المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
- 2- الإمام ابن الجوزي مؤلف الكتاب [1]
اسمه ولقبه ونسبه ومولده:
هو عبد الرحمن بن علي بن محمد بن جعفر الجوزي. ينتهي نسبه إلى خليفة
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أبي بكر الصديق رضي الله
عنه [2] . فهو عربي أصيل، قرشي تيمي.
واختلف في نسبة تقديما وتأخيرا، إلا أن أصح نسبة هي ما ضبطها سبطه في
«مرآة الزمان» وهي: عبد الرحمن بن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ حمادي بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن عبد الله بن
القاسم بن النصر بن القاسم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ القاسم بْن مُحَمَّد بْن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
[3] .
يكنى ابن الجوزي بأبي الفرج، وكان يلقب وهو صغير بالمبارك، ثم لقب
بجمال الدين، شيخ وقته، وإمام عصره، والحافظ المفسر، والفقيه الواعظ،
والأديب [4] .
أما عن نسبة الجوزي- بفتح الجيم وسكون الواو وبعدها زاي- فقد اختلف
فيها العلماء. فقيل: إن جد الأسرة قد عرف بهذه النسبة لسكناه في دار
بواسط بها جوزة لم يكن بواسط جوزة سواها. وقيل: إن هذه النسبة ترجع إلى
بيع الجوز، أو إلى مشرعة الجوز ببغداد، وقيل غير ذلك.
__________
[1] البداية والنهاية 13/ 8. ووفيات الأعيان 2/ 322. والجامع المختصر،
لابن الساعي 9/ 65. والنجوم الزاهرة 6/ 175. طبقات الحنابلة 1/ 399.
وتاريخ ابن الوردي 2/ 169. ومرآة الزمان 8/ 310 لسبط ابن الجوزي. دول
الإسلام 1/ 106. وتذكرة الحفاظ 4/ 1342.
[2] لفتة الكبد ص 90.
[3] مرآة الزمان 8/ 310.
[4] مرآة الزمان 8/ 310. ودول الإسلام 1/ 106. والذيل على طبقات
الحنابلة 3/ 399- 400.
(1/13)
قال سبط ابن الجوزي في «مرآة الزمان» :
ورأيت بخط ابن دحية المغربي قال:
وجعفر الجوزي منسوب إلى فرضة من فرض البصرة يقال لها: جوزة [1] .
ولد ابن الجوزي بدرب حبيب ببغداد [2] ، واختلف المؤرخون في تاريخ
ميلاده:
فذهب البعض إلى أنه ولد في سنة ثمان وخمسمائة. وقيل: سنة تسع. وقيل:
سنة عشر.
ولكن ذكر سبطه في «مرآة الزمان» في حوادث عام 510 هـ-، قال: وفيها ولد
جدي رحمه الله على وجه الاستنباط لا على وجه التحقيق. وقال: سألته عن
مولده غير مرة وفي كلها يقول: ما أحقق ولكنه يكون تقريبا في سنة 510
هـ-[3] .
وقال الدمياطيّ في «المستفاد من ذيل تاريخ بغداد» نقلا من خط ابن
الجوزي قوله: لا أحقق مولدي، غير أنه مات والدي في سنة أربع عشرة،
وقالت الوالدة: كان لك من العمر نحو ثلاث سنين [4] .
وكذلك وجد بخط ابن الجوزي في كتابه «لفتة الكبد في نصيحة الولد» إشارة
إلى أنه صنّفه سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وقال: ولي من العمر سبع عشرة
سنة [5] .
وبذلك يتحقق لنا تحديد ميلاد ابن الجوزي في سنة إحدى عشرة وخمسمائة
هجرية.
نشأته العلمية ونبوغه:
ينتمي ابن الجوزي إلى أسرة اشتغلت بالتجارة، فكان والده يتجر في
النحاس، لأنه قد وجدت في بعض الأسماع لابن الجوزي لقب «الصفّار» نسبة
إلى النحاس [6] .
ويقول ابن الجوزي في «نصيحة الولد» : واعلم يا بني أننا من أولاد أبي
بكر الصديق، ثم تشاغل سلفنا بالتجارة والبيع والشراء [7] .
__________
[1] مرآة الزمان 8/ 310.
[2] مرآة الزمان 8/ 310. والنجوم الزاهرة 6/ 175.
[3] مرآة الزمان 8/ 310.
[4] المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ص 418.
[5] لفتة الكبد في نصيحة الولد، لابن الجوزي.
[6] مرآة الزمان 8/ 310.
[7] لفتة الكبد في نصيحة الولد، ص 47.
(1/14)
وقال أيضا: واعلم يا بني أن أبي كان موسرا،
وخلف ألوفا من المال [1] .
ويوضح ابن الجوزي حاله منذ صغره فيقول: إن أبي مات وأنا لا أعقل، والأم
لا تلتفت إليّ [2] .
فقد كان والده قد توفي، وله من العمر ثلاث سنين، وبقيت والدته على قيد
الحياة، حيث سبقها إلى الموت بأيام في عام 597 هـ-.
ولما بلغ ابن الجوزي سن التمييز مضت به عمته [3] إلى الشيخ أبي الفضل
محمد بن ناصر، الفقيه اللغوي، الّذي تولى تعليم وتثقيف ابن الجوزي،
فأحفظه القرآن والحديث. وساعده في الوصول إلى العلماء المتخصصين في شتى
العلوم.
ويقول ابن الجوزي عن هذه الفترة من حياته: إن أكثر الإنعام عليّ لم يكن
بكسبي، وإنما هو تدبير اللطيف بي، فإنّي أذكر نفسي ولي همة عالية وأنا
في المكتب ابن ست سنين، وأنا قرين الصبيان الكبار، وقد رزقت عقلا وافرا
في الصغر. فما أذكر أني لعبت في الطريق مع الصبيان قط، ولاضحكت ضحكا
خارجا، حتى إني كنت ولي سبع سنين أو نحوها أحضر رحبة الجامع، فلا أتخير
حلقة مشبعة، بل أطلب المحدث، فيتحدث بالسير فأحفظ جميع ما أسمعه، وأذهب
إلى البيت فأكتبه، ولقد وفق لي شيخنا أبو الفضل بن ناصر رحمه الله،
وكان يحملني إلى الشيوخ، فأسمعني المسند وغيره من الكتب الكبار، وأنا
لا أعلم ما يراد مني، وضبط لي مسموعاتي إلى أن بلغت، فناولني ثبتها،
ولازمته إلى أن توفي رحمه الله، فنلت به معرفة الحديث والنقل، ولقد كان
الصبيان ينزلون إلى دجلة ويتفرجون على الجسر، وأنا في زمن الصغر آخذ
جزءا من القرآن وأقعد حجزة من الناس، فأتشاغل بالعلم [4] .
