المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه [في] [1] يوم السبت لإحدى عشرة خلت من صفر جلس القاهر باللَّه في الميدان وأحضر رجلا قطع الطريق في دجلة، فضرب بحضرته ألف سوط، ثم ضربت عنقه، وضرب جماعة من أصحابه وقطعت أيديهم وأرجلهم.
وفى يوم الخميس لسبع بقين من صفر خلع القاهر باللَّه على الوزير أبي عَلي ابن مقلة وكناه، وكتب إليه: يا أبا عَلي أدام الله إمتاعي بك، محلك عندي جليل، ومكانك من قلبي مكان مكين، وأنا حامد لمذهبك، مرتض لأفعالك، عارف بنصيحتك، ولم أجد مع قصور الأحوال [2] مما أضمره لك ما يزيد في محلك وكمال سرورك غير تشريفك بالكنية، وأنا أسأل الله عونا على ما أحبه لك.
وفى جمادى الآخرة وقع الإرجاف بأن الأمير عَلي بْن يلبق، والحسن بْن هارون كاتبه قد عملا على لعن معاوية بْن أبي سفيان على المنابر، فاضطربت العامة [من ذلك] [3] .
وتقدم عَلي بْن يلبق حاجب القاهر بالقبض على أبي مُحَمَّد البربهاري رئيس
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «ولم أر مع قصور الأحوال» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/316)


الحنابلة، فهرب واستتر، وقبض على أصحابه وأحدروا إلى البصرة. ثم خالف عَلي بْن يلبق من القاهر [إلى أن فتش لبنا قد اشتري] [1] مخافة أن يكون فيه رقعة، وطالب عَلي بْن يلبق القاهر بأن يسلم إليه كل محبوس عنده من والدة المقتدر وغيرها، فسلمهم إليه ونقلهم إلى داره، واجتمع ابن مقلة وعلي بْن يلبق على منع القاهر أرزاق حشمه، وأكثر ما كَانَ يقام له، فطالبه ابن يلبق أن يسلم إليه ما بقي في يده من الفرش وأمتعة والدة المقتدر، فسلم ذلك وبيع، ومكثت والدة المقتدر عند والدة عَلي بْن يلبق مكرمة عشرة أيام وتوفيت. ولما نمكن التضييق من القاهر علم فساد نية طريف السبكري وبشرى ليلبق وابنه [2] عَلي ومنافستهما لهما على المراتب، فكاتبهما وراسل قوما من الجند [3] ، وضمن لهم زيادة العطاء، وحرضهما على مؤنس ويلبق، وبلغ أبي علي ابن مقلة أن القاهر قد جد في التدبير [عليه وعلى مؤنس ويلبق وابنه، فحذرهم وحملهم على الجد في التدبير] [4] على القاهر وخلعه من الخلافة، ثم عقدوا الأمر سرا لأبي أَحْمَد بْن المكتفي، ودبروا على القبض على القاهر [فأحس القاهر] [5] فاحتال عليهم حتى قبض على يلبق ومؤنس، واستتر [عَلي بْن يلبق وأبو علي] [6] ابن مقلة، فوجه القاهر إلى أبي جعفر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ، فاستحضره في يوم الأحد مستهل شعبان، فقلده وزارته وخلع عليه من الغد، وطرحت النار في دار [أبي] [7] علي ابن مقلة ووقع النهب ببغداد، وقبض على أبي أَحْمَد بْن المكتفي، وأقيم في باب وسد عليه بالآجر والجص وهو حي، ثم وقع عَلي بْن يلبق [وأبوه] [8] فأقر بعشرة آلاف دينار، ثم قتل مؤنس وعلي ابن يلبق [9] وأبوه. واستقامت الأمور للقاهر، وتقدم بالمنع من القيان والخمر والنبيذ
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «علم فساد أمره، دعي طريف العسكري طريق السبكري، وبشرى ليلبق وابنه علي» .
[3] في ت: «فكاتبهما وراسلهما وقوما من الجند» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] «فأقر بعشرة آلاف دينار ثم قتل مؤنس وعلي بن يلبق» : ساقطة من ل، ص.

(13/317)


ومنع أصحاب الناطف أن [1] يعيروا قدورهم لمن يطبخ فيها التمر والزبيب للأنبذة، وقبض على المغنين من الرجال والنساء والحرائر والإماء، وقبض على جماعة من الجواري المغنيات، وتقدم ببيعهن في النخاسين على أنهن سواذج.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2321- أحمد بْن مُحَمَّد بْن سلامة بْن سلمة بْن عبد الملك، أَبُو جعفر [2] الطحاوي [3] الفقيه:
ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين. وَكَانَ ثبتا فهما فقيها عاقلا، من طحا قرية في صعيد مصر [4] ، قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: توفي [في] [5] ليلة [6] الخميس مستهل ذي القعدة من سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة، ولم يخلف مثله [7] .
2322- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى بْن النضر بْن حكيم بْن عَلي بن [ذربي] [8] أَبُو بكر المعروف بابن أبي حامد [9] :
صاحب بيت المال، سمع عباسا الدوري، وخلقا كثيرا. وروى عنه الدارقطني وغيره. وَكَانَ ثقة صدوقا جوادا.
__________
[1] في ت: «ومنع أصحاب القدور» .
[2] في ك: «أحمد بن سلام بن عبد الملك، أبو حفص» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 174، والفهرست 207، وتهذيب ابن عساكر 2/ 54، ووفيات الأعيان 1/ 71، وخطط مبارك 13/ 30، وتاج التراجم 8، والعبر للذهبي 2/ 186، والجواهر المضية 1/ 102، ولسان الميزان 1/ 274، والنجوم الزاهرة 3/ 239، وغاية النهاية 1/ 116، ومعجم المطبوعات، 123، وهدية العارفين 1/ 58، واللباب 2/ 82، وتذكرة النوادر 53، والأعلام 1/ 206 وشذرات الذهب 2/ 288، وطبقات المفسرين للداوديّ 69) .
[4] في ل، ك، ت: «قرية من مدينة من ديار مصر» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] من ك: «توفي في يوم» .
[7] «ولم يخلف مثله» : ساقطة من ك.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 94، في البداية والنهاية 11/ 174، 175) .

(13/318)


أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، قال:
حدثني عبيد اللَّه [1] بْن أبي الفتح، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن الدارقطني، قَالَ: كَانَ أَبُو حامد المروروذي قليل [2] الدخول على ابن أبي حامد صاحب بيت المال، وَكَانَ في مجلسه رجل من المتفقهة، فغاب عنه أياما، فسأل عنه فأخبر أنه متشاغل بأمر قد قطعه عن حضور المجلس، فأحضره وسأله عن حاله، فذكر أنه قد اشترى جارية لنفسه، وأنه انقطعت به النفقة وضاقت يده في تلك السنة لانقطاع المادة عنه من بلده، وَكَانَ عليه دين لجماعة من السوقة، فلم يجد قضاء لذلك دون أن باع الجارية، فلما قبض الثمن تذكرها وتشوق إليها واستوحش من بعدها [3] عنه حتى لم يمكنه التشاغل بفقه ولا بغيره/ من شدة قلقه، وتعلق قلبه بها [4] وذكر أن ابن أبي حامد قد اشتراها فأوجبت الحال مضي أبي حامد الفقيه إلى ابن أبي حامد يسأل الإقالة وأخذ المال من البائع، فمضى ومعه الرجل، فحين استأذن على ابن أبي حامد أذن له في الحال، فلما دخل إليه قام إليه واستقبله وأكرمه غاية الإكرام، وسأله عن حاله وعن ما جاء له، فأخبره أَبُو حامد بخبر الفقيه وبيع الجارية، وسأله قبض المال ورد الجارية على صاحبها فلم يعرف ابن أبي حامد للجارية خبرا ولا كَانَ عنده علم من أمرها، وذلك أن امرأته كانت قد اشترتها ولم يعلم بذلك، فورد عَلَيْهِ من ذَلِكَ مورد تبين في وجهه، ثم قام ودخل على امرأته يسألها عن جارية اشتريت في سوق النخاسين على الصفة والنعت، فصادف ذلك أن امرأته كانت جالسة والجارية حاضرة، وهم يصلحون وجهها، وقد زينت بالثياب الحسان والحلي، فقالت: يا سيدي هذه الجارية التي التمست. فسر بذلك سرورا تاما إذ كانت عنده رغبة في قضاء حاجة أبي حامد، فعاد إلى أبي حامد، وَقَالَ له: خفت أن لا تكون الجارية في داري، والآن فهي بحمد الله عندنا، والأمر للشيخ أعزه الله في بابها [5] ثم
__________
[1] في ل، ك: «حدثني عبد الله» .
[2] في ك: «كان أبو حامد كثير الدخول» .
[3] في ت: «واستوحش لأجل بعدها» .
[4] في ص، ل: «من شدة تعلق قلبه بها» .
[5] في ص: «أعزه الله في أمرها» .

(13/319)


أمر بإخراج الجارية، فحين أخرجت تغير وجه الفتى تغيرا شديدا، فعلم بذلك أن الأمر كما ذكره الفقيه من حبه لها وصبابته بها فَقَالَ له ابن أبي حامد: هذه جاريتك. فَقَالَ: نعم هذه جاريتي. واضطرب كلامه من شدة ما نزل به عند رؤيتها، فَقَالَ له: خذها بارك الله لك فيها. فجزاه أَبُو حامد خيرا وشكره [1] وسأله قبض المال، وأخبره أنه على حاله وقدره ثلاثة آلاف درهم فأبى أن يأخذه وطال الكلام في ذلك، فَقَالَ أَبُو حامد: إنما قصدناك نسأل الإقالة ولم نقصد أخذها على هذا الوجه. قال له ابن أبي حامد: هذا رجل فقيه وقد باعها لأجل فقره وحاجته ومتى أخذ المال منه خيف عليه أن يبيعها ثانية ممن لا يردها عليه [2] ، والمال يكون في ذمته فإذا جاءه نفقة من بلده جاز أن يرد ذلك فوهب المال له، وَكَانَ عليها من الحلي والثياب شيء له قدر كبير. فَقَالَ له أَبُو حامد: إن رأى أيده الله أن يتفضل وينفذ مع الجارية من يقبض هذه الثياب والحلي التي عليها فما لهذا الفقيه أحد ينفذه به على يده. فَقَالَ: سبحان الله هذا شيء أسعفناها به ووهبناه لها سواء إن كانت في ملكنا أو خرجت عن قبضتنا، ولسنا نرجع فيما وهبناه من ذلك. فعرف أَبُو حامد أن الوجه ما قاله، فلم يلح عليه بل حسن موقعه من قلبه، فلما أراد لينهض ويودعه قَالَ ابن أبي حامد: أريد أن أسألها قبل انصرافها عن شيء، فَقَالَ: يا جارية أي ما أحب إليك نحن أو مولاك هذا الذي باعك وأنت الآن له؟ فقالت: يا سيدي أما انتم فأحسن الله عونكم وفعل بكم وفعل فقد أحسنتم إلي وأغنيتموني، وأما مولاي هذا فلو ملكت منه ما ملك مني ما بعته بالرغائب العظيمة، فاستحسن الجماعة ذلك منها وما هي عليه من العقل مع الصبي وودعوه وانصرفوا.
توفي ابن أبي حامد في رمضان هذه السنة.
2323- سعيد بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد، أَبُو عثمان البيع [3] :
وهو أخو زبير بْن مُحَمَّد الحافظ، سمع من جماعة وروى عنه ابن شاهين
__________
[1] في ك: «خيرا وشكر له» .
[2] في ك: «يبيعها ثانية على من» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 106) .

(13/320)


والدارقطني، وذكره يُوسُف القواس في جملة شيوخه الثقات.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2324- شغب أم المقتدر [باللَّه] [1] :
كانت لها أموال [عظيمة] [2] تفوق الإحصاء، كَانَ يرتفع لها من ضياعها في كل عام ألف ألف دينار، وكانت تتصدق بأكثر ذلك، وكانت تواظب على مصالح الحاج وتبعث خزانة الشراب والأطباء معهم وتأمر بإصلاح الحياض، فمرضت وفسد مزاجها، ثم هجم عليها قتل ابنها المقتدر، فأخبرت أنه لم يدفن، فجزعت جزعا شديدا ولطمت وامتنعت من الأكل والشرب حتى كادت تتلف، فما زالوا يرفقون بها حتى أكلت كسرة بملح، ثم دعاها القاهر باللَّه فقررها بالرفق والتهديد، فحلفت له أنه لا مال عندها ولا جوهر إلا صناديق فيها ثياب ومصوغ وطيب، وذكرت أنه لو كَانَ عندها مال ما أسلمت ولدها للقتل [3] ، فضربها بيده وعلقها برجل واحدة، فلم يجد عندها غير ما أقرت به، فأخذ، وكانت قيمته نحوا من مائة وثلاثين ألف دينار.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قال: عذب القاهر أم المقتدر بصنوف العذاب حتى قيل إنه علقها منكسة، وَكَانَ يجري بولها على وجهها، فقالت له: لو كَانَ معنا مال ما جرى في أمرنا من الخلل ما آل إلى جلوسك حتى تعاقبني هذه العقوبة، وإنما [4] أنا أمك في كتاب الله، وأنا خلصتك من ابني في الدفعة الأولى.
وَقَالَ أَبُو الحسين بْن عياش [5] : حدثني أَبُو مُحَمَّد عمي، قَالَ: أنفذني [عمي] [6]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (النجوم الزاهرة 3/ 164، 193، 204، 223، 239، والبداية والنهاية 11/ 175، 176، والأعلام 3/ 168) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ل، ك: «ما أسلمت ولدها إلى القتل» .
[4] «وإنما» : ساقطة من ل، ص.
[5] في ت: «وقال أبو الحسن بن عياش» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/321)


أَبُو الحسين بْن أبي عمر القاضي، وابن الحباب الجوهري إلى القاهر، وَكَانَ قد طلب شاهدين ليشهدا على أم المقتدر بتوكيلها في بيع أملاكها، فدخلنا على القاهر فسلمنا ووقفنا، فدفع إلينا بعض الخدم كتابا أوله أقرت شغب مولاة المعتضد أم جعفر المقتدر فإذا هو وكالة في بيع أملاكها، فقلنا للخادم: وأين هي؟ فَقَالَ وراء الباب: فاستأذنا الخليفة في خطابها، فقال: افعلوا، فقلنا: أنت هاهنا حتى نقرأ عليك؟ قالت: نعم، فقرأنا الكتاب عليها وقررناها، ثم وقفنا عن كتب الشهادة طلبا لرؤيتها، فَقَالَ الخليفة:
ما لكم؟ قلنا: يا أمير المؤمنين لا يصح لنا الشهادة دون أن نرى المرأة بأعيننا ونعرفها، فَقَالَ: افعلوا، فسمعنا من وراء الستارة بكاء ونحيبا، ورفعت الستارة فقلنا لها: أنت شغب مولاة المعتضد وأم المقتدر؟ فسكتت ساعة [1] ، ثم قالت: نعم، فقررناها وأسبل الستر فوقفنا عن الشهادة، فَقَالَ القاهر [2] : فأيش بقي؟ قلنا: تعرف يا أمير المؤمنين أنها شغب، فَقَالَ: نعم هذه شغب مولاة أبي وأم أخي، وأوقعنا خطوطنا في الكتاب. ولما رأيناها رأينا عجوزا دقيقة الجسم [3] ، سمراء اللون إلى البياض والصفرة، عليها أثر ضر شديد [4] ، فما انتفعنا بأنفسنا ذلك اليوم فكرا في تقلب الزمان وتصرف الحدثان، وجئنا وأقمنا الشهادة عند أبي الحسين القاضي.
قَالَ مؤلف الكتاب [5] : وتوفيت بعد قتل المقتدر بسبعة أشهر وثمانية أيام، وكأنها توفيت في جمادى الأولى من هذه السنة، ودفنت بالرصافة.
2325- جارية شغب أم المقتدر باللَّه:
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي البزاز، عن أبي قاسم [6] عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو الفرج أَحْمَد بْن عثمان بْن إبراهيم الفقيه المعروف
__________
[1] في ك: «فسكتت فبكت» .
[2] في ك: «فقال الخليفة» .
[3] في ص: «دقيقة الجبين» .
[4] في ك، ت: «عليها أثر ضرب» .
[5] في ت: «قال المصنف» .
[6] في ك: «قال أنبأنا أبو القاسم» .

(13/322)


بابن النرسي، قَالَ: كنت جالسا بحضرة أبي وأنا حدث وعنده جماعة، فحدثني حديث وصول النعم إلى الناس بالألوان الطريفة، وكان ممن حضر صديق لأبي فسمعته يحدث أبي، قَالَ: حضرت عند صديق لي من التجار كَانَ يحزر بمائة ألف دينار في دعوة، وَكَانَ حسن المروءة، فقدم مائدته وعليها ديكيريكة [1] ، فلم يأكل منها فامتنعنا، فَقَالَ: كلوا فإني أتأذى بأكل هذا اللون، فقلنا: نساعدك على تركه، قَالَ: بل أساعدكم على الأكل واحتمل الأذى، فأكل فلما أراد غسل يديه أطال، فعددت عليه أنه قد غسلها أربعين مرة، فقلت: يا هذا وسوست؟ فَقَالَ: هذه الأذية التي فرقت/ منها [2] فقلت: وما سببها؟
فامتنع من ذكره، فألححت [3] عليه، فَقَالَ: مات أبي وسني عشرون سنة، وخلف لي نعمة صغيرة، ورأس مال ومتاعا في دكانه، وَكَانَ خلقانيا في الكرخ، فَقَالَ لي لما حضرته الوفاة: يا بني إنه لا وارث لي غيرك ولا دين عَلي ولا مظلمة فإذا أنا مت فأحسن جهازي وصدق عني بكذا وكذا، وأخرج عن حجة بكذا وكذا، وقال وبارك الله لك في الباقي، ولكن احفظ وصيتي. فقلت: قل، فَقَالَ: لا تسرف في مالك فتحتاج إلى ما في أيدي الناس ولا تجده، واعلم أن القليل مع الإصلاح كثير، والكثير مع الفساد قليل، فالزم السوق وكن أول من يدخلها وآخر من يخرج منها، وإن استطعت أن تدخلها سحرا بليل فافعل فإنك تستفيد بذلك فوائد تكشفها لك الأيام. ومات، وأنفذت وصيته وعملت بما أشار به، وكنت أدخل السوق سحرا وأخرج منها عشاء، فلا أعدم من يجيئني من يطلب كفنا فلا يجد من قد فتح غيري فأحكم عليه ومن يبيع شيئا والسوق لم تقم فأبيعه له وأشياء من الفوائد، ومضى على لزومي السوق سنة وكسر، فصار لي بذلك جاه عند أهلها، وعرفوا استقامتي فأكرموني، فبينا أنا جالس يوما ولم يتكامل السوق إذا بأمرأة راكبة حمارا مصريا وعلى كفله منديل دبيقي وخادم، وهي بزي القهرمانة فبلغت آخر السوق، ثم رجعت فنزلت عندي، فقمت إليها وأكرمتها، وقلت: ما تأمرين؟ وتأملتها فإذا بامرأة لم أر قبلها ولا بعدها إلى الآن أحسن منها في كل شيء، فقالت: أريد كذا ثيابا طلبتها، فسمعت نغمة ورأيت شكلا قتلني وعشقتها في الحال أشد العشق، فقلت:
__________
[1] على هامش المطبوعة: «لعلها ديگ بر ديگ» . كلمة فارسية معناها قدر على قدر.
[2] في ت، ك: «فقال هذا الأذى الّذي توقفت منها» .
[3] في ت: «فامتنع من ذكرها» .

(13/323)


اصبري حتى يخرج الناس فآخذ لك ذلك فليس عندي إلا القليل مما يصلح لك، فأخرجت الذي عندي وجلست تحادثني والسكاكين في فؤادي من عشقها، وكشفت عن أنامل رأيتها كالطلع، ووجه كدارة القمر، فقمت لئلا يزيد عَلي الأمر، فأخذت لها من السوق ما أرادت وكان ثمنه مع مالي نحو خمسمائة دينار، فأخذته وركبت ولم تعطني شيئا وذهب عني لما تداخلني من حبها أن أمنعها من المتاع إلا بالمال وأستدل على منزلها ومن دار من هي، فحين غابت عني وقع لي أنها محتالة، وأن ذلك سبب فقري فتحيرت في أمري وقامت قيامتي وكتمت خبري لئلا أفتضح بما للناس عَلي، وعملت على بيع ما في يدي من المتاع وإضافته إلى ما عندي من الدراهم ودفع أموال الناس اليهم ولزوم البيت والاقتصار على غلة العقار الذي ورثته عن أبي، ووطنت نفسي [1] على المحنة، وأخذت أشرع في ذلك مدة أسبوع، وإذا هي [2] قد نزلت عندي، فحين رأيتها أنسيت جميع ما جرى عَلي وقمت إليها، فقالت: يا فتى تأخرنا عنك لشغل عرض لنا، وما شككنا في أنك لم تشك أننا احتلنا عليك، فقلت: قد رفع الله قدرك عن هذا، فقالت: هات التخت من الطيار [3] ، فأحضرته فأخرجت دنانير عتقا فوفتني المال بأسره، وأخرجت تذكرة بأشياء أخر فأنفذت إلى التجار أموالهم، وطلبت منهم ما أرادت، وحصلت أنا في الوسط ربحا جيدا، وأحضر التجار الثياب فقمت وثمنتها معهم لنفسي، ثم بعتها عليها بربح وأنا في خلال ذلك أنظر إليها نظر تالف من حبها، وهي تنظر إلي نظر من قد فطن بذلك ولم تنكره، فهممت بخطابها ولم أقدم فاجتمع المتاع وكان ثمنها ألف دينار، فأخذته وركبت ولم أسألها عن موضعها، فلما غابت عني، قلت: هذا الآن هو الحيلة المحكمة، أعطتني [خمسة آلاف درهم] [4] وأخذت ألف دينار، وليس إلا بيع عقاري الآن والحصول على الفقر المدقع، ثم سمحت نفسي برؤيتها مع الفقر وتطاولت غيبتها نحو شهر، وألح التجار على المطالبة فعرضت عقاري على البيع [5] ، ولازمني
__________
[1] في ل، ص: «الّذي ورثته ووطنت نفسي» .
[2] في ك: «وإذا بها» .
[3] في المطبوعة: «هات التخت والطيار» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على الهامش.
[5] في ك: «فعرضت عقاري للبيع» .

(13/324)


بعض التجار، فوزنت جميع ما كنت [أملكه ورقا وعينا، فانا كذلك [1] إذ نزلت عندي، فزال عني جميع ما كنت فيه] [2] برؤيتها فاستدعت الطيار والتخت فوزنت المال ورمت [3] إلي تذكرة يزيد ما فيها على ألفي دينار بكثير، فتشاغلت بإحضار التجار ودفع أموالهم إليهم وأخذ المتاع منهم، وطال الحديث بيننا، فقالت: يا فتى لك زوجة؟
فقلت: لا والله ما عرفت امرأة قط، وأطمعني ذلك فيها، وقلت: هذا وقت خطابها والإمساك عنها عجز، ولعلها تعود أو لا تعود [4] وأردت كلامها فهبتها وقمت كأني أحث التجار على جمع المتاع، وأخذت يد الخادم وأخرجت له دنانير وسألته أن يأخذها ويقضي لي حاجة.
فَقَالَ: أفعل وأبلغ لك محبتك، ولا آخذ شيئا، فقصصت عليه قصتي وسألته توسط الأمر بيني وبينها، فضحك وَقَالَ: إنها لك أعشق منك لها، وو الله ما بها حاجة إلى أكثر هذا الذي تشتريه، وإنما تجيئك محبة لك وتطريقا إلى مطاولتك فخاطبها بظرف ودعني فإني أفرغ لك من الأمر، فجسرني بذلك عليها فخاطبتها، وكشفت لها عشقي ومحبتي، وبكيت، فضحكت وتقبلت ذلك أحسن تقبل، وقالت: الخادم يجيئك برسالتي، ونهضت ولم تأخذ شيئا من المتاع فرددته على الناس وقد حصل لي مما اشترته أولا وثانيا ألوف دراهم [5] ربحا، ولم يحملني النوم تلك الليلة شوقا إليها وخوفا من انقطاع السبب، فلما كَانَ بعد أيام جاءني الخادم فأكرمته وسألته عن خبرها، فَقَالَ:
هي والله عليلة من شوقها إليك، فقلت: اشرح لي أمرها؟ فَقَالَ: هذه مملوكة السيدة [أم المقتدر، وهي من أخص جواريها بها واشتهت رؤية الناس والدخول والخروج، فتوصلت حتى جعلتها قهرمانة، وقد والله حدثت السيدة بحديثك] [6] وبكت بين يديها، وسألتها أن تزوجها منك فقالت السيدة: لا أفعل أو أرى هذا الرجل [7] ، فإن كان
__________
[1] في ك: «فإذا أنا كذلك» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[3] في ت: «وردت» .
[4] في ك: «ولعلها تقوم ولا تعود» .
[5] في ك: «وثانيا ألف وثلاثمائة درهم» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على الهامش.
[7] في ك: «لا أفعل حتى أرى هذا الرجل» .

(13/325)


يستأهلك وإلا لم أدعك ورأيك، ويحتاج في إدخالك الدار بحيلة [1] ، فإن تمت وصلت بها إلى تزويجها وإن انكشفت ضربت عنقك في هذا، وقد نفذتني إليك في هذه الرسالة وقالت لك: إن صبرت على هذا وإلا فلا طريق لك والله إلي ولا لي إليك بعدها.
فحملني ما في نفسي أن قلت: أصبر، فَقَالَ: إذا كَانَ الليل فاعبر إلى المخرم فادخل إلى المسجد وبت فيه، ففعلت، فلما كَانَ السحر إذا أنا بطيار قد قدم وخدم قد رقوا صناديق فرغ فحطوها في المسجد وانصرفوا، وخرجت الجارية فصعدت إلى المسجد ومعها الخادم الذي أعرفه، فجلست وفرقت باقي الخدم في حوائج، واستدعتني فقبلتني وعانقتني طويلا، ولم أكن نلت ذلك منها قبله، ثم أجلستني في بعض الصناديق وقفلته، وطلعت الشمس وجاء الخدم بثياب وحوائج من المواضع التي كانت أنفذتهم إليها، فجعلت ذلك بحضرتهم في باقي الصناديق وقفلتها وحملتها إلى الطيار وانحدروا، فلما حصلت فيه ندمت وقلت: قتلت نفسي لشهوة وأقبلت ألومها تارة وأشجعها أخرى وأنذر النذور على خلاصي وأوطن نفسي مرة على القتل إلى أن بلغنا الدار، وحمل الخدم الصناديق، وحمل صندوق الخادم الذي يعرف الحديث، وبادرت بصندوق أمام الصناديق وهي معه والخدم يحملون الباقي ويلحقونها، فكل ما جازت بطبقة من الخدم والبوابين قالوا نريد نفتش الصندوق فتصيح عليهم، وتقول: متى جرى الرسم معي بهذا؟ فيمسكون وروحي في السياق إلى أن انتهت [2] إلى خادم خاطبته هي بالأستاذ، فعلمت أنه أجل الخدم فَقَالَ: لا بد من تفتيش الصندوق الذي معك، فخاطبته بلين وذل، فلم يجبها وعلمت أنها ما ذلت له ولها حيلة وأغمي عَلي، وأنزل الصندوق للفتح، فذهب عَلي أمرى [3] وبلت فزعا، فجرى البول من خلل الصندوق، فصاحت: يا أستاذ، أهلكت علينا متاعنا بخمسة آلاف دينار/ في الصندوق ثياب مصبغات وماء ورد قد انقلب على الثياب والساعة تختلط ألوانها وهي هلاكي مع السيدة، فَقَالَ لها: خذي صندوقك إلى لعنة الله، أنت وهو ومري، فصاحت بالخدم احملوه.
__________
[1] في ك: «أن تدخلك إلى الدار بحيلة» .
[2] في ك: «السياق إلى أن انتهينا» .
[3] في ت: «وأنزل الصندوق ليفتح، فذهب عني عقلي وبلت» .

