المغرب في حلى المغرب
كتاب الْكَوَاكِب المنيرة فِي حلي مملكة
إلبيرة
(2/89)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب موسطة الأندلس وَهُوَ كتاب الْكَوَاكِب المنيرة
فِي حلي مملكة إلبيرة
مملكة جليلة بَين مملكتي قرطبة والمرية ومملكتي جيان ومالقة وَهِي
كَثِيرَة الْكَتَّان وَالْأَشْجَار والأنهار وَمَا يطول ذكره من صنوف
الْخيرَات
وينقسم كتابها إِلَى أثنتي عشر كتابا
كتاب الدُّرَر النثيرة فِي حلي حَضْرَة إلبيرة
كتاب الْإِحَاطَة فِي حلي حَضْرَة غرناطة
كتاب الحوش فِي حلي قَرْيَة شوش
كتاب السحب المنهلة فِي حلي قَرْيَة عبلة
(2/91)
كتاب نقش الرَّاحَة فِي حلي قَرْيَة
الملاحة
كتاب مؤانسة الأخدان فِي حلي قَرْيَة هَمدَان
كتاب فِي حلي حصن شلوبينية
كتاب المسرات فِي حلي البشرات
كتاب الرياش فِي حلي وَادي آش
كتاب حلي الصباغة فِي حلي مَدِينَة باغة
كتاب فِي حلي مَدِينَة لوشة
كتاب الطالع السعيد فِي حلي قلعة بني سعيد
(2/92)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب الدُّرَر النثيرة فِي حلي
حَضْرَة إلبيرة
المنصة
قَالَ الحجاري إلبيرة كَانَت قَاعِدَة المملكة فِي الْقَدِيم وَلها ذكر
شهير وَمحل عَظِيم إِلَّا أَن رسمها قد طمس وَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا
بعض أثر وَصَارَت غرناطة كرسياً
التَّاج
فِيهَا كَانَت وُلَاة المملكة تتواتر إِلَى أَن وَقع بَين الْعَرَب
والمولدين من الْعَجم فاتصل الْقِتَال وانحاز الْعَرَب إِلَى غرناطة
وَكَانَ الظفر للْعَرَب فخربت إلبيرة من حينئذٍ
(2/93)
السلك
الوزراء
406 - أَبُو خَالِد هَاشم بن عبد الْعَزِيز بن هَاشم وَزِير مُحَمَّد
بن عبد الرَّحْمَن المرواني سُلْطَان الأندلس
أَصله من موَالِي عُثْمَان بن عَفَّان الَّذين حازوا الرياسة
وَالْجَلالَة بإلبيرة وَعظم قدره بقرطبة عِنْد سُلْطَان الأندلس
مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن حَتَّى صيره أخص وزرائه وَأسْندَ إِلَيْهِ
أُمُور بِلَاده وعساكره وَكَانَ تياهاً معجباً كثير الِاعْتِمَاد على
مَا يحقد بِهِ قُلُوب الْعباد حَتَّى مَلأ الصُّدُور من بغضه وَقدمه
مُحَمَّد على جيشٍ توجه بِهِ إِلَى غرب الأندلس فَهزمَ وَحصل فِي
الْأسر واضطربت الأندلس بِسوء تَدْبيره ثمَّ فدَاه السُّلْطَان وَعَاد
إِلَى مَكَانَهُ وَكَانَ قد مَلأ صدر الْمُنْذر بن مُحَمَّد غيظاً
عَلَيْهِ فَلَمَّا مَاتَ مُحَمَّد وَولي الْمُنْذر قَتله الْمُنْذر
شَرّ قتلةٍ بعد السجْن وَالْعَذَاب
وَذكره الحجاري وَأنْشد لَهُ قَوْله ... أَهْوى معانقة الملاح ...
وَشرب أكواس الطلا ...
(2/94)
.. ويسرني حسن الرياض ... وَقَدْ تَوَشَّتْ
بِالحلي
وَأَذُوبُ مِنْ طَرَبٍ إذَا ... مَا الصُّبْحُ جَرَّدَ مُنْصُلا
وَأَهِيمُ فِي قَوْدِ الجيوش ... وَنَيْلِ أسْبَابِ العُلا
وَأَهُزُّ مُرْتَاحَاً إذَا ... سَرَتِ المواضي فِي الطلى
قل للَّذي يَبْغِي مَكَاني ... هَكَذَا أوْ لَا فَلا ...
من كتاب الرؤساء
407 - أَبُو عمر أَحْمد بن عِيسَى الإلبيري
ذكر صَاحب الذَّخِيرَة أَن أَمر مَدِينَة إلبيرة كَانَ دائراً عَلَيْهِ
مَعَ زهده وورعه وَوَصفه بالأدب وَالنّظم والنثر وَذكر أَنه أنْشد فِي
مَجْلِسه هَذَانِ البيتان ... وَإذَا الدِّيَارُ تَنَكَّرَتْ عَنْ
حَالِهَا ... فَذَرِ الدِّيَارَ وَأَسْرِعِ التَّحْوِيلا
لَيْسَ المُقامُ عَلَيْكَ حتما وَاجِبا ... فِي بَلْدَة تدع الْعَزِيز
ذليلا ...
وَسُئِلَ الزِّيَادَة عَلَيْهِمَا فَقَالَ ... لَا يرتضى حر بمنزل ذلة
... لَو لم يجد فِي الْخَافِقين مقيلا ...
(2/95)
.. فارض الْوَفَاء نَفْسِكَ لَا تَكُنْ ...
تَرْضَى المَذَلَّةَ مَا وَجَدْتَ سَبِيلا
وَاخْصُصْ بِوِدِّكَ مَنْ خَبَرْتَ وَفَاءَهُ ... لَا تَتَّخِذْ إلاَّ
الوَفِيَّ خَلِيلا ...
وَمن كتاب الْعلمَاء
408 - أَبُو مَرْوَان عبد الْملك بن حبيب السّلمِيّ الإلبيري
فَقِيه الأندلس الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل حج وَعَاد إِلَى الأندلس
بعلمٍ جمٍ وَجل قدره عِنْد سُلْطَان الأندلس عبد الرَّحْمَن الْأَوْسَط
المرواني وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء الْقُضَاة فَامْتنعَ وَهُوَ نابه
الذّكر فِي تَارِيخ ابْن حَيَّان والمسهب وَغَيرهمَا وَمن شعره قَوْله
وَقد شاع أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور غنى زرياب بَين يَدَيْهِ بشعرٍ
أطربه فَأعْطَاهُ ألف دِينَار ... مِلاكُ أَمْرِي وَالذي أَرْتَجِي ...
هَيِّنٌ عَلَى الرَّحْمُنِ فِي قُدْرَتِهْ
أَلْفٌ مِنَ الشُّقْرِ وَأَقْلِلْ بِهَا ... لِعَالِمٍ أَرْبَى عَلَى
بغيته
يَأْخُذهَا زرياب فِي دفْعَة ... وصنعي أَشْرَفُ مِنْ صَنْعَتِهْ ...
وَتُوفِّي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ
(2/96)
وَمن كتاب الشُّعَرَاء
409 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن هَانِئ الازدي
أَصله من بني الْمُهلب الَّذين ملكوا إفريقية وانتقل أَبوهُ مِنْهَا
إِلَى جَزِيرَة الأندلس وَسكن إلبيرة فولد لَهُ بهَا مُحَمَّد بن
هَانِئ الْمَذْكُور وبرع فِي الشّعْر واشتهر ذكره وَقصد جَعْفَر بن
عَليّ الأندلسي ملك الزاب من الغرب الْأَوْسَط فَوجدَ بَابه معموراً
بالشعراء وَعلم أَن وزيره وخواصه فضلاء لَا يتركون مثله يقرب من ملكهم
فتحيل بِأَن تزيا بزِي بربري وَكتب على كتف شاةٍ مجرودٍ من اللَّحْم
... اللَّيْلُ لَيْلٌ وَالنَّهَارُ نَهَارُ ... وَالبَغْلُ بَغْلٌ
وَالحِمَارُ حِمَارُ
وَالدِّيكُ دِيكٌ وَالدَّجَاجَةُ زَوْجُهُ ... وَكِلاهُمَا طَيْرٌ لَهُ
مِنْقَارُ ...
ووقف بِهَذَا الشّعْر للوزير وَقَالَ أَنا شاعرٌ مفلقٌ أُرِيد أنْشد
الْملك هَذَا الشّعْر فَضَحِك الْوَزير وَأَرَادَ أَن يطرف الْملك بِهِ
فَبَلغهُ ذَلِك فَأمر بوصوله إِلَيْهِ ومجلسه غاصٌ فَلَمَّا دخل
عَلَيْهِ قَامَ وَعدل عَن ذَلِك الشّعْر وَأنْشد قصيدته الجليلة
الَّتِي يصف فِيهَا النُّجُوم ... ألَيْلَتَنَا إذْ أَرْسَلَتْ
وَارِداً وَحْفَا ... وَبِتْنَا نَرَى الجَوْزَاءَ فِي أذنها شنفا ...
(2/97)
.. وَبَاتَ لَنَا سَاقٍ يَصُولُ عَلَى
الدُّجَى ... بِشَمْعَةِ صبح لَا تقط ولاتطفا
أغن غضيض خفف اللين قده ... وأثقلت الصَّهْبَاءُ أَجْفَانَهً الوُطْفَا
وَلَمْ يُبْقِ إرْعَاشُ المُدامِ لَهُ يدا ... وَلم يُبْقِ إعْنَاتُ
التَثَنِّي لَهُ عِطْفَا
نَزِيفٌ قَضَاهُ السَّكْرُ إلاَّ ارْتِجَاجَةٌ ... إذَا كَلَّ عَنْهَا
الخَصْرُ حَمَّلَهَا الرِّدْفَا
يَقُولُونَ حِقْفٌ فَوْقَهُ خَيْزَرَانَةٌ ... أمَا يَعْرِفُونَ
الخَيْزَرَانَةَ وَالحِقْفَا ...
ثمَّ مر فِيهَا فِي وصف النُّجُوم إِلَى أَن قَالَ 5 كَأَنَّ لِوَاءَ
الشَّمْس غرَّة حعفر ... رأى القِرْنَ فَازْدَادَتْ طَلاقَتُهُ ضِعْفَا
...
فَقَامَ إِلَيْهِ جَعْفَر وَقَالَ بِاللَّه أَنْت ابْن هانئٍ قَالَ نعم
فعانقه وَأَجْلسهُ إِلَى جَانِبه وخلع عَلَيْهِ مَا كَانَ فَوْقه من
الثِّيَاب الملوكية وَجل عِنْده من ذَلِك الْحِين إِلَى أَن كتب الْمعز
الْإِسْمَاعِيلِيّ الْخَلِيفَة بالقيراوان إِلَيْهِ فِي تَوْجِيهه
لحضرته فوجهه للقيروان فَأول قصيدةٍ مدحه بهَا قصيدته الَّتِي ندر لَهُ
فِيهَا قَوْله ... وَبَعُدَتَ شَأْوَ مَطَالِبٍ وَرَكَائِبٍ 5 حَتَّى
رَكِبْتَ إلَى الغَمَامِ الرِّيحَا ...
وَكَانَ مغرماً بحب الصّبيان وَفِي ذَلِك يَقُول ... يَا عَاذِلِي لَا
تَلْحَنِي أنَّنِي ... لَمْ تُصْبِني هِنْدٌ وَلا زَيْنَبُ
لَكِنَّنِي أصْبُو إِلَى شَادِنٍ ... فِيهِ خِصَالٌ جَمَّةٌ تُرْغَبُ
لَا يَرْهَبُ الطَّمْثَ وَلا يَشْتَكِي ... حَمْلاً وَلا عَنْ نَاظِرٍ
يُحْجَبُ ...
وَلما رَحل الْمعز إِلَى مصر رَجَعَ لتوصيل عِيَاله فَقتل فِي برقة فِي
مشربةٍ على
(2/98)
صبي وَمن أشهر شعره فِي الْآفَاق قَوْله
... فُتِقَتْ لَكُمْ رِيحُ الجِلادِ بِعَنْبَرِ ... وَأَمَدَّكُمْ
فَلَقُ الصَّبَاحِ المُسفِرِ
وَجَنَيْتُمُ ثَمْرَ الوَقَائِعِ يَانِعَاً ... بِالنَّصْرِ مِنْ
وَرَقِ الحَدِيدِ الأخْضَرِ ...
410 - أَبُو أَحْمد عبد الْعَزِيز بن خيرة المنفتل
من أَعْلَام شعراء إلبيرة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف نابه الذّكر فِي
الذَّخِيرَة والمسهب وَمن عنوان طبقته قَوْله ... سَكْرَانُ لَا
يَدْرِي وَقَدْ وَافَى بِنَا ... أَمِنَ المَلاحَةِ أَمْ مِنَ
الجِرْيَالِ
تَتَضَوَّعُ الصَّهْبَاءُ مِنْ أنْفَاسِهِ ... كَتَضَوُّعِ
الرَّيْحَانِ بِالآصَالِ
وَكَأنَّمَا الخِيلانُ فِي وَجَنَاتِهِ ... سَاعَاتُ هَجْرٍ فِي
زَمَانِ وِصَالِ ...
وَقَوله ... فِي خد أَحْمد خَال ... يصبو إِلَيْهِ الخلي
كَأنَّهُ رَوْضُ وَرْدٍ ... جنَّانُهُ حَبَشيُّ ...
(2/99)
411 - خلف بن
فرج الإلبيري السميسر
من أَعْلَام شعراء إلبيرة فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف مَشْهُور بالهجاء
مَذْكُور فِي الذَّخِيرَة والمسهب
وَمن مَشْهُور شعره قَوْله ... يَا آكِلاً كُلَّ مَا اشَتَهَاهُ ...
وَشَاتِمَ الطِّبِّ والطَّبِيبِ
ثِمَارَ مَا قَدْ غَرَسْتَ تَجْنِي ... فَانْتَظِرِ السَّقْمَ عَنْ
قَرِيبِ
يَجْتَمِعُ الدَّاءُ كُلَّ يَوْمٍ ... أَغْذِيَةُ السُّوءِ كَالذُنُوبِ
...
وَقَوله ... تَحَفَّظْ مِنْ ثِيَابِكَ ثُمَّ صُنْهَا ... وَإلاَّ
سَوْفَ تَلْبُسُهَا حِدَادَا
وَظُنَّ بِسَائِرِ الأجْنَاسِ خَيْراً ... وَأَمَّا جِنْسُ آدم
فالبعادا ...
(2/100)
.. أَرَادُونِي بِجَمْعِهُمُ فَرُدُّوا ...
عَلَى الأعْقَابِ قَدْ نَكَصُوا فُرَادَى
وَعَادوا بَعْدَ ذَا إخْوَانَ صِدْقٍ ... كَبَعْضِ عَقَارِبٍ عَادَتْ
جَرَادَا ...
وَأنْشد لَهُ الحجاري قَوْله ... وَقَدْ حَانَ تَرْحَالِي فَقُلْ لِيَ
عَاجِلاً ... عَلَى أَيِّ حَالٍ تَنْقَضِي عَزَمَاتِي
أَأُثْنِي بِخَيْرٍ أَمْ أَقُولُ تَمَثُّلاً ... كَمَا قَالَتِ
الخَنْسَاءُ فِي السَّمُرَاتِ
إذَا لَمْ يَكُنْ فيكُنَّ ظِلٌ وَلا جَنَىً ... فأبعدكن الله من شجرات
...
وَقَوله ... وأنحلني شوق لكم فَلَو انني ... أكون مِنَ المَحْسُوسِ
هبَّتْ بِيَ الرِّيحُ
فَمَنْ كَانَ ذَا روح شكا فقد جِسْمه ... فبها أَنا لاجسم لَدَيَّ وَلا
رُوحُ
فَيَا لَهَفَ نَفْسِي أَيْنَ سلع وحاجر ... وَأَيْنَ النَّقَا
وَالرَّنْدُ وَالبَانُ وَالشِّيحُ ...
(2/101)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب الْإِحَاطَة فِي
حلي حَضْرَة غرناطة
المنصة
من مسهب الحجاري غرناطة وَمَا أَدْرَاك مَا غزناطة حَيْثُ أدارت
الجوزاء وشاحها وعلق النَّجْم أقراطه عِقَاب الجزيرة وغرة وَجههَا
المنيرة وَمر فِي الثَّنَاء عَلَيْهَا وَأَنا أَقُول إِنَّهَا وَإِن
سميت دمشق الأندلس أحسن من دمشق لِأَن مدينتها مطلة على بسيطها متمكنة
فِي الإقليم الرَّابِع المعتدل مكشوفة للهواء من جِهَة الشمَال مياهها
تنصب إِلَيْهَا من ذوب الثَّلج دون مُخَالطَة الْبَسَاتِين والفضلات
والأرحاء تَدور فِي داخلها وقلعتها عاليةٌ شَدِيدَة الِامْتِنَاع
وبسيطها يَمْتَد فِيهِ الْبَصَر مسيرَة يَوْمَيْنِ بَين أَنهَار وأشجار
وميادين مخضرة فسبحان ميديها فِي أحسن حلةٍ لَا يَأْخُذهَا وصف
(2/102)
وَلَا ينصف فِي ذكرهَا إِلَّا الرُّؤْيَة
وَبهَا ولدت ولي فِيهَا ولوالدي وأقاربي أشعار كَثِيرَة ونهرها
الْكَبِير يُقَال لَهُ شنيل وَفِيه أَقُول ... كَأَنَّمَا النَّهر صفحة
كتبت ... أسطرها والنسيم منشئها
لَمَّا أبَانَتْ عَنْ حَسْنِ مَنْظَرِهِ ... مَالَتْ عَلَيْهِ
الغُصُونُ تَقْرَؤُهَا ...
وَفِيه أَقُول ... انْظُرْ لِشَنَّيلٍ يُقَابِلُ وَجْهَهُ ... وَجْهَ
الهِلالِ كَقَارِئٍ أَسْطَارَهُ
لَمَّا رَآهُ مِعْصَماً قَدْ زَانَهُ ... وَشْيُ الصِّبَا أَلْقَى
عَلَيْهِ سِوَارَهُ ...
وَفِي بسيطها يَقُول أَبُو جَعْفَر عَم وَالِدي ... سَرِّحْ لِحَاظَكَ
حَيْثُ شِئْتَ فَإنَّهُ ... فِي كُلِّ مَوْقِعِ لَحْظَةٍ مُتَأَمَّلُ
...
وَمن متنزهاتها الْمَشْهُورَة حور مُؤَمل واللشتة والزاوية والمشايخ
وَقد ذكر أَبُو جَعْفَر بن سعيد الْحور فِي شعر تقدم إنشاده وَذكره فِي
موشحته البديعة وَهِي ... ذَهَّبَتْ شَمْسُ الأصِيلِ فِضَّةَ النَّهْرِ
أَيَّ نَهْرٍ كَالمُدَامَهْ
صَيَّرَ الظِّلَّ فِدَامَهْ
نَسَجَتْهُ الرِّيحُ لامَهْ
وَثَنَتْ لِلْغُصْنِ لامَهْ
فَهُوَ كَالعَضْبِ الصَّقِيلِ حُفَّ بالسُّمْرِ
مُضْحِكاً ثَغْرَ الكِمَامِ
مُبْكِياً جَفْنَ الغَمَامِ ...