ولقد كان ابن الجوزي شغوفا محبا لطلب العلم مهما كلفه من عناء في طلبه،
فهو يقول في ذلك: ولقد كنت في حلاوة طلبي للعلم ألقى من الشدائد ما هو
عندي أحلى
__________
[1] لفتة الكبد، ص 38.
[2] صيد الخاصر، لابن الجوزي، ص 192.
[3] وقيل أن عمه هو حمله إلى الشيخ ابن ناصر. انظر: المستفاد من ذيل
تاريخ بغداد، للدمياطي- 416- 417. وذيل طبقات الحنابلة 1/ 401 والبداية
والنهاية 13/ 29.
[4] لفتة الكبد في نصيحة الولد، لابن الجوزي ص 23- 24.
(1/15)
من العسل لأجل ما أطلب وأرجو. كنت في زمان
الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى،
فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين
همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم. وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا
يدرك بالعلم، حتى انني أذكر في زمان الصبوة ووقت الغلمة والعزبة قدرتي
على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال، ولم
يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي من العلم من خوف الله عز وجل، ولولا
خطايا لا يخلو منها البشر لكنت أخاف على نفسي من العجب [1] .
وكانت مدينة بغداد يومئذ شأنها في كل عهودها العربية الإسلامية زاخرة
بالمعاهد والعلماء، ولم تفتر فيها الحركة العلمية إطلاقا، فساعد ذلك
ابن الجوزي على الاختلاف إلى شيوخه في وقت مبكر في حياته حدده بعضهم
بعام 516 هـ-، وآخرون بعام 520 هـ-. بيد أن ابن الجوزي كان أكثر تطرفا
في هذا الشأن إذ ذكر سماعه على محمد بن محمد الخزيمي (ت 514 هـ-) وقال:
«ورأيت من مجالسه أشياء قد علقت عنه فيها كلمات ولكن أكثرها ليس بشيء
فيها أحاديث موضوعة وهذيانات فارغة يطول ذكرها» وكان عمره يومئذ في
أكثر تقدير خمسة أعوام إذا أخذنا بتحديد ميلاده عام 508 هـ-، وإلا فإن
عمره- في هذا النص لو صح- لا يتجاوز الثلاث سنين، وهو أمر مستبعد.
ولكنه من الثابت أنه أقبل على الدرس منذ نعومة أظفاره يدفعه إلى ذلك
تشجيع ذويه وميوله الذاتية. وقد أكسبه حب العلم والإقبال عليه ثقافة
واسعة مستمدة من معاهد العلم في بغداد، لأنه لم يخرج منها طيلة حياته
إلا لأداء فريضة الحج وأخيرا نفيه إلى واسط، ومن ثم فإن ثقافته بغدادية
خالصة، ولا يقدح بثقافته كونها لم تتجاوز حدود بغداد إلى غيرها من
الحواضر الإسلامية، ذلك أن بغداد كانت ملتقى رجال العلم والفكر من شتى
أنحاء العالم الإسلامي، ومن هنا فهي تمثل عالم الإسلام كله من أقصاه
إلى أقصاه بلا استثناء [2] .
وليس أدلّ على أن ابن الجوزي يعد من أئمة عصره في شتى العلوم، من قول
أئمة
__________
[1] صيد الخاصر. لابن الجوزي ص 191، 192.
[2] كتاب المنتظم، دراسة في منهجه وموارده وأهميته، للدكتور حسن عيسى
علي الحكيم. ص 46، 47. ط عالم الكتب بيروت.
(1/16)
النقد فيه فقد قال عنه الإمام الذهبي: وله
في كل علم مشاركة، لكنه كان في التفسير من الأعيان، وفي الحديث من
الحفاظ، وفي التاريخ من المتوسعين، ولديه فقه كاف، وأما السجع الوعظي
فله فيه ملكة قوية [1] .
فلم يقتصر ابن الجوزي على فن واحد من فنون العلم، فهو نفسه يقول: «ولم
أقنع بفن واحد، بل كنت أسمع الفقه والحديث، وأتبع الزهاد، ثم قرأت
العربية، ولم أترك أحدا ممن يروي ويعظ، ولا غريبا يقدم، إلا وأحضره
وأتخير الفضائل» [2] .
ففي علم التفسير كان من الأعيان كما قال عنه الذهبي، فقد فسّر القرآن
كله في مجلس الوعظ، كما قال: «ما عرفت واعظا فسر القرآن كله في مجلس
الوعظ منذ نزل القرآن، فالحمد للَّه المنعم» [3] وقد كان من أبرز ما
ألّف ابن الجوزي في القرآن الكريم هو كتاب «زاد المسير في علم التفسير»
، و «المغني» .
وفي علم الحديث كان من الحفاظ، فقد كتب الحديث وله إحدى عشرة سنة، وسمع
قبل ذلك على حدّ قوله [4] . قال أبو محمد الدبيثي: إليه معرفة الحديث
وعلومه والوقوف على صحيحه وسقيمه، وله فيه المصنفات من المسانيد
والأبواب والرجال ومعرفة ما يحتج به. وقال ابن الساعي في «الجامع
المختصر» : روى الحديث عن خلق كثير وسمع الناس منه وانتفعوا به وكتب
بخطه ما لا يدخل تحت الحصر، وخرج التخاريج، وجمع شيوخه، وأفرد
المسانيد، وبيّن الأحاديث الواهية والضعيفة [5] . وقد كان من أبرز
مؤلفاته في الحديث: «جامع المسانيد» ، و «الحدائق» ، و «الموضوعات» .
وفي الوعظ هو عالم العراق وواعظ الآفاق، فقد بدأ ابن الجوزي الوعظ في
التاسعة من عمره، وهو سن مبكر يدل على ذاكرة واعية، وبديهة حاضرة،
وذكاء حاد، ونبوغ مبكر، لأن وعظه في هذه السن كان له أثره، وكان يحضر
مجلس وعظه الكثيرون، يسمعون له، ويتأثرون به، فيقول ابن الجوزي عن مدى
تأثيره في الناس: «وضع الله لي
__________
[1] تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1347.
