المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

بَاب ذكر آدَم عَلَيْهِ السَّلام [1]
رَوَى السدي عَنْ أشياخه، قَالَ: بعث اللَّه عَزَّ وَجَلَّ جبرئيل إِلَى الأَرْض ليأتيه بطين منها، قَالَتْ الأرض: إني أعوذ باللَّه منك أَن تنقص مني أَوْ تشينني، فرجع وَلَمْ يأخذ، وَقَالَ: رب إنها عاذت بك فأعذتها. فبعث ميكائيل فعاذت منه فأعاذها، فبعث ملك الْمَوْت فعاذت منه، فقال: وأنا أعوذ باللَّه أَن أرجع، وَلَمْ أنفذ أمره، فأخذ من وجه الأَرْض وخلط، فلم يأخذ من مكان واحد، وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء، فلذلك خرج بنو آدَم مختلفين. فصعد بِهِ، فبل التراب حتى عاد طينا، ثُمَّ ترك حَتَّى تغير وأنتن، وهو قوله: من حَمَإٍ مَسْنُونٍ 15: 26 [2] ، قَالَ: منتن [3] .
وَقَدْ رَوَى سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بعث رب العزة إِبْلِيس فأخذ من أديم الأَرْض، ومن عذبها ومن ملحها، فخلق آدَم، فمن ثُمَّ سمي آدَم، لأنه خلق من أديم الأَرْض، ومن ثم قال إبليس: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً 17: 61 [4] ، أي هذه الطينة أنا جئت بها [5] .
وَقَدْ رواه ابْن جُبَيْر عَنْ ابْن مَسْعُود.
فَأَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو محمد الجوهري، أخبرنا أبو عمر بْن حيوية، أخبرنا أحمد بن معروف، أخبرنا الحارث بن أبي أسامة، أخبرنا
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 89 وما بعدها، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 2/ 241، والكسائي 23، وعرائس المجالس 24، والبداية والنهاية 1/ 68، ومروج الذهب للمسعوديّ، والكامل في التاريخ لابن الأثير 1/ 26 وما بعدها.
[2] سورة: الحجر، الآية: 26.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 90، وقارن بالثعلبي في عرائس المجالس 26، ومرآة الزمان 1/ 188.
[4] سورة: الإسراء، الآية: 61.
[5] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 90، 91، وفي تفسير الطبري 15/ 80.

(1/198)


مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الأَشْقَرُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقميُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِبْلِيسَ فَأَخَذَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ مَنْ عَذْبِهَا وَمَالِحِهَا، فَخَلَقَ مِنْهُ آَدَمَ، فَكُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ عَذْبِهَا فَهُوَ صَائِرٌ إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ كَافِرٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ مِنْ مَالِحِهَا فَهُوَ صَائِرٌ إِلَى النَّارِ وَإِنْ كَانَ ابْنَ نَبِيٍّ. قَالَ: فَمِنْ ثُمَّ قَالَ إِبْلِيسُ: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً 17: 61 [1] ، لأَنَّهُ جَاءِ بِالطِّينَةِ، وَسُمِّيَ آَدَمُ لأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ أَدِيمِ الأَرْضِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الأَوَّلِّ، أَخْبَرَنَا الدَّاوُدِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَعْيُنَ السَّرَخْسِيُّ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُرَيْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ قَسَّامِ بْنِ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آدَم مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آَدَمَ عَلَى قدر الأرض، جاء مِنْهُمْ الأَبْيَضُ، وَالأَحْمَرُ، وَالأَسْوَدُ، وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْخَبِيثُ، وَالطَّيِّبُ، وَالسَّهْلُ، وَالْحَزَنُ وَبَيْنَ ذَلِكَ» [2] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حدثني أَبِي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي لُبَابَةَ الْبَدْرِيِّ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
«سَيِّدُ الأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَأَعْظَمُهَا عِنْدَهُ، وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الأَضْحَى [3] ، وَفِيهِ خَمْسُ خِلالٍ: خَلَقَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهِ آَدَمَ، وَأَهْبَطَ اللَّهُ فِيهِ آَدَمَ إِلَى الأَرْضِ، وَفِيهِ تُوفِّيَ آَدَمُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ الْعَبْدُ فِيهَا شَيْئًا إِلا أَتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ما لم
__________
[1] سورة: الإسراء، الآية: 61.
[2] الحديث: أخرجه الطبري في تاريخه 1/ 91، 92، والترمذي في سننه وقال: هذا حديث حسن صحيح 2955، وابن سعد في الطبقات 1/ 26، والطبري في التفسير 1/ 481، أحمد بن حنبل في المسند 4/ 400، 406، وأورده الثعلبي في العرائس 27، وسبط ابن الجوزي في المرآة 1/ 188، وأخرجه أبو داود 4693، والحاكم في المستدرك 2/ 61، وابن الجوزي في زاد المسير 1/ 62، وابن عساكر 2/ 341.
[3] في الطبري: «ويوم النحر» .

(1/199)


يَسْأَلْ حَرَامًا [1] ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلا رِيَاحٍ وَلا جِبَالٍ وَلا بَحْرٍ إِلا وَهُنَّ يَسْتَغْفِرُونَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ» [2] .
قَالَ أَحْمَد: وَحَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد، عَنْ عَمْرو بْن شُرَحْبِيل بْن سَعْد بْن عُبَادَة، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَن رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا عَنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، مَاذَا فِيهِ مِنَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: «فِيهِ خَمْسُ خِلالٍ:
فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ آَدَمُ، وَفِيهِ تُوُفِّيَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لا يَسْأَلُ عَبْدٌ فِيهَا شَيْئًا إِلا أَتَاهُ اللَّهُ مَا لَمْ يَسْأَلْ مَأْثَمًا أَوْ قَطِيعَةَ رَحِمٍ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَلا سَمَاءٍ وَلا أَرْضٍ وَلا جِبَالٍ وَلا حَجَرٍ إِلا وَهُوَ يُشْفِقُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ» [3] .
فصل
فلما صور اللَّه تَعَالَى آدَم تركه أربعين ليلة جسدا ملقى لا روح فِيهِ، هكذا رواه الضَّحَّاك عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [4] .
وقال السدي عن أشياخه: بقي جسدا بَيْنَ طين وماء أربعين سَنَة. والمراد بِذَلِكَ من أعوامنا [5] .
وَقَدْ رَوَى أَبُو عُثْمَان النهدي، عَنْ سلمان الفارسي، قَالَ: خمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ طينة آدَم أربعين يوما. فعلى هَذَا يَكُون التخمير قبل التصوير [6] .
وَقَدْ روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «في يوم الجمعة خلق آدم» [7] .
__________
[1] في الطبري: «ما لم يكن حراما» .
[2] في الطبري: «ولا بحر إلا وهو مشفق من يوم الجمعة، أن تقوم فيه الساعة» .
والحديث في تاريخ الطبري 1/ 113، ومرآة الزمان 1/ 188، وأحمد بن حنبل في المسند 3/ 430، والحاكم في المستدرك 1/ 277، وابن أبي شيبة 2/ 149، وابن خزيمة 1/ 172، والدر المنثور 6/ 216، 218، ومجمع الزوائد 2/ 163، 164.
[3] الحديث في تاريخ الطبري 1/ 114.
[4] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 92، وفي تفسيره 27/ 73.
[5] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 93.
[6] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 93.
[7] سبق تخريج الخبر في الفصل السابق.

(1/200)


وَقَالَ مجاهد: خلق بَعْد كُل شَيْء آخر النهار من يَوْم الجمعة.
فصل
رَوَى السدي عَنْ أشياخه، قَالَ: لما أراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَن ينفخ فِيهِ الروح، قَالَ للملائكة: فَإِذَا نفخت فِيهِ من روحي فقعوا لَهُ ساجدين. فنفخ فِيهِ الروح فدخل فِيهِ الروح من رأسه فعطس، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلائِكَة: قل الحمد للَّه، فَقَالَ: الحمد للَّه، فَقَالَ اللَّه: رحمك ربك، فلما دخل الروح فِي عينيه نظر إِلَى ثمار الْجَنَّة، فلما دَخَلَ فِي جوفه اشتهى الطعام، فوثب قبل أَن تبلغ الروح رجليه عجلان، فذلك قَوْله: خُلِقَ الْإِنْسانُ من عَجَلٍ 21: 37 [1] . فسجد الْمَلائِكَة كلهم أجمعون إلا إِبْلِيس [2] .
وَرَوَى الضَّحَّاك، فَقَالَ: أتته النفخة من قبل رأسه، فجعل لا يجري فِي شَيْء من جسده إلا صار لحما ودما، فلما انتهت النفخة إِلَى سرته فنظر إِلَى جسده فأعجبه، فَذَهَبَ لينهض فلم يقدر، فَلَمَّا تمت النفخة عطس، فَقَالَ: الحمد للَّه، فَقَالَ لَهُ ربه:
يرحمك ربك [3] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ/ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بن حنبل، قال: حدثني أبي، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، وَعَفَّانُ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سلمة، أخبرنا ثابت البناني، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا صَوَّرَ آَدَمَ تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهُ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ يَطِيفُ بِهِ فَلَمَّا رَآَهُ أَجْوَفَ عَرَفَ أَنَّهُ خلقٌ لا يَتَمَالَكُ» [4] .
قَالَ أَحْمَد: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، حدثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آَدَمَ عَلَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، فَلَمَّا خلقه قال له: اذهب فسلم عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ- وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام
__________
[1] سورة: الأنبياء، الآية: 37.
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 94.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 95.
[4] الحديث أخرجه أحمد بن حنبل 3/ 240، وابن سعد في الطبقات 1/ 1/ 60.

