المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

- 3- كتاب المنتظم: منهجه، وأسلوبه، ومصادره، وأهميته، ومختصراته، والذيول عليه
الكتاب: منهجه وأسلوبه:
يتكون كتاب المنتظم من ثمانية عشر جزءا وذلك طبقا لنسخة أحمد الثالث، ومفقود من هذه النسخة الجزء الأول والثالث عشر، ولذلك قمنا بإكمالها من نسخة تراخانة ذات الخط الدقيق جدا وذلك لأنها هي النسخة الوحيدة التي تحتوي على الجزء الأول. أما الجزء الثالث عشر فقد اعتمدنا على نسخة تراخانة أيضا بالإضافة إلى النسخ الأخرى التي سنوضحها في عرضنا لمخطوطات الكتاب فيما بعد، إذ أننا بصدد عرض المحتوى العام للكتاب وعرض لأسلوبه ومنهجه.
فيتكون الجزء الأول من تسع وثلاثين ورقة من القطع الكبير من نسخة تراخانة تشمل مقدمة الكتاب وبداية الخلق حتى وفاة يحيى بن زكريا عليه السلام.
والجزء الثاني يتكون من تسع وأربعين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل الأحداث من وفاة يحيى بن زكريا عليه السلام حتى السنة الثامنة من النبوة.
والجزء الثالث يتكون من أربع وخمسين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل الأحداث من السنة العاشرة من النبوة حتى السنة العاشرة من الهجرة.
والجزء الرابع يتكون من سبع وأربعين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل الأحداث من السنة العاشرة من الهجرة حتى السنة الثامنة والعشرين.
والجزء الخامس يتكون من أربع وأربعين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل الأحداث من السنة التاسعة والعشرين حتى السنة الحادية والستين.

(1/36)


والجزء السادس يتكون من تسع وأربعين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، وتشمل على الأحداث من السنة الحادية والستين حتى وفيات السنة الخامسة والتسعين.
والجزء السابع يتكون من خمس وخمسين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل على وفاة الحجاج حتى بداية السنة السابعة والثلاثون بعد المائة من الهجرة.
والجزء الثامن يتكون من سبع وخمسين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل حوادث السنة السابعة والثلاثين بعد المائة حتى السنة الرابعة والسبعين بعد المائة.
والجزء التاسع يتكون من تسع وعشرين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل حوادث السنة الخامسة والسبعين بعد المائة حتى حوادث السنة الثالثة والتسعين بعد المائة.
والجزء العاشر يتكون من اثنتين وأربعين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، تشمل على حوادث السنة الرابعة والتسعين بعد المائة إلى حوادث السنة السادسة عشرة بعد المائتين.
والجزء الحادي عشر ويتكون من ثلاث وخمسين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، وتشمل الحوادث من السنة السابعة عشرة بعد المائتين حتى السنة السابعة والأربعين بعد المائتين.
والجزء الثاني عشر ويتكون من خمس وخمسين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، وتشمل الحوادث من السنة الثامنة والأربعين بعد المائتين حتى ذكر خلافة المكتفي باللَّه تعالى.
والجزء الثالث عشر يتكون من حوالي سبع وثلاثين ورقة من القطع الكبير من نسخة تراخانة وتشمل الأحداث من سنة تسع وثمانين بعد المائتين حتى السنة الثالثة والثلاثين بعد الثلاثمائة.
والجزء الرابع عشر يتكون من أربع وخمسين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث، وتشمل الحوادث من باب خلافة المتقي للَّه حتى السنة السابعة والثمانين بعد الثلاثمائة.
والجزء الخامس عشر يتكون من إحدى وستين ومائة ورقة من نسخة أحمد الثالث،

(1/37)


