوا تَرنَّما ...
(2/19)
وَقَوله ... إِلَى الله أَشكوها نَوًى
أَجْنَبيَّةً
لَهَا مِنْ أَبيها الدَّهرِ شيمةُ ظالمِ
إِذا جاشَ صَدْرُ الأَرضِ بِي كنْتُ مُنْجِداً
وإِنْ لمْ يَجِشْ بِي كنتُ بينَ التَهَائِمِ
أَكلُّ بني الآدابِ مثليَ ضائعٌ
فأَجْعَلَ ظُلْمي أُسْوَة فِي الْمَظَالِم
ستبكى قوافي الشّعْر مك جفونِهَا
عَلَى عَرَبيٍّ ضاعَ بيْنَ الأعاجِمِ ...
وَقَوله ... أَمُصْطَبِرٌ أَنْتَ إِنْ قَوَّضوا ... وأَمّوا المَصِيفَ
مِنَ المَرْبَعِ
سَتَجْزَعْ إنْ صِرْتَ فِي رَكْبِهمْ ... وإِنْ لَا تَسِرْ فيهمُ
تَجْزَعِ
تَخَيَّرْ لنفسِكَ فِي حالتين ... فاقْضِ بإِحداهُمَا واصْدَعِ
فإِمَّا علَى نيَّةٍ فاعتزِمْ ... وإِمَّا عَلَى ظَلْعٍ فارْبَعِ
قدِ ابتكروا واستقلَّتْ بِهِمْ ... قلائصُ مشدودةُ الأَنْسُعِ
قَلِيلا عَلَيْنا فإِنَّا على ... أَسىً مُؤلِمٍ وهَوىً مُضْرِعِ
نُشَيِّعُكُمْ ولعلَّ الْغناء ... للصب نظرة مستمع
وَبِي كَمَدٌ لوْ غَدا بالصَّفَا ... لَذُبْنَ وبالوُرْقِ لمْ تَسْجَعِ
وَجَدْنا بِكُمْ وعَلى بَيْنِكُمْ ... ومِنْ أَجلِكُمْ فوقَ مَا
نَدَّعي ...
(2/20)
وَقَوله ... بأَبي غزالٌ غازلتْهُ مُقْلَتي
... بَيْنَ العُذَيْبِ وَبَين شطى بارق
وَسَأَلت مِنْهُ قبْلَة تشقى الجَوَى ... فأًجابَنِي فِيهَا بوَعْدٍ
صادِقِ
بِتْنَا ونحنُ مِنَ الدَُجَى فِي لُجَّةٍ ... ومِنَ النجومِ الزُّهْرِ
تحتَ سُرَادِقِ
حتَّى إِذا مالَتْ بِهِ سِنَةُ الكَرَى ... زَحْزَحَتْهُ شَيْئا وكانَ
مُعَانقي
باعَدْتُهُ عنْ أضلع تشتاقه ... كَيْلا ينَام على وساد خانق ...
وَمن كتاب نُجُوم السَّمَاء فِي حلى الْعلمَاء
336 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله الْعَسَّال
زاهد طليطلة الْمَشْهُور بالكرامات وَإجَابَة الدَّعْوَات وَهُوَ
الْقَائِل لما أخذت طليطلة من الْمُسلمين وَقد رَحل عَنْهَا إِلَى
غرناطة وهنالك قَبره مكرم مزور إِلَى الْآن وَقد زرته ... يَا أهل
أَنْدَلُسٍ حُثُّوا مَطِيَّكُمُ ... فَمَا المقامُ بهَا إلاَّ مِنَ
الغَلَطِ
الثوبُ يَنْسِلُ مِنْ أَطْرافِهِ وأَرى ... ثَوْبَ الجزيرةِ مَنْسولاً
مِنَ الوَسَطِ ...
(2/21)
337 - الْفَقِيه أَبُو الْقَاسِم بن
الْخياط
من المسهب أَقَامَ خمسين سنة على العفاف وَالْخَيْر لَا تعرف لَهُ
زلَّة فَلَمَّا أَخذ النَّصَارَى طليطلة حلق وسط رَأسه وَشد الزنار
فَقَالَ لَهُ أحد أَصْحَابه فِي ذَلِك وَقَالَ لَهُ أَيْن عقلك فَقَالَ
مَا فعلت هَذَا إِلَّا بعد مَا كمل عَقْلِي
وَقَالَ شعرًا مِنْهُ ... تلوَّنَ كالحِرْباء حينَ تَلَوُّنٍ ...
وأَبصرَ دُنْيَاهُ بملْءِ جفونِهِ
وكلٌّ إِلَى الرَّحْمَنِ يُومِي بِوَجْهِهِ ... ويذكُرُهُ فِي جَهْرِهِ
ويقينهِ
ولوْ أَنَّ دِيناً كانَ نَفْياً لخالقي ... لمَا كُنْتُ يَوْمًا
دَاخِلا فِي فنونِهِ ...