(1/201)


عليك وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آَدَمَ وَطُولِهِ فَلَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ» [1] . هَذَا حَدِيث مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ.
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرِ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَبُو سَعْدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أخبرنا مكي بن عبدان، حدثنا أحمد ابن الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا روحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ طُولُ آَدَمَ سِتِّينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ عَرْضًا» [2] .
وَقَدْ روي عَنْ مجاهد: أَن نفس آدَم كَانَ يؤذي أَهْل السماء فحط إِلَى ستين ذراعا.
وليس هَذَا بشيء.
قَالَ أَبُو الْحَسَن: هَذَا من كتب السريانيين لَيْسَ للإسلاميين فِيهِ أَكْثَر من الرواية عَنْهُم.
ذكر الحوادث الَّتِي فِي زمان آدَم عَلَيْهِ السَّلام
هذه الحوادث تنقسم ثلاثة أقسام: فالقسم الأَوَّل مَا حدث وآدم فِي السماء، وَالثَّانِي مَا حدث وَهُوَ فِي الْجَنَّة، والثالث مَا حدث وآدم فِي الأَرْض.
ذكر القسم الأَوَّل [مَا حدث وآدم فِي السماء]
من ذَلِكَ أَن اللَّه تَعَالَى لما أكمل خلق آدَم ونفخ فِيهِ الروح علمه الأسماء كلها.
قَالَ ابْن عَبَّاس: علمه أسماء كل شيء [3] .
__________
[1] الحديث أخرجه البخاري 4/ 160، 8/ 62، ومسلم، الجنة الباب 11، رقم 28، وأحمد بن حنبل 2/ 315، والسيوطي في الدر المنثور 1/ 48، والقرطبي في التفسير 1/ 319، 5/ 300، وابن كثير في البداية 1/ 88.
[2] الحديث أخرجه أحمد بن حنبل 2/ 535، وابن كثير في البداية 1/ 88.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 97.

(1/202)


قَالَ الْحَسَن: علمه اسم كُل شَيْء: هذه الْخَيْل، وَهَذِهِ [البغال] والإبل، والجن، والوحوش [1] .
وَقَالَ الرَّبِيع بْن أَنَس: علمه أسماء الْمَلائِكَة [2] .
والصحيح العموم، وَقَدْ شرحنا هَذَا فِي التفسير، وهناك أليق بسط هَذَا [3] .
ثُمَّ أمر الْمَلائِكَة بالسجود لَهُ فسجدوا إلا إِبْلِيس.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عُمَر الأوحدي، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن مُحَمَّد بْن علي بن المهتدي، أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن سُلَيْمَان، حَدَّثَنَا هَارُون بْن زَيْد بْن أَبِي الزرقاء، حَدَّثَنَا عُثْمَان بْن ربيعة، عَنْ قادم بْن المسور، قَالَ: قَالَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز: لما أمر اللَّه عز وجل الْمَلائِكَة بالسجود لآدم عَلَيْهِ السَّلام أول من سجد لَهُ إسرافيل، فأثابه اللَّه بأن كتب الْقُرْآن فِي جبهته [4] .
ومن أَعْظَم ذكر الحوادث السماوية فِي زمان آدَم امتناع إِبْلِيس من السجود لَهُ تكبرا، وَقَدْ سبق بيانه فِي ذكر أخبار إِبْلِيس.
ذكر القسم الثَّانِي [مَا حدث وآدم فِي الْجَنَّة]
وَهُوَ مَا حدث وآدم فِي الْجَنَّة لما سجدت الْمَلائِكَة لآدم وأبعد اللَّه إِبْلِيس أسكن آدَم الْجَنَّة، فَمَا حدث أباح آدَم جميع أشجار الْجَنَّة سِوَى شجرة واحدة، اختلفوا فِيهَا، فقيل: هِيَ الحنطة، وقيل: الكرمة إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِمَّا قَدْ شرحناه فِي التفسير [5] .
ومما حدث: مَا رَوَى السدي عَنْ أشياخه: لما أسكن آدَم الْجَنَّة كَانَ يمشي فِيهَا وحشا لَيْسَ لَهُ زوج، فنام نومة فاستيقظ فَإِذَا عِنْدَ رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه،
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 98، وما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل وأوردناها من الطبري.
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 99.
[3] راجع زاد المسير 1/ 62، وتفسير الطبري 1/ 482، والكسائي 28، ومرآة الزمان 1/ 192، 193.
[4] نقل سبط ابن الجوزي هذا الخبر في المرآة 1/ 194.
[5] انظر: زاد المسير 1/ 66، وتفسير الطبري 1/ 516، وعرائس المجالس 30.

(1/203)


فسألها: مَا أَنْتَ؟ قَالَتْ امرأة، قَالَ: وَلَمْ خلقت؟ قَالَتْ: تسكن إلي، قَالَتْ لَهُ الْمَلائِكَة ينظرون مَا بلغ علمه: مَا اسمها يا آدَم؟ قَالَ: حواء، قَالُوا: وَلَمْ سمت حواء؟ قَالَ: لأنها خلقت من شَيْء حي، فَقَالَ اللَّه: يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ. 2: 35 قَالَ قَتَادَة: خلق حواء من ضلع من أضلاعه.
قَالَ مجاهد: خلقت من قصيرى آدَم [1] .
ومما حدث: احتيال إِبْلِيس فِي الدخول إِلَى الْجَنَّة لاستذلال آدَم.
رَوَى السدي عَنْ أشياخه، قَالَ: لما أراد إِبْلِيس أَن يدخل الْجَنَّة إِلَى آدَم فمنعه الخزنة، فأتى الحية، وَهِيَ دابة لَهَا أربع قوائم، كأنها البعير، وَهِيَ كأحسن الدواب فكلمها أَن تدخله فِي فمها فأدخلته فِي فمها فَقَالَ: يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ 20: 120 [2] ، فأبى أَن يأكل، فقدمت حواء فأكلت، ثُمّ قَالَتْ: يا آدَم قَدْ أكلت وَلَمْ يضرني، فلما أكل بدت لهما سوءاتهما [3] .
وروى طاووس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ إِبْلِيسَ عَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى الدَّوَابِّ لِتَحْمِلَهُ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ حَتَّى يُكَلِّمَ آَدَمَ، وَكُلُّ الدَّوَابَّ أَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، حَتَّى كَلَّمَ الْحَيَّةَ، فَجَعَلَتْهُ بَيْنَ نَابَيْنِ من أنيابها ثم دَخَلَتْ بِهِ، وَكَانَتْ كَاسِيَةً [عَلَى أَرْبَعِ قَوَائِمٍ، فَأَعْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهَا تَمْشِي عَلَى] [4] بَطْنِهَا [5] .
وَقَالَ وهب بْن منبه: لما دخلت الحية [الْجَنَّة] خرج من جوفها، فأخذ من الشجرة، وجاء بها إِلَى حواء، فَقَالَ: انظري إِلَى هذه الشجرة، مَا أطيب ريحها وطعمها وأحسن لونها، فأكلت منها وذهبت بها إِلَى آدَم، فقالت: انظر إلى هذه ما
__________
[1] راجع: تاريخ الطبري 1/ 104، 105، وابن عساكر 2/ 349، وابن سعد 1/ 39، والكسائي 31، وعرائس المجالس 29، ومرآة الزمان 1/ 195.
والقصيرى: الضلع التي تلي الشاكلة، وتسمى الواهنة في أسفل الأضلاع (الصحاح 2/ 793) .
[2] سورة: طه، الآية: 120
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 107، وتفسير الطبري 1/ 527.
[4] ما بين المعقوفتين: من هامش المخطوطة.
[5] والخبر في تاريخ الطبري 1/ 107، وتفسير الطبري 1/ 530.

(1/204)


أطيب ريحها وطعمها، فأكل فبدت لهما سوءاتهما، فدخل آدَم فِي جوف الشجرة، فناداه ربه: يا آدَم أين أَنْتَ؟ قَالَ: أنا هَذَا يا رب، قَالَ: يا حواء، أَنْتَ غررت عبدي، فلا تحملين حملا إلا حملته كرها، فَإِذَا أردت أَن تضعي مَا فِي بطنك أشرفت عَلَى الْمَوْت مرارا. وَقَالَ للحية: أَنْتَ الَّذِي دَخَلَ الملعون فِي جوفك حَتَّى غر عبدي، ملعونة أَنْتَ لعنة تتحول قوائمك فِي بطنك، ولا يكن لَكَ رزق إلا التراب، أَنْتَ عدوة بَنِي آدَم وَهُمْ أعداؤك، حيث لقيت مِنْهُم أحدا أخذت تسميه [1] ، وحيث لقيك شدخ رأسك [2] .
وَرَوَى مُحَمَّد بْن إِسْحَاق، عَنْ بَعْض أَهْل العلم: أَن آدَم لما رأى نعم الْجَنَّة قَالَ:
لو أَن خالدا، فاغتنمها إِبْلِيس فأتاه من قبل الخلد [3] .
قَالَ ابْن إِسْحَاق: وحَدِيث أَن أول مَا ابتدأهما بِهِ من كيده أَنَّهُ ناح عليهما نياحة أحزنتهما حِينَ سمعاها، فقالا لَهُ: مَا يبكيك؟ قَالَ: أبكي عليكما، إنكما تموتان فتفارقان مَا أنتما فِيهِ من النعمة والغبط [4] ، فوقع ذَلِكَ فِي أنفسهما، ثُمَّ أتاهما فوسوس إليهما، وَقَالَ: يا آدَم هل أدلك عَلَى شجرة الخلد [5] .
وَقَالَ ابْن زَيْد [6] : وسوس الشَّيْطَان إِلَى حواء فِي الشجرة حَتَّى أتى بها إِلَيْهَا، ثُمَّ حسنها فِي نَفْسه [7] ، قَالَ: فدعاها آدَم لحاجته، فَقَالَتْ: لا، إلا أَن تأتي هَذَا، قَالَ: مَا آتي؟ قَالَتْ: تأكل من هذه الشجرة، فأكلا منها، فبدت سوءاتهما، وذهب آدَم هاربا إِلَى الْجَنَّة، فناداه ربه يا آدَم أمني تفر؟ قَالَ: لا يا رب، ولكن حياء منك، وَقَالَ: يا آدَم أني أتيت؟ قَالَ: من قبل هَذَا أي رب، قَالَ: فَقَالَ اللَّه: إِن لَهَا عَلِي أَن أدميها فِي كل شهر
__________
[1] في الطبري: «أخذت بعقبه» .
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 108، وتفسيره 1/ 525.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 110، وفي تفسيره 1/ 528، وقد ورد في المخطوطة كما أوردناه مضطربا، وفي الطبري: «أن آدم عليه السلام حين دخل الجنة ورأى ما فيها من الكرامة، وما أعطاه الله منها، قال:
لو أنّا خلدنا! فاغتمز فيها منه الشيطان لما سمعها منه، فأتاه من قبل الخلد» .
[4] في الطبري: «النعمة والكرامة» .
[5] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 110، 111، وتفسيره 1/ 529.
[6] هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
[7] في الطبري: ثم حسنها في عين آدم» .