(2/103)
.. مُنْطِقاً وُرْقَ الحَمَامِ
دَاعِياً إلَى المُدَامِ
فَلِهَذَا بِالقُبُولِ خُطَّ كَالسَّطْرِ
حَبَّذَا بِالحَوْرِ مَغْنَى
هِيَ لَفْظٌ وَهُوَ مَعْنَى
مُذْهِبُ الأشْجَانِ عَنَّا
كَمْ دَرَيْنَا كَيْفَ سِرْنَا
ثُمَّ فِي وَقْتِ الأصِيلِ لَمْ نَكُنْ نَدْرِي
قُلْتُ وَالمَزْجُ اسْتَدَارَا
بِذُرَى الكَأسِ سِوارَا
سَالِباً مِنَّا الوَقَارَا
دَائِراً مِنْ حَيْثُ دَارَ
صَادَ أطْيَارَ العُقُولِ شَبَكُ الخَمْرِ
وَعَدَ الحِبُّ فَأَخْلَفْ
وَاشْتَهَى المُطِلَ فَسَوَّفَ
وَرَسولِي قَدْ تَعَرَّفْ
مِنْهُ مَا أدْرِي فَحَرَّفْ
بِاللهِ قُلْ يَا رَسُولِي لِشْ يَغِبْ بَدْرِي ...
(2/104)
ونجد مَكَان مطل على بسيطها من أشرف
متنزهاتها فِيهِ يَقُول عالمها أَبُو الْحسن سهل بن مَالك ... كُلُّ
وَجْدٍ سَمِعْتُمْ دُونَ وَجْدِي ... لأّصِيلٍ يَفُوتُ طَرْفِي
بِنَجْدِ
حَيْثُ جَرَّرْتُ ذَيْلَ كُلِّ مُجُونٍ ... بَيْنَ حُورٍ تَمِيسُ فيهِ
وَرَنْدِ
وَسَوَاقٍ كَأنَّهُنَّ سُيُوفٌ ... جُرِّدَتْ فِي الرِّيَاضِ مِنْ
كُلِّ غِمْدِ ...
التَّاج
كَانَت قَاعِدَة المملكة إلبيرة فَلَمَّا وَقع مَا بَين الْعَرَب
والعجم فِي مُدَّة عبد الله المرواني سُلْطَان الأندلس انحاز الْعَرَب
إِلَى غرناطة وَقَامَ بملكهم سوار ابْن أَحْمد الْمحَاربي فَقتله أهل
إلبيرة فَقَامَ بهم بعده
412 - سعيد بن سُلَيْمَان بن جودي السَّعْدِيّ
وَكَانَ فَارِسًا جواداً شَاعِرًا وَمن شعره قَوْله يُخَاطب عبد الله
المرواني ... قُلْ لِعَبْدِ اللهِ يَشْدُدْ فِي الهَرَبْ ... نَجَمَ
الثَّائِرُ مِنْ وَادِي الْقصب ...
(2/105)
.. يَا بَنِي مَرْوَانَ خَلُّوا مُلْكَنَا
... إنَّمَا المُلْكُ لأبْنَاءِ العَرَبْ
قَرِّبُوا الوَرْدَ المُحلي بِالذَهَبْ ... وَاسْرِجُوهُ إنَّ نَجْمِي
قَدْ غَلَبْ ...
وَآل أمره إِلَى أَن غدر بِهِ قومٌ من أَصْحَابه وقتلوه وثار بهَا بعده
مُحَمَّد ابْن أضحى الْهَمدَانِي
دولة صنهاجة كَانَت فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف وَأول مُلُوكهمْ بغرناطة
413 - زاوي بن زيري بن مُنَاد الصنهاجي
كَانَ داهية البربر خرب أَصْحَابه مَدِينَة إلبيرة وعاثوا فِيهَا
وَأظْهر هُوَ الْإِنْكَار لذَلِك وَالْعدْل وَقَامَ بالمملكة واقتعد
مَدِينَة غرناطة وَهزمَ المرتضى المرواني وَعظم قدره ثمَّ خَافَ الكرة
من أهل الأندلس فَرَحل بِمَا حازه من الذَّخَائِر الْعَظِيمَة إِلَى
إفريقية وَبَقِي بغرناطة ابْن أَخِيه
(2/106)
414 - حبوس بن
ماكس بن زيري
فاستبد بملكها قَالَ ابْن حَيَّان وَكَانَ على مَا فِيهِ من الْقَسْوَة
يصغي الْأَدَب وَكَانَ غليظ الْعقَاب فَارِسًا شجاعاً جباراً مستكبرا
كَامِل وليه وَلما مَاتَ ورث الْملك ابْنه
415 - باديس بن حبوس
وَكَانَ من أبطال الحروب وشجعانها يضْرب بِهِ الْمثل فِي شدَّة
الْقَسْوَة سك الدِّمَاء وَعظم ملكه بهزيمة زُهَيْر ملك المرية وَقَتله
واستيلائه على ئنة وَكَانَ على مَا فِيهِ من الْقَسْوَة حسن السياسة
منصفا حَتَّى من أَقَاربه فت لَهُ يوماص عجوزٌ فشكت عقوق ابْنهَا
وَأَنه مد يَده إِلَى ضربهَا احضره وَأمر بِضَرْب عُنُقه فَقَالَت لَهُ
با مولَايَ مَا أردْت إِلَّا ضربه بِالسَّوْطِ فَقَالَ لست بمعلم
صبيانٍ وَضرب عُنُقه وَمَات فورث الْملك بعده ابْن أَخِيه
(2/107)
416 - عبد الله
بن بلقين بن حبوس
وَمن يَده أَخذهَا أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين حِين استولى على
مُلُوك الطوائف فتداول عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين إِلَى أَن انقرضت
دولتهم فَقَامَ بهَا من الأندلسين
417 - أَبُو الْحسن عَليّ بن أضحى الْهَمدَانِي
من بَيت عَظِيم بهَا قد صَحَّ لَهُ ملكهَا فِيمَا تقدم وَكَانَ قد ولي
قَضَاء الْقُضَاة بغرناطة واشتهر بالجود وَجل قدره فصح لَهُ الْقيام
بِملك غرناطة إِلَّا أَنه لم يبْق إِلَّا قَلِيلا وَتُوفِّي حتف أَنفه
وَمن شعره قَوْله وَقد دخل مَجْلِسا غاصَّاً فَجَلَسَ فِي أخريات
النَّاس وَأَرَادَ التَّنْبِيه على قدره ... نَحْنُ الأهِلَةُ فِي
ظَلامِ الحِنْدِسِ ... حَيْثُ احْتَلَلْنَا فَهُوَ صدر الْمجْلس
إِن يذهب الدَّهْر الخئون بِعِزِّنَا ... ظُلْماً فَلَمْ يَذْهَبْ
بِعِزِّ الأنْفُسِ ...
وَولي بعده أَمر غرناطة ابْنه أضحى ثمَّ صَارَت للمستنصر بن هود وَوَقع
فِيهَا تَخْلِيط إِلَى أَن ملكهَا المصامدة وتداول ولاتهم ثمَّ صَارَت
لِابْنِ هود
(2/108)
المتَوَكل الَّذِي ملك الأندلس فِي عصرنا
وتداولت عَلَيْهَا ولاته ثمَّ مَاتَ ابْن هود فاتخذها كرسياً
418 - أَمِير الْمُسلمين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن
الْأَحْمَر المرواني
وَهُوَ إِلَى الْآن بهَا مثاغراً لعساكر النَّصَارَى الْكَثِيرَة
بِدُونِ ألف فَارس وَهُوَ من عجائب الدَّهْر فِي الفروسية والإقدام
والسعادة فِي لِقَاء الْعَدو وَيفهم الشّعْر وَيكثر مطالعة التَّارِيخ
وَقد ملك إشبيلية وَقتل ملكهَا المعتضد الْبَاجِيّ وَكنت حينئذٍ
هُنَالك وأنشدته قصيدة أَولهَا ... لِمِثْلِكَ تَنْقَادُ الجَيَوشُ
الجَّحَافِلُ ... وَتُذْخَرُ أبْنَاءُ القَنَا وَالقَنَابِلُ ...
ذَوُو الْبيُوت
419 - أَبُو الْحسن عَليّ بن جودي
من ولد سعيد بن جودي الْمَذْكُور فِي مُلُوك غرناطة قَرَأَ على أبي بكر
بن باجة فيلسوف الأندلس فاشتهر بذلك واتهم فِي دينه فَطلب ففر
(2/109)
وَصَارَ مَعَ قطاع طَرِيق بَين الجزيرة
الخضراء وقلعة خولان وَقَالَ فِي ذَلِك ... أَرُومُ بِعَزْمَانِي
تَنَاسِيَ عَهْدِكُمْ ... فَتَأْبَى عَلَيْنَا فيكُمُ العَزَمَاتُ
فَأُقْسِمُ لَوْلا البُعْدُ مِنْكُمُ لَسَرَّنِي ... ثَوَانِي
بِالغَابَاتِ وَهِيَ فَلاَةُ
فَإنَّ بِهَا مِنْ رَهْطِ كَعْبٍ وَعَامِرٍ ... سَرَاةً نَمَتْهُمْ
لِلْعَلاءِ سَرَاةُ
أَبَوْا أَنْ يَحُلُّوهَا بَلادَ حَضَارَةٍ ... مَخَافَةَ ضَيْمٍ
وَالكُفَاةُ أُبَاةُ
فَخَطُّوا بِأُمِّ القَفْرِ دَارَاً عَزِيزَةً ... تُمَارُ عَلَى
حُكْمِ القنا وتقات
فياليت شعري والمنى تخدع الْفَتى ... ودأب اللَّيَالِي مُلْتَقَىً
وَشَتَاتُ
أَفُرْقَتُنَا هَذِي تَكُونُ لِقَاءَةً ... أَمِ الدَّهرُ يَأْسٌ
بَعْدَكُمْ وَبَتَاتُ ...
وَأنْشد لَهُ وَالِدي ... نبهته وعيون الزهر نَائِمَة ... والطل
يَبْكِي وَثَغْرُ الكَاسِ يَبْتَسِمُ
وَالبَرْقُ يَرْقُمُ مِنْ برد الدجى علما ... والزهر عِقْدٌ بِجِيدِ
النَّهْرِ مُنْتَظِمُ
حَتَّى بَدَتْ رَايَةُ الإصْبَاحِ زَاحِفَةً ... فِي كَفِّ ذِي ظَفَرٍ
وَاللَّيْلُ مُنْهَزِمُ ...
420 - جودي بن جودي من أَعْلَام هَذَا الْبَيْت سكن مَدِينَة وَادي آش
وَبَينه وَبَين وَالِدي مخاطبات وأنشدني وَالِدي من شعره قَوْله ...
شربنا وَبرد اللَّيْل يطويه صبحه ... وأردية الشَّمْسِ المُنِيرَةِ
تُنْشَرُ
وَقَدْ هَتَفَتْ وُرْقَ الحَمَامِ بدوحها ... وكف الصَّبَا زَهْرَ
الحَدَائِقِ تَنْثُرُ
مُشَعْشَعَةً رَقَّتْ وَرَاقَتْ كَأَنَّمَا ... يصاغ لَهَا مِنْ
صَنْعَةِ المَزْجِ جَوْهَرُ ...
(2/110)
.. إِذا قهقه الإبريق قَالُوا تَكَلَّمت
... كَمَا أنَّهَا عَنْ أَعْيُنِ المَزْجِ تُنْظَرُ
وَإنْ لُمِحَتْ فِي كأسها رفرفت هوى ... عَلَيْهَا نُفُوسٌ
بِالتَنَسُّمِ تَسْكَرُ ...
421 - عبد الرَّحِيم بن الْفرس يعرف بِالْمهْرِ
قَرَأَ مَعَ وَالِدي وَكَانَ يصفه بالذكاء المفرط والتفنن والتقدم فِي
الفلسفة وَآل أمره إِلَى أَن سمت نَفسه لطلب الْهِدَايَة فأظهر أَنه
القحطاني الَّذِي ذكر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ لَا
تقوم السَّاعَة حَتَّى يَقُود النَّاس طوع عَصَاهُ وَكَانَ قِيَامه فِي
برابر لمطة فِي قبْلَة مراكش وَقَالَ يُخَاطب بني عبد الْمُؤمن شعرًا
اشْتهر مِنْهُ ... قُولُوا لأبْنَاءِ عَبْدِ المُؤْمِنِ بن عَليّ ...
تأهبوا لُوُقُوعِ الحَادِثِ الجَلَلِ
قَدْ جَاءَ سَيِّدُ قَحْطَانٍ وعالمها ... ومنتهي القَوْلِ
وَالغَلاَّبِ لِلْدُوَلِ
النَّاسُ طَوْعُ عَصَاهُ وَهُوَ سائقهم ... بِالْأَمر وَالنَهْيِ
نَحْوَ العِلْمِ وَالعَمَلِ
فَبَادِرُوا أَمْرَهُ فَاللهُ نَاصِرُهُ ... وَاللهُ خَاذِلُ أَهْلِ
الزِّيْغِ وَالمَيَلِ ...
وَآل أمره مَعَهم إِلَى أَن قَتَلُوهُ وَأَرْسلُوا رَأسه إِلَى مراكش
فعلق على بَاب الشَّرِيعَة
(2/111)
422 - أَبُو بكر عبد الرَّحْمَن بن أبي
الْحسن بن مسْعدَة
بَيت رفيع فِي غرناطة أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ من كتاب عُثْمَان
بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة وَلما قتل عُثْمَان الْمَذْكُور أَبَا
جَعْفَر بن سعيد كتب ابْن مسْعدَة إِلَى أَبِيه عبد الْملك ين سعيد
رِسَالَة مِنْهَا ... أبتها النَّفْسُ أَجْمِلِي جَزَعَا ... إنَّ
الَّذِي تَحْذَرِينَ قَدْ وَقَعَا ...
سَيِّدي الْأَعْلَى نِدَاء من كَاد قلمه لَا يطيعه وَمن تمحو مَا كتبه
دُمُوعه مثلك لَا يعلم التعزي وَمثل الْمَفْقُود رَحْمَة الله عَلَيْهِ
لَا يُؤمر بِالصبرِ عَنهُ ... إذَا قَبَحَ البَكَاءُ عَلَى قَتِيلٍ ...
رَأَيْتُ بُكَاءَكَ الحَسَنَ الجَمِيلا ...
وَلَا أقلَّ من أَن تَدْمَع الْعين ويحزن الْقلب وَلَا بِفعل مَا يوهن
الْمجد وَلَا يُقَال مَا يسْخط الرب وسيدي وَإِن كَانَ المرحوم نجله
فَإِنِّي فِي الْحزن عَلَيْهِ لَا يبعد أَن أكون مثله فَذكر هـ الْحسن
أخلاقه وأفعاله الَّتِي كَانَت تدل على طيب أعراقه ... كَأَنَّكً لَمْ
تَكُنْ إِلْفِي وَخِلِّي ... وَلَمْ أَقْطَعْ بِكَ اللَّيْلَ
الطَّوِيلا ...
(2/112)
423 - أَخُوهُ أَبُو يحيى مُحَمَّد
ذكر لي وَالِدي أَنه كَانَ يكْتب مَعَ أَخِيه الْمَذْكُور لعُثْمَان بن
عبد الْمُؤمن وأنشدني من شعره قَوْله ... لَا تَدْعُنِي إلاَّ لِشَدْوٍ
وَرَاحْ ... وَشَادِنٍ كَالمُهْرِ جَمِّ المُرَاحْ
مُهَفْهَفٍ هَمَّتْ لَهُ وَجْنَةٌ ... تُسْفِرُ فِي جنح الدجى عَن صباح
أَسْكَتَنِي الخَوْفُ كَخِلْخَالِهِ ... لَكِنْ هَوَاهُ رَدَّنِي
كَالوِشَاحْ ...
424 - عبد الرَّحْمَن بن الْكَاتِب
تأثل هَذَا الْبَيْت بغرناطة إِلَى الْآن وَكَانَ عبد الرَّحْمَن هَذَا
يكْتب عَن مُحَمَّد ابْن سعيد صَاحب القلعة وإياه يُخَاطب بقوله ...
يَا أيُّهَا القَائِدُ المُعَلَّى ... وَمَنْ لَدَيْهِ النَّوَالُ
نَهْبُ
لَيْسَ عَلَى غَيْرِكَ اتِّكَالِي ... وَأَنْتَ بَدْرِي الَّذِي
أُحِبُّ
وَقَدْ تَرَقَّى بِكُمُ أُنَاسٌ ... أَلْسُنُهُمْ بِالثَنَاءِ رَحْبُ
وَهَا أنَا فِي الحَضِيضِ ثَاوٍ ... وَهُمْ بِأُفْقِ العَلاءِ شُهْبُ
...
425 - ابْنه أَبُو عبد الله مُحَمَّد
ذكر وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ وَكَانَ من اطرف النَّاس واستكتيه
مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن وَمن شعره قَوْله
(2/113)
.. يُعِدُّ رِجَالٌ آخَرِينَ لِدَهْرِهِمْ
... وَمِنْ بَعْدُ لَا يَحْظَوْنَ مِنْهُمُ بِطَائِلِ
وَقَلَّ غَنَاءً عَنْكَ قَوْلُكَ صَاحِبِي ... وَمَالَكَ مِنْهُ غَيْرُ
عَضِّ الأنَامِلِ ...
426 - إِسْمَاعِيل بن يُوسُف بن نغرلة الْيَهُودِيّ
من بَيت مَشْهُور فِي الْيَهُود بغرناطة آل أمره إِلَى ان استوزره
باديس ابْن حبوس ملك غرناطة فاستهزأ بِالْمُسْلِمين وَأقسم أَن ينظم
جَمِيع الْقُرْآن فِي أشعارٍ وموشحات يُغني بهَا فآل أمره إِلَى أَن
قَتله صنهاجة أَصْحَاب الدولة بِغَيْر أَمر الْملك ونهبوا دور
الْيَهُود وقتلوهم
وَمن شعره الَّذِي نظم فِيهِ الْقُرْآن قَوْله ... نَقَشَتْ فِي
الخَدِّ سَطْراً ... مِنْ كِتَابِ اللهِ مَوْزُونْ
لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى ... تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونْ ...
وَأنْشد لَهُ صَاحب المسهب قَوْله ... يَا غَائِباً عَنْ نَاظِرِي لَمْ
يَغِبْ ... عَنْ خَاطِرِي رِفْقاً عَلَى الصَّبِّ
فَمَا لَهُ فِي البُعْدِ مِنْ سَلْوَةٍ ... وَمَا لَهُ سُولٌ سِوَى
القُرْبِ
صُوِّرَتْ فِي قَلْبِي فَلَمْ تَبْتَعِدْ ... عَنْ نَاظِرِ الفِكْرَةِ
بِالحُبِّ
مَا أَوْحَشَتْ طَلْعَةُ مَنْ لَمْ يَزَلْ ... يُنْقَلُ مِنْ طَرْفٍ
إِلَى قلب ...
(2/114)
427 - ابْنه يُوسُف
كَانَ صَغِيرا لما قتل أَبوهُ بغرناطة وصلب فِي نهر سنجل فهرب إِلَى
إفريقية وَكتب من هُنَالك إِلَى أهل غرناطة شعره الْمَشْهُور الَّذِي
مِنْهُ ... أَقَتِيلاً بِسَنْجَلٍ لَيْسَ تخسى ... حَشْرَ جِسْمٍ
وَقَدْ سَمِعْتَ النَّصِيحَا
غَودِرَ الجِسْمُ فِي التُّرَابِ طَرِيْحاً ... وَغَدَا الرُّوحُ فِي
البَسِيطَةِ رِيحَا
أَيُّهَا الغَادِرُونَ هَلاَّ وَفَيْتُمْ ... وَفَدَيْتُمْ شِبْهَ
الذَّبِيح الذبيحا
إِن يكن قتلكم لَهُ دون ذَنْب ... قد قَتَلْنَا مِنْ قَبْلِ ذَاكَ
المَسِيحَا
وَنَبِيَّاً مِنَ هَاشِمٍ قَدْ سَمَمْنَا ... خَرَّ مِنْ أَكْلَةِ
الذِّرَاعِ طَرِيحَا ...