وتشمل الحوادث من السنة الثامنة والثمانين بعد الثلاثمائة حتى السنة السابعة والأربعين وأربعمائة.
والجزء السادس عشر يتكون من اثنتين وخمسين ومائة ورقة، وتشمل الحوادث من السنة الثامنة والأربعين وأربعمائة حتى السنة التاسعة والسبعين وأربعمائة.
والجزء السابع عشر، يتكون من مائة وخمسين ورقة، وتشمل الحوادث من السنة الثمانين بعد الأربعمائة حتى السنة الثالثة والخمسين بعد الخمسمائة.
والجزء الثامن عشر يتكون من ثلاث وعشرين ومائة ورقة، وتشمل الحوادث من السنة الرابعة والخمسين بعد الخمسمائة حتى السنة الرابعة والسبعين بعد الخمسمائة.
أما عن منهج وأسلوب ابن الجوزي ومصادره في المنتظم فيحتاج ذلك إلى دراسة مستفيضة لكي تتناول جميع النقاط الرئيسية التحليلية لأسلوبه ومنهجيته في سرد الأحداث والتراجم والنقد والتعقيب إلى غير ذلك من نقاط الدراسة، وقد قام بالفعل بهذا المجهود الشاق الأستاذ الدكتور/ حسن عيسى علي الحكيم، ونال بهذه الدراسة درجة الدكتوراه من جامعة بغداد، وقد طبعت هذه الرسالة ببيروت، عالم الكتب سنة 1985.
ونحن في هذا المقام نسترشد بما قام به السيد الدكتور من دراسة بأسلوب مختصر بما يليق بكونها مقدمة للكتاب وليست دراسة مستفيضة.
بدأ ابن الجوزي كتابه بمقدمة أوضح فيها أهمية التاريخ ومناهج المؤرخين الذين سبقوه وتنوع مذاهبهم، وقد أراد ابن الجوزي أن يكون التاريخ عبرة وعظة لرجال الحكم والسياسة بقوله: «إن الشرع هُوَ السياسة، لا عمل السلطان برأيه وهواه» حيث ان للتاريخ فائدتين: هما دراسة الحازمين والمفرطين ومعرفة عواقب أحوالهم، والتطلع على عجائب الأمور وتقلبات الزمن.
ثم افتتح ابن الجوزي «المنتظم» بذكر الدليل على وجود الله، منتهجا منهج الكلاميين في إثبات وجوده عز وجل.
ثم تتبع قصة الخلق وما جرى فيها ناقلا وناقدا ومحللا، ثم انتقل من حديثه عن الخليقة وخلق الأرض إلى النبوات بدءا بآدم عليه السلام وانتهاء برفع عيسى عليه

(1/38)


السلام. ثم خصص للأمم بعد النبوات جانبا، فهو مرة يفصّل، ومرة يوجز، فهو عند تناوله للحوادث المتعلقة بالعرب وبخاصة بين عرب الحيرة والزباء، ولكنه أغفل الحياة الاجتماعية والسياسية في الجزيرة العربية، ولم يذكر من أيام العرب سوى الفجار أثناء حديثه عن السيرة النبويّة، ولم يشر إلى شعراء العرب، وأصحاب المعلقات، سوى امرئ القيس الّذي ورد ذكره عند حديثه عن كسرى أنوشروان، وقد أوجز في حديثه عن عرب الأنبار وعلاقتهم بطسم وجديس، وذكر زرقاء اليمامة، ولم يغفل علاقة الزباء السياسية بعمرو بن عدي، معتمدا في ذلك على ابن الكلبي.
هذا وقد أطال ابن الجوزي في تاريخ الفرس وملوكهم حيث تناولهم الواحد بعد الآخر، موليا لكسرى أنوشروان أهمية بارزة.
أما دولة الروم فلم يعطها أهمية كبيرة، وإنما ذكر بعض حوادث الروم وعلاقاتهم مع الفرس، وبناء القسطنطينية.
ولم يذكر من ملوك اليونان سوى الإسكندر المقدوني وبطليموس، وجانب من الحياة العلمية عند اليونان.
وأغفل ابن الجوزي تاريخ الصين ومصر خلافا لسلفيه اليعقوبي والمسعودي، وقد تأثر في ذلك بالطبري.
وخصص بعد ذلك الإمام ابن الجوزي جانبا كبيرا من «المنتظم» للسيرة النبويّة تناول فيها مرحلة المولد وما كان فيها من أحداث، ثم مرحلة النبوة، وقد انتهج في مرحلة النبوة منهجا مختلفا ابتداء من السنة الأولى من النبوة ولمدة ثلاث عشرة سنة.
ثم بعد ذلك مرحلة الهجرة والّذي بدأ به منهجا آخر ابتداء بالسنة الأولى من الهجرة وحتى نهاية الكتاب، فهو يذكر حوادث كل سنة ويختمها بوفيات هذه السنة، فيقول عند الحوادث: (ثم دخلت سنة ... ) وعند ذكر الوفيات: (ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر) ويتخلل ذلك فصول وأبواب عن أشهر الحوادث.
وبعد الانتهاء من عصر الرسالة وتقصّي أحداثها بدقة واستفاضة تناول ابن الجوزي العصر الراشدي متناولا الحوادث السياسية والعسكرية التي حدثت خلال هذه الفترة، فتناول حركات الردة، وحوادث الجزيرة، وحركات التحرير في العراق وبلاد

