المغرب في حلى المغرب

كتاب التثمير فِي حلي مملكة تدمير

(2/241)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يحتوي عَلَيْهَا كتاب شَرق الأندلس وَهُوَ كتاب التثمير فِي حلي مملكة تدمير يَنْقَسِم إِلَى كتاب النغمة المنسية فِي حلي حَضْرَة مرسية كتاب رونق الْجدّة فِي حلي قَرْيَة كتندة كتاب الِاسْتِعَانَة فِي حلي قَرْيَة منتانة كتاب الأيكة فِي حلي حصن يكة كتاب الكثب المنهالة فِي حلي حصن تنتالة كتاب الْمَوَدَّة الموصولة فِي حلي مَدِينَة مولة كتاب الليانة فِي حلي مَدِينَة بليانة كتاب الْأَرْش فِي حلي مَدِينَة ألش

(2/243)


كتاب النحت فِي حلي مَدِينَة لقنت كتاب النشقة فِي حلي مَدِينَة لورقة كتاب الْبرد الْمُطَرز فِي حلي قَرْيَة برزز كتاب النِّعْمَة المبذولة فِي حلي مَدِينَة أريولة كتاب الْأَشْهر الْمُهْملَة فِي حلى مَدِينَة الحرله عدَّة هَذِه الْكتب ثَلَاثَة عشر

(2/244)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الاول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب النغمة المنسية فِي حلي حَضْرَة مرسية هِيَ عروس لَهَا تَاج وسلك وأهداب
المنصة من كتاب الرَّازِيّ هِيَ من بُنيان عبد الرَّحْمَن بن الحكم المرواني سُلْطَان الاندلس وَمن السهب مرسية أُخْت إشبيلية هَذِه بُسْتَان شَرق الأندلس وَهَذِه بُسْتَان غربها قد قسم الله بَينهمَا النَّهر الْأَعْظَم فَأعْطى هَذِه الذِّرَاع الشَّرْقِي وَأعْطى هَذِه الذِّرَاع الغربي ولمرسية مزية تيسير السقيا مِنْهُ وَلَيْسَت كَذَلِك إشبيلية لِأَن نهر مرسية يركب أرْضهَا وإشبيلية تركب نهرها ولمرسية فضل مَا يصنع فِيهَا من أَصْنَاف الْحلَل والديباج وَهِي حاضرةٌ عظيمةٌ شريفة الْمَكَان كَثِيرَة الْإِمْكَان

(2/245)


وَقَالَ الْحَضْرَمِيّ كَمَا يتجهز الْفَارِس من تلمسان كَذَلِك تتجهز الْعَرُوس من مرسية وَمن متفرجاتها الْمَشْهُورَة الرشاقة والزنقات وجبل أيل وَهُوَ جبل شعبذات وَتَحْته بساتين وبسيطٌ تسرح فِيهِ الْعُيُون
التَّاج تَملكهَا بالثيارة فِي مُدَّة بانيها
511 - عبد الله بن سُلْطَان الأندلس
عبد الرَّحْمَن بن مُعَاوِيَة بن هِشَام المرواني
ذكر صَاحب السقط أَنه سمت نَفسه بعد أَبِيه لطلب الْأَمر فناقض أَخَاهُ هِشَام بن عبد الرَّحْمَن سُلْطَان الأندلس وشايع أَخَاهُ الْخَارِج عَلَيْهِ سُلَيْمَان ابْن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ حَرِيصًا محروماً مِمَّا طلبه حَارب أَخَاهُ هشاماً ثمَّ حَارب ابْن أَخِيه الحكم بن هِشَام ثمَّ حَارب عبد الرَّحْمَن بن الحكم وَفِي مُدَّة كل وَاحِد مِنْهُم يهْزم ويقصى وَبعد ذَلِك لَا يني عَن طلب الْأَمر وَآل أمره مَعَ عبد الرَّحْمَن إِلَى أَن خطب فِي جَامع مرسية ودعا على الظَّالِم بَينهمَا فعاجله الله بالمنية دون بلوع أُمْنِية وثار بهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف

(2/246)


512 - المرتضي بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد المرواني الناصري
وَبَايَعَهُ الموَالِي العامرية الَّذين تغلبُوا على الممالك وزحفوا بِهِ إِلَى غرناطة فَهَزَمَهُ عَلَيْهَا صنهاجة وَقتل فِي تِلْكَ الْوَقْعَة وَصَارَت مرسية إِلَى تَدْبِير
513 - أبي عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر
وَهُوَ أحد أعيانها فِي القلائد وَمن كَلَام الْفَتْح فِي شَأْنه بِهِ بُدِئَ الْبَيَان وَختم وَعَلِيهِ ثَبت الْإِحْسَان وارتسم وَعنهُ افتر الزَّمَان وابتسم وَأورد لَهُ نثرا وَذكر أَخذ ابْن عمارٍ مرسية من يَده وانحيازه إِلَى بلنسية وَحُضُور وَفَاته بهَا سنة سبع وَخَمْسمِائة وَقد نَيف على التسعين

(2/247)


عنوان من نثره من كتاب خَاطب بِهِ الْمَأْمُون بن ذِي النُّون صَاحب طليطلة
الآنَ عَادَ الشَّبَابُ خَيْرَ مَعَادِهِ وَابْيَضَّ الرَّجَاءُ بَعْدَ سوَاده وَترك الزَّمَان فضل عناية فَلِلَّهِ الشُّكْرُ المُرَدَّدْ بِإِحْسَانِهِ وَوَافَانِي أَيَّدَكَ اللهُ كِتَابٌ كَرِيمٌ كَمَا طَرَزَ البَدْرُ النَّهَرَ أَوْ كَمَا بَلَّلَ الغَيْثُ الزَّهَرَ وَطَوَّقَنِي طَوْقُ الحَمَامَةِ وَأَلْبَسَنِي ظِلَّ الغَمَامَةِ وَأَثْبَتَ لِي فَوْقَ النَّجْمِ مَنْزِلَةً وَأَرَانِي الخُطُوبَ نَائِيَةً عَنِي وَمُعْتَزِلَةْ فَوَضَعْتُهُ عَلَى رَأْسِي إِجْلالاً وَلَثَمْتُ كُلَّ سُطُورِهِ احْتِفَاءً واحتفالا
وَأَخذهَا مِنْهُ أَبُو بكر بن عمار وَزِير ابْن عباد وثار فِيهَا لنَفسِهِ وَقد ذكرت تَرْجَمته فِي جِهَة شلب
وثار فِيهَا على ابْن عمار
514 - الْقَائِد عبد الرَّحْمَن بن رَشِيق
وَلم يزل يدبر أَمر مرسية إِلَى أَن ثار عَلَيْهِ بمعقل لورقة صَاحبهَا
515 - أَبُو الْحسن بن اليسع
فَملك مرسية باسم الْمُعْتَمد بن عباد وولاه ابْن عباد مملكتها وترجمته فِي القلائد وَمن ذكره فِيهَا عَامر أندية النشوة وطلاع ثنايا الصبوة

(2/248)


كلف بالحميا كلف حارثه بن بدر وهام بفتى سماطٍ وفتاة خدر فَجعل للمجون موسماً وأثبته فِي جبين أَوَانه ميسما
وَذكر أَن أهل مرسية عزموا على قَتله ففر عَنْهُم
وَأنْشد لَهُ يُخَاطب أَبَا بكر بن اللبانة وَكَانَا على طَرِيقين فَلم يلتقيا ... تُشَرِّقُ آمَالِي وسعيس يغرب ... وتطلع أوجالي وأنسي يغرب
سريت أَبَا بَكْرٍ إِلَيْكَ وَإنَّمَا ... أنَا الكَوْكَبُ السَّارِي تَخَطَّاهُ كَوْكَبُ
فَبِاللهِ إلاَّ مَا مَنَحْتَ تَحِيَّةً ... تَكُرُّ بِهَا السَّبْعُ الدَّرَارِي وَتَذْهَبُ
كَتَبْتُ عَلَى حَالَيْنِ بعد وعجمه 5 فيا لَيْت شعري كَيفَ يدنو فيغرب ...

وَذكر أَنه وصل إِلَى الْمُعْتَمد بن عباد وَوصل الى زيارته أَبُو الْحُسَيْن ابْن سراج وابو بكر بن القبطورنة فَخرج وَهُوَ دهشٌ على غَفلَة وَلما انصرفا كتبا إِلَيْهِ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَال الَّتِي قدراها ... سَمِعْنَا خَشْفَةَ الخِشْفِ ... وَشِمْنَا طَرْفَةَ الطَّرْفِ
وَصَدَّقْنَا وَلَمْ نَقْطَعْ ... وَكَذَّبْنَا وَلَمْ نَنْفِ
وَأَغْضَيْنَا لإِجْلاَلِ ... كَ عَنْ أُكْرُومَةِ الظِرْفِ
وَلَمْ تُنْصِفْ وَقَدْ جِئْنَا ... كَ مَا نَنْهَضُ مِنْ ضِعْفِ
وَكَانَ الحَقُّ أَنْ تَحْمِ ... لَ أَوْ تُرْدِفَ فِي الردف ...

(2/249)


فراجعهما بِقِطْعَة مِنْهَا ... أَيَا أَسَفِي على حالٍ ... سُلِبْتُ بِهَا مِنَ الظَّرْفِ
وَيَا لهفي على جَهْلِي ... بضَيْفٍ كانَ مِنْ صِنْفِ ...

