المنتظم في تاريخ الأمم والملوك
ثم دخلت سنة احدى
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[استدعاء سليمان شاه ابن محمد الى باب الحجرة]
أن سليمان شاه بن محمد استدعى يوم الجمعة خامس عشر المحرم إلى باب
الحجرة فجاء في الماء وخرج أهل بغداد للفرجة، فلما حضر أحلف على النصح
والموافقه [1] ولزوم الطاعة، وأنه لا يتعرض للعراق بحال ووعده بالخطبة.
فلما كان يوم الجمعة تاسع عشر المحرم خطب له بعد سنجر ولقب بألقاب أبيه
ونثر على الخطيب الدراهم والدنانير فلما كان يوم السبت رابع عشر صفر
أخرج الخليفة السرادق والأعلام، فلما كان صبيحة الاثنين سادس عشر صفر
بعث إلى سليمان فأحضر باب الحجرة وخلع عليه وتوج وسور واحلف على ما ذكر
أيمانا كثيرة وقرر بأن العراق للخليفة ولا يكون لسليمان إلا ما فتحه من
بلاد خراسان وأعطى الفرس والمركب وأسرج 48/ أله الزبزب وركب في الماء
وكان الناس في السميريات يتفرجون/ حتى تعذرت السفن [2] ، وبعث الخليفة
إليه عشرين ألف دينار ومائتي كر وخلع على الأمراء الذين معه ثم رحل
وضرب في النهروان وتبعه العساكر وبعث إلى الخليفة: ما أرحل حتى أراك
فيقوى قلبي، فخرج الخليفة في غرة ربيع الأول فرحل معه منازل وهو يتقدم
إلى أن وصلوا حلوان ونفذ معه العسكر وعاد.
[إخلاء سبيل أبي البدر ابن الوزير من
القلعة]
وفي ربيع الآخر: خلى سبيل أبي البدر ابن الوزير من القلعة، وكان بين
أخذه
__________
[1] في الأصل: «أحلف على الصلح والموافقة» .
[2] في الأصل: «حتى تعذرت المراكب» .
(18/106)
وإطلاقه ثلاث سنين وأربعة أشهر، وخرج أخوه
والموكب فاستقبلوه، وكان يوما مشهودا.
وفي سلخ ربيع الآخر [1] : كثر الحريق ببغداد ودام أياما فوقع بدرب
فراشا ودرب الدواب ودرب اللبان وخرابة ابن جردة والظفرية والخاتونية
ودار الخلافة وباب الأزج وسوق السلطان وغير ذلك.
[خروج الخليفة إلى ناحية الدجيل]
وفي رجب: خرج الخليفة إلى ناحية الدجيل، وكان قد تولى حفره ابن جعفر
صاحب الديوان ثم رجع وعاد فخرج فأبصر الأنبار وسار في أسواقها ودروبها
[ثم رجع] [2] وعاد متصيدا.
وجاءت الأخبار بان ملك شاه ابن اخي سليمان شاه قد انضاف إليه وأنهم
اتصلوا بألدكز وتحالفوا فلما سمع بذلك محمد شاه سار إليهم وضرب معهم
مصافا فانهزموا بين يديه وتشتت العسكر ووصل من عسكر الخليفة إلى بغداد
نحو خمسين فارسا بعد أن كانوا ثلاثة آلاف/ ولم يقتل منهم أحد إنما أخذت
خيولهم وأموالهم وتشتتوا وجاءوا 48/ ب عراة، وجاء الخبر أن سليمان شاه
انفصل عن ألدكز وجاء يقصد بغداد على طريق الموصل وكان عاجزا عن حسن
التدبير فهان في عيون أهل الأطراف فخرج على كوجك أمير الموصل فقبض عليه
ورقاه إلى القلعة في رمضان هذه السنة وبعث إلى محمد شاه يقول له قد
قبضت عليه فتعال تسلمه وإن أردت أن تقصد بغداد فأنا ألحق بك، فسار محمد
شاه يقصد بغداد فوصل إلى ناحية بعقوبا وبعث إلى علي كوجك فتأخر عنه،
وانزعجت بغداد وأحضرت العساكر وخرج الوزير يستعرض العسكر وذلك في مستهل
ذي الحجة فلما أقبل محمد شاه إلى بغداد اضطربت عساكر العراق على
الخليفة فعصى بدر بن المظفر صاحب البطيحة وأرغش صاحب البصرة.
[إخراج الوزير شرف الدين الزينبي من داره
وقلع من قبره]
وفي رجب هذه السنة: أخرج الوزير شرف الدين الزينبي من داره وقلع من
قبره فحمل إلى الحربية في الماء ليلا بعد أن أحضر الوعاظ فتكلموا قبل
قلعه من داره من أول الليل، وعبرت معه الاضواء الكثيرة [والخلق الكثير]
[3] .
__________
[1] في الأصل: «وفي شهر ربيع الآخر» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(18/107)
واتفق أن رجلا يقال له أبو بكر الموصلي قص
ظفره فحاف عليه فخبثت يده ومات.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
4206- رشيد الخادم:
كان [1] صاحب أصبهان. توفي في هذه السنة.
4207- سلمان بن مسعود بن الحسين بن حامد، أبو محمد القصاب، ويعرف
بالشحام
[2] :
ولد سنة سبع وسبعين وسمع ثابتا، وابن الطيوري، ويحيى بن منده، وغيرهم،
وكان سماعه صحيحا، وكان من أهل السنة، قرأت عليه كثيرا من حديثه.
وتوفي في هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب.
4208- علي بن الحسين، أبو الحسن الغزنوي
[3] :
قدم بغداد في سنة ست عشرة فسمع الحديث على مشايخنا وكان يعظ وكان مليح
الإيراد لطيف الحركات فأمرت خاتون زوجة المستظهر فبنى له رباط بباب
الأزج ووقفت عليه الوقوف وصار له جاه عظيم تميل الأعاجم إليه وكان
السلطان يأتيه فيزوره وكثر زبون مجلسه بأسباب منها طلب جاهه وكثرة
المحتشمين عنده [4] والقراء واستعبد كثيرا من العلماء والفقراء بنواله
وعطائه وكان محفوظه قليلا فكان يردد ما يحفظه.
وحدثني جماعة من الفقراء انه كان يعين لهم ما يقرءون بين يديه ويتحفط
الكلام عليه.
49/ ب سمعته/ يوما يقول في مجلس وعظه: الحكمة في المعراج لرسول الله
صلى الله عليه وسلم انه
__________
[1] «كان» : ساقطة من ت.
[2] في الأصل: «سليمان بن مسعود بن الحسين» .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 411، والبداية والنهاية 12/ 334،
وشذرات الذهب 4/ 159)
[4] في الأصل: «وكثرة المتكلمين» .
(18/108)
رأى ما في الجنة والنار ليكون يوم القيامة
على سكون لا انزعاج فيه فلا يزعجه ما يرى لتقدم الرؤية، ولهذا المعنى
قلبت العصا حية يوم التكليم لئلا ينزعج موسى عند إلقائها بين يدي
فرعون.
وسمعته يقول: حزمة حزن خير من أعدال أعمال.
وأنشدنا:
كم حسرة لي في الحشا ... من ولد إذا نشا
وكم أردت رشده ... فما نشا كما أشا
وأنشدنا:
يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني في صنعتي فارس
سهرت في ليلي واستنعسوا ... هل يستوي الساهر والناعس [1]
وكان يميل إلى التشيع ويدل بمحبة الأعاجم فلا يعظم بيت الخلافة كما
ينبغي فسمعته يقول تتولانا وتغفل عنا، وأنشد:
فما تصنع بالسيف ... إذا لم تك قتالا
فغير حلية السيف ... وضعه لك خلخالا
ثم قال: تولى اليهود فيسبون نبيك يوم السبت ويجلسون عن يمينك يوم الأحد
وصاح: اللَّهمّ هل/ بلغت فكانت هذه الأشياء تبلغ فتثبت في القلوب حتى
انه منع من 50/ أالوعظ فقدم السلطان مسعود فاستدعاه فجلس بجامع السلطان
فحدثني ابن البغدادي الفقيه أنه لما جلس يومئذ حضر السلطان فقال له يا
سلطان العالم محمد بن عبد الله أمرني أن أجلس ومحمد أبو عبد الله منعني
أن أجلس يعني المقتفي وكان إذا نبغ واعظ سعى في قطع مجلسه.
ولما مال الناس إلى ابن العبادي قل زبونه فكان يبالغ في ذمه فقام بعض
أذكياء بغداد في مجلس العبادي فأنشده:
للَّه قطب الدين من واعظ ... طب بأدواء الورى آس
مذ ظهرت حجته في الورى ... قام بها البرهان في الناس
__________
[1] في ص: «هل يستوي الشاهد والناعس» .
(18/109)
وأراد ابن الغزنوي [قد قام للناس] [1] لأنه
كان يلقب بالبرهان وهذا من عجيب ذكاء البغداديين فلما مات السلطان
مسعود تتبع الغزنوي وأذل لما كان تقدم من انبساطه وكان معه قرية أصلها
للمارستان فأخذت وطولب بنمائها بين يدي الحاكم وحبس ثم سئل فيه فاطلق،
ومنع من الوعظ. وحدثني عبد الله بن نصر البيع قال أخذت من الغزنوي 50/
ب القرية التي كانت وقفت عليه فاستدعاني/ وسألني أن أقول لابن طلحة
صاحب المخزن أن يسأل فيه وقال: هذه القرية اشترتها خاتون من الخليفة
والذي وقع عليه الشهادة صاحب [2] المخزن فهو أعرف الخلق بالحال قال
فجئت فأخبرته فقال أنا رجل منقطع عن الأشغال وكان قد تزهد وترك العمل
فعدت إليه فأخبرته فقال لا بد من إنعامه في هذا فكتب صاحب المخزن إلى
المقتفي هذا رجل قد أوى إلى بلدكم وهو منسوب إلى العلم فقال المقتفي
أولا يرضى أن يحقن دمه؟ وما زال الغزنوي يلقى الذل بعد العز الوافي
فحدثني أبو بكر بن الحصري قال سمعته يقول: من الناس من الموت أحب إليه
من الحياة، وعني نفسه وكان لا يحتمل الذل، فمرض فحكى الطبيب الداخل
عليه أنه قد ألقى كبده، وكان مرضه في محرم هذه السنة فبلغني أنه كان
يعرق في مرضه ويفيق، فيقول: رضا وتسليم.
وتوفي ليلة الخميس سابع عشرين المحرم وصلى عليه في رباطه ودفن بمقبرة
الخيزران إلى جانب أبي سعيد السيرافي.
4209- المظفر بن حماد بن أبي الخير صاحب البطيحة
[3] .
فتك به يعيش بن فضل بن أبي الخير من أصاغرهم في الحمام ومعه اثنان من
أهله وولى ابنه مكانه.
4210- يحيى بن عبد الباقي، أبو بكر الغزال:
51/ أسمع وسمع وتوفي في شوال هذه السنة ودفن في مقبرة يقال لها
العطافية/ وقف ابن عطاف التاجر وهو أول من دفن فيها.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «والّذي وقع عليه الإشهاد صاحب» .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 412) .
(18/110)
ثم دخلت سنة اثنتين
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
أنه لما قرب محمد شاه من بغداد وكان قد طلب أن يخطب له فلم يقبل عرض
الخليفة العسكر وبعث إلى الأمراء فأقبل خطلبرس من واسط وعصى أرغش صاحب
البصرة وأخذ واسط ورحل مهلهل إلى الحلة فأخذها بنو عوف وضرب الخليفة
سرادقه تحت دار يرنقش ثم نزعه وجمع جميع السفن التي ببغداد تحت التاج
ونودي في سادس عشر المحرم أن لا يقيم أحد بالجانب الغربي فأجفل الناس
وأهل السواد ونقلت أموال الناس إلى دار الخلافة وعبر محمد شاه فوق حربي
ونهب أوانا واتصل به علي كوجك واتفقا وضرب محمد شاه بالرملة فقطع الجسر
وجيء به إلى تحت التاج ولبس الناس السلاح فأخرج الخليفة سبعة آلاف جوشن
ففرقها ونصبت المجانيق والعرادات وأقام أربعين شقاقا يعملون الخشب لعمل
التراس والمجانيق والعرادات فكانت مائتين وسبعين عرادة ومنجنيق في كل
عرادة اربعون رجلا، وكان يخرج كل يوم من الخزانة أكثر من مائة كر.
[الإذن للوعاظ في الجلوس]
وأذن للوعاظ في الجلوس بعد منعهم من ذلك مدة سنة وخمسة أشهر وكان ذلك
في ليلة السبت ثامن عشر المحرم فلما كان يوم الاثنين/ ركب عسكر محمد
شاه وعلي 51/ ب كوجك وجاءوا في نحو ثلاثين [1] ألف مجفجف فوقفوا عند
الرقة ورموا بالنشاب إلى ناحية
__________
[1] في الأصل: «وعلي كوجك حافظ في نحو ثلاثين» .
(18/111)
التاج وصعد الناس إليهم من السفن، وكان
صلاح الدين، رجل من أصحاب السلطان، قد بنى خانا عند الرقة أنفق عليه
ألوف دنانير وجعله للسابلة فكان هؤلاء القوم يعتصمون به وبحائط الرقة
فأمر أمير المؤمنين بنقض ذلك وكان أمير المؤمنين أمر [1] صبيان بغداد
يعبرون إليهم بالمقاليع وزراقات النار فيردون العسكر الكثير ويتلقون
النشاب بميازر صوف وكان القتال تحت قمرية وقصر عيسى وضرب الصبيان يوما
أميرا منهم بقارورة نفط فرمت به الفرس فقتلوه وقعد القوم له في العزاء
ونهب عسكر القوم بالجانب الغربي واخرجوا مائتين وسبعين دولابا وركب يوم
الاثنين عسكر الخليفة ومضوا بكرة إلى ناحية الدار المعزية ومعهم
العرادات وأقواس الجرح يقاتلون والنشاب يقع عليهم مثل المطر.
فلما كان يوم السبت ثالث صفر جاء عسكر الأعداء في جمع عظيم فانتشروا
على دجلة وخرج عسكر الخليفة في السفن واتصلت الحملات وانقطعت صلاة
الجمعة من الجانب الغربي ووصلت الأخبار بمجيء سفن إليهم من الحلة وأنهم
قد أداروها إلى الصراة وجاءتهم سفن من واسط فأقامت في المدائن ووصل لهم
من الموصل كلك [2] 52/ أعليه دقيق وسكر وعسل/ وسمن ونعل للخيل وغير ذلك
فأخذه أصحاب الخليفة فركبوا بأجمعهم وانتشروا من الرملة إلى تحت الرقة
وضربوا الدبادب والبوقات وكانت الريح شديدة تمنع السفن أن تصعد فرمى
صبيان بغداد نفوسهم في الماء وسبحوا فصعد منهم نحو خمسين بأيديهم
السيوف والمقاليع والنشاب وسكنت الريح فركبت المقاتلة في السفن تمنع من
الصبيان وكان يوما مشهودا.
[وصول سفن القوم إلى الدور]
وفي يوم الجمعة سادس عشر صفر: وصلت سفن القوم إلى الدور فخرجت سفن أهل
بغداد فمنعتها من الإصعاد وجرى قتال عظيم ووقع النفير ببغداد ولم يصل
الجمعة إلا قليل ونودي من الديوان بحمل السلاح فلبس العوام والتجار [3]
والرؤساء ثياب الحرب وكان المحتسب كل يوم يجوز والسلاح بين يديه وعلم
الحاج بالحال.
فجاء الخبر أن الحاج بالحلة على حملة السلامة والعافية وان أمير الحاج
قيماز
__________
[1] «أمير المؤمنين أمر» : ساقطة من ص، ط.
[2] «كلك» : نوع من أنواع السفن.
[3] في ص، ط: «السلاح فحمل العوام والتجار» .
(18/112)
[أخذ] [1] امرأة الوزير ابن هبيرة [فكانت
مع الحاج] [2] فدخل البرية مع بني خفاجة وجاء الحاج فعبروا إلى بغداد.
فلما كان يوم الاثنين سادس عشر صفر وصل ركابي من همذان يخبر بدخول ملك
شاه شاه همذان [3] وكبس بيوت المخالفين ونهبها فخلع على الركابي وضربت
بين يديه الدبادب وجاء رسول/ آخر فأخبره بذلك فلما كانت عشية الجمعة
سلخ صفر عبر منهم في 52/ ب السفن نحو ألف فارس فقصدوا تحت الزاهر
ليدخلوا دار السلطان فنزل منكوبرس الشحنة وأصحابه فضرب عليهم فقتل منهم
جماعة ورمى الباقون أنفسهم في الماء واتصل القتال عند عقد السلطان ودار
العميد في دجلة وغير ذلك من الأماكن وخرج بعض الأيام إلى الأتراك من
الخزانة خمسة وعشرون ألف نشابة ومائتان وستون كرا وكان جميع ذلك من
خزانة الخليفة ولم يكلف أحدا شيئا [ولا استقرض] [4] من ذوي المال.
وحكى زجاج الخاص أنه عمل في هذه النوبة ثمانية عشر ألف قارورة للنفط
سوى ما كان عندهم من [بقايا] [5] نوبة تكريت، وفي يوم الأربعاء خامس
ربيع الأول فتح باب السور مما يلي سوق السلطان وباب الظفرية وخرجت
الخيالة والرجالة وخرج منكوبرس [6] وقيماز السلطاني ووقع القتال فحملوا
اثنتي عشرة مرة ونصب الأعداء عرادة على دار السلاركرد فرماها المنجنيق
الذي تحت دار الشحنة فكسرها وتعذر على أهل بغداد الشوك والتبن والعلف
فبيع الشوك كل باقة بحبة ورأس غنم بسبعة دنانير وسد الخليفة الجسر فبقي
منه زورقان وكان يحفظ.