(1/39)


الشام ومصر، وحروب الجمل وصفين والنهروان إلى غير ذلك. وقد تعرض أيضا للحوادث الإدارية والاجتماعية والاقتصادية.
ثم بعد ذلك تناول العصر الأموي، وقد شغلت الحوادث السياسية في هذا العصر جانبا كبيرا، حيث تناول ثورة الحسين رضي الله عنه واستشهاده، وتناول أيضا حركة زيد بن علي، وحركات الخوارج، وحركة صالح بن مسرح الخارجي، والحركة الزبيرية وغيرها من الحركات السياسية.
ولم يغفل علاقة الدولة الأموية بالروم، ومواصلة الأمويين زحفهم لتحرير الأندلس، ومناطق كثيرة من المشرق الإسلامي.
وكذلك تعرض للحوادث الإدارية في العصر الأموي من تخطيط مدينة واسط، وكذلك تعرض للحوادث الطبيعية من حرائق وقحط وفيضانات وسيول وزلازل إلى غير ذلك من حوادث طبيعية.
ثم تناول بعد ذلك العصر العباسي وفق نفس المنهج الّذي انتهجه منذ السنة الأولى من الهجرة، وهذه الفترة تنحصر بين عام 132 هـ- إلى 574 هـ-. وقد تناول ابن الجوزي جميع النواحي السياسية بالتفصيل، وكذلك الجوانب الإدارية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية، وكذلك الظواهر الطبيعية من رياح وحرارة وأمطار وثلوج وزلازل وشهب وحرائق وفيضانات وجفاف وآفات وأمراض وأوبئة. كما لم يغفل الجانب العمراني من بناء المساجد والقصور وغيرها.
مصادر كتاب المنتظم:
لقد استفاد الإمام ابن الجوزي من ابن إسحاق في «السيرة النبويّة» ، ومن ابن سعد في «الطبقات» ، ومن الطبري في «التاريخ» ، ومن الخطيب في «تاريخ بغداد» أكثر من غيرها من المصادر. فكان يشير إليها صراحة في بعض المواضع، ويهملها في مواضع أخرى، ويكون حرفيا في نقله منها حينا، ومختزلا في أحيان أخرى، وناقدا في بعضها، وقد تابع ابن إسحاق من بدء الخليقة حتى عام 95 هـ-، ولكن اقتباساته عنه في عصر الرسالة تشكل بذاتها دراسة مستقلة للسيرة النبويّة، وكان ابن سعد الّذي سايره ابن الجوزي من عصر الرسالة حتى عام 193 هـ-. وكان كتاب «الطبقات الكبرى» مصدرا

(1/40)


أساسيا له، حيث أولاه ثقة كبيرة، ولم يبتعد عنه إلا من حيث عدم مسايرته في الحرص على سند الرواية، وكان الطبري في كتابه «تاريخ الرسل والملوك» مصدر المنتظم من الخليقة، وسايره وفق العصور التاريخية التالية، فقد كان تعويله عليه كليا، وبخاصة الحوادث السياسية، مكتفيا بذكر الرواية التي يعتبرها أسلم أو أصح من غيرها عند تعدد الروايات للحدث الواحد. وبما أن الطبري يهتم بحوادث العراق والمشرق الإسلامي أكثر من غيرهما، فإن ابن الجوزي يركز بدوره على هاتين المنطقتين أكثر من غيرهما [1] .
وكان ابن الجوزي قد استقى نصوصا من موارد الطبري كأبي مخنف لوط بن يحيى، وسيف بن عمر، وهشام الكلبي، ومحمد بن عمر الواقدي، والهيثم بن عدي، وعلي بن محمد المدائني، وغيرهم.
وكانت بعض النصوص متطابقة مع الطبري، وحيث ابن ابن الجوزي لم يذكر أنه نقل مباشرة عن أي واحد من هؤلاء فإن اعتماده على الطبري في نقله عنهم قد يبدو محتملا، إلا أن هذا الاحتمال لا ينفي احتمالا آخر هو أن كتب هؤلاء لم تكن قد ضاعت عند تدوين المنتظم، وأن نقله عنها كان مباشرا [2] .
ولا يقل «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي أهمية في تراجم المنتظم عن الطبري في حوادثه، فابن الجوزي قد أعتمده كثيرا، واعتمد على موارده أيضا، وإن لم يشر إليه في كثير من الأحيان، فهو حتى عام 458 هـ- يستظل بالخطيب البغدادي، سواء بالنقل الحرفي منه أو باختزال السند والمتن أو أحدهما، ولكنه في بعض الأحيان كان ناقدا لاذعا ومجرحا عنيفا للخطيب البغدادي [3] .
أما بالنسبة للحديث النبوي فقد اعتمد على الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو في أكثر الأحيان يعتمدهما معا، وفي أحيان أخرى يعتمد على أحدهما، وأحيانا عليهما أو على أحدهما بمعيّة الإمام أحمد في «المسند» [4] .
__________
[1] انظر: الدكتور حسن عيسى علي الحكيم: كتاب المنتظم، دراسة في منهجه وموارده وأهميته، ص 13.
[2] انظر المصدر السابق، ص 13، 14.
[3] المصدر السابق، ص 14.
[4] المصدر السابق، ص 14.

