المنتظم في تاريخ الأمم والملوك

ثم دخلت سنة إحدى عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن بغلة وردت من مصر إلى بغداد ومعها فلو، وقد وضعت مهرا [1] في ربيع الأول، وَكَانَ يرتضع [2] منها.
وأنه ظهر الجراد [وعظم أمره] [3] ، وكثر إفساده للغلات.
وأنه قلد أَبُو عمرو [4] حمزة بْن الْقَاسِم الصلاة في جامع المدينة، وشغب الجند في المحرم، فلما أطلقت أرزاقهم سكنوا.
وخلع على مؤنس المظفر وعقد له على الغزاة للصائفة [في هذه السنة] [5] .
وقرئ كتاب على المنبر بالفتح على المسلمين من طرسوس. وَكَانَ نازوك أمر بضرب غلامين كَانَ أحدهما غلاما لبعض الرجالة المصافية، فحمل الرجالة السلاح وقصدوا دار نازوك، ووقعت بينهم حرب، وقتل جماعة، فركب المقتدر وبلغ إلى باب العامة، ثم أشار عليه نصر الحاجب بالرجوع فرجع، ووجه القواد للتسكين وشغلهم بإطلاق أرزاقهم فسكنوا [6] .
__________
[1] في ت: «فوضعت مهرا» .
[2] في ك: «وكان يرضع منها» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في تاريخ بغداد: «وإنه قلد أبو عمر» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت، ك: «بإطلاق أرزاق الجند فسكنوا» .

(13/218)


[وصرف حامد بْن العباس عن الوزارة، وعلي بْن عيسى عن الدواوين والأعمال، لأنه أخر أرزاق الجند] [1] .
وقبض [على] عَلي بْن عيسى وأنسابه [2] ، والمتصرفين في أيامه، وقرر عليا ثلاثمائة ألف دينار.
وأخرج أَبُو الحسن عَلي بْن محمد [3] [بن] [4] الفرات، فقلد الوزارة يوم الخميس لتسع بقين من ربيع الآخر، وخلع عليه، وعلى ابنيه المحسن والحسين [5] ، وأقطع الدار بالمخرم، وجلسوا للهناء وأخذوا ابن الفرات حامد بْن العباس فصادره وأخذ خطه بألف ألف دينار وثلاثمائة ألف دينار، وصادر مؤنسا خادم حامد على ثلاثين ألف دينار وروسل عَلي بْن عيسى أن يقرر بأمواله، فكتب أنه لا يقدر على أكثر من ثلاثة آلاف دينار، فأخذه المحسن ولد ابن الفرات [6] وألبسه جبة صوف وأهانه وناله بالأذى الفاحش حتى استخرج منه اليسير.
وورد الخبر في ربيع الآخر بدخول أبي طاهر سليمان بْن الحسن الجنابي إلى البصرة سحر [7] يوم الاثنين لخمس بقين من ربيع الآخر في ألف وسبعمائة رجل، وأنه نصب سلاليم بالليل على سورها [8] ، وصعد على أعلى السور، ثم نزل إلى [9] البلد، وقتل البوابين الذين [على الأبواب] [10] ، وفتح الأبواب، وطرح بين كل مصراعين حصباء
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ك: «علي بن عيسى وأسبابه» .
[3] «علي بن محمد» : ساقط من ك.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «وعلى ابنيه الحسن والحسين» .
[6] في ت: «فأخذه الحسن ولد ابن الفرات» .
[7] «سعر» : ساقطة من ص، ل.
[8] «على سورها» : ساقطة من ص، ل.
[9] «إلى» : ساقطة من ص، ل.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ك: «الذين على باب السور» . وفي ل: «الذين على أبواب السور» .

(13/219)


ورملا كَانَ معه [1] على الجمال لئلا يمكن غلق الأبواب عليه، ووضع السيف في أهل البصرة، وأحرق المربد، ونقض الجامع ومسجد قبر طلحة [2] ، وهرب الناس فطرحوا أنفسهم في الماء، فغرق أكثرهم، وأقام أَبُو طاهر بالبصرة سبعة عشر يوما يحمل على جماله كل ما يقدر عليه من الأمتعة والنساء/ والصبيان، وخرج منها بما معه يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة [خلت] [3] . من جمادى الآخرة، [وولى] [4] منصرفا إلى بلده.
وفى رجب استخلف القاضي أَبُو عمر ولده على القضاء بمدينة السلام، وركب إلى جامع الرصافة وحكم.
وفى رابع عشر رمضان، وقع برد المواريث إلى ذوي الأرحام.
وفى نصف رمضان أحرق على باب العامة صورة ماني وأربعة أعدال من كتب الزنادقة، فسقط منها ذهب وفضة مما كَانَ على المصاحف له قدر.
وفي هذه السنة اتخذ أبو الحسن ابن الفرات مارستانا في درب المفضل [5] ، وأنفق عَلَيْهِ من ماله [6] في كل شهر مائتي دينار جاريا.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2200- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون أَبُو بكر [7] الخلال:
سمع الحسن بْن عرفة، وسعدان بْن نصر، وغيرهما وصرف عنايته إلى الجمع
__________
[1] في ك، ل: «بين كل مصراعين حصى ورملا كان معه» . وفي ت: «بين كل مصراعين منها حصى ورمل» .
[2] في ت: «ومشهد قبر طلحة» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «في درب الفضل» .
[6] في ك، ص، ل، والمطبوعة: «وأنفق من ماله عليه» .
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 5/ 112، والبداية والنهاية 11/ 148، وطبقات الحنابلة 2/ 12، ومناقب الإمام أحمد 512، والأعلام 206، وشذرات الذهب 2/ 261) .

(13/220)


لعلوم أَحْمَد بْن حنبل وطلبها وسافر لأجلها وصنفها وجمع منها ما لم يجمعه أحد وكل من تبع هذا المذهب يأخذ من كتبه [1] ، وتوفي فِي يوم الجمعة [2] قبل الصلاة ليومين خلوا من ربيع الأول من هذه السنة، ودفن إلى جنب المروذي [في الدكة] [3] .
2201- أَحْمَد بْن حفص بْن يزيد أَبُو بكر المعافري:
[حدث و] [4] روى عن عيسى بْن حماد وغيره، وَكَانَ فاضلا.
توفي في ربيع الأول من هذه السنة.
2202- أحمد بن محمد بن الحسين، أَبُو مُحَمَّد الجريري [5] :
سمع سريا [6] ، وَكَانَ الجنيد يكرمه، وقيل له عند وفاته: إلى من نجلس بعدك؟
فقال: إلى أبي محمد الجريري [7] .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد أَخْبَرَنَا الخطيب [8] ، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بْن الحسين السلمي، قَالَ: سمعت عبد الله الرازي، يقول: سمعت الجريري، يقول: منذ عشرين سنة ما مددت رجلي عند جلوسي [9] في الخلوة، فإن حسن الأدب مع الله أولى.
__________
[1] من كتبه: «تفسير الغريب» ، و «طبقات أصحاب أحمد» ، و «الحث على التجارة والصناعة والعمل» ، و «السنة» و «العلل» ، و «الجامع لعلوم أحمد» .
[2] في ص: «وتوفي في يوم الخميس» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 430- 434، والبداية والنهاية 11/ 148، وطبقات الصوفية 261- 264، وحلية الأولياء 10/ 347- 349، وصفة الصفوة 2/ 252، والرسالة القشيرية 30، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 171- 173، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 11، واللمع 25، 49، 94، والنجوم الزاهرة 39/ 16، والكواكب الدرية 2/ 9. 10) .
[6] في ك: «صحب سريا» .
[7] في ص، ك: «أبي محمد الحريري» .
[8] في ك: «أخبرنا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ» .
[9] في ك: «ما مددت رجلي وقت جلوسي» .

(13/221)


قَالَ عبد الكريم: وسمعت عبد الله بْن يُوسُف الأصبهاني يقول: سمعت أبا الفضل الصرام، يقول: سمعت عَلي بْن عبد الله يقول: اعتكف أبو محمد الجريريّ بمكة في سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فلم يأكل ولم ينم ولم يستند إلى حائط، ولم يمد رجليه [1] ، فَقَالَ له أَبُو بكر الكتاني: يا أبا مُحَمَّد بماذا قدرت على اعتكافك؟ فَقَالَ: علم الله صدق باطني، فأعانني على ظاهري.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن [بن محمد] [2] قال: أخبرنا أحمد بن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن عبد الواحد، أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، قَالَ: سمعت أبا سعيد الرازي [3] ، يقول: توفي الجريري سنة وقعة الهبير، وطئته الجمال وقت الوقعة.
قَالَ السلمي: وسمعت أبا عبد الله الرازي، يقول: وقعة الهبير كانت في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.
قَالَ مؤلف الكتاب [4] ، [رحمه الله] الهبير اسم موضع عارض فيه أَبُو سعيد الجنابي القرمطي الحاج، فأصاب منهم جماعة فتفرقوا فعاد وعارضهم في محرم [5] سنة اثنتي عشرة، وفتك بهم الفتك القبيح، فجائز أن يكون الجريري قد هلك في المعارضة الأولى، وإنما هلك في الطريق وبقي على حاله.
وأخبرنا أَبُو منصور القزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو بكر أحمد بن عَلي [بْن ثَابِت] الحافظ [6] ، أَخْبَرَنَا عبد الكريم بْن هوازن، قَالَ: سمعت أبا عبد الله بْن باكوية الشيرازي، يقول: سمعت أَحْمَد بْن عطاء الروذباري، يقول: مات الجريري سنة الهبير، فحزت عليه بعد سنة، وإذا هو مستند جالس وركبته إلى صدره [7] ، وهو يشير إلى الله تعالى بإصبعه.
__________
[1] في ت: «ولم يمدد رجليه» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «أبا سعيد الداريّ» .
[4] في ت: «قال أبو الفرج المصنف» . وفي ك: «قال المؤلف» .
[5] «محرم» : ساقطة من ل، ص.
[6] في ص، ل: «أخبرنا أبو بكر بن ثابت» .
[7] في ص: «وركبتيه إلى صدره» .

(13/222)


2203- أَحْمَد بْن حمدان بْن عَلي بْن سنان، أَبُو جعفر النيسابوري [1] :
لقى أبا حفص [وغيره] [2] وَكَانَ من الورعين، وأسند الحديث، وله كلام حسن، وَكَانَ يقول: أنت تبغض [أهل] [3] المعاصي بذنب واحد تظنه ولا تبغض نفسك مع ما تيقنته من ذنوبك. توفي في هذه السنة.
2204- إبراهيم بْن السرى بْن سهل، أَبُو إسحاق الزجاج [4] :
كَانَ من أهل الفضل والعلم مع حسن الاعتقاد، وله تصانيف حسان.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتِ بْن حسان [قَالَ] [5] : أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي البغدادي، قَالَ: أخبرني أَبُو الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق في كتابه، قَالَ: حدثني أَبُو مُحَمَّد بْن درستويه، قَالَ: حدثني الزجاج، قَالَ: كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو فلزمت المبرد لتعلمه، وَكَانَ لا يعلم مجانا [ولا يعلم] [6] بأجرة إلا على قدرها، فقال لي: أي شيء صناعتك؟ قلت: أخرط الزجاج وكسبي في كل يوم درهم ونصف وأريد أن تبالغ في تعليمي وأنا أعطيك كل يوم درهما، وأشترط لك أني أعطيك إياه أبدا إلى أن يفرق الموت بيننا استغنيت عن التعلم أو احتجت إليه، قَالَ: فلزمته وكنت أخدمه في أموره ومع ذلك فأعطيه الدرهم، فينصحني
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 261، والأعلام 1/ 119، وتاريخ بغداد 4/ 115، وتذكرة الحفاظ 761) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «أنت تبغض العاصي» ، ما بين المعقوفتين: ساقط منها.
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 89، ومعجم الأدباء 1/ 47، ونزهة الألباء 308، وآداب اللغة 2/ 81، وابن خلكان 1/ 11، والأعلام 1/ 40، وشذرات الذهب، 2/ 259، وإنباه الرواة للقفطي 1/ 159، والبداية والنهاية 11/ 148، والعبر 2/ 148، والفهرست لابن نديم 60، واللباب 1/ 397، ومرآة الجنان 2/ 262، ومفتاح السعادة 1/ 163، والنجوم الزاهرة 3/ 208، وطبقات المفسرين للداوديّ.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص، ل: «أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/223)


في العلم حتى استقللت فجاءه كتاب بعض بني مادمة من الصراة [1] يلتمسون معلما نحويا لأولادهم، فقلت له: اسمني لهم، فأسماني فخرجت فكنت أعلمهم وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما وأتفقده بعد ذلك بما أقدر عليه، ومضت على ذلك مدة، فطلب منه عُبَيْد اللَّهِ بْن سليمان مؤدبا لابنه الْقَاسِم، فقال: لا أعرف لك إلا رجلا زجاجا بالصراة مع بني مادمة [2] ، قَالَ: فكتب إليهم عُبَيْد اللَّهِ فاستنزلهم عني فأحضرني وأسلم إلى الْقَاسِم، فكان ذلك سبب غناي، وكنت أعطي المبرد ذلك الدرهم في كل يوم إلى أن مات ولا أخليه من التفقد معه بحسب طاقتي [3] .
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ الْقَزَّازِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن أبي عَلي، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: حدثني أَبُو الحسين عبد الله بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي، قَالَ: حدثني أَبُو إسحاق الزجاج، قَالَ: كنت أؤدب الْقَاسِم بْن عبيد الله، فأقول له: إن بلغك الله مبلغ أبيك ووليت الوزارة ماذا تصنع بي؟ [4] فيقول: ما أحببت، فأقول: [أن] [5] تعطيني عشرين ألف دينار، وكانت غاية أمنيتي، فما مضت إلا سنون حتى ولي الْقَاسِم الوزارة وأنا على ملازمتي له، وقد صرت نديمه، فدعتني نفسي إلى إذكاره بالوعد ثم هبته، فلما كَانَ في اليوم الثالث من وزارته، قَالَ لي: يا أبا إسحاق ألم أرك أذكرتني بالنذر؟ فقلت: عولت على رأي الوزير أيده الله، وأنه لا يحتاج إلى إذكاري لنذر عليه في أمر خادم واجب الحق، فَقَالَ لي: إنه المعتضد [باللَّه] [6] ولولاه ما تعاظمني دفع ذلك إليك في مكان واحد، ولكن أخاف أن يصير له معك حديثا فاسمح لي أن تأخذه متفرقا [7] ، فقلت: أفعل، فَقَالَ: اجلس للناس وخذ رقاعهم في الحوائج الكبار، واستجعل عليها، ولا تمتنع من مسالتي شيئا تخاطب فيه
__________
[1] في ت: «بني مادية من الصراة» .
[2] في ت: «بالصراة مع بني مادية» .
[3] في ت: «بحسب حالي» .
[4] في ت: «ما تصنع بي» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «فاسمح بأخذ ذلك متفرقا» .

(13/224)


صحيحا كَانَ أو محالا إلى أن يحصل لك مال النذر، ففعلت ذلك وكنت أعرض عليه كل يوم رقاعا فيوقع فيها، وربما قَالَ لي: كم ضمن لك على هذا؟ فأقول: كذا وكذا فيقول: غبنت هذا يساوي كذا وكذا فاستزد، فأراجع القوم فلا أزال أماكسهم ويزيدونني حتى أبلغ [ذاك] [1] الحد الذي رسمه [لي] [2] ، قَالَ: وعرضت عليه شيئا عظيما فحصلت عندي عشرون ألف دينار وأكثر منها في مديدة، فَقَالَ لي بعد شهور: يا أبا إسحاق حصل مال النذر؟ فقلت: لا فسكت وكنت أعرض ثم يسألني في كل شهر أو نحوه هل حصل المال؟ فأقول: لا خوفا من انقطاع الكسب إلى أن حصل عندي ضعف ذلك المال، فسألني يوما فاستحييت من الكذب المتصل، فقلت: قد حصل لي ذلك ببركة الوزير، فَقَالَ فرجت والله عني فقد كنت مشغول القلب إلى أن يحصل لك، قَالَ:
ثم أخذ الدواة فوقع لي إلى خازنه [3] بثلاثة آلاف دينار [صلة] [4] فأخذتها وامتنعت أن أعرض عليه شيئا، ولم أدر كيف أقع منه، فلما كَانَ من غد جئته وجلست على رسمي، فأومأ إلي: هات ما معك، يستدعي مني الرقاع على الرسم، [فقلت] [5] ما أخذت من أحد رقعة، لأن النذر قد وقع الوفاء به ولم أدر كيف أقع من الوزير، فَقَالَ يا سبحان الله أتراني كنت أقطع عنك شيئا قد صار لك عادة [6] وعلم به الناس وصارت لك به منزلة عندهم وجاه وغدو ورواح إلى بابك ولا يعلم سبب انقطاعه [7] فيظن ذلك لضعف جاهك عندي أو تغير رتبتك، أعرض عَلي على رسمك، وخذ بلا حساب فقبلت يده وباكرته من غد بالرقاع، وكنت أعرض عليه كل يوم إلى أن مات/ وقد أثلث حالي هذه.
قَالَ المصنف [8] [رحمه الله] [9] رأيت كثيرا من أصحاب الحديث والعلم يقرءون
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ص: «فوقع لي جراية» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «حتى صار لك عادة» .
[7] في ك: «ولا يعلم سبب انقطاعك» .
[8] في ك: «قال مؤلف الكتاب» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/225)


هذه الحكاية ويتعجبون مستحسنين لهذا الفعل غافلين عما تحته من القبيح، وذلك أنه يجب على الولاة إيصال قصص المظلومين وأهل الحوائج، فإقامة من يأخذ الأجعال على هذا قبيح حرام [1] ، وهذا مما يهن به الزجاج وهنا عظيما، ولا يرتفع لأنه إن كَانَ لم يعلم ما في باطن ما قد حكاه عن نفسه فهذا جهل بمعرفة حكم الشرع، وإن كَانَ يعرف فحكايته في غاية القبح نعوذ باللَّه من قلة الفقه [2] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أخبرنا أَبُو الجوائز الحسن بْن عَلي الكاتب، قَالَ: حدثني أَبُو الْقَاسِم عَلي بْن طلحة النحوي، قال: سمعت أبا علي الفارسيّ يقول: دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ الوزير، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر به، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفى وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس [3] كَانَ بينه وبينه فَقَالَ: كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات [4] ، فسمتها أن تبيعني إياها فامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد [5] من [كَانَ] [6] ينصحها بأن تهديها إلي رجاء أن أضاعف لها ثمنها [7] ، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك [8] ، فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت، فكان مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من يديه وكتب:
فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن في الظلم
__________
[1] «حرام» : ساقطة من ص، ل.
[2] على هامش ك: «أقول: لا يضر الزجاج مع حسن عنايته بمعاني القرآن العظيم وتفسيره، وكفاه فخرا أن العلامة الزمخشريّ عول عليه في تفسير القرآن العظيم، حتى أن أكثر ما نقله من كلام الزجاج.
وأخذه ... أجره في حقه، وما هو بحرام، لأنه ليس من الحكام حتى يكون حراما، مع ما في كتب الفقه من أن القاضي المحكم وأخذ الرشوة مع استئجار نفسه لا يكون حراما ... » .
[3] في ك: «فسأله شيخا عن ذلك لأي شيء» .
[4] في ك: «جارية لإحدى القينات» .
[5] في ك: «ثم أشار عليها بعض» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «رجاء أن يضاعف لها ثمنها» .
[8] «بذلك» : ساقطة من ص، ل.

(13/226)


رام أن يدمي فريسته ... فاتقته من دم بدم
أنبأنا أبو منصور القزاز، أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد الغزال، قَالَ: أنبأنا عَلي بْن عبد العزيز، قَالَ أنبأنا [1] أَبُو مُحَمَّد الوراق، [قَالَ] [2] جار كَانَ لنا، قَالَ: كنت بشارع الأنبار وأنا صبي يوم نيروز فعبر رجل راكب فبادر بعض الصبيان، وقلب عليه ماء [3] ، فأنشأ يقول وهو ينفض رداءه من الماء.
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه ... ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
فلما عبر قيل لنا، هذا أَبُو إسحاق الزجاج. قَالَ الطاهري: شارع الأنبار هو النافذ إلى الكبش والأسد.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن علي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الطيب الطبري، قَالَ: حدثني مُحَمَّد بْن طلحة، قَالَ: حدثني القاضي مُحَمَّد بْن أحمد المخرمي، أنه جرى بينه وبين الزجاج وبين المعروف بمسينة، وَكَانَ من أهل العلم شر، واتصل ونسجه إبليس [4] وأحكمه حتى خرج الزجاج إلى حد الشتم، فكتب إليه مسينة:
أبى الزجاج إلا شتم عرضي ... لينقعه فآثمه وضره
وأقسم صادقا ما كَانَ حر ... ليطلق لفظه في شتم حره
فلو أني كررت لفر مني [5] ... ولكن للمنون على كره [6]
فأصبح قد وقاه الله شري ... ليوم لا وقاه الله شره
فلما اتصل هذا الخبر بالزجاج قصده راجلا حتى اعتذر إليه وسأله [7] الصلح.
__________
[1] «أنبأنا أبو منصور ... أنبأنا عَلي بْن عبد العزيز، قَالَ أنبأنا» : ساقطة من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ك: «فكب عليه ماء» .
[4] في ت: «وانصرف ونسي» .
[5] في ت: «فلو أني عدت لفر مني» .
[6] في ت: «ولكن للمنوع على كره» .
[7] في ك: «اعتذر إليه وسأله الصفح» .

(13/227)


توفي الزجاج يوم الجمعة لإحدى عشرة مضت من جمادى الآخرة من هذه السنة.
2205- بدر أَبُو النجم، مولى المعتضد باللَّه، ويسمى بدر الكبير، ويقال له [بدر] [1] الحمامي:
وَكَانَ قد تولى الأعمال مع ابن طولون بمصر، فلما قتل قدم بغداد فولاه السلطان أعمال الحرب والمغاور بفارس وكرمان [2] ، فخرج إلى عمله وحدث عن هلال بْن العلاء [3] ، وغيره وأقام هناك وطالت أيامه [4] حتى توفي بشيراز ثم نبش وحمل إلى بغداد، وقام ولده مُحَمَّد مقامه في حفظ البلاد.
2206- حامد بْن العباس، أَبُو محمد [5] :
استوزره المقتدر باللَّه سنة ست وثلاثمائة وكان موسرا له أربعمائة مملوك يحملون السلاح، [لكل واحد منهم مماليك] [6] ، وكان يحجبه ألف وسبعمائة حاجب [7] ، وَكَانَ ينظر بفارس قديما، ودام نظره بواسط، وَكَانَ صهره أَبُو الحسين بْن بسطام إذا سافر كَانَ معه أربعون بختية موقرة أسرة ليجلس عليها، وفيها واحدة موقرة سفافيد المطبخ، وكان معه أربعمائة سجادة للصلاة، فلما قبض على حامد صودر صهره هذا على ثلاثمائة ألف دينار.
وَكَانَ حامد ظاهر المروءة كثير العطاء، فحكى أَبُو بكر الصولي أنه شكا إليه شفيع
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 149، وتاريخ بغداد 7/ 105، والنجوم الزاهرة 3/ 205، واللباب 1/ 315، والأعلام 2/ 45، وشذرات الذهب 2/ 201 وقد جعله في وفيات سنة 289 هـ) .
[2] في ك: «أعمال الحرث والمعادن بفارس وكرمان» .
[3] في ت: «هلال والعلاء» .
[4] «وطالت أيامه» : ساقطة من ص، ل.
[5] «أبو محمد» : ساقطة من ص، ل.
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 149، والأعلام 2/ 161، وشذرات الذهب 2/ 263) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك، ل: «وكان يخدمه ألف وسبعمائة حاجب» .

(13/228)


المقتدري فناء شعيره، فجذب الدواة وكتب له بمائة [1] كر شعير، فَقَالَ له ابن الحواري:
فأنا اكتب له بمائة كر، فنظر إليه نصر الحاجب، فكتب له بمائة كر، وكتب لأم موسى بمائة كر [2] ، ولمؤنس الخادم بمائة كر.
وحكى أَبُو عَلي التنوخي عن بعض الكتاب، قَالَ: حضرت مائدة حامد وعليها عشرون نفسا، وكنت أسمع أنه ينفق عليها كل يوم مائتي دينار، فاستقللت ما رأيت ثم خرجت فرأيت في الدار نيفا وثلاثين مائدة منصوبة، على كل مائدة ثلاثون نفسا، وكل مائدة كالمائدة التي بين يديه، حتى البوارد والحلوى، وَكَانَ لا يستدعي أحدا إلى طعامه بل يقدم الطعام إلى كل قوم في أماكنهم.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، قَالَ: أنبأنا عَلي بْن المحسن التنوخي [إذنا] [3] عن أبيه، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو الحسن مُحَمَّد بْن عبد الواحد الهاشمي، قَالَ: كَانَ حامد بْن العباس من أوسع من رأيناه نفسا، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، وأشدهم سخاء وتفقدا لمروءته، وَكَانَ ينصب في داره كل يوم عدة موائد ولا يخرج من الدار أحد من الجلة والعامة والحاشية وغيرهم إذا حضر الطعام أو يأكل حتى غلمان الناس، فربما نصب في داره في يوم واحد أربعون مائدة. وَكَانَ يجري على كل من يجرى عليه الخبز لحما وكانت جراياته كلها الحواري، فدخل يوما إلى دهليزه فرأى فيه قشر باقلاة، فأحضر وكيله، وَقَالَ: [ويلك] [4] ! يؤكل في داري الباقلاء؟ قَالَ: هذا من فعل البوابين، قَالَ: أو ليست لهم جرايات لحم؟ قَالَ بلى، قَالَ فسلهم عن السبب، فسألهم فقالوا: لا نتهنأ بأكل اللحم دون عيالنا فنحن ننفذه إليهم لنأكله معهم ليلا ونجوع بالغدوات فنأكل الباقلاء، فأمر حامد أن يجرى عليهم جرايات لعيالهم تحمل إلى منازلهم، وإن يأكلوا جراياتهم في الدهليز، ففعل ذلك، فلما كَانَ بعد أيام رأى قشر باقلاة في الدهليز، فاستشاط [غيظا] [5] وَكَانَ حديدا فشتم وكيله وَقَالَ: ألم أضعف الجرايات، فلم في
__________
[1] في ك: «ووقع له بمائة» .
[2] «وكتب لأم موسى بمائه كر» . ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ص، ل، ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/229)


دهليزي قشور الباقلاء؟ فَقَالَ: إن الجرايات لما تضاعفت جعلوا الأولى لعيالاتهم في كل يوم، وصاروا يجمعون الثانية عند القصاب، فإذا خرجوا من النوبة ومضوا نهارا إلى منازلهم في نوبة استراحتهم فيها أخذوا ذلك مجتمعا من القصاب فتوسعوا به، قَالَ:
فلتكن الجرايات بحالها، وليتخذ مائدة في كل [يوم و] [1] ليلة تنصب غدوة قبل نصب موائدنا يطعم عليها هؤلاء [2] ، والله لئن وجدت بعد هذا في دهليزي قشر باقلاة لأضربنك وجميعهم بالمقارع، ففعل ذلك، وَكَانَ ما زاد في نفقة الأموال فيه أمرا عظيما.
قَالَ المحسن: وحدثني هبة الله بْن مُحَمَّد بْن يُوسُف المنجم، قَالَ: حدثني جدي قَالَ: وقفت امرأة لحامد بْن العباس [على الطريق] [3] فشكت إليه الفقر ودفعت إليه قصة كانت معها، فلما جلس وقع لها بمائتي دينار، فأنكر الجهبذ دفع هذا القرار إلى مثلها، فراجعه فَقَالَ حامد: والله ما كَانَ في نفسي أن أهب لها إلا مائتي درهم ولكن الله تعالى أجرى لها على يدي مائتي دينار، فلا أرجع في ذلك، أعطها فدفع إليها، فلما كَانَ بعد أيام دفع إليه رجل قصة يذكر فيها أن امرأتي وأنا كنا فقراء فرفعت قصة إلى الوزير فوهب لها مائتي دينار، فاستطالت عَلي بها وتريد الآن إعناتي لأطلقها فان رأى الوزير أن يوقع لي من يكفها عني فعل، فضحك حامد فوقع له بمائتي دينار، وَقَالَ: قولوا له [يقول لها] [4] : قد صار الآن مالك مثل مالها فهي لا تطالبك بالطلاق، فقبضها [5] ، وانصرف غنيا.
قَالَ المحسن: وحدثني عبد الله بْن أَحْمَد بْن داسة، [قَالَ] [6] : حدثني أَبُو الحسين أَحْمَد بْن الحسين بْن المثنى [7] ، قَالَ لما قدم حامد بْن العباس الأبلة يريد الأهواز وهو وزير خرجت لتلقيه، فرأيت له حراقة ملاحوها خصيان بيض وعلى وسطها
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من، ص، ل، ت.
[2] في ل، ص: «موائدنا يطعم هؤلاء» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «لا تطالبك بالطلاق فأخذها» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ك: «أبو الحسن أحمد بن الحسن» .