فلما كان يوم الأربعاء تاسع عشر ربيع الأول وصل الخبر بأنهم قد عبروا
الرحل والحمال من الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي/ ووصل قوم من طريق
خراسان 53/ أ
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] «يخبر بدخول ملك شاه همذان» : ساقطة من ص، ط.
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[6] في الأصل: «وخرج منكورس» .
(18/113)
واخبروا بأن الشحنة الذي عندهم جاء إليهم
مهزوما وأخبر بأن عسكرا من طريق همذان يخبر بأن ملك شاه وصل إلى همذان
وصحبته ابن امرأة ألدكز.
فلما كان يوم الخميس العشرين من ربيع الأول جاءوا بالسلاليم التي
عملوها وكانت اربعمائة [1] سلم طوال ليضعوها على السور فلم يقدروا.
فلما كان يوم الجمعة حادي عشرين ربيع الأول [2] لم يجر إلا قتال يسير،
وهذه الجمعة هي الجمعة الثالثة من الجمع التي لم يصل فيها الجمعة
ببغداد غير جامع القصر وعطل باقي الجوامع واحتوى العسكر على الجانبين
ووصل رسول من ألدكز يخبر بدخول ملك شاه همذان فأخذ نساء المخالفين
وأولادهم فخلع عليه ونفذ على كوجك جماعة فوقفوا على قمرية يصيحون إلى
منكوبرس الشحنة [3] نفذ رسولا نودعه رسالة إلى أمير المؤمنين فاستؤذن
في ذلك فإذن فنفذ الوزير بصاحبه.
وقيل: إن نور الدين بن زنكي بعث إلى علي كوجك وقال له: تمضي وترمي نفسك
بين يدي أمير المؤمنين حتى يرضى ووصلت في هذا اليوم امرأة سليمان شاه
بنت خوارزم شاه وكانت قد اصطلحت بين ملك شاه وبين الأمراء جميعهم في
همذان 53/ ب وجاءت على التجريد في زي الحاج الصوفية إلى الموصل وعليها
مرقعة وفي/ رجليها طرسوس ومعها ركابي في زي المكدين ثم جاءت حتى صارت
في عسكر محمد شاه وكوجك ثم جاءت ليلة السبت فوقفت تحت الرقة وصاحت
بملاح وقالت له صح لي بقائد من قواد أمير المؤمنين يعبر فعرف الوزير
فنفذ إليها حاجبا فعرفته نفسها فعبر بها فدخلت على الوزير فقام لها
قياما تاما وعرف الخليفة وصولها فأفرد لها دارا حسنة وحمل إليها ما
يصلح وأحضرت الركابي فأخرج الكتب وفيها ان ملك شاه دخل همذان ونقض
الكشك وكبس بيوت المخالفين ونقض دورهم.
وفي يوم الاثنين رابع عشرين ربيع الأول: فقد من حبس الجرائم خمسة من
الكبار
__________
[1] في الأصل: «وكان عدتها أربعمائة» .
[2] في الأصل: «حادي عشرين ربيع الآخر» .
[3] في الأصل: «يصبحون إلى منكورس» .
(18/114)
منهم ابن سمكة ومقتص الخادم فتصبحوا في
مفتح باب النوبي فوجدوهم في الدروب وأبواب المساجد فأخذوهم.
فلما كان يوم الثلاثاء خامس عشرين الشهر نادى الحراس في الدروب
والأسواق من أراد الجهاد فليلبس السلاح ويقصد السور فخرج الخلق وجاء
العدو ومعهم السلاليم والمعاول والزبل لسد الخندق وخرج الناس واقتتلوا
فلما كان يوم الخميس سابع عشرين ربيع الأول نادوا في عسكرهم لا يتأخرن
أحد عن الحرب وعبر العسكر الذي بالجانب الغربي وجاءوا باجمعهم وافترقوا
فبعضهم في عقد الظفرية وبعضهم في عقد سوق السلطان/ وفتحت الأبواب ووقع
القتال إلى المغرب- فلما كان يوم السبت تاسع 54/ أعشرين هذا الشهر
نادوا اليوم يوم الحرب العظيم فلا يتأخرن أحد فخرج الناس فلم يجر قتال
وكان المنجمون قد حكموا فيه بأمر عظيم يلحق الناس من القتل وغيره فبان
كذبهم فلم يجر شيء.
وجاء تركي [1] فكلم بعض أتراك الخليفة فقال له صاحب الخليفة نحن على
انتظاركم فاليوم الوعد فما حبسكم؟ فقال له: قد عولوا [على عمل] [2]
غرائر وأزقاق قد عملوا بعضها وحشوها حصى ورملا ليسدوا الخندق، وعملوا
سلاليم طوالا عراضا فقال له، التركي: قد فتحنا لكم الأبواب لما علمنا
بمجيئكم وإن أعوزكم سلاليم أعرناكم ثم إذا فتحت الأبواب فقد استغنيتم
عن السلاليم، فقال قد عولوا على يوم الأربعاء فقال له هل وصلكم خبر
همذان؟ قال نعم فكيف قلوبكم قال ما هي طيبة قلوبنا إلى أهلنا وكوجك
خائف فما يعبر إلينا وقد تحيروا واختلفوا ثم ودعه وانصرف وجاء من
أصحابهم قوم فاستأمنوا فسئلوا عن حالهم، فقال: قد رحل كثير منهم كل قوم
إلى جهة وكان الضعفاء يعبرون فيجلبون علفا وحطبا فيبيعونه ويعيشون
بثمنه وربما حشوا فيه اللحم والتفاح والخضرة ففطنوا بهم فمنعوهم.
وفي ليلة الجمعة سادس ربيع/ الآخر: قبض على اليزدي الفقيه وحبس في 54/
ب
__________
[1] في ص، ط: «وجاء زنكي» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(18/115)
حبس الجرائم وسببه أنه عزم على الانتقال
إلى ذلك العسكر فكتب إليهم كتابا وقال إذا قرأتم كتابي فخرقوه وبعثه مع
فقيه فحمله إلى الوزير فأحضره فأقر وقال الحاجة حملتني على هذا فحبس
وأخذ منه السجل الذي كان معه بالتدريس في المدرسة ثم أطلق في ربيع
الآخر.
فلما كان يوم السبت سابع ربيع الآخر عبر الضعفاء الذين كانوا يجلبون
الحطب والعلف على عادتهم فحسرهم كوجك وجمع منهم جماعة وتقدم بقطع
آذانهم وخرم آنافهم ففعل بهم ذلك فعادوا ودماؤهم تسيل فجاءوا يستغيثون
تحت التاج فتقدم الخليفة بمداواتهم وقسم فيهم مالا.
وبعث محمد شاه إلى كوجك يقول له أنت وعدتني بأخذ بغداد فبغداد ما حصلت
وخرجت من يدي همذان وأخذ مالي بها وخربت بيوت أصحابي وأنا معول على
المضي، فقال له متى رحلت بغير بلوغ غرض كنت سبب قلع بيت السلجوقية إلى
يوم القيامة ثم لا يقصدونك أيضا ولكن اصبر حتى نمد الجسر ونعبر ونجمع
موضعا واحدا ونرمي هذه الغرائر في الخندق وننصب السلاليم ونحمل حملة
واحدة فنأخذ البلد ثم ما زالوا يتسللون وضاقت بهم الميرة وهلك منهم خلق
[1] كثير وبعثوا ابن 55/ أالخجنديّ/ فوقف عند قمرية وقال: ابعثوا إلينا
يوسف الدمشقيّ فجاء يوسف فقال: ما لكم عندنا جواب قبل اليوم إلا السيف
فكيف اليوم وقد قتلتم وأحرقتم وأفسدتم؟ ثم استأمن خلق كثير منهم
فأخبروا أن القوم على الرحيل.
ووصل في عشية يوم الثلاثاء سابع عشر هذا الشهر ثلاثة من الركابية
فأخبروا ان ملك شاه قد أخذ أربعة آلاف بختية نفذ بها محمد شاه إلى
همذان وخبروا بهزيمة أينانج وبأموال كثيرة أخذت من همذان من المخالفين
ودار إلى عسكر الخليفة جماعة من أمراء القوم وفرسانهم وهلك من أمرائهم
جماعة وجاء كتاب من ملك شاه يذكر فيه أنه اجتمع بالأمراء ألدكز وجميع
العساكر وبعثنا إلى أينانج فلم يحضر فقصدناه فانهزم وجاء إلينا أكثر
عسكره وقد نفذنا إلى الأمراء الذين مع محمد شاه من أهل همذان نقول لهم
متى
__________
[1] في ص، ط: «الميرة وخلف منهم خلق كثير» .
(18/116)
تأخرتم عن الحضور إلى عشرين يوما خربنا
بيوتكم وأخذنا أموالكم وأولادكم ونساءكم، وقد وصل إلينا منهم عالم عظيم
وقد نفذنا أميرا معه ثلاثة آلاف فارس إلى كرمانشاهان ونحن منتظرون
الأمر الشريف فإن أذن لنا في المصير إلى بغداد جئنا وإن رسم لنا بالمضي
إلى الموصل مضينا.
وفي يوم الجمعة العشرين من ربيع الآخر: جرى قتال على قمرية وهذه الجمعة
هي السابعة/ التي تعطلت فيها جوامع بغداد فلم يصل إلا في جامع القصر
وحده. 55/ ب وفي ليلة السبت: خرج رجل من العيارين يقال له أبو الحسين
العيار فأخذ معه جماعة من الرجالة والشطار ونزل من السور وكبس طوالع
العسكر ومنهم قوم نيام وانتهبهم ووقعت الصيحة فانهزموا وعاد الرجالة
إلى الباب.
ووقع الاستشعار بين محمد شاه وكوجك فخاف كل واحد منهما من صاحبه فقال
محمد قد أخذت بلادي وأقطعت وأنت أشرت علي بالمجيء إلى بغداد. فلما علم
أنه قد تغيرت له نيته قال له ان لم أفتح لك البلد في ثلاثة أيام فما
أنا كوجك واعبر يوم الاثنين وفي بكرة يوم الثلاثاء فقاتل وقد قررت مع
أصحابي أن يقاتلوا قتال الموت، أي شيء بغداد عندنا؟ فاتفقا على ذلك
ونصبوا الجسر وعبر أكثر العساكر وقال له تعبر أنت اليوم وأعبر أنا غدا.
فلما كان يوم الاثنين ثالث عشرين ربيع الآخر عبر محمد شاه وأصحابه الى
عشية وتخلف منهم ثلاثمائة غلام فلما كان العشاء قطع كوجك الجسر وقلع
الخيم وبعث رحله وخيمه وماله طول الليل فأصبح الناس وما بقي من خيمة
شيء وضرب النار في زوارق الجسر وفيما بقي من تبن وشعير وحطب وضرب على
خزانة السلطان والوزير ورحل/ وبقي محمد شاه وأصحابه بقية يوم الثلاثاء
ثم قلع الخيم وذهب هو [1] وعسكره ومنع 56/ أالخليفة عسكره من أن يتبعوه
وضربت [2] الرجالة إلى دار السلطان فنهبوها وكان فيها أموال كثيرة
ونهبوا [الأبواب] [3] والأخشاب وأخذوا الأطيار والغزلان والعسكر يرونهم
__________
[1] في الأصل: «فلع الخير وركب هو وعسكره» .
[2] في ص: «من أن يلحقوه وضربت» .
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(18/117)
فإذا طردوهم عادوا ورأى رجل من التجار حملا
فيه سكر في سوق المدرسة وكان قد نهب من دار السلطان فقال: لي هذا،
قالوا من يشهد لك؟ قال في وسطه مائة دينار إلا دينارا، فنظروا فإذا هو
كما قال فسلموه إليه فأخذ الذهب وأعطاهم السكر ونهبت دار خاصبك فنودي
برد ما أخذ من الدار فحمل إلى ديوان الأبنية وكان الناس قد تطرقوا يوم
النهب إلى محلة أبي حنيفة وكان ثم أموال للتجار وعزموا على السفر فآووا
أموالهم إلى ثم فنهبت وأما أصحاب محمد شاه فإنهم نهبوا بعقوبا
وأعمالها. وجمع الخليفة الأمراء الذين كان يستشعر منهم فخلع عليهم
وأعطاهم الأموال وقال تمضون إلى همذان فتكونون مع ملك شاه وخرج الناس
يلعبون في نهر عيسى وغيره بأنواع اللعب والمضحكات فرحا 56/ ب بالسلامة
[1] وكان العظامية والقرع والصبيان الذين كانوا/ يقاتلون في تلك الأيام
قد اتخذوا زرديات من بعر الغنم وسلاحا من الفارسي واخرجوا طبلا وبوقا
ونصبوا خشبا وصلبوا جماعة تحت آباطهم يلعبون ويضحكون ما كان كل سبت
وخرج الناس يتفرجون ويضحكون عليهم.
فلما كان يوم الخميس رابع عشر جمادى الأولى ركب الخليفة في الماء إلى
تحت دار تتر ثم ركب وسار يفتقد السور من أوله إلى آخره وعاد من دجلة
يفتقده ثم عبر إلى الجانب الغربي فنظر آثار الخراب وما أحرق من الدور
ثم عاد إلى منزله مسرورا وأطلق للفقراء مالا كثيرا.
وحدث في هذه السنة بالناس أمراض شديدة لأجل ما مر بهم من الشدائد وكثر
المطر والرعد والبرق وبرد الزمان كأنه الشتاء والناس في أيار، وفشا
الموت في الصغار بالجدري، وفي الكبار بالأمراض الحادة، وغلت الأسعار،
وبيعت الدجاجة بنصف دانق، والتبن خمسة أرطال بحبة وتعذر اللحم.
فلما كان خامس عشرين جمادى الآخرة وصل الخبر بوفاة سنجر فقطعت خطبته.
وفي سابع عشر رجب: خرج الخليفة فنزل بأوانا وقصد فم الدجيل وكان الحفر
فيه ثم عاد وقصد نهر الملك ورحل يقصد البطائح يطلب ابن أبي الخير فهرب
فعاد الخليفة الى بغداد.
__________
[1] في الأصل: «اللعب والضحك فرحا» .
(18/118)
وفي شعبان: استأذن الخليفة ابن جعفر صاحب
مخزن الإمام المقتفي أن اجلس في داره/ فأذن له فكنت أعظ فيها كل جمعة.
57/ أوفي شعبان: خرج الخليفة إلى الصيد فأقام عشرة أيام.
وكانت وقعة عظيمة بين محمود بن زنكي وبين الإفرنج وفتح عسكر مصر غزة
واستعادوها من الإفرنج ووصل رسول محمود بتحف وهدايا ورءوس الإفرنج
وسلاحهم وأتراسهم. [1] ووصل الخبر في رمضان: بزلازل كانت بالشام عظيمة
في رجب تهدمت منها ثلاثة عشر بلدا ثمانية من بلاد الإسلام وخمسة من
بلاد الكفر أما بلاد الإسلام فحلب وحماة وشيزر وكفر طاب وفامية وحمص
والمعرة وتل حران وأما بلاد الإفرنج فحصن الأكراد وعرقة واللاذقية
وطرابلس [وأنطاكية] [2] فأما حلب فأهلك منها مائة نفس وأما حماة فهلكت
جميعها إلا اليسير واما شيزر فما سلم منها إلا امرأة وخادم لها وهلك
جميع من فيها وأما كفر طاب فما سلم منها أحد وأما فامية فهلكت وساخت
قلعتها وأما حمص فهلك منها عالم عظيم وأما المعرة فهلك بعضها وأما تل
حران فإنه انقسم نصفين وظهر من وسطه نواويس وبيوت كثيرة وأما حصن
الأكراد وعرقة فهلكتا جميعا وهلكت اللاذقية فسلم منها نفر ونبع فيها
جوبة فيها حمأة وفي وسطها صنم واقف، وأما طرابلس فهلك/ أكثرها، واما
انطاكية فسلم بعضها.
[اغترام الوزير ابن هبيرة مالا]
وفي هذه السنة: اغترم الوزير ابن هبيرة مالا يقارب ثلاثة آلاف دينار
على طبق الإفطار طول رمضان وحضره الأماثل وكان طبقًا [3] جميلا يزيد
على ما كان قبله من أطباق الوزراء، وخلع على المفطرين الخلع السنية.
وفي شوال قدم ابن الخجندي الفقيه والعاملي الحنفي صاحب التعليقة
فتلقاهما
__________
[1] في الأصل: «الأفرنج وملاحهم ونفايسهم» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[3] في ص، ط: «وكان طريقا جميلا» .
(18/119)
الموكب وقبلا العتبة وحضرا مجلسي في دار
صاحب المخزن. وقدم أبو الوقت فروى لنا صحيح البخاري عن الداودي فألحق
الصغار بالكبار.