[2] صيد الخاصر ص 135. ولفتة الكبد ص 24. كلاهما لابن الجوزي.
[3] المنتظم 10/ 251 من طبعة الهند، الجزء الثامن عشر من هذه الطبعة.
[4] المنتظم 7/ 182 من طبعة الهند.
[5] الجامع المختصر لابن الساعي 9/ 66.
(1/17)
القبول في قلوب الخلق فوق الحد، وأوقع
كلامي في نفوسهم، فلا يرتابون بصحته، وقد أسلم على يدي نحو مائتين من
أهل الذمة، ولقد تاب في مجالسي أكثر من مائة ألف، وقد قطعت أكثر من
عشرين ألف سالف مما يتعاناه الجهال» [1] .
وفي حقيقة الأمر أن ابن الجوزي كواعظ يحتاج إلى دراسة متوسعة تتناول
أسلوبه ومنهجه ونماذج من وعظه وأثر وعظه على المجتمع الّذي كان يعيش
فيه، مما يجعلنا نقتصر في هذا المقام على مجرد الإشارة إلى ابن الجوزي
الواعظ كجانب من جوانب نبوغه وعلمه فقط.
قال ابن رجب: «إن مجالسه الوعظية لم يكن لها نظير، ولم يسمع بمثلها،
وكانت عظيمة النفع، يتذكر بها الغافلون، ويتعلم منها الجاهلون، ويتوب
فيها المذنبون، ويسلم فيها المشركون» [2] .
ولعل من أبرز ما كتبه في الوعظ: «التبصرة» ، و «المنتخب» ، و «المدهش»
، و «بحر الدموع» .
أما في الفقه فلا بد وأن يكون فقيها، وكيف لا وهو الواعظ المفسر
الحافظ، فهو حنبلي المذهب مجتهد في بعض الآراء، فمن أبرز ما ألّف في
الفقه: «الإنصاف في مسائل الخلاف» و «عمدة الدلائل في مشهور المسائل» و
«المذهب في المذهب» و «مسبوك الذهب» وغير ذلك.
وفي التاريخ هو من المتوسعين، وليس أدل على ذلك من كتاب «المنتظم» هذا
الّذي نحن بصدد التقديم له. كما أن كتب المناقب التي كتبها تعد موسوعة
تاريخية متخصصة كل في موضوعة، منها «مناقب أحمد بن حنبل» ، و «مناقب
بغداد» ، و «مناقب الحسن البصري» ، و «مناقب عمر بن الخطاب» ، و «مناقب
عمر بن عبد العزيز» ، و «مناقب سفيان الثوري» وغيرها.
هذا بالإضافة إلى نبوغه في الأدب واللغة والشعر، فقد قال الذهبي: «ونظم
الشعر المليح وكتب بخطه ما لا يوصف، ورأى من القبول والاحترام ما لا
مزيد عليه» [3] .
__________
[1] لفتة الكبد، لابن الجوزي ص 251.
[2] الذيل على طبقات الحنابلة، لابن رجب 3/ 41.
[3] العبر في خبر من غبر، للذهبي 4/ 297، 298.
(1/18)
الحياة الاجتماعية
والاقتصادية والسياسية والفكرية في عصر ابن الجوزي:
عاش الإمام ابن الجوزي في القرن السادس الهجريّ، والّذي يعد من أهم
القرون المؤثرة في الساحة العربية من الناحية الاجتماعية والاقتصادية
والسياسية والفكرية، والّذي شهد اضطرابات سياسية واجتماعية وفكرية
واسعة النطاق.
فمن الناحية الاجتماعية كانت هناك اضطرابات اجتماعية خطيرة، فقد كان
هناك تفاوت في المجتمع من حيث المستوى الاجتماعي، يرجع ذلك إلى اختلاف
الدخول، فقد كانت هناك طبقة الأثرياء الذين يمتلكون الأموال الطائلة،
بينما هناك من لا يجد قوت يومه، أدى ذلك إلى ظهور طبقة العيارين
والشطار، الذين عاثوا في البلاد فسادا، وقد زاد من انتشارهم ضعف السلطة
وعدم الاستقرار السياسي.
وقد رأى ابن الجوزي بأم عينه اتساع الفتن الاجتماعية الناجمة من
الصراعات الطائفية، ومن غارات البدو والقبائل على الآمنين، وهذه ناتجة
من بعض ما أفرزه القلق والفوضى السائدان في القرن السادس الهجريّ الّذي
سيطر فيه السلاجقة. وقد حفل كتاب «المنتظم» بأخبار الكثير من الحوادث
المؤسفة والخطيرة التي كانت تتعرض إليها بغداد، بلا مبرر سوى الرضوخ
الأهوج إلى بعض الرواسب التقليدية، كما كانت بعض المدن العراقية الأخرى
عرضة لهجمات بعض القبائل المتمردة على النظام وتجرد قوافل الحجاج من
الأموال والمتاع، وتعريض أرواحهم إلى الخطر [1] .
أما الناحية السياسية فقد شهد عصر ابن الجوزي سقوط الدولة الفاطمية سنة
567 هـ-، وقيام الدولة الأيوبية وتجديد شباب الخلافة العباسية في عهد
الناصر لدين الله.
أما الناحية الاقتصادية فقد كان لسوء توزيع الثروة بين الناس أثره
الشديد على تنعم بعض الطبقات بالأموال الطائلة والثروات الكبيرة وحرمان
الآخرين، مما أثر على ترابط المجتمع وعدم تماسكه. وعلى الرغم من ذلك
فلم يكن هناك توازن بين دخول الناس والضرائب المفروضة عليهم، فقد تعسفت
السلطة في جمع الضرائب من الناس على الرغم من سوء الأحوال الاقتصادية.
__________
[1] كتاب المنتظم، دراسة في منهجه وموارده وأهميته، للدكتور حسن عيسى
علي الحكيم، ص 31.
(1/19)
أما الناحية الفكرية فقد تميز عصر ابن
الجوزي بكثرة العلماء والمفكرين، كما اتسع تيار الصوفية الّذي كان له
اتجاهان: أحدهما التزهد والبعد عن مباهج الحياة، والآخر الشعوذة
والتمسك بالخرافات والأساطير.