(13/326)


وأدخلت الدار فرجعت إلي روحي، فبينا نحن نمشي إذ قالت: وا ويلاه، الخليفة والله فجاءني أعظم من الأول، وسمعت كلام خدم وجوار وهو يقول من بينهم: ويلك يا فلانة أيش في صندوقك؟ أريني هو، فقالت: ثياب لستي يا مولاي والساعة أفتحه بين يديها وتراه، وقالت للخدم: أسرعوا ويلكم، فأسرعوا وأدخلتني إلى حجرة وفتحت عني وقالت: اصعد هذه الدرجة إلى الغرف واجلس فيها، وفتحت بالعجلة صندوقا آخر فنقلت بعض ما كَانَ فيه إلى الصندوق الذي كنت فيه وقفلت الجميع، وجاء المقتدر وَقَالَ: افتحى، ففتحته فلم يرض منه شيئا وخرج، فصعدت إلي وجعلت ترشفني وتقبلني، فعشت ونسيت ما جرى، وتركتني، وقفلت باب الحجرة يومها، ثم جاءتني ليلا فأطعمتني وسقتني وانصرفت، فلما كَانَ من غد جاءتني، فقالت: السيدة الساعة تجيء فانظر كيف تخاطبها. ثم عادت بعد ساعة مع السيدة، فقالت: انزل، فنزلت فإذا بالسيدة جالسة على كرسي وليس معها إلا وصيفتان وصاحبتي، فقبلت الأرض وقمت بين يديها، فقالت: اجلس، فقلت: أنا عبد السيدة وخادمها وليس من محلي أن يجلس بحضرتها، فتأملتني وقالت: ما اخترت يا فلانة إلا حسن الوجه والأدب.
ونهضت فجاءتني صاحبتي بعد ساعة وقالت: أبشر فقد أذنت لي والله في تزويجك، وما بقي الآن عقبة إلا الخروج، فقلت يسلم الله فلما كَانَ من الغد حملتني في الصندوق فخرجت كما دخلت بعد مخاطرة أخرى وفزع نالني، ونزلت في المسجد ورجعت إلى منزلي فتصدقت وحمدت الله على السلامة، فلما كَانَ بعد أيام جاءني الخادم ومعه كيس فيه ثلاثة آلاف دينار عينا، وَقَالَ أمرتني ستي بإنفاذ هذا إليك من مالها، وقالت: تشتري به ثيابا ومركوبا وخدما، وتصلح به ظاهرك وتعال يوم الموكب إلى باب العامة وقف حتى تطلب، فقد وافقت الخليفة أن تزوجك بحضرته، فأجبت عن رقعة كانت معه، وأخذت المال واشتريت ما قالوا بيسير منه، وبقي الأكثر عندي، وركبت إلى باب العامة في يوم الموكب بزي حسن وجاء الناس فدخلوا إلى الخليفة، ووقفت إلى أن استدعيت، فدخلت فإذا أنا بالمقتدر جالس والقواد والقضاة والهاشميون، فهبت المجلس وعلمت كيف أسلم وأقف، ففعلت فتقدم المقتدر إلى بعض القضاة الحاضرين فخطب لي وزوجني، وخرجت من حضرته، فلما صرت في

(13/327)


بعض الدهاليز قريبا من الباب عدل بي إلى دار عظيمة مفروشة بأنواع الفرش الفاخرة، وفيها من الآلات والخدم والأمتعة والقماش كل شيء لم أر مثله قط، فأجلست فيها وتركت وحدي، وانصرف من أدخلني، فجلست يومي لا أرى من أعرفه، ولم أبرح من موضعي إلا إلى الصلاة، وخدم يدخلون ويخرجون، وطعام ينقل، وهم يقولون: الليلة تزف فلانة- باسم صاحبتي إلى زوجها البزاز فلا أصدق فرحا فلما جاء الليل أثر في الجوع، وقفلت الأبواب ويئست من الجارية فقمت أطوف الدار، فوقفت على المطبخ ووجدت الطباخين جلوسا، فاستطعمتهم فلم يعرفوني، وقدرني بعض الوكلاء، فقدموا إلي هذا اللون من الطبيخ مع رغيفين فأكلتهما وغسلت يدي بأشنان كَانَ في المطبخ وقدرت أنها قد نقيت، وعدت إلى مكاني، فلما جن الليل إذا طبول وزمور وأصوات عظيمة، وإذا بالأبواب قد فتحت وصاحبتي قد أهديت إلي، وجاءوا بها فجلوها عَلي وأنا أقدر أن ذلك في النوم فرحا، وتركت معي في المجلس وتفرق الناس.
فلما خلونا تقدمت إليها فقبلتها وقبلتني فشمت لحيتي فرفستني فرمت بي عن المنصة، وقالت: أنكرت أن تفلح يا عامي يا سفلة، وقامت لتخرج، فقمت وعلقت بها وقبلت الأرض ورجليها، وقلت: عرفيني ذنبي واعملي بعده ما شئت، فقالت: ويحك أكلت فلم تغسل يدك، فقصصت عليها قصتي، فلما بلغت إلى آخرها قلت: عَلي وعلي فحلفت بطلاقها وطلاق كل امرأة أتزوجها، وصدقة مالي وجميع ما أملكه والحج ماشيا على قدمي، والكفر باللَّه، وكل ما يحلف المسلمون به لا أكلت بعدها ديكيريكة إلا غسلت يدي أربعين مرة، فأشفقت وتبسمت وصاحت يا جواري، فجاء مقدار عشر جوار ووصائف، وقالت: هاتوا شيئا نأكل، فقدمت ألوان طريفة وطعام من أطعمة الخلفاء، فأكلنا وغسلنا أيدينا ومضى الوصائف، ثم قمنا إلى الفراش فدخلت بها وبت بليلة من ليالي الخلفاء، ولم نفترق أسبوعا، وكانت يوم الأسبوع وليمة هائلة اجتمع فيها الجواري، فلما كَانَ من غد قالت: إن دار الخلافة لا تحتمل المقام فيها أكثر من هذا فلولا أنه استؤذن فأذن بعد جهد لما تم لنا هذا لأنه شيء لم يفعل قبل هذا مع جارية غيري لمحبة سيدتي لي، وجميع ما تراه فهو هبة من السيدة لي، وقد أعطتني خمسين ألف دينار من عين وورق وجوهر ودنانير وذخائر لي خارج القصر كثيرة من كل لون،

(13/328)


وجميعها لك فاخرج إلى منزلك وخذ معك مالا واشتر دارا سرية واسعة الصحن فيها بستان كبير كثير الشجر فاخر الموقع وتحول إليها وعرفني لأنقل هذا كله إليك، فإذا حصل عندك جئتك، وسلمت إلي عشرة آلاف دينار عينا فحملها الخادم معي فابتعت الدار وكتبت إليها بالخبر، فحملت إلي تلك النعمة بأسرها فجميع ما أنا فيه منها، فأقامت عندي كذا وكذا سنة أعيش معها عيش الخلفاء، ولم أدع مع ذلك التجارة، فزاد مالي، وعظمت منزلتي، وأثرت حالي وولدت لي هؤلاء الفتيان، وأومأ إلى أولاده، ثم ماتت رحمها الله تعالى وبقي عَلي من مضرة الديكيريكة حاضرا ما شاهدته.
2326- عبد السلام بْن مُحَمَّد [بْن عبد الوهاب] [1] بْن سلام بن خالد بن حرمان بْن أبان مولى عثمان بْن عفان [2] :
وهو أَبُو هاشم بْن أبي عَلي الجبائي، المتكلم شيخ المعتزلة، ومصنف الكتب على مذاهبهم، ولد سنة سبع وسبعين ومائتين، وتوفي في شعبان هذه السنة، وكان عمره ستا وأربعين وثمانية أشهر وأياما.
2327- عَلي بْن أَحْمَد بْن مروان، أَبُو الحسن المقرئ من أهل سامرا ويعرف بابن نقيش [3] :
سمع الحسن بْن عرفة، وعمر بْن شبة، روى عنه ابن المظفر الحافظ، وكان ثقة.
وتوفي في هذه السنة بسر من رأى.
2328- محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية، أبو بكر الأزدي [[4]] .
ولد في سكة صالح بالبصرة سنة ثلاث وعشرين ومائتين، ونشأ بعمان، وتنقل في
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفيها «عبد السلام» بدلا من: «بن سلام» .
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 176، وتاريخ بغداد 11/ 55، والمقريزي 2/ 348، ووفيات الأعيان 1/ 292، وميزان الاعتدال 2/ 131، والأعلام 4/ 7، وشذرات الذهب 2/ 289) .
[3] في ت: «المقرئ بسر من رأى، ويعرف بابن يعيش» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 319) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 195، وإنباه الرواة 3/ 92، والعبر للذهبي 2/ 187، والبداية

(13/329)


جزائر البحر والبصرة وفارس، وطلب الأدب، وعلم النحو واللغة، وكان أبوه من الرؤساء وذوي اليسار، وورد بغداد بعد أن أسن فأقام بها إلى آخر عمره، وحدث عن عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، وأبي حاتم، والرياشي، وَكَانَ المقدم في حفظ اللغة والأنساب، وله شعر كثير، روى عنه أَبُو سعيد السيرافي وأبو بكر ابن شاذان، وأبو عُبَيْد اللَّهِ المرزباني وغيرهم. وَكَانَ يقال: أَبُو بكر بْن دريد أعلم الشعراء وأشعر العلماء.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد بْن نصر، قَالَ: سمعت حمزة يُوسُف، يقول: سألت الدارقطني عن ابن دريد؟ فَقَالَ: [قد] [1] تكلموا فيه.
قَالَ حمزة: وسمعت أبا بكر الأبهري المالكي، يقول: جلست إلى جنب ابن دريد، وهو يحدث ومعه جزء فيه: [قَالَ الأصمعي: فكان يقول في واحد حَدَّثَنَا الرياشي، وفى آخر] [2] حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، [وفى آخر حَدَّثَنَا] [3] ابن أخي الأصمعي، عَنِ الأصمعي، كما يجيء على قلبه. وَقَالَ أَبُو منصور الأزهري/ دخلت على ابن دريد فرأيته سكران فلم أعد إليه.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: كتب إلي أَبُو ذر الهروي: سمعت ابن شاهين يقول: كنا ندخل على ابن دريد ونستحي مما نرى من العيد ان المعلقة، والشراب المصفى موضوع، وقد كَانَ جاز التسعين سنة.
__________
[ () ] والنهاية 11/ 176، 177، وفيه «أحمد بن الحسن» . وتذكره الحفاظ 810، وطبقات الشافعية للسبكي 3/ 138، وطبقات القراء للجزري 2/ 116، وإرشاد الأريب 6/ 483، ووفيات الأعيان 4/ 323- 329، وآداب اللغة 2/ 188، ولسان الميزان 5/ 132، وطبقات النحاة 2/ 33، والفهرست 61، والكامل لابن الأثير 8/ 273، ولسان الميزان 5/ 132، ومرآة الجنان 2/ 282، ومراتب النحويين 84، والمزهر 2/ 465، ومعجم الأدباء 6/ 283، ومعجم الشعراء 425، وميزان الاعتدال 3/ 520، والنجوم الزاهرة 3/ 242، ونزهة الألباء 258. والوافي بالوفيات للصفدي 2/ 339، وطبقات المفسرين للداوديّ 473، ونزهة الألباء 322، ودائرة المعارف الإسلامية 1/ 159، وخزانة الأدب للبغدادي 1/ 490، 491، والأعلام 6/ 80، نور القبس 342) .
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/330)


وتوفي يوم الأربعاء لثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان هذه السنة فلما حملت جنازته إذا بجنازة أبي هاشم الجبائي، فَقَالَ الناس: مات علم اللغة [والكلام] [1] بموت ابن دريد والجبائي، ودفنا جميعا في الخيزرانية.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ أَبُو بَكْر بْن ثَابِت الخطيب: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي، عن أبيه، قَالَ: حدثني أَبُو عَلي الحسن بْن سهل بْن عبد الله الإيذجي القاضي، قَالَ: لما توفي أَبُو هاشم الجبائي ببغداد واجتمعنا لندفنه فحملناه إلى مقابر الخيزران في يوم مطير، ولم يعلم بموته أكثر الناس، وكنا جميعة في الجنازة، فبينا نحن ندفنه! إذ حملت جنازة أخرى معها جميعة عرفتهم بالأدب [2] فقلت لهم: جنازة من هذه؟ فقالوا:
جنازة أبي بكر بْن دريد. فذكرت حديث الرشيد لما دفن مُحَمَّد بْن الحسن والكسائي بالري في يوم واحد، فأخبرت أصحابنا وبكينا على والكلام والعربية طويلا وافترقنا.
2329- مُحَمَّد بْن موسى، أَبُو بكر الواسطي [3] :
أصله من خراسان من فرغانة، وَكَانَ يعرف بابن الفرغاني، وهو من قدماء أصحاب الجنيد، استوطن مرو.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر الحافظ، قَالَ: أنبأنا أَبُو بَكْر بْن خلف الشيرازي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، قَالَ: سَمِعْتُ [4] مُحَمَّد بْن عبد الله الواعظ، يقول: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن موسى الفرغاني، يقول: ابتلينا بزمان ليس فيه آداب الإسلام ولا أخلاق الجاهلية ولا أخلاق ذوي المروءة.
قَالَ السلمي: توفي الواسطي بعد العشرين والثلاثمائة رحمة الله عليه [5] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «عرفتهم بالتأدب» .
[3] هذه الترجمة ساقطة من ل، ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 244، وطبقات الصوفية 302- 306 وحلية الأولياء 10/ 349، والرسالة القشيرية 32، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 178- 180، وجامع كرامات الأولياء 1/ 104، والكواكب الدرية 2/ 55، وطبقات الأولياء، صفحة 148، والأعلام 7/ 117) .
[4] «أَبُو بَكْر بْن خلف الشيرازي، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قَالَ: سمعت» هذه العبارة ساقطة من ك، وأثبتناها من ت.
[5] في ك: «رحمه الله» .

(13/331)


2330- أَبُو جعفر المجذوم [1] :
كَانَ شديد العزلة عن الخلق، وهو من أقران أبي العباس بْن عطاء، وله كرامات.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي بن ثَابِت [2] ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عَلي بْن الفتح، حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن السلمي، قَالَ: سمعت علي بن سعيد المصيصي، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن خفيف، يقول: سمعت أبا الحسين الدراج، قَالَ: كنت أحج فيصحبني جماعة، فكنت أحتاج إلى القيام معهم والاشتغال بهم، فذهبت سنة من السنين وخرجت إلى القادسية، فدخلت المسجد، فإذا رجل في المحراب مجذوم وعليه من البلاء شيء عظيم، فلما رآني سلم عَلي وَقَالَ لي: يا أبا الحسين عزمت على الحج؟ فقلت: نعم، على غيظ وكراهية له [قَالَ] [3] : فَقَالَ لي:
فالصحبة، فقلت في نفسي: أنا هربت من الأصحاء أقع في يدي مجذوم، قلت: لا، قَالَ لي: افعل، قلت: لا والله لا أفعل، فقال: يا أبا الحسن يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوي، فقلت: نعم، على الإنكار عليه، قَالَ: فتركته فلما صليت العصر مشيت إلى ناحية المغيثة، فبلغت من الغد ضحوة، فلما دخلنا إذا أنا بالشيخ فسلم عَلي، وَقَالَ لي: يا أبا الحسين يصنع الله عز وجل للضعيف حتى يتعجب القوي، قَالَ:
فأخذني شبه الوسواس [4] في أمره قَالَ: فلم أحس حتى بلغت القرعاء على الغدو [5] فبلغت مع الصبح، فدخلت المسجد فإذا أنا بالشيخ قاعد، وَقَالَ لي: يا أبا الحسين يصنع الله للضعيف حتى يتعجب القوي، قَالَ: فبادرت إليه فوقعت بين يديه على وجهي، فقلت: المعذرة إلى الله عز وجل وإليك، قال لي: مالك؟ قلت: أخطأت، قَالَ: ما هو؟ قلت الصحبة، قَالَ: ألست حلفت [6] ؟ وإنا نكره أن نحنثك [7] قال: قلت:
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 415) .
[2] في ت: «قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن ثَابِت» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «فأخذني شبيه الوسواس» .
[5] في ص، ل: «حتى بلغت القارعة على الغد» .
[6] في ك، ل: «أليس حلفت» .
[7] في ك: «وأنا أكره أن احنثك» .

(13/332)


فأراك في كل منزل قَالَ ذلك لك، قَالَ: فذهب عني الجزع والتعب في كل منزل ليس لي هم إلا الدخول إلى المسجد، فأراه إلى أن بلغت المدينة فغاب عني فلم أره، فلما قدمت مكة حضرت أبا بكر الكتاني، وأبا الحسن المزين، فذكرت لهم فقالوا لي: يا أحمق، ذاك أَبُو جعفر المجذوم، ونحن نسأل الله أن نراه، فقالوا: إن لقيته فتعلق به لعلنا نراه قلت: نعم.
فلما خرجنا من منى ومن عرفات لم ألقه، فلما كَانَ يوم الجمرة رميت الجمار فجذبني إنسان، وَقَالَ لي: يا أبا الحسين [السلام عليك، فلما رأيته لحقني من رؤيته شيء عظيم، فصحت وغشي عَلي وذهب عني وجئت إلى مسجد الخيف وأخبرت أصحابنا، فلما كان يوم الوداع طفت وصليت خلف [1] المقام ركعتين [2] ، ورفعت يدي، فإذا إنسان خلفي يجذبني، فَقَالَ لي: يا أبا الحسين] [3] عزمت عليك أن لا تصيح، قلت: لا أسالك أن تدعو لي، فَقَالَ: سل ما شئت، فسألت الله تعالى ثلاث دعوات فأمن على دعائي وغاب عني فلم أره. فسألته عن الأدعية فَقَالَ: أما أحدها قلت: يا رب حبب إلي الفقر فليس شيء في الدنيا أحب إلي منه، والثاني: قلت: اللَّهمّ لا تجعلني أبيت ليلة ولي شيء أدخره لغد وأنا منذ كذا وكذا سنة ما لي شيء أدخره، والثالث: قلت: اللَّهمّ إذا أذنت لأوليائك أن ينظروا إليك فاجعلني منهم وأنا أرجو ذلك.
__________
[1] في ص، ل: «كان يوم الوداع صليت خلف» .
[2] «ركعتين» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/333)


ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ورد فِي يوم الخميس لثلاث عشرة خلت من المحرم كتاب من أبي جعفر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم الكرخي، وَكَانَ يتقلد أعمال الخراج والضياع بالبصرة والأهواز، بمصير جماعة من الديلم [1] من أصحاب مرداويج إلى أصبهان وتسلمهم إياها لمرداويج الديلمي، وأنه قد خرج قائد جليل من قواده كان يتقلد له بالبصرة، وأنه فاز بمال جليل وهرب وصار إلى أرجان يقال له عَلي بْن بويه، وأنه كتب إليه بأنه في طاعة السلطان، وأنفذ منه كتابا إلى الوزير الخصيبي يسأله في الورود إلى الحضرة [2] ، أو النفوذ إلى شيراز لينضم إلى ياقوت مولى أمير المؤمنين القاهر باللَّه المتولي لأعمال المعادن بفارس وكرمان، وَكَانَ أَبُو علي ابن مقلة [قد استتر من القاهر لخوفه منه، وَكَانَ القاهر بطاشا، وَكَانَ ابن مقلة] [3] في مدة استتاره يراسل الجند ويغريهم على القاهر، ويوحشهم منه، ويعرفهم أنه قد بنى لهم المطامير، وعمل على حبسهم فيها، واحتال من جهة منجم يعرف بسيما، وَكَانَ يخوفهم [4] من القاهر من طريق النجوم، فاجتمع الجند وذكروا أنه قد صح عندهم أن القاهر قد عمل حبوسا يحبسهم فيها فأنهي ذلك إلى القاهر [5] ، فحلف
__________
[1] من ت: «وذكر جماعة من الديلم» .
[2] في ت: «يستأذنه في الورود إلى البصرة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في المطبوعة: «وكان يخوفه» .
[5] في ت: «فأنهي على القاهر» .

(13/334)


أنه لم يفعل ذلك فاتفقوا على القبض على القاهر، [وتحالفوا] [1] فَقَالَ لهم سيما: إن كنتم على هذا العزم فقوموا بنا الساعة، فقالوا: بل نؤخره إلى غد، فإنه يوم موكب يجلس فيه للسلام ويظهر لنا فنقبض عليه، فَقَالَ: إن تفرقتم الساعة وأخرتم إمضاءه إلى ساعة أخرى بطل ما دبرتموه، فركبوا معه وصاروا إلى الدار، ورتب على أبوابها غلمانا، ووقف هو على باب العامة، وأمر بالهجوم فهجموا كلهم من سائر الأبواب في وقت واحد، فبلغ الخبر الوزير الخصيبي فخرج في زي امرأة واستتر، فلما دخلوا على القاهر هرب إلى سطح حمام فاستتر فيه، فوجدوه فقبضوا عليه وصاروا به إلى موضع الحبوس فحبسوه، ووكلوا بباب البيت جماعة.
ووقع النهب ببغداد، وخلع يوم السبت لثلاث خلون من جمادى الأولى من هذه السنة، وسملت عيناه في هذا اليوم [حتى سالتا جميعا فعمي، وارتكب منه أمر عظيم لم يسمع بمثله في الإسلام، فكانت خلافته إلى هذا اليوم] [2] سنة وستة أشهر وسبعة أيام، وبقي القاهر محبوسا [3] في دار السلطان [4] إلى سنة ثلاث وثلاثين، ثم خرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارة يحبس وتارة يخلى، فخرج يوما فوقف بجامع المنصور يتصدق وقصد بذلك التشنيع على المكتفي، فرآه أَبُو عبد الله بْن أبي موسى، فمنعه من ذلك وأعطاه خمسمائة درهم.
باب ذكر خلافة الراضي باللَّه:
اسمه محمد ويكنى أبا العباس ابن المقتدر، ولد ليلة الأربعاء [5] لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ومائتين، وأمه أم ولد رومية تسمى ظلوم، أدركت خلافته [6] ،
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «هذا اليوم سنة ... وبقي القاهر محبوسا» . ساقطة من ك.
[4] «في دار السلطان» : ساقطة من ك، ص.
[5] في ك: «ولد يوم الأربعاء» .
[6] في ك: «ما أدركت خلافته» .

(13/335)


وَكَانَ قصير القامة، نحيف الجسم، أسمر رقيق السمرة، دري اللون أسود الشعر سبطه، في وجهه طول، وفى مقدم لحيته تمام، وفى شعرها رقة، بويع له وأقيم القاهر بين يديه، فسلم عليه بالخلافة، وبعث الراضي إلى أبي بكر الصولي، فَقَالَ له: اختر لي لقبا، فاختار له المرتضي [1] باللَّه، فبعث إليه يقول: كنت أنت [قد] [2] عرفتني أن إبراهيم بن المهدي أراد له أن يكون له ولي عهد، فأحضروا منصور/ بْن المهدي وسموه المرتضى [3] ، وما أختار أن أتسمى [4] باسم وقع لغيري ولم يتم أمره، وقد اخترت الراضي باللَّه.
ولما بويع الراضي [باللَّه] [5] كتب كتابا [6] لأبي علي ابن مقلة، وَكَانَ قد اختفى في داره فكبست فاستتر في بئر فسلم وظهر ومضى إلى الراضي، فقلده الوزارة وتقدم إلى عَلي بْن عيسى بمعاونته، وأمر الراضي بإطلاق كل من كَانَ في حبس القاهر، وصودر عيسى طبيب القاهر على مائتي ألف دينار، وَكَانَ القاهر قد أودعه عشرين ألف دينار ومائة وخمسين ألف درهم وألف مثقال عنبر، فاعترف وأداها. وولي أَبُو بكر بْن رائق إمارة الجيش ببغداد، وكان الحجاب أصحاب المناطق أربعمائة وثمانين حاجبا.
ذكر طرف من سيرته
كَانَ الراضي سمحا واسع النفس، أديبا شاعرا حسن البيان والفصاحة، يحب محادثة العلماء. سمع من البغوي قبل الخلافة كثيرا ووصله بمال كثير غزير، ورفع إليه أن عبد الرحمن بْن عيسى قد احتاز أموالا عظيمة، وتقرر [7] عليه مائة ألف دينار، فحلف أن
__________
[1] في ك: «المرضي باللَّه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «وسموه المرضي» .
[4] في ك: «وما أحب أن أتسمى» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «كتب أمانا» .
[7] في ك: «أموالا عظيمة فقرر» .

(13/336)


لا يقنع إلا بأدائها، فكتب الوزير أَبُو جعفر الكرخي تقسيطا بدأ فيه بنفسه، ودخل عليه جعفر بْن ورقاء فسلم إليه الدرج، وخاطبه ليكتب شيئا، فَقَالَ: أنا أدبر الأمر، وكتب ضمن جعفر بْن ورقاء لوكيل أمير المؤمنين مائة ألف دينار عن عبد الرحمن بْن عيسى، ونفذ بها، فلما رأى الراضي الرقعة اغتاظ وخرقها، وَقَالَ: قل له يا أعرابي جلف أردت أن تري الناس أنك واسع النفس وقد عزمت عمن لا حرمته بينك وبينه هذا المال، وضاقت نفسي أنا عن تركه وهو خادمي فتظهر أنك أكرم مني، لا كَانَ هذا، فَقَالَ ابن ورقاء: والله ما اعتمدت أن يقع في نفسه إلا هذا فيفعل ما فعله، ولو جرى الأمر بخلافه لأديت ما أملك، واستمحت الناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخطيب، قَالَ: كَانَ للراضي فضائل كثيرة وختم الخلفاء في أمور عدة منها: أنه آخر خليفة له شعر مدون، وآخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش والأموال، وآخر خليفة خطب على المنبر يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الجلساء ووصل إليه الندماء، وآخر خليفة كانت نفقته وجوائزه وعطاياه وجراياته وخزانته ومطابخه ومجالسه وخدمه وحجابه وأموره كلها تجري على ترتيب المتقدمين من الخلفاء، وقد روي لنا في حديث أنه وقع حريق بالكرخ [1] ، فأطلق للهاشميين عشرة آلاف دينار وللعامة أربعين ألفا حتى عمروا ما احترق، وولع بهدم القصور من دار الخلافة وتصييرها بساتين.
وله أشعار حسان منها:
لا تعذلي كرمي على الإسراف ... ربح المحامد متجر الإشراف
أجرى كآبائي الخلائف سابقا ... وأشيد ما قد أسست أسلافي
إني من القوم الذين أكفهم ... معتادة الأخلاف والإتلاف
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن يحيى الصولي يحكي: أنه دخل على الراضي وهو يبني شيئا أو يهدم شيئا فأنشده أبياتا، وَكَانَ الراضي جالسا على
__________
[1] في ك: «إنه وقع الحريق بالكرخ» .

(13/337)


آجرة حيال الصناع، قَالَ: وكنت أنا وجماعة من الجلساء، فأمرنا بالجلوس بحضرته، فأخذ كل واحد منا آجرة فجلس عليها، واتفق أني أخذت آجرتين ملتصقتين بشيء من اسفيذاج، فجلست عليهما، فلما قمنا أمر أن توزن آجرة كل واحد منا ويدفع إليه وزنها دراهم أو دنانير. قَالَ أبي: الشك مني، قَالَ: فتضاعفت جائزتي على جوائز الحاضرين بتضاعف وزن آجرتي على وزن آجرهم.
ومن أشعاره:
يصفر وجهي إذا تأمله ... طرفي ويحمر وجهه خجلا
حتى كَانَ الذي بوجنته ... من دم جسمي إليه قد نقلا
قَالَ أَبُو بكر الصولي: قد كنت قلت: أبياتا وهي:
يا مليح الدلال رفقا بقلب ... يشتكي منك جفوة وملالا
نطق السقم بالذي كَانَ يخفي ... فسل الجسم إن أردت سؤالا
قد أتاه في النوم منك خيال ... فرآه كما اشتهيت خيالا
يتحاماه للضنا ألسن العذل ... فأضحى لا يعرف العذالا
فأنشدت هذه الأبيات للراضي باللَّه، فجذب الدواة وعمل من وقته:
عقلي لا يقبل المحالا ... وأنت لا تبذل الوصالا
ضللت في حبكم فحسبي ... حتى متى أتبع الضلالا
قد زارني منكم خيال ... فزدت إذ زارني خبالا
رأى خيالا على فراش ... وما أراه رأى خيالا
قَالَ الصولي: فعجبت والله من سرعة فطنته.
وفى هذه السنة: عظم أمر مرداويج بأصبهان، وحدث الناس أنه يريد تشعيث الدولة، وقصد بغداد، وأنه مسالم لصاحب البحرين يجتمعان على ذلك، وَكَانَ يقول:
أنا أرد دولة العجم وأبطل ملك العرب، ثم أساء السيرة في أصحابه خصوصا في الأتراك، فتواطئوا على إهلاكه، ثم ورد الخبر بأن غلمانه قتلوه، وأن رئيس الغلمان غلام

(13/338)


يعرف ببجكم زعم ابن ياقوت أنه هو الذي دبر ذلك، وكاتب فيه الغلمان.
وفى هذه السنة: ارتفع أمر أبي الحسن عَلي بْن بويه الديلمي، ولبويه قصة عجيبة وهي بداية أمورهم، فلنذكرها:
أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الباقي البزاز، أَنْبَأَنَا عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، حَدَّثَنَا عَلي بْن حسان الأنباري الكاتب، قَالَ: لما أنفذني معز الدولة من بغداد إلى ديلمان لأبني له دورا في بلدة منها، قَالَ لي: سل عن رجل من الديلم يقال له: أَبُو الحسين بْن شيركوه [1] ، فأكرمه واعرف حقه وأقرئه سلامي، وقل له سمعت وأنا صبي بحديث منام كَانَ أبي رآه وفسره هو وانت على مفسر بديلمان، ولم أقم عليه للصبي، فحدثني به واحفظه لتعيده عَلي.
فلما جئت إلى ديلمان جاءني رجل مسلما، فعلمت بأنه كَانَ بينه وبين بويه والد الأمير صداقة فأكرمته وعظمته وأبلغته رسالة معز الدولة، فَقَالَ لي: كانت بيني وبين بويه مودة وكيدة، وهذه داره ودارى متحاذيتان كما ترى، وأومأ إليهما، فَقَالَ لي. ذات يوم:
إنى قد رأيت رؤيا هالتني فاطلب لي إنسانا يفسرها لي، فقلت: نحن هاهنا في مفازة فمن أين لنا من يفسر، ولكن اصبر حتى يجتاز بنا منجم أو عالم فنسأله، ومضى على هذا الأمر شهور فخرجت أنا وهو في بعض الأيام إلى شَاطِئ البحر نصطاد سمكا، فجلسنا فاصطدنا شيئا [2] كثيرا، فحملناه على ظهورنا أنا وهو، وجئنا فقال لي: ليس في داري من يعمله فخذ الجميع إليك ليعمل عندك، فأخذته وقلت له: فتعال إلي لنجتمع عليه، ففعل فقعدنا أنا وهو وعيالي ننظفه ونطبخ بعضه ونشوى الباقي، واذا رجل مجتاز يصيح منجم مفسر للرؤيا، فقال لي: يا أبا الحسين تذكر ما قلته لك بسبب المنام رأيته فقلت:
بلى، فقمت وجئت بالرجل، فَقَالَ له بويه: رأيت ليلة في منامي كأني جالس أبول، فخرج من ذكري نار عظيمة كالعمود، ثم تشعبت يمنة ويسرة وأماما وخلفا حتى ملأت الدنيا، وانتبهت، فما تفسير هذا؟ فَقَالَ له: الرجل: لا أفسرها لك بأقل من ألف درهم
__________
[1] في ص، ك: «يقال له أبو الحسن سميركوه» .
[2] في ك: «فاصطدنا سمكا كثيرا» .