(13/230)


شيخ يقرأ القرآن وهي مظللة مسترة فسألت عن ذلك، فقالوا: هذه حراقة الحرم لا يحسن أن يكون ملاحوها فحولة.
قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو عبد الله الصيرفي، قَالَ: حدثني أَبُو عبد الله القنوتي [1] ، قَالَ: ركب حامد وهو عامل واسط/ إلى بستان [له] [2] فرأى بطريقه دارا محترقة وشيخا يبكي ويولول، وحوله صبيان ونساء على مثل حاله، فسأل عنه، فقيل:
هذا رجل تاجر احترقت داره وافتقر فوجم ساعة، ثم قَالَ: أين فلان الوكيل؟ فجاء، فقال له: أريد أن أندبك لأمر إن [3] عملته كما أريد فعلت بك وصنعت- وذكر جميلا- وإن تجاوزت فيه رسمي فعلت بك وصنعت- وذكر قبيحا- فَقَالَ: مر بأمرك، فَقَالَ ترى هذا الشيخ قد آلمني قلبي له، وقد تنغصت عَلي نزهتي بسببه، وما تسمح نفسي بالتوجه إلى بستاني إلا بعد أن تضمن لي أنني إذا عدت العشية من النزهة وجدت الشيخ في داره وهي كما كانت مبنية مجصصة [4] نظيفة، وفيها صنوف المتاع والفرش والصفر كما كانت، وتباع له ولعياله كسوة الشتاء والصيف مثل ما كان لهم، فقام الوكيل فتقدم إلى الخازن بأن يطلق ما أريده وإلى صاحب المعونة أن يقف معي ويحضر من أطلبه من الصناع، فتقدم حامد بذلك- وَكَانَ الزمان صيفا- فتقدم بإحضار أصناف الروز جارية، فكانوا ينقضون بيتا [5] ويقيمون فيه من يبنيه، وقيل لصاحب الدار اكتب جميع ما ذهب منك حتى المكنسة والمقدحة، وصليت العصر وقد سقفت الدار، وجصصت، وغلقت الأبواب، ولم يبق غير الطوابيق، فأنفذ الرجل [6] إلى حامد وسأله التوقف في البستان وأن لا يركب منه إلى أن يصلي عشاء الآخرة [7] ، فبيضت الدار [8] ، وكنست وفرشت،
__________
[1] في ك: «أبو علي الصولي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] في ت: «أريد أن أنبئك لأمر» .
[4] في ص، ل: «كانت مبنية نظيفة» .
[5] في ل: «فكانوا ينقضون شيئا» .
[6] في ت، ك: «فأنفذ الوكيل» .
[7] في ك: «إلى أن يصلي العشاء الآخرة» .
[8] في ت: «فطبقت الدار» .

(13/231)


ولبس الشيخ وعياله الثياب، ودفعت إليهم الصناديق والخزائن مملوءة بالأمتعة، فاجتاز حامد والناس قد اجتمعوا كأنه يوم عيد يضجون بالدعاء له، فتقدم حامد إلى الجهبذ بخمسة آلاف درهم يدفعها إلى الشيخ يزيدها في بضاعته، وسار حامد إلى داره.
قَالَ المحسن: حدثني أَبُو الحسن بْن المأمون الهاشمي: أنه وجد لحامد في نكبته التي قتل فيها في بئر لمستراح له أربعمائة ألف دينار [عينا] [1] دل عليها لما اشتدت به المطالبة.
وأخبرني غيره أن حامدا كَانَ عمل حجرة وجعل فيها مستراحا، وَكَانَ يتقدم إلى وكيله [2] أن يجيء بالدنانير، فكلما حصل له كيس أخذه ثيابه وقام كأنه يبول، فدخل ذلك المستراح، فألقى الكيس في البئر وخرج [3] من غير أن يصب فيها ماء ولا يبول ويوهم الفراش أنه فعل ذلك، فإذا أخرج قفل المستراح ولم يدخله غيره على رسم مستراحات الملوك، فإذا أراد الدخول فتحه له الخادم المرسوم بالوضوء وذلك الخادم [المرسوم بالوضوء] [4] لا يعلم السر في ذلك، فلما تكامل المال، قَالَ: هذا المستراح فسد فسدوها [5] ، [فسد] [6] وعطل، فلما اشتدت به المطالبة دل عليه فأخرج ما فيه.
ولما عزل المقتدر حامدا قرر مع ابن الفرات أنه لا ينكبه، وَقَالَ: خدمنا بغير رزق، وشرط أن يناظر بمحضر من القضاة والكتاب، وَكَانَ قد وقع بينه وبين مفلح الخادم وجرى بينهما [مخاشنة] [7] ، فَقَالَ حامد: والله لابتاعن مائة أسود أجعلهم قوادا، وأسمي كل واحد منهم مفلحا، فأدى عنه مفلح إلى الخليفة ما لم يقله، وأشار بأن ينفذ إلى ابن الفرات، وَقَالَ: إن لم يكن [8] في قبضه وقفت أموره، فتقدم الخليفة بذلك وأمر ابن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] فيك: «وكان يتقدم إلى وكيل له» .
[3] «وخرج» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت، ك: «هذا المستراح ضيق فسدوه» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[8] في ت: «وقال: لأن لم يكن» .

(13/232)


الفرات أن يفرد له دارا حسنة، ويفرش له فرشا جميلا، ويحضر ما يختار من الأطعمة، وباع حامد داره التي [كانت له] [1] على الصراة من نازوك باثني عشر ألف دينار، وباع خادما له عليه بثلاثة آلاف دينار، وأقر حامد بألف ألف دينار ومائتي ألف دينار، وأحدر إلى واسط في رمضان هذه السنة فتسلمه مُحَمَّد بْن عبد الله البزوفري [2] ، وَكَانَ ينظر من قبل لحامد، فأراد البزوفري [3] أن يحتاط لنفسه حين مرض حامد، فأحضر قاضي واسط وشهودها يخبرهم أنه مات حتف أنفه، فلما دخل الشهود عليه قال لهم: ان الفرات الكافر الفاجر الرافضي عاهدني وحلف بأيمان البيعة إن أقررت بأموالي صانني عن المكروه، فلما أقررت سلمني إلى ابنه فقدم لي بيضا مسموما فلا صنع للبزوفري [4] في دمي إلى وقتنا هذا، ولكنه كفر إحساني. توفي حامد في رمضان هذه السنة.
2207- عَبْد اللَّهِ بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن حماد بْن يعقوب [5] . أَبُو مُحَمَّد الأنماطي [6] المدائني:
سكن بغداد وحدث بها عن الصلت بن مسعود الجحدري، وعثمان بْن أبي شيبة. روى عنه ابن الجعابي، وابن مظفر. وَقَالَ الدارقطني: ثقة مأمون.
توفي في ذي القعدة من [7] هذه السنة.
2208- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، [بْن المغيرة] [8] بْن صالح بْن بكر السلمى، مولى مجشر بْن مزاحم، [9] أَبُو بكر:
طاف البلاد في طلب الحديث، فسمع بنيسابور من ابن راهويه وغيره، وبمرو من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «محمد بن علي البزوفري» . وفي ك: «محمد بن علي المروري» .
[3] في ك: «المروري» .
[4] في ك: «المروري» .
[5] في ك: «عبد الله بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن يعقوب بن حماد» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 413، وشذرات الذهب 2/ 262، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 302، والعبر 2/ 148، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 325) .
[7] «ذي القعدة من» ساقطة من ص، ل.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] انظر ترجمته في: (طبقات السبكي 2/ 30، والأعلام 6/ 29، والبداية والنهاية 11/ 149، وشذرات الذهب 2/ 262) .

(13/233)


عَلي بْن حجر وغيره، وبالري من مُحَمَّد بْن مهران وغيره، وببغداد من أَحْمَد بْن منيع وغيره، وبالبصرة من بشر بْن معاذ العقدي وغيره، وبالكوفة من أَبِي كريب وغيره، وبالحجاز من عَبْد الجبار بْن العلاء وغيره [1] [وبالشام من موسى بْن سهل الرملي وغيره، وبالجزيرة من عبد الجبار بْن العلاء وغيره] [2] ، وبمصر من يونس بْن عبد الأعلى وغيره، و [سمع] [3] بواسط من مُحَمَّد بْن حرب وغيره، روى عنه جماعة من مشايخه منهم البخاري ومسلم، وَكَانَ مبرزا في علم الحديث وغيره.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد [4] بْن ناصر، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّد الحسن بْن أَحْمَد السمرقندي، قَالَ: سمعت أبا سعيد [5] أَحْمَد بْن مُحَمَّد العبداني، يقول: أَخْبَرَنَا أَبُو إسحاق أَحْمَد بْن مُحَمَّد المفسر، [قَالَ] [6] أخبرنا أبو محمد بن [7] الخطيب، قَالَ: سمعت أبا الحارث روح بْن أَحْمَد بْن روح، يقول: سمعت أبا العباس أَحْمَد بْن المظفر البكري، يقول:
سمعت مُحَمَّد بْن هارون الطبري، يقول: كنت أنا ومحمد بْن نصر المروزي، ومحمد بْن علويه الوزان، ومحمد بْن إسحاق بْن خزيمة على باب الربيع بْن سليمان بمصر نسمع منه كتب الشافعي، فبقينا ثلاثة أيام [8] بلياليهن لم نطعم شيئا، وفنيت أزوادنا. فقلت: الآن قد حلت لنا المسألة، فمن يسأل؟ فاستحيا كل واحد منا أن يسأل، فقلنا نقترع فوقعت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال: دعوني أصلي ركعتين. وسجد يدعو بدعاء الاستخارة، إذ قرع علينا [9] الباب، فخرج واحد فإذا هو رجل خادم لأحمد بْن طولون أمير مصر وبين يديه شمعة [وخلفه شمعة] [10] فاستأذن
__________
[1] «وبالكوفة من أبي كريب ... وغيره» : العبارة ساقطة من المطبوعة.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «محمد» : ساقط من ص، ل.
[5] في ت، ك: «سمعت أبا سعد» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ل، ص: «أبو محمد الخطيب» .
[8] في ت: «فبتنا ثلاثة أيام» .
[9] في ك: «إذ طرق علينا الباب» .
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/234)


فدخل ثم سلم وجلس وأدخل يده في كمه فأخرج رقعة، فَقَالَ: من مُحَمَّد بْن نصر المروزي؟ فقلنا: هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فأعطاه، ثم قَالَ: إن الأمير أَحْمَد بْن طولون يقرأ عليك السلام ويقول [لك] [1] استنفق هذا فإذا فني بعثنا إليك مثله، [قَالَ: من مُحَمَّد بْن علويه الوزان؟ فقلنا: هذا، فأعطاه مثل ذلك] [2] ثم قَالَ: من مُحَمَّد بْن هارون الطبري؟ فقلت: أنا، فأعطاني مثل ذلك، ثم قَالَ: من مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة؟ فقلنا: هو ذاك الساجد، فأمهله حتى رفع رأسه من السجدة فأعطاه مثل ذلك. فقلنا له: لا نقبل هذا منك حتى تخبرنا بالقصة فَقَالَ: إن الأمير أَحْمَد بْن طولون كَانَ قائلا نصف النهار، إذ آتاه آت في منامه، فَقَالَ: يا أَحْمَد، ما حجتك غدا عند الله إذا وقفت بين يديه فسألك عن أربعة من أهل العلم [3] طووا منذ ثلاثة أيام لم يطعموا شيئا؟ فانتبه فزعا مذعورا، فكتب أسماءكم وصرر هذه الصرر وبعثني في طلبكم، وكنت أستخبر خبركم حتى وجدتكم الآن [4] . [وَقَالَ المؤلف] [5] : وقد رويت لنا هذه الحكاية على وجه آخر.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أحمد بن علي الخطيب، [6] قَالَ: حدثني أَبُو الفرج مُحَمَّد بْن عبد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الشيرازي لفظا، قَالَ: [سمعت] [7] أَحْمَد بْن منصور بْن مُحَمَّد الشيرازي، يقول: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد الصحاف السجستاني، قَالَ: سمعت أبا العباس البكري- من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه- يقول:
جمعت الرحلة بين مُحَمَّد بْن جرير، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن نصر المروزي، ومحمد بْن هارون الروياني بمصر، فأرملوا ولم يبق عندهم ما يقوتهم، وأضربهم الجوع، فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون اليه، فاتفق رأيهم على أن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «من أهل العلم: ساقطة من ل، ص.
[4] في ت: «حتى وصلت الآن» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «أنبأنا أبو بكر بن علي» . وفي ص، ل: «أبو منصور القزاز عن الخطيب» . وما أوردناه من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/235)


يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه القرعة سأل لأصحابه الطعام، فخرجت القرعة على محمد بن إسحاق بن خزيمة، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أتوضأ وأصلي صلاة الخيرة، قَالَ [1] : فاندفع في الصلاة فإذا هم بالشموع وخصي من قبل والى مصر يدق الباب، ففتحوا الباب، فنزل عن دابته، فَقَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن/ نصر؟ فقيل: هو هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن جرير؟
فقالوا: هذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن هارون؟ فقالوا: هو هذا، فأخرج صرة في خمسون دينارا فدفعها إليه، ثم قَالَ: أيكم مُحَمَّد بْن إسحاق بْن خزيمة، فقالوا: هو هذا يصلي، فلما فرغ دفع إلَيْهِ صرة فيها خمسون دينارا، ثم قَالَ: [2] إن الأمير كَانَ قائلا بالامس فرأى في المنام خيالا قَالَ: إن المحامد طووا كشحهم جياعا، فأنفذ إليكم هذه الصرر وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إلي أحدكم.
[قَالَ مؤلف الكتاب [3]] وقد سبق نحو هذه الحكايات عن الحسن بْن سفيان النسوي [4] .
توفي أَبُو بكر بْن خزيمة ليلة السبت ثامن ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في حجرة من داره، ثم صيرت تلك الدار مقبرة.
2209- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصلت بْن دينار، أَبُو بكر [5] الكاتب:
سمع وهب بْن بقية وغيره، وربما سمى أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن الصلت إلا أن الأول أشهر.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن علي، أخبرنا ابن رزق، أَخْبَرَنَا عمر بْن جعفر البصري، قَالَ: مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الصلت ثقة مأمون.
__________
[1] في ك: «صلاة الخيرة فقام» .
[2] في ص، ل، والمطبوعة: «فقالوا: هو ذا، فأخرج صرة فيها خمسون دينارا ثم قال» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ل، ص.
[4] سبقت هذه القصة في ترجمة الحسن بن سفيان النسوي في وفيات سنة 303 فلتراجع هناك.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 308) .

(13/236)


توفي في المحرم من هذه السنة.
2210- مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عَلي بْن النعمان بْن راشد، أَبُو بكر البندار المعروف بالبصلاني [1] :
سمع عَلي بْن الحسين الدرهمي [2] ، وخالد بْن يُوسُف السمتي [3] ، وبندار وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن ثَابِت، قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد بْن نصر الدينَوَريّ، قَالَ: سمعت حمزة بْن يُوسُف السهمي، يقول:
سألت الدارقطني عن مُحَمَّد بْن إسماعيل البصلاني [4] ، فَقَالَ: ثقة.
توفي في شعبان هذه السنة.
2211- يانس الموفقي:
كَانَ في أصل سور داره، من خيار الفرسان والرجالة ألف مقاتل.
توفي في هذه السنة، وخلف ضياعا تغل ثلاثين ألف دينار.
__________
[1] في ت، ص: «الفضلاني» . وفي ت: «النصلاني» . «والبصلاني بفتح الباء» ، الموحدة، والصاد المهملة واللام ألف بعدها النون، هذه النسبة إلى البصلية، وهي محلة ببغداد خرج منها جماعة من العلماء منهم أبو بكر مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن عَلي بْن النعمان بن راشد البندار البصلاني، كان شيخا ثقة مات في شعبان سنة إحدى عشرة وثلاثمائة» . اللباب (1/ 159) .
انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 46، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 24) .
[2] في ك: «علي بن الحسين الدهمي» .
[3] في ص: «يوسف السميتي» . وفي ك: «يوسف السهمي» . وكلاهما خطأ.
[4] في ت: «محمد بن إسماعيل النصلاني» .

(13/237)


ثم دخلت سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنهم وجدوا رجلا أعجميا واقفا على سطح مجلس من دار السر [1] التي كَانَ المقتدر يكثر الجلوس فيها عند والدته عليه ثياب دبيقي وتحتها قميص صوف ومعه محبرة ومقلمة وسكين وأقلام، وقيل: إنه دخل مع الصناع فحصل في الموضع وبقي أياما، فعطش، فخرج يطلب الماء، فظفر به وسئل عن حاله، فَقَالَ: ليس يجوز أن أخاطب غير صاحب هذه [2] الدار، فأخرج إلى أبي الحسن بْن الفرات، فَقَالَ: أنا أقوم مقام صاحب الدار، فَقَالَ: ليس يجوز غير خطابه فضرب فعدل إلى أن قَالَ: ندانم [3] ، ولزم هذه اللفظة، فضرب حتى مات، فأخرج، فصلب، ولطخ بالنفط، وضرب بالنار وأرجف الناس بأن ابن الفرات دسه ليوهم المقتدر أن نصر الحاجب أراد أن يحتال ليفتك به لأنهم أرادوا مصادرة نصر.
وفي هذه السنة: [4] ضعف أمر أبي الحسن ابن الفرات بعد قوته، وَكَانَ السبب أنه ورد الخبر في محرم هذه السنة بأن أبا طاهر بْن أبي سعيد الجنابي ورد إلى الهبير ليلتقي حاج [5] سنة إحدى عشرة وثلاثمائة في رجوعهم، وأوقع ببعض الحاج، ومضى بعضهم
__________
[1] في ل: «مجلس من دار الستر» .
[2] في ل، ص: «غير صاحب الدار» .
[3] «ندانم» : كلمة فارسية معناها لا أدري.
[4] في ص، ل، ك، والمطبوعة: «وفيها» .
[5] في ك: «ورد إلى الهبير لتلقي الحاج» .

(13/238)


على غير الطريق، فعارضهم أَبُو طاهر وقاتلهم يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة اثنتي عشرة، فقتل منهم قتلا مسرفا وأسر أَبَا الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان، وَكَانَ إلَيْهِ الكوفة وطريق مكة وبذرقة الحاج، وأسر معه جماعة من خدم السلطان وأسبابه [1] ، وأخذ جمال الحاج وسبى من اختار من النساء والرجال والصبيان، وسار بهم إلى هجر، وترك باقي الحاج في مواضعهم بلا جمال ولا زاد، وكانت سن أبي طاهر في ذلك الوقت سبع عشرة سنة، فمات أكثر الحاج بالعطش والحفاء، وحصل له ما حزر من الأموال ألف ألف دينار، ومن الأمتعة والطيب وغير ذلك بنحو ألف ألف، وَكَانَ جميع عسكره نحوا من ثماني مائة فارس، ومثلهم رجاله، فانقلبت بغداد، وخرجت النساء منشورات الشعور مسودات الوجوه يلطمن ويصرخن في الشوارع، وانضاف إليهن [2] حرم المنكوبين الذين نكبهم ابن الفرات، وكانت صورة شنيعة، فركب ابن الفرات إلى المقتدر وحدثه الحال، فَقَالَ له نصر الحاجب: الساعة تقول أي شيء الرأي؟ بعد أن زعزعت أركان الدولة وعرضتها للزوال بإبعادك مؤنس المظفر الذي يناضل الأعداء. ومن الذي أسلم رجال السلطان وأصحابه إلى القرمطي سواك؟ وأشار نصر على المقتدر بمكاتبة مؤنس بالتعجيل إلى الحضرة، فأمر أن يكتب إليه بذلك، ووثب العامة على ابن الفرات، فرجمت طيارته بالآجر، ورجمت داره، وصاحوا: يا ابن الفرات القرمطي الكبير، وامتنع الناس من الصلاة في الجوامع، ثم قبض على ابن الفرات وابنيه وأسبابه [3] ، وحمل إلى دار نازوك والعامة يضربونه بالآجر، ويقولون: قد قبض على القرمطي الكبير، وأخذ خطه بألفي ألف دينار، وَكَانَ ابنه المحسن يخرج في زي النساء، فغمز عليه فأخذ وكتب خطه بثلاثة آلاف ألف دينار، وقتل ابن الفرات وولده المحسن، ووزر أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد الخاقاني.
وورد كتاب من مُحَمَّد بْن عبد الله الفارقي [4] من البصرة يذكر أن كتاب أبي
__________
[1] «وأسبابه» : ساقطة من ص، ل.
[2] في ك: «وانضم إليهن» .
[3] في ت: «علي ابن الفرات وابنه وأنسابه» .
[4] في ت، ل، ص: «من محمد بن عبيد الله الفارخي» .

(13/239)


الهيجاء عبد الله بْن حمدان ورد عليه من هجر، وأنه كلم أبا طاهر في أمر من كَانَ استأسر من الحاج، وسأل إطلاقهم، وأنه أحصى من قتله، منهم فكانوا من الرجال ألفين ومائتين وعشرين [1] ، ومن النساء نحو خمسمائة امرأة، ووعد بإطلاقهم.
ثم وردت الأخبار بورود طائفة إلى البصرة إلى أن كَانَ آخر من أطلق منهم أَبُو الهيجاء في جماعة من أصحاب السلطان، وقدم معهم [2] رسول من أبي طاهر يسأل الإفراج له عن البصرة والأهواز فأنزل وأكرم وأقيمت له الأنزال الواسعة ولم يجب إلى ما التمس، وأنفق السلطان في خروج مؤنس إلى الكوفة، ثم إلى واسط ألف ألف دينار.
ومن الحوادث: أن نازوك جلس في مجلس الشرطة ببغداد، فأحضر له ثلاثة نفر من أصحاب الحلاج، وهم: حيدرة، والشعراني، وابن منصور فطالبهم بالرجوع عن مذهب الحلاج، فأبوا، فضرب أعناقهم، ثم صلبهم في الجانب الشرقي من بغداد، ووضع رءوسهم على سور السجن في الجانب الغربي.
وظهر بين الكوفة وبغداد رجل يدعي أنه مُحَمَّد بْن إسماعيل بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب [3] رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وجمع جمعا عظيما من الأعراب، واستفحل أمره في شوال، فأنفذ أَبُو الْقَاسِم الخاقاني حاجبه أَحْمَد بْن سعيد، وضم إليه خمسمائة رجل من الفرسان وألف راجل، وأمره بمحاربته، فظفر بجماعة من أصحابه وانهزم الباقون.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
2212- إبراهيم بْن خمش [4] ، أَبُو إسحاق الزاهد النيسابوري [5]
سمع مُحَمَّد بْن رافع وغيره، وَكَانَ يعظ الناس.
__________
[1] «ومائتين وعشرين» : ساقطة من ص، ل.
[2] «منهم» : ساقطة من ص، ل.
[3] «بن أبي طالب» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ص: «إبراهيم بن جمش» . وفي ل: «إبراهيم ابن حمش» . وفي البداية والنهاية: «إبراهيم بن خميس» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 151) .

(13/240)


أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بْن طَاهِرٍ، قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الحاكم، قَالَ: سمعت أبا منصور الصوفي ابن بنت إبراهيم، يقول: سمعت جدي، يقول:
يضحك القضاء من الحذر، ويضحك الأجل من الأمل، ويضحك التقدير من التدبير، وتضحك القسمة من الجهد والعناء [1] .
2213- إسحاق بْن بنان بْن معن، أَبُو مُحَمَّد [2] الأنماطي:
سمع الوليد بْن شجاع، وإسحاق بْن أبي إسرائيل، وكان ثقة.
توفي في هذه السنة.
2214- عبيد الله بن عبد الله [3] بن محمد، أبو العباس الصيرفي:
حدث عن عبد الأعلى بْن حماد. روى عنه عَلي بْن عمر السكري، وَكَانَ صدوقا. توفي في رجب هذه السنة.
2215- عمر بن عبد الله [4] بن عمر بْن عثمان، أَبُو الْقَاسِم المعروف بابن أبي حسان الزيادي:
سمع المفضل بْن غسان، روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي في هذه السنة، وقيل: في سنة أربع عشرة وثلاثمائة [5] .
2216- عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات، أَبُو الحسن [6] :
وزر مرارا للمقتدر، وملك أموالا كثيرة تزيد على عشرة آلاف ألف دينار، وبلغت غلته ألف ألف دينار [7] وأودع الأموال وجوه الناس، فلم يبق ببغداد قاض ولا عدل ولا تاجر مستور إلا ولابن الفرات عنده وديعة.
__________
[1] في ت: «وتضحك اللقمة من الجهد والعناء» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 390) .
[3] في ت: «عمر بن عبد الله» . خطأ.
[4] في ت: «عبيد الله بن عبد الله» خطأ.
[5] «عشرة وثلاثمائة» سقطت من ص.
[6] انظر ترجمته في: «البداية والنهاية 11/ 151، وابن خلكان 1/ 372. والأعلام 4/ 324) .
[7] «وبلغت غلته ألف ألف دينار» ساقطة من ل، ص.