الوزراء
428 - عبد الرَّحِيم بن عبد الرَّزَّاق وَزِير عبد الله بن بلقين ملك
غرناطة
ذكره صَاحب الذَّخِيرَة وَأنْشد لَهُ قَوْله ... صَبَّ عَلَى قَلْبِي
هَوَىً لاعِجُ ... وَدَبَّ فِي جِسْمِي ضَنَىً دَارِجُ
فِي شَادِنٍ أَحوَرَ مُسْتَأْنِسٍ ... لِسَانُ تَذْكَارِي بِهِ لاهِجُ
مَا قَدْرُ نُعْمَانَ إذَا مَا مَشَى ... وَمَا عَسَى تَبْلُغُهُ
عَالِجُ ...
(2/115)
429 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الإِمَام
كَاتب تميمٍ بن يُوسُف بن تاشفين ملك غرناطة وتغرب بعد هروبه من غرناطة
وسافر إِلَى مصر
وَمن شعره قَوْله ... يَا لَيْتَ شِعْرِي وَالأمَانِي كُلُّها ...
زُورٌ يَغُرُّكّ أوْ سَرَابٌ يَلْمَعُ
هَلْ تربعين رَكَائِبِي فِي بَلْدَةٍ ... أمْ هَكَذَا خُلِقَتْ تَخُبُّ
وَتُوضِعُ
فِي كُلِّ يَوْمٍ مَنْزِلٌ وَأَحِبَةٌ ... كَالظِلِّ يُلْبَسُ
لِلْمَقِيلِ وَيُخْلَعُ ...
الْكتاب
430 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن الجراوي
من أَعْيَان كتاب غرناطة فِي مُدَّة الملثمين وَمن شعره قَوْله فِي
رثاء ... حنانيك قد أبكيت حَتَّى الغمائما ... وشققت عَن ازهارهن
الكمائما
وأدميت خدا للبروق بلطمها ... وخلفت مِنْ نَوْحِ الرُّعُودِ مَآتِمَا
وَلَمْ يَبْقَ قَلْبٌ لَا يقلبه الأسى ... وأشجيت فِي أَغْصَانِهِّنَ
الحَمَائِمَا ...
(2/116)
الْعمَّال
431 - أَبُو مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن مَالك
صَاحب مُخْتَصّ أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين فِي غرناطة
وَغَيرهَا من بِلَاد الأندلس
ذكره الحجاري وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ فِي وَصفه ناهيك من سيدٍ لم
يقتنع إِلَّا بالغاية وَلَا وقف إِلَّا عِنْد النِّهَايَة وَأنْشد لَهُ
قَوْله وَقد طرب فِي سماعٍ فشق ثِيَابه ... لَا تَلُمْنِي بِأَنْ
طَرِبْتُ لِشَدْوٍ ... يَبْعَثُ الأُنْسَ فَالكَرِيمُ طَرُوبُ
لَيْسَ شَقُّ الجُيُوبِ حَقاً عَلَيْنَا ... إنَّمَا الحَقُّ أَنْ
تُشَقَّ القُلُوبُ ...
الْقُضَاة
أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق بن عَطِيَّة قَاضِي غرناطة
مَذْكُور فِي القلائد والمسهب وَهُوَ صَاحب التَّفْسِير الْكَبِير فِي
الْقُرْآن وَقد ولي أَبوهُ أَيْضا قَضَاء غرناطة وَمن أحسن شعره قَوْله
(2/117)
.. وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ جِبَالَ رَضْوَى
... تَزُولُ وَأَنَّ وِدَّكَ لَا يَزُولُ
وَلَكِنَّ الزَّمَانَ لَهُ انْقِلابٌ ... وَأَحْوَالُ ابْنِ آَدَمَ
تَسْتَحِيلُ
فَإِنْ يَكُ بَيْنَنَا وَصْلٌ جَمِيلٌ ... وَإلاَّ فَلْيَكُنْ هَجْرٌ
جَمِيلُ ...
الْعلمَاء
433 - أَبُو عَمْرو حَمْزَة بن عَليّ الغرناطي المؤرخ
ذكر وَالِدي أَن لَهُ كتابا فِي تَارِيخ الْفِتْنَة الَّتِي انقرضت
بهَا دولة الملثمين وَمن شعره قَوْله ... يَا وَاحِدًا فِي الْمَعَالِي
مَاله تَالِي ... حَسِّنْ بِفَضْلِكَ يَا مَوْلايَ أَحْوَالِي
فَقَدْ ظَمِيتُ إلَى وَرْدٍ وَلَيْسَ سِوَى ... نَدَاكَ يَرْوِي
غَلِيلاً شَفَّ أَوْصَالِي
فَلَسْتُ أَبْرَحُ طُولَ الدَّهْرِ مُجْتَهدا ... أثني عَلَيْك بِمَا
تسطيع أَقْوَالِي ...
434 - أَبُو بكر يحيى بن الصَّيْرَفِي المؤرخ الغرناطي
أَخْبرنِي وَالِدي أَن لَهُ تَارِيخا وموشحاته مَشْهُورَة وَمن شعره
قَوْله ... أَجْرَتْ دَمِي تَحْتَ اللِّثَامِ لِثَامَا ... وَسَقَتْ
وَلَمْ تَدُرِ الكُؤُوسُ مُدَامَا
شَمْسٌ إذَا سَرَقَتْ مَعَاطِفَ بَانَةٍ ... فِي ثَوْبِهَا سَجَعَ
الحُلِيُّ حَمَامَا ...
(2/118)
.. وَتَنَفَّسَتْ فِي الصُّبْحِ مِنْهَا
رَوْضَةٌ ... بَاتَتْ تُنَادِمُ بَارِقَاً وَغَمَامَا
نَجْدٌ بِهِ عَثَرَ النَّسِيمُ بِمِسْكَةٍ ... فِي تُرْبِهَا
فَتَفَرَّقَتْ أَنْسَامَا ...
أَبُو بكر مُحَمَّد بن الْحسن بن باجة
فيلسوف الأندلس وإمامها فِي الألحان ذمه صَاحب القلائد بالتعطيل
وَقَالَ فِي وَصفه رمد جفن الدّين وكمد نفوس المهتدين وَأَطْنَبَ فِي
الثَّنَاء عَلَيْهِ صَاحب المسهب والسمط وَكَانَ جليل الْمِقْدَار وَقد
استوزره أَبُو بكر بن تيفلويت ملك سرقسطة وَأكْثر ابْن باجة من رثائه
وغنى بهَا فِي ألحان مبكية من ذَلِك قَوْله ... سَلامٌ وَإِلْمَامٌ
وَرُوحٌ وَرَحْمَةٌ ... عَلَى الجَّسَدِ النَّائِي الَّذِي لَا
أَزُورُهُ
أَحَقَّاً أَبَا بَكْرٍ تَقَضَّى فَمَا يُرَى ... تَرُدُّ جَمَاهِيرَ
الوُفُودِ سُتُورُهُ
لَئِنْ أَنِسَتْ تِلْكَ القُبُورُ بِقَبْرِهِ ... لَقَدْ أَوْحَشَتْ
أَمْصَارُهُ وَقُصُورُهُ ...
وَقَوله ... يَا صَدَىً بالثغر جاوره ... رمم بوركن من رمم
صحبتك الخَيْلُ غَادِيَةً ... وَأَثَارَتْكَ فَلَمْ تَرِمِ
قَدْ طَوَى ذَا الدَّهْرُ بِزَّتَّهُ ... عَنْكَ فَالْبِسْ بِزَّةَ
الكَرَمِ ...
(2/119)
436 - تِلْمِيذه أَبُو عمر مُحَمَّد بن
الحمارة الغرناطي
برع فِي علم الألحان واشتهر عَنهُ أَنه كَانَ يعمد للشعراء فَيقطع
الْعود بِيَدِهِ ثمَّ يصنع عوداً للغناء وينظم الشّعْر ويلحنه ويغني
بِهِ وَمن شعره قَوْله وَهُوَ غايةٌ فِي علو الطَّبَقَة ... إِذا ظن
وكرا مقلتى طَائِر الْكرَى ... رأى هُدْبَهَا فَارْتَاعَ خَوْفَ
الحَبَائِلِ ...
وَقَوله فِي رثاء زَوجته ... وَلَمَّا أَنْ حَلَلْتِ التُّرْبَ قُلْنَا
... لَقَدْ ضَلَّتْ مَوَاقِعَهَا النُّجُومُ
أَلا يَا زَهْرَةً ذَبُلَتْ سَرِيعا ... اضن المزن رَكَدَ النَّسِيمُ
...
الشُّعَرَاء
437 - مطرف بن مطرف
اجْتمع بِهِ وَالِدي وَأثْنى عَلَيْهِ فِي طَريقَة الشّعْر وَذكر أَنه
قَتله النَّصَارَى فِي الْوَقْعَة الَّتِي كَانَت سنة تسع وسِتمِائَة
وَأنْشد لَهُ قَوْله
(2/120)
.. أَنَا صَبُّ كَمَا تَشَاءُ وَتَهْوَى
... شَاعِرٌ مَاجِنٌ خَلِيعٌ جَوَّادُ
أَرْضَعَتْنِي العِرَاقُ ثَدْيَ هَوَاهَا ... وَغَذَتْنِي بِظَرْفِهَا
بَغْدَادُ
رَاحَتِي لَوْعَتِي وَإِنْ طَالَ سُقُمٌ ... وَتَوَالَى عَلَى
الجُفُونِ سُهَادُ
سُنَّةٌ سَنَّهَا قَدِيمَاً جميل ... وأتى المحدثون مثلي فزادوا ...
438 - نزهون بنت القلاعي
شاعرة ماجنة كَثِيرَة النَّوَادِر وَهِي الَّتِي قَالَت لأبي بكر بن
قزمان الزجال وَقد بَات بغفارة صفراء وَكَانَ قَبِيح المنظر أَصبَحت
كبقرة بني إِسْرَائِيل وَلَكِن لَا تسر الناظرين وَدخل الكتندي على
الْأَعْمَى المَخْزُومِي وَهِي تقْرَأ عَلَيْهِ فَقَالَ للمخزومي أجز
لَو كنت تبصر من تكَلمه
فأفحم الْأَعْمَى وَلم يحر جَوَابا
فَقَالَت نزهون ... لَغَدَوْتَ أَخْرَسَ مِنْ خَلاَخِلِهِ
البَدْرُ يَطْلَعُ مِنْ أَزِرَّتِهِ ... وَالغُصْنُ يَمْرَحُ فِي
غَلائِلِهِ ...
(2/121)
الْأَهْدَاب موشحة مَشْهُورَة لعبد
الرَّحِيم بن الْفرس الغرناطي ... يَا مَنْ أُغَالِبُهُ وَالشَّوْقُ
أَغْلَبُ
وَأَرْتَجِي وَصْلَهُ وَالنَّجْمُ أَقْرَبُ
سَدَدْتَ بَابَ الرِّضَا عَنْ كُلِّ مَطْلَبٍ
زُرْنِي وَلَوْ فِي المَنَامِ وَجُدْ وَلَوْ بِالسَّلامِ
فَأَقَلُّ القَلِيلِ يَبْقَي ذَمَاءَ المُسْتَهَامِ
كَمْ ذَا أُدَارِي الهَوَى وَكَمْ أُعَانِيهِ
وَلَوْ شَرَحْتُ القَلِيلَ مِنْ مَعَانِيهِ
أَمْلَلْتُ أَسْمَاعَكُمْ مِمَّا أُرَانِيهِ
هَيْهَاتَ بَاعُ الكَلامِ مَا إنْ يَفِي بِغَرَامِ
أَيْنَ قَالٌ وَقِيلْ عَنْ زَفْرَتِي وَهُيَامِي
أَمَّا هَوَاكُمْ فَفِي قَلْبِي مَصُونُ
لَيْسَتْ مُرَجَّمَةً فِيهِ الظُّنُونْ
إِنْ لَمْ أَصُنْهُ أَنَا فَمَنْ يَكُونْ
نَزَّهْتُ فِيهِ مَقَامِي ... عَنْ خَوْضِ أَهْلِ المَلامِ
أَيْنَ مِنِّي جَمِيلْ ... وَعُرْوَةُ بْنِ حِزَامِ ...
(2/122)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه
فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب
مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب الحوش فِي حلي قَرْيَة شوش قَرْيَة
مَشْهُورَة على نهر كَبِير يمر على مَدِينَة إستجة وَيصب فِي نهر قرطبة
مِنْهَا
439 - أَبُو المخشي عَاصِم بن زيد ابْن يحيى بن يحيى بن حَنْظَلَة بن
عَلْقَمَة بن عدي بن زيد التَّمِيمِي ثمَّ الْعَبَّادِيّ 2
من المسهب أَن أَبَاهُ دخل الأندلس من الْمشرق مَعَ جند دمشق فَنزل
بقرية شوش وَنَشَأ ابْنه على قَول الشّعْر واشتهر بِهِ إِلَّا أَنه
كَانَ جسوراً على الْأَعْرَاض فَقطع لِسَانه هِشَام بن عبد الرَّحْمَن
سُلْطَان الأندلس
(2/123)
وانجبر قَلِيلا واقتدر على الْكَلَام
وَكَانَ الشُّعَرَاء يطعنون فِي نسبه بالنصرانية وَلما قَالَ فِيهِ
ابْن هُبَيْرَة ... أقُلْفَتُكَ الَّتِي قُطِعَتْ بِشَوْشٍ ...
دَعَتْكَ إلَى هَجَائِي وَانْتِضَالِي ...
أَجَابَهُ بقوله ... سَأَلْتَ وَعَنْدَ أُمِّكَ مِنْ خِتاني ...
بَيَانٌ كَانَ يَشْفِي مِنْ سُؤَالِي ...
فغلب عَلَيْهِ وَكَانَ الَّذِي غاظ عَلَيْهِ هِشَام بن عبد الرَّحْمَن
أَنه قَالَ فِي مدح أَخِيه سُلَيْمَان المباين لَهُ ... وَلَيْسَ
كَمِثْلِ مِنْ إنْ سِيْمْ عُرْفاً ... يُقَلِّبُ مُقْلَةً فِيهَا
أعورار ...
وَكَانَ هِشَام أَحول فاعتاظ وَركب مِنْهُ مَا ركب من الْمثلَة وَكبر
ذَلِك على أَبِيه عبد الرَّحْمَن وعنفه وَأحسن إِلَى أبي المخشي وَذكر
ابْن حَيَّان أَنه مَاتَ فِي دولة الحكم بن هِشَام وَأنْشد لَهُ
الْحميدِي ... وَهَمٍّ ضَافَنِي فِي جَوْفِ يَمٍّ 5 كِلاَ
مَوْجَيْهِمَا عِنْدِي كَبِيرُ
فَبِتْنَا وَالقُلُوبُ معاقات ... وَأَجْنِحَةُ الرِّيَاحِ بِنَا
تَطِيرُ ...
(2/124)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه
فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب
المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب السحب المنهلة فِي حلي قَرْيَة عبلة من
قرى غرناطة ينْسب إِلَيْهَا
440 - عبد الله العبلي
شَاعِر جَاءَ ذكره فِي كتاب المقتبس لِابْنِ حَيَّان كَانَ يناضل أهل
غرناطة عَن شعراء إلبيرة فِي تِلْكَ الْفِتَن وَمِمَّا قَالَه فِيهَا
قَوْله ... مَنَازِلُهُمْ مِنْهُم قفار بَلَاقِع ... تجاري السَّفَا
فِيهَا الرِّيَاحُ الزَّعَازِعُ
وَفي القَلْعَةِ الحَمْرَاءِ تبديد جمعهم ... وَمِنْهَا عَلَيْهِمْ
تَسْتَدِيرُ الوَقَائِعُ
كَمَا جَدَّلَتْ آبَاءَهُمْ فِي خَلائِهَا ... أَسنَّتُهَا
وَالمُرْهَفَاتُ القَوَاطِعُ ...
فهاجت هَذِه القصيدة احقادهم
(2/125)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْخَامِس من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب نقش الرَّاحَة فِي
حلي قَرْيَة الملاحة من قرى غرناطة ينْسب إِلَيْهَا
441 - أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الملاحي
مؤرخ غرناطة وأديبها وأدركه وَالِدي وَله تَارِيخ غرناطة وَمن شعره
قَوْله ... أَهْلاً وَسَهْلاً بِالحَبِيبِ الزَّائِرِ ... يَفْدِيهِ
سَمْعِي وَالفُؤَادُ وَنَاظِرِي
مَا ضَرَّ لَيْلاً زَارَنِي فِي جُنْحِهِ ... أَنْ لَيْسَ يُسْفِرُ
عَنْ هِلالٍ زَاهِرِ
عَانَقْتُهُ فَكَأَنَّ كَفِّي لَمْ تَزَلْ ... مِنْ نَشْرِهِ فِي
زَهْرِ رَوْضٍ عَاطِرِ
حَتَّى إذَا مَا الصُبْحُ لاحَ وغردت ... طير أثرن بشجوهن سَرَائِرِي
وَلَّى انْفِصَالاً عَنْ مَسَارِحِ نَاظِرِي ... لَكِنَّهُ لَمْ
يَنْفَصِلْ عَنْ خَاطِرِي ...
(2/126)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة إلبيرة وَهُوَ كتاب الرَّوْض المزدان فِي
حلي قَرْيَة هَمدَان قَرْيَة كَبِيرَة فِي نطاق غرناطة نزلها هَمدَان
مِنْهَا
442 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد الْأنْصَارِيّ الْمَشْهُور بالأبيض
من المسهب أَصله من قَرْيَة هَمدَان وتأدب بإشبيلية وقرطبة وَهُوَ
شَاعِر مَشْهُور وشَّاح حسن التَّصَرُّف هجَّاء وولع بِهِجَاء الزبير
الملثم صَاحب قرطبة فَمن ذَلِك قَوْله ... عَكَفَ الزُّبَيْرُ عَلَى
الضَلاَلَةِ جاهدا ... ووزيره الْمَشْهُور كلب النَّار
مَا زَالَ يَأْخُذ سَجْدَة فِي سَجْدَة ... بَين الكئوس ونغمة الأوتار
(2/127)
فَإِذَا اعْتَرَاهُ السَّهْوُ سَبَّحَ
خَلْفَهُ ... صَوْتُ القِيَانِ وَرَنَّةُ المِزْمَارِ ...
وَقَوله ... قَالُوا الزُّبَيْرُ مُبَرَّصٌ فَأَجَبْتًهُمْ ... لَا
تنكروه فداوه مِنْ عِنْدِهِ
رَضِعَتْ مَبَاعِرُهُ فَأَكْثَرَتْ ... حَتَّى بَدَا رَشْحُ بِجِلْدِهِ
...
وَيخرج من كَلَامه أَن الزبير قَتله وهجا ابْن حمدين قَاضِي قرطبة
بقوله ... يُرِيدُ ابْنُ حَمْدِينَ أَنْ يُعتَفَى ... وَجَدْوَاهُ
أَنْأَى من الْكَوَاكِب
إِذا ذكر الْجُود حك أسنه ... لِيُثْبِتَ دَعْوَاهُ فِي تَغْلِبِ ...
يُشِير بِهَذَا إِلَى قَول جرير فِي الأخطل التغلبي ...
وَالتَّغْلِبِيُّ إذَا تَنَحْنَحَ لِلْقِرَى ... حَكَّ أَسْتَهُ
وَتَمَثَّلَ الأَمْثَالا ...