(1/205)


مرة، كَمَا أدمت هذه الشجرة، وأن أجعلها سفيهة فَقَدْ كنت خلقتها حليمة، وأن أجعلها تحمل كرها وتضع كرها [1] .
وَكَانَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب يحلف باللَّه مَا يستثني: مَا أكل آدَم من الشجرة وهو يعقل، ولكن حواء سقته الخمر حَتَّى إِذَا سكر قادته إِلَيْهَا فأكل [2] .
قَالَ المؤلف [3] : وَفِي هَذَا بَعْد من جهتين، أحدهما: أَن خمر الْجَنَّة لا يسكر، لقوله تعالى: لا فِيها غَوْلٌ 37: 47 [4] .
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لا يخلو أَن يَكُون شربه مباحا لَهُ أَوْ محظورا وَقَدْ حظره لأن الظاهر إباحته جميع مَا فِي الْجَنَّة لَهُ سِوَى تلك الشجرة ومن فعل المباح لَمْ يؤاخذ بِمَا يؤثره، عَلَى أَن راوي هَذَا الْحَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وفيه مقال [5] .
ومما حدث إخراج آدَم من الْجَنَّة:
قَالَ الْعُلَمَاء: لما واقع آدَم وحواء الخطيئة أخرجهما اللَّه تَعَالَى من الْجَنَّة وسلبهما مَا كانا فِيهِ من النعمة، وأهبطهما وعدويهما إِبْلِيس والحية إِلَى الأَرْض.
قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ 2: 36 [6] قال: آدم وحواء وإبليس والحية [7] .
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 111، وفي تفسيره 1/ 529.
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 111، 112، وفي تفسيره 1/ 530، وسنده ضعيف. ففيه محمد بن إسحاق، صدوق يدلس، وقد عنعن، وفيه أيضا سلمة بن الفضل الأبرش صدوق كثير الخطأ.
[3] في الأصل: «قلت» . وما أوردناه من الهامش.
[4] سورة: الصافات، الآية: 47.
[5] في المختصر: «إن تنزيه كان مباحا له لأن الظاهر إباحته جميع مَا فِي الْجَنَّة لَهُ سِوَى تلك الشجرة، ومن فعل المباح لَمْ يؤاخذ بِمَا يؤثره، عَلَى أَن راوي هَذَا الْحَدِيث مُحَمَّد بْن إِسْحَاق وفيه مقال.
[6] سورة: البقرة، الآية: 36.
[7] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 112، وتفسيره 1/ 536.

(1/206)


ذكر مقدار مكثه فِي الْجَنَّة [1]
رَوَى أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ آَدَمَ مَكَثَ فِي الْجَنَّةِ نِصْفَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الآَخِرَةِ، وهو خمسمائة سَنَةٍ [2] .
وَقَالَ أَبُو العالية: مكث فِي الْجَنَّة خمس ساعة.
وَقَدْ روينا أَنَّهُ خلق آخر النهار من يَوْم الجمعة، فعلى هذه يَكُون فِي الساعة الأخيرة فمكث جسدا أربعين سَنَة من سنيها، كَانَ مكثه فِي السماء بَعْد تصويره فِي الْجَنَّة إِلَى أَن أصاب الخطيئة وأهبط، ثلاثا وأربعين سَنَة وأربعة أشهر.
وَقَالَ الْحَسَن البصري: كَانَ الساعة الَّتِي لبثها آدَم فِي الْجَنَّة مقدار أربعين ومائة [من] [3] سنينكم.
ذكر الوقت الَّذِي أخرج فِيهِ
رَوَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، أنه قال: «في يوم الجمعة خلق آَدَمُ وَفِيهِ أُهْبِطَ» [4] .
وَرَوَى أَبُو صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ آَدَمَ أُخْرِجَ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ، صَلاةِ الظُّهْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ [5] .
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ أسكن وأخرج فِي ساعة واحدة من ساعات ذلك اليوم.
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 113، ومرآة الزمان 1/ 201.
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 120.
[3] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.
[4] سبق تخريجه.
[5] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 120.

(1/207)


قَالَ ابْن جَرِير: فأهبط قبل/ غروب الشمس [1] .
ذكر المكان الَّذِي أهبط إِلَيْهِ [2]
قَالَ عَلِي بْن أَبِي طالب، وابن عَبَّاس، وَقَتَادَة، وأبو العالية: أهبط بالهند [3] . وَرَوَى أَبُو صَالِح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أهبط عَلَى جبل بالهند يقال لَهُ نود.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: أَهْل التوراة يقولون: أهبط بالهند عَلَى جبل يقال لَهُ واسم [4] ، عِنْدَ واد يُقَال لَهُ بهيل بَيْنَ الدهنج والمندل: بلدين بأرض الهند [5] .
فَقَالَ قوم: بَل أهبط بسرنديب عَلَى جبل يقال لَهُ: نوذ [6] ، وأهبطت حواء بجدة من أرض مكة، وإبليس بميسان [7] ، والحية بأصفهان [8] .
وَقَالَ آخرون: أهبطت الحية بالبرية، وإبليس بالساحل من بحر الأبلة [9] .
وقيل: كَانَ الجبل الَّذِي أهبط عَلَيْهِ أقرب من جميع الجبال إلى السماء [10] .
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 121.
[2] تاريخ الطبري 1/ 121، والبداية والنهاية 1/ 80، ومرآة الزمان 1/ 200.
[3] أخبارهم في تاريخ الطبري 1/ 120، 121.
[4] ذكر ياقوت «واسم» . وقال: جبل بين الدهنج والمندل في أرض الهند.
[5] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 122.
[6] في تاريخ الطبري: «بوذ» . وفي الكامل: «نود، بضم النون وسكون الواو وآخره دال مهملة» . وفي أحد نسخ الطبري: «قال الطبري: الّذي حدثنا به في أمر الجبل إن اسمه نون، بالنون. قال: ولكن اسم الموضع بالباء، وهو بوذ» .
وفي معجم البلدان: «نوذ بالفتح ثم السكون وذال معجمة: جبل بسرنديب عنده مهبط آدم عليه السلام، وهو أخصب جبل في الأرض، ويقال: أمرع في الأرض، ويقال: أمرع من نوذ» .
[7] «ميسان» . بالفتح ثم السكون: اسم لكورة واسعة بين البصرة وواسط. معجم البلدان 8/ 224.
[8] تاريخ الطبري 1/ 122.
[9] «الأبلة» : بضم أوله وتشديد اللام وفتحها، بلد على شاطئ دجلة بالبصرة. معجم البلدان 1/ 89. وانظر تاريخ الطبري 1/ 122.
[10] تاريخ الطبري 1/ 122.

(1/208)


ذكر مَا هبط مَعَهُ من الْجَنَّة [1]
قَالَ أَبُو موسى الأشعري: لما أخرجه اللَّه من الْجَنَّة زوده من ثمارها، فثماركم هذه من ثمارها [2] .
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ حِينَ أخرج لا يمر بشيء إلا عبث بِهِ، فقيل للملائكة: دعوه فليتزود منها مَا شاء، فنزل بالهند، وإن هَذَا الطيب الَّذِي يجاء بِهِ من الهند مِمَّا خرج بِهِ آدَم [3] .
وَرَوَى أَبُو صَالِح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نزل آدَم مَعَهُ ريح الْجَنَّة فعلق بشجرها وأوديتها- يَعْنِي الهند- وأنزل مَعَهُ الحجر الأسود، وَكَانَ أشد بياضا من الثلج، وعصا موسى، وكانت من آس الْجَنَّة، طولها عشرة أذرع، ومر [4] ، ولبان [5] .
وَقَالَ أَبُو العالية: أخرج ومعه غصن من شجر الْجَنَّة، وعلى رأسه تاج أو إكليل من شجر الجنة.
وَقَالَ قَتَادَة: أهبط آدَم عَلَى جبل بالهند وعلى رأسه إكليل من [شجر] [6] الْجَنَّة فعبق ريح ذَلِكَ الإكليل بشجر ذَلِكَ الجبل فصار طيبا [7] .
أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن الْمُبَارَك، أَخْبَرَنَا عَاصِم بْن الْحَسَن، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَد الدَّقَّاقُ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن بْن البر، قال: أهبط آدم بالهند في جزيرة سرنديب عَلَى جبل يدعى نوذ، وعلى آدَم الورق الَّذِي خصفه فيبس فتحات فنبت منه أنواع الطيب والثمار، فعلى ذَلِكَ الجبل: العود، والسنبل، والقرنفل، والأفاويه، ودابة
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 125، ومرآة الزمان 1/ 202.
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 127 بأتم من ذلك.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 126.
[4] المر: صمغ شجرة تكون ببلاد العرب، شبيهة بالشوكة المصرية، تشرط فتخرج منها هذه الصمغة.
(المعتمد في الأدوية 300) .
[5] اللبان: هو العلك الّذي يمضغ، وشجرته تسمى الكندر، طولها قدر ذراعين، تعقر بالفأس فيظهر في مواضع العقر اللبان فيجتنى. (المعتمد في الأدوية 340) .
[6] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري، وساقطة من المخطوط.
[7] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 126.