وَذكر ابْن اليسع لَهُ رِسَالَة كتبهَا عَن أذفونش ملك النَّصَارَى
إِلَى الْمُعْتَمد بن عباد بالإرهاب
338 - المنجم مَرْوَان بن غَزوَان
كَانَ مُتَّصِلا بِعَبْد الرَّحْمَن الْأَوْسَط وَخرج فِي بعض سفراته
فبشره بالسلامة وافتتاح ثَلَاثَة معاقل من بِلَاد الْعَدو فَكَانَ
ذَلِك وَأَعْطَاهُ ألف دِينَار
وَكَانَ قد هجا هَاشم بن عبد الْعَزِيز وَزِير مُحَمَّد بن عبد
الرَّحْمَن فأغراه بِهِ وَأنْشد لمُحَمد أبياتاً كَانَ مَرْوَان قد
قَالَهَا متغزلاً فِي مُحَمَّد لما كَانَ غُلَاما
(2/22)
.. أعلِّلُ نَفسِي بالمَوَاعِدِ والمُنَى
... وَمَا العيشُ واللَّذَّاتُ إِلاَّ محمَّدُ ... بذاكَ سَبَى عَقْلِي
وهاجَ لِيَ الجوى ... وَلم يسبه حور أونس نُهَّدُ
ولكنْ غزالٌ عَبْشَمِيٌّ سمَا بِهِ ... أَبٌ ماجدُ الآباءِ قَرْمٌ
ممجَّدُ ...
فَأمر لَهُ بِمِائَة سَوط لكل بَيت وسجنه
339 - الطَّبِيب أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن الفخار الْيَهُودِيّ
سَاد فِي طليطلة وَصَارَ رَسُولا من ملكهَا النَّصْرَانِي أذفونش إِلَى
أَئِمَّة بني عبد الْمُؤمن بِحَضْرَة مراكش وَكَانَ وَالِدي يصفه
بالتفنن فِي الشّعْر وَمَعْرِفَة الْعُلُوم الْقَدِيمَة والمنطق وَقد
أبصرته فِي إشبيلية وَله جاه عريض وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله فِي أذفونش
... حَضْرَةُ الأذفونش لابرحت ... غَضةً أَيامُها عُرُسُ
فاخلَعِ النَّعْلَينِ تَكْرمَةً ... فِي ثَرَاها إِنَّها قُدُسُ ...
وَمن كتاب مصابيح الظلام فِي حلي الناظمين لدر الْكَلَام
340 - غربيب بن عبد الله الطليطلي
من الجذوة شَاعِر قديم مَشْهُور الطَّرِيقَة فِي الْفضل وَالْخَيْر
وَمِمَّا يتداول النَّاس من شعره
(2/23)
.. يُهَدِّدُني بمخلوقٍ ضَعِيفٍ ... يهابُ
مِنَ المنيَّةِ مَا أَهَابُ
ولَيْسَ إلَيْهِ محْيَا ذِي حَيَاةٍ ... وليسَ إلَيْهِ مَهْلكٌ مَنْ
يَصَابُ
لَهُ أَجَلٌ ولي أَجَلٌ وكلٌّ ... سَيَبْلُغُ حَيْثُ يَبْلُغُهُ
الكِتَابُ
وَمَا يدرى لَعَلَّ الْمَوْت مِنْهُ ... قَرِيبٌ أَيُّنا قبلُ
المُصَابُ
لَعَمْرُكَ مَا يَردُّ المَوْتَ حِصْنٌ ... إِذا انْتَابَ المُلوكَ
وَلَا حِجَابُ
لَعَمْرُكَ إنَّ مَحْيايَ ومَوْتي ... إِلَى مَلِكٍ تذلُّ لَهُ
الصِّعَابُ ...
الْحلَّة
341 - عِيسَى بن دِينَار الغافقي الطليطلي
من الجذوة كَانَ ابْن الْقَاسِم يجله ويكرمه وروى عِيسَى عَنهُ وَكَانَ
إِمَامًا فِي الْمَذْهَب الْمَالِكِي وعَلى طَريقَة عالية من الزّهْد
وَالْعِبَادَة وَيُقَال إِنَّه صلى أَرْبَعِينَ سنة الصُّبْح بِوضُوء
الْعَتَمَة وَكَانَ يُعجبهُ ترك الرَّأْي وَالْأَخْذ بِالْحَدِيثِ
وَقيل إِنَّه كَانَ قد أجمع فِي آخر أَيَّامه على أَن يدع الْفتيا
بِالرَّأْيِ ويحيل النَّاس على مَا رَوَاهُ من الحَدِيث فأعجلته
الْمنية فِي سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَمِائَتَيْنِ
(2/24)
الْأَهْدَاب
الْغَرَض من موشحات ابْن بقى
موشحة لَهُ مَشْهُورَة ... مَا الشَّوْقُ إلاَّ زِنَادْ ... يُورِي
بقلبي كلَّ حينٍ نِيرَانا
ومَنْ بُلِيَ بالفِرَاقْ ... يَبُتْ بِهِ ليلُ السَّليمِ حَرَّانا
دُنْيَا تجلَّتْ عروسْ ... على بساطِ السُّنْدُسِ
فاشْرَبْ وهَاتِ الكُوْس ... فهيَ حياةُ الأَنْفُسِ
وإِنْ أَتَيْتَ العَرُوسْ ... فاعطِفْ بهَا ولْتَجْلِسِ
حَيْثُ الرِّياضُ النِجَادْ ... لِصارمٍ راقَ العُيونْ عُرْيَانا
أَمْوَاجُهُ فِي اصْطِفَاقْ ... أَنْ جَرَّدَتْ خَيْلُ النَّسيمِ
فُرْسَانَا
سلْ أَيَّةً سَلَكَا ... عَهْدُ الشَّبَابِ المُسْتَحيلْ
أَضلَّ أَمْ هَلَكَا ... أَمْ هَلْ إِليْهِ مِنْ سبيلْ
لَا تَلْحَنِي فِي البكا ... إِن أَخَذَتْ منِّي الشَّمولْ
وَجْدِي على الوَجْدِ زَادْ ... ذَكَرْتُ والذكرى شُجُونُ إِخوانا ...
(2/25)
|