(13/339)


قال: فسخرنا [1] منه، وقلنا له: ويحك نحن فقراء نخرج نصيد سمكا لنأكله والله ما رأينا هذا قط ولا عشره، ولكنا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك، فرضي بذلك، وَقَالَ له:
يكون لك أولاد يفترقون في الدنيا فيملكونها ويعظم سلطانهم فيها على قدر ما احتوت النار التي رأيتها في المنام عليه من الدنيا قَالَ: فصفعنا الرجل، وقلنا: سخرت منا وأخذت السمكة حراما، وَقَالَ له: بويه ويلك أنا صياد فقير كما ترى وأولادي هم هؤلاء وأومأ إلى عَلي بْن بويه، وَكَانَ أول ما اختط عارضه، والحسن وهو دونه، وأحمد وهو فوق الطفل قليلا.
ومضت السنون وأنسيت المنام حتى خرج بويه إلى خراسان، وخرج عَلي بْن بويه، فبلغنا حديثه وأنه قد ملك أرجان، ثم ملك فارس كلها، فما شعرنا إلا بصلاته قد جاءت إلى أهله وشيوخ بلد [2] الديلم، وجاءني رسوله يطلبني، فطلبني فخرجت ومشيت إليه [3] ، فهالني ملكه وأنسيت المنام/ وعاملني من الجميل والصلات بأمر عظيم، وَقَالَ لي وقد خلونا: يا أبا الحسين تذكر منام أبي الذي ذكرتموه للمفسر وصفعتموه لما فسره لكم، فاستدعى عشرة آلاف دينار فدفعها إلي وَقَالَ: هذا من ثمن تلك السمكة خذه، فقبلت الأرض، فَقَالَ لي: تقبل تدبيري؟ فقلت: نعم، قَالَ: انفذها إلى بلد الديلم، واشتر بها ضياعا هناك ودعني أدبر أمرك بعدها، ففعلت وأقمت عنده مدة ثم استأذنته في الرجوع، فَقَالَ: أقم عندي فإنّي أقودك وأعطيك إقطاعا بخمسمائة ألف درهم في السنة، فقلت له: بلدي أحب إلي، فأحضر عشرة آلاف دينار أخرى فأعطاني إياها، وَقَالَ: لا يعلم أحد فإذا حصلت ببلد الديلم فادفن منها خمسة آلاف استظهارا على الزمان، وجهز بناتك بخمسة آلاف، ثم أعطاني عشرة دنانير، وَقَالَ: احتفظ بهذه ولا تخرجها من يدك، فأخذتها فإذا في كل واحد مائة [4] دينار وعشرة دنانير فودعته وانصرفت.
__________
[1] في ك: «فتحيرنا منه» .
[2] في ك: «وشيوخ بني الديلم» .
[3] في ص، ل: «وجاءني رسول يطلبني إليه» .
[4] في ك، ل: «فإذا في كل دينار مائة» .

(13/340)


قَالَ أَبُو الْقَاسِم: فحفظت القصة فلما عدت إلى معز الدولة حدثته بالحديث فسر به وتعجب، وَكَانَ بويه يكنى أبا شجاع، وينسب إلى سابور ذي الأكتاف، وأولاد بويه ثلاثة أكبرهم أَبُو الحسن عَلي ولقبه عماد الدولة، وأبو عَلي الحسن ولقبه ركن الدولة، وأبو الحسين أَحْمَد ولقبه معز الدولة، لقبهم بهذه الألقاب المستكفي باللَّه، وكانوا فقراء ببلد الديلم.
ويحكي معز الدولة أنه كَانَ يحتطب على رأسه ثم خدموا مرداويج، وَكَانَ أَبُو الحسن عَلي بْن بويه الديلمي أحد قواد مرداويج [1] بْن زيار الديلمي، وقد ذكرنا حال مرداويج في سنة خمس عشرة وثلاثمائة، وَكَانَ قد أنفذ عليا إلى الكرج يستحث له على حمل مال، فلما حصل بها استوحش من مرداويج وأخذ المال المستخرج لنفسه، وهو خمسمائة ألف درهم، وصار إلى همدان فأغلقت أبوابها دونه، ففتحها عنوة وقتل من أهلها خلقا كثيرا ثم صار [منها] [2] إلى أصبهان فدخلها وملكها، فأنفذ إليه مرداويج جيشا فخرج منها إلى أرجان [فاستخرج منها [نحوا من] [3] مائتي ألف دينار، وصار إلى كازرون وبلد سابور] [4] فاستخرج نحو خمسمائة ألف دينار مع كنوز كثيرة وجدها، فزاد عدده [5] وقويت شوكته، وملك شيراز، وطلب منه أصحابه المال ولم يكن معه ما يرضيهم، فأشرف على انحلال أمره فاغتم، واستلقى على ظهره مفكرا، فإذا حية قد خرجت من سقف ذلك المجلس فدخلت موضعا آخر، فدعا الفراشين ليبحثوا عنها، فوجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين، فأمر بفتحها ففتحت، فإذا فيها صناديق من المال والصياغات ما قيمته خمسون ألف دينار، فأخذ المال وفرقه عليهم، فثبت أمره وَكَانَ قد وصف [له خياط [6] يخيط] لبعض من كَانَ يحاربه فأحضره، وَكَانَ بالخياط طرش، فظن أنه قد سعى به إليه، فلما خاطبه في خياطة الثياب، وكان جوابه:
__________
[1] «وكان أبو الحسن ... أحد قواد مرداويج» . ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من هامش ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على الهامش.
[5] في ك: «فزاد عدته» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.

(13/341)


والله ما لفلان عندي إلا اثنا عشر صندوقا، فما أدري ما فيها؟ فتعجب عَلي بْن بويه من الجواب ووجه من حملها، فوجد فيها مالا عظيما، وَكَانَ قد ركب يوما وطاف في خرابات البلد يتأمل أبنية الأوائل وآثارهم، فتهور تحت قوائم فرسه فاستراب بذلك الموضع [1] ، وأمر بالكشف عنه، فإذا مال عظيم.
ولما تمكن عَلي بْن بويه من البلد أراد أن يقاطع السلطان عنه ويتقلده من قبله، فراسل الراضي بذلك، فأجابه فضمنه بثمانية آلاف درهم [2] خالصة للحمل بعد النفقات والمؤن، فأنفذ إليه ابن مقلة خلعة ولواء [3] ، وأمر أن لا يسلم إليه حتى يعطي المال [فتلقى الرسول فطالبه [4] بالمال] فخاشنه وأرهبه، فأعطاه الخلع وبقي عنده مدة وهو يماطله بالمال حتى توفي الرسول.
وهو أول الملوك الذين افتتحت بهم الدولة الديلمية، وَكَانَ عاقلا سخيا شجاعا، وتوفي على بشيراز في سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
وظهر ببغداد رجل يعرف بأبي جعفر مُحَمَّد بْن عَلي الشلمغاني، ويعرف بابن أبي العزاقير، وَكَانَ قد ظهر وحامد بْن العباس في الوزارة، وذكر عنه أنه يقول بتناسخ اللاهوت، وأن اللاهوت قد حل فيه فاستتر، ثم ظهر في زمان الراضي، وقيل: إنه يدعي أنه إله فاستحضر بحضرة الراضي فأنكر ما ادعي عليه، وَقَالَ: أنا أباهل من يدعي عَلي هذه المقالة، فإن لم تنزل العقوبة على من باهلني بعد ثلاثة أيام وأقصاه بسبعة أيام فدمي لكم حلال؟ فأنكر هذا القول عليه، وقيل: يدعي علم الغيب، وأفتى قوم بأن دمه حلال إلا أن يتوب من هذه المقالة، فضرب ثمانين سوطا ثم قتل وصلب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2331- أحمد بن عبد الله بن مسلم بن [[5]] قتيبة:
قدم مصر وتولى القضاء بها، وحدث عن أبيه بكتبه المصنفة.
وتوفي بمصر وهو على القضاء في ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] في ص: «فاشرأب لذلك الموضع» .
[2] في ك: «فضمنه بثلاثة آلاف ألف درهم» .
[3] في ك: «ابن مقلة خلعا ولواء» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[5] وكنيته: «أبو جعفر» . وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 229، والبداية والنهاية 11/ 180، والولاة

(13/342)


2332- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الحارث بْن عبد الوارث، أَبُو الحسن يعرف بابن العتاب [1] .
حدث عن يحيى بْن نصر وغيره [2] ، وَكَانَ ثقة [يفهم] [3] .
توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2333- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن الفضل بْن جابر، أَبُو العباس الزيات [4] :
سمع يعقوب الدورقي، روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو صدوق.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2334- جعفر بْن أَحْمَد بْن يحيى أَبُو الفضل السراج [5] :
حدث عن يونس بْن عبد الأعلى وغيره، وَكَانَ ثقة صالحا، توفي في هذه السنة.
2335- حسان بْن أبان بْن عثمان، أَبُو عَلي الأيلي [6] :
أقام بدمياط، وحدث بها، وولي قضاءها، وكان يفهم ما يحدث [7] .
توفي بِهَا في هذه السنة.
2336- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْقَاسِم، أَبُو عَلي الروذباري [8] :
أصله من بغداد وسكن مصر، وَكَانَ من أبناء الرؤساء والوزراء والكتبة، وصحب
__________
[ () ] والقضاة 485، 546، وإنباه الرواة 1/ 45، ومعجم الأدباء 3/ 103، ووفيات الأعيان في ترجمة أبيه، ورفع الإصر 1/ 72، والأعلام 1/ 156، وشذرات الذهب 2/ 294) .
[1] في ت: «يعرف بأن القباب» خطأ.
[2] على هامش المطبوعة: «لعل الصواب يحيى بن أبي نصر المتوفى سنة 287 هـ.»
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 396، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 63) .
[5] هذه الترجمة: ساقطة من ك.
[6] في ك: «أبو يعلى الآملي» . وفي ت: «أبو يعلى الأيلي.
[7] في ك: «وحدث بها وتوفي بها في هذه السنة» .
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 180، 181، وتاريخ بغداد 1/ 329، وشذرات الذهب 2/ 296) .

(13/343)


الجنيد، وسمع الحديث، وحفظ منه [شيئا] [1] كثيرا، وتقدم [2] ، وقد ذكروا في اسمه غير ما قلنا، فمنهم من قال هو: أَحْمَد بْن مُحَمَّد، ومنهم من قَالَ: «الحسن بْن همام» والصحيح ما ذكرنا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بن عَلي الحافظ، قَالَ: قرأت على مُحَمَّد بْن أبي الحسن الساحلي، عن أبي العباس أَحْمَد بْن مُحَمَّد النسوي، قَالَ:
سمعت [أَحْمَد بْن أَحْمَد الرازي، يقول:] [3] سمعت مُحَمَّد بْن عمر [الجعابي] [4] الحافظ، يقول: قصدت عبدان الأهوازي، فقصد مسجدا، فرأيت شيخا وحده قاعدا في المسجد حسن الشيبة، فذاكرني بأكثر من مائتي حديث في الأبواب، وكنت قد سلبت في الطريق، فأعطاني الذي كَانَ عليه، فلما دخل عبدان المسجد ورآه اعتنقه وبش به، فقلت لهم: من هذا الشيخ؟ قالوا: هذا أَبُو عَلي الروذباري، فرأيت من حفظه الحديث ما يتعجب منه [5] وحكى [عنه] [6] أَبُو عبد الرحمن السلمي أنه كَانَ يقول: أستاذي في التصوف الجنيد، وفى الحديث والفقه إبراهيم الحربي، وفى النحو ثعلب.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [6] ، قَالَ:
أخبرنا إبراهيم [بْن] [7] هبة الله الجرباذقاني، [حَدَّثَنَا معمر بْن أَحْمَد الأصبهاني، قَالَ:
بلغني عن أبي عَلي الروذباري] [8] أنه قَالَ: أنفقت على الفقراء كذا وكذا ألفا فما وضعت شيئا في يد فقير فإني كنت أضع ما أدفع إلى الفقراء في يدي فيأخذه من يدي حتى تكون يدي تحت أيديهم ولا تكون يدي فوق يدي فقير.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «وتقدم» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «ما تعجبت به منه» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/344)


أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي الحافظ، قَالَ: أنشدنا أَبُو طالب يحيى بن علي الدسكري الروذباري:
ولو مضى الكل مني لم يكن عجبا ... وإنما عجبي للبعض كيف بقي
أدرك بقية روح فيك قد تلفت ... قبل الفراق [1] فهذا آخر الرمق
توفي أَبُو على الروذباري في هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاث وعشرين.
2337- محمد بن أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الثلج، أَبُو بكر [2] الكاتب:
ولد في سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وسمع جماعة، وروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وتوفي في هذه السنة.
2338- مُحَمَّد بْن إسماعيل، المعروف بخير النساج، يكنى أبا الحسن [3] :
من كبار الصوفية من أهل سامرا، سكن بغداد، وصحب سريا وأبا حمزة، وتاب في مجلسه إبراهيم الخواص والشبلي.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت] [4] [أخبرنا يحيى بْن عَلي] [5] ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن أبي الحسن القرميسيني، قَالَ: سمعت عَلي بْن عبد الله الهمذاني، يقول: حَدَّثَنَا عَلي بْن مُحَمَّد الفرضي، حَدَّثَنَا أَبُو الحسين [6] المالكي، قَالَ: كنت أصحب خير النساج سنين كثيرة، ورأيت له من كرامات الله ما يكثر ذكره غير أنه قَالَ لي قبل وفاته بثمانية أيام [7] : إني أموت يوم الخميس
__________
[1] في ت: «قبل الممات» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 338) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 48، والبداية والنهاية 11/ 181، وشذرات الذهب 2/ 294.
ووفيات الأعيان/ 251، 252، حلية الأولياء 10/ 307، وصفة الصفوة 2/ 255، وطبقات الصوفية 322) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] في ت: «قال أخبرنا أبو الحسين المالكي» .
[7] في ت، ك: «قبل وفاته بثلاثة أيام» .

(13/345)


المغرب، وأدفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى فلا تنساه.، قَالَ أَبُو الحسين فأنسيته إلى يوم الجمعة/ فلقيني من خبرني بموته، فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين، فسألتهم: لم رجعوا؟ فذكروا أنه يدفن بعد الصلاة، فبادرت ولم ألتفت إلى قولهم فوجدت الجنازة قد أخرجت قبل الصلاة أو كما قَالَ، فسألت من حضره [عن حاله] [1] عند خروج روحه، فَقَالَ: إنه لما احتضر غشي عليه، ثم فتح عينيه وأومأ إلى ناحية البيت، وَقَالَ: قف عافاك الله [فإنما] [2] أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور، وما أمرت به لا يفوتك وما أمرت به يفوتني، فدعني أمضي لما أمرت به، ثم امض لما أمرت به، فدعا بماء فتوضأ للصلاة وصلى ثم تمدد وغمض عينيه وتشهد ثم مات.
وأخبرني بعض أصحابنا أنه رآه في النوم، فَقَالَ: ما فعل الله بك؟ فَقَالَ: لا تسألني أنت عن ذا، ولكن استرحنا من دنياكم الوضرة.
بلغ خير النساج من العمر مَائة وعشرين سنة، وتوفي في هذه السنة.
2339- مُحَمَّد بْن سليمان بْن مُحَمَّد بْن عمرو بْن الحسين أَبُو جعفر الباهلي النعماني [3] :
حدث عن أَحْمَد بْن بديل وغيره. وروى عنه الدارقطني، مات بالنعمانية في هذه السنة.
2340- يعقوب بْن إبراهيم [4] بْن أَحْمَد بْن عيسى بْن البخترى، أَبُو بكر البزاز ويعرف بالحراب [5] :
ولد سنة سبع وثلاثين ومائتين، سمع الحسن بْن عرفة، وعمر بن شبة. روى عنه
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «ابن محمد بن عمر بن الحسين» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 302) .
[4] في ت: «يوسف بن إبراهيم» .
[5] في ك، ص، ل، والمطبوعة: «ويعرف بالحراب» . وما أوردناه من ت، وتاريخ بغداد.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 293، 294) .

(13/346)


الدارقطني، وَقَالَ: كَانَ ثقة مأمونا مكثرا. توفي يعقوب وهو ساجد ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة لثمان بقين من ربيع الآخر من هذه السنة.
2341-[يعقوب] [1] بْن صالح، أَبُو مُحَمَّد السيرافي:
كانت عنده كتب أبي عبيد الْقَاسِم بْن سلام، عن عَلي بْن عبد العزيز، وَكَانَ عنده حديث كثير، [وحدث] [2] وَكَانَ ثقة مأمونا [3] ، كَانَ يبيع لأهل فارس وتجار الهند أمتعتهم.
توفي بمصر في ربيع الأول من هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «مكثرا، توفي يعقوب ... وكان ثقة مأمونا» . ساقط من ك.

(13/347)


ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في ربيع الأول [1] بلغ الوزير أبا علي ابن مقلة أن رجلا يعرف بابن شنبوذ يغير حروفا من القرآن، فاستحضره [واستحضر] [2] القاضي أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد، وأبا بكر بْن مجاهد، ونوظر بحضرة الوزير فأغلظ القول بمناظرته [3] ، فضرب بين الهنبازين سبع درر، فدعا عَلي ابن مقلة أن تقطع يده ويشتت شمله، ثم عرضت عليه الحروف التي قرأ بها فأنكر ما كَانَ شنيعا، وَقَالَ: فيما سوى ذلك قد قرأ به قوم، وذلك مثل قوله:
«فامضوا إلى ذكر الله» «كالصوف المنفوش» [4] «يأخذ كل سفينة صالحة غصبا» [فاستتابوه] [5] فتاب وكتب خطه بذلك، فحمل إلى المدائن [في الليل ليقيم بها أياما] [6] ثم يدخل منزله مستخفيا ولا يظهر لئلا تقتله العامة، وقيل: إنه نفي إلى البصرة، ثم إلى الأهواز فمات بها.
وفى يوم السبت لثلاث عشرة خلت من ربيع الأول [7] طالب الجند بأرزاقهم
__________
[1] في ك: «في ربيع الآخر» . وكذا في ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «فأغلظ القوم لمناظرته» .
[4] «كالصوف المنفوش» ساقطة منك، ص، ل، والمطبوعة، وأوردناها من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «الأول» : ساقطة من ك.

(13/348)


وشغبوا، وزاد الأمر في هذا، وحملوا السلاح، وضربوا مضاربهم في رحبة باب العامة وحاصروا الدار، ثم سكنوا.
وفى يوم السبت لعشر خلون من جمادى الآخرة، ركب بدر الخرشني [1] صاحب الشرطة، فنادى ببغداد في الجانبين في أصحاب أبي مُحَمَّد البربهاري [أن لا يجتمع منهم نفسان في موضع، وحبس منهم جماعة، واستتر البربهاري] [2] .
وفى شهر آيار اتصلت الجنوب، وعظم الحر، وغلظ الغيم، وتكاثف، فلما كَانَ آخر يوم منه وهو يوم الأحد لخمس بقين من جمادى الآخرة بعد الظهر هبت ريح عظيمة لم ير مثلها وأظلمت واسودت إلى بعد العصر، ثم خفت، ثم عاودت إلى وقت عشاء الآخرة [3] .
وفى جمادى الآخرة عاد الجند فشغبوا وطالبوا بالرزق، ونقبوا دار الوزير ودخلوها فملكوها.
وفى رمضان ذكر للوزير أن رجلا في بعض الدور الملاصقة للزاهر يأخذ البيعة على الناس لإنسان لا [4] يعرف، ويبذل لهم الصلة، فتوصل إلى معرفته فعرف، وعلم أنه قد أخذ البيعة لجعفر بْن المكتفي، وأن جماعة من القواد قد أجابوا إلى ذلك، منهم يانس، فقبض على الرجل ومن قدر عليه من جماعته، وقبض على جعفر ونهب منزله.
وفي هذا الشهر [5] : وقع حريق عظيم في الكرخ في طرف البزازين [6] ، فذهبت فيه أموال كثيرة للتجار، فأطلق لهم الراضي ثلاثة آلاف دينار.
وخرج الناس للحج في هذه السنة ومعهم لؤلؤ غلام المتهشم يبذرقهم، فاعترضه
__________
[1] في ك، ل: «ركب بدر الحرسي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «إلى بعد عشاء الآخرة» .
[4] «في بعض الدور ... على الناس لإنسان لا» . ساقطة من ك.
[5] في المطبوعة: «وفيها» .
[6] في ك: «في طريق البزازين» .

(13/349)


أَبُو طاهر بْن أبي سعيد الجنابي ولم يكن عند لؤلؤ خبر منه، وإنما ظنه بعض الأعراب، فحاربه فانهزم لؤلؤ وبه ضربات، وأكثر أَبُو طاهر القتل في الحاج ونهب، ورجع من سلم إلى بغداد، وبطل الحج في هذه السنة، وكانت الوقعة بينه وبين لؤلؤ في سحر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة.
وفى هذه الليلة بعينها: انقضت النجوم ببغداد من أول الليل إلى آخره. وبالكوفة أيضا انقضاضا مسرفا لم يعهد مثله ولا ما يقاربه.
وغلا السعر في هذه السنة، فبلغ الكر الحنطة مائة وعشرين دينارا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2342- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة بْن سليمان بْن [1] المغيرة بْنِ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الأزدي العتكي [أَبُو عبد الله] [2] المعروف بنفطويه [3] :
حدث عن خلق كثير يروي عنه [4] ابن حيويه، والمرزباني، والمعافى وغيرهم.
وَكَانَ صدوقا وله مصنفات.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
__________
[1] في ت: «بن عرفة بن سلمان» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 159، ومعجم المصنفين 4/ 379، والعبر 2/ 198، والفهرست لابن النديم 81، والنجوم الزاهرة 3/ 249، والبداية والنهاية 11/ 183، ووفيات الأعيان 1/ 47- 49، وطبقات القراء، لابن الجزري 1/ 25، وميزان الاعتدال 1/ 64، ونزهة الألباب 26، ولسان الميزان 1/ 109، وطبقات المفسرين للداوديّ ترجمة 21، وأنبأه الرواة 1/ 176، والأعلام 1/ 61، ومرآة الجنان لليافعي 2/ 287، ومعجم الأدباء 1/ 307، وشذرات الذهب 2/ 298، 299، وقال: «قال الثعالبي» : «لقب نفطويه لدمامته وأدمته، تشبيها بالنفط، وزيد، ويه: نسبة إلى سيبويه، لأنه كان يجري على طريقته ويدرس كتابه» .
[4] في ت: «خلق كثير روى عنه» .

(13/350)


عمر بن روح، قال: أخبرنا منصور [1] بْن ملاعب الصيرفي قَالَ: أنشدنا إبراهيم بْن عرفة لنفسه:
أستغفر الله مما يعلم الله ... إن الشقي لمن لم يرحم الله [2]
هبه تجاوز لي عن كل مظلمة ... وا سوأتا من حيائي يوم ألقاه
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن رزقويه [3] ، قَالَ: أنشدني أَحْمَد بْن عبد الرحمن، قَالَ أنشدني إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة لنفسه:
أحب من الإخوان كل مؤاتي ... وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يطاوعني في كل أمر أريده ... ويحفظني حيا وبعد مماتي [4]
ومن لي به يا ليتني قد أصبته ... أقاسمه مالي ومن حسناتي
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ [الخطيب] [5] ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن أَحْمَد بْن عثمان الصيرفي، قَالَ: قَالَ لنا أَبُو بكر بْن شاذان: بكر إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة نفطويه يوما إلى درب الرءّاسين، فلم يعرف الموضع فتقدم إلى رجل يبيع البقل، فَقَالَ له: أيها الشيخ كيف الطريق إلى درب الرءّاسين، قَالَ: فالتفت البقلي إلي جار له فَقَالَ: يا فلان ألا ترى إلى هذا الغلام فعل الله به وصنع فقد احتبس عَلي، فَقَالَ وما الذي تريد منه؟ قَالَ: لم يبادر فيجيئني بالسلق بأي شيء أصفع هذا الماص بظر أمه لا يكنى، قَالَ: فتركه ابن عرفة وانصرف من غير أن يجيبه بشيء.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، أَخْبَرَنَا الحسن بْن أبي بكر، عن أَحْمَد بْن كامل القاضي، قَالَ: توفي [إبراهيم] [6] بْن عرفة [في يوم الأربعاء] [7] لست خلون من
__________
[1] في ك، ص، ل: «حدثنا أبو منصور» .
[2] هذا البيت: ساقط من ك.
[3] «أخبرنا رزقويه» : ساقطة من تاريخ بغداد.
[4] في ك، ل: «وبعد وفاتي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/351)


صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ودفن يوم الخميس في مقابر باب الكوفة، وصلى عليه البربهاري رئيس الحنابلة، وَكَانَ حسن الافتنان في العلوم [1] ، وذكر أن مولده سنة أربعين ومائتين، وَكَانَ يخضب بالوسمة.
2343- إبراهيم بْن حماد بن إسحاق بن إسماعيل [2] بن حماد بْن زيد، أَبُو إسحاق الأزدي [3] :
ولد في رجب سنة أربعين ومائتين، وسمع خلقا كثيرا منهم الحسن بْن عرفة.
وَكَانَ ثقة فاضلا عابدا.
أخبرنا أبو منصور [4] القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بْن ثَابِت، قَالَ: حدثني [5] الحسن بْن مُحَمَّد الخلال، قَالَ: قَالَ لنا القاضي أَبُو الحسين الجراحي: ما جئت إلى إبراهيم بْن حماد قط إلا وجدته قائما يصلي أو جالسا يقرأ.
قَالَ الخلال: قَالَ أَبُو بكر النيسابوري: ما رأيت أعبد منه.
توفي في صفر هذه السنة.
2344- إسماعيل بْن العباس بْن عمر بْن مهران بْن فيروز، أَبُو على الوراق [6] :
ولد سنة أربعين ومائتين، وسمع الزبير بْن بكار، والحسن بْن عرفة، وعلي بْن حرب وغيرهم، روى عنه الدارقطني ووثقه. وَكَانَ قد حج في سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، ثم رجع فمات في الطريق وحمل إلى بغداد فدفن بها.
2345- أسامة بْن عَلي بْن/ سعيد بن بشير، أبو رافع الرازيّ [7] .
__________
[1] في ك، ص: «وكان حسن الإتقان في العلوم» .
[2] «ابن إسماعيل» : ساقطة من ص، ل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 16) .
[4] «أبو منصور» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ت: «قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن ثَابِت، قَالَ: أَخْبَرَنَا» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 301) .
[7] في ك: «أسامة بن أبي سعد بن بشر» وفي ل: «اسامة بن سعد بن بشير» . وفي ت: «اسامة بن علي بن سعيد بن بشر» .

(13/352)


ولد سنة خمسين ومائتين. وسمع الحديث وأكثر، وَكَانَ ثبتًا [ثقة] [1] .
وتوفي بمصر في ذي الحجة من هذه السنة.
2346- بندار بْن إبراهيم بْن عيسى، أَبُو مُحَمَّد القاضي:
كَانَ على قضاء استراباذ، وَكَانَ محمود الأثر، صحيح الديانة، فاضلا ثقة أمينا.
روى عن الحارث بْن أبي أسامة، ومعاذ بْن المثنى، وبشر بْن موسى وغيرهم.
وتوفي في هذه السنة.
2347- سليمان بْن الحسن بْن عَلي بْن الجعد بْن عبيد الجوهري يكنى أبا الطيب [2] :
روى عنه ابن شاهين أحاديث مستقيمة. وتوفي في هذه السنة.
2348- عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن سعيد بْن زياد، أَبُو مُحَمَّد المقرئ المعروف بابن الجمال [3] :
سمع يعقوب الدورقي، وعمر بْن شبة [4] ، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وَكَانَ من الثقات. توفي في رمضان هذه السنة.
2349- عبيد الله بن عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن عيسى، أَبُو مُحَمَّد السكري [5] :
سمع زكريا بْن يحيى المنقري [6] صاحب الأصمعي، وابن قتيبة. روى عنه ابن حيويه، والدارقطني، وابن شاهين. وكان ثقة نبيلا. توفي في هذه السنة.
2350- عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي باللَّه، أبو عبيد الله الهاشمي [7] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 63) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 120) .
[4] في ت: «عمر بن شيبة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 351) .
[6] في ت: «سمع زكريا بن يحيى المقري» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 351، والبداية والنهاية 11/ 183، وفيه عبد الله بن عبد الصمد) .