وفيها: أعيدت نقابة الطالبيين إلى الطاهر أبي عبد الله بن عبيد الله
وقد كانت جعلت في ولده أبي الغنائم لأنه كان قد مرض مرضا أشرف منه على
التلف ولم يشك الناس في هلاكه وحدثني بعد أن عوفي [ما يدل] [1] أن شخصا
أطعمه فعزل في حالة المرض فلما عوفي أعيد.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4211- أحمد بن عمر بن محمد بن إِسْمَاعِيل، أبو الليث [2] النسفي:
من أهل سمرقند سمع الحديث وتفقه ووعظ وكان حسن السمت وحج وعاد إلى
بغداد فأقام بها نحو ثلاثة أشهر ثم ودع وخرج إلى بلده، وكان ينشد وقت
الوداع:
58/ أ/
يا عالم الغيب والشهاده ... مني بتوحيدك الشهاده
أسأل في غربتي وكربي ... منك وفاة على الشهاده
فلما وصل إلى قومس خرج جماعة من أهل القلاع وقطعوا الطريق على القافلة
وقتلوا مقتلة عظيمة من العلماء والمعروفين فضربوه ثلاث ضربات فمات.
4212- أحمد بن بختيار بن علي بن محمد، أبو العباس الماندائي الواسطي
[3] .
ولي القضاء بها مدة وكان فقيها فاضلا له معرفة [تامة] [4] بالأدب
واللغة ويد باسطة في كتب السجلات والكتب الحكمية سمع أبا القاسم بن
بيان، وأبا علي بن نبهان، وغيرهما، [5] وكان يسمع معنا [6] على شيخنا
ابن ناصر، وصنف كتاب القضاة، وتاريخ البطائح، [7] وغير ذلك، وكان ثقة
صدوقا.
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 236) .
[3] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 419، والبداية والنهاية 12/ 236) .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] في الأصل: «أبا علي بن شهاب وغيرهما» .
[6] في الأصل: «كان سمع معنا» .
[7] في الأصل: «تاريخ النطائح» .
(18/120)
توفي في جمادى الآخرة من هذه السنة وصلى
عليه في النظامية ودفن بمقبرة باب أبرز.
4213- سنجر بن ملك شاه بن ألب أرسلان، أبو الحارث، واسمه [1] أحمد:
ولد بسنجار في بلاد الجزيرة في رجب سنة تسع وسبعين واربعمائة حين توجه
أبوه ملك شاه إلى غزو الروم ونشأ ببلاد الخزر وسكن خراسان واستوطن مرو
وكان قد دخل إلى بغداد/ مع أخيه السلطان محمد علي أمير المؤمنين
المستظهر باللَّه فحكى هو قال 58/ ب لما وقفنا بين يديه ظن أني أنا
السلطان فافتتح كلامه معي فخدمت وقلت يا مولانا السلطان هو أشرت إلى
أخي ففوض إليه السلطنة وجعلني ولي العهد بعده بلفظه فلما توفي السلطان
محمد لقب سنجر بالسلطان واستقام أمره متراقيا وكان أمره عاليًا وكان
مهيبا كريما رفيقا بالرعية حليما عنهم وكانت البلاد آمنة في زمانه فجلس
على سرير الملك إحدى وأربعين [2] سنة وكان قبلها في ملك وسلطنة نحوا من
عشرين سنة ولم يملك أحد من الخلفاء والسلاطين هذه المدة فإنها تقارب
الستين سنة وخطب له على أكثر منابر الإسلام وروى الحديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم ولحقه طرش واتفق أنه حارب الغز فأسروه ثم تخلص بعد مدة
وجمع إليه أصحابه بمرو وكاد يعود إليه ملكه.
فتوفي يوم الاثنين وقت العصر الرابع والعشرين من ربيع الأول من هذه
السنة ودفن في قبة بناها لنفسه وسماها دار الآخرة ولما بلغ خبر موته
إلى بغداد قطعت خطبته ولم يجلس له في العزاء فجلست امرأة سليمان للعزاء
فعزاها/ الخليفة وأقامها.
59/ أ
4214- علي بن صدقة، أبو القاسم الوزير:
عزل فتوفي في ليلة الجمعة ثالث عشرين من جمادي الأولى من هذه السنة
وصلى عليه في جامع القصر قبل صلاة الجمعة وقبر بمشهد باب التبن.
4215- عيسى بن أبي جعفر بن المقتفي:
[3]
__________
[1] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 415، والبداية والنهاية 12/ 237،
وشذرات الذهب 4/ 161) .
[2] في الأصل: «فجلس على سريره احدى وأربعين» .
[3] في ص: «عيسى بن جعفر» .
(18/121)
توفي ودفن في مشهد باب أبرز [1] ، وما أمكن
حمله الى التراب لأجل الفتن.
4216- أبو القاسم بن المستظهر باللَّه:
وكان أصغر أولاده سنا، توفي في ليلة الجمعة ثامن عشر جمادى الأولى [2]
من هذه السنة وحمل ضاحي نهار إلى الترب في الماء ومضى معه الوزير إلى
مقصورة جامع السلطان [3] فصلى بها الجمعة في الموضع الذي كان يصلي فيه
السلطان وجلسوا للعزاء به في بيت النوبة يومين ثم خرج توقيع فأقامهم
[من العزاء] [4] .
4217- محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، أبو بكر:
[5] ولد سنة ثمان وستين واربعمائة وسمع أبا القاسم ابن البسري وأبا نصر
الزينبي وطرادا وعاصما والتميمي وخلقا كثيرا وقرأت عليه كثيرا من
مسموعاته.
وتوفي ليلة الاثنين ثالث عشرين ربيع الآخر ودفن بمقبرة باب حرب.
4218- محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن ثابت، أبو بكر الخجنديّ
[6] .
59/ ب سمع أبا علي الحداد وغيره وتقدم عند السلاطين وكانوا يصدرون عن
رأيه/ وقدم بغداد وولي تدريس النظامية وكان مليح المناظرة، قال المصنف
رحمه الله حضرت مناظرته وهو يتكلم بكلمات معدودة مثل الدر ووعظ بجامع
القصر وبالنظامية وما كان يندار في الوعظ وكان مهيبا وحوله السيوف وهو
بالوزراء أشبه منه بالعلماء، خرج إلى أصبهان فنزل قرية فنام في عافية
فأصبح ميتا في شوال هذه السنة وحمل إلى أصبهان.
4219- محمد بن المبارك بن محمد ابن الخل، أبو الحسن بن أبي البقاء
[7] .
__________
[1] في ت: «دفن بباب أبرز» .
[2] في الأصل: «ثامن عشر جمادى الآخر» .
[3] في الأصل: «إلى المقصورة بجامع السلطان» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[5] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 237، وشذرات الذهب 4/ 164)
.
[6] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 419، شذرات الذهب 4/ 163) .
[7] في ت: «ابن محمد بن الخل، أبو الحسن» .
وانظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 237، وشذرات الذهب 4/ 164) .
(18/122)
ولد سنة خمس وسبعين، وسمع الحديث من [ابن
أيوب و] [1] ابن الطيوري، وابن النظر [2] ، وثابت وابن السراج وغيرهم
[3] وتفقه على أبي بكر الشاشي، [ودرس.
وتوفي في محرم هذه السنة فدفن باللوزية.
وتوفي أخوه أبو الحسين ابن الخل الشاعر في ذي القعدة من هذه السنة.
4220-[مُحَمَّد بن يحيى بن مُحَمَّد بن بدال، أبو الفضل، ويعرف بابن
النفيس
[4] :
روى لنا عن أبي الحسين بن الطيوري، وتوفي في هذه السنة.
4221- نصر بن نصر بن علي بن يونس، أبو المعمر العكبري، الواعظ
[5] .
سمع من أبي القاسم ابن البسري، وأبي الليث نصر بن الحارث الشاشي] [6] ،
وأبي محمد التميمي وغيرهم، وكان ظاهر الكياسة [7] يعظ وعظ المشايخ
ويتخيره الناس لعمل الأعزية. ولد في سنة ستين.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة وصلى عليه بالنظامية والتاجية ودفن
بمقبرة باب أبرز.
وكان له ولد يكنى أبا محمد نشأ على طريقته، ولد سنة خمسمائة ومات سنة
خمس وسبعين.
4222- يحيى بن عيسى بن إدريس، أبو البركات الأنباري
[7] :
قرأ القرآن على جماعة، وسمع الحديث على عبد الوهاب الأنماطي وغيره وقرأ
النحو على الزبيدي وصحبه مدة وتفقه على القاضي الحراني ووعظ الناس وكان
يبكي
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «وابن الطير» .
[3] في الأصل: «وابن الساج» .
[4] هذه الترجمة ساقطة من ص، والأصل. وأوردناها من ت.
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 166) .
[6] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 237) .
(18/123)
60/ أمن حين صعوده على المنبر إلى حين/
نزوله وتعبد في زاويته نحو خمسين سنة وكان ورعا حتى أنه عطش فجيء بماء
من بعض دور الحكام فلم يشرب وكان لا يفعل شيئا إلا بنية وكان من أهل
السنة الجياد، رزقه الله أولادا صالحين [1] فسماهم أبا بكر وعمر وعثمان
وعليا، وكان أمارا بالمعروف ناهيا عن المنكر مستجاب الدعوة له كرامات
ومنامات صالحة رأى في بعضها رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وفِي بعضها أحمد بن حنبل فقال المروذي يا أبا عبد الله هذا
من أصحابنا. فقال: وهل يشك فيه؟ وكان هو وزوجته أم أولاده يصومان
النهار ويقومان الليل ويحييان بين العشائين ولا يفطران إلا بعد العشاء،
وختما أولادهما القرآن وأقرءا خلقا من الرجال والنساء.
توفي يوم الاثنين رابع ذي القعدة من هذه السنة، فقالت زوجته: اللَّهمّ
لا تحيني بعده، فماتت بعد خمسة عشر يوما [وكانت صالحة] [2] .
__________
[1] في الأصل: «أهل السنة الحفياء وكان له أولادا صالحين» .
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(18/124)
ثم دخلت سنة ثلاث
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[ختان ولد الخليفة]
أنه في غرة ربيع الأول ختن ولد الخليفة وختن معه جماعة من أولاد
الأمراء وأعدت الخلع والتحف ولم يبق أحد من أرباب الدولة إلا وحمل/ من
التحف كثيرا 60/ ب وعمل سماطا كبيرا للأمراء والأتراك في الصحراء مما
يلي سور الظفرية. [1]
[الاتفاق بين محمد شاه وأخيه]
وفيها: وقع الاتفاق بين محمد شاه وأخيه
ملك شاه وأمده بعسكر ففتح خوزستان، ودفع عنها شملة التركماني.
[خروج أمير المؤمنين بقصد الأنبار]
وفي ربيع الآخر: خرج أمير المؤمنين بقصد الأنبار وعبر الفرات وزار قبر
الحسين عليه السلام ومضى إلى واسط ودخل سوقها وعاد إلى بغداد ولم يخرج
هذه النوبة معه الوزير لأنه كان مريضا وأنفق في مرضه هذا نحو خمسة آلاف
دينار بعضها للأطباء وبعضها للصدقة وبعضها في قضاء ديون أهل الحبوس
وغيرهم وخلع على ابن التلميذ لما عوفي ثيابا كثيرة وأعطاه دنانير وبغلة
وبعث إليه الخليفة يتعرف أخباره ويستوحش له فخرج فانحدر إلى المدائن
لتلقي الخليفة وعاد معه ثم خرج الخليفة في رجب وأحضر قويدان وخلع عليه
وأضاف إليه عسكرا [2] كثيرا ونفذ به إلى بلاد البقش وأقطعه [3] البلاد
والقلاع ثم وصل الخبر بأن قويدان قد إنضاف الى سنقر الهمذاني واتفق معه
فبعث
__________
[1] في الأصل: «مما يلي سور الطبرية» .
[2] في الأصل: «وخلع عليه وأعطاه عسكرا» .
[3] في الأصل: «إلى بلاد البقستاني، وأقطعه» .
(18/125)
الخليفة مملوكا يقال له قيماز العمادي في
جماعة يطلبونهما فهربا ثم انضافا إلى ملك شاه فأدركهم الجوع والوفر
فهلك أكثرهم ثم خرج الخليفة في شعبان فبات في 61/ أداره/ بالحريم
الطاهري ثم سار إلى دجيل فأقام بها أياما ثم عاد إلى بغداد وخرج يوم
العيد الموكب بتجمل وزي لم ير مثله من الخيل والتجافيف والأعلام وكثرة
الجند والأمراء.
وفي يوم الجمعة العشرين من شوال: وقع ببغداد مطر كان فيه برد مثل البيض
وأكبر على صور مختلفة وفيه برد مضرس ودام ساعة وكسر أشياء كثيرة.
وفيها: غرق رجل بنتا له صغيرة، فأخذ وحبس.
قال المصنف: وحججت في هذه السنة فتكلمت في الحرم نوبتين، فلما دخلنا
المدينة وزرنا قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قيل لنا: إن العرب قد قعدوا على الطريق يرصدون الحاج، فحملنا
الدليل على طريق خيبر فرأيت فيها العجائب من الجبال وغيرها [1] .
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4223- أبو إسحاق بن المستظهر، أخو المقتفي لأمر الله
[2] .
توفي في نصف محرم وحمل إلى الترب بالرصافة ومضى معه الوزير وأرباب
الدولة واغتم عليه المقتفي غما كثيرا وجلسوا للعزاء به في بيت النوبة
يومين وخرج التوقيع بإقامتهم من العزاء ثم ماتت بعد يومين امه وهي جهة
من جهات 61/ ب المستظهر/ وحملت إلى الترب ومضى معها الموكب سوى الوزير
ودفنت عنده في التربة الجديدة التي أنشأها المقتفي.
4224- عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد الأصفهانيّ، أبو مسعود [3]
الحافظ.
__________
[1] في ص، ط: «فرأيت فيها من الجبال وغيرها من العجائب» .
[2] في ت: «ابن المستظهر باللَّه» .
[3] في الأصل: «ابن عبد الواحد الاصفرناني» .
وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 167) .
(18/126)
كان واحد بلدته حفظا وعلما ونفعا وصحة
عقيدة.
وتوفي بها في شعبان هذه السنة.
4225- عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق، أبو الوقت أبو
عبد الله السجزي الاصل الهروي المنشأ
[1] .
ولد سنة ثمان وخمسين واربعمائة، وسمع أبا الحسن الداودي وأبا
إِسْمَاعِيل الأنصاري وأبا عاصم الفضيلي وغيرهم حمله أبوه على عاتقه من
هراة إلى فوسنج فسمعه صحيح البخاري ومسند الدارمي والمنتخب من مسند عبد
بن حميد وحدثه عبد الله الأنصاري مدة وسافر إلى العراق وخوزستان
والبصرة وقدم علينا بغداد فروى لنا هذه المذكورات وكان صبورا على
القراءة وكان شيخنا صالحا على سمت السلف كثير الذكر والتعبد والتهجد
والبكاء وعزم في هذه السنة على الحج فهيأ ما يحتاج إليه فمات.
وحدثني أبو عبد الله محمد بن الحسين التكريتي الصوفي قال أسندته إلي
فمات فكان آخر كلمة قالها: يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ
لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي من الْمُكْرَمِينَ 36: 26- 27 [2] .
[ومات] [3] .
4226-/ نصر بن منصور بن الحسن بن أحمد بن عبد الخالق العطار، أبو
القاسم 62/ أالحراني
[4] :
ولد بحران سنة أربع وثمانين فأوسع الله له في المال وكان يكثر فعل
الخير ويتتبع الفقراء ويمشي بنفسه إليهم ويكسو العراة ويفك الأسراء كل
ذلك من زكاة ماله وكان كثير التلاوة للقرآن محافظا على الجماعة وحدثني
أبو محمد العكبري قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فقلت: يا رسول الله امسح بيدك عيني فإنها
تؤلمني فقال اذهب الى
__________
[1] في الأصل: «أبو عبد الله الشجري» . وفي ت: «ابن أبي عبد الله
السجزيّ» .
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 426، والبداية والنهاية 12/ 238، وشذرات
الذهب 4/ 166) .
[2] سورة: يس، الآية: 26.
[3] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[4] في الأصل: «العطار القباني أبو القاسم الحراني» .
وانظر ترجمته في: (الكامل 9/ 426، والبداية والنهاية 12/ 238، وشذرات
الذهب 4/ 168) .
(18/127)
نصر ابن العطار يمسح عينك قال فقلت في نفسي
أترك رسول الله وأمضي إلى رجل من أبناء الدنيا فعاودته القول يا رسول
الله امسح عيني بيدك فقال لي أما سمعت الحديث إن الصدقة لتقع في يد
الله وهذا نصر [قد] [1] صافحته يد الحق فامض إليه قال فانتبهت فقصدته
فلما رآني قام يتلقاني حافيا فقال الذي رأيته في المنام قد تقدم في حقك
بشيء فقرأ على عيني الفاتحة والمعوذات فسكن الألم ووجدت العافية.
4227- يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد، أبو الفضل الحصكفي
[2] :
ولد بطنزة بعد الستين واربعمائة وهي بلدة من الجزيرة من ديار بكر ونشأ
بحصن كيفا وانتقل الى ميافارقين وهو إمام فاضل في علوم شتى وكان يفتي
ويقول الشعر اللطيف والرسائل المعجبة المليحة الصناعة وكان ينسب إلى
الغلو في التشيع. ورد بغداد وقرأ شيئا من مقاماته وشعره على أبي زكريا
التبريزي فكتب التبريزي على كتابه قرأ 62/ ب علي ما يدخل/ الأذن بلا
إذن.