وَمن أحسن شعره قَوْله فِي مَوْلُود ... يَا خَيْرَ معن وأولاها بعارفة
... لله نُعْمَاءُ عَنْهَا الدَّهْرُ قَدْ نَعَسَا
لِيَهْنِكَ الفَارِسُ الميمون طَائِر ... الله أنْتَ لَقَدْ
أَذْكَيْتَهُ قَبَسَا
أَصَاخَتِ الخَيْلُ آَذَاناً لِصَرْخَتِهِ ... وَارْتَاعَ كُلُّ
هِزَبْرٍ عِنْدَمَا عَطَسَا
تَعَلَّمَ الركض أَيَّام الْمَخَاض بِهِ ... فَمَا امْتَطَى الخَيْلَ
إِلاَّ وَهُوَ قَدْ فَرَسَا
تَعَشَّقَ الدرْع إِذْ شدت لفائفه ... وَأنكر المَهْدَ لَمَّا عَايَنَ
الفَرَسَا
بَشِّرْ قَبَائِلَ مَعْنٍ أَن سَيِّدهَا ... قد أَثْمَرَ المُلْكَ
بِالمَجْدِ الَّذِي غَرَسَا ...
(2/128)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب فِي حلي حصن
شلوبينية من حصون غرناطة البحرية مِنْهَا
443 - أَبُو عَليّ عمر بن مُحَمَّد الشلوبيني
إِمَام نحاة الْمغرب قَرَأت عَلَيْهِ بإشبيلية وَله شرح الجزولية
وَغَيرهَا وشعره على تقدمه فِي الْعَرَبيَّة فِي نهايةٍ من التَّخَلُّف
وَأحسن مَا سمعته مِنْهُ قَوْله فِي غُلَام كَانَ يهواه ويتغزل فِيهِ
اسْمه قَاسم
(2/129)
.. وَمِمَّا شجا قلبِي وفض مدامعي ... هوى
قَدَّ قَلْبِي إِذْ كَلِفْتُ بِقَاسِمِ
وَكُنْتُ أَظُّنُّ الْمِيم أصلا فَلم تكن ... وَكَانَت كَمِيمٍ
أُلْحِقَتْ فِي الزَّرَاقِمِ ...
والزراقم الْحَيَّات مشتقةٌ من الزرقة وَله فِي إقرائه نَوَادِر مضحكة
أعجبها أَن ابْن الصَّابُونِي شَاعِر إشبيلية كَانَ يلقب بالحمار ويحرد
فَلَا ججه يوماص فِي مسألةٍ فَقَالَ لَهُ كَذَا هِيَ يَا حمَار يَا
حمَار إِلَى أَن تدرج حَتَّى قَالَ يَا ملْء السَّمَوَات وَالْأَرْض
حميرا ثمَّ جعل إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ وزحف إِلَى أذيال الْحصْر وَهُوَ
ينهق كالحمار وَقد بَلغنِي أَنه مَاتَ رَحمَه الله
(2/130)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب المسرات فِي عمل
البشرات يَنْقَسِم إِلَى كتاب الثنايا الْعَذَاب فِي حلي حصن الْعقَاب
كتاب البلور فِي حلي حصن بلور كتاب الربوع المسكونة فِي حلي قَرْيَة
ركونة
(2/131)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب عمل البشرات وَهُوَ كتاب الْمُذَاب فِي حلي حصن
الْعقَاب ينْسب إِلَيْهِ
444 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود
من المسهب هُوَ من حصن الْعقَاب وَكَانَ قد اشْتهر فِي غرناطة اسْمه
وشاع علمه وارتسم بالصلاح وَكَانَ يُنكر على ملكهَا كَونه استوزر ابْن
نغرلة الْيَهُودِيّ وعَلى أهل غرناطة انقيادهم لَهُ فسعى فِي نَفْيه
إِلَى إلبيرة فَقَالَ شعره الْمَشْهُور
(2/132)
.. أَلا قُلْ لِصِنْهَاجَةٍ أَجْمَعِينْ
... بُدُورِ الزَّمَانِ وَأُسْدِ العَرِينْ
لَقَدْ زَلَّ سَيِّدُكُمْ زَلَّةً ... أَقَرَّ بِهَا أَعْيُنَ
الشَّامِتينْ
تَخَيَّرَ كَاتِبَهُ كَافِرَاً ... وَلَوْ شَاءَ كَانَ مِنَ
المُسْلِمِينْ
فَعَزَّ اليَهُودُ بِهِ وَانْتَخَوْا ... وَكَانُوا مِنَ العِتْرَةِ
الأَرْذَلِينْ ...
فاشتهر هَذَا الشّعْر وثارت صنهاجة على الْيَهُود فَقَتَلُوهُ وَعظم
قدر أبي إِسْحَاق وَفِي ملازمته سُكْنى الْعقَاب يَقُول ... أَلِفْتُ
العُقَابَ حَذَارِ العِقَابِ ... وَعِفْتُ المَوَارِدَ خَوْفَ
الذُّبَابِ
وَأَبْغَضْتُ نَفْسِي لِعِصْيَانِهَا ... وَعَاقَبْتُهَا بِأَشَدِّ
العِقَابِ
فَكَمْ خَدَعَتَنْي عَلَى أنَّنِي ... بَصِيرٌ بِطُرُقِ الخَطَا
وَالصَّوَابِ
فَلَسْتُ عَلَى الأمْنِ مِنْ غَدْرِهَا ... وَلَوْ حَلَفَتْ لِي بِآَيِ
الكِتَابِ ...
وَقَوله ... قَالُوا أَلا تَسْتَجِيدُ بَيْتاً ... تَعْجَبُ مِنْ
حُسْنِهِ البُيُوتُ
فَقُلْتُ مَا ذَاكُمُ صَوَابٌ ... حَفْشٌ كثير لمن يَمُوتُ
لَوْلا شِتَاءٌ وَلَفْحُ قَيْظٍ ... وَخَوْفُ لِصٍّ وَحِفْظُ قُوتٍ
وَنِسْوَةٍ يَبْتَغِينَ سِتْرَاً ... بَنَيْتُ بِنْيَانَ عَنْكَبُوتٍ
...
وَله ديوَان ملآن من أشعار زهدية وَلأَهل الأندلس غرام بحفظها
(2/133)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب أَعمال البشرات وَهُوَ كتاب البلور فِي حلي حصن بلور
مِنْهَا
445 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبَادَة الْمَعْرُوف بِابْن الْقَزاز
من الذَّخِيرَة من مشاهير الأدباء وَالشعرَاء وَأكْثر مَا اشْتهر فِي
الموشحات الْغَرَض من نظمه قَوْله فِي الْمُعْتَمد بن عباد وَقد جرحت
كَفه يَوْم الزلاقة الَّذِي كَانَ على النَّصَارَى
(2/134)
.. ثَنَاؤُكَ لَيْسَ تَسْبِقُهُ الرِّيَاحُ
... يَطِيرُ وَمِنْ نَدَاكَ لَهُ جَنَاحُ
لَقَدْ حَسُنَتْ بِكَ الدُّنْيَا وَشَبَّتْ ... فعنت وَهِيَ نَاعِمَةٌ
رَدَاحُ
تَطِيبُ بِذِكْرِكَ الأَفْوَاهُ حَتَّى ... كَأَنَّ رِضَابَهَا مِسْكٌ
وَرَاحُ
مَلَكْتَ عَنَانَ دَهْرِكَ فَهُوَ جَارٍ ... كَمَا تَهْوَى فَلَيْسَ
لَهُ جِمَاحُ ...
وَمِنْهَا ... جَلَبْتَ إلَى الأَعَادِي أُسْدَ غَابٍ ... بَرَاثِنُهَا
الأسِنَّةُ وَالصِّفَاحُ
وَقَفْتَ وَمَوْقِفُ الهَيْجَاءِ ضَنْكٌ ... وَفِيهِ لِبَاعِكَ
الرَّحْبِ انْفِسَاحُ
وَأَلْسِنةُ الأَسِنَّةِ قَائِلاتٌ ... إذَا ظهر الْمُؤَيد لَا براح
...
وَمِنْهَا ... وَقَالُوا كَفُّهُ جُرِحَتْ فَقُلْنَا ... أَعَادِيهِ
تُوَافِقُهَا الْجراح
وَمَا أثر الْجراحَة مَا رَأَيْتُمْ ... فتوها المَنَاصِلُ
وَالرِّمَاحُ
وَلَكِنْ فَاضَ سَيْلُ الجُودِ فيهَا ... فَأَمْسَى فِي جَوَانِبِهَا
انْسِيَاحُ
وَقَدْ صَحَّتْ وَسَحَّتْ بِالأَمَانِي ... وَفَاضَ الجُودُ مِنْهَا
وَالسَّمَاحُ ...
وَمن شعره قَوْله ... يَا دَوْحَةً بِظِلالِهَا أَتَفَيَأُ ... بَلْ
مَعْقِلاً آوِي إِلَيْهِ وَأَلْجَأُ
رَمَدَتْ جُفُونِي مُذْ حَلَلْتُ هُنَا وَلَو ... كحلت بِرُؤْيَتِكُمْ
لَكَانَتْ تَبْرَأُ ...
وَمِنْهَا ... لَمْ أَخْتَرِعْ فيكَ المَدِيحَ وَإنَّمَا ... مِنْ
بَحْرِكَ الفيَّاضِ هَذَا اللُؤْلُؤُ ...
(2/135)
وَمن موشحاته قَوْله ... أَذَابَ الخَلَدْ
نَهْدٌ مُنَهَّدْ
وَغُصْنٌ تَأَوَّدْ فِي دِعْصٍ مُلَبَّدْ
عَنْ سُقْمٍ مُكْمَدْ لاهْ
فَدَعْ عَذْلِي يَا مَنْ يَلُومُ
فَلَوْمُكَ لِي فِي الحُبِّ لُوْمُ
أَقْصَى أَمَلِي ظَبْيٌ رَخِيمُ
ابْتَزَّ الجَلَدْ بِلَحْظٍ مُرَقَّدْ
ولِمَّةٍ عَسْجَدْ قَتْلَى قَدْ تَعَمَّدْ
دَمِي تَقَلَّدْ آهْ
وَلَمَّا انْبَرَى لِلْعَامِرِيِّ
خَيَالٌ سَرَى فَعَلَ الكَمِيِّ
شَدَوْتُ الوَرَى شَدْوَ الشَّجِيِّ
البَدْرُ سَجَدَ وَالرِّيمُ أَسجد
لنعلي مُحَمَّد يالخد المُوَرَّدْ
وَالجِيدِ الأَغْيَدْ تاهْ ...
(2/136)
وموشحته ... صِلْ يَا مُنَى المُتَيَّمِ
مَنْ رَاحْ مَقْصُوصَ الجَنَاحْ
صَاغَ الجَمَالَ مِنْ كُلِّ لأْلاءِ
خَدٌ أَدِيمُهُ مِنَ الصَّهْبَاءِ
وَوَجْنَةٌ أَرَقُّ مِنَ المَاءِ
كَأنَّهَا شَقِيقَةُ تُفَّاحْ لَمْ تُلْمَسْ بِرَاحْ ... وَمِنْهَا ...
لَمَّا صَدَرْتَ عَنْ مَوْقِفِ الزَّحْفِ
غَازَلْتَ شَادِناً جَائِرَ الطَّرْفِ
وَقُلْتَ ثَابِعاً سُنَّةَ الظَّرْفِ
بِالحَرَمْ يَا رَشَا مَنْ سَقَا الرَّاحْ عَيْنَيْكْ الملاح ...
(2/137)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من كتب عمل البشرات وَهُوَ
كتاب الربوع المسكونة فِي حلي قَرْيَة راكونة مِنْهَا
446 - حَفْصَة بنت الْحَاج الركونية
ذكر الملاحي فِي تَارِيخه أَنَّهَا دخلت على عبد الْمُؤمن وأنشدته وَقد
استنشدها من شعرهَا ... امْنُنْ عَلَيَّ بِطِرْسٍ ... يَكُونُ فِي
الدَّهْرِ عُدَّهْ
تَخُطُّ يُمْنَاكَ فيهِ الحَمْدُ للهِ وَحْدَهْ ...
وَقد تقدم شعرهَا مَعَ أبي جَعْفَر بن سعيد الَّذِي كَانَ يهواها
ويتغزل فِيهَا وبسببها قتل قَتله عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة
وَكَانَ مشاركاً لَهُ فِي هَواهَا
(2/138)
وَمن رَفِيق شعرهَا قَوْلهَا ... سَلام
يفتح عَن زهرَة الكمام ... وَيُنْطِقُ وُرْقَ الغُصُونْ
عَلَى نَازِحٍ قَدْ ثَوَى فِي الحَشَا ... وَإِنْ كَانَ تُحْرَمُ
مِنْهُ الجُفُونْ
فَلا تَحْسَبُوا البُعْدَ يُنْسِيكُمُ ... فَذَلِكَ وَاللهِ مَا لَا
يَكُونْ ...
وَقَوْلها ... وَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَجْماً لما كَانَ ناظري ... وَقد
غِبْتَ عَنْهُ مُظْلِماً بَعْدَ نُورِهِ
سَلامٌ عَلَى تِلْكَ المَحَاسِنِ مِنْ شَجٍ ... تَنَاءَتْ بِنُعْمَاهُ
وَطِيبِ سروره ...
وَقَوْلها ... سلوا البارق الخفاق وَاللَّيْل سَاكن
أظل بِأَحْبَابِي يُذَكِّرُنِي وَهْنَا
لَعَمْرِي لَقَدْ أَهْدَى لِقَلْبِيَ خفقه
وأمطر عَنْ مُنْهَلِّ عَارِضِهِ الجَفْنَا ...
وكتبت إِلَى عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن وَقد اسْتَأْذَنت عَلَيْهِ يَوْم
عيد ... يَا ذَا الْعلَا وَابْن الْخَلِيفَة وَالإِمَامِ المُرْتَضَى
يَهْنِيكَ عِيدٌ قَدْ جَرَى مِنْهُ بِمَا تهوى القضا
وافاق مَنْ تَهْوَاهُ فِي طَوْعِ الإِجَابَةِ وَالرِّضَا ...
واستأذنت على أبي جَعْفَر بن سعيد بقولِهَا ... زَائِرٌ قد اتى بجيد
الغزال ... مطلع تَحت جذحه لِلْهِلالِ
بِلِحَاظٍ مِنْ سِحْرِ بَابِلَ صِيغَتْ ... وَرُضَابٍ يفوق بنت الدوالي
يفصح الوَرْدَ مَا حَوَى مِنْهُ خَدٌّ ... وَكَذَا الثَّغْرُ فَاضِحٌ
لِلآَلِي
مَا تَرَى فِي دُخُولِهِ بَعْدَ إِذْنٍ ... أَوْ تَرَاهُ لِعَارِضٍ فِي
انْفِصَالِ ...
(2/139)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب الرياش فِي حلي وَادي آش
يَنْقَسِم إِلَى أَرْبَعَة كتب
كتاب فِي مَدِينَة آش
كتاب الجمانة فِي حلي حصن جليانة
كتاب انعطاف الخمصانة فِي حلى حصن منتانة
كتاب مطمع الهمة فِي حلي قَرْيَة جمة
(2/140)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب وَادي آش وَهُوَ كتاب فِي مَدِينَة آش
السلك من الوزراء
447 - الْوَزير أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن شُعْبَة
كَانَ لأبي مُحَمَّد عبد الله بن شُعْبَة الْوَادي آش ابنٌ شَاعِر
فَعرض عَلَيْهِ شعرًا نظمه فأعجبه فَقَالَ ... شِعْرُكَ كَالبُسْتَانِ
فِي شَكْلِهِ ... يَجْمَعُ بَيْنَ الآس والورد ...
(2/141)
.. فَاصْنَعْ بِهِ إِنْ كُنْتَ لِي
طَائِعَاً ... مَا يَصْنَعُ الفَاِرسُ بِالبَنْدِ ...
وَمن شعره قَوْله ... أَبَى لي ذَاك اللحظ ان أعرف الصبرا ... فأبديت
أَشْجَانِي وَلَمْ أَكْتُمِ السِّرَّا
وَبِتُّ كَمَا شَاءَ الغرام مسهدا
ولي مُقْلَةٌ عَبْرَى وَلِي مُهْجَةٌ حَرَّى
وَلامُوا عَلَى ان أرقب النَّجْم حائرا
وَمَا ذَاكَ إلاَّ أَنْ فَقَدْتُ بِكَ البَدْرَا ...
وَمن نثره
كَتَبْتُ أيُّهَا السَيِّدُ الأعْلَى وَالقَدَحُ المُعَلَّى عَن شوق
ينثر الدُّمُوع وَوجد يقْض الصلوع وَوِدٍّ كَالمَاءِ الزُّلالِ لَا
يَزَالُ صَافِياً وَشُكْرٍ مِنَ الأيَّامِ وَاللَّيِالِي لَا يَبْرَحُ
ضَافِيَا ... وَكَيْفَ أنسى أياد عنْدكُمْ سلفت ... والدهر فِي
نَوْمِهِ وَالسَّعْدُ يَقْظَانُ ...
448 - الْوَزير أَبُو مُحَمَّد عبد الْبر بن فرسَان
كَانَ جليل الْقدر شهير الذّكر خدم أَبَا الْحسن عَليّ بن غانية
الميورقي الَّذِي شهرت فتنته بإفريقية وَحضر مَعَه وَمَعَ أَخِيه يحيى
بعده الوقائع الصعبة وضجر فَكتب إِلَى يحيى
(2/142)
.. امْنُنْ بِتَسْرِيحٍ عَلَيَّ فَعَلَّهُ
... سَبَبُ الزِّيَارَةِ لِلْحَطِيمِ وَيَثْرِبِ
وَلَئِنْ تَقَوَّلَ كَاشِحٌ أنَّ الهَوَى ... دَرَسَتْ مَعَالِمُهُ
وَأَنْكَرَ مَذْهَبِي
فَمَقَالَتِي مَا إنْ مَلَلْتُ وَإنَّمَا ... عُمْرِي أَبَى حَمْلَ
النِّجَادِ بِمَنْكِبِي
وَعَجِزْتُ عَن أَن أستثير كمينها ... وأشق بِالصَّمْصَامِ صَدْرَ
المَوْكِبِ ...