(13/353)


حدث عن سيار بْن نصر الحلبي [1] وغيره. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين.
وكان ثقة يتفقه على مذهب الشافعي، توفي في رمضان هذه السنة.
2351- عبد الملك بن محمد بن عدي، أَبُو نعيم الاستراباذي [2] :
كَانَ مقدما في الحديث والفقه.
وتوفي في هذه السنة. وهو ابن ثلاث وثمانين سنة.
2352- عبد الحميد بْن سليمان، أَبُو عبد الرحمن الوراق الواسطي:
نزل بغداد وحدث بها، فروى عنه الدارقطني وابن شاهين، وَكَانَ ثقة يفهم الحديث، وتوفي في شوال هذه السنة.
2353- عثمان بْن إسماعيل بْن بكر، أَبُو الْقَاسِم السكري [3] :
سمع أَحْمَد بْن منصور الرمادي، روى عنه الدارقطني وَقَالَ: كَانَ من الثقات، توفي في هذه السنة.
2354- عَلي بْن الفضل بْن طاهر بْن نصر بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن البلخي [4] :
كَانَ من الجوالين في طلب العلم، سمع مُحَمَّد بْن الفضل البلخي، وأبا حاتم الرازي، وَكَانَ ثقة حافظا. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، توفي في هذه السنة.
2355- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أسد، أَبُو بكر الحافظ يعرف بابن البستنبان [5] :
هروي الأصل، ولد سنة إحدى وأربعين ومائتين، سمع الزبير بن بكار وغيره،
__________
[1] في ت: «بشار بن نصر الحلبي» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 428، وقد سبق في وفيات سنة 320 هـ) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 296) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 47، والبداية والنهاية 11/ 183، وشذرات الذهب 2/ 300) .
[5] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 279، والبداية والنهاية 11/ 183، وشذرات الذهب 2/ 300، وقال: « ... بن أسد الهروي السلامي البغدادي، أبو بكر بن البستنبان، نسبة إلى حفظ البستان» ) .

(13/354)


روى عنه الدارقطني [وغيره] [1] ، وَكَانَ رجلًا صالحًا ثقة. توفي في رجب هذه السنة.
2356- محمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زياد بْن يزيد بْن هارون، أَبُو عبد الله الزعفرانيّ المعروف بابن بلبل [2] :
روى عنه الدارقطني، وَكَانَ رجلا صالحا ثقة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي، [أَخْبَرَنَا] [3] أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عيسى، قَالَ: حَدَّثَنَا صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد الحافظ، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبد الله الزعفراني، يقول: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام [في] [4] سنة نيف وتسعين ومائتين وفى رأسه ولحيته بياض كثير، فقلت: يا رَسُول اللَّهِ بلغنا أنه لم يكن في رأسك ولحيتك إلا شعرات بيض، فقال: ذلك لدخول سنة ثلاثمائة.
قال صالح: وتوفي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 446) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/355)


ثم دخلت سنة اربع وعشرين وثلاثمائة [1]
فمن الحوادث فيها:
أن الجند أحدقوا بدار الخلافة وضربوا خيمهم فيها وحولها وملكوها، وطولب الراضي بأن يخرج فيصلي بالناس ليراه الناس معهم، فخرج وصلى، وَقَالَ في خطبته:
اللَّهمّ ان هؤلاء الغلمان بطانتي وظهارتي فمن أراده بسوء فأرده، ومن كادهم بكيد فكده. وقبض الغلمان على الوزير وسألوا الخليفة أن يستوزر غيره، فرد الخيار إليهم، وقالوا: عَلي بْن عيسى، فاستحضره وعرضت عليه الوزارة فأبى وأشار بأخيه أبي عَلي عبد الرحمن بْن عيسى، [فقلد الوزارة وخلع عليه.
واحترقت دار ابن مقلة وحمل إلى دار عبد الرحمن بْن عيسى] [2] ، فضرب حتى صار جسمه كأنه الباذنجان [3] . [وأخذ خطه بألف ألف دينار، ثم عجز عبد الرحمن بْن عيسى] [4] عن تمشية الأمور، وضاق الحال فاستعفى، فقبض عليه لسبع خلون من رجب، فكانت وزارته خمسين يوما [5] ، وقلد الوزارة أبو جعفر محمد بن القاسم الكرخي، ثم عزل، وقلد سليمان بن الحسن وكان هذا كله من عمل الأتراك والغلمان.
ومن العجائب: أن دار ابن مقلة احترقت في مثل اليوم الذي أمر فيه بإحراق دار
__________
[1] من هنا تبدأ نسخة بلدية الإسكندرية، ويكون رمزها (س) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «حتى صار جسمه كلون الباذنجان» .
[4] «ابن عيسى» : ساقطة من ص، ل. وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك، ص، والمطبوعة: «فكانت خمسين يوما» .

(13/356)


سليمان بْن الحسن [1] بباب المحول [في] [2] مثل ذلك الشهر بينهما سنة، وكتب على حيطان دار ابن مقلة:
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء [3] ما يأتي به القدر
وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر
وغلا السعر، فجاع الناس وعدم الخبز خمسة أيام، ووقع الطاعون، واقترب بذلك الموت، وخص ذلك الضعفاء، وَكَانَ يجعل على النعش اثنين [4] ، وربما كَانَ بينهما صبي، وربما بقي الموتى على الطريق على حالهم، وربما حفرت حفائر [كبار] [5] فيلقى في الحفيرة خلق كثير، ومات بأصبهان نحو مائتي ألف.
ووقع حريق بعمان فاحترق من العبيد السود سوى البيض [اثنا عشر ألفا و] [6] أربعمائة حمل كافور [7] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2357- أحمد بن موسى بن العباس بْن مجاهد، أَبُو بكر المقرئ [8] :
ولد في ربيع الآخر سنة خمس وأربعين ومائتين، وَكَانَ شيخ القراء في وقته والمقدم منهم على أهل عصره، وحدث عن خلق كثير، وروى عنه الدارقطني وغيره، وَكَانَ ثقة مأمونا، سكن الجانب الشرقي، وَكَانَ ثعلب يقول: ما بقي في عصرنا أحد أعلم بكتاب الله من أبي بكر بن مجاهد.
__________
[1] في ت: «سليمان بن الحسين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «ولم تخف صرف» .
[4] في ت، س: «وكان يجعل على الجنازة اثنين» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص.
[7] في ت: «وأربعمائة وأربعمائة حمل كافور» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 144، والبداية والنهاية 11/ 185، وغاية النهاية 1/ 139، والأعلام 1/ 261) .

(13/357)


أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن فضالة، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن عبد الله بْن المطلب، يقول:
نفذت إلى ابن مجاهد لأقرأ عليه فتقدم رجل وافر اللحية كبير الهامة [1] وابتدأ ليقرأ، فَقَالَ: ترفق يا خليل، سمعت مُحَمَّد بْن الجهم يقول: سمعت الفراء، يقول: أدب النفس ثم أدب الدرس.
أخبرنا القزاز، أخبرنا ابن ثابت، قال: حدثني أَبُو الفضل مُحَمَّد بْن عبد العزيز بْن المهدي، قَالَ: سمعت الحسين بْن مُحَمَّد [2] بْن خلف المقرئ، يقول: سمعت أبا الفضل الزهري، يقول: انتبه بي [في الليلة التي مات فيها أَبُو بكر بْن مجاهد، قَالَ: يا بني ترى من مات الليلة؟] [3] فإني رأيت في منامي كَانَ قائلا يقول: قد مات الليل مقوم وحي الله منذ خمسين سنة، فلما أصبحنا إذا ابن مجاهد قد مات.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن علان، قَالَ: أَخْبَرَنَا عيسى بْن مُحَمَّد الطوماري، قَالَ: رأيت أبا بكر بْن مجاهد [4] في النوم كأنه يقرأ: فكأني أقول له يا سيدي أنت ميت وتقرأ؟ وكأنه يقول لي [5] : كنت أدعو في دبر كل صلاة وعند ختم القرآن أن يجعلني ممن يقرأ في قبره [فأنا ممن يقرأ في قبره] [6] .
توفي ابن مجاهد يوم الأربعاء وقت العصر، وأخرج يوم الخميس لعشر بقين من شعبان هذه السنة، ودفن في مقبرة باب البستان، وخلف مالا صالحا.
2358- أَحْمَد بْن بقي بْن مخلد [7] :
قاضي القضاة بالأندلس، حدث، وتوفي بها في هذه السنة.
__________
[1] «كبير الهامة» : ساقطة من ك، س.
[2] «بْن المهدي قَالَ سمعت الحسين بْن مُحَمَّد» : ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[4] في س: «رأيت أبا محمد بن مجاهد» .
[5] «فكأني أقول له ... وكأنه يقول لي» . ساقطة من ك، س.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ قضاة الأندلس 63، والقضاة بقرطبة 191- 201، ولأعلام 1/ 104، وشذرات الذهب 2/ 301) .

(13/358)


2359- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن موسى، الفقيه الجرجاني [1] :
روى عن أبي حاتم الرازي وغيره، وتوفي في هذه السنة.
2360- أحمد بن محمد بن موسى [2] بْن العباس، أَبُو مُحَمَّد:
كَانَ معنيا بأمر الأخبار، يطلب التواريخ، وولي حسبة سوق الرقيق وسوق مصر، وكتب عنه. توفي في محرم هذه السنة.
2361- أَحْمَد بْن جعفر بْن موسى بْن يحيى بْن خالد بْن برمك، أَبُو الحسن النديم المعروف بجحظة [3] :
كَانَ حسن الأدب، كثير الرواية للأخبار متصرفا في فنون جمة من العلوم، مليح الشعر حاضر النادرة، صانعا في الغناء. وتوفي في هذه السنة [ورد تابوته من واسط] [4] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا عَلي بْن المحسن، حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن سليمان الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنَا جحظة، قَالَ: أنشدت عُبَيْد اللَّهِ بْن عبد الله بْن طاهر بْن الحسين [5] قولي:
قد نادت الدنيا على نفسها [6] ... لو كَانَ في العالم من يسمع
كم واثق بالعمر واريته/ ... وجامع بددت ما يجمع
[فَقَالَ لي:
ذنبك إلى الزمان الكمال] [7] .
__________
[1] هذه الترجمة ساقطة من س، ل، ص.
[2] في ت: «الحسن بن علي بن موسى» . وقد وردت هذه الترجمة في ت بعد ترجمة أحمد بن جعفر بن موسى.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 65، والبداية والنهاية 11/ 185، ومعجم الأدباء 1/ 383، ولسان الميزان 1/ 146، ووفيات الأعيان 1/ 41، وفيه وفاته سنة 326، وقيل 324 بواسط، والأعلام 1/ 107، وشذرات الذهب 2/ 301) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك. وفي س: «ورد تابوته واسط» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] في س: «قد نادت الدنيا على أهلها» . وما أوردناه من باقي النسخ، وتاريخ بغداد (4/ 65) ، والبداية والنهاية (11/ 185) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.

(13/359)


قَالَ ابن المحسن: وحدثنا الحسين بْن مُحَمَّد بْن سليمان الكاتب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسن بْن حنش الكاتب، قَالَ: قَالَ لنا جحظة: صك لي بعض الملوك صكا، فترددت إلى الجهبذ في قبضه، فلما طالت عَلي مدافعته كتبت إليه:
إذا كانت صلاتكم رقاعا ... تخطط بالأنامل والأكف
ولم تجد الرقاع عَلي نفعا [1] ... فها خطي خذوه بألف ألف
قَالَ أَبُو الحسن: وشرب أبي دواء، فكتب إليه جحظة رقعة يسأله عن حاله:
ابن لي كيف أمسيت ... وما كَانَ من الحال
وكم سارت بك الناقة ... نحو المنزل الخالي
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، [الخطيب] [2] ، أخبرنا علي بن أبي عَلي البصري، قَالَ: [حدثني أبي قَالَ:] [3] حدثني أَبُو الفرج الأصبهاني، قَالَ: حدثني جحظة، قَالَ: اتصلت عَلي إضاقة أنفقت فيها [كل] [4] ما كنت أملكه حتى بقيت ليس في داري غير البواري، فأصبحت يوما وأنا أفلس من طنبور بلا وتر، ففكرت كيف أعمل فيه فوقع لي أن أكتب إلى محبرة بْن أبي عباد الكاتب، وكنت أجاوره، وَكَانَ قد ترك التصرف قبل ذلك بسنتين ولزم بيته وحالفه النقرس فأزمنه حتى صار لا يتمكن من التصرف إلا محمولا على الأيدي أو في محفة، وَكَانَ مع ذلك على غاية الظرف وكبر النفس وعظم النعمة وأن أتطايب عليه ليدعوني، فآخذ منه ما أنفقه مدة، فكتبت إليه:
ماذا ترى في جدي ... وبرمة وبوارد
وقهوة ذات لون ... يحكي خدود الخرائد
ومسمع ليس يخطي ... من نسل يحيى بْن خالد
__________
[1] في س: «ولم تجد الرقاع إلي نفعا» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/360)


إن المضيع لهذا ... نزر المروءة بارد
فما شعرت إلا بمحفة محبرة يحملها غلمانه إلى داري وأنا جالس على بابي، فقلت له: لم جئت ومن دعاك؟ قَالَ: أنت! قلت: إنما قلت لك ماذا ترى في هذا وعنيت في بيتك وما قلت لك أنه في بيتي، وبيتي والله أفرغ من فؤاد أم موسى، فَقَالَ: الآن قد جئت ولا أرجع، ولكن أدخل إليك وأستدعي من داري ما أريد، قلت: ذاك إليك، فدخل فلم ير في بيتي إلا بارية، فَقَالَ: يا أبا الحسن هذا والله فقر مفضح، هذا ضر مدقع ما هذا؟ فقلت: هو ما ترى، فأنفذ إلى داره فاستدعى فرشا وقماشا، وجاء فراشه ففرشه، وجاءوا من [الصفر والشمع] [1] وغير ذلك مما يحتاج إليه، وجاء طباخه بما كَانَ في مطبخه، وجاء شرابوه بالصواني والمخروط والفاكهة والبخور، وجلس يومه ذلك عندي، فلما كَانَ من غد سلم إلى غلامه كيسا فيه ألفا درهم، ورزمة ثياب من فاخر الثياب، واستدعى محفته فجلس فيها وشيعته هنية، فلما بلغ آخر الصحن قَالَ: مكانك يا أبا الحسن احفظ بابك فكل ما في الدار لك، وَقَالَ للغلمان: اخرجوا فأغلقت الباب على قماش بألوف كثيرة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، أخبرنا أحمد بن علي، قال: حدثني الحسن بْن أبي طالب، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: أنشدنا جحظة:
قل للذين تحصنوا من راغب ... بمنازل من دونها حجاب
إن حال دون لقائكم بوابكم ... فاللَّه ليس لبابه بواب
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر، أخبرنا محمد بن أبي نصر الحميدي، أنشدنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسين بْن دينار، قَالَ: أنشدني أَبُو الفرج الأصبهاني، قَالَ: أنشدنا جحظة:
لنا صاحب من أبرع الناس في البخل ... وأفضلهم فيه وليس بذي فضل
دعاني كما يدعو الصديق صديقه ... فجئت كما يأتي إلى مثله مثلي
فلما جلسنا للغداء رأيته ... يرى إنما من بعض أعضائه أكلي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، س.

(13/361)


ويغتاظ أحيانا ويشتم عبده ... وأعلم أن الغيظ والشتم من أجلي
أمد يدي سرا لآكل لقمة ... فيلحظني شزرا فأعبث بالبقل
إلى أن جنت كفى لحيني جناية ... وذلك أن الجوع أعدمني عقلي
فأهوت يميني نحو رجل دجاجة ... فجرت كما جرت يدي رجلها رجلي
قَالَ أَبُو غالب: ومما وقع لنا عاليا من شعر جحظة ما أنشدناه أَبُو الحسن الفك بْن كلكلة الطنبوري، وَكَانَ يقول: إنه بلغ من السن مائة وخمس عشرة سنة قَالَ: أنشدنا أستاذي جحظة لنفسه:
رحلتم فكم من أنة بعد حنة ... مبينة للناس حزني عليكم
وقد كنت أعتقت الجفون من البكا ... فقد ردها في الرق شوقي إليكم
2362- رضوان بْن أَحْمَد بْن إسحاق بْن عطية، أَبُو الحسن التميمي [1] :
وهو رضوان بْن جالينوس، وَكَانَ أَحْمَد يلقب جالينوس، سمع رضوان الحسن بْن عرفة، وابن أبي الدنيا، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، والكتاني، والمخلص.
وكان ثقة. توفي في هذه السنة.
2363- صالح بْن مُحَمَّد بْن الفضل الأصبهاني:
حدث عن جماعة من العلماء من بلده وغيره، وروى تاريخ البخاري، وَكَانَ ثقة وتوفي في رجب هذه السنة.
2364- عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن المغلس، أَبُو الحسن الفقيه الظاهري [2] :
أخذ العلم عن أبي بكر بْن داود [3] صاحب المذهب، ونشر علم داود في البلاد،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 432) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 385، وتذكرة الحفاظ 821، وطبقات الشيرازي 150، والعبر 2/ 201، والبداية والنهاية 11/ 186، وشذرات الذهب 2/ 302، والفهرست 218، واللباب 2/ 100، والنجوم الزاهرة 3/ 259، وطبقات المفسرين للداوديّ 215) .
[3] في ت: «عن أبي بكر محمد بن داود» . خطأ.

(13/362)


وصنف على مذهبه، وحدث عن جده مُحَمَّد بْن المغلس، وعن عَلي بْن داود [1] القنطري، وأبي قلابة الرقاشي، وعبد الله بْن أَحْمَد بْن حنبل [في آخرين] [2] وَكَانَ ثقة فاضلا فهما. أصابته سكتة، فتوفي في هذه السنة.
2365- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن زياد بْن واصل بْن ميمون، أَبُو بكر الفقيه النيسابوري [3] :
مولى أبان بْن عثمان بْن عفان كَانَ من أهل نيسابور، ولد سنة ثمان وثلاثين ومائتين، ورحل في طلب العلم إلى العراق والشام ومصر، وسكن بغداد، وحدث بها عن [مُحَمَّد بْن] [4] يحيى الذهلي، وعباس الدوري وخلق كثير. روى عنه دعلج، وابن حيويه، وابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، والمخلص وغيرهم. واجتمع له العلم بالفقه والحديث، وَكَانَ ثقة صالحا، قَالَ الدارقطني: لم نر في مشايخنا أحفظ منه للأسانيد والمتون، وَكَانَ أفقه المشايخ، جالس الربيع والمزني.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بْن ثَابِت، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سعد الماليني [5] ، حَدَّثَنَا يُوسُف بْن عمر [6] بْن مسرور، قَالَ: سمعت أبا بكر النيسابوري، [يقول:] [7] أعرف من أقام أربعين سنة لم ينم الليل إلا جاثيا، ويتقوت كل يوم بخمس حبات، ويصلي صلاة الغداة على طهارة عشاء الآخرة، ثم قَالَ: أنا هو وهذا كله قبل أن أعرف أم عبد الرحمن، أيش أقول لمن زوجني؟ ثم قَالَ في أثر هذا: ما أراد [الله] إلا الخير.
أنبأنا ابن ناصر، عن [أبي] [8] القاسم ابن السَّرِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَطَّةَ،
__________
[1] «في البلاد وصنف على مذهبه ... وعن علي بن داود» : العبارة ساقطة من ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 120، والبداية والنهاية 11/ 186، وطبقات الشافعية 2/ 231، وتذكرة الحفاظ 3/ 37، والأعلام 4/ 119. وشذرات الذهب 2/ 302) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «أخبرنا أبو سعد الماليني» .
[6] في ص، ل: «حدثنا أبو يوسف» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/363)


قَالَ: كنا نحضر في مجلس أبي بكر النيسابوري لنسمع منه الزيادات، وَكَانَ يحزر أن في المجلس ثلاثين ألف محبرة، ومضى على هذا مدة يسيرة، ثم حضرنا مجلس أبي بكر النجاد وَكَانَ يحزر أن في مجلسه عشرة آلاف محبرة، فتعجب الناس من ذلك، وقالوا:
في هذه المدة ذهب ثلثا الناس [1] .
توفي أَبُو بكر النيسابوري في ربيع الآخر من هذه السنة، ودفن بباب الكوفة.
2366- عبد الرحمن بْن سعيد [2] بْن هارون، أَبُو صالح الأصبهاني [3] :
سكن بغداد وحدث بها عن عباس الدوري روى عنه الدارقطني، وابن شاهين.
وَكَانَ ثقة وتوفي في جمادي الأولى [4] من هذه السنة.
2367- عثمان بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن حاتم، أَبُو عمرو المعروف بابن اللبان الأحول [5] :
سمع عمر بْن شبة، روى عنه الدارقطني، وَكَانَ ثقة، وتوفي في هذه السنة.
2368- عفان بْن سليمان بْن أيوب، أَبُو الحسن التاجر: [6]
سكن مصر وشهد بها عند الحكام فقبلت شهادته، وَكَانَ من أهل الخير والصلاح، وله وقوف بمصر معروفة على أصحاب الحديث وعلى أولاد العشرة من الصحابة، وَكَانَ تاجرا موسعا عليه. توفي بمصر في شعبان هذه السنة.
2369- محمد بن الفضل بن عبد الله، أبو ذر التميمي [7] :
كَانَ رئيس جرجان وله أفضال كثيرة، وكانت داره مجمع العلماء رحل في طلب
__________
[1] «ذهب ثلثا الناس» : ساقطة من ك.
[2] في ت: «عبد الله بن سعيد» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 288) .
[4] في ك: «في جمادى الآخرة» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 297) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 278، والبداية والنهاية 11/ 187) .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 187) .

(13/364)


العلم، وسمع الكثير [1] ، وتفقه على مذهب الشافعي. توفي في هذه السنة.
2370- هارون بْن المقتدر باللَّه:
توفي في ربيع الأول واغتم عليه أخوه الراضي [باللَّه] [2] غما شديدا، وتقدم بأن/ ينفي بختيشوع بْن يحيى المتطبب من بغداد لأنه اتهمه في علاجه، فأخرج إلى الأنبار، ثم شفعت فيه والدة الراضي، فعفا عنه وأمر برده.
__________
[1] «وكانت داره ... وسمع الكثير» : العبارة ساقطة من ك، س.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/365)


ثم دخلت سنة خمس وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خرج الراضي إلى واسط في المحرم، وجرت حرب بين الأتراك استظهر فيها عليهم بجكم، وعاد الراضي في صفر، وخلع على بجكم في ربيع الأول، وولي إمارة بغداد، وعقد له [لواء] [1] الولاية للمشرق إلى خراسان.
ومن الحوادث: أنه صارت فارس في يد عَلي بْن بويه، والري وأصبهان والجبل في يد الحسن بْن بويه، والموصل وديار بكر وديار ربيعة وديار مضر [2] والجزيرة في أيدي بني حمدان، [ومصر] [3] والشام في يد مُحَمَّد بْن طغج، والأندلس (في يد عبد الرحمن بْن مُحَمَّد الأموى من ولد هشام بْن عبد الملك، وخراسان [4] في يد نصر بْن أَحْمَد، واليمامة وهجر وأعمال البحرين [5] في يد أبي طاهر سليمان بْن الحسن الجنابي [القرمطي، وطبرستان] [6] وجرجان في يد الديلم ولم يبق في يد الخليفة غير مدينة السلام وبعض السواد، فبطلت دواوين المملكة، وضعفت الخلافة [7] ، ثم
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «وديار مضر» : ساقطة من ص.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «في يد عبد الرحمن ... وخراسان» . ساقطة من ص.
[5] في ت: «واليمامة وهجر في ذلك من البحرين» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «وبعض السواد ... وضعفت الخلافة» . ساقطة من ك.

(13/366)


استوزر الراضي أبا الفتح [ابن] [1] الفضل بْن جعفر بْن الفرات.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2371- أَحْمَد بن مُحَمَّد بن الحسن، أبو حامد ابن الشرقي [2] :
ولد في رجب سنة أربعين ومائتين، وسمع بالأمصار من شيوخها، وَكَانَ واحد عصره في علم الحديث، وَكَانَ كثير الحج.
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن الحسين [البيهقي، أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله الحاكم، قَالَ: سمعت أبا أَحْمَد الحسين] [3] بْن عَلي التميمي، يقول: سمعت أبا بكر مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، يقول، ونظر إلى أبي حامد بن الشرقي، فَقَالَ:
حياة أبي حامد تحجز بين الناس والكذب على رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
توفي في رمضان هذه السنة.
2372- إبراهيم بْن عبد الصمد بْن موسى، أَبُو إسحاق [4] الهاشمي:
حدث عن جماعة، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين في آخرين وَكَانَ يسكن سرمن رأى، وحدث بها وببغداد وتوفي في محرم هذه السنة] [5] .
2373- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم، أَبُو يعقوب الصيدلاني [6] :
حدث عن أبي الأشعث أَحْمَد المقدام [7] ، ولم يكن عنده غير حديث واحد.
وتوفي في [صفر] [8] هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 426، والبداية والنهاية 11/ 188، وتذكرة الحفاظ 821، ولسان الميزان 1/ 306، وشذرات الذهب 2/ 306، ومرآة الجنان 2/ 289، واللباب 2/ 17، والأعلام 1/ 206) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 138، والأعلام 1/ 47، وشذرات الذهب 2/ 306) .
[5] من مصنفاته: «الأمالي» و «الحديث» . وهذه الترجمة ساقطة من ت.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 296) .
[7] في ت: «أبو الأشعث أحمد المقدم» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/367)


2374- جعفر بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الوليد، أَبُو الفضل القافلائي [1]
حدث عن مُحَمَّد بْن إسحاق الصاغاني، وعلي بْن داود القنطري، وأحمد بْن أبي خيثمة، روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين، وَكَانَ من الثقات وله معرفة في الحديث. وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2375- جعفر بْن مُحَمَّد بْن عبدويه، أَبُو عبد الله المعروف [2] بالبراثي:
مروي الأصل. حدث عن إبراهيم بن هانئ روى عنه ابن شاهين [3] وَكَانَ ثقة.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2376- الحسن بْن آدم العسقلاني [4] :
حدث عن جماعة، وَكَانَ ثقة، وَكَانَ يتولى عمالات من صعيد [5] مصر.
توفي بالفيوم من صعيد مصر في شوال هذه السنة.
2377- الحسن بن عبد الله بن علي بن مُحَمَّد بْن الملك [بْن] [6] أبي الشوارب، أَبُو مُحَمَّد الأموي [7] :
ولي قضاء مدينة المنصور بعد عزل أبي الحسين الأشناني عنها، وكانت ولاية الأشناني لها ثلاثة أيام فحسب.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثَابِت، قَالَ أَخْبَرَنَا عَلي بْن المحسن [8] حَدَّثَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: بعد الثلاثة أيام التي تقلد فيها ابن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 219) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 220) .
[3] «وكان من الثقات ... روى عنه ابن شاهين» . ساقطة من ص، ل، س.
[4] في ت: «الحسن بن آدم بن القاسم السقلاني» .
[5] «من صعيد» : ساقطة من ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 340) .
[8] في ت: «علي بن الحسن» .

(13/368)


الأشناني مدينة المنصور استقضى المقتدر على مدينة المنصور الحسن بْن عبد الله بْن عَلي [1] في يوم الاثنين لست بقين من ربيع الآخر سنة ست عشرة وثلاثمائة، وهذا رجل حسن السيرة [2] جميل الطريقة، قريب الشبه من أبيه وجده في باب الحكم والسداد، فلم يزل واليا على المدينة إلى نصف رمضان عشرين وثلاثمائة، ثم صرفه المقتدر.
وتوفي يوم عاشوراء من سنة خمس وعشرين.
2378- عبد الله بْن مُحَمَّد بْن سفيان، أَبُو الحسين الخزاز النحوي [3] :
حدث عن المبرد، وثعلب. وَكَانَ ثقة وله مصنفات في علوم القرآن غزيرة الفوائد [4] .
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2379- عمر بْن أَحْمَد بْن عَلي بْن عبد الرحمن، أَبُو حفص الجوهري المعروف بابن علك المروزي [5] :
حدث عن عباس الدوري وغيره. روى عنه ابن المظفر والدارقطني [6] وكان ثقة صدوقا متقنا متيقظا فقيها ناسكا، توفي في هذه السنة.
2380- محمد بن إسحاق بن يحيى، أَبُو الطيب النحوي يعرف بابن الوشاء [7] .
__________
[1] في ت: «على مدينة المنصور أبا محمد بن عبيد الله بن علي» . خطأ.
[2] في ص، ل، س، والمطبوعة: «رجل حسن الستر» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 123، والبداية والنهاية 11/ 188، تذكرة الحفاظ 3/ 37، وطبقات الشافعية 2/ 231، والأعلام 4/ 119، وفيه الجزاز، وإنباه الرواة 2/ 135، وطبقات النحاة 1/ 46، والفهرست 82، وطبقات المفسرين 237) .
[4] منها: «علوم القرآن» و «كتاب المختصر» في علم العربية، و «المقصور والممدود» ، و «المذكر والمؤنث» .
[5] في ت: «المعروف بابن ملك المروزي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 227) .
[6] «والدارقطنيّ» : ساقط من ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 253، والبداية والنهاية 11/ 188، وإرشاد الأريب 6/ 277 وبغية الوعاة 7، والأعلام 5/ 309، وفيه محمد بن أحمد بن إسحاق، وكذا في بعض المراجع) .