كتب إلى أبي محمد الحسن بن سلامة يعزيه عن أبيه أبي نصر:
لما نعى الناعي أبا نصر ... سدت على مطالع الصبر
وجرت دموع العين ساجمة ... منهلة كتتابع القطر
ولزمت قلبا كاد يلفظه ... صدري لفرقة ذلك الصدر
ولى فأضحى العصر في عطل ... منه وكان قلادة العصر
حفروا له قبرا وما علموا ... ما خلفوا في ذلك القبر
ما أفردوا في الترب وانصرفوا ... إلا فريد الناس والدهر
تطويه حفرته فينشره ... في كل وقت طيب النشر
يبديه لي حبا تذكره ... حتى أخاطبه وما أدري
تبا لدار كلها غصص ... تأتي الوصال بنية الهجر
تنسى مرارتها حلاوتها ... وتكر بعد العرف بالنكر
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 426، والبداية والنهاية 12/ 238،
وشذرات الذهب 4/ 168) .
(18/128)
وله:
جد ففي جدك الكمال ... والهزل مثل اسمه هزال
فما تنال المراد حتى ... يكون معكوس ما تنال
ومن أشعاره الرقيقة:
أقوت مغانيهم فأقوى الجلد ... ربعان كل بعد سكن فدفد
أسأل عن قلبي وعن أحبابه ... ومنهم كل مقر بجحد
وهل تجيب أعظم بالية ... وأرسم خالية من ينشد
ليس بها إلا بقايا مهجة ... وذاك إلا حجر أو وتد
كأنني بين الطلول واقف ... أندبهن الأشعث المقلد
[صاح الغراب فكما تحملوا ... مشى بها كأنه مقيد
يحجل في آثارهم بعدهم ... بادي السمات أبقع وأسود
لبئس ما اعتاضت وكانت قبلها ... يرتع فيها ظبيات خرد] [1]
/ ليت المطايا للنوى ما خلقت ... ولا حدا من الحداة أحد 63/ أ
رغاؤها وحدوهم ما اجتمعا ... للصب إلا ونحاه الكمد
تقاسموا يوم الوداع كبدي ... فليس لي منذ تولوا كبد
على الجفون رحلوا وفي الحشا ... تقيلوا ودمع عيني وردوا
فأدمعي مسفوحة وكبدي ... مقروحة وعلتي ما تبرد [2]
وصبوتي دائمة ومقلتي ... دامية ونومها مشرد
تيمني منهم غزال أغيد ... يا حبذا ذاك الغزال الأغيد
حسامه مجرد وصرحه [3] ... ممرد وخده مورد
وصدغه فوق احمرار خده ... مبلبل معقرب مجعد
[كأنما نكهته وريقه ... مسك وخمر والثنايا برد] [4]
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] في الأصل: «مقروحة وتلقى ما تبرد» .
[3] في الأصل: «حمنامة مجرد وصرحه» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص، ط، وأوردناه من ت.
(18/129)
يقعده عند القيام ردفه ... وفي الحشا منه
المقيم المقعد
[له قوام لقضيب بانة ... يهتز قصدا ليس فيه أود] [1]
أيقنت لما أن حدا الحادي بهم ... ولم أمت أن فؤادي جلمد
كنت على القرب كئيبا مغرما ... صبا فما ظنك بي إذ بعدوا
هم الحياة أعرقوا أم أشأموا ... أم أيمنوا أم أتهموا أم أنجدوا
ليهنهم طيب الكرى فإنه ... حظهم وحظ عيني السهد
نعم تولوا بالفؤاد والكرى ... فأين صبري بعدهم والجلد
لولا الضنا جحدت وجدي بهم ... لكن نحولي بالغرام يشهد
ليس على المتلف غرم عندهم ... ولا على القاتل عمدا قود
هل أنصفوا إذ حكموا أم أسعفوا [2] ... من تيموا أم عطفوا فاقتصدوا
بل اصطفوا إذ حكوا واتلفوا [3] ... من هيموا وأخلفوا ما وعدوا
63/ ب/ وسائل عن حب أهل البيت هل ... أقر أعلانا به أم أجحد
هيهات ممزوج بلحمي ودمي ... حبهم وهو الهدى والرشد
حيدرة والحسنان بعده ... ثم علي وابنه محمد
جعفر الصادق وابن جعفر ... موسى ويتلوه علي السيد
أعنى الرضا ثم ابنه محمد ... ثم علي وابنه المسدد
الحسن التالي ويتلو تلوه [4] ... محمد بن الحسن المفتقد
فإنهم أئمتي وسادتي ... وإن لحاني معشر وفندوا [5]
أئمة أكرم بهم أئمة ... أسماؤهم مسرودة تطرد
هم حجج الله على عباده ... وهم إليه منهج ومقصد
هم في النهار صوم لربهم ... وفي الدياجي ركع وسجد
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، ص، ط، وأوردناه من ت.
[2] في الأصل: «إذا حكموا أن أنصفوا» .
[3] في ص، ط: «بل أنصفوا إذ حكموا وأتلفوا» .
[4] في الأصل: «الحسن الثاني ويتلوه تلوه» .
[5] في الأصل: «معشر وفيدوا» .
(18/130)
قوم أتى في هل أتى مدحهم ... ما شك في ذلك
إلا ملحد
قوم لهم فضل ومجد باذخ ... يعرفه المشرك ثم الملحد
قوم لهم في كل أرض مشهد ... لا بل لهم في كل قلب مشهد
قوم منى والمشعران لهم [1] ... والمروتان لهم والمسجد
قوم لهم مكة والأبطح و ... الخيف وجمع والبقيع الغرقد
ما صدق الناس ولا تصدقوا ... ما نسكوا وأفطروا وعيدوا
لولا رسول الله وهو جدهم ... وا حبذا الوالد ثم الولد
ومصرع الطف ولا أذكره ... ففي الحشا منه لهيب موقد
يرى الفرات ابن البتول طاميا ... يلقى الردى وابن الدعي يرد
حسبك يا هذا وحسب من بغى ... عليهم يوم المعاد الصمد
يا أهل بيت المصطفى يا عدتي ... ومن على حبهم أعتمد
/ أنتم إلى الله غدا وسيلتي ... وكيف أخشى وبكم اعتضد 64/ أ
وليكم في الخلد حي خالد ... والضد في نار لظى يخلد [2]
ولست أهواكم ببغض غيركم ... إني إذا أشقى بكم لا أسعد
فلا يظن رافضي أنني ... وافقته أو خارجي مفسد
محمد والخلفاء بعده ... أفضل خلق الله فيما أجد
هم أسسوا قواعد الدين لنا ... وهم بنوا أركانه وشيدوا
ومن يخن أحمد في أصحابه ... فخصمه يوم المعاد أحمد
هذا اعتقادي فالزموه تفلحوا ... هذا طريقي فاسلكوه تهتدوا [3]
والشافعي مذهبي مذهبه ... لأنه في قوله مؤيد
أتبعه في الأصل والفرع معا ... فليتبعني الطالب المسترشد
إني بإذن الله ناج سابق ... إذا ونى الظالم والمقتصد
__________
[1] في ص، ط: «قوم لهم والمشعران لهم» .
[2] في الأصل: «في نار لظى مخلد» .
[3] في الأصل: «فاسلكوه ترشدوا» .
(18/131)
وله أيضا:
حنت فأذكت لوعتي حنينا ... أشكو من البين وتشكو البينا
قد عاث في اشخاصها طول السري ... بقدر ما عاث الفراق فينا
فخلها تمشي الهوينا طالما ... أضحت تباري الريح في البرينا
وكيف لا نأوي لها وهي التي ... بها قطعنا السهل والحزونا
ها قد وجدنا البر بحرا زاخرا ... فهل وجدنا غيرها سفينا
إن كن لا يفصحن بالشكوى لنا ... فهن بالإرزام يشتكينا
قد أقرحت بما تئن كبدي ... إن الحزين يرحم الحزينا
مذ عذبت لها دموعي لم تبت ... هيما عطاشا وترى المعينا
64/ ب/ وقد تياسرت بهن جائرا [1] ... عن الحمى [2] فاعدل بها يمينا
تحن أطلالا عفا آياتها ... تعاقب الأيام والسنينا
يقول صحبي أترى آثارهم ... نعم ولكن لا نرى القطينا
لو لم تجد ربوعهم كوجدنا ... للبين لم تبل كما بلينا
ما قدر الحي على سفك دمي ... لو لم تكن أسيافهم عيونا
أكلما لاح لعيني بارق [3] ... بكت فأبدت سرى المصونا
لا تأخذوا قلبي بذنب مقلتي ... وعاقبوا الخائن لا الأمينا
ما استترت بالورق الورقاء كي ... تصدق لما علت الغصونا
قد وكلت بكل باك شجوه ... تعينه إذ عدم المعينا
هذا بكاها والقرين حاضر ... فكيف من قد فارق القرينا
أقسمت ما الروض إذا ما بعثت ... أرجاؤه الخيري والنسرينا
وأدركت ثماره وعذبت ... أنهاره وأبدت المكنونا
وقابلته الشمس لما أشرقت ... وانقطعت افنانه [4] فنونا
__________
[1] في الأصل: «وقد تباشرت بهن جائرا» .
[2] في الأصل: «لقن الحمى» .
[3] في الأصل: «لاح لهن بارق» .
[4] في الأصل: «وقابلت أفنانه» .
(18/132)
أذكى ولا أحلى ولا أشهى ولا ... أبهى ولا
أوفي بعيني لينا
من نشرها وثغرها ووجهها ... وقدها فاستمع اليقينا
يا خائفا على أسباب العدى ... أما عرفت حصني الحصينا
إني جعلت في الخطوب موئلي ... محمدا والأنزع البطينا
أحببت ياسين وطاسين ومن ... يلوم في ياسين أو طاسينا
سر النجاة والمناجاة لمن ... أوى إلى الفلك وطور سينا
وظن بي الأعداء إذ مدحتهم ... ما لم أكن بمثله قمينا
يا ويحهم وما الذي يريبهم [1] ... مني حتى رجموا الظنونا
وكم مديح قدروا في رافد [2] ... فلم يجنوا ذلك الجنونا
وإنما أطلب رفدا باقيا ... يوم يكون غيري المغبونا
يا تائهين في أضاليل الهوى ... وعن سبيل الرشد ناكبينا
تجاهكم دار السلام فابتغوا ... في نهجها جبريلها الأمينا
لجوامعي الباب وقولوا حطة ... تغفر لنا الذنوب أجمعينا
ذروا العنا فإن أصحاب العبا [3] ... هم النبا إن شئتم التبيينا
ديني الولاء لست أبغي غيره ... دينا وحسبي بالولاء دينا
هما طريقان فأما شأمة ... أو فاليمين [فاسلكوا] [4] اليمينا
سجنكم سجين إن لم تتبعوا ... علينا دليل عليينا
وله أيضا:
إذا قل مالي لم تجدني ضارعا ... كثير الأسى مغرى بعض الأنامل
ولا بطرا إن جدد الله نعمة ... ولو أن ما آوى جميع الأنام لي
توفي الحصكفي في ربيع الأول من هذه السنة بميافارقين.
__________
[1] في الأصل: «يا ويحهم وما الّذي رابهم» .
[2] في ص: «وقد مديح قدروا في واحد» .
[3] في الأصل: «ذروا العنا ان أصحاب الهبا» .
[4] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(18/133)
ثم دخلت سنة اربع
وخمسين وخمسمائة
66/ ب فمن الحوادث فيها:
أن أمير المؤمنين أبل من مرض فضربت الطبول وفرقت الصدقات وذبح كل واحد
من أرباب الدولة من البقر وفرقت الكسوة على الفقراء وعلق البلد أسبوعا.
[وصول ترشك الى بغداد]
وفي المحرم: وصل ترشك إلى بغداد فلم يشعر به إلا وقد ألقى نفسه تحت
التاج 65/ ب/ عند كوخ المستخدمين معه سيف وكفن فبرز له الإذن بالمضي
إلى الديوان فحضر عند الوزير فأنهى حضوره ووقع له بمال وإذن له في
الدخول إلى الدار المعمورة من أي باب شاء.
ووصل في رسالة محمد شاه ومعه عدة رسل من أمراء الأطراف طلبا للمقاربة
فلما نزلوا بشهر آبان أنفذ من دار الخلافة من استوقفهم هناك ولم يمكنوا
من الوصول فأقاموا ثمانية عشر يوما ثم عادوا ولم تسمع رسالتهم.
[عودة الغز الى نيسابور]
وفي هذه السنة: عاد الغز الى نيسابور فنهبوها وكان بها ابن أخت سنجر
فاندفع عنها الى جرجان.
[خروج الخليفة الى واسط]
وفيها: خرج الخليفة إلى واسط واجتاز بسوقها وأبصر جامعها ومضى إلى
الغراف وزلت به فرسه في بعض الطريق فوقع إلى الأرض وشج جبينه بقبيعة
سيف الركاب فانتاشه مملوك من مماليك الوزير فأعتقه الوزير وخلع عليه
وحصل للطبيب ابن صفية مال لأنه خاط المكان وعاده.
(18/134)
[وقوع برد عظيم]
وفيها: وقع برد عظيم فهلكت قرى، وذكر أنه كان في بعض البرد ما وزنه
خمسة أرطال وأهلكت الغلة فلم يقدروا على علف.
وفي ثامن عشر ربيع الأول كثر المد بدجلة وخرق القورج واقبل إلى البلد
فامتلأت الصحارى وخندق السور وأفسد الماء السور ففتح فيه فتحة يوم
السبت تاسع عشر ربيع فوقع بعض السور عليها فسد بها ثم فتح الماء فتحة
أخرى فأهملوها ظنا أنها تنفس عن السور لئلا يقع فغلب الماء وتعذر سده
فغرق قراح ظفر والأجمة والمختارة والمقتدية ودرب القيار وخرابة ابن
جردة والزيات/ وقراح القاضي وبعض القطيعة 66/ أوبعض باب الأزج وبعض
المأمونية وقراح أبي الشحم وبعض قراح ابن رزين وبعض الظفرية ودب الماء
تحت الارض إلى أماكن فوقعت.
قال المصنف: وخرجت من داري بدرب القيار يوم الأحد وقت الضحى فدخل إليها
الماء وقت الظهر، فلما كانت العصر وقعت الدور كلها وأخذ الناس يعبرون
إلى الجانب الغربي فبلغت المعبرة دنانير، ولم يكن يقدر عليها.
ثم نقص الماء يوم الاثنين وسدت الثلمة وتهدم السور وبقي الماء الذي في
داخل البلد يدب في المحال إلى إن وصل بعض درب الشاكرية ودرب المطبخ،
وجئت بعد يومين إلى درب القيار فما رأيت حائطا قائما، ولم يعرف أحد
موضع داره إلا بالتخمين، وإنما الكل تلال فاستدللنا على دربنا بمنارة
المسجد فانها لم تقع، وغرقت مقبرة الإمام أحمد وغيرها من الأماكن
والمقابر وانخسفت القبور المبنية وخرج [الموتى على رأس] [1] الماء
وأسكر المشهد والحربية، وكانت آية عجيبة، ثم ان الماء عاد [فزاد] [2]
بعد عشرين يوما فنقض سد القورج فعمل فيه أياما.
وتنافر الوزير ونقيب النقباء في كلام فوقع بأن يلزم النقيب بيته ثم رضي
عنه بعد ذلك واصطلحا.
[جمع ملك الروم الجمع العظيم]
وفي هذه السنة جمع ملك الروم جمعا عظيما، وقصد الشام وضاق بالمسلمين
__________
[1] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
(18/135)
الأمر، ثم عاد الكفار خائبين، وغنم
المسلمون وأسر ابن أخت ملكهم، وكان سبب عودهم ضيقة الميرة عليهم.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4228- أحمد بن معالي، ابن بركة [1] الحربي.
تفقه على أبي الخطاب/ الكلواذاني وبرع في النظر.
قال المصنف: سمعت درسه مدة وكان قد انتقل إلى مذهب الشافعي ثم عاد إلى
مذهب أحمد ووعظ.
وتوفي في جمادي الأولى من هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب، وكان سبب
موته أنه ركب دابة فانحنى في مضيق ليدخله فأتكأ بصدره إلى قربوس السرج
فأثر فيه، وانضم إلى ذلك إسهال فضعفت القوة، وكان مدة يومين أو ثلاثة.
4229- أحمد [2] بن محمد بن عبد العزيز، أبو [جعفر] [3] العباسي المكي
نقيب [4] مكة.
شيخ صالح ثقة سمع الكثير وتوفي في هذه السنة ودفن بالعطافية.
4230-[جعفر] [5] بن زيد بن جامع، أبو زيد الحموي.
[6] من أهل حماة بلدة من بلاد الشام [7] بين حمص وحلب قرأ القرآن وكان
كثير الدراسة وسمع الحديث [8] من أبي الحسين ابن الطيوري وأبي طالب ابن
يوسف وانقطع
__________
[1] في ت: «أحمد بن بركة الحربي» . وانظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/
170) .
[2] في الأصل: «جعفر بن محمد»
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 170)
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 171) .
[7] في الأصل: «من بلاد الإسلام» .
[8] «الحديث» سقطت من ت، ص.
(18/136)
عن مخالطة الناس متشاغلا بنفسه.
وتوفي في ليلة الأحد خامس عشر ذي الحجة من هذه السنة ودفن في صفة
ملاصقة لمسجده في محلته المعروفة بقطفتا.
4231- الحسن بن جعفر، بن عبد الصمد بن المتوكل على الله، أبو علي.
[1] ولد سنة سبع وسبعين واربعمائة قرأ القرآن وكان يؤم في مسجد ابن
العلثي [2] وسمع من ابن العلاف وابن الحصين وغيرهما وكان فيه لطف وظرف
وسمع [3] سيرة المسترشد وسيرة المقتفي.
وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن بمقبرة باب حرب.