وَمن نثره
وَلَمَّا تَلاقَيْنَا مَعَ القَوْمِ الذِينَ دَعَاهُمُ شَيْطَانُ
الفِتْنَةِ إلَى أَنْ يَسْجِدُوا لِلْشِفَارِ وَيَحْمِلُهُمْ سَيْلُ
المِحْنَةِ إلَى دَارِ البَوَارْ أَقْبَلْنَا إقْبَالَ الرِّيحِ
العَقِيمِ مَا تذر من شئ أَنْت عَلَيْهِ إلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَمِيمِ
فَانْجَلَتْ الحَرْبُ عَنْ تَمْزِيقِ الأعْدَاءِ كَلَّ مُمَزَّقٍ
وَأبْصَرْنَاهُمُ كَصَرْعَى السَّكَارَى مِنْ مُدَامِ السَّيْفِ
وَخَفَقَتْ بُنُودُنَا وَسَعْيُهُمْ أَخْفَقَ
وَمن الْعلمَاء
449 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحداد الْقَيْسِي
من السمط المستولي على الآماد المجلي فِي حلبات الأفذاذ والأفراد
وَوَصفه الحجاري وَابْن بسام بالتفنن فِي الْعُلُوم وَلَا سِيمَا
الْقَدِيمَة وديوان
(2/143)
شعره كَبِير جليل وَكَانَ أَكثر عمره عِنْد
المعتصم بن صماد ملك المرية ثمَّ فر عَنهُ إِلَى ابْن هود صَاحب سرقسطة
ثمَّ عَاد
وَمن قصائده الجليلة قصيدته الَّتِي مِنْهَا قَوْله ... دَعْنِي أَسِرْ
بَيْنِ الأَسِنَّةِ وَالظُّبَا ... فَالقَلْبُ فِي تِلْكَ القِبَابِ
رَهِينُ
فَلَعَلَّهُ يَرْوِي صَدَايَ بِلَحْظِهِ ... وَجْهٌ بِهِ مَاءُ
الجَّمَالِ مَعِينُ
أَنْتَ الهَوَى لَكِنَّ سَلْوَانَ الهَوَى قَصْرُ ابْنِ مَعْنٍ
وَالحَدِيثُ شُجُونُ
فَالحُسْنُ أَجْمَعُ مَا يُرِيكَ عِيَانُهُ ... لَا مَا أرَتْهُ
سَوَالِفٌ وَعُيونُ
وَالرَّوْضُ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ سُهُولُهُ ... لَا مَا أَرَتْهُ
أبَاطِحٌ وَحُزُونُ
قَصْرٌ تَبَيَّنَتِ القُصُورُ قُصُورَهَا ... عَنْهُ وَفَضْلُ
الأفْضَلِينَ يَبِينُ
هُوَ جَنَّةُ الدُّنْيَا تَبَوَّأَ ظِلَّهَا ... مَلِكٌ تَمَلَّكَهُ
التُّقَى وَالدِينُ
فَمَنِ ابْنُ ذِي يَزْنٍ وَمَا غُمْدَانُهُ ... النَّقْلُ شَكُّ
وَالعَيَانُ يَقِينُ ...
وَفِي ابْن صمادح قصيدته الَّتِي أَولهَا ... لَعَلَّكَ بِالوَادِي
المُقَدَّسِّ شَاطِئٌ ... فكالعنبر الْهِنْدِيّ مَا انا واطي
ولي فِي السِّرّ مِنْ نَارِهِمْ وَمَنَارِهِمْ ... حَوَادٍ هَوَادٍ
وَالنُّجُومُ طَوَافِئُ ...
وَأَعْلَى شعره قَوْله ... سَامِحْ أَخَالُ إذَا أَتَاكَ بزبة ...
فخلوص شئ قَلما يتَمَكَّن
فِي كل شئ آفَة مَوْجُودَة ... إِن السرج عَلَى سَنَاهُ يُدَخِّنُ ...
وَكَانَ يهوى رُومِية يكنى عَنْهَا بنويرة وَله فِيهَا شعر كثير مِنْهُ
(2/144)
.. وأرات جُفُونِي مِنْ نُوَيْرَةٍ
كَاسِمَهَا ... نَاراً تُضِلُّ وَكُلُّ نَارٍ تُرْشِدُ
وَالمَاءُ أَنْتِ وَمَا يَصُحُّ لِقَابِضٍ ... وَالنَّارُ أَنْتِ وَفي
الحَشَا تَتَوَقَّدُ ...
وَمن الشُّعَرَاء
450 - ناهض بن إِدْرِيس
أَخْبرنِي وَالِدي أَنه اجْتمع بِهِ وَكَانَ من مداح نَاصِر بني عبد
الْمُؤمن قَالَ وأنشدني لنَفسِهِ من قصيدة فِي ابْن جَامع وَزِير مراكش
... أَدْنُو إلَيْكَ وَأَنْتَ مِنِّي تَبْعُدُ ... وَتَنَامُ
وَالجَفْنُ القَرِيحُ مُسَهَّدُ
وتطيل عمر الوجد لامن عِلَّةٍ ... وَالدَّارُ دَانِيَةٌ وَدَهْرُكَ
مُسْعِدُ
هَلاَّ اخْتَلَسْتَ من اللَّيَالِي فرْصَة ... فَالْحَمْد يَبْقَى
وَاللَّيَالِي تَنْفَذُ
وَتَقُولُ لِي مَهْمَا أَتَيْتُ إلَى غَدٍ ... يَا رَبِّ كَمْ يَأْتِي
بِإِخْلافٍ غَدُ ...
وَمن الشواعر
451 - حمدة بنت زِيَاد الْمُؤَدب
قَالَ وَالِدي هِيَ شاعرة جَمِيع الأندلس وَكَانَ عمي أَحْمد يَقُول
هِيَ خنساء الْمغرب وَذكرهَا الملاحي فِي تَارِيخ غرناطة وَأنْشد لَهَا
قَوْلهَا وَقد
(2/145)
خرجت إِلَى وَادي مَدِينَة وَادي آش مَعَ
جوَار فسبحت مَعَهُنَّ وَكَانَ لَهَا مِنْهُنَّ هوى ... أَبَاحَ
الدَّمْعُ أسْرَارِي بَوَادِي ... لَهُ فِي الحُسْنِ آَثَارٌ بَوَادِي
فَمِنْ نَهْرٍ يَطُوفُ بِكُلِّ رَوْضٍ ... وَمِنْ رَوْضٍ يَطُوفُ
بِكُلِّ وَادِ
وَمِنْ بَيْنِ الظباء مهاة إنس ... لهالبي وَقَدْ سَلَبَتْ فُؤَادِي
لَهَا لَحْظٌ تُرَقِّدُهُ لأمْرٍ ... وَذَاكَ الْأَمر يَمْنعنِي رقادي
إِذا سدلت ذوائبها عَلَيْهَا ... رَأَيْتَ البَدْرَ فِي أُفْقِ
الدَآَدِ
كَأَنَّ الصُبْحَ مَاتَ لَهُ شَقِيقٌ ... فَمِنْ حُزْنٍ تَسَرْبَلَ
بِالسَوَادِ ...
وَأحسن شعرهَا قَوْلهَا ... وَلَمَّا أَبَى الوَاشُونَ إلاَّ
فُرَاقَنَا
وَمَا لَهُمْ عِنْدِي وَعِنْدَكَ مِنْ ثَارِ
وَشَنُّوا عَلَى أَسْمَاعِنَا كُلَّ غَارَةٍ ... وَقَلَّ حُمَاتِي
عِنْدَ ذَاكَ وَأَنْصَارِي
غَزَوْتُهُمُ مِنْ مُقْلَتَيْكَ وادمعي ... وَمن نَفْسِي بِالسَّيْفِ
وَالمَاءِ وَالنَّارِ ...
(2/146)
الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ نزار وتروى
لِابْنِ حزمون ... اشْرَبْ عَلَى نَغْمَةِ المَثَانِي ثَانِ
وَلا تَكُنْ فِي هَوَى الغَوَانِي وَانِ
وَقُلْ لِمَنْ لامَ فِي مَعَانِ عَانِ
مَاذَا مِنَ الحُسْنِ فِي بُرُودِ رُودِ
يَهِيجُ وَجْدِي إذَا الأَنَامُ نَامُوا
قَوْمٌ إذَا عَسْعَسَ الظَّلامُ لامُوا
وَمَا بِهِ هَامَ مُسْتَهَامُ هَامُوا
فَقُلْ لِعَيْنٍ بِلا هُجُودِ جُودِي
أَفْنَيْتُ فِي الرَّوْنَقِ الصَّقِيلِ قِيلِي
يَا رَبَّةَ المَنْظَرِ الجَّمِيلِ مِيلِي
فَإنَّمَا أَنْتِ وَالرَّسُولِ سولِي
رَأَيْتُ فِي وَجْهِكِ السَّعِيدِ عِيدِي
وَلَيْلَةٍ قَدْ لَثَمْتُ شَارِبْ شَارِبْ
سُرَّ فَتَىً فِي علم المَرَاتِبِ رَاتِبْ
فَقُلْتُ وَالنَّجْمُ فِي المَغَارِبِ غَارِبْ
يَا لَيْلَةَ الوَصْلِ وَالسُّعُودِ عُودِي ...
(2/147)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب عمل وَادي آش وَهُوَ كتاب الجمانة فِي حلي حصن جليانة
خصّه الله بالتفاح الَّذِي يضْرب بِهِ الْمثل فِي الأندلس وَمِنْه
452 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عذرة
أَخْبرنِي وَالِدي أَن هَذَا الْبَيْت لَهُ حسب شهير وَمَال غزير ونجب
مِنْهُ أَبُو مُحَمَّد بِالْكَرمِ وَالْأَدب وَجرى عَلَيْهِ أَن أسره
النَّصَارَى وطالبوه بجملة عَظِيمَة فَكتب فِي ذَلِك لناصر بني عبد
الْمُؤمن فَأمر أَلا يسمع مِنْهُ فِي إِعْطَاء هَذَا المَال الْعَظِيم
فَإِن فِيهِ تَقْوِيَة لِلْعَدو فَبَاتَ فِي طليطلة أَسِيرًا وَكتب من
مَوضِع أسره إِلَى بَلَده
(2/148)
.. لَوْ كُنْتَ حَيْثُ تُجِيبُنِي ...
لأَذَابَ قَلْبَكَ مَا أقُولْ
يَكْفِيكَ مِنِّي أنَّنِي ... مَا أسْتَقِلُّ مِنَ الكبول
وتجاه لحظي ألف لحظ ... كَيْ أَقَرَّ وَلا أَزُولْ
وَإذَا أَرَدْتُ رِسَالَةً ... لَكُمُ فَمَا أُلفِي رَسُولْ
هَذَا وَكَمْ بِتْنَا وَفِي ... أَيْمَاننَا كأس الشُّمُول
وَالْعود يخْفق وَالدُّخَان 5 العَنْبَرِيُّ بِهِ يَجُولْ
حَالَ الزَّمَانُ وَلَمْ أَزَلْ ... مذ كنت أعهده يحول ...
وَمن شعره ... بعض بِرِجْلِيَّ الحَدِيدُ وَلَيْسَ لِي ... حَرَاكٌ
لِمَا أَبْغِي وَلَا أتنقل
وَقد منع السُّلْطَان مَالِي لفدية ... فَمَاذَا الَّذِي يُغْنِي
الغِنَى وَالتَحَوُّلُ ...
453 - أَبُو عَمْرو مُحَمَّد بن عَليّ بن الْبراق
أَخْبرنِي وَالِدي أَن بني الْبراق أَعْيَان جليانة فَإِن أَبَا عَمْرو
هَذَا من سراتهم خصّه الله بالأدب
وَأنْشد لَهُ الملاحي فِي تَارِيخه قَوْله ... يَا سَرْحَةَ الحَيِّ
يَا مَطُولُ ... شَرْحُ الَّذِي بَيْنَنَا يَطُولُ ...
(2/149)
.. وَلِي دُيُونٌ عَلَيْكَ حَلَّتْ ...
لَوْ أَنَّهُ يَنْفَعُ الحُلُولُ ...
وأنشدني وَالِدي قَوْله وَقد قعد مَعَ أحد الْأَعْيَان على نهرٍ لراحة
... انْظُرْ إلَى الوَادِي الَّذِي مُذْ غَرَّدَتْ ... أَطْيَارُهُ
شَقَّ النَّسِيمُ ثِيَابه
أتراه اطربه الهديل وزاده ... طَربا وَحَقِّكَ أَنْ حَلَلْتَ جَنَابَهُ
...
454 - أَبُو الْحسن على بن مهلمل الجلياني
أَخْبرنِي وَالِدي أَنه وجد لَهُ قصيدة يمدح بهَا أَبَا بكر بن سعيد
صَاحب أَعمال غرناطة فِي مُدَّة الملثمين
وَمِنْهَا ... لَوْلا النُّهُودُ لَمَا بَرَاكَ تَنَهُّدُ ... وَعَلَى
الخَدُودِ القَلْبُ مِنْكَ يُخَدَّدُ
يَا نَافِذَاً قَلْبِي بِسَهْمِ جُفُونِهِ ... مَالِي عَلَى سَهْمٍ
رَمَيْتَ تَجَلُّدُ ...
وَمِنْهَا فِي الْمَدْح ... وَإذَا بَلَغْتَ إلَى السَّمَاءِ فَزدْ
عُلاً ... كَيْمَا يُغَاظَ بِكَ العَلا وَالحُسَّدُ
أَجْرُوا حَدِيثَكَ فِي قُلُوبٍ تَلْتَظِي ... وَرَنَوْا إِلَيْكَ
بِأَعْيُنٍ لَا تَرْقُدُ
كَمْ أَوْقَدُوا لَكَ مِنْ لَظَىً بِسِعَايَةٍ ... وَالله يطفي كُلَّ
نَارٍ تَوقَدُ
وَأَرَاكَ تَبْلُغُ مَا تُرِيدُ برغمهم ... ونفوسهم من حسرة تتصعد
وكفاهم ذمّ يُنَاطُ بِذِكْرِهِمْ ... وَكَفَاكَ أَنَّكَ فِي
المَحَافِلِ تُحْمَدُ
فَتَرَاهُمُ مَعَ كَدِّهِمْ فِي وَهْدَةٍ ... وَتَرَاكَ دُونَ الكَدِّ
دَهْرَكَ تَصْعَدُ ...
(2/150)
وَمِنْهَا ... قَالَ العُدَاةُ وَقَدْ
لَهَجْتُ بِحَمْدِهِ ... مَنْ ذَا الَّذِي تَعْنِي فَقُلْتُ مَحَمَّدُ
...
الْأَهْدَاب من موشحة لِابْنِ مهلمل ... النَّهْرُ سَلَّ حُسَامَاً
عَلَى قُدُودِ الغُصُونِ
وَلِلْنَّسِيمِ مَجَالُ
وَالرَّوْضُ فِيهِ اخْتِيَالُ
مُدَّتْ عَلَيْهِ ظِلالُ
وَالزَّهْرُ شَقَّ كِمَامَا وَجْداً بِتِلْكَ اللُّحُونِ
أَمَا تَرَى الطَّيْرَ صَاحَا
وَالصُّبْحَ فِي الأُفْقِ لاحَا
وَالزَهْرَ فِي الرَّوْضِ فَاحَا
وَالبَرْقَ سَاقَ الغَمَامَا تَبْكِي بِدَمْعٍ هَتُونِ ...
(2/151)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب وَادي آش وَهُوَ كتاب انعطاف الخمصانة فِي حلى حصن
منتانى مِنْهُ
455 - أَبُو الْوَفَاء زِيَاد بن خلف
من فضلاء عصرنا رَأس فِي بَلَده وَهُوَ مَوْصُوف بِالْكَرمِ والجود
وَالْأَدب وَمن شعره قَوْله ... دَعُونِي إِذَا مَا الخَيْلُ جَالَتْ
فَإنَّ لِي ... هُنَاكَ بِسَيْفِي جِيئَةٌ وَذَهَابُ
إذَا المَرْءُ لَمْ يَسْمَحْ لَدَى الْحَرْب سَاعَة ... بعيشته
فَلْيُصْغِ حِينَ يُعَابُ
لِيَ اللهُ لِمْ أَوْرَدْتُ طرفِي مواردا ... يُصِيب لَدَيْهَا
المَرْءُ حِينَ يُصَابُ
أَقلُّوا عَلَيْنَا فَالحَيَاةُ خَسِيسَةٌ ... وَعُمْرُ الفَتَى دُونَ
العَلاءِ خَرَابُ
سَيَبْلُغُ ذِكْرِي الخَافِقَيْنِ بَسَالةً ... وَجُودَاً وَإِلاَّ
فَالثَنَاءُ كِذَابُ ...
(2/152)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب عمل وَادي آش وَهُوَ كتاب مطمح الهمة فِي حلي قَرْيَة
جمة فِي نِهَايَة من الْحسن مِنْهَا
456 - أَبُو الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن عبد الدَّائِم
أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ شَاعِرًا حسن النادرة مداحاً لأبي سعيد
بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة وَمن شعره قَوْله ... السَّعْدُ يُدْنِي كل
شئ رمته ... وبناوه هَيْهَاتَ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَالجُودُ يَجْذِبُ كُلَّ مَنْ أبصرته ... لَا تنكرن حول الموار
حَوَّمَا
لَوْ تَسْتَجِيزُ صَلاتَنَا وَصِيَامَنَا ... صَلَّى إِذَنْ كُلُّ
الأَنَامِ وَسَلَّمَا ...
(2/153)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب حلي الصياغة فِي
حلى باغة
الْبسَاط
ذكر الرَّازِيّ انه طيبَة الزَّرْع كَثِيرَة الثِّمَار غزيرة الْمِيَاه
منبجسه بالعيون ولمائها خاصية ينْعَقد حجرا فِي حافات جداوله الَّتِي
يتمادى فِيهَا جرية ويجود فِيهَا الزَّعْفَرَان قَالَ ابْن شَهِيد هِيَ
كَثِيرَة الأعناب وخمرها مَشْهُورَة
الْعِصَابَة
ذكر الحجاري أَنه ثار فِيهَا على عبد الله بن بلقين صَاحب المملكة
الغرناطية أَيُّوب بن مطروح وَلما أَن أَخذهَا مِنْهُ يُوسُف بن تاشفين
أَدخل رَأسه تَحْتَهُ وحرك فَوجدَ قد مَاتَ كمداً
(2/154)
السلك من كتاب ذَوي الْبيُوت
457 - أَبُو بكر زَكَرِيَّا يحيى بن مطروح
من المسهب من بَيت إِمَارَة انحاز إِلَى مالقة وَلم يزل حَيْثُ حل فِي
رُتْبَة عالبة وَهن مِمَّن اجْتمع بِهِ عمي وَكَانَ يثني عَلَيْهِ وَمن
شعره قَوْله ... يَا حُسْنَهُ كَاتِباً قَدْ خَطَّ عَارِضُهُ ... فِي
خَدِّهِ حَاكِيَاً مَا خطّ بالقلم
لَام العذول عَلَيْهِ حِين أبصره ... فَقلت دَعْنِي فَزَيْنُ البُرْدِ
بِالعَلَمِ
وَانْظُرْ إلَى عَجَبٍ مِمَّا تَلُومُ بِهِ ... بَدْرَاً لَهُ هَالَةٌ
قُدَّتْ مِنَ الظَلَمِ
قُولُوا عَنِ السِّحْرِ مَا شِئْتُمْ وَلَا عجب ... من عَنْبَرِ
الشِّحْرِ أَوْ مِنْ دَنِّ مُبْتَسِمِ ...
وَمن شعره ... تَعَالَ إلَى رَوْضٍ تَقَلَّدَ بِالنَدَى ... عُقُودَاً
وَمِنْ أَزْهَارِهِ ظَلَّ كَاسِيَا
وَلَمْ أَصْطَحِبْ فيهِ بِخلق سوى الْعلَا ... وَبدر تَمَامٍ يَتْرُكُ
البَدَرَ دَاجِيَا ...
(2/155)
الْكتاب
458 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أبي عَامر بن نصر الأوسي
كتب عَن مُلُوك بني عبد الْمُؤمن وَكَانَ مُخْتَصًّا بالوزير أبي
جَعْفَر ابْن عَطِيَّة وَفِيه يَقُول ... أَبَا جَعْفَرٍ نِلْتَ
الَّذِي نَالَ جَعْفَر ... وَلَا زلت بالعليا تسر وتحبر
وَإِن نلْت أَسبَاب السَّمَاء ترقيا ... فَإنَّك مِمَّا نِلْتَ أَعْلَى
وَأَكْبَرُ
عَلَيْكَ لَنَا فَضْلٌ وَمَنٌّ وَأَنْعُمٌ ... وَنَحْنُ عَلَيْنَا
كُلُّ مَدْحٍ يُحَبَّرُ ...