(13/241)


أنبأنا محمد بن أبي طاهر، قَالَ: أنبأنا علي/ بْن المحسن، عن أبيه، قال:
حدثني أَبُو الحسين عبد الله بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي: ان رجلا دامت عطلته، فزور كتبا عن عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات وهو وزير إلى أبي زنبور عامل مصر [1] ، وخرج إليه فلقيه بها فأنكرها [أَبُو زنبور] [2] لإفراط التأكيد فيها، واستراب بالخطاب، فوصل الرجل بصلة يسيرة وأمر له بجراية، وَقَالَ: تأخذها إلى أن أنظر في أمرك، وأنفذ الكتب إلى ابن الفرات، وَكَانَ فيها: إن للرجل حرمة وكيدة بالوزير وخدمة قديمة، فوصلت الكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات وأصحابه بين يديه فعرفهم ذلك، وَقَالَ: ما الرأي؟ فقال بعضهم: تقطع يده للتزوير على الوزير وَقَالَ بعضهم: يقطع إبهامه، وَقَالَ بعضهم:
يضرب ويحبس، وَقَالَ بعضهم: يكشف أمره لأبي زنبور حتى يطرده، فَقَالَ ابن الفرات:
ما أبعد طباعكم عن الجميل! رجل توسل بنا وتحمل المشقة إلى مصر بجاهنا ولعله كَانَ لا يصل إلينا فيأخذ كتبنا، فخفف عنا بأن كتب لنفسه يكون حظه الخيبة؟ ثم كتب على الكتاب المزور إلى أبي زنبور [3] هذا كتابي ولا أعلم لأي سبب أنكرته، ولا لأي سبب استربت به، وحرمة صاحبه بي وكيدة، وسببه عندي أقوى مما تظن، فأجزل عطيته وتابع بره. فلما كَانَ بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة، فأقبل يدعو له ويبكى ويقبل الأرض بين يديه وابن الفرات لا يعرفه، ويقول: بارك الله عليك مالك. فقال: أنا صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الذي حققه بفضل الوزير فعل الله به وصنع، فضحك ابن الفرات وَقَالَ: فبكم وصلك؟ فقال: وصل إلي من ماله وبتقسيط قسطه لي وبتصرف صرفني [4] عشرون ألف دينار، فَقَالَ: الزمنا فانّا ننفعك بأضعافه [5] .
واستخدامه فأكسبه مالا عظيما.
قَالَ: ابن عياش: وَكَانَ أول ما انحل من نظام سياسة الملك فيما شاهدناه
__________
[1] على هامش المطبوعة: «هو الحسين بن أحمد المادرائي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «إلى أبي زنبور» : ساقطة من ص، ل.
[4] «وبتقسيط قسطه لي، وبتصرف صرفني» : ساقطة من ك.
[5] في ك: «الزمنا فإنا ننفعك بأضعافها» .

(13/242)


القضاء، فإن ابن الفرات وضع منه وأدخل فيه أقواما لا علم لهم ولا أبوة، فما مضت إلا سنوات حتى ابتدأت الوزارة تتضع ويتقلدها [1] من ليس باهل، حتى بلغت سنة نيف وثلاثين وثلاثمائة إلى أن تقلد وزارة المتقي أبو العباس الأصبهاني الكاتب، وكان في غاية سقوط المروءة والرقاعة، ولقد رأيت قردا معلما يقول له القراد: أتحب أن تكون بزازا؟
فيقول: نعم، ويومي برأسه، فيقول: تشتهي أن تكون عطارا؟ فيومي برأسه نعم، إلى أن يقول: [2] أتشتهي أن تكون وزيرا؟ فيومي برأسه لا، فيضحك الناس، وَكَانَ أول ما وضع من القضاء أنه قلده أبا أمية الأحوص البصري، فإنه كَانَ بزازًا فاستتر ابن الفرات عنده وخرج من داره إلى الوزارة فولاه القضاء، وجرت الحال على ما ذكرنا في ترجمة الأحوص سنة ثلاثمائة.
وقد ذكرنا كيف اتضع ابن الفرات، وكيف أخذ وحبس وقتل في حوادث هذه السنة فلا نعيده.
أنبأنا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، عن أبي الْقَاسِم التنوخي، عن أبيه، قَالَ: أخبرني بعض الكتاب، قَالَ: كَانَ ابن الفرات قد صودر على ألف ألف دينار وستمائة ألف دينار، فأدى جميعها في مدة ستة عشر شهرا من وقت أن قبض عليه.
أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ [الْبَزَّازُ] [3] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو مُحَمَّد، قَالَ: حدثني بعض شيوخ الكتاب ببغداد عمن حدثه أنه سمع أبا الحسن ابن الفرات يقول لأبي جعفر بْن بسطام: ويحك يا أبا جعفر، لك قصة في رغيف، فَقَالَ: إن أمي كانت عجوزا صالحة عودتني منذ ولدتني أن تجعل تحت مخدتي التي أنام عليها في كل ليلة رغيفا فيه رطل، فإذا كَانَ من غد تصدقت به عني فأنا أفعل ذلك إلى الآن، فَقَالَ ابن الفرات: ما سمعت بأعجب من هذا، أعلم أني من أسوأ الناس رأيا فيك لأمور أوجبت ذلك، وأنا مفكر منذ أيام في
__________
[1] في ص: «الوزارة تتضعضع ويتقلدها» .
وفي ك: «الوزارة تتضع وتلقدها» .
[2] «فيقول: تشتهي ... إلى أن يقول» : العبارة ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/243)


القبض عليك وفي مطالبتك بمال، فأرى منذ ثلاث ليال في منامي كأنني استدعيك لأقبض عليك فتحاربني وتمتنع مني، فأتقدم لمحاربتك فتخرج إلي من يحاربك وبيدك رغيف كالترس فتتقي به السهام ولا يصل أليك منها شيء، وأشهد الله أني قد وهبت للَّه عز وجل [1] ما في نفسي عليك، وأن رأيي لك أجمل رأى من الآن فانبسط.
2217- فاطمة بنت عبد الرحمن بْن أبي صالح [2] الحراني:
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أحمد بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي، حَدَّثَنَا عَلي بْن أبي سعيد المصري، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ:
فاطمة بنت عبد الرحمن بْن عبد الغفار الربعي، تكنى أم مُحَمَّد، مولدها ببغداد، وقدم بها إلى مصر وهي حدثة. سمعت من أبيها عبد الرحمن وطال عمرها حتى جاوزت الثمانين، وكانت تعرف بالصوفية لأنها أقامت تلبس الصوف ولا تنام إلا في مصلاها بلا وطاء فوق ستين سنة. سمع منها ابن أخيها عبد الرحمن بْن الْقَاسِم بْن عبد الرحمن.
توفيت في هذه السنة.
2218- محمد بن إسحاق بن عبد الملك الهاشمي الخطيب [3] :
كان يصلي صلاة الجمعة [4] في المسجد الجامع بدار الخلافة، وصلاة الأعياد في المصلى، وتوفي يوم السبت لست خلون من ذي الحجة من هذه السنة.
2219- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سليمان بْن الحارث بْن عبد الرحمن، أَبُو بكر الأزدي الواسطي، المعروف بالباغندي [5] :
سمع مُحَمَّد بْن [6] عبد الله بْن نمير، وأبا بكر وعثمان ابني شيبة، وشيبان بن
__________
[1] «للَّه عز وجل» : ساقطة من ص، ل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 14/ 441) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 248) .
[4] في المطبوعة: «كان يلي صلاة الجمعة» .
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 152، وتاريخ بغداد 3/ 209- 213، ووفيات الأعيان 1/ 218، والكنز المدفون للسيوطي 143، والأعلام 7/ 19، وميزان الاعتدال 4/ 26، 27، وشذرات الذهب 2/ 265) .
[6] «محمد بن» : ساقط من ك، ص، ل.

(13/244)


فروخ، وعلي بْن المديني، وخلقا كثيرا من أهل الشام ومصر والكوفة والبصرة وبغداد.
ورحل في طلب الحديث إلى الأمصار البعيدة، وعني به العناية العظيمة، وأخذ عن الحفاظ والأئمة، وَكَانَ حافظا فهما، كَانَ يقول: أنا أجيب في ثلاثمائة ألف مسألة في حَدِيث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وسكن بغداد فحدث بها، فروى عنه المحاملي، وابن مخلد، وأبو بكر الشافعي، ودعلج، وابن الصواف، وابن المظفر، وابن حيويه، وابن شاهين، وخلق كثير [1] .
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت [الخطيب] [2] ، قَالَ: سمعت هبة الله بْن الحسن الطبري يذكر: أن الباغندي كَانَ يسرد الحديث من حفظه مثل تلاوة القرآن، وَكَانَ يقول: حَدَّثَنَا فلان قَالَ حَدَّثَنَا فلان، وحدثنا فلان وهو يحرك رأسه [3] حتى تسقط عمامته.
أخبرنا عبد الرحمن [الْقَزَّازُ] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن ثَابِت [الخطيب] [4] ، قَالَ: حدثني العتيقي، قَالَ: سمعت عمر بْن أَحْمَد الواعظ، يقول: قام أَبُو بكر الباغندي يصلي فكبر، ثم قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سليمان لوين، فسبحنا به فَقَالَ: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد للَّه رب العالمين.
قَالَ: المؤلف: [5]] وقد أنبأنا بمثل هذه الحكاية مُحَمَّد بْن عبد الملك بْن خيرون، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْمُهْتَدِي، عَنْ أبي جعفر بْن شاهين، قال: صليت
__________
[1] قال الذهبي في الميزان: «كان مدلسا وفيه شيء» . قال ابن عدي: «أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب» . قال الإسماعيلي: «لا أتهمه ولكنه خبيث التدليس ومصحف أيضا» .
قال الدارقطنيّ: «مخلط مدلس، يكتب عن بعض أصحابه، ثم يسقط بينه وبين شيخه ثلاثة، وهو كثير الخطأ» .
قال ابن عدي بسند إلى إبراهيم الأصبهاني: «أبو بكر الباغندي كذاب» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص: «أحمد الخطيب» .
[3] في ص: وهو يحك رأسه» .
[4] في ك، ل: «أخبرنا عبد الرحمن، أنبأنا ابن ثابت» وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/245)


خلف مُحَمَّد بْن سليمان الباغندي، فافتتح الصلاة ثم قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سليمان لوين، فقيل له: سبحان الله، فَقَالَ أنبأنا شيبان بْن فروخ [الأبلي] [1] فقالوا: سبحان الله، فَقَالَ بسم الله الرحمن الرحيم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ مُحَمَّدٍ] [2] ، أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بن علي] [3] بن ثَابِتٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّد عبد الله بْن عَلي بْن عياض، القاضي، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن جميع، حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن شجاع، قَالَ كنا عند إبراهيم بْن موسى الجوزي ببغداد، وَكَانَ عنده الباغندي ينتقي عليه، فَقَالَ له إبراهيم بْن موسى: هو ذا تسخر بي، أنت أكثر حديثا مني وأعرف وأحفظ للحديث، فَقَالَ له: قد حبب إلى هذا الحديث، بحسبك أني رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم في النوم، فلم أقل له: ادع الله لي، بل قلت له: يا رَسُول اللَّهِ أيما أثبت في الحديث منصور أو الاعمش؟ فَقَالَ لي: منصور، منصور.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الخطيب، قَالَ: لم يثبت من أمر الباغندي ما يعاب به سوى التدليس، فرأيت كافه شيوخنا يحتجون بحديثه ويخرجونه في الصحيح. وَقَالَ الدارقطني: الباغندي كثير التدليس يحدث بما لم يسمع وربما سرق.
وتوفي يوم الجمعة، ودفن يوم السبت لعشر بقين من ذي الحجة من هذه السنة، وقد قيل سنة ثلاث عشرة، والأول أصح [4] .
__________
[1] في ت: «سمعت محمد بن سليمان» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] «وقد قيل ... والأول أصح» : العبارة ساقطة من ص.

(13/246)


ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث/ فيها:
أن بني هاشم ضجوا في الطرقات لتأخر أرزاقهم عنهم، وذلك لثمان من المحرم.
ولليلة بقيت من المحرم انقض كوكب قبل مغيب الشمس من ناحية الجنوب إلى ناحية الشمال، فأضاءت الدنيا منه إضاءة شديدة، وَكَانَ له صوت كصوت الرعد الشديد.
ولم يزل أَبُو الْقَاسِم الخاتاني في أيام وزارته يبحث عمن يدعي عليه من أهل بغداد أنه يكاتب القرمطي ويتدين الإسماعيلية إلى أن تظاهرت عنده الأخبار، بأن رجلا يعرف بالكعكي ينزل في الجانب الغربي رئيس للرافضة، وأنه من الدعاة إلى مذهب القرامطة، فتقدم إلى نازوك بالقبض عليه، فمضى ليقبض عليه فتسلق من الحيطان وهرب، ووقع برجل في داره كَانَ خليفته [1] ، ووجد في الدار رجالا يجرون مجرى المتعلمين، فضرب الرجل ثلاثمائة سوط وشهره على جمل، ونودي عليه هذا جزاء من يشتم أبا بكر وعمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وحبس الباقين.
وعرف المقتدر أن الرافضة تجتمع في مسجد براثا فتشتم الصحابة، فوجه نازوك للقبض على من فيه، وَكَانَ ذلك في يوم الجمعة لست بقين من صفر، فوجدوا فيه ثلاثين
__________
[1] في ك: «في داره كأنه خليفته» .

(13/247)


إنسانا يصلون وقت الجمعة، ويعلنون البراءة ممن يأتم بالمقتدر، فقبض عليهم، وفتشوا فوجدوا معهم [1] خواتيم من طين أبيض. يختمها لهم الكعكي عليها: «مُحَمَّد بْن إسماعيل الإمام المهدي ولي الله» فأخذوا وحبسوا [2] وتجرد الخاقاني لهدم مسجد براثا، وأحضر رقعة فيها فتوى جماعة [3] من الفقهاء أنه مسجد ضرار وكفر وتفريق بين المؤمنين [4] وذكر أنه إن لم يهدم كَانَ مأوى الدعاة والقرامطة، فأمر المقتدر [بهدمه] [5] فهدمه نازوك، وأمر الخاقاني بتصييره مقبرة ندفن فيه عدة من الموتى، وأحرق باقيه [6] وكتب الجهال من العوام على نخل كَانَ فيه هذا مما أمر معاوية بْن أبي سفيان بقبضه على عَلي بْن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [7] .
وفى يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر [8] خرج مفلح الأسود لإيقاع الفداء ببلاد الروم، فتم الفداء لخمس بقين من رجب.
وَكَانَ الحاج قد خرجوا من بغداد في ذي القعدة، فخرج جعفر [بْن] [9] ورقاء وهو والي طريق مكة والكوفة، فتقدم الحاج خوفا من أبي طاهر الجنابي، وَكَانَ معه ألف فارس [10] من بني شيبان، فلقي جعفر بْن ورقاء بزبالة فناوشه قليلا واضطرب الناس ورجعوا إلى الكوفة، وتبع أَبُو طاهر القوافل ورجال السلطان حتى صار إلى القادسية، فخرج إليه أهلها وسألوه أن يؤمنهم فأمنهم، ثم رحل إلى الكوفة، وخرج إليه أهل الكوفة [11] ، وأصحاب السلطان فحاربوه فغلبهم، وأقام بظاهر الكوفة سبعة أيام [12] يدخل
__________
[1] في ل: «وفتشوا فوجد معهم» .
[2] في ل: «فوجد وحبس» .
[3] «جماعة» : ساقطة من ص، ل.
[4] في ص، ل: «وتفريق بين المسلمين» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك: «وأحرق ما فيه» .
[7] في ك: «بقبصه عن علي نجل أبي طالب» .
[8] في ك: «بقيت من ربيع الأول» .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ك: «وكان معه ألفا فارس» .
[11] «أن يؤمنهم ... إليه أهل الكوفة» : العبارة ساقطة من ص.
[12] في ت، ك: «ستة أيام» .

(13/248)


البلد بالنهار، ويخرج بالليل، فيبيت في معسكره ويحمل ما قدر عليه فحمل من الوشي [1] أربعة آلاف ثوب، ومن الزيت ثلاثمائة راوية، ومن الحديد [شيء كثير] [2] ثم رحل إلى بلده، فدخل جعفر بْن ورقاء ومن معه [3] إلى بغداد، فتقدم المقتدر إلى مؤنس بالخروج لمحاربة أبي طاهر، واضطرب أهل بغداد اضطرابا شديدا انتقل أكثر من في الجانب الغربي إلى الشرقي.
ولم يحج في هذه السنة أحد من أهل بغداد، ولا من [أهل] خراسان [4] .
وَكَانَ أَبُو العباس أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن الخصيب قد استخرج مالا كثيرا من زوجة المحسن ولد ابن الفرات، فصارت له بذلك مرتبة عند المقتدر، فأرجف بوزارته فقدح فيه الخاقاني [وكتب هو يقدح في الخاقاني، فآل الأمر إلى أن صرف الخاقاني [5]] وكانت مدة وزارته سنة وستة أشهر ويومين وأحضر المقتدر الخصيبي [6] ، فقلد الوزارة وخلع عليه.
وكثر الرطب في هذه السنة ببغداد حتى بيع كل ثمانية [7] أرطال بحبة، وعمل منه تمر، وحمل إلى البصرة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2220- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أيوب بْن بشير، أَبُو الْقَاسِم الصائغ:
حدث عن مُحَمَّد بْن حسان الأزرق، وإسحاق بْن إبراهيم البغوي، وإبراهيم
__________
[1] في ت: «عليه فأخذ من الوشي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «ومن معه» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.
[6] في ت، ك: «واستحضر المقتدر الخصيبي» .
[7] في ت: «حتى بلغ كل ثمانية» .

(13/249)


الحربي، وغيرهم وروى عن ابن قتيبة مصنفاته، وَكَانَ ثقة [ثبتا] [1] .
وتوفي في هذه السنة.
2221- إبراهيم بْن نجيح بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن الحسين، أَبُو الْقَاسِم [2] الكوفي:
نزل بغداد، وحدث بها عن أبيه، وعن مُحَمَّد بْن إسحاق البكائي وروى عنه مُحَمَّد بْن المظفر. وتوفي ببغداد، وجيء به إلى الكوفة، فدفن بها في هذه السنة.
2222- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عبد الله بْن شعبة، أَبُو عَلي الأنصاري [3] :
سمع حوثرة بْن مُحَمَّد وغيره، روى عنه ابن شاهين، وكان ثقة.
وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2223- سعيد بْن سعدان، أَبُو الْقَاسِم الكاتب [4] :
سمع من جماعة، وروى عنه ابن المظفر الحافظ، وَكَانَ صدوقا.
وتوفي في المحرم هذه السنة.
2224- عُبَيْد اللَّهِ بن محمد [5] ابن عبد الله بْن سعيد بْن المغيرة بْن عَمْرو بْن عثمان بْن عفان، أَبُو عمرو العثماني [6] .
سمع ابن المديني، روى عنه ابن المظفر، وابن حيويه. وَكَانَ صدوقا.
وتوفي فِي [7] ربيع الأول من هذه السنة.
2225- عثمان بْن سهل بن مخلد البزاز [8] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 198) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 415) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 103) .
[5] في ك، ل: «عبد الله بن محمد» .
[6] في ت: «أبو عثمان العثماني» . خطأ.
[7] العبارة: «المحرم هذه السنة ... وتوفي في» . ساقطة من ص.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 294) .

(13/250)


حدث عن الحسن الزعفراني، روى عنه أَبُو عمر ابن حيويه، وَكَانَ ثقة توفي في رمضان هذه السنة.
2226- عَلي بْن عبد الحميد بْن عبد الله بْن سليمان، أَبُو الحسن الغضائري [1] :
حدث عن عُبَيْد اللَّهِ القواريري، وعباس العنبري، وجماعة. وَكَانَ ثقة، ومات في شوال هذه السنة.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، حَدَّثَنَا أَبُو طالب يحيى بْن عليّ الدسكري، أَخْبَرَنَا أبو بكر ابن المقرئ، قَالَ: سمعت عَلي بْن عبد الحميد الغضائري، يقول: سمعت السري السقطي ودققت عليه الباب، فقام إلى عضادتي الباب، فسمعته يقول: اللَّهمّ اشغل من يشغلني عنك بك، قَالَ ابن المقرئ:
وزادني بعض أصحابنا عليه أنه قَالَ: وَكَانَ من بركة دعائه أني حججت أربعين حجة على رجلي من حلب ذاهبا وراجعا.
2227- عَلي بْن مُحَمَّد بْن بشار، أَبُو الحسن [2] :
حدث عن صالح بْن أَحْمَد بْن حنبل، وأبي بكر المروزي، وَكَانَ من كبار الصالحين وأهل الكرامات.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن محمد، قال: أخبرنا أحمد [بن علي] [3] بن ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل عبد الصمد بْن مُحَمَّد الخطيب، [قَالَ:] [4] حَدَّثَنَا الحسن بْن الحسين بْن حمكان، قَالَ: سمعت أبا الحسن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن مقسم، يقول:
سمعت أبا الحسن بْن بشار، يقول: وَكَانَ إذا أراد أن يخبر عن نفسه شيئا، قَالَ: أعرف رجلا حاله كذا وكذا، فَقَالَ ذات يوم: أعرف رجلا منذ ثلاثين سنة يشتهي أن يشتهي ليترك ما يشتهي فما يجد شيئا يشتهي.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 29، وشذرات الذهب 2/ 266 وفيه: «نسبة إلى الغضار وهو الإناء الّذي يؤكل فيه» ) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 66، وشذرات الذهب 2/ 267) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/251)


حَدَّثَنَا أَبُو بكر العامري، [قَالَ:] [1] أنبأنا أَبُو سعد بْن أبي صادق، قَالَ: أنبأنا ابن باكويه، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسن المقرئ، يقول: سمعت أبا الْحَسَن عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن بشار، يقول [2] : منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمة أحتاج أن أعتذر منها.
توفي ليلة الخميس [3] لسبع خلون من ربيع الأول من هذه السنة، فحضره الأمراء والوزراء، ودفن يوم الخميس بمشرعة الساج من الجانب الغربي ببغداد، وقبره اليوم ظاهر يتبرك به.
2228- مُحَمَّد بْن إسحاق بْن إبراهيم بْن مهران بْن عبد الله، أَبُو العباس السراج [4] :
مولى ثقيف، ولد في سنة ثماني عشرة ومائتين، وسمع قتيبة، وإسحاق بْن راهويه، وخلقا كثيرا من أهل خراسان وبغداد والكوفة والبصرة والحجاز، روى عنه البخاري، ومسلم، وابن أبي الدنيا وَكَانَ من المكثرين الثقات، وعني بالحديث، وصنف كتبا كثيرة.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو العلاء الواسطي، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جعفر التميمي، قَالَ: سمعت أبا حامد أَحْمَد بْن مُحَمَّد الفقيه، يقول: سمعت أبا العباس بْن السراج، يقول [يوما لبعض من حضر وأشار إلى كتب عَلَى منضدة عنده، فَقَالَ:] [5] هذه سبعون ألف مسألة لمالك، ما نفضت التراب عنها منذ كتبتها.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] [6]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «حدثنا أبو بكر العامري ... محمد بن بشار يقول» : العبارة ساقطة من ص.
[3] في تاريخ بغداد: «توفي يوم الجمعة» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 248، وتذكرة الحفاظ 2/ 168، الرسالة المستطرفة 56، والأعلام 6/ 29، وشذرات الذهب 2/ 268) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/252)


الخطيب، قَالَ: [أَخْبَرَنَا أَبُو طالب مكي بْن عَلي، حَدَّثَنَا إبراهيم بْن مُحَمَّد المزكي، قَالَ: كَانَ أَبُو العباس السراج مجاب الدعوة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن أخبرنا أحمد بن علي أخبرنا] [1] أَبُو بكر الخوارزمي، قَالَ:
سمعت أبا العباس ابن حمدان [2] ، [يقول:] [3] سمعت مُحَمَّد بْن إسحاق السراج، [يقول:] [4] رأيت في المنام كأني أرقى في سلم طويل، فصعدت تسعا وتسعين مرقاة، فكل من قصصت عليه ذلك يقول لي تعيش تسعا وتسعين [سنة.
قَالَ ابن حمدان: وَكَانَ ذلك عمر السراج تسعا وتسعين [5] سنة] ثم مات.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي [أَبُو بكر الخطيب] [6] قَالَ:
قرأت على قبر السراج بنيسابور في لوح عند رأسه هذا قبر أبي العباس مُحَمَّد بْن إسحاق السراج. مات في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.
أَخْبَرَنَا زاهر بْن طاهر، قَالَ [7] : أنبأنا أَحْمَد بْن الحسين البيهقي، أَخْبَرَنَا الحاكم أَبُو عَبْد اللَّه، قَالَ: سمعت أبا عمر/ بْن أبي العباس السراج، يقول: ولدت وأبي ابن ثلاث وثمانين سنة، وتوفي أبي وأنا ابن ثلاث عشرة سنة [8] ، وكنت إذا دخلت مسجد أبي يقول للناس: عملت هذا بعد ثمانين سنة في ليلة.
2229- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الحسن بْن خراش، أَبُو الحسين [9] :
حدث عن بشر بْن الوليد، ومحمود بْن غيلان، والوليد بْن شجاع وغيرهم. وكان
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] العبارة: «السراج يقول يوما ... سمعت أبا العباس» . ساقطة من ك.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ص، ل: «أخبرنا أبو بكر الخطيب» . ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في المطبوعة: «زاهر بن طاهر إذنا» .
[8] على هامش المطبوعة: «يقتضي هذا أن والده صاحب الترجمة عمر 96 سنة، وهو مخالف ما تقدم من أنه عمر 99 والله أعلم» .
[9] في ت: «أبو الحسن» .

(13/253)


البغوي سيء الرأي فيه، وتوفي في رجب هذه السنة.
2230- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن المؤمل [1] بْن أبان بْن [2] تمام، أَبُو عبيد الصيرفي [3] :
سمع أباه، والقاسم بن هشام في آخرين وروى عنه ابن حيويه وغيره.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْن علي بْن ثابت، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر البرقاني، حَدَّثَنَا عمر بْن بشران، قَالَ: أَبُو عبيد بن المؤمل كان ثقة يفهم، قَالَ ابن شافع: توفي أَبُو عبيد في هذه السنة، وقيل في سنة ثنتي عشرة، والأول أصح.
2231- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن هشام، أَبُو نصر الطالقاني [4] :
سمع إبراهيم بْن هانئ، والفتح بْن شخرف. روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ ثقة، وربما سماه بعض الرواة أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هشام، وتوفي في هذه السنة.
2232- مُحَمَّد بْن إبراهيم، أَبُو جعفر الأطروش البرتي الكاتب:
سمع أبا عمر الدوري، ويحيى بْن أكثم القاضي وغيرهما. وروى عنه أَبُو بكر الجعابي وغيره أحاديث مستقيمة. وتوفي لثلاث عشرة بقيت من [شهر] [5] رمضان هذه السنة.
2233- مُحَمَّد بْن جمعة بْن خلف، أَبُو قريش القهستاني [6] :
كَانَ كثير السماع والرحلة، صنف وجمع، وَكَانَ ضابطا متقنا حافظا، وروى عن خلق كثير. روى عنه ابن مخلد، وأبو بكر الشافعي. وتوفي بقهستان في هذه السنة.
__________
[1] في ت: «محمد بن أحمد بن المؤيد» .
[2] أبان بن» . ساقطة من ك.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 36) .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 371) .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «محمد بن جعفر بن خلف» خطأ.
وانظر ترجمته في: «شذرات الذهب 2/ 268، وفيه: «أبو قريش محمد بن جمعة بن خلف القهستاني الأصم الحافظ المتقن الرحال صاحب المسندين على الرجال وعلى الأبواب» ) .