4232- محمد شاه بن محمود
[4] .
طلب الخطبة والسلطنة [5] فلم يجب إليهما فجاء إلى بغداد فحاصرها على ما
سبق ذكره ثم عاد.
وتوفي في ذي الحجة بباب همذان.
4233- يحيى بن نزار المنبجي
[6] .
كان فيه فضل وأدب ويقول الشعر/ وكان يحضر مجلسي ويدهشه كلامي وجد 67/
أفي أذنه ثقلا فخاف الطرش فاستدعى انسانا من الطرقية فامتص أذنه فخرج
شيء من مخه فكان سبب موته.
توفي في ذي الحجة ودفن في تربتهم بالوردية.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 171)
[2] في ت: «ابن العلبي» .
[3] في ت: «وجمع» .
[4] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 172. والبداية والنهاية 12/ 240.
والكامل 9/ 434) .
[5] في ت: «طلب خطبة السلطنة» .
[6] انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 2/ 254. والأعلام 8/ 174. وإرشاد
الأريب إلى معرفة الأدباء (معجم الأدباء) 7/ 293) .
(18/137)
ثم دخلت سنة خمس
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[إفراج علي كوجك عن سليمان شاه بن محمد
وخطب له بالسلطنة]
أن المسمى بعلي كوجك صاحب الموصل أفرج عن سليمان شاه بن محمد وخطب له
بالسلطنة وسيره إلى همذان وتوجه ابن أخيه ملك شاه بن محمود إلى أصبهان
طالبا للأجمة فمات بها.
وفي منتصف صفر: فوض تدريس جامع السلطان الى اليزدي مكان الشمس
البغدادي.
[منع المحدثين من قراءة الحديث]
وفي هذه الأيام: منع المحدثون من قراءة الحديث في جامع القصر وسببه أن
صبيانا من الجهلة قرءوا شيئا من أخبار [الصفات] [1] ثم اتبعوا ذلك بذم
المتأولين وكتبوا على جزء من تصانيف أبي نعيم اللعن له والسب فبلغ ذلك
استاذ الدار فمنعهم من القراءة.
[الإرجاف على الخليفة بالموت]
وفي يوم الجمعة سلخ صفر: أرجف على الخليفة بالموت فانزعج الناس وماج
البلد وعدم الخبز من الأسواق ثم وقع إلى الوزير بعافيته وطابت قلوب
الناس ووقعت البشائر [والخلع] [2] فلما كانت صبيحة الأحد ثاني ربيع
الأول أصبحت أبواب الدار كلها [3] مغلقة إلى قريب الظهر واغلق باب
النوبي وباب العامة فتحقق الناس الأمر وركب العسكر بالسلاح فلما كان
قريب الظهر فتحت الأبواب ودعي الناس الى بيعة 67/ ب المستنجد باللَّه
فأظهروا/ موت المقتفي.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «أبواب الدار بأسرها» .
(18/138)
باب ذكر خلافة المستنجد باللَّه
واسمه: يوسف بن المقتفي ولد في ربيع الأول سنة ثمان عشرة وخمسمائة
وبويع بعد موت أبيه المقتفي وقيل أنه أريد به سوء ليولي غيره فدفع عنه
فبايعه أهله وأقاربه وأولهم عمه أبو طالب ثم أبو جعفر بن المقتفي وكان
أكبر من المستنجد ثم بايعه الوزير وقاضي القضاة وأرباب الدولة والعلماء
ثم خطب له يوم الجمعة على المنابر ونثرت الدنانير والدراهم.
قال المصنف رحمه الله: [1] وحدثني الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد بن
هبيرة قال: حدثني أمير المؤمنين المستنجد باللَّه قَالَ: رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام منذ خمس
عشرة سنة فقال لي: يبقى أثرك في الخلافة خمس عشرة سنة. فكان كما قال.
قال: ورأيته صلى الله عليه وسلم في المنام [2] قبل موت أبي بأربعة أشهر
فدخل بي إلى باب كبير ثم ارتقى إلى رأس جبل وصلى بي ركعتين وألبسني
قميصا ثم قال لي قل اللَّهمّ أهدني فيمن هديت وذكر دعاء القنوت. وذكر
لي الوزير ابن هبيرة قال كان المستنجد قد بعث إلي مكتوبا مع خادم في
حياة أبيه وكأنه أراد أن يسره عنه فأخذته وقبلته وقلت للخادم قل له
والله ما يمكنني أن أقرأه ولا أن أجيب عنه. قال فأخذ ذلك في نفسه علي
فلما ولي دخلت عليه/ فقلت يا أمير المؤمنين أكبر دليل في نصحي أني ما
حابيتك نصحا لأمير المؤمنين 68/ أقال صدقت أنت الوزير فقلت إلى متى؟
فقال إلى الموت فقلت أحتاج والله إلى اليد الشريفة فاحلفته على ما ضمن
لي.
__________
[1] «وقال المصنف رحمه الله» سقطت من ت.
[2] «من المنام» سقطت من ص، ت.
(18/139)
وحكى أن الوزير خدم بعد ذلك بحمل كثير من
خيل وسلاح وغلمان وطيب ودنانير فبعث أربعة عشر فرسا عرابا فيها فرس
أبيض يزيد ثمنه على اربعمائة دينار وست بغلات مثمنة وعشرة من الغلمان
الأتراك فيهم ثلاثة خدم وعشرة زريات وخوذ وعشرة تخوت من الثياب وسفط
فيه عود وكافور وعنبر وسفط فيه دنانير فقبلت منه وطاب قلبه.
ولما بويع المستنجد أقر الوزير ابن هبيرة على الوزارة وأصحاب الولايات
على ولاياتهم وأزال المكوس والضرائب وأمر بالجلوس لعزاء أبيه فتقدم إلي
بالكلام في العزاء ووضع كرسي لطيف فتكلمت في بيت النوبة ثلاثة أيام
وخرج في اليوم الثالث إلى الوزير توقيع نسخته: الَّذِينَ إِذا
أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
راجِعُونَ 2: 156 [1] تسليما لأمر الله وقضائه فصبر الحكمة النافذ
ومصابه في الإمام السعيد الذي عظم الله [2] مصابه واعتاض حلو العيش
صابه وفت في عضد الإسلام وغدا به الدين واهي النظام ان الصبر عليه
لبعيد وإن [3] الكمد عليه مع الأيام جديد لقد كان سكينة مغشية المراد
[4] ورحمة منتشرة/ في العباد برا بهم رءوفا متحننا [عليهم] [5] عطوفا
فجدد الله سبحانه لديه من كراماته الراجحة وتحياته الغادية الرائحة ما
يحله بحبوحة جنانه وينيله مبتغاه من إحسانه ومع ما من الله عليه من
استقرار الأمر في نصابه وحفظه على من هو أولى به فليس إلا التسليم إلى
المقدور والتفويض إليه سبحانه في جميع الأمور فهو يوفي المثوبة والأجر
والسعيد من كان عمله في دنياه لأخراه ورجوعه الى الله سبحانه في بدايته
وعقباه والله تعالى يوفق أمير المؤمنين لما عاد برضاه وصلاح رعاياه
ليعود النظام إلى اتساقه ونور الإمامة إلى إشراقه فانهض أنت إلى
الديوان لتنفيذ المهام [6] ولتثق بشمول الإنعام ولتأمر الحاضرين
بالانكفاء إلى الخدمات وليتقدم بضرب النوبة في أوقات الصلوات.
وكان الوزير في اليومين يجيء ماشيا فقدمت إليه فرسه في اليوم الثالث
فركب وتقدم في هذا اليوم بالقبض على ابن المرخم الذي كان قاضيا وكان
بئس الحاكم آخذ الرشى واستصفيت أمواله وأعيد منها على الناس ما ادعوا
عليه وكان قد ضرب فلم يقر
__________
[1] سورة: البقرة الآية: 156.
[2] في ت، ص: «الّذي عظم مصابه» .
[3] «وأن» سقطت من ت، ص.
وفي ص: «والكبو عليه»
[4] في الأصل: «المزاد» .
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
[6] في الأصل: «لتنفيذ المهمات» .
(18/140)
فضرب ابنه فأقر بأموال كثيرة وأحرقت كتبه
في الرحبة وكان منها كتاب الشفاء وإخوان الصفاء وحبس فمات في الحبس.
وأسقطت الضرائب وما كان ينسب إلى سوق/ الخيل والجمال والغنم والسمك 69/
أوالمدبغة والبيع في جميع أعمال العراق وأفرج عن جماعة كانوا مطالبين
بأموال وقد تقدم أستاذ الدار فخلع عليه فجعل أمير حاجب وتقدم إلى
الوزير بالقيام له.
وخلع المستنجد باللَّه عند انتهاء [1] شهر والده على أرباب الدولة وخلع
علي خلعة وعلى عبد القادر وأبي النجيب وابن شقران وإذن لنا في الجلوس
بجامع القصر وتكلمت في الجامع يوم السبت ثامن عشرين ربيع الآخر فكان
يحزر جمع مجلسي على الدوام بعشرة آلاف وخمسة عشر ألفا.
وظهر أقوام [2] يتكلمون بالبدع ويتعصبون في المذاهب واعانني الله تعالى
عليهم وكانت كلمتنا هي العليا. وأذن لرجل يقال له أبو جعفر بن سعيد ابن
المشاط فجلس في الجامع فكان يسأل فيقال له الم ذلِكَ الْكِتابُ 2: 1- 2
[3] كلام الله؟ فيقول لا. ويقول في القصص هذا كلام موسى وهذا كلام
النملة فأفسد عقائد الناس وخرج فمات عن قريب.
وفي جمادى الآخرة [4] : عزل قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد
الدامغاني ورتب مكانه [عبد الواحد] [5] أبو جعفر الثقفي وخلع عليه وكتب
له عهد وكان قد قيل لابن الدامغاني قم لابن الثقفي الصغير الذي ولي
مكان ابن المرخم. فقال: ما جرت العادة أن يقوم قاضي القضاة لقاض. فقيل
له قد قمت لابن المرخم فأنكر ذلك وشهد عليه العدول بأنه قام له فأخذوا
ذلك عليه وعزل.
وأخذ رجل معلم يقال له أبو المعمر عبد الرزاق بن علي الخطيب كان يعلم
الصبيان بالمأمونية فصار يخبر المقتفي، وتقدم الى حاجب/ الباب بسماع
قوله فكان 69/ ب
__________
[1] في الأصل: «عند تمام شهر» .
[2] في الأصل: «وظهر قوم» .
[3] سورة: البقرة الآية: 1 و 2.
[4] في الأصل: «ومن يوم جمادى الآخرة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقطت من الأصل.
(18/141)
يخشى ويتقي وصار له شرف فلما توفي المقتفي
كتب إلى المستنجد يلتمس ما كان يفعله في زمان أبيه فقال الخليفة هذا
الذي كان يخبر؟ قالوا نعم، فأمر بالقبض عليه فأخذ وعوقب إلى أن سال دمه
وجيء به إلى بيته ليلا ليدلهم على دفين فقال احفروا ها هنا وها هنا
فحفروا فلم يجدوا شيئا فقال إنما قلت ذلك من حرارة الضرب وأعادوه إلى
الحبس.
وفي هذه السنة: ولي ابن حمدون المقاطعات.
[القبض على ابن الفقيه بالمخزن]
وفيها: قبض على ابن الفقيه النائب بالمخزن وكان يشرف لولاية المخزن
فقبض عليه صاحب المخزن وبذل ابن الصيقل الذي كان حاجب الباب أربعة آلاف
دينار على أن يولى نقابة العباسيين فخوطب في ذلك نقيب النقباء فبذل
خمسة آلاف فقبض على ابن الصيقل وطولب بما بذل فقرر عليه اثنا عشر ألفا
فباع كل ما يملك.
وفي رمضان: حدثت حادثة عجيبة وذلك ان مغربيا [1] كان يلعب بالرمل ويحسب
بالنجوم سكن حجرة في دربية سوق الأساكفة [2] ظهرها إلى دار ابن حمدون
العارض [3] [فأظهر الزهادة] [4] فكان يخرج في الليل إلى الحارس فيقول
افتح لي فقد لحقني احتلام، ثم نقب أصول الحيطان وفرق التراب في الغرف
[5] حتى خرج إلى خزانة في الدار وفيها خزانة خشب ساج فنقل كل ما فيها
من مال ومصاغ قوم ثلاثة آلاف دينار وخرج إلى الحارس فقال افتح لي وكان
قد استعد ناقة ورفقة فخرج فركب وسار فما 70/ أعلم به حتى صار على فراسخ
ثم أخذ مملوك لنضر بن القاسم التاجر/ وقالوا كان رفيق المغربي جيء به
من رحبة الشام متهما بالعملة وبقتل المغربي [6] وقيل أنه ساعد المغربي
على ذلك فلما خرج قتله وأخذ المال.
وفي أول شوال: اتفق العسكر بباب همذان على القبض على سليمان شاه وخطبوا
لأرسلان بن طغرل وورد على كوجك إلى بغداد قاصدا للحج ووصل الى
__________
[1] في الأصل: «أن مغربي» .
[2] في الأصل: «في دربية الأسواق» .
[3] في الأصل: «ابن حمدون العائد» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[5] في الأصل: «من الطرق» .
[6] «جيء به من رحبة الشام متهما بالعملة وبقتل المغربي» هذه العبارة
ساقطة من ت، ص.
(18/142)
الخدمة الشريفة وخلع عليه وحج في هذه السنة
شير كوه صاحب الرحبة وغيرها من أعمال الشام وبث في الحرمين معروفا
كثيرا ولم يفعل كوجك شيئا يذكر به على كثرة ماله.
وتوفي قاضي القضاة الثقفي فولي مكانه ابنه جعفر، وقدم [مركبان] [1] من
كيش فيهما هدايا وتحف للخليفة منها عدة أفراس وعشرة أحمال من القنا
الخطي وأنياب الفيلة وخشب الساج والصنوبر والآبنوس وسلال العود والببغ
والجواري والمماليك.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر.
4234- عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن حمزة [2] أبو جعفر الثقفي
[3] .
وكان قاضيا بالكوفة وسمع من أبي الغنائم وغيره وولاه المستنجد قضاء
القضاة.
وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة [وقد ناهز الثمانين] [4] .
4235- الفائز صاحب مصر
[5] .
توفي في رجب هذه السنة وكان صبيا يدبر أمره أبو الغارات الصالح بن رزيك
وأقيم مقامه صبي لقب بالعاضد/ وهو الذي انقرضت على يده دولة آل عبيد
وعادت 70/ ب الخطبة بديار مصر لبني العباس وسوف نذكر ذلك عند وصولنا
إليه [6] .
4236- قيماز الأرجواني [7] ، أمير الحاج بعد نظر.
دخل ميدان [دار] [8] الخلافة فلعب بالصولجان فشب فرسه من تحته ورمى به
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ت: «بن ضمرة» .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 175. والبداية والنهاية 12/ 243)
.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[5] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 174. والبداية والنهاية 12/ 242.
والكامل 9/ 437، 438)
[6] العبارة من أول: «وهو الّذي انقرضت ... » حتى «عند وصولنا إليه» .
[7] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 242. والكامل 9/ 443) .
[8] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/143)
فوقع على أم راسه فانكسرت ترقوته وسال مخه
من منخريه وأذنيه فمات ودفن [1] بمقبرة الشونيزي وتبعه الأكابر [2]
وترحم الناس عليه وذلك في شعبان هذه السنة.
4237- محمد أبو عبد الله المقتفي باللَّه، أمير المؤمنين ابن المستظهر
باللَّه
[3] .
مرض بالتراقي وقيل كان دمل في العنق، توفي ليلة الأحد في ربيع الأول من
هذه السنة عن ست وستين سنة إلا ثمانية وعشرين يوما. ولي الخلافة اربعة
وعشرين سنة وثلاثة أشهر وستة عشر يوما ودفن في الدار ثم أخرج إلى
الترب.
[ومن العجب] [4] : انه وافق أباه المستظهر في علة التراقي وماتا جميعا
في ربيع الأول وتقدم موت محمد شاه على موت المقتفي بثلاثة أشهر [وكذلك
المستظهر مات قبله السلطان محمد بثلاثة أشهر] [5] ومات المقتفي بعد
الغرق بسنة وكذلك القائم مات بعد الغرق بسنة.
قال عفيف الناسخ- وكان رجلا صالحا- رأيت في المنام قبل دخول سنة خمس
وخمسين قائلا يقول إذا اجتمعت ثلاث خاءات كان آخر خلافته، قلت خلافة
من؟ قال خلافة [المقتفي] [6] قلت: ما معنى اجتماع الخاءات؟ قال سنة خمس
وخمسين وخمسمائة.
71/ أ
4238-/ محمد بن أحمد بن على بن الحسين، أبو المظفر ابن التريكي
[7] .
كان يخطب في الجمع والأعياد وكان حسن الصورة فاضلا.
توفي يوم الأربعاء خامس عشر ذي القعدة ودفن في تربة معروف الكرخي.
__________
[1] في الأصل: «ودفن لما من مقبرة» .
[2] في ص: «وتبعه الإمام»
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 172. والبداية والنهاية 12/ 241.
والكامل 9/ 438) .
[4] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في ت: «ابن البزكي» .
وفي الشذرات: «بن النويلي» .
انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 175)
(18/144)
4239- محمد بن يحيى بن علي بن مسلم، أبو
عبد الله الزبيدي
[1] .
من أهل زبيد باليمن مولده على التقريب سنة ثمانين واربعمائة قدم بغداد
سنة تسع وخمسمائة ووعظ وكان له معرفة بالنحو والأدب وكان صبورا على
الفقر لا يشكو حاله.