وقد كان ابن الجوزي بحكم مذهبه الحنبلي المتشدد معاديا للمذاهب العقلية
والفلسفية، مما أدى إلى وجود صراع بينهما.
شيوخ ابن الجوزي:
أخذ ابن الجوزي علومه من كبار علماء بغداد في عصره، وقد جمع شيوخه في
«مشيخته» [1] ذكر منهم ستة وثمانين شيخا وثلاث شيخات. نذكر منهم ما
يلي، مرتبة أسماؤهم على حروف المعجم:
1- إبراهيم بن دينار النهرواني، أبو حكيم.
كان من العلماء العاملين بالعلم، زاهدا، عابدا، متواضعا، عالما
بالفرائض.
تولى المدرسة التي بناها عمرو بن الشمحل بالمأمونية، بعد وفاة شيخه.
صنف كتاب «شرح النهاية» ولم يتمه.
قال ابن الجوزي: قرأت عليه القرآن والمذهب والفرائض.
توفي سنة 556 هـ-. [2] .
2- أحمد بن أحمد المتوكلي.
انفرد ابن الجوزي بالرواية عنه. قال ابن الجوزي: كان سماعه صحيحا،
وسمعت منه الحديث، وكتب لي إجازة بخطه فذكر فيها نسبه الذي ذكرته.
توفي في سنة 521 هـ-. [3] 3- أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد البغدادي،
أبو العباس، المعروف بالعراقي. نزيل دمشق.
__________
[1] مخطوط بالمكتبة الظاهرية بدمشق.
[2] انظر: الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 239. والمنتظم، الجزء 18 (انظر
الفهرست) . والوافي بالوفيات 5/ 347. والمشيخة ق 14/ أ.
[3] المشيخة 1/ ب، 2/ أ. وذيل طبقات الحنابلة 1/ 401.
(1/20)
عالم بالقراءات، وسمع الحديث على العديد من
العلماء.
توفي في سنة 588 هـ-. [1] 4- أحمد بن عبيد الله بن محمد السلمي، أبو
العز، المعروف بابن كادش العكبريّ.
كان محدثا مكثرا، واتهمه بعض العلماء بالخلط. وتوفي في سنة 526 هـ-.
[2] 5- أحمد بن علي بن الحسن بن البناء، أبو غالب، البغدادي. المعروف
بمسند العراق ومسند بغداد.
سمع منه ابن الجوزي الحديث، وقال عنه: كان ثقة.
توفي في عام 527 هـ-. [3] 6- أحمد بن علي بن محمد بن المجلي البزاز،
أبو السعود، البغدادي.
سمع منه ابن الجوزي الحديث.
وتوفي في سنة 525 هـ-. [4] 7- أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي، أبو
سعد، البغدادي الأصبهاني.
قال ابن الجوزي: سمعت منه الكثير ورأيت أخلاقه اللطيفة ومحاسنه
الجميلة.
توفي في سنة 540 هـ-. [5] 8- أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفتح
الدينَوَريّ، أبو بكر، البغدادي.
كان من أئمة الحنابلة في بغداد، تفقه وسمع الحديث على جماعة من
العلماء، وبرع في الفقه.
توفي في سنة 532 هـ-. [6]
__________
[1] انظر: شذرات الذهب 4/ 292.
[2] انظر: العبر 4/ 68. والمنتظم الجزء الثامن عشر (انظر الفهرست) .
[3] انظر: تذكرة الحفاظ 4/ 1288. ودول الإسلام 2/ 28. والعبر 4/ 27.
وعيون التواريخ 12/ 274.
والمشيخة 2/ أ.
[4] انظر: المشيخة 5/ أ.
[5] انظر: شذرات الذهب 4/ 125. والمشيخة 4/ أ. ومرآة الجنان 3/ 273.
والمنتظم، الجزء الثامن عشر (انظر الفهرست) .
[6] طبقات المفسرين 1/ 271. والمستفاد من ذيل تاريخ بغداد، 418. والذيل
على طبقات الحنابلة 1/ 191.
(1/21)
9- أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي، أبو
نصر.
سمع منه ابن الجوزي، وابن ناصر. قال ابن الجوزي: سمعت منه الحديث وأجاز
لي جميع رواياته وأنشدني أشعارا حسنة.
توفي في سنة 525 هـ-. [1] 10- أحمد بن منصور بن أحمد الصوفي، أبو نصر،
الهمذاني.
قال ابن الجوزي: كان حسن الصورة، مليح الشيبة، لطيف الخلقة مائلا إلى
أهل الحديث والسنة، كثير التهجد.
توفي في سنة 536 هـ-. [2] 11- إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، أبو
القاسم.
سمع من شيوخ بغداد ودمشق وغيرهم. قال ابن الجوزي: كان له يقظة ومعرفة
بالحديث، وأملى بجامع المنصور زيادة على ثلاثمائة مجلس.
توفي في سنة 536 هـ-[3] .
12- إِسْمَاعِيل بن أحمد بن محمود بن دوست، أبو البركات، الصوفي،
المعروف بشيخ الشيوخ.
كان جليل القدر مهيبا وقرا مصونا، سمع الحديث على جماعة من العلماء.
توفي في سنة 541 هـ-[4] .
13- الحسن بن أحمد بن محبوب، أبو علي القزاز.
المتوفى عام 550 هـ[5] .
14- الْحُسَيْن بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَهَّاب الدباس، البغدادي،
أبو عبد الله، المعروف بالبارع.
__________
[1] انظر: العبر 4/ 64. وعيون التواريخ 12/ 223. والمشيخة 5/ ب. وطبقات
الشافعية 6/ 58- 59.
[2] انظر: المشيخة 11/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر (انظر الفهرست) .
[3] انظر: المشيخة 3/ أ. ودول الإسلام 2/ 55. والكامل لابن الأثير 11/
90 والمنتظم، الجزء الثامن عشر (انظر الفهرست) .
[4] انظر: شذرات الذهب 4/ 128. ومرآة الجنان 3/ 274.
[5] انظر: المشيخة 11/ ب.
(1/22)
كان فاضلا عارفا باللغة والأدب، وله شعر
مليح. سمع منه ابن الجوزي الحديث.
توفي عام 543 هـ-[1] .