(13/254)


ثم دخلت سنة اربع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن الروم دخلت في صفر إلى ملطية فأخربوا وسبوا وأقاموا فيها أياما كثيرة، فوصل أهل ملطية إلى بغداد في جمادى الآخرة [1] مستغيثين من الروم.
وفى ليلة الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الأولى: وقع حريق في نهر طابق فاحترق فيه ألف دار وألف دكان [2] .
وفى هذا الشهر: قرئت الكتب على المنابر بموت الدمستق.
وفى رجب: وقع حريق في دار السلطان فاحترقت دور الأمراء.
وفى يوم الأحد لأربع خلون من شعبان: ورد كتاب من مكة يذكرون خروج أهل مكة منها ونقلهم حرمهم وأموالهم خوفا من القرمطي لاتصال الخبر بقربه منهم.
وورد الخبر بأن ريحا عظيمة هبت في رمضان بنصيبين حتى قلعت الشجرة وهدمت المنازل.
وفى يوم الأحد لثمان خلون من شوال وهو اليوم السابع من كانون: سقط ببغداد ثلج كثير [3] ، وقبل هذا اليوم بستة أيام برد الهواء بردا شديدا، ثم زاد شدة بعد سقوط
__________
[1] في ك: «في جمادى الاولى» .
[2] في ص، ل: «فيه ألف دار ودكان» .
[3] «وفي يوم الأحد ... ببغداد ثلج كثير» : العبارة ساقطة من ص، ل.

(13/255)


الثلج، وأفرط في الشدة جدا حتى تلف أكثر نخل بغداد وسوادها وجف، وتلف شجر الأترج والتين والسدر، وجمد الشراب والماورد والخل، وجمدت [الخلجان الكبار من دجلة ببغداد، وجمد أكثر الفرات بنواحي الرقة وجمدت] [1] دجلة بأسرها بالموصل حتى عبرت الدواب عليها وحتى جلس المعروف بأبي زكرة المحدث في وسط دجلة على الجمد، وكتب عنه الحديث، ثم انكسر البرد بريح جنوب ومطر غزير.
وقدم الحاج من خراسان في شوال، فأحضرهم مؤنس المظفر وعرفهم شغل السلطان بأمر القرمطي عن إنفاذ من يبذرق الحاج، فانصرفوا ولم يتهيأ حج من طريق العراق لخوف القرامطة.
وفى ذي القعدة: بعث المقتدر باللَّه نازوك فقبض [2] على أبي العباس الخصيبي، وعلى ابنه أبي الحسين، وكاتبه إسرائيل بْن عيسى، وكانت مدة وزارته سنة وشهرين، واستدعى المقتدر أبا الْقَاسِم عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الكلواذي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة وأوصله إلى حضرته، وأعلمه أنه قد قلد أبا الحسن عَلي بْن عيسى [الوزارة، وأنه قد استخلفه إلى أن يقدم، وتقدم إلى سلامة الطولوني بالنفوذ في البرية إلى دمشق ليحضر عَلي بْن عيسى] [3] ، فسار عَلي بْن عيسى من دمشق إلى منبج، ثم انحدر في الفرات إلى بغداد.
وانعزل في هذه السنة أَبُو جعفر بْن البهلول القاضي عن القضاء، فقيل له: لم فعلت؟ قَالَ: أريد أن يكون بين الصدر والقبر فرجة، ومات بعد سنتين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2234- أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن هارون، أَبُو عبد الله الجسري:
كَانَ ثقة يحفظ، وحدث بمصر، وتوفي بها [4] في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[2] في ك: «بعث المقتدر نازوك ليقبض» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[4] في ص، ل: «وتوفي في هذه السنة» .

(13/256)


2235- إسحاق بْن إبراهيم بْن الخليل، أَبُو يعقوب الجلاب [1] :
سمع أبا بكر، وعثمان ابني أبي شيبة. روى عنه ابن شاهين. وَكَانَ ثقة.
وتوفي غرة شعبان في هذه السنة، وصلى عليه أَبُو عمر القاضي.
2236- ثَابِت بْن حزم بْن عبد الرحمن بْن مطرف بْن سليمان بْن يحيى، أَبُو الْقَاسِم العوفي [2] :
من أهل سرقسطة، ينسب إلى عوف بْن غطفان، وهو عوف بْن سعد بْن ذبيان، وقوم ينسبون عوفا إلى قريش، ويذكر العوفي نسبه إلى رهط عطية العوفي من بني سعد بْن بكر، وهم حضنة رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَحَلَ ثَابِت، وطلب العلم، وتولى قضاء سرقسطة. وتوفي بالأندلس في هذه السنة.
2237- الحسن بْن صاحب، بْن حميد، أبو علي الشاسي [3] .
أحد الرحالين كتب ببلاد خراسان والجبال والعراق والحجاز والشام، وقدم بغداد في سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، فحدث بها عن عَلي بْن خشرم، وإسحاق بْن منصور، وأبي زرعة وغيرهم. روى عنه أَبُو بكر الجعابي، وابن المظفر. وَكَانَ ثقة.
توفي بالشاش في هذه السنة.
2238- سعيد النوبي:
صاحب باب النوبي من دار السلطان، توفي في صفر، وأقيم مكانه أخوه فضل [4] .
2239- العباس بْن يُوسُف، أَبُو الفضل الشكلي:
حدث عن سري السقطي. روى عنه ابن شاهين. وَكَانَ صالحا متنسكا، توفي في شهر رجب من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 392) .
[2] في ص: «أبو إسحاق العوفيّ» .
وانظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 3/ 81، والأعلام 2/ 97، والرسالة المستطرفة، وشذرات الذهب 2/ 266 وقال: «ثابت بن حزم السرقسطي اللغوي العلامة» ) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 333) .
[4] في ت: «أخوه يوسف» . و «فضل» : ساقطة من ص، ل.

(13/257)


2240- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن زياد بْن عبد الله، أَبُو عَبْد اللَّه الطيالسي الرازي [1] :
كَانَ جوالا، وحدث ببغداد ومصر وطرسوس، وسكن قرميسين، وعمر طويلا، وَكَانَ يحدث عن يحيى بْن معين، وعُبَيْد اللَّهِ بْن عمر القواريري، وخلق كثير. روى عنه ابن صاعد، والجعابي، وجعفر الخلدي، وغيرهم.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثَابِتٍ، قَالَ: قرأت في كتاب الدارقطني بخطه: مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن زياد متروك. وفى موضع آخر: ضعيف، وسألت عنه البرقاني، فَقَالَ: بئس الرجل.
2241- مُحَمَّد بْن جعفر بْن بكر بْن إبراهيم، أَبُو الحسين [2] البزاز:
ويعرف بابن الخوارزمي، سمع عثمان بْن أبي شيبة [3] ، وأحمد بْن إبراهيم الدورقي، وعمرو بْن عَلي، وغيرهم. روى عنه ابن شاهين، وغيره.
وتوفي في هذه السنة.
2242- مُحَمَّد بْن حسن، أَبُو بكر الضرير الواعظ:
قَالَ أَبُو سعيد بْن يونس: هو بغدادي قدم البصرة، وَكَانَ من حفاظ القرآن، حسن الصوت، وَكَانَ يقعد في الجامع ويقرأ بالألحان، ويقع كلامه في القلوب، وَكَانَ كريما.
توفي بمصر في هذه السنة.
2243- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عبد الله الباهلي [4] :
بغدادي حدث عن أبي عمر الدوري [5] ، وأحمد الدورقي وغيرهما، وكان ثقة ثبتا
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 404، وشذرات الذهب 2/ 268، وفيه نقلا عن المغني:» ضعفه أبو أحمد الحاكم» ) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 134) .
[3] في ك: «عمر بن أبي شيبة» . وفي ص: «عمر بن شبة» .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 269، وفيه: «محمد بن محمد بن النفاخ بن بدر الباهلي، أبو الحسن، بغدادي حافظ خير متعفف» ) .
[5] في ص، ل، ت: «أبي عمر الدورقي» .

(13/258)


متزهدا [1] من أهل الصيانة.
وتوفي بمصر فِي ربيع الآخر من هَذِهِ السنة.
2244- نصر [بن الْقَاسِم بْن نصر] [2] بْن زيد، أَبُو الليث الفرائضي [3] :
سمع عُبَيْد اللَّهِ بْن عمر القواريري. روى عنه ابن شاهين وَكَانَ ثقة عالما بالفرائض، فقيها على مذهب أبي حنيفة، مقرئا جليلا.
توفي في هذه السنة.
__________
[1] «متزهدا» : ساقطة من ص، ل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 13/ 395، وشذرات الذهب 2/ 269، وقال: «نصر بن القاسم أبو الليث البغدادي» ) .

(13/259)


ثم دخلت سنة خمس عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن عَلي بْن عيسى قدم وقد جعل وزيرا، فخرج الناس لتلقيه في أول صفر، فمنهم من لقيه بالأنبار، ومنهم من لقيه [1] دونها، فلما وصل دخل إلى المقتدر باللَّه فخاطبه بأجمل خطاب، وانصرف إلى منزله، فبعث إليه المقتدر بكسوة فاخرة وفرش وعشرين ألف دينار، وخلع عليه في غداة غد لسبع خلون من صفر، فلما خلع عليه أنشد:
ما الناس إلا مع الدنيا وصاحبها/ ... فكيف ما انقلبت يوما به انقلبوا
يعظمون أخا الدنيا فإن وثبت ... يوما عليه بما لا يشتهي وثبوا
وفى يوم الأحد لثمان خلون من ربيع الأول: انقض كوكب عظيم له ضوء شديد على ساعتين بقيتا من النهار.
وفى يوم الخميس لأربع خلون من ربيع الآخر: خلع على مؤنس للخروج إلى الثغر [2] ، لأن الكتاب ورد من عامل الثغور بأن الروم دخلوا سميساط [3] ، وأخذوا جميع
__________
[1] «من لقيه» : ساقطة من ص، ل.
[2] في ت: «للخروج إلى الروم» .
[3] في ك: «دخلوا شمشاط» .

(13/260)


ما فيها، ونصبوا فيها خيمة الملك [1] ، وضربوا في المسجد الجامع بها في أوقات صلواتهم الناقوس [2] .
ثم قرئت الكتب على المنابر في يوم الجمعة لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر: أن المسلمين عقبوا على الروم فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وغنموا غنائم كثيرة.
وفى يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر: ظهر ببغداد أن خادما من خواص خدم المقتدر باللَّه حكى لمؤنس المظفر أن المقتدر تقدم إلى خواص خدمه بحفر زبية في الدار [3] المعروفة بدار الشجرة من دار السلطان، حتى إذا حضر مؤنس للوداع عند عزمه على الخروج إلى الثغر حجب الناس وأدخل مؤنس وحده، فإذا اجتاز على تلك الزبية وهي مغطاة وقع فيها فنزل الخدم وخنقوه، ويظهر أنه وقع في سرداب فمات، فتأخر مؤنس عن المضي إلى دار السلطان لهذا السبب، وركب إليه القواد والغلمان والرجالة وأصحابه بالسلاح، وخلت دار السلطان من الجيش، وَقَالَ له: أَبُو الهيجاء عبد الله بْن حمدان بحضرة الناس نقاتل بين يديك أيها الأستاذ حتى تنبت لك لحية. فوجه إليه المقتدر بنسيم الشرابي ومعه رقعة بخطه إليه يحلف له فيها على بطلان ما بلغه، ويعرفه أنه قد عمل على المصير إليه في الليلة المقبلة ليحلف له مشافهة على بطلان ما حكي له، فصرف مؤنس إليه جميع من صار إليه من الجيش، وأجاب عن الرقعة بما يصلح، وبأنه لا ذنب له في حضور من حضر داره لأنه لم يدعهم، واقتصر على خواص من رسمه من الغلمان [4] والقواد، وحلف أبو الهيجاء أن لا يبرح من دار مؤنس ليلا ولا نهارا إلى أن يركب معه إلى دار السلطان وتطمئن النفوس إلى سلامته وتقدم المقتدر إلى نصر الحاجب والأستاذين بالمصير إلى مؤنس المظفر لينحدر معهم إلى حضرته لوداعه، فصاروا إليه وانحدر معهم يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر. ووصل إلى المقتدر، وقبل الأرض بين يديه، وقبل يده ورجله، فخاطبه المقتدر
__________
[1] في ك: «ونصبوا فيها خيمة للملك» .
[2] في ك: «أوقات الصلوات بالناقوس» .
[3] في ك: «خواص خدمه أن يحفروا حفيرة» .
[4] في ك: «على خواص من يستدعيهم برسمه من الغلمان» .

(13/261)


بالجميل وحلف له على ثقته به وعلى صفاء نيته له وودعه مؤنس، وذلك بعد أن قرأ عليه الوزير عَلي بْن عيسى كتاب وصيف البكتمري المتقلد لأعمال المعاقل بجند قنسرين والعواصم، بأن المسلمين عقبوا على الروم فظفروا بعسكرهم وقتلوا منهم وغنموا.
وخرج مؤنس من داره بسوق الثلاثاء يوم الاثنين لثمان بقين من ربيع الآخر إلى مضربه بباب الشماسية، وشيعه الأمير أَبُو العباس بْن المقتدر، والوزير عَلي بْن عيسى، ونصر الحاجب، [وهارون بْن غريب، وشفيع المقتدري، والقواد: فلما بلغ الوزير عَلي بْن عيسى ونصر الحاجب] [1] معه إلى دار مبارك القمي حلف عليهما بأن يرجعا، فعدلا إلى شَاطِئ دجلة وانصرفا في طياريهما، وصار باقي القواد والأستاذان معه إلى مضربه، وَكَانَ سليمان بْن الحسن يسايره، وهارون بْن غريب، ويلبق، وبشرى، ونازوك، وطريف العسكري يسيرون بين يديه كما تسير الحجاب، ورحل مؤنس من مضربه يوم الأحد لليلتين بقيتا من ربيع الآخر.
وفى جمادى الأولى وقع حريق بالرصافة، وصف الجوهري، ومربعة الحرسي، وفى الحطابين بباب الشعير.
وفى يوم الخميس لثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى أخذ خناق ينزل درب الأقفاص من باب الشام خنق جماعة، ودفنهم في عدة دور سكنها، وَكَانَ يحتال على النساء يكتب لهن كتاب العطف، ويدعي عندهن علم النجوم والعزائم فيقصدنه، فإذا حصلت المرأة عنده سلبها، ووضع وترًا له في عنقها ورفس ظهرها [2] وأعانته امرأته وابنه، فإذا ماتت حفر لها ودفنها، فعلم بذلك، فكبست الدار فاخرج منها بضع عشرة امرأة مقتولة، ثم ظهر عليه عدة آدر كان يسكنها مملوءة بالقتلى من النساء خاصة، فطلب فهرب إلى الأنبار، فأنفذ إليها من طلبه، فوجده فقبض عليه وحمل إلى بغداد، فضرب ألف سوط، وصلب وهو حي، ومات لست بقين من جمادى الأولى.
وفى شعبان دخل إلى بغداد ثلاثة عشر أسيرا من الروم أخذوا من بيت المقدس فيهم قرابة الملك.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] «ورفس ظهرها» : ساقط من ك.

(13/262)


وفى هذه السنة كَانَ ظهور الديلم، فكان أول من غلب على الري منهم لنكى بن النعمان، ثم ما كان بْن كاكي، ولقي أهل الجبل بأسرهم من الديلم شدة شديدة، وذلك أنهم أخربوا الجبل وقتلوا من أهله مقتلة عظيمة حتى الأطفال في المهود، ثم غلب على الري أسفار بْن شيرويه، ومضى إلى قزوين، فألزم أهلها مالا وعسفهم عسفا شديدا وأراق دماءهم، وعذبهم فخرج النساء والشيوخ والأطفال إلى المصلى مستغيثين إلى الله عز وجل منه، وَكَانَ له قائد اسمه مرداويج بْن زيار، فوثب هذا القائد عليه، فقتله وملك مكانه وأساء السيرة بأصبهان، وانتهك الحرمات، وجلس على سرير ذهب دونه سرير من فضة يجلس عليه من يرفع منه، وَكَانَ يقول: أنا سليمان بْن داود، وهؤلاء أعواني الشياطين، وَكَانَ يسيء السيرة في أصحابه وخصوصا الأتراك، فأصحر يوما بعسكره، فاشتق العسكر [1] رجل شيخ على دابة، فَقَالَ: قد زاد أمر هذا الكافر واليوم تكفونه قبل تصرم النهار [2] ويأخذه الله إليه، فدهشت الجماعة ولم ينطق أحد بكلمة، ومر الشيخ كالريح، فَقَالَ الناس: لم لا نتبعه ونأخذه ونسأله من أين له علم هذا أو نمضي به إلى مرداويج لئلا يبلغه الخبر فيلومنا، فركضوا في كل طريق، فلم يجدوه، ثم عاد مرداويج فدخل إلى داره ونزع ثيابه، ودخل الحمام فقتله الأتراك وركبوا إلى الاصطبلات لنهب الخيل، ولما قتل حمل تابوته فمشى الديلم بأجمعهم حفاة أربعة فراسخ.
وجاء أَبُو طاهر الهجري رئيس القرامطة، وَكَانَ قد أخذ الحاج في سنة اثنتي عشرة، فلما سمع الناس به اشتد خوفهم، فبعث أَبُو الْقَاسِم يُوسُف بْن أبي الساج إلى محاربته، وتقدم المقتدر أن يحمل إلى يُوسُف [3] سبعون ألف دينار، فسار نحو الكوفة وَكَانَ مع أبي طاهر ألف فارس وخمسمائة راجل، ومع يوسف أكثر من عشرين ألفا ما بين [4] فارس وراجل، وذلك سوى الأتباع، فلما قرب الهجري من الكوفة هرب عمال السلطان منها، فقدم الهجري مقدمته في مائتي راجل، فنزلت النجف، ونزل هو بدير هند بحضرة
__________
[1] في ك: «فاستبق العسكر» .
[2] في ص: «تكفونه عند تصرم النهار» .
[3] يوسف بن أبي الساج ... أن يحمل إلى يوسف» : ساقط من ك.
[4] «ما بين» : ساقطة من ص، ل.

(13/263)


خندق الكوفة، وقد كَانَ بعث ليوسف مائة كر دقيق وألف كر شعير، فأخذها الهجري فقوي بها وضعف يُوسُف وسبق الهجري إلى الكوفة قبل يُوسُف بيوم، فحال بينه وبينها، وبعث يُوسُف إليه ينذره ويقول له: إن أطعت وإلا فالحرب فأبى أن يطيع، فوقعت الحرب بينهما يوم السبت لتسع خلون من شوال سنة خمس عشرة على باب الكوفة، ولما عاين يُوسُف عسكر أبي طاهر احتقره، وَقَالَ: من هؤلاء الكلاب حتى أفكر فيهم؟
هؤلاء بعد ساعة في يدي، وتقدم أن يكتب كتاب الفتح قبل اللقاء، فلما سمع أصحاب الهجري صوت البوقات [1] والدبادب من عسكر يُوسُف، قَالَ رجل منهم لآخر: هذا فشل، فَقَالَ له: أجل، ولم يكن في عسكر أبي طاهر دبادب ولا بوقات، وثبت يُوسُف فأثخن أصحاب أبي طاهر بالنشاب المسموم، وجرح منهم أكثر من خمسمائة، فلما رأى أَبُو طاهر ذلك وَكَانَ في عمارية له [2] نزل فركب فرسا وحمل في خواصه، وحمل يُوسُف بنفسه مع ثقاته، فأسر يُوسُف وقتل من أصحابه عدد كثير وانهزم الباقون.
وقيل لبعض أصحاب الهجري: كيف تغلبون مع قلتكم؟ فقالوا: نحن نقدر السلامة في الثبوت، وهؤلاء يقدرونها في الهرب، وَكَانَ قد قبض يُوسُف بْن أبي الساج على كاتبه أبي عبد الله [3] مُحَمَّد بْن خلف، وأخذ منه ما قيمته مائة ألف دينار، ثم أخذ خطه بخمسمائة ألف دينار.
وبلغ الخبر إلى بغداد، فندب مؤنس/ للخروج إليه فجاء كتاب: أن الهجري رحل عن الكوفة إلى ناحية الأنبار، وما شك الناس [4] أنه يقصد بغداد ويملكها، فماج أهل بغداد [5] ، فَقَالَ عَلي بْن عيسى للمقتدر باللَّه: إن الخلفاء إنما يجمعون المال ليقمعوا به أعداء الدين، ولم يلحق المسلمين منذ قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم من هذا الأمر، لأن هذا الرجل كافر وقد أوقع بالناس [6] سنة اثنتي عشرة، وجرى عليهم منه ما لم
__________
[1] في ك: «أصحاب الهجريّ ضرب البوقات» .
[2] «له» : ساقطة من ص، ل.
[3] في ك: «على كاتبه أبي عبيد» وكذا في ت.
[4] في ك: «وما يشك الناس» .
[5] في ك: «فهاج أهل بغداد» .
[6] في ك: «وقد أوقع بالحاج» .

(13/264)


يعهد مثله، وقد تمكنت هيبته في قلوب الناس ولم يبق في بيت مال الخاصة كثير شيء [1] ، فاتق الله يا أمير المؤمنين، وخاطب السيدة فان كَانَ عندها مال قد دخرته لشدة [2] فهذا وقت إخراجه، فدخل إلى والدته وعاد فأخبر أن السيدة ابتدأته بالبذل، وأمرت بإخراج خمسمائة ألف دينار لتنفق، وَكَانَ قد بقي في بيت مال الخاصة خمسمائة ألف، فقال المقتدر باللَّه: أخرج منها ثلاثمائة ألف. فأخرج ذلك ودبر تفرقته، وبعث عسكرا في أربعين ألفا، وقطعوا قنطرة عند عقرقوف، فوصل إليها القرمطي، فوجدها مقطوعة، وسبر المخاضة فلم يجد عبرا ولو وجد لم يثنه عن بغداد، فعاد إلى الأنبار.
وبلغ عَلي بن عيسى أن رجلا يعرف بالشيرازي مقيما ببغداد يكاتب القرمطي، فقبض عليه واستنطقه، فَقَالَ: ما صحبته إلا لأنه على الحق وأنتم مبطلون كفار. فَقَالَ:
اصدقني عن الذين يكاتبونه. فَقَالَ: ولم أصدقك عن قوم مؤمنين حتى تسلمهم إلى أصحابك الكافرين فيقتلونهم لا أفعل هذا أبدا. فصفع، وضرب بالمقارع، وقيد، وغل وجعل في فمه سلسلة، وحبس فلم يأكل ولم يشرب ثلاثا فمات.
ووجه يلبق إلى محاربة القرمطي فلم يثبت يلبق وانهزم، وَكَانَ يُوسُف بْن أبي الساج أسيرا مع القرمطي، فأخرج رأسه من خيمة يتطلع لينظر إلى الوقعة، فَقَالَ له القرمطي: أردت الهرب وظننت أن غلمانك يخلصونك [3] ، فضرب عنقه.
ولما انصرف القرمطي عن الأنبار تصدق المقتدر والسيدة وعلي بْن عيسى بخمسين ألف درهم. [ولما صلى الناس بمدينة السلام وسلموا تصدقوا بعشرة آلاف درهم] [4] ولما انصرف عن هيت تصدق المقتدر باللَّه من بيت مال الخاصة بمائة ألف درهم.
وفى هذه السنة بلغت زيادة دجلة اثني عشر ذراعا وثلاثين، ولم يحج في هذه السنة أحد من العراق وخراسان لخوف الهجري [5] .
__________
[1] في ك: «ولم يبق في بيت مال كثير شيء» .
[2] في ص: «قد دخرته لوقت شديد» .
[3] في ت: «يخدمونك» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «أحد من العراق ولا من أهل خراسان لخوفهم من الهجريّ» .

(13/265)


ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2245- إسحاق بْن أَحْمَد بْن جعفر، أَبُو يعقوب الكاغذي [1] :
حدث بمصر واستوطن تنيس، وحدث بها وأم في جامعها. روى عنه يعقوب الدورقي، وغيره. وتوفي بدمياط في هذه السنة.
2246-[أيوب] [2] بْن يُوسُف بْن أيوب بْن سليمان، أَبُو الْقَاسِم البزاز المصري [3] :
سكن بغداد وحدث بها. روى عنه ابن شاهين، وتوفي في هذه السنة.
2247- بدر الشرابي:
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2248- الحسن بْن مُحَمَّد بْن الحسن بْن صالح بْن شيخ بْن عميرة، أَبُو الحسين الأسدى:
حدث عن عَلي بْن خشرم. روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في هذه السنة.
2249- الحسين بن محمد [بن مُحَمَّد] [4] بْن عفير بْن مُحَمَّد بْن سهل بْن أبي حثمة [5] أَبُو عبد الله الأنصاري [6] :
وسهل من الصحابة، ولد الحسين في سنة تسع عشرة ومائتين، وسمع أبا بكر بْن
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 393) .
[2] ما بين المعقوفتين: بياض في ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 11) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ك: «بن أبي خيثمة» . وفي ص: «ابن خثيمة» . وفي تاريخ بغداد «ابن أبي خيثمة» . وكلهم خطأ، والصواب ما أثبتناه «ابن أبي خيثمة» : بفتح الحاء وسكون الثاء وفتح الميم» . جمهرة الأنساب (342) ، والمغني (71) .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 95، ومعجم شيوخ الإسماعيلي 253، وسؤالات السهمي للدارقطنيّ 267) .

(13/266)


أبي شيبة، ولوينا وغيرهما. روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن الصواف، وابن المظفر، وأبو بكر ابن شاذان، وابن شاهين. قَالَ الدارقطني: هو ثقة، وَكَانَ يسكن سويقة نصر من الجانب الشرقي. وتوفي في صفر هذه السنة عن ست وتسعين سنة وأيام.
2250- الحسين بْن عبد الله بْن الجصاص الجوهري، أَبُو عبد الله [1] :
كَانَ ذا ثروة عظيمة، وكانت بداية أمره أن ابن طولون قَالَ له: ما صناعتك. قَالَ:
الجوهر، قَالَ: لا يبتاع لنا شيء [2] إلا على يده فكسب الأموال.
أنبأنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ الْبَزَّازُ، عَنْ أَبِي القاسم عَلِي بْن المحسن التنوخي، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أَبُو عَلي أَحْمَد بْن الحسين بْن عبد الله الجصاص، قَالَ: قَالَ لي أبي: كَانَ [3] بدء إكثاري أنني كنت في دهليز حرم أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، وكنت أتوكل له ولهم في ابتياع الجوهر. وغيره مما يحتاجون إليه، وما كنت أكاد أفارق الدهليز لاختصاصي بهم، فخرجت إلى قهرمانة لهم في بعض الأيام ومعها عقد جوهر فيه مائة حبة لم أر قبله أحسن منه، تساوي كل حبة ألف دينار، فقالت:
يحتاج أن تخرط هذه حتى تصغر فتجعله لكعب، وكدت أطير فرحا [4] ، فأخذتها وقلت:
السمع والطاعة. وخرجت في الحال، فجمعت التجار ولم أزل أشتري ما قدرت عليه إلى أن حصلت مائة حبة أشكالا في النوع الذي أرادوه، فجئت بها عشية، فقلت: إن خرط هذا يحتاج إلى زمان، وقد خرطنا اليوم ما قدرنا عليه. وهو هذا فدفعت إليهم المجتمع، وقلت: الباقي نخرطه في أيام، فقنعوا بذلك، وما زلت أياما في طلب الحب حتى اجتمع، فحملت إليهم مائتي حبة قامت عَلي بأثمان قريبة تكون مائة ألف درهم أو حواليها، وحصلت جوهرا بمائتي ألف دينار أو حواليها. ثم لزمت دهليزهم وأخذت لنفسي غرفة كانت فيه، فجعلتها مسكني، فلحقني من هذا أكثر مما لحقني حتى كثرت
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 156) .
[2] في ك: «لا يباع لنا شيء» .
[3] «كان» : ساقط من ص، ل.
[4] «فتجعله لكعب وكدت أطير فرحا» : ساقط من ص، ل.