قال المصنف رحمه الله حدثني البراندسي قال جلست مع الزبيدي من بكرة إلى
قريب الظهر وهو يلوك شيئا في فمه فسألته فقال لم يكن لي شيء فأخذت نواة
أتعلل بها. و [انه] [2] كان يقول الحق وان كان مرا ولا يراقب أحدا ولا
تأخذه في الله لومة لائم وقد حكى لي أنه دخل على الوزير الزينبي وقد
خلعت عليه خلع الوزارة والناس يهنئونه بالخلعة فقال هو هذا يوم عزاء لا
يوم هناء. فقيل له، فقال: الهناء على لبس الحرير؟
وحدثني عبد الرحمن بن عيسى الفقيه قال: سمعت محمد بن يحيى الزبيدي يحكي
عن نفسه قال: خرجت إلى المدينة على الوحدة فآواني الليل إلى جبل فصعدت
عليه وناديت اللَّهمّ إني الليلة ضيفك، ثم نزلت فتواريت عند صخرة فسمعت
مناديا ينادي مرحبا بك يا ضيف الله إنك مع طلوع/ الشمس تمر بقوم على
بئر يأكلون خبزا 71/ ب وتمرا فإذا دعيت [3] فأجب فهذه ضيافتك قال فلما
كان من الغد سرت فلما كان مع طلوع الشمس لاحت لي أهداف بئر فجئتها
فوجدت عندها قوما يأكلون خبزا وتمر فدعوني إلى الأكل فأكلت.
توفي الزبيدي في ربيع الأول من هذه السنة ودفن قريبا من باب الشام
[الغربي من بغداد] [4] .
4240- ملك شاه بن محمود [بن محمد بن ملك شاه]
[5] .
توفي في ربيع الأول بأصبهان.
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 243. والكامل 9/ 443) .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] في الأصل: «فإذا دعوك»
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
وفي ت: «من باب الشام بالجانب الغربي من هذه السنة» .
[5] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل. انظر ترجمته في: (الكامل 9/ 442)
.
(18/145)
ثم دخلت سنة ست
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[قطع خطبة سليمان شاه من المنابر]
أنه في يوم الجمعة سابع المحرم: قطعت خطبة سليمان شاه من المنابر في
الجوامع وانتشر في هذه الأيام ذكر التسنن والترفض [1] حتى خشيت الفتنة
وخرج الوزير يوم الجمعة رابع عشر المحرم بعد الصلاة من المخيم وخرج
الخليفة صبيحة السبت وكان ركوبه في الماء وصعوده عند مسناة السور فركب
هناك وخرجوا إلى الصيد.
وفي يوم الثلاثاء تاسع صفر: ولي ابن الثقفي قضاء القضاة مكان أبيه
واستناب أخاه في الحكم وخرج التوقيع بإزالة المتعيشين الذين يجلسون [2]
على الطرقات في رحبة الجامع وغيرها وبنقض الدكاك البارزة في الأسواق
التي توجب الازدحام.
وفي يوم الجمعة ثالث ربيع الأول: انتقل الوزير ابن هبيرة من الدار التي
[كان] [3] 72/ أيسكنها بجنب الديوان/ إلى دار ابن صدقة الوزير. [وحول
قاضي القضاة ابن الدامغاني عن الدار التي سكنها بباب العامة] [4]
فأسكنها الوزير ابنته فانتقل ابن الدامغانيّ الى مدرسة التتشي.
__________
[1] في الأصل: «والرفض» .
[2] في الأصل: «يقعدون» .
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/146)
[خروج الخليفة الى الصيد]
وفي صبيحة السبت ربيع الأول: خرج الخليفة إلى الصيد وليس معه إلا
الخواص من الغلمان وعارض الجيش ابن حمدون.
وفي ليلة الأربعاء ثاني عشرين ربيع الأول: أخرج المقتفي من الدار في
الزبزب والسفن حوله بالشمع الكبار والموكبيات وجمع أرباب الدولة معه
إلى الترب وكان الماء جاريا [1] شديد الجريان فجرى له تخبيط كثير وصلوا
إلى هناك بعد نصف الليل.
وفي يوم السبت ثامن عشر ربيع الأول: خرج الوزير من بيته [2] على عادته
ليمضي إلى الديوان والغلمان بين يديه وهموا برد باب المدرسة التي بناها
ابن طلحة فمنعهم الفقهاء وضربوهم بالآجر فهم أصحاب الوزير بضربهم
وشهروا عليهم السيوف فمنعهم الوزير ومضى إلى الديوان ثم إن الفقهاء
كتبوا قصة يشكون من غلمان الوزير فوقع عليها بضرب الفقهاء وتأديبهم
ونفيهم من الدار فمضى أصحاب أستاذ الدار فعاقبوهم هناك ثم أدخلهم
الوزير إليه واستحلهم وأعطى كل واحد دينارا وأعيدوا إلى المدرسة بعد أن
غلقت أياما واختفى أبو طالب مدرسهم ثم ظهر بعد العفو.
وأرجف في هذه الأيام بأن عسكرا قد تعلق بالبندنيجين من التركمان وأن
الخليفة يريد أن ينفذ هناك عسكرا/ يضمهم [3] إلى ترشك ويقاتلونهم فخرج
جماعة من الأمراء 72/ ب في جيش كبير فاجتمعوا بترشك فلما حصل بينهم
[وثبوا عليه] [4] فقتلوه واحتزوا رأسه وبعثوا به في مخلاة وإنما
احتالوا عليه لأنهم دعوه فأبى أن يحضر وأضمر الغدر وقتل مملوكا للخليفة
ودعا الوزير أولياء ذلك المقتول وقال ان أمير المؤمنين قد اقتص لابيكم
من قاتله فشكروا.
[فتح المدرسة التي بناها ابن الشمحل]
وفي يوم الاثنين حادي عشر ربيع الآخر: فتحت المدرسة التي بناها ابن
الشمحل في المأمونية وجلس فيها الشيخ أبو حكيم مدرسا وحضر جماعة من
الفقهاء.
__________
[1] في ص: «زائدا» .
[2] في ص: «داره» .
[3] في الأصل هكذا: «يصبطلمهم» .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/147)
وفي هذه الأيام: رخص السعر [1] فبيع اللحم
أربعة أرطال بقيراط وكثر البيض فبيع مائة بيضة بقيراط والعسل كل من
بطسوج والخوخ كل عشرة أرطال بحبة [ونصف] [2] .
وفي جمادى الآخرة: جلس ابو الخير القزويني في جامع القصر وتعصب له
الأشاعرة.
[وفي ثاني عشر جمادى الآخرة: مات ابن نقيب العلويين الّذي كان قد تولى
مكان أبيه لما مرض أبوه] [3] .
وفي هذه الأيام: غلظ على الناس في أمر الخراج وردت المقاطعات إلى
الخراج فانطلقت الألسن باللوم للوزير لأنه كان عن رأيه.
وفي رمضان: عمل [4] الوزير طبق الإفطار على عادته ووصلت الأخبار إن
جماعة من العسكر طلبوا العرب لأخذ الأعشار منهم فامتنعت العرب فأخذ
العسكر ينهبون أموالهم فعطفوا عليهم فقتلوهم وأهلك الأمراء قيصر وبلال
وبهلوان ومن نجا مات عطشا في البرية فكن إماء العرب يخرجن بالماء
ليسقين الجرحى فإذا أحسسن بحي يطلب الماء أجهزن عليه وكثر البكاء على
القتلى ببغداد وخرج الوزير وبقية العسكر في طلب العرب.
73/ أ/ وفي هذه الأيام: احتدت [5] شوكة [علاء الدين] [6] ابن الزينبي
في أمر الحسبة فوكل بالطحانين وأخذ منهم الأموال وعزموا أن يكسروا
علائق المتعيشين ويبيعوهم علائق من عندهم فمضى الناس واستغاثوا ومضى
المجان إلى قبر ابن المرخم يخلقونه [7] وكتبوا عليه من رد مجوننا علينا
فرفعت يد ابن الزينبي من الحسبة. وعاد الوزير من سفره بعد أن انطردت
بنو خفاجة.
__________
[1] في ت: «رخص الشهر» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في ت: «وفي رمضان على الوزير» .
[5] في الأصل: «أبيدت شوكة»
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[7] في كافة النسخ هكذا.
(18/148)
ووقعت حادثة عجيبة لأبي بكر ابن النقور
وذلك أنه غمز به إلى الديوان أن في بيته وديعة فاستدعى فسئل عنها فأنكر
وكان معذورا في الإنكار لانه لم يعلم بها إنما علم بها النسوة من أهله
فوكل به ونفذ إلى بيته فأخذت الوديعة من عرضي داره كانت دنانير [في
مسائن] [1] وكان القاضي يحيى وكيل مكة بعثها مع نسائه إلى النساء
اللواتي في دار ابن النقور فسألنهن أن يعيروهن [2] عرضي الدار ليتركوا
[3] فيه رحلا ويغلقن عليه ففعلن فدفن المال فأحست بذلك [4] جارية في
البيت فنمت [5] وأهل البيت لا يعلمون وكان المال لبنت المنكوبرس
الأمير.
[ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر [6]]
4241- إبراهيم بن دينار، أبو حكيم النهرواني
[7] .
ولد سنة ثمانين واربعمائة سمع من ابن ملة وابن الحصين وغيرهما الحديث
الكثير وتفقه على أبي سعد بن حمزة صاحب أبي الخطاب/ الكلوذاني وقد رأى
ابا 73/ ب الخطاب وسمع منه أيضا وكان عالما بالمذهب والخلاف والفرائض
وقرأ عليه خلق كثير ونفع به وأعطى المدرسة التي بناها ابن الشمحل
بالمأمونية وأعدت درسه فبقي نحو شهرين فيها [8] وسلمت بعده إلي فجلست
فيها للتدريس وله مدرسة بباب الأزج كان مقيما بها فلما احتضر أسندها
إلي وكان يضرب به المثل في التواضع وكان زاهدا عابدا كثير الصوم وقرأت
عليه القرآن والمذهب والفرائض ورأيت بخطه على جزء له رأيت ليلة
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل،
[2] في ت: «يعيرونهن» .
[3] «ليتركوا» سقطت من ت.
[4] في ص: «فأحست به»
[5] في ت: «فهمت به» .
[6] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل ومكانه بياض.
[7] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 176) .
[8] في الأصل: «نحو شهرين فيها وتوفي» .
(18/149)
الجمعة عاشر رجب سنة خمس وأربعين وخمسمائة
فيما يرى النائم كأن شخصا في وسط داري قائما فقلت من أنت؟ فقال الخضر
ثم قال:
تأهب للذي لا بد منه ... من الموت الموكل بالعباد
ثم على أنني أريد أن أقول له هل ذلك قريب؟ فقال قد بقي من عمرك اثنا
عشرة سنة تمام سن أصحابك وعمري يومئذ خمس وسبعون. فكنت ارتقب صحة هذا
ولا أفاوضه في ذكره لئلا أنعى إليه نفسه فمرض رحمه الله اثنين وعشرين
يوما وتوفي يوم الثلاثاء بعد الظهر ثالث عشر جمادى الآخرة من سنة ست
وخمسين وخمسمائة وكان مقتضى حساب منامه أن يبقى [1] له سنة فتأولت ذلك
فقلت لعله دخول سنة لا تمامها أو 74/ ألعله رأى/ في آخر سنة.
ومات في أول الأخرى [2] أو لعلها من السنين الشمسية ودفن رحمه الله
قريبا من بشر الحافي.
4242- حمزة بن علي بن طلحة، أبو الفتوح
[3] .
روى عن أبي القاسم ابن بيان وولي حجبة الباب ثم المخزن وكان قريبا من
المسترشد وولي المقتفي وهو على ذلك ثم بنى مدرسة إلى [جانب] [4] داره
ثم حج في تلك السنة ولبس القميص الفوط عند الكعبة وعاد متزهدا فأنشده
أبو الحسين ابن الخل الشاعر:
يا عضد الإسلام يا من سمت ... إلى العلى همته الفاخره
كانت لك الدنيا فلم ترضها ... ملكا فأخلدت إلى الآخرة
وانقطع في بيته نحوا من عشرين سنة وكان محترما في زمان عزله يغشاه
أرباب الدولة وغيرهم.
وتوفي في هذه السنة ودفن بتربة له في الحربية مقابلة لتربة أبي الحسن
القزويني.
__________
[1] في ص، الأصل: «أن سمى له سنة» .
[2] في الأصل: «ولعله رأى في أول سنة ومات في آخر الأخرى» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 245. والكامل 9/ 454) .
[4] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/150)
4243- محمد بن أحمد بن محمد، أبو طاهر
الكرخي [1] [القاضي]
[2] .
ولي قضاء باب الأزج وقضاء واسط وقضاء الحريم وقد ولي في زمن خمسة خلفاء
المستظهر والمسترشد والراشد والمقتفي والمستنجد وهو الذي حكم بفسخ
ولاية الراشد.
وتوفي فِي ربيع الأول من هذه السنة.
4244- أبو جعفر بن المقتفي.
توفي يوم الأحد ثاني عشر/ ربيع الأول ومضى معه الوزير وأرباب الدولة
الى 74/ ب الترب.
__________
[1] هذه الترجمة من ت مكانها بعد الترجمة التالية.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/151)
ثم دخلت سنة سبع
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[وصول الحاج الى مكة]
أن الحاج وصلوا إلى مكة فلم يدخل أكثرهم لفتن جرت وإنما دخلت شرذمة يوم
العيد فحجوا ورجع الأكثرون إلى بلادهم ولم يحجوا وخرج الخليفة إلى
الصيد على طريق واسط. وادعت امرأة أن ابن النظام الفقيه مدرس النظامية
تزوجها فجحد [1] وحلف ثم قرر فأقر فافتضح وعزل من التدريس ووكل به وكان
قد عقد بينهما فقيه يقال له الأشتري فأخذ وصفع على باب النوبي.
[ترافق رجل من أهل الحربية]
وفي ربيع الآخر: ترافق رجل من أهل الحربية
وصبي في الطريق فقتله الصبي بسبب شيء من الذهب كان معه ودخل إلى
الحربية فانذر به وقال قد قتل هنا قتيل فأخذوه وقالوا أنت كنت معه فجيء
به في الباب فاعترف بالقتل فقتل.
وقبض على ابن الشمحل وحبس عند أستاذ الدار وقبض على زوجته بنت صاحب
المخزن ابن طلحة ونقل ما في داره.
[حريق في سوق الطيوريين]
وفي جمادى الآخرة: وقع حريق عظيم احترق منه سوق الطيوريين والدور التي
تليه مقابله إلى سوق الصفر الجديد والخان الذي في الرحبة ودكاكين
البزوريين وغيرها 75/ أواحترق فيها رجل شيخ/ لم يستطع النهوض واحترقت
طيور كثيرة وكانت في أقفاص.
وفي رجب جلس يوسف الدمشقي في النظامية مدرسا وخلع عليه وحضر عنده جماعة
من الأعيان.
__________
[1] في، الأصل: «تزوجها بحجة» وما أثبتناه ما في ت.
(18/152)
[تكامل عمارة
المدرسة بباب البصرة]
وفي هذه السنة: تكاملت [عمارة] المدرسة [التي بناها] [1] الوزير بباب
البصرة وأقام فيها الفقهاء ورتب لهم الجراية وكان مدرسهم أبو الحسن
البراندسي، وفيها أعني المدرسة دفن الوزير، وحكى أبو الفرج بن الحسين
الحداد قال جرت لابن فضلان الفقيه قصة عجيبة وهو أنه اتهم بقتل امرأة
فأخذ واعتقل بباب النوبي أياما وذلك أنه دخل على أخت له قد خطبت وما
تمت عدتها من زوج كان لها فمات فضربها فثارت إليه امرأة كانت عندهم في
الدار لتخلصها منه فرفسها [برجله] [2] ولكمها بيده فوقعت المرأة مغشية
عليها ثم خرجت فوقعت في الطريق فأدخلت إلى رباط وسئلت عن حالها
فأخبرتهم الخبر فحملت إلى بيت أهلها فماتت [في الحال] [3] فكتب أهلها
إلى الخليفة فتقدم بأخذه فأنكر فلم يكن لهم بينة فحلف وخرج.
وهذه القصة إذا صحت فقد وجبت عليه الدية مغلظة في ماله لأنه شبه عمد
ويجب عليه كفارة القتل بلا خلاف.
وفي رجب: جمع الوكلاء والمحضرون والشهود كلهم عند حاجب الباب وشرط
عليهم أن لا يتبرطلوا من أحد ولا يأخذ الشروطي في كتب البراءة أكثر من
حبتين ولا المحضر أكثر من حبة ولا الوكيل أكثر من قيراطين وأشهدوا
عليهم الشهود بذلك وسببه جناية جرت بينهم في ترويج كتاب.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
75/ ب
4245- سعد الله بن محمد بن علي بن أحمدي [4] ، أبو البركات
[5] .
سمع أبا الخطاب الكلوذاني وأبا عبد الله بن طلحة وأبا بكر [6] الشاشي
[وكان
__________
[1] في الأصل: تكاملت مدرسة الوزير» .
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في ت: «بن علي بن علي بن حمدي، أبو البركات» .
[5] في ت: «الكلواداني» .
[6] في الأصل: «وأبا عبد الله»
(18/153)
خيرا] [1] وسمعت عليه كتاب السنة للالكائي
عن الطريثيثي عنه.