وَصَارَت مرسية بعد ذَلِك للملثمين وتوالت عَلَيْهَا ولاتهم إِلَى أَن ملكهَا فِي الْفِتْنَة الَّتِي كَانَت عَلَيْهِم
516 - الْأَمِير الْمُجَاهِد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن عِيَاض
وَكَانَ من أبطال الْمُسلمين غازياً لِلنَّصَارَى وَآل أمره إِلَى أَن جَاءَ سهم من نَصْرَانِيّ قَتله رَحْمَة الله عَلَيْهِ وَقد ثار بعده صهره
517 - أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعد الْمَشْهُور بِابْن مرذنيش
وَقد عظمه صَاحب فرحة الْأَنْفس وَذكر أَنه أولى من ذكرت مفاخره من مُلُوك تِلْكَ الْفِتْنَة وَجل قدره حَتَّى ملك مَدِينَة جيان ومدينة غرناطة وَمَا بَينهمَا ومدينة بلنسية ومدينة طرطوشة وصادف دُخُول عَسَاكِر بني عبد الْمُؤمن إِلَى الأندلس فكابد مِنْهُم من العظائم والهزائم

(2/250)


مَا ثَبت لَهُ وَظَهَرت فِيهِ صرامته إِلَّا أَنه اسْتَحَالَ حِين اشتدت الْأُمُور عَلَيْهِ فَصَارَ يعذب على الْأَمْوَال ويرتكب فِي شَأْن تَحْصِيلهَا القبائح ويسلخ الْوُجُوه وينفخ فِي الأدبار وَقتل حَتَّى أُخْته وَأَوْلَادهَا وَلم يزل فِي ملكه إِلَى أَن مَاتَ على فرَاشه
وَبعده صَارَت مرسية ليوسف بن عبد الْمُؤمن وتوالت عَلَيْهَا وُلَاة بني عبد الْمُؤمن إِلَى أَن ثار بهَا مِنْهُم عبد الله بن الْمَنْصُور بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَصحت لَهُ الْخلَافَة إِلَى أَن ثار بجهاتها
518 - المتَوَكل مُحَمَّد بن يُوسُف بن هود الجذامي
وَادّعى أَنه من بني هود الَّذين كَانُوا ماوكا بثغر سرقسطة وَآل أمره إِلَى أَن ملك مرسية ونهض إِلَيْهِ مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن وحصره بهَا فَانْصَرف عَنهُ فثارت بِلَاد الأندلس على الْمَأْمُون وانقادت لِابْنِ هود وَكَانَ ذَلِك فِي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وصدرت المخاطبات عَنهُ بأمير الْمُسلمين المتَوَكل على الله وَكَانَ عاميا جَاهِلا مشئوما على الأندلس كَأَنَّمَا كَانَ عُقُوبَة لأَهْلهَا فِيهِ زويت محاسنها وطوي بساطها ونثر سلكها جبرها الله تحرّك أول أمره إِلَى غربها فَهَزَمَهُ النَّصَارَى على الْمَدِينَة الْعُظْمَى ماردة

(2/251)


ثمَّ أخذوها وسلسلوا فِي أَخذ مَا حولهَا وَمَا زَالُوا يَأْخُذُونَ المدن والمعاقل فِي حَيَاته ويهزمونه هزيمَة بعد أُخْرَى إِلَى أَن أراح الله مِنْهُ على يَد وزيرة مُحَمَّد ابْن الرميمي قَتله بِاللَّيْلِ غيلَة فِي مَدِينَة المرية وَقد نقب نقباً فِي قصره وثار أَعْيَان الأندلس بعده فِي الْبِلَاد وَلم ينقادوا لوَلَده الَّذِي لقبه بالواثق وَأخرجه عَمه من مرسية
وَآل مرسية إِلَى أَن جعلت لعم المتَوَكل بن هود بفريضةٍ لِلنَّصَارَى وخدمةٍ وَمِمَّا اشْتهر من حكاياته المضحكة فِي الْجَهْل أَنه لما دخل مرسية وَبَايَعَهُ أَهلهَا على الْملك وَصلى الْجُمُعَة خلف الإِمَام سلم الإِمَام فَرد رَأسه إِلَيْهِ ابْن هود وَقَالَ بِصَوْت عَال وَعَلَيْك السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته فأضحك من حضر
وَولى قرَابَته الأرذلين من بَين شعار وخباز وقيم حمام ومناد على ممالك الأندلس فَقضى ذَلِك بتشتيت شملها وَالله يُعِيد بهجتها وثار بهَا على بني هود
519 - عَزِيز بن خطاب
وَكَانَ عَالما مَشْهُورا بالزهد والانقباض عَن الدُّنْيَا فَصَارَ ملكا جباراً سفاكاً للدماء حَتَّى كرهته الْقُلُوب وغضت عَن طلعته الْأَعْين وَارْتَفَعت

(2/252)


فِي الدُّعَاء عَلَيْهِ الألسن فَقتله الله على يَد زيان بن مرذنيش ثمَّ أخرج أهل مرسية ابْن مرذنيش الْمَذْكُور وَصَارَت لبني هود وَالنَّصَارَى
وَمن شعر عَزِيز بن خطاب الْمَذْكُور قَوْله ... اربأ بِنَفْسِك أَن تكون مُتَابعًا ... مَا الحُرُّ إِلاَّ مَنْ يَؤُمُّ فَيُتْبَعُ
لاَ يَدْفَعَنَّ الذُلُّ عَنْكَ مُقَدَّرَاً ... مَا بِالخُضُوعِ تَنَالُ مَا يُتَوَقَّعُ ...

السلك من الْكتاب
520 - أَبُو عَامر بن عقيد
من المسهب من جِهَات مرسية ناظم ناثر غير خامل الْمَكَان وَلَا مُنكر الْإِحْسَان كتب عَن ملك شَرق الأندلس إِبْرَاهِيم بن يُوسُف ابْن تاشفين وَرفع عَنهُ إِلَيْهِ أَنه يفشي سره وَيَقَع فِيهِ فاعتقله فَكتب إِلَيْهِ شعرًا مِنْهُ قَوْله ... أَتَأْخُذُنِي بِذَنْبٍ ثُمَّ تَنْسَى ... مِنَ الحَسَنَاتِ أَلْفَاً ثُمَّ أَلْفَا
وَتَتْرُكُنِي لأَسْيَافِ الأَعَادِي ... وَلَيْسَ يَهُزُّ قَوْلِي مِنْكَ عِطْفَا
كَأَنَّكَ مَا ثَنَيْتَ إِلَيَّ لَحْظَاً ... كَأَنَّكَ مَا مَدَدْتَ إِلَىَّ كَفَّا ...

(2/253)


.. جَعَلْتَ أَبِي عَلَى رِجْلِي وَمَا إِنْ ... لَهُ ذَنْبٌ يُهَانُ بِهِ وَيُجْفَى ...

فأعجبه مَا داعب بِهِ فِي الْبَيْت الْأَخير وَأَعَادَهُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَمن كتاب فرحة الْأَنْفس أَنه كتب عَن ابْن تاشفين الْمَذْكُور فِي عبور أَخِيه أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف إِلَى الأندلس كَانَ جَوَازه أيده الله من مرسى جَزِيرَة طريف على بَحر سَاكن قد ذل بعد استصعابه وَسَهل بعد أَن أرى الشامخ من هضابه وَصَارَ حيه مَيتا وهدره صمتا وأمواجه لَا ترى فِيهَا عوجا وَلَا أمتاً وَضعف تعاطيه وَعقد السّلم بَين موجه وشاطيه فعبره آمنا من لهواته متملكاً لصهواته على جواد يقطع الْخرق سبحاً ويكاد يسْبق الْبَرْق لمحاً لم يحمل لجاماً وَلَا سرجاً وَلَا عهد غير اللجة الخضراء مرجاً عنانه فِي رجله وهدب الْعين تحلي بعض شكله
521 - أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن الْجذع كَاتب ابْن مرذنيش
وَقع بَينه وَبَين أَخِيه مَا أوجب أَن كتب لَهُ ... يَا أَخِي مَا الذِي يُفِيدُ الإِخَاءُ ... وَطَرِيْقُ الوِدَادِ مِنَّا خَلاَءُ
وَلَقَدْ كُنْتَ لِي كَمَا أَنَا عَضْدَاً ... فَأَحَالَتْ صَفَاءَكَ القُرْنَاءُ
فَسَلامٌ عَلَيْكَ مِنِّي يَأْسَاً ... لِي إِبَاءٌ كَمَا لديك إباء ...

(2/254)


522 - أَخُوهُ أَبُو مُحَمَّد عبد الله جاوبه عَن الابيات بقوله ... يااخي لَا يَضِعْ لَدَيْكَ الإِخَاءُ ... وَتَثَبَّتْ فَلَيْسَ عَنْكَ غَنَاءُ
وَكَمَا كُنْتَ لَسْتُ أَبْرَحُ عَضْدَاً ... لَمْ يُحِلْنِي عَنِ الهَوَى القُرْنَاءُ
فَعَلَيْكَ السَّلاَمُ مِنِّي وُدَّاً ... لِي انْقِيَادٌ كَمَا لَدَيْكَ إِبَاءُ ...

523 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد السّلمِيّ
كتب عَن ابْن مرذنيش وَعَن ابْن همشك وَكَانَ فِيهِ لطفٌ وخفة روح يرقيانه إِلَى منادمة الْمُلُوك فنادمه ابْن مرذنيش وَهُوَ الْقَائِل فِي مَجْلِسه ... أَدِرْ كُؤُوسَ المُدَامِ وَالدَّزِّ ... فَقَدْ ظَفِرْنَا بِدَوْلَةِ العِزِّ
وَمَكِّنِ الكَفَّ مِنْ قَفَا حَسَنٍ ... فَإِنَّهُ فِي لِيَانَةِ الخَزِّ
الدَّزُّ بَزُّ القَفَا وَخِلْعَتُهُ ... فَاخْلَعْ عَلَيْنَا مِنْ ذَلِكَ البّزِّ ...

524 - أَبُو عَليّ بن حسان كَاتب ابْن مرذنيش وَمن شعره قَوْله ... أَيَا قوم دلوني فقد حرت فِي امري ... وتهت بِلَيْلٍ لاَ يَؤُولُ إِلَى فَجْرِ
أَرَى خِدْمَةَ السُّلْطَان كدا ملازما ... وحربا لِحُسَّادٍ يَجِيشُ بِهَا صَدْرِي
وَفِي تَرْكِهَا فَقْرٌ وَطول مذلة ... ابى اللهُ أَنْ يَصْفُو جَنَابٌ مِنَ الدَّهْرِ ...