(13/369)


كَانَ من أهل الأدب، حسن التصانيف [1] ، مليح الأخبار حدث عن أَحْمَد بْن عبيد بْن ناصح، والحارث بْن أبي أسامة، وثعلب، وأبان [والمبرد] [2] وغيرهم.
2381- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن عيسى بْن فروخ، أَبُو بكر المزني [3] :
سكن الرقة وحدث بها عن أبي حفص عمرو بْن عَلي الفلاس وغيره.
وروى عنه أَبُو بكر الشافعي، وأبو الْقَاسِم الطبراني، وابن المظفر وغيرهم] [4] ، وَقَالَ الدارقطني: هو ثقة، توفي بعد العشرين والثلاثمائة.
2382- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن قطن بْن خالد بْن حيان، أَبُو عيسى السمسار [5] :
سمع الحسن بْن عرفة وغيره. روى عنه الدارقطني، [والكتاني] [6] وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي، قال: حدثني عبد العزيز بْن عَلي الوراق، قَالَ: ذكر أن [7] ابن قطن، ولد في سنة خمس وثلاثين ومائتين يوم الجمعة، وَكَانَ يوم عاشوراء.
وتوفي في يوم الجمعة لسبع بقين من ربيع الآخر سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
2383- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المهدى، أَبُو عمارة [8]
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب قَالَ: حدث أَبُو عمارة، عن أبي بكر بْن أبي شيبة، ولوين، وعلي بن الموفق وغيرهم، وفي حديثه مناكير وغرائب. روى عنه أبو عمر وابن السماك، وأبو سهل بن زياد القطان، ودعلج، وأبو بكر الشافعيّ.
__________
[1] من مصنفاته: «الجامع» في النحو، و «خلق الإنسان» و «زهرة الرياض» في الأدب في عشرة مجلدات، و «الحنين إلى الأوطان» «والفاضل من الأدب الكامل» و «الموشى» في الظرف والظرفاء، وهو مطبوع.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 254، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 19) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 334) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] «ذكر أن» : ساقط من ك.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 360، وميزان الاعتدال 3/ 456، 457) .

(13/370)


وأخبرنا أَبُو الطيب الطبري [1] قَالَ: قَالَ لنا أَبُو الحسن الدارقطني: أَبُو عمارة ضعيف جدا. [2]
2384- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هارون، أَبُو بكر العسكري [3] الفقيه:
كَانَ يتفقه لأبي ثور، وحدث عن إبراهيم بْن عبد الله بْن الجنيد، والحسن بْن عرفة وعباس الدوري وغيرهم. روى عنه الآجري، والدارقطني [ويوسف القواس] [4] وغيرهم وتوفي في شوال من هذه السنة.
2385- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يُوسُف بْن إسماعيل أَبُو أَحْمَد الجريري [5]
حدث عن ابن أخي الأصمعي وغيره، ولم يظهر عنه إلا الخير.
توفي في محرم هذه السنة.
2386- مُحَمَّد بْن أبي موسى عيسى بن أحمد بن موسى بن محمد بْن إبراهيم، أَبُو عبد الله [6] الهاشمي:
سمع جعفر الفريابي، وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا على بن أبي علي، قَالَ: حدثني أَبُو إسحاق إبراهيم بْن مُحَمَّد الطبري، قَالَ: رأيت ثلاثة يتقدمون ثلاثة أصناف من أبناء جنسهم فلا يزاحمهم أحد، أَبُو عبد الله الحسين بْن أَحْمَد الموسوي يتقدم [الطالبين فلا يزاحمه] [7] أحد، وأبو عبد الله مُحَمَّد بْن أبي موسى الهاشمي يتقدم العباسيين فلا يزاحمه أحد، وأبو بكر الأكفاني [8] يتقدم الشهود فلا يزاحمه أحد.
__________
[1] في ت: «أبو بكر بن الطيب الطبري» .
[2] في الميزان: «قال أيضا: «متروك» . وأورد الذهبي له حديثا من وضعه، وقال: «موضوع على مجالد» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 369، والبداية والنهاية 11/ 188) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 376) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 404) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «أبو بكر الكتاني» .

(13/371)


2387- مُحَمَّد بْن المسور بْن عمر بْن الفضل بْن العباس بْن عبد المطلب [1] :
أندلسي [الأصل] [2] كَانَ فقيها مقدما روى الحديث، وتوفي بالأندلس في هذه السنة.
2388- موسى بن عَبْد اللَّهِ [3] بْن يحيى بْن خاقان، أَبُو مزاحم [4] :
كَانَ أبوه وزير المتوكل. وسمع أَبُو مزاحم بن عباس الدوري، وأبي قلابة، وعبد الله بْن أَحْمَد والمروروذي [5] روى عنه الآجري وابن شاهين. وَكَانَ ثقة من أهل السنة نقش خاتمه «دن بالسنن موسى تعن» .
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2389- موسى بْن جعفر بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن العثماني [6]
كوفي الأصل، ولد سنة ست وأربعين ومائتين [7] . وسمع الربيع بْن سليمان.
روى عنه الدارقطني، / وَكَانَ ثقة.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
__________
[1] هذه الترجمة ساقطة من ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في المطبوعة: «موسى بن عبيد الله» وكذا في تاريخ بغداد أما في الأصل، وفي شذرات الذهب «عبد الله» وهو ما أثبتناه.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 59، وغاية النهاية 2/ 320، والأعلام 7/ 324، 325، وشذرات الذهب 2/ 307، وفيه: «الخاقاني» بدلا من «بن خاقان» ) .
[5] في ت: «عبد الله بن أحمد المروزي» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 60) .
[7] في ك: «ولد سنة أربعين ومائتين» . وفي ص، ل: «ولد سنة ست وأربعين» .

(13/372)


ثم دخلت سنة ست وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خرج الراضي متنزها إلى أن حاذى بزوغى، فأقام يومين، ثم رجع، وفي هذه السنة: ورد كتاب من ملك الروم إلى الراضي، وكانت الكتابة بالرومية بالذهب، والترجمة بالعربية بالفضة، يطلب منه الهدنة، وفيه: ولما بلغنا ما رزقته أيها الأخ الشريف الجليل من وفور العقل وتمام الأدب واجتماع الفضائل أكثر ممن تقدمك من الخلفاء، حمدنا الله تعالى إذ جعل في كل أمة [1] من يمتثل أمره، وقد وجهنا شيئا من الألطاف وهي أقداح، وجرار من فضة وذهب، وجوهر وقضبان فضة، وسقور وثياب سقلاطون، ونسيج ومناديل وأشياء كثيرة فاخرة فكتب إليهم الجواب بقبول الهدية، والإذن في الفداء، وهدنة سنة.
وتحدث الناس في شوال هذه السنة: أن رقعة جاءت من ابن مقلة إلى الراضي يضمن فيها ابن رائق وابني مقاتل بألفي ألف دينار، وأنه يقبض عليهم بحيلة لطيفة، فَقَالَ الراضي: صر إلي حتى تعرفني وجه هذا، فجاء فعلم ابن رائق فركب في جيشه إلى الدار [2] وَقَالَ: لا أبرح إلا بتسليم ابن مقلة، فأخرج فأمر بقطع يده [3] اليمنى، وقيل:
هذا سعى في الأرض بالفساد [4] .
__________
[1] في ك: «إذ جعل في كل خلافته» .
[2] في ك: «فركب في الحال إلى الدار» .
[3] في ك، ت: «فأخرج فأخذه فقطع يده» .
[4] في ت، ك: «هذا يسعى في الأرض فسادا» .

(13/373)


ووجد يهودي مع مسلمة، وَكَانَ اليهودي غلاما لجهبذ يهودي لابن خلف، فضربه صاحب الشرطة، فلم يرض ابن خلف حتى ضرب صاحب الشرطة بحضرة اليهود في يوم جمعة، فافتتن الناس لذلك وَكَانَ أمرا قبيحا.
وفى هذه السنة: وقع الوباء في البقر، وظهر في الناس جرب وبثور.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2390- إبراهيم بْن داود القصار، أَبُو إسحاق الرَّقِّيّ:
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن ناصر، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد [بْن عَلي] [1] بْن خلف، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيّ، قَالَ: سمعت أبا بكر بن بْن شاذان، يقول: سمعت إبراهيم القصار يقول: المعرفة إثبات الرب [2] عز وجل خارجا عن كل موهوم، وَقَالَ: أضعف الخلق من ضعف عن رد شهوته، وأقوى الخلق من قوي على ردها.
قَالَ السلمي: كَانَ إبراهيم من جلة مشايخ الشام من أقران الجنيد عمر وصحبه أكثر مشايخ الشام [3] ، وَكَانَ ملازما للفقر.
توفي في سنة ست وعشرين وثلاثمائة.
2391- أَحْمَد بْن زياد بْن مُحَمَّد [بْن زياد] [4] بْن عبد الرحمن اللخمي [5] :
أندلسي وهو من ولد شبطون، وهو زياد بْن عبد الرحمن صاحب مالك بْن أنس، وشبطون أول من أدخل فقه مالك الأندلس [6] ، وعرض عليه القضاء فلم يقبله.
توفي أَحْمَد بالأندلس في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «يقول: إيثار الرب عز وجل» .
[3] في ك: «وصحبه كثير من مشايخ الشام» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 189) .
[6] «وشبطون أول من أدخل فقه مالك الأندلس» . ساقط م ص، ل.

(13/374)


2392- جبلة بْن مُحَمَّد بْن كريز:
حدث عن يونس بْن عبد الأعلى، وَكَانَ ثقة صدوقا.
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2393- الحسن بْن عَلي بْن زيد [1] بْن حميد بْن عُبَيْد اللَّهِ [2] ، بْن مقسم، أَبُو مُحَمَّد:
مولى [عَلي بْن] [3] عبد الله بْن العباس بن عبد المطلب من أهل سرمن رأى، حدث ببغداد عن جماعة، روى عنه الدارقطني، وابن بطة.
وتوفي في هذه السنة، وقيل في السنة التي قبلها.
2394- شعيب بْن محرز بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن خلف بْن الراجبان، أَبُو الفضل الكاتب [4] :
حدث عن عمر بْن شبة، وعلي بْن حرب، روى عنه الدارقطنيّ، والمخلص، وكان ثقة. توفي في ربيع الآخر من هذه السنة. [5]
2395- عبد الله بْن العباس بْن جبريل، أَبُو مُحَمَّد الوراق الشمعي [6] :
حدث عن عَلي بْن حرب. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
2396- عَبْد اللَّه بْن الهيثم بْن خالد، أَبُو مُحَمَّد الخياط الطيني [7] :
سمع إبراهيم بْن الجنيد، والحسن بْن عرفة، روى عنه الدارقطني [8] ، [ويوسف
__________
[1] في ك: «الحسن بن علي بن يزيد» .
[2] في ك، ل، ص: «ابن حميد بن عبد الله» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «أبو الفضل الكتاني» .
[5] «وتوفي في ربيع الآخر من هذه السنة» : ساقطة من ص، ل.
[6] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 37) .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 195) .
[8] من هذه العلامة إلى العلامة المماثلة ساقط من ك.

(13/375)


القواس] [1] ، وكان ثقة، توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2397-[عبد العزيز بن جعفر بن بكر بن إبراهيم، أبو شيبة يعرف بابن الخوارزمي [2] :
سمع الحسن بْن عرفة، روى عنه الدارقطني [3] ، وَكَانَ ثقة.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
2398- مُحَمَّد بْن جعفر بْن رميس بْن عمرو، أَبُو بكر القصري [4] :
سمع أبا علقمة الفروي [5] والحسن بْن مُحَمَّد [بْن] [6] الصباح وغيرهما. أنفق في طلب الحديث ألوف الدنانير، روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو من الثقات.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] هذه الترجمة ساقطة من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 454) .
[3] إلى هنا ينتهي الساقط من ك.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 139) .
[5] في ت: «سمع أبا علقمة الهروي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/376)


ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه خرج الراضي إلى الموصل لمحاربة الحسن بْن عبد الله بْن حمدان، وخرج بجكم فكان ينزل بين يديه بقليل، فاستولى ابن رائق على بغداد فدخلها في ألف من القرامطة.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور عبد الرحمن بن محمد، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا التنوخي، أَخْبَرَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: لما كَانَ في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاثمائة خرج الراضي إلى الموصل، وأخرج معه قاضى القضاة أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف، وأمره أن يستخلف على مدينة السلام بأسرها أبا نصر يُوسُف بْن عمر، لما علم أنه لا أحد بعد أبيه يجاريه ولا إنسان يساويه، فجلس يوم الثلاثاء لخمس بقين من المحرم سنة سبع وعشرين في جامع الرصافة وقرأ عهده بذلك، وحكم فتبين للناس من أمره ما بهر عقولهم، ومضى في الحكم على سبيل معروفة له ولسلفه، وما زال أَبُو نصر يخلف أباه على القضاء بالحضرة من الوقت الذي ذكرنا إلى أن توفي قاضي القضاة.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: ومضى الراضي عاجلا إلى الموصل، وقد تقدم بجكم فواقع الحسن بْن عبد الله فهزمه، ثم خرج ابن رائق من بغداد وعاد الراضي إليها.
وجاء في جمادى الأولى وهو أول يوم من آذار بعد المغرب مطر عظيم وبرد كبار،

(13/377)


في كل بردة نحو الأوقيتين، ودام وسقط بذلك حيطان كثيرة من دور بغداد، وظهر جراد كثير.
وَكَانَ الحج قد بطل من سنة سبع عشرة وثلاثمائة فلم يحج أحد من العراق، فلما جاءت سنة سبع وعشرين كاتب أَبُو عَلي عمر بْن يحيى العلوي القرامطة، وكانوا يحبونه لشجاعته وكرمه، وسألهم أن يأذنوا للحجيج ليسير بهم ويعطيهم من كل جمل خمس دنانير، ومن المحمل سبعة دنانير، فأذنوا لهم، فحج الناس وهي أول سنة مكس فيها الحاج، وخرج في تلك السنة القاضي أَبُو عَلي بْن أبي هريرة الشافعي، فلما طولب بالخفارة لوى راحلته ورجع، وَقَالَ: لم أرجع شحا على الدراهم، ولكن قد سقط الحج لهذا المكس.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2399- الحسن بْن الْقَاسِم بْن دحيم، أَبُو عَلي الدمشقي [1] :
حدث عن العباس بْن الوليد البيروتي، وَكَانَ إخباريا وَكَانَ له فيها مصنفات.
توفي بمصر في محرم هذه السنة، وقد أناف على الثمانين سنة [2] .
2400- الحسين بْن الْقَاسِم بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن خالد بْن بشر، أَبُو عَلي الكوكبي الكاتب [3] :
صاحب آداب وأخبار. حدث عن أَحْمَد بْن أبي خيثمة، وأبي العيناء، وابن أبي الدنيا وغيرهم، روى عنه الدارقطني، والمعافى، وابن سويد.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2401- عثمان بْن الخطاب بن عبد الله، أبو عمرو البلوي الأشج المغربي [4] ، المعروف بأبي الدنيا [[5]] :
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 190) .
[2] في ك: «وقد نيف على الثمانين سنة» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 86، البداية والنهاية 11/ 190) .
[4] «المغربي» : ساقطة من ص، ل.
[5] في ت: «المعروف بابن أبي الدنيا» خطأ.

(13/378)


يروى عن عَلي بْن أبي طالب، قدم بغداد بعد سنة ثلاثمائة بسنتين، وعلماء النقل لا يثبتون قوله ولا يصدقون خبره.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ علي بْن ثابت، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو بكر أَحْمَد بْن موسى بْن عبد الله الروشنائي أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن [يعقوب] [1] المفيد، قَالَ: سمعت أبا عمر وعثمان بْن الخطاب بْن عبد الله البلوي من مدينة بالمغرب يقال لها: رندة وهو المعمر/ ويعرف بأبي الدنيا [2] ، يقول:
ولدت [3] في أول خلافة أبي بكر الصديق، فلما كَانَ في زمن [4] عَلي بْن أبي طالب خرجت أنا وأبي نريد لقاءه، فلما صرنا قريبا من الكوفة أو من الأرض التي هو فيها لحقنا عطش شديد في طريقنا أشفينا منه على الهلكة، وَكَانَ أبي شيخا كبيرا، فقلت له:
اجلس حتى أدور أنا في الصحراء أو البرية فلعلني أقدر على ماء، أو من يدلني على ماء، أو ماء المطر، فجلس ومضيت أطلب الماء، فلما كنت عنه غير بعيد لاح لي ماء، فصرت إليه، فإذا أنا بعين ماء وبين يديها شبيه بالركية [5] ، أو الوادي من مائها، فنزعت ثيابي واغتسلت من ذلك الماء وشربت حتى رويت، ثم قلت: أمضي فأجيء بأبي، فهو غير بعيد، فجئت إليه فقلت: قم فقد فرج الله وهذه عين ماء قريب منا. ومضينا نحو العين والماء، فلم نر شيئا، فدرنا نطلب فلم نقدر على شيء، وأجهد أبي جهدا شديدا فلم يقدر على النهوض لشدة ما لحقه، فجلست معه فلم يزل يضطرب حتى مات فاحتلت حتى واريته، ثم جئت حتى لقيت أمير المؤمنين عليا رَضِيَ اللهُ عنه وهو خارج إلى صفين وقد أسرجت له بغلة، فجئت فأمسكت الركاب ليركب وانكببت لأقبل فخذه، فنفحني الركاب فشجني في وجهي شجة- قَالَ المفيد: ورأيت الشجة في وجهه
__________
[ () ] وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 297- 299، والبداية والنهاية 11/ 190، وميزان الاعتدال 3/ 33، ولسان الميزان 4/ 145) .
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «ويعرف بابن أبي الدنيا» .
[3] «ولدت» : ساقطة من ص.
[4] في ك: «فلما كان في خلافة علي» .
[5] في ك: «يديها شبيه بالركية» .

(13/379)


واضحة- قَالَ: ثم سألني عن خبري، فأخبرته بقصتي وقصة أبي، وقصة العين، فَقَالَ:
هذه عين لم يشرب منها أحد إلا وعمر عمرا طويلا، فأبشر فإنك تعمر، ما كنت تجدها بعد شربك منها. كما قَالَ المفيد- ثم سألناه فحدثنا عن عَلي بْن أبي طالب بأحاديث، ثم لم أزل أتتبعه في الأوقات فألح عليه حتى يملي عَلي حديثا بعد حديث، ثم أعود حتى جمعت منه خمسة عشر حديثا لم يجتمع عنه لغيري لتتبعي له، وإلحاحي عليه [1] ، وَكَانَ معه شيوخ من بلده فسألتهم عنه، فقالوا: هو مشهور عندنا بطول العمر، حَدَّثَنَا بذلك آباؤنا عن آبائهم عن أجدادهم، وأن قوله في لقيه عَلي بْن أبي طالب معلوم عندهم أنه كذلك.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْد اللَّه [2] بْن أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ وَكَانَ شَاهِدًا بِالرَّقَّةِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْمُفِيدَ حَدَّثَ عَنِ الأَشَجِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: إِنَّ الأَشَجَّ دَخَلَ بَغْدَادَ وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي دَارِ إِسْحَاقَ وَأَحْدَقُوا بِهِ وَضَايَقُوهُ، وَكُنْتُ حَاضِرَهُ، فَقَالَ: لا تُؤْذُونِي، فَإِنِّي سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُؤْذٍ فِي النَّارِ» [3] ، وَحَدَّثَ بِبَغْدَادَ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ حَفِظْتُ مِنْهَا ثَلاثَةً هَذَا أَحَدُهَا، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا بِبَغْدَادَ كَتَبَ عَنْهُ حَرْفًا وَاحِدًا، وَلَمْ يكن عندي بالثقة [4] .
__________
[1] «حتى يملي على ... وإلحاحي عليه» : ساقطة من ك.
[2] في ت: «أبو القاسم عبد الله» .
[3] الحديث: أخرجه ابن عساكر في تاريخه، والخطيب البغدادي في تاريخه، عن أنس (الجامع الصغير 2/ 93) .
وأخرجه المصنف في العلل المتناهية، عن علي بن أبي طالب، وقال ابن الجوزي: هذا حديث لا يصح، والأشج غير موثوق بقوله عند العلماء.
انظر الحديث في: (تاريخ بغداد 11/ 299، والعلل المتناهية 2/ 263، وتفسير القرطبي 1/ 236، وكنز العمال 39484) .
[4] في ت، ك: «ولم يكن عندهم ثقة» .
قال الذهبي في الميزان: «حدث بقلة حياء بعد الثلاثمائة عن علي بن أبي طالب فافتضح بذلك وكذبه النقاد» .

(13/380)


وَقَالَ المفيد: بلغني أن الأشج مات في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وهو راجع إلى بلده.
2402- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن سهل، أَبُو بكر الخرائطي [1] :
من أهل سرمن رأى. سمع إبراهيم بْن الجنيد، والحسن بْن عرفة وخلقا كثيرا.
وَكَانَ حسن التصنيف، سكن الشام، وحدث بها. وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
2403- محمد بن جعفر [بن مُحَمَّد] [2] بْن نوح، أَبُو نعيم الحافظ [3] :
بغدادي نزل الرملة، وحدث بها عن خلق كثير، روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر الحافظ، وتوفي في هذه السنة.
2404- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن الحسن بْن المستفاض، أَبُو الحسن بْن أبي بكر الفريابي [4] :
ولد سنة سبع وأربعين ومائتين، وحدث عن عباس الدوري وخلق كثير، روى عنه ابن شاهين، وغيره، وَكَانَ ثقة.
2405- مُحَمَّد بن جعفر بن أحمد بن بكر الرافقي [5] :
ويعرف بابن الصابوني، قدم بغداد وحدث بها عن جماعة، فروى عنه الدارقطني.
2406-[يزداد بْن عبد الرحمن بْن مُحَمَّد بْن يزداد، أَبُو مُحَمَّد الكاتب [6] :
مروزي الأصل سمع أبا سعيد الأشج، روى عنه الدارقطني] [7] ، وابن شاهين، وذكره يُوسُف القواس في شيوخه [الثقات] [8] توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 139، وشذرات 2 لذهب 2/ 309، وإرشاد الأريب 6/ 464، والرسالة المستطرفة 38، والأعلام 6/ 70، والبداية والنهاية 11/ 190، 191) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 140، وشذرات الذهب 2/ 309) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 141) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 142) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 355) .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/381)


ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه في غرة المحرم ظهرت في الجو حمرة شديدة من ناحية الشمال والمغرب، وظهرت فيها أعمدة بيض عظيمة كثيرة العدد.
وفيها أن الخبر ورد بأن أبا على [1] الحسن بْن بويه الديلمي صار إلى واسط، [فانحدر الراضي وبجكم فأنصرف أَبُو على من واسط] [2] ، ورجع الراضي إلى بغداد.
وفيها: أن بجكم تزوج سارة بنت أبي عبد الله مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب البريدي على صداق مبلغه مائتا ألف درهم.
وفيها في شعبان: بلغت زيادة الماء في دجلة تسعة عشر ذراعا، [وبلغت زيادة الفرات] [3] إحدى عشرة ذراعا.
وانبثق بثق من نواحي الأنبار فاجتاح القرى وغرق الناس والبهائم والسباع، وصب الماء في الصراة إلى بغداد [ودخل الشوارع في الجانب الغربي من بغداد] [4] ، وغرق شارع الأنبار، فلم يبق فيه منزل، وتساقطت الدور والأبنية على الصراة، وانقطع بعض القنطرة العتيقة والجديدة.
__________
[1] في ت: «وورد الخبر أن أبا علي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] ما بين المعقوفتين: من على هامش ت.
[4] ما بين المعقوفتين: من على هامش ت.

(13/382)


وفى هذا الشهر توفي قاضى القضاة أَبُو الحسين عمر بْن مُحَمَّد، وولى ابنه أَبُو نصر يُوسُف.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ علي بْن ثابت، قَالَ: حَدَّثَنَا التنوخي، قال: حَدَّثَنَا طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، قَالَ: لمَا كَانَ يوم الخميس لخمس بقين من شعبان خلع الراضي على أبي نصر يُوسُف بْن عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف وقلده قضاء الحضرة بأسرها الجانب الشرقي والغربي والمدينة والكرخ وقطعه من أعمال السواد، وخلع على أخيه أبي مُحَمَّد الحسين بْن عمر لقضاء أكثر السواد، ثم صرف الراضي أبا نصر عن مدينة المنصور بأخيه الحسين في سنة تسع وعشرين، وأقره على الجانب الشرقي.
وفى يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي الحجة: أشهد أَبُو عَلي بْن أبي موسى الهاشمي عن نفسه ثلاثين شاهدا من العدول بأنه لا يشهد عند القاضي أبي نصر يُوسُف بْن عمر ببغداد، وأخذ خطوط الشهود أنه عدل مقبول الشهادة.
وفى يوم الاثنين لثمان بقين من ذي الحجة: أسجل القاضي أَبُو نصر يُوسُف بْن عمر بأن [1] أبا عبد الله بْن أبي موسى الهاشمي ساقط الشهادة بشهادة عشرين عدلا عليه بذلك.
وفى مستهل ذي القعدة: وافى رسول أبي طاهر الجنابي القرمطي، فأطلق له من مال السلطان خمسة وعشرون ألف دينار من جملة خمسين ألف دينار [2] ، ووفق عليها على أن يبذرق بالحاج، فبذرقهم في هذه السنة.
وفى هذا الشهر: صرف أَبُو عبد الله البريدي عن الوزارة واستوزر سليمان بْن الحسن، وَكَانَ البريدي قد ضمن واسطا وأعمالها بستمائة ألف دينار.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2407- إسحاق بن محمد بن إسحاق، أَبُو عيسى الناقد [3] :
حدث عن الحسن بْن عرفة، وتوفي في محرم هذه السنة.
__________
[1] في ت: «أبو نصر يوسف بن عمران» .
[2] «من جملة خمسين ألف دينار» : ساقط من ص، ل.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 397) .

(13/383)


2408- جعفر المرتعش، أَبُو مُحَمَّد [1] :
كذلك ذكره أَبُو بكر الخطيب، وَقَالَ أَبُو عبد الرحمن السلمى: اسمه عبد الله بْن مُحَمَّد أَبُو مُحَمَّد النيسابوري، كَانَ من ذوي الأموال، فتخلى عنها وصحب الفقراء مثل الجنيد، وأبي حفص، وأبي عثمان، وأقام ببغداد حتى صار شيخ الصوفية. وَكَانَ إقامته بالشونيزية، وكانوا يقولون عجائب بغداد ثلاثة: إشارات الشبلي، ونكت المرتعش، وحكايات جعفر الخواص.
أَخْبَرَنَا [مُحَمَّد] [2] بْن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا [أَحْمَد بْن عَلي بْن خلف، أنبأنا] [3] أَبُو عبد الرحمن السلمى، قَالَ: سمعت أبا الفرج الصائغ، يقول: قَالَ المرتعش من ظن أن أفعاله تنجيه من النار وتبلغه [الرضوان] [4] فقد جعل لنفسه ولفعله خطرا، ومن اعتمد على فضل الله بلغه الله أقصى منازل الرضوان. وقيل له: إن فلانا يمشى على الماء، فَقَالَ: إن من مكنه الله من مخالفة هواه فهو أعظم من المشي على الماء [5] .
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: / ذكر مُحَمَّد بْن مأمون البلخي أنه سمع أبا عبد الله الرزاز، [6] يقول: حضرت وفاة المرتعش في مسجد الشونيزية سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فَقَالَ: انظروا ديوني، فنظروا فقالوا: بضعة عشر درهما، فَقَالَ:
انظروا خريقاتي، فلما قربت منه، قال: اجعلوها في ديوني، وأرجو أن الله يعطيني الكفن [7] ، ثم قَالَ: سألت [الله ثلاثا عند موتي فأعطانيها، سألته أن يميتني على الفقر،
__________
[1] في ت: «جعفر بن المرتعش» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 221، والبداية والنهاية 11/ 192، وطبقات الصوفية 349- 353، وحلية الأولياء 10/ 355، وصفة الصفوة 2/ 211، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 189، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 123، وشذرات الذهب 2/ 317، وفيه: «أبو محمد المرتعش عبد الله بن محمد النيسابورىّ الزاهد» ، واللباب 3/ 121، والكواكب الدرية 2/ 38، وطبقات الأولياء صفحة 141) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] «فقال: ان من مكنه ... المشي على الماء» : ساقط من ك.
[6] في ت: «سمع أبا عبد الله الرازيّ» .
[7] في ت: «أن الله يرزقني الكفن» .