(13/267)


النعمة، وانتهيت إلى ما استفاض خبره، ولما نكبني المقتدر وأخذ مني تلك الأموال العظيمة أصبحت يوما في الحبس آيس ما كنت فيه من الفرج، فجاءني خادم، فَقَالَ:
البشرى، قلت: وما الخبر؟ قَالَ: قم فقد أطلقت، فقمت معه فاجتاز بي في بعض دور الخليفة يريد إخراجي إلى دار السيدة، لتكون هي التي تطلقني، لأنها هي شفعت في، فوقعت عيني على أعدال خيش لي أعرفها، فكان مبلغها مائة عدل، فقلت: أليس هذا من الخيش [1] الذي حمل من داري، قَالَ: بلى؟ فتأملته فإذا هو مائة عدل [2] ، وكانت هذه الأعدال قد حملت إلي من مصر في كل عدل منها ألف دينار، وَكَانَ لي هناك حافظ عليه [3] ، فجعلوه في أعدال الخيش فوصلت سالمة ولاستغنائي عن المال لم أخرجه عن الأعدال وتركته في بيت من داري، وقفلت عليه، ونقل كل مال في داري فكان آخر ما نقل الخيش منها، ولم يعرف أحد ما فيه، فلما رأيته بشدة طمعت في خلاصه، فلما كَانَ بعد أيام من خروجي راسلت السيدة وشكوت حالي إليها وسألتها أن تدفع إلي ذلك الخيش لأنتفع بثمنه إذ كَانَ لا قدر له عندهم ولا حاجة لهم إليه، فوعدتني بخطاب المقتدر في ذلك، فلما كَانَ بعد أيام أذكرتها [4] ، فقالت: قد أمر بتسليمه إليك، فسلم إلي بأسره، ففتحته فأخذت منه المائة ألف دينار ما ضاع منه شيء، وبعت من الخيش ما أردت بعد أن أخذت منه قدر الحاجة.
قَالَ المحسن، وحدثني أَبُو العباس هبة الله بن المنجم أن جده حدثه: أنه لما قبض المقتدر على ابن الجصاص أنفذ إلى داره من يحصي ما فيها ويحمله، فَقَالَ لي:
الذي كتب الإحصاء إنا وجدنا له في قماشه سبعمائة مزملة جباب [5] ، فما ظنك بما يكون هذا في جملته.
قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو الحسين بْن عياش أنه سمع جماعة من ثقات الكتاب،
__________
[1] «فقلت: أليس هذا من الخيش» : ساقطة من ك.
[2] «فإذا هو مائة عدل» : ساقطة من ص، ل.
[3] في ص: «وكان لي هناك خافوا عليه» .
[4] في ك: «فلما كان بعد أيام ذاكرتها» .
[5] في ك: «سبعمائة مزملة خيزران» .

(13/268)


يقولون: إنهم حصلوا ما ارتفعت به مصادرة أبي عبد الله بْن الجصاص في أيام المقتدر، فكانت ستة آلاف ألف دينار سوى ما قبض من داره، وبعد الذي بقي له من ظاهره.
قَالَ المحسن: وسمعت أبا مُحَمَّد جعفر بْن ورقاء الشيباني، يحدث في سنة تسع [1] وأربعين وثلاثمائة، قَالَ: اجتزت بابن الجصاص بعد إطلاقه إلى داره من المصادرة بأيام، وكانت بيننا مودة ومصاهرة، فرأيته على روشن داره على دجلة في وقت حار وهو حاف حاسر يعدو من أول الروشن إلى آخره كالمجنون، فطرحت طياري إليه وصعدت بغير إذن، فلما رآني استحيا وعدا إلى مجلس له، فقلت له: ويحك ما الذي أصابك؟ فدعا بطست فغسل وجهه ورجليه ووقع ساعة كالمغشي عليه، ثم قَالَ: أو لا يحق لي أن يذهب عقلي وتدحرج عن يدي كذا وكذا، وأخذ مني كذا وكذا، وجعل يعده أمرا عظيما، فقلت له: يا هذا نهايات الأموال/ غير مدركة، وإنما يجب أن تعلم أن النفوس لا عوض لها، والعقول والأديان، فما سلم لك ذلك فالفضل معك، وإنما يقلق هذا القلق من يخاف الفقر والحاجة إلى الناس أو يفقد العادة من مأكول ومشروب وملبوس أو النقصان في جاه، فاصبر حتى أوافقك على أنه ليس ببغداد اليوم [2] بعد ما خرج عنك أيسر منك من أصحاب الطيالس، فَقَالَ: هات، فقلت: أليس دارك [هذه التي كانت قبل مصادرتك ولك فيها من الفرش والأثاث ما فيه جمال لك؟] [3] قَالَ: بلى، فقلت: وقد بقي من عقارك بالكرخ ما قيمته خمسون ألف دينار؟ فَقَالَ: نعم، قلت:
ودار الحرز [4] وقيمتها عشرة آلاف دينار؟ قَالَ: نعم، قلت: وعقارك بباب الطاق قيمته ثلاثون ألف دينار؟ قَالَ: نعم. قلت: وبستانك الفلاني ومصنعتك [5] الفلانية وقيمتها كذا؟
قَالَ: نعم، قلت: ومالك بالبصرة قيمته مائة ألف دينار؟ قَالَ: نعم، فجعلت أعدد عليه حتى بلغت قيمته ذلك سبعمائة ألف دينار، فقلت: واصدقني عما سلم لك من الجوهر
__________
[1] في ك: «في سنة سبع» ،
[2] «اليوم» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقطة من ت، وكتبت على هامشها.
[4] في ص: «ودار الحرز» .
[5] في ك: «وبستانك الفلاني، وضيعتك» .

(13/269)


والأثاث والقماش والجواري والعبيد والدواب وعن قيمة ذلك، فبلغت قيمة ما ذكر ثلاثمائة ألف دينار، فقلت: يا هذا من ببغداد اليوم يحتوي ملكه على ألف ألف دينار وجاهك عند الناس الجاه الأول وهم يظنون أنه قد بقي لك ضعف هذا، فلم تغتم؟
قَالَ: فسجد وحمد الله وبكى، ثم قَالَ: والله لقد غلبت عَلي الفكر [1] حتى نسيت جميع هذا أنه لي وقل في عيني إلا ضالته إلى ما أخذ مني، ولو لم تجئني الساعة لزاد الفكر عَلي حتى يبطل عقلي، فإن الله تعالى أنفذ بك [2] ، وما عزاني أحد أنفع من تعزيتك، وما أكلت منذ ثلاث شيئا فأحب أن تقيم عندي لنأكل ونتحدث، فأقمت عنده يومي.
قَالَ المصنف [3] : وقد ذكر فيما أخذ من ابن الجصاص خمس مائة سفط من مرتفع ثياب مصر، ووجد له في بستانه أموال كثيرة مدفونة في جرار خضر وقماقم مرصصة الرأس، وقد كَانَ ابن الجصاص ينسب إلى التغفيل، فله كلمات عجيبة قد ذكرتها في «كتاب المغفلين» إلا أنهم قالوا: كَانَ يتطابع بها ويقصد أن يظنوا فيه سلامة الصدر، وقد ذكرت طرفا مما يدل على ذكائه وفطنته في ذلك الكتاب.
2251- سليمان بْن داود بْن كثير بْن وفدان، أَبُو مُحَمَّد الطوسي: [4]
سكن بغداد وحدث بها عن لوين، وسوار بْن عبد الله وروى عنه ابن شاهين. وكان صدوقا. وتوفي في هذه السنة.
2252- عَبْد اللَّه بن أحمد بن سعد، أبو القاسم الجصاص [5] :
حدث عن بندار، وعن مُحَمَّد بْن المثنى. وروى عنه ابن المظفر، وابن شاهين.
وكان ثقة. وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة.
__________
[1] في ل: «والله لقد غلب الفكر على» .
[2] في ل: «فإن الله تعالى أنفذك الي» .
[3] في ك: «قال المؤلف» . وفي ت: «قال مؤلف الكتاب» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 62) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 381) .

(13/270)


2253- عَلي بْن سليمان بْن الفضل، أَبُو الحسين الأخفش [1] :
روى عن المبرد [2] ، وثعلب، واليزيدي وغيرهم. روى عنه ابن المرزبان، والمعافى، وَكَانَ ثقة. وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة، وقيل: في شعبان فجاءة.
وحكى ثَابِت بْن سنان، قَالَ: كَانَ أَبُو الحسن الأخفش يواصل أبا عَلي بْن مقلة ويبره أَبُو عَلي، فشكا إليه يوما شدة الفاقة، وسأله أن يكلم عَلي بْن عيسى الوزير في إخراج رزق له [3] ، فلم يفعل، وزبر أبا عَلي وانتهره، فعلم الأخفش فاغتم، وانتهت به الحال إلى أن أكل الشلجم النيء، فقيل: إنه قبض على قلبه، فمات فجاءة.
2254- مُحَمَّد بْن جعفر بْن أَحْمَد بْن عمر بْن شبيب، أَبُو الحسن الصيرفي، يعرف بابن الكوفي.
حدث عن لوين وغيره، وروى عنه ابن المظفر، وابن شاهين.
وتوفي في صفر هذه السنة.
2255- محمد بن الحسين بْن حفص، أَبُو جعفر الخثعمي الأشناني الكوفي [4] :
قدم بغداد وحدث بها عن عباد بْن يعقوب الرواجني [5] ، وأبي كريب، روى عنه الباغندي، والمحاملي، وابن السماك، وابن الجعابي، وابن المظفر، وَقَالَ الدارقطني:
هو ثقة مأمون.
[توفي لسبع خلون من صفر هذه السنة] [6]
2256- مُحَمَّد بن الحسين بْن عبيد، أَبُو عبد الله المطبخي السامري [7] :
سمع عمرو بْن عَلي، وعلي بْن حرب وكان شيخا صالحا.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 433، ووفيات الأعيان 3/ 301- 303 بغية الوعاة 338، وإنباه الرواة 2/ 276، والأعلام 4/ 291، وشذرات الذهب 2/ 270. ونور القيس 341) .
[2] في ت: «سمع المبرد» .
[3] في ك: «في إجراء رزق له» .
[4] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 23، وسؤالات الحاكم للدارقطنيّ 220، وفيه: «صدوق» ، وسؤالات السهمي 15، وشذرات الذهب 2/ 271، وميزان الاعتدال 3/ 518 ولسان الميزان 5/ 219)
[5] في ك: «عباد بن يعقوب الرواحي» . وفي ل: «عباد بن يعقوب الرواجبي» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 235) .

(13/271)


ثم دخلت سنة ست عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن أبا طاهر الهجري دخل إلى الرحبة، فوضع السيف في أهلها، وأن أهل قرقيسيا طلبوا منه الأمان فأمنهم، ونادى فيهم أن لا يظهر أحد بالنهار وأنفذ أَبُو طاهر سرية إلى الأعراب، فقتل منهم مقتلة عظيمة، فصاروا إذا سمعوا به هربوا، وقصد الرقة وقتل بها جماعة، ثم انصرف إلى بلده. ولما رأى عَلي بْن عيسى تحكم الهجري في البلاد وعجز السلطان عنه استعفى من الوزارة، وكانت مدة وزارته هذه سنة وأربعة أشهر ويومين.
وَكَانَ المقتدر باللَّه يتشوف إلى معرفة خبر الهجري، ولم يكن أحد يكاتبه بشيء من أخباره إلا الحسن بْن إسماعيل الإسكافي عامل الأنبار، فإن كتبه كانت ترد في كل أيام إلى عَلي بْن عيسى، فينهيها فأقام أَبُو عَلي بْن مقلة أطيارا وكوتب عليها بأخبار الهجري وقتا فوقتا، وَكَانَ ينفذها إلى نصر الحاجب، فيعرضها، فجعل نصر الحاجب [1] يطري ابن مقلة ويقول للمقتدر إذا كانت هذه مراعاته بأمورك ولا تعلق له بخدمتك، فكيف إذا اصطنعته وتستوزره.
ولما رجع أَبُو طاهر القرمطي إلى بلده بنى دارا وسماها دار الهجرة، ودعا إلى المهدي، وتفاقم أمره وكثر أتباعه، وحدثته نفسه بكبس الكوفة، وهرب عمال السلطان في السواد، وَكَانَ أصحابه يكبسون القرى فيقتلون وينهبون، فبعث المقتدر إلى
__________
[1] في ص، ل: «فجعل نصر يطري» ، بإسقاط «الحاجب» .

(13/272)


محاربتهم هارون بْن غريب إلى واسط، وصافي البصري إلى الكوفة فقتل هارون منهم جماعة، وحمل مائة وسبعين رأسا وجماعة أسارى، وأوقع صافي بمن خرج إليه واستأسر منهم وأدخلوا بغداد على الجمال مشتهرين ومعهم أعلام بيض منكسة، وعليها مكتوب وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ 28: 5 [1] الآية فقتلوا واستقام أمر السواد.
وزادت دجلة بغتة زيادة مفرطة قطعت الجسور ببغداد وغرق من الجسارين جماعة، وبلغت زيادة الفرات اثني عشر ذراعا وثلاثين.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2257- إبراهيم بن محمد بْن إبراهيم، أَبُو إسحاق المعمري الكوفي: [2]
حدث عن أبي كريب، والحسن بْن عرفة، وغيرهما وَكَانَ أحد الشهود، وأحد الوجوه، وبلغ سنا عالية، ثم توفي ببغداد في ذي الحجة من هذه السنة.
2258- بنان بْن مُحَمَّد بْن حمدان بْن سعيد، أَبُو الحسن الزاهد [3] .
ويعرف: بالحمال، سمع الحسن بْن عرفة وغيره. وَكَانَ ثقة زاهدا متعبدا، وسكن مصر، وكانت له منزلة عند الخاصة والعامة، وَكَانَ لا يقبل من السلطان شيئا، وكانوا يضربون بعبادته المثل.
أخبرنا أبو منصور القزاز، قَالَ: أخبرنا أبو بكر الخطيب، [4] حَدَّثَنَا أَبُو نعيم الحافظ، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن الحسين بْن موسى، يقول: سمعت الحسن بن أحمد
__________
[1] سورة: القصص، الآية: 5.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 158) .
[3] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 1/ 29- 294، وتاريخ بغداد 3/ 100- 102، وحلية الأولياء 10/ 324، وشذرات الذهب 2/ 271، وحسن المحاضرة 1/ 293، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 167، والبداية والنهاية 11/ 158، ومرآة الجنان 2/ 268، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 176، 177، والكواكب الدرية 2/ 22) .
[4] في ت: «أخبرنا أحمد بن علي» .

(13/273)


الرازي، يقول: سمعت أبا عَلي الروذباري، يقول: كَانَ سبب دخولي مصر حكاية بنان، وذاك أنه أمر ابن طولون بالمعروف فأمر أن يلقى بين يدي السبع، فجعل السبع يشمه ولا يضره، فلما أخرج من بين يدي السبع قيل له: ما الذي كَانَ في قلبك حيث شمك السبع، قَالَ: كنت أتفكر في سؤر السباع ولعابها.
أخبرنا القزاز، أخبرنا أحمد بن علي، أخبرنا أَبُو حازم عمر بْن أَحْمَد العبدوي [1] ، قَالَ: أخبرني عبد الملك بْن إبراهيم القشيري، حَدَّثَنَا عبد الله بْن عبد الرحمن الأردني [2] ، حَدَّثَنَا عمر بْن مُحَمَّد بْن عراك: أن رجلا كَانَ له على رجل مائة دينار بوثيقة إلى أجل، فلما جاء الأجل طلب الوثيقة فلم يجدها، فجاء إلى بنان فسأله الدعاء، فَقَالَ له: أنا رجل قد كبرت، وأنا أحب الحلوى، فاذهب فاشتر لي رطل معقود وجئني به حتى أدعو لك، فذهب فاشترى له ما قَالَ، ثم جاء به فَقَالَ له بنان: افتح القرطاس، ففتح الرجل القرطاس، فإذا هو بالوثيقة، فَقَالَ لبنان: هذه وثيقتي، فَقَالَ:
خذ وثيقتك، وخذ المعقود وأطعمه صبيانك، فأخذه ومضى.
توفي بنان بمصر في رمضان هذه السنة، وخرج في جنازته أكثر أهل البلد.
2259- داود بْن الهيثم بْن إسحاق بْن البهلول بْن حسان بْن سنان، أَبُو سعد التنوخي الأنباري [3] :
سمع جده إسحاق، وعمر بْن شبة، روى عنه ابن المظفر الحافظ وكان فصيحا نحويا لغويا حسن العلم بالعروض واستخراج المعمى [4] ، وصنف كتبا في اللغة والنحو، على مذهب الكوفيين، وله كتاب كبير في خلق الإنسان، وَكَانَ أخذ عن يعقوب بْن السكيت/ وثعلب، وَكَانَ يقول الشعر الجيد.
ولد بالأنبار، وتوفي بها في هذه السنة، وله ثمان وثمانون سنة.
__________
[1] في ت: «بن أحمد العبديّ» .
[2] في ت: «بن عبد الرحمن الأزدي» .
[3] انظر ترجمته في: (إرشاد الأريب 4/ 193، وبغية الوعاة 246، والجواهر المضيئة 1/ 240، والأعلام 2/ 335، 336، تاريخ بغداد 8/ 379) .
[4] في ت: «واستخرج المعمى» .

(13/274)


2260- الزبير بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سعيد، أبو عبد الله [1] الحافظ.
سمح عباسا الدوري، وعبد الله بْن أبي سعد الوراق روى عنه الطبراني، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2261- عَبْد اللَّه [2] بن سليمان بن الأشعث، أبو بكر ابن أبي داود [السجستاني] [3] .
محدث العراق وابن إمامها في عصره، ولد سنة ثلاثين ومائتين، وحدثه أبوه، وطوف به شرقا وغربا، وسمعه من علماء الوقت، وصنف الكتب، وَكَانَ عالما فهما من كبار الحفاظ، نصب له السلطان منبرا فحدث عليه، وَكَانَ في وقته مشايخ علماء لكنهم لم يبلغوا في الإتقان ما بلغ، وَكَانَ عيسى بْن عَلي بْن عيسى الوزير يحدث في داره، فيقول: حَدَّثَنَا البغوي في ذلك الموضع، ويشير إلى بقعة في الدار، وحدثنا ابن صاعد ويشير إلى بقعة، فيقول: [4] في ذلك المكان، فيذكر جماعة، ويشير إلى مواضعهم، فقيل له: ما لك لا تذكر ابن أبي داود؟ فَقَالَ: ليته إذا مضينا إلى داره كَانَ يأذن لنا في الدخول.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: حدثني أَبُو الْقَاسِم الأزهري، قَالَ سمعت أَحْمَد بْن إبراهيم بْن شاذان، يقول: خرج أَبُو بكر بْن أبي داود إلى سجستان في أيام عمرو بْن الليث، فاجتمع إليه أصحاب الحديث، وسألوه أن يحدثهم فأبي، وَقَالَ: ليس معي كتاب، فقالوا له: ابن أبي داود وكتاب؟ قال:
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 472) .
[2] في ت: «عبيد الله» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 464، وتاريخ أصبهان 2/ 66، وتذكرة الحفاظ 767، وطبقات العبادي 60، والفهرست 32، ووفيات الأعيان 1/ 214، والرسالة المستطرفة 46، وطبقات السبكي 3/ 307، وطبقات القراء لابن الجزري 1/ 420، وغاية النهاية 1/ 420، وميزان الاعتدال، وتهذيب تاريخ ابن عساكر 7/ 439، ولسان الميزان 3/ 293، وطبقات الحنابلة 2/ 51، والأعلام 4/ 91، وشذرات الذهب 2/ 273، ومرآة الجنان 2/ 269، والنجوم الزاهرة 3/ 222، وطبقات المفسرين 222) .
[4] «ويشير إلى بقعة فيقول» : ساقطة من ص، ل.

(13/275)


فأثاروني، فأمليت عليهم ثلاثين ألف حديث من حفظي، فلما قدمت بغداد قَالَ البغداديون: مضى ابن أبي داود إلى سجستان، ولعب بالناس ثم فيجوا فيجا اكتروه بستة دنانير إلى سجستان ليكتب لهم النسخة، فكتبت، وجيء بها إلى بغداد، وعرضت على الحفاظ، فخطئوني في ستة أحاديث منها ثلاثة أحاديث حدثت بها كما حدثت، وثلاثة أحاديث أخطأت فيها.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد العتيقي [1] ، قَالَ:
سمعت طلحة بْن مُحَمَّد بْن جعفر، يقول: سمعت أبا بكر بْن أبي داود، يقول: مررت يوما بباب الطاق فإذا رجل يعبر الرؤيا، فمر به رجل فأعطاه قطعة، وَقَالَ له: رأيت البارحة كأني أطالب بصداق امرأة ولم أتزوج قط، فرد عليه القطعة وَقَالَ: ليس لهذه جواب، فتقدمت إليه فقلت له: خذ منه القطعة حتى أفسر لك، فأخذ القطعة فقلت للرجل: أنت تطالب بخراج أرض ليست لك، فَقَالَ: هو ذا والله، معي العون.
توفي أَبُو بكر يوم الاثنين سابع عشر ذي الحجة من هذه السنة، وهو ابن ست وثمانين سنة وستة أشهر وأيام، وصلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف، ثم صار الواصلون يصلون عليه حتى صلي عليه ثمانين مرة حتى أنفذ المقتدر بنازوك، فخلص جنازته ودفن في مقابر باب البستان، وخلف له ثلاثة بنين وثلاث بنات.
2262- مُحَمَّد بْن إسحاق، أَبُو العباس الصيرفي، الشاهد [2] :
حكى عن الزبير بْن بكار. وتوفي في شوال هذه السنة.
2263- مُحَمَّد بْن جعفر بْن مُحَمَّد بْن المهلب، أَبُو الطيب [3] الديباجي:
سمع يعقوب بْن إبراهيم الدورقي، والحسن بْن عرفة وغيرهما. روى عنه أبو بكر
__________
[1] في ت: «أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن علي بن ثابت» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 252) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 135، وشذرات الذهب 2/ 273 وفيه «محمد بن السري البغدادي النحويّ» ) .

(13/276)


الشافعي، وابن المظفر الحافظ. [وَكَانَ ثقة ومات في هذه السنة] [1] .
2264- مُحَمَّد بْن جعفر بْن حمكويه، أَبُو العباس الرازي [2] :
قدم بغداد وحدث بها عن أبي حاتم الرازي، ويحيى بْن معاذ حكايات [3] ، روى عنه أَبُو حفص الكتاني وغيره.
2265- مُحَمَّد بْن جعفر، أَبُو بكر العطار النحوي:
من أهل المخرم، حدث عن الحسن بْن عرفة، وعباس الدوري. روى عنه مُحَمَّد بْن المظفر، وعلي بْن عمر [4] الدارقطني.
2266- مُحَمَّد بْن جعفر بْن حمدان، أَبُو الحسن القماطري [5] :
حدث عن أبي عتبة أَحْمَد بْن الفرج الحمصي وغيره. روى عنه ابن المظفر، والدارقطني.
2267- مُحَمَّد بْن السري، أَبُو بكر النحوي، المعروف بابن السراج [6]
كَانَ أحد العلماء المذكورين بالأدب وعلم العربية، وصحب المبرد. وروى عنه السيرافي والرماني، وَكَانَ ثقة.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، أَخْبَرَنَا الخطيب، أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي عَلي، عن عَلي بْن عيسى بْن عَلي النحويّ، قال: كان أبو بكر ابن السراج يقرأ عليه كتاب الأصول الذي صنفه، فمر فيه باب فاستحسنه بعض الحاضرين، فَقَالَ: هذا والله أحسن من
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 137) .
[3] في ص: «عن أبي حاتم الرازيّ، ويحيى بن معين أو قال: يحيى بن معاذ- شك ناسخ الأصل- حكايات» .
[4] «علي بن عمر» : ساقطة من ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 139) .
[6] انظر ترجمته في: (بغية الوعاة 44، ووفيات الأعيان 1/ 503، وطبقات النحويين واللغويين 122، والوافي بالوفيات 3/ 86، ونزهة الألباب 313، والأعلام 6/ 136، وتاريخ بغداد 5/ 319) .

(13/277)


كتاب المقتضب، فأنكر عليه أَبُو بكر ذلك، وقال: لا تقل هذا وتمثل ببيت، وكان كثيرا ما يتمثل في ما يجرى له من الأمور بأبيات حسنة فأنشد حينئذ:
ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا ... بكاها فقلت الفضل للمتقدم
قَالَ: وحضر في يوم من الأيام بني له صغير، فأظهر من الميل إليه والمحبة له فأكثر، فَقَالَ له بعض الحاضرين: أتحبه، فَقَالَ متمثلا:
أحبه حب الشحيح ماله ... قد كَانَ ذاق الفقر ثم ناله
توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2268- نصر الحاجب [1] :
حجب المقتدر باللَّه، وتقدم عنده، وَكَانَ دينا عاقلا، وخرج إلى لقاء القرامطة محتسبا فأنفق من مالة مائة ألف دينار إلى ما أعطاه السلطان، فاعتل في الطريق.
ومات في هذه السنة، فحمل إلى بغداد في تابوت.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 159) .

(13/278)


ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أن مؤنسا المظفر دخل بغداد بعد أن لقيه عبد الله بْن حمدان، ثم من يراد للإمارة [1] ، وأحكم معه ما أراد، فدخل بيته ولم يمض إلى دار السلطان، فمضى إليه أَبُو العباس ابن أمير المؤمنين، ومحمد بْن عَلي الوزير، وعرفاه شوق أمير المؤمنين إليه، فاعتذر من تخلفه بعلة شكاها، فأرجف الناس بتنكره ووثب الرجالة ببعض حاشيته، فواثبهم أصحابه، فوقع في نفس مؤنس أن هذا بأمر السلطان، فجلس في طياره وصار إلى باب الشماسية، وتلاحق به أصحابه [2] ، وخرج إليه نازوك في جيشه، فلما بلغ المقتدر ذلك صرف الجيش عن بابه، وكاتب مؤنسا وسائر الجيش بإزاحة عللهم في الأموال، وخاطب مؤنسا بأجمل خطاب، وَقَالَ: وأما نازوك فلست أدرى ما سبب عتبه واستيحاشه، والله يغفر له سيئ [3] ظنه وأما ابن حمدان فلست أعرف شيئا أحفظ له إلا عزله عن الدينور، وإنما أردنا نقله إلى ما هو أجل منه وما لأحد من الجماعة عندي إلا ما يحب، واستظهر كل واحد منهم لنفسه بعد أن لا يخلع الطاعة ولا ينقض بيعة فإني مستسلم لأمر الله عز وجل غير مسلم حقا خصني الله به، فاعل ما فعله عثمان بْن عفان رضى الله عنه، ولا آتي في سفك الدماء ما نهى الله عز وجل عنه، ولست انتصر إلا باللَّه.
__________
[1] في ك: «بدار الإمارة» .
[2] في ك: «باب الشماسية ليتلاحق به أصحابه» .
[3] في ص: «والله يغفر له كل شيء» .