(2/255)


525 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن حَامِد كَاتب الْعَادِل من بني عبد الْمُؤمن
وصل مَعَه الى إشبيلية لما فتحهَا فَقَالَ قصيره مِنْهَا ... هَذِهِ حِمْصٌ فَقَدْ تَمَّ الأَمَلْ ... سَارَتِ الشَّمْسُ فَحَلَّتْ بِالحَمَلْ
كُنْتَ كَالسَّيْفِ ثَوَى فِي خِلَلٍ ... ثُمَّ لَمَّا هَمَّ لَمْ يَبْقَ خَلَلْ ...

الْعمَّال
526 - أَبُو رجال بن غلبون
ولي أَعمال مرسية فِي مُدَّة يُوسُف بن عبد الْمُؤمن وَأنْشد لَهُ صَاحب زَاد الْمُسَافِر من قصيدة ... بُشْرَى بِهَا تَتَهَادَى الضُمَّرُ القُوُدُ ... وَخَيْرُهَا بِنَوَاصِي الخَيْلِ مَعْقُودُ
وَأَيَّةً سَلَكَتْ مِنْ سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ ... طَلْعٌ نَضِيدٌ بِهَا أَوْ جَنَّةٌ رُودُ ...

(2/256)


ذَوُو الْبيُوت
527 - أَبُو الْعَلَاء بن صُهَيْب
من القلائد نبيل المشارع جميل المنازع كريم الْعَهْد ذُو خلائق كالشهد مَعَ فَخر متأصل وَفهم إِلَى كل غامض متوصل وَذكر الْفساد الَّذِي وَقع بَينه وَبَين أبي أُميَّة قَاضِي مرسية وأهاجيه فِيهِ وَأثر لَهُ قَوْله ... ذَكَرْتُ وَقَدْ نم الرياض بعرفه ... فأبدى جُمَانَ الطَّلِّ فِي الزَّهَرِ النَّضِرِ
حَدِيثاً وَمَرْأَى للسعيد يروقني ... كَمَا رَاقَ حُسْنُ الشَّمْسِ فِي صَفْحَةِ الزَّهْرِ
سَرَيْتَ وثوب اللَّيْل اسود حالك ... فشق بِذَاكَ السَّيْرِ عَنْ غُرَّةِ البَدْرِ ... 1 ... فَلا أُفْقَ إِلاَّ مِنْ جَبِينِكَ نُورُهُ ... وَلا قَطْرَ إِلاَّ فِي أَنَامِلِكَ العَشْرِ
وَعِنْدِي حَدِيثٌ مِنْ عُلاَكَ علقته ... يسير كَمَا سَارَ النَّسِيمُ عَنِ الزَّهْرِ ...

528 - أَبُو عَليّ الْحُسَيْن بن أم الْحور
كَانَ منادماً لأبي جَعْفَر الوقشي وَزِير ابْن همشك وعيناً من أَعْيَان مرسية وَمن شعره قَوْله ... وَزِنْجِيٍّ أَتَى بِقَضِيب نُورٍ ... وَقَدْ حَفَّتْ بِنَا بِنْتُ الكُرُومِ
فَقَالَ فَتَىً مِنَ الفِتْيَانِ صِفْهُ ... فَقُلْتُ اللَّيْلُ اقبل بالنجوم ...

(2/257)


الْحُكَّام
529 - قَاضِي مرسية أَبُو أُميَّة إِبْرَاهِيم بن عِصَام
من القلائد هضبة عَلَاء لَا تفرعها الأوهام وَجُمْلَة ذكاء لَا تشرحها الأفهام هزم الْكَتَائِب بمضائه ونظم الرياسة فِي سلك قَضَائِهِ إِذا عقد حباه أطرق الدَّهْر توقيراً وَخلته من تهيبه عقيراً
كتب إِلَيْهِ ابْن الْحَاج ... مَا زلت أضْرب فِي علاك بمقولى ... دأبا وَأُوْرِدُ فِي رِضَاكَ وَأُصْدِرُ
وَاليَوْمَ أَعْذُرُ مَنْ يُطِيلُ مَلامَةً ... وَأَقُولُ زِدْ شَكْوَى فَأَنْتَ مُقَصِّرُ ...

فَرَاجعه أَبُو أُميَّة ... الفَخْرُ يَأْبَى وَالسِّيَادَةُ تَحْجُرُ ... أَنْ يَسْتَبِيحَ حِمَى الوَقَارِ مُزَوِّرُ
وَعَلَيْكَ أَنْ تُرْضِي بِسَمْعِ مِلامَةٍ ... عَيْنَ السَّنَاءِ وَعَهْدُهُ لَا يُخْفَرُ
وَلَدَيَّ إِنْ نَفَثَ الصَّدِيقُ لِرَاحَةِ ... صَبْرُ الوَفَاءِ وَشِيمَةٌ لَا تَغْدِرُ ...

(2/258)


530 - ابْنه أَبُو مُحَمَّد عبد الْحق قَاضِي لورقة
أثنى عَلَيْهِ الحجاري وَذكر أَنه ارتجل بمحضره فِي غُلَام راعٍ لغنم ... وَا بِأَبِي أَغْيَدَ فِي قَفْرَةٍ ... كَأَنَّهُ ظَبْيٌ غَدَا شَارِدَا
أَقْسَمْتُ لَوْلَا أعين حولنا ... لَكُنْت فِي الْفقر لَهُ صَائِدَا ...

الْعلمَاء
531 - أَبُو الْحسن عَليّ بن إِسْمَاعِيل بن سَيّده الْأَعْمَى اللّغَوِيّ
من المسهب لَا يعلم بالأندلس أَشد اعتناءً من هَذَا الرجل باللغة وَلَا أعظم تواليف تَفْخَر مرسية بِهِ أعظم فَخر طرزت بِهِ برد الدَّهْر وَهُوَ عِنْدِي فَوق أَن يُوصف بحافظ أَو عَالم وَأكْثر شهرته فِي علم اللُّغَة وَمن شعره قَوْله ... لَا تَضْجَرَنَّ فَمَا سِوَاكَ مُؤَمَّلُ ... وَلَدَيْكَ يَحْسُنُ لِلْكِرَامِ تَذَلُّلُ
وَإِذَا السَّحَابُ أَتَتْ بواصل درها ... فَمن الذِي فِي الرِّيِّ عَنْهَا يَسْأَلُ
أَنْتَ الذِي عَوَّدْتَنَا طَلَبَ المُنَى ... لَا زِلْتَ تَعْلَمُ فِي العُلا مَا يُجْهَلُ ...

وَذكر الْحميدِي أَنه كَانَ فِي خدمَة الْمُوفق مُجَاهِد العامري ملك دانية

(2/259)


532 - أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن عَامر النَّحْوِيّ
لقِيه وَالِدي وَذكر أَن ابْن زهر وَقع لَهُ على ورقة شعرٍ كتب لَهُ بِهِ فَلم يرضه وَمَا أُوتِيتُمْ من الشّعْر إِلَّا قَلِيلا
وَله ... لبيْك لبيْك ألفا غير وَاحِدَة ... يَا مَنْ دَعَانِي نَحْوَ العِزِّ وَالشَّرَفِ
مَا كُنْتُ دُونك إِلَّا الشَّمْس فِي سحب ... وَالْمَاء فِي حَجَرٍ وَالدُّرَّ فِي صَدَفِ ...

533 - أَبُو الْبَحْر صَفْوَان بن إِدْرِيس
هُوَ أنبه الأندلس فِي عصره وَله كتاب زَاد الْمُسَافِر فِي أَعْلَام أَوَانه فِي النّظم وساد عِنْد مَنْصُور بني عبد الْمُؤمن واشتهر أَنه قصد حَضْرَة مراكش ومدح أعيانها فَلم يحصل مِنْهُم على طائل فأقسم أَلا يعود لمدح أحد مِنْهُم وَقصر أمداحه على أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام وَأكْثر من تأبين

(2/260)


الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ فَرَأى الْمَنْصُور فِي مَنَامه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشفع لَهُ فِيهِ وَسَماهُ لَهُ فَقَامَ الْمَنْصُور وَسَأَلَ عَنهُ فَعرف قصَّته فأغناه عَن الْخلق من يَوْمئِذٍ
وَله الأبيات الَّتِي يغنى بهَا فِي الْآفَاق وَهِي ... يَا حُسْنَهُ وَالحُسْنُ بَعْضُ صِفَاتِهِ ... وَالسِّحْرُ مَقْصُورٌ عَلَى حَرَكَاتِهِ
بَدْرٌ لَوْ أَنَّ الْبَدْر قيل لَهُ اقترح ... أملا لَقَالَ أَكُونُ مِنْ هَالاتِهِ
يُعْطَى ارْتِيَاحَ الحُسْنِ غُصْن أملد ... حمل الصَّبَاحَ فَكَانَ مِنْ زَهَرَاتِهِ
وَالخَالُ يَنْقُطُ فِي صَحِيفَةِ خَدِّهِ ... مَا خَطَّ مِسْكُ الصَّدْغِ مِنْ نوناته ...