(13/384)


وسألته] [1] ، أن يجعل موتي في هذا المسجد فقد صحبت فيه أقواما، وسألته أن يكون حولي من آنس به وأحبه، وغمض عينيه ومات بعد ساعة رحمة الله عليه.
2409- الحسن بْن أَحْمَد بْن يزيد بْن عيسى بْن الفضل بن بشار، أبو سعيد، المعروف بالإصطخري [2] :
قاضى قم، ولد سنة أربع وأربعين ومائتين، وسمع سعدان بْن نصر، وأحمد بْن منصور الرمادي، وعباسا الدوري. روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين.
وكان أحد الأئمة المذكورين، [وهو] [3] من شيوخ الفقهاء الشافعيين، وكان ورعا زاهدا، وكتابه الذي ألفه يدل على سعة علمه [وقوة فهمه] [4] ، وكان متقللا فيقال أنه كَانَ قميصه وسراويله وعمامته وطيلسانه من شقة [واحدة] [5] ، وله كتاب القضاء لم يصنف مثله. توفي في هذه السنة [6] .
2410- الْحَسَن بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه بْن عبد المجيد [7] ، أَبُو مُحَمَّد المقرئ وهو ابن أخت أبي الآذان [8] :
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 193، ووفيات الأعيان 2/ 74، وطبقات الشافعية 2/ 193، واللباب 1/ 56، والأعلام 2/ 179، وشذرات الذهب 2/ 312، والأنساب 1/ 286. والفهرست 213) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] على هامش ل قصة مطموس أغلبها، وحاصلها «أن الاصطخري أفتى بوجوب النفقة للمتوفى عنها حاملا، فقيل له: ليس هذا من مذهب الشافعيّ فلم يصدق، فأروه كتابه، فلم يرجع ثم اجتمع بابن سريج وناظره، فقال الحسن: هو مذهب علي وابن عباس، فقال له ابن سريج كأنه يعيره بالفقر: كثرة أكل الباقلاء ذهبت بدماغك، فقال له الحسن: كثرة أكل الحلواء ذهبت بدينك» . انظر القصة كاملة في طبقات الشافعية (2/ 193) .
[7] في ت: «ابن عبد الله بن عبد الحميد» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 282) .

(13/385)


سمع من جماعة، وروى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو من الثقات.
وتوفي في هذه السنة.
2411-[الحسن بْن سعيد بْن الحسن بْن يُوسُف، أَبُو الْقَاسِم، الوراق [1] :
يعرف بابن الهرش مروزي الأصل. حدث عن إبراهيم بن هاني. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة] [2] .
2412- الحسين بن محمد [3] بْن سعيد، أَبُو عبد الله البزاز، المعروف بابن المطبقي [4] :
ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. وحدث عن خلاد بْن اسلم، والربيع بْن سليمان، ومحمد بْن منصور الطوسي. روى عنه الخطبي، والدارقطني، وابن المظفر، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة. وتوفي في [شوال] [5] هذه السنة، ودفن في داره، وبلغ ستا وتسعين سنة، وهو صحيح الفهم والعقل والجسم.
2413- حامد بن أحمد [6] بن الهيثم، أَبُو الحسين البزاز [7] :
حدث عن أَحْمَد بْن منصور الرمادي، توفي في هذه السنة.
2414- حامد بْن بلال بْن الحسن، أَبُو أَحْمَد البخاري [8] :
حدث عن جماعة، روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن شاهين.
توفي في رجب هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 326) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «الحسن بن محمد» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 97، وشذرات الذهب 2/ 31 وفيه: «الحسين بن محمد أبو عبد الله ابن المطيفي البغدادي) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت، ك: «حامد بن أحمد بن محمد» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 170) .
[8] في ت: «أبو محمد البخاري» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 170) .

(13/386)


2415- حامد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَبُو أَحْمَد المروزي المعروف بالزيدي [1] :
كَانَ له عناية بحديث زيد بْن أبي أنيسة، وجمعة وطلبه، فنسب إليه سكن طرسوس، ثم قدم بغداد وحدث بها، فروى عنه الدارقطني، وَكَانَ ثقة مذكورا بالفهم، موصوفا بالحفظ. توفي في رمضان هذه السنة.
2416- حمزة بْن الحسين [2] بْن عمر، أَبُو عيسى السمسار [3] :
سمع من جماعة، روى عنه الخلدي، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة. وذكر أنه كَانَ يعرف بحمزة واسمه عمر. توفي في هذه السنة.
2417- خير مولى عبد الله بْن يحيى بْن زهير التغلبي، يكنى أبا صالح:
سمع من بكار بْن قتيبة، وَكَانَ، ثقة تقبله القضاة، وتحكم بقوله، وَكَانَ أسود خصيا. توفي في رمضان هذه السنة.
2418- عَبْد اللَّهِ بْن سليمان بْن عيسى بْن الهيثم، أَبُو مُحَمَّد الوراق المعروف بالفامي [4] :
سمع إبراهيم بْن هَانِئ، وعبد الله بْن أَحْمَد. روى عنه ابن شاهين. وَكَانَ ثقة، وتوفي فِي شوال هَذِهِ السنة.
2419- علي بْن أحمد بن الهيثم، أَبُو الحسن البزار [5] :
حدث عن عَلي بْن حرب [6] . روى عنه الدارقطني، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] في ص، ل، ك: «المعروف باليزيدي» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 171، وشذرات الذهب 2/ 318) .
[2] هذه الترجمة ساقطة من ص.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 181) .
[4] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 469) .
[5] هذه الترجمة ساقطة من ص، ل. وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 320) .
[6] في ت: «علي بن حيويه» .

(13/387)


2420- عَلي بْن مُحَمَّد، أَبُو الحسن المزين الصغير [1] :
أصله من بغداد، وصحب الجنيد، وسهل بْن عبد الله، وأقام بمكة مجاورا حتى توفي بها في هذه السنة.
أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن حبيب العامري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو سعد بْن أبي صادق، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن باكويه، أَخْبَرَنَا أَبُو عبد الله بْن خفيف، قَالَ: سمعت أبا الحسن المزين بمكة، يقول: كنت في بادية تبوك فتقدمت إلى بئر لأستقي منها فزلقت رجلي فوقعت في جوف البئر فرأيت في جوف البئر زاوية واسعة فأصلحت موضعا وجلست عليه، وقلت: إن كَانَ مني شَيْء لا أفسد [الماء] [2] على الناس، وطابت نفسي وسكن قلبي، فبينا أنا قاعد إذا بخشخشة، فتأملت [3] فإذا أنا بأفعى تنزل عَلي، فراجعت نفسي، فإذا هي ساكنة [عَلي] [4] ، فنزل فدار بي وأنا هادئ السر لا تضطرب على [نفسي] [5] ثم لف ذنبه وأخرجني من البئر وحلل عني ذنبه، فلا أدري أرض ابتلعته أو سماء رفعته، ثم قمت ومشيت.
وثم آخر يقال له
2421- أَبُو جعفر المزين الكبير [6] :
كَانَ بمكة وبها مات، وَكَانَ من العباد.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا علي بن أبي
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 73، والبداية والنهاية 11/ 193، وطبقات الصوفية 382- 385، وحلية الأولياء 8/ 235، وصفة الصفوة 2/ 150، والرسالة القشيرية 35، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 196، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 130، وشذرات الذهب 2/ 316، وسير أعلام النبلاء 10/ 1/ 56، واللباب 3/ 133، والأنساب 577، والكواكب الدرية 2/ 41، وطبقات الأولياء صفحة 140) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت، ك: «أنا قاعد إذ سمعت خشخشة فتأملت» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 193) .

(13/388)


على، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بْن أَحْمَد الطبري، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر الخلدي، قَالَ: ودعت في بعض حجاتي المزين الكبير، فقلت: زودني شيئا، فَقَالَ: إن ضاع منك شَيْء أو أردت أن يجمع الله بينك وبين إنسان، فقل: يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد أجمع بيني وبين [كذا وكذا، فإن الله يجمع بينك وبين] [1] ذلك الإنسان أو ذلك الشيء، قَالَ: فجئت إلى الكتاني فودعته، وقلت: زودني، فأعطاني فصا عليه نقش كأنه طلسم، فَقَالَ: إذا اغتممت فانظر إلى هذا فإنه يزول غمك، قَالَ: فانصرفت فما دعوت [الله] [2] بتلك الدعوة إلا استجيب لي، ولا رأيت الفص وقد اغتممت إلا زال غمي، فأنا ذات يوم قد توجهت أعبر إلى الجانب الشرقي من بغداد إذ هاجت ريح عظيمة وأنا في السميرية والفص في جيبي، فأخرجته لأنظر إليه، فلا أدري كيف ذهب مني في الماء، أو في السفينة، فاغتممت غما عظيما، فدعوت بالدعوة وعبرت، فما زلت أدعو بها يومي وليلتي أياما، فلما كَانَ بعد ذلك أخرجت صندوقا فيه ثيابي لأغير منها شيئا، ففرغت الصندوق فإذا بالفص في أسفل الصندوق، فأخذته وحمدت الله عز وجل على رجوعه.
2422- عمر بْن أبي عمر مُحَمَّد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بْن زيد بْن درهم، أَبُو الحسين الأزدى [3] :
ناب عن أبيه في القضاء وهو ابن عشرين سنة، ثم توفي أبوه وهو على القضاء [4] ، وَكَانَ حافظا للقرآن والفقه على مذهب مالك والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث، وأقر على القضاء، ثم جعل قاضي القضاة إلى آخر عمره، وصنف مسندا، ورزق قوة الفهم، وجودة القريحة، وشرف الأخلاق.
قَالَ أَبُو الْقَاسِم بْن برهان النحوي: كَانَ عدد الشهود في زمان قاضي القضاة أبي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 229، والبداية والنهاية 11/ 194، وبغية الوعاة 364، والأعلام 5/ 59) .
[4] في ص: «وهو على قضاء البصرة» .

(13/389)


الحسين بْن قاضى القضاة أبي عمر ألف وثمانمائة شاهد، ليس فيهم من شهد إلا بفضيلة محضة في دين، أو علم، أو مال، أو شرف.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أحمد بن على، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الصَّمَدِ بْن مُحَمَّد بْن [1] مُحَمَّد بْن نصر قَالَ: قَالَ لنا إسماعيل [2] بْن سعيد المعدل: كَانَ أَبُو عمر القاضي، يقول: ما زلت مروعا من مسأله تجيئني من السلطان حتى نشأ أَبُو الحسين ولدي.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، قال: أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا التنوخي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد اللَّهِ النصيبي، أن جعفر بْن ورقاء حدثهم، قَالَ: عدت من الحج أنا وأخي [3] فتأخر عن تهنئتي [4] القاضي أَبُو عمر وابنه أَبُو الحسين، فكتبت إليهما:
أأستجفي أبا عمر وأشكو ... وأستجفي فتاه أبا الحسين
بأي قضية وبأي حكم ... الحّا في قطيعة واصلين
فما جاءا ولا بعثا بعذر ... ولا كانا لحقى موجبين
فإن نمسك ولا نعتب تمادى ... جفاؤهما لأخلص مخلصين
وإن نعتب فحق غير أنا ... نجل عن العتاب القاضيين
فوصلت الأبيات إلى أبي عمر، وهو على شغل، فأنفذها إلى أبي الحسين، وأمره بالجواب عنها، فكتب إلي:
تجن واظلم فلست منتقلا ... عن خالص الود أيها الظالم
ظننت بي جفوة عتبت لها ... فخلت أنى لحبلكم صارم
حكمت بالظن والشكوك ولا ... يحكم بالظن فالهوى حاكم
تركت حق الوداع مطّرحا ... وجئت تبغي زيارة القادم
__________
[1] في ت: «عبد الصمد بن علي بن محمد» .
[2] في ت: «قال: أخبرنا عبد الرحمن إسماعيل» .
[3] «أنا وأخي» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ك: «فتأخر عن تهنئتنا» .

(13/390)


أمران لم يذهبا على فطن [1] ... وأنت بالحكم فيهما عالم
وكل هذا مقال ذي ثقة ... وقلبه من جفائه سالم
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن/ [بن محمد] [2] ، قال: أخبرنا أحمد بن علي [بن ثابت] [3] ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري، قَالَ سمعت [4] المعافى بْن زكريا، يقول:
كنت أحضر مجلس أبي الحسين بْن أبي عمر يوم النظر، فحضرت يوما أنا وجماعة من أهل العلم في الموضع الذي جرت العادة بجلوسنا فيه ننتظره حتى يخرج، قَالَ: فدخل أعرابي لعل له حاجة إليه، فجلس بقربنا، فجاء غراب فقعد على نخلة في الدار وصاح، ثم طار، فَقَالَ الأعرابي: هذا الغراب يقول: بأن صاحب هذه الدار يموت بعد سبعة أيام، قَالَ: فصحنا عليه وزبرناه فقام وأنصرف، واحتبس خروج أبي الحسين، وإذا قد خرج إلينا غلام، فقال: القاضي يستدعيكم، قَالَ: فقمنا ودخلنا إليه، وإذا به متغير اللون منكسر البال مغتم، فَقَالَ: اعلموا أني أحدثكم بِشَيْءٍ قد شغل قلبي، وهو أني رأيت البارحة في المنام شخصا وهو يقول:
منازل آل حماد بْن زيد ... على أهليك والنعم السلام
وقد ضاق لذلك صدري، قَالَ: فدعونا له وانصرفنا، فلما كَانَ اليوم السابع من ذلك اليوم دفن رحمه الله.
أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن المحسن، قَالَ: أَخْبَرَنَا طلحة بن محمد بن جعفر، قال: توفي قاضي القضاة- يعني أبا الحسين عمر بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف- في يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وصلى عليه ابنه أَبُو نصر، ودفن إلى جانب أبي عمر في دار إلى جانب داره.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: كَانَ هذا القاضي عمر بْن مُحَمَّد قد بلغ من العلوم مبلغا
__________
[1] في ت: «لم يذهبان على قطنّ» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في المطبوعة: «سمت» خطأ مطبعي.

(13/391)


عظيما، وقرأ على من كتب اللغة والأخبار ما يقارب عشرة آلاف ورقة، وتوفي ابن سبع وثلاثين سنة، ووجد عليه الراضي وجدا شديدا حتى كَانَ يبكي بحضرتنا، وَقَالَ: كنت أضيق بالشيء ذرعا، فيوسعه عَلي، وَكَانَ يقول لا بقيت بعده.
2423- عثمان بْن عبدويه، أَبُو عمرو البزاز [1] الكشى:
سمع إبراهيم الحربي، روى عنه أَبُو بكر [بْن أبي موسى القاضي، وَكَانَ ثقة.
توفي في رمضان هذه السنة] [2] .
2424- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن أيوب بْن الصلت، أَبُو الحسن المقرئ المعروف بابن شنبوذ [3] :
حدث عن أبي مسلم الكجي [4] ، وبشر بْن موسى، وخلق كثير من أهل الشام ومصر، وَكَانَ قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات، وقرأ بها فصنف أَبُو بكر الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: أخبرني إبراهيم بْن مخلد فيما أذن لي أن أرويه عنه، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلي الخطبي، قَالَ: أشتهر ببغداد أمر رجل يعرف بابن شنبوذ يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف نخالف المصاحف مما يروي عن ابن مسعود وأبي وغيرهما مما كَانَ يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه عثمان، ويتبع الشواذ [فيقرأ بها] [5] ويجادل حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس فوجه السلطان فقبض عليه في يوم السبت [لست خلون] [6] من ربيع الآخر سنة ثلاث
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 299) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 280، ومعجم الأدباء 17/ 167، والوافي 2/ 37، والبداية والنهاية 11/ 194، والنجوم الزاهرة 3/ 248، 267، ووفيات الأعيان 4/ 299، وإرشاد الأريب 6/ 300، وغاية النهاية 2/ 52، ونزهة الجليس 2/ 272، وفيه وفاته سنة 324، والأعلام 5/ 309، وشذرات الذهب 2/ 313، والعبر 2/ 213) .
[4] في ت: «أبو مسلم البلخي» خطأ. ويقال له: «أبو مسلم الكشي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/392)


وعشرين وثلاثمائة، وحمل إلى دار الوزير مُحَمَّد بْن عَلي ابن مقلة، وأحضر القضاة والفقهاء والقراء [1] ، وناظره- يعنى الوزير- بحضرتهم، فأقام على ما ذكر عنه ونصره، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تزيد على المصحف وتخالفه، فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس [2] ، وأشاروا بعقوبته ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع، فأمر بتجريده وإقامته بين الهنبازين وضربه بالدرة على قفاه، فضرب نحو العشر درر ضربا شديدا، فلم يصبر واستغاث وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلى عنه وأعيدت عليه ثيابه واستتيب، فكتب عليه كتاب بتوبته، وأخذ عليه خطه بالتوبة.
توفي ابن شنبوذ يوم الاثنين لثلاث ليال خلون من صفر هذه السنة.
2425- مُحَمَّد بْن الحسن بْن مُحَمَّد بْن حاتم بْن يزيد، [أَبُو الحسن] [3] المعروف والده بعبيد العجل:
حدث عن زكريا بْن يحيى المروزي [4] ، وموسى بْن هارون الطوسي. روى عنه الدارقطني.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر الخطيب، قَالَ: بلغني عن أبي الفتح عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد النحويّ، أنه ذكره فقال: كان سيّئ الحال في الحديث.
توفي يوم الثلاثاء لأربع عشرة بقين من رجب هذه السنة.
2426- مُحَمَّد بْن عَلي بْن الحسين بْن عبد الله، أَبُو على المعروف بابن [5] مقلة:
ولد في شوال ببغداد في سنة اثنتين وسبعين ومائتين، فأول تصرف تصرفه مع
__________
[1] «والقراء» : ساقطة من ص، ل.
[2] «وتخالفه فأنكر ذلك جميع من حضر المجلس» : ساقط من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «زكريا بن يحيى بن زكريا المروزي» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 195، ووفيات الأعيان 5/ 113، والوافي 1/ 168، وشذرات الذهب 2/ 310، والعبر 2/ 211، والفخري 243، وتحفة أولي الألباب 43) .

(13/393)


أبي عبد الله مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح وسنه يومئذ ست عشرة سنة، وذلك في سنة ثمان وثمانين، فأقام معه ثمانية أشهر، ثم انتقل إلى أبي الحسن ابن الفرات قبل تقلده الوزارة، وأجرى له مثل ذلك، وَكَانَ يسترفق في أيامه بقضاء الحوائج، ثم زاده في الجراية وولى ابن الفرات الوزارة، ثم عزل وأعيد، فقلد غير ابن مقلة المكاتبات، فسعى به ابن مقلة حتى صرف ثم عاد إلى الوزارة فقبض على ابن مقلة وصادره على مائة ألف دينار، ثم آل الأمر إلى أن وزر لثلاثة خلفاء.
وزر ابن مقلة للمقتدر في سنة ست عشرة وثلاثمائة، وقبض عليه في آخر سنة سبع عشرة، ووزر للقاهر سنة عشرين واستتر عنه خوفا منه سنة إحدى وعشرين فلم يظهر حتى بويع للراضي باللَّه، وَقَالَ: كنت مستترا في دار أبي الفضل بْن مارى النصراني بدرب القراطيس، فسعى بي إلى القاهر وعرف موضعي فبينا أنا جالس [1] وقد مضى نصف الليل أخبرتنا زوجة ابن مارى أن الشارع قد امتلأ بالمشاعل والخيل، فطار عقلي ودخلت بيتا فيه تبن فدخلوه ونبشوه بأيديهم [2] ، فلم أشك إني مأخوذ فعاهدت الله تعالى أنه إن نجاني أن انزع عن ذنوب كثيرة [3] ، وإن تقلدت الوزارة أمنت المستترين وأطلقت ضياع المنكوبين ووقفت وقوفا على الطالبيين، فما استتممت نذري حتى خرج الطلب وكفاني الله أمرهم.
وَكَانَ ابن مقلة قد نفى أبا العباس أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ الخصيبي، وسليمان بن الحسن، وكلاهما وزراء للمقتدر، وتقدم بإنفاذهما في البحر فخب بهما البحر ويئسا من الحياة، فَقَالَ الخصيبي: اللَّهمّ إنى أستغفرك من كل ذنب وخطيئة، وأتوب إليك من معاودة معاصيك إلا من مكروه أبي على ابن مقلة [4] فإنني إن قدرت عليه جازيته عن ليلتي هذه وما حل بي منه فيها، وتناهيت في الإساءة إليه، فَقَالَ سليمان: ويحك في هذا الموضع وأنت معاين للهلاك تقول هذا؟ فَقَالَ: لا أخادع [ربي] [5] وأعيد من عمان،
__________
[1] في ل، ص، والمطبوعة: «وعرف موضعي فإنّي جالس» .
[2] في ل: «وفتشوه بأيديهم» .
[3] في ك: «أنزع عن ذنوبي كلها» .
[4] في ك: «علي بن مقلة في خلافة الراضي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/394)


فلما عزل ابن مقلة في خلافة الراضي ضمنه الخصيبي بألفي ألف دينار، وحلت به المكاره من قبله، وَكَانَ ابن مقلة [1] لما شرع في بناء داره بالزاهر جمع المنجمين حتى اختاروا له وقتا لبنائه، ووضع أساسه بين المغرب والعشاء، فكتب إليه بعضهم:
قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا ... واصبر فإنك في أضغاث أحلام
تبنى بأنقاض دور الناس مجتهدا ... دارا ستنقض أيضا بعد أيام
ما زلت تختار سعد المشترى لها ... فلم توق به من نحس بهرام
إن القرآن وبطليموس ما اجتمعا ... في حال نقض ولا في حال إبرام
وَكَانَ له بستان عدة أجربه شجر بلا نخل عمل له شبكة إبريسم، وَكَانَ يفرخ فيه الطيور التي لا تفرخ إلا في الشجر، كالقماري، والدباسي، والهزار، والببغ [2] ، والبلابل، والطواويس، والقبج، وَكَانَ فيه من الغزلان والبقر البدوية، والنعام، والإبل وحمير الوحش [3] ، [وبشر] [4] بأن طائرا [بحريا وقع على طائر بري فازدوجا وباضا وأفقصا، فأعطى من بشره بذلك مائة دينار ببشارته] [5] وَكَانَ بين جحظة [الشاعر] [6] وبين ابن مقلة صداقة قبل الوزارة، فلما استوزر استأذن عليه جحظة فلم يؤذن له فَقَالَ:
قل للوزير أدام الله دولته ... أذكر منادمتي والخبز خشكار
إذ ليس بالباب برذون لنوبتكم ... ولا حمار ولا في الشط طيار
وَكَانَ ابن مقلة [يوما] [7] على المائدة، فلما غسل يده رأى على ثوبه نقطة صفراء من الحلوى، فأخذ القلم وسودها وَقَالَ: تلك عيب [8] ، وهذا اثر صناعة [9] ، وأنشد:
__________
[1] «وكان ابن مقلة» : ساقط من ك.
[2] «والببغ» : ساقطة من ك.
[3] في ت: «وحمر الوحش» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] «فأعطى من بشره بذلك مائة دينار ببشارته» : ساقطة من ك، وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] في ت: «هذا عيب» .
[9] في ت: «وذاك أثر صناعة» .

(13/395)


إنما الزعفران عطر العذارى ... ومداد الدواة عطر الرجال
وجرى على ابن مقلة في اعتقاله المكاره، وأخذ خطه بألف ألف دينار، وأطلق بعد ذلك/ فكتب إلى الراضي أنه إن أعاده [1] إلى الوزارة استخرج له ثلاثة آلاف ألف دينار، وقد ذكرنا إنه ضمن بعض الأمراء بمال فاستفتى الفقهاء في حقه، فَقَالَ بعضهم:
هذا قد سعى في الأرض بالفساد فتقطع يده، فقطعت وَكَانَ ينوح على يده [2] ، ويقول:
يد خدمت بها الخلفاء ثلاث دفعات، وكتبت بها القرآن دفعتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص، ثم قَالَ: إن المحنة قد نشبت بي وهي تؤديني إلى التلف، وأنشد:
إذ ما مات بعضك فابك بعضا ... فإن البعض من بعض قريب
ومن شعر [ابن مقلة] [3] حين قطعت يده، قوله:
ما سئمت الحياة لكن توثقت ... بأيمانهم فبانت يميني
بعت ديني لهم بدنياي حتى ... حرموني دنياهم بعد ديني
فلقد حطت ما استطعت بجهدي ... حفظ أرواحهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيني
وقال أيضا: [4]
إذا أتى الموت لميقاته ... فعد عن قول الأطباء
وإن مضى من أنت صب به ... فالصبر من فعل الألباء
ما مر شَيْء من بنى آدم ... أمر من فقد الأحباء
ثم قطع لسانه بعد ذلك، وطال حبسه، فلحقه ذرب، وَكَانَ يستسقي الماء بيده اليسرى وفمه إلى أن مات في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ودفن في دار السلطان،
__________
[1] في ت: «إلى الراضي أنه إن عاد» .
[2] في ت: «فقطعت وكان كثير البكاء على يده» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ل، ص: «وله أيضا» .

(13/396)


ثم سأل أهله تسليمه إليهم فنبش وسلم إليهم. فدفنه ابنه أَبُو الحسين في داره، ثم نبشته زوجته المعروفة بالدينارية ودفنته في دارها.
ومن العجائب أنه تقلد الوزارة ثلاث دفعات، وسافر في عمره [1] ثلاث مرات واحدة إلى الموصل، واثنتين [في النفي] [2] إلى شيراز، ودفن بعد موته ثلاث مرات في ثلاث مواضع.
2427- مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بْن مُحَمَّد بْن بشار بْن بيان [3] بْن سماعة بْن فروة بن قطن ابن دعامة، أبو بكر [ابن] [4] الأنباري:
ولد يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين وسمع إسماعيل بْن إسحاق القاضي، والكديمي، وثعلبا، وغيرهم. وَكَانَ صدوقا فاضلا دينا من أهل السنة، وَكَانَ من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظا له، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن، وغريب الحديث، وغير ذلك وذكر عنه أنه كان يحفظ ثلاثمائة ألف بيت من الشواهد في القرآن، وكتب عنه وأبوه حي.
أنبأنا مُحَمَّد بْن عبد الباقي، أنبأنا عَلي [5] بْن أبي على البصري. عن أبيه، قَالَ:
أخبرني غير واحد ممن شاهد أبا بكر ابن الأنباري [أنه كَانَ] [6] يملي من حفظه لا من
__________
[1] «في عمره» : ساقطة من ل، ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «ابن بشار بن بيان» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 196، ووفيات الأعيان 1/ 503، ونزهة الألباء 330، وشذرات الذهب 2/ 315، 316. وبغية الوعاة 91، وتذكرة الحفاظ 842، وغاية النهاية 2/ 230، وإنباه الرواة 2/ 201، وتاريخ بغداد 3/ 181، وروضات الجنان 608، وطبقات القراء لابن الجزري 2/ 230، وطبقات القراء للذهبي 1/ 225، وطبقات النحاة 1/ 120، والعبر 2/ 214، والفهرست 75، ومرآة الجنان 2/ 294، ومعجم الأدباء 7/ 37، والنجوم الزاهرة 3/ 269، ونزهة الألباء 264، والوافي بالوفيات 4/ 344، وطبقات المفسرين للداوديّ 562، وطبقات الحنابلة 2/ 69، وآداب اللغة 2/ 182، وتاريخ بغداد 3/ 181، ودائرة المعارف الإسلامية 3/ 5، والأعلام 6/ 334) .
[5] في ت: «قال أخبرنا علي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/397)


كتاب، وأن عادته في كل ما كتب عنه من العلم كانت [هكذا] [1] ما أملى قط من دفتر.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي الحافظ، قال:
سمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق، يقول: حدثني أبي، عن جدى [أن] [2] أبا بكر ابن الأنباري مرض فدخل عليه أصحابه يعودونه فرأوا من انزعاج أبيه وقلقه [عليه] [3] أمرا عظيما فطيبوا نفسه ورجوه العافية، فَقَالَ لهم: كيف لا أقلق وأنزعج [لعلة] [4] من يحفظ جميع ما ترون، وأشار لهم إلى حيرى مملوء كتبا [5] .
قَالَ حمزة: وَكَانَ مع حفظه زاهدا متواضعا، حكى أَبُو الحسن الدارقطني أنه حضره في مجلس إملاء يوم جمعة فصحف اسما أورده في إسناد حديث أما كَانَ حيان، فَقَالَ: حبان أو كَانَ حبان فَقَالَ حيان: قَالَ أَبُو الحسن: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم وهبته أن أقفه على ذلك، فلما انقضى الإملاء تقدمت إلى المستملي وذكرت له وهمه وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه، فَقَالَ أَبُو بكر للمستملي: عرف الحاضرين إنا صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب [6] على الصواب، وعرف ذلك الشاب إنا رجعنا إلى الأصل فوجدناه كما قَالَ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو العلاء الواسطي، قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر التميمي: ما رأينا أحفظ من أبي بكر الأنباري، ولا أغزر بحرا منه.
وحدثني عنه أَبُو الحسن العروضي، قَالَ: اجتمعت أنا وهو عند الراضي على الطعام، وَكَانَ قد عرف الطباخ ما يأكل أَبُو بكر، فكان يشوي له قلية يابسة، قال: فأكلنا
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «وأشار لهم إلى خزانة مملوءة كتبا» .
[6] في ت: «ووقفنا ذلك الشاب» .