(13/279)


فسمع العسكر هذا فقالوا: نمضي فنسمع ما يقول، فأخرج المقتدر جميع من كَانَ يحمل سلاحا وجلس على سريره في حجره مصحف يقرأ فيه، وأمر بفتح الأبواب وأحضر بنيه، فأقامهم حول سريره، فصار المظفر إلى باب الخاصة، ثم صرف الناس على حالة جميلة، فسروا بالسلامة، ورجع المظفر إلى داره، فلما كَانَ يوم الخميس لثلاث عشرة من المحرم عاود أصحاب نازوك وسائر الفرسان الركوب في السلاح، وأخرجوا المظفر على كره منه وغلبه نازوك على التدبير، وركب نازوك يوم الجمعة بعد الصلاة والناس معه في السلاح، فوجدوا الأبواب مغلقة فأحرقوا بعضها ودخلوا وقد تكاملت عدة الفرسان اثني عشر ألفا ومبلغ مالهم في كل شهر خمسمائة ألف دينار، والرجالة عشرون ألفا ومبلغ مالهم [1] عشرون ومائة ألف دينار، فدخل نازوك وأصحابه الدار بخيلهم، فدخل المظفر وأخرج الخليفة وولده والسيدة إلى منزله، ونهب الجند الدار ثم دخل المظفر [2] بالقصر، وأجمع رأي نازوك وعبد الله بْن حمدان على إجلاس مُحَمَّد بْن المعتضد، فجاءوا به في ليلة السبت للنصف من المحرم، فسلموا عليه بالخلافة، ولقب القاهر باللَّه، وقلد أَبُو عَلي بْن مقلة وزارته، ونازوك الحجبة مضافا إلى الشرطة، ونهبت دار السلطان، ووجد لأم المقتدر ستمائة ألف دينار، فحملت وخلع المقتدر من الخلافة يوم السبت النصف من المحرم، وأشهد على نفسه القضاة بالخلع، وسلم الكتاب بذلك إلى القاضي [3] أبي عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف، فسلمه إلى ولده أبي الحسين، وَقَالَ له:
احفظه ولا يراه أحد من خلق الله، فلما أعيد المقتدر إلى الخلافة بعد يومين أخذ القاضي أَبُو عمر الكتاب، فسلمه إلى المقتدر من يده إلى يده وحلف له أنه ما رآه أحد من خلق الله غيري، فحسن موقع ذلك من المقتدر وشكره وقلده بعد مديدة قضاء القضاة [4] .
ولما كَانَ من غد بيعة القاهر، وهو يوم الأحد، جلس القاهر باللَّه، وحضر الوزير أبو
__________
[1] «في كل شهر خمسمائة.... ومبلغ مالهم» ساقطة من ص، ل.
[2] في المطبوعة: «ثم وكل المظفر» .
[3] في ك: «وسلم ذلك الكتاب إلى القاضي» .
[4] في ت: «مدة مديدة قاضي القضاة» .

(13/280)


عَلي بْن مقلة فكتب/ ابن مقلة إلى العمال بخبر تقليده الخلافة، ثم شغب الجند يطلبون الأرزاق [1] ، فلما كَانَ يوم الاثنين اجتمعوا وطالبوا وهجموا فقتلوا نازوك وصاحوا: «مقتدر يا منصور» فهرب الوزير والحجاب والحشم، وجاء المقتدر فجلس، وجيء بالقاهر إليه فأجلسه بين يديه واستدناه وقبل جبينه، وَقَالَ: يا أخي أنت لا ذنب لك، وقد علمت أنك قهرت والقاهر يقول الله الله، نفسي نفسي يا أمير المؤمنين. فَقَالَ له: وحق رَسُول اللَّهِ لا جرى عليك مني سوء أبدا، وعاد ابن مقلة فكتب إلى الأماكن بخلافة المقتدر.
وفيها [2] بذرق الحاج منصور الديلمي وسلموا في طريقهم، فلما وصلوا إلى مكة وافاهم أَبُو طاهر الهجري إلى مكة يوم التروية، فقتل الحاج في المسجد الحرام وفى الفجاج من مكة [3] ، وقتلهم في البيت قتلا ذريعا. وَكَانَ الناس في الطواف وهم يقتلون، وَكَانَ في الجماعة عَلي بْن بابويه يطوف، فلما قطع الطواف ضربوه بالسيوف، فلما وقع أنشد:
ترى المحبين صرعى في ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
واقتلع الهجري الحجر الأسود، وقلع قبة بئر زمزم، وعرى الكعبة، وقلع باب البيت وأصعد رجلا من أصحابه [4] ليقلع الميزاب، فتردى الرجل على رأسه ومات، وقتل أمير مكة، وأخذ أموال الناس، وطرح القتلى في بئر زمزم، ودفن باقيهم في مصارعهم وفى المسجد الحرام من غير أن يصلى عليهم، وانصرف إلى بلده، وحمل معه الحجر الأسود فبقي عندهم أكثر من عشرين سنة إلى أن ردوه.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر، أنبأنا عَلي بْن المحسن، عن أبيه، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الحسين عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي، قَالَ: أخبرني بعض أصحابنا أنه كَانَ بمكة في الوقت الذي دخلها أَبُو طاهر القرمطي ونهبها وسلب البيت وقلع الحجر
__________
[1] في ك: «يطلبون أرزاقهم» .
[2] في ل: «وفي هذه السنة» .
[3] «فقتل الحاج في المسجد الحرام وفى الفجاج من مكة» . ساقطة من ك، ص.
[4] «من أصحابه» : ساقطة من ص، ل.

(13/281)


الأسود [1] والباب وقتل المسلمين في الطواف وفى المسجد وعمل تلك الأعمال العظيمة، قَالَ: فرأيت رجلا قد صعد البيت ليقلع الميزاب، فلما صار عليه سقط فاندقت عنقه، فَقَالَ القرمطي: لا يصعد إليه أحد ودعوه، فترك الميزاب ولم يقلع، ثم سكنت الثائرة بعد يوم أو يومين، قَالَ: فكنت أطوف بالبيت فإذا بقرمطي سكران وقد دخل المسجد [2] بفرسه، فصفر له حتى بال في الطواف، وجرد سيفه ليضرب به من لحق، وكنت قريبا منه، فعدوت، فلحق رجلا كَانَ إلى جنبي فضربه فقتله، ثم وقف وصاح: يا حمير أليس قلتم في هذا البيت من دخله كَانَ آمنا، فكيف يكون آمنا وقد قتلته الساعة بحضرتكم. قَالَ: فخشيت من الرد عليه أن يقتلني، ثم طلبت الشهادة، فجئت حتى لصقت به وقبضت على لجامه وجعلت ظهري مع ركبتيه لئلا يتمكن من ضربي بالسيف، ثم قلت: اسمع، قَالَ: قل: قلت: إن الله عز وجل لم يرد أن من دخله كَانَ آمنا إنما أراد من دخله فأمنوه، وتوقعت أن يقتلني [3] فلوى رأس فرسه وخرج من المسجد وما كلمني.
قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو أَحْمَد الحارثي، قَالَ: أخبرني رجل من أصحاب الحديث أسرته القرامطة سنة الهبير واستعبدته سنين، ثم هرب منها لما أمكنه قَالَ: كَانَ يملكني رجل منهم يسومني سوء العذاب، ويستخدمني أعظم خدمة، ويعربد عَلي إذا سكر، فسكر ليلة وأقامني حياله، وَقَالَ: ما تقول في مُحَمَّد هذا صاحبكم؟ فقلت: لا أدري، ولكن ما تعلمني أيها المؤمن أقوله، فَقَالَ: كان رجلا سائسا [4] ، قال: فما تقول في أبي بكر؟ قلت: لا أدري، قال: كان رجلا ضعيفا مهينا [5] ، قال: فما تقول في عمر؟
قلت: لا أدري، قَالَ: كَانَ والله فظا غليظا، فما تقول في عثمان؟ قلت: لا أدري، قَالَ:
كَانَ جاهلا أحمق، فما تقول في عَلي؟ قلت: لا أدري، قَالَ: كَانَ ممخرقا أليس يقول
__________
[1] «الأسود» : ساقط من ص، ل.
[2] في ك: «وقد دخل البيت» .
[3] في ك: «وتوقعت أن يضربني فيقتلني» .
[4] في ك: «كان رجلا مناسبيا» .
[5] في ك: «كان رجلا ضعيفا مهينا» .

(13/282)


إن هاهنا علما لو أصبت له حملة، أما كَانَ في ذلك الخلق العظيم [1] بحضرته [من يودع] [2] كل واحد منهم كلمة حتى يفرغ ما عنده هل هذه إلا مخرقة؟ ونام فلما كَانَ من غد دعاني، فَقَالَ: ما قلت لك البارحة؟ فأريته أني لم أفهمه، فحذرني من إعادته والإخبار عنه بذلك، فإذا القوم زنادقة لا يؤمنون باللَّه ولا يفكرون في أحد من الصحابة.
قَالَ المحسن: ويدل على هذا أن أبا طاهر القرمطي دخل الكوفة دفعات، فما دخل إلى قبر عَلي عليه السلام واجتاز بالحائر فما زار الحسين. وقد كانوا يمخرقون بالمهدي ويوهمون أنه صاحب المغرب، ويراسلون إسماعيل بْن مُحَمَّد صاحب المهدية المقيم بالقيروان. ومضت منهم سرية مع الحسين بْن أبي منصور بْن أبي سعيد في شوال سنة ستين وثلاثمائة، فدخلوا دمشق في ذي القعدة من هذه السنة، فقتلوا خلقا ثم خرجوا إلى مكة فقتلوا واستباحوا وأقاموا الدعوة للمطيع للَّه في كل فتح فتحوه، وسودوا أعلامهم ورجعوا عما كانوا عليه من المخرقة ضرورة، وقالوا: لو فطنا لما فطن له ابن بويه الديلمي لاستقامت أمورنا، وذلك أنه ترك المذاهب جانبا، وطلب الغلبة والملك فأطاعه الناس.
وَكَانَ من مخاريقهم قبة ينفرد فيها أميرهم وطائفة معه، ولم يقاتلوا، فإذا كل المقاتلون حمل هو بنفسه وتلك الطائفة على قوم قد كلوا من القتال، وكانوا يقولون: إن النصر ينزل من هذه القبة، وقد جعلوا مدخنة وفحما، فإذا أرادوا أن يحملوا صعد أحدهم إلى القبة وقدح وجعل النار في المجمرة وأخرج حب الكحل فطرحه على النار فتفرقع فرقعة شديدة ولا يكون له دخان، وحملوا ولا يلبث لهم شيء ولا يوقد ذلك إلا أن يقول صاحب العسكر: نزل النصر، فكسر تلك القبة أصحاب جوهر الذي ملك مصر.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2269- أحمد بن محمد بن أحمد [3] بن حفص، أبو عمرو الجبري [4] :
__________
[1] «العظيم» : ساقط من ل، ص.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «بن أحمد» : ساقط من ص.
[4] في الأصول: «أبو عمرو الحيريّ» والّذي في الشذرات: «أبو عمرو الجبري» وقد ضبطها ابن العماد فقال: نسبة إلى جبر بالفتح والتشديد» . انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 275) .

(13/283)


شيخ نيسابور في عصره في الرئاسة والعدالة والثروة والحديث، سمع مُحَمَّد بْن رافع وإسحاق بْن منصور، ومحمد بْن يحيى وأبا زرعة، وأبا حاتم في خلق كثير.
وتوفي لست خلون من ذي القعدة من هذه السنة.
2270- أَحْمَد بْن مهدى بْن رستم: [1]
أسند الحديث الكثير [2] .
أنبأنا مُحَمَّد بْن أَبِي الْقَاسِم، أَخْبَرَنَا حمد بْن أَحْمَد، أَخْبَرَنَا [3] أَبُو نعيم الأصبهاني الحافظ، قَالَ: سمعت أبا مُحَمَّد بْن حيان يقول: كَانَ أَحْمَد بْن مهدى ذا مال كثير نحو ثلاثمائة ألف درهم، فأنفقه كله على العلم [4] ، وذكر أنه لم يعرف له فراش أربعين سنة.
وَقَالَ ابن حيان: وسمعت أبا عَلي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم، يقول: قَالَ أَحْمَد بْن مهدي: جاءتني امرأة ببغداد ليلة من الليالي، فذكرت أنها من بنات الناس وأنها امتحنت بمحنة، وقالت: أسألك باللَّه أن تسترني، فقلت: وما محنتك؟ قالت:
أكرهت على نفسي وأنا حبلى، وذكرت للناس أنك زوجي، وأن ما بي من الحبل منك فلا تفضحني، استرني سترك الله عز وجل فسكت عنها ومضت فلم أشعر حتى وضعت، وجاء إمام المحلة في جماعة من الجيران يهنئوني بالولد، فأظهرت لهم التهلل ووزنت في اليوم الثاني دينارين ودفعتهما إلى الإمام، فقلت: ادفع هذا إلى تلك المرأة [5] لتنفقه على المولود فإنه سبق ما فرق بيني وبينها، وكنت أدفع في كل شهر إليها دينارين على يد الإمام، وأقول هذه نفقة المولود إلى أن أتى على ذلك سنتان، ثم توفي المولود فجاءني الناس يعزونني، فكنت أظهر لهم التسليم والرضا، فجاءتني المرأة ليلة من الليالي بعد شهر ومعها تلك الدنانير التي كنت أبعث لها بيد الإمام فردتها، وقالت: سترك الله عز
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 163، وفيه أحمد بن مهدي بن رميم، وذكر أخبار أصبهان 1/ 85، والرسالة المستطرفة 51، والأعلام، وفيه وفاته سنة 272) .
[2] «أسند الحديث الكثير» : ساقطة من ص، ل.
[3] في ت: «أخبرنا محمد بن أبي القاسم، حدثنا حمد بن أحمد، أخبرنا» .
[4] في ك: «فأنفقها كلها على العلم» .
[5] في ك: «أبلغ هذا إلى تلك المرأة» .

(13/284)


وجل كما سترتني، فقلت: هذه الدنانير كانت صلة مني للمولود، وهي لك فاعملي فيها ما تريدين.
2271- إسماعيل بْن إسحاق بْن إبراهيم، مولى بكر بْن مضر بْن النعمان [1] يكنى أبا أَحْمَد:
كَانَ من الغزاة وله مواقف معروفة في الروم، توفي في رجب هذه السنة.
2272- بدر بن الهثيم بْن خلف بْن خالد بْن راشد بْن الضحاك بْن النعمان، أَبُو الْقَاسِم اللخمي القاضي الكوفي [2] :
نزل بغداد وحدث بها عن أبي كريب وغيره، روى/ عنه ابن شاهين ويوسف القواس، وَكَانَ ثقة من المعمرين، وسمع الحديث بعد أن مضى من عمره أربعون سنة.
أنبأنا القزاز، قَالَ: أنبأنا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: حدثني الأزهري، قَالَ: [3] ذكر أَبُو الحسن [4] الدارقطني: ان بدر بْن الهيثم عاش مائة وسبع عشرة سنة، وَكَانَ نبيلا، وأدرك أبا نعيم الفضل بْن دكين، وما كتب عنه، ودخل على عَلي بْن عيسى الوزير فرفعه، وَقَالَ له: كم سن القاضي؟ قَالَ: ما أدري كم سني، ولكن قد كَانَ بالكوفة أعجوبة فركبت مع أبي سنة خمس عشرة ومائتين، وَكَانَ بين الركبتين مائة سنة.
توفي بدر في شوال هذه السنة، وحمل إلى الكوفة، فدفن بها.
2273- جعفر بْن عبد الله بْن جعفر بْن مجاشع، أَبُو مُحَمَّد [5] الختلي.
حدث عن جماعة وروى عنه ابن المظفر، وأبو بكر بْن شاذان، وابن شاهين، وَكَانَ ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2274- جعفر بن مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حبيب، أَبُو بكر المعروف بابن أبي الصعو الصيدلاني:
__________
[1] «بن النعمان» : ساقطة من ص، ل.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 107، والبداية والنهاية 11/ 163) .
[3] في ت: «أخبرنا القزاز، قال أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت» . والسند إلى الأزهري ساقط من ص، ل.
[4] «أبو الحسن» : ساقط من ص، ل.
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 209) .

(13/285)


حدث عن أبي موسى مُحَمَّد بْن المثنى، ومحمد بْن منصور الطوسي، ويعقوب الدورقي. روى عنه ابن شاهين. وكان ثقة. وتوفي في هذه السنة.
2275- عَبْد اللَّه بن محمد بن عبد العزيز بْن المرزبان بْن سابور بْن شاهنشاه، أَبُو الْقَاسِم ابن بنت أَحْمَد بْن منيع [1] :
بغوي الأصل، ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: سنة أربع عشرة في رمضان، وهو أصح، ورأى أبا عبيد ولم يسمع منه، وسمع من يحيى بْن معين جزءا [2] ، فأخذه منه موسى بْن هارون، فرماه في دجلة، وَقَالَ: أتريد أن تجمع في الرواية بين الثلاثة: أَحْمَد بْن حنبل، ويحيى بْن معين، وعلي بْن المديني.
وَكَانَ البغوي يقول: أحصيت المشايخ الذين لا يروي عنهم اليوم غيرى، فكانوا سبعة وثمانين شيخا.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، أخبرنا عَلي بْن المحسن، قَالَ: سمعت عمر بْن أحمد الواعظ، يقول: سمعت عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي، يقول: قرأت بخط جدي أَحْمَد بْن منيع: ولد أَبُو الْقَاسِم ابن بنتي يوم الاثنين في شهر رمضان [3] سنة أربع عشرة ومائتين، وأول ما كتب الحديث سنة خمس وعشرين ومائتين عن إسحاق بْن إسماعيل الطالقاني.
قَالَ الخطيب: وسمع البغوي عَلي بْن الجعد، وخلف بْن هشام البزار، ومحمد بْن عبد الوهاب الحارثي، وأبا الأحوص مُحَمَّد بْن حيان البغوي، وعُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد بْن عائشة التيمي، وأبا نصر التمار، وداود بن عمرو الضبي، ويحيى بْن عبد الحميد الحماني، وأحمد بْن حنبل، وعلي بْن المديني، وحاجب بْن الوليد، ومحمد بْن جعفر الوركاني، وبشر بْن الوليد القاضي، ومحمد بن حسان السمتي،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 111، واللباب 1/ 133، وميزان الاعتدال 3/ 72، ولسان الميزان 3/ 338، والرسالة المستطرفة 58، وتذكرة الحفاظ 2/ 247، ووفاته فيه سنة 310 هـ، والأعلام 4/ 119، والبداية والنهاية 11/ 163) .
[2] «جزءا» : ساقطة من ك.
[3] «في شهر رمضان» : ساقطة من ك.

(13/286)


ومحرز بْن عون، وهارون بْن معروف، وشيبان بْن فروخ، وسويد بْن سعيد، وأبا خيثمة زهير بْن حرب في آخرين من أمثالهم.
روى عنه يحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد، وعلي بْن إسحاق المادرائي، وعبد الباقي بْن قانع، وحبيب بْن الحسن القزاز، ومحمد بْن عمر الجعابي، وأبو بكر بْن مالك القطيعي، وعبد الله بْن إبراهيم الزينبي، وأبو حفص بْن الزيات، ومحمد بْن المظفر، وأبو عمر بْن حيويه، وأبو بكر بْن شاذان، والدارقطني، وابن شاهين، وأبو حفص الكتاني وخلق سوى هؤلاء لا يحصون. وَكَانَ ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أحمد بْن علي بْن ثابت الخطيب، قَالَ: حدثني عَلي بْن أَحْمَد بْن عَلي المؤدب، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إسحاق النهاوندي، حَدَّثَنَا الحسن بْن عبد الرحمن بْن خلاد، قَالَ: لا يعرف في الإسلام محدث وازى عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي في قدم السماع، فإنه توفي في سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وسمعناه يقول: حَدَّثَنَا إسحاق بْن إسماعيل الطالقاني سنة خمس وعشرين ومائتين.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أخبرنا الخطيب، قال [1] : حدثني أبو الوليد الحسن بْن مُحَمَّد الدربندي، قَالَ: سمعت [أبا مُحَمَّد عبدان بْن أَحْمَد الخطيب ابن بنت أَحْمَد بْن عبدان الشيرازي، يقول: سمعت] [2] جدي يقول: اجتاز أَبُو الْقَاسِم البغوي بنهر طابق على باب مسجد، فسمع صوت مستمل فَقَالَ: من هذا؟ فقالوا: ابن صاعد، فَقَالَ ذاك الصبي؟ فقالوا: نعم، قَالَ والله لا أبرح من موضعي حتى أملي من هاهنا، فصعد الدكة وجلس، ورآه أصحاب الحديث فقاموا وتركوا ابن صاعد، ثم قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حنبل الشيباني قبل أن يولد المحدثون، حَدَّثَنَا طالوت بْن عباد قبل أن يولد المحدثون، حَدَّثَنَا أَبُو نصر التمار قبل أن يولد المحدثون، فأملى ستة عشر حديثا عن ستة عشر شيخا ما كَانَ في الدنيا من يروي عنهم غيره.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْن عمر بْن
__________
[1] في ت: «أخبر أحمد بن علي بن ثابت» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/287)


أَحْمَد الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن الْحَسَن [1] بْن عَلِيّ بْن مالك، قَالَ: سألت موسى بْن هارون عن أبي الْقَاسِم بْن منيع، فَقَالَ: ثقة صدوق، لو جاز لإنسان أن يقال له فوق الثقة لقيل له. قلت له: يا أبا عمران فإن هؤلاء يتكلمون فيه، قَالَ: يحسدونه، ابن منيع لا يقول إلا الحق.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور عبد الرحمن بْن مُحَمَّد [الْقَزَّازُ] [2] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ [3] أَحْمَدُ بْنُ علي [بن ثابت] [4] ، قَالَ: حدثني علي بن محمد بن نصر، قال: سمعت حمزة بن يوسف، يقول: سمعت أبا الحسين مُحَمَّد بْن غسان، يقول: سمعت الأردبيلي، يقول: سئل ابن أبي حاتم عن أبي الْقَاسِم البغوي [يدخل في الصحيح؟
قَالَ: نعم، قَالَ حمزة: سألت أبا بكر بْن عبدان عن أبي الْقَاسِم البغوي] [5] قَالَ: لا شك أنه يدخل [6] في الصحيح.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بكر أَحْمَد، حَدَّثَنَا حمزة بْن مُحَمَّد بْن طاهر الدقاق، قَالَ: سمعت الدارقطني يقول: كَانَ أَبُو الْقَاسِم بْن منيع قلما يتكلم على الحديث، فإذا تكلم كَانَ كلامه كالمسمار في الساج.
قَالَ مؤلف الكتاب: هذا كلام العلماء الأثبات في البغوي، وقد تكلم فيه أَبُو أَحْمَد بْن عدي بكلام حاسد لا يخفى سوء قصده.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورِ بْنُ خَيْرُونَ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْن أبي الفضل الإسماعيلي، أَخْبَرَنَا حمزة بْن يُوسُف بْن إبراهيم السهمي، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَد عبد الله بْن عدي الجرجاني، قَالَ: كَانَ أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي وراقا في ابتداء عمره يورق على جده وعمه وغيرهما [7] ، ووافيت العراق سنة سبع وتسعين وما رأيت في مجلسه في
__________
[1] في ت: «عمر بن الحسين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] «أبو بكر» : ساقطة من ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتب على هامشها.
[6] في ك: «لا يشك أنه يدخل» .
[7] «وغيرهما» : ساقطة من ص، ل.

(13/288)


ذلك الوقت إلا دون العشرة غرباء بعد أن يسألهم بنوه مرة بعد مرة حضور مجلس أبيهم فيقرأ عليهم لفظا، وَكَانَ مجانهم يقولون: في دار ابن منيع شجرة تحمل داود بْن عمرو الضبي من كثرة ما يروى عنه، وما علمت أن أحدا حدث عن عَلي بْن الجعد بأكثر مما حدث هو، وسمعه الْقَاسِم المطرز يوما يقول: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ العيشي، فَقَالَ: الْقَاسِم في حرام من يكذب. فلما كبر وأسن ومات أصحاب الإسناد، احتمله الناس واجتمعوا عليه، ونفق عندهم ومع نفاقه وإسناده كَانَ مجلس ابن صاعد أضعاف مجلسه وحدث بأشياء أنكرت عليه، وَكَانَ معه طرف من معرفة الحديث والتصانيف.
قَالَ مؤلف الكتاب رحمه الله [1] : هذا كلام لا يخفى أنه صادر عن تعصب، والوراقة لا تضره، وقلة الجمع عليه لا تؤذيه، وكلام المجان لا أثر له، وقول المطرز خارج عن كلام أهل العلم، وقد ذكرنا قصته مع ابن صاعد على أن ابن صاعد قد سمع منه، وأما الذي أنكر عليه فما عرفنا أحدا أنكر عليه شيئا قط إلا أنه سها مرة في حديث، ثم أعلمهم أنه غلط، وهذا لا عيب فيه لأن الآدمي لا يخلو من الغلط.
أَخْبَرَنَا أبو منصور القزاز، أخبرنا أحمد بن علي بْن ثَابِتٍ، قَالَ: حدثني العلاء بْن أبي المغيرة الأندلسي، أَخْبَرَنَا عَلي بْن بقاء الوراق، أَخْبَرَنَا عبد الغني بْن سعيد الأزدي، قَالَ: سألت أبا بكر مُحَمَّد بْن عَلي النقاش تحفظ شيئا مما أخذ على ابن بنت أَحْمَد بْن منيع؟ فَقَالَ لي: كَانَ غلط في حديث، عن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب، عن ابن شهاب، عن أبي إسحاق الشيباني، عن نافع، عن ابن عمر، فحدث به عن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب، وإنما سمعه من إبراهيم بْن هَانِئ، عن مُحَمَّد بْن عبد الوهاب، فأخذه عبد الحميد الوراق بلسانه ودار على أصحاب الحديث، وبلغ ذلك أبا القاسم ابن بنت أحمد ابن منيع، فخرج إلينا يوما فعرفنا أنه غلط فيه، وأنه أراد/ أن يكتب حَدَّثَنَا إبراهيم بْن هَانِئ، فمرت يده على العادة فرجع عنه، قَالَ أَبُو بكر: ورأيت فيه الانكسار والغم، وَكَانَ ثقة رحمه الله.
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن عَلي الخطيب، أَخْبَرَنَا ابن رزق، أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلي الخطبي، قَالَ: توفي أَبُو الْقَاسِم بْن منيع ليلة الفطر في سنة سبع
__________
[1] في ت: «قال المصنف» .