(2/261)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الِاسْتِعَانَة فِي حلى قَرْيَة منتانة
من قرى مرسية مِنْهَا
534 - أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد المنتاني كَاتب أبي سعيد بن أبي حَفْص صَاحب إفريقية
صَحبه وَالِدي وَمن شعره قَوْله فِي غُلَام من أَبنَاء الفلاحين ... رُبَّ ظَبْيٍ قَدْ تَصَدَّى لِلأَسَدْ ... أَشْعَثِ الطِّمْرَيْنِ مُغْبَرَّ الجَسَدْ
لاحَ كَالسَّيْفِ عَلاهُ صَدَأْ ... فَدَرَى النَّاظِرُ مَا فِيهِ انتقد ...
وقدمات رَحمَه الله

(2/262)


وَله من موشحة ... اشْرَبْ عَلَى مَبْسِمِ الزَّهْرِ ... حِينَ رَقَّ الأَصِيلْ
وَالشَّمْسُ تَجْنَحُ لِلْغَرْبِ ... وَالنَّسِيمُ عَلِيلْ
وَكُلُّنَا مِثْلُ وُرْقٍ ... لَهَا لَدَيْنَا هَدِيلْ
وَالكَأْسُ فِي كَفِّ سَاقِ ... قَدْ مَاسَ مِثْلَ القَضِيبْ
فِيهِ خَلَعْتُ عِذَارِي ... يَا حُسْنَهُ مِنْ حبيب ...

(2/263)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب رونق الْجدّة فِي حلي قَرْيَة كتندة من قرى مرسية مِنْهَا
535 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الكتندي
قَالَ وَالِدي هُوَ من نبهاء شعراء عصره سكن غرناطة وانتفع بِهِ من قَرَأَ عَلَيْهِ من أَهلهَا ولازمها حَتَّى حسب من شعرائها وَهُوَ مِمَّن صحب أَبَا جَعْفَر بن سعيد عَم وَالِدي وَأَبا الْحسن بن نزار حسيب وَادي آش وَأَبا عبد الله الرصافي شَاعِر عبد الْمُؤمن كَانَ أهول غرناطة يستحسنون لَهُ قَوْله فِي مطلع قصيدة رثى بهَا عُثْمَان بن عبد الْمُؤمن ملكهَا ... يَذْهَبُ المُلْكُ وَيَبْقَى الأَثَرُ ... هَذِهِ الهَالَةُ أَيْنَ الْقَمَر ...

(2/264)


وَمن مستعذب شعره قَوْله ... هَذَا لِسَانُ الدَّمْعِ يُمْلِي الغَرَامْ ... فِي صَفْحَةٍ أَثَّرَ فِيهَا السَّقَامْ
فَهَلْ يُمَارِي فِي الهَوَى مُنْكِرٌ ... وَالبَدْرُ لَا يُنْكَرُ حِينَ التَّمَامْ
عَهْدٌ لِهِنْدٍ لَمْ يَكُنْ بِالذِي ... تَقْدَحُ فِيه نَفَثَاتُ المَلامْ
يَا نَهْرَ إِشْنِيلٍ أَلا عَوْدَةً ... لِذَلِكَ العَهْدِ وَلَوْ فِي المَنَامْ
مَا كَانَ إِلاَّ بَارِقَاً خَاطِفَاً ... مَا زِلْتُ مُذْ فَارَقَنِي فِي ظَلامْ
آَهٍ مِنَ الوَجْدِ عَلَى فَقْدِهِ ... وَلَيْسَ تُجْدِي آَهِ لِلْمُسْتَهَامْ
للهِ يَوْمٌ مِنْهُ لَمْ أَنْسَهُ ... وَذِكْرُ مَا أَوْلاهُ أَوْلَى ذِمَامْ
إِذْ هِنْدُ غُصْنٌ بَيْنَ أَغْصَانِهَا ... كَالدَّوْحِ يَثْنِيهِ هَدِيلُ الحَمَامْ
يَا هِنْدُ يَا هِنْدُ أَلا عَطْفَةً ... أَمَا لِهَذَا الصَّرْمِ حِين انصرم
أتذكرين الْوَصْل ليل المنى ... بمرقب الهطف وَجَزْعِ الإِكَامْ
وَإِنْ تَذَكَّرْتِ فَلا تَذْكُرِي ... إِلاَّ عَلَى سَاعَةِ وَادِي الحَمَامْ ...

(2/265)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الرَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الأيكة فِي حلي يكة حصن من حصون مرسية مِنْهُ
536 - أَبُو بكر يحيى بن سهل اليكي هجاء الْمغرب
من المسهب هَذَا الرجل هُوَ ابْن رومي عصرنا وحطيئة دَهْرنَا لَا تجيد قريحته إِلَّا فِي الهجاء وَلَا تنشط بِهِ فِي غير ذَلِك من الأنحاء وَقس على قَوْله فِي الهجاء مَا أوردت

(2/266)


.. أَعِدِ الوُضُوءَ إِذَا نَطَقْتَ بِهِ ... مُتَذَكِّرَاً مِنْ قبل أَن تنسى
واحفظ تيابك إِنْ مَرَرْتَ بِهِ ... فَالظِلُّ مِنْهُ يُنَجِّسُ الشَّمْسَا ...

وَقَوله
أَبَا عَمْرٍو إِلَيْكَ بِهِ حَدِيْثَاً ... أَلَذَّ إِلَيْكَ مِنْ شِرْبِ العُقَارِ
أَتَذْكُرُ لَيْلَةً قَدْ بِتَّ فِيهَا ... سَلِيبَ الدَّرْعِ مَحْلُولَ الإِزَارِ
أُقَبِّلْ مِنْكَ طُغْيَانَاً وَكُفْرَاً ... مَكَانَ الرَّقْمَتَيْنِ مِنَ الحِمَارِ ...
وَقَوله ... ثَمَانِي خِصَال فِي الْفَقِيه وعرسه 5 وثنتان وَالتَّحْقِيق بِالْمَرْءِ أليق
ويكذب أحياناص وَيحلف حانثا ... وَيكفر تقليدأ ويرشي وَيسْرق
وعاشرة والذنب فِيهَا لأمة ... إِذا ذُكِرَتْ لَمْ يَبْقَ لِلْشَّتْمِ مَنْطِقُ ...
وَقَوله ... عِصَابَةُ سوء قبح الله فعلهم ... أَتَوا فِي رَشِيْدٍ بِالدَنَاءَةِ وَالقُبْحِ
فَزَارُوهُ مِنْ وَقْتِ الصَّبَاحِ إِلَى المَسَا ... مِنْ وَقْتِ المَسَاءِ إِلَى الصُّبْحِ
إِذَا جَاءَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ قَامَ وَاحِدٌ ... كَمَا اخْتَلَفَتْ نَحْلُ الرَّبِيعِ عَلَى الجَبْحِ ...
وَقَوله فِي ابْن الملجوم أحد أَعْيَان فاس ... وَمَا سمى الملجوم إِلَّا لعِلَّة ... وَهل تُلْجَمُ الأَفْرَاسُ إِلاَّ لِتُرْكَبَا ...
وَقَوله ... فِي كُلِّ مَنْ رَبَطَ اللِّثَامَ دَنَاءَةً ... وَلَوْ أَنَّهُ يَعْلُو على كيوان ...

(2/267)


.. مَا الْفجْر عِنْدَهُمُ سِوَى أَنْ يُنْقَلُوْا ... مِنْ بَطْنِ زَانِيَةٍ لِظَهْرِ حِصَانِ
المُنْتَمُوْنَ لِحِمْيَرٍ لَكِنَّهُمْ ... وَضَعُوْا القُرُونَ مَوَاضِعَ التِيجَانِ
لَا تَطْلُبَنَّ مُرَابِطَاً ذَا عِفَّةٍ ... واطلب شُعَاع النَّار فِي الغدران ...

ولقيه عمر بن ينستان الملثم فَقَالَ يَا فَقِيه مدحتنا فبلغت غَايَة رضانا بِقَوْلِك ... قَوْمٌ لَهُمُ شَرَفُ العَلا فِي حِمْيَرٍ ... وَإِذَا انْتَمَوْا صَنَهَاجَةً فَهُمُ هُمُ
لَمَّا حَوَوْا إِحْرَازَ كُلِّ فَضِيلَةٍ ... غَلَبَ الحَيَاءُ عَلَيْهُمُ فَتَلَثَّمُوا ...

ثمَّ بلغنَا أَنَّك هجوتنا بِقَوْلِك
فِي كُلِّ مَنْ ربط اللثام دناءة الأبيات
وَذُو الوجيهين لَا يكون عِنْد الله وجيهاً فَقَالَ لَهُ إِنِّي لم أقل ذَلِك وَلَكِنِّي أَقُول ... إِنَّ المُرَابِطَ لَا يَكُونُ مُرَابِطَاً ... حَتَّى تَرَاهُ إِذَا تَرَاهُ جَبَانَا
تَجْلُو الرَّعِيَّةُ مِنْ مَخَافَةِ جَوْرِهِ ... لجلائه إِذْ يلتقي الأقران
إِنْ تَظْلِمُونَا نَنْتَصِفْ لِنُفُوسِنَا ... يَجْنَى الرِّجَالُ فَنَأْخُذُ النِّسْوَانَا ...

وَله يُخَاطب أَمِير الملثمين عَليّ بن يُوسُف بن تاشفين فِي شَأْن بني معيشة وَكَانُوا قد ظَهرت مِنْهُم حَرَكَة بباديس ... عَلِيٌّ حَمَىَ المُلْكَ مِنْ سَاسَةٍ ... وَمَا أَنْتَ لِلْمُلْكِ بِالْسَائِسِ
مِنَ السُوسِ أَصْبَحْتَ تَخْشَى النِّفَاقَ ... وَقَدْ جَاءَكَ النَّحْسُ مِنْ بَادِسِ ...

وَقَالَ فِي رثاء مصلوب ... حَكَمَتْ عُلاَكَ بِأَنْ تَمُوتَ رَفِيعَاً ... وَعَلَوْتَ جَذْعَاً لِلْحَمَامِ صَرِيْعَا ...

(2/268)


.. وقرنت نَفسك بالبرامكة الألى ... لما علو عِنْد الْمَمَات جذوعا
ياليتهم صلبوك بَين جوانحي ... فأضم إشفافا عَلَيْكَ ضُلُوعَا ...