(1/41)


أما بالنسبة للمحدثين من تراجمه فقد اعتمد على يحيى بن معين في تاريخه حتى عام 248 هـ-. وما قيل في الرجال من مصطلحات الجرح والتعديل، وكان في معظم النصوص ناقلا حرفيا. والإمام البخاري في «تاريخه الكبير، والصغير» حتى عام 248 هـ- أيضا. وكان على غرار اقتباساته من يحيى بن معين ناقلا حرفيا. وابن أبي حاتم الرازيّ في كتابه «الجرح والتعديل» والدار الدّارقطنيّ. وقد كانت معظم النصوص المستقاة عنه في تراجمه للمحدثين مودعة في «تاريخ بغداد» وكذلك الحال اقتباساته من أبي بكر البرقاني، وأبي عبد الله الصوري، وأبي الحسن العتيقي، الذين هم من موارد الخطيب.
أما الفترة التاريخية التي أعقبت «تاريخ الطبري» فقد كان ابن الجوزي قد اعتمد على أبي بكر الصولي، وكان قد استقى مادته من كتاب «الأوراق» لأن بعضها جاء متطابقا مع كتاب «أخبار الراضي والمتقي» الّذي يشكل جزءا منه، ويبدو أنه قد أحاط الصولي بثقة كبيرة، فقد نقل عنه حرفيا دون أن يكون ناقدا لأحد النصوص في الفترة الواقعة بين 102 هـ- إلى 336 هـ-. وكذلك اعتمد على أبي علي التنوخي في كتابه «نشوار المحاضرة» حتى عام 354 هـ-. وهلال بن المحسن الصابي في «خطط بغداد وحضارتها» حتى عام 466 هـ-. وكان شيوخ ابن الجوزي مصادره الأساسية في الفترة التي أعقبت وفاة الخطيب البغدادي حتى العقد الثاني من القرن السادس الهجريّ حيث يصبح ابن الجوزي مصدر الحوادث ومؤرخ عصره [1] .
أهمية كتاب المنتظم:
تميز كتاب المنتظم عما سبقه من كتب، حيث إنه جميع بين كونه مسردا تاريخيا للأحداث على مدار السنوات، واحتوائه على ثلاثة آلاف وثلاثمائة وسبعين ترجمة لمختلف الشخصيات من خلفاء، وملوك، ووزراء، وفقهاء ومحدثين، ومورخين، وفلاسفة، وشعراء، ومصنفين وغيرهم. وهذا ما لم يسبقه أحد من المؤرخين إليه، ولكن قلّده من جاء بعده في طريقته.
فقد كان لابن الجوزي الفضل في تغيير أسلوب كتابة التاريخ، فأصبح من أسلوب السرد غير المنسق إلى أسلوب منسق ملتزم بمنهج يسير عليه، فلا يسهب في سرد الأحداث ويهمل التراجم، أو العكس، ولكن يعطي لكل من الجانبين ما يستحقه.
__________
[1] المصدر السابق، ص 14، 15.