وَتَطير أَبُو جَعْفَر من مطلع هَذَا الشّعْر وَآل أمره إِلَى أَن قتل
(2/156)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب فِي حلي
مَدِينَة لوشة
الْعِصَابَة
بَينهَا وَبَين غرناطة مرحلة من أحسن المراحل بَين أنهارٍ وظلال
أَشجَار فِي بِسَاط ممتد تبَارك الله الَّذِي أبداه بديعاً فِي حسنه
قَالَ الحجاري فَلَو كَانَ للدنيا عروس من أرْضهَا لَكَانَ ذَلِك
الْموضع وَهِي على نهر شنيل
(2/157)
السلك
459 - قاضيها الْفَقِيه الْعَالم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد
الْمولى
من المسهب يَكْفِي لوشة من الْفَخر أَن كَانَ مِنْهَا هَذَا السَّيِّد
الْفَاضِل فَهُوَ فِي كل مكرمَة وفضيلة كَامِل نَشأ على درس عُلُوم
الشَّرِيعَة فورد مِنْهَا فِي أعذب شَرِيعَة وترقى إِلَى خطة الْقَضَاء
بِبَلَدِهِ فَأَقَامَ عزه بَين أَهله وَولده وَذكر انه اجْتمع بِهِ
وبخل عَلَيْهِ بشئ من شعره فَكتب لَهُ ... يَا مَانِعَاً شِعْرَهُ من
سمع ذِي ادب ... نائي المَحَلِّ فَرِيدِ الشَّخْصِ مُغْتَرِبِ
يَسِيرُ عَنْكَ بِهِ فِي كُلِّ مُتَّجَهٍ ... كَمَا يَسِيرُ نَسِيمُ
الرِّيحِ فِي العَذَبِ
إِنِّي وَحَقِّكَ أَهْلٌ أَنْ أَفُوزَ بِهِ ... واسأل فَدَيْتُكَ عَنْ
ذَاتِي وَعَنْ نَسَبِي ...
قَالَ فَكَانَ جَوَابه ... يَا طَالِباً شِعْرَ مَنْ لَمْ يَسْمُ فِي
الْأَدَب ... مَاذَا تُرِيدُ بِنَظْمٍ غَيْرِ مُنْتَخَبِ
إنِّي وَحَقِّكَ لَمْ أَبْخَلْ بِهِ صَلَفاً ... وَمَنْ يَضُنُّ عَلَى
جِيِّدٍ بِمَخْشَلَبِ
لَكِنَّنِي صُنْتُ قَدْرِي عَنْ رِوَايَتِهِ ... فَمِثْلُهُ قَلَّ عَنْ
سَامٍ إلَى الرُّتَبِ
خُذْهُ إِلَيْكَ كَمَا أَكْرَهْتَ مُضْطَرِباً ... مُخَلِّداً ذَمَّ
مَوْلاهُ إلَى الحِقَبِ ...
ثمَّ كتب لَهُ من نظمه ... بِي إِلَيْكُمْ شَوْقٌ شَدِيدٌ وَلَكِنْ ...
لَيْسَ يَبْقَى مَعَ الجَفَاءِ اشْتِيَاقُ
إِنْ يُغَيِّرُكُمُ الفِرَاقُ فَوِدِّي ... لَوْ جَزَيْتُمْ يَزِيدُ
فِيهِ الفِرَاقُ ...
(2/158)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي عشر من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب المملكة الإلبيرية وَهُوَ كتاب الطالع السعيد
فِي حلي عمل قلعة بني سعيد يَنْقَسِم هَذَا الْكتاب إِلَى
كتاب الصبيحة العيدية فِي حلي القلعة السعيدية
كتاب الْإِشْرَاق فِي حلي حصن القبذاق
كتاب الصُّبْح الْمُبين فِي حلي حصن العقبين
(2/159)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب الطالع السعيد فِي حلي أَعمال قلعة بني سعيد وَهُوَ
كتاب الصبيحة العيدية فِي حلي القلعة السعيدية
الْبسَاط ... فِيهَا ألف الحجاري كتاب المسهب لصَاحِبهَا عبد الْملك بن
سعيد وَقَالَ فِي وصفهَا عِقَاب الأندلس الْآخِذ بأزرار السَّمَاء عَن
غرر الْمجد والسناء وَهِي رِبَاط جِهَاد وحصن أعيانٍ وأمجاد وفيهَا
يَقُول أَبُو جَعْفَر بن سعيد ... إِلَى القَلْعَةِ الغَرَّاءِ يَهْفُو
بِي الجوى ... كَأَن فُؤَادِي طَائِرٌ زُمَّ عَنْ وَكْرِ
هِيَ الدَّارُ لَا أَرض سواهَا وَإِن نأت ... وحجبها عَنِّي صُرُوفٌ
مِنَ الدَّهْرِ
أَلَيْسَتْ بِأَعْلَى مَا رَأَيْت منصة ... تحلت بِحَلْيٍ كَالعَرُوسِ
عَلَى الخِدْرِ
لَهَا البَدْرُ تَاجٌ والثريا شنوفها ... وَمَا وَشْحُهَا إلاَّ مِنَ
الأَنْجُمِ الزُّهْرِ
أَطَلَّتْ عَلَى الفحص النَّضِير فَكل من ... رأى وِجْهَةً مِنْهَا
تَسَلَّى عَنِ الفِكَرِ ...
(2/160)
الْعِصَابَة
من المسهب أَن أول من حل بِهَذِهِ القلعة من ولد عمار بن يَاسر عبد
الله ابْن سعيد بن عمار وَقد ذكره ابْن حَيَّان فِي المقتبس وَأخْبر
أَن يُوسُف بن عبد الرَّحْمَن الفِهري سُلْطَان الأندلس كتب لَهُ أَن
يدافع عبد الرَّحْمَن المرواني الدَّاخِل وَكَانَ حينئذٍ أَمِيرا على
اليمانية من جند دمشق وَآل أمره إِلَى أَن ضرب عُنُقه عبد الرَّحْمَن
وَلما كَانَت الْفِتْنَة وثار مُلُوك الطوائف كَانَ أول من ظهر مِنْهُم
بالقلعة واستبد
460 - خلف بن سعيد
ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن سعيد بن الْحسن بن عُثْمَان بن مُحَمَّد
بن عبد الله ابْن سعد بن عمار بن يَاسر الْعَبْسِي وَلما مَاتَ خَلفه
ابْنه سعيد ثمَّ ابْنه أَبُو مَرْوَان
461 - عبد الْملك بن سعيد
وصادف الْفِتْنَة على الملثمين فَامْتنعَ فِيهَا إِلَى أَن تولى لعبد
الْمُؤمن وخطب لَهُ فِيهَا وسجنه عبد الْمُؤمن فِي مراكش ثمَّ سرحه
وَجل قدره عِنْده
وَفِي مُدَّة الملثمين وَفد عَلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد عبد الله الحجاري
بقصيدته الَّتِي أَولهَا ... عَلَيْك أحالني الذّكر الْجَمِيل ...
فَجئْت وَمن ثنائك لي دَلِيل ...
(2/161)
وصنف لَهُ كتاب المسهب فِي غرائب الْمغرب
وهذبه عبد الْملك وَزَاد عَلَيْهِ ثمَّ عقبه بعده فَكَانَ مِنْهُ هَذَا
الْكتاب على مَا تقدم ذكره وَكَانَ ولى عَهده والمقدم على جنده
462 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْملك
وَكَانَ مقدما عِنْد يحيى بن غانية فِي مُدَّة الملثمين ثمَّ ولاه بَنو
عبد الْمُؤمن أَعمال إشبيلية وأعمال غرناطة وأعمال سلا وعَلى يَدَيْهِ
بني الْجَامِع الْأَعْظَم ب وَقد مدحه الرصافي شَاعِر الأندلس فِي عصره
بقصيدته الَّتِي مِنْهَا ... إِنَّ الكِرَامَ بَنِي سَعِيدٍ كُلَّمَا
... وَرِثُوا العُلا وَالمَجْدَ أَوْحَدَ أَوْحَدَا
قَسَمُوا المَعَالِي بِالسَّوَاءِ وَفَضَّلُوا ... فِيهَا عِمَادَهُمُ
الكَبِيرَ مُحَمَّدا ...
وَلم يسمع من نظمه إِلَّا قَوْله ... فَلا تظهرن مَا كَانَ فِي
الصَّدْر كامنا ... وَلَا تَرْكَبَنْ بِالغَيْظِ فِي مَرْكِبٍ وَعْرِ
وَلا تَبْحَثَنْ فِي عذر من جَاءَ تَائِبًا ... فَلَيْسَ كَرِيمَاً
مَنْ يُبَاحِثُ فِي العُذْرِ ...
وَكَانَ مولده سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي فِي غرناطة سنة
تسع وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة
وَإِلَى الْآن القلعة بيد بني سعيد مِنْهُم فِيهَا عبد الْملك بن سعيد
(2/162)
السلك سَائِر بني سعيد
463 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن سعيد صَاحب أَعمال غرناطة فِي مُدَّة
الملثمين
من المسهب حسب القلعة كَون هَذَا الْفَاضِل مِنْهَا فقد رقم برد مجده
بالأدب ونال مِنْهُ بِالِاجْتِهَادِ والسجية الْقَابِلَة أَعلَى سَبَب
وَله من النّظم مَا تقف عَلَيْهِ فتعلم أَن زِمَام الْإِحْسَان ملقى
فِي يَدَيْهِ أَنْشدني لنَفسِهِ قَوْله ... يَا هَذِهِ لَا تَرُومِي
... خِدَاعَ مَنْ ضَاقَ ذَرْعُهْ
تَبْكِي وَقَدْ قَتَلَتْنِي ... كَالسَّيْفِ يَقْطُرُ دَمْعُهْ ...
وَقَوله ... فَخْرُنَا بِالحَدِيثِ بَعْدَ القَدِيمِ ... مِنْ مَعَالٍ
تَوَاتَرَتْ كَالنُّجُومِ
نَحْنُ فِي الحَرْبِ أجْبُلٌ رَاسِيَاتٌ ... وَلَنَا فِي النَّدَيِّ
لُطْفُ النَّسِيمِ ...
وَقَوله ... لَقَدْ صَدَعَتْ قَلْبِي حَمَامَةُ بَانَةٍ ... أَثَارَتْ
غراما مَا أجل وأكراما
ورق نسيم الرّيح من نَحْو أَرْضكُم ... ولطف حَتَّى كَاد أَن يتكلما
...
(2/163)
464 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد لن عبد الْملك
بن سعيد
هُوَ عَم وَالِدي وَأحد مصنفي هَذَا الْكتاب وَكَانَ وَالِدي كثير
الْإِعْجَاب بِشعرِهِ مقدما لَهُ على سَائِر أَقَاربه واستوزره
عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملك غرناطة فَقَالَ شعرًا مِنْهُ ... فَقُلْ
لِحَرِيصٍ أَنْ يَرَانِي مُقَيّدا ... بخدمته لَا يَجْعَل الباز فِي
القفص ...
وانصاف إِلَى ذَلِك اشتراكهما فِي هوى حَفْصَة الشاعرة وَكَانَ
عُثْمَان أسود اللَّوْن فَبَلغهُ أَن أَبَا جَعْفَر قَالَ لَهَا مَا
تحبين فِي ذَلِك الْأسود وَأَنا أقدر أَشْتَرِي لَك من السُّوق
بِعشْرين دِينَارا خيرا مِنْهُ ثمَّ إِن أَخَاهُ عبد الرَّحْمَن فر
إِلَى ملك شَرق الأندلس ابْن مرذنيش فَوجدَ عُثْمَان سَببا إِلَى
الْإِيقَاع بِأبي جَعْفَر فَضرب عُنُقه
وَأول حُضُور أبي حعفر عِنْد عبد الْمُؤمن أنْشدهُ ... عَلَيْكَ
أَحَالَنِي دَاعِي النَّجَاحِ ... وَنَحْوَكَ حَثَّنِي هَادِي الفَلاحِ
وَكُنْتُ كَسَاهِرٍ لَيْلاً طَوِيلاً ... تَرَنَّحَ حِينَ بُشِّرَ
بِالصَّبَاحِ
وَذِي جَهْدٍ تَغَلْغَلَ فِي قِفَارٍ ... شَكَا ظَمَأً فَدُلَّ عَلَى
القَرَاحِ
دَعَانَا نَحْوَ وَجْهِكَ طِيبُ ذِكْرٍ ... وَيَدْعُو لِلْرِّيَاضِ
شَذَا الرِّيَاحِ ...
(2/164)
وأنشده وَهُوَ بقصره فِي رِبَاط الْفَتْح
أَمَام سلا على الْبَحْر الْمُحِيط قصيدة مِنْهَا ... تَكَلَّمْ فقد
أصغي إِلَى قَوْلك الدَّهْر ... وَمَا لِسِوَاكَ الآنَ نَهْيٌ وَلا
أَمْرُ ...
وَمِنْهَا ... أَلا إِن قصرا فد بدا لي بأفقه ... محياك أَهْلٌ أَنْ
يَخِرَّ لَهُ البَدْرُ
أَطَلَّ عَلَى الْبَحْر الْمُحِيط مرفعا ... فختمه الشِّعْرِيُّ
وَتَوَّجَهُ النَّسْرُ
وَوَافَتْ جُيُوشُ البَحْرِ تَلْثُمُ عَطْفَهُ ... مُرَادِفَةً لِمَا
تَنَاهَى بِهِ الكِبْرُ
وَمَا صَوْتُهَا إِلاَّ سَلامٌ مُرَدَّدٌ ... وَفِي كُلِّ قَلْبٍ مِنْ
تَصَعُّدِهَا ذُعْرُ
أَلا قُلْ لَهُ يَعْلُو الثُرَيَّا فَإِنَّهُ ... أَطَلَّ عَلَى بَحْرٍ
وَحَلَّ بِهِ بَحر
محيطان بالدنيا فَلَيْسَ لفخره ... إِذا لَمْ يَكُنْ طَلْقَ اللِّسَانِ
بِهِ عُذْرُ ...
وَمن شعره قَوْله ... أَتَانِي كتاب مِنْك يحسده الدَّهْر ... أما
حِبْرَهُ لَيْلٌ أَمَا طِرْسَهُ فَجْرُ ...
وَقَوله ... يَقُومُ عَلَى الآَدَابِ حَقَّ قِيَامِهَا ... وَيَكْبُرُ
عَمَّا يُظْهِرُونَ مِنَ الكِبْرِ
كَصَوْبِ الحَيَا إِنْ ظَلَّ يُسْمَعُ وَهُوَ إِن ... غداسا مَعًا
مِثْلَ المُصِيخِ إلَى الشُّكْرِ ...
وَقَوله ... وَلَمَّا رَأَيْتُ السعد لَاحَ بِوَجْه ... مُنِيرَاً
دَعَانِي مَا رَأَيْتُ إِلَى الذِّكْرِ
فَأَقْبَلَ يُبْدِي لي غرائب نطقة ... وَمَا كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَهَا
مَنْزِعَ السِّحْرِ
فَأَصْغَيْتُ إِصْغَاءَ الجديب إِلَى الحيا ... وَكَانَ ثَنَائِي
كَالرِّيَاضِ عَلَى القَطْرِ ...
(2/165)
وكتبت لَهُ حَفْصَة الشاعرة ... أَزُورُكَ
أَمْ تَزُورُ فَإِنَّ قَلْبِي ... إِلَى مَا مِلْتُمْ أَبَدَاً يَمِيلُ
وَقَدْ أُمِّنْتَ أَنْ تَظْمَى وَتَضْحَى ... إِذَا وَافَى إِلَيَّ
بِكَ القُبُولُ
فَثَغْرِي مَوْرِدٌ عَذْبٌ زُلالٌ ... وَفَرْعُ ذَوَائِبِي ظِلٌّ
ظَلِيلُ
فَعَجِّلْ بِالجَوَابِ فَمَا جَمِيلٌ ... أَنَاتُكَ عَنْ بُثَيْنَةَ
يَا جَمِيلُ ...
وَقَالَ فِي جوابها ... أُجِلُّكُمْ مَا دَامَ بِي نَهْضَةٌ ... عَنْ
أَنْ تَزُورُوا إِنْ وَجَدْتُ السَّبِيلْ
مَا الرَّوْضُ زَوَّارَاً وَلَكِنَّمَا ... يَزُورُهُ هَبُّ النَّسِيمِ
العَلِيلْ ...
وَقَالَ ... زارها عَن غَدَا سَقِيمَ هَوَاهَا ... وَبَرَاهُ شَوْقاً
إِلَيْهَا النُّحُولُ
وَكَذَا الرَّوْضُ لَا يَزُورُ وَيَأْتِي ... أَبَدَاً نَحْوَهُ
النَّسِيمُ العَلِيلُ ...
وكتبت لَهُ حَفْصَة ... سَارَ شِعْرِي لَكَ عَنِّي زَائِراً ...
فَأَعِرْ سَمْعَ المَعَالِي شِنْفَهُ
وَكَذَاكَ الرَّوْضُ إِذْ لَمْ يَسْتَطِعْ ... زَوْرَةً أَرْسَلَ
عَنْهُ عَرْفَهُ ...
فَكتب إِلَيْهَا ... قَدْ أَتَانَا مِنْكِ شِعْرٌ مِثْلَمَا ...
أَطْلَعَ الأُفْقُ لَنَا أَنْجُمَهُ
وَفَمٌ فَاهَ بِهِ قَدْ أَقْسَمَتْ ... شَفَتِي بِاللهِ أَنْ تلثمه ...
(2/166)
وَقَالَ فِي يَوْم اجْتمع فِيهِ مَعَ
الرصافي والكتندي على رَاحَة ومسمع بجنك ... للهِ يَوْمُ مَسَرَّة ...
أضوي وأقصر من دبالة
لَمَّا نَصَبْنَا لِلْمُنَى ... فِيهِ بِأَوْتَارٍ حُبَالَهْ
طَارَ النَّهَار بِهِ كمرتاع ... وأجفلت الغزالة ...
وَقَوله ... بدا ذَنْب السرحان يُنبئ أنَّهُ ... تَقَدَّمَ سَبَقَاً
وَالغَزَالَةُ خَلْفَهُ
وَلَمْ تَرَ عَيْني قبلهَا من متابع ... لمن لَا يِزَالُ الدَّهْرُ
يَطْلُبُ حَتْفَهُ ...
وَقَوله ... فِي الرَّوْض مِنْك مشابه من أجلهَا ... يهفو لَهَا
طَرْفِي وَقَلْبِي المُغْرَمُ
الغُصْنُ قَدٌّ وَالأَزَاهِرُ حُلْيَةٌ ... وَالوَرْدُ خَدٌّ
وَالأَقَاحِي مَبْسِمُ ...
وَقَوله فِي وَالِده وَقد شدّ عَلَيْهِ درعاً وَخرج بجنده غازيا ...
أيا قَائِد الْأَبْطَال فِي كل وَجهه ... تطير قُلُوبُ الأُسْدِ فِيهَا
مِنَ الذُّعْرِ
لَقَدْ قُلْتُ لما أَن رَأَيْتُك دارعا ... أيا حُسْنَ مَا لاحَ
الحَبَابُ عَلَى النَّحْرِ
وَأَنْشَدْتُ والأبطال حولك هَالة ... أيا حُسْنَ مَا دَارَ النُّجُومُ
عَلَى البَدْرِ
فَسِرْ مِثْلَمَا سَار الصَّباح إِلَى الدجى ... وَأب مِثْلَمَا آَبَ
النَّسِيمُ عَنِ الزَّهْرِ ...
وَقَالَ وَقد جَازَ على قصر من قُصُور الْخلَافَة ... قَصْرَ
الْخلَافَة لَا أخليت من كرم ... وَإِن خَلَوْتَ مِنَ الأَعْدَادِ
وَالعُدَدِ
جُزْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ تنقص مهابته ... والغيل يَخْلُو وَتَبْقَى
هَيْبَةُ الأَسَدِ ...