15- زاهر بن طاهر بن أبي عبد الرحمن الشحامي النيسابورىّ، أبو القاسم.
مسند خراسان ونيسابور، كان إماما في الحديث مكثرا عالي الإسناد، صدوقا
في الرواية لكنه يخل في الصلوات.
توفي سنة 533 هـ-[2] .
16- سعد الله بن محمد بن علي بن أحمدي، البزاز، أبو البركات.
توفي عام 557 هـ-[3] .
17- سعد الله بن نصر بن سعيد الدجاجي البغدادي، أبو الحسن.
من أعيان الفقهاء الفضلاء وشيوخ الوعاظ النبلاء، كان لطيف الكلام حلو
الإيراد، ملازما للمطالعة. كان يخالط الصوفية ويحضر معهم السماعات.
توفي عام 564 هـ-[4] .
18- سعد الخير بن محمد بن سعد المغربي الأندلسي الأنصاري.
كان فقيها عالما متقنا، وكان ثقة صحيح السماع.
توفي سنة 541 هـ-[5] .
19- سعيد بن أحمد بن الحسن بن عبد الله البناء، أبو القاسم.
كان عالما بالحديث، قرأ عليه ابن الجوزي كثيرا من حديثه.
__________
[1] انظر: المنتظم، الجزء الثامن عشر (انظر الفهرست) . والكامل، لابن
الأثير.
[2] انظر: ميزان الاعتدال 2/ 64. ولسان الميزان 2/ 470. والمنتظم،
الجزء الثامن عشر. والمغني للذهبي 1/ 236. والمستفاد للدمياطي ص 345.
[3] انظر: المشيخة 5/ أ. والمنتظم، الجزء الثامن عشر.
[4] انظر: المنتظم، الجزء الثامن عشر. وفوات الوفيات 2/ 46.
[5] المشيخة 9/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر. العبر للذهبي 4/ 112-
113. ومرآة الجنان 3/ 274، 275. والمستفاد ص 348.
(1/23)
توفي سنة 550 هـ-[1] .
20- سلمان بن مسعود بن الحسين، القصّاب، الشحام، أبو محمد.
كان سماعه صحيحا، قرأ عليه ابن الجوزي الحديث.
توفي سنة 551 هـ-. [2] 21- شهدة بنت أحمد- أبو نصر- بن الفرج،
الدينَوَريّ البغدادي، المعروفة بفخر النساء، ومسندة العراق، والكاتبة.
كانت من العلماء، وكتبت الخط الجيد، وسمع عليها خلق كثير، وكان لها
السماع العالي، ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر.
توفيت سنة 574 هـ-. [3] 22- صافي بن عبد الله الجمالي عتيق أبي عبد
الله بن جردة.
قرأ ابن الجوزي عليه الحديث، وكان شيخًا مليح الشيبة، ملازمًا للصلوات
في جماعة.
توفي سنة 545 هـ-. [4] 23- طاهر بن محمد بن طاهر، المقدسي الهمذاني،
أبو زرعة.
كان من المشهورين بعلو الإسناد وكثرة السماع.
توفي سنة 566 هـ-. [5] 24- ظفر بن علي الهمذاني.
__________
[1] المشيخة 6/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر.
[2] انظر: المشيخة 13/ ب.
[3] انظر: الكامل. لابن الأثير 11/ 454. ومرآة الزمان 8/ 1، 352.
والنجوم الزاهرة 6/ 84. ووفيات الأعيان 2/ 477. والمنتظم، الجزء الثامن
عشر. ودول الإسلام 2/ 87.
[4] انظر: المشيخة 18/ أ، ب. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[5] انظر: وفيات الأعيان 4/ 288. والعبر 4/ 193. والمستفاد ص 372،
والبداية والنهاية 12/ 264.
والمشيخة 10/ أ.
(1/24)
لم يعلم سنة وفاته ولا ميلاده، وقد ذكر ابن
الجوزي في المشيخة أنه سمع منه سنة 534 هـ-[1] .
25- عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله، المقرئ البغدادي، أبو محمد.
شيخ المقرءين بالعراق أو مقرئ العراق. كان كثير التلاوة، لطيف الأخلاق،
ظاهر الكياسة والظرافة، حسن المعاشرة للعوام والخواص [2] .
26- عبد الله بن محمد بن أبي بكر الشاشي، أبو محمد.
كان فاضلا ظريف الشمائل مليح المحاورة، حسن العبارة.
توفي سنة 528 هـ-. [3] 27- عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزيّ الهروي،
أبو الوقت.
كان شيخا صالحا وصبورا على القراءة.
توفي سنة 553 هـ-. [4] 28- عبد الحق بن عبد الخالق.
صرّح ابن الجوزي بالسماع منه سنة 559 هـ-[5] .
29- عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر البغدادي، أبو الفرج، محدّث
بغداد.
كان من المكثرين سماعا وكتابة وله فهم وضبط ومعرفة بالنقل.
توفي سنة 548 هـ-. [6]
__________
[1] المشيخة 10/ ب.
[2] انظر: العبر 2/ 58، 4/ 113. والكامل 11/ 118. وشذرات الذهب 4/ 129.
والمنتظم، الجزء الثامن عشر.
[3] انظر: الكامل 11/ 18. والمنتظم، الجزء الثامن عشر.
[4] انظر: المشيخة 2/ أ. والعبر 4/ 152. ودول الإسلام 2/ 70. ومرآة
الجنان 3/ 304. والمستفاد 406، 407.
[5] انظر: المشيخة 14/ أ.
[6] انظر: المشيخة 8/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر. والعبر 4/ 130،
131. وشذرات الذهب 4/ 148.
(1/25)
30- عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد
القزاز، أبو منصور القزاز الشيبانيّ البغدادي، المعروف بابن زريق.
كان صالحا كثير الرواية، ساكتا قليل الكلام، خيرا سليما صبورا على
العزلة، حسن الأخلاق.
توفي سنة 535 هـ-. [1] 31- عبد الملك بن عبد الله بن أبي سهل، أبو
الفتح الكروخي.
كان خيّرا صالحا صدوقا، ورعا ثقة.
توفي سنة 548 هـ-. [2] 32- عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد بن الحسن،
أبو البركات الأنماطي البغدادي. محدّث بغداد.