(1/209)


المسك، ودابة الزباد، وحول الجبل الياقوت، وَفِي واديه الماس، وَفِي أرض تلك الجزيرة السفاذج، وَفِي أنهارها البلور، وَفِي بحرها اللؤلؤ.
وأخرج آدَم من الْجَنَّة مَعَهُ صرة حنطة، وثلاثين نصيبا من ثمر الْجَنَّة، عشرة فِي القشور: الجوز، واللوز، والفستق، والبندق، والخشخاش، والبلّوط، والشاهبلوط، والجوز الهندي، والرمان، والموز.
وعشرة لَهَا نوى: الخوخ، والمشمش والإجاص، والرطب، والغبيراء، والنبق، والزعرور، والعناب، والمقل والشاملوك.
وعشرة لا قشور لَهَا ولا نوى: التفاح، والسفرجل، والكمثرى، والعنب، والتوت، والتين، والأترج، والخروب، والخيار، والبطيخ [1] .
وأنزل عَلَى آدَم من الصحف إحدى وعشرون صحيفة، وحرم عَلَيْهِ الميتة والدم ولحم الخنزير، وفرض عَلَيْهِ صلاة خمسين ركعة.
أَخْبَرَنَا مَوْهُوبُ بْنُ أَحْمَدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالا أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بيان، قال: أَخْبَرَنَا القاضي أَبُو الْعَلاءِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَاسِطِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ السَّقَّا الْحَافِظُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْقَاضِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَم مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الأَرْضِ حَزنَ عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ جَاوَرَهُ إِلا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِمَا: جَاوَرْتُكُمَا بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِي، ثُمَّ أُهْبِطُهُ مِنْ جِوَارِكُمَا، فَحَزِنَ عَلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ إِلا أَنْتُمَا، قَالا: إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا، أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ جَاوَرْتَنَا بِهِ وَهُوَ لَكَ مُطِيعٌ، فَلَمَّا عَصَاكَ لَمْ نُحِبْ أَنْ نَحْزَنَ عَلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهُمَا: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَعِزَّنَّكُمَا حَتَّى لا يَنَالُ كُلَّ شَيْءٍ إِلا بِكُمَا» . هَذَا حَدِيثٌ إِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَمَتْنُهُ غَرِيبٌ.
أَخْبَرَنَا ابْن ناصر، أَنْبَأَنَا عبد المحسن بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن عُمَر بن
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 128، وعرائس المجالس 36، ومرآة الزمان 1/ 202.

(1/210)


شاهين، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن عنبر، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عامر الأصبهاني، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يعقوب بْن جَعْفَر، عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر، قَالَ: أهبط آدَم عَلَيْهِ السَّلام إِلَى الأرض وليس فِي الأَرْض إلا حوت ونسر، فكان النسر إِذَا أمسى آوى إِلَى الحوت فيبيت عنده، فلما رأى النسر آدَم أتى إِلَى الحوت، فَقَالَ: يا حوت قَدْ أهبط إِلَى الأَرْض شَيْء يمشي عَلَى رجليه ويبطش بيده، فَقَالَتْ: إِن كنت صادقا فَمَا لي فِي البحر مهرب، ولا لَكَ فِي البر مهرب. يريد أَنَّهُ يحتال عليهما [1] .
ذكر القسم الثالث وَهُوَ مَا حدث وآدم فِي الآرض
فمن ذَلِكَ أَن آدَم حِينَ نزل شكى حاله:
فروى أَبُو صَالِح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لما رأى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عري آدَم وحواء أمره أَن يذبح كبشا من الضان [من] [2] الأزواج الثمانية، فذبحه ثُمَّ أخذ صوفه فغزلته حواء فنسج آدم جبّة لنفسه، وجعل لحواء درعا وخمارا، فلبسا ذَلِكَ [3] .
ثُمَّ أنزل عَلَيْهِ بَعْد العلاوة [4] ، والمطرقة [5] ، والكلبتان [6] ، فنظر إِلَى قضيب نابت من حديد، وأخذه، فجعل يكسر أشجارا قَدْ يبست بالمطرقة، ثُمَّ أوقد عَلَى ذَلِكَ الغصن حَتَّى ذاب، [فكان أول شَيْء] [7] ضربه مدية، فكان يعمل بها، ثُمَّ ضرب التنور الَّذِي ورثه نوح، ونفرت منه الوحوش إِلَى البر [8] ، وَكَانَ لباسهما من جلود الضأن والسباع.
__________
[1] الخبر عند الكسائي 52، وفي مرآة الزمان 1/ 202، 203.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] الخبر إلى هنا في تاريخ الطبري 1/ 124.
[4] هكذا في الأصل، وفي الكامل 1/ 35، والطبري 1/ 127. «العلاة» . وهي: السندان، حجرا كان أو حديدا.
[5] المطرقة: من أدوات الحداد يطرق بها.
[6] الكلبتان: ما يأخذ به الحداد الحديد المحمي.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل. وأوردناه من الطبري 1/ 128.
[8] الخبر إلى هنا في تاريخ الطبري 1/ 127، 128.

(1/211)


وَرَوَى الضَّحَّاك، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِن جبريل أتى آدَم بالجلم، وأمره أَن يجز الشاة، ففعل فغزلته حواء وحاكه آدَم فاتخذ منه عباءة لنفسه وَأُخْرَى لحواء.
وَرَوَى عَطَاء، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن جبريل أتى آدَم بالثورين وصمدهما لَهُ وأمره بالزراعة.
وَرَوَى سَعِيد بْن جُبَيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: علم آدَم صنعة الحديد، وأمر الحرث فحرث وزرع ثُمَّ سقى حَتَّى إِذَا بلغ حصده، ثُمَّ داسه، ثُمَّ طحنه. ثُمَّ عجنه، ثُمَّ خبزه، ثُمَّ أكله، فلم يبلغ منه حَتَّى بلغ منه مَا شاء اللَّه أَن يبلغ [1] .
قَالَ سَعِيد: وأهبط إِلَى آدَم ثور أحمر فكان يحرث عَلَيْهِ [2] ، ويمسح العرق عَنْ جبينه [3] .
وحكى أَبُو جَعْفَر الطبري عَنْ آخرين، قَالُوا: جاع آدَم فاستطعم ربه، فجاءه جبريل بسبع حبات من حنطة فوضعها فِي يده، فَقَالَ: مَا أصنع بِهَذَا، قَالَ: تتركه فِي الأَرْض [4] ، ففعل فأنبته اللَّه من ساعته، ثُمَّ أمره فحصده، ثُمَّ أمره فجمعه وفركه بيده، ثُمَّ أمره أَن يذريه، ثُمَّ أتاه بحجرين فطحنه، ثُمَّ أمره أَن يخبزه ملة [5] . [إِن عجنه] [6] ، وجمع لَهُ جبريل الحجر والحديد فقدحه، فخرجت النار، فَهُوَ أول من خبز الملة [7] .
ومن الأحداث أَن آدَم أخذ فِي البكاء إِلَى أَن نزلت عَلَيْهِ التوبة:
قَالَ ابْن عَبَّاس: بكى آدَم وحواء عَلَى مَا فاتهما من نعم الْجَنَّة مائتي سَنَة، لَمْ يأكلا وَلَمْ يشربا أربعين يوما، وَلَمْ يقرب آدَم حواء مائة سَنَة [8] .
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 129، وتفسيره 1/ 352- 353.
[2] في الطبري: «كان يحدث عليه» .
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 130.
[4] في الطبري 1/ 128: «انثره في الأرض» .
[5] يريد بخبز الملة ما يصنع في الرماد أو الحجر من الخبز.
[6] في الطبري: «ثم أمره أن يعجنه، ثم أمره أن يخبزه ملة» . وكذا في المختصر. والزيادة بين المعقوفتين من هامش الأصل.
[7] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 129، وقارن الكامل 1/ 36.
[8] راجع تاريخ الطبري 1/ 133.

(1/212)


أَخْبَرَنَا عَبْد الْوَهَّاب بْن الْمُبَارَك، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْن بْن عَبْد الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن أَحْمَد الملطي، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن دوست، حَدَّثَنَا ابْن صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن، حَدَّثَنَا روح بْن عُبَادَة، حَدَّثَنَا هِشَام، عَنْ الْحَسَن، قال: أهبط آدم [من] [1] الجنة فبكى ثلاثمائة سَنَة لا يرفع رأسه إِلَى السماء ولا يلتفت إِلَى المرأة ولا يضع يده عَلَيْهَا [2] .
قَالَ القرشي: وحدثنا مُحَمَّد بْن يَحْيَى بْن أَبِي حاتم، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْد بْن يُونُس، عَنْ أَبِي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ، عَنْ أَبِي الهذيل، عَنْ وهب بْن منبه، قَالَ: أوحى اللَّه إِلَى آدَم: يا آدَم مَا هذه الكآبة الَّتِي بوجهك والبلية الَّتِي قَدْ أحاطت بك؟ قَالَ: خروجي من دار البقاء إِلَى دار الفناء، من دار النعم إِلَى دار الشقاء. قَالَ: ثُمَّ إِن آدَم سجد سجدة عَلَى جبل الهند مائة عام يبكي حَتَّى جرت دموعه فِي وادي سرنديب، فأنبت اللَّه لِذَلِكَ الوادي من دموع آدَم الدار صيني والقرنفل، وجعل طير ذَلِكَ الوادي الطواويس، ثُمَّ إِن جبريل أتاه فَقَالَ: يا آدَم ارفع رأسك فَقَدْ غفر لَكَ، فرفع رأسه ثُمَّ أتى الْبَيْت فطاف أسبوعا فَمَا أتمه حَتَّى خاض فِي دموعه إِلَى ركبتيه ثُمَّ أتى موضع المقام وصلى فِيهِ ركعتين، وبكى حَتَّى جرت دموعه عَلَى الأَرْض.
قُلْت: وَكَانَ السبب فِي قبول توبة آدَم أَنَّهُ تلقى كلمات فقالها فتيب عليه، وذلك قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ 2: 37 [3] .
واختلف المفسرون فِي تلك الكلمات عَلَى وجوه قَدْ ذكرناها فِي التفسير [4] ، والذي نختاره من الأقوال.
مَا أَخْبَرَنَا بِهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن حنيف، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الفضل، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الصَّمَد، أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد. حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن خريم، حدثنا عبد الحميد بن حميد، حدثنا أَبُو غسان، حَدَّثَنَا مَالِك بْن إِسْمَاعِيل النهدي، عن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل وأوردناه من هامش المخطوطة.
[2] الخبر أورده في المرآة 1/ 204، وعرائس المجالس 35.
[3] سورة: البقرة، الآية: 37.
[4] انظر: زاد المسير للمصنف في تفسير الآية 37 من سورة البقرة. وراجع أيضا بقية التفاسير ومنها تفسير الطبري 1/ 541.