(2/167)
وَقَوله ... يَا حُسْنَ يَوْمِ
المَهْرَجَانِ وَطِيبَهِ ... يَوْمٌ كَمَا تَهْوَى أَغَرُّ مُحَجَّلُ
سَرِّحْ لِحَاظَكَ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ ... فِي كُلِّ مَوْقِعٍ
لِخِطَّةٍ مُتَأَمَّلُ ...
وَقَوله ... لَا تُعَيِّنْ لَنَا مَكَانَاً وَلَكِنْ ... حَيْثُمَا
مَالَتِ اللَّوَاحِظُ مِلْنَا ...
465 - حَاتِم بن سعيد بن حَاتِم بن سعيد
من أبطال بني سعيد وفضلائهم صحب أَبَا عبد الله بن نيش ملك شَرق
الأندلس وَكَانَ فِيهِ لطافة وتدبير وَمن شعره قَوْله ... يَا دَانِياً
مِنِّي وَمَا هُوَ زَائِرٌ ... لَا أَنْتَ مَعْذُورٌ وَلا أَنَا
عَاذِرُ
مَاذَا يَضُرُّكَ إِذْ ظَلَلْتَ بِظُلْمَةٍ ... أَلا يُطَالِعَ مِنْكَ
نُورٌ زَاهِرُ ...
466 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن سعيد ابْن الْحسن بن
سعيد
اجتماعنا مَعَه فِي سعيد بن خلف وَهُوَ الْآن بإفريقية وَزِير الْفضل
سلطانها مَعَ مَا أضَاف إِلَيْهِ من قَود الْكَتَائِب وَغير ذَلِك من
الْمَرَاتِب وَهُوَ فِي نِهَايَة من
(2/168)
الْكَرم والسماحة والفروسية والخط وَالنّظم
والنثر وَمن نثره
تُدَرُّ عَلَيْهِ أَخْلافُ السَّحَائِبِ وَتَرُقُّ أَنْفَاسُ الصِّبَا
وَالجَنَائِبُ قَدْ غَنَوْا عَنْ ظِلالِ الأَفْنِيَةِ بظلال الخوافق
وَعَن النطف الْعَذَاب بموار هِيَ الرَّيْحَانُ تَحْتَ الشَّقَائِقِ
وَالشَّقِيُّ يَتَوَقَّفُ لَهُمْ وَيَتَطَارَدُ تَطَارُدَ الخَاتِلْ
وَيَحَارُ بَيْنَ الوِرْدِ وَالصَّدَرِ وَلَمْ يَحْزِرْ أَنَّ
الحُسَامَ بِيَدِ القَاتِلْ
وَمن نظمه قَوْله وَقد نزل بشخص قدم لَهُ فِي الضِّيَافَة شرابًا أسود
خاثراً وخروباً وقدمت عَجُوز زبيبا أسود صَغِيرا فِيهِ غُضُون ... ويم
نَزَلْنَا بِعَبْدِ العَزِيزِ ... فَلا قَدَّسَ اللهُ عَبْدَ العَزِيزِ
سَقَانَا شَرَابَاً كَلَوْنِ الهِنَاءِ ... وَأَنْقَلَنَا بِقُرُونِ
العَنُوزِ
وَجَاءَتْ عَجُوزٌ فَأَهْدَتْ لَنَا ... زَبِيبَاً كَخِيلانِ خَدِّ
العَجُوزِ ...
وَقَوله فِي دولاب ... وَمَحْنِيَّةَ الأَصْلابِ تحنو على الثرى ...
وتسقى بَنَاتِ التُّرْبِ دَمْعَ التَرَائِبِ
تَظُنُّ مِنَ الأَفْلاكِ أَنَّ مِيَاهَهَا ... نُجُومٌ لِرَجْمِ
المَحْلِ ذَاتِ ذَوَانِبِ
وأطربها رقص الغصون ذوابلا ... فدارت بِأَمْثَالِ السُّيُوفِ
القَوَاضِبِ
وَمَا خِلْتُهَا تَشْكُو بِتَحْنَانِهَا الصدى ... وَمَا بَيْنَ
مَتْنَيْها اطِّرَادُ المُذَانِبِ
فَخُذْ مِنْ مَجَارِيهَا ودهمة لَوْنهَا ... بَيَاض العَطَايَا فِي
سَوَادِ المَطَالِبِ ...
(2/169)
467 - مُوسَى بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن
سعيد
لَوْلَا أَنه وَالِدي لأطنبت فِي ذكره ووفيته حق قدره وَله فِي هَذَا
الْكتاب الْحَظ الأوفر وَكَانَ أشغفهم بالتاريخ وأعلمهم بِهِ وجال
كثيرا إِلَى أَن انْتهى بِهِ الْعُمر بالإسكندرية وَقد عَاشَ سبعا
وَسِتِّينَ سنة لم أره يَوْمًا يخلي مطالعة كتاب أَو كتب مَا يحلو
حَتَّى أَيَّام الأعياد وَفِي ذَلِك يَقُول ... يَا مُفْنِياً عُمُرَهُ
فِي الكأس وَالْوتر ... وراعيا فِي الدُّجَى للأَنْجُمِ الزُّهُرِ
يَبْكِي حَبِيبَاً جَفَاهُ أَو ينادم من ... يهفو لَدَيْهِ كَغُصْنٍ
بَاسِمِ الزَّهَرِ
مُنَعَّمَاً بَيْنَ لَذَّاتٍ يُمَحِّقُهَا ... وَلا يُخَلِّدُ مِنْ
فَخْرٍ وَلا سِيَرِ
وَعاَذِلاً لِيَ فِيمَا ظِلْتُ أَلْزَمُهُ ... يُبْدِي التَعَجُّبَ
مِنْ صَبْرِي وَمِنْ فِكَرِي
يَقُولُ مَالَكَ قَدْ أفنيت عمرك فِي ... حبر وَطِرْسٍ عَنِ
الأَعْصَارِ وَالخَبَرِ
وَظِلْتَ تَسْهَرُ طُولَ اللَّيْلِ فِي تَعَبٍ ... وَلا تَرَى أَبَدَ
الأَيَّامِ فِي ضَجَرِ
أَقْصِرْ فَإِنِّي أَدْرَى بِالذِي طَمَحَتْ ... لأُفْقِهِ هِمَّتِي
وَاسْأَلْ عَنِ الأثَرِ
وَاسْمَعْ لِقَوْلِ الَّذِي تتلى محاسنة ... من بَعْدِ مَا صَارَ
مِثْلَ التُرْبِ كَالسُّوَرِ
جَمَالُ ذِي الأَرْض كَانُوا فِي الْحَيَاة وهم ... بعد المَمَاتِ
جَمَالُ الكُتْبِ وَالسِّيَرِ ...
وَمن حَسَنَاته قَوْله وَقد نظر إِلَى غُلَام حسن الصُّورَة وَهُوَ يعظ
... وشادن ظلّ للوعظ ... تاليا بَين جمع
متعت طرفِي بمرآه ... فِي حَفَاوَةِ سَمْعِي ...
(2/170)
وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ الثَّامِن
من شَوَّال عَام أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَكَانَ مولده فِي الْخَامِس
من رَجَب سنة ثَلَاث وَسبعين وَخَمْسمِائة
468 - أَخُوهُ مَالك بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد
جال فِي بِلَاد الأندلس وبر العدوة وَآل بِهِ الْأَمر إِلَى أَن كتب
ليحيى الميورقي صَاحب الْفِتْنَة الطَّوِيلَة بإفريقية وهنالك مَاتَ
وَترك عقبا بوادن وَأحسن شعره قَوْله فِي مَحْبُوب لَهُ مرض واصفر
لَونه ... غَدَا وَرْدُ مَنْ أَهْوَاهُ بِالسُّقْمِ نرجسا ... ففجر
عَيْنِي عِنْدَ ذَاكَ عِيَانُهُ
فَقُلْتُ لِخَدَّيْهِ عَزَاءً فَقَالَ لِي ... كَذَا كُلُّ وَرْدٍ لَا
يَدُومُ أَوَانُهُ ...
وَقَوله ... الخَيْلُ وَاللَّيْلُ تَدْرِي ... صُنْعِي إذَا افْتَرَّ
فَجْرُ
مَا مَرَّ لِي قَطُّ يَوْمٌ ... إلاَّ وَلِي فِيهِ كَرُّ
لَا تُخْدَعَنْ بِالأَمَانِي ... فَمَا سِوَاهَا يَغُرُّ
لَا تُفَكِّرَنْ فِي أَوَانٍ ... مَا دُمْتَ فِيهِ تُسَرُّ ...
(2/171)
469 - أخوهما عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد
كَانَ صَعب الْخلق كثير الأنفة لَا صَبر لأحدٍ على صحبته فَجرى بَينه
وَبَين أَقَاربه مَا أوجب خُرُوجه عَن الْمغرب الْأَقْصَى إِلَى أقْصَى
الْمشرق ووصلت رسَالَته من بُخَارى فِيهَا هَذِه البيات ... إذَا
هَبَّتْ رِيَاحُ الغَرْبِ طَارَتْ ... إِلَيْهَا مُهْجَتِي نَحْوَ
التَّلاقِ
وَأَحْسَبُ مَنْ تَرَكْتُ بِهِ يُلاقِي ... إِذا هبت صباها مَا
أُلَاقِي
فياليت التَفَرُّقَ كَانَ عَدْلاً ... فَحُمِّلَ مَا نُطِيقُ مِنَ
اشْتِيَاقِ
وَلَيْتَ العُمْرَ لَمْ يَبْرَحْ وِصَالاً ... وَلَمْ يَحْكُمْ
عَلَيْنَا بِالفِرَاقِ ...
وَقَتله التتر فِي بُخَارى رَحمَه الله
470 - عَليّ بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن سعيد
وَهُوَ مكمل تصنيف هَذَا الْكتاب ولد بغرناطة فِي شَوَّال سنة عشر
وسِتمِائَة ورحل مِنْهَا فجال مَعَ أَبِيه فِي بر الأندلس وبرالعدوة
والغرب الْأَوْسَط وإفريقية إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَترك وَالِده
بالإسكندرية ورحل إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَحَضَرَ
وَفَاته ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْقَاهِرَة ثمَّ رَحل إِلَى حلب فِي
(2/172)
صُحْبَة الصاحب الْكَبِير المحسن كَمَال
الدّين بن أبي جَرَادَة ثمَّ عزم على الْحَج فِي هَذِه السّنة وَهِي
سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة يسر الله ذَلِك بمنه وَمن نظمه قَوْله
... كَأَنَّمَا النَّهر صفحة كتبت ... أسطرها والنسيم منشئها
لَمَّا أَبَانَتْ عَنْ حُسْنِ مَنْظَرِهِ ... مَالَتْ عَلَيْهَا
الغُصُونُ تَفْرَؤُهَا ...
وَقَوله من قصيدة ... بَحْرٌ وَلَيْسَ نَوَالُهُ بِمَشَقَّةٍ ...
المَالُ فِي يَدِهِ شَبِيهُ غُثَاءِ ...
وَقَوله ... بُرْءٌ كَمَا آَبَ الغَمَامُ الصَيِّبُ ... فَتَرَاجَعَ
الرَّوْضُ الهَشِيمُ المُذْنِبُ
عَطَفَتْ بِهِ النُّعْمَى عَلَى ألافها ... واسترجع الزَّمن المسئ
المُذْنِبُ
مَا كُنْتَ إِلاَّ السَّيْفَ يَصْدَأُ مَتْنُهُ ... وَغِرَارُهُ مَاضٍ
إِذَا مَا يَضْرِبُ ...
وَقَوله وَقد دوعب بِسَرِقَة سكين ... أَيَا سَارِقاً مِلْكَاً
مَصُونَاً وَلَمْ يَجِبْ ... عَلَى يَدِهِ قَطْعٌ وَفِيهِ نِصَابُ
سَتَنْدُبُهُ الأَقْلامُ عِنْدَ عِثَارِهَا ... وَيَبْكِيهِ أَنْ
يَعْدُو الصَّوَابَ كِتَابُ ...
وَقَوله فِي فرس أصفر أغر أكحل الْحِلْية ... وَأَجْرَدَ تِبْرِيٍّ
أَثَرْتُ بِهِ الثَّرَى ... وَلِلْفَجْرِ فِي خَصْرِ الظَّلامِ وِشَاحُ
لَهُ لَوْنُ ذِي عِشْقٍ وَحُسْنُ مُعَشَّقٍ ... لِذَلِكَ فِيهِ دَلَّةٌ
وَمِرَاحُ
عَجِبْتُ لَهُ وَهُوَ الأَصِيلُ بِعَرْفِهِ ... ظَلامٌ وَبَيْنَ
النَاظِرَيْنَ صَبَاحُ ...
(2/173)
وَقَوله ... خَجِلَتْ وَالسَتْرُ
يَحْجِبُهَا ... كَيْفَ تُخْفِي الخَمْرَةَ القَدَحُ ...
وَقَوله ... رَقَّ الأَصِيلُ فَوَاصِلِ الأَقْدَاحَا ... وَاشْرَبْ
إلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ صَبَاحَا
وَانْظُرْ لِشَمْسِ الأُفْقِ طَائِرَةً وَقَدْ ... أَلْقَتْ عَلَى
صَفْحِ الخَلِيجِ جَنَاحَا ...
وَقَوله ... يَا سيد قد زَاد قدرا إِذْ غَدَا ... بِرَاً لِمَنْ هُوَ
دُونَهُ يَتَوَدَّدُ
وَالغُصْنُ مِنْ فَوْقِ الثَّرَى لَكِنَّهُ ... كَرَماً يَمِيلُ إلَى
ذَرَاهُ وَيَسْجُدُ ...
وَقَوله ... بِعَيْشِكَ سَاعِدْنِي عَلَى حَثِّ كاسها ... إِذا مَا
بَدَا لِلْصُبْحِ بَتْرُ المَوَاعِدِ
وَشَقَّ عَمُودُ الفَجْرِ ثَوْبَ ظَلامِهِ ... كَمَا شَقَّ ثَوْباً
أَزْرَقاً صَدْرُ نَاهِدِ ...
وَقَوله من قصيدة ناصرية
خَطَرْتُ إِلَيْهِ السمهري مُسَددًا ... فعانقته شَوْقاً إلَى ذَلِكَ
القَدِّ
خَفِيٌّ وَسِتْرُ اللَّيْلِ فَوقِي مُسبل ... كَأَنِّي حَيَاءً فَوْقَ
وَجْنَةِ مَسْوَدِّ
وَلَيْلِي بَخِيلٌ بِالنُّجُومِ وَصُبْحِهِ ... وَنَجْمِي فِي رِمْحِي
وَصُبْحِي فِي غِمْدِي
وتحتي مثل اللَّيْل أهْدى من القطا ... بداطا لعا مِنْ وَجْهِهِ
كَوْكَبٌ يَهْدِي
إلَى أَنْ وَصَلْتُ الْحَيّ وَالْقلب ميت ... حذار الأعادي والمثقفة
الملد
فعانقت غُصْن البات فِي دوحه القنا ... وَقبلت بَدْرَ التِّمِّ فِي
هَالَةِ الجُرْدِ
كَذَا هِمَّتِي فِيمَن أهيم بحبه ... وَمن أَبْتَغِي مِنْ وَجْهِهِ
طَالِعَ السَّعْدِ ...
(2/174)
.. خَزَائِنُ أَرْضِ اللهِ فِي يَدِ
يُوسُفٍ ... فَهَلْ لِسِوَاهُ فِي المُلُوكِ يُرَى قَصْدِي
مَلِيكٌ تَرَى فِي وَجهه آيَة الرِّضَا ... وتقرأ مِنْ أَمْدَاحِهِ
سُورَةَ الحَمْدِ ...
وَفِي طالع قصيدة ... نَظِيرُ قَوَامِكَ الغُصْنُ النَّضِيرُ ...
وَحُبِّي فِيكَ لَيْسَ لَهُ نَظِير ...
وَقَوله من قصيدة ... جدلي بِمَا ألقِي الخيال من الْكرَى ... لَا بُد
للضيف الملم من الْقرى
واخجلى مِنْهُ وَمِنْكَ مَتَى أنَمْ ... عَيَّرْتَنِي وَمَتَى سَهِرْتُ
تَنَكَّرَا ...
وَمِنْهَا ... قُمْ سَقِّنِيهَا وَالسَّمَاءُ كَأنَّهَا ... لَبِسَتْ
رِدَاءً بِالبُرُوقِ مُشَهَّرَا
وَكَأَنَّمَا زُهْرُ النُّجُومِ بِأُفْقِنَا ... خِيَمٌ طَوَاهَا
بَنْدُ صُبْحٍ نُشِّرَا ...
وَمِنْهَا ... مِنْ كل من جعل السُّرُوج أرائكا ... والسمر قُضْبَاً
وَالقَوَاضِبَ أَنْهُرَا
مِنْ مَعْشِرٍ خَبِرُوا الزَّمَانَ رياسة ... وسياسة حلوا الذرى خمر
الذرا
سم العداة على حَيَاء فيهم ... لَا تعجبن كَذَاكَ آَسَادُ الشَّرَى
كَادُوا يُقِيلُونَ العُدَاةَ مِنَ الردى ... لَو لَمْ يَمُدُّوا
كَالحِجَابِ العِثْيَرَا
حَتَّى ظِبَاهُمْ فِي الْحَيَاة مثالهم ... أبدت وَقَدْ أَرْدَتْ
مُحَيَّاً أَحْمَرَا
جَعَلُوا خَوَاتِمَ سُمْرِهِمْ مِنْ قَلْبِ كُلِّ ... مُعَانِدٍ حَسِبَ
المُثَقَّفَ خِنْصَرَا
وَبِبِيضِهِمْ قَدْ تَوَّجُوا أَعْدَاءَهمْ ... حَتَّى العِدَا حَلُّوا
لِكَيْمَا تَشْكُرَا
لَوْ لَمْ يَخَافُوا تِيهَ سَارٍ نحوهم ... وهبوا الكَوَاكِبَ
وَالصَّبَاحَ المُسْفِرَا ...
(2/175)
وَمِنْهَا ... فَاثْنِ المَسَامِعَ نَحْوَ
نَظْمٍ كُلَّمَا ... كَرَّرْتَهُ أَحْبَبْتَ أَنْ يَتَكَرَّرَا
إِنْ كَانَ طَالَ فَإِنَّهُ مِنْ حُسْنِهِ ... لَيْلُ الوِصَالِ
بِأُنْسِهِ قَدْ قُصِّرَا
مِنْ بَعْدِهِ الشَّعَرَاءُ تَحْكِي وَاصِلاً ... تَتَجَنَّبُ
الرَاءَاتِ كَيْ لَا تَعْثُرَا ... وَقَوله من قصيدة ... بِاللهِ يَا
حَابِسَهَا أَكْؤُسَاً ... شَابَتْ لِطُولِ الحَبْسِ وَلَّى النَّهَار
فلتغنم شربا على صفرَة الشَّمْس ... وَقَابِلْ بِالنُّضَارِ النُّضَارْ
مِنْ قَبْلِ أَنْ يَحْجُبَ جنح الدجى ... ثغر الأقاحي وخدود لبهار ...
وَقَوله من قصيدة ... الرَّوْضُ بُرْدٌ بِالنَّدَى مَطْرُوزُ ...