(1/42)


وقد كان من أهمية كتاب المنتظم حفظ النصوص من الضياع، فقد نقل لنا نصوصا من كتب مفقودة في عصرنا هذا، وليس كذلك فقط بل انه نقل لنا نصوصا من كتب مطبوعة الآن مثل كتاب «تاريخ بغداد» للخطيب هذه النصوص لا نجدها ضمن النسخة المطبوعة من هذا الكتاب، ويرجع ذلك إلى سقوط بعض النصوص من النسخة التي طبع عليه الكتاب.
وبالإضافة إلى ذلك فإن ابن الجوزي انفرد في «كتاب المنتظم» بنصوص تاريخية لم نجدها لدى أسلافه المتقدمين، ولكن يؤخذ عليه إهمال المصادر التي نقل عنها هذه النصوص التاريخية [1] .
وكذلك فإن كتاب «المنتظم» كان في حد ذاته مسردا تاريخيا ووثيقة تاريخية للعصر الّذي عاش فيه ابن الجوزي، حيث انه عاصر فترة من أهم الفترات التاريخية.
كما أن «المنتظم» أصبح مصدرا رئيسيا لتدوين التاريخ لمن جاء بعد ابن الجوزي، فقد استفاد منه سبطه في «مرآة الزمان» ، وابن كثير في «البداية والنهاية» ، والذهبي في «تاريخ الإسلام» وغيرهم من المؤرخين الذين جاءوا بعده.
مختصراته والذيول عليه:
لعل من أهم المختصرات هو كتاب «شذور العقود في تاريخ العهود» الّذي اختصر به ابن الجوزي نفسه كتاب «المنتظم» ، فكان بمثابة مختصر للمنتظم وذيلا عليه في نفس الوقت، حيث أضاف ابن الجوزي عليه حوادث أربع سنوات، ولكن بصورة مختصرة.
وقد اختصر أيضا كتاب «المنتظم» الشيخ علاء الدين علي بن محمد المعروف بمصنفك، وسماه: «مختصر المنتظم وملتقط الملتزم» وقد وجه إليه النقد بشدة حيث انه كان به أغلاط صريحة وأوهام.
وهناك مختصر آخر غير معلوم المؤلف يوجد منه نسخة بمعهد المخطوطات، وهو مختصر جدير بالذكر لجودته.
__________
[1] المصدر السابق ص 553.

(1/43)


أما الذيول عليه فهي:
1- «الفاخر في ذكر حوادث أيام الإمام الناصر» لمحمد بن محمد القادسي، المتوفى سنة 634 هـ-. ويقع في ستة مجلدات [1] .
2- ذيل على كتاب المنتظم، للإمام العز أبو بكر محفوظ بن معتوف بن البزوري المتوفى سنة 694 هـ-[2] .
__________
[1] الإعلان بالتوبيخ، للسخاوي ص 304.
[2] الإعلان بالتوبيخ، للسخاوي ص 304.

(1/44)


تحقيق عنوان الكتاب
اختلفت المصادر في إثبات عنوان الكتاب على النحو التالي:
1- أثبته الإمام الذهبي في «مختصر تاريخ الإسلام» 65/ ب باسم (المنتظم في أخبار الملوك والأمم) .
2- وأثبته الإمام ابن كثير في «البداية والنهاية» 13/ 28 باسم (المنتظم في تواريخ الأمم من العرب والعجم) .
3- وأثبته طاش كبرى زاده في «مفتاح السعادة» 1/ 254 باسم (المنتظم في تواريخ الأمم) .
4- وأثبته ابن أبي ألوفا الحنفي في «الجواهر المضية في طبقات الحنفية» 2/ 72 باسم (المنتظم في حوادث الأمم) .
5- وأثبته سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان» 8/ ق 2/ 484 باسم (المنتظم في تواريخ الملوك والأمم) .
6- أما ابن الجوزي نفسه أثبته في صيد الخاصر (من 379) بلفظ: (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) .
وأثبته كذلك في «شذور العقود» وهو مختصر المنتظم. وهذا هو الأساس الّذي قمنا باعتماده لعنوان الكتاب لأنه صادر من المؤلف نفسه.

(1/45)


ومن الجدير بالذكر أن بعض المخطوطات قد عملت عناوين مختلفة منها:
«المنتظم في تاريخ المملكة الإسلامية» ، و «المنتظم في تاريخ الأمم» ، و «المنتظم في أخبار الأمم» ، وغير ذلك [1] .
__________
[1] انظر: نوادر المخطوطات العربية في مكتبات تركيا، لرمضان شثن 1/ 64. ومجلة المورد، العدد الأول، المجلد الثامن ص 313. وهدية العارفين 1/ 267. وفهرس المخطوطات المصورة، فؤاد السيد 2/ ق 159. ومخطوطات عربية في مكتبة صوفيا الوطنية البلغارية (كيرل وميتودي) ليوسف عز الدين ص 126.

(1/46)