(13/398)


نحن من أطائب الطعام وألوانه، وهو يعالج تلك القلية، ثم فرغنا وأتينا بحلوى، فلم يأكل منها [شيئا] [1] ، وقام وقمنا إلى الخيش فنام بين الخيشين ونمنا نحن في خيش ينافس فيه، ولم يشرب ماء إلى العصر، فلما كَانَ مع العصر [2] قَالَ لغلام: الوظيفة، فجاءه بماء من الحب وترك الماء المزمل بالثلج، فغاظني أمره [3] فصحت صيحة، فأمر أمير المؤمنين بإحضاري، وَقَالَ: ما قصتك؟ [4] فأخبرته، وقلت: هذا يا أمير المؤمنين يحتاج أن يحال بينه وبين تدبير نفسه لأنه يقتلها ولا يحسن عشرتها، قَالَ: فضحك، وَقَالَ:
له في هذا لذة وقد صار له ألفا فلا يضره. ثم قلت: يا أبا بكر لم تفعل هذا بنفسك؟
فَقَالَ: أبقي على حفظي، قلت: إن الناس قد أكثروا في حفظك، فكم تحفظ؟ قَالَ:
أحفظ ثلاثة عشر صندوقا.
قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر: وهذا ما لا يحفظه أحد قبله ولا بعده، وحدثت أنه كَانَ يحفظ عشرين ومائة تفسير من تفاسير القرآن بأسانيدها.
وَقَالَ [لنا] [5] أَبُو الحسن العروضي: كَانَ يتردد ابن الأنباري [6] إلى أولاد الراضي، فسألته جارية عن تفسير رؤيا فَقَالَ: أنا حاقن، ثم مضى فلما كَانَ من غد عاد وقد صار معبرا للرؤيا وذلك أنه مضى من يومه، فدرس كتاب الكرماني وجاء. قَالَ:
وَكَانَ يأخذ الرطب فيشمه [7] ويقول: أما إنك طيب ولكن أطيب منك حفظ ما وهب [8] الله لي من العلم.
قَالَ مُحَمَّد بْن جعفر: وَكَانَ يملي من حفظه وقد أملى غريب الحديث، قيل:
إنه خمسة وأربعون ألف ورقة [وكتاب شرح الكافي وهو نحو ألف ورقة] [9] ، وكتاب
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[2] «فلما كان مع العصر» : ساقط من ك.
[3] «فغاظني أمره» : ساقطة من ك، ص.
[4] في ص: «ما نضيحتك» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «كان أبو بكر بن الأنباري يتردد» .
[7] في ت، ك: «وكان يأخذ الرطب يقشره» .
[8] في ك: «حفظ ما فتح» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ك.

(13/399)


الهاءات نحو ألف ورقة، وكتاب الأضداد وما رأيت أكبر منه [1] ، والجاهليات سبعمائة ورقة [2] ، والمذكر والمؤنث ما عمل أحد أتم منه، وكتاب «المشكل» بلغ فيه إلى نصفه وما أتمه [3] .
قَالَ: وحدثت عنه أنه مضى يوما إلى النخاسين وجارية تعرض حسنة كاملة الوصف، قال: فرقعت في قلبي ثم مضيت إلى دار أمير المؤمنين الراضي، فَقَالَ لي:
أين كنت إلى الساعة؟ فعرفته، فأمر بعض أسبابه، فمضى فاشتراها وحملها إلى منزلي، فجئت فوجدتها، فعلمت الأمر كيف جرى، فقلت لها: كوني فوق إلى أن أستبرئك، وكنت أطلب مسألة قد اختلطت عَلي، فاشتغل قلبي فقلت للخادم: خذها وأمض بها إلى النخاس فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي، فأخذها الغلام،. فقالت: دعني أكلمه بحرفين، فقالت له: أنت رجل لك محل وعقل، وإذا أخرجتني ولم يتبين لي ذنبي لم آمن أن يظن الناس بي ظنا قبيحا [4] ، فعرفنيه قبل أن تخرجني. فقلت لها: مالك عندي عيب غير أنك شغلتني عن علمي، فقالت: هذا سهل عندي.
وَقَالَ: فبلغ الراضي أمره، فَقَالَ: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى [5] منه في قلب هذا الرجل.
ولما وقع في علة الموت أكل كل شَيْء كَانَ يشتهي، وَقَالَ: هي علة الموت.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [6] [حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عبد الله النحوي، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: سمعت] [7] أبا بكر ابن الأنباري، يقول: دخلت المارستان بباب محول، فسمعت صوت رجل في
__________
[1] «وكتاب الهاءات ... أكبر منه» : ساقطة من ك.
[2] «والجاهليات سبعمائة ورقة» : ساقطة من ص، ك.
[3] في المطبوعة: «بلغ فيه إلى طه وما أتمه» .
[4] في ت: «يظن الناس بي عيبا» .
[5] في ت: «في قلب إنسان أحلى» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/400)


بعض البيوت يقرأ: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ الله الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ 29: 19 [1] فَقَالَ: أنا لا أقف إلا على قوله: كَيْفَ يُبْدِئُ الله الْخَلْقَ 29: 19 فأقف على ما عرفه القوم وأقروا به لأنهم لم يكونوا يقرون بإعادة الخلق وأبتدئ بقوله: ثُمَّ يُعِيدُهُ 29: 19 ليكون خبرا. وأما من قرأ على قراءة عَلي بْن أبي طالب وادكر بعد أمه، فهو وجه حسن الأمه النسيان، وأما أَبُو بكر بْن مجاهد فهو إمام في القراءة: وأما قراءة الأحمق [يعني] [2] ابن شنبوذ؟ إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم 5: 118؟ [3] فخطأ، لأن الله تعالى [قد] [4] قطع لهم/ بالعذاب في قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ 4: 48 [5] ، قال: فقلت لصاحب المارستان: من هذا الرجل؟ فَقَالَ: هذا إبراهيم الموسوس محبوس، فقلت: ويحك هذا أبي بْن كعب أفتح الباب [عنه، ففتح الباب فإذا أنا] [6] برجل منغمس في النجاسة والأدهم في قدميه [7] ، فقلت: السلام عليك، فَقَالَ: كلمة مقولة، فقلت: ما منعك من رد السلام عَلي؟ فَقَالَ: السلام أمان، وإني أريد أن امتحنك، ألست تذكر اجتماعنا عند أبي العباس- يعني ثعلبا- في يوم كذا وفى يوم كذا، وعرفني ما ذكرته وعرفته، وإذا به رجل من أفاضل [8] أهل العلم، فَقَالَ: هذا الذي تراني منغمسا فيه ما هو، قال: فقلت:
الخراء يا هذا، فَقَالَ: وما جمعه؟ فقلت: خروء، فَقَالَ: [لي] [9] صدقت وأنشد.
كَأنَ خروء الطير فوق رءوسهم
ثم قَالَ لي: والله لو لم تجبني بالصواب لأطعمتك منه، فقلت: الحمد للَّه الذي نجاني منك، وتركته وانصرفت.
__________
[1] سورة: العنكبوت، الآية: 19.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] سورة المائدة: الآية: 118.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] سورة النساء، الآية: 48.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «النجاسة والقيد في قدميه» .
[8] في ت: «وإذا به هو من أفاضل» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/401)


أنبأنا مُحَمَّد بْن ناصر، أنبأنا عبد المحسن بْن مُحَمَّد بْن عَلي، أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا القاضي [1] أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن عَبْد الله الدينَوَريّ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر عبد الله بْن عَلي بْن عيسى: لما مرض أبو بكر ابن الأنباري مرضه الذي توفي فيه انقطع عن الخروج إلى المسجد أياما، فدخلوا عليه واعتذروا من تأخرهم عنه، فَقَالَ له واحد من الجماعة: تقدم في أخذ الماء من غد فإني أجيئك بسنان بْن ثَابِت المتطبب، وَكَانَ يجتمع في حلقته وجوه الحضرة من أولاد الوزراء والكتاب والأمراء والأشراف، فلما كَانَ من الغد حضر سنان بْن ثَابِت مع ذلك الرجل، فدخل إليه، فلما توسط المنزل، قَالَ: أروني الماء ما دمت في الضوء، فنظر إليه ثم دخل إلى العليل [2] فسأله عن حاله، قَالَ له: رأيت الماء وهو يدل على إتعابك جسمك وتكلفك أمرا عظيما لا يطيقه الناس، قال: قد كنت أفعل ذلك ولم يعلم من أي نوع، فوصف له سنان ما يستعمله ثم خرج فتبعه قوم، فَقَالَ: هو تالف وما فيه حيلة فارفقوا به، ثم مضى فلما بعد قلت لابن الأنباري: يا أستاذ، ما الذي كنت تفعله حتى أستدل المتطبب عليه من حالك؟ فَقَالَ:
كنت أدرس في كل جمعة عشرة آلاف [3] ورقة.
توفي أَبُو بكر بْن الأنباري ليلة النحر من هذه السنة.
2428- أم عيسى بنت إبراهيم الحربي [4] :
كانت عالمة فاضلة [تفتي] [5] في الفقه.
وتوفيت في رجب هذه السنة، ودفنت إلى جانب أبيها.
__________
[1] في ت: «قال: أخبرنا القاضي» .
[2] في ت: «ثم دخل على العليل» .
[3] في ت، ك: «كنت أدرس إلى جمعة عشرين ألف ورقة» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 196، وتاريخ بغداد 14/ 342) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/402)


ثم دخلت سنة تسع وعشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن الفرات زادت أحد عشر ذراعا وانبثق بثق من نواحي الأنبار، فاجتاح القرى وغرقها وغرق الناس والبهائم والوحش والسباع [1] وصب الماء في الصراة إلى بغداد وغرق شارع [2] [الجانب الغربي وغرق شارع] [3] باب الأنبار، فلم يبق منه منزل إلا وسقط، وتساقطت الأبنية على الصراة، وسقطت قنطرة الصراة الجديدة، وانقطع بعض العتيقة، وزادت دجلة ثمانية عشر ذراعا في أيار وحزيران.
ومرض الراضي، فقام في يومين أربعة عشر رطلا من الدم، كذلك قَالَ الصولي ولما اشتدت علته أرسل إلى بجكم وهو بواسط يعرفه شدة علته، ويسأله أن يعقد ولاية العهد لابنه الأصغر، وهو أبو الفضل وتوفي الراضي، وتولى الخلافة المتقي للَّه أخوه.
__________
[1] «والسباع» : ساقطة من ص، ل، س.
[2] في ك، ل، س، والمطبوعة: «ودخل شوارع» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.

(13/403)


[المجلد الرابع عشر]
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[تتمة سنة تسع وعشرين وثلاثمائة]
[باب ذكر خلافة المتقي باللَّه]
[1] واسمه إبراهيم بن المقتدر [2] [و] [3] يكنى أبا إسحاق، وأمه أم ولد تسمى خلوب، أدركت خلافته. وولد في شعبان سنة سبع وتسعين ومائتين، وكان قد اجتمع الأشراف والقضاة في دار بجكم وشاوروه فيمن يولون، فاتفقوا عليه [4] ، فحمل من داره- وكانت بأعلى الحريم الظاهري- إلى دار الخلافة، فصعد إلى رواق التاج فصلى ركعتين على الأرض وجلس على السرير، وبايعه الناس وكان استخلافه يوم الأربعاء لعشر بقين من ربيع الأول من هذه السنة.
ولم يغدر بأحد قط، ولا تغير على جاريته التي كانت له قبل الخلافة، ولا تسرى عليها، وكان حسن الوجه، مقبول الخلق [5] ، قصير الأنف، أبيض مشربا بحمرة، في شعره شقرة وجعودة، كث اللحية، أشهل العينين، أبي النفس [6] ، لم يشرب النبيذ قط.
وكان يتعبد ويصوم جدا [7] ، وكان يقول: المصحف نديمي، ولا أريد جليسا
__________
[1] في الأصل: «المتقي للَّه» .
[2] «بن المقتدر» سقطت من ت.
[3] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[4] في ت: «فاتفق عليه» .
[5] في ت، وابن كثير 11/ 198 «معتدل الخلق» .
[6] «وأبي النفس» سقطت من ت.
[7] في ت «وكان يتعبد جدا، ويصوم كثيرا» .

(14/3)


غيره، فغضب الجلساء من هذا، حتى قال أبو بكر الصولي- وأودع هذا الكلام في كتابه المسمى بالأوراق، فقال [1] : ما سمع بخليفة [2] قط قال: [أنا] [3] لا أريد جليسا، أنا أجالس المصحف، سواه، أفتراه [ظن] [4] أن مجالسة المصحف خص بها دون آبائه وأعمامه الخلفاء، وأن هذا الرأي غمض عنهم [5] وفطن له.
قال المصنف: فأعجبوا لهذا المنكر [6] للصواب، وهو [7] يعلم أنه كان هو والجلساء لا يكادون يشرعون فيما [8] ينفع، وأقله المدح، فليته إذ قال هذا لم يثبته في تصنيف.
وفي يوم الجمعة [9] لاثنتي عشرة ليلة/ خلت من جمادى الأولي: فرغ من مسجد براثا [10] وجمع فيه الجمعة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ [11] : أخبرنا أحمد [بن على] [12] بن ثابت قال: كان في الموضع المعروف ببراثا مسجد يجتمع فيه قوم ممن ينسب إلى التشيع، يقصدونه لا [13] للصلاة والجلوس، فرفع إلى المقتدر باللَّه أن الرافضة يجتمعون في ذلك المسجد [14] لسب الصحابة، والخروج عن الطاعة، فأمر بكبسه يوم الجمعة
__________
[1] «وأودع هذا الكلام في كتاب المسمى «بالأوراق» ، فقال: «سقط من ت» .
[2] في ت «ما سمعت بخليفة» .
[3] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في ص: «عليهم» .
[6] في المطبوعة: «المتكر» .
[7] «هو» سقطت من ص، ك، ت، ب.
[8] في الأصل، ل: «يسرعون فيما» .
[9] في الأصل: «يوم الإثنين» . وفي ت، ك، «ليلة الجمعة» .
[10] في ل، ت: جامع براثا» .
[11] «قال» : سقطت من الأصل.
[12] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[13] «لا» سقطت من الأصل، ص، ب، ك.
[14] في ت: «هذا المسجد» .

(14/4)


وقت الصلاة فكبس، وأخذ من وجد فيه فعوقبوا وحبسوا حبسا طويلا، وهدم المسجد حتى سوي بالأرض، وعفي رسمه، ووصل بالمقبرة التي تليه، ومكث خرابا إلى سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، فأمر الأمير بجكم بإعادته وإحكامه وتوسعة بنائه [1] ، فبني بالآجر والجص، وسقف بالساج المنقوش، ووسع فيه ببعض ما يليه مما ابتيع له من الأملاك التي للناس [2] ، وكتب في صدره اسم الراضي باللَّه، وكان الناس ينتابونه للصلاة فيه والتبرك، ثم أمر المتقي باللَّه [بعد] [3] بنصب منبر فيه، وكان [4] في مدينة المنصور معطلا مخبوءا في خزانة المسجد، عليه اسم هارون الرشيد، فنصب في قبلة المسجد، وتقدم إلى أحمد بن الفضل بن عبد الملك الهاشمي، وكان الإمام في مسجد الرصافة [5] بالخروج إليه، والصلاة بالناس فيه الجمعة، فخرج وخرج الناس من جانبي مدينة السلام، حتى حضروا هذا المسجد [6] ، وكثر الجمع، وحضر صاحب الشرطة، فأقيمت صلاة الجمعة فيه يَوْم الجمعة لثنتي [7] عشرة ليلة خلت من جمادى الأولي سنة تسع وعشرين [وثلاثمائة] [8] ، وتوالت صلاة الجمع [9] فيه، ثم تعطلت الصلاة فيه بعد الخمسين وأربعمائة.
وفي يوم الخميس [10] لسبع خلون من جمادى الآخرة: سقطت [11] رأس القبة الخضراء بالمدينة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت أنبأنا [12]
__________
[1] في ص: «بإعادة بنائه وتوسيعه وإحكامه» .
[2] في ص، ت: «من أملاك الناس» .
[3] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[4] في ص، ل، ك: «كان» .
[5] في ص، ل، ك: «جامع الرصافة» .
[6] «حتى حضروا هذا المسجد» سقطت من ص، ك.
[7] في ص، ل، ك: «صلاة الجمعة فيه لثنتي» .
[8] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص، ل.
[9] في ص، ت، ل، ك: «الجمعة» .
[10] في ص، ت، ل، ك: «الثلاثاء» .
[11] في ص، ت، ل، ك: «سقط» .
[12] في ت: «قال: أخبرنا» .

(14/5)


إبراهيم بن مخلد أخبرنا [1] إسماعيل بن علي الخطبي قال: سقطت [2] رأس القبة/ الخضراء التي في قصر أبي جعفر المنصور لتسع [3] خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين، وكان تلك الليلة مطر عظيم، ورعد هائل، وبرق شديد، وكانت هذه القبة تاج بغداد، وعلم البلد، ومأثرة من مآثر بني العباس عظيمة، بنيت أول ملكهم، وكان بين بنائها وسقوطها مائة وسبع وثمانون سنة.
أَخْبَرَنَا القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بْن علي بن ثابت [الخطيب قَالَ:] [4] أَخْبَرَنَا علي بن أبي علي البصري قال: حدثني أبي قال: قال لي أبو الحسين بن عياش [5] :
اجتمعت في أيام المتقي باللَّه إسحاقات كثيرة، فانسحقت خلافة بني العباس في أيامه، وانهدمت قبة المنصور الخضراء التي كان بها فخرهم فقلت له: ما كانت الإسحاقات؟
قال: كان يكنى أبا إسحاق، وكان وزيره القراريطي، يكنى: أبا إسحاق، وكان قاضيه ابن إسحاق الخرقي [6] ، وكان محتسبه أبو إسحاق بن بطحاء، وكان صاحب شرطته أبو إسحاق بن أحمد، وكانت داره القديمة في دار إسحاق بن إبراهيم المصعبي وكانت الدار نفسها دار إسحاق بن كنداج [7] .
واشتد الغلاء في جمادى الأولي وزاد [8] ، وبلغ الكر الدقيق مائة وثلاثين دينارا، وأكل الناس النخالة والحشيش، وكثر الموت حتى دفن جماعة في قبر واحد بلا صلاة، ولا غسل، ورخص العقار والقماش حتى بيع ما ثمنه دنانير بعددها دراهم.
وفي هذه السنة خَرَجَ التشرينان [9] والكانونان وشباط بلا مطر [إلا مطرة واحدة
__________
[1] في ت: «قال: حدثنا» .
[2] في ص، ك، ل: «سقط» .
[3] في ت: «لسبع» .
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ت.
[5] في ت: «أبو الحسن بن عباس» . وفي الأصل: «عباس» بدلا من «عياش» .
[6] في الأصل: «الحربي» .
[7] في الأصل: «كيداخ» .
[8] «وزاد» سقطت من ص، ل.
[9] من أول: «وفي هذه السنة فرج التشرينان» .

(14/6)


خفيفة لَمْ يسل منها ميزاب] [1] وقطع الأكراد [2] على قافلة خرجت إلى خراسان فأخذوا [3] منها ما مبلغه ثلاثة آلاف دينار [وكان أكثر المال لبجكم] [4] وزادت الفرات زيادة لم يعهد مثلها، وغرقت العباسية، ودخل الماء شوارع بغداد فسقطت القنطرة العتيقة والجديدة.
وفي شوال: اجتمعت العامة في جامع دار السلطان، وتظلمت من الديلم ونزولهم في دورهم بغير أجرة، وتعديهم عليهم في معاملاتهم، فلم يقع إنكار لذلك فمنعت العامة الإمام من الصلاة، وكسرت المنبرين/ وشعثت [5] المسجد، ومنعهم الديلم من ذلك فقتلوا [6] من الديلم جماعة.
وفي هذا الشهر: تقلد أبو إسحاق محمد بن أحمد الإسكافي وزارة المتقي، وخلع عليه.
ووقع الموت [7] في المواشي والعلل في الناس، وكثرت الحمى ووجع المفاصل، ودام [الغلاء] [8] حتى تكشف المتجملون [9] ، وهلك الفقراء، واحتاج الناس إلى الاستسقاء فرئي منام عجيب.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز، أنبأنا [10] علي بن عبد المحسن [11] ، عن أبيه
__________
[ () ] إلى آخر الفقرة سقط من ص، ل، ك. في هذا الموضع، ووضعت في نفس السنة بعد حوالي 10 أسطر تقريبا.
[1] ما بين المعقوفتين في هذه الفقرة سقط من الأصل.
وفي ابن كثير 11/ 200: «لم يبتل منها التراب» بدلا من: «لم يسل منها ميزاب» .
[2] في الأصل: «وقدم الأكراد» .
[3] في الأصل: «قافلة من خراسان فأخذوا» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ك.
[5] في ت، ص، ل، ك: «شعث» .
[6] في ت، ص، ل، ك: «فقتل» .
[7] في ص، ل، ك: «فوقع الموت» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ك.
[9] في ك: «حتى انكشف المتجملون من الناس» .
[10] في ت: «قال: أخبرنا» .
[11] في ص، ل، ك: علي بن المحسن» .

(14/7)


قال: حدثني أبو الحسن أحمد بن يوسف الأزرق، حدثنا [1] أبو محمد الصلحي الكاتب قال: نادى منادي المتقي [باللَّه] [2] في زمن خلافته في الأسواق أن أمير المؤمنين يقول لكم معشر رعيته أن امرأة صالحة رأت النَّبيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامها فشكت احتباس القطر [3] ، فقال لها: قولي للناس يخرجون في يوم الثلاثاء الأدنى ويستسقون، ويدعون الله، فإنه يسقيهم [4] في يومهم، وأن أمير المؤمنين يأمركم معاشر المسلمين بالخروج في يوم الثلاثاء كما أمر [5] رسول الله صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ، وأن تدعوا وتستسقوا بإصلاح من نياتكم، وإقلاع من ذنوبكم. قال: فأخبرني الجم الغفير أنهم [6] لما سمعوا [7] النداء ضجت الأسواق بالبكاء والدعاء، فشق ذلك عليَّ، وقلت: في منام [8] امرأة لا يدري [9] كيف تأويله، وهل يصح أم لا، ينادي به خليفة في أسواق مدينة [10] السلام [11] ، فإن لم يسقوا كيف يكون حالنا مع الكفار، فليته أمر الناس [12] بالخروج ولم يذكر هذا، وما زلت قلقا حتى أتى يوم الثلاثاء، فقيل لي أن الناس قد خرجوا إلى المصلى مع أبي الحسن أحمد بن الفضل [13] بن عبد الملك إمام الجوامع، وخرج أكثر [14] أصحاب السلطان والفقهاء والأشراف، فلما كان قبل الظهر ارتفعت سحابة، ثم طبقت الآفاق، ثم أسبلت عزاليها بمطر جود، فرجع الناس حفاة من الوحل/.
__________
[1] في ت: «قال: أخبرنا» .
[2] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ص، ل، ك.
[3] في ت: «المطر» .
[4] في ك: «فإنّهم يسقون» .
[5] في ت، ص، ك، ل: «كما أمركم» .
[6] «فأخبرني الجم الغفير أنهم» سقطت من ت.
[7] في ت: «فلما سمعوا» .
[8] في ص، ل، ك: «وقلت: منام امرأة» .
[9] في الأصل: «لا تدري» .
[10] في ت: «المدينة» .
[11] «السلام» سقطت من ت.
[12] في الأصل: «فليته لما أمر الناس» .
[13] في ت: «أبي الحسن بن الفضل ... » .
[14] «أكثر» سقط من ل، ص.

(14/8)


وفي هذه السنة: لم يمض الحاج إلى المدينة لأجل طالبيٍّ خرج في ذلك الصقع.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2429- أحمد بن إبراهيم
بن حماد بن إسحاق بن إسماعيل [1] بن حماد بن زيد، أبو عثمان [2] :
ولي قضاء مصر وقدم إليها، ثم عزل فأقام بها إلى أن توفي في رمضان هذه السنة، حدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وخلق كثير، وكان ثقة كريما حييًا.
2430- أحمد بن إبراهيم بن تومرد [3] الفقيه [4] :
تفقه على أبي العباس بن سريج، خرج من الحمام فوقع عليه حائط فمات في هذه السنة.
2431- إسحاق بن إبراهيم بن موسى [5] ، أبو القاسم الغزال الفقيه [6] :
ولد في سنة أربعين ومائتين، وحدث عن الحسن بن عرفة، ومحمد بن سعد العوفي [7] ، روى عنه يوسف الوقاس وتوفي بمصر في هذه السنة.
2432- بجكم التركي
[8] :
كان أمير الجيش، وكان يلقب أمير الأمراء قبل ملك بني بويه، وكان عاقلا [9]
__________
[1] «بن إسماعيل» سقطت من ت.
[2] انظر ترجمته في: (الأعلام 1/ 85. والولاة والقضاة 537. وتاريخ بغداد 4/ 15) .
[3] في ابن كثير 11/ 200: «ابن تزمرد» .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 200) .
[5] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل، ك.
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 398) .
[7] في ت: الكوفي.
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 200. والكامل لابن الأثير 7/ 154) .
[9] في ت: «كان غلاما» .

(14/9)


يفهم بالعربية ولا يتكلم بها، ويقول: أخاف أن أخطئ، والخطأ من الرئيس قبيح وكان يقول [1] : إن كنت لا أحسن العلم والأدب فأحب أن لا يكون في الأرض أديب ولا عالم ولا رائس صناعة [2] إلا في جنبتي، وتحت اصطناعي، وكان قد استوطن واسطا، وقرر مع الراضي باللَّه أن يحمل إلى خزانته [3] [من مالها] [4] في كل سنة [5] ثماني مائة ألف دينار بعد أن يخرج الغلة [6] في مئونة خمسة آلاف فارس يقيمون بها، وكان قَدْ [7] أظهر العدل، وكان يقول: قد نبئت أن العدل اربح للسلطان في الدنيا والآخرة، وبنى دار ضيافة للضعفاء والمساكين بواسط، وابتدأ بعمل [8] المارستان ببغداد وهو الذي جدده عضد الدولة، وكانت أمواله كبيرة [9] فكان يدفنها في داره وفي الصحاري، وكان يأخذ رجالا في صناديق فيقفلها عليهم، ويأخذ صناديق فيها مال ويقود هو بهم إلى الصحراء، ثم يفتح عليهم فيعاونونه في دفن المال، ثم يعيدهم إلى الصناديق، فلا يدرون أي/ موضع حملهم، ويقول: إنما أفعل هذا لأني أخاف أن يحال بيني وبين [10] داري، فضاعت بموته الدفائن.
وبعث بجكم إلى سنان بن ثابت الطبيب بعد موت الراضي، وسأله أن ينحدر إليه إلى واسط، فانحدر إليه فأكرمه، وقال له: [إني] [11] أريد أن أعتمد عليك في تدبير بدني، وفي أمر آخر هو أحب إلي [12] من أمر بدني [13] ، وهو أمر أخلاقي لثقتي بعقلك
__________
[1] في ت، ص، ل، ك: «وقال» .
[2] في المطبوعة: «رأس صناعة» .
[3] في ت: أن يحمل إليه من خزانتها» .
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ك.
[5] «في كل سنة» سقطت من ت.
[6] في ص، ك، ل، والأصل: «يزيح العلة» .
[7] «كان قد» سقطت من ت، ص، ك، ل.
[8] في الأصل: «العمل» .
[9] في ص، ك، ل: «عظيمة» .
[10] «بيني وبين» سقطت من ل، ك.
[11] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[12] في ت، ص، ك، ل: «أهم إليّ» .
[13] في الأصل: «من ذلك» بدلا من: «من أمر بدني» .

(14/10)


[ودينك] [1] فقد غمتني غلبة الغضب والغيظ، وإفراطهما في حتى أخرج إلى ما أندم عليه عند سكونهما من ضرب وقتل، وأنا أسألك أن تتفقد لي ما أعمله [2] فإذا وقفت لي على عيب لم تحتشم أن تصدقني عنه، وتنبهني عليه، ثم ترشدني إلى علاجه. فقال له: السمع والطاعة، أنا أفعل ذلك، ولكن يسمع [3] الأمير مني بالعاجل [جملة] [4] علاج ما أنكره من نفسه إلى أن آتي بالتفصيل في أوقاته، اعلم أيها الأمير أنك قد أصبحت [وليس] [5] فوق يدك يد [لأحد] [6] من المخلوقين وأنك مالك [7] [لكل] [8] ما تريده [9] قادر على أن تفعله أي وقت أردته، لا يتهيأ لأحد من المخلوقين منعك منه، ولا أن يحول بينك وبين ما تهواه، أي وقت أردت، واعلم أن الغيظ والغضب يحدث [في] [10] الإنسان سكرا أشد من سكر النبيذ بكثير، فكما أن الإنسان يفعل [11] في وقت السكر من النبيذ ما لا يعقل به ولا يذكره إذا صحا، ويندم عليه إذا حدث به، ويستحيي منه، كذلك يحدث له في وقت [السكر من] [12] الغيظ بل أشد، فإذا ابتدأ بك الغضب، فضع في نفسك أن تؤخر العقوبة إلى غد، واثقا بأن ما تريد أن تعمله في الوقت لا يفوتك عمله، فإنك إذا بت ليلتك سكنت فورة [13] غضبك، وقد قيل: أصح ما يكون الإنسان رأيا إذا استدبر ليله/ واستقبل نهاره. فإذا صحوت من غضبك [14] فتأمل الأمر الذي أغضبك، وقدم أمر الله
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] في ت، ص، ك، ل: «تتفقد ما أعمله» .
[3] «والطاعة أنا أفعل ذلك ولكن يسمع» سقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ومكانها في هامش ت: «وما» .
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[7] في ت: «على» .
[8] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ت.
[9] في ت: «ما تريد» .
[10] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[11] في ت، ك، ص، ل: «يعمل» .
[12] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[13] في ك: «قوة» .
[14] في ت، ك، ل، ص: «سكرك» .