وَقَالَ وَقد صلب مَحْبُوب لَهُ ... سَاءَنِي أَنْ يَرَى العَدُوُّ الحَبِيبَا ... فَوْقَ جَذْعٍ مِنَ الجُذُوعِ صَلِيبَا
أَشْعَثَاً بَاسِطَاً ذِرَاعَيْهِ كَرْهَاً ... مِثْلَ مَنْ شَقَّ لِلْسُرُورِ جُيُوبَا
عَارِيَاً مِنْ ثِيَابِهِ يَتَلَقَّى ... شِدَّةَ الحَرِّ وَالصَّبَا وَالجَنُوبَا ...
وَقَوله ... قَصَدْتُ جِلَّةَ فَاسٍ ... أَسْتَرْزِقُ اللهَ فِيْهِمْ
فَمَا تيَسّر مِنْهُم ... دَفعته لبنيهم وَقَوله ... أَبَا بْنَ خِيَارٍ بَلَغْتَ المَدَى ... وَقَدْ يُكْسَفُ البَدْرُ عِنْدَ التَّمَامْ
فَأَيْنَ الوَزِيْرُ أَبُو جَعْفَرٍ ... وَأَيْنَ المُقَرَّبُ عَبْدُ السَّلامْ ...

وَالصَّحِيح أَنَّهَا للجراوي ولليكي ... يُوْسُفُ يَا بُغْيَتِي وَأُنْسِي ... صَيَّرَنِي مُغْرَمَاً هَوَاكَا
حَوَيْتَ قَلْبِي وَأَنْتَ فِيهِ ... كَيْفَ حَوَيْتَ الذِي حَوَاكَا ...
وَقَوله ... وَصَارِمٍ أَبْصَرْتُ ذِي فَلَّةٍ ... فَقُلْتُ يَا صَارِمُ مَنْ فَلَّكَا
فَقَالَ لِي لَحْظُ غَلامٍ رَنَا ... وَنَهْدُ عَذْرَاءٍ كَمَا فَلَّكَا ...

(2/269)


وَمن ذيل الخريدة توفّي فِي حُدُود سنة سِتِّينَ وَخَمْسمِائة وَمن شعره قَوْله ... تَسَمَّعْ أَمِيرَ المُسْلِمِينَ لَنَبْأَةٍ ... تُصَمُّ لَهَا الآَذَانُ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
بِمُرْسِيَّةٍ قَاضٍ تَجَاوَزَ حَدَّهُ ... وَأَخْطَأَ وَجْهَ الرُّشْدِ فِي كُلِّ مَقْصَدِ
يُطّالِبُهُ الأَيْتَامُ فِي جُلِّ مَالِهِمْ ... وَيَطْلُبُهُ فِي حَقِّهِ كُلُّ مَسْجِدِ
فَمَا بيضت كَفاك بِالْعَدْلِ لم تزل ... تسوده بِالجَوْرِ كَفُّ ابْنِ أَسْوَدِ ...
وَقَوله ... وَلا تَهَبْ كل فاسي مَرَرْت بِهِ ... وَإِن تَقُلْ فِيهِ خَيْرَاً حَوِّلِ الدَّرَقَةْ
وَالْعَنْهُ شَيْخَاً وَكَهْلاً إِنْ مَرَرْتَ بِهِ ... طِفْلاً وَلَوْ أَلْفَيْتَهُ علقَة ...

(2/270)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد بنيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّادِس من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْمَوَدَّة الموصولة فِي حلي مَدِينَة مولة مَدِينَة فِي غربي مرسية ذَات بساتين بهجة مِنْهَا
537 - أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن سعدون الْمولي
من المسهب لموله أَن تَفْخَر بانتسابه وتشمخ بِمَا بهر من آدابه وَكَانَت قِرَاءَته بمرسية وبلنسية وَتردد على مُلُوك الطوائف فأنهي مَكَانَهُ مُعظما شانه وَأكْثر الْإِقَامَة عِنْد ابْن رزين ملك السهلة وَمن شعره قَوْله ... لَا تَعْدَ مِنْكَ المَكْرُمَاتُ فَإِنَّهَا ... تَاجٌ عَلَيْكَ مَدَى الزَّمَانِ يَرُوقُ
أَرْوَيْتَ مَنْ أَظْمَا الزَّمَانُ جَنَابَهُ ... مِنْ عَارِضٍ لِلْبِشْرِ فِيهِ بُرُوقُ
وَلَحِظْتَهُ إِذْ غَضَّ كُلٌّ طَرْفَهُ ... إِنَّ الكَرِيْمَ عَلَى الكَرِيْمِ شَفُوقُ ...

(2/271)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب السَّابِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الليانة فِي حلي مَدِينَة بليانة مَدِينَة مليحة المنظر ذَات مياه وبساتين فِي الشمَال من مرسية مِنْهَا
538 - أَبُو الْحسن رَاشد بن سُلَيْمَان
من المسهب أَصله من بليانة وَله فِيهَا مَال موروث وَسكن حَضْرَة مرسية وَجل قدره وَكتب عَن صَاحب أمرهَا أبي عبد الرَّحْمَن بن طَاهِر وَمن شعره ... واطل نَوَاكَ فَإِنِّي ... أَغْنَانِيَ اللهُ عَنْكَا
صَوَّرْتُ عِنْدِيَ شَخْصَاً ... فَكَانَ آَنَسَ مِنْكَا ...

(2/272)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّامِن من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْأَرْش فِي حلي مَدِينَة ألش
قَالَ ابْن اليسع لَيْسَ فِي الأندلس ثَمَر طيب إِلَّا فِي ألش قَالَ ابْن سعيد وَقد مَرَرْت على هَذِه الْمَدِينَة وأرضها تغلب عَلَيْهَا السبخة وَيَقُولُونَ إِنَّهَا تشبه مَدِينَة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَمِنْهَا
539 - أَبُو عبد الرَّحْمَن مُحَمَّد بن غَالب
أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كَانَ من أَعْيَان ألش وَولي قَضَاء المرية وَمَات شَابًّا فِي أول دولة ابْن هود وأنشدني لنَفسِهِ قَوْله ... جَعَلَ العُذْرَ فِي لِسَانِ الإِيَابِ ... ذُو دَلالٍ قَدْ زَارَ بَعْدَ اجْتِنَابِ
فَنَسِينَا بِعَادَهُ بِالتَدَانِي ... وَغَفَرْنَا ذُنُوبَهُ بِالمُتَابِ ...

(2/273)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب التَّاسِع من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب البخت فِي حلي مَدِينَة لقنت
لَهَا عمل كَبِير مَخْصُوص بِالتِّينِ وَالزَّيْت وخمره مَذْكُورَة مفضلة مَشْهُورَة بِالْقُوَّةِ ولهذه الْمَدِينَة ميناء للمراكب وَهُوَ مرسى مرسية يقْلع النَّاس مِنْهُ إِلَى إفريقية وَلها قلعة أخذت بأزرار السَّمَاء وَلم أر فِي الأندلس أمنع مِنْهَا وَمِنْهَا
540 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سُفْيَان السّلمِيّ
من بني سُفْيَان أَعْيَان لقنت تولع بطريقة الْكِتَابَة فبرع فِيهَا وَكتب عَن ولاتها وَسكن مَدِينَة تلمسان وَمن شعره قَوْله ... حَيْثُ لَا نِسْبَةٌ إِلَيْكَ دَعَتْنِي ... بَلْ دَعَتْنَا لِلأُلْفَةِ الأَحْسَابُ
لِيَ أَصْلٌ يَحْكِيهِ أَصْلُكَ مَجْدَاً ... وَالمَعَالِي فِي أَهْلِهَا أَنْسَابُ ...

(2/274)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْعَاشِر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب النشقة فِي حلي مَدِينَة لورقه
الْبسَاط
من المسهب قد مَرَرْت على هَذِه الْمَدِينَة فَلم أر أحسن من بساطها وبهجة واديها وَمَا عَلَيْهِ من الْبَسَاتِين وَأما مَنْعَة قلعتها فمشهورة مَعْرُوفَة يضْرب بهَا الْمثل فِي ذَلِك
الْعِصَابَة
ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن لبون وَتُوفِّي فَورثَهَا أَخُوهُ أَبُو عِيسَى بن لبون الَّذِي ملك معقل مربيطر فِي أَعمال بلنسية ووليها بعده أَخُوهُ أَبُو الْأَصْبَغ سعد الدولة بن لبون

(2/275)


وَصَارَت للمعتمد بن عباد إِلَى أَن تداول عَلَيْهَا وُلَاة الملثمين إِلَى أَن كَانَت الْفِتْنَة عَلَيْهِم فَقدم أَهلهَا
541 - أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن جَعْفَر بن الْحَاج
أَخْبرنِي وَالِدي أَنه كره ذَلِك خوفًا من الْعَاقِبَة واستخفى من النَّاس عشي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي بَايعُوهُ فِيهِ وَلم يظْهر لَهُم حَتَّى نظرُوا فِي خلعه فَظهر وَرجع إِلَى مَا كَانَ بسبيله من معاقرة المدام وَمن شعره قَوْله ... لَسْتُ أَرْضَى إِلاَّ النُّجُومَ سَمِيرَا ... لَا أَرَى غَيْرَهَا لِمَجْدِي نَظِيْرَا
بَيْنَنَا فِي الظَّلامِ أَسْرَارُ وَحْيٍ ... يَرْجِعُ اللَّيْلُ مِنْ سَنَاهَا مُنِيْرَا
وَلَقَدْ أَفْهَمَتْ وَأُفْهِمْتُ عَنْهَا ... وَجَعَلْنَا حَدِيثَنَا مَسْتُورَا ...