(13/289)


عشرة وثلاثمائة، ودفن يوم الفطر وقد استكمل مائة سنة وثلاث سنين وشهرا.
قَالَ الخطيب: ودفن في مقبرة باب التبن.
قَالَ المصنف: ورأيت في بعض الروايات أنه مات وهو صحيح السمع والبصر والأسنان، يطأ الإماء.
2276- عَلي بْن الحسن بْن المغيرة، أَبُو مُحَمَّد الدقاق:
سمع إسحاق بْن [أبي] [1] إسرائيل، روى عنه أَبُو بكر بْن شاذان. وَكَانَ ثقة مأمونا. توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2277- محمد بن الحسين بْن مُحَمَّد بْن عمار، أَبُو الفضل، يعرف بابن أبي سعد [2] الهروي:
قدم بغداد فحدث بها عن مُحَمَّد بْن عبد الله الأنصاري، روى عنه ابن المظفر، وَكَانَ ثقة حافظا.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد [القزاز] [3] أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، قال:
قرأت في كتاب أبي الْقَاسِم بْن الثلاج بخطه: قتل أبو الفضل محمد بن الحسين المعروف بابن [أبي] [4] الحسين مع أخيه في يوم الاثنين قبل التروية بيوم في المسجد الحرام، قتلهما القرمطي ابن أبي سعيد الجنابي في السنة التي دخل القرمطي مكة سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
2278- محمد بن زبان بْن حبيب، أَبُو بكر الحضرمي [5] :
ولد سنة خمس وعشرين ومائتين، وحدث عن حرملة بْن يحيى وغيره. وَكَانَ رجلا صالحا ثقة نبيلا ثبتا متقللا فقيرا لا يقبل من أحد شيئا.
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة رحمه الله.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 236) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في شذرات الذهب 2/ 276: «محمد بن زبان بن حبيب، أبو بكر المصري» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 276) .

(13/290)


ثم دخلت سنة ثمان عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه هبت ريح من المغرب في آذار حملت رملا أحمر يشبه رمل الصاغة، فامتلأت منه أسواق بغداد الجانبين وسطوحها ومنازلها، وقيل: إنه من جبلي زرود.
وفيها: قبض المقتدر على أبي علي ابن مقلة، وكانت مدة وزارته سنتين وأربعة أشهر وثلاثة أيام، واستوزر سليمان بْن الحسن بْن مخلد، وجعل عَلي بْن عيسى ناظرا معه.
وفى جمادى الأولى: احترقت دار أبي عَلي بْن مقلة التي في وجه الزاهر، وَكَانَ قد أنفق عليها مائة ألف دينار، وانتهب الناس الخشب والرصاص والحديد.
وفيها حج بالناس [1] عبد السميع بْن أيوب بْن عبد العزيز الهاشمي، وخرجوا بخفارة وبذرقة.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2279- إبراهيم بن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن مطرف بْن مُحَمَّد بْن عَلي، أَبُو إسحاق الاستراباذي:
__________
[1] في ت: «وحج بالناس في هذه السنة» .

(13/291)


سمع من أبي خليفة، وأبي يعلى الموصلي وغيرهما. وَكَانَ ثقة فقيها فاضلا ثبتا.
وتوفي في هذه السنة وهو شاب.
2280- أَحْمَد بْن إسحاق بن البهلول بن حسان بن سنان، أَبُو جعفر التنوخي [1] :
أنباري الأصل، ولد في سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وسمع أباه، وإبراهيم بْن سعيد الجوهري، ومؤمل بن إهاب، وأبا سعيد الأشج، وأبا هشام الرفاعي، وخلقا كثيرا، وكان عنده عن أبي كريب حديث واحد. روى عنه الدارقطني وغيره. وَكَانَ ثقة فقيها على مذهب أبي حنيفة، قيما بالنحو على مذهب الكوفيين، فصيح العبارة، كثير الحفظ للشعر القديم والحديث والسير والتفسير، وَكَانَ شاعرا فصيحا لسنا ورعا متخشنا في القضاء، بيته بيت العلم [2] حمل الناس العلم عن أبيه وجده، وعنه، وعن ابنه [مُحَمَّد] [3] ، وعن ابن أخيه داود بْن الهيثم بْن إسحاق.
ولي أَبُو جعفر قضاء الأنبار وهيت وطريق الفرات من قبل الموفق باللَّه في سنة ست وسبعين ومائتين، ثم تقلده للمعتضد، ثم تقلد بعض كور الجبل [للمكتفي] [4] في سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولم يخرج إليها، ثم قلده المقتدر في سنة ست وتسعين [ومائتين] [5] بعد فتنة ابن المعتز القضاء بمدينة المنصور وطسوجى قطربُّل ومسكن والأنبار وطريق الفرات وهيت، ثم أضاف إليه بعد سنين القضاء [6] بكور الأهواز مجموعة لما مات قاضيها وكيع، وما زال على هذه الأعمال حتى صرف عنها في سنة سبع عشرة وثلاثمائة.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [القزاز] [7] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 4/ 30، وإرشاد الأريب 1/ 82- 94، والجواهر المضية 1/ 57، وشذرات الذهب 2/ 276، وبغية الوعاة 128، ونزهة الألباب 316، والأعلام 1/ 95، والبداية والنهاية 11/ 165) .
[2] «بيته بيت علم» : ساقطة من ص، ل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ك، ت: «ثم أضاف إلى ذلك بعد سنتين القضاء» .
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.

(13/292)


أخبرنا علي بن أبي علي، عن أبي الحسن أَحْمَد بْن يُوسُف الأزرق، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو طالب مُحَمَّد بْن القاضي أبي جعفر بْن البهلول، قَالَ: كنت مع أبي في جنازة وإلى جانبه [أَبُو جعفر] [1] الطبري، فأخذ أبي [يعظ] [2] صاحب المصيبة [ويسليه] [3] وينشده أشعارا، ويروي له أخبارا، فداخله الطبري في ذلك [وذنب معه] [4] ، ثم اتسع الأمر بينهما في المذاكرة وخرجا إلى فنون كثيرة من الآداب والعلم استحسنها الحاضرون، وتعالى النهار وافترقنا، فقال لي أبي: يا بني تعرف هذا الشيخ الّذي داخلنا اليوم في المذاكرة من هو؟ فقلت: هذا أبو جعفر [محمد بن جرير] [5] الطبري [6] ، فقال: إنا للَّه، ما أحسنت عشرتي يا بني، فقلت: كيف؟ قَالَ: ألا قلت لي فكنت أذاكره غير تلك المذاكرة، هذا رجل مشهور بالحفظ والاتساع في صنوف العلم [7] ، وما ذاكرته بحسنها، قَالَ: ومضت على هذا مدة فحضرنا في جنازة أخرى، فإذا بالطبري، فقلت له أيها القاضي هذا الطبري قد جاء، فأومأ إليه بالجلوس عنده، فجلس إلى جنبه وأخذ أبي [يجاريه] [8] فكلما جاء إلى قصيدة ذكر الطبري منها أبياتا، فيقول له أبي، هاتها يا أبا جعفر إلى آخرها، فيتلعثم الطبري، فينشدها [أبي] [9] إلى آخرها وكل ما ذكر شيئا من السير قَالَ أبي: هذا كَانَ في قصة فلان ويوم بني فلان، مر فيه يا أبا جعفر فربما مر وربما تلعثم فمر أبي في جميعه، فما سكت أبي يومه ذلك إلى الظهر وقد بان للحاضرين تقصير الطبري عنه، ثم قمنا فقال لي أبي: الآن شفيت صدري.
أَنْبَأَنَا مُحَمَّد بْن أبي طاهر البزاز، قَالَ: أنبأنا علي بن [أبي] [10] علي التنوخي، عن
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي تاريخ بغداد: «ودأب معه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «الطبري» : ساقطة من ص، ل.
[7] في ت: «والاتساع في فنون العلم» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/293)


أبيه، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو الحسين [عَلي بْن] [1] مُحَمَّد بْن أبي جعفر بْن البهلول، قال: طلبت السيدة أم المقتدر باللَّه من جدي كتاب [2] وقف بضيعة كانت ابتاعتها، وَكَانَ كتاب الوقف [مخزونا] [3] في ديوان القضاء، وأرادت أخذه لتحرقه وتتملك [4] الوقف، ولم يعلم الجد بذلك [5] ، فحمله إلى الدار، وَقَالَ للقهرمانة: قد أحضرت الكتاب فأيش ترسم؟ فقالوا نريد أن يكون عندنا، فأحسن بالأمر، فَقَالَ لأم موسى القهرمانة:
تقولين [لأم المقتدر] [6] السيدة: اتقي الله هذا والله ما لا طريق إليه أبدا أنا خازن المسلمين على ديوان الحكم، فإن مكنتموني من خزنه كما يجب وإلا فاصرفوني وتسلموا الديوان دفعة واحدة، فاعملوا فيه ما شئتم، وأما أن يفعل شيء من هذا على يدي فو الله لا كَانَ ذلك أبدا ولو عرضت على السيف، ونهض والكتاب معه، [وجاء إلى طياره وهو لا يشك في الصرف، فصعد إلى ابن الفرات [7]] وحدثه بالحديث، فَقَالَ [له:] [8] ألا دافعت عن الجواب وعرفتني حتى أكتب [وأملي] [9] في ذلك، والآن أنت مصروف فلا حيلة لي مع السيدة في أمرك، قَالَ: وأدت القهرمانة الرسالة إلى السيدة، فشكت إلى المقتدر، [فلما كَانَ يوم الموكب خاطبه المقتدر] [10] شفاها في ذلك فكشف له الصورة، وَقَالَ له مثل ذلك القول والاستعفاء، فَقَالَ له المقتدر: مثلك يا أَحْمَد من قلد القضاء؟ أقم على ما أنت عليه: بارك الله فيك [11] ولا تخف أن ينثلم محلك عندنا، قَالَ:
فلما عاودت السيدة قَالَ لها المقتدر الأحكام ما لا طريق إلى اللعب به، وابن البهلول
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «من أبي» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وفي ص، ل: «وكان الكتاب في ديوان القضاء» .
[4] في ك: أخذه لتحرقه وتبطل» . وفي ت. «أخذه لحرقه وتتملك» .
[5] في ت: «ولم يعلم أحد بذلك» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على هامشها.
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ص، ل.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[11] في ك: «بارك الله لك فيه وبارك عليك» .

(13/294)


مأمون علينا محب لدولتنا، ولو كَانَ هذا شيئا يجوز لما منعتك إياه، فقالت السيدة: كَانَ هذا لا يجوز؟ فَقَالَ لها: لا هذه حيلة من أرباب الوقف على بيعه وأعلمها كاتبها ابن [عبد] [1] الحميد شرح الأمر وأن الشراء لا يصح بتخريق كتاب الوقف [2] ، وأن هذا لا يحل، فارتجعت المال، وفسخت الشراء وعادت/ تشكر جدي وانقلب ذلك أمرا جميلا عندهم، فَقَالَ جدي بعد ذلك: من قدم أمر الله على أمر المخلوقين كفاه الله شرهم.
توفي أبو جعفر ابن البهلول في ربيع الآخر من هذه السنة.
2281- إسماعيل بْن سعدان بْن يزيد، أَبُو معمر البزاز [3] .
سمع خلقا كثيرا، وروى عنه ابن المظفر الحافظ، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في [شهر] [4] جمادى الآخرة من [5] هذه السنة.
2282- إسحاق بْن مُحَمَّد بْن مروان، أَبُو العباس الغزال:
كوفي حدث عن أبيه، روى عنه ابن المظفر، وَقَالَ الدارقطني: لا يحتج بحديثه.
توفي في هذه السنة.
2283- جعفر بْن مُحَمَّد بْن يعقوب، أَبُو الفضل الصندلي [6] :
سمع من عَلي بْن حرب وغيره، روى عنه ابن حيويه، والقواس. وَكَانَ ثقة صالحا دينا، سكن باب الشعير، وَكَانَ يقال: إنه من الأبدال. توفي في صفر هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت: «لا يصح تحريق كتاب الوقف» .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 298) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ص، ل: «توفي في هذه السنة» .
[6] في ت: «أبو الفضل الصيدلاني» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 211) .

(13/295)


2284- عبد الله بْن أَحْمَد بْن عتاب، أَبُو مُحَمَّد العبدي [1] :
حدث عن أَحْمَد بْن منصور الرمادي. روى عنه ابن حيويه، وابن شاهين، وكان ثقة. توفي في محرم هذه السنة.
2285- عبد الله بْن جعفر [بْن أَحْمَد] [2] بْن خشيش، أَبُو العباس الصيرفي [3] :
سمع يعقوب الدورقي. روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو ثقة [4] .
توفي في جمادى الأولى من هذه السنة.
2286- عبد الملك بْن أَحْمَد بْن نصر بْن سعيد، أَبُو الحسين الخياط [5] :
سمع يعقوب الدورقي، ومحمود بْن خداش، ويونس بْن عبد الأعلى، والربيع بْن سليمان المصريين. روى عنه إسماعيل الخطبي، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة.
توفي في [شهر] [6] رجب من هذه السنة.
2287- عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن المهتدي باللَّه، أَبُو أَحْمَد الهاشمي [7] :
سمع يحيى بْن أبي طالب. روى عنه الدارقطني، وابن شاهين وَكَانَ [8]] راهب بنى هاشم صلاحا ودينا وورعا. توفي في ذي الحجة من هذه السنة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 382) .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 428) .
[4] في ك، ل، ت: «وقال: هو من الثقات) .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 427) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «أبو محمد الهاشمي» . وفي تاريخ بغداد: «عبد الواحد بن محمد المهتدي باللَّه بن هارون الواثق بن محمد المعتصم بن العباس» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 6، 7) .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/296)


2288- مُحَمَّد بْن الحسين بْن حُمَيد بْن الربيع [1] بْن مالك، أبو الطيب اللخمي الكوفي [2] :
ولد سنة أربعين ومائتين، وسكن بغداد، وحدث بها عن أبي سعيد الأشج وغيره [3] . روى عنه ابن المظفر، وابن شاذان، وابن شاهين [4] ، والكتاني. وَكَانَ ثقة يفهم، وقد روى ابن عقدة عن الحضرمي أنه قَالَ: هو كذاب، وهذا ليس بصحيح.
أَخْبَرَنَا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد، قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ [بْنِ ثَابِتٍ] [5] ، قَالَ:
حَدَّثَنِي الصوري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو طاهر بْن مُحَمَّد بْن الحسين المعدل، حَدَّثَنَا أَبُو الحسن بْن سفيان الحافظ، قَالَ: كَانَ [مُحَمَّد] [6] بْن الحسين اللخمي ثقة صاحب مذهب حسن وجماعة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وَكَانَ ممن يطلب للشهادة فيأبى ذلك.
وتوفي في هذه السنة و [قد] [7] قيل توفي سنة عشر وثلاثمائة.
2289- مُحَمَّد بْن الحسين [8] بْن سعيد بْن أبان، أَبُو جعفر الهمذاني ويعرف بالطنان:
قدم بغداد وحدث بها عن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن رشدين المصري، روى عنه الدارقطني، وَقَالَ: هو ثقة، وَقَالَ بعض الحفاظ: ليس بالمرضي.
[توفي في هذه السنة] [9] .
__________
[1] في ت: «بن حميد بن قانع» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 236) .
[3] «وغيره» : ساقطة من ل، ص.
[4] «ابن شاهين» : ساقطة من ل، ص.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[8] هذه الترجمة ساقطة من ل، ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 239، وميزان الاعتدال 3/ 522، ولسان الميزان 5/ 139، وسؤالات السهمي 70) .
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/297)


2290- يحيى بْن مُحَمَّد بْن صاعد، أَبُو مُحَمَّد مولى أبي جعفر المنصور [1] :
ولد سنة ثمان وعشرين ومائتين، ورحل في طلب الحديث إلى البلاد، وكتب، وحفظ، وسمع لوينا، وأحمد بْن منيع، وبندارا، ومحمد بْن المثنى، والبخاري، وخلقا كثيرا، وأول ما كتب الحديث عن الحسن بْن عيسى بْن ماسرجس سنة تسع وثلاثين، روى عنه من الأكابر عبد الله بْن مُحَمَّد البغوي [2] والجعابي [3] ، وابن المظفر، وابن حيويه، والدارقطني، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة مأمونا، من كبار حفاظ الحديث، وممن عني به، وله تصانيف في السنن تدل على فقهه [4] [وفهمه] [5] .
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر بن ثَابِت، قَالَ: حدثني القاضي أَبُو بكر مُحَمَّد بْن عمر الداودي، قَالَ: سمعت شيخا من أصحاب الحديث حسن الهيئة لا أحفظ اسمه يقول: حضر رجل عند يحيى بْن صاعد ليقرأ عليه شيئا من حديثه، وَكَانَ معه جزء عن أبي الْقَاسِم البغوي عن جماعة من شيوخه، فغلط فقرأه على ابن صاعد وهو مصغ إلى سماعه، ثم قَالَ له بعد: أيها الشيخ إني غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس هو من حديثك، إنما هو من حديث أبي الْقَاسِم البغوي، فَقَالَ له يحيى: ما قرأته عَلي هو سماعي من الشيوخ الذين قرأته عنهم، ثم قام فأخرج أصوله وأراه كل حديث قرأه على الشيخ الذي هو مكتوب في الجزء عنه.
توفي يحيى في ذي القعدة من هذه السنة، وله تسعون سنة، ودفن في باب الكوفة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تذكرة الحفاظ 2/ 305، وتاريخ بغداد 14/ 231- 234، والنجوم الزاهرة 3/ 228، والأعلام 8/ 164، وشذرات الذهب 2/ 280) .
[2] في ت: «وأول من روى عنه من الأكابر أبو عبد الله بن محمد البغوي» .
[3] في ت: «والخطابي» .
[4] في ك: «تدل على تفقهه» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

(13/298)


ثم دخلت سنة تسع عشرة وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه قدم مؤنس يوم الخميس لعشر خلون من صفر بالحاج من مكة سالمين، وسر الناس بتمام الحج وانفتاح الطريق، وتلقوه بأنواع الزينة، وضربوا له القباب، وَكَانَ مؤنس قد بلغه في انصرافه من مكة إرجاف بقصد أبي طاهر الهجري طريق الجادة، فعدل بالقافلة عنه فتاه في البرية، ووجد فيها آثارا عجيبة، وعظاما مفرطة في الكبر، وصور الناس من حجارة، وحمل بعضها إلى الحضرة، وحدث بعض من كَانَ معه أنه رأى امرأة قائمة على تنور وهي من حجر والخبز الذي في التنور من حجر [1] ، وقيل: هي بلاد عاد، وقيل: ثمود:
وفيها قبض على سليمان بْن الحسن الوزير، وكانت مدة وزارته سنة وشهرين وتسعة أيام، ثم استوزر المقتدر أبا الْقَاسِم عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الكلواذي، ثم [عزل] [2] ، وكانت وزارته شهرين وثلاثة أيام، ثم استوزر الحسين بْن الْقَاسِم، ثم عزل.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2291- أسلم بْن عبد العزيز بْن هاشم بْن خالد، أَبُو الجعد [3] :
ولي القضاء بالأندلس [4] ، وتوفي بها في رجب هذه السنة.
__________
[1] في ك: «في التنور من حجارة» .
[2] ما بين المعقوفتين: على هامش ت.
[3] في الشذرات: أسلم بن عبد العزيز الأموي، الأندلسي، المالكي» ثم قال: «سمع من يونس بن عبد الأعلمي، والمزني، وصحب بقي بن مخلد مدة» . انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 2/ 281) .
[4] على هامش ت: «ولي القضاء بالأهوازية» .

(13/299)


2292- جعفر بن محمد بن المغلس، أبي الْقَاسِم:
حدث عن حوثرة بْن مُحَمَّد المنقري [1] ، وأبي سعيد الأشج، روى عنه ابن شاهين، ويوسف القواس، وأبو حفص الكتاني. وَكَانَ ثقة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة.
2293- الحسن بْن عَلي بْن أَحْمَد بْن بشار بْن زياد، أَبُو بكر الشاعر، المعروف بابن العلاف [2] :
حدث عن أبي عمر الدوري وغيره. روى عنه ابن شاهين، وابن حيويه وغيرهما.
أخبرنا [أبو منصور] [3] القزاز، قال: أخبرنا أبو بكر أَحْمَد بْن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن أبي المعدل، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن أبي بكر الشاعر، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: كنت ذات ليلة في دار المعتضد وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجلسنا من حجرة كانت مرسومة بالندماء [4] ، فلما أخذنا مضاجعنا وهدأت العيون أحسسنا بفتح الأبواب والأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك وجلسنا في فرشنا، فدخل إلينا خادم من خدم المعتضد، فَقَالَ: إن أمير المؤمنين يقول لكم أرقت الليلة بعد انصرافكم فقلت [5] :
ولما انتبهنا للخيال الّذي سرى ... إذ الدار قفر والمزار بعيد
وقد ارتج على تمامه فأجيزوه ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت له جائزته، وفي الجماعة كل شاعر مجيد مذكور وأديب فاضل مشهور، فأفحمت الجماعة وأطالوا الفكر فقلت مبتدرا:
فقلت لعيني عاودي النوم واهجعي ... لعل خيالا طارقا سيعود
__________
[1] في ت: «حوثرة بن محمد المقرئ» .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 378، وفيات الأعيان 2/ 107- 111، وغاية النهاية 1/ 222، ونكت الهميان 139، والأعلام 2/ 201، وشذرات الذهب 2/ 277 في وفيات سنة 318 هـ) .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ك: «كانت مرسومة للندماء» .
[5] في ك: ت: «الليلة بعد انصرافكم فقلت:» .

(13/300)


فرجع الخادم إليه بهذا الجواب، ثم عاد إلي فَقَالَ: أمير المؤمنين يقول لك:
أحسنت وما قصرت وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده وقد أمر لك بجائزة وها هي، فاخذتها وازداد غيظ الجماعة مني.
توفي الحسن بْن عَلي في هذه السنة، وقيل: في سنة ثمان عشرة عن مائة سنة.
2294- الحسن بْن عَلي بْن زكريا بْن صالح بْن عاصم بْن زفر، أَبُو سعيد العدوي البصري [1] :
ولد سنة عشر ومائتين، وسكن بغداد، وحدث بها [2] عن مسدد، وهدبة، وطالوت، وكامل بْن طلحة وغيرهم. روى عنه الدارقطني، والكتاني، وَكَانَ واضعا للحديث [3] . توفي في هذه السنة.
2295- الحسين بْن الحسين [4] بْن عبد الرحمن، أَبُو عبد الله الأنطاكي قاضي ثغور الشام ويعرف بابن الصابوني [5] :
قدم بغداد وحدث بها عن جماعة [6] ، فروى عنه أَبُو بكر الشافعي، والدارقطني، وابن شاهين/ وَكَانَ ثقة [7] . وتوفي ببغداد في هذه السنة.
2296- عبد الله بْن أَحْمَد بْن محمود، أَبُو الْقَاسِم [8] البلخي:
من متكلمي المعتزلة البغداديين، صنف في الكلام كتبا كثيرة، وأقام ببغداد مدة
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 381، وشذرات الذهب 2/ 281) .
[2] في ص، ل: «وحدث عن مسدد» .
[3] في ت، ك: «وكان وضاعا للحديث» .
[4] في ت: «الحسين بن الحسن» .
[5] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 39) .
[6] «عن جماعة» : ساقطة من ص، ل.
[7] من هذه العلامة إلى العلامة المماثلة ساقط من ص، ل.
[8] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 9/ 384، وتاج التراجم 31، والفهرست 34، وطبقات المفسرين للداوديّ 216، والمقريزي 2/ 348، وفيات الأعيان 3/ 45، ولسان الميزان 3/ 255، وهدية العارفين 1/ 444، وطبقات المعتزلة 88، العبر للذهبي 2/ 176، والملل والنحل 1/ 76. والأعلام 4/ 65، 66، وشذرات الذهب 2/ 281. والجواهر المضية 1/ 271. والفصل 4/ 203) .

(13/301)


طويلة، وانتشرت بها كتبه، ثم عاد إلى بلخ فأقام بها إلى أن توفي في شعبان هذه السنة.
2297- عُبَيْد اللَّهِ بْن ثَابِت بْن أَحْمَد بْن خازم، أَبُو الحسن [1] الحريري:
مولى بني تميم كوفي الأصل، حدث عن أبي سعيد الأشج. روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين. وَكَانَ محدثا كثير الحديث، ثقة فهما. وتوفي في هذه السنة.
2298- عَلي بْن الحسين بْن حرب بْن عيسى، ويعرف: بابن حربويه القاضي [2] :
سمع الحسن بْن عرفة وغيره. وروى عنه ابن حيويه، وابن شاهين. وَكَانَ ثقة [3] عالما أمينا.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا [4] أَحْمَدُ بْن عَلي، حَدَّثَنَا الصوري، أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَنِ الأزدي، حَدَّثَنَا عبد الواحد بْن مُحَمَّد بْن مسرور، حَدَّثَنَا أَبُو سعيد بْن يونس [5] ، قَالَ: عَلي بْن الحسين بْن حرب قاضي مصر يكنى أبا عبيد، قدم مصر على القضاء، وأقام بها دهرا طويلا، وَكَانَ شيئا عجيبا ما رأينا مثله قبله ولا بعده، وَكَانَ يتفقه على مذهب أبي ثور، وعزل عن القضاء سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، وَكَانَ سبب عزله أنه كتب يستعفي من القضاء ووجه رسولا إلى بغداد [يسال في عزله، وَكَانَ قد أغلق بابه وامتنع من أن يقضي بين الناس، فكتب بعزله وأعفي، فحدث حين جاء عزله فكتب عنه ورجع إلى بغداد [6]] وكانت وفاته ببغداد، وَكَانَ ثقة ثبتا.
أنبأنا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد قَالَ أنبأنا أَحْمَد بْن عَلي [7] قَالَ أَخْبَرَنَا [8] البرقاني،
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 349) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 11/ 395، والولاة والقضاة 523، والأعلام 4/ 377، وشذرات الذهب 2/ 281، 282) .
[3] إلى هنا آخر الساقط من ص، ل.
[4] في المطبوعة: «أخبرنا عبد الرحمن أخبرنا» .
[5] في هامش ت: «يوسف» .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت وكتبت على هامشها.
[7] «أنبأنا عبد الرحمن بْن مُحَمَّد قَالَ: أنبأنا أحمد بن علي» : ساقطة من ل، ص.
[8] «أخبرنا» : ساقطة من ص، ل.