كان صحيح السماع ثقة ثبتا، جمع الفوائد وخرّج التخاريج.
توفي سنة 538 هـ-. [3] 33- علي بن أحمد بن الحسن بن عبد الباقي الموحد،
أبو الحسن، المعروف بابن البقشلان.
المتوفى سنة 530 هـ-. [4] 34- علي بن الحسن الغزنوي الملقب بالبرهان،
أبو الحسن.
المتوفى سنة 551 هـ-[5] .
35- علي بن عبد الواحد بن أحمد، أبو الحسن، الدينَوَريّ.
المتوفى سنة 521 هـ-[6] .
__________
[1] انظر: المشيخة 6/ ب. والعبر 4/ 96. وعيون التواريخ 12/ 366. ومرآة
الزمان 8/ 178.
[2] انظر: المشيخة 3/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر. والعبر 4/ 131.
وشذرات الذهب 4/ 148.
والكامل 11/ 190.
[3] انظر: المشيخة 3/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر. ودول الإسلام 2/
56. وتذكرة الحفاظ 4/ 1282. وطبقات الحفاظ للسيوطي ص 465. وعيون
التواريخ 12/ 384.
[4] انظر: المشيخة 2/ ب. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[5] انظر: المنتظم، الجزء الثامن عشر. والكامل 11/ 217. والبداية
والنهاية 12/ 235. وعيون التواريخ 12/ 493.
[6] انظر: المشيخة 1/ ب. وعيون التواريخ 12/ 196. والعبر 4/ 50. ومرآة
الجنان 3/ 228. وشذرات الذهب 4/ 64.
(1/26)
36- علي بن عبيد الله بن نصر بن السري، أبو
الحسن الزغواني. أحد أعيان شيوخ الحنابلة. صاحب التاريخ. المتوفى سنة
527 هـ-[1] .
37- علي بن المبارك المقرئ الزاهد، المعروف بابن الفاعوس، أبو الحسن.
المتوفى سنة 521 هـ-[2] .
38- علي بن محمد بن علي الزيتوني، أبو الحسن المعروف بالبراندسي،
الحنبلي، المقرئ الفقيه، الضرير.
كان من أهل القرآن. توفي سنة 586 هـ-[3] .
39- علي بن محمد بن أبي عمر، البزاز الدباس، أبو الحسن.
المتوفى سنة 549 هـ-[4] .
40- علي بن محمد القزاز. ذكره ابن الجوزي في المشيخة [5] .
41- عمر بن أبي الحسن البسطامي، أبو شجاع.
كان حافظا مفسرا واعظا أديبا مفتيا. توفي سنة 542 هـ-[6] .
42- عمر بن ظفر المغازلي، أبو حفص البغدادي. المقرئ المحدث الصالح.
مفيد بغداد ومحدثها. المتوفى سنة 542 هـ-. [7] 43- محمد بن الحسن بن
علي بن الحسن، أبو غالب، الماوردي البصري.
كان شيخا صالحا، سمع الحديث بالبصرة وبغداد وأصبهان.
وتوفي سنة 525 هـ-. [8] 44- محمد بن الحسين بن علي، أبو بكر المزوني
الشيبانيّ.
__________
[1] انظر: المشيخة 3/ أ. والمنتظم الجزء الثامن عشر. والعبر 4/ 72.
ومرآة الجنان 3/ 252. وشذرات الذهب 4/ 81.
[2] انظر: المشيخة 7/ أ. والمنتظم، الجزء الثامن عشر.
[3] انظر: شذرات الذهب 4/ 286. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[4] انظر: المشيخة 8/ ب. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[5] انظر: المشيخة 9/ ب.
[6] انظر: المشيخة 8/ ب. والمنتظم، الجزء الثامن عشر. وشذرات الذهب 4/
206.
[7] انظر: المشيخة 8/ أ. والعبر 4/ 115. وطبقات الحفاظ 4/ 1294.
[8] انظر: المشيخة 2/ ب. وشذرات الذهب 4/ 75. والعبر 4/ 66.
(1/27)
كان إماما في القرآن والفرائض، وسمع الحديث
من مشايخ عدة [1] .
45- محمد بن أبي طاهر عبد الباقي الأنصاري، البصري البغدادي، أبو بكر.
كان ثبتا حجة متقنا في علوم كثيرة، وله الإسناد العالي. توفي سنة 535
هـ-. [2] 46- محمد بن عبد الله بن أحمد بن حبيب العامري، المعروف بابن
الخبازة، أبو بكر.
كان متكلما على طريقة المتصوفة، وله معرفة بالحديث والفقه.
توفي سنة 530 هـ-. [3] 47- محمد بْن عبد الباقي بْن أحمد بْن سلمان،
أبو الفتح، المعروف بابن البطي، مسند العراق، المتوفى سنة 561 هـ-. [4]
48- محمد بن عبد الملك بن الحسن بن إبراهيم بن حيرون، أبو منصور، مقرئ
العراق.
كان ثقة وسماعه صحيح. وتوفي سنة 539 هـ-[5] .
49- محمد بن عمر بن يوسف الارموي، أبو الفضل، المتوفى سنة 547 هـ-[6] .
50- محمد بن ناصر بن محمد بن علي السلامي، البغدادي، أبو الفضل.
محدث العراق، وحافظ بغداد، ومسندها. كان حافظا ضابطا متقنا ثقة لا مغمز
فيه.
توفي سنة 550 هـ-[7] .
__________
[1] انظر: المشيخة 1/ ب. وذيل طبقات الحنابلة 1/ 179. وشذرات الذهب 4/
82. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[2] انظر: المشيخة 11/ أ. والكامل 11/ 80. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
ومرآة الزمان 8/ 178. والعبر 4/ 97.
[3] انظر: المشيخة 9/ أ. والكامل 11/ 46. والوافي 3/ 349.
[4] انظر: المشيخة 11/ أ. والعبر 4/ 188. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[5] انظر: المشيخة 3/ أ. والعبر 4/ 109. ومرآة الجنان 3/ 271.
[6] انظر: المشيخة 5/ ب. والعبر 4/ 127. ومرآة الجنان 3/ 285. والشذرات
4/ 145. والمستفاد ص 172.
[7] انظر: المشيخة 7/ ب. والذيل على طبقات الحنابلة 1/ 228. وتذكرة
الحفاظ 4/ 1292. والوافي 5/ 105. ومرآة الجنان 3/ 296.