وَقَالَ فِي وَصفه صَاحب السمط روض الْأَدَب الزَّاهِر وطود الشّرف الباهر الَّذِي مَلأ الزَّمَان زينا وَأعَاد آثَار المكارم عينا
وتوالى عَلَيْهَا وُلَاة بني عبد الْمُؤمن ثمَّ وُلَاة بني هود وثار بهَا الْآن ابْن أحلي وَهُوَ من أعيانها وَقد رزق حظاً عَظِيما فِي النَّصَارَى والنيل مِنْهُم اعانه الله

(2/276)


السلك ذَوُو الْبيُوت
542 - أَبُو الْحسن جَعْفَر بن الْحَاج
هُوَ وَالِد أبي مُحَمَّد عبد الْحق الَّذِي ارْتَضَاهُ أهل لورقة للْقِيَام بأرضهم فَلم يرض وَمن القلائد شيخ الْجَلالَة وفتاها ومبدأ الْفَضَائِل ومنتهاها مَعَ كرم كانسجام الأمطار وشيم كالنسيم المعطار أَقَامَ زَمنا على المدامة معتكفاً ولثغور البطالة مرتشفا وجوده أبدا هاطل وجيده إِلَّا من الْمَعَالِي عاطل ثمَّ فَاء عَن تِلْكَ الساحة وَاخْتَارَ تَعب النسبك على تِلْكَ الرَّاحَة وَمن شعره قَوْله فِي أبي أُميَّة بن عِصَام ... لِي صَاحِبٌ عَمِيَتْ على شئونه ... حَرَكَاتُهُ مَجْهُولَةٌ وَسُكُونُهُ
يَرْتَابُ بِالأَمْرِ الجَلِيِّ تَوَهُّمَاً ... وَإِذَا تَيَقَّنَ نَازَعَتْهُ ظُنُونُهُ
مَا زِلْتُ أَحْفَظُهُ على شرفي بِهِ ... كالشئ تَكْرَهُهُ وَأَنْتَ تَصُونُهُ ...

وَقَوله ... أَسْهَرَ عَيْنِي وَنَامَ فِي جَذَلِ ... مُدْرِكُ حَظٍّ سَعَى إِلَى أَمَلِ ...

(2/277)


.. قَدْ لُفِّقَتْ بِالمُحَالِ نِعْمَتُهُ ... مِنْ خُدَعٍ جَمَّةٍ وَمِنْ حِيَلِ
كَمْ مِحْنَةٍ قَدْ بُلِيْتُ مِنْهُ بِهَا ... وَهُوَ يَرَى أَنَّهَا يَدٌ قِبَلِي ...

وَقَوله ... أَخٌ لِيَ كُنْتُ آَمَنُهُ غُرُورَاً ... يُسَرُّ بِمَا أُسَاءُ بِهِ سُرُورَا
هُوَ السُّمُّ الزُّعَافُ لِشَارِبِيهِ ... وَإِنْ أَبْدَى لَكَ الأَرْيَ المَشُورَا
وَيُوسِعُنِي أَذَىً فَأَزِيْدُ حِلْمَاً ... كَمَا جُذَّ الذُّبَالُ فَزَادَ نُورَا ...

وَمن شعره قَوْله ... مَنْ عَذِيرِي مِنْ فَاتِرٍ ذِي جُفُونِ ... صُلْنَ بِي صَوْلَةَ القَدِيرِ الضَّعِيفِ
فَرْعُ مَجْدٍ عُلِّقْتُهُ وَقَدِيْمَاً ... هِمْتُ بِالحُسْنِ فِي النِّصَابِ الشَّرِيفِ
يُطْلِعُ الشَّمْسَ فِي الظَّلامِ وَيُهْدِي ... زَهَرَ الوَرْدِ فِي زَمَانِ الخَرِيْفِ
يَا مُدِيرَاً مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْهِ خَمْرَاً ... أَنَا مِمَّا أَدَرْتَ جِدُّ نَزِيْفِ
عَلِّلِ المُسْتَهَامَ مِنْكَ بِوَعْدٍ ... وَإِلَيْكَ الخَيَارُ فِي التَّسْوِيفِ ...

وَقَوله ... آَهِ لِمَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ الجُيُوبْ ... مِنْ زَفَرَاتٍ وَقُلُوبٍ تَذُوبْ
جَاءَ بِي الحُبُّ إِلَى مَصْرَعِي ... فِي طُرُقٍ سَالِكُهَا لَا يَئُوبْ
وَاسْتَلَبَتْ عَقْلِيَ خُمْصَانَةٌ ... نَابَتْ مَنَابَ الشَّمْسِ عِنْدَ الوُجُوبْ
يَسْحَرُنِي مِنْهَا إِذَا كَلَّمَتْ ... وَجْهٌ مَلِيحٌ وَلِسَانٌ خَلُوبْ
تَقُولُ إِذْ أَشْكُو إِلَيْهَا الهَوَى ... سُبْحَانَ مَنْ أَلَّفَ بَيْنَ القُلُوبْ ...

(2/278)


.. أَزُورُكَ مُشْتَاقَاً وَأَرْجَعُ مُغْرَمَا ... وَأَفْتَحُ بَابَاً لِلْصَبَابَةِ مُبْهَمَا
أَمُدَّعِيَ السَّقْمِ الذِي آَدَ حَمْلُهُ ... عَزِيزٌ عَلَيْنَا أَنْ نَصِحَّ وَتَسْقَمَا
مَنَعْتَ مُحِبَّاً مِنْكَ أيسر لحظه ... تبل غَلِيلَ الشَّوْقِ أَوْ تَنْفَعُ الظَّمَا
وَمَا رُدَّ ذَاك السجف حَتَّى رميته ... عَن القَلْبِ سَيْفَاً مِنْ هَوَاكَ مُصَمِّمَا
هَوَىً لَمْ تعن عين عَلَيْهِ بنظره ... وَلم يَكُ إِلاَّ سَمْعَةً وَتَوَهُّمَا
وَمُلْتَقَطَاتٍ مِنْ حَدِيثٍ كَأَنَّمَا ... نَثَرْنَ بِهِ سِلْكَ الجُمَانِ المُنَظَّمَا
دَعَوْنَ إِلَيْك الْقلب بعد نزوعه ... فأسرع لَمَّا لَمْ يَجِدْ مُتَلَوَّمَا ...

وَقَوله لِابْنِ عِصَام ... تَقَلَّصَ ظِلٌّ مِنْكَ وَازْوَرَّ جَانِبُ ... وَأَحْرَزَ حَظِّي مِنْ رِضَاكَ الأَجَانِبُ
وَأَصْبَحَ طَرْقَاً مِنْ صَفَائِكَ مشربي ... وأى صَفَاءٍ لَمْ تَشُبْهُ الأَشَائِبُ
رُوَيْدَاً فَلِيَ قَلْبٌ على الْخطب جامد ... وَلَكِن عَلَى عَتْبِ الأَحِبَّةِ ذَائِبُ
وَحَسْبُكَ إِقْرَارِي بِمَا أَنَا مُنْكِرٌ ... وَأَنِّي مِمَّا لَسْتُ أُنْكِرُ تَائِبُ
أَعِدْ نَظَرَاً فِي سَالِفِ العَهْدِ إِنَّهُ ... لأَوْكَدَ مِمَّا تَقْتَضِيه الْمُنَاسب
وَلَا نعقب العُتْبَى بِعَتْبٍ فَإِنَّمَا ... مَحَاسِنُهَا فِي أَنْ تَتِمَّ العَوَاقِبُ
وَأَغْلَبُ ظَنِّي أَنَّ عِنْدَكَ غَيْرَ مَا ... تُرّجِّمُهُ تِلْكَ الظُنُونُ الكَوَاذِبُ
لَكَ الخَيْرُ هَلْ رأى من الصُّلْح ثَابت ... لديك وَهَلْ عَهْدٌ مِنَ السَّمْحِ آَيِبُ
يُخِبُّ رِكَابِي أَنَّنِي بِكَ هَائِمٌ ... وَيَثْنِي عِنَانِي أَنَّنِي لَكَ هائب
وَإِن سؤتني بالسخط من غير مُعظم ... فها أَنَا مِنْكَ اليَوْمَ نَحْوَكَ هَارِبُ ...

(2/279)


وَقَوله ... عَجَبَاً لِمَنْ طَلَبَ المَحَا ... مِدَ وَهُوَ يَمْنَعُ مَا لَدَيْهِ
وَلِبَاسِطٍ آَمَالَهُ ... فِي المَجْدِ لَمْ يَبْسِطْ يَدَيْهِ
لِمَ لَا أُحِبُّ الضَّيْفَ أَوْ ... أَرْتَاحُ مِنْ طَرَبٍ إِلَيْهِ
وَالضَّيْفُ يَأْكُلُ رِزْقَهُ ... عِنْدِي وَيَحْمِدُنِي عَلَيْهِ ...

وَقَوله ... كُلُّ مَنْ تهوى صديق ممحض ... لَك مَا لاتتقى أَوْ تَرْتَجِي
فَإِذَا حَاوَلْتَ نَصْرَاً أَوْ جَدَاً ... لَمْ تَقِفْ إِلاَّ بِبَابِ مُرْتَجِ ...

وَقَوله ... وَبَيْضَاءَ يَنْبُو اللَّحْظُ عِنْدَ لِقَائِهَا ... وَهَلْ تَسْتَطِيعُ العَيْنُ تَنْظُرُ فِي الشَّمْسِ
وَهَبْتُ لَهَا نَفْسَاً عَلَيَّ كَرِيمَة ... وَقد عَلِمَتْ أَنَّ الضَنَانَةَ بِالنَّفْسِ
أُعَالِجُ مِنْهَا السَّخْطَ فِي حَالَة الرِّضَا ... وَلَا أَعْدَمُ الإِيْحَاشَ فِي حَالَةِ الأُنْسِ ...

وَقَوله مَعَ تفاح ... بَعَثْتَ بِهَا وَلا آَلُوكَ حَمْدَاً ... هَدِيَّةَ ذِي اصْطِنَاعٍ وَاعْتِلاقِ
خُدُودَ أَحِبَّةٍ وَافَيْنَ صَبًّا ... وَعُدْنَ عَلَى ارْتِمَاضٍ وَاحْتِرَاقِ
فَحَمَّرَ بَعْضَهَا خَجَلُ التَّلاقِي ... وَصَفَّرَ بَعْضَهَا وَجَلُ الفِرَاقِ ...