(1/213)


زهير بْن مُعَاوِيَة الجشمي، عَنْ خصيف، عَنْ مجاهد: فَتَلَقَّى آدَمُ من رَبِّهِ كَلِماتٍ 2: 37 [1] . قَالَ: هُوَ قَوْله: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا ... 7: 23 [2] إِلَى آخر الآية [3] .
قَالَ قَتَادَة: تاب اللَّه عَلَى آدَم يَوْم عاشوراء.
ومن الأحداث:
إِن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أنزل ياقوتة من ياقوت الْجَنَّة، فجعلها فِي موضع الكعبة، وأمر آدَم أَن يتوجه إِلَى مَكَّة فيطوف.
قَالَ قَتَادَة: قَالَ اللَّه: يا آدَم إني أهبطت لَكَ بيتا تطوف بِهِ كَمَا يطاف حول عرشي، وتصلي عنده/ كَمَا يصلى عِنْدَ عرشي، فانطلق إِلَيْهِ آدَم فمد لَهُ فِي خطوه وَكَانَ بَيْنَ خطوه مفازة، فلم تزل تلك المفاوز بَعْد ذَلِكَ، فأتى الْبَيْت فطاف بِهِ.
وَفِي حَدِيث أَبِي صَالِح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن آدَم بنى الْبَيْت من خمسة أجبل من طور سيناء، وطور زيتا ولبنان والجودي، وبنى قواعده من حراء، فلما فرغ من بنائه خرج بِهِ الْمَلِك إِلَى عرفات، فأراه المناسك الَّتِي يفعلها النَّاس، ثُمَّ قدم بِهِ مَكَّة فطاف بالبيت أسبوعا.
قَالَ ابْن عَبَّاس: حج من الهند أربعين حجة عَلَى رجليه.
وقيل: إِن آدَم التقى بحواء عَلَى عرفات فتفارقا ثُمَّ رجع بها إِلَى الهند فاتخذا مغارة يأويان إِلَيْهَا.
ومن الأحداث:
إِن اللَّه تَعَالَى مسح ظهر آدَم بنعمان، وأخرج ذريته.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ، أخبرنا الحسن بن عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ
__________
[1] سورة: البقرة، الآية: 37.
[2] سورة: الأعراف، الآية: 23.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 132، 133.

(1/214)


مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ يَعْنِي ابْنَ حَازِمٍ، عَنْ كَلْثُومَ بْنِ جَبْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«أَخَذَ اللَّهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آَدَمَ بِنُعْمَانَ- يَعْنِي عَرَفَةَ- فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَةٍ ذَرَأَهَا فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذُّرِّ، ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قَبْلا، قَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ 7: 172 [1] . أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ الرُّمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ:
سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ أُبُيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلّ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ من ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ 7: 172، قَالَ: جَمَعَهُمْ فَجَعَلَهُمْ أَزْوَاجًا ثُمَّ صَوَّرَهُمْ وَاسْتَنْطَقَهُمْ فَتَكَلَّمُوا ثُمَّ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ 7: 172 قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُ عَلَيْكُمُ السَّمَواتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعِ وَأُشْهِدُ عَلَيْكُمْ أَبَاكُمْ آَدَمَ أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمْ نَعْلَمْ بِهَذَا، اعْلَمُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ غَيْرِي، وَلا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا، سَأُرْسِلُ إِلَيْكُمْ رُسُلِي يَذَكِّرُونَكُمْ عَهْدِي وَمِيثَاقِي، وَأُنْزِلُ عَلَيْكُمْ كُتُبِي، قَالُوا: شَهِدْنَا بِأَنَّكَ رَبَّنَا وَإِلَهَنَا لا رب لنا غيرك، فرفع عليهم آَدَمُ يَنْظُرُ إِلَيْهُمْ فَرَأَى الْغَنِيَّ وَالْفَقِيرَ وَالْحَسَنَ الصُّورَةَ وَدُونَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَلا سَوَّيْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ، فَقَالَ: إِنِّي أَحْبَبْتُ أَنْ أُشْكَرَ، وَرَأَى [آدَم] [2] الأَنْبِيَاءَ فِيهِمْ مِثْلَ السِّرَجِ عليهم النور، خصوا بميثاق أخرى فِي الرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ أَخَذْنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ... 33: 7 إلى قوله ... عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ 2: 87 [3] وَكَانَ فِي تِلْكَ الأَرْوَاحِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أخبرنا ابن المذهب، أخبرنا أَبُو بَكْر بْن مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا مَالِكُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ الْجُهَنِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ:
__________
[1] سورة: الأعراف، الآية 172، والحديث: أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 134، وفي التفسير 13/ 223.
[2] ما بين المعقوفتين: من المختصر.
[3] سورة: الأحزاب، الآية: 7.

(1/215)


«إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ آَدَمَ ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرَّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى ظَهْرِهِ فَاسْتَخْرَجَ [مِنْهُ] [1] ذُرَّيَّةً، فَقَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ [يعملون] » [2] . فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال: «إن الله عز وجل إِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّة، فَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدُ لِلنَّارِ اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيُدْخِلُهُ بِهِ النَّارَ» [3] .
قَالَ أَحْمَد: وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن [ابن] [4] عباس، قال: لما نزلت آية الدّين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«إِنَّ أَوَّلَ مَنْ جَحَدَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مَا هُوَ ذَارٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَجَعَلَ يَعْرِضُ عَلَيْهِ ذُرِّيَتَهُ، فَرَأَى فيهم رجل يُزْهِرُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: ابْنُكَ دَاوُدُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ كَمْ عُمْرُهُ؟ قَالَ: سِتُّونَ عَامًا، قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْ فِي عُمْرِهِ، قَالَ: لا إِلا أَنْ أَزِيدَهُ مِنْ عُمْرِكَ [5]- وَكَانَ عُمْرُ آدَمَ أَلْفَ عَامٍ- فَزَادَهُ [مِنْ عُمْرِهِ] [6] أَرْبَعِينَ عَامًا فَكَتَبَ اللَّهُ عليه بِذَلِكَ كِتَابًا، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ، فَلَمَّا احْتُضِرَ آدم وأتته الملائكة لتقبضه، قال: إنه قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمْرِي أَرْبَعُونَ عَامًا، فَقِيلَ: إِنَّكَ وَهَبْتَهَا لابْنِكَ دَاوُدَ، قَالَ: مَا فَعَلْتُ، فَأَبْرَزَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ الْمَلائِكَةَ» . وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ الأَشِيبِ، عَنْ حَمَّادٍ فَزَادَ فِيهِ: « ... ثُمَّ أَكْمَلَ اللَّهُ لآَدَمَ أَلْفَ سنة، وأكمل لداود مائة سنة» [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: من هامش المخطوطة.
[2] ما بين المعقوفتين: من هامش المخطوطة.
[3] الحديث أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 135، وفي التفسير 3/ 223، وأحمد بن حنبل 1/ 44، وأبو داود 4693، والترمذي 3075، والحاكم في المستدرك 1/ 27، 2/ 544.
[4] ما بين المعقوفتين: من هامش المخطوطة.
[5] في الطبري: «لا أن تزيده أنت من عمرك» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من المخطوط.
[7] الحديث في تاريخ الطبري 1/ 156، وابن سعد في طبقاته 1/ 27- 29، وأحمد بن حنبل 1/ 251،

(1/216)


ومن الأحداث وجود أولاد آدَم عَلَيْهِ السَّلام
ولدت حواء لآدم أربعين ولدا من ذكر وأنثى فِي عشرين بطنا، قَالُوا: وكانت لا تلد إلا توأمين ذكرا وأنثى. وأول الأولاد: قابيل وتوأمته قليما، ويقال قيثما [1] ، وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمة المغيث.
وعد مِنْهُم ابْن إِسْحَاق: قين وتوأمته، وهابيل وليوذا، وآشوث بنت آدَم وتوأمها، وشيث، وتوأمته وحزورة وتوأمها، ثُمَّ إياد وتوأمته، ثُمَّ بالغ. ويقال: باتح وتوأمته، ثُمَّ أثاثي وتوأمته، ثُمَّ توبة وتوأمته، ثُمَّ بنان وتوأمته، ثُمَّ شبوبة وتوأمته، ثُمَّ حيان وتوأمته، ثُمَّ ضرابيس وتوأمته، هدز وتوأمته، ثُمَّ نجود وتوأمته، ثُمَّ سندل وتوأمته، ثُمَّ بارق وتوأمته.
وَكَانَ الرجل مِنْهُم ينكح أي أخواته شاء إلا الَّتِي ولدت مَعَهُ، فإنها لا تحل لَهُ [2] .
وَقَدْ روي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَن أول ولد ولدته حواء سمته عَبْد الرَّحْمَنِ، ثُمَّ سمت الثَّانِي صالحا، ثُمَّ الثالث عبد الحارث [3] .
قَالَ أَبُو جَعْفَر الطبري: ولد لآدم بَعْد قتل هابيل بخمس سنين شيث، وزعم أهل التوراة أنه لم يولد مَعَهُ توأم، وتفسير شيث عندهم «هبة الله» ، ومعناه أنه خلف هابيل [4] .
__________
[371،) ] والبيهقي في السنن 10/ 146، والطبراني في الكبير 18/ 214، وابن عساكر 2/ 345، والسيوطي في الدر المنثور 1/ 370، وابن كثير في التفسير 1/ 495، والقرطبي في التفسير 3/ 382.
وقد ذكره سبط بن الجوزي في المرآة 1/ 210، وقال عقبة: «قال جدي في المنتظم» : الحديث محمول على أن آدم نسي لطول المدة لا أنه كان ذاكرا لذلك ثم جحد، لأنه يكون كذبا، والأنبياء منزهون عن الكذب. ولم نجد هذه المقولة في النسخ التي بين أيدينا. وقال سبط بن الجوزي ردا عليه:
«إلا أن النبي صلّى الله عليه وسلم نص على أنه جحد، والجحد يحتمل على أن يكون معه نسيان فهو معذور، وإن لم يكن فيحتمل أن يكون الله ألهمه أن يكمل له ألف سنة ويتم لداود مائة سنة ولا ينقص من ملكه شيئا» .
[1] في المختصر: قليمار، ويقال: «قيثمار» .
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 145.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 148.
[4] تاريخ الطبري 1/ 152.