(13/302)


قَالَ: ذكرت لأبي الحسن الدارقطني أبا عبيد ابن حربويه، فذكر من جلالته وفضله، وَقَالَ: حدث عنه أَبُو عبد الرحمن النسائي في [الصحيح] [1] ولعله مات قبله بعشرين سنة.
توفي أَبُو عبيد في صفر هذه السنة، وصلى عليه أَبُو سعيد الاصطخري، ودفن في داره.
2299- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن نيروز، أَبُو بكر الأنماطي [2] :
سمع عمرو بْن عَلي، ومحمد بْن المثنى وغيرهما. روى عنه أَبُو بكر الشافعي، وابن المظفر، والدارقطني وغيرهم. وذكره يُوسُف القواس في جملة شيوخه الثقات.
وتوفي في هذه السنة، وقيل في السنة التي قبلها.
2300- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن أبي الحجيم، أبو كثير الشيبانيّ البصري [3] :
قدم بغداد وحدث بها عن يونس بْن عبد الأعلى، والربيع بْن سليمان. روى عنه ابن المظفر، وابن حيويه، وابن شاهين. وكان ثقة.
2301- محمد بن الفضل بن العباس، أبو عبد الله البلخي [4] :
أخبرنا عمر بن ظفر، أَخْبَرَنَا جعفر بْن أَحْمَد، حَدَّثَنَا عبد العزيز بْن عَلي، أَخْبَرَنَا ابن جهضم، قَالَ: حدثني عَلي بْن مُحَمَّد، قَالَ: سمعت إبراهيم الخواص، يقول: قَالَ
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 408، وشذرات الذهب 2/ 280) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 408) .
[4] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 212- 126، وحلية الأولياء 1/ 232، وصفة الصفوة 4/ 138، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 103، والرسالة القشيرية 27، ومعجم البلدان 1/ 713، 2/ 731، 3/ 310، وشذرات الذهب 2/ 282، ومرآة الجنان 2/ 278، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 155- 157، وسير أعلام النبلاء 9/ 2/ 276، 277، والبداية والنهاية 11/ 167، والكواكب الدرية 2/ 52، والنجوم الزاهرة 3/ 23، وكشف الظنون 2079، 5765، وكشف المحجوب 140، 141، ونفحات الأنس 119، واللمع 37، والأعلام 2217، ومعجم المؤلفين 11/ 128، وطبقات الأولياء 65) .

(13/303)


لي مُحَمَّد بْن الفضل: ما خطوت أربعين سنة خطوة لغير الله عز وجل، [وما نظرت أربعين سنة في شيء استحسنته حياء من الله عز وجل] [1] ، وما أمليت على ملكي ثلاثين سنة شيئا ولو فعلت ذلك لاستحييت منهما.
أسند مُحَمَّد عن قتيبة، وصحب ابن خضرويه، وانتقل إلى سمرقند، فمات بها في هذه السنة.
2302- مُحَمَّد بْن سعد، أَبُو الحسين [2] الوراق [3] :
صاحب أبي عثمان النيسابوري، وَكَانَ له علم بالشريعة، وَكَانَ يتكلم في دقائق علوم المعاملات.
أَخْبَرَنَا ابن ناصر، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر بْن خلف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عبد الرحمن السلمي، قَالَ: قَالَ: أَبُو الحسين الوراق: من غض بصره عن محرم أورثه الله بذلك حكمة على لسانه يهتدي بها سامعوه، ومن غض بصره عن شبهة نور الله قلبه بنور يهتدي به إلى طريق مرضاته.
قَالَ السلمى: توفي أَبُو الحسين الوراق قبل العشرين والثلاثمائة.
2303- يحيى بْن عبد الله بْن موسى، أَبُو زكريا الفارسي [4] :
كتب بمصر عن الربيع صاحب الشافعي، وحدث، وَكَانَ ثقة صدوقا، حسن الصلاة، شهد عند القضاة.
وتوفي بمصر في هذه السنة.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، وكتبت على الهامش.
[2] في ص، ك، ل: «أبو الحسن» وقد جاءت هذه الترجمة في ت قبل ترجمة محمد بن إبراهيم بن محمد ابن أبي الجحيم.
[3] انظر ترجمته في: (طبقات الصوفية 299- 301، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 119، والبداية والنهاية 11/ 167، والكواكب الدرية 2/ 52، وطبقات الأولياء 106) .
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 168) .

(13/304)


ثم دخلت سنة عشرين وثلاثمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه كانت شتوتها دفيئة ولم يجمد فيها الماء، وَكَانَ هواؤها كهواء الربيع، فلما جاء الربيع كثرت الأمراض الحادة منذ شباط، وكثر الموت، وعرض لأكثر الناس ذرب.
وَكَانَ قد ورد إلى طريق مكة صاحب لأبي طاهر الهجري ليجبي الحاج، فلم يخرج من الحاج إلا نفر يسير رجالة، فلما فاته من جباية الحاج ما قدر عطف على الأعراب فاجتاحهم.
وحضر من ناظر عن مرداويج بْن زياد الديلمي، والتمس، أن يقاطع عن الأعمال [1] التي غلب عليها من أعمال المشرق، فكتب له عهده وأنفذ له لواء وخلعة.
وفى رمضان توفي قاضي القضاة أَبُو عمر، واستخلف ابنه أَبُو الحسين في سائر أعماله سوى قضاء القضاة.
وفى شوال قتل المقتدر باللَّه، وولي القاهر باللَّه.
باب ذكر خلافة القاهر باللَّه
لما قتل المقتدر وانحدر مؤنس رأى رأس المقتدر، قَالَ: إن قتلتموه والله لنقتلن
__________
[1] في ت: «أن يقاطع على الأموال» .

(13/305)


كلنا فأقل الأشياء أن تظهروا أن ذلك جرى عن غير قصد وأن تنصبوا في الخلافة ابنه أبا العباس [1] ، فإنه إذا جلس في الخلافة سمحت نفسه ونفس جدته والدة المقتدر بإخراج الأموال، فغيروا رأيه وعدلوا به إلى مُحَمَّد بْن المعتضد، فأحضر وسنه ثلاثة وثلاثون سنة، وحلف لهم، وبايعه من حضر من القضاة والقواد، ولقب القاهر باللَّه، وذلك في سحر يوم الخميس لليلتين بقيتا من شوال.
ويكنى القاهر باللَّه أبا منصور، وأمه مولدة [2] يقال لها: قبول، توفيت قبل خلافته، ولد لخمس خلون من جمادى الأولى [3] من سنة سبع وثمانين ومائتين، ولما استخلف نقش على سكة العين والورق «مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ، القاهر باللَّه، المنتقم من أعداء الله لدين الله» .
وَكَانَ رجلا ربعة ليس بالطويل ولا بالقصير، أسمر معتدل الجسم، أصهب الشعر، طويل الأنف، في مقدم لحيته طول لم يشب إلى أن خلع، وزر له أَبُو عَلي بْن مقلة، وأبو جعفر مُحَمَّد بْن الْقَاسِم بن عبيد الله، وأبو العباس بْن الخصيب، وحجبه عَلي بْن يلبق، وما زال القاهر باللَّه باحثا عن مواضع المستترين من ولد المقتدر وأمهات أولاده وحرمه والمناظرة لوالدة المقتدر، وطلب المال منها على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
2304- أَحْمَد بْن عمير بْن جوصاء، أَبُو الحسن الدمشقي [4] :
كتب عنه، وتوفي في دمشق هذه السنة.
__________
[1] على هامش ك: «وهو الراضي باللَّه الّذي ولي الخلافة بعد القاهر» .
[2] في ك: «وأمه أم ولد» .
[3] في ك: «من جمادى الآخرة» .
[4] في ص، ك: «أبو الحسن الدمشقيّ» .
انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 171، وتذكره الحفاظ 795) .

(13/306)


2305- إبراهيم بْن مُحَمَّد بْن عَلي بْن بطحاء بْن عَلي بْن مقلة، أَبُو إسحاق التميمي [1] :
روى عن عَلي بْن حرب الطائي، وعباس الدوري [2] ، وَكَانَ ثقة فاضلا، وذكر أَبُو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي، قَالَ: مر إبراهيم بْن بطحاء وإليه الحسبة بجانبي بغداد بباب قاضي القضاة أبي عمر، فرأى الخصوم جلوسا على بابه ينتظرون جلوسه للنظر بينهم [3] ، وقد تعالى النهار، وهجرت الشمس، فوقف واستدعى حاجبه، وَقَالَ: تقول لقاضي القضاة الخصوم [4] جلوس بالباب قد بلغتهم الشمس وتأذوا بالانتظار فإما جلست لهم، أو عرفتهم عذرك لينصرفوا ويعودوا [5] .
2306- إسماعيل بْن عباد بْن الْقَاسِم بْن عباد أَبُو عَلي القطان [6] :
حدث عن عَلي بْن حرب وغيره روى عنه ابن شاهين.
وتوفي في رمضان هذه السنة.
2307- إسحاق بْن موسى بْن سعيد الرملي:
حدث عن أبي داود السجستاني وغيره. روى عنه المعافى بْن زكريا، وَكَانَ ثقة.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة.
2308- بن سُلَيْمَان بْن نصر بْن منصور المري [7] :
يروي عَنْ أبِيهِ، وعن ربعي بْن مخلد. توفي بالأندلس في هذه السنة.
__________
[1] في تاريخ بغداد: «بن علي بن مسقلة» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 164) .
[2] في ص، ل: «عباس الدورقي» .
[3] في ك، ت: «جلوسه لينظر بينهم» .
[4] أرخ وفاته في تاريخ بغداد سنة 332 هـ.
[5] في هذه الترجمة ساقطة من ص.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 6/ 298) .
[6] هذه الترجمة ساقطة أيضا من ص.
وانظر ترجمته في، (تاريخ بغداد 6/ 395) .
[7] في ت: بياض مكان الاسم الأول من الترجمة، ولم نعثر له على ترجمة عن طريق اسم أبيه فيما بين يدينا من مصادر، وهذه الترجمة ساقطة من جميع الأصول المخطوطة، ومن المطبوعة.

(13/307)


2309- بكير الشراك [1] :
أحد شيوخ الصوفية، كَانَ ينزل بالشونيزية.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ/، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ ابن ثابت، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري [2] ، أخبرنا مُحَمَّد بْن الحسين السلمي، قَالَ: [سمعت الحسين بْن أَحْمَد، يقول:] [3] بكير الشراك لم أر في مشايخ الصوفية أحسن لزوما للفقر منه.
مات سنة عشرين وثلاثمائة.
2310- جعفر المقتدر باللَّه أمير المؤمنين [4] :
كَانَ قد بلغ إلى مؤنس أن المقتدر قد دبر عليه حتى يقبض عليه، فغضب وأصعد إلى الموصل، ووجه رسولا، فأخذ الرسول وضرب، ووقع الوزير الحسين بْن الْقَاسِم بقبض أملاك مؤنس، وملك مؤنس الموصل، ثم أقبل إلى بغداد، فلما بلغ الجند خبره شغبوا على المقتدر فأطلق لهم مالا كثيرا، وخرج إلى حربه، فجعل الجند يتسللون إلى مؤنس، ثم نادوا باسم مؤنس، فأتى مؤنس عكبرا وضرب المقتدر مضربه بباب الشماسية، وركب يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال فمر في الشارع يريد مضربه، وعليه قباء فضي مصمت و [عليه] [5] عمامة سوداء، والبردة على كتفيه، وبين يديه أعلام الملك وألويته، وحوله جماعة من الأنصار بأيديهم المصاحف، وكثر دعاء الناس له، ثم جرت الحرب [6] ، ووافى البربر [7] من أصحاب مؤنس، فأحاطوا بالمقتدر وضربه رجل
__________
[1] في ت: «بكير بن الشراك» . وفي ك: «بكير بن سواك» .
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 112) .
[2] في ت: «أَخْبَرَنَا أَحْمَد بن على بن ثابت، حَدَّثَنَا إسماعيل بن احمد الحيريّ» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[4] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 11/ 169، شذرات الذهب 2/ 231، 238، 284، والنجوم الزاهرة 2/ 233، وتاريخ الخميس 2/ 345- 349، وتاريخ بغداد 7/ 213، والكامل لابن الأثير 8/ 3- 35، والأعلام 2/ 121) .
[5] «مصمت وعليه» : ساقطة من ص، ل. وما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] «وكثر دعاء الناس له، ثم جرت الحرب» : ساقطة من ص.
[7] في ت: «ووافى البريد» .

(13/308)


منهم من خلفه ضربة سقط منها إلى الأرض، فَقَالَ: أنا الخليفة، فَقَالَ البربري: لك أطلب [1] ، وأضجعه فذبحه بالسيف، ورفع رأس المقتدر على سيف، ثم على خشبة، وسلب ثيابه حتى مر به بعض الأكرة [2] ، فستره بحشيش ثم حفر له في الموضع، ودفنت جثته دون رأسه [3] ، وذلك برقة الشماسية [4] مما يلي قرية يحيى، وَكَانَ المقتدر قد أتلف [5] نيفا وسبعين ألف ألف دينار [6] ، وذلك أكثر مما جمعه [7] هارون الرشيد، وحمل رأسه إلى مؤنس، وَكَانَ سنه يومئذ ثمانيا وثلاثين سنة وشهرا وخمسة أيام، وَكَانَ قتله في الساعة الرابعة يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال هذه السنة، وكانت خلافته أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا وأربعة عشر يوما، من جملتها يومان وثلاث ليال خلع فيها من الخلافة ثم أعيد.
قَالَ أَبُو بكر الصولي: عاش المقتدر في الخلافة أكثر مما عاش الخلفاء قبله، فإن المعمرين من الخلفاء [قبله] [8] معاوية، وعبد الملك، وهشام، والمنصور، والرشيد، والمأمون، والمعتمد، وزاد هُوَ عليهم [9] ، ثم كلهم ماتوا على فرشهم، وختم له بالشهادة.
ومن العجائب أنه لم يل الخلافة من اسمه جعفر ويكنى أبا الفضل إلا هو، والمتوكل. وقتل هو يوم الأربعاء، والمتوكل ليلة الأربعاء.
2311- الحسن بْن الربيع، أَبُو عَلي البجلي [10] :
من أهل الكوفة [11] . سمع حماد بْن زيد، وابن المبارك، وابن إدريس وغيرهم.
__________
[1] في ت: «فقال له البريدي لك أطلب» . وفي ك: «فقال له البربري لك الطلب» .
[2] في ت: «مرّ به بعض الأكراد» .
[3] في ت: «ودفنت جسده دون رأسه» .
[4] في ت: «وذلك بالشماسية» .
[5] في ك، ت: «وكان المقتدر قد جمع» .
[6] في ت: «نيفا وتسعين ألف ألف دينار» .
[7] في ص، ب: «وخلف أكثر مما جمعه» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] في ص، ل: «وزاد عليهم» .
[10] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 307) .
[11] «من أهل الكوفة» : ساقطة من ص، ل.

(13/309)


روى عنه عباس الدوري وغيره وحنبل. وَكَانَ ثقة صالحا، متعبدا، يبيع البواري [1] .
2312- الحسن بْن مُحَمَّد بْن عمر بْن جعفر بْن سنان، أَبُو عَلي النيسابوري [2] :
حدث عن جماعة. وروى عنه يُوسُف القواس، وَكَانَ ثقة. توفي في هذه السنة.
2313- الحسين بْن صالح بْن خيران، أَبُو عَلي الفقيه الشافعي [3] :
كَانَ من أفاضل الشيوخ وأماثل الفقهاء [مع] [4] حسن المذهب وقوة الورع، وأراده السلطان أن يلي القضاء فلم يفعل.
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا [أَبُو بَكْرٍ بْن ثَابِت، أَخْبَرَنَا] [5] القاضي أَبُو العلاء مُحَمَّد بْن عَلي الواسطي [6] ، أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبيد العسكري [7] ، قَالَ:
أريد أَبُو عَلي بْن خيران للقضاء [8] فامتنع، فوكل أَبُو الحسن عَلي بْن عيسى الوزير ببابه، وختم فبقى بضع عشرة يوما [9] ، فشاهدت الموكلين على بابه حتى كلم فأعفاه، فَقَالَ لي أبي: يا بني انظر حتى تحدث إن عشت أن إنسانا فعل به مثل هذا وامتنع [10] .
أَخْبَرَنَا المبارك بْن عَلي الصيرفي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن المهدي [11] ، أَخْبَرَنَا خيران بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي بن خيران الفقيه، قال: أخبرني
__________
[1] أرخ الخطيب البغدادي وفاته في سنة 220 هـ.
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 7/ 417) .
[3] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 8/ 53، والبداية والنهاية 11/ 171، وشذرات الذهب 2/ 287، ووفيات الأعيان 2/ 133- 134، وطبقات السبكي 2/ 213) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[6] في ت: «محمد بن علي القاضي» .
[7] في ك: «محمد بن عسكر العسكري» .
[8] في ك: «بن خيران على القضاء» .
[9] «فبقي بضع عشرة يوما» : ساقطة من ك.
[10] في ك: «فعل به مثل هذا البلاء فامتنع» .
[11] «بن المهدي» : ساقط من ص، ل.

(13/310)


أَبُو عبد الله الحسين بْن مُحَمَّد الفقيه الكشفلي: أن عَلي بْن عيسى وزير المقتدر باللَّه أمر نازوك صاحب البلد [1] أن يطلب الشيخ أبا عَلي بْن خيران الفقيه حتى يعرض عليه قضاء القضاة فاستتر، فوكل بباب داره رجاله بضعة عشر يوما حتى احتاج إلى الماء فلم يقدر عليه إلا من عند الجيران، فبلغ الوزير ذلك فأمر بإزالة التوكيل عنه، وَقَالَ في مجلسه والناس حضور: ما أردنا بالشيخ أبي عَلي بْن خيران إلا خيرا، أردنا أن نعلم أن في مملكتنا رجلا يعرض عليه قضاء القضاة شرقا وغربا وهو لا يقبل.
توفي أَبُو عَلي بْن خيران في ذي الحجة من هذه السنة.
2314- الحسن بن مُحَمَّد بْن الحسين بْن إبراهيم بْن إشكاب، أَبُو الحسين العامري:
سمع الزبير بْن بكار، روى عنه ابن المظفر، وابن شاهين. وكان ثقة يسكن باب خراسان [2] ، توفي في ذي القعدة من هذه السنة.
2315- عبد الملك بْن مُحَمَّد بْن عدي، أَبُو نعيم الفقيه الجرجاني الأستراباذيّ [3] :
سافر البلاد وكتب الحديث الكثير [4] وسمع أَحْمَد بْن منصور الرمادي، وعلي بْن حرب الطائي في جماعة. روى عنه ابن صاعد [5] . وَكَانَ أحد أئمة المسلمين من الحفاظ للشرع مع صدق وورع وضبط وتيقظ. وَكَانَ يحفظ الموقوفات والمراسيل كما يحفظ الحفاظ المسانيد.
__________
[1] في ك: «أمر نازوك صاحب الشرطة» .
[2] في ك: «كان ثقة سكن بغداد في باب خراسان» .
[3] أرخ الخطيب في تاريخه وفاته في حدود سنة عشرين وثلاثمائة. وفي الأنساب وغيره أرخ وفاته سنة 323 هـ. وسيكرر المصنف ترجمته في وفيات سنة 323 هـ، وكذلك أرخ صاحب الشذرات وفاته بسنة 323 هـ.
وانظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 10/ 428، وتذكرة الحفاظ 3/ 35، والأعلام 4/ 162، وشذرات الذهب 2/ 299) .
[4] «سافر البلاد وكتب الحديث الكثير» : ساقطة من ص، ل.
[5] «روى عنه ابن صاعد» : ساقط من ص، ل.

(13/311)


2316- العباس بْن بشر بْن عيسى بْن الأشعث، أَبُو الفضل المعروف بالرخجي [1] :
وَكَانَ يسكن بالجانب الشرقي، وحدث عن يعقوب الدورقي، روى عنه ابن شاهين، وَكَانَ ثقة، توفي في شوال هذه السنة، ودفن بالمالكية.
2317- مُحَمَّد بْن إبراهيم بْن حفص بْن شاهين، أَبُو الحسن البزاز [2] :
حدث عن يُوسُف بْن موسى القطان وغيره. وروى عنه الدارقطني وغيره. وذكره يُوسُف القواس في جملة شيوخه الثقات.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي، أخبرنا أَحْمَد بْن أبي جعفر القطيعي، قَالَ: سمعت القاضي أبا الحسن الجراحي يذكر: أن ابن شاهين هذا مات فجاءة، وقد خرج من الحمام في عشية [3] يوم الاثنين لخمس خلون من شهر رمضان سنة عشرين وثلاثمائة.
2318- مُحَمَّد [بْن الحسين] [4] بْن أزهر بْن جبير بْن جعفر، أَبُو بكر القطائعي الدعاء الأصم:
حدث عن قعنب بْن محرز الباهلي [5] ، وعمر بن شبة وغيرهما. وروى عنه أَبُو عمرو السماك. وَكَانَ غير ثقة، يروى الموضوعات عن الثقات. توفي في أول هذه السنة.
2319- مُحَمَّد بْن الحسن بْن الحسين بْن الخطاب بْن فرات، أَبُو بكر العجلي [6] :
ويعرف بالكاراتي [7] ، حدث عن سعدان بْن نصر [8] وغيره. روى عنه أَبُو عمر والسماك، وأبو بكر بن شاذان أحاديث مستقيمة.
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 12/ 154) .
[2] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 1/ 408) .
[3] في ص: «وقد خرج من الحمام في عافية» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[5] في ت: «ابن محمد الباهلي» .
[6] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 2/ 194) .
[7] في ص، ك، ل: «ويعرف بالكاراني» .
[8] في ت: «عن سعد بن نصر» .

(13/312)


2320- محمد بن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم، أبو عمر القاضي الأزدي مولى آل جرير بْن حازم [1] :
ولد بالبصرة لتسع خلون [2] من رجب سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وسمع مُحَمَّد بْن الوليد البسري، ومحمد بْن إسحاق الصاغاني، والحسن بْن أبي الربيع الجرجاني، وزيد بْن أخرم في آخرين، روى عنه الدارقطني، وأبو بكر الأبهري، ويوسف بْن عمر القواس، وابن حبابة وغيرهم، وَكَانَ ثقة فاضلا، غزير العقل والحلم [3] والذكاء، يستوفي المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة، ومن سعادته أن المثل يضرب بعقله وسداده وحلمه، فيقال في العاقل الرشيد: «كأنه أَبُو عمر القاضي» . وفي الحليم:
«لو أني أَبُو عمر القاضي ما صبرت» .
ولي قضاء مدينة المنصور [4] والأعمال المتصلة بها في سنة أربع وستين وجلس في جامع المدينة، ثم استخلف نائبا عن أبيه على القضاء بالجانب الشرقي، وَكَانَ يحكم بين أهل المدينة رياسة، وبين أهل الجانب الشرقي خلافة إلى سنة اثنتين وتسعين ومائتين، ولما توفي أَبُو خازم القاضي عن الشرقية نقل أَبُو عمر عن مدينة المنصور إلى قضاء الشرقية، فكان على ذلك إلى سنة ست وتسعين، ثم صرف هو ووالده عن جميع ما كَانَ/ إليهما، وتوفي والده سنة سبع وتسعين ومائتين [5] ، وما زال أَبُو عمر ملازما لمنزله إلى سنة إحدى وثلاثمائة، فتقلد عَلي بْن عيسى الوزارة وأشار على المقتدر به، فقلده الجانب الشرقي والشرقية وعدة نواحي من السواد والشام والحرمين واليمن وغير ذلك، ثم قلده قضاء القضاة سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وحمل الناس عنه علما كثيرا من الحديث وكتب الفقه التي صنفها إسماعيل بْن إسحاق، وعمل مسندًا كبيرا، ولم ير الناس ببغداد
__________
[1] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد 3/ 401، والبداية والنهاية 11/ 171، 172، والأعلام 7/ 148، وشذرات الذهب 2/ 286، 287) .
[2] في ت: «ولد بالبصرة لسبع خلون» .
[3] في ك: «غزير الفضل والحلم» .
[4] في ت: «تولى القضاء بمدينة المنصور» .
[5] «ثم صرف هو ... سبع وتسعين ومائتين» .

(13/313)


أحسن من مجلسه، فكان يجلس للحديث وعن يمينه أَبُو الْقَاسِم بْن منيع وهو قريب من أبيه في الحسن والإسناد، وعن يساره ابن صاعد، وأبو بكر النيسابوري بين يديه، وسائر الحفاظ حول سريره.
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ:
أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ [أَبِي] [1] عَلِيٍّ الْمُعَدَّلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن مُحَمَّد بْن عبيد الدقاق، قَالَ: قَالَ لي أَبُو إسحاق بْن جابر الفقيه [2] لما ولي أَبُو عمر طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه، فكنا نستفتى فنقول [3] : امضوا إلى القاضي ونراعي ما يحكم به فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص، فنخاف أن نحرج إن لم نفت [4] فتعود الفتاوى إليه، فيحكم بما يفتى به الفقهاء، فما عثرنا عليه بخطأ.
قَالَ عَلي: وسمعت أبا إسحاق إبراهيم بْن أَحْمَد الطبري، يقول: سمعت بعض شهود الحضرة القدماء يقول: كنت بحضرة أبي عمر القاضي وجماعة من شهوده [وخلفائه] [5] فاحضر ثوبا يمانيا قيل [في] [6] ثمنه خمسون دينارا، فاستحسنه كل من حضر المجلس [7] ، فَقَالَ: يا غلام هات القلانسي، فجاء، فَقَالَ: اقطع جميع هذا الثوب قلانس واحمل إلى كل واحد من أصحابنا قلنسوة، ثم التفت إلينا فَقَالَ: إنكم استحسنتموه بأجمعكم ولو استحسنه واحد [منكم] [8] لوهبته له، فلما اشتركتم في استحسانه لم أجد طريقا إلى أن [يحصل] [9] لكل واحد شيء منه إلا بأن يجعله قلانس، يأخذ كل واحد منا واحدة [10] .
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[2] في ت، ك: «قال لي أبو الحسن إبراهيم بن حازم الفقيه» .
[3] في ت: «فكنا نستفتيه فيقول» .
[4] على هامش ت: «إن لم نعلم» .
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت، ك.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[7] في ت: «كل من في المجلس» .
[8] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[9] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[10] في ت: «لم أجد طريقا إلى أن لكل واحد منكم قلنسوة واحدة» .

(13/314)


أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا أَحْمَد بْن عَلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بكر البرقاني، قَالَ: حكى لي الحمدوني: أن إسماعيل القاضي ببغداد كَانَ يحب الاجتماع مع إبراهيم الحربي، فقيل لإبراهيم لو لقيته؟ فَقَالَ: ما أقصد من له حاجب، فقيل ذلك لإسماعيل فنحى الحاجب عن بابه أياما فذكر ذلك لإبراهيم فقصده، فلما دخل تلقاه أَبُو عمر مُحَمَّد بْن يُوسُف القاضي وَكَانَ بين يدي إسماعيل غلام [1] قائم، ولما نزع إبراهيم نعله أمر أَبُو عمر غلاما له أن يرفع نعل إبراهيم في منديل معه، فلما طال المجلس بين إسماعيل وإبراهيم وجرى بينهما من العلم ما تعجب منه الحاضرون، ولما أراد إبراهيم [2] القيام تقدم أَبُو عمر إلى الغلام أن يضع نعله بين يديه من حيث رآها إبراهيم ملفوفة في المنديل، فَقَالَ إبراهيم لأبي عمر: رفع الله قدرك في الدنيا والآخرة، فقيل:
إن أبا عمر لما توفي رآه بعضهم في المنام، فَقَالَ لَهُ: مَا فعل الله بك؟ فَقَالَ: أدركتني دعوة الرجل الصالح إبراهيم [الحربي أو كما] [3] قَالَ الحمدوني.
توفي أَبُو عمر يوم الأربعاء لست بقين من رمضان [4] هذه السنة، وهو ابن ثمان وسبعين سنة [5] ، ودفن في داره [رحمه الله] [6] .
__________
[1] في ص، ل: «يدي إسماعيل قائما» .
[2] في ت: «طال المجلس وبقي بينهم من الحاضرين من العلم أراد إبراهيم» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[4] في ت: «لسبع بقين من رمضان» .
[5] «سنة» : ساقط من ص، ل.
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت. وإلى هنا انتهى صلة تاريخ الطبري لمحمد بن عبد الملك الهمذاني.

(13/315)