وَقَوله فِي الْمُعْتَمد بن عباد ... تَعَزَّ عَنِ الدُّنْيَا وَمَعْرُوفِ أَهلهَا ... إِذا عُدِمَ المَعْرُوفُ مِنْ آَلِ عَبَّادِ
أَقَمْتُ بِهِمْ ضيفا ثَلَاثَة أشهر ... بِغَيْر قِرَىٍ ثُمَّ ارْتَحَلْتُ بِلا زَادِ ...

(2/280)


وَقَوله ... كَفَى حُزْنَاً أَنَّ المَشَارِعَ جَمَّةٌ ... وَعِنْدِي إِلَيْهَا غُلَّةٌ وَأُوَامُ
وَمِنْ نَكَدِ الأَيَّامِ أَنْ يعْدم الْغنى ... كريم وَأَنَّ المُكْثِرِيْنَ لِئَامُ ...

وَقَوله ... أَبَا جَعْفَرٍ مَاتَ فِيكَ الجَّمَالُ ... فَأَظْهَرَ خَدُّكَ لِبْسَ الحِدَادِ
وَقَدْ كَانَ يُنْبِتُ زَهْرَ الرِّيَاضِ ... فَأَصْبَحَ يُنْبِتُ شَوْكَ القَتَادِ
أَبِنْ لِي مَتَى كَانَ بَدْرُ السَّمَا ... ءِ يُدْرَكُ بِالكَوْنِ أَوْ بِالفَسَادِ
وَهَلْ كُنْتَ فِي المُلْكِ مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ ... فَأَخْشَى عَلَيْكَ ظُهُورَ السَّوَادِ ...

الشُّعَرَاء
543 - أَبُو بكر بن ظِهَار اللورقي
من الذَّخِيرَة كَانَ من فتيَان الأدباء فِي ذَلِك الأوان وَلَوْلَا أَنه اعتبط وَمَاء مَعْرفَته غير مماح وغصن ابتداعه غير مراح فِي شبيبته وَأَوَان ظُهُوره لبذ أهل الْآفَاق رقة وَحسن مساق وَأكْثر مَاله من النّظم فِي مدح أبي الْمُغيرَة بن حزم وَأخْبر شخص أَنه انتجع إِلَى ابْن ظِهَار هَذَا بِخَمْسَة أَبْيَات وصادفه مقلاً فَبَاعَ ابْن ظِهَار ثَوْبه وَبعث بِثمنِهِ إِلَيْهِ كتب مَعَ ذَلِك إِلَيْهِ

(2/281)


.. يعز على الْآدَاب أَنَّك رَبهَا ... وَأَنَّك فِي أَهْلِ الغِنَى خَامِدُ النَّارِ
وَخَمْسَةُ اَبْيَاتٍ كَأَنَّك قلتهَا ... بهاء وَإِشْرَاقَاً مِنَ القَمَرِ السَّارِي
طَلَبْتُ لَهَا كُفْؤاً كَرِيمًا من الْقرى ... فقصر بَاعَ المَال عَن نيل أَو طاري
سوى فضلَة لَا تستقل بِنَفسِهَا ... وأقلل بِهَا لَوْ أَنَّهَا أَلْفُ دِينَارِ
بَعَثْتُ بِهَا لَا رَاضِيَاً لَكَ بِالذِي ... بَعَثْتُ بِهَا إِلاَّ فِرَارَاً مِنَ العَارِ ...

وَقَوله ... صَبَغُوا غِلالَتَهُ بَحُمْرَةِ خَدِّهِ ... وَكَسُوْهُ ثَوْبَاً مِنْ لَمَى شَفَتَيْهِ
فَتَخَالُهُ فِي ذَا وَتِلْكَ كَأَنَّمَا ... نُثْرَ البَنَفْسَجِ وَالشَّقِيقِ عَلَيْهِ ...

وَقَوله ... أَمَا تَرَى وَجْهَ الدُّجَى ضَاحِكَاً ... يَبْسِمُ مِنْ نُورٍ بِلا ضِحْكِ
كَأَنَّمَا يَنْثُرُ مِنْ نُورِهِ ... فِي الأَرْضِ كَافُورَاً عَلَى مِسْكِ ...

وقو 4 لَهُ ... إِذَا أَرَدْتَ صَبَاحَاً ... فَانْظُرْ إِلَى وَجْهِ سَاقَيْكْ
فَقَدْ أَطَلْتَ سُؤَالاً يَا قَوْمُ هَلْ غَرَّدَ الدِّيْكْ
مَاذَا تُرِيْدُ بِصُبْحٍ ... وَأَيْنَ تَرْقَى أَمَانِيْكْ
وَلِلْنُّجُومِ مَدَارٌ ... عَلَيْكَ وَالبَدْرُ يَسْقِيْكْ ...

وَقَوله ... وَاللهِ مَا أَمَلِي مِنَ الدُّنْيَا ... إِلاَّ المُدَامُ وَوَجْهُ مَنْ أَهْوَى
فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى صَفَائِهِمَا ... لَمْ نبق لِي أَمَلٌ وَلا دَعْوَى ...

(2/282)


وَقَوله ... مَنْ لِي بِدَانِي المَحَلِّ نَاءٍ ... تَرَاهُ عَيْنَيْ وَلا أَنَالُهْ
لَا وَصْلَ لِي مِنْهُ غَيْرَ أَنِّي ... أَقُوْلُ لِلْنَّاسِ كَيْفَ حَالُهْ ...

الْأَهْدَاب
544 - أَبُو عبد الله بن مُحَمَّد بن نَاجِية اللورقي
من أَئِمَّة الزجالين كَانَ رقاماً بالمرية وَقَالَ فِي ذكره الدّباغ فِي كتاب الأزجال شيخ الزَّمَان وَخَلِيفَة الإِمَام ابْن قزمان وَأنْشد لَهُ قَوْله من زجل ... كُلَّمَا ذَكَرْتُ فِيْهَ ... وَالذِي بَقَى لِي أَبْدَعْ
لَمْ يُرَا قَطْ مِنُّ أَمْلَحْ ... لَمْ يُرَا قَطْ مِنُّ أَشْجَعْ
ريت ذَاك عنتر وَمَا كَانْ ... يَرَى الثُّعْبَانْ وَيَفْزَعْ
وَهِيّ تَأْخُذْ سِتّ ... ثَعَابِينْ وَتَرَاهُمْ صَغِيرَا ...
وَقَوله ... نَخَلِيْهْ وَكِفْ نِقْدِرِ أَنْ نَخَلِيْهْ
وَلِسْ جَمَالاً يُقَالْ بِتَشْبِيْهْ
جَمَعَ البَيَاضْ وَالتَّعْنِينْ جَمَعَ فِيْهْ
قَدْ اسْتَلَفْ لِلْبُسْتَانْ قَضِيْبْ ... وِاسْوَدّْ فِي عَيْنْ اللَّبَّانِ حَلِيْبْ ...

وَقَوله ... ذَهَبْ وَاللهِ هُـ ... مَعْمُوْلْ مِنْ ذَهَبْ
يُفْرِحِ القَاصِدْ إِذَا جَاهْ عَنْ سَبَبْ ...

(2/283)


.. وَالذِي يُعْجِبْنِي مِنُّ هُـ العَجَبْ
اهْتِزَازْ هَذَا المَدْحْ لِلْغِنَا ... مِنْ بَعِيْدْ وَلَكِنْ نَوَالُ اقْتَرَبْ ...

زجل لَهُ مَشْهُور ... قَالُوا عَنِّي وَالحَقَّ مَا قَالُوا ... إِنُّ نِعْشَقْ فُلانْ
وَاتُّهِمْنَا بِسِرْقَةِ الكِتَّانْ ... وَكَذَاكْ بِاللهْ كَانْ
سُبْحَانَ اللهْ لِغْزْ فِي ذَا الاشياء ... آَيَ لِلْسَائِلِيْنْ
سُرّْ فِي قَلْبِي قَلَبْ فِي صَدْرِيْ ... صَدْرِيْ حِصْنَا حَصِيْنْ
وَعَلَيْهْ مِنْ ضُلُوعْ سَبْعِ أَقْفَالُ ... وَهُ تَمّْ فِي كَمِيْنْ
وَبِحَالْ مَنْ يَحِلّْ أَقْفَالُ ... وَيَرَاهْ ثَمَّ عَيَانْ
وَيُبَيِّنْ أُمُورِي لِلإِخْوُانْ ... بِأَشَدّْ البَيَانْ ...

(2/284)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الْحَادِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْبرد الْمُطَرز فِي حلي قَرْيَة برزز قَرْيَة كَبِيرَة تزاحم المدن لَهَا بساتين وَمِنْهَا
545 - الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سعود
كَاتب أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي يحيى بن أبي حَفْص صَاحب إشبيلية من شعره قَوْله ... أهاج إِلَيْكُم كلما التاح بارق ... ويتبعه مِنْ دَمْعِ مُقْلَتَيَّ القَطْرُ
وَذِكْرُكُمُ عِنْدِي مَدَى الدَّهْر قهوة ... يرنحني مِنْ صِرْفِهَا أَبَدَاً سُكْرُ
لَعَمْرُكَ مَا يَنْسَى المشوق دياره ... وَإِن بَعُدَتْ عَنْهُ فَمَا يَبْعُدُ الذِّكْرُ ...