(1/217)


وَقَالَ أَبُو صَالِح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ولد شيث وأخته عزورا، وَهُوَ بالعربية شث، وبالسريانية شاث، وبالعبرانية شيث، وإليه أوصى آدَم، وَكَانَ آدَم [يَوْم] [1] ولد لَهُ شيث ابْن ثلاثين ومائة سَنَة [2] .
وَقَدْ زعم أَكْثَر علماء الفرس أَن جيومرت هُوَ آدَم. وزعم بَعْضهم أَنَّهُ ابْن آدَم لصلبه [من حواء] [3] .
وَقَالَ آخرون: هُوَ حام بْن يافث [4] بْن نوح. وأكثر الْعُلَمَاء عَلَى أَن جيومرت هُوَ أَبُو الفرس من العجم، وإنما اختلفوا هل هُوَ آدَم أم غيره؟ [5] وَقَالَ قوم: إنه ملك وتجبر وتزوج ثلاثين امرأة وكثر نسله وتسمى بآدم، وَمَا زال ملكه وملك أولاده منتظما بأرض المشرق إِلَى أَن قتل يزدجرد بْن شهريار أَيَّام عُثْمَان بْن عَفَّان.
وَقَدْ ذكر أَبُو الْحَسَن بْن البراء: أَن جيومرت ملك ثلاثين سَنَة، ثُمَّ كان من سوى الملك هوشنك من أولاد أولاده ملك أربعين سَنَة، ثُمَّ ملك طهمورث من أولاد أولاد هوشنك، ودان بدين الصابئين ثلاثين سنة، ثم ملك أخوه جمشيد ستمائة وست عشرة سنة، ثم ملك هوارسب ألف سَنَة، ومن قبله كَانَ نمرود صاحب إِبْرَاهِيم، ثُمَّ ملك فريدُونَ مائتي سَنَة، وقسم الْمَلِك بَيْنَ أولاده فِي حياته، ثُمَّ ملك ابنه إيرج ست سنين، ثُمَّ انتقل الْمَلِك إلى منوشهر ثمانين سنة إلى أَن غلبه التركي اثنتي عشرة سَنَة، ثُمَّ غلبه منوشهر فملك ثمانيا وعشرين سَنَة.
وَقَدْ حكينا آنفا عَنْ أَبِي الْحُسَيْن بْن المنادي أَن جيومرث وطهمورث من أولاد الجان، والله أعلم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: من الطبري.
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 152.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل وأوردناه من الطبري وهذا القول أيضا في تاريخ الطبري 1/ 146.
[4] في الطبري: «جامر بن ياقث» 1/ 147.
[5] راجع تاريخ الطبري أيضا 1/ 147.

(1/218)


وَقَدْ رَوَى ابْن إِسْحَاق، عَنْ بَعْض أَهْل الكتاب: أَن حواء حملت بقين بْن آدَم- وَهُوَ الَّذِي يقال لَهُ: قابيل- فِي الْجَنَّة وتوأمته فلم تجد وحما ولا وصبا وولدتهما وَلَمْ تر معهما دما لطهر الْجَنَّة، فلما نزلت إلى الأرض حملت بهابيل وتوأمته [1] .
وَفِي هَذَا بَعْد وليس مِمَّا يوثق بنقله.
ومن الأحداث احتيال إِبْلِيس عَلَى آدَم وحواء فِي تسمية عبد الحارث
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نَاصِرٍ، أَخْبَرَنَا الْمُبَارَك بْن عَبْد الْجَبَّارِ، قَالَ: أخبرنا أبو بكر المنكدري، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَن بْن الصَّلْتِ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْبَارِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الحسن بْنُ مُوسَى الأَشِيبُ، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ الْخَزْرَجِيِّ، عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ وعكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ حَوَّاءَ لَمَّا حَمَلَتْ جَاءَهَا إِبْلِيسُ فَقَالَ: إِنِّي أَخْرَجْتُكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ لئن لم تُطِيعِينِي لأَجْعَلَنَّ لِوَلَدِكِ قَرْنَيْنِ يَشُقَّانِ بَطْنَكِ أَوْ لأَخْرَجْتُهُ مَيِّتًا، فَقَضَى اللَّهُ أَنْ خَرَجَ مَيِّتًا، فلما حَمَلَتْ بِالثَّانِي جَاءَهَا فَقَالَ لَهَا مِثْلَ مَقَالَتِهِ الأُولَى فَقَضَى اللَّهُ أَنَّ الْوَلَدَ خَرَجَ مَيِّتًا، فلما حَمَلَتِ الثَّالِثَ جَاءَهَا فَقَالَ لَهَا مِثْلَ مَقَالَتِهِ، فَقَالَتْ: وَمَا الَّذِي تُرِيدُ أَنْ نُطِيعَكَ فِيهِ، قال: سمياه عَبْد الْحَارِثِ، فَفَعَلَتْ فَقَالَ اللَّهُ:
جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما 7: 190 [2] .
قَالَ عُثْمَان: وحدثنا يعلى بْن عَبْد، حَدَّثَنَا عَبْد الْمَلِك، قَالَ: قيل لسعيد بْن جُبَيْر: يا أبا عَبْد اللَّه أشرك آدَم؟ قَالَ: معاذ اللَّه أَن تقول أشرك آدَم، إِن حواء لما حملت وأثقلت أتاها إبليس فَقَالَ لَهَا: أرأيت هَذَا الَّذِي فِي بطنك من أين يخرج؟ أمن/ فيك، أم من منخرك، أم من أذنيك؟ أرأيت إِن خرج سويا صحيحا لَمْ يضرك، أتطيعيني فِي اسمه؟ قالت: نعم فلما ولدت، قال: سمياه عَبْد الْحَارِث [3] . فسمياه عَبْد الْحَارِث.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جعفر، حدثنا
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 139.
[2] سورة: الأعراف، الآية: 189 والخبر أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 148، 149، 150، 151، وفي التفسير 13/ 309، وما بعدها.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 149، 150، وفي التفسير 13/ 313.

(1/219)


عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي، حدثنا عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُمَر بْن إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قَتَادَة، عَنْ الْحَسَن، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَمَّا حَمَلَتْ حَوَّاءُ وَطَافَ بِهَا إِبْلِيسُ فَكَانَ لا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ، فَقَالَ: سَمِّيهِ عَبْدَ الْحَارِثِ فَإِنَّهُ يَعِيشُ، فَسَمَّتْهُ عَبْدَ الْحَارِثِ فَعَاشَ» [1] .
ومن الأحداث
إِن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لما أعطى آدَم ملك الأَرْض نبأه وجعله رسولا إِلَى ولده، وأنزل عَلَيْهِ إحدى وعشرين صحيفة كتبها بخطه وعلمه جبريل إياها [2] .
ذكره أَبُو جَعْفَر الطبري، قَالَ: وقيل: إِن مِمَّا أنزل عَلَيْهِ حروف المعجم فِي إحدى وعشرين ورقة، وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير [3] .
وَقَدْ رَوَى أَبُو أُمَامَةَ أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّه، أَنَبِيًّا كَانَ آَدَمُ؟ قَالَ:
«نَعَمْ مُكَلَّمًا» [4] .
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أنه قَالَ: «أَوَّلُ الْمُرْسَلِينِ آَدَمُ» . أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْبَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْن حَيَّوَيْهِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن معروف، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا عمرو بْنُ الْهَيْثَمِ، وَهَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالا: حَدَّثَنَا المسعودي، عن ابن عُمَرَ الشَّامِّي، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَشَّاشِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الأَنْبِيَاءِ أَوَّلٌ؟ قَالَ: «آَدَمُ» ، قلت: أنبيّا كان؟ قال: «نعم نبيا مُكَلَّمًا» [5] .
ومن ذَلِكَ وعظ بنيه [6]
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن علي بن
__________
[1] الحديث أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 148، والتفسير 13/ 190.
[2] تاريخ الطبري 1/ 150.
[3] تاريخ الطبري 1/ 151.
[4] الحديث أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 151.
[5] الحديث أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 150، 151. وابن سعد في الطبقات 1/ 32.
[6] تاريخ الطبري 1/ 158- 159، والبداية والنهاية 1/ 98، وعرائس المجالس 47، والكسائي 73.

(1/220)


ثابت الْخَطِيبِ، أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن عَلِي الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن جَعْفَر الْخَرْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن إِسْمَاعِيل، حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الرُّمَّانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلَى الأَرْضِ كثرت ذريته فاجتمع إليه ذات يَوْمٌ وَلَدُهُ، وَوَلَدُ وَلَدِهِ، وَوَلَدُ وَلَدِ وَلَدِهِ، فَجَعَلُوا يَتَحَدَّثُونَ حَوْلَهُ وَآَدَمُ سَاكِتٌ لا يَتَكَلَّمُ، فقالوا: يا أبانا ما لنا نَحْنُ نَتَكَلَّمُ وَأَنْتَ سَاكِتٌ لا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ: يا بني ان الله عز وجل لما أَهْبَطَنِي إِلَى الأَرْضِ مِنْ جِوَارِهِ عَهِدَ إِلَيَّ فَقَالَ: يَا آدَمُ أَقِلِّ الْكَلامَ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى جِوَارِي [1]
. ومن الأحداث مَا روي أَنَّهُ ضرب الدنانير
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِيُّ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ بِشْرَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الصَّوَّافِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْنُ خَلَفٍ وكيع، حدثنا المشرف بن سعد أبو زيد الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبًا يَقُولُ: أَوَّلُ مَنْ ضرب الدنانير والدراهم آدم صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ: لا تَصْلُحُ الْمَعِيشَةُ إِلا بِهَا.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نَاصِرٍ الْحَافِظ، أَخْبَرَنَا جَعْفَر بْن أَحْمَد السرج، أَخْبَرَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن الْحَسَن بن إِسْمَاعِيل الضراب، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَرْوَان، حَدَّثَنَا عبد المنعم، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وهب بن منبه، قَالَ: لما ضربت [الدراهم] [2] والدنانير حملهما إِبْلِيس فقبلهما، وَقَالَ: سلاحي وقرة عيني وثمرة قلبي، بكما أغري وبكما أطغي، وبكما أكفر ابن آدم، وبكما تستوجب [3] النار ابن آدم.
ومن الأحداث قتل قابيل أخاه هابيل [4]
اختلفوا في السبب الذي قتله لأجله:
فروى السدي عَنْ أشياخه، قَالَ: كَانَ لا يولد لآدم مولود إلا ومعه جارية، وكان
__________
[1] راجع مرآة الزمان 1/ 220، 221.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وكتبت على هامشها.
[3] على الهامش: «وبكما توجب» .
[4] تاريخ الطبري 1/ 137، وتفسيره 10/ 201، والبداية والنهاية 1/ 92، وعرائس المجالس 43، والكسائي 72، ومرآة الزمان 1/ 213.