وَالنَّهْرُ سَيْفٌ بِالصَّبَا مَهْزُوزُ
كُتِبَتْ بِهِ خَوْفَ النَّوَاظِرِ أَسْطُرٌ ... فَعَلَيْهِ مِنْ خَطِّ
النَّسِيمِ حَرُوزُ
وَرَمَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَضْلَ رِدَائِهَا ... فَعَلاَ مُذَابَ
لُجَيْنِهِ إِبْرِيزُ
وَالغُصْنُ إِنْ رَكَدَ النَّسِيمُ كَأَنَّهُ ... أَلِفَ بِهَمْزَةِ
طَيْرِهِ مَهْمُوزُ
وَكَأَنَّمَا الأَزْهَارُ فِيهِ قَلائِدٌ ... وَكَأَنَّمَا الأَوْرَاقُ
فِيهِ خَزُوزُ
وَالرَّاحُ تَنْظُمُ شَمْلَنَا بِجِنَابِهِ ... وَعَقِيْقُنَا مِنْ
دِرِّهَا مَفْرُوزُ
تُبْدِي لَنَا خَجَلَ العَرُوسِ وَحَلْيَهَا ... فِي مِثْلِ زِيِّ
البِكْرِ وَهِيَ عَجُوزُ
شَمَطُ الحَبَابِ يُبَيِّنُ كِبْرَةَ سِنِّهَا ... فَعَلامَ تَحْمِلُ
حِلْيَهَا وَيَجُوزُ
هِيَ كَالغَزَالَةِ لَا تَزَالُ جَدِيْدَةً ... وَالطَّرْفُ دُونَ
ضَبَابِهَا مَغْمُوزُ ...
وَقَوله ... أَلا هَاتِهَا والنرجس الغص قَدرنَا ... إِلَيْك كَمَا
تَرْنُو العُيُونُ النَّوَاعِسُ
وَأَرْدَافُ مَوْجِ النَّهْرِ فَوق خصوره ... تميل عَلَيْهِنَّ
الغُصُونُ المَوَائِسُ ...
(2/176)
وَقَوله ... يَضِيعُ الذِي أَسْدَى
إِلَيْكَ كَأَنَّهُ ... حَيَاءٌ بِوَجْهٍ أَسْوَدِ اللَّوْنِ ضَائِعُ
...
وَقَوله ... إِنْ غُيَّبَتْ شمسه فالرعد زفرته ... وَقَلبه البَرْقُ
وَالأَمْطَارُ مَدْمَعَهُ ...
وَقَوله ... لَا خَيَّبَ اللهُ أَجْرَ عِيسَى ... فَكَمْ يُدَانِي
إِلْفاً مِنْ إِلْفِ
يقرن هَذَا بِذَاكَ فضلا ... كَأَنَّهُ الدَّهْرَ وَاوُ عَطْفِ ...
وَقَوله ... كَأَنَّكَ لَمْ تَجْلِ القِتَامَ وَقَدْ دَجَا ...
بِشُهْبٍ عَوَالٍ أَوْ بُرُوقِ سُيُوفِ ...
وَقَوله ... فَلا تُنْكِرَنْ صَوْبَ الدِّمَاءِ إذَا دَجَتْ ...
سَحَابُ قَتَامٍ وَالسُّيُوفُ بَوَارِقُ ...
وَقَوله ... هَلاَّ نظرت إِلَى الأغصان تعتنق ... ظلت تُلاقِي
غَرَامَاً ثُمَّ تَفْتَرِقُ
نَادِ الصَّبُوحَ عَسَى فِي الْقَوْم مغتنم ... يباكر الراح صبحا ثمَّ
يغتبق ...
وَمِنْهَا ... قد زين الله قطرا أَنْت ساكنه ... كَمَا يُزَانُ
بِبَدْرِ الغَيْهَبِ الفَلَقُ ...
وَقَوله ... للهِ فُرْسَانٌ غَدَتْ رَايَاتُهُمْ ... مِثْلَ الطُّيُورِ
عَلَى عِدَاكَ تُحَلِّقُ
وَالسُّمْرُ تَنْقُطُ مَا تُسَطِّرُ بِيضُهُمْ ... وَالنَّقْعُ
يُتْرِبُ والدماء تخلق ...
(2/177)
وَقَوله ... أَفَمَ الخَلِيجِ أَتَذْكُرَنْ
بِكَ لَيْلَةً ... أَفْنَيْتَ فِيهَا مِنْ عَفَافِي مَا بَقِي
وَاللَّيْلُ بَحْرٌ مُزْبِدٌ بِنُجُومِهِ ... وَالسُّحْبُ مَوْجٌ
وَالهِلالُ كَزَوْرَقِ ...
وَقَوله من قصيدة ... وهبت فُؤَادِي للمباسم والحدق ... وحكمت فِي
جَفْنِي المَدَامِعَ وَالأَرَقْ
وَلَمْ أَسْتَطِعْ إِلاَّ الْوَفَاء لغادر ... وباليتني لَمَّا
وَفَيْتُ لَهُ رَفَقْ
وَمِنْ أَجْلِهِ قَدْ رق جسمي صبَابَة ... وياليته لَمَّا رَآَهُ
عَلَيْهِ رَقْ
مَتَى اشْتَكَى فَيْضُ المدامع قَالَ لي ... خِلافك قَدْ قَاسَى
المَدَامِعَ وَالحُرَقْ
إذَا لاحَ فِي المحمر فالبدر فِي الشَّفق ... وَإِن لاحَ فِي
المُخْضَرِّ فَالغُصْنُ فِي الوَرَقْ
تُحَمِّلُهُ أَرْدَافُهُ فَوْقَ طَاقَةٍ ... وَمِنْ هَيَفٍ لَوْ شَاءَ
بالخاتم انتطق
فيا عاذلي فِيمَا جنته لحاظه ... أتعذلني وَالسَّيْفُ لِلْعَذْلِ قَدْ
سَبَقْ ...
وَقَوله ... قُمْ سَقِّنِي شَفَقَ الشَّمُولِ بِسُحْرَةٍ ...
وَكَأَنَّمَا شَفَقُ الصَّبَاحِ شَمُولُ
وَالبَرْقُ قُضْبٌ وَالسَّحَابُ كَتَائِبٌ ... وَالقَطْرُ نَبْلٌ
وَالرُّعُودُ طُبُولُ
وَلْتَعْذُرِ الأَنْهَارُ فِي تَدْرِيعِهَا ... وَكَذَلِكَ الأَغْصَانُ
حِينَ تَمِيلُ ...
وَقَوله ... أَدِرْ كُؤُوسَكَ إِنَّ الأُفْقَ فِي عرس ... وحسبنا أنْتَ
تَرْعَى حُسْنَكَ المُقَلُ
البَرْقُ كَفٌّ خَضِيبٌ والحيا دُرَر ... والأفق يُجْلَى وَطَرْفُ
الصُّبْحِ مُكْتَحِلُ ...
(2/178)
وَقَوله ... دَعِ اللَّحْظَ يَسْرَحْ
بِوَرْدِ الخَجَلْ ... فَقَدْ مَنَعَتْهُ سَيَوفُ المُقَلْ ...
وَمِنْهَا ... فَكَمْ أَغْصُنٍ قَدْ نَعِمْنَا بِهَا ... وَمِنْ بَعْدِ
ذَلِكَ عَادَتْ أَسَلْ
وَكَمْ دَنِّ خَمْرٍ طَرِبْنَا بِهِ ... وَعُدْنَا لَهُ فَوَجَدْنَاهُ
خَلْ ...
وَقَوله ... وَخَيْرُ الشِّعْرِ مَا أَوْلاهُ تَبْدُو ... كَأَسْحَارٍ
وَآَخِرُهُ أَصَائِلْ ...
وَقَوله ... وَأَشْقَرَ مِثْلِ الْبَرْق لونا وَسُرْعَة ... قصدت
عَلَيْهِ عَارِضَ الجُودِ فَانْهَمَى ...
وَقَوله فِي سُلْطَان إفريقية ... فَهُمُ سِهَامٌ وَالقِسِيُّ
جِيَادُهُمْ ... وَعِدَاهُمُ هَدَفٌ وَعَزْمُكَ رَامِي ...
وَقَوله ... وَتَحْتِي لَيْلٌ قَدْ تَرَقَّى بسمعه ... فواجهه مَا
امْتَدَّ مِنْ كَوْكَبِ الرَّجْمِ
وَقَدْ أَنْعَلُوهُ بِالْأَهِلَّةِ هَل ترى ... اتِّخَاذ هِلالٍ
لِلْظَلامِ مِنَ الظُّلْمِ ...
وَقَوله ... ظُبَاهُمُ الحُمْرُ كالنيران حِين قرى ... بأفقهم فلذاك
الطير تغشاها ...
وَقَوله ... ستر الْجَمْرَة بالآس ... فَلَمْ تَعْدُ عَلَيْهِ
إنَّمَا ذَلِكَ سِحْرٌ ... أَصْلُهُ من ناظريه ...
(2/179)
471 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن رَشِيق
من أَعْيَان القلعة لَهُ حَظّ من النّظم والنثر قَالَ وَالِدي لم أر
أوسع مِنْهُ صَدرا مَا عَلَيْهِ من الدُّنْيَا أَقبلت أَو أَدْبَرت
وَهُوَ الْقَائِل ... لَيْسَ عِنْدِي مِنَ الهُمُومِ حَدِيثٌ ...
كُلَّمَا سَاءَنِي الزَّمَانُ سَدِرْتُ
أَتُرَانِي أَكُونُ لِلْدَّهْرِ عَوْناً ... فَإِذَا مَسَّنِي بِضُرٍّ
ضَجِرْتُ
غَمْرَةٌ ثُمَّ تَنْجَلِي فَكَأَنِّي ... عِنْدَ إِقْلاعِ هَمِّهَا مَا
ضُرِرْتُ ...
الْعلمَاء
472 - أَبُو عِيسَى لب بن عبد الْوَارِث الْيحصبِي النَّحْوِيّ
من المسهب أنجبته قلعة بني سعيد وَكَانَ تهذيبه وتخريجه بإشبيلية وَنظر
فِي الْفِقْه ثمَّ مَال إِلَى الْعَرَبيَّة فَبلغ مِنْهَا إِلَى غَايَة
نبيهة وَكَانَ أَبنَاء الْأَعْيَان من الملثمين يقرءُون عَلَيْهِ
بمراكش وهنالك اجْتمعت بِهِ وَمن شعره قَوْله ... بَدَا أَلِفُ
التَّعْرِيفِ فِي طِرْسِ خَدِّهِ ... فياهل تَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ
يُنْكَرُ ...
(2/180)
.. وَقد كَانَ كافورا فَهَل أَنا تَارِك
... لَهُ بَعْدَ مَا حَيَّاهُ مِسْكٌ وَعَنْبَرُ
وَمَا خَيْرُ روض لَا يرف نَبَاته ... وَهل أَحْسَنُ الأَثْوَابِ إلاَّ
المُشَهَّرُ ...
الْأَهْدَاب
نادرة للمسن بن دور يَده القلعي
كَانَ بالقلعة رجل غث ثقيل بَارِد لَا تكَاد تقع الْعين على أغث وأثقل
مِنْهُ وَكَانَ المسن يكرههُ ويركب عَلَيْهِ الحكايات وَمن نوادره
مَعَه أَنه سَافر المسن إِلَى مرسية وَتَركه بغرناطة فَلَمَّا عَاد
إِلَى غرناطة وقف على بَاب من أَبْوَابهَا وَجعل يسْأَل عَن الثقيل
الْمَذْكُور هَل هُوَ بغرناطة إِلَى أَن عرفه أحد من يدريه أَنه بهَا
فَثنى عنان فرسه وَعدل إِلَى القلعة وَقَالَ لَا يطيب بلد يكون فِيهِ
فلَان
وخر مرّة مَعَ أبي مُحَمَّد عبد الله بن سعيد إِلَى سوق الْخَيل
فَاشْترى ابو مُحَمَّد فرسا وَقَالَ للمسن اركبه فَرَكبهُ فَجعل أَبُو
مُحَمَّد يَقُول لكل من يلقاه هَذَا الْفرس اشْتَرَيْته الْيَوْم
وَيذكر الثّمن وَيكثر وَصفه والمسن عَلَيْهِ لَا يزَال يخجله بِهَذَا
إِلَى أَن لمح المسن عجوزاً خرجت من فرن بطبق فِيهِ خبز فِي نِهَايَة
من الْفَاقَة والضعف فركض الْفرس إِلَيْهَا وَقَالَ لَهَا قفي حَتَّى
أخْبرك فوقفت فَقَالَ لَهَا هَذَا الْفرس اشْتَرَاهُ الْقَائِد أَبُو
مُحَمَّد بِكَذَا وَكَذَا وَأخذ يصف على منزع أبي مُحَمَّد فَقَالَ
لَهُ ألهذي الْعَجُوز يُقَال مثل هَذَا فَقَالَ مَا بَقِي فِي
الدُّنْيَا من لَا يعرف حَدِيث هَذَا الْفرس إِلَّا هَذِه الْعَجُوز
فَأَرَدْت أَلا يفوتها ثمَّ قَالَ عَليّ لعنة الله إِن ركبت لَك فرسا
مَا عِشْت وَنزل عَنهُ فشرد وتعب أَبُو مُحَمَّد فِي تَحْصِيله
(2/181)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي
يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب أَعمال القلعة السعيدية وَهُوَ كتاب
الْإِشْرَاق فِي حلي حصن القبذاق من حصون قلعة بني سعيد مِنْهُ
473 - الْأَخْفَش بن مَيْمُون القبذاقي
من المسهب يعرف بِابْن الْفراء أَصله من القبذاق وتأدب فِي قرطبة وَله
أمداح فِي ابْن نغرلة الْيَهُودِيّ وَزِير غرناطة وَمن شعره قَوْله ...
أَهْوَى الذِي تَيَّمَنِي حُبُّهُ ... وَمَا دَرَى أَنِّي أَهْوَاهُ
أَكَادُ أَفْنَى مِنْ غَرَامٍ بِهِ ... لَا سِيَّمَا سَاعَةَ أَلْقَاهُ
وَاللهِ مَا يَذْكُرُنِي سَاعَةً ... وَلَا وَحقّ الله أنساه ...
(2/182)
وَقَوله ... غنت الْوَرق فِي الفصون
سُحَيْراً ... فَأَبَاحَتْ مِنِّي غَرَامَاً مَصُونَا
لَمْ تَفِضْ عَيْنُهَا بِدَمْعٍ وَلَكِنْ ... فَجَّرَتْ لِي فِيمَنْ
أَحِبُّ عُيُونَا ...
وَقَوله ... إِذَا مَدَحْتَ فَلا تَمْدَحْ سِوَاهُ فَفِي ... يمناه
بَحْرٌ مُحِيطٌ لِلْعُفَاةِ زَخَرْ
يُصْغِي إلَى المَدْحِ من جود وَمن أدب ... كمشتكي الجَدْبِ قَدْ
أَصْغَى لِصَوْبِ مَطَرْ ...
وَقَوله ... بِاللَّيَالِي الَّتِي تَوَلَّتْ وَأَوْلَتْ ... مُهْجَتِي
حَسْرَةً بِهَا لَا أفِيق
أَتَرَى لي إِلَى رضاك وإقصاء ... وُشَاتِي عَنْ جَانِبَيْكَ طَرِيْقُ
آَهِ مِنْ لَوْعَتِي وَمِنْ طُولِ وَجْدِي ... سَالَ دَمْعِي وَفِي
فُؤَادِي حَرِيْقُ ...
وَقَوله ... كَيْفَ لِي صَبْرٌ وَقَدْ هَجَرَتْ 5 مَنْ لَهَا رَوحِي
وَتَظْلِمُنِي
غَادَةٌ كَالغُصْنِ فِي هَيَفٍ ... وَتَثَنٍّ عَادَ كَالوَثَنِ
كَلُّنَا مِنْ جَاهِلِيَّتِهَا ... أَبَدَاً لَا زِلْتُ فِي فِتَنِ ...
وَقَوله ... نَاحَ الحَمَامُ عَلَى غُصْنٍ تَلاعِبُهُ ... كَفُّ
النَّسِيمِ فَأَبْكَانِي وَأَشْجَانِي
ذَكَرْتُ قَداً لِمَنْ أَهْوَاهُ مُنْعَطِفاً ... هَذَا عَلَى أَنَّهُ
مَا زَالَ يَنْسَانِي ...
(2/183)
وَفِيه قَالَ ابْن زيدون ... فَإِذَا مَا
قَالَ شِعْرَاً ... نَفَقَتْ سُوقُ أَبِيهِ ...
وهجاه المنفتل شَاعِر إلبيرة بقوله ... إِنْ كُنْتَ أَخْفَشَ عَيْنٍ
... فَإِنَّ قَلْبَكَ أَعْمَى
فَكَيْفَ تَنْثُرُ نَثْرَاً ... أَمْ كَيْفَ تنظم نظما ...
(2/184)
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله
على سيدنَا مُحَمَّد أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد
وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل
عَلَيْهَا كتاب أَعمال القلعة السعيدية وَهُوَ كتاب الصُّبْح الْمُبين
فِي حلي حصن العقبين
حصن من حصون القلعة على وَادي فُرْجَة ونضارة أَخْبرنِي وَالِدي انه
كَانَ كثيرا مَا يلم بِهِ الصَّيْد فِي صباه مَعَ أَقَاربه وَأَصْحَابه
وَكَانَ لَهُم على الْوَادي قصر جروا فِيهِ ذيول الصِّبَا وهبوا فِي
جنباته هبوب الصِّبَا وَله فِيهِ شعر وَمِنْه
474 - أَحْمد بن لب العقبيني
كَانَ كَبِير اللِّحْيَة مضحك الطلعة كثيرا مَا يمدح مُحَمَّد بن سعيد
صَاحب القلعة بِمثل قَوْله ... يَا قائدا لَا يُسَاوِي عِنْده أَسد ...
مِقْدَار ذِئْبٍ إذَا مَا الحَرْبُ تَدْعُوهُ
أَنْتَ الذِي حَرَسَ الإِسْلامَ صَارِمُهُ ... لِذَاكَ مَدْحُكَ فِي
السَّاعَاتِ نَتْلُوهُ ...
وَقَوله ... أَبَا عَبْدِ الإِلَهِ أَلَسْتَ فَرْعاً ... زَكِيَّاً
مِنْ أُصُولٍ طَاهِرَاتِ ...
(2/185)
.. وَيَزْعُمُ آَخَرُونَ لَكَ اشْتِكَالاً
... لَقَدْ نَطَقُوا بِمَحْضِ التُّرَّهَاتِ ...
وَأهل العقبين يوصفون بِالْجَهْلِ الْكثير قد غلبت عَلَيْهِم البداوة
وبعدت عَنْهُم آدَاب الحضارة اتَّفقُوا مرّة على أَن يجمعوا فَرِيضَة
يبنون بهَا مَا وهى من جامعهم فَبَقيَ مِنْهَا فَاضلا قدر خَمْسَة
دَنَانِير فَاجْتمعُوا لإبداء الرَّأْي فِيمَا يصرفونها فِيهِ فَتكلم
كل أحد بِمَا عِنْده وَرَأى الْأَكْثَر مِنْهُم أَن يشترى بهَا مِنْبَر
للجامع فغن منبره الْعَتِيق قد تكسر فَتحَرك فلاح مِنْهُم وَقَالَ دعوا
الهذيان واشتروا كَلْبا يحفظ غنمكم من السبَاع فَقَالُوا لَهُ نَحن
نقُول مِنْبَر وَأَنت تَقول كلب وَاتفقَ رَأْيهمْ على الْمِنْبَر
فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْم ضباب خرجت غنم الْبَلَد فهجمت عَلَيْهَا
السبَاع وَوَقع الصياح بذلك فَجرى البدوي إِلَى الْجَامِع مَعَ من
اسْتَعَانَ بِهِ من أهل الْجَهْل وَأخذُوا الْمِنْبَر على أَعْنَاقهم
وأخرجوه إِلَى أَمَام الْبَلَد وَقَالَ البدوي قُولُوا لهَذَا
الْمِنْبَر يخلص غنكم من السبَاع
(2/186)
|