(1/28)
51- هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنُ
عَبْدِ الْوَاحِدِ بن الحصين الشيبانيّ، أبو القاسم، الكاتب.
كان ثقة صحيح السماع، مسند العراقيين ومسند العراق.
توفي سنة 525 هـ-[1] .
52- يحيى بن ثابت بن بندار البغدادي البقال، أبو القاسم.
المتوفى سنة 566 هـ-[2] .
إلى غير هؤلاء من الشيوخ الذين ذكرهم ابن الجوزي في مشيخته.
مؤلفات ابن الجوزي:
بدأ ابن الجوزي في التصنيف في وقت مبكر من عمره، إذ أنه بدأ التصنيف
وعمره ثلاثة عشر عاما في الوعظ.
وقد اختلف المؤرخون في عدد تصانيف ابن الجوزي، فقد قام الأستاذ عبد
الحميد العلوجي ببليوغرافيا عن مؤلفات ابن الجوزي [3] . أحصى فيها
بدليل نقدي مقارن مرتب على حروف الهجاء حوالي 519 كتابا مما أوردته
المصادر منسوبا لابن الجوزي ذاكرا مظان ذكرها أو وجودها وأرقام
المخطوطات الباقي منها في مكتبات العالم المختلفة. واستدرك عليه زملاؤه
الأساتذة: محمد الباقر، وهلال ناجي، وناجية عبد الله بعض المؤلفات التي
لم يذكرها.
وقد يرجع سبب الاختلاف في عدد مؤلفات ابن الجوزي إلى أن كثيرا من
مؤلفاته تتضمن مختصرات لمؤلفات سابقة عليه أو تكميلها أو مختصرات
لمؤلفات له. يتضح لنا ذلك من اختلاف أقوال ابن الجوزي نفسه في عدد
مؤلفاته.
فنجده يذكر في كتاب «دفع شبهة التشبيه» أن مؤلفاته قد بلغت وقت تأليفه
هذا الكتاب: مائتين وخمسين مصنفا.
وذكر في شعره أثناء سجنه في محنته أن مصنفاته قد بلغت ثلاثمائة مصنف
[4] .
__________
[1] انظر: المشيخة 1/ أ. والبداية والنهاية 12/ 202. ومرآة الجنان 3/
245. والمستفاد ص 612. ودول الإسلام 2/ 47. والمنتظم الجزء الثامن عشر.
[2] انظر: المشيخة 2/ أ. وشذرات الذهب 4/ 218. والعبر 4/ 194.
[3] مؤلفات ابن الجوزي، عبد الحميد العلوجي. ط بغداد 1965.
[4] مرآة الزمان، سبط ابن الجوزي 8/ 282.
(1/29)
وقد سئل مرة عن عدد مؤلفاته فقال: زيادة
على ثلاثمائة وأربعين مصنفا منها ما هو عشرون مجلدا ومنها ما هو كرأس
واحد [1] .
وقد سئل الإمام ابن تيمية في الأجوبة المصرية عن الإمام ابن الجوزي
فقال: كان الشيخ أبو الفرج مفتيا كثير التصنيف والتأليف، وله مصنّفات
في أمور كثيرة حتى عددتها فرأيتها أكثر من ألف مصنّف، ورأيت بعد ذلك ما
لم أره [2] .
وقد كانت كثرة تصانيفه سببا في نقد العلماء له وتصيّد أخطائه ووصفه
بأنه كثير الغلط. ولكن نقل ابن رجب عنه قوله: «أنا مرتب ولست بمصنف»
[3] في معرض الدفاع عنه.
وعلى أي حال فإنه لا ينتقص ذلك من حق ابن الجوزي ومن علمه، فلا يوجد
مصنف بدون أخطاء.
أما عن مؤلفاته فنذكر منها أهمها على سبيل المثال، وعلى من رغب في
معرفتها على وجه التحديد الرجوع إلى كتاب العلوجي.
1- المغني في التفسير.
2- تذكرة الأريب في تفسير الغريب.
3- نزهة العيون النواظر في الوجوه والنظائر.
4- فنون الأفنان في علوم عيون القرآن.
5- ورد الأغصان في فنون الأفنان.
6- عمدة الراسخ في معرفة المنسوخ والناسخ.
7- غريب الغريب.
8- زاد المسير في علم التفسير.
9- منتقد المعتقد.
10- منهاج الوصول إلى علم الأصول.
__________
[1] الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب 3/ 413.
[2] الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب 3/ 415.
[3] الذيل على طبقات الحنابلة، ابن رجب 3/ 414.
(1/30)
11- غوامض الإلهيات.
12- مسلك العقل.
13- منهاج أهل الإصابة.
14- الرد على المتعصب العنيد.
15- السر المصون.
16- دفع شبهة التشبيه.
17- جامع المسانيد بألخص الأسانيد.
18- الحدائق.
19- نفي النقل.
20- المجتبى.
21- عيون الحكايات.
22- إرشاد المريدين في حكايات السلف الصالحين.
23- ملتقط الحكايات.
24- التحقيق في أحاديث التعليق.
25- مناقب بغداد.
26- تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التواريخ والسير.
27- طرائف الظرائف في تاريخ السوالف.
28- شذور العقود في تاريخ العهود.
29- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (وهو كتابنا هذا) .
30- الإنصاف في مسائل الخلاف.
31- جنة النظر وجنة الفطر.
32- معتصر المختصر في مسائل النظر.
33- عمدة الدلائل في مشهور المسائل.
34- رد اللوم والضيم في صوم يوم الغيم.
35- المذهب في المذهب.
36- مسبوك الذهب.
37- العبادات الخمس.
(1/31)
38- تبصرة المبتدئ.
39- اللطائف.
40- المنتخب في النوب.
41- واسطات العقود من شاهد ومشهود.
42- كنز المذكر.
43- كنوز الرموز.
44- لقط الجمان.
45- الياقوتة.
46- المدهش.
47- اليواقيت في الخطب.
48- القصاص والمذكرين.
49- احكام الأشعار بأحكام الأشعار.
50- الثبات عند الممات.
51- الطب الروحانيّ.
52- مناقب عمر بن الخطاب.
53- الشيب والخضاب.
54- المصباح المضيء في دولة المستضيء.
55- ذم الهوى.
56- بحر الدموع.