(1/221)


يزوج غلام هَذَا البطن جارية هَذَا البطن الآخر، وجارية هَذَا البطن غلام هَذَا البطن الآخر. حتى ولد لَهُ قابيل وهابيل، وَكَانَ قابيل صاحب زرع، وهابيل صاحب ضرع، وَكَانَ قابيل الأكبر، وكانت لَهُ أخت أَحْسَن من أخت هابيل، وطلب هابيل أَن ينكح أخت قابيل، فأبى عَلَيْهِ، وَقَالَ: هِيَ أَحْسَن من أختك [1] ، وأنا أحق أَن أتزوجها، فأمره آدَم أَن يزوجه إياها [2] ، فأبى.
فقربا قربانا، وَكَانَ آدَم قَدْ ذهب إِلَى مَكَّة، فَقَالَ آدَم للسماء: احفظي ولدي بالأمانة، فأبت، وقال للأرض، فأبت، وَقَالَ للجبال فأبت، فَقَالَ لقابيل، فَقَالَ: نعم، ترجع فتجد أهلك كَمَا يسرك.
فلما انطلق [آدم] [3) ق] ربا قربانا، قرب هابيل جذعة سمينة، وقرب قابيل حزمة سنبل، فنزلت فأكلت قربان [هابيل] [4] وتركت قربان قابيل، فغضب وَقَالَ: لأقتلنك حَتَّى لا تنكح أختي فطلبه ليقتله، فذهب إلى رءوس الجبال، فأتاه يوما وَهُوَ نائم فِي الجبل، فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات وتركه بالعراء، [لا يدري] [5] كَيْفَ يدفن، إِلَى أَن بعث اللَّه غرابين فاقتتلا، فقتل أحدهما الآخر ثُمَّ حفر لَهُ ثُمَّ حثا عَلَيْهِ، فقال حينئذ: أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ 5: 31 [6] .
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيْوَيَةَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، أَخْبَرَنَا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا محمد بن سعد، حدثنا موسى بن إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: كان لآدم أربعة أولاد توأم ذكر وَأُنْثَى مِنْ بَطْنٍ [وَذكر وَأُنْثَى مِنْ بطن] [7] ، فكانت أخت صاحب الحرث
__________
[1] في الطبري: «هي أختي ولدت معي، وهي أحسن من أختك» .
[2] في الطبري: «فأمره أبوه أن يزوجه» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناها من الطبري.
[4] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.
[6] سورة: المائدة: الآية: 31.
والخبر في تاريخ الطبري 1/ 137- 138، وفي التفسير 10/ 206.
[7] ما بين المعقوفتين: من هامش المخطوطة.

(1/222)


وَضِيئَةً، وَكَانَتْ أُخْتُ صَاحِبِ الْغَنَمِ قَبِيحَةً، فَقَالَ صَاحِبُ الْحَرْثِ: أَنَا أَحَقُّ بِهَا، وَقَالَ صَاحِبُ الغنم: ويحك أتريد أن تستأثر بوضاءتها عليّ، تعالى حَتَّى نُقَرِّبَ قُرْبَانًا، فَإِنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانُكَ كُنْتَ أحق بها، وَإِنْ تُقُبِّلَ قُرْبَانِي كُنْتُ أَحَقَّ بِهَا. قَالَ: فَقَرَّبَا قُرْبَانَيْهِمَا، فَجَاءَ صَاحِبُ الْغَنَمِ بِكَبْشٍ أَعَنَّ أَقْرَنَ أَبْيَضَ، وَجَاءَ صَاحِبُ الْحَرْثِ بَصُبُرَةٍ مِنْ طَعَامِهِ، فَقُبِلَ الْكَبْشُ فَجَعَلَهُ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَهُوَ الْكَبْشُ الَّذِي ذَبَحَهُ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ صَاحِبُ الْحَرْثِ: لأَقْتُلَنَّكَ، فَقَتَلَهُ، فَوَلَدُ آَدَمَ كلهم من ذلك الْكَافِرِ [1] .
قَالَ موسى: وحدثنا حماد، عَنْ عَلِي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ آدَم يزوج ذكر هَذَا البطن بأنثى هَذَا البطن، وأنثى هَذَا البطن بذكر هَذَا البطن.
وَقَدْ ذكر ابْن إِسْحَاق عَنْ بَعْض أَهْل الكتاب: أَن قابيل كان يفتخر على هابيل ويقول: أنا وأختي من ولادة الْجَنَّة، فامتنع من تزويجه فقتله بَعْد هَذَا [2] .
وَرَوَى العوفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنهما قربا قربانا تطوعا لأجل المرأة فلم يتقبل قربان قابيل، فغضب وقتل أخاه، وَقَالَ: لا ينظر النَّاس إلي وإليك وأنت خير مني.
وَقَدْ روينا عَنِ الْحَسَن أَن ابني آدَم هذين من بَنِي إسرائيل وَلَمْ يكونا من صلب آدم، وان أول من مَات آدَم.
وَفِي هَذَا بَعْد، فإنا قَدْ ذَكَرْنَا أَن حواء لَمْ يكن لَهَا ولد، فسمت ولدها عبد الحارث، ويقال ان أول من مَات آدَم.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بن محمد، أخبرنا الحسن بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بن أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا إِلا كَانَ عَلَى ابْنِ آَدَمَ الأَوَّلَ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا» ، لأَنَّهُ كَانَ أول من سن القتل [3] .
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 139، وفي تفسيره 10/ 223.
[2] تاريخ الطبري 1/ 140.
[3] الخبر أخرجه الطبري في التاريخ 1/ 144، وفي التفسير 10/ 214.

(1/223)


أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وذكر فِي التوراة: أَن هابيل قتل وَلَهُ عشرون سَنَة، وَكَانَ لقابيل يَوْمَئِذٍ خمس وعشرون سَنَة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُور عَبْد الرَّحْمَنِ بْن مُحَمَّد الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن عَلِي بْن ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا الأَزْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن عُمَر الْحَافِظ. حَدَّثَنَا إسماعيل بن العباس الوراق، حدثنا أبو الْبَخْتَرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شَاكِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْمَخْرَمِيُّ، عَنْ عَبْد العزيز بن الرَّيَّاحِ، عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة، عَنِ ابْن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ ابْنُ آدَمَ أَخَاهُ، قَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ:
تَغَيَّرَتِ الْبِلادُ وَمَنْ عَلَيْهَا ... فَوَجْهُ الأَرْضِ مُغْبَرٌ قَبِيحٌ
تَغَيَّرَ كُلُّ ذِي طَعْمٍ وَلَوْنٍ ... وَقَلَّ بَشَاشَةُ الْوَجْهِ الصَّبِيحِ [1]
قَتَلَ قابيل هابيلا أخاه ... فوا حزنا مَضَى [2] الْوَجْهُ الْمَلِيحُ
فَأَجَابَهُ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ:
تَنَحَّ عَنِ الْبِلادِ [3] وَسَاكِنِيهَا ... بَنى فِي الْخُلْدِ ضَاقَ لَكَ الْفَسِيحُ [4]
وَكُنْتَ بِهَا وَزَوْجَكَ فِي رَخَاءٍ [5] ... وَقَلْبَكُ مِنْ أَذَى الدُّنْيَا مُرِيحٌ
فَمَا انْفَكَّتْ مُكَايَدَتِي وَمَكْرِي [6] ... إِلَى أَنْ فَاتَكَ الثَّمَنُ الرَّبِيحُ [7]
فَلَوْلا رَحْمَةُ الْجَبَّارِ أَضْحَى ... بِكَفِّكَ مِنْ جنان الخلد ريح [8]
__________
[1] في الطبري «الوجه المليح» .
[2] ما بين المعقوفتين: من هامش المخطوط.
[3] في المختصر: «تنح سجن البلاد» .
[4] في المرآة: «فقد في الخلد ضاق بك القبيح» .
[5] في المختصر والمرآة: «في رخاء» .
[6] في المرآة: «فما زالت مكايدتي» .
[7] في المرآة: «إلى أن فاتك الخلد المريح» .
[8] هذا الشعر أورده الطبري في التاريخ عن آدم برواية علي 1/ 145، وانظر أيضا:
مروج الذهب 1/ 39، وتفسير الطبري 10/ 209، ومرآة الزمان 1/ 217، 218، وقال:
«وقد أنكر ابن عباس هذا الشعر، وقال: من قال إن آدم قال شعرا فقد كذب

(1/224)