(2/285)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّانِي عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب النِّعْمَة الموصولة فِي حلي مَدِينَة أريولة
لما رحلت من مرسية إِلَى الْبَحْر مَرَرْت بأريولة فرأيتها فِي مَوضِع كَأَنَّهُ اقتطع من جنَّة الخلود نهر سَائل ودواليب نعارة وطيور شادية وأشجار متعانقة وَلها قلعة فِي نِهَايَة من الِامْتِنَاع وَمِنْهَا
546 - أَبُو الْحسن عَليّ بن الْفضل
هُوَ مِمَّن لَقيته بِحَضْرَة إشبيلية وَكَانَ بَينه وَبَين وَالِدي صداقة متمكنة وَسكن إشبيلية وساد فِيهَا وَولي بهَا خطة الزَّكَاة والمواريث وَهِي نبيهة هُنَالك وَأحسن معاشرة أَهلهَا فَعَاشَ سعيداً وَمَات فقيداً رَحمَه الله

(2/286)


وَبَنُو الْفضل أَعْيَان أريولة وَهُوَ عينهم وَأنْشد مَأْمُون بني عبد الْمُؤمن أول مَا بُويِعَ فِي إشبيلية بالخلافة وَقد صدرت عَنهُ الْكتب والكتائب إِلَى الْبِلَاد قصيدة مطْلعهَا خدمتك السيوف والأقلام فَلم يرض هَذِه البدأة وانتقدها وَقَالَ حِين توجه إِلَى غرناطة فِي أول دولة ابْن هود وَلم يَسلهُ حسنها عَن إشبيلية ... سَئِمْتُ المَقَامَ بِغَرْنَاطَةٍ ... وَأَلْسُنُ حَالِي بِذَا تَنْطُقُ
وَمَا أَنْكَرَتْ مُقْلَتِي حُسْنَهَا ... وَلَكِنَّهَا غَيْرَهَا تَعْشَقُ ...

وَمن شعره قَوْله ... فَيَا أَسَفِي أَتُدْرِكُنِي المَنَايَا ... وَلَمْ أَبْلُغْ مِنَ الدُّنْيَا مُرَادِي
وَمَا هُوَ غَيْرُ أَنْ أُدْعَى وَحَسْبِي ... حَيَا الإِخْوَانِ أَوْ مَوْتُ الأَعَادِي ...

وَقَوله من قصيدة يُخَاطب بهَا صَفْوَان بن إِدْرِيس ... أَنْكَرْتَ أَنْ رَاعَ الزَّمَانُ أَدَبِي ... وَهَلْ رَأَيْتَ ذَا نُهَىً مُؤَمَّنَا
وَفِيْكَ لَمْ تَقْضِ الفُرُوضُ حَقَّهَا ... أَفِيَّ تَرْجُو أَنْ تُقِيْمَ السُّنَنَا ...

وَمِنْهَا ... وَصَاحب حُلْو المزاج مُمْتِعٌ ... يُحْيِى السُّرُورَ وَيُمِيْتُ الحَزَنَا
أَضْحَكَنَا لَمَّا غَدَا مَا بَيْنَنَا ... مُحْتَجِنَاً لِقَوْسِهِ مُضْطَغِنَا
يُبْدِي لَنَا مَا شَاءَهُ مِنْ ظَرْفِهِ ... وَيَزْدَهِي بِرَمْيِهِ تمجنا
وَيَدعِي الصميم فِي أَغْرَاضِهِ ... وَلَوْ رَمَى بَغْدَادَ أَصْمَى عَدَنَا
حَتَّى تَدَلَّى طَائِرٌ مِنْ أَيْكَةٍ ... لَمْ يَبْقَ إِلاَّ أَنْ يَقُوْلَ هَا أَنَا ...

(2/287)


.. قُلْنَا لَهُ قَدْ أَكْثَبَ الصَّيْدُ فَقُمْ ... فَأَرِنَا مِنْ بَعْضِ مَا حَدَّثْتَنَا
فَقَامَ كَسْلاَنَ يَمُطُّ حَاجِبَاً ... وَيَتَمَطَّى بَيْنَ أَيْنٍ وَوَنَى
وَبَيْنَمَا أَوْتَرَهَا وبينما ... عَادَتْ تشظى فِي يَدَيْهِ إحنا
وَعند مَا رَمَى حَمَامَ أَيْكَةٍ ... أَخْطَأَهُ وَمَا أَصَابَ الفَنَنَا
أَسْتَغْفِرُ اللهَ لَهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ ... أَطْعَمَنَا الصَّيْد فقد أضحكا
547 - أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن تابجة
من شعراء الْمِائَة السَّابِعَة ذكر وَالِدي أَنه رَحل إِلَى مراكش ومدح بهَا نَاصِر بني عبد الْمُؤمن ثمَّ ابْنه الْمُسْتَنْصر وَمن شعره قَوْله ... مَدَدْتُ لِرَاحَةٍ 4 بِذَرَاكَ رَاحِيْ ... وَحَثَّ الشَّوْقُ نَحْوَكُمُ جَنَاحِي
فَجِئْتُ لِكَيْ أُفَسِّرَ مَا أُلاقِي ... وَلا يَشْفِي الغَلِيْلَ سِوَى القَرَاحِ ...

وَقَوله ... دَعَوْتُكَ لِلْغِيَاثِ فَكُنْ مُجِيبِي ... وَسَكِّنْ مَا بِقَلْبِي مِنْ لَهِيبِ
فَإِنِّي مَا شَكَوْتُ لِغَيْرِ أَهْلٍ ... وَهَلْ يُشْكَى الضَّنَى لِسِوَى طَبِيبِ ...

الْأَهْدَاب موشحة لِابْنِ الْفضل ... أَلا هَلْ إَلَى مَا تَقَضَّى سَبِيْلْ ... فَيُشْفِى الغَلِيْلُ وُتُوْسَى الكُلُوْمْ
رَعَى اللهُ أَهْلَ اللِّوَى وَاللِّوَى
وَلا رَاعَ بِالبَيْنِ أَهْلَ الهَوَى ...

(2/288)


.. فَوَاللهِ مَا المَوْتُ إِلاَّ النَّوَى
عَرَفْتُ النَّوَى بتوالي الجوى
وَمِمَّا تخَلّل جسمي النحيل ... لقدكدت أُنْكِرُ حَشْرَ الجُسُوْمْ
فَوَاحَسْرَتَا لِزَمَانٍ مَضَى
عَشِيَّةَ بَان الْهوى وانقضى
وافردت بالرغم لابالرضا
وَبِتُّ عَلَى جَمَرَاتِ الغَضَا
أُعَانِقُ بِالفِكْرِ تِلْكَ الطُّلُولْ ... وَأَلْثَمُ بِالوَهْمِ تِلْكَ الرُّسُومْ
حُبَيِّبَةَ النَّفْسِ أُمَّ العُلَى
سَقَاكِ الهَوَى كَأْسَهُ سَلْسَلا
وَخَصَّ بِهِ عَهْدَنَا الأَوَّلا
فَيَامَا أَلَذَّ وَمَا أَجْمَلا
إِذِ الوَصْلُ ظِلٌّ عَلَيْنَا ظَلِيْلْ ... تَقِيْنَا القَطِيْعَةُ وَهِي السمُوم
لأصميت يَوْم النَّوَى مقلتي
بِلَحْظِكِ وَالثَّغْرِ وَالأَنْمُلِ
وَأَشْمَتِّ عِنْدَ الجَفَا عُذَّلِي
وَبَعْدَ التَعَتُّبِ غَنَّيْتِ لِي
أَطَلْتَ التَّعَتُّبَ يَا مسطيل ... ولحظي يُغْنِيك قَالَت ظلوم ...

(2/289)


غَيرهَا ... عرج بالحمى واسأل بالكثيب عَنْهُم أَيْنَمَا
هَذِي الأَرْبُعُ
مِنْهُمُ بَلْقَعُ
أَيْنَ الأَدْمُعُ
ضرجها دَمًا وقم بالنحيب نقم مَأْتَمَا
شَاقَتْنِي البُرُوْقْ
لِثَغْرٍ يَرُوْقْ
فَمَنْ لِلْمَشُوْقْ
بَان يلثما وَمن للجديب بِمَاء السَّمَا
لَمْ يَدْرِ الكَئِيْبْ
مِنْ أَيْنَ أُصِيْبْ
لَكِن الحبيب
درى إِذْ رمى يَا عَيْني حَبِيبِي موتِي أَنْتُمَا
دهري فِي أغتراب
وشأني عُجاب
أظا فِي الشَّبَاب
لوصل الدمى فَهَل فِي المشيب يَزُول الظما ...

(2/290)


.. بَيْنٌ مُسْتَدَامْ
وَأَخْشَى الحِمَامْ
يَا رَبَّ الأَنَامْ
تَدْرِي قدر مَا بقلب الكئيب فَارْحَمْ مُغْرَمَا ...

وَمن غَيرهَا ... فِي طَرْفِ مَنْ أَهْوَاهْ سَيْفُ المَنُوْنْ
وَالقَلْبُ فِي بَلْوَاهْ مِمَّنْ يَخُوْنْ
يَا قَدَّ غُصْنِ البَانْ إِذَا انْثَنَى
الرَّاحُ وَالرَّيْحَانْ بَلِ المُنَى
فِي ذَلِكَ الوَسْنَانْ إِذَا رَنَا
يَا رَبِّ مَا أَقْسَاهْ تُرَى يَهُوْنْ
وَالصَبُّ مَا أَرْجَاهْ مَا لَا يَكُوْنْ ...

(2/291)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الثَّالِث عشر من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا مملكة تدمير وَهُوَ كتاب الْأَشْهر المهلة ف يحلى قَرْيَة الحرلة هِيَ حَسَنَة المنظر على نهر مرسية مِنْهَا
548 - أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الْمجِيد
من المسهب من عُلَمَاء مَذْهَب مَالك رَحمَه الله وَهُوَ من ذَوي التعين ف مرسية وَالْمَال وَالْعلم وَالْأَصْل وَمن شعره قَوْله ... أيا حاسداص عبد الْعَزِيز وحاكيا ... لَهُ مَنْزَعَاً قَدْ سَارَ فِيْهِ عَلَى أَصْلِ
فَهْبَكَ تحاكيه بِعَبْد وَبغلة ... فَمن لَكَ أَنْ تَحْكَيْهِ فِي القَوْلِ وَالفِعْلِ
تَرُومُ مَكَان الْبَدْر دون تصاعد ... وتهوى ثَنَاء النَّاس من دون مَا فضل ...

(2/292)