(14/11)


عز وجل أولا، والخوف منه، وترك التعرض لسخطه، واشف غيظك بما لا يؤثمك، فقد قيل: «ما شفى غيظه [1] من إثم» واذكر قدرة الله عليك، فانك تحتاج [2] إلى رحمته وإلى أخذه بيدك في أوقات شدائدك، فكما تحب أن يغفر لك، كذلك غيرك يحب أن تعفو عنه [3] ، واذكر أي ليلة [4] بات المذنب قلقا لخوفه منك [5] ، وما يتوقعه من عقوبتك، وأعرف مقدار ما يصل إليه من السرور بزوال الرعب عنه، ومقدار الثواب الذي يحصل لك بذلك، واذكر قوله تعالى: (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) 24: 22 [6] وإنما يشتد عليك ذلك مرتين أو ثلاثا، ثم تصير عادة لك [7] وخلقا [فيسهل] [8] . فابتدأ بجكم فعمل بما قال له [وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة، وببغداد مارستان ورفق بالرعية] [9] إلا أن مدته لم تطل.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز، عن أبي القاسم [10] التنوخي، عن أبيه قال:
حدثني عبد السلام بن الحارث قال: جاء رجل من الصوفية إلى بجكم فوعظه وتكلم بالفارسية والعربية حتى أبكاه بكاء شديدا، فلما ولي قال بجكم لبعض من حضره [11] :
احمل معه ألف درهم. فحملت وأقبل بجكم على من بين يديه، فقال: ما أظنه يقبلها وهذا متخرق بالعباده [12] : أيش يعمل بالدراهم؟ فما كان بأسرع من أن جاء [13] الغلام
__________
[1] في ل: «غليله» .
[2] في الأصل: «وإنك محتاج» .
[3] في ل: «يريد عفوك» . وفي ص، ل: «يؤمل عفوك» .
[4] في ص، ل، ك: «وفكر بأي ليلة» .
[5] في الأصل: «نجوفه منك» .
[6] سورة: [النور] الآية 22.
[7] «لك» سقطت من ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[9] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
ما بين المعقوفتين سقط من ك ما عدا «ورفق بالرعية» .
[10] في ك: «أخبرنا أبو القاسم» .
[11] في ص، ل، ك: «بحضرته» .
[12] «بالعبادة» سقطت من ك، ص.
[13] في ص، ل، ت، ك: «رجع» .

(14/12)


فارغ اليد فقال لَهُ بجكم [1] : أعطيته إياها؟ قال: نعم. فقال بجكم: كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف.
وخرج بجكم [يوما] [2] يتصيد فلقي قوما من الأكراد مياسير [3] فشره إلى أموالهم، فقصدهم في عدد يسير من غلمانه مستهينا [بأمرهم] [4] ، فهربوا من بين يديه [5] وتفرقوا فدار [6] غلام منهم من خلفه، فطعنه/ بالرمح، وهو لا يعرفه فقتله [7] لسبع بقين من رجب [8] هذه السنة، وكانت إمارته سنتين وثمانية أشهر وتسعة أيام.
فركب المتقي إلى داره فنزلها ونقل ما كان فيها [9] ، وحفر أساساتها [10] ، فحصل به من ماله ما يزيد على ألفي ألف [11] عينا وورقا، وقيل للروزجارية: خذوا التراب أجرتكم [12] . فأبوا، فأعطوا ألفي درهم، وغسل التراب فخرج منه ستة وثلاثون ألف درهم، وقيل: ظهر له على ألف ألف وثلاثمائة ألف دينار عينا [وورقًا] [13] ، وبيع له من أصناف الأموال والرقيق والجواهر والكساء والمراكب والأواني والرقيق [14] والخف والحافر والسلاح أمر عظيم، سوى ما نهب وتلف، ثم ظهر على مال عظيم في [داره] [15]
__________
[1] في ك، ص، ل، ت: «فقال بجكم» .
[2] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[3] «مياسير» سقطت من ك، ت.
[4] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[5] في ت، ك، ل، ص: «فهربوا بين يديه» .
[6] في الأصل: «فجاء» .
[7] في ل، ص، ت: «فقتل» .
[8] في ك، ل، ت: «لتسع بقين من رجب» .
وفي الأصل «فقتله في رجب لسبع بقين منه» .
[9] في ك، ل، ص، ت: «ونقل ما فيها» .
[10] في ك: «وحفرت أماكن فيها» . وفي ت: «وحفرت أماكن كانت فيها» . وفي ص، ل: «وحفر أماكن فيها» .
[11] من أول: «عينا وورقا» إلى: «فخرج منه ستة وثلاثون ألف درهم» موضعها في ت في آخر الترجمة.
[12] في ت، ك، ص، ل: «بأجرتكم» .
[13] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل وأثبتت من ت.
[14] في ت، ص، ل، ك: «أصناف الأموال من الجواهر والكساء والمراكب والأواني والرقيق ... » .
[15] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.

(14/13)


سوى المال الأول مدفون، فمن ذلك ستة عشر قمقما [ذهبا] [1] يحمل القمقم في الدهق لثقله [2] .
2433- جعفر بن أحمد بن مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الجبار [3] ، أبو محمد القارئ المؤذن، مروزي الأصل
[4] .
سمع من جماعة، وروى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وقال: هو ثقة.
توفي في ربيع هذه السنة [5] .
2434- الحسن بن علي بن خلف، أبو محمد البربهاري
[6] :
جمع العلم، والزهد، وصحب المروذي، وسهلا التستري، وتنزه عن ميراث أبيه لأمر كرهه، وكان سبعين ألف درهم [7] ، وكان شديدا على أهل البدع، فما زالوا يثقلون قلب السلطان عليه، وكان ينزل بباب محول، وانتقل إلى الجانب الشرقي، واستتر عند أخت توزون [8] / فبقي نحوا من شهر، ثم أخذه قيام الدم فمات، فقالت المرأة لخادمها:
انظر من يغسله، وغلقت الأبواب حتى لا يعلم أحد، وجاء الغاسل فغسله، ووقف يصلي عليه وحده، فاطلعت فإذا الدار ممتلئة رجالا بثياب بيض وخضر، فاستدعت الخادم وقالت: ما الذي فعلت؟ فقال: يا سيدتي رأيت ما رأيت؟ قالت: نعم. قال: هذه مفاتيح الباب [9] وهو مغلق [10] . فقالت: ادفنوه في بيتي، وإذا مت فادفنوني عنده، فدفنوه في دارها، وماتت بعده فدفنت هناك، والمكان بقرب دار المملكة بالمخرم،
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] «يحمل القمقم في الدهق لثقله» ليس في ت.
[3] في ت: «جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد الجبار» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 222) .
[5] في ت، ل، ك، ص «توفي في هذه السنة» .
[6] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 201) .
[7] في الأصل: «ستون ألف درهم» .
[8] في ت: «بوزان» .
[9] في ت: «الأبواب» .
[10] في ت: «مغلوقة» .

(14/14)


وكان عمره ستا وتسعين سنة [قَالَ المصنف:] [1] قال شيخنا أبو الحسن ابن الزاغوني:
وكشف عن قبره بعد سنين وهو صحيح لم يرم [2] وظهرت من قبره روائح الطيب حتى ملأت مدينة السلام.
2435- الحسن بن إدريس [3] بن محمد بن شاذان، أبو القاسم القافلائي
[4] :
حدث عن جماعة، فروى عنه ابن حيويه والدارقطني. توفي في هذه السنة.
2436- الحسن بن محمد بن أحمد بن أبي الشوك، أبو محمد الزيات [5] .
سمع هلال بن العلاء وغيره [6] وروى عنه الدارقطني وابن شاهين وَكَانَ ثقة.
تُوُفِّيَ فِي هذه السنة.
2437- عَبْد اللَّهِ [7] بن أحمد بن ثابت، أبو القاسم البزاز [8] :
حدث عن حفص بن عمرو الربالي [9] ، ويعقوب الدورقي، روى عنه الدارقطني [وابن شاهين وكان صالحا ثقة، توفي في رجب هذه السنة] [10] .
2438- عبد الله بن طاهر بن حاتم، أبو بكر الأبهري
[11] :
صحب يوسف بن الحسين، وكان من أقران الشبلي، وأسند الحديث/.
أَخْبَرَنَا [12] مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا [13] أَبُو بكر بن خلف، قال: أخبرنا أبو عبد
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ك، ل.
[2] في ك، ت: «لم يتغير» .
[3] في الأصل: «الحسن بن الدبس» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 288) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 419) .
[6] «وغيره» ليس في ت.
[7] في ت: «عبيد الله» .
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 387) .
[9] في ت: «الرماني» .
[10] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وهو مثبت على هامش ت سوى كلمة «وابن شاهين» .
[11] انظر ترجمته في: طبقات الأولياء لابن الملقن ص 216. وطبقات الصوفية 391- 395.
[12] في الأصل: «أنبأنا» .
[13] في الأصل، ل، ك، ص: أنبأنا» .

(14/15)


الرحمن السلمي قال: سمعت إِسْحَاق بن محمد بن عبد الله [1] يقول: سمعت أبا بكر بن طاهر يقول [وسئل] [2] ما بال الإنسان يحتمل من معلمه ما لا يحتمله [3] من أبويه؟ فقال: لأن أبويه سبب حياته الفانية، ومعلمه سبب حياته الباقية.
2439-[عبد الله بن محمد بن إسحاق [4] بن يزيد، أبو القاسم، مروزي الأصل [5] :
سمع سعدان بن نصر، روى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي في رمضان هذه السنة] .
2440- عبيد الله بن موسى [6] بن إسحاق بن موسى، أبو الأسود الأنصاري الخطمي
[7] :
حدث عن محمد بن سعد العوفي [8] ، روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة] .
2441-[عَبْد الملك بن يحيى بن الحسين [9] ، أبو الحسين العطار [10] الزعفراني،
يعرف: بابن أبي زكار [11] :
حدث عن علي بن داود القنطري، روى عنه الدارقطني، وكان ثقة.
وتوفي في محرم هذه السنة] .
__________
[1] في الأصل: «قال: قال إسحاق بن محمد بن عبد الله» وفي ل، ك، ص: «قال سمعت محمد بن عبد الله» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «ما لا يحتمل» .
[4] هذه الترجمة سقطت من جميع النسخ فيما عداك.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 124) .
[6] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ص، ل.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 352) .
[8] في ت: «الكوفي» .
[9] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
[10] في ت: «أبو الحسن القطان» .
[11] في ت: «ابن أبي بكار» . انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 429.)

(14/16)


2442- محمد الراضي باللَّه [أمير المؤمنين] [1] بن المقتدر
[2] :
توفي ليلة السبت لأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر [3] على خمس ساعات ماضية [4] من الليل بعلة الاستسقاء، وكان من أعظم آفاته كثرة الجماع، وغسله القاضي يوسف بن عمر، وكانت خلافته ست سنين، وعشرة أشهر، وعشرة أيام، وعمره إحدى وثلاثين سنة وخمسة أشهر [5] ، ودفن في تربته بالرصافة.
وكانت تربة عظيمة قد أنفقت عليها الأموال، والآن فقد عمل [6] عندها سور المحلة [7] فلم يبق منها إلا أثر [8] قريب، ودفنت عنده أمه ظلوم.
2443- محمد بن أحمد [9] بن أبي سهل، واسمه: يزيد بن خالد [10] ، أبو الحسين الحربي
[11] :
حدث عن أبي العباس بن مسروق [12] ، روى عنه أبو عبد الله بن بطة.
وتوفي في شعبان هذه السنة.
2444- محمد بن أيوب بن المعافى بن العباس، أبو بكر العكبري
[13] :
حدث عن إسماعيل بن إسحاق القاضي، وإبراهيم الحربي، روى عنه ابن بطة
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (الكامل أحداث سنة 329) .
[3] في الأصل: «ربيع الأول» .
[4] في ت «بقين» .
[5] في باقي النسخ «ثمانية أشهر» .
[6] في ك، ل، ص، ت: «قد عمل» .
[7] في الأصل: «ستور المحلة» .
[8] في ك، ص، ل: «فلم يبق لها إلا أثر» .
[9] في الأصل: «محمد بن محمد بن أبي سهل» .
[10] في الأصل: «خاقان» .
[11] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 373) .
[12] في الأصل: «مرزوق» .
[13] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 84) .

(14/17)


وغيره، وكان ثقة صالحا زاهدا، وكان ابن بطة يقول: ما رأيت أفضل من أبي بكر بن أيوب، وتوفي في رمضان هذه السنة.
2445- مُحَمَّد بن حمدويه [1] بن سهل بن يزداد، أبو نصر المروزي
[2] :
روى عنه الدارقطني، وكان ثقة، وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة سبع وعشرين، والأول أصح.
2446- يوسف بْن يعقوب/ بْن إسحاق بْن البهلول، أَبُو بكر الأزرق التنوخي الكاتب
[3] :
ولد بالأنبار سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وسمع جده إسحاق، والزبير بن بكار، والحسن بن عرفة، وغيرهم. وكتب عنه كثيرا [4] من اللغة والنحو والأخبار، وكان أزرق العين، متخشنا [5] في دينه، كثير الصدقة، تصدق [6] بنحو مائة ألف دينار، وكان أمارا بالمعروف، روى عنه ابن المظفر، والدارقطني، وابن شاهين، وآخر من روى [7] عنه أبو الحسين بن المتيم [8] ، وكان ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن في مقابر باب الكوفة، وله اثنتان وتسعون سنة.
__________
[1] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 232) .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 201. وتاريخ بغداد 14/ 321) .
[4] في باقي النسخ: «وكتب كثيرا» .
[5] في الأصل: «مثخنا» .
[6] في الأصل: «صدق» .
[7] في ت، ل، ك، ص: «وآخرون، روى» وكذلك في المطبوعة.
[8] في ت: «الحسين بن القاسم» . وفي الأصل: «أبو الحسن بن القيم» .

(14/18)


ثم دخلت سنة ثلاثين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه ظهر في المحرم كوكب مذنب رأسه إلى الغرب وذنبه إلى الشرق [1] ، وكان عظيما جدا منتشر الذنب، وبقي ثلاثة عشر يوما إلى أن اضمحل.
وفي نصف ربيع الأول: بلغ الكر الحنطة مائتين وعشرة [2] دنانير والكر الشعير مائة وعشرين دينارا، ثم بلغ الكر الحنطة ثلاثمائة وستة عشر [3] دينارا، وأكل الضعفاء الميتة، ودام الغلاء، وكثر الموت، وشغل الناس بالمرض والفقر، وتقطعت السبل، وترك التدافن للموتى، واشتغل الناس عن الملاهي واللعب.
وفي يوم الجمعة لأربع خلون من شهر ربيع الآخر: قام رجل من العامة في جامع الرصافة [4] والإمام يخطب، فلما دعا للمتقي للَّه قال له العامي: كذبت، ما هو بالمتقي، فأخذ وحمل إلى دار السلطان، وخرج المتقي، فلقي ناصر الدولة أبا محمد بن حمدان حين دخل بغداد [5] ، وجاء/ مطر كأفواه القرب، وامتلات البلاليع وفاضت، ودخل دور الناس، وبلغت زيادة دجلة عشرين ذراعا [وثلثا] [6] .
__________
[1] في ت، ل، ك، ص: «رأسه إلى المغرب وذنبه إلى المشرق» .
[2] في ت: «مائتين وعشرين دينارا» .
[3] في ك: «ستة وعشرين» .
[4] في ت، ك، ص، ل: «في الجامع بالرصافة» .
[5] في الأصل: «حتى دخل» وفي ت: «أبا محمد بن حمدان قال حين دخل بغداد» .
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل، ل، ت، ص.

(14/19)


ووقعت حرب بين الأتراك والقرامطة بناحية باب حرب، وقتل فيها جماعة، فانهزم القرامطة وخرجوا عن بغداد [1] ، وزاد البلاء على الناس ببغداد [2] وكبست منازلهم ليلا ونهارا وافتقر أَهْل اليسار [3] ، واستتر أكثر العمال لأجل ما طولبوا به مما ليس في السواد.
وخرج أصحاب السلطان إلى ما قرب من بغداد فأغاروا على ما استحصد من الزرع، حتى اضطر أصحاب الضياع [4] إلى حمل ما حصدوه بسنبله [5] ، ووقع بين توزون وكورتكين [6] التركيين، فأصعد توزون إلى الموصل، وانفذ في طلبه فلم يلحق.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
[7]
2447- إسحاق بن محمد، أبو يعقوب النهر جوري
[8] :
صحب الجنيد وغيره، وجاور بالحرم سنين، وبه مات في هذه السنة.
أخبرنا ابن ناصر، قَالَ: أخبرنا أبو بكر بْن خلف، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي قال: سمعت أبا الحسن [9] الفارسي يقول: سمعت أبا يعقوب النهرجوري يقول: مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب.
__________
[1] بناحية باب حرب وقتل فيها جماعة فانهزم القرامطة وخرجوا عن بغداد هذه الفقرة سقطت من ك.
[2] وزاد البلاء على الناس ببغداد» سقط من ت.
[3] في ل، ص: «ليلا ونهارا واحتقر النساء» .
وهذه الجملة سقطت من ت، ك. والمثبت هو عبارة الأصل.
[4] في ص، ل، ك، ت: «أرباب الضياع» .
[5] في الأصل: «في سنبله» .
[6] في الأصل: «نوزكين» . في ص، ب: «توريكين» . وفي ك، ت: «توزتكين» .
وفي شذرات الذهب 2/ 325: «كورتكين» .
وكذلك في البداية والنهاية 11/ 202، وهو ما أثبتناه.
[7] في ت وبعد هذه العبارة: «فمن الحوادث فيها» .
وهو سهو من الناسخ.
[8] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 203. وشذرات الذهب 2/ 325) .
[9] في ت، الأصل: «أبا الحسين» .

(14/20)


2448- الحسين بْن إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل بْن سعيد بن أبان [1] ، أبو عبد الله الضبي القاضي المحاملي
[2] :
ولد في محرم سنة خمس وثلاثين ومائتين، وسمع الحديث وله عشر سنين، وشهد عند الحكام وله عشرون سنة، وسمع يوسف بن موسى القطان، ويعقوب الدورقي، والبخاري وروى له [3] ، وخلقا كثيرا، وكان عنده سبعون رجلا من أصحاب ابن عيينة.
روى عنه دعلج، وابن المظفر، والدارقطني، وكان يحضر مجلسه عشرة آلاف وكان [صدوقا أديبا فقيها، مقدما في الفقه والحديث] [4] ، ولي قضاء الكوفة ستين سنة، وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها [5] ، / ثم استعفى فأعفي، وعقد في داره مجلسا للنظر في الفقه [6] في سنة سبعين ومائتين، فلم تزل تتردد إليه الفقهاء إلى أن توفي في هذه السنة [7] .
أخبرنا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي الْخَطِيبُ [8] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد الْعَتِيقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْد الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ [9] قَالَ:
حَدَّثَنَا [10] الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ عَبْدُونَ وَهُوَ يَكْتُبُ لِبَدْرٍ، وَعِنْدَهُ جَمْعٌ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ الدَّاوُدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ المادرائي [11] فذكر
__________
[1] في ت: «الحسين بن إسماعيل بن سعيد بن أبان» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 19. والبداية والنهاية 11/ 203) .
[3] «وروى له» سقطت من كافة النسخ سوى الأصل.
[4] «وكان صدوقا أديبا فقيها مقدما في الفقه والحديث» .
هذه العبارة سقطت من ص، ل. وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
وفي ت كتبت كلمة «ثقة» بدلا من «فقيها» .
[5] «ولي قضاء الكوفة ستين سنة وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها» هذه العبارة سقطت من ك.
[6] «في الفقه» سقطت من ت.
[7] «في هذه السنة، سقطت من جميع النسخ سوى الأصل.
[8] «أحمد بن علي» سقطت من جميع النسخ سوى الأصل وت. وكتب بدلا منها «الخطيب» .
[9] في ت: «الزبيري» .
[10] في ت: «قال» ، وفي الأصل: «أنا» .
[11] في ت: «البادرائي» .

(14/21)


قِصَّةَ مُنَاظَرَتِهِ مَعَ الدَّاوُدِيِّ فِي التَّفْضِيلِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ [1] : وَاللَّهِ مَا تَقْدِرُ تَذكر مَقَامَاتِ عَلِيٍّ مَعَ هَذِهِ الْعَامَّةِ. قُلْتُ: أَنَا وَاللَّهِ أَعْرِفُهَا مَقَامَهُ بِبَدْرٍ، وَأُحُدٍ، وَالْخَنْدَقِ، وَيَوْمِ خَيْبَرَ. قَالَ: فَإِنْ عَرَفْتَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَدِّمَهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قُلْتُ: قَدْ عَرَفْتُهَا وَمِنْهُ قَدَّمْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ [عَلَيْهِ] [2] قَالَ: مِنْ أَيْنَ؟ قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعَرِيشِ يَوْمَ بَدْرٍ مَقَامُهُ مَقَامُ الرَّئِيسِ، يَنْهَزِمُ بِهِ الْجَيْشُ، وَعَلِيٌّ مَقَامُهُ مَقَامُ مُبَارِزٍ [3] ، وَالْمُبَارِزُ لا يَنْهَزِمُ بِهِ الْجَيْشُ، وَجَعَلَ يَذكر فَضَائِلَهُ وَأَذكر فَضَائِلَ أَبِي بَكْرٍ. فَقُلْتُ: لا تُنْكِرْ لَهُمَا حَقًّا [4] ، وَلَكِنِ الَّذِينَ أَخَذْنَا عَنْهُمُ الْقُرْآنَ وَالسُّنَنَ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمُوا أَبَا بَكْرٍ فَقَدَّمْنَاهُ لِتَقْدِيمِهِمْ، فَالْتَفَتَ أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَقَالَ: مَا أَدْرِي لِمَ فَعَلُوا هَذَا؟ قُلْتُ: إِنْ لَمْ تَدْرِ فَأَنَا أَدْرِي. قَالَ: لِمَ [فَعَلُوا] [5] ؟ فَقُلْتُ إِنَّ السُّؤْدُدَ والرئاسة فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ لا تَعْدُو مَنْزِلَتَيْنِ، إِمَّا رَجُلٌ كَانَتْ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ وَإِمَّا رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَالٍ [6] يُفَضَّلُ بِهِ، ثُمَّ جَاءَ الإِسْلامُ فَجَاءَ بَابُ الدِّينِ، فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ لأَبِي بَكْرٍ مَالٌ، وَلَمْ تَكُنْ تَيْمٌ لَهَا مَعَ عَبْدِ مَنَافٍ وَمَخْزُومٍ تِلْكَ الْحَالُ، فَإِذَا بَطَلَ الْيَسَارُ الَّذِي كَانَتْ تَرْأَسُ [7] [بِهِ قُرَيْشٌ أَهْلَ] [8] الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلا بَابُ الدِّينِ فَقَدَّمُوهُ لَهُ/ فَأُفْحِمَ.
تُوُفِّيَ الْمَحَامِلِيُّ فِي رَبِيعٍ الآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ.
2449- علي بن محمد بن عبيد بن حسان [9] ، أبو الحسن البزاز
[10] :
ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وسمع عباس الدوري، وأبا قلابة، روى عنه
__________
[1] «فِي التَّفْضِيلِ، إِلَى أَنْ قَالَ: فَقَالَ الدَّاوُدِيُّ» هذه العبارة سقطت من ت. وفي الأصل كتبت كلمة: «الماوردي» بدلا من «الداوديّ» .
[2] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[3] في الأصل: «المبارز» .
[4] في الأصل: «لم يكن بينهما حق» .
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[6] في ص، ل، ك، ت: «كان له مال» .
[7] في ت، ك، ل، ص: «تترأس» .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. و «قريش أهل» سقطت من ل، ص، ت.
[9] هذه الترجمة سقطت من الأصل، ل، ص.
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 73، وفيه: «حساب» بدلا من «حسان» وهو خطأ من مصحح التاريخ والناسخ. وشذرات الذهب 2/ 327 وفيه: «البزار» بدلا من البزاز» ) .

(14/22)


الدارقطني، وكان ثقة فاضلا، توفي في شوال هذه السنة.
2450- علي بن محمد بن سهل، أبو الحسن الصائغ الدينَوَريّ
[1] :
[أَخْبَرَنَا أبو بكر العامري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعد بْن أبي صادق قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن باكويه قال: سمعت الحسين بن أحمد الدينَوَريّ] [2] يقول: سمعت ممشاذ يقول:
خرجت ذات يوم إلى الصحراء، فبينا أنا مار إذا أنا بنسر قد فتح جناحيه، فتعجبت منه فاطلعت، فإذا بأبي الحسن الدينَوَريّ الصائغ قائم يصلي والنسر يظلله.
توفي الصائغ بمصر في هذه السنة.
2451- عبد الغافر بن سلامة [3] بن أحمد بن عبد الغافر بن سلامة بن هاشم الحضرمي، من أهل حمص
[4] :
كان جوالا، فقدم بغداد فحدث بها عن جماعة، فروى عنه الدارقطني، وابن شاهين، وابن الصلت، الأهوازي وهو آخر من روى عنه من البغداديين، والقاضي أبو عمر الهاشمي البصري. وهو آخر من روى عنه [5] في الدنيا كلها، وَكَانَ ثقة.
توفي بالبصرة في هذه السنة.
2452- محمد بن أحمد بن صالح بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن حنبل [6] ، أَبُو جعفر الشيباني
[7] :
حدث عن أبيه، وعن عمه زهير بن صالح، روى عنه الدارقطني وغيره.
وتوفي في هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 330 في وفيات سنة 331 هـ. والبداية والنهاية 11/ 204) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] هذه الترجمة سقطت من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 327. وتاريخ بغداد 11/ 136) .
[5] «عنه من البغداديين والقاضي أبو عمرو الهاشمي البصري، وهو آخر من روى عنه» هذه العبارة سقطت من ت وأثبتت في الهامش.
[6] في ت: «محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن حنبل» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 309) .

(14/23)


2453- محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم [1] ، أبو بكر، إمام مسجد الجامع [2] العتيق بمصر
[3] :
حدث عن إبراهيم بن مرزوق، وبكار بن قتيبة، وغيرهما، وكان نحويا يعلم أولاد الملوك النحو. توفي في ربيع الآخر من هذه السنة.
2454- نصر بن أحمد، أبو القاسم البصري، المعروف: بالخبز أرزي الشاعر
[4] :
روى عنه المعافى بن زكريا وغيره.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي [بن ثابت قال] : أنا [5] أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد [بن] [6] الحسين بن عبد العزيز العكبري، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ المالكي، أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ الأكفاني قال:
خرجت مع عمي أبي عبد الله الأكفأني الشاعر، وأبي الحسين بن لنكك، وأبي عبد الله المفجع، وأبي الحسن السباك في بطالة عيد، وأنا يومئذ صبي [7] أصحبهم، فمشوا حتى انتهوا إلى نصر بن أحمد الخبز أرزي وهو يخبز على طابقه، فجلست الجماعة عنده يهنئونه بالعيد ويتعرفون خبره، وهو يوقد السعف تحت الطابق [8] فزاد في الوقود فدخنهم، فنهضت الجماعة عند تزايد الدخان، فقال نصر بن أحمد لأبي الحسين بن لنكك: متى أراك يا أبا الحسين؟ فقال له أبو الحسين: إذا اتسخت ثيابي. وكانت ثيابه يومئذ جددا على أنقى ما يكون من البياض، فمشينا [9] فقال أبو الحسين بن لنكك: يا
__________
[1] في الأصل: «محمد بن عبد الله بن مسلم بن محمد» . وفي ك: «محمد بن عبد الله بن مسلم» .
[2] «الجامع» سقطت من ت.
[3] انظر ترجمته في: (طبقات النجاة 1/ 50) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 296) .
[5] في ك، ل، ص: «أحمد بن علي، حدثنا» وما بين المعقوفتين سقط من جميع النسخ سوى ت.
[6] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[7] «صبي» سقطت من ت.
[8] في ت: «فوق الطابق» .
[9] «فمشينا» سقطت من ت. وفي الأصل: «فمشى» .

(14/24)


أصحابنا، أن نصرًا لا يخلي هذا المجلس الذي مضى لنا معه من شيء يقوله، ويجب أن نبدأه/ فجلس واستدعى دواة وكتب:
لنصر في فؤادي فرط حب ... أنيف به على كل الصحاب
أتيناه فبخرنا بخورا ... من السعف المدخن للثياب
فقمت مبادرا فظننت نصرا ... أراد بذاك طردي أو ذهابي
فقال متى أراك أبا حسين؟ ... فقلت له إذا اتسخت ثيابي
[1] وأنفذ الأبيات إلى نصر فأملى جوابها فقرأناها، فإذا هو قد أجاب:
منحت أبا الحسين صميم ودى ... فداعبني بالفاظ عذاب
أتى وثيابه كقتير شيب ... فعدن له كريعان الشباب
ظننت جلوسه عندي كعرس ... فجدت له بتمسيك الثياب
فقلت متى أراك أبا حسين ... فجاوبني إذا اتسخت ثيابي [2]
فإن كان التقزز فيه فخر ... فلم يكنى [3] الوصي أبا تراب؟
[قال مؤلف الكتاب: وكان فصيحا أديبا، وكان أميا لا يعرف الخط، وكان يصنع خبز الأرز، فنسب إليه. توفي في هذه السنة] [4] .
__________
[1] هذا البيت ساقط من ت.
[2] هذا البيت سقط من ت، ك.
[3] في الأصل: «فلم يكن» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ل، ك، ت.

(14/25)