ومن الأحداث [1]
إِن قابيل [بَعْد أَن] [2] قتل أخاه هرب إِلَى اليمن وشاع فِي أولاده الزنا وشرب الخمر والفساد، فأوصى آدَم أَن لا ينكح بنو شيث بَنِي قابيل، فجعل بنو شيث آدَم فِي مغارة وجعلوا عَلَيْهِ حافظا لا يقربه أحد من بَنِي قابيل. وَكَانَ الَّذِينَ يأتونه ويستغفر لَهُمْ بنو شيث، فَقَالَ مائة من بَنِي شيث صباح: لو نظرنا مَا فعل عمنا. يعنون بَنِي قابيل، فهبطت المائة إِلَى نساء من بَنِي قابيل فاحتبسوهن، ثُمَّ قَالَ مائة أُخْرَى: لو نظرنا مَا فعل/ إخوتنا فهبطوا فاحتبسهم النساء ثُمَّ هبط بنو شيث كلهم فجاءت المعصية، فكثر بنو قابيل حتى ملئوا الأرض، وهم الذين غرقوا أَيَّام نوح.
أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَنِ بْن محمد القزاز، أخبرنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمَأْمُونِ، أَخْبَرَنَا عبد الله بن محمد بْن حَنَانَهْ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِي بْن زَيْد، عَنْ أَبِي عُثْمَان، عَنْ ابْن مَسْعُود، وَابْنُ عَبَّاسٍ قَالا:
لَمَّا كَثُرَ بَنُو آدم دعت عليهم السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَالْمَلائِكَةُ: رَبَّنَا أَهْلِكْهُمْ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْمَلائِكَةِ: أَنِّي لَوْ أَنْزَلْتُ الشَّيْطَانَ وَالشَّهْوَةَ فِيكُمْ مَنْزِلَتَهُمَا مِنْ بَنِي آدَمَ لفعلتم كما يفعلون، فحدثوا أنفسهم بِأَنَّهُمْ إِنِ ابْتُلُوا سَيَعْتَصِمُونَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ أن اختاروا من أفضلكم ملكين، فاختاروا هَارُوتَ وَمَارُوتَ فَاهْبِطَا إِلَى الأَرْضِ حَكَمَيْنِ، وَهَبَطَتِ الزَّهْرَةُ فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ. وَأَهْلُ فَارِسٍ يُسَمُّونَهُ بَيْدَخْتَ، وَكَانَ الْمَلائِكَةُ قَبْلَ ذَلِكَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا، فَلَمَّا وَقَعَا فِي الْخَطِيئَةِ اسْتَغْفَرُوا لِمَنْ فِي الأَرْضِ.
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن جعفر، حدثنا
__________
[ () ] على الله ورسوله، ورمى آدم بالمآثم، إن محمدا صلّى الله عليه وسلم والأنبياء كلهم في النهي عن الشعر سواء. ولكن لما قتل قابيل هابيل رثاه آدم، وهو سرياني، وإنما يقول الشعر من يتكلم العربية. فلما قال آدم مرثيته في ابنه هابيل، وهو أول شهيد كان على وجه الأرض، قال آدم لشيث: يا بني إنك وصيّي فاحفظ هذا الكلام ليتوارث فيرق الناس عليه، فلم يزل ينتقل حتى وصل إلى يعرب بن قحطان، وكان يتكلم بالعربية والسريانية، وهو أول من خط العربية، وكان يقول الشعر، فنظر في المرثية فإذا هي سجع، فقال: إن هذا ليقوم شعرا، فرد المؤخر إلى المقدم والمقدم إلى المؤخر فوزنه شعرا، وما زاد فيه ولا نقص منه تحريا في ذلك فقال الأبيات» .
[1] راجع: تفسير الطبري 2/ 419 وسائر كتب التفسير عند الآية 102 من سورة البقرة.
[2] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.

(1/225)


عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَوْسَى بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«إِنَّ آَدَمَ لَمَّا أَهْبَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الأَرْضِ، قَالَتِ الْمَلائِكَةُ: أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا، نَحْنُ أَطْوَعُ لَكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ، فَقَالَ تَعَالَى لِلْمَلائِكَةِ: هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأَرْضَ، نَنْظُرُ كَيْفَ يَعْمَلان، قَالُوا: هَارُوتُ وَمَارُوتُ. وأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهما الزهرة امرأة مِنْ أَحْسَنَ النِّسَاءِ، فَجَاءَتْهُمَا فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ حَتَّى تَتَكَلَّمَا بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنَ الشِّرْكِ، فَقَالا: وَاللَّهِ لا نُشْرِكُ باللَّه شَيْئًا، فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي فسألاها نفسها، فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ حَتَّى تَقْتُلا هَذَا الصَّبِيَّ، فَقَالا: لا وَاللَّهِ لا نَقْتُلُهُ أَبَدًا، ثُمَّ رَجَعَتْ بِقَدَحِ خَمْرٍ [تَحْمِلُهُ] [1] ، فَسَأَلاهَا نَفْسَهَا، فَقَالَتْ: لا وَاللَّهِ حَتَّى تَشْرَبَا هَذِهِ الْخَمْرَ، فَشَرِبَا فَسَكِرَا فَوَقَعَا عَلَيْهَا وَقَتَلا الصَّبِيَّ، فَلَمَّا أَفَاقَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ: وَاللَّهِ مَا تَرَكْتُمَا شَيْئًا مِمَّا أبيتما علي إِلا قَدْ فَعَلْتُمَا حِينَ سَكِرْتُمَا، فَخُيِّرَا بَيْنَ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا [2] وَقِيلَ إِنَّ ذَلِكَ بَعْدَ رَفْعِ إِدْرِيسَ.
ومن الأحداث نزول الْمَوْت بآدم عَلَيْهِ السَّلام [3]
قَدْ روينا أَن ملك الْمَوْت جاء ليقبض آدَم وَقَدْ مضى من عمره ألف سَنَة سِوَى أربعين وهبها لابنه دَاوُد، فَقَالَ: قَدْ بقي لي أربعون سَنَة، فقيل لَهُ: إنك وهبتها لداود، قَالَ: مَا فعلت. وأن اللَّه تَعَالَى أتم لَهُ ألف سَنَة.
وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق: لما حضرت آدَم الوفاة دعا ابنه شيثا فعهد إليه عهده وعلّمه ساعات الليل والنهار وعلمه عُبَادَة الحق فِي كُل ساعة منهن وكتب وصيته. وَكَانَ شيث وصي آدم.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.
[2] الحديث أخرجه أحمد بن حنبل في المسند 2/ 134، والبيهقي في السنن 10/ 5، والأصبهاني في الترغيب والترهيب 1211، وابن السني في اليوم والليلة 651.
[3] تاريخ الطبري 1/ 155، والبداية والنهاية 1/ 98، وعرائس المجالس 47، والكسائي 73. ومرآة الزمان 1/ 220.

(1/226)


قَالَ أَبُو جَعْفَر الطبري: إِن آدَم مرض أحد عشر يوما، ودفع إِلَى شيث كتاب وصيته، وأمره أَن يخفيه من قابيل، فاستخفى شيث وولده بِمَا عندهم من العلم، وَلَمْ يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون [بِهِ] [1] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قال: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: رَأَيْتُ شيخا بالمدينة يَتَكَلَّمُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقَالُوا هَذَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَقَالَ: إِنَّ آَدَمَ [عَلَيْهِ السَّلامُ] لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ: أَيْ بَنِيَّ إِنِّي أَشْتَهِي مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَهَبُوا يَطْلُبُونَ لَهُ مِنْهَا فَاسْتَقْبَلَتْهُمُ الْمَلائِكَةُ وَمَعَهُمْ أَكْفَانُهُ وَحَنُوطٌ، وَمَعَهُمُ الفؤوس وَالْمَسَاحِي وَالْمَكَاتِلَ، فَقَالُوا لَهُمْ: يَا بَنِي آدَمَ مَا تُرِيدُونَ؟ قَالُوا: أَبُونَا مَرِيضٌ وَاشْتَهَى مِنْ ثِمَارِ الْجَنَّةِ، قَالُوا لَهُمُ: ارْجِعُوا قَدْ قَضَى أَبُوكُمْ. فَجَاءُوا فَلَمَّا رَأَتْهُمْ حَوَّاءُ عَرَفَتْهُمْ، فَلاذَتْ بِآدَمَ، فَقَالَ: إِلَيْكِ عَنِّي إِنَّمَا أُتِيتُ مِنْ قبلك، خلي بَيْنِي وَبَيْنَ مَلائِكَةِ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَقَبَضُوهُ وغسّلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا لَهُ، وَصَلَّوْا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلُوا قَبْرَهُ فَوَضَعُوهُ فِي قَبْرِهِ وَوَضَعُوا عَلَيْهِ اللَّبِنَ، ثُمَّ خَرَجُوا من القبر ثم حثوا عليه، ثُمَّ قَالُوا: يَا بَنِي آدَمَ هَذِهِ سُنَّتُكُمْ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْحَقِّ بْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك، حدثنا الدار الدَّارَقُطْنِيُّ، حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ الصُّبَاحِ، حدثنا أبو عبيده الحداد، عن عثمان بْنِ سَعْدٍ، عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ [بْنِ] [2] كعب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ الْمَلائِكَةَ صَلَّتْ عَلَى آَدَمَ وَكَبَّرَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعًا، وَقَالُوا: هَذِهِ سُنَّتُكُمْ يَا بَنِي آدم» [3] .
قال الدار الدَّارَقُطْنِيُّ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَلَّافُ، حَدَّثَنَا صَبَاحُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَالِكِ بن مغول، عن
__________
[1] تاريخ الطبري 1/ 158، وما بين المعقوفتين من الطبري.
[2] ما بين المعقوفتين: من هامش الأصل.
[3] الحديث في تاريخ الطبري بأثم من ذلك 1/ 160.

(1/227)


عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: صلى جبريل على آدم، كبر عليه أَرْبَعًا وَصَلَّى جِبْرِيلُ بِالْمَلَائِكَةِ يَوْمَئِذٍ، وَدُفِنَ فِي مسجد الخيف واحد مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَلُحِدَ لَهُ وَكُتِمَ قَبْرُهُ.
وَقَالَ عروة بْن الزُّبَيْر: أتاه جبريل بثياب من الْجَنَّة وحنوط من حنوطها، فكفنه وحنطه وحملته الْمَلائِكَة حَتَّى وضعته بباب الكعبة وصلى عليه جبريل ثم حملته الملائكة حتى دفنته فِي مَسْجِد الخيف.
وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: قبر عِنْدَ منى أول قرية كانت فِي الأَرْض، قَالَ: وبلغني أَنَّهُ مَات بمكة، وَقَالَ قوم: قبر فِي غار أَبِي قبيس [1] .
وَرَوَى أَبُو صَالِح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَات آدَم عَلَى نود [2] ، الجبل الَّذِي أهبط عَلَيْهِ، فَقَالَ شيث لجبريل: صل عَلَى آدَم، فَقَالَ: تقدم أَنْتَ وكبر عَلَيْهِ ثلاثين تكبيرة.
ولما ركب نوح حمل معه آدم فلما خرج من السفينة دفن آدَم ببيت المقدس، وَلَمْ يمت آدَم حَتَّى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا، ورأى فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد [3] .
وقد ذكرنا أنه توفي يوم الجمعة.
__________
[1] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 161، ومرآة الزمان 1/ 222.
[2] في الطبري: «بوذ» .
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 161.

(1/228)