توفي في شعبان هذه السنة ودفن بباب حرب.
4246- شجاع الفقيه الحنفي
[2] .
كان مدرسا في مشهد أبي حنيفة جيد الكلام في النظر قرأ عليه جماعة مذهب
أبي حنيفة.
توفي في يوم الخميس حادي عشرين ذي القعدة من هذه السنة ودفن مما يلي
قبر أبي حنيفة من خارج المشهد.
4247- صدقة بن وزير الواسطي
[3] .
دخل بغداد ولبس الصوف ولازم التقشف زائدًا في الحد ووعظ وكان يصعد
المنبر وليس عليه فرش فأخذ قلوب العوام بثلاثة أشياء أحدها التقشف
الخارج والثاني التمشعر فإنه كان يميل إلى مذهب الأشعري والثالث الترفض
فإنه كان يتكلم في ذلك وبلغني أنه لما مرض كان يحضر الطبيب ليلا لئلا
يقال عنه يتداوى وكان إذا أتاه فتوح يقول أنا لا آخذ إنما سلموه إلى
أصحابي فتم له ما أراد وبنى رباطا واجتمع في رباطه جماعة.
فمرض ومات يوم الخميس ثامن ذي القعدة وصلى عليه في ميدان داخل السور
ودفن في رباطه بقراح القاضي وبنى يزدن في رباطه منارة وتعصب لهم لأجل
ما كان يميل إليه من التشيع فصار رباطه مقصودا [4] بالفتوح وفيه دفن.
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، وكتبت قبل تاريخ وفاة صاحب
الترجمة.
[2] انظر ترجمته من: (البداية والنهاية 12/ 245) .
[3] انظر ترجمته من: (البداية والنهاية 12/ 245. والكامل 9/ 459) .
[4] في ت: «مقصورا» .
(18/154)
ثم دخلت سنة ثمان
وخمسين وخمسمائة
76/ أفمن الحوادث فيها:
[وصول الاخبار عن الحاج بأمر مزعج]
أنه في يوم الخميس عشرين المحرم وصلت الأخبار عن الحاج بأمر مزعج من
منعهم دخول مكة والطواف لفتنة وقعت هناك وانكشف الأمر بان جماعة من
عبيد مكة عاثوا في الحاج فنفر عليهم جماعة من أصحاب أمير الحاج فقتلوا
منهم جماعة فرجعوا إلى مكة وجمعوا جمعا وأغاروا على جمال فأخذوا منها
قريبا من ألف جمل فنادى أمير الحاج في الأتراك فركبوا وتسلحوا ووقع
القتال بينهم فقتل جماعة ونهب جماعة [1] من أهل العراق وأهل مكة وجمع
الأمير الحاج ورجع ولم يدخل [بهم إلى] [2] مكة خوفا عليهم فلم يقدروا
من الحج إلا على الوقوف بعرفه ودخل الخادم ومعه الكسوة فعلق أستار
الكعبة وبعث أمير مكة إلى أمير الحاج يستعطفه ليرجع فلم يفعل ثم جاء
أهل مكة بخرق الدم فضربت لهم الطبول ليعلم أنهم أطاعوا.
وفي ربيع الأول: قبض على صاحب الديوان ابن جعفر وحمل إلى دار أستاذ
الدار ووكل به وجعل ابن حمدون صاحب الديوان.
وفي بكرة السبت سابع عشر ربيع الأول: خرج الخليفة إلى ناحية الخالص
وتشارف البلد ورخصت المواشي والأسعار رخصا كثيرا.
__________
[1] «ونهب جماعة» سقطت من ت، ص.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(18/155)
وفي جمادى الآخرة: خلع على ابن الأبقي خلع
النقابة وذلك بعد وفاة أبيه.
76/ ب وفي شعبان بني كشك بالحطمية للخليفة وكشك للوزير وانفق عليهما/
مال عظيم وخرج الخليفة إليه في شعبان وكان الخليفة والوزير وأصحابهما
يصلون بجامع الرصافة الجمعة مدة مقامهم في الكشك. ووقع حريق عظيم من
باب درب فراشة إلى مشرعة الصباغين من الجانبين.
وفي تاسع عشر ذي القعدة: خرج الخليفة إلى ناحية بدار الروز [1] متصيدا
ومعه أرباب الدولة وعاد عشية الاثنين سابع عشر هذا الشهر.
وفي عشية الأحد حادي عشر ذي الحجة: قبض على ابن الأبقى الذي جعل نقيب
النقباء وحمل إلى دار أستاذ الدار ثم حمل إلى التاج مقيدا وذكر أن
السبب انه كاتب منكوبرس [2] يحذره من المجيء إلى بغداد ويخوفه على
نفسه.
وكانت بنو خفاجة في هذه الأيام تأخذ القوافل في باب الحربية وكثر العيث
في الأطراف وفوض إلى حاجب الباب النظر في محلة باب البصرة فرتب فيها
أصحابه وإنما كان أمر هذه المحلة إلى النقيب.
وخرج تشرين الأول والثاني بغير مطر إلا ما يبل الأرض.
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
4248- طلحة بن علي، أبو أحمد الزينبي نقيب النقباء
[3] .
تولى النقابة وناب في الوزارة وحضر مجلسي مرارا. خرج يوما من الديوان
معافي فبات في منزله فمات فذكر أنه أكل لبا وأزرا وجمارا ودخل الحمام
فعرضت له سكتة 77/ أفتوفي في ليلة الاثنين خامس ربيع الأول/ وصلى عليه
بجامع القصر ودفن بمقبرة الشهداء من باب حرب.
__________
[1] «إلى ناحية بدار الروز» سقطت من ت، ص.
[2] في الأصل: «المتكيرس» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 247) .
(18/156)
4249- محمد بن عبد الله [بن محمد بن محمد
بن محمد بن أحمد] [1] ، أبو عبد الله بن أبي الفتح البيضاوي القاضي.
سمع الحديث علي ابن الطيوري وغيره، قرأت عليه أشياء من مسموعاته وتوفي
في شوال هذه السنة.
4250- محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم، أبو عبد الله [2]
بن الأنباري، الملقب: بسديد الدولة، كاتب الإنشاء
[3] .
كان شيخا مليح الشيبة ظريف الصورة فيه فضل وأدب وانفرد بإنشاء
المكاتبات وبعث رسولا إلى سنجر وغيره من السلاطين وخدم الخلفاء
والسلاطين من سنة ثلاث وخمسمائة وعمر حتى قارب التسعين.
ثم توفي يوم الاثنين تاسع عشر رجب وصلى عليه يوم الثلاثاء بجامع القصر
وحضر الوزير وغيره من أرباب الدولة ودفن بمشهد باب التبن.
4251- هبة الله بن الفضل بن عبد العزيز بن محمد بن الحسين بن علي بن
أحمد بن الفضل، أبو القاسم المتوثي القطان
[4] .
سمع الحديث من أبيه وأبي الفضل بن خيرون وأبي طاهر الباقلاوي وكان
شاعرا مطبوعا لكنه كان كثير الهجاء متفسحا، وله في أول قصيدة.
يا أخي الشرط أملك ... لست للثلب أترك
ولما ولي ابن المرخم القضاء وكان قاضيا ظالما. قال ابن الفضل:
يا حزينة الطمي الطمي ... قد ولي ابن المرخم
/ بدواته المفضضة ... ووكيله المكعسم 77/ ب
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص.
[2] في ت: «أبو عبد الأنباري» .
[3] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 184. والبداية والنهاية 12/ 247.
والكامل 9/ 464) .
[4] انظر ترجمته في: (وفيات الأعيان 2/ 186. وفوات الوفيات 2/ 314.
ومفتاح السعادة 1/ 174.
وأخبار الدولة السلجوقية 120. ولسان الميزان 6/ 189. ومرآة الجنان 3/
315. ومرآة الزمان 8/ 187. والأعلام 8/ 75) .
(18/157)
وي على الشرع والقضا ... وي على كل مسلم
أترى صاحب الشريعة ... قد جن أو عمي
ومن شعره اللطيف دو بيت:
يا من هجرت فما تبالي ... هل ترجع دولة الوصال
ما أطمع يا عذاب قلبي ... أن ينعم في هواك بالي
ما ضرك أن تعلليني ... في الوصل بموعد محال
أهواك وأنت حظ غيري ... يا قاتلتي فما احتيالي
أيام عناي فيك سود ... ما أشبههن بالليالي
العذّل فيك يزجروني ... عن حبك ما لهم وما لي
يا ملزمي السلو عنها ... الصب أنا وأنت سالي
والقول بتركها صواب ... ما أحسنه لو استوى لي
في طاعتها بلا اختياري ... قد صح بعشقها اختبالي
طلقت تجلدي ثلاثا ... والصبوة بعد في حبالي
ذا الحكم علي من قضاه ... من أرخصني لكل غالي
توفي ابن الفضل يوم السبت ثامن عشر رمضان، ودفن بمقبرة معروف الكرخي.
(18/158)
ثم دخلت سنة تسع
وخمسين وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
/ أنه في يوم الجمعة حادي عشر من المحرم جيء بصبي صغير مقتولا ومعه صبي
78/ أآخر فأقر أنه قتله بمنجل كان معه بسبب حلقة أخذها من أذنه فأخذت
منه الحلقة وقتل.
ودخل كانون الثاني في صفر ولم أر كانونا أدفأ منه. وفي يوم الأحد رابع
عشر صفر شهر جماعة من الحصريين كتبوا أسماء الأئمة الاثني عشر على
الحصر شهرهم المحتسب بتقدم الوزير.
وفي يوم الأحد خامس ربيع الآخر: أملك يوسف الدمشقي بابنة قاضي القضاة
جعفر بن عبد الواحد الثقفي بصداق مبلغه سبعمائة دينار ولم يكن في هذه
السنة للناس [1] ربيع بسبب اليبس المتقدم لعدم المطر وموت المواشي.
وفي جمادى: اجتمع جماعة يسمعون كتاب ابن منده في فضائل أحمد بن حنبل في
مسجد ابن شافع فجرى بين ابن الخشاب وبين أبي المحاسن الدمشقي منازعة في
أمر يتعلق بالفقهاء فآل الأمر إلى خصام فوشى بهم الدمشقي إلى الخليفة
وانهم يقرءون [2] كتابا فيه معايب الخلفاء فتقدم بأخذ الكتاب من
أيديهم.
وفي شوال: عملت دعوة في الدار الجديدة التي بناها المستنجد بباب الغربة
__________
[1] في الأصل: «ولم يكن للناس في هذه السنة ربيع» .
[2] في الأصل: «يقولون» .
(18/159)
78/ ب وحضر أرباب الدولة ومشايخ/ الصوفية
وبات قوم على السماع وتقدم بقتل تسعة من اللصوص فأخرجوا من الحبس
فقتلوا واحد بباب الأزج وآخر بالحبة وآخر بباب الغلة وآخر باللكافين
وأربعة على عقد سوق السلطان وواحد بسوق السلطان وشهرت امرأة تزوجت
بزوجين ومعها أحدهما.
وورد البشير إلى المستنجد بفتح مصر، فقال حاجب الوزير ابن تركان قصيدة
أولها:
لعل حداة العيس أن يتوقفوا ... ليشفي غليلا بالمدامع مدنف
وفيها:
ليهنك يا مولى الأنام بشارة ... بها سيف دين الله بالحق مرهف
ضربت به هام الأعادي بهمة ... تقاصر عنها السمهري المثقف
بعثت إلى شرق البلاد وغربها ... بعوثا من الآراء تحيي وتتلف
فقامت مقام السيف والسيف قاطر ... ونابت مناب الرمح والرمح يرعف
وقدت لها جيشا من الروع هائلا ... إلى كل قلب من عداتك يزحف
/ ليهنك يا مولاي فتح تتابعت ... إليك به خوص الركائب توجف
79/ أأخذت به مصرا وقد حال دونها ... من الشرك ناس في لحي الحق تقذف
فعادت بحمد الله باسم إمامنا ... تتيه على كل البلاد وتشرف
ولا غرو إن ذلت ليوسف مصره ... وكانت إلى عليائه تشوّف [1]
تملكها من قبضة الكفر يوسف ... وخلصها من عصبة الرفض يوسف
فشابهه خلقا وخلقا وعفة ... وكل عن الرحمن في الأرض يخلف
كشفت بها عن آل هاشم سبة ... وعارا أبى إلا بسيفك يكشف
ثم تكامل الأمر بعد تسع سنين على ما نذكره في خلافة المستضيء بأمر
الله.
__________
[1] هذا البيت ساقط من ت، ص.
(18/160)
ذكر من توفي في هذه
السنة من الأكابر
4252- محمد بن علي بن منصور، أبو جعفر الأصفهاني، ويلقب: بالجمال
الموصلي
[1] .
كان وزيرا لصاحب الموصل فكان كثير المعروف دائم الصدقات وآثر إثارة
عظيمة بمكة والمدينة فأحكم أبواب الحرم/ وبنى لها عتبا عالية وأجرى
عينا إلى عرفات وبنى 79/ ب للمدرسة سوارا وكانت صدقته تصل كل سنة إلى
أهل بغداد فيعم بها الفقهاء والزهاد والمتصوفة ولا يخيب من يقصده بحال
إلا أن تلك الأموال فيما يذكر غالبها [2] من المكوس.
ووصل الخبر بموت الجمال في رمضان هذه السنة وقدر الله له أنه قدم
بجنازته إلى بغداد وصلى عليه في الشونيزية ثم حملت إلى مكة فطيف بها ثم
إلى المدينة ودفن في الرباط الذي عمره بين قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين البقيع فليس بينه وبين قَبْرِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أذرع [3] .
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 185. والبداية والنهاية 12/ 248،
249. والكامل 9/ 470، 471، 472، 473) .
[2] في ص، ت: «أكثرها» .
[3] في متن الأصل كلام هو من كلام الناسخ وليس من كلام ابن الجوزي،
ونصه: «قال- يعني الناسخ- وكتبت في بعض تواريخ المتأخرين أن محمدا هذا
لقب بالجواد إلا أن هذا ابن الجوزي كان في عصره فيحتمل أن يكون هذا أصح
والله أعلم بالصواب» .
(18/161)
ثم دخلت سنة ستين
وخمسمائة
فمن الحوادث فيها:
[وصول صاحب المخزن إلى بغداد]
أنه وصل إلى بغداد في المحرم صاحب المخزن أبو جعفر وقد فارق الحاج
بالرحبة [1] فأخبر أنهم لقوا شدة وأخبر أن جماعة انقطعوا في فيد
والثعلبية وواقصة وهلك 80/ أخلق كثير في البرية لتعذر الظهر/ ولم يصح
للحاج المضي إلى المدينة لهذه الأسباب وللقحط الذي بنا وأن الوباء وقع
في البادية فهلك منهم خلق كثير وهلكت مواشيهم وأن الأسعار بمكة ضيقة
جدا وقدم مع الحاج فخر الدين بن المطلب. فمنع من دخول الحريم وذكر أن
السبب أنه طلب موضع له يشتري للخليفة فتكلم بكلام لا يصلح فقبض على
عقاراته وغضب عليه فأقام في رباط الزوزني أياما ثم مضى إلى الدور
مستجيرا بالوزير ليصلح حاله مع الخليفة.
قال المصنف فحدثني أخو الوزير قال كتب إلى الوزير أن أحسن ضيافته ثلاثا
ثم آمره أن يخرج ففعلت فخرج فأقام بمشهد علي عليه السلام.
[خروج المستنجد باللَّه إلى نهر الملك]
وفي صفر: خرج المستنجد باللَّه إلى نهر الملك للتصيد وقبض في طريقه على
توبة البدوي ويقال انه واطأ عسكر [2] همذان على الخروج والعصيان وكان
ضاربا بحلته على الفرات وقيد وأدخل بغداد في الليل وحبس [3] ثم ذكر أنه
قتل وكان الناس يشيرون
__________
[1] في الأصل: «وقد فارق الحج بالرخيص» .
[2] في الأصل: «أنه واطأ أهل همذان» .
[3] في الأصل: «وقيد» .
(18/162)
إلى بعض الأكابر أنه أشار بالقبض عليه
وبقتله فما عاش ذلك المشار إليه بعده أكثر من أربعة أشهر.
وفي عيد الأضحى: ولدت امرأة من درب بهروز يقال لها بنت أبي الاعز
الأهوازي الجوهري [1] أربع بنات وماتت معها بنت أخرى وماتت المرأة ولم
يسمع بمثل هذا.
وحكى أبو الفرج بن الحسين الحداد أن/ البراج وكان ناظرا في وقف
النظامية 80/ ب وكان ابن الرميلي [2] مشرفا عليه والمدرس يوسف الدمشقي
فاتفق ابن البراج وابن الرميلي [3] على أن يكتبا كتابا على لسان ألدكز
إلى يوسف الدمشقي يتضمن أنه من بطانتهم وأنه يشعرهم بما يتجدد في بغداد
من الأمور وأن يشكره على ما يصل إليهم منه عولا على أن يدخلا على يوسف
إلى بيته ويسلما عليه ويضعا الكتاب عند مسنده بحيث لا يشعر ثم يخرجا من
فورهما إلى الديوان فيعلما الوزير بذلك فانفرد ابن الرميلي [4] على ابن
البراج ودخل إلى حاجب الباب فأعلمه بذلك فمضى حاجب الباب إلى الوزير
فحدثه فاستدعى ابن الرميلي فسئل عن ذلك فأنكر فأكذبه حاجب الباب واستخف
به فقال ابن الرميلي [5] إنما [6] ابن البراج هو الذي يريد أن يفعل ذلك
فاستدعي ابن البراج فأنكر وأحال على ابن الرميلي [7] وحلف بالطلاق
الثلاث أنه ما عنده خبر من هذا وقذف ابن الرميلي [8] بالفسق واستبا
جميعا فقال لهما الوزير قوما قبحكما الله فخرجا مفتضحين ونجا يوسف.