57- الحمقى والمغفلون.
58- الأذكياء.
59- تلبيس إبليس.
60- الشفا في مواعظ الملوك والخلفاء.
61- تقويم اللسان.
62- صيد الخاصر.
63- مناقب أحمد بن حنبل.
64- مناقب الحسن البصري.
(1/32)
65- مناقب سفيان الثوري.
66- مناقب عمر بن عبد العزيز.
67- البازي الأشهب المنقض على مخالفي المذهب.
68- سلوة الأحزان بما روي عن ذوي العرفان.
69- نواسخ القرآن.
ثناء الأئمة على ابن الجوزي:
قال مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي: الواعظ المتفنن، صاحب التصانيف
الكثيرة الشهيرة في أنواع العلم من التفسير والحديث والفقه والوعظ
والأخبار والتاريخ وغير ذلك. وعظ من صغره، وفاق فيه الأقران، ونظم
الشعر المليح، وكتب بخطه ما لا يوصف، ورأى من القبول والاحترام ما لا
مزيد عليه [1] .
وقال ابن خلكان: علّامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ. صنف
في فنون عديدة، وكتبه أكثر من أن تعدّ [2] .
وقال عماد الدين الأصبهاني: واعظ، صنيع العبارة، بديع الإشارة، مولع
بالتجنيس في لفظه، والتأنيس في وعظه، وله من القلوب قبولها، حسن
الشمائل، قد مزجت من اللطافة والكياسة شمولها [3] .
وقال أبو محمد الدبيثي: إليه انتهت معرفة الحديث وعلومه، والوقوف على
صحيحه وسقيمه، وله فيه المصنفات من المسانيد والأبواب، والرجال ومعرفة
ما يحتج به في أبواب الأحكام والفقه وما لا يحتج به من الأحاديث
الواهية والموضوعة، والانقطاع والاتصال، وله في الوعظ العبارة الرائقة
والإشارات الفائقة والمعاني الدقيقة والاستعارة الرشيقة [4] .
وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: كان زاهدا في الدنيا، متقللا منها،
وكان
__________
[1] العبر في خبر من غبر 4/ 297، 298.
[2] وفيات الأعيان 2/ 321.
[3] خريدة القصر وجريدة العصر 2/ 261.
[4] مرآة الزمان 8/ 311. وذيل طبقات الحنابلة 3/ 418.
(1/33)
يختم القرآن في كل سبعة أيام، ولا يخرج من
بيته إلا إلى الجامع للجمعة وللمجلس، وما مازح أحدا قط، ولا لعب مع
صبي، ولا أكل من جهة لا يتيقن حلها، وما زال على ذلك الأسلوب حتى توفاه
الله [1] .
محنة ابن الجوزي ووفاته:
كعادة العلماء عند ما يصل الواحد منهم إلى درجة عالية من العلم تكثر
حوله الوشايات والأحقاد، فقد تعرض ابن الجوزي إلى محنة كان لها الأثر
في القضاء عليه.
فكانت محنته أن ابن يونس الحنبلي لما ولي الوزارة عقد مجلسا للركن عبد
السلام بن عبد الوهاب، وأحرق كتبه لما فيها من الزندقة وعبادة النجوم
ورأي الأوائل، وذلك بمشورة من ابن الجوزي وغيره من العلماء، كما انتزع
الوزير مدرسة الركن عبد السلام وسلّمها إلى ابن الجوزي، فلما ولي
الوزارة ابن القصاب- وكان رافضيا خبيثا- سعى في القبض على ابن يونس،
وتتبع أصحابه، وأجج الركن عبد السلام نار الحقد في قلبه على ابن الجوزي
مشيرا إلى انه ناصبي وانه من أولاد سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله
تعالى عنه، وأنه من أكبر أصحاب ابن يونس، ثم وشى به إلى الخليفة
الناصر، وكان له ميل إلى الشيعة.
واستطاع الركن عبد السلام أن يأخذ تفويضا بالتصرف بالشيخ فجاء إلى داره
وقذفه وأهانه، وأخذه قبضا باليد، وختم على داره، وشتت أولاده، ثم أخذه
وعليه غلالة بلا سراويل وعلى رأسه تخفيفة وأركبه سفينة بقي فيها خمسة
أيام لم يتناول طعاما إلى أن أوصله إلى سجن في واسط، حيث دخله في سنة
590 هـ-، وبقي فيه إلى سنة 595 هـ-.
أي أن عمره خلال سجنه قد قارب الثمانين عاما، وظل في سجنه يغسل ثوبه،
ويطبخ الشيء بنفسه دون أن تتاح له الفرصة لدخول الحمام خلال هذه
السنوات الخمس، وبقي الشيخ على حاله تلك صابرا على ما أنزله الله عزّ
وجلّ فيه من بلواه محتسبا عنده ثواب عمله، راضيا بقضاء الله وقدره،
يسليه ربه عز وجل، فيدخل عليه بعض الناس ممن يستمعون منه العلم أو يملي
عليهم مسائله، فيجد بذلك أنس قلبه، وسلوى نفسه، وفي تلك الأثناء برع
ولده يوسف في الوعظ حتى وصل إلى مقامات عالية ساعدته معها
__________
[1] مرآة الزمان 8/ 311.
(1/34)
أم الخليفة التي كانت تتعضب للشيخ ابن
الجوزي فشفعت فيه عند ابنها الناصر، الّذي أمر بإعادة الشيخ، وأتى إليه
ولده يوسف، فخرج فنودي له بالجلوس للوعظ، ولم يعش ابن الجوزي بعدها
أكثر من عامين حيث لقي ربه راضيا مطمئنا في يوم الجمعة 12 رمضان عام
597 هـ-، وكانت جنازته مهيبة، وأنزل الدفن والمؤذن يقول الله أكبر،
وحزن الناس لفراقه، وباتوا عند قبره الباقي من شهر رمضان، يختمون
الختمات القرآنية بالشموع والجماعات [1] .
رحم الله الإمام ابن الجوزي، وأسكنه فسيح جناته، ونفعنا بعلمه إلى يوم
الدين، وجزاه عنا خير الجزاء.
__________
[1] مرآة الزمان 8/ 281، 285، 328. والذيل على طبقات الحنابلة 3/ 426-
429. ومقدمة كتاب الشفا للدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد، ص 19، 20. ط 3.
(1/35)
|