وعملت الدعوة في دار الخلافة يوم الثلاثاء ثامن عشرين جمادى الآخرة
وحضر أرباب الدولة والصوفية على عادتهم وخلع عليهم وفرق عليهم مال.
__________
[1] في الأصل: «الجريدي» .
[2] في الأصل: «البرسقي» .
[3] في الأصل: «البرسقي» .
[4] في الأصل: «ابن الموصلي» .
[5] في الأصل: «ابن الموصلي» .
[6] «إنما» سقطت من ت، ص.
[7] في الأصل: «الموصلي» .
[8] في الأصل: «الموصلي» .
(18/163)
81/ أوفي رجب: نقص اليزدي عن مشاهرته التي
كانت/ بسبب التدريس بجامع السلطان وكان مبلغها عشرة دنانير فكتب أقوام
يقولون نحن نقنع بثلاثة فقيل لهم هو أحق بهذا فقنع بذلك ودرس ورضي بذلك
القدر.
وتوفي الوزير فقبض على ولديه وأخذ حاجبه ابن تركان فحبس في دار أستاذ
الدار وقدم رجل مغربي فنصب جذعا طويلا ووقف على رأسه يعالج فحاكاه صبي
عجان وطاف [1] العجان البلاد فقدم وقد اكتسب الأموال والجواري [2]
والخدم فنصب جذعين طويلين شد احدهما إلى الآخر وصعد ورقص على كرة معه
بحبال وحمل جرة ماء على رأسه ولبس سراويله هنا ورمى نفسه واستقبلها
بحبل مشدود فحصل له مبلغ.
وفي ذي القعدة: وقع الحريق في السوق الجديد من درب فراشة إلى مشرعة
الصباغين من الجانبين فذهب في ساعة حتى لم يبق للخشب الذي في الحيطان
أثر.
وفي ذي الحجة: وقع حريق في الحضائر والدور التي تليها وتفاقم الأمر.
ورخص السكر في هذه السنة والنبات فكان ينادي على السكر قيراط وحبة رطل
وعلى النبات نصف رطل بقيراط وحبة وحبة وهذا شيء لم يعهد.
ذكر من توفي في هذه من الأكابر
81/ ب
4253-/ عمر بن بهليقا الطحان
[3] .
عمر جامع العقبة بالجانب الغربي، وكان مسجدا لطيفا فاشترى ما حوله
وأوسعه وسمت همته حتى استأذن أن يجعله جامعا فأذن له، إلا أن أكثر
المواضع التي اشتراها كانت تربا فيها موتى فأخرجوا وبيعت، وكان المسجد
الأول، مما يلي الباب والمنارة.
وتوفي في يوم الاثنين ثامن عشر ذي القعدة من هذه السنة، ودفن على باب
__________
[1] في ص: «وسافر» .
[2] في الأصل: «الجوائزي» .
[3] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 249) .
(18/164)
الجامع بعيدا من حائطه، ثم نبش بعد أيام
وأخرج فدفن ملاصقا لحائط الجامع ليشتهر ذكره بأنه بني الجامع فتعجب من
هذا بعض من له فطنة، وقال: هذا رجل سعى في نبش خلق من الموتى وأخرجهم
وجعل تربتهم مسجدا فقضى عليه بأن نبش بعد دفنه.
4254- محمد بن عبد الله بن العباس بن عبد الحميد، أبو عبد الله الحراني
[1] .
ولد في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وشهد عند أبى الحسن الدامغاني في
سنة أربع وخمسمائة، زكاه أبو سعد المخرمي وأبو الخطاب الكلوذاني وعاش
حتى لم يبق من شهود الدامغاني غيره وسمع الحديث الكثير من طراد
والتميمي وأبي الحسن بن عبد الرزاق الأنصاري وكان لطيفا ظريفا وجمع
كتابا سماه «روضة الأدباء» فيه نتف حسنة وسمعت منه أشياء ولي منه إجازة
وزرته يوما فأطلت الجلوس عنده فقلت/ قد ثقلت 82/ أفأنشدني:
لأن سميت إبراما وثقلا ... زيارات رفعت بهن قدري
فما أبرمت إلا حبل ودي ... ولا ثقلت إلا ظهر شكري
توفي ابن الحراني يوم السبت ثالث عشر جمادى الآخرة من هذه السنة وتقدم
الوزير بفتح الجامع للصلاة عليه في بكرة الأحد فصلى عليه يوم الأحد
ودفن بمقبرة الفيل من باب الأزج.
4255- محمد بن محمد بن الحسين، أبو يعلى ابن الفراء
[2] .
ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة وسمع الحديث من أبيه وعمه وابن الحصين
وغيرهم وتفقه على والده وأفتى ودرس وكان له ذكاء وفهم جيد وتولى القضاء
بباب الأزج وبواسط ثم أشهد قاضي القضاة أبو الحسن بن الدامغاني على
نفسه ببغداد أنه قد عزله عن القضاء فذكر عنه أنه لم يلتفت إلى العزل ثم
خاف من حكمه بعد العزل فتشفع بابن أبي الخير صاحب البطيحة إلى الخليفة
حتى أمنه فقدم بعد إحدى عشرة سنة وقد ذهب بصرة فلازم بيته فلما مرض طلب
أن يدفن في دكة أحمد بن حنبل.
__________
[1] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 189. والبداية والنهاية 12/ 249،
250) .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 190) .
(18/165)
82/ ب قال لي عبد المغيث: بعث بي إلى
الوزير فقال/ في الدكة جدي لأمي فأنكر الوزير هذا وقال كيف تنبش عظام
الموتى فتوفي ليلة السبت خامس جمادى الآخرة من هذه السنة ودفن عند
آبائه بمقبرة أحمد.
4256- مرجان الخادم
[1] كان يقرأ القرآن ويعرف شيئا من مذهب الشافعي وتعصب على الحنابلة
فوق الحد حتى أن الحطيم الذي كان برسم الوزير ابن هبيرة بمكة يصلي فيه
ابن الطباخ الحنبلي مضى مرجان وأزاله من غير تقدم بغضا للقوم وناصبني
دون الكل.
وبلغني أنه كان يقول: مقصودي قلع هذا المذهب، فلما مات الوزير ابن
هبيرة سعى بي إلى الخليفة وقال عنده كتب من كتب الوزير فقال الخليفة
هذا محال فإن فلانا كان عنده أحد عشر دينارا لأبي حكيم وكان حشريا فما
فعل فيها شيئا حتى طالعنا.
فنصرني الله عليه ودفع شره.
ولقد حدثني سعد الله البصري وكان رجلا صالحا وكان مرجان حينئذ في عافية
قال: رأيت مرجان في المنام ومعه اثنان قد أخذا بيده فقلت إلى أين؟ قالا
إلى النار، قلت لماذا؟ قالا: كان يبغض ابن الجوزي.
ولما قويت عصبيته لجأت إلى الله سبحانه ليكفيني شره فما مضت إلا أيام
حتى أخذه السل.
فمات يوم الأربعاء، حادي عشر ذي القعدة من هذه السنة ودفن بالترب.
4257- يحيى بن محمد أبو المظفر ابن هبيرة الوزير
[2] .
ولد سنة تسع وتسعين وأربعمائة وقرأ بالقراءات وسمع الحديث الكثير وكانت
له 83/ أمعرفة حسنة بالنحو واللغة والعروض وتفقه وصنف في تلك العلوم/
وكان متشددا في اتباع السنة وسير السلف ثم أمضه الفقر فتعرض للعمل
فجعله المقتفي مشرفا في المخزن ثم رقاه إلى أن صيره صاحب الديوان ثم
استوزره فكان يجتهد في اتباع الصواب
__________
[1] انظر ترجمته في: (البداية والنهاية 12/ 250) .
[2] انظر ترجمته في: (شذرات الذهب 4/ 191. والبداية والنهاية 12/ 250،
251. والكامل 9/ 480)
(18/166)
ويحذر الظلم ولا يلبس الحرير، وقال لي لما
رجع من الحلة وكان قد خرج لدفع بعض العصاة [1] دخلت على المقتفي فسلمت
فقال ادخل هذا البيت فدخلت فإذا خادم وفراش ومعه خلعة حرير فقلت أنا
والله ما ألبس هذا فخرج الخادم فأخبر المقتفي فسمعت صوت المقتفي قد
والله قلت أنه ما يلبس وكان المقتفي معجبا به يقول ما وزر لبني العباس
مثله.
وكان المستنجد معجبا به وقد ذكر أنه لما ولى المستنجد باللَّه دخل عليه
فقال له يكفي في إخلاصي أني ما حابيتك في زمن من أبيك فقال صدقت.
وقال مرجان الخادم: سمعت المستنجد ينشد وزيره أبا المظفر ابن هبيرة،
وقد مثل بين يدي السدة الشريفة في أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد
الدين وإصلاح أمر المسلمين وأنشده لنفسه مادحا له:
صفت نعمتان خصتاك وعمتا ... فذكرهما حتى القيامة ينشر
وجودك والدنيا إليك فقيرة ... وجودك والمعروف في الناس ينكر
فلو رام يا يحيى مكانك جعفر ... ويحيى لكفا عنه يحيى وجعفر
/ ولم أر من ينوي لك السوء يا أبا ... المظفر إلا كنت أنت المظفر
83/ ب وكان الوزير مبالغا في تحصيل التعظيم للدولة قامعا للمخالفين
بأنواع الحيل حتى حسم أمور السلاطين السلجوقية ولما جلس في الديوان في
أول وزارته أحضر رجلان من غلمان الديوان فقال دخلت يوما إلى هذا
الديوان فقعدت في مكان فجاء هذا فأقامني [2] فقال قم فليس هذا موضعك.
فأقامني فأكرمه وأعطاه. ودخل عليه يوما تركي فقال لحاجبه أما قلت لك
أعط هذا عشرين دينارا أو كرا من الطعام وقل له لا يحضرها هنا فقال قد
أعطيناه، فقال عد وأعطه وقل له لا تحضر ثم التفت إلى الجماعة فقال لا
شك أنكم ترومون سبب هذا فقالوا نعم فقال هذا كان شحنة في القرى فقتل
قتيل قريبا من قريتنا فأخذ مشايخ القرى فأخذني مع الجماعة [3] وأمشاني
مع الفرس وبالغ في أذاي
__________
[1] في ص: «بعض البغاة» .
[2] «فأقامني» سقطت من ت، ص.
[3] في الأصل: «فأخذني في الحملة» .
(18/167)
وأوثقني ثم أخذ من كل واحد شيئا وأطلقه ثم
قال لي أيش بيدك؟ فقلت ما معي شيء فانتهرني وقال اذهب. وأنا لا أريد
[اليوم] [1] أذاه وأبغض رؤيته.
وكان آخر قد آذاه في ذلك الزمان وضربه فلما ولي الوزارة أحضره وأكرمه
وولاه.
وكان يتحدث بنعم الله عليه ويذكر في منصبه شدة فقره القديم فيقول نزلت
يوما إلى دجلة وليس معي رغيف أعبر به. وكان يكثر مجالسة العلماء
والفقراء وكانت أمواله مبذولة لهم 84/ أوللتدبير فكانت السنة تدور/
وعليه ديون.
وقال: ما وجبت علي زكاة قط وكان إذا استفاد شيئا قال أفادنيه فلان حتى
أنه عرض له يوما حديث وهو: «من فاته حزبه بالليل فصلاه قبل الزوال كان
كأنه صلاه بالليل» .
فقال: ما أدري ما معنى هذا فقلت له هذا ظاهر في اللغة والفقه أما
اللغة: فإن العرب تقول: كنت الليلة إلى وقت الزوال، وأما الفقه: فإن
أبا حنيفة يصحح الصوم بنية قبل الزوال فقد جعل ذلك الوقت في حكم الليل
فأعجبه هذا القول وكان يقول بين الجمع الكثير ما كنت أعرف ما معنى هذا
الحديث حتى عرفنيه فلان فكنت استحيي من الجماعة. وجعل لي مجلسا في داره
كل جمعة يحضره ويطلق العوام في الحضور وكان بعض الفقراء يقرأ القرآن في
داره فأعجبه فقال لزوجته إني أريد أن أزوجه ابنتي فغضبت الأم ومنعت من
ذلك.
وكان يقرأ عنده الحديث في كل يوم بعد العصر فحضر فقيه مالكي فذكرت
مسألة فخالف فيها ذلك الفقيه فاتفق الوزير وجميع العلماء على شيء وذلك
الفقيه [2] يخالف فبدر من الوزير أن قال له أحمار أنت أما ترى الكل
يخالفونك وأنت مصر. فلما كان في اليوم الثاني قال الوزير للجماعة جرى
مني بالأمس ما لا يليق بالأدب حتى قلت له تلك [الكلمة] [3] فليقل لي
كما قلت له فما أنا إلا كأحدكم، فضج المجلس [4] بالبكاء وأخذ
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] في ت، ص: «وذلك الرجل» .
[3] في الأصل: «قلت له ذلك، فليقل» .
[4] في ص، ت: «فعج الخلق» .
(18/168)
ذلك الفقيه يعتذر ويقول أنا أولى بالاعتذار
والوزير يقول القصاص القصاص فقال يوسف الدمشقي يا مولانا إذا أبى
القصاص فالفداء. فقال الوزير له حكمه/ فقال الرجل نعمك 84/ ب علي كثيرة
فأي حكم [بقي] [1] لي، قال لا بد قال على [بقية دين] [2] مائة دينار،
فقال تعطى مائة دينار لإبراء ذمته ومائة لإبراء ذمتي فأحضرت في الحال
فلما أخذها قال الوزير عفا الله عنك وعني وغفر لك ولي.
وكان الوزير يتأسف على ماضي زمانه عن تندم ما دخل فيه وقال لي كان
عندنا بالقرية مسجد فيه نخلة تحمل ألف رطل فحدثت نفسي أن أقيم في ذلك
المسجد وقلت لأخي محب الدين نقعد أنا وأنت وحاصلها يكفينا ثم [أنظر]
[3] إلى ماذا صرت.
ثم صار يسأل الله الشهادة ويتعرض بأسبابها. كان الوزير صحيحا ليس به
قلبة في يوم السبت ثاني عشر جمادى الأولى من هذه السنة نام ليلة الأحد
في عافية فلما كان وقت السحر قاء فحضر طبيب كان يخدمه يقال له ابن
رشادة فسقاه شيئا فيقال أنه سمه فمات وسقى الطبيب بعده بنحو ستة أشهر
سما فكان يقول سقيت كما سقيت فمات.
قال المصنف رحمه الله: وكنت ليلة موت الوزير نائما بين جماعة من أصحابي
على ظهر سطح فرأيت في المنام مع انشقاق الفجر كأني في دار الوزير وهو
جالس فدخل رجل بيده حربة فضرب بها بين أنثييه فخرج الدم كالفوارة فضرب
الحائط فالتفت فإذا خاتم ذهب ملقى فأخذته بيدي وقلت لمن أعطيه؟ أنتظر
خادما يخرج فأسلمه إليه فانتبهت فأخبرت من كان معي فما استتممت الحديث
حتى جاء رجل فقال مات الوزير، فقال من معي هذا محال أنا فارقته أمس [4]
العصر وهو في كل عافية، فجاء آخر وآخر فصح الحديث/ ونفذ إلى من داره
فحضرت فقال لي ولده لا بد أن تغسله فغسلته 85/ أورفعت يده ليدخل الماء
في مغابنه فسقط الخاتم من يده فحيث رأيت الخاتم تعجبت من ذلك ورأيت في
وقت غسله آثارا بوجهه وجسده تدل على أنه مسموم وحملت جنازته
__________
[1] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[2] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[3] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[4] في الأصل: «فارفقه آخر العصر» .
(18/169)
يوم الأحد إلى جامع القصر فصلى عليه ثم حمل
إلى مدرسته التي بناها بباب البصرة فدفن بها وغلقت يومئذ أسواق بغداد
وخرج جمع لم نره لمخلوق قط في الأسواق وعلى السطوح وشاطئ دجلة وكثر
البكاء عليه لما كان يفعله من البر ويظهره من العدل. وقيل في حقه مراث
كثيرة فمنها قول نصر البحتري: [1]
ألمم على جدث حوى ... تاج الملوك وقل سلام
واعقر سويداء الضمير ... فليس يقنعني السوام
وتوق أن تبنى حياءً ... دمع عينك أو ملام [2]
فإذا ارتوت [3] تلك الجنادل ... من دموعك والرغام
فأقم صدور اليعملات ... فبعد يحيى لا مقام
ذهب الذي كانت تقيدني ... مواهبه الجسام
فإذا نظرت إليه لم ... يخطر على قلبي الشآم
غاض الندى الفياض عن ... راجيه [4] واشتد الأوام
وتفرقت تلك الجموع ... وقوضت تلك الخيام
عجبا لمن يغتر بالدنيا ... وليس لها دوام
عقبي مسرتها الأسى ... وعقيب صحتها السقام
ما مت وحدك يوم مت ... وانما مات الأنام
يأبى لي الإحسان ان ... أنساك والشيم الكرام
__________
[1] في الأصل: «الحبري» .
[2] هذا البيت ساقط من ص، ت.
[3] في الأصل: «الرتوت» .
[4] في الأصل: «راحته» .
(18/170)
|